Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 28

‫جمهورٌة العراق‬

‫وزارة التعلٌم والبحث العلمً‬


‫جامعة االنبار‬
‫كلٌة القانون والعلوم السٌاسٌة‬
‫قسم العلوم السٌاسٌة‬
‫الفصل األول‬

‫طبيعة العالقات األمريكية الصينية‬

‫تعود العالقات بين الواليات المتحدة األمريكية والصينية الحديثة الى عام ‪ ٩٥٩٥‬في عيد‬

‫ماوتسي تونغ مؤسس الصين الحديثة ونظ اًر لممكانة التي تتميز بيا كل من الدولتين تتحمل كل‬

‫منيما المسؤولية والميام المشتركة وذلك يتطمب من الجانبين النظر إلى العالقات بينيما والتعامل‬

‫بشكل صحيح و مالئم وايجاد طريق التعايش السممي بينيما رغم الخالفات وعمى ىذا االساس‬

‫يحاول الطرفان اقامة نوع جديد من العالقة القائمة عمى اساس عدم التصادم واالحترام المتبادل‬

‫والتعاون والكسب المشترك ومن أجل إيضاح وافي لمعالقة بين الواليات المتحدة والصين سيتم‬

‫تقسيم الفصل إلى مبحثين تتناول ابعاد العالقات األمريكية الصينية واالستراتيجية األمريكية اتجاه‬

‫الصين ثم بيان أبرز القضايا التي تؤثر عمى ىذا العالقة بين البمدين‪.‬‬

‫المبحث األول‬

‫ابعاد العالقات األمريكية الصينية‬

‫مما ال شك فيو أن العالقات األمريكية الصينية من أىم العالقات بين قوتين ليما وزنيما في‬

‫النظام الدولي في القرن الحادي والعشرين وأن السيطرة العالمية لمواليات المتحدة األمريكية تعتمد‬

‫بشكل مباشر عمى المدى الرقمي والمدى الفعال الستمرار ىذه السيطرة ( التفرق عمى الصين )‬

‫األمريكية عمى القارة األوراسية مع بقاء اليابان محمية أمريكية بصورة رئيسية والمحافظة عمى‬

‫الشراكة االقتصادية مع الحمفاء في جنوب شرق آسيا لمحاصرة الصين‪ 1‬ويمكن التعرف أكثر‬

‫عمى ىذه العالقة من خالل بيان االبعاد السياسية واالقتصادي اضافة الى العالقات العسكرية‪.‬‬

‫‪ - 1‬زٌنغنٌو بٌرجنسكً‪ ،‬رقعة الشطرنج الكبرى السٌطرة األمرٌكٌة وما ٌترتب علٌها جٌواستراتٌجٌاً‪ ،‬ترجمة ‪:‬‬
‫وزارة الدفاع من الخٌر الدراسات العسكرٌة واشنطن خت ‪ ۹۱۱۱‬جدا ‪ ،۸۲‬ص ‪.۲۸‬‬
‫أوالً‪ :‬العالقات السياسية والدبموماسية‬

‫عمى المستوى الدبموماسي يمكن اعتبار نقطو االنطالق في ىذه العالقة ىو البيان المشترك الذي‬
‫صدر في كانون األول ‪ ۸۷۹۱‬وبعد ‪ 1‬كانون الثاني سنة ‪ ۸۷۹۷‬التاريخ الرسمي لبداية العالقة‬
‫بين قضية الواليات المتحدة والصين حيث شيد التبادل التمثيل الدبموماسي واالتفاق عمى تسوية‬
‫تايوان التي تعد المساءلة الحاسمة في تطبيع العالقات بين البمدين‪.‬‬

‫وعمى الرغم من عدم الثقة في العالقة بين الدولتين كونيا معقدة ومميئة بالتناقضات اال أنيما‬
‫بحاجة الى استم اررية ىذه العالقة نتيجة المصالح التجارية المتبادلة ويعتقد الباحث أن أىم محدد‬
‫في منع المواجية العسكرية بين الطرفين ىو العامل االقتصادي حيث الحجم الكبير لمتبادل‬
‫التجاري بينيما إذ أصبحت الصين الدولة الثانية بعد الواليات المتحدة من حيث الناتج المحمي‬
‫وكمية السمع المصدرة عمى المستوى العالمي ونسبة احتياطي عالية جداً‪ .‬من العممة تفوق‬
‫الواليات المتحدة وما يالحظ عمى العالقات الصينية األمريكية أنيا تشكل نمطا فريداً فال ىي‬
‫منافسة صريحة وال ىي عداء مستتر ولكنيا مع ذلك تظل تعمل في إطار توازن دقيق من‬
‫المصالح المتبادلة والتيديدات المتوقعة‪ 1‬أن طبيعة التنافس بين الطرفين وضخامة المصالح‬
‫االقتصادية الثنائية والمكانة التي بدأت تتمتع بيا الصين من حيث حجم االقتصاد ومعدل النمو‬
‫ومقدار الرصيد من العممة االجنبية ال يسمح بتراجع أو تقمص العالقة بينيما اضافة الى حاجة‬
‫الصين الماسة لمتقنيات الحديثة واسرار التكنولوجيا المتقدمة كما أن الصين تيتم كثي اًر باستقرار‬
‫‪2‬‬
‫وتطور العالقات الصينية األمريكية ولكنيا ال تعترف بما يدعى "بالدول القائدة والدول التابعة "‬
‫وبالتالي تقوم االستراتيجية األمريكية الشاممة عمى مبدأ تحقيق الزعامة العالمية من خالل منع‬
‫ضيور منافس عالمي آخر يكون معادياً ليا والحيمولة دون العودة الى نظام متعدد االقطاب‬
‫معتمدة في ذلك عمى قدرتيا لمتوسع في قوتيا العالمية من خالل السيطرة البرية والجوية اضافة‬
‫‪3‬‬
‫الى سعييا لمييمنة عمى القضاء حديثا‪.‬‬

‫‪ - 1‬صفاء حسٌن على الجبوري‪ ،‬العالقات األمرٌكٌة الصٌنٌة فً مرحلة ما بعد الحرب الباردة ‪ ،‬مجلة جامعة‬
‫تكرٌت ‪ ،‬كلٌة العلوم القانونٌة والسٌاسٌة ‪ ،‬المجلد ‪ – 3‬السنه ‪ ،3‬العدد ‪ ، 2011، 12‬ص ‪. 151 - -15‬‬
‫‪ - 2‬عبد الكرٌم زهٌر عملٌة الشمري‪ ،‬ص ‪. 55‬‬
‫‪ - 3‬صفاء حسٌن على الجبوري‪ ،‬ص ‪. 151‬‬
‫عميو يمكن القول أن العالقات األمريكية الصينية ذات طبيعة مركبة من عدة عناصر‪: 1‬‬

‫‪ – 1‬الحرص األمريكي عمى عالقة شراكة مع قوة كبرى صاعدة‪.‬‬

‫‪ – 2‬محاولة الواليات المتحدة أن تبقى التطور والنفوذ الصيني تحت المراقبة األمريكية الدائمة‪.‬‬

‫‪ – 3‬حرص لواليات المتحدة عمى منع التقارب أو التعاون بين اليابان وبمدان آسيا المجاورة مع‬
‫الصين‪.‬‬

‫اال أن ما يعكر جو العالقة السياسية عادة ىو انتقاد الواليات المتحدة لمصين عمى سبيل المثال‬
‫انتقدت الواليات المتحدة الصين لقمعيا حرية التعبير عمى االنترنيت وربما تصبح انماط السموك‬
‫ىي موضوع المفاوضات بين الواليات المتحدة األمريكية والصين في المستقبل وغالباً ما توجو‬
‫الواليات المتحدة انتقادات غير مباشرة لمصين‪ ، 2‬تتمثل برصد انتياك حقوق االنسان وتقييد حرية‬
‫االنترنت من خالل فرض رقابة عمى أغمب المواقع االلكترونية من الحكومة‪.‬‬
‫وعند تولي الرئيس ( جون بايدن ) منصبو في كانون الثاني ‪ ۰۲۰۸‬كان شعار حممتو المفضمة‪:‬‬
‫(امريكيا عادت ) والتي لخص من خالليا سياسة حكومة الخارجية‪ ،‬وفي خطابو األول لمسياسة‬
‫الخارجية‪ ،‬أعمن الرئيس ( بايدن ) ان الصين ىي المنافس األكثر جدية ألمريكا األمريكي وتعيد‬
‫بمواجية بكين في مجموعة من القضايا‪ ،‬من حقوق االنسان الى الممكية الفكرية وسيكون رده‬
‫عمى حممة الصين‬
‫المستمرة ضد المتظاىرين المؤيدين لمديمقراطية والسياسيين في ىونغ كونغ مؤش اًر مبك اًر عمى‬
‫السياسة الخارجية تجاه بكين‪.3‬‬

‫‪ - 1‬باهر مردان ‪ ،‬العالقات الصٌنٌة األمرٌكٌة ‪ ،‬بكٌن ‪ ، 2014 ،‬ص ‪. 3‬‬


‫‪ - 2‬سکوت وارٌن ‪ ،‬مارتن سً لٌبٌكً‪ ،‬وأسترٌد ستوث سٌفالوس ‪ ،‬التوصل إلى اتفاق مع الصٌن بشأن‬
‫القضاء االلكترونً ‪ ،‬مؤسسة رائد للنشر‪ ،‬كالٌفورنٌا‪ ،۸٠۹٦ ،‬ص ‪. ۲-۹٠‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- President Joe Biden delivers a speech on foreign policy at the State‬‬
‫‪Department in Washington, Feb. 4. 2021. World Politics Review U.S.‬‬
‫‪Foreign‬‬ ‫‪Policy‬‬ ‫‪Under‬‬ ‫…‪Biden‬‬ ‫‪Available‬‬ ‫‪at‬‬ ‫‪the‬‬ ‫‪link:‬‬
‫‪https://www.worldpoliticsreview.com/insights/29534/with-Biltenes-‬‬
‫‪foreign-policy-us-Seoks-to-reclaim-its-global-standing. The date Is‬‬
‫‪March.2021 . 31.P .‬‬
‫ثانياً‪ :‬العالقات االقتصادية والتجارية ‪:‬‬

‫العالقة بين البمدين قديمة ولكنيا توسعت في العقود الثالثة الماضية حيث وصل حجم التبادل‬
‫التجاري بينيم الى (‪ )٢٩٤٤٦‬مميار دوالر العام ‪ ۰۲۰۲‬حسب تقرير نشرة موقع ‪ECONOMIC‬‬
‫‪ TIMES ONLINE1‬وأضف أن قيمة صادرات الصين تبمغ حوالي (‪ )٩٣٤,٥‬مميار دوالر بينما‬
‫تبمغ الصادرات األمريكية الى الصين نحو (‪ )٩٢۷.۹‬مميار دوالر بعد أن كان خمسو مميارات‬
‫سنة ‪ ۸۷۱۲‬وبذلك تكون الصين ثاني أكبر شريك تجاري لمواليات المتحدة األمريكية وقد تصبح‬
‫الشريك رقم واحد‪ ،‬وثالث أكبر سوق لصادراتيا ويمكن رسم صورة عن العالقات االقتصادية‬
‫األمريكية – الصينية من خالل الحقائق واالرقام التالية ‪:2‬‬

‫‪ -1‬تعد الصين ثاني أكبر شريك تجاري مع الواليات المتحدة بعد كندا حيث شكمت صادراتيا الى‬
‫الواليات المتحدة (‪ )478.9‬مميار دوالر مقابل (‪ )169.3‬مميار دوالر الصينية من أمريكا‪.‬‬

‫‪ -2‬تمتمك الصين أكبر احتياطي لمعممة االجنبية في العالم وصل إلى أكثر من (‪ )3‬ترليون*‬
‫دوالر‪.‬‬

‫‪ -3‬بمغت صادرات الواليات المتحدة من فول الصويا الى الصين نسبة (‪ )%60‬من أجمالي‬
‫الصادرات واشترت الصين (‪ )30‬من أجمالي صادرات القطن األمريكي‪.‬‬

‫نظ اًر لحجم الصين فأن الحوادث المؤسفة التي ال مفر منيا والتي قد تصاحب عممية االصالح قد‬
‫يكون ليا تداعيات دولية وبعد ذلك السبب وراء ادخال الصين الى منظمة التجارة العالمية‪ .‬ورغم‬
‫ذلك تحدث الكثير من التوترات في العالقات التجارية بين البمدين‪ ،‬عقب فرض رسوم او‬
‫تصريحات لمسؤولين‪ .‬وقد شيدت فترة ادارة الرئيس األمريكي (ترامب) الكثير من ىذه التوترات‬
‫مثالً في تغريدة لو عمى تويتر أن الصين استفادت من الواليات المتحدة لسنوات طويمة حتى‬
‫تقدموا عمينا ألن رؤساءنا لم يقوموا بعمميم لذلك يجب عمى الصين إال ترد ألن ذلك سيزيد‬
‫األمور سوءا‪ 3‬كان ذلك بعد فرض رسوم من قبل الحكومة األمريكية عمى السمع الصينية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- The volume of trade exchange is $648.2 billion between China and the‬‬
‫‪United States. The Economic Times online. The date is May 5.2021.p. 3 .‬‬
‫‪ - 2‬قائمة البلدان حسب احتٌاطٌات العمالت األجنبٌة متاح على الموقع ‪/https://www.marefa.org‬‬
‫تارٌخ الزٌارة شباط ‪. ۸٠۸۹‬‬

‫‪ 3‬واحد ترلٌون ٌساوي ألف ملٌار (‪ )۹‬ترلٌون ‪ ۹٠٠٠٠‬ملٌار‬


‫ثالثا‪ :‬العالقات العسكرية ‪:‬‬

‫تميزت العالقات االمريكية – الصينية في المجال العسكري‪ ،‬بالتذبذب مقارنة بنظيرتيا‬


‫االقتصادية وذلك بسبب موقف كال البمدين من القضايا الخالفية وخاصة قضية تايوان*‪ .‬حيث‬
‫قامت الواليات المتحدة ببيع اسمحة الى تايوان عدة مرات منيا بيع معدات لالتصاالت العسكرية‬
‫في نياية سنة ‪.1٦٤٦٤‬‬

‫من جانبيا ترى الحكومة الصينية أن تعزيز العالقات العسكرية مع واشنطن يعنى بأنيا ستحصل‬
‫عمى العديد من المكاسب االستراتيجية فضالً عن أرسال رسائل سياسية وأىميا أن عممية‬
‫التحديث لممؤسسة العسكرية الصينية تتطمب خبرات متراكمة كالتي تمتمكيا نظيرتيا األمريكية من‬
‫حيث حجم القدرات واالمكانيات واالنتشار العالمي والكفاءة القتالية‪ ،‬لذلك اتفقت الصين والواليات‬
‫المتحدة عمى توسيع دائرة التبادالت العسكرية كجزء من الجيود الرامية لبناء عالقات أكثر‬
‫استق ار اًر‪ ،‬إذ كان لقاء وزير الدفاع الصيني (‪ )Zhang wanquan‬بنظيره األمريكي ( ‪Chuck‬‬
‫‪ ) Hagel‬بالعاصمة األمريكية في آب ‪ 2013‬كخطوة باتجاه تعزيز العالقات العسكرية‪ ،‬ويرى (‬
‫ىنري كيسنجر ) أن صمب العقيدة العسكرية األمريكية يكمن في مبدأ عدم سيطرة اية قوة معادية‬
‫عمى الشواطئ المقابمة لمواليات المتحدة األمريكية سواء في المحيط األطمسي أو المحيط اليادئ‬
‫أي ان غرب أوروبا وشرق اسيا يجب أن تكون من المناطق الحميفة لمواليات المتحدة األمريكية اذ‬
‫‪2‬‬
‫ترافق تراجع الخطر الروسي عمى غرب أوروبا* مع تعاظم الخطر الصيني عمى شرق آسيا‪.‬‬

‫‪- Donald J. Trump (@real Donald Trump) May 13, 2019 .‬‬
‫‪ 1‬قررت الوالٌات المتحدة فً كانون الثانً ‪ ۸٠۹٠‬بٌع أسلحة إلى تاٌوان بقٌمة ‪ 6.4‬ملٌار دوالر ونتٌجة لهذا‬
‫السلوك األمرٌكً علقت الحكومة الصٌنٌة عالقاتها مع الوالٌات المتحدة لٌستمر الحال إلى نهاٌة عام ‪۸٠۹٠‬‬
‫حٌث تم استئناف العالقات العسكرٌة لكن لٌس بالمستوى المطلوب للتفصٌل ٌنظر‪ٌ :‬كٌن تجمد عالقتها‬
‫الصكرٌة مع واشنطن بسبب صفقة أسلحة المرٌكٌة لتاٌوان‪ ،‬متاح على الموقع‬
‫‪ tps://www۸٠21.‬تارٌخ الزٌارة شباط ‪https://www.france24.com/ar/20100130-‬‬
‫‪china-usa-taiwan-weapons-saling-diplomacy-crisi-relation-pekin‬‬
‫‪. washington‬‬
‫‪11- Editor Chen Zhuo, Source China Military Online, Chinese deferise‬‬
‫‪ministry denounces $280 million US arms sales to Taiwan, 9-12-2020.‬‬
‫تارٌخ ‪Available at the Link http://eng.chinamil.com.cn/view/2020-12/08‬‬
‫‪/content/9949608.htm‬الزٌارة شباط ‪۸-۸۹‬‬
‫* دول غرب أورٌا (النمسا بلجٌكا فرنسا المانٌا لوكسمبورج هولندا سوٌسرا‪ ،‬ودول شرق آسٌا ( الصٌن‬
‫الٌابان كورٌا تاٌوان منغولٌا) ‪.‬‬
‫‪ )1( - 2‬هنري كٌسنجر‪ ،‬هل تحتاج الوالٌات المتحدة إلى سٌاسة خارجٌة نحو دبلوماسٌة للقرن الحادي‬
‫والعشرٌن‪ ،‬ترجمة عمر األٌوبً ط‪ ،2‬بٌروت‪ ،‬دار الكتاب العربً ‪ ،2003‬من ‪. 105 ،106‬‬
‫‪* Wu Qina: Chania's defense budget grows thin 2021 is stale and‬‬
‫‪moderate exinhua New sh gency‬‬
‫وقد رافق ذلك زيادة في االنفاق العسكري لكل من الواليات المتحدة والصين في عام ‪2020‬‬
‫مقارنة بالسنوات السابقة‪.‬‬

‫والجدول ادناه يبين مستوى االتفاق العسكري لمدول الخمس األعمى حول العالم عام ‪. ٦٤٦٤‬‬

‫النسبة المئوية من االنفاق العالمي‬ ‫مميار دوالر‬ ‫الدولة‬


‫‪%39‬‬ ‫‪778‬‬ ‫الواليات المتحدة‬
‫‪%13‬‬ ‫‪252‬‬ ‫الصين‬
‫‪%3.7‬‬ ‫‪72.9‬‬ ‫اليند‬
‫‪%3.1‬‬ ‫‪61.7‬‬ ‫روسيا‬
‫‪%3.0‬‬ ‫‪59.2‬‬ ‫المممكة المتحدة‬
‫جدول رقم (‪ )1‬باإلنفاق العسكري لمدول الخمس األعمى حول العالم عام ‪2020‬‬

‫* الجدول من اعداد الباحث المصدر‪ ،‬معيد ستوكيولم الدولي ألبحاث السالم ‪.‬‬

‫بينما بمغت ميزانية الدفاع األمريكية لعام ‪ )722( 2021‬مميار دوالر مقارنة بالميزانية لعام‬
‫‪ *)FY( 2022‬التي تسعى إدارة الرئيس ( بايدن ‪ )2021‬العتمادىا من الكونغرس والبالغة‬
‫(‪ )715‬مميار دوالر والتي تضع خمسة أشياء يجب مراقبتيا في طمب الميزانية السنة المالية‬
‫‪ 2022‬وىي‪: 1‬‬

‫‪ -1‬ما ىو مقدار خفض قوة الجيش المقترحة‪.‬‬

‫‪ -2‬كم عدد السفن الحربية وانواعيا من اجل التوسع البحري‪.‬‬

‫‪-3‬خفض البرامج االستراتيجية القديمة دون تسميتيا بشكل واضح‪.‬‬

‫‪ -4‬برنامج الطائرة ‪ F-35‬المكمف ومحاولة تخفيضو‪.‬‬

‫‪-5‬تبرير عدد القوات الالزمة لردع وصد اليجمات اإلرىابية‪.‬‬

‫‪- 2021/3/8. Available at the link http://WWWWWW.gov.cn/xinwon 12021-‬‬


‫‪03/08/ content 5501373. Nim. The date visit: 4may‬‬
‫‪1‬‬
‫‪an Tian, Alexandrs Kuimova Op. cit. P.3 .‬‬
‫بالمقابل بمغت ميزانية الدفاع الصينية لسنة ‪ )209( ۰۲۰۸‬مميار دوالر وىذا المعدل من االنفاق‬
‫العسكري الصيني يثير قمق الواليات المتحدة حيث يذكر بيتر وايزمان كبير الباحثين في معيد‬
‫(سيبري)‪( :‬أن النمو في االنفاق العسكري األمريكي يعتمد الى حد كبير عمى العودة المتوقعة الى‬
‫المنافسة بين القوى العظمي ) (‪ ،)19‬وىذه إشارة واضحة لمصين كمنافس جديد بدالً من االتحاد‬
‫السوفيتي السابق والتي احتمت المركز الثاني في االنفاق العسكري العالمي لسنة ‪ ،۰۲۰۸‬ويالحظ‬
‫من الجدول أعاله أن ىذه ىي المرة األولى التي ظيرت فييا دولتان آسيويتان بين أكثر ثالث‬
‫دول من حيث االنفاق العسكري‪ ،‬ىما الصين واليند‪ ،‬بناءاً عمى ما تقدم يمكن القول أن الصين‬
‫تسعى لعالقة متكافئة مع الواليات المتحدة بعيدا عن سياسة الييمنة التي تحاول الواليات المتحدة‬
‫ممارستيا تجاه الصين‪ ،‬ويعتبر العامل االقتصادي ىو المحدد االساسي لضبط ىذه العالقة‬
‫لحاجة الطرفين المتبادلة في ميدان التجارة‪ ،‬كما تحرص الصين عمى االستفادة من القدرات‬
‫العسكرية األمريكية المتراكمة لتطوير قدراتيا العسكرية اضافة الى زيادة اتفاقيا العسكري في‬
‫السنوات األخيرة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫اإلستراتيجية األمريكية تجاه الصين‬

‫بعد نياية الحرب الباردة اصبح الحديث يدور حول النظام احادي القطبية الذي تييمن عميو‬
‫الواليات المتحدة ‪ ،‬لكن ىذا الوضع لم يستمر طويالً ‪ ،‬ونتيجةً لمنمو األقتصادي لمصين وسعييا‬
‫الحثيث لمواجية التفرد األمريكي ‪ ،‬بدأت الواليات المتحدة تضع إستراتيجيتيا لمحد من الصعود‬
‫الصيني ‪ .‬عميو سوف نتطرق ىنا الى اإلستراتيجية األمريكية تجاه الصين بعد الحرب الباردة‬
‫باإلضافة إلى اإلستراتيجية األمريكية تجاه الصين في عيد الرئيس األمريكي دونالد ترامب ‪.‬‬

‫أوالً ‪ :‬اإلستراتيجية األمريكية تجاه الصين بعد الحرب الباردة‬

‫شكمت العالقات بين الواليات المتحدة األمريكية والصين دو ار ميماً في مجمل العالقات الدولية‬
‫وخاصةً بعد الحرب الباردة و إنكفاء اإلتحاد السوفيتي السابق كفوة مكافئة لمواليات المتحدة التي‬
‫أصبحت قطباً مييمناً في النظام الدولي ‪ ،‬رغم أن الكثير من المختصين في مجال السياسة‬
‫الدولية لم يقروا بيذا الوضع – أحادي القطبية – إذ تممك الواليات المتحدة عناصر القوة‬
‫اإلقتصادية و العسكرية و السياسية إضافةً إلى النفوذ السياسي و التواجد العسكري في مناطق‬
‫حيوية ك ثيرة ‪ ،‬ومن المنظور الصيني فإن البيئة الدولية شيدت في مرحمة مابعد الحرب الباردة‬
‫خمسة مالمح أساسية ‪ :‬ىي أن الواليات المتحدة تشكل تيديداً لمصين نتيجة الخالف المستمر ‪.‬‬

‫تعتبر اليابان قوة إقتصادية أكثر إستغاللية و لدييا صالت تجارية مع الصين ومع أمريكا أيضاً‬
‫يجب الحفاظ عمى تمك العالقة ( الصينية مع اليابان )‬

‫ظيور دول آسيوية مناىضة لمصين و حميفة لمواليات المتحدة األمريكية كوريا الجنوبية و دول‬
‫جنوب شرق آسيا ( كمبوديا ‪ ،‬أندونسيا ‪ ،‬الفمبين ) إضافةً إلى التقدم العسكري واإلقتصادي لميند‬
‫وأخي ار بروز خطر دول إسالمية غير مستقرة نسبيا عمى حدود الصين في آسيا الوسطى قد شكل‬
‫خط اًر عمى األقميات اإلسالمية في الصين نتيجة إنييار االتحاد السوفيتي السابق و رغم أن‬
‫السياسة األمريكية تسعى لعالقة تعاونية مع الصين اإال أن بعض الجيات الحكومية األمريكية‬
‫تدعو الى إتباع سياسة أكثر حزماً تجاه الصين ‪.‬‬
‫لكن منتصف التسعينات تقريباً أدرك صناع القرار الصينيون ان الموقع الريادي لمواليات المتحدة‬
‫لن يتزعزع وان قوتيا الوطنية الشاممة لن تظاىييا اي دولة بمفردىا في المستقبل المنظور ‪ ،‬لذا‬
‫يمكن اعتبار بداية التسعينات فترة ظيور نظرية التيديد الصيني لمواليات المتحدة ( التي تقوم‬
‫عمى العداء لمغرب ) في ظل النمو اإلقتصادي المتصاعد ‪ ،‬إذ تسعى الدولة األكثر ثراءاً وقوة‬
‫الى مد نفوذىا اإلقميمي و الدولي الذي ينعكس عمى ترتيب القوة عمى المستوى الدولي ‪ ،‬و‬
‫ظيرت مدرستان حول التيديد الصيني لمواليات المتحدة ‪ :‬متأثرةً بالتوجو الواقعي حيث يرى مؤيدو‬
‫ىذا التوجو ان الصين تيدف الى الييمنة من وراء صعودىا كما فعمت الواليات المتحدة لذا تسعى‬
‫الصين إلحتواء اليابان و كوريا الجنوبية من خالل تطوير قوة عسكرية لن تستطيع باقي الدول‬
‫التصدي ليا ‪.‬‬

‫لقد أدت التغيرات في بنية النظام الدولي الى وضع العالقة الصينية األمريكية في مستوى جديد‬
‫حيث تحاول الواليات المتحدة الحفاظ عمى مكانتيا الدولية ألطول فترة ممكنة ‪ ،‬لتأتي أحداث ‪11‬‬
‫أيمول التي أثارت التساؤالت و الشكوك حول قدرة الواليات المتحدة لمحفاظ عمى مكانتيا فيقمة‬
‫اليرم الدولي مقابل صعود بعض الدول عمى رأسيا الصين ‪ .‬كل ذلك أثار جدالً داخل الواليات‬
‫المتحدة حول أسموب التعامل مع الصين ‪ ،‬ما بين الحذر من تنامي قوتيا العسكرية ‪ ،‬و رغبة‬
‫الصين في قيادة آسيا ‪ .‬وت ار الدراسة أن مرحمة ما بعد الحرب الباردة تعد بداية مرحمة جديدة‬
‫لمصين ألخذ دور يناسب إمكاناتيا السكانية ‪ ،‬اإلقتصادية والعسكرية بعد أن ترك اإلتحاد‬
‫السوفيتي السابق فراغاً عمى الساحة الدولية ‪ ،‬لذا وجدت الصين نفسيا في صدارة الدول لمحد من‬
‫الييمنة األمريكية عن طريق التنافس التجاري ‪ .‬بمعنى ان ىذه المرحمة شكمت بداية الصعود‬
‫الصيني ‪ ،‬الذي طالما تسعى الصين ليكون سميماً ‪ ،‬والذي تقابمو االستراتيجية األمريكية التي‬
‫تراوح بين إحتواء الصين عن طريق التعاون أو ممارسة الضغط و عزل الصين عن دول المنطقة‬
‫أحياناً أخرى ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ ) 1‬لمتفصيل ينظر ‪ :‬البيان الصحفي لسكرتير الرئيس األمريكي دونالد ترامب لمشؤون الخارجية‬

‫(‪BBC News, China sancyions ll U.S. official on Hong Kong issue, the )2‬‬
‫‪. parties dismissed it , August 11 , 2020‬‬
‫ثانياً ‪ :‬اإلستراتيجية األمريكية تجاه الصين خالل إدارة الرئيسين دونالد ترامب‬
‫(‪ ) 2020 – 2016‬و جون بايدن‬

‫يمكن وصف اإلستراتيجية األمريكية تجاه الصين في عيد إدارة الرئيس السابق (دونالد ترامب)‬
‫التشدد و خاصةً في المجال اإلقتصادي و حقوق األنسان حيث جاء في البيان الصحفي نياية‬
‫عام ‪( 2020‬لمايكل بومبيو) سكرتير الرئيس لمشؤون الخارجية ‪ ،‬الخاص بفرض عقوبات من‬
‫قبل و ازرة الخارجية األمريكية عمى دخول مسؤولين من الحزب الشيوعي وعائالتيم الى الواليات‬
‫المتحدة ‪ ،‬لن تقف الواليات المتحدة مكتوفة األيدي بينما ينفذ الحزب الشيوعي الصيني إنتياكات‬
‫حقوق اإلنسان التي تستيدف (األويغور) والعرقيين (الكازاخيين) وأفراد األقميات األخرى في‬
‫(شينجيانع) بممقابل أعمنت الصين عقوبات عمى كبار الجميوريين ومن بين المستيدفين السناتور‬
‫(تيد كروز) و (ماركو روبيو ) وكالىما منتقد صريح لسياسة الصين ‪.‬‬
‫وفي عيد الرئيس ( جون بايدن ) الذي تسمم الرئاسة في ‪ 2021‬يقول أن العالقات بين الواليات‬
‫المتحدة و الصين لن تتغير كثي ار عمى المدى القصير في عيد الرئيس ( بايدن ) الذي تركز عمى‬
‫إدارتو عمى اإلقتصاد المحمي ‪ ،‬ىناك العديد من األسباب المتسببة بين الصين و الواليات‬
‫المتحدة بما في ذلك عدد قميل من األمريكيين الذين زاروا الصين وىم ال يعرفون الصين حقاً ‪.‬‬
‫و ىذه إشارة إلى أن اإلدارة األمريكية ال تعرف الكثير من التفاصيل عن حياة الصين عن كثب ‪،‬‬
‫و يحث السفير المسؤولين و السياسيين األمريكان الى التعرف جيداً عمى طبيعة و ثقافة الصين‬
‫لصنع سياسة واضحة ومدركة لمكانة الصين الدولية في الوقت الحاضر ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ ) 1‬سالي نبيل مشعراوي ‪ ،‬العالقات الصينية األمريكية و أثر التحول في النظام الدولي ‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬العربي‬
‫لمنشر و التوزيع ‪ ، 2017‬ص‪. 11‬‬
‫(‪ )2‬السيد أمين شمبي ‪ ،‬ىل الصعود الصيني تيديد لمواليات المتحدة ‪ ،‬مجمة السياسة الدولية ‪ ،‬القاىرة ‪،‬‬
‫مركز األىرام لمدراسات األستراتيجية ‪ ،‬العدد ‪ ، 2006 ، 165‬ص‪. 21‬‬
‫(‪ ) 3‬لمتفصيل ينظر ‪ : :‬البيان الصحفي لسكرتير الرئيس األمريكي دونالد ترامب لمشؤون الخارجية مايكل‬
‫ريتشارد بومبيو بشأن الفظائع في شينجيانغ ‪ 11 ،‬كانون الثاني ‪. 2021‬‬
‫(‪ )4‬العربية ‪ CRL online‬مقابمة خاصة مع ماكس بوكس سفير الواليات المتحدة لدى الصين متاح عمى‬
‫الموقع ‪:‬‬
‫‪. http : // Arabic cei.cn 17 : 54 : 14 Video / 3189/20200718/508525.html‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫محددات التنافس األمريكي الصينيفي منطقة الخميج العربي‬

‫تعد الواليات المتحدة األمريكية دولة مييمنة عمى المستوى العالمي‪ ،‬وان نفوذىا في منطقة الخميج‬

‫العربي كبير جداً؛ وذلك لألىمية الكبيرة التي تتمتع بيا المنطقة والتي تم االشارة الييا في الفصل‬

‫فإن ميمة‬
‫األول من ىذه الدراسة‪ ،‬ولكون أن النفوذ األمريكي متجذر منذ أكثر من نصف قرن ا‬

‫الصين في تحقيق تقدم عمى مستوى المنافسة مع الواليات المتحدة األمريكية في منطقة الخميج‬

‫العربي أمر صعب جداً كونيا منطقة ميمة لممصالح األمريكية‪ ،‬لذلك نجد أن الصين تتحرك‬

‫ببطء وحذر في سبيل عدم اثارة الواليات المتحدة األمريكية؛ ألنيا تعمم جيدا أنيا غير قادرة عمى‬

‫المواجية في الوقت الحالي‪ ،‬وعمى الرغم من أنيا تسعى إلى تحقيق نفوذ في جميع المجاالت اال‬

‫أنو نجدىا قد ركزت في بعض المجاالت التي تستطيع تحقيق نجاحات كبيرة فييا والمتمثمة‬

‫بعناصر القوة الناعمة وخاصة االقتصادية منيا‪ ،‬لذلك يمكن أن نتناول محددات التنافس بين‬

‫الواليات‬

‫المتحدة والصين في المنطقة من خالل مبحثين وكما يمي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬المحددات االستراتيجية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المحددات االقتصادية‬


‫المبحث األول‬

‫المحددات االستراتيجية‬

‫من المعروف أنو كمما زادت قوة الدولة السياسية واالقتصادية والعسكرية‪ ،‬فأن دائرة مصالحيا‬
‫فإنيا تسعى إلى استخدام عدة أدوات وبما أن‬
‫تبعا لذلك‪ ،‬ومن أجل حماية ىذه المصالح‪ ،‬ا‬
‫تتوسع ً‬
‫الصين غير جاىزة الستخدام أدوات القوة الصمبة لمحفاظ عمى ىذه المصالح‪ ،‬لذلك نجدىا‬
‫تستخدم أدوات القوة الناعمة‪ ،‬لذلك يمكن دراسة سعييا لمتوسع الجيوبوليتيكي والجيوستراتيجي في‬
‫منطقة الخميج العربي ومنافسة الواليات المتحدة األمريكية القوة المييمنة عالميا في مجاالت عدة‬
‫سنتناوليا‪ ،‬من خالل ثالثة مطالب وكاآلتي‪:‬‬

‫المطمب األول‪ :‬المحدد الثقافي‬

‫لقد أصبح الدين من القضايا المحورية في السياسة الدولية بل يعده البعض من أىم محركات‬
‫العالقات الدولية بعد أحداث الحادي عشر من أيمول وترتب عميو سياسات ومواقف إقميمية‬
‫وثنائية‪ ،‬وقد أقترن ذلك باإلسالم السياسي وبالتطرف الديني وباإلسالم‪ ،‬وقد أقدمت أمريكا‬
‫الدين ولمعامل الديني دور في تمك‬
‫وحمفاؤىا عمى غزو أفغانستان ومن ثم العراق وكان أليدولوجية ا‬
‫الحرب‪ ،‬وعمى أثر ذلك توترت العالقات العربية مع الغرب بسبب أن اإلرىاب أرتبط بالدين‬
‫حقدا دفينا ضد اإلسالم‬
‫اإلسالمي وخطابو‪ ،‬وشنت وسائل اإلعالم الغربية حممة التيم وأظيرت ً‬
‫والعرب وان خطاب بوش االبن انيا حرب صميبية لم تكن زلة السياسة بل كانت استراتيجية‪،‬‬
‫وأصبح العرب في موقف الدفاع‪ ،‬وقامت الدول العربية باالنخراط في حممة محاربة اإلرىاب‬
‫عالميا‪ ،‬ونشطت في حوار األديان‪ ،‬كما أظيرت الصين حرصا عمى االقتراب من الدول العربية‬
‫ليس من مقاربة صراع األديان‪ ،‬بل ضمن إطار الحوار بين الحضارات‪.‬‬

‫أن النقطة التي تقرب الصين من العرب وبالعكس ىو أن الغرب وضع في ذىنو أن‬
‫ويمكن القول ا‬
‫الحضارة الصينية‪ ،‬واإلسالم ىما أعداء المستقبل لمغرب‪ ،‬وىذا ما تم اإلشارة إليو في أطروحة‬
‫أن ذلك ليس مجرد طرح نظري إنما كان ىنتنغتون ُيعبر‬
‫صدام الحضارات لصامويل ىنتنغتون‪ ،‬و ا‬
‫عن فحوى اتجاىات سياسية ‪ -‬وفكرية في الواليات المتحدة األمريكية لرسم السياسة العالمية‬
‫عامة والغربية بوجو خاص ومستقبميا في التعامل مع أوجو صراع من المؤكد أن تكون ظاىرة في‬
‫العالم في العقود القادمة وىذا يعني أن أىم تحدي ىو الحضارة العربية االسالمية مدعومة‬
‫بالحضارة الكونفوشيوسية لذا‪ ،‬فأن المعتقدات الغربية العالمية تفترض أن شعوب العالم بأسره‪ ،‬ال‬
‫بد ليا أن تعتنق المؤسسات والقيم والثقافة الغربية؛ ألنيا تمثل أرقى فكر وكذلك ألنيا أكثر‬
‫استنارة وعقالنية وليبرالية وتحضير وحداثة إذ أن ىناك من يراه االنتصار النيائي لمرأسمالية‬
‫والميبرالية‪ ،‬كما اكد ذلك فرانسيس فوكاياما في نظرية نياية التاريخ واألنسان األخير والذي ىي‬
‫اتيجيا وبوصمة تحركت عن طريقيا االستراتيجية‬
‫ليست نظرية بقدر ما كانت إطا ار فكريا واستر ً‬
‫األمريكية في حينو‪ .‬وجاءت ىجمات ‪ 11‬من أيمول ‪ 2001‬لتعقد األمر أكثر‪ ،‬فقد أدت إلى‬
‫المزيد من العراقيل بوجو العرب الراغبين في دخول الواليات المتحدة والتي أدت بدورىا إلى‬
‫انخفاض حاد في أعداد الزائرين لمواليات المتحدة‪ ،‬وبخاصة من دول الخميج العربي‪ ،‬وان ىذا‬
‫اإلجراء قد شوه الكثير من صورة أمريكا‪ ،‬بالمقابل فتح العديد من الفرص لمصين في الوقت ذاتو‪.‬‬
‫مما دفع األمريكيون لمتساؤل بعد فترة قصيرة من أحداث ‪ ،11/9‬لماذا يكرىوننا؟‪ ،‬والذي أجاب‬
‫بأن الكثير من العرب يخشون سياسات أمريكا‪ ،‬ويعارضونيا‪ ،‬ويسيئون‬
‫عميو جوزيف س‪ .‬ناي‪ ،‬ا‬
‫فيميا‪ ،‬ولكنيم برغم كل ذلك معجبون ببعض جوانب الثقافة األمريكية‪ ،‬ألن العرب يشاركوننا في‬
‫قيم كثيرة‪ ،‬مثل‪ :‬الرغبة في الديمقراطية‪ ،‬واإليمان الديني‪ ،‬والعائمة وىذا ما يؤكده استطالع لمرأي‬
‫أجراه المجمس الثقافي البريطاني بين ‪ 5000‬طالب في ‪ :‬بمدان إسالمية‪ ،‬بأن الواليات المتحدة ما‬
‫تزال الخيار األول كموقع لمتابعة التعميم في الخارج وكانت تسعة المممكة العربية السعودية من‬
‫بين تمك البمدان التي جرى فييا ىذا االستطالع لذلك عمى الواليات المتحدة االمريكية ان تتبع‬
‫دبموماسية عامة في منطقة الخميج العربي يكون ليا ثالثة أبعاد‪ ،‬ويتعين عمى الواليات المتحدة‬
‫األمريكية أن تكون ذكية وسريعة في البعد األول‪ ،‬بحيث تستطيع االستجابة بسرعة وتقدم‬
‫توضيحا لألحداث الجارية‪ ،‬من خالل الوحدات اإلذاعية الجديدة مثل راديو سوا‪ ،‬الذي يذيع‬
‫بالعربية ويمزج بين الموسيقى الشعبية واألخبار‪ ،‬واعتبره خطوة في االتجاه الصحيح ‪ ،‬وان عمى‬
‫األمريكيين ان يعمموا بشكل اكثر فعالية مع الوسائل اإلعالمية المحمية وال سيما محطتي العربية‬
‫والجزيرة ‪ ،‬اما البعد الثاني ‪ ،‬فيتعمق بتطوير بضعة مواضيع استراتيجية ‪ ،‬فعمييا ان تقوم‬
‫بتوضيحات افضل لمسياسات االمريكية ‪ ،‬وكذلك اظيار أمريكا كونيا اعظم امة ديمقراطية ‪،‬اما‬
‫البعد الثالث واالىم ‪ ،‬ىو تطوير استراتيجية بعيدة األمد لممبادالت التعميمية والثقافية ‪ ،‬التي تعمل‬
‫بتنمية مجتمعا مدنيا اغنى واخصب واكثر انفتاحا في بمدان الخميج العربي ‪ ،‬وانو يعتقد أيضا بان‬
‫السكان األصميين الناطقين باسم أمريكا ىم اكثر تأثي ار من األمريكيين ‪ ،‬ويضرب مثل في ذلك ان‬
‫المياجرين اإليرانيين يذيعون برنامجا تمفزيونيا يدعو لتشجيع اإلصالح في ايران وعميو فان‬
‫الواليات االمريكية اعتمدت عمى مبدا القوة الناعمة والمعموماتية كاىم األطر في تحقيق‬
‫استراتيجيتيا‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬المحدد السياسي‬

‫إن السياسة في العالم تظير في أشكال متعددة‪ ،‬وفي الغالب ال يتم التعبير عنيا بوضوح وقد ال‬
‫تكون بصورة شاممة لتعبر عن المصالح والغايات والتوجيات الالزمة لخدمة المصالح‪ .‬لذلك‬
‫ىناك دائما شك في النوايا السياسية‪ ،‬وغالبا ما تشير استراتيجيات األمن القومي األمريكي إلى‬
‫الصين باعتبارىا منافسا استراتيجيا لمواليات المتحدة األمريكية وتصفيا بالعدو والخصم‬
‫االستراتيجي وىذا ما جعل الكثير من األمريكيين يؤمنون بعدم صحة أطروحة نياية التاريخ‪ ،‬وىي‬
‫إن المثال األمريكي ىو الوحيد صاحب الحق بالمطالبة بصورة مشروعة بضرورة الييمنة عمى‬
‫النظام العالمي‪ ،‬وأنو أصبح ماثال‪ ،‬وبأنو ال خصوم لو‪ ،‬لذا نجد أن انبعاث المحافظين الجدد كان‬
‫من ىذا المنطمق‪ ،‬ليبرىنوا صحة ىذا االعتقاد‪ ،‬أما الرئيس األمريكي األسبق أوباما فقد كانت لو‬
‫رؤية تختم ف عن ىؤالء‪ ،‬وىي أن العالم يتجو نحو التعددية القطبية‪ ،‬وأن ىناك وضعا جديدا‬
‫سينشأ‪ ،‬وان الواليات المتحدة سوف تتكيف معو‪ ،‬وأن الفشل في العراق ىو البرىان األكبر عمى‬
‫ىذه القناعة‪ .‬لذا تنظر الواليات المتحدة األمريكية إلى الصعود الصيني عمى أنو عائق أمام رغبة‬
‫الواليات المتحدة لمييمنة عمى الشؤون في النظام الدولي‪ ،‬والسيما في سياق اختالف كل منيما‬
‫في رؤية طبيعة النظام الدولي‪ ،‬أن ترفض الصين فكرة الييمنة األمريكية عمى الشؤون العالمية‪،‬‬
‫وتصر عمى أن النظام متعدد األقطاب يجب أن يكون البديل؛ ألنو األمثل لتحقيق التنمية‬
‫االقتصادية والسياسية عمى المستوى الدولي‪ .‬فقد أصبحت وجيات النظر في البيت األبيض‬
‫واعتقادىم ىو أنو أصبح الستراتيجية احتواء الصين ما يبررىا‪ ،‬سيما أن الصين بدأت تخرج أكثر‬
‫فأكثر عن تحفظيا الدبموماسي‪ ،‬باستخداميا لحق الفيتو }أي حق النقض {في مجمس األمن ضد‬
‫مشروعات ق اررات غربية والسيما في سوريا فضال عن أن تطور الصين ال يمكن فصمو عن‬
‫العالم‪ ،‬والسيما تحت اصرار الصين عمى مبدأ االنفتاح عمى العالم والعدول عن العودة لتطبيق‬
‫مجددا‪ ،‬ألنيا تربط التنمية بالسالم العالمي‪ ،‬ففي ‪ 15/9/2005‬ألقى الرئيس‬
‫ً‬ ‫سياسة االنغالق‬
‫خطابا ميما بعنوان السعي الجدي إلقامة السالم الدائم في اجتماع قمة األمم‬
‫ً‬ ‫السابق "ىوجينتاو"‬
‫المتحدة‪ ،‬بمناسبة الذكرى الستين لقيام دولة الصين والذي أشار فيو إلى أن تطوير االقتصاد‬
‫الصيني يستفيد من االستقرار والسالم في العالم‪ ،‬وال يمكن لمصين أن تيدد المجتمع الدولي ‪.‬‬
‫بالرغم من ىذه التطمينات الصينية‪ ،‬إال أن الرئيس األسبق أوباما أسرع بتركيزه عمى منطقة‬
‫صاعدة في العالم وىي شرق آسيا‪ ،‬والذي بدأ في الصين الذي كان يرى فييا المنافس الوحيد‬
‫والحقيقي الذي بإمكانو أن ينازع الواليات المتحدة عمى مكانة قمة اليرم الدولي المتربعة عميو‪.‬‬
‫واستمرت نظرة القمق األمريكية ىذه حيال الصين والخشية من قوتيا المتنامية التي ال تزال تحت‬
‫اإلعداد والتشكيل‪ ،‬والتي من الممكن منافستيا في المستقبل‪ ،‬بالرغم من وجود شكوك حول‬
‫إمكانية الصين في قدرتيا عمى تشكيل توازن لمقوى العالمية‪ ،‬وىل أن القوة االقتصادية سوف‬
‫تتغمب عمى القوة العسكرية والسيما في مناطق التنافس االستراتيجية مثل الخميج العربي‪ .‬لذلك‬
‫نجد أن الصين قد أصبحت موضع الرىان في الحممة االنتخابية لمرئيس األمريكي األسبق دونالد‬
‫ترامب‪ ،‬الذي رفع شعار مواجية أولئك الذين يسرقوننا في إشارة إلى الصين‪ ،‬وكان أول اجراء في‬
‫كانون الثاني ‪ ،2018‬من خالل زيادة الرسوم عمى سمسة من المستوردات الصينية إال أن الصين‬
‫كافيا من وجية نظر‬
‫ردت بالمثل‪ ،‬بالرغم من االذعان لتنازالت ذات داللة‪ ،‬إال أن ذلك ليس ً‬
‫الرئيس ترامب؛ ألن الموضوع ليس موضوع ميزان تجاري فحسب‪ ،‬وىذا ما أشارت إليو المطالب‬
‫المقدمة إلى المفاوضين الصينيين في أيار ‪ ،2018‬وكان من بين ىذه المطالب وقف المعونات‬
‫الحكومية لمصناعات المتقدمة الطميعية في برنامج "صنع في الصين ‪" 2025‬فضال عن قبول‬
‫القيود األمريكية عمى االستثمار في التكنولوجيا‪ ،‬والتي لم تقابميا ردود انتقامية ‪ .‬أي أن الصين‬
‫في القرن الحادي والعشرين‪ ،‬ليست صين القرن العشرين‪ ،‬التي تقبل بكل اإلعالنات األمريكية‬
‫عمييا‪ ،‬وبدأ صوتيا يعمو أكثر‪ ،‬وباتت تخرج عن تحفظيا لمواجية النفوذ األمريكي عمى العالم‪.‬‬

‫المطمب الثالث‪ :‬مبادرة الحزام والطريق‬

‫كمما ازدادت قوة الدولة االقتصادية والسياسية والعسكرية‪ ،‬فإن ذلك يدعو إلى اتساع دائرة‬
‫مصالحيا الحيوية والجيوبوليتكية‪ ،‬وكذلك قدرتيا عمى التأثير وتدخميا في قضايا دولية بعيدة عن‬
‫جوارىا المباشر‪ .‬كما أن شيوع مشروعات اقامة خطوط السكك الحديد في النصف الثاني من‬
‫القرن التاسع عشر‪ ،‬وفاعميتيا في ربط المناطق بعضيا مع البعض اآلخر في المستعمرات‬
‫البريطان ية في اليند‪ .‬وأنيا ذات ضرورة أمنية وكذلك اقتصادية كونيا سيمت نقل السمع التجارية‬
‫إلى الموانئ‪ ،‬وفي الوقت نفسو سيمت حركة الجنود لقمع الثورات في المستعمرات‪ .‬وفي ضوء‬
‫ذلك‪ ،‬ومع نمو الصين االقتصادي والسياسي والعسكري‪ ،‬وادراكيا ألىمية طرق المواصالت سواء‬
‫البرية أو البحرية‪ ،‬أطمق الرئيس الصيني "شي جين بينغ" في عام ‪ ،2013‬مبادرة الحزام‬
‫والطريق‪ ،‬خالل زيارتو إلى كازخستان واندونيسيا‪ ،‬إذ تعد ىذه المبادرة أكبر مشروع أمني وسياسي‬
‫واقتصادي تطمقو الصين‪ ،‬ويشمل مشروعات طرق سريعة وسكك حديدية ومشروعات لمطاقة‬
‫ومرافئ‪ ،‬والتي يمكن أن تقدر قيمة ىذه المشروعات التخمينية ‪ 102‬ترليون دوالر‪ ،‬أما من الناحية‬
‫الجغرافية‪ ،‬تضم المبادرة مناطق في الصين ودول في غرب آسيا وأوروبا وتغطي أكثر من ‪65‬‬
‫بمدا‪ ،‬وىذه المبادرة حممت مسميات عديدة فضال عن أسم الحزام والطريق منيا‪ ،‬طريق الحرير‬
‫الجديد‪ ،‬وطريق حرير القرن الحادي والعشرين‪ ،‬والحزام االقتصادي الطريق الحرير‪ ،‬وحزام واحد‬
‫وطريق واحد ‪ .‬ولكن االسم المتداول حاليا مبادرة الحزام والطريق‪ .‬وبدأت الصين بإقامة ىذه‬
‫المشروعات الكبرى التي تربط الصين بدول ميمة في العالم‪ .‬مثل الحزام االقتصادي لطريق‬
‫الحرير‪ ،‬والعمر االقتصادي الصيني الباكستاني‪ ،‬فضال عن الممر االقتصادي بين بنجالدش‬
‫والصين واليند وميانمار‪ ،‬واليدف من حزام طريق الحرير البري الجديد ىو ربط الصين‬
‫باقتصاديات شرق وجنوب أسيا وكذلك أسيا الوسطى‪ ،‬وصوال إلى أوروبا‪ ،‬واليدف من طريق‬
‫الحرير البحري الجديد في القرن الحادي والعشرين ىو دعم التجارة عبر المحيط بين منطقة‬
‫المحيط اليندي وشرق آسيا‪.‬‬

‫تشير التقييمات الصينية إلى بعض الدوافع االستراتيجية المعقولة‪ ،‬من خالل التنفيذ الناجح‬
‫لممبادرة‪ ،‬وتشمل ىذه الدوافع تحسين االستقرار اإلقميمي‪ ،‬وزيادة أمن الطاقة في الصين‪ ،‬وتعزيز‬
‫النفوذ االستراتيجي في أوراسيا‪ ،‬من دون إثارة الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬

‫في ىذا السياق‪ ،‬فإن الصين في الوقت الحاضر‪ ،‬وخالل العشر سنوات القادمة‪ ،‬ستمثل كالعب‬
‫اقتصادي أول في النظام الدولي‪ ،‬وىي أكبر قوة اقتصادية عالمية‪ ،‬وأنيا تدرك ذلك جيدا‪ .‬إلن‬
‫لدييا مشروعا في غاية األىمية مشروع طريق الحرير الجديد‪ ،‬الذي يمتد من أقصى الشرق في‬
‫أسيا إلى المحيط األطمسي وفق التصورات الصينية‪ ،‬وبالتالي فأنو سوف يصنع شبكة لمنقل‬
‫واالتصال المباشر بين الصين ومختمف الدول‪ .‬مع تنامي القطاع الصناعي في الصين بشكل‬
‫كبير باتت الصين مصنعا لمعالم‪ ،‬لذلك أدركت الصين أىمية تحسين طرق المواصالت بينيا‬
‫وبين الدول من أجل إنعاش التجارة‪ ،‬وىذا ال يكون اال من خالل شبكة من الطرق البرية وسكك‬
‫الحديد والقطارات فائقة السرعة‪ ،‬فضال عن بناء حزام بحري مدعم بالموانئ البحرية‪ ،‬وربطيا‬
‫بطرق المواصالت‪ ،‬لذلك أطمقت الصين مشروعيا األضخم في القرن الحادي والعشرين تحت‬
‫اسم مبادرة الحزام والطريق‪.‬‬

‫والطريق‬ ‫الحزام‬ ‫مبادرة‬ ‫خريطة‬

‫المصدر‪ :‬صحيفة العرب‪ ،‬في ‪ 27/3/2021‬عمى الرابط اآلتي‪:‬‬

‫‪https://images.app.goo.gl/5W6eEPkJEHJSYS9V6‬‬

‫وعميو فأن الصين اعتمدت مبادرة الحزام والطريق لالنخراط في االقتصاد إلى الغرب منيا‪،‬‬
‫ومنطقة الخميج العربي تعد اقميما ميما لنجاح المبادرة من الناحية الجيو اقتصادية والجيوبوليتيكية‬
‫والسيما أن الصين سعت إلى عقد اتفاقيات لمتجارة الحرة مع جنوب شرق أسيا مع اليابان‬
‫واستراليا وكوريا الجنوبية‪ ،‬وبيذا تكون الصين قد تمكنت من التوسع في المبادرة من بوابتين‬
‫شرقية وغربية‪.‬‬

‫وأصدرت الحكومة الصينية في آذار ‪ 2014‬وثيقة "آفاق وأعمال الحزام والطريق" والتي قوبمت‬
‫وحكوميا باعتبارىا فرصة سانحة لزيادة التبادل في‬
‫ً‬ ‫بتجاوب إيجابي من قبل البمدان العربية شعبيا‬
‫مختمف المجاالت مع الصين ففي منتدى التعاون العربي ‪ -‬الصيني في دورتو السادسة في ‪5‬‬
‫حزيران ‪ ، 2014‬طرح الرئيس الصيني "شي جين بينغ" العديد من األفكار والمحتويات‬
‫والمجاالت الجديدة التي من الممكن تنفيذىا في المبادرة‪ ،‬مثل‪ :‬معادلة التوازن (‪ )1+2+3‬والذي‬
‫يمثل الرقم (‪ )1‬مجال الطاقة وىو محورىا الرئيسي‪ ،‬والرقم (‪ )2‬جناحييا مجال البنى التحتية‬
‫وتسييل التجارة واالستثمار‪ ،‬أما الرقم (‪ )3‬فقد مثل التقنيات المتقدمة والحديثة والتي تتضمن‬
‫الطاقة النووية‪ .‬والطاقات الجديدة‪ ،‬واألقمار االصطناعية والفضاء‪ ،‬وتعزيز التعاون في الطاقة‬
‫االنتاجية‪ ،‬وقد شدد عمى تطوير التعاون مع ست دول باعتبارىا الركائز األساسية والتي نصفيا‬
‫دول تقع في منطقة الخميج وىي كل من السعودية واإلمارات العربية المتحدة والعراق‪ ،‬وتم تحديد‬
‫سنة مشاريع في المرحمة األولى‪ :‬منطقة حرة صينية ‪ -‬خميجية صندوق استثمار مشترك بين‬
‫الصين واالمارات‪ .‬تعزيز ضخ رأس المال العربي إلى البنك األسيوي لالستثمار في البنى‬
‫التحتية‪ ،‬إطالق التعاون العربي ‪ -‬الصيني نظام اتصاالت عبر القمر الفضائي‪ ،‬تمديد وتغيير‬
‫خميج عدن‪ ،‬كتل النفط البرية في أبو ظبي وتشكل ىذه المشروعات فرصة أمام البمدان الخميجية‬
‫لمتفاوض مع الصين لالنخراط في شراكة اقتصادية لمحصول عمى عوائد ذات قيمة مضافة‪ ،‬مما‬
‫وسياسيا عمى الواليات المتحدة‪ ،‬وىذا يعتمد عمى قدرة النخب‬
‫ً‬ ‫يقمل من حدة اعتمادىا اقتصاديا‬
‫الحاكمة في الصين لطمأنة دول المنطقة بأن ىذه المبادرة ال تنطوي عمى مضامين ىيمنة صينية‬
‫مغمفة بخطاب الشراكة والمصالح المتبادلة‪ .‬ويمكن رصد وجية النظر الخميجية في ضوء ما‬
‫جاءت بو صحيفة الحياة السعودية التي تصدر من لندن من أن المبادرة تعمل عمى خمق المزيد‬
‫من فرص التعاون بين الصين والدول العربية‪ ،‬عمى عكس الواليات المتحدة التي تعمل عمى‬
‫استنزاف الخيرات والثروات العربية‪ ،‬ونظ ار لمموقع الجغرافي لمدول العربية التي تقع عمى طريق‬
‫التجارة بين الشرق والغرب فإن المبادرة سوف تعزز من العالقات التجارية بين الدول العربية من‬
‫جية والدول األسيوية ودول االتحاد األوروبي من جية أخرى‪.‬‬
‫توصمت الدراسة إلى أن الدول الخميجية ترى في المبادرة فرصة لتنويع اقتصادىا وعدم االعتماد‬
‫عمى صادرات النفط فقط‪ ،‬وذلك من خالل انشاء مشروعات صناعية متنوعة‪ ،‬والسيما في مجال‬
‫البتروكيمياويات‪ ،‬فضال عن توطين التكنولوجيا المتقدمة واستخداميا في المجال الصناعي وايجاد‬
‫أنواع جديدة من الطاقة‪ ،‬مثل الطاقة النووية‪ ،‬والطاقة المتجددة‪ ،‬لضمان حق األجيال القادمة‪،‬‬
‫برغم من الريبة والشكوك التي تحاول خمقيا الواليات المتحدة حول األىداف الحقيقية لمصين وراء‬
‫ىذه المبادرة‪.‬‬
‫(‪ )1‬مصدر الفصل الثاني المبحث األول‬

‫(‪ ) 2‬الزوبعي‪ ،‬محمد عمي ويس‪ ،‬التنافس األمريكي الصيني في منطقة الخميج العربي‪ ،2021 ،‬ص ‪77-51‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫المحددات االقتصادية‬

‫يعد المحدد االقتصادي من أىم المحددات عمى مستوى التنافس بين الواليات المتحدة األمريكية‬
‫والصين؛ ألن الصين ال تممك القوة العسكرية التي كان يمتمكيا االتحاد السوابيتي قبل فككو‪ ،‬لذلك‬
‫فإنيا غير مؤىمة في الوقت الحالي ألن تكون ذا الواليات المتحدة األمريكية في ىذا المجال‪،‬‬
‫لذلك نجدىا قد ركزت في منافستيا لمواليات المتحدة عمى المستوى االقتصادي والتي يمكن أن‬
‫نتناول ىذا المبحث من خالل المطالب الثالثة اآلتية ‪:‬‬

‫المطمب األول‪ :‬التجارة‬

‫أن النمو االقتصادي يخمق عدم االستقرار االقتصادي لمدول‪ ،‬بينيا وبين الدول األخرى ويغير‬
‫ميزان القوى في المناطق والدول‪ ،‬كما أن التبادل التجاري يجعل األفراد يتواصمون بعضيم‬
‫بالبعض اآلخر لكنو ال يوصميم إلى اتفاق‪ ،‬وتاريخيا في كثير من األحيان يخمق وعيا أعمق‬
‫باالختالفات ويثير المخاوف المتبادلة بين الشعوب‪ ،‬والى جانب ما تحققو التجارة من فوائد فأنيا‬

‫تولد الصراعات بين الدول (‪ )1‬إال أن القادة الصينيين وبالرغم من القمع السياسي الذي مارسوه‬
‫في مجزرة ساحة تيان ان مين إال أنيم قبموا بضرورات السوق‪ ،‬وال مركزية الق اررات االقتصادية‪،‬‬
‫كما أنيم قبموا باالندماج في التقسيم الرأسمالي العالمي لمعمل ‪)2( .‬‬

‫وتمكنت الصين في العام ‪ 2001‬من الدخول إلى منظمة التجارة العالمية في ضوء المفاوضات‬
‫التي بدأت في العام ‪ ، 1980‬خالل ىذه السنوات كانت الواليات المتحدة قد منحتيا حق أو‬
‫وضع الدولة األولى بالرعاية أو األكثر رعاية‪ ،‬في حينيا كانت الصين ال تبدو كمنافس يخشى‬
‫جانبو وتيديده‪ ،‬وانما كانت تبدو كسوق واعدة‪ ،‬إال أنو تبين قوة المنافسة الصينية التي عجمت من‬
‫اضعاف قدرة الييمنة التجارية األمريكية‪ ،‬عمى مستوى صناعاتيا ذات التكنولوجيا العالية وأيضا‬
‫صناعاتيا المستقبمية وخاصة مع ظيور عجز في ميزانيا التجاري الذي يغفل ميزان الخدمات‬
‫الذي يضل مؤاتيا ليا‪ ،‬رجعت أمريكا لتعيش الحقبة اليابانية‪ ،‬مستعيدة االتيامات نفسيا التي‬

‫__________________________‬

‫(‪ )1‬صمويل ىنتنغيتون‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ‪353‬‬

‫(‪ ) 2‬فرانسيس فوكاياما ‪ ،‬نياية التاريخ واالنسان القديم‪ ،‬ترجمة‪ :‬فؤاد شاىين‪ ،‬جميل ‪X LITE9HONOR‬‬
‫قاسم رضا الشايبي‪ ،‬ط بال مركز االنماء القومي‪ ،‬بيروت‪ ،1113 ،‬ص ‪113‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬االستثمار‬

‫بخروج توجو الواليات المتحدة األمريكية انتقاداتيا بصورة مستمرة إلى الصين ألنيا تتسبب دائما‬
‫االستثمارات من الواليات المتحدة‪ ،‬مما تسبب بفقدان الكثير من األمريكيين لوظائفيم‬

‫ومصادر دخميم ‪.‬‬

‫وىناك خشية من قبل الواليات المتحدة االمريكية مفادىا أن الصين ستنشر نموذجا لمتنمية‬
‫السياسية واالقتصادية‪ ،‬سيقوض النظام الدولي الميبرالي‪ ،‬الذي تسعى الواليات المتحدة األمريكية‬
‫التمسك بو‪ ،‬فالمؤسسات التي قامت الصين بإنشائيا في ضوء مبادرة الحزام والطريق‪ ،‬كالبنك‬
‫األسيوي لالستثمار في البنى التحتية‪ ،‬والذي من الممكن أن يحل محل مؤسسات بريتون وودز‬
‫أي البنك الدولى وصندوق النقد الدولي‪ ،‬ال سيما في ضوء انضمام عدد كبير من الدول لو من‬
‫ضمنيا دول أوروبية كبيرة مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا‪ )2( .‬وبالفعل تمكنت الصين من‬
‫السماح بتدفق االستثمارات األجنبية إلييا‪ ،‬وبذلك تمكنت من تحقيق منجزات ميمة في ىذا الشأن‬
‫‪)3( .‬‬

‫عندما حدثت أزمة في العالقات العربية األمريكية بعد عام ‪ ،2001‬بدأت االستثمارات العربية‬
‫بالتدفق إلى الصين؛ وذلك ألن قسم من المستثمرين العرب بدأوا بسحب جزء من استثماراتيم‬
‫وتوجيييا صوب تركيا وروسيا والصين ؛ بسبب تقييد االستثمار العربي في الواليات المتحدة‪.‬‬

‫المطمب الثالث‪ :‬حرب العمالت‬

‫رأت الواليات المتحدة شراكتيا مع الدول الخميجية ودخوليا االستثمار االقتصادي‪ ،‬فضال إن‬
‫أسمحة الحروب بين الدول فيما يخص العمالت ىي الضرائب والجمارك والحمائية عن خفض‬
‫العممة والفوائد وقد تكون حرب العمالت من أمضى األسمحة بين الدول‪ ،‬فعمى سبيل المثال إن‬
‫معيار زيادة الصادرات لمدول الصناعية ىي عممية خفض العممة‪ ،‬وأن ممرات النفط والغاز تعد‬
‫جزءا من ىذه الحروب القائمة في أرجاء العالم‪ ،‬لذلك نجد أن الواليات المتحدة األمريكية وأوروبا‬
‫وجيتا االتيام إلى الصين بمخالفتيا البند الرابع من اتفاقية صندوق النقد(‪.)1‬‬

‫_____________________‬
‫(‪ )1‬نيممي كمال األمير ‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.31‬‬

‫(‪ )2‬خالد حسين‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ‪. 15‬‬

‫(‪ )3‬محمد كريم كاظم وخضر عباس عطوان‪،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.211‬‬

‫(‪)4‬خالد عبد االلو عبد الستار‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ‪ 74‬مر اب ارىيم كامل عبده ‪ ،‬ىاشم‬
‫الفصل الثالث‬

‫البعد السيبراني في العالقات األمريكية الصينية‬

‫من المعموم أن كال من الواليات المتحدة والصين تممكان موارد كبرى وتفاعالت دولية واسعة‪ ،‬ما‬
‫يجعل النظام الدولي ككل محط اىتمام سياسات كال الدولتين واحيانا توصف عالقتيما بالعالقة‬
‫بين االثنين الكبار‪ 1‬كونيا العامل الرئيسي األكثر تأثي ار في النظام الدولي وتعود العالقة بين‬
‫الدولتين في مرحمة خروج الواليات المتحدة عن عزلتيا وانفتاحيا عمى قارة آسيا نياية القرن‬
‫التاسع عشر واتخاذ سياسة الباب المفتوح وكانت الحرب اليابانية افضل حدث لدخول الواليات‬
‫المتحدة إلى الصين ألنياء االحتالل الياباني األجزاء من شرق الصين ويعتقد الباحث أن دعم‬
‫الصين من قبل الواليات المتحدة لتولي مقعد دائم في مجمس األمن سنة ‪ 1945‬كان في صالح‬
‫تمك العالقة بين البمدين التي ما لبثت ان تأزمت عندما تولى الشيوعيين السمطة سنة ‪ 1949‬أو‬
‫تعمل الواليات المتحدة والصين عمى اعادة تحديد عالقتيما الثنائية حيث تعنى نقاط القوة الجديدة‬
‫لمصين – الناتج المحمي الكبير والنمو االقتصادي الذي انعكس عمى زيادة االنفاق العسكري‬
‫والتطور العسكري أن لدييا موقعاً جديداً ومسؤوليات جديدة في العالم لذا يمكن أن يصبح الصراع‬
‫السبيراني عامالً ميماً في عممية اعادة التعريف بالعالقة الثنائية ىذه ألنو يؤدي الى تفاقم‬
‫المنافسة االقتصادية والعسكرية ‪ .‬وسوف تتناول في ىذا الفصل الموضوع في ثالثة مباحث‪.‬‬

‫المبحث األول‬

‫أىم القضايا المؤشر عمى العالقات الصينية ‪ -‬االميركية‬

‫تتنافس الواليات المتحدة والصين في الفضاء االلكتروني لتأمين قدرتيا في مجاالت ميمة ومنيا‬

‫التكنموجيا‪ ،‬انيم يتنافسون في مجاالت عدة ومنيا التجارة االلكترونية ستحاول في ىذا المطمب‬

‫توضيح ابرز القضايا االقتصادية والسياسية المؤثرة عمى العالقة الصينية األميركية‪.‬‬

‫‪ - 1‬سالً نبٌل الشعراوي‪ ،‬مصدر سبق ذكرة‪ ،‬ص ‪.155‬‬


‫أوالً‪ :‬التنافس التجاري بين الصين والواليات المتحدة‬

‫العديد من القضايا أصبحت مجال لمتنافس والخالف بين البمدين نتيجة التحول في نوع وادوات‬
‫القوة وليس مجرد التحول من محور الى اخر بناء عمى ىذه المفاىيم النظرية يعتبر التنافس‬
‫التجاري اىم القضايا الخالفية بين الصين والواليات المتحدة ويخضع لقانون الدولة األولى‬
‫بالرعاية منذ عام ‪ 1980‬الذي منحتو الواليات المتحدة لمصين وىذا التبادل بعد تفاعل تعاوني اال‬
‫انو اتخذ نمط التنافس بدل التعاون عندما تيمت الواليات المتحدة الصين بالعمل عمى اغراق‬
‫السوق األمريكية بالسمع الصينية مما ادى الى تدىور العالقة بينيم خاصة بعد أن وصل العجز‬
‫التجاري لمواليات المتحدة بحدود (‪ )612‬مميار عام ‪. 2018‬‬

‫وفي الجدول ادناه يبين حجم التبادل التجاري بين الصين والواليات‬

‫ويظير تقرير صندوق النقد الدولي أن اقتصاد الصين أصبح أكبر من االقتصاد األمريكي بما‬
‫يعادل (‪ )24.2‬تريميون دوالر لمصين مقابل (‪ )20.8‬تريميون دوالر لمواليات المتحدة نياية عام‬
‫‪ .2020‬ويسبب النمو السريع لمصين والذي تعتبره الواليات المتحدة بشكل تنافس وتيديداً كبي اًر‬
‫القتصادىا ومكانتيا‪ ،‬لذا بدأت أول مظاىر الحرب التجارية بين البمدين في الحممة االنتخابية‬
‫لمرئيس ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬حقوق االنسان‬

‫تعد قصية حقوق االنسان من أكثر القضايا إثارة لمجدل في العالقة بين الواليات المتحدة والصين‬
‫وينتقد ممثمي المنظمات غير الحكومية األمريكية ووسائل اإلعالم والحكومية المعاممة السيئة من‬
‫قبل الحكومة الصينية المنشقين والجماعات الدينية والسجناء في الداخل‪ ،‬أما عمى المستوى‬
‫الخارجي فقد عبر عن ذلك سكرتير الرئيس األمريكي لمشؤون الخارجية (بمينكن) عام ‪، ٦٤٦٩‬‬
‫بقولو تستخدم الصين اإلكراه والعدوان لتقويض الحكم الذاتي بشكل منيجي في ىونغ كونغ‬
‫وتقويض الديمقراطية في تايوان وانتياك حقوق اإلنسان في شينجيانغ والتبت ‪. ......‬‬

‫وتزعم الواليات المتحدة أن ىذه السياسة تقوم عمى انتياك حقوق اإلنسان المعترف بيا دولياء‬
‫وتتمثل انتقادات الواليات المتحدة لحقوق االنسان في الصين‪ ،‬من خالل التقييد عمى حريات‬
‫النشطاء السياسيين‪ ،‬فرض قيود عمى االنترنيت استغالل الدولة لمقانون والنظام القضائي لتجريم‬
‫حرية التعبير‪ ،‬وسيطرة الدولة ورقابتيا عمى الممارسات الدينية ()‪ .‬ويمكن اعتبار القمع العنيف‬
‫ضد الطالب المتظاىرين في بكين في ‪ 4‬تموز ‪ ۸۷۱۷‬ما يسمى بحادث تيانائمين‪.‬‬

‫الحدث األبرز الذي جعل حقوق اإلنسان كقضية خالف بين الواليات المتحدة والصين‪ ،‬وترى‬
‫الصين أن ىدف الواليات المتحدة ىو الييمنة وليس دعم مبادئ حقوق االنسان‪ ،‬ومتجاىمة بذلك‬
‫نصوص القانون الدولي ‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬تغير المناخ‬

‫تشير االحصاءات الخاصة بالتموث‪ ،‬إن كل من الواليات المتحدة والصين يتسببان بنسبة ‪-‬‬
‫(‪ )41%‬من انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكاربون عالمياً‪ ،‬وىي السبب الرئيسي لالحتباس‬
‫الحراري وقد تعيد كال الطرفين بتقميل نسبة االنبعاثات إلى أقل مستوى ممكن‪ ،‬رغم أن الرئيس‬
‫األمريكي دونالد ترامب لم يكن ممتزماً كثي اًر باتفاقيات المناخ والتموث‪ ،‬ويتجمى ذلك في تصريح‬
‫الرئيس الفرنسي (ماكرون) عند تنصيب الرئيس األمريكي جون بايدن في ‪ ٦٤‬كانون الثاني‬
‫‪ ۰۲۰۸‬اذ أعرب عن تفاؤلو بعودة واشنطن إلى اتفاق باريس حول المناخ ‪.‬‬

‫وفي ىذا السياق قال‪ :‬جينغدون يوان‪ ،‬كبير الباحثين في معيد ستوكيولم الدولي ألبحاث السالم‬

‫"سيبري" إن إدارة الرئيس (بايدن) ستكون منفتحة مع الصين بشأن مسألة تغير المناخ‪ ،‬بينما ال‬
‫تزال حازمة في مجاالت التجارة والتكنولوجيا واألمن اإلقميمي ‪ ،‬وىناك أسباب متنوعة ليذه‬

‫المخاوف حيث يشعر بعض الخبراء الميتمين باألمن بالقمق من أن إدارة الرئيس األمريكي‬

‫مظاىرات ساحة تيانا من أو تعرف باسم حادثة الرابع من يونيو في مجموعة من المظاىرات‬

‫الوطنية التي وقعت في جميورية الصين الشعبية بين ‪ ٩١‬أبريل‪ ۸۷۱۷ ،‬و ‪ ٩‬يونيو ‪، ۸۷۱۷ ،‬‬

‫وتمركزت في ساحة تيانا من في بكين التي كانت محتمة من قبل طالب جامعيين صينيين طالبوا‬

‫بالديمقراطية واإلصالح‪ ،‬وقد استعممت الحكومة القوة المفرطة في انياء المظاىرات مما نتج عنو‬

‫الكثير من الضحايا والمعتقمين ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫التنافس المعموماتي بين الواليات المتحدة والصين‬

‫وفقاً لممعيد الدولي لمدراسات االستراتيجية في لندن‪ ،‬يشكل الفضاء اإللكتروني أحد أىم ميادين‬

‫التنافس المعموماتي والصراعات والحروب المستقبمية‪ ،‬ال توجد دولة ميما عظمت قدرتيا‬

‫العسكرية وال مؤسسة ميما عظمت قوتيا االقتصادية من خطر اليجمات اإللكترونية‪.‬‬

‫وستكون الواليات المتحدة األمريكية والصين من أكثر الدول منافسة وتؤثر في ىذا الحيز الواسع‬

‫من الفضاء‪ ،‬وقد تحولت نظرة الواليات المتحدة إلى الصين‪ ،‬من كونيا شريكا استراتيجياً إلى‬

‫منافس استراتيجي‪ .‬إذ تحدت الصين اإلدارة األمريكية في خمسة مجاالت رئيسية ‪:‬‬

‫السيطرة عمى حافة المحيطين اليندي واليادي والتجارة واالقتصاد‪ ،‬يحث الصين عن معايير‬

‫تقنية بديمة والسعي وراء الييمنة التكنولوجية والتقدم العسكري الصيني‪ ،‬ومع ذلك فيذا الخالف‬

‫معقد بسبب العالقة االقتصادية الوثيقة بينيما التي تتمثل بحجم التبادل التجاري الكبير بين‬

‫البمدين‪.‬‬
‫المطمب األول‬

‫التنافس األمريكي ‪ -‬الصيني لمسيطرة عمى موارد الفضاء‬

‫دفع شح الموارد في كوكب األرض الى البحث في الفضاء عن موارد اخرى وخاصة مع بداية‬
‫القرن ال حادي والعشرين‪ ،‬وذلك بسبب وجود موارد نادرة ( البالتين والذىب ) في أجرام سماوية‬
‫بكميات تختمف عما ىو موجود في كوكبنا األرض وقد بدأت حديثاً قسم من شركات القطاع‬
‫الخاص مثل (‪ 1)Google‬في دعم االستثمار في مجال المعادن القضائية وذلك سبب شحة او‬
‫بداية نفاذ قسم منيا عمى كوكب األرض من الماء ومكوناتو االساسية ( االوكسجين والييدروجين‬
‫(‪ )H2O‬وىو أكثر مكونات وقود الصواريخ ‪ -‬إذ تم في سنة ‪ 2016‬تطوير نظام (‪ )comet‬وىو‬
‫نظام دفع فضائي يعمل بالماء‪.‬‬

‫كل ىذا يدفع إلى التنافس في الفضاء االلكتروني وخاصة بين الواليات المتحدة والصين‪ .‬لذا بدأ‬
‫الفضاء اإللكتروني يشيد تغيرات كبيرة بسبب تصاعد الخطاب في الدول المتقدمة حول الموارد‬
‫‪2‬‬
‫الطبيعية‪ ،‬والتي تقدر قيمتيا بتريميونات الدوالرات‪( .‬مثل البالتين والتيتانيوم والطاقة الشمسية)‬
‫ويعد تطوير برنامج الفضاء الصيني أولوية بالنسبة لبكين‪ ،‬حيث دعا الرئيس (شي جين بينغ)‬
‫البالد الى ترسيخ نفسيا كقوة فضائية‪ ،‬وتصر الصين عمى ان برنامجيا مخصص لألغراض‬
‫العممية‪ ،‬لكن و ازرة الدفاع األمريكية تدعي بأن أنشطة الصين‪ .‬تيدف إلى منع الخصوم من‬
‫استخدام األصول الموجودة في الفضاء في أي أزمة‪.‬‬

‫وتعد طموحات الصين الفضائية مدفوعة بإستراتيجية طويمة األجل لمحصول عمى الموارد‪ ،‬إذ‬
‫امتمكت في سنة ‪ 2020‬محطة فضائية خاصة بيا‪ ،3‬وبحمول عام ‪ 2020‬تطمح الصين الى‬
‫نظام طاقة شمسية تجاري فضائي في مدار جغرافي متزامن وأخي اًر مستوطنة بشرية عمى سطح‬
‫القمر‪ .‬والسؤال الذي يطرح نفسو ىنا ىو‪ ،‬ىل ان سعي الصين إلى الفضاء يؤدي إلى صراع مع‬

‫‪ - 1‬وثائقٌة دي دبلٌو‪ :‬األجرام السماوٌة‪ ،‬مناجم جدٌدة فً الفضاء؟ متاح على الموقع‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=3est24bIBUQ‬تأرٌخ الزٌارة ‪2021:4‬نٌسان ‪.‬‬
‫‪ - 2‬نامراتا جو سوامً‪ ،‬صراع مستقبلً‪ :‬نشاط دولً واسع الستغالل موارد الفضاء الخارجً معهد الوالٌات‬
‫المتحدة للسالم‪ ،‬العدد ‪ ،25‬واشنطن‪ ،2015 ،‬ص ‪. 55‬‬
‫‪Michael Martina aims for a manned moon landing year 2013. Reuters. - 3‬‬
‫‪A pnl 29.2016 (2) Available at Link: the Date on March 30-2021. visit‬‬
‫‪https://www.reuters.com/article/us-china-space-moon-idUSKCNONG‬‬
‫الواليات المتحدة في ىذا المجال سيوفر فيم طبيعة طموحات الفضاء الصينية الرئيسية الثالثية‬
‫التالية ‪:‬‬

‫‪ - 1‬الطاقة الشمسية الفضائية ‪ :‬يسعى النظام المقترح الى تسخير الطاقة الشمسية باستخدام‬
‫االقمار الصناعية ‪ -‬ثم اعادة إرسال الطاقة الى محطات االستقبال عمى األرض باستخدام تقنية‬
‫الميكروويف‪.‬‬

‫‪ _ 2‬التعدين القمري والكويكبات ‪ :‬طموح الفضاء الكبير القادم لمصين ىو استخراج موارد مثل‬
‫التيتانيوم والييميوم والمياه من سطح‪ 1‬القمر‪.‬‬

‫‪ -3‬محطة فضاء ‪ :‬محطة فضاء استثمرت الصين بكثافة في تطوير محطتيا الفضائية الخاصة‬
‫منذ عام ‪ 2011‬والتي اكممتيا عام ‪ 2020‬وأطمقت عمييا اسم (تيان جونج) (قصر السماوية)‪.‬‬

‫المطمب الثاني‬

‫التحديث المستقبمي العسكري لمجيش الصيني في مجال الفضاء‬

‫تعد الصين أكبر منافس استراتيجي لمواليات المتحدة‪ ،‬في فترة ما بعد الحرب الباردة ‪ ،‬فإن الصين‬
‫تقترب من القدرات األمريكية في مجال االنظمة الفضائية واالختراق اإللكتروني‪ ، 2‬قد تحتاج‬
‫الدول ايضاً إلى قدرات حرب الكترونية متقدمة ومزيد من المعمومات من أجل التمكن من مياجمة‬
‫الخصم وشل قدرتو العسكرية أو قدرة الخصم عمى السيطرة عمى قواتو وىذا يتضح أكثر في‬
‫أوقات الصراع والحرب الفعمية والتطور الفعمي لقدرات الصين السيبرانية يمكن أن يردع الواليات‬
‫المتحدة ودول أخرى‪ ،‬بينما ال تحتاج الواليات المتحدة الى ردع الدول األخرى عبر الفضاء‬
‫اإللكتروني ‪ .‬كونيا تحقق الردع فعمياً من خالل القوة العسكرية‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫‪ - - 2‬نامراتا جوسوامً‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ‪Treaty on principles Governing the 61‬‬
‫‪Activities of States in the Exploration and Use of Outer space. Including‬‬
‫‪the Moon and other Celestial Bodies. September 14, 2018 Available .at‬‬
‫‪. link: https://bit.ly/2ogh Nq3. The date visit at 29 March 2021‬‬
‫وتسعى الصين والدول غير الصديقة لمواليات المتحدة الى االعتماد عمى شبكات الكمبيوتر‬
‫واالتصاالت لتعطيل القوات األمريكية والقوات الحميفة في مسرح الحرب وىذا يعني تفويض حرية‬
‫العمل األمريكية في السواحل وربما المحيطات التي تتواجد فييا‪ .‬والصين تطمح إلى الوصول‬
‫لمصناعة والتقنيات االستراتيجية الموازية ( ‪ )offset‬لمواليات المتحدة االفتراض الوحيد األساسي‬
‫الذي تقوم عميو استراتيجية الموازية الثالث أن العامل االقتصادي والصناعي والتكنولوجي يعتبر‬
‫أساس قوة الواليات المتحدة ‪ .‬التي يمكن تسخيرىا لمتغمب عمى مزايا الخصوم المحتممين‬
‫والصعوبات المالزمة المرتبطة بالجيش "‪.1‬‬

‫‪ - 1‬وثائقٌة دي دبلٌو‪ ،‬مصدر سبق ذكره ‪.‬‬

You might also like