Professional Documents
Culture Documents
موقف الفكر العربي المعاصر من الحضارة الغربية بين السلب والإيجاب
موقف الفكر العربي المعاصر من الحضارة الغربية بين السلب والإيجاب
السلب واليإجاب
د .جيللي بوبكر
جامعة حسيبة بن بوعلي /الشلف
مقدمة
ارتبطت علقاة العرب والمسلمين بالغرب وبحضارته فححي عالمنححا الحححديث
والمعاصر بظروف تاريخية وثقافية وسياسية واقاتصححادية واجتماعيححة ،تناولهححا
الفكر العربي والسلمي فحي سححياق جدليحة النأحا والخآححر ،النأحا يمثححل الححذات
العربية والسلمية التي تعيش التخللف بمختلف صوره وفححي أقاصححى درجححاته،
والخآر يمثل الغرب الوروبي وأمريكا الشمالية وفيهححا أمححم تمتلححك الحضححارة
وتحتكر شروطها ،تعددت وتنوعت المواقاف في فكرنأا العربي المعاصر تجححاه
الرقاي الحضاري الحديث والراهن ،حسب تعدد وتنححوع اسححتجابات المفكريححن
والباحثين العرب والمسلمين للفكر الغربي ولتوجهاته السياسية والقاتصححادية
والدينية وغيرها ،التي أخآذت طابعا إيديولوجيا اتسححم بالشححمولية وتجل لححى فححي
العولمة بأبعادها وتداعياتها التي تنفذه بواسطة آليات شتى ،في هذا السححياق
ييطرح سؤال طبيعة الموقاف الفكري العربي المعاصر من الحضارة الغربيححة،
ل لنأه يرتبط بسؤال النهضة والتأسيس لها في سياق علقاة النأا فكححرا وتاريخححا
وثقافة وحضارة بالخآر.
-1ممليزّات الحضارة الغربية
الحداثة مفهوم واسع يدل على اتجاهات ومواقاف وأعمال نأقدية كثيرة في
المجتمع والدين والخآلق والدب والسياسة والعمران وغيره ،كما يححدل علححى
جهححات جديححدة إنأكار دور التقليد والتقاليد والماضححي والحححرص علححى إيجححاد تو ل
وي دور الفححرد وتؤكححد حريتححه، تلغي المطلق المقدس في النظر والعمل وت يقحح ل
والحداثة هي حركححة نأقديححة مناهضححة لتقاليححد الكنيسححة الرومانأيححة الكاثوليكيححة
نأشأت في بلدان أوربا الغربية وفي الوليات المتحححدة المريكيححة فححي القححرن
التاسححع عشححر الميلدي ،دعححت الحركححة إلححى إعححادة قاححراءة وتفسححير الححدين
والنصوص الدينيححة مححن منظححور تححاريخي علمححي سححيكولوجي فلسححفي عرفححه
القرن التاسع عشر ،وتناول الدين ونأصوصه برؤيححة نأقديححة صححارمة وفاحصححة،
المحر الحذي جعحل الكنيسحة الرومانأيحة الكاثوليكيحة يتحدين رواد هحذه الحركحة
وتعتبرهححا خآارجححة علححى قا ليححم النصححرانأية ومبادئهححا .أمححا فححي الحيححاة الدبيححة
ن مفهحوم الحداثحة يختلحط بمفحاهيم أخآححرى والمعمارية والجتماعية عامحة فحإ ل
كثيرة منها التنمية والتحديث والمعاصرة والتجديححد والتقححدم وغيرهححا ،ويظهححر
هذا الخلط بجلء في الخطاب الفكري الثقافي العربي السلمي ،بين مفهوم
المعاصرة التي تدل ضمنيا علحى التطححور والتجديححد والتحححديث وبيححن الحداثححة
التي هي فكر نأقدي غربي لما هو ديني كنسي.
ارتبطححت الحداثححة بالحقبححة التاريخيححة الححتي عرفهححا القححرن التاسححع عشححر
الميلدي ،حيث عرفت قا ليم الحداثة أوجها في النظححر والعمححل ،وكححان للعححرب
والمسلمين دور كبير في التأسيس والتأصيل للفكر الحداثي حتى قايححل":ولححو
لم يظهر العرب على مسرح التاريخ لتأخآرت نأهضة أوربا الحديثة عدة قارون"
وة عطححاء هححذه الحقبححة ،اخآتلححف .1وتمليححزّت الحداثححة بصححفات طبعححت بقحح ل
المفكرون في التعبير عن هذه الصفات وعن أسبابها ونأتائجها ،فالحداثة تعني
النهوض بشروط العقححل والنقححد ولححوازم التقححدم وأسححباب التحححرر ،فححاقاترنأت
الحداثحححة بالعقلنأيحححة والحححروح النقديحححة وبالزدهحححار العلمحححي والتكنولحححوجي
والجتماعي وبالحرية والديمقراطية والتعددية ،وتعني من وجهة نأظححر أخآححرى
ممارسة النأسان لسحيادته بواسححطة العلحم والتقنيححة فحي المسحتويات الثلثححة
الطبيعة والمجتمححع والححذات ،وتعنححي لححدى البعححض طلححب الجديححد فححي النظححر
والعمححل والحيححاة عامححة والعقلنححة وحقححوق النأسححان وقاطححع الصححلة بالححدين.
والحداثة كحركة نأقديححة ظهحرت بحذورها الولحى فحي القحرن السحادس عشحر
والقرن السابع عشر من خآلل الصراع الذي قاام بيححن السححلفيين والمجححددين
واستمر هذا الصراع حتى القرن التاسع عشححر وانأتهححى بغلبححة أنأصححار الحداثححة
والتحديث وارتبط ذلك تاريخيا وحضححاريا عححبر ثلثححة قاححرون ومححن العديححد مححن
التحولت الستراتيجية الكبرى أهمها النهضححة فححي إيطاليححا و الصححلح الححديني
في ألمانأيا والثورة العلمية والثورة الصناعية في انأجلترا و الثححورة الفرنأسححية،
هححذه التحححلولت أفححرزت المبححادئ الساسححية للحداثححة والتحححديث ،وأهححم هححذه
المبادئ مبدأ الرشد الفكري وعدم التبعية للغير ومبدأ النقد الذي يقوم علححى
التعقيل والتفصيل أو التفريق ومبدأ الشمول ومبححدأ التوسححع ومبححدأ التعميححم،
جلت في انأتشار الحداثة وتوجهاتها في الغححرب الوربححي وفححي هذه المبادئ ع ل
الوليات المتحدة المريكيحة وفحي مختلحف أقاطحار العحالم إذ ص ارت الحداثحة
وتوجهاتها السبيل الوحيد للخروج من التخلف وبلوغ التقدم والزدهار.
ن الحداثححة ليسححت مفهومححا سوسححيولوجيا بحتححا وليسححت يتضح مما سححبق أ ل
مفهوما سياسيا محضا وليست مححدلول تاريخيححا صححرفا ولكنهححا ميححزّة حضححارية
تعارض صبغة التقليد ،وهي كمدلول حضاري تتركب من عدة مقومات يختححل
مدلولها عند غياب أي مقوم من مقوماتها ،ومقوماتها هي العقلنأيححة والنقديححة
والحرية والعلمية والعلمانأية والتعددية وكل هذا يقوم على التححوجه الليححبرالي
الذي يقوم على اليمان الراسخ بالنزّعة الفرديحة القائمححة علحى حريحة الفكححر
والتسححامح واحححترام كرامححة النأسححان وضححمان حقححوقاه فححي الحيححاة واعتبححار
المساواة هي أساس التعاون وهي منطلق لحترام الفراد ولضمان حريتهححم،
ويغيححب دور الدولححة فححي تحديححد العلقاححات الجتماعيححة وفححي ضححبط النأشححطة
القاتصححادية إ ل ل فححي حالححة الخآلل بمصححالح الفححرد والمجتمححع .ومححن الناحيححة
السياسححية يقححوم التححوجه الليححبرالي علححى تكريححس سححلطة الشححعب وتحقيححق
سيادته عن طريق التعددية السياسية وتعدد الحزّاب والمنظمات والجمعيات
وتعدد البرامج وغيرها وعن طريق القاتراع العام ،وذلك من أجل التعبير عححن
إرادة أفححراد المجتمححع والتخلححص مححن الفسححاد واحححترام مبححدأ التححداول علححى
السححلطة والحكححم ومبححدأ الفصححل بيححن السححلطات وخآضححوع هححذه السححلطات
للتعديل لضمان الحريات الفردية والحد من المتيازات الخاصة ورفض العمل
والممارسة بعيدا عن المؤسسات المعبرة عن إرادة الشعب برمته ،وهذا مححا
ن الليبرالية تححوجه يعتمححد علححى قاي لححميعرف بدولة القانأون والمؤسسات ،بما أ ل
حرية الفكر والرأي والتعحبير والتسححامح واححترام الخآححر والصحغاء إليححه فإلنأهحا
تحترم مبادئ السححلم العححالمي ،حقححوق النأسححان ،الحفححاظ علححى البيئححة ،نأححزّع
أسححلحة الححدمار الشححامل ،احححترام وتطححبيق قاححرارات الشححرعية الدوليححة فححي
النزّاعات ،وتشجع على العولمة وعلى الحوار بيححن الحضححارات وبيححن الديححان
لتشمل إشكاليات معرفية وعلمية ،فتتحدد العلقاة بيححن الحداثححة وغيرهححا مححن
التوجهات الثقافية والدينية والتاريخية لشعوب العالم فيحصل التأثير المتبادل
بين الحضارات ويستفيد الجميع من الحضارة الحديثة والمعاصرة.
المتأمل في واقاع الفكر الليبرالي الذي تبنى الحداثة بكافة أنأماطهححا وتبن لتححه
قاححد عححرف انأتشححارا كححبيرا فححي العححالم أجمححع أثنححاء العقححود السححابقة ،ونأظححرا
للتواصل الفكري والثقححافي والسياسححي مححع الغححرب انأتشححر الفكححر الليححبرالي
الحداثي في العالم العربي والسلمي المعاصر ،من خآلل عدد من المثقفين
والباحثين والمفكرين الذين تشبعوا بأفكار الحداثة والليبرالية وحرصححوا علححى
نأقلها وزرعها في أوساط الجماهير العربية والسححلمية لنأتهاجهححا فححي الحيححاة
الثقافية والسياسية والقاتصادية وغيرها ،وتبنت العديد من الجهححات الرسححمية
الحكومية فححي العديححد مححن دول العححالم العربححي والسححلمي الحداثححة والفكححر
الليححبرالي بعححد تحررهححا مححن السححتعمار ،ولمححا كححانأت تلححك الححدوائر الرسححمية
والجهات الحكومية قاريبة من الستعمار والغرب ،لكن من جهة أخآححرى لقيححت
حركة الحداثة والليبرالية معارضة شديدة من طرف تيارات إسلمية وأخآححرى
قاومية عربية وقاومية اشتراكية ،ولم تكن هناك قاناعة تامحة بالنأتمحاء الفكححري
للحداثة ولليبراليححة لححدى الكححثير مححن أبنححاء الشححعوب العربيححة والسححلمية ،إل ل
النخبححة الححتي درسححت فحي الغحرب واطلعحت علحى تراثحه وثقحافته وحضحارته،
وقاامت محاولت عديدة لطمس الهوية الدينية والثقافية والتاريخية والقوميححة
والعمل على إجبحار الشحعوب بتمثحل الفكححر الليحبرالي وثقافحة الحداثحة علحى
النمط الغربي وتسييسها بالفكر الليبرالي ونأهج الديمقراطيححة ،وقاححام الصححراع
ده فححي الفكححر العربححي السححلمي بيححن أنأصححار الليبراليححة والحداثححة علححى أشحح ل
ومعارضيهم من السلميين وغيرهم ،وأما هذا الجححدل الواسححع حححول مفححاهيم
الحداثة والليبرالية والعروبة والسلم وغيرهححا فححي الفكححر العربححي السححلمي
المعاصححر لححم يحححدث أيل تغييححر ي يححذكر فححي جححدوى الححدللت والقيححم الفكريححة
والفلسفية الضرورية للنهضة الصلحية ،وذلك لغلبة الشعارات الدعائية على
الطروحات المقترحة هذه الشعارات التي ل يعنيها أن تتحقق فححي الواقاححع أو
حتى السعي نأحو تحقيقها في المستقبل مادام الغرب هححو الوجهححة والمصححدر
والنأتماء ومصلحته فوق كل اعتبار.
مححع مححرور الححوقات اشححتد الخآتلف واحتححدم الصححراع بيححن أنأصححار الحداثححة
والليبرالية وبين معارضيها في المجتمعات العربية والسلمية وهي مجتمعات
تراثية تاريخية تعيش علححى الماضححي ول يمكنهححا التخلححي عنححه ،ومححن التيححارين
الثنين التيار الليبرالي والتيار السلفي ظهر تيار آخآر يحاول من جهتححه تجححاوز
أزمة التخلف وحححل إشححكالية الحداثححة بمنهححج يجمححع بيححن الليبراليححة والحداثححة
والتراث ،ويركب ويوحد بين التراث والوافد ،وقاامت دعوات عديدة تدعو إلى
ن التراث وحده يكفي ،وبححالموقاف الححذي يححرد الحلححول عدم الكتفاء بالقول بأ ل
كلها إلى التراث الروحي الديني ،الكتاب والسنة ،السححلم عقيححدة وشححريعة،
فالقول يكون صحيحا والموقاف يكون سديدا فححي حالححة واحححدة هحي الجتهحاد
في قاراءة التراث واستثماره من غير تعصب للفرق والمذاهب الححتي يعتبرهححا
الكححثير مححن المهتميححن بدراسححة الححتراث فرقاححا ومححذاهب ذات أبعححاد سياسححية
وصححراعاتها حزّبيححة ،وفححي حالححة التحححرر مححن تححأثير السياسححة فححي الححرؤى
الستشرافية وفي التوجهححات نأحححو قاضححايا الحاضححر والمسححتقبل بححروح نأقديححة
تعتبر المقاصد والمصالح ،في هذه الحالة يمكن العتماد على السلم عقيدة
وشريعة لن التراث في هذه الحالة يصبح ل يمثل ما تركه لنححا السححلف مححن
م التوصححل إليححه مححن اجتهادات بل يمثل بالضافة إلى ما تركه السلف مححا تحح ل
اجتهادات تتمثل في حلول لمشكلت الحاضر والمسححتقبل ،فيجتمححع الماضححي
والتراث بالحاضر والعصرنأة أي اجتهاد الماضي باجتهاد الحاضر.
ن بذل الوسع والعطاء في التوحيد بين ما هو فححي الماضححي وبيححن مححا هححو إ ل
في الحاضحر يمثححل الدللحة الحقيقيحة لمعنححى التجديححد ،وحسحب تصححور بعحض
ن التجديححد المححراد فححي السححلم الححذي المفكرين المعاصرين للموضححوع هححو أ ل
يتناول ما جاء به السلم ببيان ما جاء في العقيدة والشريعة للنححاس ،أمححا مححا
جاء خآارج العقيدة والشريعة من العلححوم والمعححارف والفكححار والمناهححج فححي
السياسة والقاتصاد والبحححث العلمححي والصححناعات فهححذه ل صححلة لهححا بمعنححى
التجديد بالمدلول الفقهي السلمي ،ول صلة لهححا بححالتراث السححلمي كححتراث
خآاص بالمسححلمين وملححك لهححم حححتى وإن كححانأت مححن إنأتححاج أسححلفهم ،فإنأتححاج
أسلفهم في ميادين العلوم العقلية والتجريبية والفنون والصناعات هححو جححزّء
من التراث النأسانأي العالمي ،هو إسهام حضححاري للسححلف وحضححارتهم فححي
التراث النأسانأي الحضاري العام ،وارتباط التراث الحضححاري النأسححانأي العححام
فححي ميححدان الفلسححفة والفححن والدب والعلححوم والمناهححج والنظححم السياسححية
والقاتصادية والجتماعية يبقى دومححا متصححل بالماضحي ،وإذا كححان الححذي يطبححع
ن الشححرعية العلميححة العصر الراهن هو حصول التقدم بوتيرة سريعة جححدا فححإ ل
يتضفى على العلوم الرياضية والتجريبية من خآلل أخآطاء العلم والمححر نأفسححه
في العلوم النأسانأية والجتماعية ،لن تاريخ هذه العلوم هححو تاريححخ لنظريححات
ومواقاف لم تعد مشروعة في عصرنأا ،تجاوزها العصححر وأصححبحت تراثححا ،هححذا
ينطبق على جميع العلوم التراثية اليونأانأية والعلححوم مححا قابححل اليونأححان وعلححوم
العصور الوسطى وعلوم العصر الحديث ،مما يححدل علححى عححدم وجححود معنححى
للتجديد بالمفهوم السلمي في المجال العلمي العقلي والطبيعي والنأسانأي
لرتباط التفكير العلمحي بالنأس انأية ماضحيا وحاضحرا ومسحتقبل علحى الحدوام،
ولرتباطه بالتراث النأسانأي العام كللما أصبح في الماضي.
الحداثة حسب المنظور التوفيقي في الفكر العربي السلمي وفححي تنححاول
الجانأب الروحي الديني يدعو أصحابها إلى الجتهاد في القديم والحرص على
ن الحداثححة فححي حقيقتهححا تجاوزه بواسطة التحرر مححن عوائححق التقححدم فيححه ،ل ل
انأقلب على التراث القديم لبداع تراث جديد ،وهي في عصرنأا في العلححم أو
في غيره من حقول المعرفة والفكر وفي مجالت الحيححاة عامححة ل ارض لهححا
ول تقبل النأحصار ،فهي كاسحة وغازية إن لم يسححتوعبها النأسححان وأخآححذ بهححا
أخآذته ،وإن اعتزّلها اعتزّلته ورمت به خآارج الحاضححر والمسححتقبل ،والتجححاوب
مع الحداثة ل يعني البتة العراض عن الححتراث والسحقوط الحححر فحي أحضحان
الحضارة المعاصرة التي هحي حضحارة الخآحر ،فالنأتظحام فحي الحتراث شححرط
تأسيس وتأصيل الحداثة ،ويححدعو الكححثير مححن المفكريححن فححي العححالم العربححي
المعاصر إلححى إعححادة بنححاء العلقاححة مححع الححتراث مححن منظححور حححداثي وبكيفيححة
حداثية ،فالحداثة المطلوبة هي تلححك الححتي تبححدأ باحتضححان الححتراث واسححتيعابه
وإعادة قاراءته وإحداث جملة من الفواصل بين الحاضححر والماضححي للوصححول
إلى تراث جديد مرتبط بالتراث القديم على أساس الذاتية والهوية والمحلية،
ومستقل عنه ومتصل بالعصر وبالنأسانأية على أسححاس الشححمولية والعالميححة،
ن هذا الخآيححر قاححد تححزّداد
ويخلص مفكرو العالم العربي والسلمي المعاصر بأ ل
المسافة طول واتساعا بينه وبيححن الحداثححة إذا مححا أعححرض عنهححا كليححا فححترميه
ن الحداثة أصبحت أساس الحيححاة خآارج العصر وخآارج الحاضر والمستقبل ،ل ل
في كل مجالتها ،الحداثة في الفكر والثقافة والفلسفة والعلم وفي السياسة
والقاتصاد وفي الحياة الجتماعية عامة ،فهي ضرورية لنأتاج المعرفة ولنأتححاج
التقانأة ولنأتاج المؤسسات التي تحمي حقوق النأسان وتحقق ممارسححة هححذه
ن الحداثححة صححارت مفروضححة الحقوق والحريات الفردية والجتماعيححة ،وبمححا أ ل
على الجميع باعتبارها السبيل الوحححد لمسححايرة الركححب الحضححاري المعاصححر
ولربط الحاضر بالمستقبل ،المستقبل الححذي يجححب أن يكححون للعححالم العربححي
والسلمي حضورا إيجابيا فيه ومن صححانأعيه ،وكححان للعححرب والمسححلمين مححن
قابل الدور الكبر فححي السححهام التححاريخي والحضححاري فححي أوربححا فححي العصححر
الوسيط في غربها وفي شرقاها" ،أما صقلية فاستولى النورمانأديون في سنة
1092ميلدي عندما حللوا محل العححرب .مححع ذلححك وظ لححف الملححك النورمانأححدي
روجر الثانأي العلماء العرب في بلطه وشجع عليهم وتألثر ملوك النورمانأديين
بالثقافة السلمية الزّاهرة ،فوصلت صقلية إلى ذروتها في حكم جيححوم الول
وابنه روجر".2
خآاتمة
ن الفكر العربي والسلمي له امتداد فححي التاريححخ البعيححد يتضح مما سبق أ ل
والقريب ،وله طابعه الخاص في التكوين والبنية ،وثري بالعناصر والمواقاححف،
ووليد ظروف النأتصار وأوضححاع النأكسححار ،اللمححام بححه جميعححا تحليل وتفصححيل
وتدقايقا ليس بالمر اليسحير ،لسحعته وانأبثحاثه ف ي أحقحاب الزّمحان والمكحان،
وفكرنأا العربي والسلمي الراهن سليله ،له مواقاف مححن الماضححي والحاضححر
دياته في مشرق العرب وفي مغربه ،مححن والمستقبل ،من الواقاع الراهن وتح ل
ثقافة الغرب وحضارته ،من دللت النهضة الوروبية وقاليم الحداثة ،من أبعححاد
العولمحة وتحداعياتها فحي العحالم وض غطها ف ي الزّمحان والمكحان ،محن أزمحة
التخ للف في عالمنا العربي والسلمي المعاصححر ،مححن سححؤال النهضححة :لمححاذا
دم غيرهم؟ ،تأسسححت مححواقافه علححى مرجعيححات خآر العرب والمسلمون وتق لتأ ل
شتى أبرزها الححتراث والحدين والتاريحخ والثقافحة والواقاحع ،وهحي مواقاحف محن
الغححرب وحضححارته وثقححافته تعححددت وتنححوعت بتعححدد وتنححوع أصححول ومصححادر
وعناصر وآمال وآفاق الفكر العربي ذاته ،فهي مواقاف قابول ورضححا أو رفححض
واعتراض أو جمع وتوفيق ،ويتميزّ كل منظور في هذه المواقاف بتعدد وتنوع
جهاته وتبريراته وتطللعاته وأهدافه ،وتعلبر هذه التوجهات داخآل مواقافها في تو ل
عن علقاة النأا بالخآر ،العلقاة التي تحكمها صورة النأا في عين الخآر وصورة
الخآر في عين النأححا ،وهححي علقاححة صححراع وعححداء مححوروث وراهححن لححدى أكححثر
المواقاف في فكرنأححا العربححي والسححلمي المعاصححر علححى الرغححم مححن الطححابع
الحواري والتعاونأي الذي يمليزّ الواجهة السياسححية والدينيححة والقاتصححادية لححدى
ن جدل النأا والخآر الذي يحدد صورة الخآر في عين النأا مطحروح البعض ،لك ل
سححلبا ل إيجابححا فححي فكرنأححا العربححي الراهححن ،علححى مسححتوى الند ليححة أو علححى
المستوى الحوار أو على مستوى البحث والدراسة دراسة الخآر كموضوع ،أو
على سححبيل تححبرير الواقاححع الراهححن وثنائيححة التقححدم والتخل لححف ،أو علححى سححبيل
داعمة للنأحطاط والمؤليدة لستمراره والمؤلبححدة لموانأححع التجديححد المؤامرة ال ل
الحضاري ،فل سبيل للتخلص من ظواهر فكرنأا العربي المعاصححر السححلبية إل ل
بمشروع حضاري يقفزّ علحى الطححرح السححلبي لصححلة النأححا بححالخآر إلحى طححرح
علمححي منهجححي تحليلححي نأقححدي يلتقححي فيححه السياسححي والمثقححف والمسححلم
مححه حححال المححة ويعنيححه نأهوضححها ،يبحححث المححوروث والمسححيحي وكححل فححرد يه ل
ديات الواقاع.والوافد ،ويتعاطى بإيجابية مع تح ل
الهوامش:
-1محمد الخطيب :حضارة أوربا في العصور الوسطى ،دار علء الدين ،دمشححق ،سححوريا،
،2006ص .208
-2عبد الرحمن بدوي :دور العرب في تكوين الفكححر الوربححي ،دار القلححم ،بيححروت ،لبنححان،
.1979ص .9
-3جيللي بححوبكر :الححتراث والتجديححد بيححن قاي لححم الماضححي ورهانأححات الحاضححر ،عحالم الكتحب
الحديث ،الردن ،2011 ،ص .175
-4جيللي بوبكر :العولمة مظاهرها وتداعياته نأقد وتقييم ،عححالم الكتححب الحححديث ،الردن،
،2011ص .85
-5جيللي بوبكر :أصحول الفقحه فحي الفكحر السحلمي الححديث والمعاصحر ،عحالم الكتحب
الحديث ،الردن ،2011 ،ص .123
-6حسن حنفحي :النظحر والعمحل ،دار الفكحر المعاصحر ،بيحروت ،لبنحان ،2003 ،ص -156
.157
-7جيللي بوبكر :الحتراث و التجديحد بيححن قاليحم الماضحي ورهانأحات الحاضحر ،ع الم الكتحب
الحديث ،الردن ،2011،ص .58
-8حسن حنفي :حصححار الزّمححن ،إشححكالت ،منشححورات الخآتلف ،الححدار العلميححة للعلححوم،
لبنان ،2007 ،ص .414
-9المرجع نأفسه :ص .429
-10حسن حنفي :هموم الفكر والوطن ،الجزّء الثانأي ،درا قابححاء للطباعححة ،مصححر،1998 ،
ص .155
-11حسن حنفي :مقدمة في علم الستغراب ،المؤسسة الجامعية للطباعة ،بيروت،
لبنان ،2000 ،ص .13