Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 9

‫‪ ‬مقدمـــة ‪:‬‬

‫منذ دخول االستعمار الفرنسي للجزائر و هو يحاول القضاء على هيئة الشعب الجزائري ومقاومة‬
‫شخصيته بشتى الوسائل و الطرق ‪ ،‬لكن الشعب الجزائري كان دائما يرفض هذه السيطرة ويقاوم‬
‫السياسات الفرنسية القمعية ‪ ،‬ففي بداية األمر كان النضال عسكريا لقيادة البطلين االمير عبد القادر‬
‫في الغرب و احمد باي في الشرق ‪ ،‬ثم انتقل األمر بعدها الى المقاومات الشعبية و التي حصرت‬
‫في المناطق القبلية تحت قيادة زعماء تلك الزوايا ‪ ،‬لتبدأ بعد ذالك فترة النضال السياسي المنظم‬
‫وبالضبط في فترة الثالثينات من القرن الماضي اذ دشنت تلك الفترة بظهور اتجهات و أحزاب‬
‫سياسية كانت تنشط و تطالب بحقوقها و حقوق الجزائريين داخل وخارج الوطن في االستقالل و‬
‫غير ها من الحقوق بطرق منظمة سياسية سلمية في حيز جهادي سياسي عرف بالحركة الوطنية‪.‬‬
‫وبعد الحرب العالمية الثتنية تفننت فرنسا في نكران الجميل من خالل نهب خيرات الجزائر و‬
‫استغاللها ماديا و بشريا بل وحتى السخرية و التعدي على أهم مقوماتها ‪ ،‬لكن لم يتوقع اشد‬
‫المتشائمين ان يبلغ طغيان فرنسا و غدرها مستوى يمكنها من انتهاج طريقة اقل ما يمكن وصفها‬
‫انها اشبه بإبادة جماعية ‪ ،‬كيف ال وقد دونت بقلم الغدر و خيانة العهد صفحة حمراء اللون هي‬
‫األفظع من صفحات تاريخ الجزائر و البشرية جمعاء ‪ ،‬وهي صفحة مجازر الثامن من ماي‬
‫‪ ، 5491‬و التي استخلص منها الجزائريون دروسا و عبرا ‪ ،‬بما ان لكل فعل رد فعل فقد أدت‬
‫الظروف و األاوضاع السائدة على إعادة ضخ دماء جديدة في مسار النضال و عودة الحركة‬
‫الوطنية ‪ ،‬و قد حددنا موضوع إعادة بناء الحركة الوطنية الجزائرية كمحور لموضوع بحثنا و‬
‫الذي من خالله سنجيب على التساؤالت التالية ‪ :‬ماهي الظروف التي كان على اثرها بناء الحركة‬
‫الوطنية ؟ وفيما تتمثل أبرز التيارات التي قادتها ؟‬
‫‪ ‬العرض ‪:‬‬

‫‪ ‬نشاط الحركة الوطنية بعد الحرب العالمية الثانية ‪:‬‬


‫كشفت الحرب العالمية الثانية للجزائريين حقائق كثيرة ومنها ضعف فرنسا و انهزامها و امكانية‬
‫االستفادة من ظروف الحرب لتحقيق مطالبهم الوطنية ‪ ،‬وقد دفعت كثير من العوامل الى انتهاج‬
‫كل السبل لتحقيق مكاسب لصالح النضال الوطني ‪.‬‬
‫وكما ذكرنا سابقا فان آثار و انعكاسات الحرب الكونية الثانية كانت عميقة على الشعب الجزائري‬
‫‪ ،‬وعلى مسيرة الحركة الوطنية فقد أدى انهزام فرنسا المبكر و انتشار الدعاية األلمانية الى عقد‬
‫أمل عريض في ان يتحقق استقالل الجزائر ‪ ،‬وكان لترول الحلفاء ‪ ،‬وقد بادرت فرنسا المنتصرة‬
‫من جهة واحدة لسن إصالحات إلسكات مطالب الجزائريين دون جدوى ‪ ،‬وكان لسلوكها المشين‬
‫في تقتيل الجزائريين في عيد انتصار الحلفاء ضربة موجعة ليس للجزائريين فحسب ‪ ،‬فقد اكن‬
‫درسا استوعبه الوطنيون جيدا ‪ ،‬وقرروا من يومها التحضير لثورة مسلحة تحقق استقالل الجزائر‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬

‫‪ -1‬حركة احباب الحرية و البيان ‪: 1411‬‬

‫امتاز الوضع العام في الجزائر قبل ماي ‪ 5491‬بتحرك سياسي واسع لجميع الفئات الجزائرية ‪ ..‬فكانت‬
‫من بين أهم تلك الحركات و التي علقت عليها اآلمال حينذاك هي حركة "أحباب الحرية و البيان " التي‬
‫‪1‬‬
‫تمكنت من خلق وحدة وطنية جعلت اإلدارة الفرنسية تتخوف من عواقبها ‪.‬‬

‫على إثر صدور مرسوم ‪ 7‬مارس ‪5499‬م قام فرحات عباس وبعض رفاقه بتأسيس حركة جديدة أسموها‬
‫‪ :‬أحباب البيان و الحرية " يوم ‪ 59‬مارس ‪5499‬م وحدد منهجا للعمل يتلخص في التزام المبادئ التالية ‪:‬‬

‫المهمة العاجلة و األكيدة لهذه الحركة في الدفاع عن البيان السابق و تحقيق ما جاء فيه ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫نشر األفكار الجديدة التي هي روح حركة أحباب البيان ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫استنكار االستبداد و التنديد بالعنصرية و جبروتها ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫إسعاف كل ضحايا القمع و اإلضطهاد و القوانين االستثنائية ‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫إقناع الجماهير بمشروعية الحركة الجديدة و خلق تيار مؤزر للبيان ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ترويج فكرة إنشاء دولة جمهورية جزائرية مستقلة مرتبطة فدراليا مع جمهورية فرنسا جديدة‬ ‫‪-6‬‬
‫مناوئة لإلستعمار ‪.‬‬
‫خلق روح التضامن في الجزائريين من مختلف الفئات المسلمة و المسيحية و حتى اليهودية ‪،‬‬ ‫‪-7‬‬
‫وبث شعور المساواة و رغبة التعايش بينها في السراء و الضراء ‪،‬‬

‫‪ 1‬مقالتي عبد هللا ‪ ،‬المرجع في تاريخ الجزائر المعاصر '‪ ، )5419-5331‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر ‪ ،.2159 ،‬ص‬
‫‪574-573‬‬
‫‪1‬‬
‫دمحم الطيب العلوي ‪ ،‬مظاهر المقاومة ‪ 5419-5331،‬ط‪ ، 3‬وزارة المجاهدين ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬د‪/‬س ‪ ،‬ص ‪253-257‬‬

‫‪1‬‬
‫وقام فرحات عباس نفسه بتسليم دستور أحباب البيان و الحرية الى دار العمالية بقسنطينة ‪ ،‬ثم قام‬
‫باتصاالت عديدة مع مختلف الهيئات و األحزاب إلقناعها باالنضمام الى هذه الهيئة الجديدة ‪ ،‬فاستجابت‬
‫اليه جمعيات العلماء وفض الشيوعيون وقاموا بإجراء مقابل وأسوا منظمة جديدة أسموها أحباب‬
‫الديقراطية و الحرية للمطالبة باالدماج " أما جماعة حزب الشعب فلقد قال فغرحات عباس نفسه بأنه‬
‫استضاف مصالي الحاج في داره بسطيف عندما أطلق سراحه من معتقل المبيس في ماي ‪ 5493‬وناقشه‬
‫في الموضوع فأظهر له تشجيع مع التحفظ و االحتراز العتقاده و تأكده بأن فرنسا ال تذعن اال للقوة و ال‬
‫تعطى اال ما ينتزع منها انتزاعا ‪ ،‬وهذا يعني ان تأسيس جمهورية جزائرية متعاونة مع فرنسا و إن كان‬
‫يميل الى مصالي اال انه ال يعتقد ان فرنسا ستقبل ذالك أم ستفي به إذا ما أعطت وعدا بذالك ‪.‬‬

‫أما فرحات عباس فتماشيا مع فكرته التي تنبع و تبنى على مبدأ الثورة بالقانون ‪ ،‬كان يرى عكس ذالك‬
‫ويعتقد أن الشعب الفرنسي الذي قاسى الويالت طيلة أربع سنوات من االحتالل النازي سوف يسلم ال‬
‫محالة بمطالب شعب الجزائر العادلة ألنه سيكون قد تشبه بأفكار جديدة مالئمة للتطور العالمي الجديد و‬
‫سيستيقظ ضميره تحت سياط اإلرهاب النازي الهيتلري( نسبة الى أدولف هتلر )‪.‬‬

‫وهكذا سارت هيئة أحباب البيان على منهج البيان السابق و استجاب العلماء وزعما حزب الشعب‬
‫اإلعالن أحباب البيان ‪ ،‬مهمة اقناع األوروبيين بأن قضية الجزائر قضيتهم ‪ ،‬وان مصالح الجزائريين‬
‫هي مصالحهم ‪ ،‬وان إنشاء جمهورية جزائرية ديمقراطية سيتيح لهم ان يلعبوا دورا هاما في تدعيمها و‬
‫تطويرها ورغم كل ذالك لم يستجب اال قليل منهم الى ذالك ‪.‬‬

‫وفي أواخر سبتمبر ‪5499‬م عين ايف ساطينيو واليا عاما على الجزائر بدال من الجنرال كاترو ‪ ،‬وكان‬
‫سياسيا حاذقا و مطلعا على أوضاع الجزائر ‪ ،‬و العالم العربي بصفة عامة ‪ ،‬وفي عهد واليته حديثت‬
‫‪2‬‬
‫مجزرة اول وثامن ماي ‪5491‬م و التي سنتعمق في تفاصيلها من خالل المباحث الثادمة ‪.‬‬

‫‪ ‬مجازر ‪ 8‬ماي ‪: 1411‬‬

‫في يوم الثامن مايو ( االثنين ) من سنة ‪ 5491‬الذي صادف في سطيف يوم السوق ‪ ،‬فقد تميز بأحداث‬
‫عنف في سطيف خاصة ‪ ،‬ثم انتشرت منها الى مدن اخرى مجاورة وبعيدة ‪ ،‬وفي المظاهرات التي‬
‫نظمت هناك و الت ابتدأت بالقرب من الجامع الكبير اشترك فيها ما بين ‪ 7‬و ‪ 3‬آالف شخص ‪ ،‬و كانت‬
‫الكشافة تتقدم المظاهرات ‪ ،‬وكانت الهتافات تتعالى بحياة الجزائر المستقلة ‪ ،‬وكان أحد اطفال الكشافة‬
‫يحمل العلم الوطني ‪ ،‬وكان المتظاهرون يحملون باقة من الزهور لوضعها على فبر الجندي المجهول ‪،‬‬
‫وتقدمت المظاهر نحو هدفها حتى وصلت وسط المدينة و فجاة أطلقت رصاصة أصابت الطفل حامل‬
‫العلم فأردته قتيال في الحين ‪ ،‬فتقدم آخر و حمل العلم ‪ ،‬ولكن المظاهرة اعتراها شيئ من اإلضطراب‬
‫فانقسمت الى مجموعتين واحدة واصلت المسيرة الى هدفها ووضعت باقة الجندي المجهول ‪ ،‬و الثانية‬
‫انتشر أفرادها في شوارع المدينة و اشتبكوا مع من قابلهم من الفرنسيين وقد مات نتيجة ذالك عدد من‬
‫‪3‬‬
‫الطرفين ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫يحيى بوعزيز ‪ ،‬سياسة التسلط االستعماري و الحركة الوطنية الجزائرية ‪، 5419-5331-‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر ‪، 2117 ،‬‬
‫ص‪-‬ص ‪.552-555‬‬
‫‪3‬‬
‫أبو القاسم سعد هللا ‪ ،‬الحركة الوطنية الجزائرية ‪ ،‬ج‪ ، 3‬عالم المعرفة ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 5436 ،‬ص ‪231‬‬

‫‪2‬‬
‫تركت مجازر ‪ 3‬ماي ‪ 5491‬في قلوب الجزائريين جرخا ال يندم و حطمت آمالهم المتعلقة بوعود‬
‫فرنسا و الحلفاء بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ‪ ،‬و كانت أكبر صدمة تلقاها العمل السياسي‬
‫بتصدع الحركة الوطنية الجزائرية لكنها ظهرت قوية ومتماسكة في حركة أحباب البيان و الحرية‬
‫‪4‬‬
‫و لهذا وجد الجزائريون انفسهم في مرحلة جديدة تختلف عن المراحل السابقة ‪.‬‬
‫و بينما كان مهظم قادة األحزاب الوطنية مرميين في السجون و على رأسهم كل من ( فرحات‬
‫عباس ‪ ،‬مصالي الحاج ‪ ،‬دمحم البشير االبراهيمي ‪ ،‬و مجموعة كبيرة من المناضلين ظهر من جديد‬
‫الصالح بن جلول و بعض أنصاره ‪ ،‬و عادوا الى فكرة الدعوة لطبيق سياسة اإلدماج التي‬
‫أصبحت منبوذة ومرفوضة و ال تتماشى مع الفكر الوطني خاصة بعد التطورات الحاصلة و التي‬
‫أثرت ايجابيا على الوعي الوطني السياسي سواء للجماهير الشعبية او حتى للزعماء السياسيين و‬
‫‪5‬‬
‫بالتحديد فرحات عباس ‪.‬‬
‫خلقت الحرب العالمية الثانية و مجازر ‪ 8‬ماي ‪ 9154‬نتائج و انعكاسات كبرى على نضال‬
‫الشعب الجزائري ‪ ،‬و خاصة التطورات التي عرفتها التيارات السياسية و ما صحبها من نبذ‬
‫ألنصار مشروع االدماج و تأكيد على فكرة االستقالل ‪ ،‬وقد واجهت اإلدارة الفرنسية تطورات‬
‫المواقف بحزم و كيفت سياستها مع الجزائريين إصالحات شكلية ‪ ،‬و اجتهدت في تهميش‬
‫‪3‬‬
‫اإلصالحيين وقمع التيار الثوري ‪.‬‬

‫‪ ‬إعادة بناء الحركة الوطنية ‪:‬‬

‫في ‪ 4‬مارس ‪ 5496‬أصدر المجلس التأسيسي األول مشروع قانون العفو ‪ ،‬فأطلقت فرنسا سراح‬
‫السجناء السياسيين الجزائريين ‪ ،‬في مقدمتهم الشيخ البشير االبراهيمي وفرحات عباس ‪ ،‬و تأخر‬
‫إطالق مصالي الحاج الى شهر أكتوبر ‪ ، 5496‬فشرعوا في إعادة بناء احزابهم و جمعياتهم ‪،‬‬
‫فأسس فرحات عباس "حزب االتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري " ‪ ، 5496‬و أصدر مشروع‬
‫دستور "الجمهورية الجزائرية" قدمه يوم ‪ 4‬اوت الموالي الى مكتب المجلس التأسيس الفرنسي ‪.‬‬

‫و أسس مصالي الحاج "حركة انتصار الحريات الديمقراطية " التي تؤمن باستقالل الجزائر التام‬
‫عن فرنسا و تدهو اليه في صيف ‪، 5496‬و تأكد ذالك في مؤتمرها االول في فبراير ‪.5497‬‬

‫وحول الحزب الشيوعي الجزائري الى "اصحاب الحرية ألديمقراطية و قدم مشروع قانون أساسي‬
‫للجزائر الى البرلمان الفرنسي في ‪ 53‬مارس ‪ ، 5497‬نص خاصة على تقاسم السلطة بين‬
‫‪2‬‬
‫الجزائيين و المستوطنين ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫دمحم الطيب العلوي ‪ ،‬مظاهر المقاومة الجزائرية ‪ ، 5419-5331‬منشورات المتحف الوطني للمجاهد ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 5444 ،‬ص ‪227‬‬
‫‪ 5‬يحيى بوعزيز ‪ ،‬سياسة التسلط االستعماري و الحركة الوطنية الجزائرية ‪، 5419-5331-‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر ‪،‬‬
‫‪ ، 2117‬ص ‪557‬‬
‫‪3‬‬
‫مقالتي عبد هللا ‪ ،‬نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪574‬‬
‫‪2‬‬
‫بشير بالح ‪ ، ،‬تاريخ الجزائر المعاصر ‪ ،5434-5331‬ج‪ ، 5‬دار المعرفة ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 2116 ،‬ص ‪969-963‬‬

‫‪3‬‬
‫هذا وعرف إعادة بناء الحركة الوطنية نشاطا سياسيا مكثفا من قبل األحزاب و حتى الجمعيات بما‬
‫فيها جمعية العلماء المسلمين ‪.‬‬

‫‪ ‬النشاط السياسي في إعادة بناء الحركة الوطنية ‪:‬‬

‫‪ -1‬حركة اإلنتصار للحريات الديمقراطية ‪ MTLD‬نوفمبر‪:1491‬‬

‫بعد رفض اإلدارة اإلستعمارية بغث حزب الشعب من جديد‪ ،‬بسبب مطالبه الثورية قام أحمد‬
‫مصالي الحاج بعد عودته من المنفى بتغيير اسم حزبه بحركة اإلنتصار للحريات الديمقراطية و‬
‫التي حافظت على برنامج حزب الشعب ‪ PPA‬اإلستقاللية و الرافضة لإلدماج و الحلول الوسطى‬
‫و اإلصالحات الشكلية‪.‬‬
‫·توجه الحركة الجديد‪ :‬توجهت الحركة توجها جديدا اعتمد أسلوب المهادنة مع السياسة‬
‫االستعمارية ومن ذلك دعوة مصالي الحاج إلى المشاركة في االنتخابات وفكرة ضرورة النضال‬
‫الشرعي‪ ،‬مما أدى إلى جناح رافض لمسايرة السياسة االستعمارية وهو ما سيؤدي إلى إنشاء‬
‫جناح شبه عسكري في فيفري ‪ 9151‬أخذ اسم المنظمة الخاصة‪.‬‬
‫·برنامجها‪:‬‬

‫احتفظت الحركة بنفس برنامج حزب الشعب وعرف ببرنامج حركة االنتصار للحريات‬
‫الديمقراطية وتمحور حول أهداف معينة تمثلت خصوصا في العمل على إلغاء النظام االستعماري‬
‫وإقامة نظام وسيادة وطنية وإجراء انتخابات عامة دون تمييز عرقي وال ديني وإقامة جمهورية‬
‫جزائرية مستقلة ديمقراطية واجتماعية تتمتع بكامل الصالحيات‪.‬تربط الجزائر بمدها الطبيعي‬
‫العربي واإلسالمي واإلفريقي‪ .‬وكانت هيكلة وتنظم حركة االنتصار تعم كامل القطر الجزائري‬
‫‪1‬‬
‫بصفة محكمة وشاملة ‪.‬‬
‫·أزمتها‬

‫ظهرت األزمة داخل الحركة بصفة جلية منذ شهر أفريل ‪ 9141‬حين انعقاد مؤتمرها الثاني الذي‬
‫اتضحت فيه المسائل الجوهرية في النزاع بين اللجنة المركزية ومصالي الحاج وأنصاره‪ ،‬واتخذ‬
‫أعضاء المنظمة الخاصة موقفا معارضا للنزاع‪ ،‬وأكدوا على وحدة الحركة وضمان استقرارها‬
‫وحسب نص الالئحة الختامية للمؤتمر الثاني للحركة فقد‪ ،‬نتج عن أشغال المؤتمر قرار يقضي‬
‫بتحديد صالحيات رئيس الحركة وإدخال نوع من الديمقراطية داخل قيادة الحركة‪ ،‬واعتماد قرار‬
‫األغلبية‪ ،‬وكان مصالي يلح على منحه السلطات المطلقة لتسيير الحركة‪ ،‬وكان القرار الثاني هو‬
‫ابعاد أهم مساعدي مصالي من عضوية المكتب السياسي وهما أحمد مزغنة وموالي مرباح‪،‬‬
‫وانتخاب بن يوسف بن خدة أمينا عاما للحركة واختيار حسين لحول وعبد الرحمن كيوان‬
‫‪1‬‬
‫مجموعة من المؤلفين ‪ ،‬الموسوعة العربية العالمية ‪ ،‬النسخة اإللكترونية ‪ ،‬اعمال الموسوعة للنشر و التوزيع ‪ ،‬المملكة السعودية ‪( 2119 ،‬‬
‫األحزاب السياسية العربية – الجزائر )‬

‫‪4‬‬
‫مساعدان له‪.‬ولم يلبث مصالي الحاج أن رفض قرارات المؤتمر‪ ،‬وجاء في رسالة مصالي إلى من‬
‫مناضلي حركة االنتصار نزع ثقته من اللجنة المركزية وأشتد الصراع بين المركزيين‬
‫والمصاليين إذ تعنت كل طرف لموقفه وسينتج عن ذلك ظهور حركة جديدة باسم اللجنة الثورية‬
‫للوحدة والعمل التي ستعمل على التوفيق بين الطرفين دون جدوى إذ اجتمع أنصار مصالي في‬
‫مؤتمر للحركة ببلجيكا أيام ‪91-94-95‬جويلية ‪ ،9145‬واجروا تعديالت على هيكلة الحركة‬
‫واعتبر ذلك هو مؤتمر االنقسام النهائي للحركة حيث صدر قرار استبعاد القادة السابقين لحركة‬
‫‪2‬‬
‫االنتصار ‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري‪UMDA:‬‬
‫نشأته‪ :‬بادر فرحات عباس عند خروجه من السجن في أفريل ‪ 9151‬إلى تأسيس االتحاد‬
‫الديمقراطي للبيان الجزائري‪ ،‬واخذ بجمع المناضلين في إطار االتحاد وفق برنامج البيان‬
‫الجزائري‪ ،‬وانظم إليه كل المناضلين من النخبة الجزائرية الذين كانوا قد ساهموا في البيان‬
‫الجزائري‪ ،‬ومنهم المحامين من أمثال بومنجل وقدور ساطور‪ ،‬واألطباء مثل سعدان وابن خليل‬
‫وأحمد فرنسيس وغيرهم‪ .‬وأصدر عباس بيانا ندد فيه بالجرائم االستعمارية في مجازر ‪ 8‬ماي‬
‫‪ 9154‬وبين أنه بذل جهدا من أجل التعاون الفرنسي اإلسالمي‪ ،‬وبراءة أحباب البيان من تلك‬
‫الجرائم‪ ،‬وانهم نظموا مظاهرة سلمية‪ ،‬ولم يدعوا إال للسالم والهدوء واالتحاد والتفاهم المتبادل بين‬
‫األوربيين والجزائريين ‪.‬‬
‫·برنامجه‪:‬لقد ركز االتحاد الديمقراطي على محتوى البيان الجزائري‪ ،‬وأكد أنه يعمل على تحقيقا‬
‫لمساواة والحرية وأنه يرفض اإلدماج‪ ،‬واالنفصال عن فرنسا‪ ،‬ذلك أن الشعب الجزائري فينظره‬
‫حديث النشأة بالديمقراطية والعلوم والصناعة‪ ،‬يشترك مع أمة كبيرة حرة‪ ،‬ويحتك بديمقراطية‬
‫فرنسية عريقة‪ .‬وأكد أن هذا هو تصور حركته وتعبيرها‪ .‬واتخذ عباس احتياطاته من حركة‬
‫االنتصار‪ ،‬والعمل على التفاهم بين الجزائريين واألوربيين في إطاردولة حرة مرتبطة مع فرنسا‪.‬‬
‫ومن مطالب الحزب‪:‬‬
‫‪ -‬إنشاء جمهورية جزائرية مرتبطة بفرنسا فدراليا‪.‬‬
‫‪ -‬للغتين العربية و الفرنسية رسميتين فى الجمهورية الجزائرية‪.‬‬
‫‪ -‬يمثل فرنسا في الجزائر ممثل عام تقبل به حكومة الجزائر و يتمتع بصالحيات‬
‫‪1‬‬
‫استشارية‪.‬‬

‫‪ -3‬جمعية المسلمين الجزائريين ‪:‬‬


‫حافظت الجمعية على نشاطها اإلصالحي مركزة على توعية الشعب و الدفاع عن مقوماته فكانت‬
‫بمثابة الموجه الوحي للحركة الوطنية قادها البشير اإلبراهيمي في هذه المرحلة بسبب وفاة الشيخ‬
‫عبد الحميد بن باديس ‪ 9151/5/91‬و كان من أهدافها‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫بشير بالح ‪، ،‬نفس المرجع السابق ‪ ، ،‬ص ‪917‬‬
‫‪1‬‬
‫الموسوعة العربية العالمية ‪ ،‬نفس المرجع السابق ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مقاومة االمية وتربية التعليم الناشئة من خالل تأسيس المدارس العربية الحرة التي فاق‬ ‫‪-5‬‬
‫مجموعها حسب الشيخ البشير االبراهيمي ‪ 591 :‬مدرسة عام ‪ 5412‬احتضنت نحو‬
‫‪ 110111‬تلميذ من البنين و البنات ‪ ،‬وبلغ مجموع معلميها نحو ‪ 911‬معلم ‪ ،‬كانت الجمعية‬
‫تنفق عليها ‪ 71‬مليون فرنك سنويا من اموال االمة ‪ ،‬ولم تستوعب مع ذالك اال جزاء من‬
‫ثالثين جزءا من أطفال الجزائر ‪.‬‬
‫كما افتتحت الجمعية ‪ ،‬معهد "ابن باديس بقسنطينة عام ‪ 5497‬الستقبال التالميذ الذين‬ ‫‪-2‬‬
‫أكملوا مرحلة التعليم اإلبتدائي بمدارسها ‪ ،‬لتأهيلهم لميل شهادة التعليم المتوسط (األهلية )‬
‫بعد أربعة أعوام من الدراسة ‪ ،‬ليصبحوا معلمين ‪ ،‬أو مؤهلين التمام دراستهم بجامع‬
‫الزيتونة بتونس ‪ ،‬وقد استوعب المعهد الفا ‪ 5111‬من الطالب في مطلع الخمسينات‬
‫الماضية ‪ ،‬وفرت لهم الجمعية دار للسكنى تسع ‪ 111‬طالب ‪.‬‬
‫نشر الوعي الديني و االجتماعي و الثاقفة في أواسط الشبيبة و العمال وعامة الناس ‪،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫بواسطة الجرائد و المجالت و تنشيط مئات الجمعيات العلمية والخيرية و الدينية و‬
‫الرياضية ‪ ،‬اضافة الى ابراز عشرات النوادي ‪.‬‬
‫محاربة اآلفات االجتماعية ‪ ،‬كمعاقرة الخمور و تعاطي المخدرات ولعب القمار و التبطل‬ ‫‪-9‬‬
‫و احتقار المرأة ( كحرمانها من التعليم و الميراتث ) وغيرها ‪.‬‬
‫االهتمام بالنصف المهمل من المجتمع و هن االناث ‪ ،‬من خالل التوعية المسجدية و‬ ‫‪-1‬‬
‫التعليم الذي شمل في العام ‪ 5412‬نحو ‪ 530111‬بنت في مدارس الجمعية ‪.‬‬
‫مقاومة المنصرين بتبيين المنافذ التي يتسربون منها الى األمة ‪ ،‬و التصدي لهم بتقوية‬ ‫‪-6‬‬
‫المعاني الدينية في النفوس ‪ ،‬و القيام بحق هللا في البؤساء و اليتامى و المساكين على حد‬
‫‪1‬‬
‫تعبير الشيخ البشير االبراهيمي ‪.‬‬

‫‪ -9‬اصحاب الحرية و الديمقراطية ‪: ALD‬‬

‫أصحاب الحرية و الديمقراطية ‪ 1946‬هو الحزب الشيوعي سابقا لم يكن للحزب امتدادا شعبيا‬
‫بسبب ارتباطه باإلدارة الفرنسية و إنكاره لوجود أمة جزائرية و زهده في استقالل الوطن و من‬
‫مطالبه‪:‬‬
‫‪ -‬منح حريات ديمقراطية للسكان األصليين‬
‫‪ -‬ادخال التشريعات اإلجتماعية في البالد‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الكف عن اضطهاد العمال‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بالح بشير ‪ ،‬نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪375-371‬‬
‫‪2‬‬
‫الموسوعة العربية العالمية ‪ ،‬نقس المرجع السابق ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ ‬خـــاتمة ‪:‬‬

‫وختاما لما سبق ذكره من خالل هذا المقال الموجز نستنتج ان الحركة الوطنية الجزائرية عرفت‬
‫بعد الحرب العالمية الثانية و مجازر ‪ 8‬ماي ‪ 9154‬تطورات حاسمة ‪ ،‬تمثلت ‪ ،‬أساسا في إعادة‬
‫هيكلتها وفق برامج و معطيات جديدة تتسم بالثورية و التشدد في مواجهة اإلدارة الفرنسية ‪ ،‬و‬
‫كانت الرغبة جامعة لتحقيق و حدة الحركة الوطنية و تجسيد طموحات الشعب الجزائري ‪ ،‬لكن‬
‫االختالف بين أهم فصلين الحركة الوطنية "حزب البيان ‪ ،‬و حركة االنتصار وقف حائال أمام‬
‫تحقيق ذالك المطمح ‪ ،‬وقد كانت حركة االنتصار عازمة على أهدافها االستقاللية في الوقت الذي‬
‫ازداد فيه نشاط التيار االصالحي رسوخا ‪ ،‬ومع ذالك فإن اإلدارة الفرنسية لم تبادر الى سن‬
‫اصالحات حقيقية ‪ ،‬فقد كان دستور ‪ ، 9151‬يصب في خدمة المستوطنين الرافضين ألي اصالح‬
‫يحقق مطالب الحركة الوطنية ‪.‬‬

‫‪ ‬المراجع ‪:‬‬

‫أبو القاسم سعد هللا ‪ ،‬الحركة الوطنية الجزائرية ‪ ،‬ج‪ ، 1‬عالم المعرفة ‪ ،‬الجزائر ‪.9181 ،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫بشير بالح ‪ ، ،‬تاريخ الجزائر المعاصر ‪ ،9181-9811‬ج‪ ، 9‬دار المعرفة ‪ ،‬الجزائر ‪.6111 ،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫مقالتي عبد هللا ‪ ،‬المرجع في تاريخ الجزائر المعاصر '‪ ، )9145-9811‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الجزائر ‪.6195 ،‬‬
‫دمحم الطيب العلوي ‪ ،‬مظاهر المقاومة ‪ 9145-9811،‬ط‪ ، 1‬وزارة المجاهدين ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬د‪/‬س‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫دمحم الطيب العلوي ‪ ،‬مظاهر المقاومة الجزائرية ‪ ، 9145-9811‬منشورات المتحف الوطني للمجاهد ‪،‬‬ ‫‪-5‬‬
‫الجزائر ‪.9111 ،‬‬
‫مجموعة من المؤلفين ‪ ،‬الموسوعة العربية العالمية ‪ ،‬النسخة اإللكترونية ‪ ،‬اعمال الموسوعة للنشر و‬ ‫‪-1‬‬
‫التوزيع ‪ ،‬المملكة السعودية ‪.6115 ،‬‬
‫يحيى بوعزيز ‪ ،‬سياسة التسلط االستعماري و الحركة الوطنية الجزائرية ‪، 9145-9811-‬ديوان‬ ‫‪-7‬‬
‫المطبوعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر ‪.6111 ،‬‬
‫يحيى بوعزيز ‪ ،‬سياسة التسلط االستعماري و الحركة الوطنية الجزائرية ‪، 9145-9811-‬ديوان المطبوعات‬ ‫‪-8‬‬
‫الجامعية ‪ ،‬الجزائر ‪6111 ،‬‬

‫‪7‬‬
8

You might also like