Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 315

‫دولة ماليزيا‬

‫وزارة التعليم العايل (‪)KPT‬‬


‫جامعة املدينة العاملية‬
‫كلية العلوم اإلسالمية‬
‫قسم القرآن الكرمي وعلومه‬

‫التفاوض في القرآن الكريم‬


‫رسالة مقدمة لنيل درجة (الدكتوراه) يف القرآن الكرمي وعلومه‬

‫إعداد الباحث ‪ :‬محمد بن عيسى األحمدي‬

‫‪PTF103AH515‬‬ ‫الرقم اجلامعي‪:‬‬

‫تحت إشراف ‪ :‬الدكتور خالد نبوي سليمان حجاج‬

‫األستاذ املساعد بقسم القرآن الكرمي وعلومه ووكيل عمادة الشؤون الطالبية‬

‫كلية العلوم اإلسالمية‬

‫العام الجامعي ‪1434‬هـ ‪2013 -‬م‬


‫ا‬
‫ﮋﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﮊ‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ )(1‬سورة ص‪ ،‬اآلية ‪.29‬‬

‫ب‬
APPROVAL PAGE : ‫صفحة اإلقرار‬

_____________ ‫أقر بحث الطالب‬


:‫من اآلتية أسماؤهم‬
:The dissertation has been approved by the following

Supervisor Academic ‫المشرف على الرسالة‬

Supervisor of correction‫التصحيح‬ ‫المشرف على‬

Head of Department ‫رئيس القسم‬

‫عميد الدراسات العليا‬ Dean, Postgraduate Study

‫إقرار‬

‫ج‬
‫أقررُت بأّن هذا البحث من عملي اخلاص‪ ،‬قمُت جبمعه ودراسته‪ ،‬والنقل واالقتباس من املصادر‬
‫واملراجع املتعلقة مبوضوع البحث‪.‬‬

‫اسم الطالب ‪.-------------- :‬‬

‫‪-----------------‬‬ ‫التوقيع ‪:‬‬

‫‪-----------------‬‬ ‫التاريخ ‪:‬‬

‫د‬
DECLARATION

I herby declare that this dissertation is result of my own investigation, except where otherwise
stated.
Name of student: ------------------------------.

Signature: ------------------------
Date: ------------------------

‫ه‬
‫جامعة المدينة العالمية‬

‫إقرار بحقوق الطبع وإثبات مشروعية األبحاث العلمية غير المنشورة‬

‫حقوق الطبع ‪ © 2014‬محفوظة‬

‫حممد بن عيسى األمحدي‬

‫التفاوض في القرآن الكريم‬


‫ال جيوز إعادة إنتاج أو استخدام هذا البحث غري املنشور يف أّي شكل أو صورة من دون إذن‬
‫املكتوب من الباحث إّال يف احلاالت اآلتية‪:‬‬

‫ميكن االقتباس من هذا البحث والغزو منه بشرط إشارة إليه‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫حيق جلامع‪m‬ة املدين‪m‬ة العاملي‪m‬ة ماليزي‪m‬ا االس‪m‬تفادة من ه‪m‬ذا البحث مبختل‪m‬ف الط‪m‬رق وذل‪m‬ك‬ ‫‪-2‬‬
‫ألغراض تعليمية‪ ،‬وليس ألغراض جتارية أو تسوقية‪.‬‬
‫حيق ملكتبة اجلامع‪m‬ة العاملي‪mm‬ة مباليزي‪m‬ا اس‪m‬تخراج النس‪m‬خ من ه‪m‬ذا البحث غ‪m‬ري املنش‪m‬ور إذا‬ ‫‪-3‬‬
‫طلبتها مكتبات اجلامعات‪ ،‬ومراكز البحوث األخرى‪.‬‬

‫أكّد هذا اإلقرار ‪.--------------:‬‬

‫التاريخ‪-------------- :‬‬ ‫التوقيع‪-------------:‬‬

‫و‬
‫ملخص البحث‬

‫أمحد اهلل تعاىل‪ ،‬وأشكره‪ ،‬وأصلي وأسلم على رسوله اهلادي البشري‪ ،‬والسراج املنري وبعد‪:‬‬

‫فلقد أنعم اهلل تعاىل مبنه‪ ،‬وكرمه‪ ،‬ولطفه‪ ،‬وإحسانه‪ ،‬وعونه على الباحث بإعداد دراسة‬
‫بعنوان ( التفاوض في القرآن الكريم ) وكان موضوعها التعرف على التفاوض يف القرآن الكرمي‬
‫من خالل اآليات الكرمية اليت ذكرت جمريات أحداث ومواقف حصلت مع األنبياء عليهم السالم‬
‫ويستفاد منها أهنا جتري جمرى التفاوض ‪ ،‬وتضمن البحث بيان مفهوم التفاوض وأسسه‪ ،‬ومنها‬
‫األساس العلمي‪ ،‬والعاطفي‪ ،‬واألساس األخالقي‪ ،‬واملهاري‪ ،‬وجماالته‪ ،‬ومنها اجملال الرتبوي‪،‬‬
‫واالجتماعي‪ ،‬والدعوي‪ ،‬واجملال النفسي‪ ،‬وتوضيح أنواعه‪ ،‬وأساليبه‪ ،‬وكيفية استخدامها ‪ ،‬فيما‬
‫يتجلى من حديث القران الكرمي عنه‪ ،‬والتعرف على مراحل التفاوض‪ ،‬مؤّم ًال أن أتوصَل إىل إبراز‬
‫موضوع البحث ‪ ،‬وليعلم الناس بشمول العلوم اليت حواها الكتاب املبني‪ ،‬كما مت ذكر مناذج من‬
‫ثنايا القرآن الكرمي تعد من قبيل التفاوض‪ ،‬جرت بني األنبياء عليهم السالم ‪ ،‬وأقوامهم‪ ،‬ومت‬
‫إيضاح النتائج اآلنية للتفاوض وهي اليت تكون خالل التفاوض أو عند االتفاق ‪ ،‬وكذلك بيان‬
‫النتائج البعدية‪ ،‬على اختالف املدة الزمنية وكان بيان ذلك لعدد من املواقف املذكورة يف القرآن‬
‫الكرمي ‪ ،‬مث توضيح اآلثار املرتتبة على تطبيق التفاوض على الفرد ‪ ،‬واآلثار املرتتبة من تطبيقه على‬
‫اجملتمع ‪ ،‬وتعرض البحث الستخراج ما يتصل مبوضوع البحث من كتاب اهلل تعاىل مما حيتاج إليه‬
‫الناس يف فكرهم وسلوكهم ويف حياهتم املعاصرة‪ ،‬وقد تضمن البحث جمموعة من القضايا واملفاهيم‬
‫واآلداب املتعلقة بالتفاوض واليت حتتاجها األمة وتسمو هبا يف حياهتا وأصبحت ضرورة ماسة‬
‫ألفراد اجملتمع‪ ،‬سائًال اهلل تعاىل أن جيعل البحث خدمة لكتابه الكرمي وأن مين علينا باإلخالص‬
‫والسداد وبالعلم النافع والعمل الصاحل إنه كرمي جميب‪.‬‬

‫ز‬
The Abstract
I give praise and thanks to Allah the most High. I invoke the blessings and peace of Allah
upon His Apostle, the guide and warner and the illuminating lamp.
Allah the most High has indeed showered his favors, magnanimity, kindness, generosity
and aid upon the researcher to prepare this study entitled "Negotiation in the Noble Qur'an".
Its theme came to explore act of negotiation in the Noble Qur'an through its noble verses that
stated the course of events and attitudes that occurred to the prophets, blessings and peace be
on them and those events that can be understood to have taken the course of negotiation.
The research embodied an illustration of the concept and fundamentals of negotiation
including the scientific, emotional, ethical and technical rudiments. It also involved its aspects
including the educational, social, preaching and psychological fields, explaining its kinds and
methods and how they have been used according to what the Holy Qur'an has unveiled of
them in its discussion. The research further aimed to explore the stages of negotiation hoping
to portray its theme and for people to realize the comprehensiveness of the sciences embodied
by the Holy Book of Allah. Samples of negotiation that occurred between the prophets, peace
and blessings be on them, and their folks have been cited from the Holy Qur'an. Immediate
results of negotiation, which normally accrue from the act of negotiation or at a point of
agreement, were also outlined. Moreover, the posteriori results that vary according to the
length of time have also been stated, explaining a number of attitudes mentioned in the Noble
Qur'an. Subsequently, the resultant effects of applying negotiation to the individual and the
society were outlined.
The study has made attempt to derive all that which has to do with the research theme,
which people require from the Noble Qur'an with respect to thought and conduct in their
contemporary life. It finally embodied a set of issues, concepts and etiquettes relating to
negotiation and which the Islamic Ummah needs to uplift its life and which have become a
dire necessity for its members. I implore Allah, the most High, to render this research a means
of serving His Noble Book and to grant us sincerity, devotion, guidance, advantageous
knowledge and righteous deeds; for He is most Benevolent Ever-Responsive.

‫ح‬
‫إهداء‬

‫إىل والدّي الكرميني‪ ،‬حفظهما اهلل ورزقين بَّر مها‪.‬‬


‫إىل كِّل مسلم يستمسك بكتاب اهلل عَّز وجل ‪ ،‬وبسنة نبيه‬
‫الكرمي ‪ ،‬ويتبع سبيل املؤمنني‪.‬‬

‫ط‬
‫شكر وتقدير‬
‫احلمد هلل الذي بنعمته تتم الصاحلات‪ ،‬محدا يليق جبالله وعظيم سلطانه ‪ ،‬والصالة والسالم‬
‫على اهلادي البشري عدد ماذكر الذاكرون وعدد ما غفل الغافلون‪ ،‬وهلل الشكر واملّنة أوال وآخرا ‪،‬‬
‫على فضله ‪ ،‬وكرمي عونه‪ ،‬فهو سبحانه املنعم‪ ،‬علي بالتيسري إلجناز هذه األطروحة ‪ ،‬فتيّس ر العسري‪،‬‬
‫وتسهل الصعب ‪،‬وتفَّر ج اهلم ‪ ،‬فله سبحانه احلمد ‪ ،‬كما أشكر والدي الكرميني على فضلهما‬
‫ودعائهما وكرمي لطفهما‪ ،‬أسأل اهلل أن يرفعهما يف عليني ‪ ،‬ويعينين على برمها ‪ ،‬وشكري إىل‬
‫زوجيت الغالية وبنايت وأبنائي‪ ،‬عسى اهلل أن حيفظهم ويوفقهم ‪ ،‬ويسرين أن أخص بالشكر‪،‬‬
‫والعرفان باجلميل‪ ،‬جامعة املدينة العاملية ‪ ،‬على إتاحة فرصة مواصلة دراسيت يف صرحها التعليمي‬
‫الزاهر‪ ،‬متمثلة يف معايل مدير اجلامعة ‪ ،‬األستاذ الدكتور‪ /‬حممد التميمي ‪ ،‬وكافة القائمني على هذه‬
‫اجلامعة املباركة سائًال املوىل أن جيمع هلم احلسنيني‪ ،‬وكذلك أتقدم واخص بالشكر والتقدير‬
‫سعادة عميد الدراسات العليا‪،‬كما أتقدم بشكري لفضيلة شيخي الكرمي‪ ،‬سعادة األستاذ الدكتور‪/‬‬
‫أمحد نبيه ‪ ،‬على تفضله باإلشراف على هذه الرسالة‪،‬يف الفرتة األوىل ودعمه العلمي‪ ،‬واملعنوي ‪،‬‬
‫فقد منحين الكثري من وقته‪ ،‬وجهده‪ ،‬وتوجيهاته‪ ،‬وإرشاداته‪ ،‬القيمة‪ ،‬للسري بالدراسة حنو األفضل‬
‫سائًال املوىل العلي القدير أن جيزيه عين خري اجلزاء‪ ،‬كما يسرين ويشرفين أن اسطر الشكر والعرفان‬
‫باجلميل‪،‬لفضيلة الدكتور ‪ /‬خالد حجاج ‪ -‬حفظه اهلل ‪ -‬على إشرافه على الرسالة وتوجيهاته‬
‫ودعمه العلمي واملعنوي ‪ ،‬الذي كان له الدور البارز يف إجناز هذا البحث وإخراجه بالصورة‬
‫املرجوة فجزاه اهلل كل خري ‪ ،‬وال يفوتين أن أتقدم بالشكر إىل كل من تفضل مبساعديت ‪ ،‬ومد يد‬
‫العون يل ‪ ،‬يف إكمال موضوع البحث حىت هنايته ‪ ،‬ممن مل تسعفين الذاكره بذكرهم‪ ،‬فجزاهم اهلل‬
‫عين خري اجلزاء ‪ ،‬وختامًا أسال اهلل العلي القدير أن يكون هذا العمل خالصًا لوجه‪ ،‬وأن جيعله‬
‫علمًا نافعًا‪ ،‬ويسّه ل يل به طريقًا إىل اجلنة‪ ،‬وشكرًا هلل أوًال وآخرًا ‪.‬‬

‫ي‬
‫فه ــرس المـوض ــوعات‬

‫الصفحة‬ ‫المـوض ــوع‬


‫أ‬ ‫البسملة‬
‫ج‬ ‫(قرار توصية اللجنة) ‪ ،‬وتوقيعات لجنة المناقشة‪.‬‬
‫د‬ ‫اإلقرار باللغة العربية‬
‫ه‬ ‫اإلقرار باللغة اإلنجليزية‬
‫و‬ ‫حقوق الطبع‬
‫ز‬ ‫ملخص البحث باللغة العربية‬
‫ح‬ ‫ملخص البحث باللغة اإلنجليزية‬
‫ط‬ ‫إهـ ـ ـ ـ ــداء‬
‫ي‬ ‫شكر وتقدير‬
‫ك‬ ‫فهرس المحتويات‬
‫‪1‬‬ ‫مقدمـة‬
‫‪2‬‬ ‫مشكلة البحث‬
‫‪3‬‬ ‫أمهية املوضوع‬
‫‪3‬‬ ‫أسباب اختيار الموضوع‬
‫‪4‬‬ ‫الدراسات السابقة‬
‫‪4‬‬ ‫أهداف البحث‬
‫‪5‬‬ ‫منهج البحث‬
‫‪5‬‬ ‫صعوبات البحث‬

‫ك‬
‫الصفحة‬ ‫المـوض ــوع‬
‫‪5‬‬ ‫خطة البحث‬
‫‪7‬‬ ‫الباب األول ‪ :‬مفهوم التفاوض وأسسه ومجاالته‬
‫‪8‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬مفهوم التفاوض‬
‫‪10‬‬ ‫املبحث األول ‪ :‬تعريف التفاوض لغة واصطالحًا‬
‫‪12‬‬ ‫املبحث الثاين ‪ :‬ألفاظ هلا صلة بالتفاوض‬
‫‪18‬‬ ‫املبحث الثالث ‪ :‬اآليات اليت ورد فيها ذكر التفاوض باللفظ أو باملعىن‬
‫‪25‬‬ ‫املبحث الرابع ‪ :‬أقوال املفسرين يف معىن التفاوض‬
‫‪33‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬أسس التفاوض‬
‫‪34‬‬ ‫املبحث األول ‪ :‬األساس العلمي‬
‫‪35‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬موضوع التفاوض‬
‫‪40‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬صفات من يقوم بالتفاوض‬
‫‪38‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬االستدالل بالدليل واحلجة والربهان‬
‫‪42‬‬ ‫املبحث الثاين ‪ :‬األساس العاطفي‬
‫‪43‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬احلاجات العاطفية يف التفاوض‬
‫‪47‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬األساليب العاطفية‬
‫‪50‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬واجبات املفاوضني‬
‫‪52‬‬ ‫املبحث الثالث ‪ :‬األساس املهاري‬
‫‪53‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬تعريف املهارة‬
‫‪53‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬مراحل التفاوض‬
‫‪57‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬مهارات قبل التفاوض‬

‫ل‬
‫الصفحة‬ ‫المـوض ــوع‬
‫‪70‬‬ ‫املبحث الرابع ‪ :‬األساس األخالقي‬
‫‪73‬‬ ‫الفصل الثالث ‪ :‬مجاالت التفاوض‬
‫‪74‬‬ ‫املبحث األول ‪ :‬اجملال الرتبوي‬
‫‪75‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬تعريف الرتبية‬
‫‪76‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬أمهية الرتبية‬
‫‪82‬‬ ‫املبحث الثاين ‪ :‬اجملال االجتماعي‬
‫‪83‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬تعريف اجملال االجتماعي‬
‫‪85‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬أمهية اجملال االجتماعي‬
‫‪90‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬دور التفاوض يف الصلح بني الناس‬
‫‪95‬‬ ‫املبحث الثالث ‪ :‬اجملال الدعوي‬
‫‪96‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬تعريف الدعوة وأمهيتها‬
‫‪97‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬دور التفاوض يف اجملال الدعوي‬
‫‪102‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬مناذج دعوية تتعلق بالتفاوض‬
‫‪105‬‬ ‫املبحث الرابع ‪ :‬اجملال النفسي‬
‫‪106‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬تعريف اجملال النفسي‬
‫‪109‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬أمهية اجملال النفسي‬
‫‪112‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬دور املفاوض يف اجملال النفسي‬
‫‪115‬‬ ‫الباب الثاني‬
‫‪116‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬التفاوض في حياة األنبياء عليهم السالم‬
‫‪117‬‬ ‫املبحث األول ‪ :‬عناية األنبياء عليهم السالم بالتفاوض‬

‫م‬
‫الصفحة‬ ‫المـوض ــوع‬
‫‪118‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬تعريف النيب‬
‫‪119‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬ما يسبق التفاوض‬
‫‪128‬‬ ‫املبحث الثاين ‪ :‬تطبيقات التفاوض عند األنبياء عليهم السالم‬
‫‪129‬‬ ‫أوًال ‪ :‬ما حدث من مواقف مع نيب اهلل آدم عليه السالم‬
‫‪131‬‬ ‫ثانيًا ‪ :‬مع نيب اهلل نوح عليه السالم‬
‫‪136‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬مع نيب اهلل هود عليه السالم‬
‫‪142‬‬ ‫رابعا‪ :‬ما حصل من تفاوض مع نيب اهلل صاحل عليه السالم وأرسل إىل مثود‬
‫‪144‬‬ ‫خامسا ‪ :‬ما حصل من تفاوض مع نيب اهلل لوط عليه السالم‬
‫‪145‬‬ ‫سادسا‪ :‬ما حدث من مواقف مع نيب اهلل ورسوله إبراهيم اخلليل عليه السالم‬

‫‪150‬‬ ‫سابعا‪ :‬ما حدث من مواقف نيب اهلل إمساعيل عليه السالم‬
‫‪151‬‬ ‫ثامنًا ‪ :‬ما حدث من مواقف مع نيب اهلل يعقوب عليه السالم‬
‫‪155‬‬ ‫تاسعًا ‪ :‬ما حدث من مواقف مع نيب اهلل يوسف عليه السالم‬
‫‪155‬‬ ‫عاشرًا ‪ :‬ما حدث من مواقف مع نيب اهلل شعيب عليه السالم‬
‫‪157‬‬ ‫حادي عشر ‪ :‬تفاوض نيب اهلل موسى مع شعيب عليهما السالم‬
‫‪163‬‬ ‫ثاين عشر‪ :‬ما حدث مع نيب اهلل ورسوله عيسى عليه السالم‬
‫‪164‬‬ ‫ثالث عشر ‪ :‬ما حدث من مواقف مع رسول اهلل نبينا حممد ‪‬‬
‫‪208‬‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬نتائج التفاوض في حياة األنبياء عليهم السالم‬
‫‪209‬‬ ‫املبحث األول ‪ :‬النتائج اآلنية‬
‫‪220‬‬ ‫املبحث الثاين ‪ :‬النتائج البعدية‬
‫‪238‬‬ ‫الفصل الثالث ‪ :‬آثار التفاوض على الفرد والمجتمع‬

‫ن‬
‫الصفحة‬ ‫المـوض ــوع‬
‫‪239‬‬ ‫املبحث األول ‪ :‬أثر التفاوض على الفرد‬
‫‪240‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬األثر املعريف على الفرد‬
‫‪248‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬األثر السلوكي على الفرد‬
‫‪256‬‬ ‫املبحث الثاين ‪ :‬أثر التفاوض على اجملتمع‬
‫‪257‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬أثر التفاوض على الدولة‬
‫‪265‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬أثر التفاوض االجتماعي‬
‫‪283‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪292‬‬ ‫فهرس اآليات‬
‫‪308‬‬ ‫فهرس األحاديث‬
‫‪311‬‬ ‫فهرس األعالم‬
‫‪313‬‬ ‫قائمة المراجع‬

‫س‬
‫مقدمة ‪:‬‬

‫احلمد هلل رب العاملني محدًا كثريا طيبا مباركا فيه كما ينبغي جلالل وجهه وعظيم سلطانه ‪,‬‬
‫والصالة والسالم على رسوله حممد وعلى آله وصحبه وأتباعه وسلم ‪.‬‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫يقول اهلل عز وجل ‪ :‬ﮋ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﮊ (‪. )1‬‬
‫ولقد نزل هذا القرآن الكرمي ليكون منهاج حياة وواقع سلوك وحقيقة تظهر على اجلوارح‬
‫والنفوس يف حياة اجملتمعات كافة ‪.‬‬
‫وقد مشل الكتاب العزيز مجيع جوانب احلياة املختلفة يف كل زمان ومكان وكان لإلنسان‬
‫احلظ الوافر من االهتمام مبا يصلح حياته األوىل واآلخرة‪ ،‬وحني يستعرض اإلنسان التوجيهات‬
‫جيدها تسمو به إذا التزم هبا عمليًا يف واقع حياته‪.‬‬
‫وألمهية الدراسات القرآنية املوضوعية باإلسهام يف معاجلة قضايا املسلمني ومنها (التفاوض يف‬
‫القرآن الكرمي) ومن مظاهر أمهيته عناية القرآن الكرمي به‪ ،‬وقد اهتم علماء املسلمني قدميًا وحديثًا‬
‫بالتفاوض اهتمامًا بالغًا‪.‬‬
‫وجيدر بالعقالء يف اجملتمعات االهتمام بالتفاوض والعناية به تعلمًا وتعليمًا وتطبيقًا فريىب الناس‬
‫عليه وذلك ألنه من سبل الرقي ال سيما إذا مت بضوابطه وأساليبه الصحيحة وهو دأب أهل‬
‫الفالح منذ القدم‪ ،‬ويتم تطبيقه وفق أسس ليثمر مثارًا يانعًة ؛كونه من أساسيات احلياة‬
‫االجتماعية ‪ ،‬ويعمل على احلفاظ عليها وتنميتها واحلاجة له باتت ماسة لكافة فئات اجملتمع ‪.‬‬
‫وحينما نستعرض القرآن الكرمي جند كثرة اآليات اليت تتحدث عن موضوع التفاوض‬
‫ونتائجه ‪ ،‬كما أن العمل به يدعو الناس إىل ما يقرب بني نفوسهم ويؤلف بني قلوهبم وال خيفى‬
‫كثرة االحتياج له يف كل زمان ال سيما يف عصرنا هذا وما يكتنفه من متغريات‪.‬‬
‫ويف الكتاب الكرمي ‪ ،‬جند هدي األنبياء عليهم السالم ‪ ،‬يف حسن التفاوض جبوانبه املختلفة ‪،‬‬
‫فنقتدي هبم ‪ ،‬فهم القدوة اليت أمرنا بالتأسي هبا ‪ ،‬واالهتداء هبديهم ‪ ،‬فالقرآن الكرمي حفل بذكر‬
‫مواقف لألنبياء مت التفاوض فيها وقد تنوعت ‪ ،‬ومن املعلوم أن عدم العلم بالتفاوض وأنواعه ‪،‬‬

‫‪ )(1‬سورة إبراهيم‪ ،‬آية ‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫وجماالته ‪ ،‬وأساليبه ‪ ،‬وكيفية استخدامها وتطبيقها بالوجه الصحيح يكون سببًا يف الوقوع يف‬
‫املشكالت بني الناس‪.‬‬
‫ومظاهر التفاوض متعددة ‪ ،‬فهي تكون مع اإلنسان يف بيته ومع جريانه ومع أصدقائه ‪ ،‬ومع‬
‫رؤسائه ‪ ،‬ومع اجملتمع كله ‪ ،‬وتكون على املستوى الفردي واجلماعي والدويل‪.‬‬
‫واخلالف يف حياة البشر أمر حتمي ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭙ ﭚ ﭛ ﮊ (‪.)1‬‬
‫وواقع يعيشه البشر ‪ ،‬ويكاد ال خيلو منه جمتمع يف كل زمان ومكان ‪ ،‬وحيدث بني األفراد ‪،‬‬
‫واجلماعات ‪ ،‬والدول ‪ ،‬والشعوب وأسباب اخلالف ال حتصى ‪ ،‬ورمبا كانت أسباهبا األولية صغائر‬
‫أمور‪ ،‬وذلك منذ القدم وقد سطر التاريخ حرب البسوس(‪ )2‬واليت استمرت أربعني سنة ذهب‬
‫ضحيتها الكثري من األنفس وكانت بسبب ناقة ‪ ،‬ومعظم النار من مستصغر الشرر‪ ،‬ويف احلديث ‪،‬‬
‫قال ‪ " : ‬إن الشيطان قد يس أن يعبده املصلون يف جزيرة العرب ولكن يف التحريش بينهم"(‪.)3‬‬
‫ولو انربى للخالفات من جييد وحيسن التفاوض من مجيع األطراف لتم تدارك األمور يف مهدها‬
‫وقبل تفاقمها واستفحاهلا ‪،‬فيتحول احلال ؛ فبعد العداوة ‪ ،‬والبغضاء ‪ ،‬حتل احملبة ‪ ،‬والصفاء ‪،‬‬
‫ويصلح ذات بينهم ‪ ،‬وهذا من مقاصد الشريعة ‪ ،‬اليت أتى هبا رسول اهلل ‪.‬‬

‫وأسأل اهلل العلي القدير ‪ ،‬اإلعانة ‪ ،‬والتيسري ‪ ،‬والتوفيق ‪ ،‬والتسديد ‪ ،‬على مجع ودراسة‬
‫جوانب املوضوع املختلفة يف القرآن الكرمي‪.‬‬
‫مشكلة البحث‪:‬‬
‫وتتمثل يف األسئلة التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬ما هو مفهوم التفاوض ؟ وما هي أسسه ؟‬
‫‪ -2‬ما هي جماالت التفاوض؟‬

‫‪ )(1‬سورة هود اآلية ‪.118‬‬


‫‪ )(2‬حرب ابين وائل وهي حرب البسوس أربعني سنة وهي حروب يضرب بشدهتا املثل وقعة بكر وتغلب العظمى يف مقتل‬
‫كليب واجلاهلية تسميها حرب البسوس وفيه كان يوم التحالق فكانت الدبرة لبكر بن وائل على تغلب فتفرقوا من ذلك‬
‫اليوم ‪ ،‬معجم البلدان ياقوت بن عبد اهلل احلموي أبو عبد اهلل‪ ،‬دار الفكر ‪ -‬بريوتج‪ 1‬ص ‪ 113‬وج‪ 4‬ص ‪.368‬‬

‫‪ )(3‬سنن الرتمذي ‪ ،‬حممد بن عيسى الرتمذي ‪ ،‬كتاب الرب والصلة ‪ ،‬باب التباغض‪ ،‬ح‪ ،1937‬وصححه األلباين ج‪ 4‬ص‬
‫‪.330‬‬

‫‪2‬‬
‫ما هو التفاوض يف القرآن الكرمي؟‬ ‫‪-3‬‬
‫ما هي النتائج واآلثار املرتتبة على تطبيق التفاوض؟‬ ‫‪-4‬‬
‫أهمية الموضوع ‪:‬‬
‫تكمن أهمية الموضوع القرآني في أمور عدة منها ما يلي‪:‬‬
‫كثرة اآليات اليت تتحدث عن موضوع التفاوض األمر الذي يؤكد أمهية دراسة املوضوع دراسة‬ ‫‪-1‬‬
‫قرآنية متكاملة‪.‬‬
‫حاجة الناس املاسة إىل ما يقرب بني نفوسهم ويؤلف بينهم ويرعى وحيافظ على مصاحلهم‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الفائدة الكبرية من التعمق يف هدي األنبياء يف جوانبه املختلفة كيف ال وهم القدوة الذي‬ ‫‪-3‬‬
‫أمرنا بالتأسي هبم واالهتداء هبديهم والقرآن الكرمي جلى من صفاهتم وأحواهلم ما جيدر‬
‫بالعناية به يف ميدان الدراسات القرآنية خصوصا‪.‬‬
‫كثرة استخدام املعاصرين هلذا املصطلح مع ضعف التأصيل الشرعي ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫يظهر أمهية الدراسة القرآنية املوضوعية اليت تسهم يف معاجلة قضايا املسلمني املعاصرة‬ ‫‪-5‬‬
‫واملنضبطة باملعايري العلمية اليت حتافظ على جدية الدراسة وأمهيتها‪.‬‬
‫أسباب اختيار الموضوع ‪:‬‬
‫وجدت الفرصة مناسبة حني أكرمين اهلل تعاىل مبنه وفضله فالتحقت جبامعة املدينة العاملية يف‬
‫مرحلة الدكتوراه‪ ،‬قسم التفسري‪ ،‬فرجوت وأحببت أن يكون يل نصيب ‪ ،‬وإن كنت ال أرى‬
‫نفسي‪،‬من فرسان تلك املسالك‪ ،‬ولكن من اهلل استمد العون واستلهم الصواب والتوفيق‪،‬‬
‫وهوحسيب ونعم الوكيل‪.‬‬
‫ولقد مت النظر يف جوانب مواضيع القرآن الكرمي بغية اختيار موضوع ‪ ،‬فوجدت أن موضوع‬
‫التفاوض يف القرآن من املواضيع اهلامة ‪ ،‬وتكمن أمهيته البحثية يف أنه يعاجل قضايا هامة يف حياة‬
‫الناس قدميا وحديثا ‪.‬‬
‫مث إن الدافع الرئيس للبحث يف هذا املوضوع هو الرغبة يف نيل شرف خدمة كتاب اهلل تعاىل‬
‫وبركة التعمق مع آياته الكرمية ورجاء الثمار اليانعة اليت سوف جينيها كل من يعيش مع دالالته‬
‫وهداياته‬
‫وقد دفع الباحث إىل اختيار املوضوع – باإلضافة إىل أمهيته ما يلي ‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫عدم تناول هذا املوضوع القرآين من قبل يف دراسة علمية – حبسب ما بذل الباحث من‬ ‫‪-1‬‬
‫جهد يف البحث والسؤال ‪ ،‬على أمهية املوضوع العلمية ‪.‬‬
‫كثرة اآليات اليت تناولت موضوع البحث وحسن إتقانه حىت مع املخالفني واألعداء‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أمهيته العملية يف حياة البشر السيما يف عصر كثرت فيه اخلالفات‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫نجد أن عدم العلم بهذا الموضوع وتطبيقه بالوجه الصحيح يكون سببًا في الوقوع في المشكالت بين‬ ‫‪-4‬‬
‫الناس ‪.‬‬
‫خطورة إمهال هذا املوضوع على الفرد واجملتمع‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫دخول موضوع البحث يف كثري من جوانب حياة الناس وحاجتهم املاسة إىل إتقانه‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫وجود كثري من الكتب الغربية اليت تناولت موضوع البحث وندرة الكتب اإلسالمية‬ ‫‪-7‬‬
‫حوله ‪ ،‬مع أن املوضوع أشبع يف كتاب ربنا الكرمي ‪.‬‬
‫راجيًا اهلل أن تكون الفائدة من البحث قيمة وينتفع هبا‪.‬‬
‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫من خالل البحث‪ ،‬والسؤال‪ ،‬واالستفسار من ‪ ،‬الجامعة اإلسالمية ‪ ،‬بالمدينة المنورة‪ ،‬وجامعة‬
‫طيبة‪،‬ومعهد الملك فيصل للبحوث‪ ،‬ومعهد اإلمام الشاطبي للبحوث والدراسات القرآنية‪ ،‬وموقع‬
‫الفهرس العربي للبحوث‪ ،‬وبعد السؤال ألهل العلم ‪ ،‬لم أجد بحثًا قدم بدراستة بشكل مستقل‬
‫بموضوع (التفاوض في القرآن الكريم) ولم أجد بحثًا قريبًا من ذلك‪ ،‬سوى ما كتب حول الحوار في‬
‫القرآن‪ ،‬والجدل في القرآن‪.‬‬
‫أهداف البحث‪:‬‬
‫التعرف على ماهية التفاوض يف القرآن الكرمي‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫إبراز أمهيته العملية يف حياة البشر السيما يف عصر كثرت فيه اخلالفات‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الكشف عن طرق وأساليب التفاوض الصحيحة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫التعرف على التفاوض يف سري األنبياء عليهم السالم‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫اإلسهام يف إثراء املكتبة اإلسالمية يف جانب التفسري املوضوعي‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫منهج البحث ‪:‬‬
‫أقوم جبمع اآليات اليت تتحدث عن املوضوع مث تصنيفها حبسب ما تطرقت إليه الدراسة‬ ‫‪-1‬‬

‫‪4‬‬
‫يف أبواب وفصول ومباحث ‪.‬‬
‫االعتماد يف تفسري اآليات على األئمة األعالم مع احلرص على انتقاء العبارة ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫استنباط ما يف اآليات من الدالالت املوضوعية واهلدايات ملوضوع البحث وما ورد يف‬ ‫‪-3‬‬
‫قصص األنبياء عليهم السالم‪ ،‬مراعيًا يف ترتيبهم التسلسل التارخيي‪.‬‬
‫أتبع اآليات ما حيتاج إىل تفسري ‪ ،‬وما تظهر احلاجة إىل بيانه ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫االعتناء جبمع ما يتعلق يف املوضوع من النصوص الشرعية واآلثار الواردة ‪ ،‬وما سطره‬ ‫‪-5‬‬
‫خنبة من العلماء من فوائد ختدم البحث ‪.‬‬
‫الرجوع لكتب اللغة وكتب األشباه والنظائر لبيان املعاين ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫عزو اآليات الكرمية بذكر اسم السورة ورقم اآلية ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫االستشهاد مبا يعضد املسألة من احلديث النبوي الشريف وختريج األحاديث الواردة من‬ ‫‪-8‬‬
‫املصادر األصلية من كتب السنة ‪.‬‬
‫ترمجة األعالم غري املشهورين‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫صعوبات البحث‬
‫من الصعوبات اليت واجهت الباحث ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬بعد اجلهد بالبحث مل أتوصل إىل مراجع متخصصة حول املوضوع‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم استخدام مصطلح التفاوض عند املتقدمني ‪ ،‬وإن وجد فنادر جدًا‪.‬‬

‫خطة البحث ‪:‬‬


‫قسمت مادة البحث إىل مقدمة ‪ ،‬وبابني ‪ ،‬وخامتة ‪.‬‬
‫أما املقدمة فقد بينت فيها مشكلة البحث ‪ ،‬وأسباب اختياري للموضوع ‪ ،‬وأمهيته وخطة‬
‫البحث‪ ،‬ومنهجي فيه ‪ ،‬وأهم الصعوبات اليت واجهتين ‪.‬‬
‫وأما البابان فيمشتمالن على ما يلي ‪:‬‬
‫الباب األول ‪ :‬مفهوم التفاوض وأسسه ومجاالته ‪ ،‬ويتضمن ثالثة فصول‬
‫الفصل األول ‪ :‬مفهوم التفاوض ‪ ،‬وفيه خمسة مباحث‬
‫املبحث األول ‪ :‬تعريف التفاوض لغة واصطالحًا ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬ألفاظ هلا صلة بالتفاوض‪.‬‬
‫املبحث الثالث ‪ :‬اآليات اليت ورد فيها ذكر التفاوض باللفظ أو باملعىن‪.‬‬
‫املبحث الرابع ‪ :‬األحاديث اليت ورد فيها ذكر التفاوض باللفظ أو باملعىن‪.‬‬
‫املبحث اخلامس ‪ :‬أقوال املفسرين يف معىن التفاوض ‪.‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬أسس التفاوض وفيه أربعة مباحث ‪:‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬األساس العلمي‪.‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬األساس العاطفي ‪.‬‬
‫املبحث الثالث ‪ :‬األساس املهاري ‪.‬‬
‫املبحث الرابع ‪ :‬األساس األخالقي ‪.‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬مجاالت التفاوض‪ :‬وفيه أربعة مباحث‬
‫املبحث األول ‪ :‬اجملال الرتبوي‪.‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬اجملال االجتماعي ‪.‬‬
‫املبحث الثالث ‪ :‬اجملال الدعوي ‪.‬‬
‫املبحث الرابع ‪ :‬اجملال النفسي ‪.‬‬
‫الباب الثاني ‪ :‬معالم التفاوض في حياة األنبياء عليهم السالم كما يجليها القرآن الكريم‬
‫ويتضمن ثالثة فصول‪:‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬التفاوض في حياة األنبياء عليهم السالم‪ ،‬وفيه مبحثان‪:‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬عناية األنبياء عليهم السالم بالتفاوض‪.‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬تطبيقات التفاوض عند األنبياء عليهم السالم ‪.‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬نتائج التفاوض في حياة األنبياء عليهم السالم‪ ،‬وفيه مبحثان ‪:‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬النتائج اآلنية ‪.‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬النتائج البعدية ‪.‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬آثار التفاوض على الفرد والمجتمع‪ ،‬وفيه مبحثان ‪:‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬أثر التفاوض على الفرد‪.‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬أثر التفاوض على اجملتمع‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الخاتمة ‪:‬‬
‫حيث يسوق فيها الباحث خالصة البحث وأبرز نتائجه الكلية ‪ ،‬وإضافة التوصيات اليت‬
‫يراها الباحث أهنا جديرة باالهتمام ‪ ،‬واملقرتحات اليت يرى الباحث نفعها ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الباب األول ‪:‬‬
‫مفهوم التفاوض ومجاالته في القرآن الكريم‬

‫ويتضمن ثالثة فصول‪.‬‬


‫الفصل األول ‪ :‬مفهوم التفاوض‪.‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬أسس التفاوض‪.‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬مجاالت التفاوض‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول ‪:‬‬
‫مفهوم التفاوض‪.‬‬

‫ويتضمن خمسة مباحث‪:‬‬


‫المبحث األول ‪ :‬تعريف التفاوض لغة واصطالحًا‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪:‬ألفاظ لها صلة بالتفاوض‪.‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬اآليات التي ورد فيها التفاوض فيها باللفظ أو بالمعنى‪.‬‬
‫المبحث الرابع ‪ :‬األحاديث التي ورد فيها ذكر التفاوض باللفظ أو بالمعنى‪.‬‬
‫المبحث الخامس ‪ :‬أقوال المفسرين في معنى التفاوض ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫المبحث األول ‪:‬‬
‫تعريف التفاوض لغة واصطالحًا‪.‬‬

‫التفاوض في اللغة ‪ :‬ورد يف األصل اللغوي للكلمة عدة معان منها" فاض املاء إذا سال‬
‫منصّبًا‪ ..‬وأفاض إناءه إذا مأله حىت أساله‪ ..‬ومنه‪ :‬فاض صدره بالسر أي سال‪ ،‬ورجل فياض أي‬
‫سخّي ‪ ،‬ومنه استعري‪ :‬أفاضوا يف احلديث إذا خاضوا فيه"(‪.)1‬‬
‫"وفاوضه يف أمره‪ :‬جاراه ‪ ،‬وتفاوضوا احلديث‪ :‬أخذوا فيه ‪ ،‬وتفاوض القوم يف األمر أي‬
‫فاوض فيه بعضهم بعضًا"(‪.)2‬‬
‫"فاوضه يف األمر مفاوضة بادله الرأي فيه بغية الوصول إىل تسوية واتفاق ‪ ،‬أما كلمة‬
‫فوض ‪ ،‬فهي مبعىن فوض األمر إليه جعل له التصرف فيه ‪ ،‬ويف املال مشاركه ومنها شركة‬
‫املفاوضة"(‪.)3‬‬
‫التفاوض في االصطالح ‪:‬‬
‫انتشر مصطلح التفاوض وأصبح متداوًال يف كثري من اجملاالت علمًا أنه يكثر استخدامه يف‬
‫جماالت ويقل يف أخرى فـ "مصطلح التفاوض يف العصر احلديث أكثر قربًا من جماالت السياسة‬
‫والتجارة"(‪ )4‬فهو علم "هندف من خالله إىل التعرف على أفضل وسائل تكوين األرضيات املشرتكة‬
‫والتفاهم الفعال بني بين البشر رغم اختالفاهتم وثقافاهتم وعقائدهم‪ ،‬إنه العلم الذي حناول من‬
‫خالله جتنب تفجري الصراعات واجلدل العقيم "(‪.)5‬‬
‫ويقرب مصطلح التفاوض يف بعض صوره من مصطلح احلوار مع وجود بعض الفوارق‬

‫() مفردات ألفاظ القرآن ‪ ،‬احلسني بن حممد املعروف بالراغب األصفهاين أبو القاسم ‪ ،‬دار القلم ‪ ،‬دمشق‪ ،‬ص‪.648‬‬ ‫‪1‬‬

‫() لس‪mm‬ان الع‪mm‬رب ‪ ،‬حمم‪mm‬د بن مك‪mm‬رم بن على ‪ ،‬أب‪mm‬و الفض‪mm‬ل ‪ ،‬مجال ال‪mm‬دين ابن منظ‪mm‬ور األنص‪mm‬اري ‪ ،‬دار ص‪mm‬ادر ‪ ،‬ب‪mm‬ريوت ‪ ،‬ط‬ ‫‪2‬‬

‫األوىل ‪ ،‬ج ‪ 7‬ص‪.210‬‬


‫() املعجم الوس‪mm‬يط ‪ ،‬إب‪mm‬راهيم مص‪mm‬طفى ‪ ،‬أمحد الزي‪mm‬ات ‪،‬حام‪mm‬د عب‪mm‬د الق‪mm‬ادر ‪ ،‬حمم‪mm‬د النج‪mm‬ار ‪ ،‬دار ال‪mm‬دعوة ‪ ،‬حتقي‪mm‬ق جمم‪mm‬ع اللغ‪mm‬ة‬ ‫‪3‬‬

‫العربية ج‪ 2‬ص‪. 706‬‬


‫() احلوار يف السرية النبوية ‪ ،‬السيد علي خضر ‪ ،‬املركز العاملي للتعريف بالرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ص‪.24‬‬ ‫‪4‬‬

‫() حس ‪mm‬ن حمم ‪mm‬د وجي ‪mm‬ه‪ :‬مقدم ‪mm‬ة يف علم التف ‪mm‬اوض السياس ‪mm‬ي واالجتم ‪mm‬اعي‪ ،‬ع ‪mm‬امل املعرف ‪mm‬ة الع ‪mm‬دد‪ 190 ،‬الك ‪mm‬ويت‪1415 ،‬هـ‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪1994‬م ‪ ،‬ص‪.23‬‬

‫‪10‬‬
‫بينهما ‪ ،‬والتفاوض يف االصطالح املعاصر يعرف بأنه "موقف تعبريي حركي قائم بني طرفني أو‬
‫أكثر حول قضية من القضايا يتم من خالله عرض وجهات النظر وتبادهلا وتقريبها ومواءمتها‬
‫وتكييفها‪ ،‬واستخدام كافة أساليب اإلقناع للحفاظ على املسائل القائمة أو للحصول على منفعة‬
‫جديدة "(‪.)1‬‬
‫وينبغي العناية به ‪ ،‬ألن االتفاقيات الناجتة عنه ‪ ،‬تكون ملزمة يف حالة التوصل إليها‪ ،‬ولذا جند‬

‫العناية الدقيقة بكل خطوات عملية التفاوض‪ ،‬وقد صار مقدمة أساسية لكل صور املعامالت يف‬
‫العصر احلاضر‪ ،‬وصورته الفعلية تتمثل يف حدوثه بني " شخصني أو فريقني‪ ،‬وحياول كل فريق‬
‫إقناع اآلخر بوجهة نظره‪ ،‬وذلك من خالل تقدمي احلجج وعرض األفكار واآلراء‪ ،‬والقدرة على‬
‫توالد األفكار والعرض واملناورة "(‪.)2‬‬
‫ومن خالل استعراض التعاريف املتقدمة واليت يظهر أن أقرهبا تعريف األستاذ ‪ ،‬حمسن‬
‫اخلضريي‪ ،‬حيث اشتمل على أن التفاوض موقف تعبريي ‪ ،‬حركي ‪ ،‬حول قضية من القضايا ‪،‬‬
‫ويتم عرض وجهات النظر واستخدام كافة أساليب اإلقناع ‪.‬‬
‫وقد استخلص الباحث تعريفًا للتفاوض حماوًال الدمج بني التعاريف السابقة وإضافة ما يرى‬
‫أن التعريفات مل تذكره ‪ ،‬حماوًال أن يكون التعريف جامعًا مانعًا ‪.‬‬
‫التعريف في نظر الباحث ‪ :‬التفاوض هو علم يبحث فيه تبادل آراء ومقرتحات بني طرفني‬
‫أو أكثر ‪ ،‬عن مطلب أو جمموعة مطالب ‪ ،‬حول قضية ‪ ،‬أو موضوع معني ‪ ،‬وحمدد ‪ ،‬يتضمن أدلة‬
‫وبراهني هبدف التوصل إىل اتفاق يؤدى إىل حسم املوضوع أو القضية أو املشكلة عن طريق صلح‬
‫‪ ،‬أو معاهدة ‪ ،‬أو ميثاق ‪ ،‬أو حنوه ‪ ،‬بشرط أن يتم يف إطار تقدمي املصاحل‪.‬‬

‫() تنمية املهارات التفاوضية ‪ ،‬حمسن اخلضريي ‪ ،‬الدار املصرية اللبنانية ‪ ،‬القاهرة ‪1993‬م ‪ ،‬ص ‪.5‬‬ ‫‪1‬‬

‫() سيكولوجية التفاوض وإدارة األزمات ‪ ،‬فاروق السيد عثمان‪ ، ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية ‪1998‬م ص‪.3-2‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪11‬‬
‫المبحث الثاني ‪:‬‬
‫ألفاظ لها صلة بالتفاوض‬

‫وهذه األلفاظ قد تستخدم يف التفاوض كاجلدل واحلوار واملناظرة والنقاش واملباحثات‬


‫والسؤال واجلواب واملراجعات واملعاهدات وحنوها ‪ ...‬ومنها ما يلي‪:‬‬
‫أوًال‪ :‬الجدل‬
‫الج ‪mm‬دل في اللغ ‪mm‬ة ‪ :‬ج ‪mm‬دل "الجيم وال ‪mm‬دال والالم أص ‪mm‬ل واح ‪mm‬د‪ ،‬وه ‪mm‬و من ب ‪mm‬اب اس ‪mm‬تحكام الش ‪mm‬يء في‬
‫استرس ‪mm‬ال يك ‪mm‬ون في ‪mm‬ه‪ ،‬وامت ‪mm‬داد الخص ‪mm‬ومة ومراجع ‪mm‬ة الكالم"(‪ )1‬والج ‪mm‬دال منهي عن ‪mm‬ه إال أن يك ‪mm‬ون ب ‪mm‬التي هي‬
‫أحسن وفي الكتاب يقول تبارك وتعالى ‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﮊ (‪.)2‬‬
‫وكثري من اجلدال يكون يف الباطل كما يف قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫(‪) 3‬‬
‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮊ‬
‫وقال تعاىل‪ :‬ﮋﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮊ (‪.)4‬‬
‫ويف احلديث‪ :‬عن أيب أمامة الباهلي عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬أنا زعيم بيت يف‬
‫ربض اجلنة ملن ترك املراء وإن كان حمقا"(‪.)5‬‬
‫و"اجلدال‪ :‬املفاوضة على سبيل املنازعة واملغالبة‪ ،‬وأصله من جدلت احلبل أي أحكمت‬
‫فتله"(‪ )6‬وخيتلف عن التفاوض أن التفاوض ال يتم على سبيل املغالبة واملنازعة بني األطراف‬
‫املتفاوضة‪ ،‬اضافة أن اجلدال قد حتدث فيه اخلصومة ‪ ،‬خبالف التفاوض إال إذا خرج عن التفاوض‬

‫‪ )( 1‬مقاييس اللغة‪ ،‬أيب احلسني أمحد بن فاِر س بن زَك ِر ّيا ‪،‬احتاد الكتاب العرب ط ‪ 1423 ،‬هـ ‪2002 -‬م ج‪ 1‬ص ‪.204‬‬
‫‪ )(2‬سورة العنكبوت اآلية ‪.46‬‬
‫‪ )(3‬سورة األعراف اآلية ‪.71‬‬
‫‪ )(4‬سورة غافر اآلية ‪.5‬‬
‫‪ )( 5‬س ‪mm‬نن أيب داود ‪،‬س ‪mm‬ليمان بن األش ‪mm‬عث‪ ،‬كت ‪mm‬اب األدب ‪ ،‬ب ‪mm‬اب يف حس ‪mm‬ن اخلل ‪mm‬ق ‪،‬ح ‪ ،4800‬ج‪ 2‬ص‪،668‬ق ‪mm‬ال األلب ‪mm‬اين‬
‫حسن‪.‬‬
‫‪ )( 6‬مف‪mm‬ردات ألف‪mm‬اظ الق‪mm‬رآن ‪ ،‬أب‪mm‬و القاس‪mm‬م احلس‪mm‬ني بن حمم‪mm‬د بن املفض‪mm‬ل املع‪mm‬روف ب‪mm‬الراغب األص‪mm‬فهاىن ‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمش‪mm‬ق ص‬
‫‪. 189‬‬

‫‪12‬‬
‫إىل اجلدل ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬المناقشة‬
‫"نقش الشوكة ينقشها نقشًا وانتقشها‪ :‬أخرجها من رجله‪ ،‬وبه مُس ي املنقاش الذي ُينقش به‪،‬‬
‫وناقشه احلساب مناقشة ونقاشًا‪ :‬استقصاه‪ ،‬ويف احلديث‪ ":‬من نوقش احلساَب ُعّذ ب"(‪ )1‬أي من‬
‫اسُتقصي يف حماسبته وحوقق‪ ...‬وأصل املناقشة من نقش الشوكة إذا استخرجها من جسمه"(‪.)2‬‬
‫المناقشة في االصطالح‪:‬‬
‫" موقف خمطط يشرتك فيه جمموعة من األفراد حتت إشراف قيادة معينة وتوجيهها لبحث‬
‫مشكلة أو موضوع حمدد بطريقة منظمة‪ ،‬ويعرف كل فرد فيها دوره هبدف الوصول إىل حّل تلك‬
‫املشكلة"(‪.)3‬‬
‫واملناقشة يكثر استخدامها يف التعليم العام ‪ ،‬والدروس لدى العلماء ‪ ،‬والتدريب وظهر ما‬
‫يسمى ب ــ"حلق النقاش"وختتلف املناقشة عن التفاوض من حيث هدفها فتستخدم للتعليم وليس‬
‫بالضرورة أن تتم فيها مطالب‪،‬وتشبه االستفسار وهذه فوارق عن التفاوض الذي يتم حول أمر‬
‫معلوم‪.‬‬

‫ثالثًا ‪ :‬السؤال والجواب‬


‫السؤال واجلواب أمر اهلل تعاىل املسلمني به بوصفه من أهـم وسائل التعلم‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮊ ( ‪.) 4‬‬ ‫ﮋﮤ ﮥ ﮦ‬
‫وهي أحد طرق تلقي العلم ‪ ،‬وكثر في السنة ورود األسئلة من الصحابة للنبي ‪ ، ‬أو سؤال‬
‫النبي ‪ ‬لبعَض أصحابه بقصد التعليم ‪ ،‬وكانت ترد اإلجابة من النبي ‪ ‬على تلك األسئلة وأحيانًا‬
‫ينزل في القرآن يجيب عليها‪ ،‬وقد ورد الفعل ﮋ ﮮ ﮊ في القرآن الكريم ‪ ،‬خمس عشرة مرة‬
‫متبوعًا بالجواب من عند الله تعالى(‪.)5‬‬
‫‪ )( 1‬رواه البخاري ‪ ،‬حممد بن امساعيل البخاري ‪ ،‬كتاب الرقاق ‪ ،‬باب من نوقش احلساب عذب ‪ ،‬ح ‪.6536‬‬
‫‪ )( 2‬لسان العرب‪ ،‬مرجع سابق ج‪ 6‬ص ‪.358‬‬
‫‪ )( 3‬تنمية مهارات املناقشة لدى تالميذ املرحلة الثانوية‪ ،‬عباس حممد أمان‪ ،17 ،‬رسالة ماجستري غري منشورة بكلية الرتبي‪mm‬ة –‬
‫جامعة عني مشس ‪1987‬م‪ .‬موقع املكتبة الشاملة ‪ ،‬اإلصدار الثالث‪.‬‬
‫‪ )(4‬سورة األنبياء اآلية ‪.7‬‬
‫‪ )( 5‬املعجم املفهرس أللفاظ القرآن الكرمي ‪ ،‬حممد فؤاد عبد الباقي‪،‬دار احلديث القاهرة‪،‬ط‪ 1987-1407 ،1‬مادة (سأل)‬

‫‪13‬‬
‫وقال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﮊ (‪.)1‬‬
‫وقال تعاىل‪ :‬ﮋ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮊ (‪.)2‬‬
‫وكما وردت األسئلة يف القرآن فكذلك وردت يف السنة فقد كان النيب ‪ ‬يسأل أصحابه‬
‫ليعلمهم ‪ ،‬ومعلوم أن طريقة السؤال واجلواب عادًة ما تشد االنتباه ‪،‬وختتلف األسئلة واألجوبة عن‬
‫التفاوض أهنا تربز للتعلم والتعليم والسؤال عما خفي من معلومات وحنوه ‪.‬‬

‫رابعًا ‪ :‬الشورى‬
‫الشورى واملشاورة والتشاور ‪.‬‬
‫الشورى "أشار الرجل يشري إشارة إذا أومأ بيديه‪ ..‬وأشرت إليه أي لّو حت إليه‪ ..‬وأشار إليه‬
‫باليد‪ :‬أومأ‪ ،‬وأشار عليه بالرأي وأشار يشري إذا ما وّج ه الرأي "(‪ )3‬وقيل ‪ ":‬الشني والواو والراء‬
‫أصالن مطردان‪ ،‬األول منهما إبداء شيء وإظهاره وعرضه‪ ،‬واآلخر أخذ شيء‪ )4("..‬مث جعل‬
‫الشورى من هذا األصل الثاين فقال‪ :‬قال بعض أهل اللغة‪ ":‬من هذا الباب شاورت فالنًا يف أمري‪،‬‬
‫قال‪ :‬وهو مشتق من َش ْو ر العسِل ‪ ،‬فكأن املستشري يأخذ الرأي من غريه"(‪. )5‬‬
‫وفي االصطالح‪:‬‬
‫" والتشاور واملشاورة واملشورة‪ :‬استخراج الرأي مبراجعة البعض إىل البعض"(‪.)6‬‬
‫وفي القرآن الكريم‪ ،‬يقول تبارك وتعالــى‪ :‬ﮋ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﮊ (‪.)7‬‬
‫يستفاد من اآلية الكرمية ‪ ،‬أن إكرام املتبوعني بالعفو ‪ ،‬والصفح ‪ ،‬واالستغفار هلم وحنو ذلك‪،‬‬
‫مما يتقدم املشورة ‪ ،‬ويؤلف القلوب ‪ ،‬وذلك لكي يكون الرأي املقدم للمشورة نابع عن حب ‪،‬‬

‫ص‪.427‬‬
‫‪ )(1‬سورة الصافات اآلية‪.27‬‬
‫‪ )(2‬سورة الكهف اآلية‪.19‬‬
‫‪ )( 3‬لسان العرب‪ ،‬مرجع سابق ج‪ 4‬ص‪.434‬‬
‫‪ )( 4‬معجم مقاييس اللغة أبو احلسني أمحد بن فارس بن زكريا ‪ ،‬حتقيق عبد السالم هارون ‪ ،‬دار اجليل ‪1420 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪1999‬م ‪،‬ج‪ 3‬ص‪.542‬‬
‫‪ )(5‬مقاييس اللغة ‪ ،‬املرجع السابق باب الشني والواو ‪ ،‬ج ‪ ، 3‬ص‪224‬‬
‫‪ )( 6‬مفردات ألفاظ القرآن ‪ ،‬الراغب األصفهاين ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.270‬‬
‫‪ )( 7‬سورة آل عمران اآلية ‪. 159‬‬

‫‪14‬‬
‫وحرص ‪ ،‬وقال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮊ(‪.)1‬‬
‫والشورى عمل تفاوضي يبحث يف موضوع معني ‪ ،‬وأطراف الشورى مههم واحد ‪ ،‬خبالف‬
‫التفاوض ‪ ،‬قد يكون مع األعداء أو مع ممن يكون هناك اختالف معهم‪.‬‬

‫خامسًا ‪:‬المعاهدة‬
‫املعاهدة ‪ ،‬وردت ذكر العهد واملعاهدة يف القرآن الكرمي ‪ ،‬ما يزيد على تسعني آية ومن ذلك‬
‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮊ(‪ )2‬والعهد من نتائج‬
‫التفاوض ‪.‬‬
‫و"ال ُد ‪ :‬ال ِص َّيُة والَّتَقُّد إلى ال ِء في الشيِء وال ِث وال مي وقد عا َد ه والذي ْك لل الِة‬
‫ُي َتُب ُو‬ ‫َه‬ ‫َمْو ُق َي ُن‬ ‫ُم َمْر‬ ‫َعْه َو‬
‫من َعِه َد إليه ‪ :‬أْو صاُه والِح فاُظ وِرعايُة الُحْرَمِة واَألماُن والِّذ َّمُة "(‪ )3‬والمعاهدة أو العهد يعتبر نتيجة‬
‫تفاوض مسبق‪.‬‬

‫سادسًا ‪ :‬الميثاق‬
‫و ث ق "وثقت به ثقًة ووثوقًا وبه ثقيت وهو ثقيت وهو ثقٌة من الثقات وأنا به واثق وهو‬
‫موثوق به‪ ،‬وعقد وثيق وقد وثق وثاقًة وأوثقته ووّثقته ‪ ،‬وبيننا موثق وميثاق ‪ ،‬وواثقه ‪ :‬عاهده‬
‫وواثقين باهلل ليفعلن ‪ ،‬وتواثقوا على كذا ‪ ،‬واستوثقت منه ‪ :‬أخذت يف أمره بالوثيقة(‪ )4‬وامليثاق يتم‬
‫بعد التفاوض‪.‬‬
‫قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮊ (‪." )5‬‬
‫"فاالستثناء يف قوله‪ :‬ﮋ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮊ ‪.‬‬
‫ال يرجع إىل اجلملة األخرية اليت هي أقرب اجلمل املذكورة إليه‪ ،‬أعين قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﮘ ﮙ‬

‫‪ )(1‬سورة الشورى اآلية ‪.38‬‬


‫‪ )(2‬سورة األنفال اآلية ‪.٥٦‬‬
‫‪ )(3‬القاموس احمليط ‪ ،‬الفريوز أبادي‪ ،‬دار اجليل ‪ ،‬بريوت ‪1952 – 1371 ،‬م ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪.387‬‬
‫‪ )(4‬أساس البالغة ‪،‬محمود بن عمر الزمخشري ‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ط‪ 1979 -1399 ،‬تحقيق عبد الرحيم محمود ‪ ،‬ص‬
‫‪.492‬‬
‫‪ )(5‬سورة النساء اآليات ‪.90-89‬‬

‫‪15‬‬
‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮊ " (‪. ) 1‬‬
‫"إذ ال جيوز اختاذ ويل وال نصري من الكفار‪ ،‬ولو وصلوا إىل قوم بينكم وبينهم ميثاق‪ ،‬وهذا‬
‫ال خالف فيه بل االستثناء راجع إىل اجلملتني األوليان‪ ،‬أعين قوله تعاىل‪( :‬ﮓ ﮔ) ‪ ،‬أي‪ :‬فخذوهم‬
‫باألسر‪ ،‬واقتلوهم إال الذين يصلون إىل قوم بينكم وبينهم ميثاق‪ ،‬فليس لكم أخذهم بأسر‪ ،‬وال‬
‫قتلهم؛ ألن امليثاق الكائن ملن وصلوا إليهم مينع من أسرهم‪ ،‬وقتلهم"(‪.)2‬‬
‫ويتم أخذ امليثاق مع املقابل ‪ ،‬كان طرفًا واحدًا ‪ ،‬أو جمموعة من األطراف ‪ ،‬بعد إهناء‬
‫املفواضات جبميع مراحلها مع توضيح بنودها كاملة‬
‫"ويستثين تعاىل حالة خاصة هلم وهي أهنم إذا طلبوا نصرة املؤمنني يف دينهم فإن على املؤمنني‬
‫أن ينصروهم وبشرط أن ال يكون الذي اعتدى عليهم وآذاهم فطلبوا النصرة ألجله أن ال يكون‬
‫بينه وبني املؤمنني معاهدة سلم وترك احلرب ففي هذه احلال على املؤمنني أن يوفوا بعهدهم وال‬
‫يغدروا فينصروا أولئك القاعدين عن اهلجرة هذا ما دل عليه قوله تعاىل ﮋ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬
‫ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮊ " (‪. ) 3‬‬
‫ودعوة األنبياء عليهم السالم قد يأيت فيها التفاوض والنصح واإلرشاد والسؤال واجلواب‬
‫واملعاهدة واملباهلة وامليثاق‪ ...‬وحنوه وخيتلف امليثاق عن التفاوض بأنه يعتبر نتيجة تفاوض مسبق‪.‬‬

‫‪ )( 1‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن‪ ،‬حممد األمني بن حممد املختار بن عبد القادر اجلكين الشنقيطي ‪ ،‬دار الفكر‬
‫بريوت ط ‪ 1415 ،‬هـ‪ 1995 -‬م ‪ ،‬ج ‪ 5‬ص ‪.433‬‬
‫‪ )(2‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن املرجع السابق ج ‪ 5‬ص ‪.433‬‬
‫‪ )( 3‬أيسر التفاسري لكالم العلي الكبري ‪ ،‬أبو بكر اجلزائري ‪ ،‬مكتبة العلوم واحلكم‪ ،‬املدينة املنورة‪ ،‬اململكة العربية السعودية ط‬
‫اخلامسة‪1424 ،‬هـ‪2003/‬م ‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪.334‬‬

‫‪16‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫اآليات التي ورد فيها التفاوض باللفظ أو بالمعنى‬

‫لم يرد التفاوض في القرآن صراحة فيما توصلت إليه ‪ ،‬إمنا أتى الفعل – فوض – وهو من‬
‫التفويض فيما حكاه تبارك وتعاىل عن مؤمن آل فرعون‪ ،‬من قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ﮋ ﮊ ( ‪.) 1‬‬ ‫ﮊ‬
‫والفعل فوض هنا من تفويض األمر وإرجاعه‪.‬‬
‫وسيورد الباحث يف هذا املبحث عددًا من اآليات واليت يستفاد منها أن ماحصل فيها يعد‬
‫من قبيل التفاوض وسيتم التعليق على بعض اآليات(‪.)2‬‬

‫اآليات التي يستفاد منها ورود التفاوض فيها بالمعنى ‪:‬‬


‫يف استخراج التفاوض من آيات كتاب ربنا العزيز‪ ،‬تقرر لدى الباحث عدد من األمور‬
‫ومنها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬ندرة استخدام مصطلح التفاوض عند أهل التفسري املتقدمني ومن بعدهم ‪ ،‬رمحهم اهلل ‪،‬‬
‫ورمبا استعاض البعض منهم ‪ ،‬مبصطلحات أخرى ‪ ،‬مما تقدم ذكره(‪. )3‬‬
‫‪ -2‬االستفادة من اآليات مبا يكون من قبيل االستنباط ملا يتصل بالتفاوض‪ ،‬ومعاذ اهلل أن حنمل‬
‫اآليات ما ال حتتمل‪.‬‬
‫‪ -3‬بعض اآليات تكون أقرب من غريها للتفاوض ‪ ،‬مثل اآليات اليت حتدثت عن يعقوب عليه‬
‫السالم مع إخوة يوسف يف بداية طلبهم بالذهاب بيوسف معهم ‪ ،‬وقد أضمروا الشر‪،‬‬
‫وبعض اآليات يستفاد ويستنبط منها ما يفيد يف ممارسة التفاوض‪.‬‬
‫ويتم إيراد وقائع ‪ ،‬ومواقف ‪ ،‬وأحداث ‪ ،‬جرى فيها ما جيري جمرى التفاوض يف مواضع‬
‫كثرية من القرآن الكرمي وخاصة مع املخالفني ‪ ،‬ومنها على سبيل املثال ما يلي ‪:‬‬
‫أوًال ‪ :‬التفاوض بين نوح عليه السالم وابنه‬
‫‪ )(1‬سورة غافر اآلية ‪.44‬‬
‫‪ )(2‬ألنه سيأيت تفصيل ذلك يف الباب الثاين يف فصل "تطبيقات التفاوض عند األنبياء عليهم السالم"‬
‫‪ )( 3‬يف الباب األول الفصل األول مبحث ألفاظ هلا صلة بالتفاوض ص ‪. 20‬‬

‫‪17‬‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬ ‫ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬
‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ‬ ‫ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﮊ ‪ .‬مناداة نوح عليه السالم البنه‬
‫وطلب منه الركوب يف السفينة يعد من قبيل الدعوة واملفاوضة معه حيث طلب منه ﮋ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﮊ وبنّي له عاقبة اإلعراض ﮋ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮊ ‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬التفاوض بين نبي اهلل إبراهيم عليه السالم وأبيه‪.‬‬


‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬ ‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯨ ﯩ‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﮊ (‪. )2‬‬

‫ثالثًا ‪ :‬ما حصل من تفاوض مع نبي اهلل موسى عليه السالم‬


‫تفاوض نبي اهلل موسى مع شعيب عليهما السالم‬ ‫‪-1‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ‬
‫ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ‬ ‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‬
‫ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﮊ (‪ . )3‬ويس‪mm‬تنبط من املوق‪mm‬ف املذكور يف اآلي‪mm‬ة الكرمية بني موس‪mm‬ى وش‪mm‬عيب‬
‫عليهم ‪mm‬ا الس ‪mm‬الم ‪ ،‬أن ‪mm‬ه يع ‪mm‬د من قبي ‪mm‬ل التف ‪mm‬اوض االجتم ‪mm‬اعي ‪ ،‬حيث ع ‪mm‬رض ش ‪mm‬عيب على موس ‪mm‬ى‬
‫ال‪m‬زواج من اح‪m‬دى ابنتي‪m‬ه ملا رأى من‪m‬ه من األمان‪m‬ة والق‪m‬وة وذل‪m‬ك مقاب‪m‬ل أن يس‪m‬تأجره مثان أو عش‪m‬ر‬
‫سنني ‪ ،‬فوافق موسى عليه السالم‪.‬‬
‫تفاوض نبي اهلل موسى عليه السالم مع فرعون‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬ ‫ﯺ ﯻ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬

‫‪ )( 1‬سورة هود اآليات‪.43 – 41‬‬


‫‪ )(2‬سورة مرمي اآليات ‪.49 – 42‬‬
‫‪ )(3‬سورة القصص اآليات ‪.28 ، 27‬‬

‫‪18‬‬
‫ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﮊ (‪ .)1‬أرس‪m‬ل اهلل رس‪m‬وله الك‪m‬رمي موس‪m‬ى علي‪m‬ه الس‪m‬الم إىل فرع‪m‬ون وقوم‪m‬ه‬
‫لدعوهتم أوًال ‪ ،‬ويف اآليات املتقدمة يطلب موسى عليه السالم منهم أن يؤدوا إليه عب‪mm‬اد اهلل بن‪mm‬وا‬
‫إسرائيل ‪ ،‬وعدم االستكبار مث طلب منهم يف حالة عدم رغبتهم يف اإلميان ﮋ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﮊ‬
‫"أي فال تعرتضوا يل ودعوا األمر مساملة إىل أن يقضي الّله بيننا" (‪ )2‬وتعد هذه املطالب من قبيل‬
‫التفاوض مع فرعون وهي حماوالت قوبلت بالصد واإلعراض ‪.‬‬
‫وقال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ‬
‫ﭮ ﭯ‬ ‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬ ‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬
‫ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮊ (‪ .)3‬ويف اآليات‬
‫الكرمية الس‪mm‬ابقة يت‪mm‬بني تف‪mm‬اوض املأل من ق‪mm‬وم فرع‪mm‬ون م‪mm‬ع فرع‪mm‬ون إىل أن خلص‪mm‬وا إىل نتيج‪mm‬ة إنظ‪mm‬ار‬
‫موس‪mm‬ى وه‪mm‬ارون عليهم‪mm‬ا الس‪mm‬الم ‪ ،‬وإرس‪mm‬ال يف املدائن حاش‪mm‬رين ل‪mm‬دعوة ك‪mm‬ل س ‪ّm‬ح ار عليم ملنازل‪mm‬ة‬
‫موسى وهارون عليهما السالم ‪ ،‬وفيه لفتة أن أهل الباطل يعيشون لباطلهم يف نظام وختطيط‪.‬‬
‫تفاوض نبي اهلل موسى عليه السالم مع بني إسرائيل‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬ ‫ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫(‪) 4‬‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﮊ ‪.‬‬

‫تفاوض نبي اهلل موسى عليه السالم مع سحرة فرعون‪.‬‬ ‫‪-4‬‬


‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ‬
‫ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﮊ (‪ .)5‬مما‬ ‫ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ‬
‫جيري جمرى التفاوض طلب السحرة من موسى عليه السالم وختيريه يف البدء يف تق‪m‬دمي ماج‪m‬اء ب‪m‬ه من‬

‫‪ )(1‬سورة الدخان اآليات ‪.22-19‬‬


‫‪ )(2‬تفسريالقرآن العظيم ‪ ،‬بن كثري مرجع سابق ج‪ 4‬ص‪171‬‬
‫‪ )(3‬سورة األعراف اآليات ‪.112 – 104‬‬
‫‪ )(4‬سورة املائدة اآليات ‪.23 – 20‬‬
‫‪ )(5‬سورة األعراف اآليات ‪.120 – 113‬‬

‫‪19‬‬
‫ﮊ‪.‬‬ ‫بينة وحجة ﮋﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬

‫ثالثًا ‪ :‬تفاوض نبي اهلل يعقوب عليه السالم وبنيه إخوة يوسف‪.‬‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬
‫ﰁ ﰂ‬ ‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬
‫ﭨ ﭩ‬ ‫ﰃ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮊ (‪ .)1‬طلب إخوة يوسف من أبيهم يعقوب عليه‬
‫الس‪mm‬الم ب‪mm‬أن يرس‪mm‬ل معهم أخيهم يوس‪mm‬ف علي‪mm‬ه الس‪mm‬الم ‪ ،‬يع‪mm‬د من قبي‪mm‬ل املفاوض‪mm‬ة لعلمهم حبرص أبيهم‬
‫وخوفه عليه ‪.‬‬

‫رابعًا ‪ :‬تفاوض لوط عليه السالم وقومه‪.‬‬


‫ﮨ ﮩﮪ‬ ‫قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ‬
‫ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒﰓ ﰔ ﰕ ﰖﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﮊ (‪ . )2‬في اآليات الكريمة ‪،‬‬ ‫ﰅ‬
‫بي‪m‬ان لتف‪m‬اوض ل‪m‬وط علي‪m‬ه الس‪m‬الم ‪ ،‬م‪m‬ع قوم‪m‬ه ‪ ،‬وطلب‪m‬ه منهم أن يكف‪m‬وا عن غيهم وفاحش‪m‬تهم ‪ ،‬وال يخزون‪m‬ه في‬
‫أضيافه ‪.‬‬

‫خامسًا ‪ :‬تفاوض إخوة يوسف فيما بينهم‪.‬‬


‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬
‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯕ ﮊ ( ‪.) 3‬‬ ‫ﯔ‬
‫يتبني من خالل اآليات الكرمية ‪ ،‬أن إخوة يوسف ‪ ،‬امتألت ص‪mm‬دورهم حس‪mm‬دًا على يوس‪mm‬ف ‪،‬‬
‫وتفاوضوا فيم‪m‬ا بينهم ‪ ،‬ط‪m‬البني اخلالص من يوس‪m‬ف ‪ ،‬علي‪m‬ه الس‪m‬الم ‪ ،‬وخلص‪m‬وا من تفاوض‪m‬هم بني أن‬

‫‪ )(1‬سورة يوسف آيات ‪.18 – 11‬‬


‫‪ )(2‬سورة هود اآليات ‪.81 – 77‬‬
‫‪ )(3‬سورة يوسف آيات ‪.10-7‬‬

‫‪20‬‬
‫يقتلوه‪ ،‬أو جيعلوه يف البئر ‪ ،‬إىل أن اتفقوا على وضعه يف البئر‪.‬‬
‫وورد لفظ التفاوض في السنة النبوية ولها معان ومن األحاديث التي ورد فيها ذكر التفاوض‪.‬‬
‫ومنها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬قال عطاء حدثين أبو هريرة أنه مسع رسول اهلل ‪ ‬يقول‪" :‬من فاوضه فإمنا يفاوض يد‬
‫الرمحن"(‪.)1‬‬
‫‪" -2‬من فاوض احلجر األسود فإمنا يفاوض يد الرمحن"(‪.)2‬‬
‫‪" -3‬وكل بالركن اليماىن سبعون ملكا فمن قال اللهم إىن أسألك العفو والعافية ىف الدنيا‬
‫واآلخرة ربنا آتنا ىف الدنيا حسنة وىف اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار‪ ،‬قال‪ :‬آمني ومن‬
‫فاوض الركن األسود فإمنا يفاوض يد الرمحن"(‪.)3‬‬
‫والتفاوض يف هذه األحاديث يعين "من احلكمة يف تقبيل احلجر األسود ما ذكر عن علي‬
‫رضي اهلل تعاىل عنه أن النيب أخرب أنه من أحجار اجلنة ‪ ،‬فإذا كان كذلك فالتقبيل ارتياح إىل اجلنة‬
‫وآثارها ومنها أن النيب أخرب أنه ميني اهلل يف األرض‪ ،‬وقال رسول اهلل من فاوض احلجر األسود‬
‫فكأمنا يفاوض يد الرمحن وقال احملب الطربي واملعىن يف كونه ميني اهلل واهلل أعلم أن كل ملك إذا‬
‫قدم عليه قبلت ميينه وملا كان احلاج واملعتمر أول ما يقدمان يسن هلما تقبيله فنزل منزلة ميني امللك‬
‫ويده وهلل املثل األعلى ولذلك من صافحه كان له عند اهلل عهد كما أن امللك يعطي العهد‬
‫باملصافحة"(‪.)4‬‬
‫فكان استالم احلجر وتقبيله مبثابة اإلفضاء ‪ ،‬واهلل أعلم ‪.‬‬
‫‪ -4‬ما حصل يف املعاهدات واملواثيق‬
‫عقد رسول اهلل ‪ ‬معاهدات ومواثيق‪ ،‬ومعلوم أنه يسبقها تفاوض ‪ ،‬ومنها صلح احلديبية‬
‫والذي جرى فيه عدد من املفاوضات ومع شخصيات خمتلفة ‪ ،‬ويكاد ال يكون مثة صلح يعقد أو‬

‫‪ )(1‬سنن ابن ماجه ‪ ،‬كتاب املناسك ‪،‬باب فضل الطواف ‪،‬ح ‪ ، 2957‬ج‪ 2‬ص ‪ 985‬قال األلباين ضعيف‪.‬‬
‫‪ )( 2‬ك ‪mm‬نز العم ‪mm‬ال ‪ ،‬يف س ‪mm‬نن األق ‪mm‬وال واألفع ‪mm‬ال ‪ ،‬علي بن حس ‪mm‬ام ال ‪mm‬دين املتقي اهلن ‪mm‬دي ‪ ،‬اإلكم ‪mm‬ال من احلج ‪mm‬ر األس ‪mm‬ود ‪ ،‬ح‬
‫‪ ،34749‬ج‪ 12‬ص ‪ ، 396‬الديلمي ‪ ،‬عن أيب هريرة‪.‬‬
‫‪ )( 3‬كنز العمال ‪ ،‬يف سنن األقوال واألفعال ‪ ،‬علي بن حسام الدين املتقي اهلندي ‪ ،‬باب الركن اليماين ‪ ،‬ح‪ ، 34753‬ج‬
‫‪ 12‬ص‪.397‬‬
‫‪ )(4‬عمدة القاري شرح صحيح البخاري ‪ ،‬بدر الدين العيين احلنفي ‪ ،‬ج‪ 14‬ص‪ 470‬بتصرف يسري‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫معاهدة تربم أو ميثاق يؤخذ إال ومير عرب مفاوضات يتم تداوهلا بني األطراف املعنية أو من ميثلها‬
‫وجند التفاوض يتجلى من خالل مراحل واضحة يف صلح احلديبية وما نتج عنها من معاهدة بني‬
‫الرسول ‪ ‬وقريش وورد عن ذلك ‪" :‬قال شعبة عن أيب إسحاق قال مسعت الرباء بن عازب‬
‫رضي اهلل عنهما قال ‪ :‬ملا صاحل رسول اهلل ‪ ‬أهل احلديبية كتب علي بينهم كتابا فكتب حممد‬
‫رسول اهلل ‪ ‬فقال املشركون ال تكتب حممد رسول اهلل لو كنت رسوال مل نقاتلك فقال لعلي "‬
‫احمه " ‪ .‬فقال علي ما أنا بالذي أحماه فمحاه رسول اهلل ‪ ‬بيده وصاحلهم على أن يدخل هو‬
‫وأصحابه ثالثة أيام وال يدخلوها إال جبلبان السالح فسألوه ما جلبان السالح ؟ فقال القراب مبا‬
‫فيه"(‪.)1‬‬

‫‪ )(1‬صحيح البخاري ‪ ،‬كتاب الصلح ‪ ،‬باب كيف يكتب هذا ما صاحل فالن ابن فالن ‪ ،‬ح ‪ ، 2551‬ج ‪ 2‬ص‪.959‬‬

‫‪22‬‬
‫المبحث الرابع‬
‫أقوال المفسرين في معنى التفاوض‬

‫من خالل االطالع على عدد من كتب التفسري املعتربة وجدت ندرة يف ذكر مصطلح‬
‫التفاوض ‪ ،‬وحسب ما توصلت إليه أن مصطلح التفاوض ‪،‬مل يكن مشهورًا ‪ ،‬أو مشاعًا ‪ ،‬وال‬
‫متداوًال يف الصدر األول ‪ ،‬وإمنا يذكر نتيجة التفاوض ‪ ،‬كامليثاق ‪ ،‬والصلح ‪ ،‬واملعاهدة ‪ ،‬واملباهلة‬
‫وحنوه ‪ ...‬وفيما يلي يتم إيراد ما وجد من ذكر التفاوض يف كتب التفسري صراحًة أو باملعىن ‪.‬‬
‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﮊ(‪.)1‬‬ ‫‪-1‬‬
‫اهلل س ‪mm‬بحانه ‪ ،‬يعلم الس ‪mm‬ر وأخفى " فعقب ذل ‪mm‬ك باإلنك ‪mm‬ار على من ال يعلم ذل ‪mm‬ك والت ‪mm‬وبيخ ل ‪mm‬ه‬
‫ﯟ ﯠ ﮊ وه‪mm‬و م‪mm‬ا أخفت‪mm‬ه‬ ‫والتقري‪mm‬ع فق‪mm‬ال ‪ :‬ﮋﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﮊ أي ال‪mm‬ذي ل‪mm‬ه ص‪mm‬فات الكم‪mm‬ال ﮋ‬
‫ﮊ أي م ـ ـ ــا ف ـ ـ ــاوض في ‪mm m m m‬ه بعض ‪mm m m m‬هم بعض ‪mm m m m‬ا ‪ ,‬ال خيفى علي ‪mm m m m‬ه ش ‪mm m m m‬يء من ‪mm m m m‬ه‬ ‫ص ‪mm m m m‬دورهم ﮋ ﯡ‬
‫ﮋ ﯢ ﯣ ﮊ أي الذي له اإلحاطة الكاملة ﮋ ﯤ ﯥ ﮊ"(‪. )2‬‬
‫ويدل هذا على أن التفاوض قديكون ب‪mm‬النجوى والتن‪mm‬اجي وغالب‪ًm‬ا م‪mm‬ا يك‪mm‬ون يف الباط‪mm‬ل أو ع‪mm‬دمي‬
‫اخلري كما قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﮊ(‪ )3‬ويتبني يف اآلية التالية الكرمية ويف سياق بديع‬
‫عن حال التف‪m‬اوض بالتن‪m‬اجي ‪ ،‬ض‪m‬د موس‪m‬ى ‪،‬وه‪m‬ارون ‪ ،‬عليهم‪m‬ا الس‪m‬الم ‪،‬كم‪m‬ا يف قول‪m‬ه تع‪m‬اىل ‪ :‬ﮋ ﯭ‬
‫(‪) 4‬‬
‫‪.‬‬ ‫ﯪ ﯫ ﯬﮊ‬ ‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯧ ﯨ ﯩ‬
‫كما يتبني من اآليات الكرمية ‪ ،‬تعاضد أهل الباطل ‪ ،‬وتفاوضهم فيما بينهم ‪ ،‬نصرًة يف الباطل ‪،‬‬
‫والظلم‪ ،‬والعدوان ‪.‬‬
‫قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﮊ (‪.)5‬‬ ‫‪-2‬‬

‫‪ )(1‬سورة التوبة اآلية ‪.78‬‬


‫‪ )(2‬برهان الدين أبو احلس‪m‬ن نظم ال‪m‬درر ىف تناس‪m‬ب اآلي‪m‬ات والس‪m‬ور ‪ ،‬دار الكتب العلمي‪m‬ة ‪ ،‬ب‪m‬ريوت‪،‬ط ‪ 2002 / 2‬م ـ ‪1424‬‬
‫هـ‬
‫ج ‪ 3‬ص ‪.591‬‬
‫‪ )(3‬سورة النساء اآلية ‪.114‬‬
‫‪ )(4‬سورة طه اآليات ‪. 63 ، 62‬‬
‫‪ )(5‬سورة البقرة اآلية ‪.190‬‬

‫‪23‬‬
‫"وسبب نزول هذه اآلية أن رسول اهلل ‪ ‬اشتاق هو وصحابته إىل البيت احلرام ‪ ،‬وأرادوا‬
‫أن يعتمروا ‪ ،‬فجاءوا يف ذي القعدة من السنة السادسة من اهلجرة ‪ ،‬وأرادوا أن يؤدوا العمرة ‪ ،‬فلما‬
‫ذهبوا وكانوا يف مكان امسه احلديبية‪ ،‬ووقفت أمامهم قريش وقالت‪ :‬ال ميكن أن يدخل حممٌد‬
‫وأصحابه مكة ‪ ،‬وقامت مفاوضات بني الطرفني‪ ،‬ورضي رسول اهلل ‪ ‬بعدها أن يرجع هذا العام‬
‫على أن يأيت يف العام القادم‪ ،‬وخُت لى هلم مكة ثالثة أيام يف شهر ذي القعدة ‪ ،‬وكان الرسول ‪ ‬قد‬
‫بشر أصحابه بأهنم سيدخلون املسجد احلرام حملقني ومقصرين‪ ،‬وشاع ذلك اخلرب‪ ،‬وفرح به‬
‫املسلمون وسعدوا‪ ،‬مث فوجئوا بمفاوضات رسول اهلل ورجوعه على بعد حنو عشرين كيلو مرتًا من‬
‫مكة وحزن الصحابة‪ .‬حىت عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه غضب وقال للنيب ‪ : ‬ألست رسول‬
‫اهلل؟ ألست على احلق؟ فقال أبو بكر ‪ :‬الزم غرزك يا عمر إنه لرسول اهلل ‪ ،‬وبناًء على ذلك املنع‬
‫من دخول البيت احلرام للرسول ‪ ‬وأصحابه رضوان اهلل عليهم "قامت مفاوضات بني الطرفني‪،‬‬
‫ورضي رسول اهلل بعدها أن يرجع هذا العام على أن يأيت يف العام القادم‪ ،‬وخُت لى هلم مكة ثالثة أيام‬
‫يف شهر ذي القعدة"(‪ .)1‬ويعترب صلح احلديبية من أقوى وأبرز مواضع التفاوض يف حياة املسلمني‬
‫حيث استمرت فيه املفاوضات وانتدبت قريش عدة شخصيات كان آخرهم الذي انتهت معه‬
‫(‪)2‬‬
‫املفاوضات ممثلهم هو سهيل بن عمر‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬ ‫‪-3‬‬
‫ﭷ ﭸ ﭹﮊ(‪.)3‬‬
‫وجند يف حال استئذان املنافقني من الرسول ‪" ‬من مراعاة جانبه ‪ ‬وتعهده حبسن‬
‫المفاوضة ولطف املراجعة ما ال خيفي على أويل األلباب قال سفيان بن عيينة انظروا إىل هذا‬
‫اللطف بدأ بالعفو قبل ذكر املعفو"(‪ ،)4‬ومل يسجل التاريخ لبشر مثل ما سجل للنيب ‪ ، ‬من‬
‫احلرص على حسن املفاوضة ليس مع القريب فحسب بل حىت مع األعداء ‪ ،‬تفاوض تعلوه الرمحة‬

‫‪ )(1‬تفسري الشعراوي ‪ ،‬خواطري حول القرآن الكرمي ‪،‬حممد متويل الشعراوي‪ ،‬نشر أخبار اليوم‪1991 ،‬م ‪ ،‬ص ‪.194‬‬
‫‪ )( 2‬س ‪mm‬هيل بن عم ‪mm‬رو بن عب ‪mm‬د مشس بن عب ‪mm‬د ود بن نص ‪mm‬ر بن مال ‪mm‬ك بن حس ‪mm‬ل بن ع ‪mm‬امر بنل ‪mm‬ؤي بن غ ‪mm‬الب بن فه ‪mm‬ر القرش ‪mm‬ي‬
‫الع ‪mm‬امري ‪ ،‬أس ‪mm‬ر ي ‪mm‬وم ب ‪mm‬در ‪ ،‬وأس ‪mm‬لم ي ‪mm‬وم الفتح وك ‪mm‬ان خطيب ‪ًm‬ا مفوه ‪ًm‬ا ‪ ،‬أح ‪mm‬د أش ‪mm‬راف ق ‪mm‬ريش وعقالئهم وس ‪mm‬اداهتم وك ‪mm‬ان من‬
‫اس‪mm‬باب ثب‪mm‬ات ق‪mm‬ريش على اإلس‪mm‬الم حني ت‪mm‬ويف الن‪mm‬يب ‪ ‬وارت‪mm‬دت الع‪mm‬رب‪،‬أس‪mm‬د الغاب‪mm‬ة ابن األث‪mm‬ري ‪،‬دار الفك‪mm‬ر ب‪mm‬ريوت ‪-1409‬‬
‫‪ ، 1989‬ج‪ 2‬ص‪.328‬‬
‫‪ )(3‬سورة التوبة اآليات ‪.43 ، 42‬‬

‫‪24‬‬
‫ويظهر فيه احلرص على احلق‪ ،‬ورغبة يف اخلري للغري مهما كانوا ‪ ،‬إضافة إىل الوضوح والدقة يف‬
‫التفاوض‪.‬‬
‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬ ‫‪ -4‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﮊ (‪.)1‬‬
‫"ومتت المفاوضة بني نوح عليه السالم وابنه حبثًا عن جناته وطلب الركوب مع‪mm‬ه واملؤم‪mm‬نني يف‬
‫السفينة وال‪m‬ذي واجه‪m‬ه ب‪m‬الرفض والعص‪m‬يان حيث"ك‪m‬انت الس‪m‬فينة جتري ‪ -‬واملش‪m‬هور أن‪m‬ه عال ش‪m‬وامخ‬
‫اجلب ‪mm‬ال مخس ‪mm‬ة عش ‪mm‬ر ذراع ‪mm‬ا أو أربعني ذراع ‪mm‬ا ولئن ص ‪mm‬ح ذل ‪mm‬ك فه ‪mm‬ذا اجلري ‪mm‬ان إمنا ه ‪mm‬و قب ‪mm‬ل أن يتف ‪mm‬اقم‬
‫اخلطب كما يدل علي‪m‬ه قول‪m‬ه تع‪m‬اىل ون‪m‬ادى ن‪m‬وح ابن‪m‬ه ف‪m‬إن ذل‪m‬ك إمنا يتص‪m‬ور قب‪m‬ل أن تنقط‪m‬ع العالق‪m‬ة بني‬
‫الس‪mm m‬فينة وال‪mm m‬رب إذ حينئ‪mm m‬ذ ميكن جري‪mm m‬ان م‪mm m‬ا ج‪mm m‬رى بني ن‪mm m‬وح علي‪mm m‬ه الص‪mm m‬الة والس‪mm m‬الم وبني ابن‪mm m‬ه من‬
‫المفاوضة باالستدعاء إىل الس‪m‬فينة واجلواب باالعتص‪m‬ام باجلب‪m‬ل "(‪ )2‬ويس‪m‬تفاد من ثناي‪m‬ا اآلي‪m‬ة الكرمية ‪،‬‬
‫أنه ينبغي استثمار الوقت املتاح والظروف ‪ ،‬ومن ذل‪mm‬ك أن نوح‪m‬ا علي‪mm‬ه الس‪mm‬الم ‪ ،‬ويف ه‪mm‬ذه اللحظ‪m‬ات‬
‫احلرجة ‪،‬طلب من ابنه الركوب معهم يف السفينة فقط ‪ ،‬لداللة أن الوعظ والتذكري ‪ ،‬قد سبق أجًال‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬ ‫طويًال لقومه ‪ ،‬واستخدم شىت أنواع األساليب ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ‬ ‫ﯤ‬ ‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫(‪) 3‬‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﮊ ‪.‬‬
‫يستفاد من اآليات الكرمية أن املفاوضات قد تكون يف السر وقد تكون يف العالنية ‪ ،‬وحتتاج‬
‫إىل صرب ‪.‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ‬ ‫‪-5‬‬
‫ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﮊ (‪. ) 4‬‬
‫وقد يراد من التفاوض الشر وهذا ما يصدر للصد عن احلق ‪ ،‬واإلعراض عنه ‪ ،‬فهنا جيب‬

‫‪ )( 4‬تفسري أيب السعود املسمى إرشاد العقل السليم إىل مزايا الكتاب الكرمي ‪ ،‬حممد بن حممد بن مصطفى العمادى احلنفى‬
‫أبو السعود‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬ج‪ 4‬ص ‪.69‬‬
‫‪ )(1‬سورة هود اآليات ‪.43 ، 42‬‬
‫‪ )(2‬تفسري أيب السعود ‪ ،‬مرجع سابق ج‪ 4‬ص ‪.210‬‬
‫‪ )(3‬سورة نوح اآليات ‪.٩ - ٥‬‬
‫‪ )(4‬سورة األنعام اآلية ‪.68‬‬

‫‪25‬‬
‫ﯼ ﮊ‬ ‫احلذر كل احلذر من ذلك واالجتناب " ﮋ ﯷ ﯸ ﮊ أيها السامع ﮋ ﯹ ﯺ ﯻ‬
‫(‪) 1‬‬
‫واخلوض يف اللغة عبارة عن المفاوضة على وجه اللغو والعبث"‬
‫ويرى الباحث أن اخلوض املنهي عنه يشمل االستهزاء ‪ ،‬والسخرية ‪ ،‬أو التكلم يف اآليات‬
‫باجلهل املركب وليس لديهم قبول للحق ‪.‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ‬ ‫‪-6‬‬
‫ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬ ‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫ﰃ ﰄ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ‬ ‫ﰀ ﰁ ﰂ‬ ‫ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬
‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮊ (‪.)2‬‬
‫"وهذه المفاوضة مل تكن مع سارة فقط بل كانت مع إبراهيم أيضا "(‪. )3‬‬
‫ويف هذه اآليات الكرمية املتقدمة ما كان من قبيل التفاوض بني الرسل عليهم السالم وبني‬
‫املالئكة كما حصل بني اخلليل إبراهيم وزوجه سارة عليهم السالم وبني املالئكة حينما دخلوا عليه‬
‫وبشروه بغالم حليم‪.‬‬
‫قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬ ‫‪-7‬‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﮊ ( ‪. )4‬‬
‫والفتح املبني الذي مّن اهلل به على املؤمنني ما كان إال نتيجة املدرسة احملمدية يف التفاوض‬
‫وهو من أعظم املفاوضات اليت حصلت يف التاريخ "فلما أهنى رسول اهلل ‪ ‬ما بينه وبني املشركني‬
‫يف المفاوضة على الرجوع والتحلل يف مكاهنم مث العودة بعمرة أخرى من عام قابل‪ ،‬وعظم ذلك‬
‫وشق على أصحابه أهنم مل يدخلوا مكة‪ ،‬ولكن املصطفى ‪ ‬قد أعطى وعدًا حىت قال‪" :‬والذي‬

‫‪ )( 1‬الكشف والبيان ‪ ،‬أبو إسحاق أمحد النيسابوري ‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬لبنان ‪ 1422 -‬هـ ‪2002 -‬‬
‫م ‪ ،‬ط األوىل ‪ ،‬ج‪ 3‬ص ‪.289‬‬
‫‪ )(2‬سورة هود آية ‪.76 – 69‬‬
‫‪ )(3‬روح املعاين يف تفسري القرآن العظيم والسبع املثاين األلوسي أبو الفضل دار إحياء الرتاث العريب ‪ ،‬بريوت ‪ 27‬ص ‪.13‬‬
‫() سورة الفتح اآلية ‪.3 – 1‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪26‬‬
‫نفسي بيده ال يسألونين خطة يعظمون فيها حرمات اهلل إال أعطيتهم إياها(‪.)2(")1‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬ ‫‪-8‬‬
‫ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ‬
‫ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﮊ ( ‪.) 3‬‬
‫وممن ذكر لفظ التفاوض يف تفسري هذه اآلية أبو حيان رمحه اهلل ‪" ،‬ومسى تعاىل تلك‬
‫المفاوضة اليت جرت بني رؤساء الكفار وأتباعهم ختاصمًا "(‪ )4‬ويبدوا للباحث أن ذلك ختاصم‬
‫وتنازع وليس تفاوض‪.‬‬
‫واألمور يف الشريعة اإلسالمية‪ ،‬مبقاصدها ‪َ " ،‬لوال و الِّر اِل ا ِلِم ني ‪ ،‬ال ساِء‬
‫َو ّن‬ ‫َو ُوُج ُد َج ُملْس‬
‫ا ْس ِلماِت ‪ ،‬يِف َم َّك َة َلَعَّذ َب اُهلل الُك َّفاَر ‪َ ،‬و َلَس َّلَط َعَليِه م ا ْؤ ِمِنَني َيْق ُتُلوَنُه ْم ِح يَنما َجَعُلوا يف ُقُلوِهِبم‬
‫ُمل‬ ‫ُمل‬
‫ِمَح َّيَة اَجلاِهِليِة ‪ِ ، -‬إذ أىب َمُمِّثُلُه ْم يف ُمَف اَو َض اِت الُّص ْلِح "ُس َهْيُل َبُن َعْم رو" َأْن َيْك ُتَب يِف َو ِثيَق ِة الُّص ْلِح‬
‫"ِبْس ِم اِهلل الَّرمْح ِن الَّر ِح يِم " َك ما َأىَب َأْن َيْك ُت فيها "َحُمَّمٌد َرُس وُل اِهلل" ‪َ ،‬و ِح يَنما َأْخ َذ ْتُه الِعَّز ُة باِإلِمْث‬
‫ُم‬ ‫َب‬
‫َفَأَص ُّر وا َعَلى َم ْنِع الَّر ُس وِل َو ا ْس ِلِم َني ِم ْن ُدُخ وِل َم َّك َة يف َعاِم ِه ْم َذاَك ‪َ .‬فَأْنَز َل اُهلل اُهلُد وِء والُّطَم أْنيَنَة‬
‫َلى وِلِه ‪ ،‬لى ا ْؤ ِم ن ُمل‪َ ،‬د َأ ُفو ‪َ ،‬قبُلوا ِبُش وِط الُّص ْلِح ‪ ،‬مَح ا ا ِم‬
‫َو ُه ُم ُهلل ْن‬ ‫ُر‬ ‫َو َع ُمل َني َفَه ْت ُن ُسُه ْم َو‬ ‫َع َرُس‬
‫َو َس اِوِس الَّش ْيَطاِن ‪َ ،‬و ألَزَمُه ْم َك لمَة الَّتْق وى والَّتوحيِد "َال ِإلَه ِإَّال اُهلل" َو َك اُنوا ُه ْم َأْه َلها ‪َ ،‬و َأَح َّق هِب ا‬
‫ِح ٍد ِم‬ ‫ِز‬ ‫ِف‬ ‫ِل ِمِن‬ ‫ٍء ِم‬ ‫ِل ِب‬ ‫ِم ِرْي ِه‬
‫ْن َغ ْم ‪َ ،‬و َك اَن اُهلل َعا مًا ُك ِّل َش ي ْن َأْح َو ا اُملْؤ َني َو الَك ا ِر يَن ‪َ ،‬و َجُيا ي ُك َّل َو ا َن‬
‫اَخلْلِق ِبَعَم ِلِه"(‪.)5‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬ ‫‪-9‬‬
‫ﮊ ( ‪.)6‬‬
‫يستفاد من اآلية الكرمية أن ما يتم بني اجملري املسلم ‪ ،‬واملستجري غري املسلم بعد ما يبلغه مأمنه‬

‫ح ‪ 2581‬ج ‪2‬ص‪974‬‬
‫‪ )( 1‬صحيح البخاري ‪ ،‬كتاب الشروط ‪ ،‬باب الشروط يف اجلهاد واملصاحلة ‪،‬‬
‫‪ )( 2‬تفسري سورة احلجرات ‪ ،‬عطية بن حممد سامل ‪ 1‬ص ‪.2‬موقع املكتبة الشاملة على الشبكة‬
‫‪ )( 3‬سورة ص اآليات ‪.61 – 56‬‬
‫‪ )( 4‬تفسري البحر احمليط ‪ ،‬حممد بن يوسف الشهري بأيب حيان األندلسي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بريوت ط ‪ ،‬األوىل ‪1422 -‬‬
‫هـ ‪ 2001 -‬م ج ‪ 7‬ص ‪.390‬‬
‫‪ )( 5‬أيسر التفاسري ‪ ،‬ألسعد حومد ‪ ،‬ج‪ 1‬ج ‪. http://www.altafsir.com 4488‬‬
‫‪ )(6‬سورة التوبة اآلية ‪.6‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ ،‬مث يسمعه كالم اهلل ‪ ،‬هو من قبيل التفاوض بعرض اإلسالم على املستجري ‪" ،‬واالستجارة ‪ :‬طلب‬
‫اجلوار ‪ ،‬وملا كانت إقامة املشرك املستجري عند النيب عليه الصالة والسالم ال ختلو من عرض‬
‫اإلسالم عليه وإمساِعه القرآن ‪ ،‬سواء كانت استجارته لذلك أم لغرض آخر ‪ ،‬ملا هو معروف من‬
‫شأن النيب ‪ ‬من احلرص على هدي الناس ‪ ،‬جعل مساع هذا املستجري القرآن غاية إلقامته الوقتية‬
‫عند الرسول ‪ ‬فدّلت هذه الغاية على كالم حمذوف إجيازًا ‪ ،‬وهو ما تشتمل عليه إقامة املستجري‬
‫من تفاوض يف مهّم ‪ ،‬أو طلب الدخول يف اإلسالم ‪ ،‬أو عرض اإلسالم عليه ‪ ،‬فإذا مسع كالم اهلل‬
‫فقد ّمتت أغراض إقامته ألَّن بعضها من مقصد املستجري وهو حريص على أن يبدأ هبا ‪ ،‬وبعضها‬
‫من مقصد النيب عليه الصالة والسالم وهو ال يرتكه يعود حىّت يعيد إرشاده ‪ ،‬ويكون آخر ما يدور‬
‫معه يف آخر أزمان إقامته إمساعه كالم اهلل تعاىل "(‪.)1‬‬
‫يف قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﮊ (‪. )2‬‬ ‫‪-10‬‬
‫اخلطاب يف هذه اآلية الكرمية هبا استفهام إنكاري و "ْيِف َه َذ ا َداَل َلٌة َعَلى ُحْر َم ِة الَّتَف اُو ِض‬
‫َعَلى اَحْلِّق ‪َ ،‬لِكْن ُيْد َعى اْلُك َّفاُر َأِو اَحْلْر ِبُّيْو َن ِإىَل اَحْلِّق َو ُيْنَذ ُر ْو َن ِبَعَو اِقِب َأْم ِر ِه ْم ‪َ ،‬فِإْن ْمَل َيْس َتِج ْيُبْو ا‬
‫َدَفُعوا اِجْلْز َيَةِ إْن َك اُنْو ا ِم ْن َأْه ِلَه ا َو ِإال ُقِتُلْو ا"(‪.)3‬‬
‫ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯰ ﯱ ﯲ‬ ‫‪-11‬‬
‫ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋﮊ(‪.)4‬‬
‫يأمر ‪ ،‬اهلل – جل وعال ‪ -‬نبيه صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬بأن يقول "ﮋ ﯰ ﯱ ﯲ‬
‫ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﮊ قارين ساكنني فيها‪ ،‬ﮋ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﮊ يهديهم إىل احلق ؛‬
‫لتمكنهم من االجتماع به والتلقي منه‪ .‬وأما عامة البشر فهم مبعزل من استحقاق المفاوضة مع‬
‫املالئكة ؛ ألهنا منوطة بالتناُس ب والتجانس ‪ ،‬فبعث املالئكة إليهم مناقض للحكمة اليت يدور عليها‬
‫أمر التكوين والتشريع‪ .‬وإمنا يبعث امللك إىل اخلواص‪ ،‬املختصني بالنفوس الزكية ‪ ،‬املؤيدة بالقوة‬
‫القدسية ‪ ،‬فيتلقون منهم وُيبلغون إىل البشر ﮋ ﯿ ﰀ ﰁ ﮊ وحده ﮋ ﰂ ﮊ على أين أديُت ما علَّي‬

‫‪ )(1‬التحرير والتنوير ‪ ،‬حممد الطاهر ‪ ،‬ط ‪ 1420‬هـ ‪2000 -‬م التاريخ العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬ج‪ 6‬ص ‪.301‬‬
‫‪ )(2‬سورة املائدة اآلية ‪.50‬‬
‫‪ )( 3‬أحكام اجلهاد وفضائله ‪ ،‬العز ابن عبد السالم ِعُّز الِّد ْيِن َعْبُد اْلَعِز ْيِز ْبُن َعْبِد الَّس اَل ِم ط ‪ 1986-1406 ،1‬دار الوفاء‪،‬‬
‫جده ‪،‬ج‪ 1‬ص‪.90‬حتقيق نزيه كمال محاد‬
‫‪ )( 4‬سورة اإلسراء اآلية ‪. 96 – ٩٥‬‬

‫‪28‬‬
‫من مواجب الرسالة ‪ ،‬وأنكم فعلتم ما فعلتم من التكذيب والعناد‪ .‬فهو شهيد ﮋ ﰃ ﰄ ﮊ ‪ ،‬وكفى‬
‫به شهيًد ا ‪،‬ومل يقل ‪ :‬بيننا؛ حتقيًق ا للمفارقة ‪ ،‬وإبانة للمباينة ‪ ،‬ﮋ ﰆ ﰇ ﰈﮊ من الرسل والمرسل‬
‫إليهم‪ ،‬ﮋ ﰉ ﰊ ﮊ؛ حميًطا بظواهر أعماهلم و بواطنها ‪ ،‬فيجازيهم على ذلك‪ ،‬فإن عاّم ة البشر ال‬
‫تطيق املفاوضة مع امللك ؛ لتوقفها على التناسب بني املفاوض واملستفيض؛ فبعث لكل جنس ما‬
‫يناسبه؛ للحكمة اليت يدور عليها فلك التكوين والتشريع ‪،‬والذي تقتضيه احلكمة اإلهلية"(‪.)1‬‬
‫واحلال أن الكفار ‪ ،‬طلبوا نزول املالئكة ‪ ،‬حيث قالوا ‪ ،‬ﮋ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮊ (‪ )2‬وهم يف األصل ‪ ،‬مل يؤمنوا برسول ُأرسل إليهم ‪ ،‬وهم يعرفونه‪ ،‬ولبث‬
‫فيهم عمرًا من قبل ‪ ،‬وكان لديهم مؤمتن ‪ ،‬تودع لديه الودائع ‪ ،‬وهو الصادق "ما جربنا عليك‬
‫كذبًا" ‪ ،‬فإهنم من باب أوىل لن يؤمنوا باملالئكة ‪ ،‬واآلية الكرمية من قبيل املفاوضة املكبتة ‪ ،‬فما‬
‫طلبوه من نزول املالئكة ‪ ،‬وغريه من املطالبات ‪ ،‬إمنا هو هروب عن احلقيقة ‪ ،‬وطلبًا للعنت‬
‫والتعجيز ‪ ،‬وهو حاهلم وديدهنم ‪ ،‬وكذلك من تبعهم ‪.‬‬

‫() البحر املديد ‪ ،‬أمحد بن حممد بن املهدي بن عجيبة احلسين اإلدريسي الشاذيل الفاسي أبو العباس ‪،‬دار الكتب العلمية ـ‬ ‫‪1‬‬

‫بريوت ‪ ،‬ط الثانية ‪ 1423 ،‬ه ‪ 2002 -‬م ـ ـ ج‪ 4‬ص ‪.179‬‬


‫()سورة الزخرف اآلية ‪.٥٣‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪29‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫أسس التفاوض‬
‫وفيه أربعة مباحث‬
‫المبحث األول ‪ :‬األساس العلمي ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬األساس العاطفي ‪.‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬األساس المهاري ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫المبحث الرابع ‪ :‬األساس األخالقي‬

‫‪30‬‬
‫المبحث األول‬
‫األساس العلمي‬

‫وفيه ثالثة مطالب ‪:‬‬


‫المطلب األولً ‪ :‬موضوع التفاوض ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬صفات من يقوم بالتفاوض‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬االستدالل بالدليل والحجة والبرهان ‪ ،‬وخاتمة التفاوض‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫المطلب األولً ‪ :‬موضوع التفاوض‪.‬‬
‫من املعلوم أن األساس العلمي من أهم ما يتميز به التفاوض احلق حيث يبىن على أسس‬
‫علمية واضحة وجلية ‪ ،‬من شأهنا تيسري عملية التفاوض ‪ ،‬وقبوهلا لدى العقالء واملنصفني ‪ ،‬وهناك‬
‫عددًا من أسس التفاوض العلمية ‪ ،‬ومنها ما يتعلق مبوضوع التفاوض واملفاوض ‪ ،‬فعلم التفاوض "‬
‫نشأ عرب التاريخ وتارخينا اإلسالمي زاخر بالشواهد القصصية واألدلة القرآنية حول التفاوض ‪،‬‬
‫واألسلوب القرآين خري دليل على ذلك كأفضل أسلوب لإلقناع‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﮊ " (‪.)2( )1‬‬
‫واخلالف وارد بني البشر ال سيما بني أهل امللل والنحل قاطبة ولكي يظهر بريق احلق البد‬
‫أن يكون ملوضوع التفاوض ‪ ،‬نقطة التقاء يتم االجتماع عليها وتعد انطالقًا للتفاهم‪ ،‬والتفاوض ‪،‬‬
‫والتحاور‪ ،‬والنقاش ‪ ،‬فإذا كانت البدايات صحيحة ‪ ،‬كانت النهايات للمفاوضات موفقة بإذن‬
‫اهلل ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﮊ (‪.)3‬‬
‫فهذه اآلية الكرمية تعترب أساسًا علميًا وأصًال من أصول التفاوض ‪ ،‬وقد بني عدد من العلماء‬
‫املفسرين رمحهم اهلل حول هذه اآلية الكرمية إشارة إىل أن " هذا اخلطاب يعم أهل الكتاب من‬
‫اليهود والنصارى‪ ،‬ومن جرى جمراهم ﮋ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﮊ ‪ ،‬والكلمة تطلق على اجلملة‬
‫املفيدة‪ ،‬كما قال هاهنا‪ ،‬مث وصفها بقوله‪ :‬ﮋ ﭰ ﭱ ﭲ ﮊ أي‪ :‬عدل ونصف‪ ،‬نستوي حنن وأنتم‬
‫فيها‪ .‬مث فسرها بقوله‪ :‬ﮋ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﮊ "(‪.)4‬‬
‫فالقضية اليت يراد التفاوض فيها هي توحيد اهلل وعبادته وحده سبحانه ‪ ،‬وال يشرك معه أحد‬
‫من خلقه ‪ ،‬والتفاوض وسيلة لدعوة اخللق ‪ ،‬فقد كتب اهلل عليهم االختالف والتنوع‪.‬‬
‫ومن املعلوم أن التفاوض وسيلة من وسائل الدعوة ‪ ،‬يسعى لتوضيح املقاصد واملواقف ‪،‬‬
‫وجالء احلقائق وهداية الناس إىل احلق ‪ ،‬ويتقدم التفاوض على غريه من الوسائل الدعوية يف عرض‬
‫اإلسالم ‪ ،‬وهذا مامييز احلضارة اإلسالمية ‪ ،‬ففتحت األمصار وانتشر اإلسالم مبنهج قومي ‪ ،‬فهذا "‬

‫‪.١٢٥‬‬‫‪ )(1‬سورة النحل اآلية‬


‫‪ http://ibdas.alafdal.net/t526-topic )(2‬بتصرف يسري‪.‬‬
‫‪ )(3‬سورة آل عمران اآلية ‪.64‬‬
‫‪ )(4‬تفسري القرآن العظيم ‪،‬أبو الفداء إمساعيل بن عمر بن كثري دار طيبة ‪ ،‬ط الثانية ‪1420‬هـ ‪ 1999 -‬م ‪،‬ج‪ 2‬ص ‪.55‬‬

‫‪32‬‬
‫ربعُّي بُن عامر(‪ -)1‬رمحه اهلل ‪ -‬يف حواره مع رستم قائد الفرس وسط جنده ويف زينته ‪ ،‬فحني سأله‬
‫رستم‪ :‬ماذا جاء بكم؟ قال ربعٌّي ‪ ":‬اهلل ابتعثنا‪ ،‬واهلل جاء بنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إىل‬
‫عبادة اهلل‪ ،‬ومن ضيق الدنيا إىل سعتها‪ ،‬ومن جور األديان إىل عدل اإلسالم‪ ،‬فأرسَلنا بدينه إىل‬
‫خلقه لندعَو هم إليه ‪ ،‬فمن قبل منا ذلك قبلنا ذلك منه ورجعنا عنه ‪ ،‬وتركناه وأرضه يليها دوننا‪،‬‬
‫ومن أىب قاتلناه أبدًا حىت نفضَي إىل موعود اهلل‪ )2("..‬واملتأمل يف هذا املوقف الرائع ‪ ،‬جيد رقيا يف‬
‫التعامل والتفاوض وبيان ‪ ،‬يتجلى بكل وضوح ويتضمن املقاصد واألهداف حيث ﮋ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬
‫ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫وينبغي أن يتضمن موضوع التفاوض ‪ ،‬يف شىت جماالت احلياة عددًا من العناصر ‪،‬‬
‫واألهداف ومن ذلك ما يلي ‪:‬‬
‫أوًال ‪ :‬الهدف التفاوضي ومشروعيته‬
‫فكل عملية تفاوضية هلا هدف أساسي تسعى لتحقيقه والوصول إليه فالبد أن هتدف‬
‫القضية التفاوضية إىل هدف واضح وحمدد ‪ ،‬وتؤدي إىل حق مشروع أو معروف أو مباح ‪ ،‬فهناك‬
‫أمور ال تقبل التفاوض مطلقًا ‪ ،‬فال جيوز التفاوض الذي يؤدي إىل اعتداء على حقوق اآلخرين ‪،‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﮊ (‪.)4‬‬
‫إذ االعتداء من صفات الظاملني ‪ ،‬فقد فاوض مشركوا مكة أبا طالب ‪ ،‬على أن يكف النيب‬
‫‪ ،‬عن دعوته ‪ ،‬بل واستمروا على اعتدائهم حىت فاوضوا رسول اهلل ‪ ‬على أن يرتك دينه‬
‫ودعوته وهذا عني االعتداء ‪.‬‬
‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬ ‫فالقضايا املقطوعة يف الدين ليست حمًال للتفاوض قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﮊ (‪. ) 5‬‬
‫فالقضايا احملسومة يف الدين مثل قضايا ‪ ،‬حترمي الزنا ‪ ،‬واخلمر ‪ ،‬والربا ‪ ،‬أو إباحة تعدد‬

‫‪ )( 1‬ربعي بن عامر بن خالد بن عمرو األسيدي العمروي التميمي صحايب جليل شهد القادسية والري وفتح دمشق‬
‫وهناوند ‪.‬البداية والنهاية ‪ ،‬إمساعيل بن عمرو بن كثري ‪ ،‬مكتبة املعارف بريوت ‪ ،‬ج‪ 7‬ص‪121‬‬
‫‪)( 2‬تاريخ الطربي ‪ ،‬حممد بن جرير الطربي ‪ ،‬ط‪ 6‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة ج ‪ 3‬ص‪ 520‬بتصرف يسري‪.‬‬
‫‪ )(3‬سورة البقرة اآلية ‪.256‬‬
‫‪ )(4‬سورة البقرة اآلية ‪.190‬‬
‫‪ )(5‬سورة األحزاب اآلية ‪.36‬‬

‫‪33‬‬
‫الزوجات ‪ ,‬ومشروعية اجلهاد ‪ ،‬وغريها ‪ ،‬هي مسائل منبثقة من قضايا أصولية جيب االتفاق عليها‬
‫قبل الدخول يف األمور املتفرعة عنها ‪ ،‬ألن مناقشة الفرع مع كون األصل غري متفق عليه يعترب‬
‫نوعًا من التفاوض السقيم يف كثري من احلاالت‪.‬‬
‫وقال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﮊ (‪.)1‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬المعلومات‬
‫جيب احلرص على حتري الصدق يف املعلومات ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬
‫ﭹ ﮊ (‪ )2‬وذلك كي تعطي املعلومات حقيقة متكاملة حول املوضوع املراد التفاوض حوله ‪،‬‬
‫واملتتبع لآليات اليت ذكر فيها الصدق ‪ ،‬واألمر به ‪ ،‬وتعظيمه ‪ ،‬واحلث عليه يف القرآن الكرمي ‪،‬‬
‫يعلم أمهيته يف شىت مناحي احلياة ‪ ،‬ويتحتم ذلك يف التفاوض ‪ ،‬وذلك لتعلقه مبصاحل الناس‬
‫وحقوقهم ومطالبهم‪.‬‬

‫‪ )(1‬سورة النساء اآلية ‪.105‬‬


‫‪ )(2‬سورة التوبة اآلية‪.111‬‬

‫‪34‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬صفات من يقوم بالتفاوض‬
‫أوًال ‪ :‬األهلية‬
‫فالبد أن يتوافر الرشد واألهليه والكفاءة فيمن يريد أن يقوم بالتفاوض ‪ ،‬أو يقابل املفاوض‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﮊ (‪. )1‬‬
‫وأصله ىف اللغة ‪ :‬النقيب الواسع ‪ ،‬فنقيب القوم هو الذي ينقب أحواهلم‪ ،‬والنقيب "يكون‬
‫كفيال على قومه بالوفاء بالعهد توثقة عليهم"(‪ .)2‬وقد وردت أقوال يف النقيب ‪:‬‬
‫"أحدها ‪ :‬أنه الضمني ‪ ،‬وهو قول احلسن ‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬األمني ‪ ،‬وهو قول الربيع ‪.‬‬
‫والثالث ‪ :‬الشهيد على قومه ‪ ،‬وهو قول قتادة"(‪. )3‬‬
‫و" نقيب القوم ألنه الذي يبحث عن أمورهم ويباحث عنها"(‪ )4‬ويكون ذلك عن طريق‬
‫مفاوضة فيما بينهم ‪.‬‬
‫ومن أمثال العرب المشهورة ‪" ،‬أرسل حكيمًا وال توصه"(‪ ،)5‬ولذلك في عام الحديبية بعث‬
‫رسول الله ‪ ‬عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى مكة ‪ ،‬لما كان يتمتع به من إيمان وأهلية ورجاحة‬
‫عقل ‪ ،‬وحكمة‪ ،‬كما أن له مكانة لدى قريش ‪ ،‬فقد "دعا رسول الله عليه السالم عمر بن الخّطاب‬
‫ليبعثه إلى مّك ة ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رسول الله إّني أخاف قريشًا على نفسي ‪ ،‬وليس بمّك ة من بني عدي بن‬
‫كعب أحد يمنعني ‪ ،‬وقد عرفت قريش عداوتي إّياها ‪ ،‬وغلظتي عليهم ‪ ،‬ولكّني أُّدلك على رجل هو‬
‫أعّز بها مّني ‪ ،‬عثمان بن عّفان ‪ ،‬فدعا رسول الله عثمان ‪ ،‬فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش‬
‫يخبرهم أّنه لم يأت لحرب ‪ ،‬وإّنما جاء زائرًا لهذا البيت ‪ ،‬معّظمًا لحرمته ‪ ،‬فخرج عثمان إلى مّك ة ‪،‬‬

‫‪ )(1‬سورة املائدة اآلية ‪.112‬‬


‫‪ )(2‬تفسري اجلاللني‪ ،‬جالل الدين احمللي ‪ ،‬وجالل الدين السيوطي ‪ ،‬دار احلديث – القاهرة ‪ ،‬ط األوىل ‪ ،‬ج‪1‬ص‪.138‬‬
‫‪ )( 3‬النكت والعيون‪ ،‬أبو احلسن علي بن حممد بن حبيب املاوردي البصري ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بريوت لبنان ‪،‬ط األوىل‪،‬‬
‫‪ ، 1992-1412‬حتقيق ‪ :‬السيد بن عبد املقصود بن عبد الرحيم ج‪ 2‬ص‪.20‬‬
‫‪ )( 4‬احملرر الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز‪ ،‬أبو حممد عبد احلق بن غالب بن عطية األندلسي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬لبنان‬
‫‪1413‬هـ ـ ‪1993‬م ‪ ،‬ط ‪ ،‬األوىل ج‪ 5‬ص‪.150‬‬
‫‪ )( 5‬القائل هو الزبري بن عبداملطلب‪ ،‬يف شطر بيت من قصيدة له ‪ ،‬من حبر التقارب ‪ ،‬مجهرة األمثال أيب هالل العسكري‪،‬دار‬
‫الفكر ‪ ،‬ط الثانية ‪ ،1988 ،‬حتقيق حممد أبو الفضل‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مّك ة ‪ ،‬أو قبل أن يدخلها ‪ ،‬فنزل عن داّبته وحمله بين يديه ‪،‬‬
‫ثّم ردفه وأجاره حّتى بّلغ رسالة رسول الله ‪ ، ‬فقال عظماء قريش لعثمان حين فرغ من رسالة‬
‫رسول الله ‪ :‬إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به‪ ،‬فقال ‪ :‬ما كنت ألفعل حّتى يطوف به رسول‬
‫الله"(‪. )1‬‬
‫فاألهلية والكفاءة أساس علمي من أسس التفاوض‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬العلم‬
‫فينبغي أن يكون التفاوض عن علم ومعرفة ومن ذلك ‪:‬‬
‫‪ -1‬جيدر أن يكون متعلمًا واسع املعرفة واإلطالع لعدد من العلوم ولو على سبيل اإلمجال يف‬
‫بعضها وذلك مما يساعده يف عملية التفاوض واالستمرار فيها‪.‬‬
‫‪ -2‬العلم التام المتقن للموضوع المراد التفاوض حوله‪ ،‬مثل أسبابه‪ ،‬ودوافعه‪ ،‬وأهدافه‪ ،‬وغاياته‪.‬‬
‫ويعترب العلم أساس لنجاح التفاوض وخاصة العلم املتقن مبوضوع التفاوض وكل ما يتصل به‬
‫من أدلة وحجج ويعترب ذلك بشكل مستمر‪.‬‬
‫وألمهية العلم قبل الولوج يف مفاوضات وحنوه يقرر ابن تيمية رمحه اهلل بقوله‪" :‬وقد ينهون‬
‫عن اجملادلة واملناظرة ‪ ،‬إذا كان املناظر ضعيف العلم باحلجة وجواب الشبهة ‪ ،‬فيخاف عليه أن‬
‫يفسده ذلك املضل ‪ ،‬كما ينهى الضعيف يف املقاتلة أن يقاتل علًج ا قوًيا من علوج الكفار ‪ ،‬فإن‬
‫ذلك يضره ويضر املسلمني بال منفعة"(‪ )2‬والشك أن إدراك املفاوض املسلم هلذه احلقيقة‬
‫واستشعاره ألبعادها قبل التفاوض وأثناءه ‪ ،‬مينعه من الوقوع يف منزلق تقدمي التنازالت الثوابت‬
‫مثًال فالقرآن عقيدة وشريعة ونظام ومنهج حياة وكذا العبادات ‪ ...‬وعليه أن يكون واعيًا ملا يقبل‬
‫وما مينع أثناء التفاوض فال حيل حرامًا وال حيرم حالال‪.‬‬
‫وال يتصدر للتفاوض في أمر ال يعلم عنه شيئًا؛ فقد يجر على نفسه وعلى غيره من سوء العواقب‬

‫() الكشف والبيان ‪ ،‬أبو إسحاق أمحد النيسابوري ‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬لبنان ‪ 1422 -‬هـ ‪2002 -‬‬ ‫‪1‬‬

‫م ‪ ،‬ط األوىل ج‪ 9‬ص ‪.47‬‬


‫() درء تع‪m‬ارض العق‪m‬ل والنق‪m‬ل ‪ ،‬أو موافق‪m‬ة ص‪m‬حيح املنق‪m‬ول لص‪m‬ريح املعق‪m‬ول ‪ ،‬تقي ال‪m‬دين أمحد بن عب‪m‬د الس‪m‬الم بن عب‪m‬د احلليم‬ ‫‪2‬‬

‫بن عبدالس‪mm‬الم بن تيمي‪mm‬ة ‪ ،‬دار الكتب العلمي‪mm‬ة ‪ ،‬ب‪mm‬ريوت ‪1417 ،‬هـ ‪1997 -‬م ‪ ،‬حتقي‪mm‬ق ‪ :‬عب‪mm‬د اللطي‪mm‬ف عب‪mm‬د ال‪mm‬رمحن ‪ ،‬ج‬
‫‪،‬‬ ‫‪7‬‬
‫ص ‪.174 - 173‬‬

‫‪36‬‬
‫ما ال تحمد عقباه‪ ،‬فينبغي الحذر من ذلك ‪ ،‬قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﮊ(‪.)3‬‬

‫‪ )(3‬سورة اإلسراء آية ‪.48‬‬

‫‪37‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬االستدالل بالدليل والحجة والبرهان وخاتمة التفاوض‬
‫حث القرآن الكرمي يف كثري من آياته العناية باستخدام احلجة والدليل والربهان يف التفاوض‬
‫والدعوة وذلك أدعى للقبول لدى الطرف املقابل يف عملية التفاوض ما مل يكن مكابرًا معاندًا ‪،‬‬
‫ﭥ ﮊ (‪. ) 1‬‬ ‫ومن مث اخلروج بنتائج موفقة بإذن اهلل‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫وقال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ‬
‫ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫وينبغي عند احلديث عن أي مطلب أن يربز بدليل صحيح ‪ ،‬وحجة تعضد املطالب ملوافقة‬
‫األطراف عليها ‪ ،‬ومما تقرر "إن كنت ناقال فالصحة أو مدعيا فالدليل"‪.‬‬
‫وقد ورد يف القرآن الكرمي ‪ ،‬ذكر الدليل ‪ ،‬والربهان ‪ ،‬واحلجة ‪ ،‬والسلطان املبني ‪ ،‬يف مواضع‬
‫كثرية وذلك ألمهيتها ‪ ،‬وهي ضرورة يف املفاوضات وخاصًة تلك املفاوضات اليت يكون سببها‬
‫املطالبة باحلقوق ‪ ،‬أو الدعوة إىل أمر يرّغب فيه ‪.‬‬
‫خاتمة التفاوض‪:‬‬
‫اخلامتة واالنتهاء من التفاوض يكون له أحد حالني ‪:‬‬
‫الحالة األولى ‪ :‬االتفاق‬
‫فور االنتهاء من التفاوض باالتفاق يقتضي االلتزام والوفاء مبا ورد يف بنود االتفاق ‪ ،‬وااللتزام‬
‫هنا مبدأ ضروري يقتضيه التفاوض احلق ‪ ،‬بل ويعترب من أساسياته‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬
‫ﯠ ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫وقال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮊ‬
‫والوفاء بالعهد ‪ ،‬أو امليثاق تبنّي أنه عقد يتم عقده وإبرامه بعد التفاوض ‪ ،‬ويف حال القيام‬
‫بأي أمر‪ ،‬أو عمل من قبل طرف ‪ ،‬ينقض االتفاق ‪ ،‬ويكون غري ملزم للطرف الثاين الوفاء ‪ ،‬وذلك‬
‫كما فعل اليهود ‪ ،‬مع النيب ‪ ‬يف املدينة ‪ ،‬حينما نقضوا العهد ‪ ،‬وكذلك قريش حينما نقضت‬

‫‪ )(1‬سورة البقرة اآلية ‪ 111‬وسورة النمل اآلية ‪.64‬‬


‫‪ )(2‬سورة الكهف اآلية ‪15‬‬
‫‪ )(3‬سورة اإلسراء اآلية ‪.34‬‬
‫‪ )(4‬سورة املائدة اآلية ‪.1‬‬

‫‪38‬‬
‫بنود معاهدة صلح احلديبية ‪ ،‬فسار الرسول ‪ ‬متجهًا إىل فتح مكة وفتحها(‪ )5‬ألن التفاوض قد‬
‫تكون نتيجته معاهدة ‪ ،‬أو صلحًا يربم مثل احلديبية ‪ ،‬أو ميثاقًا وهكذا ‪.‬‬

‫الحالة الثانية ‪ :‬عدم االتفاق‬


‫ويف هذه احلالة ال التزام بني األطراف بأي أمر ‪ ،‬ورمبا احتاج األمر إىل تكرار املفاوضات بني‬
‫احلني واآلخر ‪ ،‬فقد ختتلف الظروف باختالف األوقات واألشخاص ‪.‬‬

‫‪ )(5‬وكان فتح مكة سنة ‪ 8‬للهجرة ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫األساس العاطفي‬

‫وفيه ثالثة مطالب‪:‬‬


‫المطلب األول ‪ :‬الحاجات العاطفية في التفاوض‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬األساليب العاطفية ‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬واجبات المفاوضين‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬الحاجات العاطفية‬
‫اهتم القرآن الكرمي ‪ ،‬باإلنسان من مجيع جوانبه ‪ ،‬فالناس هلم عدد من احلاجات تليب رغباهتم‬
‫ومنها ‪ ،‬احلاجات النفسية ‪ ،‬واملادية ‪ ،‬واالجتماعية ‪ ،‬والغذائية ‪ ،‬ومن تلك احلاجات ‪ ،‬احلاجات‬
‫العاطفية‪ ،‬واملتدبر لآليات القرآنية جيد يف ثناياها ذكر املتطلبات العاطفية ‪ ،‬ومنها على سبيل املثال‪:‬‬
‫الحب ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﮊ‬
‫األمن ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ﭚ ﭛ ﮊ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫المودة والرحمة ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ﮋ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬
‫ﮝ ﮞ ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫وقد ذكر القرآن ‪ ،‬االطمئنان ‪ ،‬والرجاء ‪ ،‬والرغبة ‪ ... ،‬ومعلوم أن الجانب العاطفي عند اإلنسان‬
‫أمر فطري غريزي ‪ ،‬ويسهم في تشكيل جوانب الشخصية اإلنسانية ‪ ،‬ومتى ما أشبع لدى اإلنسان‬
‫االحتياج العاطفي ‪ ،‬تكون شخصية ذلك اإلنسان في حالة من االستقرار النفسي ‪ ،‬والذي يسهم بالتالي‬
‫في بناء واستمرار المفاوضات بين البشر ‪ ،‬ولم يغفل القرآن الكريم هذا الجانب المهم لحياة البشر ‪،‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫فنجد على سبيل المثال في سياق الحديث عن الجانب األسري ‪ ،‬قوله تعالى ‪ :‬ﮋ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮊ‬
‫ذلك أن المودة والرحمة من أساسيات إقامة األسرة المسلمة ‪ ،‬ولبناتها األساسية ‪ ،‬وتدعم على إقامة‬
‫مفاوضات أسرية نافعة ‪ ،‬والمفاوضات األسرية ال يخلو منها بيت وهي بشكل مستمر ‪ ،‬فالزوج يفاوض‬
‫زوجته ‪ ،‬والزوجة تفاوض زوجها ‪ ،‬واألب يفاوض ابنه ‪ ،‬أو ابنته ‪ ،‬واألم تفاوض ابنها ‪ ،‬أو ابنتها ‪،‬‬
‫ويكون ذلك في كثير من مجاالت الحياة المختلفة ‪ ،‬وهنا تبرز الحاجات العاطفية ‪ ،‬وكذا حياة الناس‬
‫عمومًا فهم في تفاوض بشكل شبه يومي‪.‬‬

‫‪)(1‬سورة آل عمران اآلية ‪.٣١‬‬


‫‪)(2‬سورة اآلية ‪.٨٢‬‬
‫‪)(3‬سورة الروم اآلية ‪.٢١‬‬
‫‪ )(4‬سورة الروم اآلية ‪.21‬‬

‫‪41‬‬
‫وفيما يلي ذكر عدد من الحاجات العاطفية وردت في القرآن الكريم ‪:‬‬
‫أوًال ‪ :‬التفاوض بالحب والتآلف‬
‫إذا ت‪m‬وفر في المفاوض‪m‬ات الحب المتب‪m‬ادل‪ ،‬من جمي‪m‬ع األط‪m‬راف‪ ،‬والحف‪m‬اظ علي‪m‬ه‪ ،‬وتنميت‪m‬ه ‪ ،‬وال‪m‬ذي‬
‫يدعو لمراعاة المشاعر‪ ،‬فهذا إبراهيم الخليل عليه السالم يتلطف مع والده كما قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬ ‫ﭪﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬ ‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮊ (‪.)1‬‬
‫وهذا يظهر أن لدى املفاوض رغبة كبرية يف حمبة بذل اخلري ‪ ،‬واحلرص على من يفاوض ‪،‬‬
‫وطلب الرأي السديد له ‪ ،‬وقبوله‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬الهدوء‬
‫ويكون أثر اهلدوء يف التفاوض فاعًال طاملا كان بعيدًا عن الصخب والصوت العايل ‪ ،‬وكل‬
‫ما يعكر الصفو ‪ ،‬ويسوق ذلك بأن ُينهي التفاوض بشكل انسيايب وحسب رغبة األطراف ‪ ،‬ويدل‬
‫على ذلك أنه مل حيدث من الصحابة الكرام شيء من ذلك يف التفاوض يف صلح احلديبية وال‬
‫غريه ‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬التقدير واالحترام‬
‫ﯶ‬ ‫ﯴ ﯵ‬ ‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ‬ ‫ﭧ ﭨ ﮋﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫(‪)2‬‬
‫ﮊ‬
‫فهذا لقمان عليه السالم يظهر من خطابه البنه االهتمام والتقدير ‪ ،‬فالتقدير له أثر عند األسوياء‬
‫وأهل البصيرة وينمي المحبة ‪ ،‬ويرغب في التفاوض ‪ ،‬وتبادل اآلراء والمقترحات ‪ ،‬ويشجع على‬
‫المفاوضة‪.‬‬
‫وأنه ذا شأن عند من يفاوض‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬المناداة بأحب األسماء إليه ‪:‬‬
‫تكرر يف القرآن نداء األنبياء عليهم السالم بأمساء توحي باالنتماء والصلة واحلرص وحبة اخلري ‪،‬‬
‫مثل نوح عليه السالم ب ـ ﮋ ﯾ ﮊ وإبراهيم عليهم السالم ب ـ ﮋ ﮁ ﮊ و ﮋ ﯾ ﮊ واألنبياء مع أقوامهم ب ـ‬

‫‪ )(1‬سورة مرمي اآليات ‪.45 – 41‬‬


‫‪ )(2‬سورة لقمان اآلية ‪١٧‬‬

‫‪42‬‬
‫ﮋ ﮒﮊ ومعلوم أن املنادة هبذه األمساء حمبب للنفوس يف كل وقت وحني وكذلك يف التفاوض مع‬
‫اآلخرين فاإلنسان له اسم حيبه ‪ ،‬أو مشهورًا به يف جمتمعه وبني أقرانه ‪ ،‬أو كنية يكىن هبا ‪ ،‬أو لقب‬
‫حمبب إليه وحيب أن يسمعه فينادى بذلك االسم ‪.‬‬

‫خامسًا ‪ :‬األمن والطمأنينة‪.‬‬


‫(‪)1‬‬
‫قال تعاىل ‪:‬‬
‫ﮋﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮊ‬
‫التفاوض يدعو لالطمئنان فال يتم التفاوض حتت التهديد‪ ،‬أو اخلوف‪ ،‬والذعر والعنف ‪.‬‬

‫سادسًا ‪ :‬القرب بين المتفاوضين‪.‬‬


‫م‪mm‬ا حص‪mm‬ل يف بيع‪mm‬ة الرض‪mm‬وان من مص‪mm‬افحة الص‪mm‬حابة الرج‪mm‬ال يظه‪mm‬ر الق‪mm‬رب بني الن‪mm‬يب ص‪mm‬لى اهلل‬
‫عليه وسلم بني أصحابه رضوان اهلل عليهم قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬
‫(‪)2‬‬
‫ﮊ‬ ‫ﮢ‬ ‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ومعلوم أن البيعة يسبقها ما جيري جمرى التفاوض ألهنا تتضمن بنود يتم املبايعة عليها ويدعمها‬
‫القرب بني املتفاوضني بصدر رحب ينم عن الشعور بالقبول‪.‬‬
‫سابعًا ‪ :‬القول الحسن‬
‫(‪) 3‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ‬
‫ﮊ‬
‫تدل اآلية الكرمية على أنه ليس الكالم احلسن فحسب بل الكالم األحسن واألطيب ‪ ،‬وذلك‬
‫يف كل حني ويتحتم ذلك يف حال املفاوضة وكل أمر ذي بال بني الناس‪ ،‬فالكلمات اجلميلة‬
‫الرقراقة‪ ،‬والرائعة‪ ،‬هي أمنيات لدى الناس وتطرب إليها املسامع فلنتأمل هذه الكلمات ‪ ،‬وكيفية‬
‫وقعها ووصوهلا إىل املسامع‪ ،‬الروح‪ ،‬العطف‪ ،‬احلنان‪ ،‬احل ــب‪ ،‬الوفاء‪ ،‬العطاء‪ ،‬السكينة‪ ،‬مشاعر‪.‬‬
‫إشراق‪ ،‬ضياء‪ ،‬صفاء‪ ،‬تسامح‪ ،‬رضا‪ ،‬سعادة فإظهار الكلمات الطيبة يف التفاوض هلا بالغ األثر ‪.‬‬
‫ولنتأمل الكلمات النبيلة اآلتية ‪ ،‬وأضدادها من الكلمات ‪ ،‬وكيفية وقوعها على العقول‬
‫واملشاعر‪ ،‬ومن ذلك على سبيل املثال ‪ ،‬ما يلي ‪:‬‬

‫‪ )(1‬سورة احلج اآلية ‪١1‬‬


‫‪ )(2‬سورة الفتح اآلية ‪١٨‬‬
‫‪ )(3‬سورة اإلسراء اآلية ‪٥٣‬‬

‫‪43‬‬
‫" لنّي " و " فظ " ‪ ،‬هل مها سواء ؟‬
‫و" سخي كريم " و " خبيل شحيح " هل مها سواء ؟‬

‫‪44‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬األساليب العاطفية‬
‫يظهر من نصوص الكتاب الكريم ‪ ،‬أن اإلسالم اهتم بالجانب العاطفي ‪ ،‬والذي منبعه القلب ‪،‬‬
‫فمن اإليمان ‪ ،‬ما هو اعتقاد بالجنان ‪ ،‬وورد في القرآن الكريم ذكر نصوص منها ‪ ،‬العفو ‪ ،‬والصفح ‪،‬‬
‫والرحمة ‪ ،‬قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮊ(‪.)1‬‬
‫ا ِد‬ ‫ِف ِه‬ ‫ِمُح ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِمِن ىِف‬
‫ومن السنة النبوية ‪ ،‬قوله ‪َ " : ‬م َثُل اْلُم ْؤ َني َتَو اِّد ْم َو َتَر ا ْم َو َتَعاُط ْم َم َثُل َجْلَس‬
‫ِإَذا اْش َتَك ى ِم ْنُه ُعْض ٌو َتَد اَعى َلُه َس اِئُر اَجْلَس ِد ِبالَّس َه ِر َو اُحْلَّم ى"(‪ )2‬وألمهية ذلك ‪ ،‬كان من صفات‬
‫النيب ‪،‬أنه ﮋ ﯘ ﯙ ﯚ ﮊ (‪.)3‬‬
‫ومن األساليب العاطفية ما يلي ‪:‬‬
‫أوًال ‪ :‬األساليب العاطفية الحسنة‬
‫‪ -1‬اختيار وانتقاء أطيب الكالم وأجوده ‪:‬‬
‫قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﮊ (‪ )4‬فاختيار وانتقاء العبارة األطيب‬
‫واألحسن في غاية األهمية ال سيما إذا كان من أهل الفضل ويعتبر ذلك أحد أهم األساليب العاطفية ‪،‬‬
‫وله بالغ األثر بين المتفاوضين ‪ ،‬صغارًا وكبارًا ‪ ،‬ذكورًا وإناثًا ‪ ،‬وقال تعالى ‪ :‬ﮋ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮊ (‪.)5‬‬
‫‪ -2‬االعتناء بنبرة الصوت‬
‫(‪) 6‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﰌ ﰍ‬ ‫ﮊ‬ ‫ﰎﰏ‬
‫وقد امتدح اهلل الذين يغضون أصواهتم عند رسول اهلل كما يف قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﮊ (‪. ) 7‬‬

‫‪)(1‬سورة البقرة اآلية ‪.١٠٩‬‬


‫‪ )( 2‬اجلامع الص‪mm‬حيح ‪ ،‬املس‪mm‬مى ص‪mm‬حيح مس‪mm‬لم ‪ ،‬أب‪mm‬و احلس‪mm‬ني مس‪mm‬لم بن احلج‪mm‬اج بن مس‪mm‬لم القش‪mm‬ريي النيس‪mm‬ابوري ‪،‬كت‪mm‬اب ال‪mm‬رب‬
‫والصلة واألدب‪ ،‬باب تراحم املؤمنني ‪ ،‬ح‪ ، 6751‬ج ‪ 8‬ص‪ ، 20‬دار اجليل بريوت و دار األفاق اجلديدة ـ بريوت‪.‬‬
‫‪ )(3‬سورة التوبة اآلية ‪.128‬‬
‫‪ )(4‬سورة البقرة اآلية ‪.١٠٤‬‬
‫‪ )(5‬سورة النساء اآلية ‪.63‬‬
‫‪ )(6‬سورة لقمان اآلية ‪19‬‬
‫‪ )(7‬سورة احلجرات اآلية ‪3‬‬

‫‪45‬‬
‫فيجب أن تكون نربة الصوت مسموعة باعتدال ‪ ،‬وحبد الكفاية ‪ ،‬وتكون نربة حانية عاطفية تظهر‬
‫احملبة ‪ ،‬وهذه يتقنها من أرادها وسعى هلا‪.‬‬

‫‪ -3‬البعد عن اإلطالة‬
‫األسلوب القرآين بديع ‪ ،‬فهو يدل على دالالت كثرية يف إجياز ‪ ،‬فنجد يف قوله تعاىل ‪:‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﮋﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮊ‬
‫وتدل اآلية الكرمية على أن كل طيب عند الشرع فهو حالل وكل خبيث عند الشرع فهو‬
‫حرام فكانت اآلية على إجيازها تدل على معاين كثرية تندرج حتتها ‪ ،‬وكما يقال خري الكالم ما‬
‫قل ودل ‪ ،‬فاالبتعاد عن اإلسهاب اململ ‪ ،‬واالكتفاء باملهم ‪ ،‬وباملفيد ‪ ،‬وما خيتص باملوضوع يثري‬
‫التفاوض‪.‬‬
‫‪ -4‬الرفق ‪ ،‬واللين‬
‫قال ‪" : ‬ما كان الرفق يف شيء إال زانه وال كان الفحش يف شيء قط إال شانه"(‪.)2‬‬
‫الرفق واللني حمبب للنفوس وإظهاره ملن نريد أن نفاوضهم ‪ ،‬يدعم التفاوض ‪ ،‬ويؤثر ذلك‬
‫يف نفوسهم بالقبول واالقناع والرضا ‪.‬‬
‫‪ -5‬التحفيز ‪:‬‬
‫ﮘ ﮙ‬ ‫التحفيز أسلوب قرآين‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪.‬‬ ‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮊ‬
‫فمن نظر وتأمل الكرم الرباين حبيث كل حسنة تضاعف إىل عشر أمثاهلا ‪ ،‬فذلك مشجعًا ‪،‬‬
‫وحمفزًا للطاعات ‪.‬‬
‫والتشجيع والتحفيز يثري التفاوض ‪ ،‬وله دورًا هامًا ‪ ،‬خاصة مع أولئك الذين مل يعتادوا‬
‫احلديث ‪ ،‬ومل تكن لديهم طالقة ‪ ،‬وفصاحة ‪ ،‬وحسن بيان ‪ ،‬وعادة ليس لديهم جرأة يف الكالم ‪،‬‬

‫‪ )(1‬سورة األعراف اآلية ‪157‬‬


‫‪ )( 2‬صحيح ابن حبان‪ ،‬حممد بن حبان بن أمحد أب‪m‬و ح‪m‬امت التميمي البس‪m‬يت ‪ ،‬كت‪m‬اب ال‪m‬رب واإلحس‪m‬ان ‪ ،‬ب‪m‬اب الرف‪m‬ق ‪ ،‬ذك‪m‬ر األم‪m‬ر‬
‫بل ‪mm m‬زوم الرف ‪mm m‬ق يف األش ‪mm m‬ياء ‪ ،‬ح ‪ ،540‬ج‪ 1‬ص ‪ .564‬ط‪ ، 1‬املكتب‪mm m‬ة الس‪mm m‬لفية ‪ ،‬املدين‪mm m‬ة املن‪mm m‬ورة ‪1390 ،‬ه – ‪1970‬م‬
‫صحيح‪.‬‬
‫‪ )(3‬سورة األنعام اآلية ‪.١٦٠‬‬

‫‪46‬‬
‫وتراهم يرتددون ويتلعثمون عند التحدث‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬المحاذير‬
‫عدم التجريح ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﮊ‪.‬‬
‫البعد عن التوتر ‪ ،‬والقلق‬ ‫‪-2‬‬
‫عدم رفع الصوت ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﰒ ﰓ ﰔ ﮊ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﰏ ﰐ ﰑ‬
‫احلذر من التعايل ‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫فكان من صفات سيد البشر اهلادي البشري صلى اهلل عليه وسلم التواضع‪ ،‬والبعد عن احلديث‬
‫عن النفس وإجنازاهتا ‪.‬‬
‫اإلهانة أثناء املفاوضات ‪ ،‬والتقليل من شأن اآلخرين مهما قل شأهنم يف احلياة الدنيا ‪،‬‬ ‫‪-5‬‬
‫فإن املسلم ال يقبل ذلك ‪.‬‬
‫جتنب الغض ‪mm‬ب واالنفع ‪mm‬ال فق ‪mm‬د هنى الن ‪mm‬يب ‪ ‬عن الغض ‪mm‬ب ‪" :‬ال تغض ‪mm‬ب‪ ،‬ال تغض ‪mm‬ب‪ ،‬ال‬ ‫‪-6‬‬
‫تغضب"(‪ )2‬والغضب مفتاح للشرور‪.‬‬

‫‪.19‬‬
‫‪ )(1‬سورة لقمان اآلية‬
‫‪ )(2‬صحيح البخاري ‪ ،‬كتاب األدب ‪ ،‬باب احلذر من الغضب ‪ ،‬ح ‪ ، 6116‬ج‪ 1‬ص ‪. 1066‬‬

‫‪47‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬واجبات المفاوضين‬
‫أوًال ‪ :‬التفاؤل‬
‫ينبغي للمفاوض ‪ ،‬القدوم للتفاوض بنفس منشرحة ‪ ،‬مع األخذ باالسباب ‪ ،‬وقد روى أبو‬
‫هريرة رضي اهلل عنه بقوله‪"،‬كان صلى اهلل عليه وسلم حيب الفأل احلسن ويكره الطرية"(‪.)1‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬حسن اختيار الموضوع‬
‫وحيسن اختيار املواضيع احملببة للنفوس واملواضيع اليت تعود بالنفع ‪ ،‬وهناك طائل من طرحها‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬تأمين االحتياج‬
‫توفري ما حيتاج إليه من لوازم مادية وحنوه ‪ ،‬واليت من شأهنا تيسري عملية التفاوض ‪ ،‬مثل‬
‫التدوين والكتابة ‪ ،‬للتوثيق ‪ ،‬كما قال صلى اهلل عليه وسلم لعلي بن أيب طالب ‪ ،‬رضي اهلل عنه ‪،‬‬
‫يف صلح احلديبية "أكتب يا علي" ‪.‬‬
‫رابعًا ‪ :‬اإللمام بالموضوع‬
‫البد أن تكون لدى املفاوض فكرة شاملة ودقيقة عن املوضوع ‪.‬‬
‫خامسًا ‪ :‬التثبت‬
‫جيب التأكد من صحة املعلومات واملصادر ‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ﮊ‬ ‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬ ‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬
‫سادسًا ‪ :‬اظهر الود‬
‫وقد أمر النيب ‪ ، ‬ملن أحب فالنًا أن خيربه ‪ ،‬عن أنس قال ‪ :‬مر رجل بالنيب ‪ ‬وعند النيب‬
‫‪ ‬رجل جالس فقال الرجل واهلل يا رسول اهلل إين ألحب هذا يف اهلل‪ .‬فقال رسول اهلل ‪: ‬‬
‫"أخربته بذلك؟" قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪" :‬قم فأخربه تثبت املودة بينكما فقام إليه فأخربه فقال أين أحبك يف‬
‫اهلل أو قال أحبك هلل فقال الرجل أحبك الذي أحببتين فيه"(‪.)3‬‬
‫سابعًا ‪ :‬اإلحسان‬
‫‪ )(1‬مسند اإلمام أمحد بن حنبل ‪ ،‬أمحد بن حنبل أبو عبداهلل الشيباين ‪ ،‬ح‪ ، 8393‬ج‪، 14‬ص ‪ ، 122‬حديث صحيح‬
‫وإسناده حسن ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪ ،‬حتقيق شعيب األرنؤوط وآخرون ‪ ،‬ط‪.1999 – 1420 ، 2‬‬
‫‪)(2‬سورة احلجرات اآلية ‪.٦‬‬
‫‪ )( 3‬مس‪mm‬ند أمحد بن حنب‪mm‬ل ‪ ،‬اإلم‪mm‬ام أمحد بن حنب‪mm‬ل أب‪mm‬و عب‪mm‬د اهلل الش‪mm‬يباين ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪ 241‬ح ‪ 13559‬ج‪ ،3‬ص‪، 241‬‬
‫مؤسسة قرطبة ‪،‬القاهرة ‪ ،‬تعليق شعيب األرنؤوط حديث صحيح ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﮊ(‪ )1‬جبلت األنفس السوية على حب من أحسن إليها ‪،‬‬
‫والقبول منها ومقابلة اإلحسان مبثله‬
‫قال الشاعر ‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أحسن إىل الناس تستعبد قلوهبم ‪ ::‬فطاملا استعبد اإلحسان إحسان‬
‫ثامنًا ‪ :‬توخي الحكمة‬
‫ﯮ ﯯ ﮊ (‪.)3‬‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬
‫واحلكمة وضع الشيء يف موضعه ‪ ،‬أيًا كان فعًال ‪ ،‬أو قوًال ‪ ،‬أو كتابًة ‪. ...‬‬

‫‪ )(1‬سورة الرمحن اآلية ‪.60‬‬


‫‪ )( 2‬للشاعر واألديب أيب الفتح البسيت ‪ ،‬الكشكول ‪ ،‬هباء الدين حممد بن حسني العاملي ‪،‬ط ‪ ، 1‬دار الكتب العلمية بريوت‬
‫‪، 1998-1418 ،‬حتقيق حممد النمري ‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪. 241‬‬
‫‪ )(3‬سورة البقرة اآلية ‪.269‬‬

‫‪49‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫األساس المهاري‬

‫وفيه ثالثة مطالب‪:‬‬


‫المطلب األول ‪ :‬تعريف المهارة ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مهارات قبل التفاوض‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬مهارات أثناء التفاوض وختامه‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬تعريف المهارة‬
‫تعريف المهارة ‪:‬‬
‫"املاهر السابح ويقال َمَه ْر ُت هبذا اَألمر َأمَه ُر به َم هارة َأي صرُت به حاذقًا قال ابن سيده‬
‫وقد َمَه ر الشيَء وفيه وبه ْمَيَه ر َم ْه رًا وُمُه ورًا وَم هارة وِم هارة وقالوا مل تفعل به اِملَه َر ة"(‪.)1‬‬
‫ويف احلديث "مثل الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام الربرة والذي يقرؤه وهو‬
‫(‪)2‬‬
‫يشتد عليه له أجران "‬
‫واملهارة تقتضي ‪ :‬اإلتقان‪.‬‬
‫حيث تؤخذ القضية بعناية منذ البداية جزًءا جزًءا وبشكل مرحلي إذا استدعى املوضوع ‪،‬‬
‫إيل أن يصل األطراف املتفاوضة إيل نتيجة التفاوض النهائية ‪.‬‬
‫يعلمنا القرآن الكرمي يف أسلوبه البديع الرائع حسن التفاوض وذلك يف عرضه لقضايا ‪،‬‬
‫الصلح ‪ ،‬واحلوار ‪ ،‬والعهد ‪ ،‬وامليثاق ‪ ،‬والوفاء به ‪ ،‬أو نقضه ‪ ...،‬والتعامل مع الناس على‬
‫اختالف مشارهبم وعقائدهم حيث إن ما سبق يدور عرب مواقف ونتائج تفاوضية ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬مهارات قبل التفاوض‬


‫يف هذا املطلب يتم إيراد املهارات اليت بنبغي توفرها قبل البدء يف التفاوض ‪.‬‬
‫أوًال ‪ :‬المشاركة في األمر‬
‫املفاوض حيتاج إىل من يشاركه يف أموره ‪ ،‬ويكون عضدًا له ‪ ،‬قال تعاىل ‪:‬ﮋ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬
‫(‪)3‬‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﮊ‬ ‫ﯭ‬
‫وقد آتى اهلل بفضله ‪ ،‬موسى ‪ ،‬عليه السالم ‪ ،‬سؤله ‪ ،‬وقد أرسل اهلل ‪ ،‬هارون نبيًا ‪ ،‬وذهبا‬
‫موسى‪ ،‬وهارون ‪ ،‬عليهم السالم ‪ ،‬سويًا إىل فرعون وقومه ‪.‬‬
‫وال خيفى أثر املشاركة يف األمر وهو بالغ األثر على عملية التفاوض واحلاجة املاسة بأن‬

‫‪ )(1‬لسان العرب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ 5‬ص ‪.184‬‬


‫‪ )( 2‬صحيح ابن حبان ‪ ،‬حممد بن حبان بن أمحد أبو حامت التميمي البسيت ‪ ،‬كتاب الرقائق ‪ ،‬باب قراءة القرآن ح‪ ، 767‬ج‪3‬‬
‫ص‪ ،44‬حديث صحيح‪.‬‬
‫‪ )( 3‬سورة طه اآليات ‪٣٢ - ٢٩‬‬

‫‪51‬‬
‫تكون املشاركة سابقة وقبل البدء بالتفاوض ‪ ،‬فاملتمرس اجليد ليس كغريه من املفاوضني ‪ ،‬وعليه‬
‫السعي يف االطالع على الكثري من املفاوضات ‪ ،‬لعدد من املفاوضني احلكماء ‪ ،‬ونتائجها ‪ ،‬وقراءة‪،‬‬
‫أو استماع ‪ ،‬وشهود ما يتيسر من املفاوضات‪.‬‬
‫وودليل ذلك من السنة املطهرة ‪ ،‬ما شهده النيب ‪ ‬قبل البعثة ‪ ،‬فقد شهد مبا مسي "حبلف‬
‫الفضول" والذي جنم عن مفاوضات دارت قبل البعثة ‪" ،‬وقع حلف الفضول يف ذى القعدة يف‬
‫شهر حرام تداعت إليه قبائل من قريش ‪ :‬بنو هاشم ‪ ،‬وبنو املطلب ‪ ،‬وأسد بن عبد العزى ‪،‬‬
‫وزهرة بن كالب ‪ ،‬وتيم بن مرة ‪ ،‬فاجتمعوا يف دار عبد اهلل بن ُج ْد عان التيمى ؛ لسِّنه وشرفه ‪،‬‬
‫فتعاقدوا وتعاهدوا على أال جيدوا مبكة مظلوًم ا من أهلها وغريهم من سائر الناس إال قاموا معه ‪،‬‬
‫وكانوا على من ظلمه حىت ترد عليه مظلمته ‪ ،‬وشهد هذا احللف رسول اهلل ‪ ، ‬وقال بعد أن‬
‫أكرمه اهلل بالرسالة ‪":‬لقد شهدت يف دار عبد اهلل بن جدعان حلًف ا ما أحب أن ىل به محر النعم‪،‬‬
‫ولو أدعى به يف اإلسالم ألجبت"(‪. )1‬‬
‫وهذا احللف روحه تنايف احلمية اجلاهلية اليت كانت العصبية تثريها‪ ،‬ويقال يف سبب هذا‬
‫احللف‪ :‬إن رجًال من ُز َبْي د قدم مكة ببضاعة‪ ،‬واشرتاها منه العاص بن وائل السهمى‪ ،‬وحبس عنه‬
‫حقه‪ ،‬فاستعدى عليه األحالف عبد الدار وخمزوًم ا‪ ،‬وَمُجًح ا وَس ْه ًم ا وَعِدّيا فلم يكرتثوا له‪ ،‬فعال‬
‫جبل أيب ُقَبْيس‪ ،‬ونادى بأشعار يصف فيها ظالمته رافًعا صوته‪ ،‬فمشى يف ذلك الزبري بن عبد‬
‫املطلب‪ ،‬وقال ‪ :‬ما هلذا مرتك ؟ حىت اجتمع الذين مضى ذكرهم يف حلف الفضول‪ ،‬فعقدوا احللف‬
‫مث قاموا إىل العاص بن وائل فانتزعوا منه حق الزبيدي"(‪. )2‬‬
‫واخلالصة أنه ينبغي ما يلي‪:‬‬
‫مرافقة املفاوضني ذوو اخلربة ‪ ،‬واإلنصات هلم واالستفادة منهم‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫التدرب على مفاوضات يسرية وتقييمها ومن مث التدرج فيها‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ومن فوائد ما سبق ما يلي ‪:‬‬
‫ا‪ -‬حسن العرض للموضوع أو القضية ‪.‬‬

‫‪ )( 1‬السنن الكربى ‪ ،‬أبو بكر أمحد بن احلسني بن علي البيهقي ‪ ،‬كتاب قسم الفي ‪ ،‬باب إعطاء الفيء على الديوان ‪ ،‬ط ‪1‬‬
‫‪ ،‬دائرة املعارف النظامية ‪ ،‬اهلند ‪ ،‬ح ‪13461‬ج‪ 6‬ص ‪ ، 367‬حديث حسن‪.‬‬
‫‪ )( 2‬الرحيق املختوم ‪ ،‬صفي الرمحن املبارك فوري ‪ ،‬دار املؤيد ‪ ،‬الرياض ‪ 1425 ،‬ه – ‪ 2004‬م ‪ ،‬ص ‪.44‬‬

‫‪52‬‬
‫املعرفة باألحوال واألوقات املناسبة‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫حتري الدقة يف املعلومات‪.‬‬ ‫ج‪-‬‬
‫وجود الثقة باهلل مث باإلمكانات املتوفرة لدى املفاوض‬ ‫د‪-‬‬
‫إعداد خطة للتعامل مع املفاوضني‬ ‫ه‪-‬‬
‫ممارسة أفضل أساليب التفاوض‬ ‫و‪-‬‬
‫معرفة طرق املفاوضني ومراوغاهتم إن وجدت ‪ ،‬وكشفها ‪ ،‬والتصدي هلا ‪ ،‬وإبطاهلا‪.‬‬ ‫ز‪-‬‬

‫حسن اختيار المفوض بالتفاوض‬


‫تقدم أن النيب ‪ ‬اختار عثمان ممثل عنه وعن املسلمني يف الذهاب إىل قريش مبكة‪.‬‬
‫وق ‪mm‬ام بإرس ‪mm‬ال مع ‪mm‬اذ بن جب ‪mm‬ل ‪ ،‬رض ‪mm‬ي اهلل عن ‪mm‬ه ‪ ،‬إىل اليمن ويق ‪mm‬ول ص ‪mm‬لى اهلل علي ‪mm‬ه وس ‪mm‬لم ‪:‬‬
‫"وأعلمهم باحلالل واحلرام معاذ بن جبل"(‪ ، )1‬وحيسن أن يتم اختيار املفاوض بعناية وتأهيله وإعداده‬
‫إع ‪mm m‬دادا عالي‪ًm m m‬ا وتدريب ‪mm m‬ه على القي ‪mm m‬ام بعملي ‪mm m‬ة التف ‪mm m‬اوض املطلوب ‪mm m‬ة ‪ ،‬وتفويض ‪mm m‬ه ويتم إيض ‪mm m‬اح وحتدي ‪mm m‬د‬
‫الصالحيات للتفاوض ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬جمع المعلومات‬
‫تزويد املفاوض أو املفاوضني بكافة البيانات واملعلومات التفصيلة واألوراق الثبوتية من‬
‫مستندات وحنوه ‪ ،‬اخلاصة مبوضوع التفاوض‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬المتابعة‬
‫ينبغي املتابعة الدقيقة ألداء املفاوضني ‪ ،‬ودعمهم عند احلاجة ‪ ،‬فرمبا احت‪mm‬اجوا م‪mm‬دد ‪ ،‬أم م‪mm‬ا إىل‬
‫ذل ‪mm‬ك‪ ،‬وأيض ‪ًm‬ا ملتابع ‪mm‬ة ‪ ،‬املقاب ‪mm‬ل ‪ ،‬فيم ‪mm‬ا يتلف ‪mm‬ظ ب ‪mm‬ه ‪ ،‬فق ‪mm‬د يك ‪mm‬ون خمادع ‪ًm‬ا ‪ ،‬أو م ‪mm‬اكرًا ‪ ،‬ق ‪mm‬ال تع ‪mm‬اىل ‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫ﭞ ﮊ‬ ‫ﮋ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ‬
‫رابعًا‪ :‬توفر اإلمكانات‬
‫توفري كافة اإلمكانات اليت من شاهنا تيسري العملية التفاوضية‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬التوافق‬

‫‪ )( 1‬سنن الرتمذي ‪ ،‬حممد بن عيسى ‪ ،‬كتاب املناقب ‪،‬باب مناقب معاذ بن جبل ‪،‬ح ‪ 3790‬ج‪ 5‬ص ‪ 664‬حديث صحيح‪.‬‬
‫‪)(2‬سورة حممد اآلية ‪.٣٠‬‬

‫‪53‬‬
‫حتقيق االنسجام والتوافق والتالؤم والتكييف املستمر بني أعضاء الفريق ليصبح وحدة‬
‫متجانسة ‪ ،‬ليس بينها أي تعارض أو انقسام يف الرأي أو امليول ‪.‬‬
‫سادسًا ‪ :‬االستعداد‬
‫وذلك بأن يعد لألمر عدته ‪ ،‬ويكون على أهبة االستعداد ‪ ،‬يقظ ‪ ،‬فال يغرر وال خيدع ‪.‬‬

‫سابعًا ‪ :‬الحنكة والذكاء‬


‫وألمهية ذلك كان العرب من الذكاء مبكان حيث يستخدمون هلذه املهمة الرجال الذين‬
‫كانت تتوفر فيهم جمموعة من الصفات والشروط اليت ال تتوفر بغريهم فاحلنكة والدهاء تفيد يف‬
‫معرفة املكر واملخادعة ‪ ،‬وروي عن عمر الفاروق رضي اهلل عنه ‪" :‬لست باخلب(‪ )1‬وال اخلب‬
‫خيدعين"(‪.)2‬‬
‫وقال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﮊ (‪. )3‬‬
‫وقد تعرف النفوس والقلوب مبا تتفوه به األلسن ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ‬
‫ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﮊ (‪. ) 4‬‬
‫وهذا يف حال املنافقني املراوغني حيث يتبني خداعهم يف خطأ أقواهلم ‪ ،‬وجيدر هنا ذكر‬
‫موقف للصحايب اجلليل خالد بن الوليد رضي اهلل عنه تربز فيه حنكته وفطنته ‪ ،‬ففي حرب بني‬
‫املسلمني والروم بدأت احلرب ودارت رحاها ‪ ،‬مث " استؤنف القتال يف اليوم التايل على أشالء‬
‫القتلى واجلرحى الكثريين الذين كانوا من اجلانب الرومي‪ ،‬وذهل العدو من هذه اخلسائر‪ ،‬فأراد‬
‫قائد اجليش الرومي أن يدبر خطة لقتل خالد بن الوليد وهي أن يطلب الصلح ويرسل شخصًا هلذه‬
‫الغاية‪ ،‬وبنفس الوقت يكمن عدة جنود عندما يبدأ التفاوض على الصلح‪ ،‬مث ينقضوا خالل هذه‬
‫الفرتة‪ ،‬انقضاض رجل واحد على قائد اجليش املسلم؛ لكن اخلطة فشلت عندما نقل هذه‬
‫املعلومات مقاتل من اجليش الرومي إىل خالد بن الوليد الذي أرسل مباشرة فور تلقيه هذا النبأ‬
‫ضرار بن األزور يف عشرة من املقاتلني‪ ،‬وقضوا على الكمني‪ .‬وحني حان وقت املفاوضة للسالم‬

‫‪)( 1‬املاكر اخلادع ‪ ،‬تاج العروس من جواهر القاموس‪،‬حممد بن حممد احلسيين‪،‬دار اهلداية ‪ ،‬ج‪ 5‬ص‪.232‬‬
‫‪ )( 2‬أدب الدنيا والدين‪ ،‬املاوردي ‪،‬باب فضل العقل ‪ ،‬دار إقرأ‪،‬بريوت ط‪ ،1985-4،1405‬ج‪ 1‬ص‪ 13‬حتقيق حممد كرمي‪.‬‬
‫‪ )(3‬سورة احلجر اآلية ‪.57‬‬
‫‪ )(4‬سورة حممد اآلية‪.30‬‬

‫‪54‬‬
‫اخلادع تقدم وردان قائد اجليش الرومي لينفذ املؤامرة‪ ،‬وهو ال يعلم مصري جمموعة الكمني اليت‬
‫أبيدت‪ ،‬وفوجئ بضرار وعشرة مقاتلني معه فارتعدت فرائصه ووقع يف الفخ‪ ،‬وأومأ خالد إىل‬
‫ضرار بقتل وردان فقتله "(‪.)1‬‬
‫ثامنًا ‪ :‬تحديد الغاية من التفاوض ‪ ،‬والتدوين لها‪.‬‬
‫ال بد من حتديد ومعرفة من يفاوض ومن يقابل ‪ ،‬وما هو املوضوع ‪ ،‬واهلدف من التفاوض ‪،‬‬
‫وماذا حنتاج من وسائل وخالفه ‪ ،‬ليتم وضع ما يشبه اخلطة قبل البدء بالتفاوض‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬مهارات أثناء التفاوض وختامه‬


‫هناك عدد من املهارات حيتاج إليها املفاوض أثناء عقد املفاوضات ومنها ما يلي ‪:‬‬
‫أوًال ‪ :‬معرفة التعامل مع الناس‬
‫معرف ‪mm‬ة التعام ‪mm‬ل م ‪mm‬ع الن ‪mm‬اس ‪ ،‬ييس ‪mm‬ر ال ‪mm‬دخول إىل النف ‪mm‬وس ‪ ،‬والتنب ‪mm‬ه الهتمام ‪mm‬اهتم ‪ ،‬ومي ‪mm‬وهلم ‪،‬‬
‫ومشاعرهم‪ ،‬وال خيفى أمهيته يف التفاوض ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬القدرة على تقديم الحلول والبدائل‬
‫حماول ‪mm‬ة تق ‪mm‬دمي احلل ‪mm‬ول ‪ ،‬والب ‪mm‬دائل ‪ ،‬كي يواف ‪mm‬ق عليه ‪mm‬ا الط ‪mm‬رف املقاب ‪mm‬ل ‪ ،‬كم ‪mm‬ا حص ‪mm‬ل يف ص ‪mm‬لح‬
‫احلديبية‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬التنوع في األلفاظ‬
‫ﮊ (‪. ) 2‬‬ ‫ﯠ‬ ‫وهو أسلوب قرآين بديع ‪ ،‬فنجد يف قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯟ‬
‫(‪) 3‬‬
‫وقوله تعاىل ‪:‬‬
‫ﮋﮬ ﮭ ﮮ ﮊ‬
‫والبئر هو اجلب ‪ ،‬ولكن هناك أس‪m‬رار يف اللغ‪m‬ة ‪ ،‬وبالغ‪m‬ة ‪ ،‬وحس‪m‬ن بي‪m‬ان ‪ ،‬فك‪m‬ل كلم‪m‬ة ذك‪m‬رت‬
‫يف القرآن الكرمي ‪ ،‬اختريت عن غريها ملعىن أدق ‪ ،‬وأقوى ‪ ،‬وحلكم قد يعلم ‪ ،‬بعضها وقد ال يعلم‪.‬‬
‫وينبغي على املفاوض التنوع يف األلفاظ وعدم التكرار ‪.‬‬

‫‪ )(1‬الريادة يف حروب وفتوحات أيب بكر الصديق ‪ ،‬حممد ظاهر وتر ‪ ،‬منشورات موقع ‪ ،‬احتاد الكتاب العرب ‪ 1999 ،‬م ج‬
‫‪ 1‬ص‪.212‬‬
‫‪ )(2‬سورة احلج اآلية ‪.٤٥‬‬
‫‪ )(3‬سورة يوسف اآلية ‪. ١٠‬‬

‫‪55‬‬
‫رابعًا ‪ :‬االعتناء ببداية المفاوضات‬
‫ﭯ‬ ‫االعتناء ببداية املفاوضات يف افتتاح جلسة التفاوض ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬
‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ (‪. ) 1‬‬
‫وفي اآلي‪mm‬ة الكريم‪mm‬ة يظه‪mm‬ر التلط‪mm‬ف في الخط‪mm‬اب ‪ ،‬واإلك‪mm‬رام في المن‪mm‬اداة ‪ ،‬والش‪mm‬رط على الجمي‪mm‬ع ‪ ،‬على‬
‫حد سواء ‪.‬‬
‫خامسًا ‪ :‬أهمية الوقت‬
‫اختيار الوقت المناسب لفترات اللقاءات التي تتم فيها المفاوضات ‪ ،‬فقد يكون التفاوض في‬
‫جلسة واحدة أو عدة جلسات حسب الحاجة حول الموضوعات التي يتم التفاوض عليها ويشكل‬
‫الوقت أهمية كبيرة خصوصا اذا كان محكوم بتاريخ محدد إلنهاء التفاوض والوصول للنتائج‪.‬‬
‫المفاوضات الطويلة‪.‬‬
‫سادسًا ‪ :‬ما يختص بالمكان‬
‫اختيار املكان املناسب فال تذهب إىل مفاوضة يف مكان شديد احلر أو شديد الربد ‪ ...‬فيبدأ‬
‫نظريك معك املفاوضة فقد تنهي املفاوضة على غري املراد بسبب األذى وذلك دون أن تشعر ‪،‬‬
‫وعلى املؤمن أن يكون حذرًا فطنًا فقد يهيء الطرف اآلخر فخًا دون علمك‪.‬‬
‫وكذلك ال يتفاوض يف مكان موحش أو به ننت ‪ ،‬فقد جير إىل إهناء التفاوض على حنو ال‬
‫حتمد عقباه ‪ ،‬وجتهيز مكان التفاوض ‪ ،‬وإعداده وجعله صاحلًا ومناسبًا للجلسات التفاوضية ‪،‬‬
‫وتوفري كافة التسهيالت اخلاصة به‪.‬‬
‫سابعًا ‪ :‬ضبط النفس‪.‬‬
‫قد يستثار فإذا كان المفاوض ممن ال يستطيعون السيطرة على أعصابهم أثناء عملية التفاوض ‪،‬‬
‫فعليه أن ينتدب غيره نيابة عنه ‪ ،‬فالشدة ال يمكن أن تأتي بنتيجة مفاوضات مرضية ‪ ،‬وفي القرآن ذكر‬
‫موقف قصه الله علينا عن أصحاب القرية حين جاء إليهم رسوالن فكذبا ‪ ،‬ثم عزز الله لهم برسول‬
‫ثالث‪ ،‬فهددوهم بالرجم والعذاب ‪ ،‬فكان جواب الرسل عليهم السالم في ثبات لبالغ رسالة الله أن‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮊ (‪.)2‬‬ ‫قالوا كما قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬

‫‪ )(1‬سورة آل عمران اآلية ‪.64‬‬


‫‪ )(2‬سورة يس اآلية ‪.16‬‬

‫‪56‬‬
‫ثامنًا ‪ :‬المرونة‬
‫يتطلب التفاوض الكثري من املرونة‪ ،‬فإذا مل يتصرف طرف مبرونة فعليه أن يتوقع أن يقابله‬
‫الطرف اآلخر باملثل ‪ ،‬واملرونة يف حدود املصلحة ‪ ،‬فهذا رسول اهلل ‪‬حينما طلبت قريش أن ال‬
‫يكتب يف صلح احلديبية البسملة ‪ ،‬بسم اهلل الرمحن الرحيم حيث "جاء سهيل فقال‪ :‬هاِت فاكتب‬
‫بيننا وبينكم كتابًا‪ .‬فدعا النيب ‪ ‬الكاتب‪ ،‬فقال النيب ‪ ‬أكتب‪" :‬بسم اهلل الرمحن الرحيم" ‪.‬‬
‫فقال سهيل‪ :‬أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو؟ ولكن أكتب‪ :‬باسمك اللهم كما كنت تكتب‪.‬‬
‫فقال المسلمون‪ :‬والله ال نكتبها إال باسم الله الرحمن الرحيم‪ .‬فقال النبي ‪ ‬أكتب‪" :‬باسمك الَّلهم"‪،‬‬
‫ثم قال‪" :‬هذا ما قاَضى عليه محمد رسول الله"‪ .‬فقال سهيل‪ :‬والله لو كَّنا نعلم أنك رسول الله ما‬
‫صددناك عن البيت وال قاتلناك‪ ،‬ولكن أكتب‪ :‬محمد بن عبد الله‪ .‬فقال رسول الله ‪" ‬والله إِّني‬
‫لرسول الله وإن كذبتموني‪ ،‬أكتب‪ :‬محمد بن عبد الله"(‪ ، )1‬وهذا عين المرونة ‪ ،‬حيث لم يتأثر الصلح‬
‫وكان فتحًا مبينا ‪.‬‬
‫تاسعًا ‪ :‬الجدية‬
‫وذلك من أجل حتقيق النتيجة املرجوة من التفاوض ‪ ،‬فال يتحدث أحد األطراف حبديث‬
‫يشعر املستمع بأن املوضوع هزيل وسخرية أو ال مباالة فيه وحنو ذلك مما يرى يف بعض الشاشات‬
‫املعاصرة مما يتعجب منه الصغري قبل الكبري ‪ ،‬وال حول وال قوة إال باهلل ‪.‬‬
‫عاشرًا ‪ :‬التؤدة‬
‫(‪) 2‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮀ ﮁ ﮂ ﮊ‬
‫الرتوي والتؤدة ‪ ،‬وإمعان النظر يف األمور ‪ ،‬وعدم االستعجال ‪ ،‬وعدم التسرع ‪ ،‬من‬
‫ضرورات املفاوضني ‪ ،‬فمن يتصف بالعجلة والتسرع ‪ ،‬قد يقر أمرًا يسوءه دون أن يتنبه ملقصد‬
‫(‪) 3‬‬
‫الطرف اآلخر وما يرمي إليه ‪ ،‬وذلك لطالء األلفاظ والعناية هبا ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﮊ‬
‫ﮎ ﮏ ﮊ(‪.)4‬‬ ‫وقد يبذل القسم واأليمان من الطرف المقابل ﮋ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬

‫‪ )(1‬صحيح البخاري ‪ ،‬حممد بن امساعيل البخاري ‪ ،‬طرف من حديث طويل ‪ ،‬باب الشروط يف اجلهاد واملصاحلة ‪ ،‬ح‬
‫‪ ، 2581‬ج‪ 2‬ص‪974‬‬
‫‪ )(2‬سورة اإلسراء اآلية ‪.11‬‬
‫‪ )(3‬سورة املنافقون اآلية ‪.4‬‬
‫‪ )(4‬سورة النساء اآلية ‪.62‬‬

‫‪57‬‬
‫بالرغم من أنه قد يظهر بعض األحيان ما يبدو أن هناك خسارة أولية وال تؤثر يف اهلدف‬
‫الرئيس للتفاوض وذلك مثل ما حصل يف صلح احلديبية حينما وقف عمر بن اخلطاب رضي اهلل‬
‫عنه‪.‬‬
‫حادي عشر ‪ :‬الحكمة‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ ﮊ‬ ‫ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ‬ ‫قال تعاىل ‪:‬ﮋ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬
‫(‪. ) 1‬‬
‫وقد قالت العرب قديمًا‪" :‬أرسل حكيمًا وال توصه"(‪ ،)2‬وذلك الن الحكمة لها مفعول كبير‬
‫وقوي في التأثير على اآلخرين ‪ ،‬فالحكماء قديمًا وحديثًا هم من يسعى ألوا األلباب أن يفوضوهم‬
‫لخوض معترك أي مفاوضات أو مباحثات لها شأن ويعتبرون عملة نادرة ال سيما في هذا الزمان ‪،‬‬
‫والحذر الحذر من إرسال من ال يتصف بالحكمة أو من كان يتصف يضدها ‪ ،‬فقد قيل ‪" :‬سفير السوء‬
‫يفسد البين"‪.‬‬
‫ثاني عشر ‪ :‬التثبت‬
‫التبنّي والتثبت أمر يف غاية األمهية ‪ ،‬وإمهاله يف غاية اخلطورة ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫والتثبت مهم ألنه قد يتصل بعقاب ‪ ،‬أو عفو ‪ ،‬ومثاله ‪ ،‬عندما تفقد سليمان ‪ ،‬عليه الس‪mm‬الم ‪،‬‬
‫الطري وفقد اهلدد ‪ ،‬توعد نيب اهلل سليمان بتعذيب اهلدد ‪ ،‬أو ذحبه ‪ ،‬أو يأيت بسلطان مبني ‪ ،‬يبنّي به‬
‫سبب غيابه‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬ ‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬ ‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬
‫(‪) 4‬‬
‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮊ ‪.‬‬ ‫ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫وبعد ذلك مت إرسال اهلدد من قبل سليمان‪ ،‬عليه السالم‪ ،‬بكتاب إىل سبأ للتثبت من صدقه‬

‫‪)(1‬سورة البقرة اآلية ‪.٢٦٩‬‬


‫‪ )(2‬تقدم ذكر القائل ص ‪43‬‬
‫‪ )(3‬سورة احلجرات اآلية‪.6‬‬
‫‪)(4‬سورة النمل اآليات ‪.٢٧ - ٢٠‬‬

‫‪58‬‬
‫من عدمه ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮊ (‪.)1‬‬
‫ويف بعض املواقف ‪ ،‬قد حيتمل عدم التأكد التام ‪ ،‬وحيتمل األمرين ‪ ،‬فال ينبغي النفي ‪ ،‬وال‬
‫اإلثبات‪ ،‬ومثال ذلك‪ ،‬ما جرى مع بلقيس ملكة سبأ ‪ ،‬يف سؤاهلا عن عرشها ‪ ،‬وكان جواهبا‬
‫ﯭ ﮊ (‪. ) 2‬‬ ‫ﯨ ﯩﯪ ﯫ ﯬ‬ ‫كذلك ‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪ :‬ﮋ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫وذلك حينما استقر ‪ ،‬عرش بلقيس ‪ ،‬ملكة سبأ ‪ ،‬عند نيب اهلل سليمان عليه السالم ‪ ،‬و"كان‬
‫سليمان عليه السالم قد أمر بتغيري بعض صفات عرش بلقيس بزيادة ونقص ليخترب عقلها ‪ ،‬فسأهلا‪:‬‬
‫أهكذا عرشك؟ قالت‪ :‬كأنه هو! أي يشبهه ويقاربه‪ .‬وهذا من فطنتها وذكائها‪ ،‬فلم تقل "هو"‬
‫لوجود التغيري فيه ‪ ،‬ومل تنِف أنه هو ألهنا عرفته‪ ،‬فأتت بلفظ حمتمل لألمرين ‪ ،‬قال ابن كثري‪:‬‬
‫فكان فيها ثبات وعقل‪ ،‬وهلا لّب ودهاء وحزم‪ ،‬فلم تقْل إنه هو لبعد مسافته عنها‪ ،‬وال أنه غريه ملا‬
‫رأت من آثاره وصفاته وإنه ُغرِّي وُبِّدل وُنِّك ر"(‪.)3‬‬
‫إن هذا املوقف احلصيف من بلقيس يعطي درسًا بضرورة التأين والتثبت عند مساع األخبار‬
‫وتلقيها‪ ،‬وخباصة بعدما كثرت وسائل نقلها وازدادت سرعة تداوهلا‪ ،‬كرسائل اجلوال واإلنرتنت ‪،‬‬
‫ومواقع التواصل وحنوها‪ .‬فبعض الناس ال يكاد يتلقى أو يسمع خربًا إّال ويسارع إىل نشره دون‬
‫تأّم ل حملتواه وملدى صحته وجدوى نقله وقد دعا النيب صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬إىل التأين وعدم‬
‫(‪) 4‬‬
‫العجلة فقال " األناة من اهلل‪ ،‬والعجلة من الشيطان"‬

‫ثالث عشر ‪ :‬إتقان مهارة التحدث‬


‫وألمهية هذا األمر طلب موسى عليه السالم من ربه – سبحانه – أن يرسل إىل هارون عليهما‬
‫(‪) 5‬‬
‫ﮊ‬ ‫السالم قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯘ ﯙ ﯚ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬
‫ومن اتقان احلديث مهارة احلوار ألن التفاوض قد يطول ‪ ،‬وقد يتخلله شيئ من احلوار ‪،‬‬
‫وتعد مهارة احلوار إحدى السمات املهمة للمفاوضني وميثل وجودها أرضية صلبة ‪ ،‬يتم من خالهلا‬

‫‪ )(1‬سورة النمل اآلية ‪.٢٨‬‬


‫‪ )(2‬سورة النمل اآلية ‪.42‬‬
‫‪ )(3‬تفسري القرآن العظيم ‪ ،‬إمساعيل بن كثري ‪ ،‬مرجع سابق ج‪ 6‬ص‪.194‬‬
‫‪ )( 4‬سنن الرتمذي‪ ،‬حممد ابن عيسى‪،‬كتاب الرب والصلة ‪،‬باب التأين والعجلة ‪،‬ح‪2012‬ج‪4‬ص ‪ ،367‬قال األلباين ضعيف‪.‬‬
‫‪ )(5‬سورة القصص اآلية ‪.34‬‬

‫‪59‬‬
‫التفاوض اهلادئ واهلادف ‪ ،‬ولذلك ضوابط وأصول وآداب جيب مراعاهتا حىت خيرج التفاوض‬
‫بأفضل النتائج وحمققًا اهلدف الذي كان من أجله ‪.‬‬

‫رابع عشر ‪ :‬إجادة األسئلة‬


‫املتدبر للقرآن الكرمي ‪ ،‬جيد الدقة واإلجياز والوضوح يف األسئلة القرآنية ‪ ،‬ومن أمثلة األسئلة‬
‫يف القرآن الكرمي ‪ ،‬ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬ﮋ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﮊ(‪. )1‬‬
‫والسؤال هنا استفهام إنكاري ‪ ،‬منكرًا عليهم انتكاستهم ‪ ،‬حيث يعبدون مصنوعاهتم ‪ ،‬اليت‬
‫صنعوها بأيديهم ‪.‬‬
‫ويدعوا ذلك إىل ضرورة حبك األسئلة ‪ ،‬وأن تكون حمددة ‪ ،‬وموجزة ‪ ،‬وواضحة ‪ ،‬وقوية ‪،‬‬
‫ونأخذ مناذج من أسئلة القرآن ‪ ،‬على سبيل املثال ‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ -2‬قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬ ‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬ ‫ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ‬
‫(‪) 2‬‬
‫ﮚ ﮊ‬
‫طرح األسئلة له طرق وأساليب جيب على املفاوض أن يتعلمها بدقة ‪ ،‬ومنها ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬جيب اال يوجه أكثر من سؤال يف وقت واحد ‪.‬‬
‫‪ -2‬املفاوض الناجح من حياول االستمرار يف املناقشة ‪ ،‬وعدم اهلروب من اإلجابة على‬
‫األسئلة ‪ ،‬إال ما دعت املصلحة إليه ‪.‬‬
‫‪ -3‬جيب إعداد األسئلة سلفا ‪.‬‬
‫‪ -4‬إعادة شرح االستفسار بصيغ خمتلفة ‪.‬‬
‫‪ -5‬املفاوض الناجح من يرتب االسئلة اهلامة وحيتفظ هبا يف ذهنه ‪ ،‬ويوثقها بالسطر‪.‬‬
‫‪ -6‬التزام اآلداب يف طرح األسئلة ‪.‬‬
‫خامس وعشر ‪ :‬أسلوب إجابة األسئلة‬

‫‪)(1‬سورة الصافات اآلية ‪٩٥‬‬


‫‪.‬‬ ‫‪ )(2‬سورة البقرة اآلية ‪٢٥٨‬‬

‫‪60‬‬
‫بني القرآن طرق اإلجابة على األسئلة بوضوح ‪ ،‬وحسن بيان ‪ ،‬حىت ال يدع جمال إىل اللبس‬
‫يف عدد من اآليات ‪ ،‬وهو متنوع يف القرآن ‪ ،‬ومنها ما تبدأ بـ يسألونك ‪ ،‬مثل ما جاء يف قوله‬
‫تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮮ ﮯ ﮰ ﮊ (‪.)1‬‬
‫فتأيت اإلجابة مباشرة ‪ ،‬ﮋ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﮊ (‪.)2‬‬
‫‪ ...‬فحسن اإلجابة على األسئلة ‪ ،‬تشفي السائل ‪ ،‬وتلجم السائل عن االستطراد في األسئلة ‪ ،‬طلبًا‬
‫لالستيضاح ‪ .‬وأيضَا جواب إبراهيم الخليل عليه السالم ‪ ،‬على سؤال قومه ‪ ،‬قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫(‪) 3‬‬
‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮊ‬

‫سادس عشر ‪ :‬الشورى‬


‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﮊ (‪.)4‬‬
‫وأمر اهلل نبيه ‪ ‬باملشورة ملا فيها من اخلري العميم على األمة ويف هذه اآلية الكرمية ‪ " ،‬ﮋﭭ‬
‫ﭮ ﭯﭰ ﮊ أي يف أمر احلرب إذ الكالم فيه أو فيما يصح أن يشاور فيه استظهارا برأيهم وتطييبا‬
‫لنفوسهم ومتهيدا لسنة املشاورة لألمة ‪ ،‬ﮋ ﭱ ﭲ ﮊ فإذا وطنت نفسك على شيء بعد الشورى ﮋ‬
‫فتوكل على اهلل ﮊ يف إمضاء أمرك على ما هو أصلح لك فإنه ال يعلمه سواه "‪ 5‬وينربي الفضالء‬
‫للمشورة يف امللمات وفيما خيدم املصلحة العامة أو اخلاصة ‪ ،‬ملا فيها من الرشد والسالمة ‪ ،‬ومن‬
‫(‪) 6‬‬
‫ثنايا اآلية الكرمية ‪ :‬ﮋ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﮊ‬
‫" أي‪ :‬األمور اليت حتتاج إىل استشارة ونظر وفكر‪ ،‬فإن يف االستشارة من الفوائد واملصاحل‬
‫الدينية والدنيوية ما ال ميكن حصره‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أن املشاورة من العبادات املتقرب هبا إىل اهلل‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أن فيها تسميحا خلواطرهم‪ ،‬وإزالة ملا يصري يف القلوب عند احلوادث‪ ،‬فإن من له‬

‫‪ )(1‬سورة البقرة اآلية ‪.189‬‬


‫‪ )(2‬املرجع السابق‪.‬‬
‫‪ )(3‬سورة األنبياء اآلية ‪.٦٣ - ٦٢‬‬
‫‪ )(4‬سورة آل عمران اآلية ‪.159‬‬
‫‪ )(5‬تفسري البيضاوى ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪.108‬‬
‫‪ )(6‬سورة آل عمران‪ ،‬آية ‪.159‬‬

‫‪61‬‬
‫األمر على الناس ‪-‬إذا مجع أهل الرأي‪ :‬والفضل وشاورهم يف حادثة من احلوادث‪ -‬اطمأنت‬
‫نفوسهم وأحبوه‪ ،‬وعلموا أنه ليس مبستبد عليهم‪ ،‬وإمنا ينظر إىل املصلحة الكلية العامة للجميع‪،‬‬
‫فبذلوا جهدهم ومقدورهم يف طاعته‪ ،‬لعلمهم بسعيه يف مصاحل العموم‪ ،‬خبالف من ليس كذلك‪،‬‬
‫فإهنم ال يكادون حيبونه حمبة صادقة‪ ،‬وال يطيعونه وإن أطاعوه فطاعة غري تامة‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أن يف االستشارة تّنور األفكار‪ ،‬بسبب إعماهلا فيما وضعت له‪ ،‬فصار يف ذلك زيادة‬
‫للعقول‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬ما تنتجه االستشارة من الرأي‪ :‬املصيب‪ ،‬فإن املشاور ال يكاد خيطئ يف فعله‪ ،‬وإن‬
‫أخطأ أو مل يتم له مطلوب‪ ،‬فليس مبلوم‪ ،‬فإذا كان اهلل يقول لرسوله ‪ ‬وهو أكمل الناس عقال‬
‫وأغزرهم علمًا‪ ،‬وأفضلهم رأيًا‪ :-‬ﮋ ﭭ ﭮ ﭯﮊ فكيف بغريه؟!‬
‫مث قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭱ ﭲ ﮊ أي‪ :‬على أمر من األمور بعد االستشارة فيه‪ ،‬إن كان حيتاج إىل استشارة‬
‫ﮋ ﭳ ﭴ ﭵ ﮊ أي‪ :‬اعتمد على حول اهلل وقوته‪ ،‬متربئا من حولك وقوتك‪ ،‬ﮋ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﮊ‬
‫عليه‪ ،‬الالجئني إليه"(‪.)1‬‬
‫وللمشورة آداب لكي تؤيت أكلها ومنها ما يلي ‪:‬‬
‫استشارة احلكماء وذووا الرأي والفكر الصريح‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أن يتصفوا باألمانة والعدالة ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أن تربطهم روابط الدين واحملبة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫وينبغي يف مشاورهتم أمور ‪ ،‬منها ما يلي ‪:‬‬
‫ا‪ -‬اختيار الوقت املناسب هلم ومشاورهتم فيه ‪.‬‬
‫ب‪ -‬عرض املوضوع بشكل واضح‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن ال يكو املستشار مشغوًال بأمر ما ‪ ،‬وقد قيل ‪ :‬ال تشاور مشغوًال وإن كان‬
‫حازمًا‪.‬‬
‫د‪ -‬جتنب أن يكون املستشار يف حلظة فرح وسعادة غامرة ‪ ،‬أو العكس ‪.‬‬
‫ه‪ -‬أو حلظة ترح وحزن شديد ‪.‬‬

‫() تيسري الكرمي الرمحن يف تفسري كالم املنان ‪ ،‬عبد الرمحن بن ناصر بن السعدي ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪ ،‬ط ‪ :‬األوىل‬ ‫‪1‬‬

‫‪1420‬هـ ‪ 2000-‬م‪ .‬ج ‪ 1‬ص ‪.154‬‬

‫‪62‬‬
‫وبعد ذلك إذا متكن من استخارة الرمحن يف أوىل األمور ‪ ،‬مث حيزم إذا تبني الرشد والرأي‬
‫السديد‪ ،‬بدون تردد ‪.‬‬
‫قال الشاعر ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫إذا كنت ذا رأي فكن فيه مقدما ‪ ::‬فان فساد الرأي أن ترددا‬
‫سابع عشر ‪ :‬القدرة على االستدالل‬
‫من املهم تنمية القدرة على االستدالل ‪ ،‬واستحضار األدلة وقت املفاوضات ‪ ،‬والتنوع فيها‬
‫قدر املستطاع ولذلك أثر بالغ وميد بالقوة أثناء التفاوض ومن األدلة ما يلي ‪:‬‬
‫اآليات الكرمية من القرآن ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫السنة النبوية من األحاديث ‪ ،‬والسرية ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ضرب املثل ‪،‬واألمثال ‪ ،‬وهي كثرية يف القرآن الكرمي ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬ ‫‪-3‬‬
‫ﭝ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫الشعر‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫القصص ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫أقوال مأثورة ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫قضايا مشاهبة ميكن القياس عليها‪...‬‬ ‫‪-7‬‬
‫ثامن عشر ‪ :‬التنوع بين األساليب‬
‫فتارة يركز على األسلوب العاطفي ‪ ،‬وتارة األسلوب املنطقي العقلي ‪ ،‬وحنوه ‪ ...‬وذلك‬
‫حسب االحتياج ‪ ،‬فلكل مقام مقال ‪ ،‬ولكل إنسان ما يناسبه ‪.‬‬
‫كما يتطلب األمر الرتكيز على فنيات التحدث واإللقاء باستخدام نربة الصوت املناسبة‬
‫والتنوع فيها حبسب احلال واملقام‪.‬‬
‫تاسع عشر ‪ :‬اإليماءات والحركات‬
‫أو ما يعرف لدى املعاصرين ‪ -‬بلغة اجلسد ‪ -‬ومن املعلوم أن لإلمياءات واحلركات أثر بالغ‬
‫األمهية يف املفاوضات وغريها من التعامالت اإلنسانية‪ ،‬ولذلك أصبح يف الغرب والشرق االهتمام‬

‫‪ )(1‬للخليفة أبو جعفر املنصور ‪ ،‬من البحر الطويل ‪ ،‬مجهرة األمثال للعسكري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ ، 2‬ص‪.50‬‬
‫‪ )(2‬سورة إبراهيم اآلية ‪.25‬‬

‫‪63‬‬
‫الكبري هبذا اجلانب‪ ،‬كما أصبحت تدرس كمواد دراسية ‪ ،‬وتقدم على شكل دورات بشكل‬
‫مستمر‪ ،‬وقبل ذلك ذكرت اإلمياءات واحلركات‪ ،‬من إشارات وغريها يف القرآن الكرمي‪ ،‬وذلك‬
‫ألمهيتها‪ ،‬وتستخدم مبهارة أثناء التحدث أو اإلنصات ‪ ،‬فالرأس له حركات تدلعلى معين ‪ ،‬وكذلك‬
‫العينان ‪ ،‬والفم ‪ ،‬واليدان‪ ،‬والقدمان‪ ،‬وهي من أدوات االتصال باآلخرين‪ ،‬وهلا قوة يف التأثري‪،‬‬
‫ونأخذ مناذج من القرآن الكرمي يف احلديث عن هذا اجلانب ومن تلك اإلمياءات واحلركات‪ ،‬ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫حركات الرأس‪:‬‬ ‫‪-1‬‬


‫(‪) 1‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭩ ﭪ ﭫ ﮊ‬
‫وعن داللة ذلك " قال ابن عباس وقتادة‪ :‬حيركوهنا استهزاء‪ ,‬وهذا الذي قااله هو الذي‬
‫تعرفه العرب من لغاهتا‪ ,‬ألن إنغاض هو التحرك من أسفل إىل أعلى أو من أعلى إىل أسفل‪ ,‬ومنه‬
‫قيل للظليم وهو ولد النعامة نغض‪ ,‬ألنه إذا مشى عجل مبشيته وحرك رأسه"(‪.)2‬‬
‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﮊ (‪ )3‬وطريقتهم هنا "أمالوا‬ ‫ﭓ ﭔ ﭕ‬ ‫ﮋﭑ ﭒ‬
‫رؤوس ‪mm m‬هم وحركوه ‪mm m‬ا اس ‪mm m‬تهزاًء واس ‪mm m‬تكباًر ا‪ ،‬وأبص ‪mm m‬رهتم ‪-‬أيه ‪mm m‬ا الرس ‪mm m‬ول‪ -‬يعرض ‪mm m‬ون عن ‪mm m‬ك‪ ،‬وهم‬
‫مستكربون عن االمتثال ملا ُطِلب منهم"(‪.)4‬‬
‫الخد‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫ﯹ ﯺ ﮊ‬ ‫قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯷ ﯸ‬
‫"أي ال تمل وجهك عنهم‪ ،‬استكبارًا عليهم"(‪ )6‬وذلك من المنفرات بين المتفاوضين في التفاوض‬
‫‪ ،‬ويشعر بالتعالي والغرور واالستكبار واإلهانة لآلخرين ‪.‬‬

‫‪ )(1‬سورة اإلسراء اآلية ‪.51‬‬


‫‪ )(2‬تفسري ابن كثري ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص ‪.58‬‬
‫‪ )(3‬سورة املنافقون اآلية ‪.5‬‬
‫‪ )( 4‬التفسري امليسر ‪ ،‬خنبة من العلماء ‪ ،‬وزارة الشؤون اإلسالمية باململكة العربية السعودية جممع طباعة املصحف الشريف ‪،‬‬
‫املدينة املنورة ‪ ،‬ط الثالثة ‪1432،‬هـ ‪2011 -‬م ص ‪.141‬‬
‫‪ )(5‬سورة لقمان اآلية ‪.18‬‬
‫‪ )(6‬أضواء البيان ‪ ،‬حممد األمني ‪ ،‬مرجع سابق ج‪ 4‬ص ‪.281‬‬

‫‪64‬‬
‫األصابع‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﮊ‬
‫إعراضًا عن االستماع ‪ ،‬وبيان لعدم الرغبة املطلقة يف القبول ‪.‬‬
‫التغطية بالثياب‬ ‫‪-4‬‬
‫قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﮊ (‪.)2‬‬
‫"كي ال يسمعوا دعوة احلق‪ ،‬وتغَّطوا بثياهبم؛ كي ال يروا نبيهم"(‪.)3‬‬
‫التبسم ‪:‬‬ ‫‪-5‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮊ (‪.)4‬‬
‫العبوس ‪:‬‬ ‫‪-6‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﮊ (‪.)5‬‬
‫حركة اليد ‪:‬‬ ‫‪-7‬‬
‫أ – غل اليد ‪:‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﮊ (‪.)6‬‬
‫ب‪-‬بسط اليد‪:‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮊ (‪.)7‬‬
‫المشي بالحياء‪:‬‬ ‫‪-8‬‬
‫(‪) 8‬‬
‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮊ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫وحنو ذلك تطرق القرآن الكرمي إليه‪ ،‬وكذلك السنة النبوية ‪ ،‬بأمثلة كثرية ‪ ،‬واستخدام هذه املهارة‬

‫‪ )(1‬سورة نوح اآلية ‪.7‬‬


‫‪ )(2‬سورة نوح اآلية ‪.7‬‬
‫‪ )( 3‬التفسري امليسر ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.267 ، 570‬‬
‫‪ )(4‬سورة النمل اآلية ‪.19‬‬
‫‪ )(5‬سورة عبس اآلية ‪.1‬‬
‫‪ )(6‬سورة اإلسراء اآلية ‪.29‬‬
‫‪ )(7‬املرجع السابق‪.‬‬
‫‪ )(8‬سورة القصص اآلية ‪.25‬‬

‫‪65‬‬
‫يفيد فوائد مجة ال سيما يف التفاوض‪ ،‬فينبغي تعلمها ‪ ،‬وإتقاهنا ‪ ،‬وممارستها ليكون يف التفاوض أبلغ‬
‫األثر‪.‬‬
‫عشرون ‪ :‬طلب الدعم والمدد‬
‫عند احلاجة لزيادة العدد من املرافقني املؤهلني مهم جدًا أن يتم ذلك وقت الطلب‪.‬‬
‫مهارات ختام ونهاية التفاوض‬
‫هناك عدد من املهارات يلزم أن تكون يف املفاوض اجليد ومنها ما يلي ‪:‬‬
‫الشعور بالرضا عن الطرف املقابل يف حال الوصول إىل اتفاق منصف وإظهار ذلك‬ ‫‪-1‬‬
‫ألطراف التفاوض ‪ .‬ﮋ ﭽ ﭾ ﮊ حولت التفاوض إىل عيسى ‪ ،‬عليه السالم‪.‬‬
‫عدم الظهور مبظهر املنتصر‪ ،‬والتعايل على أطراف التفاوض‪ ،‬فلذلك آثار سلبية معلومة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫التزام األداب وعدم الشماته أو السخرية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الوفاء وااللتزام بنص االتفاق وبنوده وعدم خرقها أو القيام بأي عمل ينقضها ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫وقد جتلت صفات املؤمنني بذلك‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﮊ(‪.)1‬‬

‫‪ )(1‬سورة الرعد آية ‪.20‬‬

‫‪66‬‬
‫المبحث الرابع ‪ :‬األساس األخالقي‬

‫األخالق رف‪mm‬ع ش‪mm‬أهنا اإلس‪mm‬الم ووردت يف الق‪mm‬رآن الك‪mm‬رمي كث‪mm‬ري من دالالت األخالق ومنه‪mm‬ا م‪mm‬ا‬
‫خيتص بالتف‪mm‬اوض كاألمان‪mm‬ة ‪ ،‬والص‪mm‬دق ‪ ،‬ول‪mm‬زوم الوف‪mm‬اء ب‪mm‬العهود وع‪mm‬دم نكثه‪mm‬ا أو نقض‪mm‬ها ‪ ،‬ومن تل‪mm‬ك‬
‫األخالق ما يلي ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الكلمة الطيبة‬
‫المنطق السليم من أهم ما يميز المفاوضين ‪ ،‬وقد أمر الله نبيه محمد ‪ ‬أن يقول بيانًا بليغا ‪،‬‬
‫فقال تعالى ‪ :‬ﮋ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮊ(‪ )1‬ويقول تعالى‪ :‬ﮋ ﯦ ﯧ ﯨ ﮊ (‪.)2‬‬
‫ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‬ ‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬ ‫وقول‪mm m‬ه ﮋ ﯲ ﯳ ﯴ‬
‫ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﮊ(‪ )3‬ولذلك على اإلنسان أن خيتار‬
‫أفض ‪mm‬ل الكلم ‪mm‬ات ‪ ،‬وأقواه ‪mm‬ا أث‪m m‬رًا ‪ ،‬وأبلغه ‪mm‬ا على املس ‪mm‬امع ‪ ،‬ومن ب ‪mm‬اب أوىل من يتع ‪mm‬ايش م ‪mm‬ع اخلل ‪mm‬ق‬
‫وحيتاج إىل املفاوضات ‪ ،‬ليخاطب هبا اآلخرين ‪ ،‬وحيل مشكالته ويسعد يف حياته‬
‫كما جيب تاليف التعابري اليت من شاهنا أن حتدث رد فعل سليب عند الطرف اآلخر ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التواضع‬
‫يزيد التواضع القرب بني األطراف ويعمل على سد الفجوات إن وجدت والقرب من‬
‫االتفاق قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯱ ﯲ ﯳ ﮊ (‪.)4‬‬
‫وهذا مع املؤمنني ‪ ،‬وكذلك احلال مع املخالفني يف دعوهتم ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﮊ (‪. ) 5‬‬
‫وال ينايف التواضع اهليبة وقوة الشخصية ‪ ،‬وقال ‪" : ‬وما تواضع أحد هلل إال رفعه اهلل"(‪.)6‬‬

‫‪ )(1‬سورة النساء اآلية ‪.63‬‬


‫‪ )(2‬سورة البقرة اآلية ‪.83‬‬
‫‪ )(3‬سورة إبراهيم اآلية ‪.25-24‬‬
‫‪ )(4‬سورة احلجر اآلية ‪.88‬‬
‫‪ )(5‬سورة سبأ اآلية ‪.24‬‬
‫‪ )( 6‬صحيح مسلم ‪،‬مسلم بن احلجاج‪ ،‬كتاب الرب والصلة واألدب ‪ ،‬باب استحباب العفو والتواضع ‪،‬ح ‪ ،6757‬ج‪ 8‬ص‬

‫‪67‬‬
‫ثالثا ‪ :‬حسن المظهر‬
‫يقول تعاىل‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﮊ(‪.)1‬‬
‫ومن املشاهد واملعلوم أن نظافة املنظر وحسن املظهر غري املبالغ فيه ‪ ،‬يضفي رونقا ومجاال‬
‫وهباءا وهيبة للمفاوضني وغريهم فينبغي االهتمام به ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬حسن االعتذار من الخطأ‬
‫إن وجد خطأ يجب أن يعترف به ويعتذر منه في حينه إن دعت المصلحة ‪ ،‬كي ال تزيد‬
‫األمور تعنتًا وتأزمًا‪ ،‬فقد جبلت األنفس على قبول االعتذار والتسامح ‪ ،‬فهذا كليم الله ونبيه ورسوله‬
‫موسى عليه السالم حين ذّك ره فرعون بقتله النفس قال ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﮊ (‪.)2‬‬
‫وحسن االعتذار من اخلطأ يدعو إىل التسامح بني الناس ‪ ،‬ولذلك أثر بالغ األمهية يف ترابط‬
‫العالقات االجتماعية وإجياد الود بني النفوس ومجعها والتآلف فيما بينها‪.‬‬
‫خامسا ‪:‬اإلنصات‬
‫اإلنصات‪ :‬وهو من األخالق احملببة بني الناس ‪ ،‬ويكون اإلنصات متبادل بني املتحدثني ‪،‬‬
‫ويتضمن اإلنصات واالستماع اليقظة التامة ملا يقال وحيدث واالنتباه له وفهمه فهمًا صحيحًا على‬
‫(‪) 3‬‬
‫مراده ‪،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﮊ‬
‫ﮟ‬ ‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬ ‫فال يتم االستماع دون تركيز وانتباه ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﮊ (‪. ) 4‬‬
‫ﮋ ﮜ ﮊ " وهو من مساع األذن ‪ .‬وهم ال يسمعون أي ال يتدبرون ما مسعوا ‪ ،‬وال يفكرون‬
‫(‪) 5‬‬
‫فيه ‪ ،‬فهم مبنزلة من مل يسمع وأعرض عن احلق ‪ .‬هنى املؤمنني أن يكونوا مثلهم"‬
‫واإلنصات إىل حديثهم ومهومهم وشكواهم‬
‫سادسا‪ :‬كسب القلوب‬

‫‪.21‬‬
‫‪ )(1‬سورة األعراف اآلية ‪.31‬‬
‫‪ )(2‬سورة الشعراء اآلية ‪.20‬‬
‫‪ )(3‬سورة األعراف اآلية ‪.٢٠٤‬‬
‫‪ )(4‬سورة األنفال اآلية ‪.21‬‬
‫‪ )(5‬تفسير القرطبي ‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن ‪ ،‬محمد بن أحمد األنصاري ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪،‬بيروت ‪1965‬م ‪ ،‬ج ‪4‬ص‪.388‬‬

‫‪68‬‬
‫ومن أساليب كسب القلوب ما يلي ‪:‬‬
‫المالطفة ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫فهي توجد روابط بني الناس وتؤلف بني قلوهبم وتوحي باالهتمام ويطلبها الصغري ‪ ،‬والكبري‪،‬‬
‫والذكر ‪ ،‬واألنثى ‪ ،‬وهي ترتك أثرًا يف النفوس ‪ ،‬وال حتتاج إىل الكثري من اجلهد ولكن وجه مشرق‬
‫‪ ،‬وحميا صادق وبسمة يف موضعها ‪ ،‬ولسان لني ‪.‬‬
‫تقديم الخدمات ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫حماولة تقدمي اخلدمة ملن تتصل هبم فيسهل بذلك قبول تفاوضك وقبول رأيك ‪.‬‬
‫اإلحسان ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫يقدم اإلحسان ملن تتصل هبم ‪ ،‬مبعرفة ما حيبون والقيام به ‪ ،‬وما يكرهون وجتنبه ‪ ،‬ومداومة‬
‫اإلحسان إليهم وكف األذى عنهم ‪.‬‬
‫المشاركة في األفراح واألتراح ‪ :‬جبلت النفوس على حب من يشاركهم أفراحهم‬ ‫‪-4‬‬
‫وأتراحهم‪ ،‬وهي من صفات أهل املروءات ‪،‬‬
‫قال الشاعر ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫والبد من شكوى لذي مروءة ‪ ::‬يواسيك أو يسليك أو يتوجع‬
‫ويعترب ذلك من األخالق وفن لكسب القلوب‪ ،‬وحري بكل من يهتم باملفاوضات إتقان‬
‫هذه األساليب وتطبيقها والعمل هبا على أرض الواقع‪ ،‬وال يكفي العلم هبا فقط دون العمل‪.‬‬

‫‪)(1‬قول الشاعر بشار بن برد ‪ ،‬البحر الطويل ‪ ،‬هناية األرب يف فنون األدب ‪ ،‬شهاب الدين أمحد بن عبد الوهاب النويري دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بريوت لبنان ‪،‬ط األوىل‪ ، 2004 -1424‬ج‪ 3‬ص ‪ ، 75‬حتقيق مفيد قمحية ‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫مجاالت التفاوض‬

‫ويتضمن أربعة مباحث‬

‫المبحث األول ‪ :‬المجال التربوي‪.‬‬


‫المبحث الثاني ‪ :‬المجال االجتماعي ‪.‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬المجال الدعوي ‪.‬‬
‫المبحث الرابع ‪ :‬المجال النفسي ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫المبحث األول‬
‫المجال التربوي‬

‫وفيه مطلبان ‪:‬‬


‫المطلب األول ‪ :‬تعريف التربية ‪ ،‬وأهميتها‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬دور التفاوض في التربية‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬تعريف التربية‬
‫أوًال في اللغة‪:‬‬
‫يقال "َرَبا و ُر ُبّو ًا كُعُلٍّو وِر باًء ‪ :‬زاَد وَمَنا ‪ ،‬وَر َبْو ُت يف َح ْج ِرِه َر ْبوًا وُر ُبّو ًا وَر َبْيُت َر باًء وُر ِبّيًا‪:‬‬
‫َنَش ْأُت ‪ .‬وَر َّبْيُته َتْر ِبَيًة ‪َ :‬غَذ ْو ُته َك َتَر َّبْيُته"(‪.)1‬‬
‫و"ربت َرَبَت الصَّيب وَر َّبَته َر َّباه وَر َّبَته ُيَر ِّبُته َتْر بيتًا َر َّباه َتْر بيًة‬
‫قال الراجز ‪َّ :‬مَسيتها ِإذ ُو ِلَد ْت ُمَتوُت والَق ُرب ِص ْه ٌر ضاِم ٌن ِز ِّم يُت ليس ملن ُضِّم َنه َتْر بيُت "(‪.)2‬‬
‫والرتبية ‪ :‬النماء والزيادة قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬
‫ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫ثانيًا‪ :‬التربية في االصطالح‬
‫تتعدد تعريفات الرتبية نظرًا لتعدد األهداف واالهتمامات يف املؤسسات الرتبوية على‬
‫اختالف أنشطتها ‪ ،‬ويتم إيراد تعريفات عن مفهوم الرتبية وهي كما يلي ‪:‬‬
‫تعرف الرتبية بأهنا " اإلصالح والتغذية ‪ ،‬والعمل على اإلمناء"(‪.)4‬‬
‫ويقصد بـ"الرتبية يف اإلسالم تعين بلوغ الكمال بالتدريج ويقصد بالكمال هنا كمال اجلسم‬
‫والعقل واخللق ألن اإلنسان موضوع الرتبية"(‪.)5‬‬
‫أهمية التربية‬
‫الرتبية هي تنمية القلب والقالب مجيعًا ‪ ،‬وترتكز أمهية الرتبية أهنا تسهم يف حماربة هوى النفس‬
‫وتنمية الشخصية منذ التنشئة األوىل حنو جيل يسمو باألمة ‪ ،‬ويرفعها حنو التقدم ‪ ،‬والعزة ‪،‬‬
‫فاملسلمون يسعون ألجناهلم ‪ ،‬يف الرتبية على القرآن ‪ ،‬واملتأمل ألعالم األمة ‪ ،‬من العلماء الربانيني ‪،‬‬
‫والقادة األفذاذ ‪ ،‬جيد بعد توفيق اهلل ‪ ،‬جهود تربوية بذلت هلم ‪.‬‬
‫كما تربز أمهية الرتبية اإلسالمية ‪ ،‬من جهة كوهنا تكليف وأمانة ‪ ،‬مناطة بالويل ‪ ،‬وحياسب‬
‫عليها الويل ‪ ،‬ويؤجر على تأديتها على وجهها ‪ ،‬تسهم يف العيش السليم ‪ ،‬والقدرة على التعامل‬
‫‪ )(1‬القاموس احمليط ‪ ،‬مادة ربا مرجع سابق ج ‪ 1‬ص ‪.1659‬‬
‫‪ )(2‬لسان العرب ‪ ،‬مادة ربا مرجع سابق ‪ 2‬ص ‪.33‬‬
‫‪ )(3‬سورة احلج اآلية ‪.5‬‬
‫‪ )(4‬زهرة التفاسري ‪ ،‬حممد أبو زهرة ‪ ،‬دار الفكر العريب ‪ ،‬ج‪، 1‬ص‪. 58‬‬
‫‪ )(5‬الدكتور حممد منري مرسي‪ ،‬أصول الرتبية‪ ،‬الناشر‪ :‬عامل الكتب‪ .‬ج ‪1‬ص‪.51‬‬

‫‪72‬‬
‫مع أزمات احلياة ‪ ،‬اليت قد يواجهها الفرد ‪ ،‬وتسعى الرتبية اإلسالمية لصالح حياة اإلنسان يف‬
‫الدنيا ‪ ،‬واآلخرة ‪.‬‬
‫ومصادر الرتبية اإلسالمية ‪ ،‬القرآن الكرمي ‪ ،‬وقد تنوعت وتعددت طرق وأساليب الرتبية يف‬
‫القرآن الكرمي ومنها الرتبية بظرب األمثال ومنها الرتبية بالقصة ‪ ،‬وأخرى بأسلوب احلوار‬
‫القرآين ‪ ، ...‬ومصادر أخرى كالسنة املطهرة ‪ ،‬وهنج سلف األمة ‪ ،‬وقد اختصت الرتبية اإلسالمية‬
‫بالشمول ‪ ،‬واالعتدال ‪ ،‬والتوازن ‪ ،‬والوضوح ‪ ،‬ومن طرق الرتبية ‪ ،‬الرتبية بالقدوة احلسنة ‪،‬‬
‫والرتبية العبادية ‪ ،‬وينبغي على املريب ‪ ،‬التحلي بالصرب ‪ ،‬والصدق ‪ ،‬واإلخالص ‪ ،‬والتزود مبحاسن‬
‫األخالق ‪ ،‬واليت تكون عونًا بعد اهلل على الرتبية احلميدة ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور التربية في تنمية مهارات التفاوض‬


‫التربية تحتاج إلى علم وعمل ‪ ،‬فالتربية تصنع األجيال ‪ ،‬وهي تسهم في بناء اإلنسان ‪ ،‬عبر‬
‫مراحل نموه المختلفة فتسهم بشكل واضح في الغالب بتشكيل شخصيته ‪ ،‬ويظهر دور التربية في‬
‫التفاوض وفائدته الجليلة في التربية منذ التمييز ‪ ،‬على حل الخالفات في وقت مبكر‪ ،‬وتنمية الحرص‬
‫على المصالح‪ ،‬المساهمة في نضج العقول وبناء الشخصية ‪ ،‬وبذلك يزرع في األجيال الناشئة هذه‬
‫المهارة الرائعة ليتسنى لهم التفاوض مع بعضهم البعض ومع غيرهم ‪ ،‬والتربية على التفاوض الجيد مع‬
‫النشء في مطالبه واحتياجاته ‪ ،‬منذ سنواته األولى بما يناسبه ‪ ،‬يعود عليه بفوائد جمة ‪ ،‬وينبغي االهتمام‬
‫بالتفاوض من الجانب التربوي ‪ ،‬نظرًا الختالف الناس في طبائعهم ‪ ،‬وسماتهم ‪ ،‬وقدراتهم ‪ ،‬فهناك من‬
‫يغلب عليه التأثير في الجانب العاطفي ‪ ،‬وغيره يركز على العقل ‪ ،‬والتفكير ‪ ،‬والمنطق ‪ ،‬وآخر يؤثر فيه‬
‫الجانب اإليماني أكثر‪ ،‬ويختلف عن غيره كذلك‪.‬‬
‫دور التربية في تنمية مهارات التفاوض وهي كما يلي‪:‬‬
‫الشجاعة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫حيث تدعم القدرة على املطالبة باحلقوق ‪ ،‬والدربة على حتمل املسؤولية ‪ ،‬من خالل‬
‫املفاوضات وأنه يعترب رأس هرم أثناء املفاوضات ومتكن من التعبري عما بداخل املفاوض‪.‬‬
‫التقدير واالحرتام لآلخرين وهو شيء متبادل‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫القدرة على التوضيح والفهم ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫‪73‬‬
‫الرغبة يف نفع اآلخرين وحل مشاكلهم عرب املفاوضات‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫التعود على حسن االستماع ‪ ،‬حيث يستمع كل طرف آلخر‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫التعرف على اآلخرين وتنمية التواصل معهم ‪ ،‬من العوامل املؤثرة ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫الرتتيب والتنظيم‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫حيث يساعد على‪ ،‬حتديد وقت التفاوض‪ ،‬وموضوع التفاوض ‪ ،‬واملصطلحات املستخدمة‪،‬‬
‫وحتديد األهداف ‪ ،‬والغرض من التفاوض ‪ ،‬ودراسة املوضوع وأبعاده واحتياجاته ومن مث تقييمها‬
‫ومجع البيانات واملعلومات والتأكد من احلقائق والوثائق‪.‬‬
‫تعلم عدد من املهارات ومنها اإلقناع والتأثري ‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫تعلم اإلجياز وعدم اإلسهاب باختيار الكلمات واجلمل القصرية ‪ ،‬واليت تكون هلا‬ ‫‪-9‬‬
‫دالالت مركزة وتفهم على وجه السرعة وال حتتاج إىل إعادة أو تفصيل ‪.‬‬
‫كسب اخلربة والتجربة يف خمتلف امليادين واجملاالت وذلك حبسب مواضيع التفاوض‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫معرفة القضايا اليت يدخلها التفاوض والقضايا اليت ال يدخلها التفاوض ‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫إمكانية إبراز عدد من القضايا اهلامة ‪ ،‬وتكون صورية ‪ ،‬وومهية ‪ ،‬ومن مث التفاوض‬ ‫‪-12‬‬
‫حوهلا مع األوالد ولذلك آثار منها ما يلي‪:‬‬
‫ا‪ -‬زرع احملبة واأللفة واملودة بني الوالدين وأوالدهم وبني األوالد فيما بينهم‪.‬‬
‫ب‪ -‬غرس الثقة فيهم وأهنم على قدر املسؤولية ويتصفون برجاحة العقل‪.‬‬
‫ج‪ -‬تنمية إيصال اخلري للغري ‪ ،‬ونفع اآلخرين‪.‬‬
‫د‪ -‬حتري العدل بني الناس ومعرفة فضله والبعد عن الظلم ومعرفة مآله يف الدنيا‬
‫واآلخرة ‪.‬‬
‫تفعيل دور األسرة يف اجللوس مع بعضها البعض ‪ :‬حيث تعاين كثري من األسر اليوم من‬ ‫‪-13‬‬
‫قلة الوقت الذي تقضيه األسرة مع أوالدها‪.‬‬
‫تعلم التؤدة يف األمور وعدم العجلة ‪.‬‬ ‫‪-14‬‬
‫ألن من الصفات اللصيقة ببين اإلنسان ‪ ،‬العجلة يف األمور ‪ ،‬وكيف ال؛ وقد قال فاطر الناس‬
‫(‪) 1‬‬
‫جل وعال ‪ -‬ﮋ ﮀ ﮁ ﮂ ﮊ‬

‫() سورة اإلسراء اآلية ‪.11‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪74‬‬
‫‪ -15‬العزة ‪:‬‬
‫الشعور باإلعزاز هو الشعور الذي يسهم يف بناء النفس ‪ ،‬بناًء سليمًا ‪ ،‬بعيدًا عن اهلوان‬
‫والذلة‪ ،‬إال هلل العزيز احلكيم ‪.‬‬
‫تنمية الفكر‬ ‫‪-16‬‬
‫إعمال الفكر والعقل ‪ ،‬الذي جيعل النفس تواقة للتفكري والعمليات العقلية واليت تتميز‬
‫بالرجاحة واملنطق ‪.‬‬
‫إنزال الناس منازهلم‬ ‫‪-17‬‬
‫كان من هدي النبي ‪ ‬إنزال الناس منازلهم ‪ ،‬فعن أبي سعيد الخدري قال لما نزلت بنو‬
‫قريظة على حكم سعد(‪ ،)1‬بعث رسول الله ‪ ، ‬وكان قريبا منه ‪ ،‬فجاء على حمار ‪ ،‬فلما دنا قال‬
‫رسول الله ‪ : ‬قوموا إلى سيدكم ‪ ،‬فجاء فجلس إلى رسول الله ‪ ، ‬فقال له ‪" :‬إن هؤالء نزلوا‬
‫على حكمتك" ‪ .‬قال‪ :‬فإني أحكم أن تقتل المقاتلة ‪ ،‬وأن تسبى الذرية ‪ ،‬قال ‪ :‬لقد حكمت فيهم‬
‫بحكم الملك"(‪. )2‬‬
‫وكذلك قوله ‪ ‬يف أسارى بدر "لو كان املطعم بن عدي(‪ )3‬حيا مث كلمين يف هؤالء النتىن‬
‫لرتكتهم له "(‪.)4‬‬
‫وفيما ورد عن النيب ‪ ‬قال ‪" :‬أقيلوا ذوي اهليئات عثراهتم "(‪.)5‬‬
‫ومعىن احلديث ‪" :‬استحباب ترك مؤاخذه ذي اهليئة إذا وقع يف زلة أو هفوة مل تعهد عنه إال‬
‫ما كان حدًا من حدود اهلل تعاىل وبلغ احلاكم فيجب إقامته"(‪ )6‬فهذا من إنزال الناس منازهلم ‪ ،‬وقد‬

‫() سعد ابن معاذ رضي اهلل عنه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() صحيح البخاري ‪ ،‬باب إذا نزل العدو على حكم رجل ‪ ،‬ح ‪ ،2878‬ج‪ 3‬ص ‪.1107‬‬ ‫‪2‬‬

‫() هو املطعم بن ع‪m‬دي بن نوف‪m‬ل بن عب‪m‬د من‪m‬اف بن قص‪m‬ي القرش‪m‬ي الن‪m‬وفلي وك‪m‬ان ش‪m‬ريفا يف قوم‪m‬ه وه‪m‬و ال‪m‬ذي أج‪m‬ار الن‪m‬يب ‪‬‬ ‫‪3‬‬

‫وهو قادم من الطائف ‪ ،‬مجهرة أنساب العرب ‪ ،‬أبو حممد علي بن أمحد األندلسي ط ‪ 3‬دار الكتب العلمية بريوت ‪ ،‬ج‪1‬ص‬
‫‪.115‬‬
‫() الوفا بتعريف فضائل املصطفى ‪ ،‬ابن اجلوزي ‪ ،‬دار املعرفة ج‪ 1‬ص ‪.159‬‬ ‫‪4‬‬

‫() سنن النسائي الك‪m‬ربى ‪ ،‬أمحد بن ش‪m‬عيب أب‪m‬و عب‪m‬د ال‪m‬رمحن النس‪m‬ائي ‪،‬كت‪m‬اب ال‪m‬رجم ‪ ،‬ب‪m‬اب التج‪m‬اوز عن زل‪m‬ة ذي اهليئ‪m‬ة ‪ ،‬ح‬ ‫‪5‬‬

‫‪ ، 7296‬ج ‪ ، 4‬ص‪ ،310‬دار الكتب العلمي ‪mm‬ة‪ ،‬ب ‪mm‬ريوت ط األوىل ‪ ، 1991 – 1411 ،‬حتقي ‪mm‬ق ‪ :‬د‪.‬عب ‪mm‬د‬
‫الغفار سليمان البنداري ‪ ,‬سيد كسروي حسن ‪ ،‬ضعيف‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫قدم رسول اهلل ‪ ‬أصحاب القرآن على غريهم حىت يف الدفن(‪ ، )1‬وأمر صحابته الكرام بذلك‬
‫فكانوا األسوة احلسنة يف إنزال الناس منازهلم ‪ ،‬سواء كانت يف السبق باإلسالم‪ ،‬أو يف القرابة من‬
‫النيب ‪ ، ‬أو غري ذلك من الفضائل‪.‬‬
‫وه‪m‬ذا إب‪m‬راهيم الخلي‪m‬ل علي‪m‬ه الس‪m‬الم م‪m‬ع أبي‪m‬ه ي‪m‬ردد ‪ ،‬ي‪m‬ا أبت ‪ ،‬كم‪m‬ا في قول‪m‬ه تع‪m‬الى ‪ :‬ﮋ ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬ ‫ﭪﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬ ‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮊ (‪.)2‬‬
‫ويف ذلك كل الوقار والتقدير والتودد واإلكرام لألب واستدرار مودة ورمحة وعاطفة األبوة‪.‬‬
‫وهذا نيب اهلل يوسف عليه السالم خماطبًا أباه يعقوب عليه السالم كما يف قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﯢ ﯣ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﮊ (‪. ) 3‬‬ ‫ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫حبث احللول على أساس مشرتك ‪ ،‬ويسهم ذلك يف حتديد نقاط االلتقاء ملعرفة املصاحل‬ ‫‪-18‬‬
‫املشرتكة بني الطرفني املتفاوضني‪.‬‬
‫الرتبية على اختيار الوقت املناسب لألمور وهتيئة اجلو املناسب للتفاوض‪.‬‬ ‫‪-19‬‬
‫الرغبة املشرتكة بني األطراف لدى بدء املفاوضات حلل املشكالت واملنازعات يسهم يف‬ ‫‪-20‬‬
‫تربية النفوس بالتقبل لكل منهما لآلخر بالتفاوض‪.‬‬
‫سرب الناس ‪ ،‬يريب التفاوض يف النشء معرفة سرب الناس وكيفية تقييمهم من خالل اللقاء‬ ‫‪-21‬‬
‫هبم واالستماع واإلنصات إىل حديثهم ‪ ،‬والنظر إىل حركاهتم ‪ ،‬يف املواقف التفاوضية ‪.‬‬
‫الرتبية والتعلم على أن االعرتاف باخلطأ فضيلة وهو من شيم الشرفاء واألقوياء ويزيد‬ ‫‪-22‬‬
‫صاحبه رفعًة ومسوًا لدى العقالء ويريب فيه العدل واإلنصاف بدًء من نفسه وقد قال‬
‫النيب ‪" ‬كل بين آدم خّطاء(‪ )4‬وخري اخلّطائني التوابون"(‪. )5‬‬

‫() فت‪mm‬اوى اللجن‪m‬ة الدائم‪mm‬ة للبح‪mm‬وث العلمي‪mm‬ة واإلفت‪mm‬اء ‪ ،‬أمحد بن عب‪mm‬د ال‪mm‬رزاق ال‪mm‬دويش ‪ ،‬نش‪mm‬ر الرئاس‪mm‬ة العام‪mm‬ة للبح‪mm‬وث العلمي‪mm‬ة‬ ‫‪6‬‬

‫واإلفتاء‪ ،‬ج‪ 22‬ص ‪.20-18‬‬


‫‪ )( 1‬يف شهداء غزوة أحد ‪.‬‬
‫‪ )(2‬سورة مرمي اآليات ‪.45 – 41‬‬
‫‪ )(3‬سورة يوسف اآلية ‪.4‬‬
‫‪ )(4‬خّطاء‪ :‬يقال رجل خطاء‪ ،‬إذا كان مالزمًا للخطأ‪ ،‬لسان العرب‪،‬ابن منضور ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬مادة خطأ ‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.65‬‬
‫‪ )(5‬سنن ابن ماجه ‪،‬كتاب الزهد ‪ ،‬باب ذكر التوبة ‪ ،‬ح ‪ 4251‬ج‪ 2‬ص ‪ 1420‬وقال الشيخ األلباين ‪ :‬حسن‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫وإن كان اخلطأ يف حق اآلخرين فتعتذر ملن متت اإلساءة إليهم من الناس عما بدر‬
‫جتاههم ‪.‬‬
‫الرتبية على التحلي باملظهر احلسن ‪.‬‬ ‫‪-23‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﮊ‬ ‫قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ‬
‫الرتبية على اخلروج واللق‪m‬اء يك‪m‬ون ب‪m‬املظهر الالئ‪m‬ق ‪ ،‬فمن يف‪m‬اوض س‪m‬يقابل الن‪m‬اس ‪ ،‬ال س‪m‬يما يف‬
‫مواض ‪mm‬يع هام ‪mm‬ة ‪ ،‬يتطل ‪mm‬ع األط ‪mm‬راف أن يتم فيه ‪mm‬ا اختاذ ق ‪mm‬رارات ‪ ،‬وه ‪mm‬ذا م ‪mm‬دعاة للح ‪mm‬رص على حس ‪mm‬ن‬
‫املظهر‪ ،‬مع عدم املبالغة فيه‪.‬‬
‫مجابهة الحيل‪ ،‬والخداع‪ ،‬والمراوغة‪ ،‬والجدل‪ ،‬ألن اإلنسان أكثر شيء جدال كما قال‬ ‫‪-24‬‬
‫تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﮊ(‪. )2‬‬
‫وكث‪mm‬ري منهم من يتص‪mm‬ف باحلي‪mm‬ل واملراوغ‪mm‬ة واختالف النزع‪mm‬ات واأله‪mm‬واء ‪ ،‬فل‪mm‬ذلك يس‪mm‬تلزم من‬
‫يلج حلقل التفاوض يعد لألمر عدته بالرتبية على الفطنة والذكاء ‪.‬‬
‫وذل‪mm‬ك لوج‪mm‬ود بعض املفاوض‪mm‬ني يتص‪mm‬فون ب‪mm‬املكر واملراوغ‪mm‬ة ‪ ،‬وه‪mm‬ذا م‪mm‬ا يظه‪mm‬ر لن‪mm‬ا من مفاوض‪mm‬ة‬
‫إخوة يوسف ألبيهم يعقوب ‪ ،‬عليه السالم ‪ ،‬حينما أمجعوا أمرهم ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫البدء بالسؤال ؟ مالك ال تأمنا على يوسف ‪...‬‬

‫التعود على السعي للحصول على املعلومات من مصادرها ‪.‬‬ ‫‪-25‬‬


‫والرتبية احلسنة على مكارم األخالق تتفاوت هبا األمم علوًا واحندارًا ‪ ،‬وقوة وض‪mm‬عفا‪ ,‬فم‪mm‬ا من‬
‫أمة اهتمت يف الرتبية علمًا وعمًال وجتويدًا إّال بلغت الرقي السعادة ‪.‬‬

‫‪ )(1‬سورة األعراف اآلية ‪.٣١‬‬


‫‪ )(2‬سورة الكهف آية ‪.54‬‬
‫‪ )(3‬سورة يوسف اآلية ‪.11‬‬

‫‪77‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫التفاوض والمجال االجتماعي‬

‫وفيه ثالثة مطالب‪:‬‬


‫المطلب األول ‪ :‬تعريف المجال االجتماعي وأهميته ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬دور التفاوض في المجال االجتماعي ‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬آداب التفاوض في المجال االجتماعي ‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬تعريف المجال االجتماعي وأهميته‬
‫اجملال "موضع اجلوالن يقال مل يبق له جمال يف هذا األمر"(‪.)1‬‬
‫واجملتمع‪ :‬هو جمموعة من الناس تكون فيما بينهم روابط ومصاحل وتتنوع عالقاهتم من‬
‫عالقات دينية‪ ،‬واجتماعية ‪ ،‬وثقافية ‪.‬‬
‫واجملال االجتماعي ‪ :‬هو كل ما ميارسه اإلنسان منذ نشأته مع من حوله أيًا كانت وسائل‬
‫االتصال هبم ‪.‬‬
‫أهمية المجال االجتماعي‪:‬‬
‫اهتم القرآن الكرمي يف اجملتمع اهتماما بالغا ومن دالئل ذلك االهتمام ‪ ،‬الرتكيز على‬
‫نواة اجملتمع األوىل وهي األسرة ومن مث التوسع يف االهتمام إىل مجيع فئات اجملتمع ‪ ،‬ويف‬
‫اجملال االجتماعي ميارس التفاوض يف حياة الناس منذ القدم ‪ ،‬طلبًا للمصاحل والتوافق ودرء املفاسد‬
‫‪ ،‬ويسهم التفاوض يف تفاعل اجملتمع بشىت أطيافهم مع بعضهم البعض وأيضًا مع شعوب العامل‬
‫اخلارجي وربط عالقات وثيقة فيما بينهم ‪ ،‬كما يسهم يف احلفاظ على اهلوية وتعزيز االنتماء حبيث‬
‫تصبح لغة التفاوض اإلجيايب مسة أصيلة يف احلياة االجتماعية ‪ ،‬ويدخل التفاوض يف اجملال‬
‫االجتماعي بشكر كبري يف التعامل بني البشر يف حل اخلالفات وهو وسيلة هامة لذلك ‪ ،‬ويف عصر‬
‫التمدن وتطور احلياة من جانب العالقات االجتماعية ال سيما يف وقتنا احلاضر حيث اتصال‬
‫الشعوب يف العامل ببعضهم البعض مما جعل التفاوض أشبه أن يكون على مدار الساعة بني الناس‬
‫سواًء على املستوي احمللي أو اإلقليمي أو الدويل ويلعب دورًا هامًا يف تقارب وجهات النظر وحل‬
‫اخلالفات ‪ ،‬إضافًة إىل العمل على تنمية العالقات االجتماعية بني الناس ‪ ،‬وتكمن أمهية التفاوض‬
‫يف اجملال االجتماعي يف عدد من اجلوانب ‪ ،‬و"كانت احملادثات الشفوية الوسيلة األويل للتفاوض‬
‫وتبادل الرأي يف خمتلف املواضيع والقضايا واملشاك‪ ،‬ففي الصالت والعالقات االجتماعية كالزواج‬
‫(‪) 2‬‬
‫مثال ‪-‬كانت احملادثات الشفوية ووساطة أطراف ثالثة من وسائل التفاوض اهلامة إلمتام الزواج"‬
‫وكذلك احلال يف بقية اجملاالت ‪ ،‬وفيما يلي مناذج من القرآن الكرمي يستفاد منها أنه حصل فيها‬

‫‪ )( 1‬إبراهيم مصطفى ـ أمحد الزيات ـ حامد عبد القادر ـ حممد النجار دار الدعوة املعجم الوسيط ج‪ 1‬ص ‪ -148‬حتقيق‪:‬‬
‫جممع اللغة العربية ‪.‬‬
‫‪ http://www.siironline.org/alabwab/monawat(28)/84.htm )(2‬بتصرف يسري ‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫شيء من التفاوض يف اجملال االجتماعي ‪.‬‬

‫أوًال ‪ :‬نبي اهلل نوح عليه السالم مع ابنه‪:‬‬


‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﮊ (‪.)1‬‬
‫واحلال هن‪mm‬ا مفاوض‪mm‬ة بني ن‪mm‬يب اهلل ورس‪mm‬وله ن‪mm‬وح علي‪mm‬ه الس‪mm‬الم وابن‪mm‬ه ‪ ،‬طالب ‪ًm‬ا من‪mm‬ه وحماوًال مع‪mm‬ه ‪،‬‬
‫اإلميان باهلل والركوب يف السفينة لنجاته من العذاب‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬نبي اهلل إبراهيم ‪ ‬مع أبيه‪.‬‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬ ‫قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ‬ ‫ﭻ‬
‫( ‪)2‬‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮊ ‪.‬‬ ‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬ ‫ﮗ‬ ‫ﮖ‬
‫يف هذه اآليات الكرمية ‪ ،‬يعدعوا إبراهيم عليه السالم ‪ ،‬أباه ‪ ،‬وجرى التفاوض فيه‪mm‬ا بطلب اإلميان‪،‬‬
‫وبيان حقيقة الشيطان ‪ ،‬وتقدم بيان فضل اهلل على اخلليل بإتيانه العلم ‪.‬‬

‫ثالثًا ‪ :‬نبي اهلل موسى وشعيب عليهما السالم‪.‬‬


‫ﮘ ﮙﮚ ﮛ‬ ‫ﮖ ﮗ‬ ‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﯕ‬ ‫ﯓ ﯔ‬ ‫ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬ ‫ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫ﯭ ﯮﯯ ﯰ‬ ‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬ ‫ﯖ ﯗ‬
‫ﰇ ﮊ (‪. ) 3‬‬ ‫ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ‬ ‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ‬
‫ويف ه‪mm‬ذه اآلي‪mm‬ات الكرمية ‪ ،‬يع‪mm‬د تفاوض‪ًm‬ا اجتماعي‪ًm‬ا حيث ك‪mm‬ان التف‪mm‬اوض خيتص ب‪mm‬أمر ال‪mm‬زواج ‪،‬‬
‫ويكون مقابل الزواج ‪ ،‬اإلجارة على رعي الغنة ملدة متانية حجج كشرط ‪ ،‬أو إمتامها عشرًا اختي‪mm‬ارًا‬
‫‪ ،‬أحد األجلني ‪.‬‬

‫ﮣ‬ ‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬ ‫رابع ـًا ‪ :‬قول ‪mm‬ه تع ‪mm‬اىل‪ :‬ﮋ ﮗ ﮘ‬

‫‪ )(1‬سورة هود اآلية ‪.43-42‬‬


‫‪ )(2‬سورة مرمي اآلية ‪.45‬‬
‫‪ )(3‬سورة القصص اآلية ‪.28- 25‬‬

‫‪80‬‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﮊ (‪. ) 1‬‬ ‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫وتص‪mm‬ور لن‪mm‬ا ه‪mm‬ذه اآلي‪mm‬ات الكرمية ‪ ،‬م‪mm‬ا ج‪mm‬رى من تف‪mm‬اوض ‪ ،‬عن ح‪mm‬ال ابن ع‪mm‬اق لوادي‪mm‬ه ‪ ،‬حيث‬
‫صّد ر كالمه لوالديه ‪ ،‬بقوله ﮋ ﮚ ﮛ ﮊ كافرًا ‪ ،‬ومنك‪m‬رًا للبعث ‪ ،‬والنش‪mm‬ور ‪ ،‬واحلس‪mm‬اب يف الي‪mm‬وم‬
‫اآلخ‪mm‬ر ‪ ،‬س‪mm‬اخرًا ‪ ،‬ﮋ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮊ ووالدي‪mm‬ه ينذران‪mm‬ه ﮋ ﮧ ﮨ ﮊ مبين‪mm‬ان ل‪mm‬ه احلق‬
‫األبلج ‪ ،‬ﮋ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮊ ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬دور التفاوض في المجال االجتماعي‬


‫يتصل التفاوض يف حياة الناس بشكل شبه يومي ‪ ،‬فله دور بارز يف اخلالفات بني القيادات ‪ ،‬أو‬
‫األحزاب و‪ ، ...‬واملؤدية إىل زعزعة األمن ‪ ،‬واليت قد تصل إىل االقتتال يف اجملتمع ‪ ،‬وكذلك يف‬
‫جوانب العالقات األسرية ‪ ،‬من زواج ‪ ،‬أو إصالح ما بني الزوجني ‪ ،‬أو األوالد ‪ ،‬أو األرحام ‪ ،‬أو‬
‫أهل البلد ‪ ،‬ويتم بيان دور التفاوض يف اجملال االجتماعي فيما يلي ‪:‬‬
‫أوًال ‪ :‬دور التفاوض في الحفاظ على أمن المجتمع‬
‫اهتم القرآن الكرمي ‪ ،‬بأمن اجملتمع ‪ ،‬وأمر بوحدة املسلمني ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫( ‪)2‬‬
‫ﭶﭷ ﮊ‬
‫وأك‪mm‬د على أخ‪mm‬وهتم ‪ ،‬وأم‪mm‬ر بك‪mm‬ل م‪mm‬ا في‪mm‬ه ت‪mm‬أليف قل‪mm‬وهبم ‪ ،‬وهنى عن ك‪mm‬ل أس‪mm‬باب الفرق‪mm‬ة ‪ ،‬ف‪mm‬أمر‬
‫بالسعي إلصالح ذات البني يف حال التخاصم ‪ ،‬أو التنازع ‪ ،‬وحث على ذلك وجعل للمص‪mm‬لحني ‪،‬‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬ ‫األجر واملثوبة ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﮊ‬ ‫ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬
‫(‪. ) 3‬‬
‫يقول ربنا ‪ -‬تعالى ذكره ‪": -‬وإن طائفتان من أهل اإليمان اقتتلوا ‪ ،‬فأصلحوا ‪ -‬أيها المؤمن‪m‬ون ‪-‬‬
‫بينهما بالدعاء إلى حكم كتاب الله ‪ ،‬والرضا بما فيه لهما وعليهما ‪ ،‬وذلك هو اإلصالح بينهم‪m‬ا بالع‪m‬دل‬
‫ﮋ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮊ يقول ‪ :‬فإن أبت إحدى هاتين الطائفتين اإلجابة إلى حكم كتاب الله له وعليه‬

‫‪ )(1‬سورة األحقاف اآلية ‪.17‬‬


‫‪)(2‬سورة آل عمران اآلية ‪.١٠٣‬‬
‫‪ )(3‬سورة احلجرات اآليات ‪.10 - 9‬‬

‫‪81‬‬
‫‪ ،‬وتع‪mm‬دت م‪mm‬ا جع‪mm‬ل الل‪m‬ه ع‪mm‬دال بين خلق‪mm‬ه ‪ ،‬وأج‪m‬ابت األخ‪m‬رى منهم‪m‬ا ﮋﮦ ﮧ ﮨ ﮊ يق‪mm‬ول ‪ :‬فق‪mm‬اتلوا ال‪mm‬تي‬
‫تعتدي ‪ ،‬وتأبى اإلجابة إلى حكم الله ﮋ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮊ يقول ‪ :‬حتى ترجع إلى حكم الله‬
‫الذي حكم في كتاب‪m‬ه بين خلق‪m‬ه ﮋ ﮱ ﯓ ﯔ ﮊ ﮮ يق‪m‬ول ‪ :‬ف‪m‬إن رجعت الباغي‪m‬ة بع‪m‬د قت‪m‬الكم إي‪m‬اهم‬
‫إلى الرض ‪mm‬ا بحكم الل ‪mm‬ه في كتاب ‪mm‬ه ‪ ،‬فأص ‪mm‬لحوا بينه ‪mm‬ا وبين الطائف ‪mm‬ة األخ ‪mm‬رى ال ‪mm‬تي قاتلته ‪mm‬ا بالع ‪mm‬دل ‪ :‬يع ‪mm‬ني‬
‫(‪) 1‬‬
‫باإلنصاف بينهما ‪ ،‬وذلك حكم الله في كتابه الذي جعله عدال بين خلقه"‬
‫ومن املؤكد أن الصلح بني الناس ‪ ،‬ليس باألمر اهلني ‪ ،‬أو السهل ‪ ،‬وخاصًة يف القضايا‬
‫اهلامة ‪ ،‬مثل أمن اجملتمع ‪ ،‬وحنوه ‪ ...‬وإمنا حيتاج لصفات عالية ومنها إجادة التفاوض بني األطراف‬
‫املختلفة ‪ ،‬واملتنازعة ‪ ،‬ومن مث اخلروج إىل حلول ترضي مجيع األطراف ‪ ،‬فبالصلح يتحول احلال ؛‬
‫من العداوة والبغضاء إىل احملبة والصفاء وحيل القرب بعد القطيعة واهلجران ‪.‬‬
‫واملفاوض املصلح ‪ ،‬يسعى دومًا لإلصالح بني الناس مبتغيًا بذلك ‪ ،‬وجه اهلل ‪ ،‬ويتحني بأن‬
‫يكون اجملال مالئمًا ‪ ،‬مما ينهي اخلصومة والنزاع ‪ ،‬ليحل مكاهنا الوفاق والوئام ‪ ،‬ويربز التفاوض يف‬
‫اجملال االجتماعي للصلح فيما بني الناس لعالج املشكالت يف عدد من اجلوانب ‪ ،‬ومنها ما يلي‪:‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬مجتمع األسرة‬


‫العالقة الزوجية ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ويبدأ التفاوض أوًال بغرض الزواج ‪ ،‬وبعد أن يسري مركب الزوجية يف حبر احلياة ‪ ،‬قد هتب‬
‫الرياح والعواصف هبذه األسرة فتنشأ اخلالفات والشقاق التفاوض لغرض الصلح يعترب باب واسع‬
‫يف هذا اجملال وخاصة يف حالة توسع دائرة اخلالفات الزوجية ؛ تكون احلاجة إىل من يعمل على‬
‫حل هذه اخلالفات والقيام مبفاوضة األطراف املعنية للصلح بينهم وعودة املياه إىل جماريها ‪ ،‬وهذا‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ‬ ‫مما نستنبطه من قوله تعاىل ﮋ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫(‪) 2‬‬
‫ﮓ ﮔ ﮊ‬ ‫ﮑ ﮒ‬
‫ومما يستفاد من اآلية الكرمية أن احلصول على التوفيق مقرتن برغبة األطراف وإرادهتما يف‬

‫‪ )(1‬تفسري الطربي ‪،‬جامع البيان يف تأويل القرآن ‪ ،‬حممد بن جرير الطربي ‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪،‬ط ‪1‬حتقيق أمحد شاكر ‪-1420،‬‬
‫‪ ، 2000‬ج‪ 22‬ص ‪.292‬‬
‫‪ )(2‬سورة النساء اآلية ‪.35‬‬

‫‪82‬‬
‫اإلصالح ‪ ،‬فعند اشتداد اخلالف بني الزوجني ‪ ،‬يتم التدخل ‪ ،‬ممن جييد التفاوض مع الزوجني‬
‫للبحث عن حلول مناسبة للجميع قدر اإلمكان‪.‬‬
‫وينبغي احلرص على التوافق الفكري والثقايف واالجتماعي بني الزوجني ‪ ،‬ألنه مهم‬
‫وضروري ‪ ،‬وقد تقع اخلالفات ‪ ،‬وحيدث اخلصام بني الرجل وزوجته ‪ ،‬وهو أمر طبيعي وحتمي‬
‫ومشاهد وله أسبابه الكثرية واملختلفة ‪.‬‬
‫وقد أصبح إتقان التفاوض للصلح بني األزواج موهبة وفن وهو علم يدرس ويؤهل املختصني‬
‫يف هذا اجلانب ‪ ،‬ويربز منهم من هلم جتارب يف احلياة الزوجية ‪ ،‬وال خيفى أن من مقاصد التشريع‬
‫اإلسالمي يف احلياة الزوجية أهنا تقوم على املودة والرمحة‪ ،‬وإعطاء احلقوق والواجبات وتكون‬
‫النفس يف ذلك مقبلة مطمئنة ‪ ،‬وهذا ما يسعى له املختصني يف اإلصالح األسري من التفاوض مع‬
‫الزوجني بغرض اإلصالح‬
‫التفاوض في شأن األسرة واألوالد‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫لقد اعتىن القرآن الكرمي أكمل عناية باألوالد ‪ ،‬فشرع الزواج ‪ ،‬واعتىن بفرتة احلمل ‪ ،‬ومن مث‬
‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬ ‫فرتة الرضاعة ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﮊ‬ ‫ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ‬
‫فشرعت األحكام املتعلقة يف كل ذلك ‪ ،‬وكل ما تقدم ذكره يف اآلية الكرمية قد يطرأ عليه‬
‫كثري من اخلالفات ‪ ،‬فيدخل التفاوض بغرض اإلصالح يف قضايا السكن والنفقة ‪ ،‬سواًء على‬
‫الزوجة ‪ ،‬أو األبناء ‪ ،‬وال خيفى على العقالء حجم املشكالت األسرية مع األوالد ‪ ،‬ال سيما‬
‫املرحلة اخلطرة ‪ ،‬وهي مرحلة التكليف وتسمى يف الواقع املعاصر عند البعض مبرحلة " املراهقة "‬
‫واحلاجة املاسة هلذه الفئة من التقدير واالحرتام ‪ ،‬واالهتمام هبم ‪ ،‬باإلضافة إىل احلب واحلنان‬
‫واإلرشاد وحسن التوجيه املنضبط لتهذيب السلوك والتصرفات ‪ ،‬وحيسن التفاوض معهم بدقة‬
‫وحرص عند اخلطأ‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬التفاوض لحل المشكالت بين األرحام‪.‬‬
‫لقد أوىل اهلل – جل وعال ‪ -‬لألرحام اهتمامًا كبريًا ‪ ،‬فقال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ‬

‫‪ )(1‬سورة الطالق اآلية ‪.٦‬‬

‫‪83‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫‪.‬‬ ‫ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﮊ‬ ‫ﰀﰁ ﰂ‬ ‫ﯾ ﯿ‬ ‫ﯽ‬
‫ورتب على اإلحسان إليهم األجور العظيمة ‪ ،‬وحذر من القطيعة واإلساءة إليهم ‪ ،‬واملشاهد‬
‫كثريًا من األرحام تنشأ بينهم خالفات ‪ ،‬وتوصل أحيانًا إىل القطيعة فيما بينهم ‪.‬‬
‫وحتل املشكلة بني األرحام عن طريق التفاوض بالسعي إىل حلها للحفاظ على روابط‬
‫القرىب ‪ ،‬أو الرحم ‪.‬‬
‫رابعًا ‪ :‬مشكالت أهل البلد من المجتمع‬
‫اهتم القرآن الكرمي بعالج كل أمر قد يسبب الفرقة بني املسلمني ‪ ،‬فقال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭚ ﭛ‬
‫(‪) 2‬‬
‫ﭥﮊ ‪.‬‬ ‫ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫والتفاوض يعتبر األسلوب الحضاري لمعالجة المشكالت بين أفراد المجتمع ‪ ،‬وفي المشكالت‬
‫تكمن الخطورة فيها إن تفاقمت ‪ ،‬وذلك أنها تتصل بأعداد أكبر في المجتمع ‪ ،‬وإن لم تحل ‪ ،‬قد تنشأ‬
‫منها أمور ال تحمد عقباها ‪ ،‬ويتجلى لتوضيح ما سبق ‪ ،‬من السيرة النبوية ‪ ،‬موقف الرسول ‪، ‬‬
‫وذلك قبل بعثته فيمن يضع الحجر األسود من القبائل في موضعه في الكعبة حين حصل "االختالف‬
‫بين قريش في وضع الحجر قال ابن اسحاق ثم إن القبائل من قريش جمعت الحجارة لبنائها كل قبيلة‬
‫تجمع على حدة ثم بنوها حتى بلغ البنيان موضع الركن فاختصموا فيه كل قبيلة تريد أن ترفعه الى‬
‫موضعه دون األخرى حتى تحاوروا وتحالفوا وأعدوا للقتال لعقة الدم فقربت بنو عبد الدار(‪ )3‬جفنة‬
‫مملوءة دما ثم تعاقدوا هم وبنو عدي بن كعب بن لؤي(‪ )4‬على الموت وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم‬
‫في تلك الجفنة فسموا لعقة الدم فمكث قريش أربع ليال أو خمسا ثم إنهم اجتمعوا في المسجد‬
‫وتشاوروا وتناصفوا أبو امية بن المغيرة(‪ )5‬يجد حال فزعم بعض أهل الرواية إن ابا امية بن المغيرة بن‬

‫‪ )(1‬سورة األنفال اآلية ‪.٧٥‬‬


‫‪ )(2‬سورة األنفال اآلية ‪. ١‬‬
‫‪ )( 3‬هم بنو عبد الدار بن قصي بن كالب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن‬
‫خزمية‪ ،‬معجم قبائل العرب ج‪ 2‬ص‪.723‬‬
‫‪ )( 4‬هم بنو عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ‪ ،‬ومنهم يرجع نسب أمري املؤمنني عمر‬
‫بن اخلطاب ‪،‬جالئد اجلمان يف التعريف بقبائل عرب الزمان ‪ ،‬القلقشندي ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪. 40‬‬
‫‪ )( 5‬هو أبو امية وامسه حذيفة بن املغرية بن عبد اهلل بن عمر بن خمزوم املخزومي ‪ ،‬وكان أمني قريش وأسنها ورأسها‬
‫يومئذ ‪ ،‬الكامل يف التاريخ ‪ ،‬عز الدين أيب احلسن ابن األثري‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪.252‬‬

‫‪84‬‬
‫عبد الله بن عمر بن مخزوم وكان عامئذ أسن قريش كلها قال يا معشر قريش اجعلوا بينكم فيما‬
‫تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم فيه ففعلوا الرسول ‪ ‬يضع الحجر‬
‫فكان أول داخل عليهم رسول الله ‪ ‬فلما رأوه قالوا هذا األمين رضينا هذا محمد فلما انتهى إليهم‬
‫وأخبروه الخبر قال ‪ ‬هلم إلي ثوبا فأتى به فأخذ الركن فوضعه فيه بيده ثم قال لتأخذ كل قبيلة‬
‫بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا ففعلوا حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه هو بيده ثم بني عليه ‪‬‬
‫"(‪، )1‬وأنهى خالف بفضل الله قد يجر إلى حرب بين قبائل ‪ ،‬وبينت هذه القصة أن القبائل هموا‬
‫بالحرب ‪ ،‬إال أن الله لطف بهم ‪ ،‬بعد أن تفاوضوا فيما بينهم حتى خلصوا على رأي يكفيهم شر‬
‫الخالف ‪.‬‬
‫وينبغي على كل من يتصدى للتفاوض في الصلح بين الناس ‪ ،‬أن يقوم باآلتي ‪:‬‬
‫إخالص النية ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ﮊ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬
‫التف‪mm‬اوض ب‪mm‬إخالص العم‪mm‬ل‪ ،‬واستحض‪mm‬ار تق‪mm‬وى اهلل‪ ،‬يف األم‪mm‬ر‪ ،‬وال‪mm‬دعاء‪ ،‬طري‪mm‬ق لقب‪mm‬ول العم‪mm‬ل‪،‬‬
‫والربكة فيه‪.‬‬
‫تقصي الحقائق ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ﭣ‬ ‫ينبغي التثبت يف األمور واألخبار قبل البدء يف التفاوض ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬
‫(‪) 3‬‬
‫ﮊ‬ ‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬ ‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫الفطنة والذكاء ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ﮊ‬ ‫املفاوض يتوسم ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫وعلي‪mm m‬ه أن يس‪mm m‬رب الن‪mm m‬اس‪ ،‬ألن‪mm m‬ه يقاب‪mm m‬ل فئ‪mm m‬ات البش‪mm m‬ر‪ ،‬وفيهم املاكر‪ ،‬واملخ‪mm m‬ادع فيجب االنتب‪mm m‬اه‬
‫واليقظة يف التفاوض عرب مراحله الدقة مع األطراف ومجيع اجلوانب‪.‬‬
‫التوثيق‬ ‫‪-4‬‬

‫‪ )( 1‬ابن هشام ‪ ،‬السرية النبوية ط ‪ 1411‬دار اجليل ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪. 19 - 18‬‬
‫‪ )( 2‬سورة الزمر اآلية ‪. ٢‬‬
‫‪ )(3‬سورة احلجرات اآلية ‪.٦‬‬
‫‪ )(4‬سورة احلجر اآلية ‪. ٧٥‬‬

‫‪85‬‬
‫فيتم تسجيل ما مت الوصول إليه وتوثيقه بشكل واضح ‪.‬‬
‫وح‪m‬ري أن يس‪mm‬تعان للص‪mm‬لح يف ح‪m‬ل اخلالف‪mm‬ات ‪ ،‬من يك‪mm‬ون من ذوي ال‪mm‬رأي والبص‪mm‬رية واحلكم‪m‬ة‬
‫خاص‪mm‬ة من ع ‪mm‬رف حرص‪mm‬ه ورغبت ‪mm‬ه يف اإلص‪mm‬الح وحس ‪mm‬نت نيتهم ‪ ،‬وص‪mm‬دق ح‪mm‬اهلم ‪ ،‬ومن ل ‪mm‬ه ت ‪mm‬أثري ‪،‬‬
‫كان اخلالف ‪ ،‬من أقارب ‪ ،‬أو من أصدقاء ‪ ،‬أو معارف‪.‬‬
‫رابعًا ‪ :‬جانب التنمية‬
‫ال خيفى على العقالء دور التف‪mm‬اوض يف اجلانب التنم‪mm‬وي يف اجملتم‪mm‬ع ‪ ،‬على األف‪mm‬راد واجلماع‪mm‬ات‬
‫وذلك للبناء يف خمتلف احتياجات التنمية‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬آداب التفاوض في المجال االجتماعي‬

‫أوًال ‪ :‬موافقة األطراف على مبدأ التفاوض ذاته ‪.‬‬


‫املتتب‪mm m‬ع للق‪mm m‬رآن الك‪mm m‬رمي ‪ ،‬جيد أن التف‪mm m‬اوض ‪ ،‬وم‪mm m‬ا جيري حمرى التف‪mm m‬اوص ‪ ،‬بتم برغب‪mm m‬ة ط‪mm m‬ريف‬
‫التف‪mm m‬اوض ‪ ،‬وه‪mm m‬ذا يعت‪mm m‬رب أص ‪ًm m‬ال ‪ ،‬حيث ال ميكن أن يك‪mm m‬ون أح‪mm m‬د أط‪mm m‬راف التف‪mm m‬اوض ملزم ‪ًm m‬ا لآلخ‪mm m‬ر‬
‫بالتف ‪mm‬اوض ب ‪mm‬اإلكراه ‪ ،‬وقس ‪mm‬ره على التف ‪mm‬اوض قس ‪m‬رًا ‪ ،‬وتنفي ‪mm‬ذ رغبات ‪mm‬ه مرغم ‪ًm‬ا ‪ ،‬وإال مل تكن العملي ‪mm‬ة‬
‫تس‪mm‬مى تفاوض‪ًm‬ا وإمنا ذل‪mm‬ك ك‪mm‬ان مبثاب‪mm‬ة إمالء رغب‪mm‬ات ط‪mm‬رف أق‪mm‬وى على من دون‪mm‬ه ‪ ،‬ومث‪mm‬ال ذل‪mm‬ك ‪ ،‬م‪mm‬ا‬
‫ج‪mm‬رى من تف‪mm‬اوض ‪ ،‬بني ذي الق‪mm‬رنني ‪ ،‬والق‪mm‬وم ال‪mm‬ذين ش‪mm‬كوا من ي‪mm‬أجوج وم‪mm‬أجوج ‪ ،‬كم‪mm‬ا يف قول‪mm‬ه‬
‫تع‪mm‬اىل ‪ :‬ﮋ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ‬
‫ﰎ ﰏﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ ﰡ ﰢ ﰣ ﮊ(‪.)1‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬االعتراف بالخطأ‬
‫يعلمن‪mm‬ا الق‪mm‬رآن الك‪mm‬ريم ‪ ،‬أن االع‪mm‬تراف بالخط‪mm‬أ من األخالق ‪ ،‬ففي قص‪mm‬ة ن‪mm‬بي الل‪mm‬ه ورس‪mm‬وله وكليم‪mm‬ه‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬ ‫موسى عليه السالم ‪ ،‬يقول تعالى ‪ :‬ﮋﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ﮆ‬ ‫ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬ ‫ﮓ‬ ‫ﮒ‬ ‫ﮏﮐ ﮑ‬ ‫ﮍ ﮎ‬ ‫ﮊ ﮋ ﮌ‬ ‫ﮇ ﮈ ﮉ‬

‫‪ )(1‬سورة الكهف اآليات ‪. ٩٧ - ٩٤‬‬

‫‪86‬‬
‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮊ(‪.)1‬‬
‫والخطأ وارد على بني آدم دون استثناء كما قال ‪": ‬كل بني آدم خطاء وخير الخطائين‬
‫التوابون"(‪ )2‬واالعتراف بالخطأ فضيلة ‪ ،‬ويثري التفاوض األمثل بين الناس ‪ ،‬كما أن االعتراف بالخطأ‬
‫‪ ،‬يرفع من قدر صاحبه ‪ ،‬فال يصلح أن يتشبث العبد برأيه في حال الخطأ ‪ ،‬وهي سمة من سمات‬
‫الفضالء‪ ،‬ويتجلى هنا موقف أمير المؤمنين ‪ ،‬عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحينها كان يخطب‬
‫في الناس ‪ ،‬وراجعته إمرأة فقد روى أصحاب السنن "أن عمر بن الخطاب كان يخطب فقال‪" :‬أال ال‬
‫تغالوا في صدقات النساء‪ ،‬فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أوالكم بها رسول‬
‫الله ما أصدق قط امرأة من نساؤه وال بناته فوق اثنتي عشر أوقية‪ ،‬فقامت إليه امرأة فقالت له يا عمر‪:‬‬
‫أيعطينا الله وتحرمنا؟ أليس الله سبحانه وتعالى يقول‪ :‬ﮋ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﮊ‬
‫قال عمر‪ :‬أصابت امرأة وأخطأ عمر"(‪.)3‬‬

‫ثالثًا ‪ :‬أهلية المفاوضين‬


‫فال يفاوض سفيهًا ‪ ،‬أو صغيرًا ‪ ،‬قاصرًا ‪ ،‬ال يمّيز في أي أمر ذي بال ‪ ،‬والبد من اتصاف‬
‫المفاوضين بصفات تؤهلهم ‪ ،‬التمام التفاوض بمراحله ‪ ،‬وإنجازه ‪ ،‬قال تعالى ‪ :‬ﮋﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬
‫ﮓ ﮔ ﮊ(‪. )4‬‬ ‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬ ‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬

‫رابعًا ‪ :‬العدل‬
‫العدل يف كل شيء يتصل يف التفاوض وغريه ‪ ،‬وإنصاف املقابل ‪ ،‬وعدم اإلجحاف فيه ‪،‬‬
‫ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬ ‫ولو كان من األعداء ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬
‫(‪) 5‬‬
‫ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﮊ‬

‫خامسًا‪ :‬تجنب الجدل المذموم‬


‫‪ )(1‬سورة القصص اآليات ‪. ١٧ - ١٥‬‬
‫‪ )(2‬تقدم خترجيه ص ‪86‬‬
‫‪ )( 3‬املستصفى ‪ ،‬حممد بن حممد الغزايل أبو حامد ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬ط األوىل ‪ ، 1413 ،‬حتقيق ‪ :‬حممد‬
‫عبدالسالم عبد الشايف ج ‪ ، 1‬ص ‪.361‬‬
‫‪ )(4‬سورة النساء اآلية ‪.٣٥‬‬
‫() سورة املائدة اآلية ‪. ٨‬‬
‫‪5‬‬

‫‪87‬‬
‫اجلدل غالبًا ال يأت خبري ‪ ،‬وجيب احلذر من اجلدل الذموم ‪ ،‬ألن من طبيعة الإلنسان اجلدل ‪ ،‬قال‬
‫(‪.)1‬‬
‫ﮋﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﮊ‬ ‫تعاىل ‪:‬‬
‫ومن السنة ‪ ،‬قال < "بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقًا"(‪ )2‬والمراء الجدل ‪،‬‬
‫فينبغي للمفاوض أن يبتعد عن الجدال الذي يبعد عن الحل ويزيد من بعد الشقة بين الناس ‪ ،‬أيًا كان‬
‫موقعهم ‪.‬‬

‫سادسًا‪ :‬وضوح الهدف‬


‫جيب أن يكون اهلدف من التفاوض واضحا ‪ ،‬أمت الوضوح ‪ ،‬فال يلتبس األمر‪ ،‬ويكون‬
‫ذريعة لتوارد الشكوك وسوء الظن بني العباد‪.‬‬

‫سابعًا‪ :‬الترحيب بالمفاوض‬


‫حسن االستقبال للمفاوض ‪ ،‬يزيد من فرص امتام التفاوض ‪ ،‬والتقارب ‪ ،‬واالتفاق ‪.‬‬

‫ثامنًا‪ :‬التركيز على الموضوع والحلول‬


‫يف التفاوض ‪ ،‬ينبغي أن يكون الرتكيز على املوضوع ‪ ،‬والبحث عن حلول ‪ ،‬وجتنب‬
‫التعرض لألشخاص ‪ ،‬باهلمز ‪ ،‬أو اللمز ‪ ،‬أو بأي إساءة ‪.‬‬
‫ينبغي أن يكون الرتكيز على املوضوع وليس على العضو املفاوض ‪ ،‬فاملوضوع يالمس حياة‬
‫الناس وهو املهم والذي جيري التفاوض بصدده‪.‬‬

‫تاسعًا‪ :‬البعد عن النعرات والعصبية والحزبية ‪.‬‬


‫املتدبر ‪ ،‬لتعاليم القرآن الكرمي ‪ ،‬يرى عجبًا ‪ ،‬يف النهي عن النعرات ‪ ،‬وجعلها ميزان ‪ ،‬يقاس‬
‫العباد به ‪ ،‬ومت بيان امليزان احلقيقي ‪ ،‬وهو القسطاس املستقيم ‪ ،‬الذي يوزن العباد به ‪ ،‬وهو ميزان‬
‫التقوى ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫(‪) 3‬‬
‫ﮊ ﮋ ﮊ‬

‫‪)(1‬سورة الكهف اآلية ‪. ٥٤‬‬


‫‪ )(2‬سبق خترجيه ‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ )(3‬سورة احلجرات اآلية ‪.13‬‬

‫‪88‬‬
‫عاشرًا‪ :‬االقتصار على المفيد‬
‫يعلمنا القرآن الكرمي ‪ ،‬االختصار واإلجياز ‪ ،‬فخري الكالم ما قل ودل ‪ ،‬وذكر املختصر املفيد‪،‬‬
‫والنتأمل للنص القرآين التايل ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﭢ ﭣ ﭤ ﮊ‬ ‫ﭟﭠ ﭡ‬
‫وذلك اخلطاب التفاوضي ببني يعقوب ‪ ،‬عليه السالم ‪ ،‬وبنيه ‪ ،‬حينما طلبوا بنيامني ‪ ،‬أخو‬
‫يوسف‪ ،‬ليذهبوا به ليكتالوا ‪.‬‬
‫وحيسن البعد عن احلديث يف األمور اليت ال طائل من ورائها ‪.‬‬
‫حادي عشر‪ :‬التحلي بالصبر‬
‫املفاوضات ‪ ،‬تقتضي الصرب ‪ ،‬والتأين ‪ ،‬وعدم اإلسراع أو العجلة ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯪ ﯫ ﯬ‬
‫(‪) 2‬‬
‫ﮊ‬ ‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬
‫وقد جعل اهلل على الصرب الثواب اجلزيل ‪.‬‬
‫ثاني عشر ‪ :‬التقارب بين المتفاوضين‬
‫تقارب املفاوضني من بعضهم‪ ،‬وهذا يضيف هلم شعور وهو كما أهنم متقاربون بأجسادهم‪،‬‬
‫يتقاربون بآرائهم ‪ ،‬وبأفكارهم وتوجهاهتم ومصاحلهم ‪.‬‬

‫ثالث عشر‪ :‬التوثيق‬


‫يتم التوثيق بعد الوصول إىل االتفاق ‪ ،‬فتكون بنود االتفاق مفصلة ‪ ،‬وملزمة للطرفني‬
‫املتفاوضني ‪ ،‬كي ال تنشأ أي خالفات فيما بعد‪.‬‬

‫رابع عشر‪ :‬تجنب اآلتي‬


‫ا‪ -‬جتنب كثرة الصمت يف التفاوض ‪ ،‬إال إذا حتدث غريك ‪ ،‬أو كان هناك مصلحة‬
‫من الصمت ‪ ،‬كالداللة على أمر ما ‪.‬‬
‫جتنب التلون ‪ ،‬واخلداع ‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫جتنب سوء الظن وحماولة جتنب اخلطأ قدر املستطاع‪.‬‬ ‫ج‪-‬‬

‫‪ )(1‬سورة يوسف اآلية ‪.٦٤‬‬


‫‪ )(2‬سورة آل عمران اآلية ‪.٢٠٠‬‬

‫‪89‬‬
‫الغرور ‪.‬‬ ‫د‪-‬‬
‫ومجيع ما سبق يزيد من تنمية الروابط والصلة بني الناس من خالل أخالق العمل التفاوضي‬
‫بني الناس كما حيقق هلم العالقات االجتماعية اجليدة ‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫دور التفاوض في المجال الدعوي‬

‫وفيه ثالثة مطالب‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬تعريف الدعوة وأهميتها‪.‬‬


‫المطلب الثاني ‪ :‬دور التفاوض في المجال الدعوي ‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬نماذج دعوية تتعلق بالتفاوض‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬تعريف الدعوة وأهميتها‬
‫أوًال ‪ :‬تعريف الدعوة‬
‫الدعوة لغة ‪:‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫الدعوة "دعا ‪ ،‬دعاء ‪ ،‬ودعوى ‪ ،‬الدعوة يدعى إليها األخوان"‬
‫و"الدعوة ودعوت فالنًا أي صحت به واستدعيته"(‪.)2‬‬
‫والدعوة يف االصطالح ‪ :‬هي الدعوة إىل اهلل على بصرية وتكون باحلكمة واملوعظة احلسنة‬
‫واجملادلة باليت هي أحسن ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬أهمية الدعوة‬
‫مهنة األنبياء عليهم السالم ‪ ،‬الدعوة إىل اهلل ‪ ،‬فهم أئمة الدعوة إليه سبحانه ‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫ﮋ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫واألنبياء هم القدوة ‪ ،‬واألسوة احلسنة اليت جيب االقتداء هبم ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﮊ (‪. ) 4‬‬
‫ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ‬ ‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬ ‫وقال تعاىل‪ :‬ﮋ ﯯ ﯰ‬
‫ﮊ (‪. ) 5‬‬
‫والدعوة من األعمال اجلليلة واهلامة ‪ ،‬وقد تستلزم تفاوضًا ‪،‬أو جداًال أو حوارا ونقاشا ‪،‬‬
‫وهي حتتاج إىل علم ‪ ،‬وإتقان ‪ ،‬وصرب ‪ ،‬وتضحيات ‪ ،‬وسلوك ‪ ،‬ودراية ومعرفة بالوسائل‬
‫واألساليب الدعوية ‪ ،‬ومعرفة أحوال الناس ‪ ،‬وأعرافهم وعاداهتم ‪ ...‬فقد يقابل الداعية عدم‬
‫قبول ‪ ،‬وصد ‪ ،‬وإعراض ‪ ،‬ورمبا زاد األمر إىل السخرية ‪ ،‬واالستهزاء ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯰ ﯱ ﯲ‬
‫ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﮊ (‪. ) 6‬‬
‫فالتفاوض إذًا ضرورة يف الدعوة إىل اهلل ‪ ،‬ويعترب وسيلة مثلى من وسائل الدعوة إىل اهلل ‪.‬‬

‫‪ )( 1‬القاموس احمليط ‪ ،‬الفريوز أبادي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬مادة دعا دعاء ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ص‪.955‬‬
‫‪ )(2‬لسان العرب ‪ ،‬ابن منضور ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬مادة دعا ‪ ،‬ج‪ ، 14‬ص‪.257‬‬
‫‪ )(3‬سورة النحل اآلية ‪.16‬‬
‫‪ )(4‬سورة األنعام اآلية ‪.90‬‬
‫‪ )(5‬سورة األحزاب اآلية ‪.21‬‬
‫‪ )(6‬سورة املطففني اآلية ‪.30‬‬

‫‪92‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬دور التفاوض في المجال الدعوي‬
‫الدعوة إىل اهلل مهنة األنبياء والرسل ‪ ،‬عليهم السالم ‪ ،‬وتوصل عرب سبل وطرق ‪ ،‬وقد أمر‬
‫اهلل هبا ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﯞ ﯟ ﯠ ﮊ‬
‫وكثريًا ما تستخدم املفاوضات يف الدعوة إىل اهلل ‪ ،‬فــ"التفاوض باملنهج الدعوي جتري‬
‫الدعوة فيه إىل مذهب أو مبدأ يلتف حوله الناس ويتميز بسمات من االستقامة واللني"(‪ )2‬وبيان‬
‫دور التفاوض يف اجملال الدعوي يف ما يلي‪:‬‬
‫الداللة على اخلري ‪ ،‬والدعوة إليه ‪،‬كما يف جاء يف كتاب سليمان عليه السالم إىل بلقيس‬ ‫‪-1‬‬
‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬ ‫ملكة سبأ وذلك يف قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫(‪)3‬‬
‫ﯕ ﮊ‬
‫النهي عن الشر ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬ ‫‪-2‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫ﮅ ﮆﮊ‬ ‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬ ‫ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬
‫تقدمي املصلحة العامة ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫التفاوض الدعوي يعمل على كسب العقول والقلوب ‪ ،‬قال تعاىل ﮋ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬ ‫‪-4‬‬
‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ‬ ‫ﭞﭟ ﭠ ﭡ‬
‫(‪) 5‬‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﮊ‬
‫والتفاوض الدعوي ‪ ،‬هو ما يتميز بسمات الرفق‪ ،‬واللني بني الناس ‪ ،‬باحثًا عن استقامة اخللق‬
‫بنشر احلكمة واملوعظة احلسنة‪.‬‬
‫يقوم بالدور الوقائي ‪ ،‬لتفادي وجتنب حدوث األزمات ‪ ،‬أو املشكالت ‪ ،‬من خالل‬ ‫‪-5‬‬
‫املبادرة بعمل وقائي ‪.‬‬
‫املشاركة يف الشدة والرخاء ‪ ،‬ويف السلم واألزمات ‪ ،‬ومن ذلك ما حكاه اهلل عن نبيه‬ ‫‪-6‬‬

‫‪ )(1‬سورة النحل اآلية ‪.١٢٥‬‬


‫‪ http://www.hadielislam.com )(2‬د‪ .‬مهدي ‪ ،‬بتصرف يسري ‪.‬‬
‫‪ )(3‬سورة النمل‪. ٣١ - ٣٠ :‬‬
‫‪ )(4‬سورة هود اآلية ‪. ٨٤‬‬
‫‪ )(5‬سورة آل عمران اآلية ‪.١٥٩‬‬

‫‪93‬‬
‫يونس عليه السالم ‪ ،‬ومشاركته لقومه يف االقرتاع وهم على ظهر السفينة يف البحر ‪،‬‬
‫حيث قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﮊ (‪. ) 1‬‬
‫التفاوض ‪ ،‬يعمل على تصحيح املفاهيم اخلاطئة لدى الناس ‪ ،‬كي ال يلتبس األمر ‪،‬‬ ‫‪-7‬‬
‫ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬ ‫وبيان الفصل ‪ ،‬والقول احلق ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ﭪ ﭫ ﭬ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫يسعى للمحافظة على القيم واآلداب‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫يقوم بالدور يف إزالة الشبه ‪ ،‬والرد على الباطل ‪ ،‬إلظهار احلق ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﮀ ﮁ ﮂ‬ ‫‪-9‬‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫وضع البدائل والحل‪m‬ول ‪ ،‬على مائ‪m‬دة المفاوض‪m‬ات ‪ ،‬على ص‪m‬عيد األف‪m‬راد ‪ ،‬والجماع‪m‬ات ‪ ،‬وه‪m‬ذا‬ ‫‪-10‬‬
‫ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﭑ ﭒ‬ ‫من أبواب الدعوة ‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯱ ﯲ ﯳ‬
‫ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮊ(‪.)4‬‬
‫طلب موسى عليه السالم من فرعون إرسال بين إسرائيل معه ‪ ،‬وعدم تعذيبهم ‪ ،‬كما جاء يف‬
‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﮊ(‪ ، )5‬ووضع له بدائل ففي حالة‬
‫عدم إميانكم ‪ ،‬اتروكوين وشأين ﮋﭧ ﮊ ولكنه الطغيان ‪ ،‬واالستكبار ‪ ،‬الذي يعمي عن‬
‫احلقيقة ‪ ،‬ويصد عن السبيل ‪.‬‬
‫اخلروج من املواقف التفاوضية بدروس يستفاد منها ‪ ،‬وستذكر فوائد مفاوضات صلح‬ ‫‪-11‬‬
‫احلديبية كنموذج لذلك(‪.)6‬‬
‫التفاوض الدعوي ‪ ،‬وسيلة لقبول الدعوة وإقامة احلجة‪.‬‬ ‫‪-12‬‬
‫معرفة ما هو املهم يف الدعوة والبدء باألهم والقيام باألعمال الدعوية حسب أمهيتها‬ ‫‪-13‬‬

‫‪ )(1‬الصافات‪.١٤١ - ١٣٩ :‬‬


‫‪ )(2‬سورة البقرة اآلية ‪. ٢٧٥‬‬
‫‪ )(3‬سورة األنعام اآلية ‪.55‬‬
‫‪ )(4‬سورة الدخان اآليات ‪. ٢١ - ١٨‬‬
‫‪)(5‬سورة طه اآلية ‪. ٤٧‬‬
‫‪ )(6‬يف الباب الثاين ‪ ،‬مبحث تطبيقات التفاوص ‪ ،‬ص ‪.137‬‬

‫‪94‬‬
‫معرفة احتياجات الناس ورغباهتم وهذا مما يعني الداعية يف احلفاظ على حسن العالقات‬ ‫‪-14‬‬
‫وتنميتها‬

‫ومن دور التفاوض الدعوي أنه ُيكسب الداعية عدد من الصفات والمهارات العلمية‪،‬‬
‫والعملية للداعية ‪ ،‬وينبغي الحفاظ عليها ومراعاتها أثناء المفاوضات ‪ ،‬لدعم قبول دعوته‬
‫ومنها ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬التجرد يف حتري احلق ‪ ،‬وقبوله ويف احلديث ‪" ،‬ال َأُلويِن َّطًة ِّظ وَن ِفي ا اِت الَّلِه‬
‫ُخ ُيَع ُم َه ُح ُر َم‬ ‫َيْس‬
‫ِإال َأْع َطْيُتُه ْم ِإَّياَه ا"(‪.)1‬‬
‫ويقول اإلمام الغزايل ‪ ،‬رمحه اهلل ‪ ،‬عند ذكره لعالمات طلب احلق ‪" :‬أن يكون يف طلب احلق‬
‫كناشد ضالة ‪ ،‬ال يفّر ق بني أن تظهر الضالة على يده ‪ ،‬أو على يد من يعاونه ‪ ،‬ويرى رفيقه معيًنا‬
‫ال خصًم ا ‪ ،‬ويشكره إذا عرفه اخلطأ وأظهر له احلق"(‪.)2‬‬
‫الصدق واالعتدال يف احلديث‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫التحلي باإلنصات وعدم املقاطعة للطرف اآلخر‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫البدء باألهم يف الدعوة قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫‪-4‬‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮊ ( ‪. )3‬‬
‫قال ‪ ":‬ال يطيع بعضنا بعضا يف معصية اهلل"(‪.)4‬‬
‫التدرج وإدراك الداعية للتدرج والتزامه به حري أن يؤيت أكله‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫مراعاة املصاحل واملفاسد‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫اإلعداد اجليد للتفاوض وحتضري األدلة واحلجج‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫إعطاء كل طرف وقته يف ذكر مطالبه ‪ ،‬وما يتعلق هبا ‪ ،‬واعتبار املفاوضات فرصة‬ ‫‪-8‬‬
‫للتعاون ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﮊ(‪.)5‬‬

‫‪ )(1‬مت خترجيه ص‪.152‬‬


‫‪ )(2‬إحياء علوم الدين‪ ،‬حممد بن حممد الغزايل أبو حامد ‪ ،‬دار املعرفة ‪ ،‬سنة ‪ ،‬بدون ‪ ،‬بريوت ج‪ 1‬ص ‪.57‬‬
‫‪ )(3‬سورة آل عمران اآلية ‪.64‬‬
‫‪ )(4‬فتح القدير اجلامع بني فين الرواية والدراية من علم التفسري ‪ ،‬حممد بن علي الشوكاين ‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.525‬‬
‫‪ )(5‬سورة املائدة اآلية ‪.٢‬‬

‫‪95‬‬
‫التفريق بني الرأي ومن يقدمه‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫املرونة فيما ميكن املرونة فيه والسعي لفهم مصاحل األطراف مجيعها‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫ترتيب النقاط وفقا ألمهيتها والرتكيز على األكثر أمهية ‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫إن احتاج األمر لطلب فرتة مراجعة يراجع فيها قبل اختاذ القرار فذلك أجدى ‪ ،‬وهذا ما‬ ‫‪-12‬‬
‫حصل بني النيب ‪ ،‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬ونصارى جنران ‪ ،‬حيث طلبوا إمهاهلم إىل‬
‫الغد‪ ،‬فأتوا من الغد وقد عدلوا عن املباهلة ‪ ،‬إىل املوادعة على مال يدفعونه(‪.)1‬‬
‫التوضيح يف احلديث واألسئلة لفهم املراد منها ‪ ،‬وبيان الغاية من التفاوض ‪.‬‬ ‫‪-13‬‬
‫اليقظة ‪ ،‬واالنتباه ‪ ،‬لردود األفعال ‪ ،‬واالستفادة منها ‪ ،‬كما يقتضي االتفاق ‪ ،‬بأن يتم‬ ‫‪-14‬‬
‫التوثيق لنتائج املفاوضات ‪.‬‬
‫التفاوض الدعوي حيافظ على العالقات االجتماعية حىت بعد انتهاء املفاوضات ‪ ،‬كما‬ ‫‪-15‬‬
‫يدعو لاللتزام باألخالق الفاضلة‪.‬‬
‫التمهيد لتحديد نقاط االلتقاء واالنطالق من النقاط املشرتكة وذلك يعد أساسَا لتفاوض‬ ‫‪-16‬‬
‫جاد وهادف بني أطراف التفاوض حيث يوفر نقطة لالنطالق ومن هنا كان من أصول‬
‫التفاوض يف القرآن الكرمي أن يبدأ املفاوض تفاوضه من النقاط املشرتكة اليت عرب عنها‬
‫التنزيل بـ " كلمة سواء "‪ .‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﮊ (‪.)2‬‬
‫هتيئة املناخ للتفاوض حىت هناية املفاوضات عرب مراحلها ‪ ،‬فتحديد النقاط املشرتكة بني‬ ‫‪-17‬‬
‫املتفاوضني والبدء هبا تزيد من فرص التالقي والتقريب الفكري ويساعد على تقريب‬
‫الفجوة وختفيف احلدة والتوتر إن وجدت‪ ،‬وتشخيص نقاط اخلالف وحمل النزاع حملاولة‬
‫معاجلتها بأفضل أسلوب وأيسر طريقة‪.‬‬
‫حسن املظهر ‪ ،‬والعناية به ‪ ،‬دون مبالغة ‪ ،‬ومعلوم أثر ذلك ‪ ،‬مع احلرص على االنطباع‬ ‫‪-18‬‬
‫األويل ‪ ،‬واملبدئي ‪ ،‬فذلك له تأثري قوي وفاعل على سري املفاوضات واحلرص على‬
‫حسن الرتحيب يف أول اللقاء ‪.‬‬

‫‪ )( 1‬السنن الكربى ‪ ،‬أمحد ابن احلسني بن علي البيهقي ‪ ،‬كتاب اجلزية ‪،‬باب املهادنة على النظر‪ ،‬ح ‪ ، 19281‬ج‪ 9‬ص‬
‫‪.221‬‬
‫‪ )(2‬سورة آل عمران اآلية ‪.64‬‬

‫‪96‬‬
‫التقبل للخصم يف التفاوض ‪ ،‬وذلك بقبول التفاوض معه ‪ ،‬قبول البدائل اليت ال تؤثر‬ ‫‪-19‬‬
‫على األساس واهلدف املنشود ‪ ،‬كما حصل يف صلح احلديبية‪.‬‬
‫كسب ثقة الطرف اآلخر حبسن دوام العشرة ‪.‬‬ ‫‪-20‬‬

‫‪97‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬نماذج دعوية تتعلق بالتفاوض‬
‫مثة مناذج يستفاد منها يف التفاوض الدعوي ومنها العناية بالبيان واختيار األلفاظ بدقة متناهية‬
‫كي تكون مؤثرة وهلا دالالت واضحة ‪ ،‬وعدد من اخلطوات ‪ ،‬مثل العناية باألسئلة والتوقيت ‪...‬‬
‫ونذكر فيما يلي ما يتيسر من تلك النماذج ‪:‬‬
‫الشاب الذي أراد الزنا‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫مل ينهي القرآن الكرمي عن الزنا فحسب بل هنى عن مقدماته ‪ ،‬وخطواته ‪ ،‬والقرب منه ‪،‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮊ‬ ‫فقال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ‬
‫وعن أيب أمامة أن فىت شابا أتى رسول اهلل ‪ ‬فقال‪ :‬يا رسول اهلل ائذن يل بالزنا‪ ،‬فأقبل‬
‫القوم عليه فزجروه‪ ،‬وقالوا "مه‪ ،‬مه" فقال‪ :‬ادن‪ ،‬فدنا منه قريبا‪ .‬قال‪ :‬فجلس‪.‬قال‪ :‬أحتبه ألمك ؟‬
‫قال‪ :‬ال واهلل‪ ،‬جعلين اهلل فداءك‪ .‬قال‪ :‬وال الناس حيبونه ألمهاهتم‪ .‬قال‪ :‬أحتبه ألختك ؟ قال‪ :‬ال‬
‫واهلل جعلين اهلل فداءك‪ .‬قال‪ :‬والناس ال حيبونه ألخواهتم‪ .‬قال‪ :‬أحتبه لعمتك؟ قال‪ :‬ال واهلل ‪ ،‬جعلين‬
‫اهلل فداءك‪ .‬قال‪ :‬وال الناس حيبونه لعماهتم‪ .‬قال‪ :‬أحتبه خلالتك؟ قال‪ :‬ال واهلل‪ ،‬جعلين اهلل فداءك‪.‬‬
‫قال‪ :‬وال الناس حيبونه خلاالهتم‪ .‬قال‪ :‬فوضع يده عليه وقال‪" :‬اللهم اغفر ذنبه‪ ،‬وطهر قلبه‪،‬‬
‫وأحصن فرجه"‪ .‬فلم يكن من الفىت بعد ذلك يلتفت إىل شيء"(‪.)2‬‬
‫ونستفيد عددا الفوائد من هذا املوقف وهي كما يلي ‪:‬‬
‫ا‪ -‬بدأ الشاب بطلب اإلذن يف الزنا من الرسول ‪ ، ‬فاستخدم الرسول أسلوب جيري‬
‫جمرى التفاوض واملناقشة معه ‪.‬‬
‫ب‪ -‬االستماع واإلنصات للشاب‬
‫ج‪ -‬قدمت له أسئلة حمددة وقوية كأن هلا دوي – أترضاه ألمك ‪... -‬‬
‫د‪ -‬التعليق على اإلجابة باملقرر لدى العقالء أهنم كذلك ال يرضونه لذويهم من أمهات أو‬
‫بنات ‪ ،‬أو أخوات ‪ ،‬أو عمات ‪ ،‬أو خاالت ‪...‬‬

‫مفاوضة نبي اهلل موسى عليه السالم ‪ ،‬وفرعون الطاغية ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫‪ )(1‬سورة اإلسراء اآلية ‪.٣٢‬‬


‫‪ )(2‬مسند أمحد‪،‬أمحد بن حنبل‪، ،‬ط‪2‬مؤسسة قرطبة القاهرة ‪،1999 -1420،‬ح‪22265‬ج‪ 36‬ص‪،545‬وإسناده صحيح‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬ ‫قوله تعالى‪ :‬ﮋ ﯱ ﯲ ﯳ‬
‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﮊ(‪. )1‬‬
‫ﮌ‬ ‫ﮋ‬ ‫وتطورت املفاوضات حىت أصبحت علينة كما يف قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬
‫ﮠ‬ ‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬ ‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬
‫ﯙ‬ ‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬ ‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫ﯳ‬ ‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫وهنا يتضح االستثمار األمثل للمفاوضات يف الدعوة ‪ ،‬إلظهار احلق ‪ ،‬حيث كانت سببًا يف‬
‫إميان السحرة ومن تبعهم ‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﮊ‬ ‫‪ -3‬ﮋ ﭑ‬
‫تضمن صلح احلديبية صورًا متعددة من الدعوة ولقد أّثرت فيمن أتى للتفاوض من قريش مث‬
‫إن"املتأمل ىف شروط احلديبية يرى أهنا أجنزت للمسلمني ما أرادوا دون سفك للدماء‪،‬‬
‫فعندما تفاوض النيب صلى اهلل عليه وسلم على شروط احلديبية مل يتنازل عن مطلبه الرئيس‬
‫بأداء مناسك العمرة‪ ، ،‬كما أن التغيري يف اخلطاب مل خيسر املسلمني اهلدف التفاوضي‬
‫األساسي ‪،‬كما أن الذكاء النبوى ىف فن التفاوض رأى أن املسلمني حباجة إىل هذه اهلدنة‬
‫بدون حروب للتفرغ للدعوة بأمان ونشر اإلسالم ‪ ،‬وقد أمجع علماء املسلمني على أن‬
‫هذه الفرتة كانت الفرتة املهمة للدعوة(‪.)4‬فقدمت مصلحة الدعوة ‪ ،‬وهي املصلحة العامة‬
‫واألهم يف هذا احلدث العظيم والذي نتج عنها الفتح املبني‪ ،‬كما "أن النىب عليه السالم بدأ‬
‫بالسيطرة على املفاوضات مبنهج املباغتة بطلبه التفاوضي بإطالق صراح عثمان بن عفان‬
‫رضي اهلل عنه‪،‬والىت كانت بيعة الرضوان وهذا من عظيم حنكته التفاوضية ‪،‬وقال أننا ما‬
‫أحوجنا اىل التفاوض النبوى"(‪.)5‬‬
‫وبعض مطالب األنبياء عليهم السالم من أقوامهم تعد من قبيل التفاوض‪ ،‬علمًا أن ممارسة‬

‫‪ )(1‬سورة الدخان اآليات ‪.22 – 18‬‬


‫‪ )(2‬سورة طه اآليات ‪.63 – 55‬‬
‫‪)(3‬سورة الفتح اآلية ‪1‬‬
‫‪ )(4‬الشيخ شوقى ‪.http://www.hadielislam.com‬‬
‫‪ )(5‬املرجع السابق ‪ ،‬الشيخ شوقى ‪.http://www.hadielislam.com‬‬

‫‪99‬‬
‫الداعية للتفاوض فيه تعليم الناس ما ينفعهم ونشر آلدابه وأخالقه‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫المبحث الرابع‬
‫التفاوض والمجال النفسي‬

‫وفيه ثالثة مطالب‪:‬‬


‫المطلب األول ‪ :‬تعريف النفس وأهميتها‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬دور التفاوض في المجال النفسي ‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬فوائد التفاوض في المجال النفسي‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬تعريف النفس وأهميتها‬
‫أوًال ‪ :‬التعريف في اللغة‬
‫(‪) 1‬‬
‫ورد يف النفس ضربني ‪" :‬أحدها الروح ‪ ،‬واآلخر معىن النفس فيه مجلة الشيء وحقيقته"‬
‫"النفس الروح ‪ ،‬نفسته بنفس أي أصبته بعني ‪ ،‬ونافس عاين ‪ ،‬ونّف س تنفيسا ونفسا أي فرج‬
‫تفرجيا ‪ ،‬وغري ذي نفس كريه" (‪.)2‬‬
‫ويف احلديث الشريف‪" :‬فواهلل ما الفقر أخشى عليكم‪ ،‬ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم‬
‫الدنيا‪ ،‬كما بسطت على من كان قبلكم‪ ،‬فتنافسوها كما تنافسوها‪ ،‬وهتلككم كما أهلكتهم"(‪.)3‬‬
‫النفس اصطالحًا ‪:‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭨ ﭩ ﭪ ﮊ (‪.)4‬‬
‫ذكر الشيخ حممد األمني(‪ )5‬رمحه اهلل أن النفس "حتمل كامل خلقة اإلنسان جبسمه وروحه‬
‫وقواه اإلنسانية من تفكري وسلوك‪ ...‬إخل‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬النفس هنا مبعىن القوى املفكرة املدركة مناط الرغبة واالختيار"(‪.)6‬‬
‫ويرى الباحث‪ ،‬أن النفس ‪ :‬هي جامعة الرغبات‪ ،‬والغرائز‪ ،‬والنزعات‪ ،‬وامليول لإلنسان وهي‬
‫ﰉ ﮊ‬ ‫ﰆ ﰇ ﰈ‬ ‫ما حواها الصدر‪ ،‬وهي احملرك الرئيس لإلنسان ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﰅ‬
‫(‪. ) 7‬‬
‫أهمية المجال النفسي‬
‫لقد اهتم القرآن الكرمي بالنفس يف أكثر من موضع وتناوهلا من شىت اجلوانب ‪ ،‬ومن تلك‬
‫املواطن‪:‬‬

‫‪ )(1‬تاج العروس من جواهر القاموس حممد بن حممد بن عبدالرزاق احلسيين ‪ ،‬دار اهلداية ‪،‬ج ‪ 16‬ص ‪.559‬‬
‫‪ )(2‬القاموس احمليط ‪ ،‬الفريوز أبادي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪.745‬‬
‫‪ )( 3‬صحيح البخاري ‪ ،‬باب ما حيذر من زهرة الدنيا والتنافس ‪ ،‬ح ‪ 6061‬ج‪ 5‬ص‪. 3361‬‬
‫‪ )(4‬سورة الشمس آية ‪.7‬‬
‫‪ )( 5‬حممد األمني بن حممد املختار بن عبدالقادر اجلكين الشنقيطي املدين ‪ ،‬من كبار علماء املدينة ‪ ،‬دّر س باملسجد النبوي ‪،‬‬
‫واجلامعة اإلسالمية ‪ ،‬تويف رمحه اهلل ‪1393‬هـ‪.‬‬
‫‪ )(6‬حممد األمني اجلكين الشنقيطي أضواء البيان ‪ ،‬ط ‪ 1415‬هـ‪ 1995 -‬م دار الفكر بريوت ‪ ،‬ج ‪ 8‬ص ‪. 539‬‬
‫‪ )(7‬سورة املدثر اآلية ‪.38‬‬

‫‪102‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﮊ‬ ‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯿ ﰀ ﰁ‬
‫النفس األمارة قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﮊ (‪.)2‬‬
‫النفس اللوامة‪ :‬وقد أقسم اهلل تعاىل هبا حيث قال تعاىل ‪:‬ﮋ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮊ (‪.)3‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫النفس املطمئنة ‪ :‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﮊ‬
‫والنفس هي القائد لإلنسان ‪ ،‬فينبغي االهتمام واالعتناء هبا ؛ وذلك لقوة األثر على باقي‬
‫جوانب اإلنسان من أعضاء وحواس ‪ ...‬فـ "النفس البشرية هي مناط التكليف وهو اجلانب الذي‬
‫(‪) 5‬‬
‫به كان اإلنسان إنسانا وهبا كان خلقه يف أحسن تقومي ونال بذلك أعلى درجات التكرمي"‬
‫فبهذه النفس يرتفع االنسان ويعلو قدره‪ ،‬ويصبح يف مصاف الكرماء النجباء ‪ ،‬وكذلك هبا يدنو‬
‫حىت ال يكون له أي قيمة فيشابه الدواب‪ ،‬وقد قيل ‪:‬‬
‫نفس عصام سودت عصاما ‪ ::‬وعلمته الكر واإلقداما‬
‫(‪) 6‬‬
‫وصريته ملكا مهاما‬
‫وتكمن أمهية النفس يف عدة أمور منها ما يلي ‪:‬‬
‫أوًال ‪ :‬مناط التكليف‬
‫ﰉ ﮊ (‪. ) 7‬‬ ‫ﰆ ﰇ ﰈ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﰅ‬
‫ثانيًا ‪ :‬منها يكون التمييز‬
‫النفس تتحسس وتقوم بالتفريق والتمييز بني احلسن والقبيح وما بينهما ومعرفة احلقائق من‬
‫غريها‪ ،‬ومعرفة الفروق بني الناس حال التفاوض‪.‬‬

‫ثالثًا ‪ :‬أنها مصدر التعبير‬

‫‪ )(1‬سورة البقرة اآلية ‪.281‬‬


‫‪ )(2‬سورة يوسف آية ‪.53‬‬
‫‪ )(3‬سورة القيامة آية ‪.2‬‬
‫‪ )(4‬سورة الفجر اآلية ‪27‬‬
‫‪ )(5‬أضواء البيان ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج ‪ 9‬ص ‪.6‬‬
‫‪ )( 6‬منسوب للشاعر عصام بن شهري ‪ ،‬من الزجر ‪ ،‬مجهرة أشعار العرب ‪ ،‬أبو زيد القرشي ‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪21‬‬
‫‪ )(7‬سورة املدثر اآلية ‪.38‬‬

‫‪103‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﮊ‬
‫فالنفس هي مصدر التعبري عما تكنه ‪ ،‬وتبوح النفس مبا فيها بالكالم واجلهر به أو الكتابة أو‬
‫اإلشارة إلفهام املقابل املراد ‪ ،‬أو مبا يسمى حبديث النفس لنفسه‪.‬‬
‫وقال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮊ (‪.)2‬‬
‫وهذا يوضح ما للنفس من أمهية ‪.‬‬
‫رابعًا ‪ :‬منطلق الدوافع‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ ﮊ(‪ )3‬النفس منها‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫انطالق الدوافع‪.‬‬
‫خامسًا ‪ :‬معرفة الفوارق النفسية بين الرجل والمرأة‬
‫معرف‪mm‬ة الف‪mm‬وارق النفس‪mm‬ية بني الرج‪mm‬ل واملرأة‪ ،‬ق‪mm‬ال تع‪mm‬اىل ‪ :‬ﮋ ﯡ ﯢ ﯣ ﮊ (‪ )4‬توج‪mm‬د ف‪mm‬وارق بني‬
‫نفس الرج‪mm‬ل ونفس املرأة ‪ ،‬وهي املوج‪mm‬ودة ب‪mm‬الفطرة بني ال‪mm‬ذكر واألن‪mm‬ثى ‪ ،‬ومنه‪mm‬ا املش‪mm‬اعر والعواط‪mm‬ف‬
‫هي أك ‪mm m m m‬ثر عن ‪mm m m m‬د املرأة ‪ ،‬كم ‪mm m m m‬ا أن ذاك ‪mm m m m‬رة الرج ‪mm m m m‬ل أق ‪mm m m m‬وى من ذاك ‪mm m m m‬رة املرأة ‪ ،‬وىف ه ‪mm m m m‬ذا ق ‪mm m m m‬ال‬
‫تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮊ (‪.)5‬‬
‫فشهادة الرجل تساوى شهادة امرأتني ‪ ،‬وهذه الفوارق من األمهية مبكان وجيب أن تؤخذ‬
‫يف االعتبار يف حال التفاوض ‪.‬‬
‫سادسًا‪ :‬النفس مأوى اإليمان باهلل ‪.‬‬
‫فالنفس مقر اإلميان ويزيد هبا وينقص بقدر الطاعة هلل ‪ ،‬أو املعصية‪.‬‬

‫‪ )(1‬سورة النحل آية ‪.19‬‬


‫‪ )(2‬سورة البقرة آية ‪. 284‬‬
‫‪ )(3‬سورة ق اآلية ‪.16‬‬
‫‪ )(4‬سورة آل عمران اآلية ‪.36‬‬
‫‪ )(5‬سورة البقرة آية ‪.282‬‬

‫‪104‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬دور التفاوض في المجال النفسي‬
‫لقد اهتم القرآن الكرمي مبراعاة النفس البشرية وما يتصل هبا من رغبات وميول وحنوه ‪،‬‬
‫واعتىن هبا أكمل عناية ‪ ،‬وخاصة يف حال األمر أو النهي والتقرير ‪ ،‬فمن األمر أو الطلب مثًال ‪،‬‬
‫قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﯚ‬ ‫ﯘ ﯙ‬ ‫ﯕﯖ ﯗ‬ ‫ﯔ‬ ‫ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬ ‫ﮋﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﯛ ﮊ‬
‫ويظه ‪mm m m m‬ر ويتجلى يف ه ‪mm m m m‬ذه اآلي ‪mm m m m‬ة الكرمية الك ‪mm m m m‬رم اإلهلي يف اخلط ‪mm m m m‬اب حيث ج ‪mm m m m‬اء الن ‪mm m m m‬داء‬
‫بـ ـ ﮋ ﮥﮊ بنسبة التشريف للعباد إليه يف التعبد ‪ ،‬وال خيفى األثر النفسي يف ذلك ‪ ،‬وإذا كان الن‪mm‬داء‬
‫لل‪mm‬ذين أس‪mm‬رفوا على أنفس‪mm‬هم بال‪mm‬ذنوب واملعاص‪mm‬ي ‪ ،‬فه‪mm‬و من ب‪mm‬اب أوىل يش‪mm‬مل ال‪mm‬ذين مل يس‪mm‬رفوا على‬
‫أنفس‪mm‬هم بال‪mm‬ذنوب واملعاص‪mm‬ي ‪ ،‬رمحة من اهلل ‪ ،‬وفض‪ًm‬ال من‪mm‬ه س‪mm‬بحانه ‪ ،‬والن‪mm‬داء بع‪mm‬دم القن‪mm‬وط من رمحة‬
‫اهلل ‪ ،‬حيث أنه سبحانه هو القادر وحده ملغفرة مجيع الذنوب ‪ ،‬بكرمه ومّنه ‪ ،‬وفضله رمحًة بعباده‪.‬‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬ ‫ونجد في جانب النهي في اآلية الكريمة التالية في قوله تعالى ‪ :‬ﮋ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫(‪.) 2‬‬
‫ﯦ ﮊ‬ ‫ﯘﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬ ‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ففي هذه اآلية الكرمية ينهي ربنا سبحانه وتعاىل عن س‪mm‬ب آهلة املش‪m‬ركني ‪ ،‬وك‪mm‬ان ذل‪mm‬ك النهي‬
‫لعل‪m‬ة ‪ ،‬تنم عن الض‪mm‬الل املبني يف املش‪m‬ركني ‪ ،‬ف ـ ـ "يق‪mm‬ول اهلل تع‪mm‬اىل ناهي‪ًm‬ا لرس‪mm‬وله ص‪m‬لى اهلل علي‪mm‬ه وس‪mm‬لم‬
‫واملؤم‪mm‬نني عن س‪ّm‬ب آهلة املش‪mm‬ركني‪ ،‬وإن ك‪mm‬ان في‪mm‬ه مص‪mm‬لحة‪ ،‬إال أن‪mm‬ه ي‪mm‬رتتب علي‪mm‬ه مفس‪mm‬دة أعظم منه‪mm‬ا‪،‬‬
‫وهي مقابل‪mm‬ة املش‪mm‬ركني بس ‪ّm‬ب إل‪mm‬ه املؤم‪mm‬نني‪ ،‬وه‪mm‬و اهلل ال إل‪mm‬ه إال ه‪mm‬و كم‪mm‬ا ق‪mm‬ال علي بن أيب طلح‪mm‬ة عن‬
‫ابن عب‪mm‬اس يف ه‪mm‬ذه اآلي‪mm‬ة‪ :‬ق‪mm‬الوا‪ :‬ي‪mm‬ا حمم‪m‬د لتنتهني عن س‪mm‬بك آهلتن‪mm‬ا‪ ،‬أو لنهج‪m‬ون رب‪mm‬ك‪ ،‬فنه‪mm‬اهم اهلل أن‬
‫يس‪m‬بوا أوث‪m‬اهنم ﮋ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﮊ وق‪m‬ال عب‪m‬د ال‪m‬رزاق عن معم‪m‬ر‪ ،‬عن قت‪m‬ادة‪ :‬ك‪m‬ان املس‪m‬لمون‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ‬ ‫يسبون أصنام الكفار‪ ،‬فيسب الكفار اهلل عدوًا بغري علم‪ ،‬فأنزل اهلل ﮋ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﯓ ﮊ " (‪. ) 3‬‬
‫وق ‪mm‬د اهتم الق ‪mm‬رآن الك ‪mm‬رمي مبا تكتنف ‪mm‬ه احلي ‪mm‬اة من األح ‪mm‬وال ومنه ‪mm‬ا املش ‪mm‬كالت واألزم ‪mm‬ات ‪ ،‬ومن‬

‫‪ )(1‬سورة الزمر اآلية ‪٥٣‬‬


‫‪ )(2‬سورة األنعام اآلية ‪١٠٨‬‬
‫‪ )(3‬تفسري القرآن العظيم ‪ ،‬ابن كثري ‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬مرجع سابق ‪ ، ،‬ج ‪ 2‬ص ‪200‬‬

‫‪105‬‬
‫املؤكد أهنا حتتاج إىل دقة وإتقان يف حسن التعامل معها ‪ ،‬وخاص‪mm‬ة املش‪mm‬كالت أو األزم‪mm‬ات النفس‪mm‬ية‪،‬‬
‫مث ‪mm‬ل الفت ‪mm‬ور واملل ‪mm‬ل أو اإلحب ‪mm‬اط‪ ،‬أو االكتئ ‪mm‬اب‪ ... ،‬وم ‪mm‬ع حاج ‪mm‬ة املف ‪mm‬اوض املاس ‪mm‬ة ملراع ‪mm‬اة اجلوانب‬
‫النفس‪mm‬ية يف تفاوض‪m‬ه من أج‪m‬ل الت‪mm‬أثري فيمن يتف‪mm‬اوض معهم ‪ ،‬ألن النفس هي احملرك لإلنس‪mm‬ان يف أقوال‪mm‬ه‬
‫ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﮊ ( ‪.) 1‬‬ ‫وأفعاله ‪ ،‬قال تعاىل ﮋ ﰅ‬
‫ويربز ذلك يف عمل من يتيسر له اإلصالح بني الناس ‪ ،‬وينبغي على القائم به ‪ ،‬التوك‪mm‬ل على‬
‫اهلل وحس‪mm m‬ن الظن ب‪mm m‬ه س‪mm m‬بحانه ‪ ،‬ومن املش‪mm m‬اهد أن نفس العب‪mm m‬د تق‪mm m‬ود س‪mm m‬لوكه ‪ ،‬وللت‪mm m‬أثري يف اجلانب‬
‫النفسي يف التفاوض‪ ،‬حيسن مراعاة عدد من اجلوانب ‪ ،‬ومنها ما يلي ‪:‬‬
‫أوًال ‪ :‬مع الطرف اآلخر‬
‫أن يشعر اآلخر بأن دافع التفاوض رغبًة يف مصلحته ‪ ،‬وحمبة اخلري له ‪ ،‬وهذا ما علمنا إياه‬ ‫‪-1‬‬
‫رسول اهلل ‪ ‬حني قال "ال يؤمن أحدكم حىت حيب ألخيه ما حيب لنفسه"(‪.)2‬‬
‫أن يشعر بأنه مهم وحمل اهتمام من يفاوضه ‪ ،‬فيؤثر ذلك يف النفوس ‪ ،‬قال تعاىل ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫( ‪)3‬‬
‫ﮋﭧﯥ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﮊ‬
‫‪ -3‬جيب أن يعرف من يتفاوض معه معرفة تامة وبوضوح فكلما اقتنع به أكثر وعرف أنه‬
‫شخص ميكن الثقة به‪ ،‬حينئذ يقبل منه‪.‬‬
‫‪ -4‬إفادته وتقدمي احلسن له‪.‬‬
‫‪ -5‬استثمار اجلانب اإلمياين ‪ ،‬فاإلميان فمقره القلب‪.‬‬
‫‪ -6‬عدم سب حمبوباته ‪ ،‬وخاصًة تلك اليت يتعلق هبا ‪ ،‬عظمت أو صغرت ‪ ،‬ومراعاة املصلحة‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﮊ (‪. ) 4‬‬ ‫يف ذلك ‪ ،‬قال تعاىل ﮋ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫‪ -7‬تفهم احلاجات النفسية ملن نفاوض‪.‬‬
‫وعندما يلتقي املفاوض مع من يريد املفاوضة معه ولو ألول مرة ‪ ،‬فينبغي أن يكون على‬
‫دراية تامة ما أمكن إىل ذلك سبيال ‪ ،‬حبالة من يفاوض فقد يكون يف حالة من القلق ‪ ،‬أو التوتر ‪،‬‬
‫أو الغضب‪ ،‬أو ‪ ،‬االكتئاب‪ ، ... ،‬ويعترب ذلك أساسًا وهو العنصر احليوي يف تسهيل عملية‬
‫‪.٣٨‬‬
‫‪ )(1‬سورة املدثر اآلية‬
‫‪ )( 2‬صحيح مسلم‪،‬كتاب اإلميان‪،‬باب الدليل على أن من خصال اإلميان أن حيب ألخيه ما حيب لنفسه‪،‬ح ‪179‬ج‪ 1‬ص‪.49‬‬
‫‪ )(3‬سورة احلجر اآلية ‪.٨٨‬‬
‫‪ )(4‬سورة األنعام اآلية ‪.10٨‬‬

‫‪106‬‬
‫التفاوض ‪ ،‬ومن مث تقدمي احللول املناسبة ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬سلوك المفاوض‬
‫على املفاوض أن يهتم مبراعاة اجلانب النفسي ‪ ،‬وخاصة يف سلوكه ‪ ،‬فاملفاوض سيواجه‬
‫أفرادًا أو مجاعات من ويقوم بالتفاوض للبحث عن حلول للمشكالت أو غريها ‪ ،‬ورعاية اجلوانب‬
‫النفسية اليت بسببها قد تنتج أفعال سلوكية غري حمبذة ‪ ،‬والعمل على الوقائية هلم من املشكالت ‪،‬‬
‫أو األزمات األخرى‪.‬‬
‫ومن سلوكيات املفاوض ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬التقبل ‪ :‬فيجب أن يتقبل املقابل قبوًال صادقًا ويظهر أثر ذلك أثناء التفاوض ‪.‬‬
‫‪ -2‬التعاون مع أطراف التفاوض فيما أمكن منذ البداية إىل هناية التفاوض معه ‪.‬‬
‫‪ -3‬حماولة التعرف على من يفاوض وما حيب وما يكره والعلم بأخالقه ‪.‬‬
‫‪ -4‬البعد عن التصرفات اليت تؤدي إىل البغض ‪ ،‬أو الغضب ‪ ،‬أو التشاؤم والطرية ‪.‬‬
‫‪ -5‬القدوة احلسنة ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﮊ‬ ‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫التوضيح وخاصة يف األمور املهمة لتاليف احلرج ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬ ‫‪-6‬‬
‫ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﮊ (‪. )2‬‬
‫إعطاء االهتمام للنفس ‪ ،‬فهي حمور التعامل‪.‬‬ ‫‪-7‬‬

‫‪ )(1‬سورة هود اآلية ‪.٨٨‬‬


‫‪ )(2‬سورة الشعراء‪١٥٦ - ١٥٥ :‬‬

‫‪107‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬فوائد التفاوض في المجال النفسي‬
‫للتفاوض دور هام وآثار يف النفس ‪ ،‬وال خيفى مدى أمهية اجلانب النفسي يف التفاوض ‪ ،‬فمن‬
‫فوائد وآثار التفاوض يف اجملال النفسي ما يلي ‪:‬‬
‫االطمئنان‬ ‫‪-1‬‬
‫قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ‬ ‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬
‫(‪)1‬‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮊ‬ ‫ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬ ‫ﮁ ﮂ‬
‫يف هذا املوقف العصيب وجود السحرة بسحرهم العظيم الذي أتوا به ‪ ،‬ووجود فرعون‬
‫الذي طغى وجنوده ‪ ،‬ويف اآلية الكرمية داللة أن اهلل سبحانه طمأن موسى بقوله ﮋ ﭱ ﭲ ﭳ ﮊ مث‬
‫ﮊ‪.‬‬ ‫ﭵ ﭶ‬ ‫أخربه جل شأنه ﮋ ﭴ‬
‫وقد ينتاب املفاوض شيء من اخلوف ال سيما إن تفاوض مع طغاة أو أصحاب شوكة‬
‫ومنعة‪ ،‬والطمأنينة سكون يف النفس وتأمني هلا‪.‬‬
‫الحب‬ ‫‪-2‬‬
‫ﮊ‬ ‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫(‪) 2‬‬
‫‪.‬‬
‫بينت اآلية الكرمية حماوالت نيب اهلل ن‪m‬وح علي‪m‬ه الس‪m‬الم وحرص‪m‬ه ح‪m‬ىت آخ‪m‬ر اللحظ‪m‬ات على جناة‬
‫ابنه حمبة يف اخلري له بأن يكون مع املؤمنني الناجني من الغرق‪.‬‬
‫ﭔ‬ ‫ﰃ ﰄ ﰅ ﮊ(‪ )3‬إىل قوله ﮋ ﭓ‬ ‫و"ملا أخذت نوحا العاطفة على ولده قال ﮋ ﰁ ﰂ‬
‫ﭕ ﭖ ﮊ (‪.)5( " )4‬‬
‫تسكين الغضب ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الحياة مليئة بالمواقف ‪ ،‬وقد يفاجأ العبد بما يثير غضبه ‪ ،‬وق‪m‬د يك‪m‬ون خالف الحقيق‪m‬ة ‪ ،‬فم‪m‬ا يلبث‬

‫‪.٧٠‬‬
‫‪ )(1‬سورة طه اآلية ‪– ٦٥‬‬
‫‪ )(2‬سورة هود اآلية ‪.٤٢‬‬

‫‪ )(3‬سورة هود اآلية ‪45‬‬

‫‪ )(4‬سورة هود اآلية ‪٤٦‬‬


‫‪ )(5‬أضواء البيان ‪ ،‬مرجع سابق ج ‪ 8‬ص ‪315‬‬

‫‪108‬‬
‫أن يعلم ‪ ،‬بحقيق‪m‬ة الواق‪m‬ع ‪ ،‬بس‪m‬بب المفاوض‪m‬ة ونح‪m‬وه ‪ ،‬فيس‪m‬كن الغض‪m‬ب ‪ ،‬وي‪m‬زول ‪ ،‬وه‪m‬ذا م‪m‬اتم اس‪m‬تنباطه‬
‫من هذا الموقف القصصي من القرآن ‪ ،‬حيث يقول تبارك وتعالى ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬
‫ﭺ ﭻ ﮊ‬
‫وبعد أن تبنّي حقيقة املوقف ملوسى من أخيه هارون عليهما السالم ‪ ،‬فقال كما قال تع‪mm‬اىل ‪:‬‬
‫ﮋ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮊ‬
‫وبعد ذلك تبني األثر ‪ ،‬حيث يقول تبارك وتعاىل ‪ :‬ﮋ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫(‪)1‬‬
‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﮊ‬
‫المودة‬ ‫‪-4‬‬
‫ﭷ‬ ‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ‬ ‫ﭫ‬ ‫قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﮊ ( ‪. )2‬‬
‫االنتماء ‪:‬‬ ‫‪-5‬‬
‫الشعور باالنتماء للمقابل أمر مهم جدًا حيث أن اجلميع جيمعهم شيء واح‪m‬د ومن ذل‪mm‬ك ق‪m‬ول‬
‫كثري من األنبي‪m‬اء والرس‪m‬ل خ‪m‬اطبوا أق‪m‬وامهم ون‪m‬ادوهم ب ـ ﮋ ﮘ ﮊ وه‪m‬ذا يش‪m‬عر املخ‪m‬اطب املن‪m‬ادى ب‪m‬أن‬
‫اجلميع ينتم‪m‬ون إىل ق‪m‬وم واح‪m‬د ‪ ،‬ومث‪m‬ال م‪m‬ع كليم اهلل موس‪m‬ى علي‪m‬ه الس‪m‬الم م‪m‬ع قوم‪m‬ه ‪ ،‬ق‪m‬ال تع‪m‬اىل ‪:‬‬
‫ﮋ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮊ (‪. ) 3‬‬

‫فهم الناس وسبرهم وتوثيق الصلة بهم ‪:‬‬ ‫‪-6‬‬


‫كما حصل مع العباس رضي اهلل عنه عندما قال للنيب ‪ ‬عام الفتح " اجعل أليب سفيان شيئًا‬
‫فإنه حيب الفخر‪ ،‬قال رسول اهلل ‪" ‬من دخل دار أيب سفيان فهو آمن ومن ألقى السالح فهو‬
‫آمن ومن أغلق بابه فهو آمن" (‪.)4‬‬
‫وهكذا فإن االعتناء بالنفس وحسن التفاوض وتأمني االحتياجات النفسية يزيد االطمئنان‬

‫‪ )(1‬سورة األعراف اآليات ‪154 - 150‬‬


‫‪ )(2‬سورة املمتحنة اآلية ‪.٧‬‬
‫‪ )(3‬سورة املائدة اآلية ‪. ٢٠‬‬
‫‪ )(4‬صحيح مسلم ‪ ،‬باب فتح مكة ‪ ،‬ح ‪ ، 4724‬ج‪ 5‬ص‪.172‬‬

‫‪109‬‬
‫النفسي والثقة بالنفس ‪ ،‬فتكون حياة املسلم أكثر كفاءة وتفاؤل يإذن اهلل‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫الباب الثاني‬
‫معالم التفاوض في حياة األنبياء عليهم السالم‬
‫كما يجليها القرآن الكريم‬

‫وفيه ثالثة فصول‪:‬‬


‫الفصل األول ‪ :‬التفاوض في حياة األنبياء عليهم السالم‪.‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬نتائج التفاوض في حياة األنبياء عليهم السالم ‪.‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬آثار التفاوض على الفرد والمجتمع ‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫الفصل األول‬
‫التفاوض في حياة األنبياء عليهم السالم‪.‬‬

‫وفيه مبحثان‪:‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬عناية األنبياء عليهم السالم بالتفاوض‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬تطبيقات التفاوض عند األنبياء عليهم السالم ‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫المبحث األول‬
‫عناية األنبياء عليهم السالم بالتفاوض‬

‫وفيه مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬تعريف النبي‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬ما يسبق التفاوض ‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬تعريف النبي‬
‫تعريف النيب والرسول والفرق بينهما‬
‫"النيب يف اللغة ‪ :‬مشتق من النبأ وهو اخلرب ذو الفائدة العظيمة ‪ .‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ‬
‫ﮊ (‪. ) 1‬‬ ‫ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ومسي النيب نبًّيا ألنه خُم ٌرب من اهلل ‪ ،‬وْخُيُرِب عن اهلل فهو خُم رَب وخُم رِب ‪.‬‬
‫وقيل النيب مشتق من النباوة ‪ :‬وهي الشيء املرتفع ‪.‬‬
‫ومسي النيب نبًّيا على هذا املعىن‪ :‬لرفعة حمله على سائر الناس‪ .‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﮂ ﮃ ﮄﮊ(‪.)2‬‬
‫والرسول يف اللغة ‪ :‬مشتق من اإلرسال وهو التوجيه ‪ .‬قال تعاىل خمًربا عن ملكة سبأ ‪:‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﮊ (‪.)3‬‬
‫وقد اختلف العلماء يف تعريف كل من النيب والرسول يف الشرع على أقوال أرجحها ‪:‬‬
‫أن النيب ‪ :‬هو من أوحى اهلل إليه مبا يفعله ويأمر به املؤمنني ‪.‬‬
‫والرسول ‪ :‬هو من أوحى اهلل إليه وأرسله إىل من خالف أمر اهلل ليبلغ رسالة اهلل "(‪.)4‬‬
‫والفرق بينهما "أما الرسول فهو من أرسل إىل الكفار واملؤمنني ليبلغهم رسالة اهلل ويدعوهم‬
‫إىل عبادته‪ ،‬وليس من شرط الرسول أن يأيت بشريعة جديدة فقد كان يوسف على ملة إبراهيم ‪،‬‬
‫وداود وسليمان كانا على شريعة التوراة وكلهم رسل"(‪. )5‬‬

‫‪ )(1‬سورة النبأ اآليات ‪.2 - 1‬‬


‫‪ )(2‬سورة مرمي اآلية ‪.57‬‬
‫‪ )(3‬سورة النمل اآلية ‪.35‬‬
‫‪ )( 4‬كتاب أصول اإلميان يف ضوء الكتاب والسنة ‪،‬خنبة من العلماء ‪ ،‬ط األوىل ‪،‬وزارة الشؤون اإلسالمية واألوقاف والدعوة‬
‫واإلرشاد ‪ -‬اململكة العربية السعودية ‪1421،‬هـ ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪.201‬‬
‫‪ )(5‬املرجع السابق ج‪.202 1‬‬

‫‪114‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬ما يسبق التفاوض‬
‫من خالل قصص األنبياء عليهم السالم ‪ ،‬يف القرآن الكرمي ‪ ،‬يتضح جليًا يف حياة األنبياء‬
‫عليهم السالم وهم الذين اصطفاهم اهلل لرسالته ‪ ،‬اتصافهم بعدد من الصفات اجلليلة واليت ال يتسع‬
‫املقام لذكرها ‪ ،‬وإمنا سوف يقتصر الباحث على ذكر الصفات املختصة بالتفاوض ‪ ،‬وهذه‬
‫الصفات تسبق التفاوض‪ ،‬وتعترب من األمهية مبكان‪ ،‬وتعد من قبيل األسباب والوسائل إلمتام‬
‫املفاوضات‪ ،‬أيًا كانت تلك املفاوضات‪ ،‬وهي مبثابة العدة للتفاوض‪ ،‬ومن هذه الصفات ما يلي‪:‬‬
‫أوًال ‪ :‬العلم‬
‫اتصف األنبياء والمرسلين عليهم السالم بالعلم ‪ ،‬وأظهر القرآن الكريم ذلك ‪ ،‬ففي شأن نوح‬
‫عليه السالم‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮊ (‪.)1‬‬
‫ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬ ‫ويف حال يعقوب عليه السالم ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯸ ﯹ‬
‫ﰃ ﰄ ﰅ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫وكم ‪mm‬ا يف خط ‪mm‬اب ن ‪mm‬يب اهلل يعق ‪mm‬وب البن ‪mm‬ه يوس ‪mm‬ف عليهم الس ‪mm‬الم ‪ ،‬يق ‪mm‬ول تب ‪mm‬ارك وتع ‪mm‬اىل ‪:‬‬
‫ﭹ‬ ‫ﭶﭷ ﭸ‬ ‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬ ‫ﮋﭢ ﭣ‬
‫(‪) 3‬‬
‫ﭺ ﭻ ﮊ ‪.‬‬
‫ومن أدلة السنة على ذلك ‪ ،‬ما ورد عن عائشة رضي اهلل عنها ‪ ،‬أن أناسا كانوا يتعبدون‬
‫عبادة شديدة فنهاهم النيب ‪ ‬فقالوا ‪ :‬يا رسول اهلل إنا لسنا كهيئتك إنك قد غفر اهلل لك ذنبك‬
‫ما تقدم منه وما تأخر فقال واهلل ألنا أعلمكم باهلل وأخشاكم له" (‪. )4‬‬
‫وعلم األنبياء عليهم السالم من اصطفاء اهلل هلم ‪ ،‬وقد أعال اهلل شأن العلم ومكانته وفضله‬
‫وكذلك أعال شأن أهل العلم وفضلهم يف القرآن الكرمي وأمر سبحانه بالعلم‪ ،‬فقال تعاىل ‪:‬‬
‫ﮊ (‪. ) 5‬‬ ‫ﮋﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ‬

‫‪ )(1‬سورة األعراف اآلية‪. 62‬‬


‫‪ )(2‬سورة يوسف اآلية ‪.86‬‬
‫‪ )(3‬سورة يوسف اآلية ‪.6‬‬
‫‪ )( 4‬املنتخب من مسند عبد بن محيد ‪ ،‬عبد بن محيد بن نصر أبو حممد الكسي ‪ ،‬مكتبة السنة – القاهرة ‪،‬ط األوىل ‪،‬‬
‫‪ ،1988 – 1408‬ج‪1‬ص ‪.435‬‬
‫‪ )(5‬سورة حممد اآلية ‪.19‬‬

‫‪115‬‬
‫ورغب فيه وجعل لذلك من األجور العظيمة ‪ ،‬ومنها قول النيب ‪" : ‬من سلك طريقًا‬
‫يلتمس به علمًا سهل اهلل له به طريقًا إىل اجلنة "(‪.)1‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﮊ (‪.)2‬‬
‫ومن يريد التفاوض حري به التزود من العلم الذي يعرف به احلالل من احلرام ‪ ،‬واحلسن من‬
‫القبيح ‪ ،‬واحملمود من املذموم ‪ ،‬وخباصة العلم اخلاص مبوضوع التفاوض جبميع جوانبه ‪.،‬‬
‫فصاحب العلم يتحدث بالربهان‪ ،‬ويطلب بالدليل‪ ،‬ويفند احلجج ويدعو للحق‪ ،‬ويف مقابل‬
‫العلم‪ ،‬تكون آفة اجلهل‪ ،‬فهي طريق للخطأ‪ ،‬والزلل‪ ،‬والظلم‪ ،‬وإذا كان اجلهل مبوضوع التفاوض‪،‬‬
‫فهذا يعين أن اإلنسان قد يسيء من حيث يريد اإلصالح ‪ ،‬وهذا عند سالمة النية وصفائها ‪،‬‬
‫فيجادل بغري علم وال هدى‪ ،‬فيعترب العلم عدة املفاوض وبصريته ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬
‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫والعلم الزم من لوازم التفاوض ‪ ،‬وخاصًة يف املوضوع املراد التفاوض حوله ‪ ،‬للعم باحلقوق‪،‬‬
‫وكيفية املطالبة هبا ‪ ،‬وإبراز الدليل ‪ ،‬واحلجة ‪ ،‬والربهان ‪،‬‬
‫والعلم صفة تتجلى يف حياة األنبياء والرسل مجيعهم عليهم الصالة والسالم ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬الصبر‬
‫األنبياء عليهم السالم من أكثر الناس صربًا ‪ ،‬وقد أمر اهلل نبيه بالصرب ‪ ،‬مثل من قبله ‪ ،‬من‬
‫أويل العزم من الرسل ‪ ،‬فقال جل من قائل ‪ :‬ﮋ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﮊ (‪.)4‬‬
‫والصبر من األخالق التي يجب أن يتسم بها المسلم ويجتهد على تحصيلها فهي تبعد عن‬
‫الغضب واالنفعال ‪ ،‬مهما كان الموقف‪ .‬قال تعالى ﮋ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﮊ(‪.)5‬‬
‫وال يطيق ذلك إال الصابرون ‪ ،‬والصرب خلق مستقر يف النفس يالزم صاحبه يف مجيع مراحل‬
‫التفاوض من البداية إىل النهاية ‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬الرحمة‬

‫‪ )( 1‬سنن الرتمذي ‪ ،‬كتاب العلم ‪،‬باب فضل العلم ‪ ،‬ح‪ - 2646‬قال الشيخ األلباين ‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫‪ )(2‬سورة الزمر اآلية ‪.9‬‬
‫‪ )(3‬سورة يوسف اآلية ‪.108‬‬
‫‪ )(4‬سورة األحقاف اآلية ‪.35‬‬
‫‪ )(5‬سورة األعراف اآلية‪.199‬‬

‫‪116‬‬
‫اتصف األنبياء عليهم السالم بالرحمة‪ ،‬والشفقة‪ ،‬على أقوامهم‪ ،‬وقد تجلى ذلك في القرآن‬
‫ﮓ ﮔﮊ (‪.)1‬‬ ‫الكريم‪ ،‬فهذا خاتم األنبياء والمرسلين يقول عنه تبارك وتعالى ‪ :‬ﮋ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫فتجاوزت رمحة نبينا حممد صلى اهلل عليه وسلم اجلن واإلنس إىل مجيع اخلالئق ‪ ،‬وتأكدت‬
‫الرمحة اخلاصة باملؤمنني كما يف قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫(‪)2‬‬
‫ﯚ ﯛ ﮊ‬
‫كما أن رمحة األنبياء بأقوامهم ‪ ،‬جتّلت من خالل سريهتم العطرة ‪ ،‬وتبينت يف دعوهتم‬
‫ومفاوضتهم مع أقوامهم ‪ ،‬وجيب على املفاوض املسلم أن يكون حريصا على التخلق خبلق الرمحة‬
‫بالناس ورفيقًا مبن يفاوض ألنه يسعى هلدايتهم واستقامتهم ‪.‬‬
‫والرمحة وسيلة قوية يتم الولوج هبا إىل القلوب والنفوس ‪ ،‬والتأثري فيها ‪ ،‬قال تعاىل خماطبا‬
‫رسوله الكرمي ﮋ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮊ (‪.)3‬‬
‫واملتأمل هلذه اآلية الكرمية جيد أنه لوك‪m‬ان الرس‪m‬ول فظ‪ًm‬ا غلي‪m‬ظ القلب وه‪m‬و رس‪m‬ول النف‪m‬ظ من‬
‫ﭚ‬ ‫حوله من هم خيار األمة إميانًا وعمًال وسلوكًا وهم من قال اهلل فيهم ﮋ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮊ (‪. ) 4‬‬
‫فمن باب أوىل أن ينفض من هم دوهنم ممن هو دون شخص النيب صلى اهلل عليه وسلم ‪،‬‬
‫وكل الربية دونه صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫وصفة الرمحة اليت اتصف هبا األنبياء وأتباعهم ‪ ،‬أظهرت ألقوامهم مدى احلرص والشفقة‬
‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﮊ (‪. ) 5‬‬ ‫واخلوف عليهم ‪ ،‬ومن ذلك قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬
‫كما قال تعاىل حكاية عن مؤمن آل فرعون ﮋ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﮊ (‪.)6‬‬
‫رابعًا ‪ :‬الحلم‬

‫‪ )(1‬سورة األنبياء اآلية ‪.107‬‬


‫‪ )(2‬سورة التوبة اآلية ‪.١٢٨‬‬
‫‪ )(3‬سورة آل عمران اآلية ‪.159‬‬
‫‪ )(4‬سورة الفتح اآلية ‪.٢٩‬‬
‫‪ )(5‬سورة غافر اآلية ‪.30‬‬
‫‪ )(6‬سورة غافر اآلية ‪.32‬‬

‫‪117‬‬
‫احللم مقابلة السيئة باحلسنة‪ ،‬مع القدرة على رد السيئة‪.‬‬
‫املتأمل يف حياة األنبياء جيد احللم صفة وخلق الزم للتفاوض ‪ ،‬فهذا نيب اهلل شعيب عليه‬
‫ﭹ‬ ‫السالم حيلم على قومه حينما هددوه بالرجم كما يف قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮊ (‪.)1‬‬
‫فيأيت الرد من نبيهم عليه السالم الذي يكتنفه احللم واحلرص‪ ،‬بدًء بالنداء الذي يشعر‬
‫باالنتماء فيقول هلم‪ ،‬كما قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫ﮗ ﮘ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫ففي هذه المفاوضة ‪ ،‬قوبلت الشدة بالرأفة‪ ,‬وفحش الكالم بحسنه ‪ ،‬وقوبلت الغلظة والجفاء‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬ ‫باللين والحلم قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮊ (‪.)3‬‬ ‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬ ‫ﮙ‬
‫خامسًا ‪ :‬العدل‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮊ (‪.)4‬‬
‫العدل من لوازم التفاوض احلق ‪ ،‬وبالعدل قامت السماوات واألرض ‪ ،‬والعدل يكون مع‬
‫القريب والبعيد والصديق والعدو ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮊ (‪. ) 5‬‬
‫كم‪mm‬ا أن إنص‪mm‬اف الخص‪mm‬م وجعل‪mm‬ه يش‪mm‬عر بالع‪mm‬دل يق‪mm‬رب بين الط‪mm‬رفين ويك‪mm‬ون س‪mm‬بيًال لفالح التف‪mm‬اوض‪،‬‬
‫والع ‪mm‬دل مع ‪mm‬ه‪ ،‬ح ‪mm‬تى في حق ‪mm‬ه في م ‪mm‬دة الكالم وك ‪mm‬ذلك النق ‪mm‬اش‪ ،‬ويك ‪mm‬ون ذل ‪mm‬ك م ‪mm‬ع الجمي ‪mm‬ع وإن ك ‪mm‬ان ممن‬
‫نخالفهم‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠﯡ‬
‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﮊ (‪.)6‬‬
‫وهذا العدل قام به األنبياء وأتباعهم ‪ ،‬والتاريخ حافل بعدهلم ‪.‬‬

‫‪ )(1‬سورة هود اآلية ‪.91‬‬


‫‪ )(2‬سورة هود اآلية ‪.92‬‬
‫‪ )(3‬سورة فصلت اآلية ‪.35‬‬
‫‪ )(4‬سورة النحل اآلية ‪.90‬‬
‫‪)(5‬سورة املمتحنة اآلية ‪.٨‬‬
‫‪ )(6‬سورة املائدة اآلية ‪.8‬‬

‫‪118‬‬
‫سادسًا ‪ :‬الصدق‬
‫الصدق هو ذكر الشيء على حقيقته دون زيادة أو نقص ‪ ،‬والصدق منجاه ‪ ،‬قال تعاىل ‪:‬‬
‫ﮋ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﮊ (‪.)1‬‬
‫وقد جاءت اآلية الكرمية عقب احلديث عن الثالثة الذين ُخ ّلفوا يف غزوة تبوك‪ ،‬وقد برز‬
‫الصدق يف هذه القصة‪.‬‬
‫حيث َقاَل َك ْعُب ْبُن َماِلٍك (‪ -)2‬أحد الثالثة الذين خلفوا ‪َ" :-‬فَلَّم ا َبَلَغِني َأَّنُه ‪ -‬أي النبي ‪- ‬‬
‫ِم‬ ‫ِب‬ ‫ِذ‬ ‫ِف‬ ‫ِن‬ ‫ِف‬
‫َتَو َّج َه َقا ًال ‪ -‬يعني من الغزو ‪َ -‬ح َضَر ي َه ِّم ي َو َط ْق ُت َأَتَذ َّك ُر اْلَك َب ‪َ ،‬و َأُقوُل ‪َ :‬م اَذا َأْخ ُر ُج ْن‬
‫َس َخ ِطِه َغدًا؟ َو اْس َتَعْنُت َعَلى َذِلَك ِبُك ِّل ِذي َر ْأٍي ِم ْن َأْه ِلي‪َ ،‬فَلَّم ا ِقيَل ِإَّن َرُسوَل الَّلِه ‪َ ‬قْد َأَظَّل َقاِدمًا‬
‫ِج‬ ‫ِص‬ ‫ٍء ِف ِه ِذ‬ ‫ِم‬ ‫ِط‬
‫َز اَح َعِّني اْلَبا ُل َو َعَر ْفُت َأِّني َلْن َأْخ ُر َج ْنُه َأَبدًا ِبَش ْي ي َك ٌب َفَأْج َم ْعُت ْد َقُه ‪َ ،‬ف ْئُتُه‪َ ،‬فَلَّما َس َّلْم ُت‬
‫َعَلْيِه َتَبَّسَم َتَبُّسَم اْلُمْغَضِب ُثَّم َقاَل ‪َ :‬تَعاَل ‪َ ،‬فِج ْئُت َأْم ِش ي َح َّتى َج َلْس ُت َبْيَن َيَد ْيِه ‪َ ،‬فَقاَل ِلي ‪َ :‬ما‬
‫َخ َّلَفَك ؟ َأَلْم َتُك ْن َقِد اْبَتْعَت َظْه َر َك ؟ َفُقْلُت ‪َ :‬بَلى ‪ِ ،‬إِّني َو الَّلِه َلْو َج َلْس ُت ِعْنَد َغْيِرَك ِم ْن َأْه ِل الُّد ْنَيا‬
‫ِل ِئ‬ ‫ِه‬ ‫ِك‬ ‫ِط‬ ‫ِطِه‬ ‫ِم‬
‫َلَر َأْيُت َأْن َس َأْخ ُر ُج ْن َس َخ ِبُعْذ ٍر‪َ ،‬و َلَقْد ُأْع يُت َج َد ًال‪َ ،‬و َل ِّني َو الَّل َلَقْد َع ْم ُت َل ْن َح َّد ْثُتَك اْلَيْو َم‬
‫ِد ِص ٍق ِج‬ ‫ِئ‬ ‫ِخ‬ ‫ِش‬ ‫ِه‬ ‫ِذ‬ ‫ِد‬
‫َح يَث َك ٍب َتْر َضى ِب َعِّني َلُيو َك َّن الَّلُه َأْن ُيْس َطَك َعَلَّي ‪َ ،‬و َل ْن َح َّد ْثُتَك َح يَث ْد َت ُد َعَلَّي‬
‫ِفيِه ِإِّني ألْرُجو ِفيِه َعْف َو الَّله" وصدق مع الله ورسوله ‪ ‬فكان من أمره وأمر صاحبيه الصدق ‪ ،‬سببًا‬
‫(‪) 3‬‬

‫لمنجاتهم ‪.‬‬
‫والصدق يف التفاوض أمر حتمي والبد منه وتقتضيه مصلحة التفاوض‪.‬‬
‫سابعًا ‪ :‬القدوة الحسنة‬
‫القدوة احلسنة مدعاة لقبول التفاوض ‪ ،‬ولذلك كان األنبياء مجيعهم قدوة حسنة ملن تبعهم ‪،‬‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﮊ (‪. ) 4‬‬ ‫ومنهم نبينا ‪ ، ‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯯ ﯰ‬
‫وهذا شعيب عليه السالم مع قومه كما يف قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ‬

‫‪ )(1‬سورة التوبة اآلية‪.111‬‬


‫‪ )( 2‬كعب بن مالك بن أيب بن كعب بن القني بن سوادبن غنم بن كعب بن سلمة األنصاري اخلزرجي يكىن أبا عبد اهلل ‪ ،‬أسد‬
‫الغابة بن األثري مرجع سابق ج‪ 1‬ص‪.938‬‬
‫‪ )( 3‬طرف من حديث رواه البخاري ‪ ،‬كتاب املغازي ‪ ،‬باب حديث كعب ابن مالك ‪ ،‬ح ‪ 4418‬ص‪ ، 750‬ط ‪،‬‬
‫الثانية ‪ ، 1999 – 1419 ،‬مؤسسة احلرمني اخلريية ‪.‬‬
‫‪ )(4‬سورة األحزاب اآلية ‪.21‬‬

‫‪119‬‬
‫ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﮊ (‪. ) 1‬‬
‫والقدوة احلسنة والسرية احلسنة دعوة للقبول‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬
‫ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮊ (‪.)2‬‬
‫"يف هذه اآلية الكرمية حجة واضحة على كفار مكة؛ ألن الَّنيب ‪ ، ‬مل ُيْبعث إليهم رسوًال‬
‫حىت لبث فيهم عمرًا‪ ،‬وقدره أربعون سنة‪ ،‬فعرفوا صدقه‪ ،‬وأمانته‪ ،‬وعدله‪ ،‬وأنه بعيد كل البعد عن‬
‫الكذب وعن كل سوء‪ ،‬وكانوا يف اجلاهلية يسمونه األمني‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯔ ﯕ ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫ولذا ملا سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان‪ ،‬ومن معه عن صفاته ‪ ،‬قال هرقل أليب سفيان‪:‬‬
‫هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال أبو سفيان‪ :‬فقلت‪ :‬ال‪ ،‬وكان أبو سفيان يف‬
‫ذلك الوقت زعيم الكفار‪ ،‬ورأس املشركني ومع ذلك اعرتف باحلق‪ ،‬واحلق ما شهدت به‬
‫األعداء"(‪ )4‬والقدوة احلسنة يتأثر هبا اجلميع‪.‬‬

‫ثامنًا ‪ :‬مراعاة الحال‬


‫واملتأمل لآليات يف القرآن احلكيم جيد أن املرحلة املكية كثرت اآليات اخلاصة بالتوحيد‬
‫والعقيدة وتقرير اإلميان باهلل والدعوة إليه ‪،‬وما حصل من تفاوض يف تلك الفرتة كان خيتص بتلك‬
‫املوضوعات ‪ ،‬وأما املرحلة املدنية كثرت فيها آيات التشريع واألحكام والفرائض ‪ ،‬وكل ذلك‬
‫ملراعاة واقع الناس وأحواهلم ‪ ،‬ولذلك أثر واضح يف إمكانية القبول للتفاوض من عدمه ‪ ...‬وفيه‬
‫تقدمي للمصلحة العامة على املصاحل األخرى ‪ ،‬كما يقتضي ذلك مراعاة جانب الوقت املستغرق‬
‫للتفاوض ‪ ،‬والزمان ‪ ،‬واملكان وحنوه‪...‬‬
‫تاسعًا ‪ :‬مخاطبة الناس على قدر عقولهم‬
‫ورد عن علي رضي اهلل عنه أنه قال "حدثوا الناس مبا يعرفون أحتبون أن يكذب اهلل‬

‫‪ )(1‬سورة هوداآلية ‪.88‬‬


‫‪ )(2‬سورة يونس اآلية ‪. 16‬‬
‫‪ )(3‬سورة املؤمنون اآلية ‪.69‬‬
‫‪ )(4‬أضواء البيان‪ ،‬مرجع سابق ج‪ 2‬ص ‪.153‬‬

‫‪120‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫ورسوله"‬
‫وعن عائشة رضي اهلل عنها أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال هلا "يا عائشة لوال أن قومك‬
‫حديث عهد جباهلية ألمرت بالبيت فهدم فأدخلت فيه ما أخرج منه وألزقته باألرض وجعلت له‬
‫(‪) 2‬‬
‫بابني بابا شرقيا وبابا غربيا فبلغت به أساس إبراهيم"‬
‫وهذه نصوص تقتضي خماطبة الناس على قدر عقوهلم ‪ ،‬ومن ذلك حىت يف مفاوضتهم ‪.‬‬
‫وقد خلق اهلل الناس متفاوتني يف العقل والعلم‪ ..‬ولذا ينبغي ملن يسعى لقبول دعوته بني الناس‬
‫أن خياطبهم على قدر عقوهلم ‪ ،‬وعلومهم ‪ ،‬ومراعاة بيئتهم وعاداهتم وما درجوا عليه يف حياهتم‪.‬‬
‫عاشرًا ‪ :‬االعتراف بالحق‬
‫وقص القرآن الكرمي ‪ ،‬عن قصة نيب اهلل وكليمه ‪ ،‬موسى عليه السالم يف دعوته لفرعون ‪،‬‬
‫حيث قال تعاىل حاكيًا عن قول فرعون ملوسى كما يف قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ‬
‫ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﮊ (‪.)4‬‬ ‫فأجاب موسى عليه السالم ‪: ،‬‬
‫وقد أقّر موسى عليه السالم حبقيقة األمر حىت من نفسه‪.‬‬
‫واالعرتاف باحلق من األمور اليت ينبغي أن تتوفر وتسبق التفاوض وهي تساعد بشكل كبري‬
‫على قبول التفاوض والوصول إىل االعرتاف باحلق ‪ -‬إن كان من أهله ‪ ،‬واالعرتاف باخلطأ ومن مث‬
‫االعتذار منه ‪ ،‬ويعد ذلك من شيم الشرفاء واألقوياء الذين ينتصرون على أنفسهم وذواهتم ‪.‬‬
‫وكل ما تقدم من صفات وخالل جليلة جتلت يف حياة األنبياء مجيعهم عليهم السالم ‪.‬‬
‫وهذه اخلالل والصفات تسبق التفاوض ‪ ،‬وهي جمموعة من األخالق احلميدة ‪ ،‬والصفات‬
‫احلسنة ‪ ،‬والشمائل اجلليلة الالزمة للتفاوض ‪ ،‬وتكون عونًا على ممارسة التفاوض الناجع‪ ،‬ونشره‬
‫يف اجملتمع بصورة صحيحة‪ ،‬سواًء بني أفراد األسرة ‪ ،‬أو بني اجلريان واألصدقاء ‪ ،‬أو بني احلكام‬

‫‪ )( 1‬صحيح البخاري ‪،‬كتاب العلم ‪ ،‬باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن ال يفهموا‪،‬ح ‪ ، 127‬ص ‪ 27‬ط ‪،‬‬
‫الثانية ‪ ،1999 - 1419،‬مؤسسة احلرمني اخلريية‪.‬‬
‫‪ )( 2‬صحيح البخاري ‪ ،‬كتاب احلج ‪ ،‬باب فضل مكة وبنياهنا ‪ ،‬ح ‪ ، 1586‬ص‪ ، 257‬ط ‪ ،‬الثانية ‪1999 – 1419 ،‬‬
‫‪ ،‬مؤسسة احلرمني اخلريية ‪.‬‬
‫‪ )(3‬سورة الشعراء اآلية ‪.19‬‬
‫‪ )(4‬سورة الشعراء اآلية ‪.20‬‬

‫‪121‬‬
‫واحملكومني‪ ،‬وبيننا وبني اآلخرين عمومًا‪.‬‬
‫حادي عشر ‪ :‬اإلخالص هلل تعالى‬
‫يأمرنا القرآن الكرمي باإلخالص والتجرد هلل ‪ ،‬يف مواضع كثرية ‪ ،‬ومنها على سبيل املثال ‪:‬‬
‫قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﮊ (‪.)1‬‬
‫ويف هذه اآلية الكرمية عن نبيه نوح عليه السالم ‪ ،‬يقول لقومه أنه ال يسأهلم ماًال مقابل‬
‫دعوهتم إىل احلق واهلدى ‪ ،‬بل يقدمه من غري أجرة ألنه وحي من اهلل وتكليف بالرسالة ‪.‬‬
‫وعن نبينا ‪ ، ‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﮊ (‪.)2‬‬
‫ﮊ (‪. ) 3‬‬ ‫وقوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫وقوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮊ (‪.)4‬‬

‫ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﮊ (‪.)5‬‬ ‫وقوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯴ ﯵ‬


‫ﯪ ﯫ‬ ‫ويف نيب اهلل هود عليه السالم ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﮊ (‪. ) 6‬‬
‫وقوله تعاىل ‪ ،‬عن أكثر من نيب عليهم الصالة والسالم كما يف قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ‬
‫ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﮊ (‪. ) 7‬‬
‫وقوله تعاىل عن رسل القرية املذكورة كما يف قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮊ"(‪.)9( )8‬‬

‫‪ )(1‬سورة هود اآلية ‪. 29‬‬


‫‪ )(2‬سورة سبأ اآلية ‪.47‬‬
‫‪ )(3‬سورة ص اآلية ‪.86‬‬
‫‪ )(4‬سورة الطور اآلية ‪ 40‬وسورة القلم اآلية ‪.46‬‬
‫‪ )(5‬سورة األنعام اآلية ‪.90‬‬
‫‪ )(6‬سورة هود اآلية ‪.51‬‬
‫‪ )(7‬سورة الشعراء اآليات ‪.109،127،145،164،180‬‬
‫‪ )(8‬سورة يس اآليات ‪.21 ، 20‬‬
‫‪ )(9‬أضواء البيان مرجع سابق ج‪ 2‬ص ‪.178‬‬

‫‪122‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬تطبيقات التفاوض عند األنبياء عليهم السالم‬
‫ما جاء يف القرآن الكرمي من قبيل التفاوض يتنوع حبسب احلال ‪ ،‬واملوضوع والطرق‬
‫واألساليب ‪ ،‬وكذلك حبسب حال املقابل ‪ ،‬وما يقتضيه املوقف ‪ ،‬فيكون يف التفاوض أخذ ورد‬
‫ورمبا حيصل طلب ونقاش وسؤال ‪ ،‬واستدالل ‪ ،‬وإلفات نظر ‪ ،‬أو جدال باحلسىن وباليت هي‬
‫أحسن إذا اقتضى ذلك ‪،‬‬
‫ولقد حث القرآن الكرمي يف عدد من آياته على البحث عن احللول ‪ ،‬وهي بذلك تقتضي أن‬
‫حيدث تفاوض بني األطراف ‪ ،‬ومن أمثلة ذلك ‪ ،‬عند وجود الشقاق بني الزوجني ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ‬
‫ﮓ‬ ‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬ ‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ﮔ ﮊ (‪. ) 1‬‬
‫وبعث احلكمني للبحث عن احللول وما حيدث من مداوالت حول املوضوع ‪ ،‬ومن مث‬
‫التحكيم ‪ ،‬يكون من قبيل التفاوض بني األطراف لوضع عالج للشقاق القائم بني الزوجني ويرضي‬
‫مجيع األطراف أو يكون مقبوًال على األقل ‪ ،‬وحنو ذلك‪.‬‬
‫ورسل اهلل وأنبياءه صلوات اهلل وسالمه عليهم أمجعني ‪ ،‬اصطفاهم اهلل لرسالته ‪ ،‬وتبليغ دينه‪،‬‬
‫وسري األنبياء صلوات اهلل وسالمه عليهم ‪ ،‬مليئة بكل خري ‪ ،‬فهم صفوة اخللق ‪ ،‬وسريهم منهج‬
‫لالقتداء للمؤمنني ‪ ،‬عرب مجيع العصور ‪ ،‬واألزمنة ‪ ،‬واألحوال ‪ ،‬منذ أن خلق اهلل آدم عليه السالم ‪،‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﮊ (‪.)2‬‬
‫وقال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﮊ(‪.)3‬‬
‫فسريهم عليهم السالم عطرة ‪ ،‬مليئة بالفضائل اليت ال حُت صى ‪ ،‬واملواقف ‪ ،‬واألحوال ‪،‬‬
‫واألحداث اليت يتعلم منها الناس ‪ ،‬وبعض ما جرى يف حياة األنبياء من بالغ لدين اهلل ‪ ،‬وطلبهم‬
‫إميان أقوامهم ‪ ،‬وبيان للحق الذي أرسلهم اهلل به ‪ ،‬يستفاد منه يف معرفة تطبيق التفاوض مبعناه العام‬
‫بني األنبياء عليهم السالم وأقوامهم ‪ ،‬واليت نتج عنه بيانًا للحق وإظهاره ‪ ،‬وكشف الزيغ والباطل ‪.‬‬
‫وسوف يتم عرض اآليات اليت ذكرت فيها قصص ‪ ،‬أو مواقف ‪ ،‬أو توجيهات ‪ ،‬يستفاد‬
‫منها أن ما حدث فيها من وقائع ومواقف جيري جمرى التفاوض يف حياة األنبياء عليهم السالم ‪،‬‬
‫‪ )(1‬سورة النساء اآلية‪.35‬‬
‫‪ )(2‬سورة األنعام اآلية ‪.90‬‬
‫‪ )(3‬سورة األحقاف اآلية‪.35‬‬

‫‪123‬‬
‫واملتأمل آليات القرآن الكرمي جيد ذلك جليًا ‪ ،‬وقد كان تفاوض األنبياء عليهم السالم مع أقوامهم‬
‫حسب ما تقتضيه احلال فتعددت األساليب وكان التفاوض باحلسىن ‪ ،‬وباليت هي أحسن ‪.‬‬
‫ومن ذلك يستنبط أن من وسائل الدعوة اليت استخدمها األنبياء عليهم السالم ‪ ،‬التفاوض‬
‫وهو باملعىن العام ‪ ،‬حيث أن التفاوض هو ‪ :‬عملية ذات هدف محدد وتفاهم بين طرفين أو‬
‫أكثر حول موضوع محدد للوصول إلى اتفاق يلتزم به الجميع ‪.‬‬
‫ومعلوم أن الدعوة تكون تارًة باألمر وتارًة أخرى بالنهي أو التذكري فهي حسب مقتضى‬
‫احلال ‪ ،‬ومثال ذلك ‪ :‬األمر بإقامة الصالة ملن ال يصلي أو يتهاون عنها أو الصيام كذلك ‪ ،‬أو‬
‫النهي ‪ ،‬عن الربا أو التدخني وسائر مساوئ األخالق ‪ ،‬أو تكون حول موضوع معني يدور حوله‬
‫طلب وأخذ ورد ونقاش وحوار وما جيري جمرى التفاوض وهو موضوع البحث ‪ ،‬وهذا يف حال‬
‫قيام األنبياء عليهم السالم بالبالغ ألقوامهم وذلك حملاولة هدايتهم إىل احلق ودعوهتم إليه ‪،‬‬
‫و"يكون التفاوض الدعوي من خالل كسب عقله وقلبه"(‪.)1‬‬
‫وقد متت لقاءات تفاوض ‪ ،‬حدث يف بعضها شيء من املناظرات ‪ ،‬واملراجعات ‪ ،‬أو اجلدال‪،‬‬
‫أو احلوار لدعوة الناس إىل التوحيد ‪ ،‬وفضائل األعمال ‪ ،‬أو النهي عن مساوئ األخالق ‪ ،‬جتّلت ‪،‬‬
‫ومتيزت باإلجياز ‪ ،‬والوضوح ‪ ،‬وحسن البيان ‪...‬‬
‫وفيما يلي يتم استعراض املواقف اليت يستفاد منها أهنا جتري جمرى التفاوض بني األنبياء‬
‫عليهم السالم وأقوامهم من خالل ما ورد يف القرآن الكرمي‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬ما حدث من مواقف مع نبي اهلل آدم عليه السالم‬


‫آدم أبو البشر وهو نيب معلم مكلم كما ورد يف احلديث اصطفاه اهلل وخلقه بيديه جل وعال‬
‫وأسجد له املالئكة أمجعني تكرميًا له عليه السالم‪.‬‬
‫ومن اآليات ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬قوله تعالى‪ :‬ﮋ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮊ(‪.)2‬‬
‫‪ -2‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬

‫‪ )(1‬د‪ .‬املهدي ‪. http://www.hadielislam.com‬‬


‫‪ )(2‬سورة طه اآلية‪.120‬‬

‫‪124‬‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﮊ (‪. ) 1‬‬
‫‪ -3‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ‬
‫ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫وما دار بني آدم وحواء ‪ ،‬وإبليس ‪ ،‬جيري جمرى التفاوض والذي بدأ به إبليس حيث أراد يف‬
‫نفسه غايًة عزيزًة عليه وطلبًا هامًا فلم يبادر بتلك الغاية والطلب بل عمد إىل مكر وخديعة‬
‫بالتفاوض ‪ ،‬فزين هلما ‪ ،‬وعرض عليهما ‪ ،‬وبصفة متكررة وبطرق شىت ‪ ،‬ومما عمد إليه إبليس يف‬
‫لتحقيق مراده أن فاوض آدم وحواء مبا يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬مهد بالوساوس قال تعاىل‪:‬ﮋ ﮗ ﮘ ﮊ‬
‫‪ -2‬قال ‪ ،‬إبليس خمادعًا آدم وبصيغة سؤال الناصح ﮋ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮊ أي اخللد يف اجلنة‪ ،‬مث‬
‫أتبعها بامللك الدائم ﮋ ﮡ ﮢ ﮣ ﮊ‬
‫‪ -3‬مث عاود بالوساوس آلدم وحواء معًا ﮋ ﯖ ﯗ ﯘ ﮊ فبدأ يبني سبب النهي عن أكل الشجرة‬
‫ﮋ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﮊ أسلوب خداع وتضليل للناس‬
‫‪ ،‬وما أكثره اليوم يف أتباع إبليس ‪.‬‬
‫‪ -4‬إطماع مزيف ال حقيقة له بل يغرر هبما ‪ ،‬كما قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯶ ﯷﯸ ﮊ وسعى سعيًا‬
‫حثيثًا حىت نال مراه ﮋ ﯹ ﯺ ﯻ ﮊ ‪.‬‬
‫مطلب إبليس ‪ ،‬يعد مفاوضة منه آلدم وحواء ‪ ،‬رغبًة يف الغواية هلما ‪ ،‬حيث فاوضهم لألكل‬
‫من الشجرة وأن هلم بذلك امللك واخللد يف اجلنة ‪ ،‬فأكال من الشجرة ‪ ،‬وكانت سبب اهلبوط إىل‬
‫هذه الدنيا‪ ،‬وقد امّنت اهلل بعد ذلك على آدم بأن تاب عليه‪.‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﮊ (‪.)3‬‬
‫ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﮊ (‪.)4‬‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬

‫‪ )(1‬سورة األعراف اآلية‪.20‬‬


‫‪ )(2‬سورة األعراف اآلية ‪.22‬‬
‫‪ )(3‬سورة األعراف اآلية ‪.23‬‬
‫‪ )(4‬سورة البقرة اآلية ‪.37‬‬

‫‪125‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬مع نبي اهلل نوح عليه السالم‬
‫نوح هو نيب ورسول من أويل العزم من الرسل عليه الصالة والسالم ونسبه هو "نوح‪ ،‬بن‬
‫المك‪ ،‬بن متوشلخ‪ ،‬بن خنوخ ‪ -‬وهو إدريس ‪ -‬بن يرد‪ ،‬بن مهالييل‪ ،‬بن قينن‪ ،‬بن أنوش‪ ،‬بن‬
‫شيث‪ ،‬بن آدم أيب البشر عليه السالم‪.‬‬
‫كان مولده بعد وفاة آدم‪ ،‬مبائة سنة وست وعشرين سنة فيما ذكره ابن جرير وغريه‪.‬‬
‫وعلى تاريخ أهل الكتاب املتقدم‪ ،‬يكون بني مولد نوح‪ ،‬وموت آدم‪ ،‬مائة وست وأربعون‬
‫سنة‪ ،‬وكان بينهما عشرة قرون‪ ،‬كما قال احلافظ أبو حامت بن حبان"(‪.)1‬‬
‫مكث نوح عليه السالم كما جاء يف القرآن ألف سنة إال مخسني عاما قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﯨ ﯩ‬
‫ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﮊ (‪ )2‬يدعو قومه ‪ ،‬وجرب شىت‬ ‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬ ‫ﯪ ﯫ‬
‫الوسائل واألساليب والطرق يف دعوهتم ومناصحتهم طالبًا منهم االستجابة للغفران هلم ‪ ،‬ولكن‬
‫قومه جادلوه وراجعوه مرة تلو األخرى يصاحبها العناد واالستكبار والتهديد له والسخرية منه‬
‫ومن معه من املؤمنني ‪ ،‬رغم اللني والرمحة وحسن اخلطاب معهم ‪ ،‬ومن اخلطابات اليت خاطب هبا‬
‫نوح قومه يدعوهم إىل اهلل ‪ ،‬ويستنبط منها عدد من الفوائد اليت حيسن استعماهلا يف املفاوضات‬
‫ومنها ما يلي ‪:‬‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ‬ ‫‪ -1‬يف قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯵ ﯶ ﯷ‬
‫ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫بدأ نوح ‪ ‬حبسن اخلطاب والتودد إىل قومه والذي يظهر احلرص عليهم وحمبة اخلري هلم‬
‫وبيان أنه ال يلزمهم إلزام إكراه وال جيربهم على هذه الرمحة وهم هلا كارهون‪.‬‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﮊ "أي‪ :‬النبوة والرسالة‬ ‫ﮋﯵ ﯶ ﯷ‬
‫ﮋ ﰀ ﰁ ﮊ أي‪ :‬فلم تفهموها‪ ،‬ومل هتتدوا إليها ﮋ ﰂ ﮊ أي‪ :‬أنغصبكم هبا‪ ،‬وجنربكم عليها ‪ ،‬ﮋ ﰃ‬
‫ﰄ ﰅ ﮊ أي‪ :‬ليس يل فيكم حيلة‪ ،‬واحلالة هذه"(‪.)4‬‬
‫والتودد إىل املقابل من أهم أساليب املفاوضات ‪ ،‬وهي من أسباب القبول للمطالب ‪ ،‬وهو‬
‫‪ )(1‬ابن كثري البداية والنهاية‪.‬‬
‫‪ )(2‬سورة العنكبوت اآلية ‪.14‬‬
‫‪ )(3‬سورة هود اآلية ‪.28‬‬
‫‪ )(4‬البداية والنهاية ‪ ،‬ابن كثري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج ‪ ، 1‬ص‪.108‬‬

‫‪126‬‬
‫ما يرجوه كل مفاوض حول موضوع التفاوض‪.‬‬
‫‪ -2‬قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﮊ (‪. ) 1‬‬
‫كثريًا ما يصدر من أهل الباطل يف مفاوضاهتم أهنم يطلبون أمورًا خارج االستطاعة‪ ،‬أو‬
‫الصالحية‪ ،‬وتبني يف اآلية الكرمية ‪ ،‬أن نوحا عليه السالم ال يطلب منهم أجرًا على هذه الدعوة‬
‫وهكذا سائر األنبياء عليهم السالم ‪ ،‬فطلبوه أن يطرد الفقراء والضعفاء من املؤمنني الذين اتبعوه‬
‫بني حدود ال ميلكها وال يستطيع فعل ذلك من طردهم ‪ ،‬فإهنم مالقوا اهلل فأخاف أن حياسبين اهلل‬
‫على ذلك‬
‫ويستفاد أن كل من يتقدم للتفاوض أن له حدوده وصالحياته اليت ميلكها ممن كلفه‬
‫باملفاوضة فليس له أن يتجاوز ذلك بل علبه أن يعمل بتلك الصالحيات دون جماوزهتا ‪.‬‬
‫ومن هداية اآليات " ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﮊ أي‪ :‬لست أريد منكم‬
‫أجرة على إبالغي إياكم‪ ،‬ما ينفعكم يف دنياكم‪ ،‬وأخراكم‪ ،‬إن أطلب ذلك إال من اهلل‪ ،‬الذي ثوابه‬
‫خري يل ‪ ،‬وقوله‪ :‬ﮋ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬
‫ﭩ ﮊ(‪ )2‬كأهنم طلبوا منه أن يبعد هؤالء عنه‪ ،‬ووعدوه أن جيتمعوا به إذا هو فعل ذلك‪ ،‬فأىب عليهم‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وقال‪ :‬ﮋ ﭣ ﭤ ﭥ ﮊ أي‪ :‬فأخاف إن طردهتم أن يشكوين إىل اهلل عز وجل ‪ ،‬وهلذا قال‪ :‬ﮋ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫كما حصل ذلك بني نبينا حممد ‪ ‬وكفار قريش و"هلذا ملا سأل كفار قريش رسول اهلل ‪،‬‬
‫أن يطرد عنه ضعفاء املؤمنني كعمار‪ ،‬وصهيب‪ ،‬وبالل‪ ،‬وخباب‪ ،‬وأشباههم‪ ،‬هناه اهلل عن ذلك ‪،‬‬
‫كما يف قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮊ (‪ )4‬أي‪ :‬بل أنا عبد‬
‫رسول‪ ،‬ال أعلم من علم اهلل‪ ،‬إال ما أعلمين به‪ ،‬وال أقدر إال على ما أقدرين عليه ‪ ،‬وال أملك‬
‫لنفسي نفًعا وال ضًر ا إال ما شاء اهللﮋ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮊ يعين من أتباعه ‪،‬‬
‫‪ )(1‬سورة هود اآلية ‪.29‬‬
‫‪ )(2‬سورة هود اآلية ‪.29‬‬
‫‪ )(3‬سورة هود اآلية ‪.30‬‬
‫‪ )(4‬سورة هود اآلية ‪.50‬‬

‫‪127‬‬
‫ﮕ ﮖ ﮊ أي‪ :‬ال أشهد عليهم بأهنم ال‬ ‫ﮋ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬
‫خري هلم ‪ ،‬عند اهلل يوم القيامة ‪ ،‬اهلل أعلم هبم ‪ ،‬وسيجازيهم على ما يف نفوسهم ‪ ،‬إن خًريا فخري ‪،‬‬
‫ﭖ‬ ‫وإن شًر ا فشر ‪ ،‬كما قالوا يف املوضع األخر‪ :‬ﮋ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﮊ (‪. ) 1‬‬ ‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫يستفاد من اآليات السابقة يف جمال التفاوض أن أهل الباطل ُأتوا جدًال وقوة يف اخلطاب‬
‫ويالحظ يف أهنم أستخدموا االستفهام االنكاري وذلك يف قوهلم ﮋ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜﮊ فيجب التنبه‬
‫واالحتياط لذلك بالعدة من التعليم املستمر واملمارسة الدائمة‪.‬‬
‫ورغم طول الزمان وتوايل األجيال جيًال بعد جيل مل يؤمن مع نوح عليه السالم من قومه إال‬
‫القليل ‪ ،‬كما قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮊ (‪.)2‬‬
‫ويتبني تعاضد أهل الباطل يف مفاوضاهتم فيما بينهم وهنا يطلبون من نوح عليه السالم بطرد‬
‫املؤمنني ‪ ،‬وهم يوصون عقبهم بعدم اإلميان‪،‬وأمة نوح قد"كان كل ما انقرض جيل‪ ،‬وُّصوا من‬
‫بعدهم بعدم اإلميان به‪ ،‬وحماربته‪ ،‬وخمالفته‪.‬وكان الوالد إذا بلغ ولده‪ ،‬وعقل عنه كالمه‪ ،‬وَّصاه فيما‬
‫بينه وبينه‪ ،‬أن ال يؤمن بنوح أبًد ا‪ ،‬ما عاش‪ ،‬ودائًم ا ما بقي‪ ،‬وكانت سجاياهم تأىب اإلميان ‪ ،‬واتباع‬
‫ﯾ ﯿ ﮊ(‪ ،)3‬وهم الذين كانوا جيادلون ‪ ،‬ويلقون باجلدل على‬ ‫احلق ‪ ،‬وهلذا قال‪ :‬ﮋ ﯻ ﯼ ﯽ‬
‫نوح عليه السالم ‪ ،‬فأورد اهلل قوهلم يف قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮊ (‪. ) 4‬‬
‫"أي‪ :‬حاججتنا فأكثرت من ذلك‪ ،‬وحنن ال نتبعك ‪ ،‬إمنا الذي يعاقبكم ويعجلها لكم اهلل‬
‫الذي ال يعجزه شيئ "(‪.)5‬‬
‫أي‪ :‬يستهزئون به استعباد الوقوع ما توعدهم به ﮋ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ﭤ ﮊ (‪. ) 6‬‬

‫‪ )(1‬سورة الشعراء اآليات ‪. 115 -111‬‬


‫‪ )(2‬سورة هود اآلية ‪.40‬‬
‫‪ )(3‬سورة نوح اآلية ‪.27‬‬
‫‪ )(4‬سورة هود آية ‪.33 – 32‬‬
‫‪ )(5‬تفسري القرآن العظيم ‪ ،‬ابن كثري ‪ ،‬دار اخلري ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬ط الثانية ‪ ، 1991 – 1412 ،‬ج‪ 2‬ص‪.486‬‬
‫‪ )(6‬سورة هود اآلية ‪.38‬‬

‫‪128‬‬
‫أي‪ :‬حنن الذين نسخر منكم‪ ،‬ونتعجب منكم‪ ،‬يف استمراركم على كفركم‪ ،‬وعنادكم‪،‬‬
‫الذي يقتضي وقوع العذاب بكم‪ ،‬وحلوله عليكم‪.‬‬
‫‪ -3‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﮊ (‪.)1‬‬
‫طبعت قلوهبم على الكفر البواح ‪ ،‬والصد عن السبيل ‪ ،‬والتكذيب ‪ ،‬ويستمر ذلك معهم‬
‫خىت يف اآلخرة عياذًا باهلل فينكرون أن يكون جاءهم رسول من قبل‪.‬‬
‫قال رسول اهلل ‪" : ‬جييء نوح عليه السالم وأمته‪ ،‬فيقول اهلل عز وجل‪ :‬هل بلغت؟‬
‫فيقول‪ :‬نعم أي رب‪.‬‬
‫فيقول ألمته‪ :‬هل بلغكم؟‬
‫فيقولون‪ :‬ال ما جاءنا من نيب‪.‬‬
‫فيقول لنوح‪ :‬من يشهد لك؟ فيقول‪ :‬حممد وأمته‪ ،‬فتشهد أنه قد بلغ"(‪.)2‬‬
‫ومن احلرص على هداية الناس وخاصة البدء بذوي الق‪mm‬رىب ب‪mm‬دأ ن‪mm‬وح علي‪mm‬ه الس‪mm‬الم يف‪mm‬اوض ابن‪mm‬ه‬
‫ويدعوه ‪ ،‬بأن يؤمن ويركب مع املؤمنني وي‪m‬بني ل‪m‬ه أن‪m‬ه ال عاص‪m‬م الي‪m‬وم من أم‪m‬ر اهلل إال من تغم‪m‬ده اهلل‬
‫برمحته وعفوه ‪ ،‬ولكن ابنه أىب‪ ،‬ومل يقبل ويركب مع املؤمنني‪ ،‬فكانت النتيجة أن ك‪mm‬ان من املغ‪mm‬رقني‬
‫وبينت اآليات هذا املوقف يف قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﮊ (‪.)3‬‬
‫وفي مجال التفاوض يمكن أن نستقي من هداية اآليات وفوائد قصة نوح عليه السالم‪ ،‬مع ابنه ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫ا‪ -‬التودد والتلطف وإظهار احلرص وإرادة اخلري‬
‫ب‪ -‬استخدام الكلمات احملببة للنفوس بالفطرة السليمة ‪ ،‬ومثال ذلك استخدام لفظ "يا قومي"‬
‫مع قومه ‪ ،‬وتدل داللة واضحة على التذكري بالشعور باالنتماء‪ ،‬وكان ذلك مرارًا ‪،‬‬
‫إلشعارهم أنه واحد من القوم‪ ،‬هبدف قبول دعوته عليه السالم ‪.‬‬
‫واستخدام لفظ "يا بين"(‪ )4‬وفيه ما يهز القلب ‪ ،‬وحيرك النفس جتاه عاطفة األبوة‬
‫‪ )(1‬سورة هود اآلية ‪.39‬‬
‫‪ )( 2‬صحيح البخاري ‪ ،‬حممد بن امساعيل البخاري ‪ ،‬كتاب اجلمعة ‪،‬باب الطيب للجمعة ‪ ،‬ح ‪ ، 3339‬ج‪.398 ، 8‬‬
‫‪ )(3‬سورة هود آية ‪.43 - 42‬‬
‫‪ )( 4‬وهذا هو االبن ‪ :‬يام ‪ ،‬وقيل امسه كنعان وكان كافًر ا عمل عماًل غري صاحل ‪ ،‬فخالف أباه يف دينه ومذهبه‪ ،‬فهلك مع‬

‫‪129‬‬
‫الفطري‪ ،‬رجاًء يف االستجابة واإلميان ‪.‬‬
‫ج‪ -‬التنوع يف األساليب معهم ومل يكن أسلوب واحد يف دعوهتم ‪.‬‬
‫د‪ -‬احللم ويظهر مع جمريات األحداث وطول السنني ‪.‬‬
‫ه‪ -‬الصرب حيث صرب عليه السالم ألف سنة إال مخسني عامًا ‪.‬‬
‫و‪ -‬تنوع اخلطاب فتارة خياطب الوجدان وتارة خياطب العقل ‪ , ...‬وال خيفى أثر ذلك يف‬
‫التفاوض‪.‬‬
‫وإىل غري ذلك من اجلوانب املهمة يف التفاوض مع اآلخرين ال سيما إن كان املتفاوض‬
‫من املخالفني يف العقيدة والديانة ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬مع نبي اهلل هود عليه السالم‬


‫‪ -1‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬ ‫ﯯ ﯰ‬
‫ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬ ‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﮊ (‪. )1‬‬
‫ن ‪mm‬يب اهلل ه ‪mm‬ود علي ‪mm‬ه ‪ ،‬وعلى نبين ‪mm‬ا الص ‪mm‬الة والس ‪mm‬الم ‪ ،‬تك ‪mm‬ررت قص ‪mm‬ته ‪ ،‬وحال ‪mm‬ه م ‪mm‬ع قوم ‪mm‬ه يف أك ‪mm‬ثر من‬
‫سورة من القرآن الكرمي ‪ ،‬وهبا من الدروس والفوائد اجلّم ة الشيئ الكث‪mm‬ري‪ ،‬ومما يس‪mm‬تنبط ويس‪mm‬تفاد من‬
‫اآليات املتقدمة يف التفاوض ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬اخلطاب يشعر باالنتماء إىل قوم واحد ﮋ ﯠ ﯡ ﯩ ﮊ وكذا حال األنبياء عليهم السالم ‪.‬‬
‫‪ -2‬حتديد الطلب ﮋ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﮊ‪.‬‬
‫‪ -3‬استثمار أسلوب التذكري ﮋ ﯪ ﯫ ﮊ‪.‬‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ‬ ‫‪ -4‬عدم الركون واالستمرار مهما واجه ﮋ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬

‫من هلك يف الغرق من قوم نوح ‪ ،‬البداية والنهاية ‪ ،‬إمساعيل ابن كثري ‪ ،‬مكتبة املعارف بريوت ‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.113‬‬
‫‪ )(1‬سورة األعراف اآليات ‪.72-65‬‬

‫‪130‬‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﮊ‪.‬‬
‫‪ -5‬املقابلة يف القول والرد باليت هي أحسن ﮋ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﮊ‪.‬‬
‫‪ -6‬احلرص يف إبداء احلال ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﮊ‪.‬‬
‫‪ -7‬االتباع بال علم وال بصرية يورد املهالك ﮋ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬
‫ﮇ ﮈ ﮊ‪.‬‬ ‫ﮅ ﮆ‬

‫ﯝ‬ ‫ﯚﯛ ﯜ‬ ‫‪ -2‬قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬


‫ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬ ‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬ ‫ﯞ‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬
‫ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬ ‫ﰈ ﰉ ﰊ‬ ‫ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ‬
‫ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫ﮖ ﮗ‬ ‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬ ‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬ ‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﮊ ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫مما يستفاد من اآليات الكريمة في التفاوض ما يلي‪:‬‬


‫‪ -1‬أن أهل الباطل قد يعمدون فينكرون احلقائق مجلًة وتفصيًال ﮋ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﮊ‬
‫ﰋ ﮊ‪.‬‬ ‫‪ -2‬االصرار على باطلهم والجرأة في ذلك ﮋ ﰈ ﰉ ﰊ‬
‫‪ -3‬قي ‪mm‬ام أه ‪mm‬ل الباط ‪mm‬ل بالمب ‪mm‬ادرة بإلق ‪mm‬اء التهم والتهكم والس ‪mm‬خرية ‪ ،‬وال يقيم ‪mm‬ون أه ‪mm‬ل الفض ‪mm‬ل في‬
‫منازلهم ‪ ،‬فقولهم ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﮊ ‪.‬‬
‫‪ -4‬لكل مق‪m‬ام مق‪m‬ال ‪ ،‬والت‪m‬درج والحكم‪m‬ة ‪ ،‬أم‪m‬ور الب‪m‬د منه‪m‬ا في البالغ وبي‪m‬ان الح‪m‬ق ‪ ،‬وق‪m‬د يقتض‪m‬ي‬
‫الموقف الصدع بالخق واالقتراق ﮋ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﮊ‪.‬‬
‫‪ -5‬االعتصام بالله ‪ ،‬والمضي على أمره سبحانه ‪ :‬ﮋﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬
‫ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮊ ‪.‬‬

‫‪ )(1‬سورة هود اآليات ‪.60- 50‬‬

‫‪131‬‬
‫‪ -6‬ال يكلف الل‪m‬ه نفس‪ًm‬ا إال وس‪m‬عها ‪ ،‬وم‪m‬ع الرغب‪m‬ة في هداي‪m‬ة الن‪m‬اس ‪ ،‬إال أن هن‪m‬اك من ال يري‪m‬د الح‪m‬ق‬
‫وال يري‪m‬د أن يبص‪m‬ر ‪ ،‬أو يتأم‪m‬ل ب‪m‬ل ديدن‪m‬ه الت‪m‬ولي ﮋﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ وكم‪m‬ا ق‪m‬ال‬
‫ﮒ ﮊ (‪. ) 1‬‬ ‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬ ‫تعالى ‪ :‬ﮋﮅ ﮆ‬
‫‪ -3‬وفي سورة المؤمنون يقول تعالى‪ :‬ﮋ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬
‫ﮏ ﮐ‬ ‫ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬ ‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬ ‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬ ‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬
‫ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﮊ (‪.)2‬‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬ ‫‪ -4‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﮡ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬
‫ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﭑ ﭒ ﭓ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬ ‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﭪ ﭫ ﭬﮊ (‪.)3‬‬
‫ويف ه‪mm‬ذا الس‪mm‬ياق الب‪mm‬ديع لآلي‪mm‬ات الكرمية واحلال دع‪mm‬وة ه‪mm‬ود علي‪mm‬ه الس‪mm‬الم لقوم‪mm‬ه ‪ ،‬يس‪mm‬تبط أن‪mm‬ه‬
‫ينبغي ويج‪mm‬در في المفاوض‪mm‬ات‪ ،‬التعري‪mm‬ف بالح‪mm‬ال ﮋ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮊ ‪ ،‬والت‪mm‬ذكير بس‪mm‬المة‬
‫المقصد‪ ،‬والهدف‪ ،‬والغاية‪ ،‬وعدم الرغبة في الدنيا ﮋ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﮊ‪،‬‬
‫وبي‪m‬ان ح‪m‬ال املقاب‪m‬ل وم‪m‬ا ه‪m‬و علي‪m‬ه بأس‪m‬لوب االس‪m‬تفهام االنك‪m‬اري ﮋ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬
‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﮊ مث الطلب العدل الذي هو خري هلم يف الدنيا واآلخرة ﮋﯴ ﯵ‬
‫ﯶ ﯷ ﮊ ألين مبلغ عن اهلل ومرسل منه سبحانه ‪ ،‬مث التذكري باملنعم ﮋ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﮊ‬
‫ونعمه اليت أنعم هبا عليكم ﮋﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﮊ وبيان احلرص عليهم وطلب النجاة هلم‬
‫ﮋﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﮊ ومهما تنوعت أساليب الرتغيب والرتهيب وتعددت فهناك من ال‬

‫() سورة العنكبوت اآلية ‪.١٨‬‬‫‪1‬‬

‫‪ )(2‬سورة املؤمنون اآليات ‪.41-31‬‬


‫‪ )(3‬سورة الشعراء اآليات ‪.140- 123‬‬

‫‪132‬‬
‫يستجيب عياذًا باهلل ﮋﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﮊ بل وقد يتبعها اإلفك املبني ﮋﭑ ﭒ‬
‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﮊ‪.‬‬
‫‪ -5‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬
‫ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﮊ (‪.)1‬‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬ ‫‪ -6‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬ ‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬ ‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ﮂ ﮃ‬ ‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬ ‫ﭻ‬ ‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬ ‫ﭴ ﭵ‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮊ‬ ‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ‬ ‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬
‫(‪. ) 2‬‬
‫‪ -7‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬
‫ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫أي‪ :‬قد استحقيتم هبذه املقالة الرجس والغضب من اهلل‪ ،‬أتعارضون عبادة اهلل وحده ال‬
‫شريك له‪ ،‬بعبادة أصنام أنتم حنتموها‪ ،‬ومسيتموها آهلة من تلقاء أنفسكم‪ ،‬اصطلحتم عليها أنتم‬
‫وآباؤكم‪.‬‬
‫ﭶ ﭷ‬ ‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬ ‫‪ -8‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭬ ﭭ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬ ‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬ ‫ﭻ‬ ‫ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮊ (‪. ) 4‬‬ ‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ‬ ‫وكقوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬
‫ﯨ ﯩ ﮊ (‪. ) 5‬‬ ‫ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫‪ )(1‬سورة اآلية ‪.16 – 15‬‬
‫‪ )(2‬سورة األحقاف اآليات ‪.25-21‬‬
‫‪ )(3‬سورة األعراف اآلية‪.71‬‬
‫‪ )(4‬سورة األحقاف الية ‪.25 – 22‬‬
‫‪ )(5‬سورة هود اآلية ‪.60-58‬‬

‫‪133‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﮊ(‪.)1‬‬
‫واملتأمل لسياق اآليات الكرمية ‪ ،‬حلال أولئك املخالفني ‪ ،‬جيد منهم النفور ‪ ،‬واالستكبار ‪،‬‬
‫والصد عن احلق ‪ ،‬ومقابلة احلجج والرباهني واألدلة الواضحة اجللية ‪ ،‬باجلحود ‪ ،‬والنكران ‪،‬‬
‫واإلعراض ‪ ،‬وعدم الرغبة يف اإلنصات ‪ ،‬واالستماع والنظر والتأمل فيها‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬ما حصل من تفاوض مع نبي اهلل صالح عليه السالم وأرسل إلى ثمود‬
‫هو عبد اهلل ورسوله "صاحل بن عبد بن ماسح بن عبيد بن حاجر ابن مثود بن عابر بن ارم‬
‫بن سام بن نوح ‪ ،‬أرسله اهلل إىل مثود يقال مثود باسم جدهم متود ‪ ،‬وكانوا عربا من العارية‬
‫يسكنون احلجر الذي بني احلجاز وتبوك وكانوا بعد قوم عاد وكانوا يعبدون األصنام كأولئك‬
‫فبعث اهلل فيهم رجال منهم"(‪.)2‬‬
‫‪ -1‬قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ‬
‫ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫ﮍ ﮎ‬ ‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬ ‫ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫(‪)3‬‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﮊ ‪.‬‬
‫ومما يستفاد من قصة نيب اهلل صاحل عليه السالم يف التفاوض ‪ ،‬بداية مثل األنبياء عليهم السالم‬
‫اخلطاب يشعر باالنتماء إىل قوم واح‪m‬د ﮋ ﯠ ﯡ ﯩ ﮊ وك‪m‬ذا ح‪m‬ال األنبي‪m‬اء عليهم الس‪m‬الم ‪ ،‬حتدي‪m‬د‬
‫الطلب ﮋ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﮊ ووجود البينة ﮋ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﮊ وتعيينها هلم ﮋ ﯫ ﯬ ﯭ‬
‫ﯰ ﮊ هي ﮋﯮ ﯯﮊ مث الطلب اهلام منهم ﮋ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﮊ والنهي عن التع‪mm‬دي‬
‫والظلم هلذه اآلية اليت أرلت لكم ﮋ ﯷ ﯸ ﯹ ﮊ فيأتيكم ‪ ،‬أو ﮋ ﯺ ﯻ ﯼ ﮊ‪.‬‬

‫ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬ ‫‪ -2‬قال تعاىل‪:‬ﮋ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ‬
‫ﰖ ﰗ‬ ‫ﰏ ﰐ ﰑ ﰒﰓ ﰔ ﰕ‬ ‫ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ‬ ‫ﰇ ﰈ ﰉ‬ ‫ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ‬

‫() سورة الشعراء اآلية ‪.140-139‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ )(2‬البداية والنهاية ‪ ،‬ابن كثري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪.131 - 130‬‬
‫‪ )(3‬سورة األعراف اآليات ‪.78-73‬‬

‫‪134‬‬
‫ﰠ ﰡ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬ ‫ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ ﰟ‬
‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬ ‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬ ‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ‬ ‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ‬
‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓﮊ(‪.)1‬‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬ ‫‪ -3‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬ ‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬
‫ﯓ‬ ‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬
‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬ ‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬ ‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬ ‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ‬ ‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬ ‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫ﰏ ﮊ (‪. ) 2‬‬ ‫ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ‬ ‫ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ‬
‫‪ -4‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﮊ(‪.)3‬‬
‫خامسا ‪ :‬ما حصل من تفاوض مع نبي اهلل لوط عليه السالم‬
‫الدعوة إىل اهلل مع اإلصالح االجتماعي بالدعوة إىل إقامة العدل كما يف دعوة لوط قومه ‪،‬‬
‫لرتك الفاحشة‪.‬‬
‫ول‪mm‬وط علي‪mm‬ه الس‪mm‬الم ‪ ،‬حص‪mm‬لت مواق‪mm‬ف وأح‪mm‬داث ج‪mm‬رت م‪mm‬ع قوم‪mm‬ه ‪ ،‬ومنه‪mm‬ا م‪mm‬ا يج‪mm‬ري مج‪mm‬رى‬
‫التف ‪mm‬اوض ‪ ،‬وخاص ‪mm‬ة تل ‪mm‬ك المراجع ‪mm‬ات ال ‪mm‬تي ك ‪mm‬انت ح ‪mm‬ول المعص ‪mm‬ية ال ‪mm‬تي لم يس ‪mm‬بقهم إليه ‪mm‬ا أح ‪mm‬د من‬
‫العالمين ‪ ،‬إال أن قومه تشربوا الكفر والعصيان والفجور غير مكترثين برس‪mm‬ولهم ‪ ،‬ب‪mm‬ل واجتمع‪mm‬وا علي‪mm‬ه‬
‫رغب‪m‬ة في تنفي‪m‬ذ معص‪m‬يتهم النك‪m‬راء في أض‪m‬ياف ل‪m‬وط علي‪m‬ه الس‪m‬الم ‪ ،‬ق‪m‬ال تع‪m‬الى ‪ :‬ﮋ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬ ‫ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ‬ ‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬

‫‪ )(1‬سورة هود اآليات ‪.68-61‬‬


‫‪ )(2‬سورة الشعراء اآليات ‪.158-141‬‬
‫‪ )(3‬سورة العنكبوت اآليات ‪47-45‬‬

‫‪135‬‬
‫ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬
‫ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ‬ ‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ‬
‫ﰇ‬ ‫ﰆ‬
‫ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖﰗ ﰘ ﰙ‬ ‫ﰍﰎ ﰏ ﰐ‬ ‫ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ‬
‫ﰚ ﮊ (‪.)1‬‬
‫مما يس‪mm‬تفاد من اآلي‪mm‬ات يف التف‪mm‬اوض أن‪mm‬ه ق‪mm‬د يتم التف‪mm‬اوض م‪mm‬ع ممن ل‪mm‬ه ق‪mm‬وة وع‪mm‬دد وع‪mm‬دة ف‪mm‬ذلك‬
‫يتطلب زيادة اجلهد يف املفاوضة معهم ‪ ،‬ونظري ذل‪mm‬ك فيم‪m‬ا حتدثت عن‪mm‬ه اآلي‪mm‬ات الكرمية ‪ ،‬عن‪mm‬دما ج‪m‬اء‬
‫ق‪mm m‬وم ل‪mm m‬وط لن‪mm m‬بيهم ل‪mm m‬وط علي‪mm m‬ه الس‪mm m‬الم ‪ ،‬يري‪mm m‬دون أض ‪mm‬يافه جلرميتهم وفاحش‪mm m‬تهم ‪ ،‬عال لوط‪ًm m‬ا الض ‪mm‬يق‬
‫ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﮊ ثم أم‪mm‬رهم بتق‪mm‬وى الل‪mm‬ه‬ ‫والك‪mm‬رب‪ ،‬ح‪mm‬تى ق‪mm‬ال لهم ﮋ ﮫ ﮬ‬
‫ﮋ ﯔ ﯕ ﮊ وطلبهم طلب أشبه بالترجي لمكانة أضيافه ألنه واجب إكرامهم ال الغدر بهم فقال ﮋ‬
‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﮊ ثم يبحث فيهم عمن فيه رشد منهم ﮋ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﮊ يكفكم عن هذا السوء‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬ما حدث من مواقف مع نبي اهلل ورسوله إبراهيم الخليل عليه السالم‬
‫إبراهيم عليه السالم نبي ورسول ‪ ،‬وهو أبو األنبياء ‪ ،‬وهو خليل الله ‪ ،‬وقد أثبت الله‬
‫‪ -‬عز وجل ‪ -‬نبوة ورسالته في مواضع عديدة من الكتاب الكريم ‪ ،‬وشهد له بأن إبراهيم عليه السالم‬
‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ‬ ‫كان أمة قانتًا لله حنيفًا‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮊ (‪.)2‬‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﮊ (‪. ) 3‬‬ ‫وقال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫وقد ذكر القرآن الكرمي من سرية إبراهيم اخلليل عليه السالم عددًا من املواقف يستنبط منها‬
‫فوائد تفاوضية ‪ ،‬على تنوع املقابل فيها فكانت تارًة مع ابنه إمساعيل عليه السالم ‪ ،‬وتارًة مع امللك‬
‫النمرود ‪ ،‬وتارًة مع قومه ‪ ،‬وتارة مع أبيه ‪ ،‬وكانت هذه املواقف ‪ ،‬واألحداث مع إبراهيم عليه‬
‫السالم ‪ ،‬قصصًا يف ثنايا سور القرآن الكرمي ومنها ما يلي ‪:‬‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬ ‫‪ -1‬قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ‬

‫‪ )(1‬سورة هود اآلية ‪.81-77‬‬


‫‪ )(2‬سورة النحل اآلية ‪.122 – 120‬‬
‫‪ )(3‬سورة األنعام اآلية ‪.75‬‬

‫‪136‬‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬ ‫ﭺ ﭻ‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬ ‫ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﮊ ‪.‬‬
‫جند يف هذه اآليات الكرميات أن "أمر اهلل جل وعال نبيه‪ ،‬حممدا ‪  ،‬يف هذه اآلية الكرمية‪:‬‬
‫أن يذكر يف الكتاب الذي هو القرآن العظيم املنزل إليه من اهلل ‪ ،‬إبراهيم‪ ،‬عليه وعلى نبينا الصالة‬
‫والسالم‪ ،‬ويتلو على الناس يف القرآن نبأه مع قومه ودعوته هلم إىل عبادة اهلل وحده وترك عبادة‬
‫األصنام اليت ال تسمع وال تبصر وال تنفع وال تضر"(‪.)2‬‬
‫يظهر من خالل املوقف تودد وتلط‪m‬ف إب‪m‬راهيم علي‪m‬ه الس‪m‬الم يف اخلط‪m‬اب ‪ ،‬وبي‪m‬ان العلم واهلدى‬
‫ال‪mm‬ذي رزق‪mm‬ه اهلل إلب‪mm‬راهيم ويري‪mm‬د إيص‪mm‬اله ألبي‪mm‬ه وقوم‪mm‬ه ‪ ،‬ويف موض‪mm‬ع آخ‪mm‬ر يتجلى الس‪mm‬ؤال من إب‪mm‬راهيم‬
‫لقوم ‪mm‬ه لتقري ‪mm‬ر حق ‪mm‬ائق أن ه ‪mm‬ذه أص ‪mm‬نامًا من ص ‪mm‬نع البش ‪mm‬ر ‪،‬ال تض ‪mm‬ر ‪ ،‬وال تنف ‪mm‬ع ‪ ،‬وهي مجادات عدمية‬
‫احلرك‪mm‬ة ‪ ،‬وال تق‪mm‬در أن تنف‪mm‬ع نفس‪mm‬ها ‪ ،‬فض ‪ًm‬ال عن أهنا تق‪mm‬در على نف‪mm‬ع غريه‪mm‬ا ‪ ،‬كم‪mm‬ا يف قول‪mm‬ه تع‪mm‬اىل‪:‬‬
‫ﯓ ﯔ‬ ‫ﮋﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬
‫ﯣ ﯤ ﮊ (‪. ) 3‬‬ ‫ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬ ‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬
‫ويستفاد من هذه اآلية الكرمية أن من أقوى األساليب أن جتعل املخالف جييب نفسه بنفسه‬
‫عن دعواه الباطلة وذلك من خالل األسئلة احملددة كما يف قوله تعاىل ‪ ،‬حاكيًا عن إبراهيم عليه‬
‫السالم يف قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮊ (‪.)4‬‬
‫فلم تكن إجابة مقنعة جادة ‪ ،‬حيث أهنم هربوا عن اإلجابة احملددة لألسئلة احملددة ‪ ،‬فتأيت‬
‫اإلجابة عبارة عن انتقال من املوضوع وذلك ألنه االقتداء والتقليد األعمى كما يف قوله تعاىل ‪:‬‬
‫ﮋ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﮊ (‪. ) 5‬‬
‫إيص ‪mm‬ال البالغ احلق للم ‪mm‬دعو ‪ ،‬وعرض ‪mm‬ه علي ‪mm‬ه ‪ ،‬ومعاجلة املخالف ‪mm‬ات عن ‪mm‬د الن ‪mm‬اس وخاص ‪mm‬ة ال ‪mm‬يت‬
‫تك‪mm m‬ون متأص‪mm m‬لة يف الس‪mm m‬لوك ل‪mm m‬ديهم ‪ ،‬وتنب‪mm m‬ع من عقائ‪mm m‬دهم ‪ ،‬حتت‪mm m‬اج إىل أدق األس ‪mm‬اليب يف دع ‪mm‬وهتم‬
‫والتفاوض معهم ‪ ،‬وذلك ألمهية وخطورة التعامل مع املقابل فيها‪.‬‬

‫‪ )(1‬سورة مرمي اآليات‪.46 – 41‬‬


‫‪ )(2‬أضواء البيان مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ 3‬ص ‪.423‬‬
‫‪ )(3‬سورة الشعراء اآليات ‪.77-71‬‬
‫‪ )(4‬سورة الشعراء اآليات ‪. 73-72‬‬
‫‪ )(5‬سورة الزخرف اآلية ‪.22‬‬

‫‪137‬‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬ ‫ويف قول‪mm‬ه تع‪mm‬اىل‪ :‬ﮋ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬ ‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﮊ ‪.‬‬ ‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫ومما يس‪mm‬تفاد من اآلي‪mm‬ات الكرمية يف التف‪mm‬اوض ض‪mm‬رورة الس‪mm‬ؤال ملعرف‪mm‬ة س‪mm‬بب األفع‪mm‬ال وال‪mm‬دوافع‬
‫لتلك األفعال عند القائمني هبا وما انطوت عليه عقيدهتم فيها وما هي الص‪m‬ورة الذهني‪m‬ة ل‪m‬ذلك ‪ ،‬ول‪m‬و‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﮊ وعلى‬ ‫للسائل علم مسبق ‪ ،‬ومن ذلك قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫غ ‪mm‬رار تل ‪mm‬ك اإلجاب ‪mm‬ة يك ‪mm‬ون ال ‪mm‬رد والبي ‪mm‬ان أو الطلب ك ‪mm‬ان أم ‪m‬رًا أو هني ‪ًm‬ا ‪ ،‬فك ‪mm‬ان البي ‪mm‬ان ﮋ ﯚ ﯛ ﯜ‬
‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﮊ مث تواىل اخلليل عليه السالم يف بيان ماجاء به من احلق تبارك وتعاىل‪ :‬ﮋ ﯫ ﯬ‬
‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﮊ‬ ‫ﯮ ﯯ‬ ‫ﯭ‬
‫وبعد املراجعات اليت تعددت بنّي اخلليل عليه السالم وقومه وبعد احملاوالت اليت دلت على‬
‫صد قومه عن السبيل واإلصرار على الباطل وعدم الرغبة يف احلق ‪ ،‬بل وفوق ذلك حربًا على‬
‫الدعوة وعلى الرسول الذي بعثه اهلل ‪،‬يأيت دور الرباءة كما قال اخلليل عليه السالم لقومه ‪ ،‬أنه براء‬
‫ﮈ ﮉ‬ ‫مما يعبدون إال اهلل الذي فطره سبحانه ‪ ،‬كما يف قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫وإب ‪mm‬راهيم علي ‪mm‬ه الس ‪mm‬الم وال ‪mm‬ذين آمن ‪mm‬وا مع ‪mm‬ه هم أس ‪mm‬وة حس ‪mm‬نة أمرن ‪mm‬ا باالقت ‪mm‬داء بهم كم ‪mm‬ا في‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬ ‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬ ‫قوله تعالى‪ :‬ﮋ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﯗ ﮊ ( ‪. )3‬‬
‫من هداية اآليات المفيدة في مجال التفاوض فيما سبق ما يلي‪:‬‬
‫ا‪ -‬نصح إبراهيم عليه السالم أباه ويظهر فيها الرفق واللني والتودد يف اخلطاب وهو من‬
‫اجلوانب املؤثرة يف التفاوض ‪.‬‬
‫ب‪ -‬إيضاح احلق والتحذير من عبادة غري اهلل الغري وهو الغري مستحق للعبادة وهو ما ال يسمع‬
‫وال يبصر ‪ ،‬وال ينفع وال يضر نفسه فضًال عن غريه ‪.‬‬
‫ج‪ -‬التحذير من عذاب اهلل تعاىل ووالية الشيطان‪.‬‬

‫‪ )(1‬سورة األنبياء اآليات ‪.56-51‬‬


‫‪ )(2‬سورة الزخرف اآليات ‪.27-26‬‬
‫‪ )(3‬سورة املمتحنة اآلية ‪.4‬‬

‫‪138‬‬
‫د‪ -‬الثبات على احلق وخشية اهلل مهما كان يف املواجهة من الوعيد والتهديد العنيف بالقول‬
‫والشدة‪ ،‬أو الفعل الذي يسفر عن العداوة ‪.‬‬
‫ه‪ -‬اخلتام احلسن للموقف ﮋ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﮊ (‪.)1‬‬
‫و‪ -‬إظهار الدليل والربهان باحلجة القاطعة‪.‬‬
‫ز‪ -‬عادة أهل الضالل واألهواء يف مفاوضاهتم اإلصرار على الزيغ عن احلق والتعصب للباطل‬
‫مهما أفحموا باحلجة القاطعة والدليل‪ ،‬حيث قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫ﮔ ﮕ ﮊ " (‪. ) 2‬‬
‫ح‪ -‬استدرار عاطفة األبوة وفيه التودد واإلكرام ‪ ،‬مع الوالدان يف خطاب إبراهيم مع أبيه حيث‬
‫تكرر قوله "يا أبت"‪.‬‬
‫وتتعدد املواقف واألحداث اليت واجهت نيب اهلل‪ ،‬إبراهيم اخلليل‪ ،‬عليه السالم ومنها ما جيري‬
‫جمرى املفاوضات نورد منها ما تيسر منها ما يلي ‪:‬‬
‫ما جرى بين إبراهيم عليه السالم مع الملك ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫كما يف قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬
‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫ويستفاد من اآليات يف التفاوض ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن أه‪mm‬ل الباط‪mm‬ل ق‪mm‬د يح‪mm‬اجون وي ‪ّm‬د عون وين‪mm‬افحون عن ب‪mm‬اطلهم وإن ك‪mm‬ان هش ‪ًm‬ا على ش‪mm‬فا ج‪mm‬رف‬
‫هار‪.‬‬
‫‪ -2‬ترك بعض الدعاوى وعدم االلتفات إليها ‪ ،‬ال يع‪m‬د إق‪m‬رارًا هلا ﮋ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮊ وه‪m‬و مت‪m‬أول‬
‫يف ذل ‪mm‬ك وليس على احلقيق ‪mm‬ة كم ‪mm‬ا ه ‪mm‬و معل ‪mm‬وم ‪ ،‬ف ‪mm‬أىن ل ‪mm‬ه ذل ‪mm‬ك ‪ ،‬فاهلل ج ‪mm‬ل وعال يق ‪mm‬ول ‪:‬‬
‫ﮛ ﮜ ﮊ (‪. ) 4‬‬ ‫ﮋﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫‪ -3‬األس ‪mm‬ئلة احملددة مهم ‪mm‬ة ج‪m m‬دًا كي ال ُي رتك جمال للم ‪mm‬راوغ اهلروب عن االجاب ‪mm‬ة عنه ‪mm‬ا ‪ ،‬وهي‬

‫‪ )(1‬سورة مرمي اآلية ‪. 47‬‬


‫‪ )(2‬سورة األنبياء آية ‪.65‬‬
‫‪ )(3‬سورة البقرة آية‪.258‬‬
‫‪ )(4‬سورة آل عمران اآلية ‪.١٤٥‬‬

‫‪139‬‬
‫األسئلة املغلقة ‪ ،‬وهي تفيد يف التفاوض وال بد من االهتمام هبا تعلمًا وتعليمًا‪.‬‬
‫‪ -4‬أن دع‪mm‬اوى أه‪mm‬ل الباط‪mm‬ل مآهلا إىل زوال وخس‪mm‬ران ‪ ،‬ط‪mm‬ال الزم‪mm‬ان أم قص‪mm‬ر ‪ ،‬ﮋﮑ ﮒ ﮓﮔ‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮊ‪.‬‬
‫ما جرى بين إبراهيم عليه السالم وقومه ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬ ‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬
‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮊ ( ‪. )1‬‬
‫مما يستفاد من هداية اآليات يف التفاوض‬
‫التدرج ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫مراعاة مستوى املخاطبني يف توضيح املراد‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫إش‪m‬عار املخ‪m‬اطب ول‪m‬و ك‪m‬ان خص‪m‬مًا أن هن‪m‬اك انتم‪m‬اء يرج‪m‬ع اجلمي‪m‬ع إلي‪m‬ه وطن‪ًm‬ا أو قبيل‪ًm‬ة وحنوه ‪،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫وذلك مبا يدل على ذلك كما قال إبراهيم عليه السالم ﮋ ﮟﮊ ‪.‬‬
‫أن التفاوض أو النقاش واحلوار وحنوه م‪m‬ع أح‪m‬د ال يع‪m‬ين الدميوم‪m‬ة ‪ ،‬ب‪m‬ل هن‪m‬اك س‪m‬اعة ومواض‪m‬ع‬ ‫‪-4‬‬
‫ﮢ ﮣ ﮊ‪.‬‬ ‫جيب أن حيصل فيها الفراق إذا اقتضت املصلحة ذلك ﮋ ﮠ ﮡ‬
‫ما جرى بين إبراهيم عليه السالم وبين المالئكة الكرام المرسلين إلى قوم لوط‬ ‫‪-3‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﮊ (‪.)2‬‬

‫محاجة قومه له بالباطل‬ ‫‪-4‬‬


‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﮊ (‪.)3‬‬
‫وإبراهيم عليه السالم مبا ُعرف عنه من حلم ورمحة ﮋ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮊ (‪.)4‬‬
‫سابعا ‪ :‬ما حدث من مواقف نبي اهلل ورسوله ‪ ،‬إسماعيل عليه السالم‬
‫إمساعيل هو نيب اهلل ورسوله ابن إبراهيم عليه السالم وهو بشرى أبيه وصفه اهلل باحللم‬

‫‪ )(1‬سورة األنعام اآليات ‪.78 – 76‬‬


‫‪ )(2‬سورة هود آية‪.74‬‬
‫‪ )(3‬سورة األنعام آية‪.80‬‬
‫‪ )(4‬سورة هود اآلية ‪.75‬‬

‫‪140‬‬
‫وصدق الوعد وهو الذبيح الذي فداه اهلل بذبح عظيم ‪ ،‬وهو جد رسولنا حممد عليهما الصالة‬
‫والسالم ‪.‬‬
‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﮊ (‪. ) 1‬‬ ‫وفيه قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ‬
‫"أمر اهلل جل وعال نبيه ‪ ‬يف هذه اآلية الكرمية‪ :‬أن يذكر يف الكتاب وهو هذا القرآن‬
‫العظيم "جده إمساعيل" وأثىن عليه أعين إمساعيل بأنه كان صادق الوعد وكان رسوًال نبيًا "(‪.)2‬‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬ ‫‪ -1‬قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ‬
‫ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ‬ ‫ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬
‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬ ‫ﰓ ﰔ ﰕ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ‬
‫ﭧ‬ ‫ﭦ‬
‫(‪) 3‬‬
‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﮊ ‪.‬‬
‫ﮋ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﮊ "ولم يكن ذلك عرضا وقبوال فحسب بل جاء وقت‬
‫التنفيذ ‪ ،‬والكل ماض في سبيل التنفيذ ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﮊ ‪ ،‬يا له من موقف يعجز كل بيان عن‬
‫تصويره ويئط كل قلم عن تفسيره ويثقل كل لسان عن تعبيره شيخ في كبر سنه يحمل سكينا بيده‬
‫ويتل ولده وضناه باألخرى كيف قويت يده على حمل السكين وقويت عيناه على رؤيتها في يده‬
‫وكيف طاوعته يده األخرى على تل ولده على جبينه‪.‬؟ إنها قوة اإليمان وسنة االلتزام وها هو الولد مع‬
‫أبيه طوع يده يتصبر ألمر الله ويستسلم لقضاء الله ﮋ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﮊ‪ ،‬والموقف اآلن والد بيده‬
‫السكين وولد ملقى على الجبين ولم يبق إال توقف األنفاس للحظة التنفيذ ولكن‬
‫ﭠ ﭡ ﮊ "(‪.)4‬‬ ‫رحمة الله أوسع وفرجه من عنده أقرب ﮋ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ‬
‫وهنا تتجلى روعة مفاوضة اخلليل وابنه إمساعيل عليهما السالم"أما أنه أمره بالذبح فريشد‬
‫إليه أوال قول إبراهيم لولده أين أرى يف املنام أين أذحبك فانظر ماذا ترى ألن رؤيا األنبياء حق من‬
‫ناحية و ألن مفاوضة إبراهيم لولده يف هذا األمر اجللل تدل على أن هذا أمر البد منه من ناحية‬
‫(‪) 5‬‬
‫أخرى و إال ملا فاوضه تلك املفاوضة اخلطرية املزعجة اليت هي أول مراحل السعي إىل التنفيذ"‬

‫‪ )(1‬سورة مرمي اآلية ‪.54‬‬


‫‪ )(2‬أضواء البيان – مرجع سابق ج‪ 3‬ص ‪.437‬‬
‫‪ )(3‬سورة الصافات اآليات ‪.110 -99‬‬
‫‪ )(4‬أضواء البيان ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ ، 8‬ص‪.390‬‬
‫‪ )(5‬مناهل العرفان في علوم القرآن ‪ ،‬محمد عبد العظيم الزرقاني ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ، 1996 ،‬ج ‪ 2‬ص ‪. 164‬‬

‫‪141‬‬
‫وقدمساه اهلل عز وجل ‪ ،‬بالء عظيما‬
‫فليس بالًء فحسب قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮊ (‪. )1‬‬
‫من هداية اآليات في مجال التفاوض ما يلي ‪:‬‬
‫إبالغ اخلليل عليه السالم البنه إمساعيل أنه أمر من اهلل بوحي منه أنه يذبح إمساعيل وذلك‬ ‫ا‪-‬‬
‫عن طريق الرؤيا ورؤيا األنبياء وحي من اهلل ‪.‬‬
‫عرض األمر عليه ﮋ ﰅ ﰆ ﰇ ﮊ ﰈ ‪ ،‬ومل يأمره قصرًا ‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫أن إمساعيل أجاب أباه بإعالن استسالمه ألمر اهلل ‪ ،‬قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدين إن‬ ‫ج‪-‬‬
‫شاء اهلل من الصربين‪.‬‬
‫أسلما إبراهيم وإسماعيل جميعًا األمر إلى الله وتقدما لمباشرة التنفيذ ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﮊ‬ ‫د‪-‬‬
‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬ ‫أتت البشرى من اهلل ﮋ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬ ‫ه‪-‬‬
‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﮊ‪.‬‬

‫ثامنًا ‪ :‬ما حدث من مواقف مع نبي اهلل يعقوب عليه السالم ‪:‬‬
‫نيب اهلل يعقوب هو ابن إسحاق ابن إبراهيم عليه السالم وهو أبو يوسف عليهم مجيعًا الصالة‬
‫والسالم ويعقوب هو إسرائيل املذكور يف القرآن‪.‬‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬ ‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬ ‫‪ -1‬قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭾ ﭿ‬
‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬ ‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﯕ ﮊ (‪. ) 2‬‬ ‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫حسد إخوة يوسف أخوهم يوسف على حمبة والدهم له فأضمروا يف أنفسهم نار احلسد‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮊ (‪. ) 3‬‬ ‫فقالوا ﮋ ﮉ ﮊ ﮋ‬
‫فوّلد احلسد شرًا حيث قالوا ﮋ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮊ (‪.)4‬‬
‫وهذا الرأي على ما يظهر من سياق اآلية الكرمية أنه رأي أغلبية منهم حيث كان رأي‬

‫‪ )(1‬سورة الصافات اآلية ‪.106‬‬


‫‪ )(2‬سورة يوسف اآليات ‪.10 – 7‬‬
‫‪ )(3‬سورة يوسف اآلية ‪.8‬‬
‫‪ )(4‬سورة يوسف اآلية‪.9‬‬

‫‪142‬‬
‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﮊ(‪.)1‬‬ ‫واحد منهم قوله‪ :‬ﮋ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫وكل ذلك يعد من قبيل التفاوض فيما بينهم نتج عنه بعد املداوالت أن اختاروا إبعاده وعدم‬
‫قتله ‪ ،‬فعند ذلك "أمجعوا على التفريق بينه وبني ولده بضرب من االحتيال وقالوا ليعقوب يا أبانا‬
‫ما لك ال تأمنا على يوسف وقيل‪ :‬ملا تفاوضوا وافرتقوا على رأي املتكلم الثاين عادوا إىل يعقوب‬
‫عليه السالم وقالوا هذا القول ‪ ،‬وفيه دليل على أهنم سألوه قبل ذلك أن خيرج معهم يوسف‬
‫فأىب"(‪. )2‬‬

‫تفاوض نبي اهلل يعقوب عليه السالم مع أبنائه إخوة يوسف‬


‫ﯪ ﯫ ﯬ‬ ‫‪ -1‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬
‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬
‫ﰁ ﰂ ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫بعد املفاوضات فيما بينهم انتقل احلال إىل مرحلة التخطيط لتنفيذ مكرهم بأخيهم ‪ ،‬فأقبلوا‬
‫على أبيهم وقالوا له ﮋ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﮊ‪.‬‬
‫ومن ال‪mm‬دهاء أن ك‪mm‬ان الطلب بص‪mm‬يغة الس‪mm‬ؤال بـ ﮋ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﮊ وزين‪mm‬وا كالمهم ودلس‪mm‬وا‬
‫ﯪ‬ ‫بأهنم يتصفون بالنصح واحلفظ ألخيهم ‪ ،‬فطلبوا من قبيل املفاوضة ﮋ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬
‫ﮊ وقوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬ ‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ‬ ‫ﭦ ﭧ‬
‫(‪) 4‬‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮊ ‪.‬‬
‫"لم يزالوا بأبيهم حتى بعثه معهم ‪ ،‬فما كان إال أن غابوا عن عينيه‪ ،‬فجعلوا يشتمونه‬
‫ويهينونه بالفعال واملقال‪ ،‬وأمجعوا على إلقائه يف غيابت اجلب أي‪ :‬يف قعره على راعوفته‪ ،‬وهي‬
‫الصخرة اليت تكون يف وسطه‪ ،‬يقف عليها املائح ‪ -‬وهو الذي ينزل ليملي الدالء إذا قل املاء ‪-‬‬
‫والذي يرفعها باحلبل يسمى املاتح ‪ ،‬فلما ألقوه فيه‪ ،‬أوحى اهلل إليه أنه ال بَّد لك من فرج وخمرج‬
‫من هذه الشدة اليت أنت فيها‪ ،‬ولتخربن إخوتك بصنيعهم هذا‪ ،‬يف حال أنت فيها عزيز وهم‬
‫‪ )(1‬سورة يوسف اآلية‪.11‬‬
‫‪ )(2‬تفسري القرطيب ‪ ،‬حممد بن أمحد بن أيب بكر بن فرح القرطيب أبو عبد اهلل ‪ ،‬ج‪ 9‬ص ‪.138‬‬
‫‪ )(3‬سورة يوسف اآليات ‪. 14-11‬‬
‫‪ )(4‬سورة يوسف اآليات ‪.18 – 15‬‬

‫‪143‬‬
‫حمتاجون إليك‪ ،‬خائفون منك‪.‬‬
‫وذكر بكاء إخوة يوسف ‪ ،‬وقد جاءوا أباهم عشاء يبكون‪ ،‬أي يف ظلمة الليل ليكون أمشى‬
‫لغدرهم ﮋ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﮊ أي ثيابنا ﮋ ﭲ‬
‫ﭳ ﮊ أي‪ :‬يف غيبتنا عنه يف استباقنا ‪ ،‬وقوهلم ﮋ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﮊ أي‪ :‬وما أنت‬
‫مبصدق لنا يف الذي أخربناك من أكل الذئب له‪ ،‬ولو كنا غري متهمني عندك‪ ،‬فكيف وأنت تتهمنا‬
‫يف هذا‪ ،‬فإنك خشيت أن يأكله الذئب‪ ،‬وضمنا لك أن ال يأكله لكثرتنا حوله‪ ،‬فصرنا غري‬
‫مصدقني عندك‪ ،‬فمعذور أنت يف عدم تصديقك لنا واحلالة هذه ‪ ،‬ﮋ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮊ أي‪:‬‬
‫مكذوب مفتعل‪ ،‬ألهنم عمدوا إىل سخلة ذحبوها‪ ،‬فأخذوا من دمها فوضعوه على قميصه‪ ،‬ليومهوا‬
‫أنه أكله الذئب‪ ،‬قالوا ونسوا أن خيرقوه‪ ،‬وآفة الكذب النسيان‪.‬‬
‫وملا ظهرت عليهم عالئم الريبة مل يُر ج صنيعهم على أبيهم‪ ،‬فإنه كان يفهم عداوهتم له‪،‬‬
‫وحسدهم إياه على حمبته له من بينهم أكثر منهم‪ ،‬ملا كان يتوسم فيه من اجلاللة واملهابة اليت كانت‬
‫عليه يف صغره‪ ،‬ملا يريد اهلل أن خيصه به من نبوته ‪ ،‬وملا راودوه عن أخذه‪ ،‬فبمجرد ما أخذوه‬
‫أعدموه‪ ،‬وغيبوه عن عينيه‪ ،‬جاؤا وهم يتباكون وعلى ما متالئوا عليه يتواطئون‪ ،‬وهلذا ﮋ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮊ " (‪. ) 1‬‬
‫ومما يستنبط من اآليات الكرمية يف التفاوض ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن أصحاب املكر واخلديعة يعمدون إىل املفاوضات يف معزل فيما بينهم حىت خيرجوا إىل‬
‫رأي فيبادرون بالتخطيط ليتوجهو فيما بعد إىل مرحلة التنفيذ‪.‬‬
‫‪ -2‬االعتناء بالعدد ‪،‬ألن له الغلبة ‪ ،‬فسياق اآليات تدل على أهنم مجيعهم خططوا ﮋ ﮖ ﮗ‬
‫ﯪﮊ‪،‬‬ ‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮊ وطلب‪m‬وا من أبيهم ﮋ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬
‫وك ‪mm m m m m m m m m m m m m m m m m m m m‬ذلك ملا رجع ‪mm m m m m m m m m m m m m m m m m m m m‬وا إىل أبيهم ‪ ،‬وأرادوا الت ‪mm m m m m m m m m m m m m m m m m m m m‬ربير بالك ‪mm m m m m m m m m m m m m m m m m m m m‬ذب ‪:‬‬
‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬ ‫ﮋ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮊ ‪.‬‬
‫‪ -3‬يف التفاوض حيتاج املفاوض إىل التعزيز والرفقة اليت تعضده ‪ ،‬فوجود يعقوب عليه السالم‬
‫يف مقابل بنيه مع حرصه على يوسف ‪ ،‬وخوفه عليه ‪ ،‬وعد اطمئنانه لطلب إخوة يوسف ‪،‬‬

‫‪ )(1‬البداية والنهاية ‪ ،‬ابن كثري ‪ ،‬مكتبة املعارف ‪،‬بريوت ج ‪ 1‬ص ‪. 201‬‬

‫‪144‬‬
‫ومعذلك مل يزالوا بأبيهم حىت أخذوا ما أرادوا‪.‬‬
‫‪ -4‬عادة من يضمر املكر أن يزين لطلبه ويربر ويظهر حسن نيته ‪ ...‬ﮋ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬
‫ﯪﮊ ‪.‬‬
‫تاسعًا ‪ :‬ما حدث من مواقف مع نبي اهلل يوسف عليه السالم‬
‫يوسف ابن يعقوب عليهما السالم تعددت املواقف معه ومن آخر تلك املواقف ما حصل بينه‬
‫وهو عزيز أظهره اهلل ‪ ،‬وبني إخوته حني قدموا عليه وأرادوا الكيل وأمر عليه السالم بإخفاء‬
‫صواع امللك مث ﮋ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﮊ‪.‬‬
‫هنالك كان من إخوته اعرتاف بالفاقة ‪ ،‬واحلاجة إىل املساعدة ‪ ،‬والعون ‪ ، ...‬وقدموا حًال ‪،‬‬
‫ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ‬ ‫مفاوضني له ‪ ،‬فكان قوهلم‪ ،‬ﮋ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬
‫ﮊ (‪. ) 1‬‬
‫اس‪mm‬تثمر يوس‪mm‬ف ‪،‬علي‪mm‬ه الس‪mm‬الم ‪ ،‬ض‪mm‬عف ح‪mm‬اهلم وحيلتهم‪ ،‬وح‪mm‬اجتهم‪ ،‬لبي‪mm‬ان احلق وكش‪mm‬فه هلم‬
‫حيث قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮊ (‪ )2‬مع هذا املوقف التفاوضي ‪،‬‬
‫العجيب واملؤثر ‪ ،‬بني يوس‪mm m‬ف ‪ ،‬علي‪mm m‬ه الس‪mm m‬الم ‪ ،‬وإخوت‪mm m‬ه ‪ ،‬وال‪mm m‬ذي بس‪mm m‬ببه ع‪mm m‬اد إخ ‪mm‬وة يوس‪mm m‬ف إىل‬
‫رشدهم‪ ،‬وأيقظ قلوهبم‪ ،‬فتذكروا سوء فعلهم ‪ ،‬وظلمهم الص‪m‬ريح ‪ ،‬ليوس‪m‬ف وأخي‪m‬ه‪ ،‬ف‪m‬أقروا بش‪m‬ناعة‬
‫صنيعهم‪ ،‬وقدمو اعتذارهم‪ ،‬ليوسف‪ ،‬مث بينت اآليات طلبهم من أبيهم أن يستغفر هلم‪.‬‬

‫عاشرًا ‪ :‬ما حدث من مواقف مع نبي اهلل شعيب عليه السالم‬


‫ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬ ‫ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬ ‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬ ‫‪ -1‬قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ‬
‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬ ‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ‬ ‫ﭮ‬ ‫ﭬ ﭭ‬ ‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬ ‫ﭧ‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬ ‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ‬ ‫ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬ ‫ﮁ‬ ‫ﭿ ﮀ‬ ‫ﭾ‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬ ‫ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬ ‫ﮚ ﮛ‬ ‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫املأل من قوم شعيب ‪ ،‬يفاوضون ويهددون شعيب والذين آمنوا معه ‪ ،‬بإخراجهم من القرية ‪،‬‬

‫‪ )(1‬سورة يوسف اآلية ‪.78‬‬


‫‪ )(2‬سورة يوسف آية ‪.90-89‬‬
‫‪ )(3‬سورة األعراف آيات ‪.91 – 88‬‬

‫‪145‬‬
‫أو أهنم يعودون يف ملتهم ‪،‬ومما يدعم التفاوض إظهار إرادة اخلري للغري وخاصة أطراف التفاوض‪.‬‬
‫‪ -2‬قوله تعالى ‪ :‬ﮋ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬ ‫ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ‬ ‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬ ‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬
‫ﯭ ﯮ ﮊ (‪.)1‬‬ ‫ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬ ‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫ومما يستفاد ويستنبط من اآليات الكرمية يف التفاوض ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬التذكري باالنتماء إىل قوم واحد ﮋ ﮊ ﮊ ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﮋ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮊ‪.‬‬
‫‪ -3‬يش ‪mm‬عر املقاب ‪mm‬ل وإن ك ‪mm‬ان خمالف ‪ًm‬ا ب ‪mm‬احلرص علي ‪mm‬ه وعلى مص ‪mm‬لحته وإرادة اخلري لـه ‪ ،‬كم ‪mm‬ا ق ‪mm‬ال‬
‫شعيب عليه السالم لقومه ﮋ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﮊ (‪.)2‬‬
‫وكل هذه احملاوالت بذلت يف الدعوة إىل اهلل مع طلب اإلصالح االجتماعي بالدعوة إىل‬
‫إقامة العدل يف البيع والشراء كما يف دعوة شعيب لقومه‪.‬‬
‫حادي عشر ‪ :‬تفاوض نبي اهلل موسى مع شعيب عليهما السالم‪.‬‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ‬ ‫قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﯖ ﯗ‬ ‫‪-1‬‬
‫ﯾ ﯿ ﰀ‬ ‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‬
‫ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﮊ(‪.)3‬‬
‫موسى عليه السالم مع الرجل الصاحل من أهل مدين حني فاوض موسى وقدم له طلب بأن‬
‫يعقد معه عقد إجارة مقابل تزوجيه إحدى ابنتيه ويعد هذا من قبيل التفاوض االجتماعي إذ يتم فيه‬
‫زواج موسى عليه السالم من إحدى ابنيت شعيب ‪.‬‬

‫‪ )(1‬سورة هود اآليات ‪.95 - 89‬‬


‫‪ )(2‬سورة هود اآلية ‪.88‬‬
‫‪ )(3‬سورة القصص اآلية ‪.28‬‬

‫‪146‬‬
‫بدأ شعيب بعرض أمر تزويج إحدى ابنتيه بمقابل إجارة موسى ويعد ذلك تفاوضًا ‪ ،‬حيث‬
‫قال لموسى‪ " :‬ﮋ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﮊ أي أزوجك ﮋ ﯛ ﯜ ﯝ ﮊ ﮋ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﮊ أي سنين‬
‫جمع حجة وهي السنة وقوله ﮋ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﮊ أي إحسانا منك وكرما‪ ،‬ﮋ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﮊ‬
‫بطلب العشرة ‪ ،‬ﮋ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﮊ أي الذين يوفون بعهودهم قال موسى ردًا على كالمه ﮋ‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﮊ أنا علَّي أن أفي بما اشترطت علَّي وأنت عليك أن تفي بما اشترطت لي على نفسك ﮋ‬
‫ﯼ ﯽ ﮊ الثمانية أو العشرة‬
‫ﮋ ﯾ ﮊ أي وفيت وأديت ﮋ ﯿ ﰀ ﰁ ﮊ أي بطلب الزيادة على الثمانية وال على العشرة‪ .‬فقال شعيب‪:‬‬
‫نعم ﮋ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﮊ فأشهد الله تعالى على صحة العقد وبذلك أصبح موسى زوجًا البنة شعيب‬
‫التي عّينها له والغالب أنها الكبرى التي شهدت له باألمانة والقوة"‪ 1‬لما رأته من موسى عليه السالم كما‬
‫ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﮊ (‪.)2‬‬ ‫جاء في قوله تعالى ‪ :‬ﮋ ﮩ ﮪ‬

‫من المعاني التي يستفاد منها في التفاوض في هذا الموقف ما يلي ‪:‬‬
‫أن طلب اإلجارة مما حيصل فيه التفاوض ‪ ،‬وكذلك طلب التزوجييحصل فيه التفاوض ‪ ،‬ويعد‬
‫تفاوضًا اجتماعيًا "تأجرين أي تأجر نفسك مين أو تكون يل أجريا أو تثيبين من أجرك اهلل ‪،‬‬
‫فمن عندك ‪ ،‬فإمتامه من عندك تفضال ال من عندي إلزاما عليك وهذا استدعاء العقد ال نفسه‬
‫فلعله جرى على أجره معينة ومبهر آخر أو برعية األجل األول ووعد له أن يويف األخري إن‬
‫تيسر له قبل العقد وكانت األغنام للمزوجة مع أنه ميكن اختالف الشرائع يف ذلك ‪ ،‬ستجدين‬
‫إن شاء اهلل من الصاحلني أي يف حسن املعاملة ولني اجلانب والوفاء باملعاهدة"(‪.)3‬‬
‫"قال الشيخ ‪ ،‬ملوسى عليه السالم ‪ :‬إين أريد أن أزِّو جك إحدى ابنَّيت هاتني‪ ،‬على أن تكون‬
‫أجًريا يل يف رعي ماشييت مثاين سنني مقابل ذلك‪ ،‬فإن أكملت عشر سنني فإحسان من عندك‪ ،‬وما‬
‫أريد أن أشق عليك جبعلها عشرا‪ ،‬ستجدين إن شاء اهلل من الصاحلني يف حسن الصحبة والوفاء مبا‬
‫قلُت "(‪.)4‬‬
‫‪ )(1‬أيسر التفاسري ‪ ،‬للجزائري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ 4‬ص ‪.68-67‬‬
‫‪ )(2‬سورة القصص اآلية ‪.26‬‬
‫‪ )(3‬تفسري البيضاوى ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ 4‬ص ‪.290‬‬
‫‪ )(4‬التفسري امليسر ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.64‬‬

‫‪147‬‬
‫والرتغيب يف االتفاق املفاوضات أمر مطلوب ومستحسن وينبغي الرتغيب أن يكون على‬
‫حقيقة وهذا ما فعله شعيب"فرغبه يف سهولة العمل‪ ،‬ويف حسن املعاملة‪ ،‬وهذا يدل على أن الرجل‬
‫الصاحل‪ ،‬ينبغي له أن حيسن خلقه مهما أمكنه‪ ،‬وأن الذي يطلب منه‪ ،‬أبلغ من غريه"(‪.)1‬‬
‫وكان الذي بدأ يف املفاوضات ‪ ،‬ودعى إىل التفاوض هو شعيب أبو البنتني وهذا ما تبني من‬
‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﮊ اآلية ‪.‬‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬ ‫ﯭ‬ ‫‪ -2‬قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪ ﯫ ﯬ‬
‫ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬ ‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬ ‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬ ‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬
‫ﯽ ﯾ ﯿ ﯻ‬ ‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯼ‬
‫ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫ذهاب موسى وهارون عليهما السالم إلى فرعون وملئه ابتداًء ‪ ،‬هي دعوة إلى اهلل‬
‫ﮊ (‪.) 3‬‬ ‫ﮦ‬ ‫ﮤ ﮥ‬ ‫سبحانه‪ ،‬وامتثال ألمره جل وعال قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮢ ﮣ‬
‫ومعلوم أن الدعوة إىل اهلل ‪ ،‬متر مبراحل وقد حيدث فيها من التفاوض ‪ ،‬أو اجلدال أو احلوار‬
‫وحنو ذلك ومما يستنبط من اآليات الكرمية يف التفاوض يف اجلانب الدعوي عند الطلب ‪ ،‬أن يكون‬
‫الندا بأحب األمساء للمدعو ولو كان من اهلالكني ﮋ ﯱ ﯲ ﯳ ﮊ ومن مث يعّر ف الداعية‬
‫بنفسه ‪ ،‬ﮋ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﮊ ويبني ما أتى به ‪ ،‬وما يدعو إليه بأوضح بيان وأهبى صورة ‪:‬‬
‫ويستفاد من ثنايا هذه اآليات الكرميات أن بنّي موسى عليه السالم ‪ ،‬لفرعون وملئه"َلَقْد َأْر َس َليِن‬
‫َر يِّب َو َر ُّب الَعاَلِم َني ِإَلْيَك ‪َ ،‬و ُه َو الِذ ي َخ َلَق ُك َّل َش يٍء يِف َه ذا الُو ُج وِد ‪َ .‬و َج ِديٌر يِب ‪َ ،‬و َح ٌّق َعَلَّي ﮋ‬
‫ﭑ ﭒ ﮊ ‪َ ،‬أْن َال َأ ِرَت ي َلى اِهلل َك ِذبًا ‪َ ،‬أْن َال َأُقوُل إَّال ا َّق الِص ْدَق ‪ِ ،‬ل ا َأْع َل ِم الِل َش ْأِنِه‬
‫َم ُم ُه ْن َج‬ ‫َحل َو‬ ‫َو‬ ‫ْف َع‬
‫َو َعَظَم ِتِه ‪َ ،‬و َلَقْد ِج ْئُتُك ْم ُحِبَّج ٍة َقاِط َعٍة ‪ِ ،‬م ْن َر ِّبُك ْم َتُد ُّل َعَلى ِص ْد ِقي ِفيَم ا ِج ْئُتُك ْم ِبِه ‪َ ،‬فاَمْسْح ِلَبيِن‬
‫ِإْس َر اِئيَل َأْن ْخَيُر ُج وا ِم ْن َأْر ِض ِم ْص َر ‪َ ،‬و َح ِّر ْر ُه ْم ِم ْن ِر ْبَق ِة الُعُبوِدَّيِة اليِت َفَر ْض َتَه ا َعَلْيِه ْم ‪ "،‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ‬
‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﮊ ‪ . .‬فما كان الرسول الذي يعلم حقيقة اهلل ‪ ،‬ليقول عليه إال احلق ‪ ،‬وهو يعلم‬
‫‪ )(1‬تيسري كالم الرمحن ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ج‪ 1‬ص ‪.614‬‬
‫‪ )(2‬سورة األعراف اآليات ‪.120 ، 103‬‬
‫‪ )(3‬سورة طه اآلية ‪.20‬‬

‫‪148‬‬
‫قدره؛ وجيد حقيقته ‪ -‬سبحانه ‪ -‬يف نفسه ﮋ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﮊ ‪. .‬تدلكم على صدق قويل ‪:‬‬
‫إين رسول من رب العاملني ‪ ،‬وباسم تلك احلقيقة الكبرية ‪ . .‬حقيقة الربوبية الشاملة للعاملني ‪. .‬‬
‫طلب موسى من فرعون أن يطلق معه بين إسرائيل إن بين إسرائيل عبيد هلل وحده؛ فما ينبغي أن‬
‫يعبدهم فرعون لنفسه! إن اإلنسان ال خيدم سيدين ‪ ،‬وال يعبد إهلني ‪ .‬فمن كان عبدًا هلل ‪ ،‬فما‬
‫ميكن أن يكون عبدًا لسواه ‪ .‬وإذ كان فرعون إمنا يعبد بين إسرائيل هلواه؛ فقد أعلن له موسى أن‬
‫رب العاملني هو اهلل ‪ .‬وإعالن هذه احلقيقة ينهي شرعية ما يزاوله فرعون من تعبيد بين إسرائيل ‪،‬‬
‫إن إعالن ربوبية اهلل للعاملني هي بذاهتا إعالن حترير اإلنسان ‪ .‬حتريره من اخلضوع والطاعة والتبعية‬
‫والعبودية لغري اهلل ‪ .‬حتريره من شرع البشر ‪ ،‬ومن هوى البشر ‪ ،‬ومن تقاليد البشر ‪ ،‬ومن حكم‬
‫البشر ‪ ،‬وإعالن ربوبية اهلل للعاملني ال جيتمع مع خضوع أحد من العاملني لغري اهلل؛ وال جيتمع مع‬
‫حاكمية أحد بشريعة من عنده للناس ‪ ،‬والذين يظنون أهنم مسلمون بينما هم خاضعون لشريعة‬
‫من صنع البشر ‪ -‬أي لربوبية غري ربوبية اهلل ‪ -‬وامهون إذا ظنوا حلظة واحدة أهنم مسلمون! إهنم ال‬
‫يكونون يف دين اهلل حلظة واحدة وحاكمهم غري اهلل ‪ ،‬وقانوهنم غري شريعة اهلل ‪ .‬إمنا هم يف دين‬
‫حاكمهم ذاك ‪ .‬يف دين امللك ال يف دين اهلل ‪ ،‬وعلى هذه احلقيقة ُأمر موسى ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬أن‬
‫يبين طلبه من فرعون إطالق بين إسرائيل ‪ :‬ﮋ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﮊ ﮋ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﮊ "(‪.)1‬‬
‫وقد تكررت قصة موسى عليه السالم ‪ ،‬يف القرآن الكرمي يف عدد من السور ‪ ،‬وقد عرضت‬
‫آيات الذكر احلكيم‪ ،‬ما حدث فيها من مواقف‪ ،‬وأحداث‪ ،‬ومنها ما جرى جمرى التفاوض حيث‬
‫كانت قصة موسى عليه السالم ‪،‬أكثر قصص األنبياء ورودًا يف القرآن‪ ،‬تارًة باإلسهاب وتارًة‬
‫باإلشارة وهي من القصص اليت تزخر بالدروس والفوائد يف جمال التعامل مع اآلخرين ال سيما جمال‬
‫التفاوض على الصعيد السياسي واالجتماعي واإلداري ‪. ...‬‬
‫ويقتضي مقام الدعوة إظهار احلقائق والصدع باحلق ‪ ،‬واستخدام الوسائل واألساليب اليت‬
‫ختدم أهداف الدعوة‪ ،‬مع األخذ يف االعتبار مبراعاة احلال ‪ ،‬ومما مت إعالم فرعون به من حقائق‪ ،‬أن‬
‫موسى متصف باألمانة ‪،‬وينهاهم عن االستعالء الذي هو من صفات املستكربين وما يؤول إليه‬
‫مآهلم من اخلسران يف الدارين ‪ ،‬ففي قوله تعاىل‪ :‬ﮋﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﮊ "أي مأمون على ما‬
‫أبلغكموه‪ ،‬وقوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﮊ أي ال تستكربوا عن اتباع آياته واالنقياد‬

‫‪ )(1‬النبوة واألنبياء يف القرآن والسنة ‪ ،‬علي بن نايف الشحود ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪ ، 51‬موقع املكتبة الشاملة ‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫حلججه واإلميان برباهينه كقوله عز وجل‪ :‬ﮋ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﮊ‬
‫ﮋ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﮊ أي حبجة ظاهرة واضحة وهي ما أرسله اهلل تعاىل به من اآليات البينات‬
‫واألدلة القاطعات‪ .‬ﮋ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﮊ قال ابن عباس رضي اهلل عنهما وأبو صاحل‪ :‬هو الرجم‬
‫باللسان وهو الشتم‪ .‬وقال قتادة‪ :‬الرجم باحلجارة أي أعوذ باهلل الذي خلقين وخلقكم من أن‬
‫تصلوا إيل بسوء من قول أو فعل ﮋ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮊ أي فال تتعرضوا يل ودعوا األمر بيين‬
‫وبينكم مساملة إىل أن يقضي اهلل بيننا‪ .‬فلما طال مقامه ‪ ‬بني أظهرهم وأقام حجج اهلل تعاىل‬
‫عليهم‪ .‬كل ذلك وما زادهم ذلك إال كفرًا وعنادًا‪ ،‬دعا ربه عليهم دعوة نفذت فيهم"(‪. )1‬‬
‫فلما اختذ موسى عليه السالم كل السبل والطرق مع فرعون وملئه فلم يستجيبوا حىت‬
‫مطالبتهم بأن خيلوا بينه وبينهم ويعتزلوه وأن يؤدوا إليه بنوا إسرائيل ومل تنفع معهم أي مفاوضات‬
‫أو حوارات وحنوه رفضوا وأصروا عنادًا واستكبارًا ‪ ،‬فما كان من موسى عليه السالم ‘إال أن قام‬
‫" ﮋ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﮊ فعند ذلك أمره اهلل تعاىل أن خيرج ببين إسرائيل من بني أظهرهم من‬
‫ﭴ ﮊ كما قال‬ ‫غري أمر فرعون ومشاورته واستئذانه وهلذا قال جل جالله‪ :‬ﮋ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫تعاىل‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﮊ‪.‬وقوله عز وجل ههنا‪:‬‬
‫ﮋ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﮊ " (‪. ) 2‬‬
‫وكان على كل من علم بقصة موسى مع فرعون وما جرى فيها من أحداث أن يأخذ من‬
‫ذلك كله العضة والعربة اليت تدعو خلشية اهلل قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮊ (‪.)3‬‬
‫ومن لطائف ما جيري جمرى التفاوض يف هذه القصة املباركة أن اختار موسى عليه السالم‬
‫يوم مشهود يشهده بنوا إسرائيل وقوم فرعون وجنوده وذلك ألمهية الشهادة واملشاهدة والعيان‬
‫فليس اخلرب كاملشاهدة ‪ ،‬وليس من رأى ‪ ،‬كمن مسع ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮫ ﮬ ﮊ (‪. ) 4‬‬ ‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫و"ذكر جّل وعال يف هذه اآلية الكرمية‪ :‬أن فرعون ملا وعد موسى بأنه يأيت بسحر مثلما جاء‬
‫به موسى يف زعمه قال ملوسى ﮋ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮊ واإلخالف‪ :‬عدم إجناز‬
‫‪ )(1‬تفسري ابن كثري ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪.171‬‬
‫‪ )(2‬تفسري ابن كثري ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬مرجع سابق ج‪ 4‬ص ‪.172‬‬
‫‪ )(3‬سورة النازعات اآلية ‪.26‬‬
‫‪ )(4‬سورة طه اآليات ‪. 59 – 58‬‬

‫‪150‬‬
‫الوعد‪ .‬وقرر أن يكون مكان االجتماع املناظرة و املغالبة يف السحر يف زعمه مكانًا ُس ًو ى‪ .‬وأصح‬
‫األقوال يف قوله ﮋ ﮣ ﮊ على قراءة الكسر و الضم ‪ :‬أهنم كان وسط تستوي أطراف البلد فيه‪.‬‬
‫لتوّس طها بينها ‪ ،‬فلم يكن أقرب للشرق من الغرب ‪ ،‬وال اجلنوب من الشمال‪ .‬وهذا هو معىن‬
‫قول املفسرين ﮋ ﮢ ﮣ ﮊ أي‪ :‬نصفًا وعدًال ليتمكن مجيع الناس أن حيضروا"(‪.)1‬‬
‫وتقدم أن قصة موسى عليه السالم وفرعون تكررت يف القرآن ففيها من الدروس والعرب‬
‫الشيء الكثري ومن املواضع اليت ذكرت فيها قصة موسى عليه السالم يف القرآن الكرمي ‪.‬‬
‫ﰜ‬ ‫‪ -3‬قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ‬
‫ﰝ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫ﮘ‬ ‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬
‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬ ‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ‬
‫ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫بنوا إسرائيل عندما رأوا أصنامًا تعبد طلب‪mm‬وا من موس‪mm‬ى ب‪mm‬أن جيع‪mm‬ل هلم إهلا كم‪mm‬ا هلم آهلة ‪ ،‬وبني‬
‫هلم موس ‪mm‬ى عظيم ذل ‪mm‬ك األم ‪mm‬ر ‪ ،‬كم ‪mm‬ا بني هلم عظيم فض ‪mm‬ل اهلل عليهم كم ‪mm‬ا ورد يف ق ‪mm‬ول اهلل تب ‪mm‬ارك‬
‫ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ‬ ‫وتعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬ ‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮊ (‪.)3‬‬ ‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬

‫ثاني عشر‪ :‬ما حدث مع نبي اهلل ورسوله عيسى عليه السالم‬
‫عيسى هو نيب اهلل ورسوله وهو من أويل العزم من الرسل وهو عيسى ابن مرمي كما جاء يف‬
‫القرآن وكلمة اهلل اليت ألقاها إىل مرمي ‪ ،‬وأرسله اهلل إىل بين إسرائيل وأيده باملعجزات وقد رفعه اهلل‬
‫إليه وينزل يف آخر الزمان ‪.‬‬
‫‪ -1‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬

‫‪ )(1‬أضواء البيان ‪ ،‬مرجع سابق ج‪ 4‬ص ‪.28‬‬


‫‪ )(2‬سورة طه اآليات ‪.64 – 49‬‬
‫‪ )(3‬سورة األعراف اآليات ‪.141 – 138‬‬

‫‪151‬‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬ ‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﮊ ‪.‬‬
‫ﭼ ﭽ‬ ‫‪ -2‬ﮋ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮊ ( ‪. ) 2‬‬

‫ثالث عشر ‪ :‬ما حدث من مواقف مع رسول اهلل نبينا محمد ‪‬‬
‫ورد يف القرآن الكرمي مواقف ووقائع وأحداث جرت مع رسولنا الكرمي ‪ ‬وتنوعت اآليات‬
‫فيها‪ ،‬فكان منها األمر والنهي ويف األخرى خرب ‪ ،‬وتعددت األساليب اليت جتري جمرى التفاوض‬
‫وذلك يف املعاملة وكان ‪ ‬يفاوض يف كل أمر يقتضي التفاوض ‪ ،‬من القضايا أو امللمات وغريها‬
‫واليت واجهت النيب ‪ ‬يف حياته‪ ،‬حبسب ما تقتضيه الوقائع واألحوال‪ ،‬فكان تفاوضه ‪ ‬من‬
‫أحسن وأقوى مفاوضات جرت يف هذه الدنيا ‪ ،‬وذلك امتثاًال لقوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬
‫ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﮊ (‪. )3‬‬
‫ويتجلى املنهج النبوي يف التفاوض والذي يعد كوسيلة هامة من وسائل الدعوة إىل اهلل‬
‫تعاىل‪ ،‬وقد جعل النيب ‪ ‬من التفاوض سبيًال لنشر الدعوة ‪ ،‬وكان بيان ذلك يف عدد من اآليات‬
‫الكرمية ومن تلك اآليات ما يلي ‪:‬‬
‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ‬ ‫‪-1‬‬
‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ (‪.)4‬‬
‫من المعلوم أن اليهود والنصارى كانوا يقيمون في جزيرة العرب والخطاب في هذه اآلية‬
‫الكريمة"يعم أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن جرى مجراهم‪ .‬ﮋ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﮊ‬
‫والكلمة تطلق على الجملة المفيدة‪ ،‬كما قال ههنا‪ ،‬ثم وصفها بقوله‪ :‬ﮋ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﮊ أي عدل ونصف نستوي نحن وأنتم فيها‪ ،‬ثم فسرها بقوله‪ :‬ﮋ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫ﮊ ال وثنًا وال صليبًا وال صنمًا وال طاغوتًا وال نارًا وال شيئًا‪ ،‬بل نفرد العبادة لله وحده ال شريك له‪،‬‬
‫‪ )(1‬سورة املائدة اآلية ‪.116 ، 112‬‬
‫‪ )(2‬سورة الزخرف اآلية ‪.64 ، 63‬‬
‫‪ )(3‬سورة النحل اآلية ‪.125‬‬
‫‪ )(4‬سورة آل عمران آية ‪.64‬‬

‫‪152‬‬
‫ﭝ ﭞ‬ ‫وهذه دعوة جميع الرسل‪ ،‬قال الله تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﭟ ﮊ‬
‫مث قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮊ ‪ ،‬قال ابن جريج‪ :‬يعين يطيع بعضنا بعضًا‬
‫يف معصية اهلل‪ ،‬ﮋ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ أي فإن تولوا عن هذا النصف وهذه الدعوة‪،‬‬
‫َفَأْش هدوهم أنتم على استمراركم على اإلسالم الذي شرعه اهلل لكم"(‪.)2‬‬
‫وفي هذا الخطاب القرآني ألهل الكتاب ودعوتهم ومفاوضتهم يتجلى ما يلي ‪:‬‬
‫ا‪ -‬يدعوهم الرسول ‪ ‬إىل اهلل‪.‬‬
‫ب‪ -‬حتدد وتعني الطلب من أهل الكتاب ومنهم نصارى جنران ﮋ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﮊ ومت‬
‫تفسري الكلمة كما تقدم من أقوال املفسرين‪ ،‬رمحهم اهلل ‪ ،‬وجرى املوقف على سبيل‬
‫املفاوضة مع نصارى جنران ‪ ،‬ولذلك طلبوا من رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن‬
‫ينظرهم لينظروا يف أمرهم ويرجعون إىل بعضهم قبل اختاذ القرار األخري ‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫ج‪ -‬روعة البيان‪ ،‬ومشوله‪ ،‬ووضوحه‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮊ وقال تعاىل ‪:‬‬

‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﮊ (‪. ) 4‬‬
‫د‪ -‬اإلجياز يف أبلغ عبارة‪ ،‬حيث دلت اآلية وهي حمدودة الكلمات على معاين بليغة‬
‫وواضحة ال يعرتيها لبس‪.‬‬
‫ه‪ -‬يظهر جليًا وضوح املقصد والغاية من طلب الرسول صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬يف‬
‫مفاوضتهم ‪ ،‬ودعوهتم ‪ ،‬كما يتجلى عدل النيب يف طلبه منهم ‪.‬‬
‫ويستنبط من هذا القصة والعرض القرآين البديع لألحداث أمهية الدعوة عن طريق عرض‬
‫األمور اليت يتفق عليها األطراف وجيري ذلك يف التفاوض ويعني على القبول ‪.‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫"تعالوا إىل كلمة سواء بيننا وبينكم "ال خيتلف فيها الرسل والكتب ويفسرها ما بعدها "‬
‫أي"قل ألهل الكتاب من اليهود والنصارى ﮋ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﮊ أي‪ :‬هلموا جنتمع عليها‬
‫‪.25‬‬
‫‪)(1‬سورة األنبياء اآلية‬
‫‪ )(2‬تفسري ابن كثري مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪.56‬‬
‫‪ )(3‬سورة النساء اآلية ‪.122‬‬
‫‪ )(4‬سورة النساء اآلية ‪.87‬‬
‫‪ )(5‬تفسري البيضاوى ـ مرجع سابق ج‪ 2‬ص ‪.48‬‬

‫‪153‬‬
‫وهي الكلمة اليت اتفق عليها األنبياء واملرسلون‪ ،‬ومل خيالفها إال املعاندون والضالون‪ ،‬ليست خمتصة‬
‫بأحدنا دون اآلخر‪ ،‬بل مشرتكة بيننا وبينكم‪ ،‬وهذا من العدل يف املقال واإلنصاف يف اجلدال ‪ ،‬مث‬
‫فسرها بقوله ﮋ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﮊ فنفرد اهلل بالعبادة وخنصه باحلب واخلوف‬
‫والرجاء وال نشرك به نبيا وال ملكا وال وليا وال صنما وال وثنا وال حيوانا وال مجادا ﮋ ﭻ ﭼ ﭽ‬
‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮊ بل تكون الطاعة كلها هلل ولرسله‪ ،‬فال نطيع املخلوقني يف معصية اخلالق‪ ،‬ألن‬
‫ذلك جعل للمخلوقني يف منزلة الربوبية‪ ،‬فإذا دعي أهل الكتاب أو غريهم إىل ذلك‪ ،‬فإن أجابوا‬
‫كانوا مثلكم‪ ،‬هلم ما لكم وعليهم ما عليكم‪ ،‬وإن تولوا فهم معاندون متبعون أهواءهم فأشهدوهم‬
‫أنكم مسلمون"(‪.)1‬‬
‫ويتبني أن من األخالق القرآنية يف التفاوض ‪ ،‬عدم تفضيل فريق على آخر ‪ ،‬بني الفريقني ‪،‬‬
‫مع أن فريق معه احلق ‪ ،‬وفريق يتبع الضالل ‪ ،‬والباطل ‪.‬‬
‫ﭾ ﭿ‬ ‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬ ‫ﮋﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬
‫ﮉﮊ ه‪mm‬ذه اآلي‪mm‬ة الكرمية ‪،‬ك‪mm‬ان الن‪mm‬يب ‪ ‬يكتب هبا إىل مل‪m‬وك أه‪mm‬ل‬ ‫ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫الكتاب"(‪.)2‬‬
‫مث نبتهل مفاوضة تكون على أهبة االستعداد‪.‬‬
‫"فنجعل ‪ :‬عطف على قوله ‪ :‬نبتهل لعنة اهلل "مصدر " على الكاذبني "مّنا ومنكم يف أمر‬
‫عيسى ‪ ،‬فلّم ا قرأ رسول الّله ‪ ‬هذه اآلية على وفد جنران ودعاهم إىل املباهلة قالوا ‪ :‬حىت نرجع‬
‫وننظر يف أمرنا ّمث نأتيك غدًا ‪ .‬فخال بعضهم ببعض ‪ ،‬فقالوا للعاقب وكان ذا رأيهم ‪ :‬يا عبد‬
‫املسيح ما ترى ؟ فقال ‪ :‬والّله يامعشر الّنصارى لقد عرفتم أّن حممدًا نٌيب مرسل ولقد جاءكم‬
‫بالفصل من أمر صاحبكم ‪ ،‬والّله ما ال عن قوم نبيًا قط فعاش كبريهم و ال نبت صغريهم ولئن‬
‫نعلم ذلك لنهلكّن ‪ .‬فإن رأيتم إّال البقاء لدينكم واإلقامة على ما أنتم عليه من القول فيصاحبكم‬
‫فوادعوا الّر جل وانصرفوا إىل بالدكم ‪ ،‬فأتوا رسول الّله ‪ ‬وقد غدا رسول الّله حمتضنًا احلسني‬
‫آخذًا بيد احلسن و فاطمة متشي خلفه وعلي ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬خلفها وهو يقول هلم ‪ :‬إذا أنا‬
‫دعوت فَأّم نوا ‪.‬‬

‫‪ )(1‬تيسري الكرمي الرمحن ‪ ،‬بن سعدي ‪ ،‬مرجع سابق ج‪ 1‬ص ‪.133‬‬


‫‪ )(2‬املرجع السابق ج‪ 1‬ص ‪.968‬‬

‫‪154‬‬
‫فقال أسقف جنران ‪ :‬يامعشر الّنصارى إيّن ألرى وجوهًا لو سألوا الّله أن يزيل جبًال من‬
‫مكانه ألزاله ‪ ،‬فال تبتهلوا فتهلكوا و ال يبقى على وجه األرض نصراين إىل يوم القيامة ‪ .‬فقالوا ‪ :‬يا‬
‫أبا القاسم قد رأينا أن ال نال عنك‪ ،‬وأن نرتكك على دينك و نثبت على ديننا ‪ .‬فقال رسول الّله‬
‫‪ ‬فإن أبيتم املباهلة فأسلموا يُك ن لكم ما للمسلمني ‪ ،‬وعليكم ما عليهم ‪ .‬فأبوا ‪ .‬قال ‪ :‬فإيّن‬
‫ُأنابذكم باحلرب ‪ .‬فقالوا ‪ :‬مالنا حبرب العرب طاقة ولكّنا نصاحلك على أن التغزونا وال خُت يفنا وال‬
‫ترّدنا عن ديننا على أن نؤدي إليك كل عامأ لفيسّك ة ألفًا يف صفر و ألفًا يف رجب ‪ .‬فصاحلهم‬
‫رسول الّله ‪ ‬على ذلك ‪ .‬وقال ‪ :‬والذي نفسي بيده إّن العذاب قد نزل يف أهل جنران و لو‬
‫تالعنوا ُملسخوا قردة وخنازير والضطرم عليهم الوادي نارًا ‪ ،‬و الستأصل الّله جنران وأهله حىّت‬
‫الطري على الشجر و ملا حال احلول على النصارى كلهم حىت هلكوا"(‪. )1‬‬
‫واملتأمل لقصة وفد نصارى جنران مع النيب صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬جيد أن ما حصل فيها منذ البداية‬
‫حىت النهاية على مصاحلة وفد نصارى جنران وموادعتهم النيب صلى اهلل عليه وسلم على مال يدفع‬
‫مقابل البقاء على دينهم ‪ ،‬دون حرهبم ‪ ،‬تعد من قبيل املفاوضة‪.‬‬
‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬ ‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬ ‫‪-2‬‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫في هذه اآلية الكريمة‪ ،‬يسدد الله نبيه بالوحي في خطابه لقومه ويكون ذلك بعرضه للحق باألدلة‬
‫والحجج والبراهين ‪ ،‬ويجري مجرى التفاوض ‪ ،‬حيث نجد في قوله تعالى ‪":‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﮊ‬
‫يعني القرآن‪ ،‬ﮋ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﮊ أي من الصحف والوحي‪ ،‬ﮋ ﭞ ﮊ وهم بطون بني‬
‫إسرائيل المتشعبة من أوالد إسرائيل ‪ -‬وهو يعقوب االثنى عشر‪ ،‬ﮋ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﮊ يعني بذلك التوراة‬
‫واإلنجيل‪ ،‬ﮋ ﭣ ﭤ ﭥ ﮊ وهذا يعم جميع األنبياء جملة ﮋ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﮊ يعني‪ :‬بل نؤمن‬
‫بجميعهم ﮋ ﭫ ﭬ ﭭ ﮊ فاملؤمنون من هذه األمة يؤمنون بكل نيب أرسل‪ ،‬وبكل كتاب أنزل‪ ،‬ال‬
‫يكفرون بشيء من ذلك‪ ،‬بل هم يصدقون مبا أنزل من عند اهلل‪ ،‬وبكل نيب بعثه اهلل"(‪ )3‬والتعامل مع‬
‫املخالفني وخاصة يف القضايا اهلامة وأمهها موضوع الدعوة إىل التوحيد وإفراد اهلل سبحانه بالعبادة‬

‫‪ )(1‬الكشف والبيان ـ مرجع سابق ج‪ 3‬ص ‪.85‬‬


‫‪ )(2‬سورة آل عمران اآلية ‪.84‬‬
‫‪ )( 3‬تفسري القرآن العظيم ‪،‬بن كثري ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬ط ‪1414 ،‬هـ‪1994/‬م ج‪ 1‬ص ‪.465‬‬

‫‪155‬‬
‫ال شريك له ‪ ،‬ينطلق من منطلقات ثابتة وذلك ألن بعض املخالفني خيالف بال هدى ‪ ،‬وال كتاب‬
‫منري ‪ ،‬ويعرض عن احلق فنجد يف اآلية األمر الرباين بالبيان للمخالفني أن املؤمنني يؤمنون بأنبيائهم‬
‫وأنبياء خمالفيهم مجيعًا وال يفرقون بينهم ‪ ،‬فكلهم مرسلون من عند اهلل فكان جيب على املخالفني‬
‫إن أرادوا احلق ‪ ،‬اتباع مجيع األنبياء والرسل ومنهم حممد ‪. ‬‬
‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ‬ ‫‪-3‬‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﮊ (‪. ) 1‬‬
‫يستفاد من اآلية الكرمية أن مما يدعم التفاوض مع املخالفني وقت دعوهتم إبراز األدلة‬
‫والرباهني وطلب املخالف للنظر والتدبر بقلبه وفكره‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫(‪) 2‬‬
‫ﮗ ﮊ وذلك بعرض احلق والتجرد يف احلكم ‪ ،‬فاعلموا "إمنا أطلب منكم أن تقوموا قيامًا‬
‫خالصًا هلل ليس فيه تعصب وال عناد ﮋ ﯪ ﯫﮊ ‪ ،‬أي جمتمعني ومتفرقني‪ ،‬ﮋ ﯬ ﯭ ﮊ يف هذا الذي‬
‫جاءكم بالرسالة من اهلل أبه جنون أم ال‪ ،‬فإنكم إذا فعلتم ذلك بان لكم وظهر أنه رسول اهلل حقًا‬
‫وصدقًا" (‪ .)3‬وإعطاء املدعو سبل للنظر والتفكر والتدبر أحد أساليب التفاوض املؤثرة حيث أن‬
‫ذلك جيعل من نفسه قيمًا على نفسه مقررًا ملصريه بعد بيان احلق له أكمل بيان ‪.‬‬
‫ﭸﭹ‬ ‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬ ‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬ ‫‪-4‬‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬ ‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬ ‫ﭺ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ‬ ‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﮧ ﮨ ﮊ (‪. ) 4‬‬
‫يف ه‪mm‬ذه اآلي‪mm‬ة الكرمية ‪ ،‬يت‪mm‬بني اس‪mm‬تمرار كف‪mm‬ار ق‪mm‬ريش بالص‪mm‬د عن س‪mm‬بيل اهلل ‪ ،‬وعن دع‪mm‬وة احلق‪،‬‬
‫من نبين‪mm‬ا ‪ ، ‬ب‪mm‬اجلحود ت‪mm‬ارة ‪ ،‬وباملراوغ‪mm‬ة ت‪mm‬ارًة أخ‪mm‬رى ‪ ،‬إىل غ‪mm‬ري ذل‪mm‬ك من األس‪mm‬اليب ال‪mm‬يت تص‪mm‬د عن‬
‫السبيل وعن الصراط املستقيم ‪ ،‬وحانت فرصة هلم ملراجعتهم ‪ ،‬ومفاوضتهم النيب ‪ ‬لدى عمه أب‪mm‬و‬
‫ِف‬
‫طالب فــ" َلَّم ا َم ِر َض َأُبو َطاَلٍب َدَخ َل َعَلْيِه َر ْه ٌط ِم ْن ُقَر ْيٍش ‪ ،‬يِه ْم َأُبو َج ْه ٍل ‪َ ،‬فَق اُلوا‪ِ :‬إَّن اْبَن َأِخ ي‪َm‬ك‬
‫َيْش ُتُم آَهِلَتَن ا‪َ ،‬و َيْف َع ُل َو َيْف َع ُل‪َ ،‬و َيُق وُل َو َيُق وُل ‪َ ،‬فَل و َبَعْثَت ِإَلْي ِه َفَنَهْيَت ُه؟ َفَبَعَث ِإَلْي ِه‪َ ،‬فَج اَء الَّنُّيِب ‪‬‬

‫‪ )(1‬سورة سبأ اآلية ‪.46‬‬


‫‪ )(2‬سورة حممد اآلية ‪٢٤‬‬
‫‪ )(3‬تفسري ابن كثري ‪ ،‬دار الفكر مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪.329 -330‬‬
‫‪ )(4‬سورة ص اآلية ‪.8‬‬

‫‪156‬‬
‫َف َد َخ َل اْلَبْيَت ‪َ ،‬و َبْيَنُه ْم َو َبَنْي َأيِب َط اِلٍب َق ْد ُر ْجَمِلِس َرُج ٍل ‪َ ،‬ق اَل ‪َ :‬فَخ ِش َي َأُب و َج ْه ٍل ِإْن َج َلَس ِإىَل‬
‫َج ْنِب َأيِب َط اِلٍب َأْن َيُك وَن َأَّرَق َل ُه َعَلْي ِه‪َ ،‬فَو َثَب َفَج َلَس يِف َذِلَك اْلَم ْج ِلِس ‪َ ،‬و ْمَل ِجَي ْد َرُس وُل الَّل ِه ‪‬‬
‫ْجَمِلًس ا ُقْر َب َعِّم ِه‪َ ،‬فَج َلَس ِعْنَد اْلَباِب ‪َ ،‬فَق اَل َلُه َأُبو َطاِلٍب ‪َ :‬أِي اْبَن َأِخ ي‪َ ،‬م ا َباُل َقْو ِم َك َيْش ُك وَنَك ؟‬
‫وُل الَّل ِه‬ ‫ِل‬ ‫ِه ِم‬
‫َيْز ُعُم وَن َأَّن َك َتْش ُتُم آَهِلَتُه ْم ‪َ ،‬و َتُق وُل َو َتُق وُل ‪َ ،‬ق اَل ‪َ :‬و َأْك َثُر وا َعَلْي َن اْلَق ْو ‪َ ،‬و َتَك َّلَم َرُس‬
‫‪َ ، ‬فَق اَل ‪َ":‬يا َعِّم ‪ِ ،‬إيِن ُأِر يُد ُه ْم َعَلى َك ِلَم ٍة َو اِح َد ٍة َيُقوُلوَنَه ا َتِديُن ُهَلْم َهِبا اْلَع َر ُب ‪َ ،‬و ُتَؤ ِّدي ِإَلْيِه ْم َهِبا‬
‫اْلَعَج ُم اِجْلْز َيَة"‪َ ،‬فَف ِز ُعوا ِلَك ِلَم ِتِه َو ِلَق ْو ِلِه‪َ ،‬و َقاُلوا‪َ :‬ك ِلَم ٌة َو اِح َد ٌة ! َنَعْم وَأِبيَك َعْش ًر ا‪َ ،‬فَق اُلوا‪َ :‬و َم ا ِه َي ؟‬
‫َو َق اَل َأُب و َط اِلٍب ‪َ :‬و َأُّي َك ِلَم ٍة ِه َي َي ا اْبَن َأِخ ي؟ َفَق اَل ‪":‬ال ِإَل َه ِإال الَّل ُه"‪َ ،‬فَق اُموا َف ِز ِعَني َيْنُفُض وَن‬
‫ﭻ ﭼ ﭽ‬ ‫ﭸﭹ ﭺ‬ ‫ﭷ‬ ‫ِثَي اَبُه ْم ‪َ ،‬و ُه ْم َيُقوُل وَن ‪ ":‬ﮋﭵ ﭶ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﭾ ﮊ"‬
‫إن الن‪m‬يب ‪‬يعلم علم اليقني حقيق‪m‬ة كلم‪m‬ة " ال إل‪m‬ه إال اهلل " وم‪m‬ا هي لوازمه‪m‬ا إن قيلت حبق ‪،‬‬
‫ويعي كفار قريش ذلك جيدًا فحني فاوضهم النيب ‪ ‬وطلب منهم أن يقولوها وهي كلم‪mm‬ة واح‪mm‬دة‬
‫وت‪mm m‬دين هلم هبا الع‪mm m‬رب وت‪mm m‬ؤدي هلم هبا العجم اجلزي‪mm m‬ة ‪ ،‬ك‪mm m‬ان منهم م‪mm m‬ا ك‪mm m‬ان من ال‪mm m‬ذهول والعجب‬
‫واالستنكار والصد واإلع‪m‬راض ‪ ،‬وت‪m‬بني ص‪m‬دهم عن احلق ‪ ،‬وال‪m‬ذي ق‪m‬د ترس‪m‬خ يف أفئ‪m‬دهتم ‪ ،‬رغم ك‪m‬ل‬
‫م‪mm‬ا بذل‪mm‬ه ‪ ‬من حس‪mm‬ن املفاوض‪mm‬ة وك‪mm‬رمي التعام‪mm‬ل معهم ‪ ،‬م‪mm‬ع الثب‪mm‬ات على احلق واملض‪mm‬ي ق‪mm‬دمًا يف دين‬
‫اهلل والدعوة إليه ممتثًال أمر اهلل ﮋﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﮊ (‪.)2‬‬

‫قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬ ‫‪-5‬‬


‫ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬ ‫ﮚ ﮛ ﮜ‬ ‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﯝ‬ ‫ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬ ‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯞ ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫يستفاد من هذه اآليات الكرميات أنه عادًة ما تتنوع أساليب املخالفني يف مفاوضاهتم حيث‬
‫ال يرغبون بأداء احلقوق ويعمدون إىل املقابلة باملراوغة والتعنت وحماولة التعجيز ملن يفاوضهم ويف‬

‫‪ )( 1‬تفسري القرآن العظيم ‪ ،‬عبد الرمحن بن حممد بن أيب حامت الرازي ‪ ،‬مكتبة الباز ‪،‬مكة‪،‬ط األوىل ‪ ،1997-1417،‬ج‬
‫‪10‬ص‪.3235‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ )(2‬سورة احلجر اآلية ‪٩٤‬‬
‫‪ )(3‬سورة اإلسراء اآليات‪.94 – 90‬‬

‫‪157‬‬
‫هذه اآليات "بني اهلل جل وعال يف هذه اآليات الكرمية شدة عناد الكفار وتعنتهم ‪ ،‬وكثرة‬
‫اقرتاحاهتم ألجل التعنت ال لطلب احلق‪ .‬فذكر أهنم قالوا له ‪ : ‬إهنم لن يؤمنوا له ـ أي‪ :‬لن‬
‫يصدقوه ـ حىت يفجر هلم من األرض ينبوعًا‪ ،‬وهو يفعول من نبع‪ :‬أي ماء غزير‪ ,‬ومنه قوله تعاىل‪:‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﮋ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﮊ‬
‫ﮋ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮊ ‪ ،‬أي‪ :‬بستان من خنيل وعنب‪ .‬فيفجر خالهلا‪ ،‬أي وسطها أهنارًا من‬
‫املاء‪ ،‬أو يسقط السماء عليهم كسفًا‪ :‬أي قطعًا كما زعم‪ .‬أي يف قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫ﭸ ﭹ ﮊ ﭺ (‪. ) 2‬‬ ‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫أو يأتيهم باهلل واملالئكة قبيًال‪ :‬أي معاينة‪ .‬قاله قتادة وابن جريج» كقوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﮊ (‪. )3‬‬
‫ﯕ ﮊ ‪ ،‬أي‪ :‬كتابًا من اهلل إىل كل رجل منا‪ ،‬ﮋ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬ ‫وقوله يف هذه اآلية ﮋ ﯔ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﮊ ‪ ،‬أي‪ :‬تنزيهًا لريب جل وعال عن كل ما ال يليق به‪ ،‬ويدخل فيه تنزيهه عن‬
‫العجز عن فعل ما اقرتحتم‪ ،‬فهو قادر على كل شيء‪ ،‬ال يعجزه شيء ‪ ،‬وأنا بشر أتبع ما يوحيه إيل‬
‫ريب"(‪ .)4‬واملتأمل يف مفاوضة قريش للنيب ‪ ‬ومطالبهم التعجيزية يوقن بعد رغبتهم يف اإلميان ‪،‬‬
‫وكان هذا املوقف الذي أّثر على نبينا ‪ ‬وهو من كمال اخللق ‪ ،‬فكان على إثره أن "انصرف‬
‫رسول اهلل ‪ ‬إىل أهله حزينًا أسفًا ملا فاته مما كان طمع فيه من قومه حني دعوه‪ ,‬وملا رأى من‬
‫مباعدهتم إياه"(‪.)5‬‬
‫وكثريًا من املفاوضني اليوم يتبع أساليب مماثلة يف التفاوض من املراوغة وحماولة تعجيز من‬
‫يفاوضون لنوايا ظاملة يف صدورهم ومما يتبني يف هذه اآلية الكرمية أن كفار قريش " قصر إدراكهم‬
‫عن التطلع إىل آفاق اإلعجاز القرآنية ‪ ،‬فراحوا يطلبون تلك اخلوارق املادية ‪ ،‬ويتعنتون يف‬
‫اقرتاحاهتم الدالة على الطفولة العقلية ‪ ،‬أو يتبجحون يف حق الذات اإلهلية بال أدب وال حترج ‪. .‬‬
‫مل ينفعهم تصريف القرآن لألمثال والتنويع فيها لعرض حقائقه يف أساليب شىت تناسب شىت العقول‬
‫‪.٢١‬‬
‫‪ )(1‬سورة الزمر اآلية‬
‫‪)(2‬سورة سبأ اآلية ‪. ٩‬‬

‫‪ )(3‬سورة الفرقان اآلية ‪.٢١‬‬

‫‪ )(4‬أضواء البيان ‪ ،‬مرجع سابق ج ‪ ، 3‬ص ‪.185 - 183‬‬


‫‪ )(5‬تفسري ابن كثري‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬مرجع سابق ج‪ 3‬ص ‪.80‬‬

‫‪158‬‬
‫واملشاعر ‪ ،‬وشىت األجيال واألطوار ‪ .‬ﮋ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﮊ وعلقوا إمياهنم بالرسول ‪ ‬بأن‬
‫يفجر هلم من األرض ينبوعًا! أو بأن تكون له جنة من خنيل وعنب يفجر األهنار خالهلا تفجريًا! أو‬
‫أن يأخذهم بعذاب من السماء ‪ ،‬فيسقطها عليهم قطعًا كما أنذرهم أن يكون ذلك يوم القيامة! أو‬
‫أن يأيت باهلل واملالئكة قبيًال يناصره ويدفع عنه كما يفعلون هم يف قبائلهم! أو أن يكون له بيت‬
‫من املعادن الثمينة ‪ .‬أو أن يرقى يف السماء ‪ .‬وال يكفي أن يعرج إليها وهم ينظرونه ‪ ،‬بل ال بد أن‬
‫يعود إليهم ومعه كتاب حمرب يقرأونه!‬
‫وتبدو طفولة اإلدراك والتصور ‪ ،‬كما يبدو التعنت في هذه المقترحات الساذجة ‪ .‬وهم يسوون‬
‫بين البيت المزخرف والعروج إلى السماء! أو بين تفجير الينبوع من األرض ومجيء الله سبحانه‬
‫والمالئكة قبيًال! والذي يجمع في تصورهم بين هذه المقترحات كلها هو أنها خوارق ‪ .‬فإذا جاءهم‬
‫بها نظروا في اإليمان له والتصديق به! وغفلوا عن الخارقة الباقية في القرآن ‪ ،‬وهم يعجزون عن اإلتيان‬
‫بمثله في نظمه ومعناه ومنهجه ‪ ،‬ولكنهم ال يلمسون هذا اإلعجاز بحواسهم فيطلبون ما تدركه‬
‫الحواس! ‪ ،‬والخارقة ليست من صنع الرسول ‪ ،‬وال هي من شأنه ‪ ،‬إنما هي من أمر الله سبحانه وفق‬
‫تقديره وحكمته"(‪.)1‬‬
‫وهم يف كل ما يطلبونه يف مفاوضاهتم من خوارق رجاًء للتعجيز أو االنصراف والتحول‬
‫عنهم وترك دعوهتم وذلك غايتهم ويعتربونه نصرًا هلم ولعقيدهتم وألهوائهم الباطلة اليت أضلتهم‬
‫وأضلت أتباعهم‪.‬‬
‫مث ي‪mm‬أيت دور ال‪mm‬رد على أق‪mm‬واهلم واقرتاح‪mm‬اهتم واجلواب على الباط‪mm‬ل يف س‪mm‬ياق منتظم من اآلي‪mm‬ات‬
‫القرآنية يف تناسق بديع يف قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ‬ ‫ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬
‫ﰈ ﰉ ﰊ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫ويبدأ الرد بـ " ﮋ ﯰ ﮊ هلم من ِقَبلنا؛تثبيًتا للحكمة‪،‬وحتقيًق ا للحق املزيح للريب ‪ :‬ﮋ ﯱ‬
‫ﯲﮊ أي ‪ :‬لو ُو جدوا مستقر ﮋ ﯳ ﯴ ﮊ؛ بدل البشر ﮋ ﯵ ﯶ ﯷﮊ قارين ساكنني فيها‪ ،‬ﮋ ﯸ‬
‫ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﮊ يهديهم إىل احلق ؛ لتمكنهم من االجتماع به والتلقي منه‪ .‬وأما عامة البشر‬

‫‪ )( 1‬يف ظالل القرآن ‪ ،‬سيد قطب ‪ ،‬دار العلم جده ‪ ،‬ط الثانية عشر ‪1986 – 1406،‬م ج‪ 4‬ص ‪.2250‬‬
‫‪ )(2‬سورة اإلسراء اآليات ‪.96 – 94‬‬

‫‪159‬‬
‫فهم مبعزل من استحقاق المفاوضة مع املالئكة ؛ ألهنا منوطة بالتناُس ب والتجانس ‪ ،‬فبعث املالئكة‬
‫إليهم مناقض للحكمة اليت يدور عليها أمر التكوين والتشريع‪ .‬وإمنا يبعث امللك إىل اخلواص‪،‬‬
‫املختصني بالنفوس الزكية ‪ ،‬املؤيدة بالقوة القدسية ‪ ،‬فيتلقون منهم وُيبلغون إىل البشر ﮋ ﯿ ﰀ ﰁ‬
‫ﮊ وحده ﮋ ﰂ ﮊ على أين أديُت ما علَّي من مواجب الرسالة ‪،‬وأنكم فعلتم ما فعلتم من التكذيب‬
‫والعناد‪ .‬فهو شهيد ﮋ ﰃ ﰄ ﮊ ‪ ،‬وكفى به شهيًد ا ‪ ،‬ومل يقل ‪ :‬بيننا ؛ حتقيًق ا للمفارقة ‪ ،‬وإبانة‬
‫للمباينة ‪ ،‬ﮋ ﰆ ﰇ ﰈ ﮊ من الرسل واملرسل إليهم‪ ،‬ﮋ ﰉ ﰊ ﮊ ؛ حميًطا بظواهر أعماهلم وبواطنها‬
‫‪ ،‬فيجازيهم على ذلك‪، .‬فإن عاّم ة البشر ال تطيق المفاوضة مع امللك ؛ لتوقفها على التناسب بني‬
‫المفاوض والمستفيض ؛ فبعث لكل جنس ما يناسبه ؛ للحكمة اليت يدور عليها فلك التكوين‬
‫والتشريع ‪،‬والذي تقتضيه احلكمة اإلهلية"(‪.)1‬‬
‫ويف التفاوض ينبغي التنبه ألمر مهم جدًا وهو حركات اجلسم وما يسمى يف الواقع املعاصر‬
‫ب ـ " لغة اجلسد " وألمهيتها ذكرت يف القرآن الكرمي يف عدد من اآليات وذلك ألن احلركات توحي‬
‫مبعاين كثرية وقد تكون أبلغ من الكالم أحيانًا حبسب احلركة الصادرة وهي إما تؤيد أو تناقض‬
‫وقد تدل على املوافقة أو اإلعراض أو عدم االكرتاث ‪ ،‬ومعرفتها والعلم هبا يعد من أسس‬
‫التفاوض اجليد واملؤثر "فإن الطريقة اليت نتحدث هبا قد يكون هلا قيمة أكثر من الكالم الذي نقوله‬
‫من حيث حركات اليد وتعبريات الوجه ومستوى نربة الصوت وسرعة تدفق الكلمات والتعبريات‬
‫أو بطئها "(‪.)2‬‬
‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬ ‫ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﭑ ﭒ ﭓ‬ ‫قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﰋ ﰌ ﰍ‬ ‫‪-6‬‬
‫ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭳ ﭴﮊ (‪. ) 3‬‬
‫ال يكل املشركون عن رد احلق مبا استطاعوا من طرق وأساليب ووسائل ومن ذلك ما يكون‬
‫له أثر وهو غري الكالم وهي اإلشارات واحلركات ‪ ،‬و" اإلنغاض‪ :‬حتريك الرأس حنو الغري‬

‫‪ )( 1‬البحر املديد‪ ،‬أمحد بن حممد بن املهدي بن عجيبة احلسين اإلدريسي الشاذيل الفاسي أبو العباس ‪ ،‬دار الكتب العلمية ـ‬
‫بريوت ‪ ،‬ط الثانية ‪ 2002 /‬م ـ ‪ 1423‬هـ ج‪ 4‬ص ‪.179‬‬
‫‪ )( 2‬مقدمة يف علم التفاوض السياسي واالجتماعي حسن حممد وجيه ص ‪.29‬‬
‫‪ )(3‬سورة اإلسراء اآليات ‪.51-49‬‬

‫‪160‬‬
‫كاملتعجب "(‪ )1‬وقيل" فسيحركوهنا حنوك تعجبًا واستهزاًء "(‪ )2‬فاحلركة اجلسمية هنا " حتريك الرأس‬
‫" هلا داللة اإلعراض والتكرب عن احلق ‪ ،‬ومعلوم أن اإلقبال على الناس بوجه طلق حركة جسمية‬
‫معربة عن النفس ‪ ،‬وهو خمتلٌف عن اإلقبال بوجه عابس ‪ ،‬والناس أّيًا كان دينهم حيبون ابتسامة‬
‫الوجه وانبساطه‪ ،‬فهو املفتاح اليسري للشخصية و"إن تعبريات الوجه تتكلم بصوت أعمق أثرًا من‬
‫صوت اللسان‪ ،‬وكأين باالبتسامة تقول لك عن صاحبها‪ :‬إين أحـبك إنك متنحين السعادة‪ ،‬إين‬
‫سعيٌد برؤيتك "(‪ )3‬وحركة اجلسد قد تكون أبلغ وأدل على التعبري من ذات الكالم ‪.‬‬
‫ويف تفاوض املخالفني من أهل الكتاب واملشركني ما يستدلون به لعدم تسليمهم وإذعاهنم‬
‫للحق وذلك إما عنادًا ‪ ،‬أو مراوغًة ولكن حجتهم داحضة كما بني ذلك القرآن الكرمي يف مواطن‬
‫كثرية ‪ ،‬ومن تلك احلجج الواهية اليت يطلقوهنا تربيرًا لعدم طاعتهم وانصياعهم للحق كما يف قوله‬
‫تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮊ (‪.)4‬‬
‫وي ــأتي البي ــان من العزي ‪mm‬ز احلكيم ‪ ،‬كالص ‪mm‬واعق املرس ‪mm‬لة ي ‪mm‬دحض م ‪mm‬زاعمهم الباطل ‪mm‬ة ‪ ،‬يف قول ‪mm‬ه‬
‫تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﮊ (‪.)5‬‬
‫فكيف تصح الدعوى ‪،‬ويستقيم واحلال ‪ ،‬واملعلم أعجمي ‪ ،‬واملتعلم عريب ‪.‬‬
‫ويس‪mm‬تنبط من اآلي‪mm‬ة الكرمية فوائ‪mm‬د للتف‪mm‬اوض ومنه‪mm‬ا معرف‪mm‬ة أس‪mm‬اليب أه‪mm‬ل الباط‪mm‬ل ومعرف‪mm‬ة ط‪mm‬رق‬
‫تفنيد املزاعم الباطلة والرد عليها ودحضها ‪.‬‬
‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﮊ (‪.)6‬‬ ‫‪-7‬‬
‫وقوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬ ‫‪-8‬‬
‫ﮠ ﮡ ﮊ (‪. ) 7‬‬
‫‪ :)( 1‬املفردات ‪ ،‬الراغب األصفهاين ‪ ،‬مرجع سابق ‪.500‬‬
‫‪ )( 2‬الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل يف وجوه التأويل ‪ ،‬أبو القاسم حممود بن عمر الزخمشري اخلوارزمي ‪ ،‬دار‬
‫إحياء الرتاث العريب ‪ ،‬بريوت ‪2‬ج ص‪.672‬‬
‫‪)( 3‬كيف تكسب األصدقاء وتؤثر يف الناس ‪ ،‬ديل كارنيجي ‪ ،‬ص ‪ ،71‬ترمجة عبد املنعم الزيادي‪ ،‬مكتبة اخلاجني‪ ،‬القاهرة‬
‫‪ 1951‬م‪.‬‬
‫‪ )(4‬سورة الفرقان اآلية ‪.5‬‬
‫‪ )(5‬سورة النحل آية ‪.103‬‬
‫‪ )(6‬سورة الفتح آية ‪.1‬‬
‫‪ )(7‬سورة الفتح آية ‪.18‬‬

‫‪161‬‬
‫وهاتان اآليتان الكرميتني نزلت ضمن أحداث ونتائج صلح احلديبية ‪ ،‬وما حصل فيه من‬
‫مفاوضات تكررت مع أكثر من مبعوث لقريش ‪.‬‬
‫بدأ النيب ‪ ‬بالتفاوض مع قريش يف هذا األمر فيما عرف بصلح احلديبية ‪ ،‬وكان الصلح‬
‫رغم شروطه اجملحفة يف ما يبدو ‪ ،‬فتحًا مبينًا للمسلمني‪.‬‬
‫فالتفاوض هنا حيمل أخالقيات وآداب جليلة إضافة إىل مهارات إدارية وتفاوضية حمكمة‬
‫كانت أبعادها ونتائجها بال منازع يف صاحل اإلسالم واملسلمني ‪ ،‬وقد جاء يف احلديث أنه " َج اَء‬
‫ُبَد ْيُل ْبُن َو ْر َقاَء اُخْلَز اِعُّي يِف َنَف ٍر ِم ْن َقْو ِمِه ِم ْن ُخَز اَعَة َو َك اُنوا َعْيَبَة ُنْص ِح َرُس وِل الَّلِه ‪ِ ‬م ْن َأْه ِل‬
‫َهِتاَم َة َفَق اَل ‪ِ :‬إيِّن َتَر ْك ُت َك ْع َب ْبَن ُلَؤ ٍّي َو َعاِم َر ْبَن ُلَؤ ٍّي َنَز ُلوا َأْعَد اَد ِم َياِه اُحْلَد ْيِبَيِة َو َمَعُه ْم اْلُعوذ‬
‫واْلَم َطاِفيُل(‪َ )1‬و ُه ْم ُمَق اِتُلوَك َو َص اُّدوَك َعْن اْلَبْيِت ‪.‬‬
‫ِهَن‬ ‫ِإ‬ ‫ِم‬ ‫ِإ ِجَن ِلِق ِل ٍد ِك ِج‬ ‫ِه‬
‫َفَق اَل َرُس وُل الَّل ‪َّ :‬نا ْمَل ْئ َتا َأَح َو َل َّنا ْئَنا ُمْع َت ِر يَن َو َّن ُقَر ْيشًا َقْد َك ْتُه ْم‬
‫اَحْلْر ُب َو َأَض َّر ْت ِهِبْم ‪َ ،‬فِإْن َش اُءوا َم اَد ْد ُتُه ْم ُمَّد ًة َو َخُيُّلوا َبْييِن َو َبَنْي الَّناِس َفِإْن َأْظَه ْر َفِإْن َش اُءوا َأْن‬
‫َيْد ُخ ُلوا ِفيَم ا َدَخ َل ِفيِه الَّناُس َفَعُلوا َو ِإال َفَقْد ُّمَجوا‪َ ،‬و ِإْن ُه ْم َأَبْو ا َفَو اَّلِذي َنْف ِس ي ِبَيِدِه ألَقاِتَلَّنُه ْم َعَلى‬
‫َأْم ِر ي َه َذ ا َح ىَّت َتْنَف ِر َد َس اِلَف يِت َو َلُيْنِف َذ َّن الَّلُه َأْم َر ُه‪.‬‬
‫َفَق اَل ُبَد ْيٌل‪َ :‬س ُأَبِّلُغُه ْم َم ا َتُقوُل ‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬فاْنَطَلَق َح ىَّت َأَتى ُقَر ْيشًا َقاَل ‪ِ :‬إَّنا َقْد ِج ْئَناُك ْم ِم ْن َه َذ ا‬
‫الَّر ُج ِل َو ِمَس ْع َناُه َيُقوُل َقْو ًال َفِإْن ِش ْئُتْم َأْن َنْع ِر َض ُه َعَلْيُك ْم َفَعْلَنا َفَق اَل ُس َف َه اُؤ ُه ْم ‪ :‬ال َح اَج َة َلَنا َأْن‬
‫ْخُتَرِبَنا َعْنُه ِبَش ْي ٍء ‪َ ،‬و َقاَل َذُو و الَّر ْأِي ِم ْنُه ْم ‪َ :‬ه اِت َم ا ِمَس ْع َتُه َيُقوُل ‪َ ،‬قاَل ‪ِ :‬مَس ْع ُتُه َيُقوُل َك َذ ا َو َك َذ ا‪،‬‬
‫َفَح َّد َثُه ْم َمِبا َقاَل الَّنُّيِب ‪َ ‬فَق اَم ُعْر َو ُة ْبُن َمْس ُعوٍد َفَق اَل ‪َ :‬أْي َقْو ِم َأَلْس ُتْم ِباْلَو اِلِد؟ َقاُلوا‪َ :‬بَلى‪َ ،‬قاَل ‪:‬‬
‫ِه يِن‬ ‫ِب ِد‬
‫َأَو َلْس ُت اْلَو َل ؟ َقاُلوا‪َ :‬بَلى‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬فَه ْل َتَّت ُم و ؟ َقاُلوا‪ :‬ال‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬أَلْس ُتْم َتْع َلُم وَن َأيِّن اْس َتْنَف ْر ُت َأْه َل‬
‫ِد‬ ‫ِل‬ ‫ِج‬
‫ُعَك اَظ َفَلَّم ا َبَّلُح وا َعَلَّي ْئُتُك ْم ِبَأْه ي َو َو َل ي َو َمْن َأَطاَعيِن ؟ َقاُلوا‪َ :‬بَلى‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬فِإَّن َه َذ ا َقْد َعَر َض‬
‫َلُك ْم ُخ َّطَة ُر ْش ٍد اْقَبُلوَه ا َو َدُعويِن آِتيِه‪َ ،‬قاُلوا‪ :‬اْئِتِه‪َ ،‬فَأَتاُه َفَجَعَل ُيَك ِّلُم الَّنَّيِب ‪َ ‬فَق اَل الَّنُّيِب ‪ْ ‬حَنوًا‬
‫ِمَس‬ ‫ِم‬ ‫ِع ِل‬ ‫ِم ِلِه ِل‬
‫ْن َقْو ُبَد ْيٍل ‪َ ،‬فَق اَل ُعْر َو ُة ْنَد َذ َك ‪َ :‬أْي َحُمَّم ُد ‪َ ،‬أَر َأْيَت ِإْن اْس َتْأَص ْلَت َأْم َر َقْو َك ‪َ ،‬ه ْل ْعَت‬
‫ِبَأَح ٍد ِم ْن اْلَعَر ِب اْج َتاَح َأْه َلُه َقْبَلَك ؟ َو ِإْن َتُك ِن األْخ َر ى َفِإيِّن َو الَّلِه ألَر ى ُوُج وهًا َو ِإيِّن ألَر ى َأْو َش ابًا‬

‫() ا طافيل من الِّظباء‪ :‬اليت معها أوالُدها وهي قريبة عهد بالَّنتاج‪ .‬والُعوذ املطافيل من اإلبل‪ :‬احلديثات العهد بالَّنتاج اليت‬ ‫‪1‬‬

‫َمل‬
‫معها أوالدها أيضًا‪ .‬قال الشاعر‪ :‬الواهُب املائَة اِهلجاَن وَعْبَد ها ‪ُ ...‬عوذًا تزّج ي َخ ْلَف ها أطفاهَل ا مجهرة اللغة ‪-‬ج‪ 2‬ص‬
‫‪.16‬‬

‫‪162‬‬
‫ِم ْن الَّناِس َخ ِليقًا َأْن َيِف ُّر وا َو َيَد ُعوَك ‪َ ،‬فَق اَل َلُه َأُبو َبْكر الِّص ِّديُق ‪ :‬اْمُصْص ِبَبْظِر الالِت !! َأْحَنُن َنِف ُّر‬
‫َعْنُه َو َنَد ُعُه؟ َفَق اَل ‪َ :‬مْن َذا؟ َقاُلوا‪َ :‬أُبو َبْك ٍر ‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬أَم ا َو اَّلِذي َنْف ِس ي ِبَيِدِه َلْو ال َيٌد َك اَنْت َلَك ِعْنِدي‬
‫ِئ‬ ‫ِبِل ِتِه ِغ‬
‫ْمَل َأْج ِز َك َهِبا ألَج ْبُتَك ‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬و َجَعَل ُيَك ِّلُم الَّنَّيِب ‪َ ‬فُك َّلَم ا َتَك َّلَم َأَخ َذ ْح َي َو اْلُم َريُة ْبُن ُش ْع َبَة َقا ٌم‬
‫ِة‬ ‫ِب ِدِه‬ ‫ِه ِم‬
‫َعَلى َر ْأِس الَّنِّيِب ‪َ ‬و َم َعُه الَّس ْيُف َو َعَلْي اْل ْغَف ُر َفُك َّلَم ا َأْه َو ى ُعْر َو ُة َي ِإىَل ْحِلَي الَّنِّيِب ‪َ ‬ض َر َب‬
‫َيَد ُه ِبَنْع ِل الَّس ْيِف َو َقاَل َلُه‪َ :‬أِّخ ْر َيَد َك َعْن ْحِلَيِة َرُس وِل الَّلِه ‪َ ‬فَر َفَع ُعْر َو ُة َر ْأَس ُه َفَق اَل ‪َ :‬مْن َه َذ ا؟‬
‫َقاُلوا‪ :‬اْلُم ِغ ُة ْب ُش ْع َبَة‪َ ،‬فَق اَل ‪َ :‬أْي ُغَد ُر ‪َ ،‬أَلْس ُت َأْسَعى يِف َغْد َر ِتَك ؟ َك اَن اْلُم ِغ ُة َص ِح َقْو مًا يِف‬
‫َب‬ ‫َري‬ ‫َو‬ ‫َري ُن‬
‫ِهِل ِة‬
‫اَجْلا َّي َفَق َتَلُه ْم َو َأَخ َذ َأْم َو اُهَلْم َّمُث َج اَء َفَأْس َلَم َفَق اَل الَّنُّيِب ‪َ :‬أَّم ا اإلْس الَم َفَأْقَبُل َو َأَّم ا اْلَم اَل َفَلْس ُت‬
‫ِم ْنُه يِف َش ْي ٍء ‪.‬‬
‫َّمُث ِإَّن ُعْر َو َة َجَعَل َيْر ُمُق َأْص َح اَب الَّنِّيِب ‪ِ ‬بَعْيَنْيِه‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬فَو الَّلِه َم ا َتَنَّخ َم َرُس وُل الَّلِه ‪َ ‬خُناَم ًة‬
‫ِإال َو َقَعْت يِف َك ِّف َرُج ٍل ِم ْنُه ْم َفَد َلَك َهِبا َو ْجَهُه َو ِج ْلَد ُه َو ِإَذا َأَم َر ُه ْم اْبَتَد ُر وا َأْم َر ُه‪َ ،‬و ِإَذا َتَو َّضَأ‬
‫َك اُدوا َيْق َتِتُلوَن َعَلى َو ُضوِئِه‪َ ،‬و ِإَذا َتَك َّلَم َخ َف ُضوا َأْص َو اَتُه ْم ِعْنَد ُه‪َ ،‬و َم ا ِحُي ُّدوَن ِإَلْيِه الَّنَظَر َتْع ِظ يمًا َلُه‪.‬‬
‫ِك‬ ‫ِم َّلِه‬ ‫ِبِه‬ ‫ِإ‬
‫فَر َجَع ُعْر َو ُة ىَل َأْص َح ا َفَق اَل ‪َ :‬أْي َقْو ‪َ ،‬و ال َلَقْد َو َفْد ُت َعَلى اْلُم ُلو َو َو َفْد ُت َعَلى َقْيَص َر‬
‫َو ِكْسَر ى َو الَّنَج اِش ِّي ‪َ ،‬و الَّلِه ِإْن َر َأْيُت َم ِلكًا َقُّط ُيَعِّظُم ُه َأْص َح اُبُه َم ا ُيَعِّظُم َأْص َح اُب َحُمَّم ٍد ‪َ ‬حُمَّم دًا‪،‬‬
‫َو الَّلِه ِإْن َتَنَّخ َم َخُناَم ًة ِإال َو َقَعْت يِف َك ِّف َرُج ٍل ِم ْنُه ْم َفَد َلَك َهِبا َو ْجَهُه َو ِج ْلَد ُه َو ِإَذا َأَم َر ُه ْم اْبَتَد ُر وا‬
‫َأ ِإَذا َّضَأ َك ا وا ْق َتِتُلوَن َلى وِئِه ِإَذا َتَك َّل َف وا َأ ا ِعْنَد ا ِحُي ُّدوَن ِإَل ِه‬
‫ْي‬ ‫َم َخ ُض ْص َو َتُه ْم ُه َو َم‬ ‫َع َو ُض َو‬ ‫ُد َي‬ ‫ْم َر ُه َو َتَو‬
‫الَّنَظَر َتْع ِظ يمًا َلُه َو ِإَّنُه َقْد َعَر َض َعَلْيُك ْم ُخ َّطَة ُر ْش ٍد َفاْقَبُلوَه ا‪.‬‬
‫َفَق اَل َرُج ٌل ِم ْن َبيِن ِكَناَنَة‪َ :‬دُعويِن آِتيِه‪َ ،‬فَق اُلوا‪ :‬اْئِتِه‪َ ،‬فَلَّم ا َأْش َر َف َعَلى الَّنِّيِب ‪َ ‬و َأْص َح اِبِه َقاَل‬
‫ِع‬ ‫ِم ٍم‬ ‫َّلِه‬
‫َرُس وُل ال ‪َ :‬ه َذ ا ُفالٌن ‪َ ،‬و ُه َو ْن َقْو ُيَعِّظُم وَن اْلُبْدَن َفاْبَعُثوَه ا َلُه َفُب َثْت َلُه َو اْس َتْق َبَلُه الَّناُس‬
‫ُيَلُّبوَن ‪َ ،‬فَلَّم ا َر َأى َذِلَك َقاَل ‪ُ :‬س ْبَح اَن الَّلِه ! َم ا َيْنَبِغي َهِلُؤ الِء َأْن ُيَص ُّدوا َعْن اْلَبْيِت ‪َ ،‬فَلَّم ا َرَجَع ِإىَل‬
‫َأْص َح اِبِه َقاَل ‪َ :‬ر َأْيُت اْلُبْدَن َقْد ُقِّلَد ْت َو ُأْش ِعَر ْت ‪َ ،‬فَم ا َأَر ى َأْن ُيَص ُّدوا َعْن اْلَبْيِت ‪.‬‬
‫ِه‬ ‫ِتِه‬ ‫ِت ِه‬ ‫ِم‬ ‫ِم‬
‫َفَق اَم َرُج ٌل ْنُه ْم ُيَق اُل َلُه ْك َر ُز ْبُن َح ْف ٍص َفَق اَل ‪َ :‬دُعويِن آ ي ‪َ ،‬فَق اُلوا‪ :‬اْئ َفَلَّم ا َأْش َر َف َعَلْي ْم‬
‫ِّل ِإ‬ ‫ِّل‬ ‫ِج‬ ‫ِم‬
‫َقاَل الَّنُّيِب ‪َ :‬ه َذ ا ْك َر ٌز َو ُه َو َرُج ٌل َفا ٌر ‪َ ،‬فَجَعَل ُيَك ُم الَّنَّيِب ‪َ ‬فَبْيَنَم ا ُه َو ُيَك ُم ُه ْذ َج اَء ُس َهْيُل‬
‫ْبُن َعْم ٍر و‪َ ،‬قاَل َم ْع َمٌر ‪َ :‬فَأْخ َبَر يِن َأُّيوُب َعْن ِعْك ِر َم َة َأَّنُه َلَّم ا َج اَء ُس َهْيُل ْبُن َعْم ٍر و َقاَل الَّنُّيِب ‪َ :‬لَقْد‬
‫ِت‬ ‫ِد ِثِه‬ ‫ِم‬
‫َسُه َل َلُك ْم ْن َأْم ِر ُك ْم ‪َ ،‬قاَل َم ْع َمٌر َقاَل الُّز ْه ِر ُّي يِف َح ي ‪َ :‬فَج اَء ُس َهْيُل ْبُن َعْم ٍر و َفَق اَل ‪َ :‬ه ا اْك ُتْب‬
‫َبْيَنَنا َو َبْيَنُك ْم ِكَتابًا‪َ ،‬فَد َعا الَّنُّيِب ‪ ‬اْلَك اِتَب َفَق اَل الَّنُّيِب ‪ِ :‬بْس ِم الَّلِه الَّر َمْحِن الَّر ِح يِم ‪َ ،‬قاَل ُس َهْيٌل‪:‬‬

‫‪163‬‬
‫َأَّم ا الَّر َمْحُن َفَو الَّلِه َم ا َأْد ِر ي َم ا ُه َو َو َلِكْن اْك ُتْب ِباِمْس َك الَّلُه َّم َك َم ا ُك ْنَت َتْك ُتُب ‪َ ،‬فَق اَل اْلُمْس ِلُم وَن ‪:‬‬
‫َو الَّلِه ال َنْك ُتُبَه ا ِإال ِبْس ِم الَّلِه الَّر َمْحِن الَّر ِح يِم ‪َ ،‬فَق اَل الَّنُّيِب ‪ :‬اْك ُتْب ِباِمْس َك الَّلُه َّم ‪َّ ،‬مُث َقاَل ‪َ :‬ه َذ ا َم ا‬
‫ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِه‬
‫َقاَض ى َعَلْي َحُمَّمٌد َرُس وُل الَّل ‪َ ،‬فَق اَل ُس َهْيٌل‪َ :‬و الَّل َلْو ُك َّنا َنْع َلُم َأَّنَك َرُس وُل الَّل َم ا َص َدْد َناَك َعْن‬
‫اْلَبْيِت َو ال َقاَتْلَناَك ‪َ ،‬و َلِكْن اْك ُتْب َحُمَّم ُد ْبُن َعْبِد الَّلِه‪َ ،‬فَق اَل الَّنُّيِب ‪َ :‬و الَّلِه ِإيِّن َلَر ُس ـوُل الَّلِه َو ِإْن‬
‫َك َّذ ْبُتُم ويِن ‪ ،‬اْك ُتْب َحُمـَّم ُد ْبُن َعْبِد الَّلِه‪َ ،‬قاَل الُّز ْه ِر ُّي ‪َ :‬و َذِلَك ِلَق ْو ِلِه‪ :‬ال َيْس َأُلويِن ُخ َّطًة ُيَعِّظُم وَن ِفيَه ا‬
‫ُح ُر َم اِت الَّلِه ِإال َأْع َطْيُتُه ْم ِإَّياَه ا‪َ ،‬فَق اَل َلُه الَّنُّيِب ‪َ :‬عَلى َأْن َخُتُّلوا َبْيَنَنا َو َبَنْي اْلَبْيِت َفَنُطوَف ِبِه‪،‬‬
‫َفَق اَل ُس َهْيٌل‪َ :‬و الَّلِه ال َتَتَح َّد ُث اْلَعَر ُب َأَّنا ُأِخ ْذ َنا ُضْغَطًة َو َلِكْن َذِلَك ِم ْن اْلَعاِم اْلُم ْق ِبِل ‪َ ،‬فَك َتَب ‪َ ،‬فَق اَل‬
‫ُس َهْيٌل‪َ :‬و َعَلى َأَّنُه ال َيْأِتيَك ِم َّنا َرُج ٌل َو ِإْن َك اَن َعَلى ِديِنَك ِإال َر َدْد َتُه ِإَلْيَنا‪َ ،‬قاَل اْلُمْس ِلُم وَن ‪ُ :‬س ْبَح اَن‬
‫الَّله ! َك ْيَف ُيَر ُّد ِإىَل اْلُم ْش ِر ِكَني َو َقْد َج اَء ُمْس ِلمًا‪َ ،‬فَبْيَنَم ا ُه ْم َك َذ ِلَك ِإْذ َدَخ َل َأُبو َج ْنَد ِل ْبُن ُس َهْيِل‬
‫ْبِن َعْم ٍر و َيْر ُس ُف يِف ُقُيوِدِه‪َ ،‬و َقْد َخ َر َج ِم ْن َأْس َف ِل َم َّك َة َح ىَّت َرَم ى ِبَنْف ِس ِه َبَنْي َأْظُه ِر اْلُمْس ِلِم َني ‪َ ،‬فَق اَل‬
‫ُس َهْيٌل‪َ :‬ه َذ ا َيا َحُمَّم ُد َأَّو ُل َم ا ُأَقاِض يَك َعَلْيِه َأْن َتُر َّدُه ِإَّيَل‪َ ،‬فَق اَل الَّنُّيِب ‪ِ :‬إَّنا ْمَل َنْق ِض اْلِكَتاَب َبْع ُد ‪،‬‬
‫َقاَل ‪َ :‬فَو الَّلِه ِإذًا ْمَل ُأَص اْحِلَك َعَلى َش ْي ٍء َأَبدًا‪َ ،‬قاَل الَّنُّيِب ‪َ :‬فَأِج ْز ُه يِل ‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬م ا َأَنا ُمِبِج يِزِه َلَك ‪َ ،‬قاَل ‪:‬‬
‫ٍل‬ ‫ِم‬ ‫ِب ِع‬
‫َبَلى َفاْفَعْل ‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬م ا َأَنا َف ا ٍل َقاَل ْك َر ٌز ‪َ :‬بْل َقْد َأَج ْز َناُه َلَك ‪َ ،‬قاَل َأُبو َج ْنَد ‪َ :‬أْي َم ْع َش َر‬
‫اْلُمْس ِلِم َني ‪ُ ،‬أَر ُّد ِإىَل اْلُم ْش ِر ِكَني َو َقْد ِج ْئُت ُمْس ِلمًا؟ َأال َتَر ْو َن َم ا َقـْد َلِق يُت ؟ َو َك اَن َقْد ُعِّذ َب َعَذ ابًا‬
‫َش ِديدًا يِف الَّلِه‪.)1("..‬‬
‫واملتأمل يف األحداث واملواقف اليت نتج عنها صلح احلديبية جيد التوفيق اإلهلي للنيب ‪. ‬‬
‫معالم التفاوض النبوي ‪ ‬في هذا الصلح العظيم ‪:‬‬
‫أوًال‪ :‬استثمار الفرص‬
‫كان الشرط األول للتفاوض النبوي إطالق سراح عثمان رضي اهلل عنه‪ ،‬وقد مت إطالق‬
‫سراح عثمان بن عفان ‪ ،‬وهذا يعد إجناًز ا قويًا يف املرحلة األوىل للتفاوض ‪ ،‬ويعترب طلب إطالق‬
‫سراح عثمان بن عفان مبثابة شرط أويل لبدء التفاوض ‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬معرفة المقابل المفاوض‬

‫() صحيح البخاري ‪ ،‬حممد بن امساعيل البخاري ‪ ،‬طرف من حديث طويل ‪ ،‬باب الشروط يف اجلهاد واملصاحلة ‪ ،‬ح‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ، 2581‬ج‪ 2‬ص‪.974‬‬

‫‪164‬‬
‫ْف ٍص (‪َ )2‬ق اَل ‪ :‬ويِن آِتيِه‪َ ،‬ق اُلوا‪ :‬اْئِتِه‬ ‫ِم‬ ‫ِم‬
‫َف‬ ‫َف َدُع‬ ‫وبيان ذلك‪ ،‬حني"َقاَم َرُج ٌل ْنُه ْم ُيَق اُل َلُه ْك َر ُز ْبُن َح‬
‫َفَلَّم ا َأْش َر َف َعَلْيِه ْم َقاَل الَّنُّيِب ‪َ :‬ه َذ ا ِم ْك َر ٌز َو ُه َو َرُج ٌل َفاِج ٌر "‬
‫وكذلك بني حال سهيل ابن عمرو فَلَّم ا َج اَء ُس َهْيُل ْبُن َعْم ٍر و َقاَل الَّنُّيِب ‪َ" :‬لَقْد َسُه َل َلُك ْم‬
‫ِم ْن َأْم ِر ُك ْم " ‪ ،‬وذلك ملا يعلم من سريته ‪ ،‬فعلم أن القوم أردوا الصلح حني بعثوا هذا الرجل ‪ ،‬وهذا‬
‫داللة على أمهية معرفة شخصية من تفاوض وطبيعته وسلوكه وطريقة تعامله وذلك له أمهية بالغة يف‬
‫التأثري على جمريات التفاوض‪ ،‬وبنود االتفاق ونتائج التفاوض ‪ ،‬فينبغي معرفة من نفاوض‪ ،‬معرفة‬
‫تامة قدر املستطاع ومعرفة طباعهم وطرق تعاملهم ‪ ،‬وذلك من معرفة سريهتم‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬معرفة ماذا يعظمون‬
‫فلما قدم رجل من بين كنانة و" َأْش َر َف َعَلى الَّنِّيِب ‪َ ‬و َأْص َح اِبِه َقاَل َرُس وُل الَّلِه ‪َ :‬ه َذ ا‬
‫ِل‬ ‫ٍم‬
‫ُفالٌن ‪َ ،‬و ُه َو ِم ْن َقْو ُيَعِّظُم وَن اْلُبْدَن َفاْبَعُثوَه ا َلُه َفُبِعَثْت َلُه َو اْس َتْق َبَلُه الَّناُس ُيَلُّبوَن ‪َ ،‬فَلَّم ا َر َأى َذ َك‬
‫َقاَل ‪ُ :‬س ْبَح اَن الَّلِه ! َم ا َيْنَبِغي َهِلُؤ الِء َأْن ُيَص ُّدوا َعْن اْلَبْيِت ‪َ ،‬فَلَّم ا َرَجَع ِإىَل َأْص َح اِبِه َقاَل ‪َ :‬ر َأْيُت اْلُبْدَن‬
‫َقْد ُقِّلَد ْت َو ُأْش ِعَر ْت ‪َ ،‬فَم ا َأَر ى َأْن ُيَص ُّدوا َعْن اْلَبْيِت " فمعرفة ماذا يعظمون أو حيبون أو يكرهون‬
‫يعد من األمهية مبكان ويساعد يف استثمار ذلك أثناء مراحل التفاوض ‪.‬‬
‫رابعًا ‪ :‬تحديد وتوضيح المطالب‬
‫ا‪ -‬مت التوضيح لقريش أهنم مل يأتوا لقتال وحرب َقاَل ‪ِ" :‬إَّنا ْمَل ِجَن ْئ ِلِق َتاِل َأَح ٍد" ومعلوم‬
‫أن قريش ال تريد احلرب ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أفسر عن سبب قدومه واملؤمنني "َلِكَّنا ِج ْئَنا ُمْع َتِم ِر يَن " ‪.‬‬
‫وبيان ذلك من النيب ‪ ‬وحرصه على بيان سبب اجمليء إىل مكة وكان ذلك جبالء ووضوح‬
‫‪ ،‬وتكرر بأكثر من صورة مما كان له أثر يف النفوس ‪ ،‬حىت مع خصومه‪.‬‬
‫خامسًا ‪ :‬عرض ما يدعو للمفاوضات‬
‫ِهِب‬ ‫ِهَن‬
‫وقال ‪‬لبديل ابن ورقاء "َو ِإَّن ُقَر ْيشًا َقْد َك ْتُه ْم اَحْلْر ُب َو َأَض َّر ْت ْم ‪َ ،‬فِإْن َش اُءوا َماَدْد ُتُه ْم‬
‫ُمَّد ًة َو َخُيُّلوا َبْييِن َو َبَنْي الَّناِس "‪.‬‬
‫سادسًا ‪ :‬بيان عواقب رفض المطالب‬
‫"َفِإْن َأْظَه ْر َفِإْن َش اُءوا َأْن َيْد ُخ ُلوا ِفيَم ا َدَخ َل ِفيِه الَّناُس َفَعُلوا َو ِإال َفَقْد ُّمَجوا‪َ ،‬و ِإْن ُه ْم َأَبْو ا‬

‫‪ )( 2‬هو مكرز بن حفص بن األخيف من بين عامر بن لؤي بن غالب بن فهر ‪ ،‬األعالم للزركلي ‪ ،‬ج ‪ 7‬ص‪.284‬‬

‫‪165‬‬
‫َفَو اَّلِذي َنْف ِس ي ِبَيِدِه ألَقاِتَلَّنُه ْم َعَلى َأْم ِر ي َه َذ ا َح ىَّت َتْنَف ِر َد َس اِلَف يِت َو َلُيْنِف َذ َّن الَّلُه َأْم َر ُه"‪.‬‬
‫سابعًا ‪ :‬اإلنصات واالستماع‬
‫وهذا ما فعله ‪ ، ‬فقد أنصت وأصغى لكل من بعث من قريش ‪ ،‬لبديل ابن ورقاء ‪ ،‬مث‬
‫لعروة ابن مسعود‪ ،‬مث لسهيل ابن عمرو‪.‬‬
‫ثامنًا ‪ :‬الصبر والتؤدة‬
‫فحني قال له عروة"َأ َحُمَّم ُد ‪َ ،‬أ َأْيَت ِإْن اْس َتْأ ْلَت َأْم ِم َك ‪َ ،‬ه ِمَس ْعَت ِبَأ ٍد ِم اْل ِب‬
‫َح ْن َعَر‬ ‫ْل‬ ‫َر َقْو‬ ‫َص‬ ‫َر‬ ‫ْي‬
‫اْج َتاَح َأْه َلُه َقْبَلَك ؟ َو ِإْن َتُك ِن األْخ َر ى َفِإيِّن َو الَّلِه ألَر ى ُوُج وهًا َو ِإيِّن ألَر ى َأْو َش ابًا ِم ْن الَّناِس َخ ِليقًا‬
‫َأْن َيِف ُّر وا َو َيَد ُعوَك " فلم يظهر ‪ ،‬عليه الصالة والسالم ‪ ،‬ما يكون من السخط‪ ،‬أو الضجر ‪ ،‬أو‬
‫الغضب ‪ ...‬ويظهر صرب الرسول ‪ ، ‬والتؤدة والتأين يف مراحل املفاوضات وعدم العجلة‬
‫واإلسراع ‪ ،‬ولذلك مكث عليه الصالة والسالم يف مكانه ينتظر املفاوض تلو اآلخر‪ ،‬وكله حلم‬
‫وأناة وحكمة‪.‬‬
‫وقد حيتاج املفاوض إىل فرتات مراجعة ملا مت من جلسات وما دار فيها ‪ ،‬قبل االتفاق النهائي‬
‫فلذلك حيتاج التأين يف املفاوضات‬
‫تاسعًا ‪ :‬إظهار الندية والقوة والثقة وعدم إظهار الخوف‬
‫من املهم إظهار الندية والقوة يف املفاوضات‪ ،‬وعدم التأثر واخلوف من التهديد والوعيد الذي‬
‫ِم ِمِه ِم‬ ‫ِع‬
‫يبادر به يف بداية مراحل التفاوض‪ ،‬ولذلك حني"َج اَء ُبَد ْيُل ْبُن َو ْر َقاَء اُخْلَز ا ُّي يِف َنَف ٍر ْن َقْو ْن‬
‫ِم‬ ‫ِإ‬ ‫ِل ِه ِم‬
‫ُخَز اَعَة َو َك اُنوا َعْيَبَة ُنْص ِح َرُس و الَّل ‪ْ ‬ن َأْه ِل َهِتاَم َة َفَق اَل ‪ :‬يِّن َتَر ْك ُت َك ْع َب ْبَن ُلَؤ ٍّي َو َعا َر ْبَن‬
‫ُلَؤ ٍّي َنَز ُلوا َأْعَد اَد ِم َياِه اُحْلَد ْيِبَيِة َو َمَعُه ْم اْلُعوذ اْلَم َطاِفيُل َو ُه ْم ُمَق اِتُلوَك َو َص اُّدوَك َعْن اْلَبْيِت " ومل‬
‫يكرتث ‪ ‬بقوله ‪ ،‬وقد أفصح وبنّي ما لديه‪.‬‬
‫عاشرًا ‪ :‬حسن اإلعداد للتفاوض والجاهزية‬
‫أرسل ‪‬عددا من الصحابة للتفاوض مع قريش وكان آخرهم عثمان بن عفان ‪ ،‬وقد‬
‫حجزت قريش عثمان بن عفان رضي اهلل عنه ‪ ،‬وهنا حدثت بيعة الرضوان اليت رضي اهلل فيها عن‬
‫املؤمنني واقتضت البيعة أن تكون احلرب إن مل يطلق سراح عثمان رضي اهلل عنه‪.‬‬
‫حادي عشر ‪ :‬اختيار المدة الكافية‬
‫"اختيار مدة طويلة يف التفاوض وحتدد حسب املصلحة ‪ ،‬حىت ال يتم االضطرار خلوض‬

‫‪166‬‬
‫مفاوضات أخرى يف وقت قصري"(‪ )1‬وكانت املدة يف الصلح توقف احلرب عشرة أعوام يأمن فيها‬
‫الناس‪. ...‬‬
‫ثاني عشر ‪ :‬اشعار المقابل بأنه أهل للثقة‬
‫وقد فاوض من أتى مبعوثًا من قريش على أنه ميثل قريش ‪ ،‬وأخذ ما لديهم من آراء‬
‫ومطالب‪ ،‬وقدم ما لديه ‪. ‬‬
‫ثالث عشر ‪ :‬تقديم ما يمكن تقديمه‬
‫ويقدم ذلك حبيث ال يؤثر على سالمة املفاوضات وهدفها الرئيس وهلذا " َفَق اَل الَّنُّيِب ‪:‬‬
‫ِبْس ِم الَّلِه الَّر َمْحِن الَّر ِح يِم ‪َ ،‬قاَل ُس َهْيٌل‪َ :‬أَّم ا الَّر َمْحُن َفَو الَّلِه َم ا َأْد ِر ي َم ا ُه َو َو َلِكْن اْك ُتْب ِباِمْس َك الَّلُه َّم‬
‫َك َم ا ُك ْنَت َتْك ُتُب ‪َ ،‬فَق اَل اْلُمْس ِلُم وَن ‪َ :‬و الَّلِه ال َنْك ُتُبَه ا ِإال ِبْس ِم الَّلِه الَّر َمْحِن الَّر ِح يِم ‪َ ،‬فَق اَل الَّنُّيِب ‪:‬‬
‫َّلِه‬ ‫َّلِه‬ ‫ِه‬ ‫ِب ِمْس َّل‬
‫اْك ُتْب ا َك ال ُه َّم‪َّ ،‬مُث َقاَل ‪َ :‬ه َذ ا َم ا َقاَض ى َعَلْي َحُمَّمٌد َرُس وُل ال ‪َ ،‬فَق اَل ُس َهْيٌل‪َ :‬و ال َلْو ُك َّنا َنْع َلُم‬
‫ِد ِه‬ ‫ِك‬ ‫ِت‬ ‫ِه‬
‫َأَّنَك َرُس وُل الَّل َم ا َص َدْد َناَك َعْن اْلَبْي َو ال َقاَتْلَناَك ‪َ ،‬و َل ْن اْك ُتْب َحُمَّم ُد ْبُن َعْب الَّل ‪َ ،‬فَق اَل الَّنُّيِب‬
‫‪َ :‬و الَّلِه ِإيِّن َلَر ُس ـوُل الَّلِه َو ِإْن َك َّذ ْبُتُم ويِن ‪ ،‬اْك ُتْب َحُمـَّم ُد ْبُن َعْبِد الَّلِه"‪.‬‬
‫رابع عشر‪ :‬حفظ ماء وجه من تفاوض‬
‫ملا أراد النيب ‪ ‬واملؤمنون التوجه للبيت طلب ذلك من سهيل ابن عمرو و"َقاَل َلُه الَّنُّيِب ‪:‬‬
‫َعَلى َأْن َخُتُّلوا َبْيَنَنا َو َبَنْي اْلَبْيِت َفَنُطوَف ِبِه‪َ ،‬فَق اَل ُس َهْيٌل‪َ :‬و الَّلِه ال َتَتَح َّد ُث اْلَعَر ُب َأَّنا ُأِخ ْذ َنا ُضْغَطًة‬
‫َو َلِكْن َذِلَك ِم ْن اْلَعاِم اْلُم ْق ِبِل " ‪.‬‬

‫خامس عشر ‪ :‬تحديد االتفاق وتوثيقه وتدوينه وتوضيحه وإحكامه‬


‫والتوثيق والتدوين حىت ال يدع جماًال للبس أو الشك أو التملص‪ ،‬فلذلك حني قال "ُس َهْيُل‬
‫ْبُن َعْم ٍر و ‪َ :‬ه اِت اْك ُتْب َبْيَنَنا َو َبْيَنُك ْم ِكَتابًا‪َ ،‬دَعا الَّنُّيِب ‪ ‬اْلَك اِتَب ليكتب" ‪.‬‬
‫سادس عشر ‪ :‬اختيار الموثق الكفء‬
‫يتم اختيار األكفاء للتوثيق والتدوين وألمهية ذلك اختار النيب ‪ ، ‬علي ابن أيب طالب ملهمة‬
‫التوثيق والتدوين‪ ،‬وقال رسول اهلل ‪ : ‬اكتب‪ :‬هذا ما صاحل عليه حممد بن عبد اهلل سهيَل بن‬

‫‪ )(1‬اخلطوات الذكية سام ديب ليل سومسان ترمجة سامي تيسري سلمان املؤمتن للنشر ط ‪ 1418‬ص‪ 222‬بتصرف يسري‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫عمرو"(‪.)1‬‬
‫سابع عشر ‪ :‬بروز أخالقيات وآداب جليلة‬
‫وهذا كعادته ‪ ‬فلقد "كان خلقه القرآن" ‪.‬‬
‫ثامن عشر ‪ :‬قبول الرأي الصائب‬
‫ومنها قبول املشورة والرأي الصائب وذلك "ملا فرغ من قضية الكتاب قال رسول اهلل ‪‬‬
‫الصحابه‪ :‬قوموا فاحنروا مث احلقوا‪ ،‬قال‪ :‬فواهلل ما قام منهم رجل‪ ،‬حىت قال ذلك ثالث مرات‪،‬‬
‫فلما مل يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر هلا ما لقى من الناس‪ ،‬فقالت أم سلمة‪ :‬يا نيب اهلل‬
‫أحتب ذلك ؟ اخرج مث ال تكلم أحدا منهم كلمة حىت تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك‪.‬‬
‫فخرج فلم يكلم أحدا منهم حىت فعل ذلك‪ :‬حنر بدنه ودعا حالقه فحلقه‪ ،‬فلما رأوا ذلك‬
‫قاموا فنحروا‪ ،‬وجعل بعضهم حيلق بعضا حىت كاد بعضهم يقتل بعضا غما"(‪.)2‬‬

‫تاسع‪ :‬متابعة تنفيد االتفاقيات التي ابرمت في التفاوض وااللتزام بها‬


‫تابع النيب ‪ ‬تنفيذ االتفاق الذي مت قبل أن يفرتق مع سهيل بن عمرو‪ ،‬مبعوث قريش‬
‫األخري"فبينما هم كذلك إذ جاء أبو جندل (‪ )3‬بن سهيل بن عمرويرسف يف قيوده وقد خرج من‬
‫أسفل مكة حىت رمى بنفسه بني أظهر املسلمني ‪ ،‬فقال سهيل‪ :‬هذا يا حممد أول ما أقاضيك عليه‬
‫أن ترده إيل‪.‬‬
‫فقال النيب ‪ :‬إنا مل نقض الكتاب بعد‪.‬‬
‫قال‪ :‬فواهلل إذا مل أصاحلك على شيء أبدا‪.‬‬
‫قال النيب ‪ :‬فأجزه يل‪.‬‬
‫قال ما أنا مبجيزه لك‪.‬‬
‫قال‪ :‬بلى فافعل‪.‬‬

‫‪ )( 1‬السرية النبوية ‪ ،‬عبد امللك بن هشام بن أيوب احلمريي املعافري أبو حممد ‪ ،‬دار اجليل ‪ ،1411 ،‬بريوت ‪ ،‬حتقيق طه عبد‬
‫الرءوف سعد ج ‪ 2‬ص‪. 784‬‬
‫‪ )(2‬السرية النبوية ‪ ،‬ابن كثري مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪.335 ،334‬‬
‫‪ )( 3‬أبو جندل بن سهيل العامري من بين العامر بن لؤي‪،‬امسه العاصي‪ ،‬صحايب جليل أسلم مبكة فسجنه أبوه وهربب يوم‬
‫احلديبية ‪ ،‬أسد الغابة يف معرفة الصحابة ‪ ،‬ابن األثري مرجع سابق ‪،‬ج ‪ 1‬ص‪.1153‬‬

‫‪168‬‬
‫قال‪ :‬ما أنا بفاعل‪.‬‬
‫قال مكرز‪ :‬بلى قد أجزناه لك‪.‬‬
‫قال أبو جندل‪ :‬أي معشر املسلمني أرد إىل املشركني وقد جئت مسلما‪ ،‬أال ترون ما قد‬
‫لقيت ؟ وكان قد عذب عذابًا شديدًا يف اهلل‪.‬‬
‫فقال عمر رضى اهلل عنه‪ :‬فأتيت رسول اهلل ‪ ‬فقلت‪ :‬ألست نيب اهلل حقا ؟ قال‪ :‬بلى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ألسنا على احلق وعدونا على الباطل ؟ قال‪ :‬بلى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬فلم نعطي الدنية ؟ يف ديننا إذن ؟‪.‬‬
‫قال‪ :‬إين رسول اهلل ولست أعصيه وهو ناصري‪.‬‬
‫قلت‪ :‬أو لست كنت حتدثنا أنا سنأيت البيت فنطوف به ؟ قال‪ " :‬بلى‪ ،‬فأخربتك أنا نأتيه‬
‫العام " ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬ال‪.‬‬
‫قال‪ " :‬فإنك آتيه ومطوف به "(‪.)1‬‬
‫مث بعد ذلك مت االلتزام من قبل الرسول ‪ ، ‬والصحابة الكرام رضوان اهلل عليهم ببنود‬
‫االتفاق‪ ،‬فلما"رجع النيب ‪ ‬إىل املدينة‪ ،‬فجاءه أبو بصري‪ ،‬رجل من قريش‪ ،‬وهو مسلم فأرسلوا يف‬
‫طلبه رجلني فقالوا‪ :‬العهد الذي جعلت لنا‪.‬‬
‫فدفعه إىل الرجلني‪ ،‬فخرجا به حىت بلغا ذا احلليفة‪ ،‬فنزلوا يأكلون من متر هلم‪ ،‬فقال أبو بصري‬
‫ألحد الرجلني‪ :‬واهلل إين ألرى سيفك هذا يا فالن جيدا‪.‬‬
‫فاستله اآلخر فقال‪ :‬أجل واهلل إنه جليد لقد جربت به مث جربت‪.‬‬
‫فقال أبو بصري‪ :‬أرين أنظر إليه‪.‬‬
‫فأمكنه منه فضربه حىت برد وفر اآلخر حىت أتى املدينة فدخل املسجد يعدو‪ ،‬فقال رسول اهلل‬
‫‪‬حني رآه‪" :‬لقد رأى هذا ذعرا "‪.‬‬
‫فلما انتهى إىل النيب ‪ ‬قال‪ :‬قتل واهلل صاحيب وإين ملقتول‪.‬‬
‫فجاء أبو بصري فقال‪ :‬يا نىب اهلل قد واهلل أوىف اهلل ذمتك‪ ،‬قد رددتين إليهم مث أجناين اهلل منهم‪.‬‬
‫فقال النيب ‪ " : ‬ويل أمه ! مسعر حرب لو كان له أحد ! فلما مسع ذلك عرف أنه سريده‬
‫إليهم‪ ،‬فخرج حىت أتى سيف البحر‪.‬‬

‫‪ )( 1‬صحيح البخاري ‪ ،‬حممد بن إمساعيل البخاري ‪ ،‬كتاب اجلمعة باب الطيب للجمعة ‪،‬ح ‪ ، 2730‬ج‪ 7‬ص‪.100‬‬

‫‪169‬‬
‫قال‪ :‬وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل بن عمرو فلحق بأيب بصري‪ ،‬فجعل ال خيرج من‬
‫قريش رجل قد أسلم إال حلق بأيب بصري حىت اجتمعت منهم عصابة"(‪.)1‬‬
‫االتفاق الذي يعقد بعد انتهاء التفاوض ملزم جلميع األطراف ولذلك أسلم النيب أبو بصري‬
‫لرسل قريش ‪.‬‬
‫عشرون ‪ :‬االستعداد‬
‫االستعداد أثناء املفاوضات يف غاية األمهية‪ ،‬فأراد الرسول ‪ ‬أن يبعث أحد أصحاب إىل‬
‫قريش حيث"دعا عمر بن اخلطاب ليبعثه إىل مكة فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له‪ ،‬فقال‪ :‬يا‬
‫رسول اهلل إين أخاف قريشا على نفسي وليس مبكة من بين عدى أحد مينعين‪ ،‬وقد عرفت قريش‬
‫عداويت إياها وغلظيت عليها ولكين أدلك على رجل أعز هبا مين ‪ ،‬عثمان بن عفان‪.‬‬
‫فدعا رسول اهلل ‪ ‬عثمان بن عفان فبعثه إىل أيب سفيان وأشراف قريش خيربهم أنه مل يأت‬
‫حلرب‪ ،‬وإمنا جاء زائرا هلذا البيت معظما حلرمته‪.‬‬
‫فخرج عثمان إىل مكة فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حني دخل مكة أو قبل أن يدخلها‪،‬‬
‫فحمله بني يديه مث أجاره حىت بلغ رسالة رسول اهلل ‪ ‬فانطلق عثمان حىت أتى أبا سفيان وعظماء‬
‫قريش فبلغهم عن رسول اهلل ‪‬ما أرسله به‪ ،‬فقالوا لعثمان حني بلغ رسالة رسول اهلل ‪ : ‬إن‬
‫شئت أن تطوف بالبيت فطف‪.‬‬
‫قال‪ :‬ما كنت الفعل حىت يطوف به رسول اهلل ‪. ‬‬
‫واحتبسته قريش عندها‪.‬‬
‫فبلغ رسول اهلل ‪ ‬واملسلمني أن عثمان قد قتل رسول اهلل ‪ ‬قال حني بلغه أن عثمان قد‬
‫قتل‪ :‬ال نربح حىت نناجز القوم‪.‬‬
‫ودعا رسول اهلل ‪ ‬إىل البيعة‪ ،‬وكانت بيعة الرضوان حتت الشجرة وكان الناس يقولون‪:‬‬
‫بايعهم رسول اهلل ‪ ‬على املوت‪.‬‬
‫وكان جابر بن عبدالله يقول‪ :‬إن رسول الله ‪ ‬لم يبايعنا على الموت‪ ،‬ولكن بايعنا على أال‬
‫نفر"(‪.)2‬‬

‫‪ )(1‬املرجع السابق ج ‪ 7‬ص‪.103‬‬


‫‪ )(2‬السرية النبوية ابن كثري مرجع سابق ج‪ 3‬ص ‪.319‬‬

‫‪170‬‬
‫حادي وعشرون ‪ :‬تحديد موضوع التفاوض‬
‫وكان التفاوض على العمرة مث توسع وحصلت فيه هدنة للحرب وبنود أخرى ‪ ،‬فتحديد‬
‫املوضوع هو جوهر التفاوض ولبه ‪ ،‬لذا البد من اتفاق األطراف املتفاوضة على موضوع حمدد أو‬
‫قضية حمددة يدور حوهلا التفاوض ‪ ،‬وذلك يعد عامًال مهمًا من عوامل إجناح التفاوض وجين مثراته‬
‫الطيبة‪.‬‬
‫ثاني وعشرون ‪ :‬عدم التناقض‬
‫واملقصود به سالمة الطلب ‪ ،‬أو الدعوى ‪ ،‬واألدلة‪ ،‬واحلجج ‪ ،‬وطرق االستدالل هبا ‪ ،‬وأال‬
‫يكون بعض الكالم ينقض البعض اآلخر ‪ ،‬وهذا ما جرى طيلة مراحل التفاوض ‪ ،‬مع املبعوثني‬
‫الذين كانوا ميثلون قريش يف صلح احلديبية ‪.‬‬
‫ثالث وعشرون ‪ :‬اختيار الرفقة المعينة‬
‫اختيار الصفوة من الناس من الرفقة الطيبة مع املفاوض ‪ ،‬تعينه ‪ ،‬وتسانده ‪ ،‬وتؤازره ‪،‬‬
‫وحيتاج إىل مشورهتم ‪ ،‬ورأيهم ‪ ،‬وتسديدهم ‪ ،‬ووجودهم به تكثري للسواد ‪ ،‬وال تعد منفعتهم ‪،‬‬
‫وكذا كان الصحابة رضوان اهلل عليهم أسوة حسنة يف رفقتهم للنيب ‪ ‬يف كل وقت وحني ‪،‬‬
‫ومثال ملوضوع التفاوض جند أثره يف صلح احلديبية ‪ ،‬حىت إذا جاء"ُعْر َو َة َجَعَل َيْر ُمُق َأْص َح اَب الَّنِّيِب‬
‫‪ِ ‬بَعْيَنْيِه َقاَل َفَو الَّلِه َم ا َتَنَّخ َم َرُس وُل الَّلِه ‪َ ‬خُناَم ًة ِإاَّل َو َقَعْت يِف َك ِّف َرُج ٍل ِم ْنُه ْم َفَد َلَك َهِبا‬
‫َو ْجَهُه َو ِج ْلَد ُه َو ِإَذا َأَم َر ُه ْم اْبَتَد ُر وا َأْم َر ُه َو ِإَذا َتَو َّضَأ َك اُدوا َيْق َتِتُلوَن َعَلى َو ُضوِئِه َو ِإَذا َتَك َّلَم َخ َف ُضوا‬
‫َأْص َو اَتُه ْم ِعْنَد ُه َو َم ا ِحُي ُّدوَن ِإَلْيِه الَّنَظَر َتْع ِظ يًم ا َلُه َفَر َجَع ُعْر َو ُة ِإىَل َأْص َح اِبِه َفَق اَل َأْي َقْو ِم َو الَّلِه َلَقْد‬
‫ِل‬ ‫ِه‬ ‫ِش‬ ‫ِك‬ ‫ِك‬
‫َو َفْد ُت َعَلى اْلُم ُلو َو َو َفْد ُت َعَلى َقْيَص َر َو ْسَر ى َو الَّنَج ا ِّي َو الَّل ِإْن َر َأْيُت َم ًك ا َقُّط ُيَعِّظُم ُه‬
‫ِم‬ ‫ِإ‬ ‫ِه ِإ‬ ‫ٍد‬
‫َأْص َح اُبُه َم ا ُيَعِّظُم َأْص َح اُب َحُمَّم ‪َ ‬حُمَّم ًد ا َو الَّل ْن َتَنَّخ َم َخُناَم ًة اَّل َو َقَعْت يِف َك ِّف َرُج ٍل ْنُه ْم‬
‫ِئِه ِإ َّل‬ ‫ِت‬ ‫ِإ‬ ‫ِإ‬ ‫ِج‬
‫َفَد َلَك َهِبا َو ْجَهُه َو ْلَد ُه َو َذا َأَم َر ُه ْم اْبَتَد ُر وا َأْم َر ُه َو َذا َتَو َّضَأ َك اُدوا َيْق َت ُلوَن َعَلى َو ُضو َو َذا َتَك َم‬
‫َل ُك َّطَة ْش ٍد‬ ‫ِإ‬ ‫ِظ‬ ‫ِحُي ِإ ِه‬ ‫ِع‬
‫َخ َف ُضوا َأْص َو اَتُه ْم ْنَد ُه َو َم ا ُّدوَن َلْي الَّنَظَر َتْع يًم ا َلُه َو َّنُه َقْد َعَر َض َع ْي ْم ُخ ُر‬
‫َفاْقَبُلوَه ا"(‪.)1‬‬
‫ومعلوم بالضرورة أن حق‪ ،‬وفضل‪ ،‬وبركة الرسول ‪ ‬ال أحد يبلغها من اخلليقة ‪ ،‬ولكن‬

‫() صحيح البخاري ‪،‬كتاب الشروط ‪ ،‬باب الشروط يف اجلهاد ‪ ،‬واملصاحلة مع أهل احلرب وكتابة الشروط ‪ ،‬ح‪، 2731‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪ ،446‬ط‪ ، 2‬مؤسسة احلرمني ‪ ،‬الرياض ‪. 1999-1419 ،‬‬

‫‪171‬‬
‫ينبغي أن ينزل الناس منازهلم ‪ ،‬فالقائد ‪ ،‬واألمري املؤمن ‪ ،‬له حق الطاعة ‪ ،‬والنصرة ‪ ،‬والنصح له‪.‬‬
‫وقد "كتب االتفاق بالصيغة اليت أرادها سهيل ابن عمرو مبعوث قريش ‪ ،‬ومل خيسر النيب ‪‬‬
‫الغاية األساسية ولو مل يتحقق ذلك إال بعد حني كما مت يف العام املقبل ‪ ،‬وكانت املهلة مهمة جدًا‬
‫حيث أهنا فرتة مهمة لتبليغ الدعوة بأمان واالنتشار يف أرجاء جزيرة العرب‪ .‬وتفاوض احلديبية نتج‬
‫عنه الفتح املبني دون سفك للدماء‪ ،‬فكان أعظم الفتوح ‪ ،‬فلقد مساه تبارك وتعاىل ‪ ،‬الفتح املبني ‪،‬‬
‫ففي طريق العودة إىل املدينة نزلت البشرى بسورة الفتح حيث "نزلت هذه السورة الكرمية ملا رجع‬
‫رسول اهلل ‪ ‬من احلديبية يف ذي القعدة من سنة ست من اهلجرة حني صده املشركون عن‬
‫الوصول إىل املسجد احلرام فيقضي عمرته فيه وحالوا بينه وبني ذلك مث مالوا إىل املصاحلة واملهادنة‬
‫وأن يرجع عامه هذا مث يأيت من قابل‪ ،‬فأجاهبم إىل ذلك على تكّر ه من مجاعة من الصحابة منهم‬
‫عمر بن اخلطاب"(‪.)1‬‬
‫ومع تسديد اهلل لرسوله الكرمي ‪ ،‬فقد كان ‪ ‬يعلم ‪ ،‬ويعمل مبا تقتضيه املصلحة كما تظهر‬
‫‪-‬احلنكة السياسية – ويطلق البعض يف الواقع املعاصر على احلنكة السياسية ب ـ " الدبلماسية "(‪.)2‬‬
‫و"املتأمل يف شروط احلديبية يرى أهنا أجنزت للمسلمني ما أرادوا دون سفك للدماء‪ ،‬فعندما‬
‫تفاوض على شروط احلديبية مل يتنازل عن هدف التفاوض اإلساسي بأداء مناسك العمرة‪، ، ،‬‬
‫وهو من فنون التفاوض أن املسلمني حباجة إىل هذه اهلدنة بدون حروب للتفرغ للدعوة بأمان‬
‫ونشر اإلسالم ‪ ،‬كما أن النيب عليه السالم بدأ بالسيطرة على املفاوضات مبنهج املباغتة بطلبه‬
‫التفاوضي بإطالق صراح عثمان بن عفان رضي اهلل عنه‪،‬واليت كانت بيعة الرضوان بسبب احتجاز‬
‫قريش له ‪ ،‬وهذا من عظيم حنكته التفاوضية"(‪.)3‬‬
‫ِجَن‬
‫وما أحوج العامل أمجع أن يتخذوا يف شؤون حياهتم املنهج النبوي يف التفاوض "ِإَّنا ْمَل ْئ‬

‫‪ )( 1‬ابن كثري ‪ ،‬تفسري القرآن العظيم ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج ‪ 4‬ص‪.231‬‬


‫‪ )( 2‬ويقصد بالدبلوماسية "هي استعمال الذكاء والكياسة يف إدارة العالقات الرمسية بني حكومات الدول املستقلة "‪،‬‬
‫‪ . http://www.gl3a.com/vb/showthread.php?p=970634‬طبعًا وليست الكذب ‪ ،‬والزور ‪ ،‬والبهتان ‪ ،‬كما‬
‫هو واقع كثري من الدول املعاصرة اليوم وال حول وال قوة إال باهلل‪.‬‬
‫ويقول الشيخ شوقي عبد اللطيف أن التفاوض اإلسالمي هو فن يف الدبلوماسية ‪ ،‬مضيفًا أن املواقف اليت اختذها الرسول عليه‬
‫السالم حلل األزمات أفصح عن دبلوماسية عالية متتع هبا‪. http://www.hadielislam.com‬‬
‫‪ )(3‬الشيخ شوقي ‪.http://www.al-madina.com/node/205246 . http://www.hadielislam.com‬‬

‫‪172‬‬
‫ِلِق َتاِل َأَح ٍد َو َلِكَّنا ِج ْئَنا ُمْع َتِم ِر يَن "(‪.)1‬‬
‫فاملتأمل اليوم فيما يسمع ويشاهد ويقرأ عن التفاوض ومراحل املفاوضات وطرق وأساليب‬
‫املفاوضني ال يرتقي هلذا النموذج النبوي الرائع من سرية الرسول ‪ ، ‬العطرة‪ ،‬فقد "ظهرت‬
‫حكمته ‪ ‬يف معاملة الرسل من قريش مبا يليق به ‪ ، ‬مما كان له أكرب األثر يف تفهم أولئك‬
‫الرسل ملوقف املسلمني‪ ،‬بل امليل إليه"(‪.)2‬‬

‫بنود التفاوض الرسمي بين الرسول ‪ ‬ومبعوث قريش األخير ‪ ،‬سهيل بن عمرو‪.‬‬
‫كان من البنود اليت مت االتفاق عليها ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬أال يدخل املسلمون احلرم بسالحهم ‪.‬‬
‫‪ -2‬العمرة اآلمنة واحلراسة الكاملة ‪.‬‬
‫‪ -3‬توقف احلرب عشرة أعوام يأمن فيها الناس‪.‬‬
‫‪ -4‬رد من أسلم من قريش إىل قريش ‪.‬‬
‫‪ -5‬من ارتد من املسلمني وحلق بقريش ال يرد إىل املسلمني‪.‬‬
‫‪ -6‬من أحب أن يدخل يف عقد مع حممد وعهده دخل فيه ‪ ،‬ومن أحب أن يدخل يف عقد‬
‫مع قريش وعهدهم دخل فيه ‪.‬‬

‫ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬ ‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬ ‫‪-9‬‬


‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫تقرر لدى املخالفني من أه‪mm‬ل الكت‪mm‬اب ع‪mm‬دم االنقي‪mm‬اد والطاع‪mm‬ة ول‪mm‬ذلك يع‪mm‬دلون يف مفاوض‪m‬اهتم ‪،‬‬
‫بطلب املعج‪mm‬زات ‪ ،‬واخلوارق ‪ ،‬ففي ه‪mm‬ذه اآلي‪mm‬ة الكرمية "س‪mm‬أل اليه‪mm‬ود رس‪mm‬ول اهلل ‪ ‬أن ي‪mm‬نزل عليهم‬
‫كتاب ‪ًm‬ا من الس‪mm‬ماء كم‪mm‬ا ن‪mm‬زلت الت‪mm‬وراة على موس‪mm‬ى مكتوب‪mm‬ة‪ ،‬ق‪mm‬ال ابن ج‪mm‬ريج‪ :‬س‪mm‬ألوه أن ي‪mm‬نزل عليهم‬
‫صحفًا من اهلل مكتوب‪m‬ة إىل فالن وفالن وفالن بتص‪m‬ديقه فيم‪m‬ا ج‪m‬اءهم ب‪m‬ه‪ ،‬وه‪m‬ذا إمنا ق‪m‬الوه على س‪m‬بيل‬
‫التعنت والعناد والكفر واإلحلاد‪ ،‬كما سأل كفار قريش قبلهم نظري ذلك كما هو مذكور يف س‪mm‬ورة‬
‫‪ )(1‬مت خترجيه ص‪.162‬‬
‫‪ )( 2‬احلوار يف السرية النبوية ‪ ،‬السيد علي خضر ‪ ،‬املركز العاملي للتعريف بالرسول صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬ص‪.102‬‬
‫‪ )(3‬سورة النساء اآلية ‪.123‬‬

‫‪173‬‬
‫س‪mm m‬بحان ﮋ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮊ اآلي‪mm m‬ات‪ ،‬وهلذا ق‪mm m‬ال تع‪mm m‬اىل‪:‬‬
‫ﮋ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﮊ(‪ )1‬أي طغي‪mm‬اهنم وبغيهم‪ ،‬وعت‪mm‬وهم‬
‫وعنادهم"(‪ )2‬ولو حتققت هلم املعجزات اليت طلبوها وكم‪m‬ا أرادوا مل يؤمن‪m‬وا ومل ي‪m‬ذعنوا للح‪m‬ق وه‪m‬ذا‬
‫ديدهنم مثلهم مثل ال‪m‬ذين من قبلهم ‪ ،‬وأنت ي‪m‬ا رس‪m‬ول اهلل إن "اس‪m‬تكربت م‪m‬ا س‪m‬ألوه من‪m‬ك فق‪m‬د س‪m‬ألوا‬
‫موس‪mm‬ى علي‪mm‬ه الس‪mm‬الم أك‪mm‬رب من‪mm‬ه وه‪mm‬ذا الس‪mm‬ؤال وإن ك‪mm‬ان من آب‪mm‬ائهم أس‪mm‬ند إليهم ألهنم ك‪mm‬انوا آخ‪mm‬ذين‬
‫مبذهبهم تابعني هلديهم واملعىن إن عرقهم راسخ يف ذلك وأن ما اقرتحوه عليك ليس بأول جهاالهتم‬
‫وخي‪mm‬االهتم فق‪mm‬الوا أرن‪mm‬ا اهلل جه‪mm‬رة عيان‪mm‬ا أرن‪mm‬اه ن‪mm‬ره جه‪mm‬رة أو جماهرين مع‪mm‬اينني ل‪mm‬ه ‪ ،‬فأخ‪mm‬ذهتم الص‪mm‬اعقة‬
‫نار جاءت من قبل السماء فأهلكتهم بظلمهم بسبب ظلمهم وهو تعنتهم وسؤاهلم ما يستحيل يف‬
‫تل‪mm‬ك احلال ال‪mm‬يت ك‪mm‬انوا عليه‪mm‬ا وذل‪mm‬ك ال يقتض‪mm‬ي امتن‪mm‬اع الرؤي‪mm‬ة مطلق‪mm‬ا ‪ ،‬مث اختذوا العج‪mm‬ل من بع‪mm‬د م‪mm‬ا‬
‫جاءهتم البينات"(‪.)3‬‬

‫ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬ ‫‪-10‬‬


‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬ ‫ﯔ ﯕ‬ ‫ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯭ ﯮ ﯯ ﮊ‬ ‫ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬ ‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬ ‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬
‫(‪. ) 4‬‬
‫ويف هذه اآلية الكرمية اليت يظهر فيها التوجيه الرباين لنبيه ‪ ، ‬ويستفاد منها أن التفاوض‬
‫ليس على كل شيء " ﮋ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮊ أي ما يوحى إيل يف أمر‬
‫اإلله إال وحدانيته ﮋ ﮟ ﮠ ﮡ ﮊ منقادون ملا يوحى إيل من وحدانية اإلله واالستفهام مبعىن‬
‫األمر"(‪ .)5‬ومن صفات املفاوض اجليد ‪ ،‬بيان حاله ‪ ،‬والتعريف بنفسه ‪ ،‬وإطالع املقابل على حقيقة‬
‫األمر وتبيان احلدود والصالحيات اليت منحت له ‪.‬‬
‫وهنا "يقول تعاىل آمرًا رسوله صلواته وسالمه عليه أن يقول للمشركني ﮋ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬

‫‪ )(1‬سورة النساء اآلية ‪.153‬‬


‫‪ )(2‬تفسري ابن كثري ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬مرجع سابق ج‪ 1‬ص ‪.706‬‬
‫‪ )(3‬تفسري البيضاوى ـ مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪.275‬‬
‫‪ )(4‬سورة األنبياء اآلية ‪.112‬‬
‫‪ )(5‬تفسري اجلاللني ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.108‬‬

‫‪174‬‬
‫ﮡ ﮊ أي متبعون على ذلك مستسلمون منقادون له ﮋ ﮣ ﮤ‬ ‫ﮝﮞ ﮟ ﮠ‬ ‫ﮚ ﮛ ﮜ‬
‫ﮊ أي تركوا ما دعوهتم إليه ﮋ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮊ أي أعلمتكم أين حرب لكم كما أنكم حرب يل‬
‫ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ‬ ‫بريء منكم كما أنتم برآء مين‪ ,‬كقوله‪ :‬ﮋ ﰈ ﰉ‬
‫ﰖ ﰗ ﮊ(‪ ،)1‬وقوله‪ :‬ﮋ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮊ(‪)2‬أي هو واقع ال حمالة‪ ,‬ولكن ال علم‬
‫يل بقربه وال ببعده ﮋ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﮊ أي إن اهلل يعلم الغيب مجيعه ويعلم ما‬
‫يظهره العباد وما يسرون‪ ,‬يعلم الظواهر والضمائر‪ ,‬ويعلم السر وأخفى‪ ,‬ويعلم ما العباد عاملون يف‬
‫أجهارهم وأسرارهم‪ ,‬وسيجزيهم على ذلك القليل واجلليل‪ .‬وقوله‪:‬‬
‫ﮋ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﮊ أي وما أدري لعل فتنة لكم ومتاع إىل حني‪ .‬قال ابن‬
‫جرير‪ :‬لعل تأخري ذلك عنكم فتنة لكم ومتاع إىل أجل مسمى‪ ,‬ﮋ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﮊ أي افصل‬
‫بيننا وبني قومنا املكذبني باحلق‪ .‬قال قتادة‪ :‬كانت األنبياء عليهم السالم يقولون‪ :‬ﮋ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮊ وأمر رسول اهلل ‪ ‬أن يقول ذلك‪ ,‬وعن مالك عن زيد بن أسلم‪:‬‬
‫ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫ﯨ ﮊ‪ .‬وقوله‪ :‬ﮋ ﯪ ﯫ ﯬ‬ ‫كان رسول اهلل ‪ ‬إذا شهد قتاًال قال‪ :‬ﮋ ﯦ ﯧ‬
‫ﮊ أي على ما يقولون ويفرتون من الكذب ويتنوعون يف مقامات التكذيب واإلفك‪ ,‬واهلل‬
‫املستعان عليكم يف ذلك"(‪.)3‬‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬ ‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭨ ﭩ ﭪ‬ ‫‪-11‬‬
‫ﮊ (‪. ) 4‬‬
‫جرت العادة عند المخالفين ألنبيائهم كثرة طلب المعجزات والخوارق ؛ ليس طلبًا للداللة على الحق‬
‫وصدقهم ومن ثم يؤمنون بهم وبما أتو به من شرائع من عند الله ‪ ،‬ولكنهم يطلبونها رغبة في التعجيز عنها ولم‬
‫يعلموا أن الله على كل شيء قدير ولله سنن في الخالئق يجريها سبحانه وتعالى كما يشاء ‪ ،‬وفي هذه اآلية‬
‫الكريمة "يقول تعالى إخبارًا عن المشركين أنهم يقولون كفرًا وعنادًا ‪ :‬لوال يأتينا بآية من ربه كما أرسل األولون‬
‫‪ ,‬كما تعنتوا عليه أن يجعل لهم الصفا ذهبًا ‪ ,‬وأن يزيح عنهم الجبال ‪ ,‬ويجعل مكانها مروجًا وأنهارًا ‪ ,‬قال‬
‫تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﮊ اآلية‪ ,‬قال الله تعالى‪ :‬ﮋ ﭲ ﭳ ﭴ ﮊ أي إنما عليك أن‬
‫‪ )(1‬سورة يونس اآلية ‪. 41‬‬
‫‪ )(2‬سورة اجلن اآلية ‪.25‬‬
‫‪ )(3‬تفسري ابن كثري ‪ ،‬دار الفكر ج‪ 3‬ص ‪ ، 247‬بتصرف يسري ‪.‬‬
‫‪ )(4‬سورة الرعد اآلية ‪.7‬‬

‫‪175‬‬
‫تبلغ رسالة الله التي أمرك بها‪ ,‬ﮋ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮊ وقوله‪ :‬ﮋ ﭶ ﭷ ﭸ ﮊ قال علي بن أبي‬
‫طلحة عن ابن عباس‪ :‬أي لكل قوم داع‪ .‬وقال العوفي عن ابن عباس في اآلية‪ :‬يقول الله تعالى‪ :‬أنت يا محمد‬
‫منذر‪ ,‬وأنا هادي كل قوم‪ ,‬وكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك وغير واحد‪ .‬وعن مجاهد ﮋ ﭶ ﭷ‬
‫ﭸ ﮊ أي نبي‪ ,‬كقوله‪ :‬ﮋ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮊ‪ ,‬وبه قال قتادة وعبد الرحمن بن زيد‪ .‬وقال أبو‬
‫صالح ويحيى بن رافع ﮋ ﭶ ﭷ ﭸ ﮊ أي قائد‪ .‬وقال أبو العالية‪ :‬الهادي القائد‪ ,‬والقائد اإلمام‪ ,‬واإلمام‬
‫العمل‪ .‬وعن عكرمة وأبي الضحى ﮋ ﭶ ﭷ ﭸ ﮊ قاال‪ :‬هو محمد ‪ .‬وقال مالك‪ :‬ﮋ ﭶ ﭷ ﭸ ﮊ‬
‫يدعوهم إلى الله عز وجل"(‪ ، ) 1‬فال يلزم المفاوض أن يجيب على كل سؤال ‪ ،‬إن لم يكن السؤال في موضوع‬
‫البحث ‪ ،‬وفي االستطاعة ‪.‬‬
‫قوله تعالى ‪ :‬ﮋ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬ ‫‪-12‬‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮊ (‪.)2‬‬
‫مما يس ‪mm m‬تفاد من اآلي ‪mm m‬ات الكرمية ‪ ،‬إب ‪mm m‬راز ال ‪mm m‬داعي ‪ ،‬أو املف ‪mm m‬اوض ‪ ،‬حقيق ‪mm m‬ة نفس ‪mm m‬ه ‪ ،‬وحال ‪mm m‬ه ‪،‬‬
‫وح ‪mm‬دوده ‪ ،‬وتوض ‪mm‬يح م ‪mm‬ا أتى ب ‪mm‬ه من أم ‪mm‬ر ‪ ،‬وبي ‪mm‬ان م ‪mm‬ا ي ‪mm‬دعو إلي ‪mm‬ه ويطلب ‪mm‬ه من املخ ‪mm‬اطبني ‪ ،‬يعت ‪mm‬رب من‬
‫األس‪mm‬اليب التفاوض‪m‬ية القوي‪mm‬ة وب‪mm‬ذلك ال يلبث الن‪mm‬اس ح‪m‬ىت يظه‪mm‬ر ح‪m‬اهلم بني مقب‪mm‬ل مس‪ّm‬لم ‪ ،‬فه‪mm‬و م‪mm‬ؤمن‬
‫س ‪mm‬عيد ‪ ،‬وبني م ‪mm‬دبر مع ‪mm‬رض وه ‪mm‬و ش ‪mm‬قي بعي ‪mm‬د ‪ ،‬ويف ه ‪mm‬ذه اآلي ‪mm‬ة الكرمية "يق ‪mm‬ول تع ‪mm‬اىل لنبي ‪mm‬ه ‪ ‬حني‬
‫طلب من‪m‬ه الكف‪m‬ار وق‪m‬وع الع‪m‬ذاب واس‪m‬تعجلوه ب‪m‬ه ﮋ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﮊ أي إمنا‬
‫أرس‪mm‬لين اهلل إليكم ن‪mm‬ذيرًا لكم‪ ,‬بني ي‪mm‬دي ع‪mm‬ذاب ش‪mm‬ديد‪ ,‬وليس إيل من حس‪mm‬ابكم من ش‪mm‬يء‪ ,‬أم‪mm‬ركم‬
‫إىل اهلل إن شاء عجل لكم العذاب‪ ,‬وإن شاء أخره عنكم‪ ,‬وإن ش‪mm‬اء ت‪mm‬اب على من يت‪mm‬وب إلي‪mm‬ه‪ ,‬وإن‬
‫شاء أضل من كتب عليه الشقاوة‪ ,‬وهو الفعال ملا يشاء ويريد وخيتار ﮋ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﮊ‬
‫ﮋ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﮊ أي آمنت قلوبهم وصدقوا إيمانهم بأعمالهم ﮋ ﭺ ﭻ ﭼ‬
‫ﭽﮊ أي مغفرة لما سلف من سيئاهتم‪ ,‬وجمازاة حسنة على القليل من حسناهتم‪ .‬قال حممد بن كعب‬
‫القرظي‪ :‬إذا مسعت اهلل تعاىل يقول‪ :‬ﮋ ﭼ ﭽ ﮊ فهو اجلنة"(‪.)3‬‬

‫‪ )(1‬تفسري ابن كثري ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ج‪ 2‬ص ‪.610‬‬
‫‪ )(2‬سورة احلج اآلية ‪.51‬‬
‫‪ )(3‬تفسري ابن كثري ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬مرجع سابق ج‪ 3‬ص ‪.280‬‬

‫‪176‬‬
‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬ ‫‪-13‬‬
‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬ ‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﮊ ‪.‬‬ ‫ﯼ ﯽ ﯾ‬
‫مما يستفاد منه يف التفاوض حول القضايا ال سيما اهلامة يف حياة الناس استعمال باألسئلة ملن‬
‫نفاوض ‪ ،‬ومن تلك األسئلة ‪ ،‬األسئلة املفحمة واملكبتة ‪ ،‬حيث يواجه النيب صلى اهلل عليه وسلم ‪،‬‬
‫اإلعراض من فرق شىت فمنهم أهل كتاب ومنهم املشركني الذين عبدوا مع اهلل غريه ‪ ،‬ويف هذه‬
‫اآليات الكرمية يأمر اهلل تعاىل نبيه ‪ ‬أن يبادر املشركني بأسئلة تعد كالصواق املرسلة عليهم ‪،‬‬
‫حيث ال ميلكون إنكار اإلجابات الصحيحة هلا ‪ ،‬فهي أسئلة تدعوهم إىل التقرير بوحدانية اهلل‬
‫وحقه وحده يف العبادة واملتأمل هلذه األسئلة ‪ ،‬جيد نظاما بديعا فيها ‪ ،‬وتعد من قبيل التفاوض‬
‫وتفيد يف أثناء املفاوضات ‪ ،‬واملتأمل يف األسئلة وإجاباهتا جيد فيها ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن األسئلة موجزة خمتصرة ال تتجاوز كلمات معدودة ‪ ،‬كما جاء يف اآليات الكرمية وعلى‬
‫وجازهتا حوت معاين كثرية ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن األسئلة حمددة ‪ ،‬ومعلومة حيث يستطيع اإلجابة عليها من لديهم عقول بشرية ‪ ،‬كبارًا‬
‫أو صغارًا ‪ ،‬ذكرانًا أو إناثًا ‪ ،‬أحرارًا أم عبيدًا ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن اإلجابات على األسئلة تعد تقريرًا ملا يدعوا به النيب صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬
‫ويف هذه اآليات الكرمية"يقرر تعاىل وحدانيته واستقالله باخللق والتصرف وامللك لريشد إىل‬
‫أنه اهلل الذي ال إله إال هو‪ ,‬وال تنبغي العبادة إال له وحده ال شريك له‪ ,‬وهلذا قال لرسوله حممد ‪‬‬
‫أن يقول للمشركني العابدين معه غريه املعرتفني له بالربوبية‪ ,‬وأنه ال شريك له فيها‪ ,‬ومع هذا فقد‬
‫أشركوا معه يف اإلهلية فعبدوا غريه معه مع اعرتافهم أن الذين عبدوهم ال خيلقون شيئًا وال ميلكون‬
‫شيئًا وال يستبدون بشيء‪ ,‬بل اعتقدوا أهنم يقربوهنم إليه زلفى ﮋ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫ﮊ فقال‪ :‬ﮋ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﮊ أي من مالكها الذي خلقها ومن فيها من احليوانات والنباتات‬
‫والثمرات وسائر صنوف املخلوقات ﮋ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﮊ أي فيعرتفون لك بأن ذلك هلل‬
‫وحده ال شريك له‪ ,‬فإذا كان ذلك ﮋ ﯞ ﯟ ﯠ ﮊ أنه ال تنبغي العبادة إال للخالق الرزاق ال لغريه‬

‫‪ )(1‬سورة املؤمنون اآلية ‪.88‬‬

‫‪177‬‬
‫ﮋ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﮊ(‪ )1‬؟ أي من هو خالق العامل العلوي مبا فيه من الكواكب النريات‬
‫واملالئكة اخلاضعني له يف سائر األقطار منها واجلهات‪ ,‬ومن هو رب العرش العظيم‪ ,‬يعين الذي هو‬
‫سقف املخلوقات‪ ,‬كما جاء يف احلديث الذي رواه أبو داود عن رسول اهلل ‪ ‬أنه قال‪" :‬شأن اهلل‬
‫أعظم من ذلك إن عرشه على مسواته هلكذا" وأشار بيده مثل القبة‪ ,‬ويف احلديث اآلخر "ما‬
‫السموات السبع واألرضون السبع وما بينهن وما فيهن يف الكرسي إال كحلقة ملقاة بأرض فالة‪,‬‬
‫وإن الكرسي مبا فيه بالنسبة إىل العرش كتلك احللقة يف تلك الفالة"(‪ )2‬وهلذا قال بعض السلف‪ :‬إن‬
‫مسافة ما بني قطري العرش من جانب إىل جانب مسرية مخسني ألف سنة‪ ,‬وارتفاعه عن األرض‬
‫السابعة مسرية مخسني ألف سنة‪ ,‬وقال ابن عباس‪ :‬إمنا مسي عرشًا الرتفاعه‪.‬‬
‫وعن كعب األحبار‪ :‬إن السموات واألرض يف العرش كالقنديل املعلق بني السماء واألرض‪.‬‬
‫وقال جماهد‪ :‬ما السموات واألرض يف العرش إال كحلقة يف أرض فالة ‪ ،‬قال ابن عباس‪ :‬العرش ال‬
‫يقدر قدره أحد‪ ,‬ويف رواية‪ :‬إال اهلل عز وجل‪ ,‬وقال بعض السلف‪ :‬العرش من ياقوتة محراء‪ ,‬وهلذا‬
‫قال ههنا‪ :‬ﮋ ﯧ ﯨ ﯩ ﮊ أي الكبري‪ .‬وقال يف آخر السورة ﮋ ﯪ ﯫ ﯬ ﮊ أي احلسن البهي‪,‬‬
‫فقد مجع العرش بني العظمة يف اإلتساع والعلو واحلسن الباهر‪ ,‬وهلذا قال من قال إنه من ياقوتة‬
‫محراء‪ .‬وقال ابن مسعود‪ :‬إن ربكم ليس عنده ليل وال هنار‪ ,‬نور العرش من نور وجهه ‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫ﮋ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﮊ أي إذا كنتم تعرتفون بأنه رب السموات ورب العرش العظيم‪ ,‬أفال‬
‫ختافون عقابه وحتذرون عذابه يف عبادتكم معه غريه وإشراككم به"(‪.)3‬‬
‫فاملتأمل للسياق القرآين الكرمي ‪ ،‬جيد أن هناك موضوعا ‪ ،‬جلال ‪ ،‬كيف ال وهو يتحتث عن‬
‫أعظم شيئ يف الوجود ‪ ،‬وهو وحدانية اهلل ‪ ،‬واستحقاقه وحده ال شريك له يف العبادة ‪ ،‬وهناك‬
‫سائل ‪ ،‬بأدلة ناصعة وواضحة ‪ ،‬ومسؤول ‪ ،‬ال يتمالك سوى اإلجابة الصحيحة ‪ ،‬ولكن ضّلت‬
‫نفوسهم ‪ ،‬واتبعوا أهواءهم ‪.‬‬
‫كما يستنبط من ثنايا هذه اآليات ‪ ،‬العلم بأن لألسئلة أمهية بالغة ‪ ،‬وخاصًة تلك اليت‬
‫تستخرج اإلجابة والدليل من املسؤول ‪ ،‬أو على أقل تقدير قد يلتزم الصمت ‪ ،‬وهو الكبت‬
‫‪)(1‬سورة املؤمنون اآلية ‪.٨٦‬‬
‫‪ )( 2‬سنن أبو داوود ‪ ،‬أبوداوود سليمان بن األشعث السجستاين‪ ،‬كتاب السنة باب يف اجلهمية ح‪ 4726‬ج‪ 2‬ص‪،644‬‬
‫ضعيف‬
‫‪ )(3‬تفسري ابن كثري ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬مرجع سابق ‪ 3‬ص ‪ ، 309‬بتصرف يسري ‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫واالفحام ‪ ،‬وفيه قوة احلجة والربهان يف سائر املفاوضات بني الناس‪.‬‬
‫وعلى طالب احلق دعم دعواه مبثل هذه األسئلة لقوة احلجة والدليل الذي ال مرية فيه‪.‬‬

‫قوله تعالى‪ :‬ﮋ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮊ(‪.)1‬‬ ‫‪-14‬‬


‫من يتم معهم امليثاق أو العهد ‪ ،‬أو الصلح ‪ ،‬ليسوا سواء ‪ ،‬فمنهم ‪ ،‬من تشعر أن لديهم‬
‫خيانًة وقد ترى عالمات ذلك ويف ثنايا اآلية الكرمية "أي ليكن علمك وعلمهم بنبذ العهود على‬
‫السواء ‪ ،‬فليس يف اإلسالم غدرا ‪ ،‬وال خمادعة ‪ ،‬وال غيلة ‪ ،‬بل اإلسالم هو احملجة البيضاء ليلها‬
‫كنهارها ﮋ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮊ عاهدوك ﮋ ﮡ ﮊ يف عهد بإمارة تلوح لك ﮋ ﮢ ﮊ اطرح‬
‫عهدهم ﮋ ﮣ ﮤ ﮥ ﮊ حال أي مستويًا أنت وهم يف العلم بنقض العهد بأن تعلمهم به لئال‬
‫يتهموك بالغدر ﮋ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮊ "(‪.)2‬‬
‫ومما يستفاد من هذه اآلية الكرمية أن العهود واملواثيق هلا أمهيتها وأنه يلزم املسلمني احلرص‬
‫واليقضة واالنتباه والتحسس مع ممن تعقد معهم املفاوضات ويتم أخذ العهود واملواثيق وإبرام‬
‫الصلح أو عقد هدنة وحنوه معهم ويف حالة اخلوف من خيانتهم أو غدرهم واملكر منهم يتم حل‬
‫ونقض ما مت عقده معهم وإعالمهم بذلك ‪.‬‬
‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ‬ ‫‪-15‬‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫يف اآلية الكرمية داللة واضحة على ضرورة االلتزام بنتائج املفاوضات من مواثيق وعهود‬
‫وحنوه ما مل يتم نقضها ‪ ،‬كما يتبني يف هذه اآلية الكرمية " ﮋ ﮟ ﮠ ﮡ ﮊ يلجؤون ﮋ ﮢ ﮣ ﮤ‬
‫ﮥ ﮦ ﮊ عهد باألمان هلم وملن وصل إليهم كما عاهد النيب ‪ ‬هالل بن عومير األسلمي ﮋ ﮧ ﮊ‬
‫الذين ﮋ ﮨ ﮊ وقد ﮋ ﮩ ﮊ ضاقت ﮋ ﮪ ﮊ عن ﮋ ﮫ ﮬ ﮊ مع قومهم ﮋ ﮭ ﮮ ﮯ ﮊ معكم‬
‫أي ممسكني عن قتالكم فال تتعرضوا إليهم بأخذ وال قتل ‪ ،‬وهذا وما بعده منسوخ بآية السيف ﮋ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﮊ تسليطهم عليكم‬

‫‪ )(1‬سورة األنفال اآلية‪.58‬‬


‫‪ )(2‬سورة األنفال اآلية ‪.58‬‬
‫‪ )(3‬سورة النساء اآلية ‪.90‬‬

‫‪179‬‬
‫ﮋ ﯕ ﯖ ﮊ بأن يقوي قلوهبم ﮋ ﯗ ﮊ ولكنه مل يشأه فألقى يف قلوهبم الرعب‬
‫ﮋ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﮊ طريقا باألخذ والقتل"(‪.)1‬‬
‫‪ -16‬قوله تعالى ‪ :‬ﮋ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮊ ( ‪. )2‬‬ ‫ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫احلق تظهره قوة احلجة والدليل والربهان و"يقرر ربنا تبارك وتعاىل أنه ال إله إال هو‪ ,‬ألهنم‬
‫معرتفون بأنه هو الذي خلق السموات واألرض‪ ,‬وهو رهبا ومدبرها‪ ,‬وهم مع هذا قد اختذوا من‬
‫دونه أولياء يعبدوهنم‪ ,‬وأولئك اآلهلة ال متلك ألنفسها وال لعابديها بطريق األوىل نفعًا وال ضرًا‪ ,‬أي‬
‫ال حتصل هلم منفعة وال تدفع عنهم مضرة‪ ,‬فهل يستوي من عبد هذه اآلهلة مع اهلل‪ ,‬ومن عبد اهلل‬
‫وحده ال شريك له فهو على نور من ربه ؟ وهلذا قال‪ :‬ﮋ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬
‫ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮊ أي أجعل هؤالء املشركون مع اهلل آهلة تناظر‬
‫الرب ومتاثله يف اخللق فخلقوا كخلقه فتشابه اخللق عليهم فال يدرون أهنا خملوقة من خملوق غريه‬
‫أي ليس األمر كذلك فإنه ال يشاهبه شيء‪ ,‬وال مياثله وال ند له وال عدل له وال وزير له وال ولد‬
‫وال صاحبة تعاىل اهلل عن ذلك علوًا كبريًا وإمنا عبد هؤالء املشركون معه آهلة هم معرتفون أهنا‬
‫خملوقة له‪ ,‬عبيد له‪ ,‬كما كانوا يقولون يف تلبيتهم‪ :‬لبيك ال شريك لك‪ ,‬إال شريكًا هو لك‪ ,‬متلكه‬
‫وما ملك"(‪. )3‬‬
‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬ ‫‪-17‬‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮊ (‪. ) 4‬‬
‫أمر بالوفاء بالعهد ‪ ،‬إن العهد كان مسؤوال ‪ ،‬والوفاء واجب يف حق اهلل تعاىل ويف حق‬
‫اخللق فأميا عهد نتج عن طريق معاهدة أو ميثاق وجب الوفاء به ‪ ،‬وبنود املفاوضات اليت مت االتفاق‬
‫عليها دومنا إكراه أو خمادعة ‪ ،‬وجب االلتزام هبا كذلك ‪.‬‬

‫‪ )( 1‬تفسري اجلاللني ‪ ،‬جالل الدين حممد بن أمحد احمللي ‪ ،‬وجالل الدين عبدالرمحن بن أيب بكر السيوطي ‪ ،‬دار احلديث‬
‫القاهرة ‪ ،‬ط األوىل ج‪ ، 1‬ص‪.116‬‬
‫‪ )(2‬سورة الرحد الآلية ‪.16‬‬
‫‪ )(3‬تفسري ابن كثري‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪.617‬‬
‫‪ )(4‬سورة النحل اآلية ‪.91‬‬

‫‪180‬‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﮊ ( ‪. )1‬‬ ‫‪ -18‬قوله تعالى ‪ :‬ﮋ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ‬
‫يرد القرآن الكرمي على الكفار ويدحض دعواهم وإفكهم ومزاعمهم الباطلة دعوى تلو‬
‫األخرى حىت ال يبقى هلم دعوى إال وقد بددها القرآن وكشف ضالهلا وزيغها ‪ ،‬وينبغي للمؤمن‬
‫أن يعتد بالعلم وخاصة لدى مفاوضة أهل الباطل‪ ،‬ليتمكن من الرد على املزاعم الباطلة ويفندها‬
‫ويبني عورها‪.‬‬
‫قوله تعالى ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬ ‫‪-19‬‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬ ‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬ ‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬ ‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬ ‫ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬ ‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫ﭥ ﭦ‬ ‫ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﮊ(‪.)2‬‬
‫قريش كعادهتا تسعى سعيًا حثيثًا ‪،‬وتعد العدة ‪ ،‬وتبذل الغايل والنفيس لثين النيب ‪ ‬عن‬
‫دعوته لإلسالم حىت وصل األمر للمفاوضة على ذلك بعروض من متاع الدنيا وزينتها ‪ ،‬تعرضها‬
‫على النيب مقابل ترك الدعوة ‪ ، ...‬ومن ذلك مفاوضة عتبة بن ربيعة للنيب ‪ ‬وحياول أن يسرتضيه‬
‫ليكف عن تبليغ دعوته لإلسالم ‪ ،‬حيث "اجتمع نفر من قريش يومًا فقالوا‪ :‬انظروا أعلمكم‬
‫بالسحر والكهانة والشعر‪ ،‬فليأت هذا الرجل الذي فرق مجاعتنا‪ ،‬وشتت أمرنا‪ ،‬وعاب ديننا‪،‬‬
‫فليكلمه‪ ،‬ولينظر ماذا يرد عليه‪ ،‬فقالوا‪ :‬ما نعلم أحدًا غري عتبة بن ربيعة‪.‬‬
‫وأرسلت قريش‪ ،‬عتبة بن ربيعة وهو رجل رزين هادئ فذهب إىل رسول اهلل ‪ ‬يقول‪ :‬يا‬
‫ابن أخي‪ ،‬إنك منا حيث قد علمت من املكان يف النسب‪ ،‬وقد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به‬
‫مجاعتهم‪ ،‬فامسع مين أعرض عليك أمورًا لعلك تقبل بعضها‪ ،‬إن كنت إمنا تريد هبذا األمر ماًال‬
‫مجعنا لك من أموالنا‪ ،‬حىت تكون أكثرنا ماًال‪ ،‬وإن كنت تريد شرفًا سودناك علينا‪ ،‬فال نقطع أمرًا‬
‫دونك‪ ،‬وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا‪ ،‬وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه‪ ،‬ال تستطيع رده‬
‫عن نفسك‪ ،‬طلبنا لك الطب‪ ،‬وبذلنا فيه أموالنا حىت تربأ‪ ،‬فلما فرغ من قوله‪ ،‬تال رسول اهلل عليه‬
‫‪ )(1‬سورة اإلسراء اآلية ‪.40‬‬
‫‪ )(2‬سورة فصلت‪ ،‬اآليات ‪.13 -1‬‬

‫‪181‬‬
‫ﭞ ﭟ‬ ‫الصالة والسالم صدر سورة فصلت ‪" :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬
‫ﮊ حىت وصل النيب ‪ ‬إىل قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﮊ ‪ ،‬فأمسك عتبة‬
‫على فيه‪ ،‬وناشده الرحم أن يكف عنه ‪ ،‬مث انتهى رسول اهلل ‪ ‬إىل السجدة منها فسجد‪ ،‬مث قال‪:‬‬
‫قد مسعت أبا الوليد ما مسعت فأنت وذاك‪ ،‬فقال‪ :‬ما عندك غري هذا؟‪ ،‬فقال‪ :‬ما عندي غري هذا‪،‬‬
‫فقام عتبة‪ ،‬ومل يعد إىل أصحابه‪ ،‬واحتبس عنهم ‪.‬‬
‫ويف رواية "أن عتبة بن ربيعة ‪ -‬وكان سيدًا ‪ -‬قال يومًا وهو جالس يف نادي قريش ورسول‬
‫اهلل جالس يف املسجد وحده‪ :‬يا معشر قريش‪ ،‬أال أقوم إىل حممد فأكلمه وأعرض عليه أمورًا لعله‬
‫يقبل بعضها فنعطيه أيها شاء ويكف عنا؟ وذلك حني أسلم محزة ورأوا أصحاب رسول اهلل‬
‫يزيدون ويكثرون فقالوا‪ :‬بلى يا أبا الوليد‪ ،‬قم إليه فكلمه‪ ،‬فقام إليه عتبة حىت جلس إىل رسول اهلل‬
‫فقال‪ :‬يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت من السطة يف العشرية واملكان يف النسب‪ ،‬وإنك أتيت‬
‫قومك بأمر عظيم فرقت به مجاعتهم وسّف هت به أحالمهم وعبت به آهلتهم ودينهم وكّف رت به من‬
‫مضى من آبائهم‪ ،‬فامسع مين أعرض عليك أمورًا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها‪.‬‬
‫قال فق‪m‬ال ل‪m‬ه رس‪m‬ول اهلل ‪ : ‬ق‪m‬ل ي‪m‬ا أب‪m‬ا الولي‪m‬د أمسع‪ ،‬ق‪m‬ال‪ :‬ي‪m‬ا ابن أخي‪ ،‬إن كنَت إمنا تري‪m‬د مبا‬
‫جئت به من هذا األمر ماًال مجعنا ل‪m‬ك من أموالن‪m‬ا ح‪m‬ىت تك‪m‬وَن أكثرن‪m‬ا م‪m‬اًال‪ ،‬وإن كنت تري‪m‬د ب‪m‬ه ش‪m‬رفًا‬
‫سّو دناك علينا حىت ال نقطع أمرًا دونك وإن كنت تريد به ملكًا ملكناك علينا‪ ،‬وإن كان ه‪mm‬ذا ال‪mm‬ذي‬
‫يأتيك رئيًا تراه ال تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا في‪mm‬ه أموالن‪mm‬ا ح‪m‬ىت نربئ‪mm‬ك من‪mm‬ه‪ ،‬فإن‪mm‬ه‬
‫رمبا غلب التابع على الرجل حىت يداوى منه‪...‬حىت إذا فرغ عتب‪mm‬ة ورس‪mm‬ول اهلل ‪ ‬يس‪mm‬تمع من‪mm‬ه ق‪mm‬ال‪:‬‬
‫أقد فرغت يا أبا الوليد؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فامسع مين‪ ،‬قال‪ :‬أفعل‪ ،‬فقال ‪ِ :‬بْس ِم الَّل ِه ال‪َّm‬ر َمْحِن ال‪َّm‬ر ِح يِم ﮋ‬
‫ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﮊ (‪ )1‬مث مضى رسول اهلل فيها يقرؤها‬
‫عليه‪ ،‬فلما مسعها منه عتبة أنصت هلا وألقى يديه خلف ظهره معتمدًا عليهما يسمع منه"(‪.)2‬‬
‫مث عاد عتبة إىل أصحابه فقال بعضهم لبعض ‪ :‬لقد جاء أبو الوليد بغري الوجه الذي ذهب به‪،‬‬
‫فسألوه ما وراءك فقال إنه مسع كالما ما مسع مبثله قط فال هو بشاعر وال كاهن وال ساحر‪،‬‬
‫وطلب منهم أن خيلوا بينهم وبني حممد وأن يرتكوه لشأنه‪ ،‬فإن يقتله العرب فقد كفوهم شره‪ ،‬وان‬

‫‪ )(1‬سورة فصلت اآليات ‪.3 -1‬‬


‫‪ )( 2‬تفسري القرآن العظيم ‪ ،‬بن كثري ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪. 80 - 79‬‬

‫‪182‬‬
‫يظهر عليهم فسيكونون أسعد العرب به فملكه ملكهم وعزه عزهم فقالت قريش‪ :‬لقد سحرك‬
‫حممد واهلل يا أبا الوليد فقال عتبه‪ :‬هذا رأيي فاصنعوا ما بدا لكم"(‪ )1‬واملتأمل هلذا املوقف التفاوضي‬
‫الذي بدأت به قريش ‪ ،‬جيد أن قريشًا انتدبت وفوضت رجل يتصف مبواصفات ال تتوفر يف غريه ‪،‬‬
‫وهذا يظهر مدى أمهية التفاوض لدى أهل الباطل ‪.‬‬
‫وهذا املوقف التفاوضي مت إيراده بطوله نظرًا الشتماله على جوانب هامة يف التفاوض‪ ،‬منها‬
‫وضوح املوضوع وحتديد الطلب وحتديد أطراف التفاوض‪.‬‬
‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬ ‫‪-20‬‬
‫ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬ ‫ﮚ ﮛ ﮜ‬ ‫ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬ ‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫دع‪mm‬اة الباط‪mm‬ل في المفاوض‪mm‬ات ‪ ،‬تتع‪mm‬دد وس‪mm‬ائلهم ‪ ،‬وتتن‪mm‬وع أس‪mm‬اليبهم ‪ ،‬ويعتريه‪mm‬ا المراوغ‪mm‬ة والتعنت ‪،‬‬
‫واتب‪m‬اع اله‪m‬وى وتقديم‪m‬ه على الح‪m‬ق ‪ ،‬وفي ه‪m‬ذه اآلي‪m‬ات الكريم‪m‬ات ورد عن ابن عب‪m‬اس ‪ " ‬أن عتب‪m‬ة وش‪m‬يبة‬
‫اب‪mm‬ني ربيع‪mm‬ة وأب‪mm‬ا س‪mm‬فيان بن ح‪mm‬رب ورجًال من ب‪mm‬ني عب‪mm‬د ال‪mm‬دار‪ ,‬وأب‪mm‬ا البخ‪mm‬تري أخ‪mm‬ا ب‪mm‬ني أس‪mm‬د‪ ,‬واألس‪mm‬ود بن‬
‫المطلب بن أسد وزمعة بن األسود‪ ,‬والوليد بن المغيرة وأبا جه‪m‬ل بن هش‪m‬ام وعب‪m‬د الل‪m‬ه بن أبي أمي‪m‬ة ‪ ,‬وأمي‪m‬ة‬
‫بن خلف والعاص بن وائل ونبيهًا ومنبهًا ابني الحجاج السهميين‪ ,‬اجتمعوا أو من اجتمع منهم بعد غروب‬
‫الش‪m‬مس عن‪m‬د ظه‪m‬ر الكعب‪m‬ة‪ ,‬فق‪m‬ال بعض‪m‬هم لبعض‪ :‬ابعث‪m‬وا إلى محم‪m‬د فكلم‪m‬وه وخاص‪m‬موه ح‪m‬تى تع‪m‬ذروا في‪m‬ه‪,‬‬
‫فبعثوا إليه أن أشراف قوم‪m‬ك ق‪m‬د اجتمع‪m‬وا ل‪m‬ك ليكلم‪m‬وك‪ ,‬فج‪m‬اءهم رس‪m‬ول الل‪m‬ه ‪ ‬س‪m‬ريعًا وه‪m‬و يظن أن‪m‬ه ق‪m‬د‬
‫بدا لهم في أمره بداء‪ ,‬وكان عليهم حريص‪ًm‬ا يحب رش‪m‬دهم ويع‪m‬ز علي‪m‬ه عنتهم ح‪m‬تى جلس إليهم‪ ,‬فق‪m‬الوا‪ :‬ي‪m‬ا‬
‫محمد إنا قد بعثنا إليك لنعذر في‪m‬ك‪ ,‬وإن‪m‬ا والل‪m‬ه م‪m‬ا نعلم رجًال من الع‪m‬رب أدخ‪m‬ل على قوم‪m‬ه م‪m‬ا أدخلت على‬
‫قوم‪m‬ك‪ ,‬لق‪m‬د ش‪m‬تمت اآلب‪m‬اء وعبت ال‪m‬دين وس‪m‬فهت األحالم وش‪m‬تمت اآلله‪m‬ة وف‪m‬رقت الجماع‪m‬ة‪ ,‬فم‪m‬ا بقي من‬
‫ق‪mm‬بيح إال وق‪mm‬د جئت‪mm‬ه فيم‪mm‬ا بينن‪mm‬ا وبين‪mm‬ك‪ ,‬ف‪mm‬إن كنت إنم‪mm‬ا جئت به‪mm‬ذا الح‪mm‬ديث تطلب ب‪mm‬ه م‪mm‬اًال جمعن‪mm‬ا ل‪mm‬ك من‬
‫أموالن‪m‬ا ح‪m‬تى تك‪m‬ون أكثرن‪m‬ا م‪m‬اًال‪ ,‬وإن كنت إنم‪m‬ا تطلب الش‪m‬رف فين‪m‬ا س‪m‬ودناك علين‪m‬ا‪ ,‬وإن كنت تري‪m‬د ملك‪ًm‬ا‬
‫ملكناك علينا‪ ,‬وإن كان هذا الذي يأتيك بم‪m‬ا يأتي‪m‬ك رئي‪ًm‬ا ت‪m‬راه ق‪m‬د غلب علي‪m‬ك ‪ -‬وك‪m‬انوا يس‪m‬مون الت‪m‬ابع من‬
‫الجن الرئي ‪ -‬فربم‪m‬ا ك‪m‬ان ذل‪m‬ك ب‪m‬ذلنا أموالن‪m‬ا في طلب الطب ح‪m‬تى نبرئ‪m‬ك من‪m‬ه أو نع‪m‬ذر في‪m‬ك‪ ,‬فق‪m‬ال رس‪m‬ول‬
‫‪ )(1‬تفسري القرآن العظيم املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 78‬‬
‫‪ )(2‬سورة اإلسراء اآليات ‪.93 - 90‬‬

‫‪183‬‬
‫الل ‪mm‬ه ‪ : ‬م ‪mm‬ا بي م ‪mm‬ا تقول ‪mm‬ون‪ ,‬م ‪mm‬ا جئتكم بم ‪mm‬ا جئتكم ب ‪mm‬ه أطلب أم ‪mm‬والكم وال الش ‪mm‬رف فيكم وال المل ‪mm‬ك‬
‫عليكم‪ ,‬ولكن الل ‪mm‬ه بعث ‪mm‬ني إليكم رس ‪mm‬وًال وأن ‪mm‬زل علي كتاب ‪ًm‬ا وأم ‪mm‬رني أن أك ‪mm‬ون لكم بش ‪mm‬يرًا ون ‪mm‬ذيرًا‪ ,‬فبلغتكم‬
‫رساالت ربي ونصحت لكم فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا واآلخ‪m‬رة‪ ,‬وإن ت‪m‬ردوه علّي‬
‫أص‪m‬بر ألم‪m‬ر الل‪m‬ه ح‪m‬تى يحكم الل‪m‬ه بي‪m‬ني وبينكم" أو كم‪m‬ا ق‪m‬ال رس‪m‬ول الل‪m‬ه ‪ ‬تس‪m‬ليمًا‪ ,‬فق‪m‬الوا‪ :‬ي‪m‬ا محم‪m‬د ف‪m‬إن‬
‫كنت غير قابل منا ما عرضنا عليك فقد علمت أن‪m‬ه ليس أح‪m‬د من الن‪m‬اس أض‪m‬يق من‪m‬ا بالدًا وال أق‪m‬ل م‪m‬اًال‪ ,‬وال‬
‫أشد عيشًا منا‪ ,‬فاس‪m‬أل لن‪m‬ا رب‪m‬ك ال‪m‬ذي بعث‪m‬ك بم‪m‬ا بعث‪m‬ك ب‪m‬ه‪ ,‬فليس‪m‬ير عن‪m‬ا ه‪m‬ذه الجب‪m‬ال ال‪m‬تي ق‪m‬د ض‪m‬يقت علين‪m‬ا‪,‬‬
‫وليبسط لنا بالدنا وليفجر فيها أنهارًا كأنه‪m‬ار الش‪m‬ام والع‪m‬راق‪ ,‬وليبعث لن‪m‬ا من مض‪m‬ى من آبائن‪m‬ا‪ ,‬وليكن فيمن‬
‫يبعث لن‪mm‬ا منهم قص‪mm‬ي بن كالب‪ ,‬فإن‪mm‬ه ك‪mm‬ان ش‪mm‬يخًا ص‪mm‬دوقًا‪ ,‬فنس‪mm‬ألهم عم‪mm‬ا تق‪mm‬ول ح‪mm‬ق ه‪mm‬و أم باط‪mm‬ل ؟ ف‪mm‬إن‬
‫صنعت ما سألناك وصدقوك صدقناك وعرفنا به منزلتك عند الله‪ ,‬وأنه بعثك رس‪m‬وًال كم‪m‬ا تق‪m‬ول‪ .‬فق‪m‬ال لهم‬
‫رسول الله ‪" : ‬ما بهذا بعثت‪ ,‬إنما جئتكم من عند الله بما بعثني به‪ ,‬فق‪m‬د بلغتكم م‪m‬ا أرس‪m‬لت ب‪m‬ه إليكم‪,‬‬
‫فإن تقبلوه فه‪m‬و حظكم في ال‪m‬دنيا واآلخ‪m‬رة‪ ,‬وإن ت‪m‬ردوه علي أص‪m‬بر ألم‪m‬ر الل‪m‬ه ح‪m‬تى يحكم الل‪m‬ه بي‪m‬ني وبينكم"‬
‫ق‪m‬الوا‪ :‬ف‪m‬إن لم تفع‪m‬ل لن‪m‬ا ه‪m‬ذا فخ‪m‬ذ لنفس‪m‬ك‪ ,‬فس‪m‬ل رب‪m‬ك أن يبعث ملك‪ًm‬ا يص‪m‬دقك بم‪m‬ا تق‪m‬ول ويراجعن‪m‬ا عن‪m‬ك‪,‬‬
‫وتس‪mm‬أله فيجع‪mm‬ل ل‪mm‬ك جن‪mm‬ات وكن‪mm‬وزًا وقص‪mm‬ورًا من ذهب وفض‪mm‬ة‪ ,‬ويغني‪mm‬ك به‪mm‬ا عم‪mm‬ا ن‪mm‬راك تبتغي‪ ,‬فإن‪mm‬ك تق‪mm‬وم‬
‫باألسواق وتلتمس المعاش كما نلتمسه‪ ,‬حتى نعرف فضل منزلتك من ربك إن كنت رس‪m‬وًال كم‪m‬ا ت‪m‬زعم‪,‬‬
‫فقال لهم رسول الله ‪" : ‬ما أن‪m‬ا بفاع‪m‬ل‪ ,‬م‪m‬ا أن‪m‬ا بال‪m‬ذي يس‪m‬أل رب‪m‬ه ه‪m‬ذا‪ ,‬وم‪m‬ا بعثت إليكم به‪m‬ذا‪ ,‬ولكن الل‪m‬ه‬
‫بعثني بشيرًا ون‪m‬ذيرًا‪ ,‬ف‪m‬إن تقبل‪m‬وا م‪m‬ا جئتكم ب‪m‬ه‪ ,‬فه‪m‬و حظكم في ال‪m‬دنيا واآلخ‪m‬رة‪ ,‬وإن ت‪m‬ردوه علي أص‪m‬بر ألم‪m‬ر‬
‫الله حتى يحكم الله بيني وبينكم " قالوا‪ :‬فأسقط السماء كما زعمت أن ربك إن ش‪m‬اء فع‪m‬ل ذل‪m‬ك‪ ,‬فإن‪m‬ا لن‬
‫ن‪mm‬ؤمن ل‪mm‬ك إال أن تفع‪mm‬ل‪ .‬فق‪mm‬ال لهم رس‪mm‬ول الل‪mm‬ه ‪" : ‬ذل‪mm‬ك إلى الل‪mm‬ه‪ ,‬إن ش‪mm‬اء فع‪mm‬ل بكم ذل‪mm‬ك" فق‪mm‬الوا‪ :‬ي‪mm‬ا‬
‫محم‪m‬د أم‪m‬ا علم رب‪m‬ك أن‪m‬ا س‪m‬نجلس مع‪m‬ك ونس‪m‬ألك عم‪m‬ا س‪m‬ألناك عن‪m‬ه ونطلب من‪m‬ك م‪m‬ا نطلب‪ ,‬فيق‪m‬دم إلي‪m‬ك‬
‫ويعلمك ما تراجعنا به‪ ,‬ويخبرك ما هو صانع في ذلك بنا إذا لم نقب‪m‬ل من‪m‬ك م‪m‬ا جئتن‪m‬ا ب‪m‬ه‪ ,‬فق‪m‬د بلغن‪m‬ا أن‪m‬ه إنم‪m‬ا‬
‫يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له الرحمن‪ ,‬وإنا والله ال نؤمن بالرحمن أب‪m‬دًا‪ ,‬فق‪m‬د أع‪m‬ذرنا إلي‪m‬ك ي‪m‬ا محم‪m‬د‪,‬‬
‫أما والله ال نتركك وما فعلت بنا حتى نهلك أو تهلكنا‪ ,‬وقال قائلهم‪ :‬نحن نعبد المالئكة وهي بنات الله‪.‬‬
‫وقال ق‪m‬ائلهم‪ :‬لن ن‪m‬ؤمن ل‪m‬ك ح‪m‬تى ت‪m‬أتي بالل‪m‬ه والمالئك‪m‬ة ق‪m‬بيًال ‪ ,‬فلم‪m‬ا ق‪m‬الوا ذل‪m‬ك‪ ,‬ق‪m‬ام رس‪m‬ول الل‪m‬ه ‪ ‬عنهم‪,‬‬
‫وقام معه عبد الل‪m‬ه بن أبي أمي‪m‬ة بن المغ‪m‬يرة بن عب‪m‬د الل‪m‬ه بن عم‪m‬ر بن مخ‪m‬زوم‪ ,‬وه‪m‬و ابن عمت‪m‬ه عاتك‪m‬ة ابن‪m‬ة عب‪m‬د‬
‫المطلب‪ ,‬فق‪mm‬ال‪ :‬ي‪mm‬ا محم‪mm‬د ع‪mm‬رض علي‪mm‬ك قوم‪mm‬ك م‪mm‬ا عرض‪mm‬وا فلم تقبل‪mm‬ه منهم‪ ,‬ثم س‪mm‬ألوك ألنفس‪mm‬هم أم‪mm‬ورًا‬

‫‪184‬‬
‫ليعرفوا بها منزلتك من الله فلم تفعل ذلك‪ ,‬ثم س‪m‬ألوك أن تعج‪m‬ل لهم م‪m‬ا تخ‪m‬وفهم ب‪m‬ه من ع‪m‬ذاب‪ ,‬ف‪m‬و الل‪m‬ه ال‬
‫أؤمن ب‪mm‬ك أب ‪m‬دًا ح‪mm‬تى تتخ‪mm‬ذ إلى الس‪mm‬ماء س‪mm‬لمًا‪ ,‬ثم ت‪mm‬رقى في‪mm‬ه وأن‪mm‬ا أنظ‪mm‬ر ح‪mm‬تى تأتيه‪mm‬ا وت‪mm‬أتي مع‪mm‬ك بص‪mm‬حيفة‬
‫منشورة ومعك أربعة من المالئكة يشهدون لك أنك كم‪m‬ا تق‪m‬ول‪ ,‬وأيم الل‪m‬ه ل‪m‬و فعلت ب‪m‬ذلك لظننت أني ال‬
‫أص‪m‬دقك‪ ,‬ثم انص‪m‬رف عن رس‪m‬ول الل‪m‬ه ‪ , ‬وانص‪m‬رف رس‪m‬ول الل‪m‬ه ‪ ‬إلى أهل‪m‬ه حزين‪ًm‬ا أس‪m‬فًا لم‪m‬ا فات‪m‬ه مم‪m‬ا‬
‫ك‪m‬ان طم‪m‬ع في‪m‬ه من قوم‪m‬ه حين دع‪m‬وه‪ ,‬ولم‪m‬ا رأى من مباع‪m‬دتهم إي‪m‬اه‪ ,‬وهك‪m‬ذا رواه زي‪m‬اد بن عب‪m‬د الل‪m‬ه البك‪m‬ائي‬
‫عن ابن إس‪mm‬حاق‪ :‬ح‪mm‬دثني بعض أه‪mm‬ل العلم عن س‪mm‬عيد بن جب‪mm‬ير وعكرم‪mm‬ة عن ابن عب‪mm‬اس ف‪mm‬ذكر مثل‪mm‬ه س‪mm‬واء‪.‬‬
‫وهذا المجلس الذي اجتم‪m‬ع ه‪m‬ؤالء ل‪m‬ه‪ ,‬ل‪m‬و علم الل‪m‬ه منهم أنهم يس‪m‬ألون ذل‪m‬ك استرش‪m‬ادًا ألجيب‪m‬وا إلي‪m‬ه‪ ,‬ولكن‬
‫علم أنهم إنم‪m‬ا يط‪m‬البون ذل‪m‬ك كف‪m‬رًا وعن‪m‬ادًا ل‪m‬ه‪ ,‬فقي‪m‬ل لرس‪m‬ول الل‪m‬ه ‪ : ‬إن ش‪m‬ئت أعطين‪m‬اهم م‪m‬ا س‪m‬ألوا‪ ,‬ف‪m‬إن‬
‫كف‪m‬روا ع‪m‬ذبتهم ع‪m‬ذابًا ال أعذب‪m‬ه أح‪m‬دًا من الع‪m‬المين‪ ,‬وإن ش‪m‬ئت فتحت عليهم ب‪m‬اب التوب‪m‬ة والرحم‪m‬ة ؟ فق‪m‬ال‪:‬‬
‫"بل تفتح عليهم باب التوبة والرحمة"‪ ,‬كما تقدم ذلك في حديثي ابن عباس والزبير بن الع‪m‬وام ‪ ،‬أيض‪ًm‬ا عن‪m‬د‬
‫(‪) 1‬‬
‫قوله تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮊ‬
‫"(‪.)2‬‬
‫وقال تعاىل‪ :‬ﮋ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬ ‫ﯓ ﯔ‬ ‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬
‫ﯰ ﯱ ﯲ‬ ‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫(‪) 3‬‬
‫ﯺ ﯻ ﯼ ﮊ ‪.‬‬ ‫ﯶﯷ ﯸ ﯹ‬ ‫ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫واهلل ‪ -‬سبحانه وتعاىل ‪ -‬يعلم بعلمه األزيل أهنم لن يؤمنوا ‪،‬قال تعاىل‪:‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭠ ﮊ (‪. ) 4‬‬ ‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬ ‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﮚ ﮊ أي أنك وعدتنا أن يوم القيامة تنشق فيه‬ ‫وقوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫السماء وهتوي وتديل أطرافها‪ ,‬فاجعل ذلك يف الدنيا وأسقطها كسفًا‪ ,‬أي قطعًا كقوله ﮋ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﮊ اآلية‪ ,‬وكذلك سأل قوم شعيب منه فقالوا‬ ‫ﯚ ﯛ‬
‫ﭮ ﭯ ﮊ فعاقبهم اهلل بعذاب يوم الظلة‪ ,‬إنه كان‬ ‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬ ‫ﮋﭧ ﭨ ﭩ‬

‫‪ )(1‬سورة اإلسراء اآلية ‪.59‬‬


‫‪ )( 2‬تفسري القرآن العظيم ‪ ،‬بن كثري ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪. 80 - 79‬‬
‫‪ )(3‬سورة الفرقان اآلية ‪.7‬‬
‫‪ )(4‬سورة األنعام اآلية ‪. 111‬‬

‫‪185‬‬
‫عذاب يوم عظيم‪ ,‬وأما نيب الرمحة ونيب التوبة املبعوث رمحة للعاملني فسأل إنظارهم وتأجيلهم لعل‬
‫اهلل أن خيرج من أصالهبم من يعبده ال يشرك به شيئًا‪ ,‬وكذلك وقع فإن من هؤالء الذين ذكروا‬
‫من أسلم بعد ذلك وحسن إسالمه حىت عبد اهلل بن أمية الذي تبع النيب ‪ ‬وقال له ما قال‪ ,‬أسلم‬
‫إسالمًا تامًا وأناب إىل اهلل عز وجل"(‪. )1‬‬
‫ب‪mm m‬ذلت ق‪mm m‬ريش قص‪mm m‬ارى الجه‪mm m‬ود في اإلع‪mm m‬راض وص‪mm m‬د الن‪mm m‬اس عن ال‪mm m‬دخول في اإلس‪mm m‬الم وذل‪mm m‬ك‬
‫بالتض‪mm‬ييق على رس‪mm‬ول الل‪mm‬ه ص‪mm‬لى الل‪mm‬ه علي‪mm‬ه وس‪mm‬لم ‪ ،‬والمؤم‪mm‬نين ‪ ،‬ثم لج‪mm‬أت إلى المفاوض‪mm‬ات في تق‪mm‬ديم‬
‫الع‪mm m‬روض الدنيوي‪mm m‬ة من الم‪mm m‬ال والج‪mm m‬اه والمل‪mm m‬ك ونح‪mm m‬وه ‪ ...‬فلم تج‪mm m‬د إال ص‪mm m‬البة واس ‪mm‬تمرارًا في نش ‪mm‬ر‬
‫ال‪mm m‬دعوة ‪ ،‬وعن‪mm m‬دما أيقن‪mm m‬وا ذل‪mm m‬ك ‪ ،‬ب‪mm m‬دأوا اتب‪mm m‬اع ل‪mm m‬ون جدي‪mm m‬د من المفاوض ‪mm‬ات ‪ ،‬وه ‪mm‬و طلب الخ ‪mm‬وارق‬
‫والمعجزات ﮋ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬
‫(‪)2‬‬
‫ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮊ‬ ‫ﮚ ﮛ ﮜ‬ ‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬ ‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬ ‫‪-21‬‬
‫(‪.)3‬‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﮊ‬
‫لم يزل وال يزال أهل الباطل يعملون اليل والنهار وهم كعادتهم إلى قيام الساعة ‪ ،‬بال كلل وال‬
‫ملل يردون ‪ ،‬وينافحون عن باطلهم ‪ ،‬ويدعون إليه بكل ما ُأوتوا ‪ ،‬ويحاولون أن يستخدموا شتى‬
‫الطرق وأنواع األساليب ليظفروا وينتصروا لباطلهم ‪ ،‬همة ال تفتأ ‪ -‬نسأل الله أن يرزقها أهل الحق ‪، -‬‬
‫ولذلك عمد كفار قريش لمفاوضة النبي ‪ ‬على تبادل العبادة مؤقت ‪ ،‬فعن ابن عباس رضي الله عنهما‬
‫"أن قريشا دعت رسول الله ‪ ‬إلى أن يعطوه ماال فيكون أغنى رجل بمكة ويزوجوه ما أراد من‬
‫النساء‪ ،‬فقالوا‪ :‬هذا لك يا محمد وكف عن شتم آلهتنا وال تذكر آلهتنا بسوء‪ ،‬فإن لم تفعل فإنا نعرض‬
‫عليك خصلة واحدة ولك فيها صالح قال‪ :‬ما هي؟ قالوا‪ :‬تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة قال‪ :‬حتى‬
‫أنظر ما يأتيني من ربي فجاء الوحي من عند الله"(‪ )4‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﮊ اآلية وأنزل الله‬

‫‪)(1‬تفسري ابن كثري ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬مرجع سابق ج‪ 3‬ص ‪.78‬‬


‫‪ )(2‬سورة اإلسراء آية ‪. 92- 90‬‬
‫‪ )(3‬سورة الكافرون اآليات ‪. 6 - 1‬‬
‫‪ )( 4‬لباب النقول يف أسباب النزول ‪ ،‬عبد الرمجن بن أيب بكر بن حممد السيوطي أبو الفضل ‪ ،‬دار إحياء العلوم ‪ ،‬بريوت ‪،‬‬
‫ج ‪ ، 1‬ص‪.263‬‬

‫‪186‬‬
‫ﮋ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮊ إلى قوله‪ :‬ﮋ ﮐ ﮊ(‪.)1‬‬
‫و"أخرج عبد الرزاق وابن املنذر عن وهب قال‪ :‬قالت قريش للنيب ‪ : ‬إن سرك أن نتبعك‬
‫عاما وترجع إىل ديننا عاما فأنزل اهلل ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﮊ إىل آخر السورة "(‪.)2‬‬
‫وهذا فيه دليل وبيان أن التفاوض ال يصح يف كل شيء ‪ ،‬أو على كل أمر ‪ ،‬كما يدعي من‬
‫يدعي أن التفاوض يسوغ يف كل أمر ‪.‬‬
‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﮊ (‪.)3‬‬ ‫‪-22‬‬
‫حتدث مفاوضات بني املؤمنني أنفسهم أو بني املؤمنني وغريهم من أصحاب الديانات‬
‫األخرى ومنهم أهل الكتاب ‪ ،‬وأثناء املفاوضات قد حيصل ما يدعو للجدال ‪ ،‬ودين اهلل يعلو وال‬
‫يعال عليه فأمر اهلل املؤمنني أن جيادلوا باحلسىن وباليت هي أحسن مع أهل الكتاب ‪ ،‬مث استثىن‬
‫ﭛ ﭜ ﭝﮊ ‪.‬‬ ‫سبحانه من ذلك األمر فقال تعاىل ‪:‬ﮋﭚ‬
‫ﯙ ﯚ ﮊ (‪. ) 4‬‬ ‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬ ‫‪-23‬‬
‫رغبات أهل الباطل هي االنتصار بالكلية على من يخالفهم ‪ ،‬فإن لم يتحقق ذلك يتم التحول إلى ما‬
‫هو أقل من ذلك وإن لم يستطيعوا تتحول إلى أمنيات ‪ ،‬ويظهر في اآلية الكريمة ‪ ،‬معاني جليلة تبين وتسفر‬
‫عما في قلوب الكفار من مطامع ورغبات ففي قوله تعالى ‪ ":‬ﮋ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﮊ أي‪ :‬طمعوا ‪,‬‬
‫ﯙ ﯚ ﮊ أي ‪ :‬تميل إلى دينهم وإلى آلهتهم فيمالئونك على ما أنت عليه شيئًا ما‪،‬‬ ‫وأحّبوا ﮋ ﯘ‬
‫ﮋ ﯙ ﮊ‪ :‬تميل ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬إن الدهن إذا وضع على شيء يلينه ‪ ،‬أي ‪ :‬تلين فيلينون ‪ ،‬أي‪ :‬تلين فيسكتون‬
‫عنك"(‪. )5‬‬
‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮊ (‪.)6‬‬ ‫‪-24‬‬
‫و"قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮊ معناه التربي منهم ‪ ,‬أي لستم منا وال حنن‬
‫منكم‪ ,‬بل ندعوكم إىل اهلل تعاىل وإىل توحيده وإفراد العبادة له‪ ,‬فإن أجبتم فأنتم منا وحنن منكم‪,‬‬

‫‪ )(1‬سورة الزمر اآلية ‪64‬‬


‫‪ )( 2‬الدر املنثور ‪ ،‬عبد الرمجن بن الكمال جالل الدين السيوطي ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بريوت ‪ ، 1993 ،‬ج ‪ ، 8‬ص‪655‬‬
‫‪ )(3‬سورة العنكبوت اآلية ‪.46‬‬
‫‪ )(4‬سورة القلم اآلية ‪.9-8‬‬
‫‪ )( 5‬سلسلة التفسري ‪ ،‬أبو عبد اهلل مصطفى بن العدوي شلباية املصري ‪ ،‬ص‪ ، 6‬موقع إسالم ويب ‪.www.islamweb.net‬‬
‫‪ )(6‬سورة سبأ اآلية ‪.25‬‬

‫‪187‬‬
‫وإن كذبتم فنحن برآء منكم وأنتم برآء منا"(‪ ، )1‬ويستفاد ‪ ،‬من اآلية الكرمية ‪ ،‬أنه جيوز التنزل‬
‫للمقابل يف األلفاظ ‪ ،‬واملسميات ‪ ،‬واليت التؤثر على سري املفاوضات ‪ ،‬أو التنازل عن اهلدف‬
‫األساس من التفاوض ‪.‬‬
‫قوله تعالى ‪ :‬ﮋ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﮊ(‪.)2‬‬ ‫‪-25‬‬
‫الشورى تتم يف كل أمر ذي بال ودلت عليها اآليات واألحاديث وذلك للحاجة املاسة هلا‬
‫وقد استشار النيب ‪ ‬أصحابه يف أكثر من موقف ويف مفاوضاته "فإذا عزمت أي عقيب املشاورة‬
‫على شيء وأطمأنت به نفسك فتوكل على اهلل يف إمضاء أمرك على ما هو أرشد لك وأصلح فإنه‬
‫علمه خمتص به سبحانه وتعاىل وقرئ فإذا عزمت على صيغة التكلم أي عزمت لك على شيء‬
‫وأرشدتك إليه فتوكل على وال تشاور بعد ذلك أحدا وااللتفات لرتبية املهابة وتعليل التوكل أو‬
‫األمر به فإن عنوان األلوهية اجلامعة جلميع صفات الكمال مستدع للتوكل عليه تعاىل أو األمر‬
‫به"(‪ )3‬وقال احلسن أنه "َقْد ِل َأَّن َل ِبِه ِإَل ِه ا ٌة ‪َ ،‬مَّبا َقاَل ‪َ :‬ل َل ِإَل ِه ا ٌة ‪َ ،‬لِك‬
‫ْيَس ُه ْي ْم َح َج َو ْن‬ ‫َع َم ُه ْيَس ْي ْم َح َج َو ُر‬
‫َأَر اَد َأْن َيْس َّنَت ِبِه َمْن َبْع َد ُه"(‪.)4‬‬
‫ومن فوائد املشورة أنه "كان رسول اهلل ‪ ‬يشاور أصحابه يف األمر إذا َح َد ث‪ ،‬تطييًبا‬
‫لقلوهبم ؛ ليكونوا فيما يفعلونه أنشط هلم كما شاورهم يوم بدر يف الذهاب إىل العري فقالوا ‪:‬‬
‫يارسول اهلل ‪،‬لو استعرضت بنا اُعْر ض البحر لقطعناه معك ‪ ،‬ولو سرت بنا إىل َبْر ك الَغَم اد لسرنا‬
‫معك ‪ ،‬وال نقول لك كما قال قوم موسى ملوسى‪ :‬اذهب أنت وربك فقاتال إنا هاهنا‬
‫قاعدون ‪،‬ولكن نقول‪ :‬اذهب ‪ ،‬فنحن معك وبني يديك و عن ميينك وعن مشالك مقاتلون"(‪.)5‬‬
‫على أثر زيارة يهود هذه اجتمع أولئك الذين ذكرنا حلرب املسلمني‪ ،‬فخندق رسوُل اهلل‬
‫حول املدينة خندقًا مبشورة سلمان الفارسي رضي اهلل عنه‪ ،‬فحاصرهتا األحزاب قريبًا من عشرين‬
‫ليلًة‪ ،‬واشتد البالء باملسلمني‪،‬‬

‫‪ )(1‬تفسري ابن كثري ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ 3‬ص ‪.648‬‬
‫‪ )(2‬سورة أل عمران اآلية ‪.159‬‬
‫‪ )( 3‬إرشاد العقل السليم إىل مزايا القرآن الكرمي ‪ ،‬حممد بن حممد العمادي أبو السعود ‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب – بريوت‪،‬‬
‫ج‪ 2‬ص ‪.105‬‬
‫‪ )(4‬تفسري ابن أيب حامت ‪ ،‬ابن أيب حامت الرازي ج‪ 3‬ص ‪.241‬‬
‫‪ )(5‬تفسري ابن كثري ‪ ،‬دار طيبة ‪ ،‬مرجع سابق ج‪ 2‬ص ‪.149‬‬

‫‪188‬‬
‫حىت إن رسول اهلل أرسل إىل عيينة بن حصن واحلارث بن عوف ا ِّر ي قائدي غطفان‬
‫ُمل‬
‫يصاحلهما على إعطائهما ثلَث مثار املدينة شريطة أن يرجعوا مبن معهم إىل ديارهم بغري حرب‬
‫ويرتكوا قريشًا وحدها‪...‬‬
‫وأرسل النيب ‪ ‬إىل سيدي األنصار‪ :‬سعد بن عبادة وسعد بن معاذ يستشريمها يف األمر‪،‬‬
‫فقاال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬أهذا أمر حتبه فنصنعه‪ ،‬أم شيء أمرك اهلل عز وجل به‪ ،‬ال بّد لنا من عمل به؟‬
‫أم شيء تصنعه لنا؟‬
‫قال رسول اهلل ‪ :‬ال بل لكم‪ ...‬فقال سعد بن معاذ‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬قد كنا حنن وهؤالء القوم‬
‫على شرك باهلل عز وجل وعبادة األوثان‪ ،‬وال نعبد اهلل وال نعرفه‪ ،‬وهم ال يطمعون أن يأكلوا منا‬
‫مترًة إال ِقَر ى الضيف أو بيعًا‪ ،‬أفحني أكرمنا اهلل باإلسالم‪ ،‬وهدانا له‪ ،‬وأعزنا بك نعطيهم أموالنا؟‬
‫ال حاجة لنا هبذا‪ ،‬واهلل ال نعطيهم إال السيف حىت حيكم اهلل بيننا وبينهم ! فتهلل وجُه رسول اهلل‬
‫وقال‪ :‬فأنت وذاك "(‪.)1‬‬
‫وألمهية االستشارة يف شؤون الصلح واملفاوضات أستشار النيب ‪ ‬السعدان رضي اهلل عنهما‬
‫يف أمر التفوض على مصاحلة بعض القبائل على جزء من مثار املدينة ‪ ،‬ليخّذ هلم عن قريش ‪.‬‬
‫وبعد عرض ما جرى من تفاوض مع األنبي‪mm‬اء عليهم الس‪mm‬الم يف الق‪mm‬رآن ي‪mm‬ورد الب‪mm‬احث تف‪mm‬اوض ج‪m‬رى‬
‫يف موضعني وهي كما يأيت ‪:‬‬

‫‪ : -1‬تفاوض إخوة يوسف فيما بينهم‬


‫كان ليعقوب عليه السالم من البنني اثنا عشر ولدًا ذكرًا‪ ،‬وإليهم تنسب أسباط بين إسرائيل‬
‫كلهم‪ ،‬وكان أشرفهم وأجلهم وأعظمهم يوسف عليه السالم ‪.‬‬
‫وما ورد يف القرآن الكرمي ‪ ،‬وجيري جمرى التفاوض ما ح‪m‬دث بني إخ‪m‬وة يوس‪m‬ف فيم‪m‬ا بينهم‪،‬‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬ ‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬ ‫حيث قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭾ ﭿ‬
‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬ ‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫"والعصبة والعصابة العشرة من الرجال فصاعدا مسوا بذلك ألن األمور تعصب هبم‪.‬‬
‫‪ )(1‬السرية النبوية ‪ ،‬بن هشام ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج ‪ ، 4‬ص‪.181‬‬
‫‪ )(2‬سورة يوسف اآليات ‪.10-7‬‬

‫‪189‬‬
‫إن أبان ‪mm‬ا يف ترجيحهم ‪mm‬ا علين ‪mm‬ا يف احملب ‪mm‬ة م ‪mm‬ع فض ‪mm‬لنا عليهم ‪mm‬ا وكوهنم ‪mm‬ا مبع ‪mm‬زل من كفاي ‪mm‬ة األم ‪mm‬ور‬
‫بالصغر والقلة لفي ضالل أي ذهاب عن طريق التعديل الالئق وتنزيل كل منا منزلته"‪.‬‬
‫من دالئ ‪mm‬ل اآلي ‪mm‬ات الكرمية يف التف ‪mm‬اوض ‪ ،‬م ‪mm‬ا دار بني إخ ‪mm‬وة يوس ‪mm‬ف ‪ ،‬حني اس ‪mm‬تزهلم الش ‪mm‬يطان‬
‫ﮌ‬ ‫فحس‪mm‬دوا أخ‪mm‬وهم يوس‪mm‬ف وش‪mm‬قيقه ‪ ،‬وتفاوض‪mm‬وا فيم‪mm‬ا بينهم ‪ ،‬فق‪mm‬الوا ﮋﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬
‫ﮍ ﮊ وه‪mm‬ذا م‪mm‬ا حيس‪mm‬ونه من احملب‪mm‬ة القلبي‪mm‬ة ﮋﮎ ﮏﮊ "أي واحلال أن‪mm‬ا مجاع‪mm‬ة ق‪mm‬ادرون على احلل‬
‫والعق‪mm‬د أحق‪mm‬اء باحملب‪mm‬ة"(‪ )1‬من يوس‪mm‬ف وأخي‪mm‬ه ‪ ،‬ومن ض‪mm‬من اآلراء ال‪mm‬يت ب‪mm‬رزت ‪ ،‬املطالب‪mm‬ة بقتل‪mm‬ه ‪ ،‬ﮋﮖ‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮊ وبعد إبعاده ‪ ،‬تكونون وحدكم عند أبيكم ﮋﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮊ ‪ ،‬ومن اآلراء‬
‫اليت تفاوضوا عليها ‪ ،‬إلقائه يف الب‪m‬ئر ‪ ،‬ليلتقط‪m‬ه بعض املارة فيأخذون‪m‬ه ويبعدون‪m‬ه ﮋﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﮊ وهو الرأي الذي خرجوا به بعد تفاوضهم فيما بينهم‬
‫واتفقوا عليه ونفذوه فيما بعد ‪ ،‬ظلمًا وعدوانًا ‪.‬‬
‫و"ينب ‪mm‬ه تب ‪mm‬ارك وتع ‪mm‬الى على م ‪mm‬ا في ه ‪mm‬ذه القص ‪mm‬ة من اآلي ‪mm‬ات والحكم‪ ،‬وال ‪mm‬دالالت والمواع ‪mm‬ظ‬
‫والبينات‪ ،‬ثم ذكر حس‪m‬د إخ‪m‬وة يوس‪m‬ف ل‪m‬ه على محب‪m‬ة أبي‪m‬ه ل‪m‬ه وألخي‪m‬ه‪ ،‬يعن‪m‬ون ش‪m‬قيقه ألم‪m‬ه بني‪m‬امين أك‪m‬ثر‬
‫منهم‪ ،‬وهم عصبة أي‪ :‬جماعة يقولون‪ :‬فكنا نحن أحق بالمحبة من هذين‪ .‬ﮋ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮊ‬
‫أي‪ :‬بتقدميه حبهما علينا‪ .‬مث اشتوروا فيما بينهم يف قتل يوسف‪ ،‬أو إبعاده إىل أرض ال‬
‫يرجع منها‪ ،‬ليخلو هلم وجه أبيه أي لتتمحض حمبته هلم‪ ،‬وتتوفر عليهم وأضمروا التوبة بعد‬
‫ذلك‪ ،‬فلما متالؤا على ذلك‪ ،‬وتوافقوا عليه‪ .‬ﮋ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬
‫ﮊ‪.‬‬
‫أي‪ :‬المارة من المسافرين ‪ ،‬فإن كنتم فاعلين ال محالة‪ ،‬فليكن هذا الذي أقول لكم فهو‬
‫أقرب حاًال من قتله أو نفيه وتغريبه‪ ،‬فأجمعوا رأيهم على هذا فعند ذلك طلبوا من أبيهم أن يرسل‬
‫معهم أخاهم يوسف‪ ،‬وأظهروا له أنهم يريدون أن يرعى معهم‪ ،‬وأن يلعب وينبسط‪ ،‬وقد أضمروا‬
‫له ما الله به عليم‪ ،‬فأجابهم الشيخ عليه من الله أفضل الصالة والتسليم‪ :‬يا بني يشق علي أن أفارقه‬
‫ساعة من النهار‪ ،‬ومع هذا أخشى أن تشتغلوا في لعبكم وما أنتم فيه‪ ،‬فيأتي الذئب فيأكله‪ ،‬وال‬
‫يقدر على دفعه عنه لصغره وغفلتكم عنه ‪ ،‬ﮋ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﮊ‪.‬‬
‫أي‪ :‬لئن عدا عليه الذئب فأكله من بيننا‪ ،‬أو اشتغلنا عنه حىت وقع هذا وحنن مجاعة‪ ،‬إنا إذا‬

‫‪ )(1‬تفسري أيب السعود ‪ ،‬مرجع سابق ج ‪ 4‬ص ‪.255‬‬

‫‪190‬‬
‫خلاسرون أي‪ :‬عاجزون هالكون"‪.‬‬
‫ويظهر لنا من مفاوضة إخوة يوسف ألبيهم يعقوب عليه السالم حينما أمجعوا أمرهم‬
‫ﮋ ﭩ ﭪ ﮊ البدء بالسؤال ؟ مالك ال تأمنا ‪ ...‬وهذا من الدهاء واملكر منهم‪.‬‬
‫ال ترشدهم إذا خفت مكرهم ﮋ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﮊ حتدث بعض املفسرين عن ذلك‪.‬‬

‫ويستفاد أن ما دار بني إخوة يوسف يأيت من قبيل التفاوض فيما بينهم حلسم موضوع‬
‫يوسف عليه السالم‪.‬‬

‫‪ : -2‬قصة أصحاب الكهف‬


‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ‬
‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﮊ (‪. ) 1‬‬
‫وهذه اآلية الكرمية من اآليات اليت ميكن أن نستنبط منها عدة أمور تتصل بالتفاوض ومنها ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن التفاوض قد حيدث فيه اخلصام والتنازع وذلك إن مل تكن هناك بنود يلتزم هبا األطراف‬
‫‪ ،‬طيلة مراحل التفاوض ‪.‬‬
‫‪ -2‬قد يكون أحد أطراف التفاوض من ذوي الغلبة والقوة ‪ ،‬أو السلطان فينبغي التنبه لذلك ‪،‬‬
‫ألن صاحب الغلبة قد يلجأ إىل قوته وغلبته ‪ ،‬وينفذ مبتغاه دون النظر إىل أطراف التفاوض‬
‫‪ ،‬وما لديهم من أدلة أو حجج ‪ ،‬وكانت النتيجة ‪ ،‬ﮋ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﮊ‪.‬‬

‫‪ )(1‬سورة الكهف اآلية ‪.21‬‬

‫‪191‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬‬
‫نتائج التفاوض في حياة األنبياء عليهم السالم‬

‫وفيه مبحثان‪:‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬النتائج اآلنية‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬النتائج البعدية‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫المبحث األول ‪:‬‬
‫النتائج اآلنية‬

‫ختتلف وتتعدد نتائج التفاوض‪ ،‬فمنها ما يتنوع باعتبار احلجم ‪ ،‬أي حجم النتائج ‪ ،‬فتكون‬
‫النتائج كبرية‪ ،‬أو صغرية‪ ،‬أو بني ذلك‪ ،‬ومنها ما يتنوع باعتبار الزمن ‪ ،‬أي وقت حصول النتائج ‪،‬‬
‫فمنها ما ينتج خالل عملية التفاوض‪ ،‬أو قريبًا منها ‪ ،‬وتلك هي النتائج اآلنية ‪ ،‬ومنها ما يتأخر ‪،‬‬
‫فالنتائج تكون حبسب ذلك التفاوض املنعقد ودرجة أمهيته ‪ ،‬وكلما جرى االهتمام بالتفاوض من‬
‫حيث اختيار املفاوضني واختيار موضوع التفاوض ‪ ،‬واالهتمام بكل ما خيدم التفاوض ‪ ،‬كانت‬
‫النتائج اآلنية أبلغ وأنفع ‪ ،‬وهذا املبحث خيتص يف ذكر النتائج اآلنية ولتجنب اإلسهاب واإلطالة‬
‫يكون االقتصار على اختيار مواقف معينة‪ ،‬وأحداث حمددة جرت من قبيل التفاوض ويتم إبراز‬
‫وذكر‪ ،‬نتائجها اآلنية ومنها ما يلي‪:‬‬
‫أوًال ‪ :‬النتائج اآلنية في صلح الحديبية‬
‫صلح احلديبية حدث يف سنة "‪ "6‬للهجرة‪ ،‬بني املسلمني ويف مقدمتهم رسول اهلل ‪ ‬وبني‬
‫قريش ‪ ،‬وما جرى فيه من التفاوض كان من نتائجه اآلنية ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬كان الشرط األول للتفاوض النبوي مع قريش‪ ،‬هو إطالق سراح الصحايب اجلليل‪ ،‬عثمان‬
‫بن عفان‪ ،‬رضي اهلل عنه‪ ،‬وكانت قريش احتجزه لديها‪ ،‬وقد كان اطالق سراحه على الفور‬
‫والتو ‪ ،‬وهو نتيجة آنية‪ ،‬قوية‪ ،‬حضي هبا املسلمون ‪ ،‬وفرحوا هبا‪ ،‬وهذا يعترب إجناًز ا معنوًيا‬
‫وضرورًيا يف املرحلة األوىل للتفاوض‪.‬‬
‫‪ -2‬يعترب ما جرى يف هذا الصلح عرب مراحل التفاوض ‪ ،‬بني املسلمني وقريش ‪ ،‬أن قريشًا‬
‫اعرتفت اعرتافًا ضمنيًا بدولة اإلسالم‪ ،‬وأهنا ند قوي هلا‪ ،‬وجيب تقدير ذلك‪ ،‬واعتباره ‪،‬‬
‫وأخذه يف احلسبان مستقبًال ‪ ،‬وذلك نتيجة آنية ‪.‬‬
‫‪ -3‬ق‪mm‬وة الرتاب‪mm‬ط واإلحتاد بني املس‪mm‬لمني ‪ ،‬وظه‪mm‬ر ذل‪mm‬ك جلي‪ًm‬ا ‪ ،‬ومن أدلت‪mm‬ه بيع‪mm‬ة الرض‪m‬وان حيث ب‪mm‬ايع‬
‫الصحابة رسول اهلل على القتال حتت الشجرة ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬
‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮊ (‪.)1‬‬

‫‪ )(1‬سورة الفتح اآلية ‪.19 ، 18‬‬

‫‪193‬‬
‫‪ -4‬حصول رضوان اهلل عن املؤمنني أثناء مسرية هذه املفاوضات حيث قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮏ ﮐ ﮑ‬
‫ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮊ‪.‬‬
‫‪ -5‬حصول الدعوة إىل اهلل الغري مباشرة ملبعوثني قريش للتفاوض مع النيب ‪ ‬مما كان له األّثر يف‬
‫بعضهم فأسلم بعد حني ومنهم عروة بن مسعود حني "رأى الصحابة يطيعون أمر النيب ‪‬‬
‫ويوقرونه كما ذكر لقريش ‪ ،‬كل ذلك دفعه إىل اإلسالم بعد ذلك فأسلم رضي اهلل عنه‪،‬‬
‫وال شك أن ذلك املوقف مع النيب ‪ ‬قد وقر يف نفسه حىت أسلمه إىل اإلسالم"(‪.)1‬‬
‫‪ -6‬استخدام التفاوض هنا يف هذا الصلح العظيم لتجنب احلرب ‪ ،‬وحقن الدماء ‪ ،‬وظهر ذلك‬
‫جليًا حيث أنه سبق هذا التفاوض حروب مع قريش دارت رحاها على الفريقني وأسفرت‬
‫عن قتلى يف الفريقني ‪ ،‬وإن كان هناك فريق يف اجلنة وفريق يف السعري ‪.‬‬
‫‪ -7‬إمكانية مراجعة القائد فقد حصل أن عددًا من الصحابة راجعوا النيب وما كان من النيب ‪‬‬
‫إال أن قبل من صحابته تلك املراجعات ‪ -‬وخباصة عمر رضي اهلل عنهم أمجعني ‪ -‬مراجعته‬
‫يف أمر الصلح مرارًا ‪ ،‬ومل يعّنف أحدًا منهم على موقفه‪.‬‬
‫‪ -8‬تعديل وحتسني ما ميكن حتسينه من القول هبدف إمتام التفاوض على أكمل وجه للخروج‬
‫بأجنع وأفضل النتائج ‪.‬‬
‫‪ -9‬إصالح الرأي‪.‬‬
‫‪ -10‬حصول التوافق بني األطراف فيما ميكن‪.‬‬
‫‪ -11‬معرفة كيفية السعي يف ضرورة اختاذ كافة األسباب والسبل والطرق اليت يكون من شأهنا‬
‫خدمة اإلسالم ‪ ،‬والعمل هبا للوصول إىل احلق ‪.‬‬
‫‪ -12‬بيان بعض الطرق يف تنظيم العالقات بغري املسلمني ‪.‬‬
‫‪ -13‬معرفة مدى حلم النيب ‪ ‬يف هذه املفاوضات ‪ ،‬وحتمله أذى قريش ‪ ،‬وعنادهم ‪ ،‬ومحاقتهم‬
‫وجحودهم ملا هو حق ‪.‬‬
‫‪ -14‬امنت اهلل على املؤمنني ‪ ،‬بأن ربط على قلوهبم بقوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﮊ‪.‬‬
‫ﭒ‬ ‫ولعظم هذا الفتح المبين وهو الذي سمي صلح الحديبية قال عنه تبارك وتعالى ‪ :‬ﮋ ﭑ‬

‫() تاريخ الطربي ‪ ،‬املسمى تاريخ األمم والرسل وامللوك ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬ط ‪ ،‬األوىل ‪ ، 1407 ،‬ج‪ 3‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪ .97 -96‬بتصرف يسري‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫ﭓ ﭔ ﭕ ﮊ‪.‬‬
‫‪ -15‬تزكية اهلل لقلوب الصحابة ‪ ،‬املوجودين يف احلديبية مع النيب ‪ ،‬رضوان اهلل عليهم‬
‫أمجعني ‪،‬‬
‫ﮋ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮊ‪.‬‬
‫‪ -16‬نزول السكينة على املؤمنني ﮋ ﮜ ﮝ ﮞ ﮊ‪.‬‬
‫‪ -17‬حصول البشارة بالمغانم الكثيرة في قوله تعالى ‪ :‬ﮋ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮊ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬موقف تفاوض النبي ‪ ‬مع عتبة ابن ربيعة‬
‫ورد أن"عتبة بن ربيعة ‪ -‬وكان سيدًا ‪ -‬قال يومًا وهو جالس يف نادي قريش ورسول اهلل‬
‫جالس يف املسجد وحده‪ :‬يا معشر قريش‪ ،‬أال أقوم إىل حممد فأكلمه وأعرض عليه أمورًا لعله يقبل‬
‫بعضها فنعطيه أيها شاء ويكف عنا؟ وذلك حني أسلم محزة ورأوا أصحاب رسول اهلل يزيدون‬
‫ويكثرون فقـالوا‪ :‬بلى يا أبا الوليد‪ ،‬قم إليه فكلمه‪ ،‬فقام إليه عتبة حىت جلس إىل رسول اهلل فقال‪:‬‬
‫يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت من السطة يف العشرية واملكان يف النسب‪ ،‬وإنك أتيت قومك‬
‫بأمر عظيم فرقت به مجاعتهم وسّف هت به أحالمهم وعبت به آهلتهم ودينهم وكّف رت به من مضى‬
‫من آبائهم ‪ ،‬فامسع مين أعرض عليك أمورًا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها‪.‬‬
‫ق ‪mm‬ال فق ‪mm‬ال ل ‪mm‬ه رس ‪mm‬ول اهلل‪ :‬ق ‪mm‬ل ي ‪mm‬ا أب ‪mm‬ا الولي ‪mm‬د أمسع ‪ ،‬ق ‪mm‬ال ‪ :‬ي ‪mm‬ا ابن أخي‪ ،‬إن كنَت إمنا تري ‪mm‬د مبا‬
‫جئت به من هذا األمر ماًال مجعنا ل‪m‬ك من أموالن‪m‬ا ح‪m‬ىت تك‪m‬وَن أكثرن‪m‬ا م‪m‬اًال‪ ،‬وإن كنت تري‪m‬د ب‪m‬ه ش‪m‬رفًا‬
‫سّو دناك علينا حىت ال نقطع أمرًا دونك وإن كنت تريد به ملكًا ملكناك علينا‪ ،‬وإن كان ه‪mm‬ذا ال‪mm‬ذي‬
‫يأتيك رئيًا تراه ال تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا في‪mm‬ه أموالن‪mm‬ا ح‪m‬ىت نربئ‪mm‬ك من‪mm‬ه‪ ،‬فإن‪mm‬ه‬
‫رمبا غلب الت‪mm‬ابع على الرج‪mm‬ل ح‪mm‬ىت ي‪mm‬داوى من‪mm‬ه‪ ...‬ح‪mm‬ىت إذا ف‪mm‬رغ ورس‪mm‬ول اهلل يس‪mm‬تمع من‪mm‬ه قـال‪ :‬أق‪mm‬د‬
‫ف ‪mm‬رغت ي ‪mm‬ا أب ‪mm‬ا الولي ‪mm‬د؟ ق ‪mm‬ال‪ :‬نعم‪ ،‬ق ‪mm‬ال‪ :‬فامسع م ‪mm‬ين‪ ،‬ق ‪mm‬ال‪ :‬أفع ‪mm‬ل‪ ،‬فق ‪mm‬ال ‪ِ :‬بْس ِم الَّل ِه ال ‪َّm‬ر َمْحِن ال ‪َّm‬ر ِح يِم‬
‫ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﮊ (‪. ) 1‬‬
‫مث مضى رسول اهلل فيها يقرؤها عليه‪ ،‬فلما مسعها منه عتبة أنصت هلا وألقى يديه خلف‬

‫‪ )(1‬سورة فصلت اآليات ‪.5 -1‬‬

‫‪195‬‬
‫ظهره معتمدًا عليهما يسمع منه‪.)1("...،‬‬
‫مث عاد عتبة إىل أصحابه فقال بعضهم لبعض ‪ :‬لقد جاء أبو الوليد بغري الوجه الذي ذهب به‪،‬‬
‫فسألوه ما وراءك فقال إنه مسع كالما ما مسع مبثله قط فال هو بشاعر وال كاهن وال ساحر‪،‬‬
‫وطلب منهم أن خيلوا بينهم وبني حممد وأن يرتكوه لشأنه‪ ،‬فإن يقتله العرب فقد كفوهم شره‪ ،‬وان‬
‫يظهر عليهم فسيكونون أسعد العرب به فملكه ملكهم وعزه عزهم فقالت قريش‪:‬لقد سحرك‬
‫حممد واهلل يا أبا الوليد فقال عتبه‪:‬هذا رأيي فاصنعوا ما بدا لكم"(‪. )2‬‬

‫النتائج اآلنية في هذا الموقف التفاوضي بين النبي ‪ ‬وبين عتبة ابن ربيعة منها ما يلي ‪:‬‬
‫عجز قريش عن مواجهة احلجة باحلجة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫مقابلة العدو باحلسىن وفيه نشر ملكارم األخالق ‪ ،‬اليت أتى هبا النيب ‪ ، ‬ويف احلديث‬ ‫‪-2‬‬
‫"إمنا بعثت ألمتم مكارم األخالق"(‪.)3‬‬
‫جتلي كرم النيب ‪ ‬باإلنصات لعتبة بن ربيعة حىت الفراغ واالنتهاء من كالمه ‪ ،‬وهذا‬ ‫‪-3‬‬
‫تعليم لألمة من بعده ‪.‬‬
‫تأثر عتبة ابن ربيعة‪ ،‬من خلق الرسول ‪ ، ‬من اإلنصات إليه حىت فرغ دون مقاطعته‬ ‫‪-4‬‬
‫‪ ،‬وقوبل كذلك بإنصات عتبة ابن ربيعة ‪ ،‬للنيب ‪ ، ‬واستماعه آليات القرآن تتلى‬
‫من سورة فصلت‪.‬‬
‫أثر القرآن اآلين حىت على غري املسلمني ‪ ،‬ممن ينصفون القول يف القرآن الكرمي ظهر‬ ‫‪-5‬‬
‫جليًا على عتبة ابن ربيعة ‪ ،‬حني مسع القرآن ‪.‬‬
‫القرآن من أقوى احلجج ‪ ،‬والنتيجة جند عتبة ابن ربيعة ا مسع اآليات اليت هي يف غاية‬ ‫‪-6‬‬
‫ّمل‬
‫البيان والبالغة كيف ‪ ،‬وصف القرآن الكرمي لكفار قريش حني عاد إليهم‪.‬‬
‫حسن التفاوض يف غالب األحيان ‪ ،‬ينهي املفاوضات بنتائج إجيابية ‪ ،‬وبكل هدوء ‪،‬‬ ‫‪-7‬‬
‫دون حدوث صخب ‪ ،‬أو عناد ‪ ،‬أو أي أمر يزعج ‪ ،‬وظهر ذلك جليًا يف هذا املوقف‪.‬‬

‫‪ )( 1‬فقه السرية الغزايل ‪ -‬دار القلم ‪ ،‬دمشق ط ‪ 1998 ، 7‬ج‪ 1‬ص ‪.106‬‬
‫‪ )(2‬تقدم خترجيه ص‪.185‬‬
‫‪ )(3‬البخاري ‪ ،‬األدب املفرد ح ‪.273‬‬

‫‪196‬‬
‫وكل ذلك التعامل احلسن من األصول اليت يضعها القران الكرمي للتفاوض مع اآلخر ‪ ،‬خالل‬
‫املفاوضة والتزام نتائجها‪.‬‬

‫ثالثًا ‪ :‬موقف مع نصارى نجران‬


‫اكتفى الباحث هنا باإلشارة إىل املوقف‪.‬‬
‫قوله تعالى ‪ :‬ﮋ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ‬
‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ( ‪. )1‬‬

‫من النتائج اآلنية في هذا الموقف ما يلي ‪:‬‬


‫بأمر من اهلل ‪ -‬جل وعال ‪ -‬يدعوهم الرسول ‪ ‬إىل كلمة سواء ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫اإلنصاف بني األطراف ﮋ ﭱ ﭲ ﮊ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ما مت بيانه ألهل الكتاب ‪ ،‬يعترب إظهارًا للحق ‪ ،‬وهو إفراد اهلل بالعبادة ‪ ،‬فهو وحده‬ ‫‪-3‬‬
‫سبحانه املستحق للعبادة دون سواه‪.‬‬
‫بيان بطالن الشرك ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫التقرير على أنفسهم‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫الصرب‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫السري الصحيح يف الوصول للحق‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫تعليم املؤمنني حسن الدعوة إىل اهلل ‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫التلطف يف الدعوة ألهل الكتاب ‪ ،‬ومناداهتم بأهل الكتاب ‪ ،‬فيه إكرام هلم‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫الدعوة إىل توحيد اهلل وحده سبحانه وتعاىل ﮋ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﮊ‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫نفي الشرك ﮋ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﮊ‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫إقامة احلجة على الناس ‪ ،‬وإلزام اخلصم هبا ‪ ،‬وخباصة أعداء اهلل ‪ ،‬وذلك على مّر التاريخ‬ ‫‪-12‬‬
‫واألزمان ‪.‬‬
‫التبصري باحلقائق‪.‬‬ ‫‪-13‬‬
‫"وخاطبهم ‪ :‬بيا أهل الكتاب ‪ ،‬هزًا هلم يف استماع ما يلقى إليهم ‪ ،‬وتنبيهًا على أن من كان‬

‫‪ )(1‬سورة آل عمران اآلية ‪.64‬‬

‫‪197‬‬
‫أهل كتاب من اهلل ينبغي أن يتبع كتاب اهلل ‪ ،‬وملا قطعهم بالدالل الواضحة فلم يذعنوا ‪ ،‬ودعاهم‬
‫إىل املباهلة فامتنعوا ‪ ،‬عدل إىل نوع من التلطف ‪ ،‬وهو ‪ :‬دعاؤهم إىل كلمة فيها إنصاف‬
‫بينهم"(‪.)1‬‬

‫رابعًا ‪ :‬بيان حقيقة عيسى عليه السالم للنصارى‬


‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬ ‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬
‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫يف ه‪mm‬ذا املوق‪mm‬ف ال‪mm‬ذي بينت‪mm‬ه اآلي‪mm‬ة الكرمية مت اللق‪mm‬اء بني الن‪mm‬يب ‪ ‬ونص‪mm‬ارى جنران ‪ ،‬وم‪mm‬ا ج‪mm‬رى في‪mm‬ه من‬
‫بي ‪mm‬ان للق ‪mm‬ول احلق يف عيس ‪mm‬ى علي ‪mm‬ه الس ‪mm‬الم ‪ ،‬وأم ‪mm‬ر اهلل يف ح ‪mm‬ال احملاج ‪mm‬ة في ‪mm‬ه ‪ ،‬أن يطلب منهم الن ‪mm‬يب‬
‫ويدعوهم مجيعهم ﮋ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﮊ مفاوضة تكون على‬
‫أهب‪mm‬ة االس‪mm‬تعداد "ﮋ ﯴ ﮊ عط‪m‬ف على قول‪mm‬ه ‪ :‬نبته‪mm‬ل ‪ ،‬ﮋ لعن‪mm‬ة اهلل ﮊ مص‪mm‬در على الك‪mm‬اذبني ‪ ،‬مّن ا‬
‫ومنكم يف أم‪mm‬ر عيس‪mm‬ى ‪ ،‬فلّم ا ق‪mm‬رأ رس‪mm‬ول الّل ه ‪ ، ،‬ه‪mm‬ذه اآلي‪mm‬ة على وف‪mm‬د جنران ودع‪mm‬اهم إىل املباهل‪mm‬ة‬
‫قالوا ‪ :‬ح‪m‬ىت نرج‪m‬ع وننظ‪m‬ر يف أمرن‪m‬ا ّمث نأتي‪m‬ك غ‪m‬دًا ‪ .‬فخال بعض‪m‬هم ببعض ‪ ،‬فق‪m‬الوا للع‪m‬اقب و ك‪m‬ان ذا‬
‫رأيهم ‪ :‬ي‪m‬ا عب‪m‬د املس‪m‬يح م‪m‬ا ت‪m‬رى ؟ فق‪m‬ال ‪ :‬والّل ه ي‪m‬ا معش‪m‬ر الّنص‪m‬ارى لق‪m‬د ع‪m‬رفتم أّن حمم‪m‬دًا ن‪ٌm‬يب مرس‪m‬ل‬
‫ولق ‪mm‬د ج ‪mm‬اءكم بالفص ‪mm‬ل من أم ‪mm‬ر ص ‪mm‬احبكم ‪ ،‬والّل ه م ‪mm‬ا العن ق ‪mm‬وم نبي ‪ًm‬ا ق ‪mm‬ط فع ‪mm‬اش كب ‪mm‬ريهم و ال نبت‬
‫صغريهم ولئن نعلم ذلك لنهلكّن ‪ .‬فإن رأيتم إّال البقاء لدينكم واإلقام‪mm‬ة على م‪mm‬ا أنتم علي‪mm‬ه من الق‪mm‬ول‬
‫فيص ‪mm‬احبكم فوادع ‪mm‬وا الّر ج ‪mm‬ل وانص ‪mm‬رفوا إىل بالدكم ‪ ،‬ف ‪mm‬أتوا رس ‪mm‬ول الّل ه ‪ ‬وق ‪mm‬د غ ‪mm‬دا رس ‪mm‬ول الّل ه‬
‫حمتضنًا احلسني آخذًا بيد احلسن و فاطمة متشي خلف‪m‬ه وعلي رض‪m‬ي اهلل عن‪m‬ه خلفه‪m‬ا وه‪m‬و يق‪m‬ول هلم‪:‬‬
‫إذا أنا دعوت فَأّم نوا ‪.‬‬
‫فقال أسقف جنران ‪ :‬يا معشر الّنصارى إيّن ألرى وجوهًا لو سألوا الّله أن يزيل جبًال من‬
‫مكانه ألزاله ‪ ،‬فال تبتهلوا فتهلكوا وال يبقى على وجه األرض نصراين إىل يوم القيامة ‪ .‬فقالوا ‪ :‬يا‬
‫أبا القاسم قد رأينا أن ال نالعنك‪ ،‬وأن نرتكك على دينك و نثبت على ديننا ‪ .‬فقال رسول الّله ‪،‬‬

‫‪ )( 1‬تفسري البحر احمليط ـ حممد بن يوسف الشهري بأيب حيان األندلسي ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬بريوت ‪ 1412 -‬هـ ‪-‬‬
‫‪ 1992‬م ط ‪ ،‬بدون ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص ‪.193‬‬
‫‪ )(2‬سورة آل عمران اآليات ‪.61 - 59‬‬

‫‪198‬‬
‫‪ ، ‬فإن أبيتم املباهلة فأسلموا يُك ن لكم ما للمسلمني ‪ ،‬وعليكم ما عليهم ‪ .‬فأبوا ‪ .‬قال ‪ :‬فإيّن‬
‫ُأنابذكم باحلرب ‪ .‬فقالوا ‪ :‬مالنا حبرب العرب طاقة ولكّنا نصاحلك على أن ال تغزونا و ال خُت يفنا و‬
‫ال ترّدنا عن ديننا على أن نؤدي إليك كل عامأ لفيسّك ة ألفًا يف صفر و ألفًا يف رجب ‪ .‬فصاحلهم‬
‫رسول الّله ‪ ،  ،‬على ذلك‪ .‬وقال ‪ :‬والذي نفسي بيده إّن العذاب قد نزل يف أهل جنران ولو‬
‫تالعنوا ُملسخوا قردة وخنازير والضطرم عليهم الوادي نارًا ‪ ،‬و الستأصل الّله جنران وأهله حىّت‬
‫الطري على الشجر و ملا حال احلول على النصارى كلهم حىت هلكوا"(‪.)1‬‬

‫من النتائج اآلنية في هذا الموقف ما يلي ‪:‬‬


‫البالغ ‪ ،‬من النيب ‪ ، ‬يف حقيقة عيسى عليه السالم ‪ ،‬لوفد نصارى جنران يعترب‬ ‫‪-1‬‬
‫صدعًا باحلق‪.‬‬
‫أن وفد نصارى جنران‪ ،‬حينما دعاهم النيب ‪ ، ‬ألن يبتهلوا ‪ ،‬خافوا اهلالك ‪ ،‬على‬ ‫‪-2‬‬
‫أنفسهم‪ ،‬وأوالدهم‪ ،‬وأمواهلم‪ ،‬وهذا ديدن أهل الباطل مل يثبتوا على دعواهم وحجتهم‪.‬‬
‫رفض نصارى جنران املباهلة واملالعنة ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫حصول املوادعة بني النيب ‪ ‬وبينهم ‪ ،‬فقد اتفقوا بأن يدفعوا اجلزية عن يد وهم‬ ‫‪-4‬‬
‫صاغرون ‪ ،‬فهذه اآلية الكرمية "ملا نزلت ودعا النيب ‪ ‬وفد جنران إىل املباهلة خافوا‬
‫اهلالك وأدوا كما هو مشهور"(‪.)2‬‬
‫تقرير عبودية نيب اهلل عيسى ابن مرمي‪ ،‬عليه السالم‪ ،‬ورسالته‪ ،‬وبيان بطالن دعوى‬ ‫‪-5‬‬
‫النصارى يف ربوبيته وألوهيته‪.‬‬
‫"اإلسالم دين األنبياء وسائر األمم البشرية وال دين حق غريه فكل دين غريه باطل‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫فضل أهل ال إله إال اهلل إذ هم شاهدون باحلق والناطقون به‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫عزة أهل اإلسالم‪ ،‬وهوان من سواهم على مدى احلياة"(‪.)3‬‬ ‫‪-8‬‬

‫ومن معاين هذه اآليات الكرمية ‪ ،‬أنه "ما زال السياق الكرمي يف تقرير عبودية عيسى ورسالته‬
‫‪ )( 1‬الكشف والبيان‪ ،‬أبو إسحاق النيسابوري‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ -‬بريوت ‪ 1422 -‬هـ ‪ 2002 -‬م ط األوىل ج ‪3‬‬
‫ص‪.85‬‬
‫‪ )(2‬أضواء البيان ‪ ،‬حممد األمني ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪. 418 3‬‬
‫‪ )(3‬أيسر التفاسري ‪ ،‬أبو بكر اجلزائري ‪ ،‬مكتبة العلوم واحلكم ‪ ،‬املدينة ط‪1424 ،5‬هـ‪2003/‬م ج‪ 1‬ص‪.324‬‬

‫‪199‬‬
‫دون ربوبيته وألوهيته‪ ،‬فقد روي أن وفد جنران قالوا للرسول ‪ ‬فيما قالوا‪ :‬كل آدمي له أب فما‬
‫شأن عيسى ال أب له؟ فأنزل اهلل تعاىل على رسوله‪ :‬ﮋ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﮊ فإذا هو كائن‪ ،‬فأي داع الختاذ عيسى إهلًا‪ ،‬ألكونه خلقه اهلل من غري أب‬
‫فآدم كذلك خلق بدون أب وال أم‪ ،‬وإمنا كان بكلمة اهلل‪ ،‬فكذلك عيسى خلق بكلمة اهلل اليت‬
‫هي‪ُ" :‬ك ْن " فكان‪ ،‬هذا هو احلق الثابت من اهلل تعاىل يف شأن عيسى عليه السالم فال تكونن من‬
‫الشاكني فيه‪ ،‬وحاشاه ‪ ‬أن يشك‪ 1‬وملا أكثروا عليه ‪ ‬من الرتدد واجملادلة أرشده ربه تعاىل إىل‬
‫طريق التخلص منهم وهو املباهلة بأن جيتمعوا ويقول كل فريق‪ :‬اللهم العن الكاذب منا‪ ،‬ومن كان‬
‫كاذبًا منهم يهلك على الفور‪ ،‬فقال له ربه تعاىل‪ :‬فإن حاجوك ﮋ ﯩ ﯪ ﮊ "هلموا" ﮋ ﯫ ﯬ‬
‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﮊ وخرج يف الغد رسول اهلل ‪ ‬ومعه احلسن‬
‫واحلسني وفاطمة رضي اهلل عنهم أمجعني إال أن النصارى عرفوا احلق وخافوا إن العنوا هلكوا‬
‫فهربوا من املالعنة‪ ،‬ودعاهم الرسول ‪ ‬إىل اإلسالم فأبوا ورضوا بالكفر إبقاء على زعامتهم‬
‫ودنياهم ورضوا باملصاحلة فالتزموا بأداء اجلزية للمسلمني والبقاء على دينهم الباطل‪ .‬مث قال تعاىل‪:‬‬
‫ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﮊ فالذي قصصناه عليك يف شأن عيسى عليه السالم‪ ،‬وأنه عبد اهلل ورسوله‬
‫وكلمته"(‪.)1‬‬

‫رابعًا ‪ :‬ما حدث من تفاوض مع سحرة فرعون‬


‫ﯮ ﯯ‬ ‫ﯭ‬ ‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬
‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬ ‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬ ‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬ ‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬
‫ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ‬
‫ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫من النتائج اآلنية في هذا الموقف ما يلي ‪:‬‬

‫‪ )(1‬املرجع السابق ج‪ 1‬ص ‪.325‬‬


‫‪ )(2‬سورة األعراف اآليات ‪.120 ، 103‬‬

‫‪200‬‬
‫بيان احلق ونشره‬ ‫‪-1‬‬
‫إميان السحرة إميانًا راسخًا برب موسى وهارون وما أتو به من عند اهلل من توحيد هلل ‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫وعبادة اهلل وحده ال شريك له ‪.‬‬
‫بزوغ احلق ونصرته وعلوه‬ ‫‪-3‬‬
‫الدعوة حيث كان يوم الزينة وحيضره املأل وهو يوم مشهود‬ ‫‪-4‬‬
‫إقامُة احلجة‬ ‫‪-5‬‬
‫دفُع الشبهة ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫تكرمي اهلل ألنبيائه وتأييده هلم ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫أن اهلل ينجي املؤمنني ‪ ،‬ولو أن حصل عليهم ما يكرهون يف هذه الدنيا من أثرة عليهم ‪،‬‬ ‫‪-8‬‬
‫وضيق‪ ،‬فهو ابتالء ومتحيص ‪ ،‬من الرمحن الرحيم ‪.‬‬
‫أن احلق يعلو وال يعال عليه ‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫تكذيب دعواهم يف أن موسى عليه السالم "ساحر "‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫خذالن الباطل ‪ ،‬وأهله ‪ ،‬وأعوانه ‪ ،‬وخدامه ‪ ،‬ولو بعد حني فمن يعترب ؟ ويعترب من كان‬ ‫‪-11‬‬
‫له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد‪.‬‬
‫خامسًا ‪ :‬ما حدث بين إبراهيم وإسماعيل في األمر بذبح إسماعيل عليهما السالم‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬ ‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ‬ ‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯨ‬
‫ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ‬ ‫ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬ ‫ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬
‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬ ‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ‬ ‫ﰕ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﮊ (‪. ) 1‬‬ ‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫من النتائج اآلنية في هذا الموقف ما يلي ‪:‬‬
‫إبالغ اخلليل عليه السالم يبنّي البنه إمساعيل عليه السالم ‪ ،‬أنه أمر من اهلل بوحي منه يف‬ ‫‪-1‬‬
‫رؤيا يف املنام أنه يذبح ابنه إمساعيل عليه السالم‪.‬‬
‫عرض أمر اهلل ﻷ املوحى إلبراهيم عليه السالم وهو األمر بالذبح‪ ،‬على ابنه إمساعيل‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ﮋ ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﮊ ‪.‬‬
‫تسليم االبن أمره هلل ﮋ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﮊ ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ )(1‬سورة الصافات اآلية ‪.110‬‬

‫‪201‬‬
‫ﮊ‪.‬‬ ‫تسليم إبراهيم األمر إىل اهلل ﮋ ﭑ ﭒ‬ ‫‪-4‬‬
‫الشروع يف التنفيذ ﮋ ﭓ ﭔ ﮊ ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫سادسًا ‪ :‬ما حدث بين إبراهيم وقومه‬


‫قوله تعالى‪ :‬ﮋ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬ ‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬ ‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬
‫ﯣ ﯤ ﮊ‪.‬‬ ‫ﯡ ﯢ‬

‫من النتائج اآلنية في هذا الموقف ما يلي ‪:‬‬


‫بذل النصيحة والدعوة والرشد لقومه‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫إظهار الرفق واللني وهو من اجلوانب املؤثرة يف التفاوض‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫التحذير من عبادة غري اهلل ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الثبات على احلق‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫إفحام اخلصم باحلجة والربهان وعادة أهل الضالل واألهواء الزيغ عن احلق والتعصب‬ ‫‪-5‬‬
‫للباطل مهما أفحموا باحلجة القاطعة والدليل حيث قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮊ (‪. ) 1‬‬
‫إيصال البالغ احلق للمدعو ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫التذكري باهلل تعاىل‪.‬‬ ‫‪-7‬‬

‫‪ )(1‬سورة األنبياء اآلية ‪.65‬‬

‫‪202‬‬
‫المبحث الثاني ‪:‬‬
‫النتائج البعدية‬

‫النتائج البعدية منها ما حيصل بعد التفاوض يف زمن قد يطول ‪ ،‬أو يقصر ‪ ،‬وتلك هي‬
‫النتائج البعدية واليت تسفر عنها املفاوضات ‪ ،‬بعد انتهائها ‪ ،‬وهلا أحوال ‪ ،‬فمنها ما يكون ‪ ،‬عبارة‬
‫عن اتفاق ‪ ،‬بني األطراف ‪ ،‬على معاهدة ‪ ،‬أو عقد ‪ ،‬أو ميثاق ‪ ،‬أو موادعة ‪ ...‬يتم إبرامها بني‬
‫األطراف ‪ ،‬وجيب التزام مجيع األطراف جبميع البنود املذكورة يف االتفاق ‪ ،‬وكذلك شروطها ‪،‬‬
‫ومن خان بشرط واحد منها يعترب ناقضًا هلا ‪ ،‬وكأن مل تكن ‪ ،‬وأمثلة ذلك كثرية ‪ ،‬ومت ذكر‬
‫بعضها يف ثنايا آيات القرآن الكرمي‪ ،‬أو اإلشارة إليها ‪ ،‬ومن أمثلتها ‪:‬‬
‫‪ -1‬صلح احلديبية ‪.‬‬
‫‪ -2‬موادعة النيب ‪ ‬نصارى جنران على دفع اجلزية ‪.‬‬
‫‪ -3‬معاهدة النيب ‪ ، ‬مع اليهود يف املدينة وقد حصل أكثر من مرة ‪.‬‬
‫وقد يتم عدم االستجابة للمطالب اليت متت ‪ ،‬وهذا ما كان يف كثري من األمم الغابرة مع‬
‫أنبيائهم ورسلهم حني أرسلوا إليهم ‪ ،‬فبعضهم أعرضوا وكفروا وكّذ بوا بآيات اهلل‪ ،‬وبعضهم قتلوا‬
‫أنبيائهم ظلمًا وعدوانًا‪.‬‬
‫ومعرفة النتائج البعدية يف التفاوض مع الكفار من املشركني ‪ ،‬أو أهل الكتاب ‪ ،‬وغريهم ‪ ،‬يف‬
‫كل ما جيري جمرى التفاوض ‪ ،‬له فوائد عديدة ‪ ،‬ويف ما يلي يتم ذكر عدد من املواقف ونتائجها‬
‫البعدية من خالل اآليات الكرمية يف القرآن الكرمي ومنها‪:‬‬

‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﮊ (‪.)1‬‬ ‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ‬ ‫‪-1‬‬


‫حني اعرتض سهيل بن عمرو عن كتابة ‪ ،‬بسم اهلل الرمحن الرحيم ‪ ،‬وعن ‪ ،‬حممد رسول‬
‫اهلل ‪ ،‬وافقه الرسول عن كتابة "بسم اهلل الرمحن الرحيم" وكتب بدًال عنها "بسمك اللهم"‬
‫وكتب"حممد بن عبد اهلل" بدًال من أن يكتب "حممد رسول اهلل" ومل يؤدي النيب ‪ ‬والصحابة‬
‫العمرة ‪ ،‬حيث منعتهم قريش من أدائها‪ ،‬ولكن حني تفاوض معهم النيب ‪ ‬وأبرم عقد الصلح ‪،‬‬
‫‪ )(1‬سورة الفتح اآلية ‪.1‬‬

‫‪203‬‬
‫نتج بعد ذلك عنها عدة نتائج ومنها ما يلي ‪:‬‬
‫ا‪ -‬نتج عن تفاوض احلديبية الفتح املبني قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮟ ﮠ ﮡ ﮊ ‪.‬‬
‫ب‪ -‬إيقاف احلرب ‪ ،‬وقد كان املسلمون يف حاجة إىل وقف احلرب‪.‬‬
‫ج‪ -‬االعرتاف بدولة اإلسالم ‪ ،‬وكان ذلك ضمنيًا ‪ ،‬ودليله ‪ ،‬املفاوضة بني املسلمني‬
‫واملشركني‪.‬‬
‫د‪ -‬يف هذه الفرتة ‪ ،‬تفرغ املسلمون للدعوة فكانت الفرتة الذهبية للدعوة ‪ ،‬وقد أمثرت عن‬
‫انتشار دعوة اإلسالم يف اجلزيرة‪.‬‬
‫ه‪ -‬أن النصر قد يتأخر ‪ ،‬حلكم يريدها اهلل ‪ ،‬وهذا ما حصل يف هذا الصلح وقد أجنز اهلل هذا‬
‫الفتح ‪ ،‬فكان كما مساه اهلل عز وجل فتحًا مبينًا‪.‬‬
‫و‪ -‬وقد وىف عليه الصالة والسالم‪ ،‬مبا التزم به يف عقد الصلح املربم‪ ،‬وهذا من خلقه الكرمي‪،‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮊ (‪.)1‬‬
‫ز‪ -‬أثر الطاعة عل الصحابة الكرام‪.‬‬

‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬ ‫قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭥ‬ ‫‪-2‬‬


‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮛ ﮜ ﮊ (‪. ) 2‬‬ ‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ويف قصة نوح عليه السالم ‪ ،‬وردت عدد من اآليات ‪ ،‬توضح النتائج البعدية ومنها‪:‬‬
‫أ‪ -‬قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﮊ(‪.)3‬‬
‫وذلك أن نوًح ا عليه السالم‪ ،‬قام بكل أسباب اهلداية من حسن اخلطاب والدعوة وحسن‬
‫التفاوض‪ ،‬فقوبل بالصد واإلعراض ‪ ،‬حىت اعتربوه أنه جيادهلم وأكثر جداهلم كما بينت اآليات‬
‫قوهلم ‪ ،‬ومل تفلح معهم أي حماوالت ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ‬
‫ﯽ ﯾ ﯿ ﮊ فلما أيقن نوح عليه السالم من عدم صالحهم‪ ،‬وفالحهم‪ ،‬ورأى أهنم لن‬
‫يستجيبوا‪ ،‬بل واصلوا إىل أذيته ‪ ،‬وتكذيبه‪ ،‬بكل طريق من فعال‪ ،‬ومقال‪ ،‬دعا عليهم دعوة‬
‫‪ )(1‬سورة القلم اآلية ‪.4‬‬
‫‪ )(2‬سورة القمر اآليات ‪.16 - 9‬‬
‫‪ )(3‬سورة الصافات اآليات ‪.76 - 75‬‬

‫‪204‬‬
‫ﰄ ﮊ وهذه تعزية لنوح‬ ‫غضب‪ ،‬فلىب اهلل دعوته‪ ،‬وأجاب طلبه وواساه ربه ﮋ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ‬
‫عليه السالم‪.‬‬
‫ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﮊ ( ‪. )1‬‬ ‫ب ‪ -‬قال تعالى‪:‬ﮋﰆ ﰇ ﰈ‬
‫بيان للنهاية احلتمية للظاملني ‪ ،‬وهي إغراقهم بالطوفان‪.‬‬
‫ج ‪ -‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮊ (‪.)2‬‬
‫د‪ -‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮊ ( ‪.)3‬‬
‫هـ‪ -‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﮊ (‪.)4‬‬
‫ز‪ -‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬
‫ﯾ ﯿ ﮊ (‪.)5‬‬ ‫ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‬

‫ومن النتائج لظلم الظالمين وعتو المعتدين‪.‬‬


‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬ ‫‪ -1‬قوله تعالى ‪ :‬ﮋ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﯡ ﯢ ﮊ‪.‬‬ ‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬ ‫ﯙ ﯚ‬ ‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬
‫وهذه مساكنهم إىل يومنا هذا مل تس‪m‬كن من بع‪m‬دهم رغم ت‪m‬وفر االمكان‪m‬ات البيئي‪m‬ة فيه‪m‬ا ‪ ،‬من‬
‫م‪mm‬اء غزي‪mm‬ر وف‪mm‬ري ‪ ،‬وترب‪mm‬ة خص‪mm‬بة زراعي‪mm‬ة ‪ ،‬ولكنه‪mm‬ا مس‪mm‬اكن ال‪mm‬ذين ظلم‪mm‬وا أنفس‪mm‬هم ‪ ،‬ودي‪mm‬ارهم‬
‫تقع مشال املدينة املنورة ‪ ،‬وتبعد ثالمثئة كم‪.‬‬
‫ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬ ‫قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮇ ﮈ‬ ‫‪-2‬‬
‫ﮣ ﮊ (‪.)6‬‬ ‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬ ‫‪-3‬‬

‫‪ )( 1‬سورة هود اآلية ‪.37‬‬


‫‪ )(2‬سورة األنبياء اآلية ‪.76‬‬
‫‪ )(3‬سورة الشعراء آية ‪.117‬‬
‫‪ )(4‬سورة املؤمنون اآلية ‪.39‬‬
‫‪ )(5‬سورة نوح اآلية ‪.27 - 25‬‬
‫‪ )(6‬سورة احلجر اآليات ‪.84 - 80‬‬

‫‪205‬‬
‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮊ (‪. ) 1‬‬
‫ﯶ ﯷ ﯸ‬ ‫ﯴ ﯵ‬ ‫وقوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ‬
‫ﰊ ﰋ‬ ‫ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ‬ ‫ﰃ ﰄ‬ ‫ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬
‫ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬ ‫ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ‬
‫ﭬ ﮊ (‪. ) 2‬‬ ‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬ ‫ﭠ ﭡ‬
‫تكاثرت ثمود ‪ ،‬نعمة الل‪m‬ه ‪ ،‬على عب‪m‬ده ه‪m‬ود ‪ ،‬علي‪m‬ه الس‪m‬الم ‪ ،‬ثم ص‪m‬رحوا بع‪m‬دم االتب‪m‬اع ‪ ،‬وطلب‪m‬وا‬
‫ﭬ‬ ‫المعجزة ‪ ،‬وهي الناقة ‪ ،‬فأرسلها الله إليهم ‪ ،‬فعقروا الناقة ‪ ،‬فكانت النتيجة ﮋ ﭪ ﭫ‬
‫ﮊ‪.‬‬
‫ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬ ‫‪ -4‬قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬
‫ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫تبني يف قصة قوم لوط عليه السالم يف هذه اآليات واآليات الواردة يف ثنايا البحث ‪ ،‬أن‬
‫قوم لوط ‪ ،‬فاوضوه عن ضيفه ‪ ،‬وكّذ بوه ‪ ،‬رغم أن لوط عليه السالم ‪ ،‬أنذرهم عذاب اهلل‬
‫وبطشه ‪ ،‬فتماروا بالنذر ‪ ،‬فكانت النتيجة ‪ ،‬ﮋ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮊ وذلك جزاء الظاملني عما‬
‫بدر منهم‪.‬‬

‫ﭚ‬ ‫ويف قصة موسى عليه الس‪m‬الم ‪ ،‬قول‪m‬ه تع‪m‬اىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬ ‫‪-5‬‬
‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ‬
‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬ ‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬ ‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬ ‫ﯓ ﯔ‬
‫(‪) 4‬‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﮊ ‪.‬‬
‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬ ‫وقوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬

‫‪ )(1‬سورة الشمس اآليات ‪. 15 - 11‬‬


‫‪ )(2‬سورة القمر اآلية ‪.27-22‬‬
‫‪ )(3‬سورة القمر اآلية ‪.49 - 28‬‬
‫‪ )(4‬سورة القصص اآلية ‪.36‬‬

‫‪206‬‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ‬ ‫ﭲ‬
‫ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮊ (‪. ) 1‬‬ ‫ﮌ‬
‫فمن يرد اهلل فتنته هلك‪ ،‬ومن حيلل عليه غضب اهلل فقد هوى وهو على كل شيء قدير ‪.‬‬
‫ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬ ‫وقوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬
‫ﮚ ﮛ ﮜ‬ ‫ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬ ‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬
‫ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬ ‫ﯙ ﯚ‬ ‫وقوله تعالى ‪ :‬ﮋ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬
‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬
‫ﮊ(‪.)3‬‬ ‫ﰎ ﰏ ﰐ‬ ‫ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ‬
‫وق‪mm‬د ط‪mm‬الت قص‪mm‬ة موس‪mm‬ى وه‪mm‬ارون ‪ ،‬عليهم‪mm‬ا الس‪mm‬الم ‪ ،‬م‪mm‬ع فرع‪mm‬ون وقوم‪mm‬ه ‪ ،‬فك‪mm‬انت أح‪mm‬داث ‪،‬‬
‫ﮰ ﮱ‬ ‫ومواقف شىت ‪ ،‬فكانت النتيجة ‪ ،‬يف قوله تعاىل ‪ :‬ﮋﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫(‪) 4‬‬
‫ﯓ ﯔ ﯕﮊ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ‬ ‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬ ‫ﯔ ﯕ‬ ‫‪ -6‬قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮱ ﯓ‬
‫ﯢ ﯣ ﯤ ﮊ (‪. ) 5‬‬
‫يهدي من يشاء بفضله ‪ ،‬ويضل من يشاء بعدله ‪ ،‬سبحانه وهو فعال ملا يريد‪ ،‬وهو العزيز‬
‫احلكيم‪.‬‬
‫‪ -7‬قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬
‫ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﭑ ﭒ‬ ‫ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﮊ (‪. ) 6‬‬ ‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫عليم ‪ ،‬مبن يستحق اهلداية‪ ،‬ومن يستحق الغواية "فلو شاء هلداكم أمجعني " سبحانه له‬
‫احلكمة البالغة‪.‬‬

‫‪ )(1‬سورة يونس اآليات ‪.92 - 90‬‬


‫‪ )(2‬سورة الزخرف اآليات ‪.56 - 51‬‬
‫‪ )(3‬سورة القمر اآليات ‪.49 - 41‬‬
‫‪ )(4‬سورة األعراف اآلية ‪. ١٣٦‬‬
‫‪ )(5‬سورة هود اآلية ‪.34‬‬
‫‪ )(6‬سورة القمر اآليات ‪.6 - 2‬‬

‫‪207‬‬
‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬ ‫ونتائج املؤمنني املتقني على مر الزمان ‪ ،‬قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭪ ﭫ‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﮊ (‪. ) 1‬‬
‫من النتائج البعدية ما يستدل به أن ليس كل شيء قابل للتفاوض ‪:‬‬
‫ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ‬ ‫الرباءة من الشرك كما قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﰈ ﰉ‬ ‫‪-1‬‬
‫ﰖ ﰗ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭲ ﭳ ﭴ‬ ‫‪-2‬‬
‫ﮊ ﮊ (‪. ) 3‬‬ ‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﮊ (‪.)4‬‬ ‫‪-3‬‬
‫قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﮊ (‪.)5‬‬ ‫‪-4‬‬
‫قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮊ (‪.)6‬‬ ‫‪-5‬‬
‫ملا أصر على الشرك قوم إبراهيم عليه السالم اعتزهلم كما قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬ ‫‪-6‬‬
‫ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﮊ (‪.)7‬‬
‫ففي الدين ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﮊ (‪.)8‬‬ ‫‪-7‬‬
‫وأثبت ‪ -‬جل وعال ‪ -‬للكفار كذلك دينًا اخرتعوه فقال‪ :‬ﮋ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﮊ (‪.)9‬‬ ‫‪-8‬‬
‫قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﮊ (‪.)10‬‬ ‫‪-9‬‬

‫القضايا المقطوعة في الدين ليست محًال للتفاوض‬

‫‪ )(1‬سورة القمر اآليات ‪. 55-54‬‬


‫‪ )(2‬سورة يونس اآلية ‪.41‬‬
‫‪ )(3‬سورة غافر اآلية ‪.35‬‬
‫‪ )(4‬سورة الشورى اآلية ‪.16‬‬
‫‪ )(5‬سوؤة النجم اآلية ‪.29‬‬
‫‪ )(6‬سورة الزمر اآلية ‪.64‬‬
‫‪ )(7‬سورة مرمي اآلية ‪.49‬‬
‫‪ )(8‬سورة آل عمران اآلية ‪.19‬‬
‫‪ )(9‬سورة الكافرون اآلية ‪.1‬‬
‫‪ )(10‬سورة آل عمران اآلية ‪.139‬‬

‫‪208‬‬
‫فلما حاول املرتدون التفاوض حول منع الزكاة ‪ ،‬وقالوا كنا نؤديها لرسول اهلل وقد تويف‪.‬‬
‫ويف احلديث الذي رواه أبو هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬ملا تويف رسول اهلل ‪ ‬وكان أبو بكر‬
‫رضي اهلل عنه وكفر من كفر من العرب فقال عمر رضي اهلل عنه كيف تقاتل الناس ؟ وقد قال‬
‫رسول اهلل ‪ " ‬أمرت أن أقاتل الناس حىت يقولوا ال إله إال اهلل فمن قاهلا فقد عصم مين ماله‬
‫ونفسه إال حبقه وحسابه على اهلل " ‪ .‬فقال واهلل ألقاتلن من فرق بني الصالة والزكاة فإن الزكاة‬
‫حق املال واهلل لو منعوين عناقا كانوا يؤدوهنا إىل رسول اهلل ‪ ‬لقاتلتهم على منعها‪ .‬قال عمر‬
‫رضي اهلل عنه فواهلل ما هو إال أن قد شرح اهلل صدر أيب بكر رضي اهلل عنه فعرفت أنه احلق"(‪.)1‬‬
‫وكذلك قضايا تعدد الزوجات‪ ,‬وفريضة اجلهاد‪ ،‬وحترمي الزنا واخلمر والربا‪ ،‬وغريه ‪ ،‬مما ال‬
‫ميكن أن يقبل فيه أدىن تفاوض ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﮊ ‪.‬‬
‫وأثبت للكفار كذلك دينًا اخرتعوه فقال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﮊ (‪.)2‬‬
‫وبني سبحانه أن العاقبة للمؤمنني كما يف قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯔ ﮊ (‪. ) 3‬‬

‫العهود والمواثيق‬
‫ومن اآليات التي ذكر فيها العهد والميثاق ما يلي ‪:‬‬
‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬ ‫‪-1‬‬
‫ﭨ‬ ‫ﭧ‬ ‫ﭦ‬
‫ﭩ ﮊ (‪ )4‬ويف هذه اآلية الكرمية يأمر اهلل سبحانه املؤمنني باالس‪m‬تقامة يف العه‪m‬د ملن يس‪m‬تقيم‬
‫به ‪ ،‬وأن ذلك من التقوى هلل كما بينت اآلية وأن اهلل حيب املتقني‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ‬ ‫‪-2‬‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬
‫ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬

‫‪ )(1‬صحيح البخاري ‪ ،‬حممد بن إمساعيل البخاري ‪ ،‬باب وجوب الزكاة ‪ ،‬ح ‪ ،1335‬ج ‪ 2‬ص ‪. 507‬‬
‫‪ )(2‬سورة الكافرون اآلية ‪. 6‬‬
‫‪ )(3‬سورة آل عمؤان اآلية ‪.139‬‬
‫‪ )(4‬سورة التوبة آية ‪.7‬‬

‫‪209‬‬
‫ﯸ ﮊ (‪. ) 1‬‬ ‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬
‫ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬ ‫‪-3‬‬
‫ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬
‫ﯲ ﯳ ﯴﯵ‬ ‫ﯯ ﯰ ﯱ‬ ‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﮊ (‪. ) 2‬‬ ‫ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬
‫ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬ ‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ‬ ‫‪-4‬‬
‫ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ‬ ‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬ ‫ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ‬ ‫ﭤ ﭥ‬ ‫ﭣ‬
‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ‬
‫ﮏ ﮐ ﮑ ﮊ (‪. ) 3‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬ ‫‪-5‬‬
‫ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﮊ (‪. ) 4‬‬
‫قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ‬ ‫‪-6‬‬
‫ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﮊ (‪ )5‬وق‪mm‬د عق‪mm‬د رس‪mm‬ول اهلل ‪ ‬معاه‪mm‬دات م‪mm‬ع‬
‫املهاجرين واألنصار وكذلك مع اليهود باملدينة‬
‫وكتب رسول اهلل ‪ ‬عدة كتب لبعض قبائل املسلمني ‪ ،‬وقبائل أخرى من العرب غري‬
‫املسلمني‪ ،‬كما كتب لبعض اليهود وبعض النصارى‪ ،‬وقد تضمنت هذه الكتب بعض العهود‬
‫واملواثيق بني الرسول ‪ ‬وأولئك الذين كتب إليهم‪.‬‬
‫العهود والمواثيق ونتائجها البعدية‬
‫ج‪m‬اء اهتم‪m‬ام اإلس‪m‬الم ببن‪m‬اء اجملتم‪m‬ع املس‪m‬لم ‪ ،‬فش‪m‬رعت التش‪m‬ريعات ال‪m‬يت ي‪m‬أمن اجملتم‪m‬ع هبا وي‪m‬راعى‬
‫فيها جلب املصاحل‪ ،‬واحلفاظ عليها‪ ،‬ودرء املفاسد ‪ ،‬حىت تنتظم حياة الن‪m‬اس ‪ ،‬ومن تل‪m‬ك التش‪m‬ريعات‬

‫‪ )(1‬سورة النحل اآليات ‪.93 - 91‬‬


‫‪ )(2‬سورة النساء اآليات ‪.91 - 89‬‬
‫‪ )(3‬سورة النساء اآلية ‪.92‬‬
‫‪ )(4‬سورة األنفال اآليات ‪. 73 ، 72‬‬
‫‪ )( 5‬سورة النساء اآلية ‪. 128‬‬

‫‪210‬‬
‫العه‪mm‬ود واملواثي‪mm‬ق والص‪mm‬لح‪ ،‬واملوادع‪mm‬ة‪ ،‬فق‪mm‬د أواله‪mm‬ا الق‪mm‬رآن الك‪mm‬رمي اهتمام ‪ًm‬ا بالغ ‪ًm‬ا ‪ ،‬فك‪mm‬انت لبن‪mm‬ة قوي‪mm‬ة‬
‫مبارك ‪mm‬ة ‪ ،‬ونتج عنه ‪mm‬ا معاجلة القض ‪mm‬ايا السياس ‪mm‬ية واالجتماعي ‪mm‬ة ‪ ،‬ومن اجلوانب االجتماعي ‪mm‬ة ‪ ،‬قض ‪mm‬ية‬
‫ال ‪mm‬زواج والطالق فهي تعت ‪mm‬رب قض ‪mm‬ية اجتماعي ‪mm‬ة هام ‪mm‬ة ويؤخ ‪mm‬ذ فيه ‪mm‬ا امليث ‪mm‬اق الغلي ‪mm‬ظ ‪ ،‬وي ‪mm‬دل ذل ‪mm‬ك على‬
‫أمهيتها وأثرها‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﮊ (‪. ) 1‬‬
‫وما حدث بني يعقوب وبني أبنائه كما قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮊ (‪. ) 2‬‬ ‫ﮎ‬
‫وقال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﮊ (‪.)3‬‬
‫فـ "امليثاق كان عامًال حاًمسا يف بداية وهناية هذه القضية االجتماعية"(‪ )4‬وفاز املوفون بالعهد‬
‫بثناء اهلل هلم يف الكتاب وهم"أولو األلباب ‪-‬كما يف سورة الرعد‪ -‬هم الذين يوفون بعهد اهلل وال‬
‫ينقضون امليثاق وهم كذلك يتصفون بصفة الزمة للصفة األوىل وهي أهنم يصلون ما أمر اهلل به أن‬
‫يوصل من صلة الوالدين واألرحام وحقوق اجلوار وغريمها مما أمر اهلل به"(‪ )5‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﮊ (‪. ) 6‬‬
‫ويستفاد أن الصلح ‪ ،‬والعهود ‪ ،‬واملواثيق ‪ ،‬والتحكيم بني األطراف ‪ ،‬هي عبارة عن نتائج‬
‫تتمخض عن مفاوضات ومداوالت ومراجعات يف عدد من اجلوانب احلياتية ‪.‬‬

‫نموذج من معاهدات رسول اهلل ‪ ،‬صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬مع يهود المدينة‬
‫عقد رسول اهلل املعاهدة ‪ ،‬مع يهود املدينة ‪ ،‬بعد هجرته إليها مباشرة ‪ ،‬ويف أوائل أيامه هبا؛‬
‫مما يدل داللة قاطعة على فكره التعايش ورغبة رسول اهلل يف مساملة غري املسلمني ‪ ،‬وقد جاء يف‬
‫نصوص املعاهدة ما يلي‪:‬‬

‫‪ )(1‬سورة النساء اآليات ‪.21 -20‬‬


‫‪ )(2‬سورة يوسف اآلية ‪.66‬‬
‫‪ )(3‬سورة يوسف اآلية ‪.80‬‬
‫‪ )( 4‬ناصر العمر ‪ ،‬العهد وامليثاق يف القرآن الكرمي ص‪https://www.google.com.sa/search1.34.heirloom 26‬‬
‫‪ )(5‬املرجع السابق ‪.‬‬
‫‪ )(6‬سورة الرعد اآلية ‪.21 ،20‬‬

‫‪211‬‬
‫"‪ -1‬أن يهود بين عوف أمة مع املؤمنني‪ ،‬لليهود دينهم وللمسلمني دينهم‪ ،‬مواليهم‬
‫وأنفسهم‪.‬‬
‫‪ -2‬وأن على اليهود نفقتهم‪ ،‬وعلى املسلمني نفقتهم‪.‬‬
‫‪ -3‬وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة‪.‬‬
‫‪ -4‬وأن بينهم النصح والنصيحة‪ ،‬والرب دون اإلمث‪.‬‬
‫‪ -5‬وأنه ال يأمث امرُؤ حبليفه‪.‬‬
‫‪ -6‬وأن النصر للمظلوم‪.‬‬
‫‪ -7‬وأن اليهود ينفقون مع املؤمنني ما داموا حماربني‪.‬‬
‫‪ -8‬وأن يثرب حرام جوفها ألهل هذه الصحيفة‪.‬‬
‫‪ -9‬وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو شجار يخاف فساده فإن مرَّده إلى‬
‫الله"(‪.)1‬‬

‫من النتائج البعدية للعهود والمواثيق التي تنجم عن التفاوض ما يلي ‪:‬‬
‫ا‪ -‬تنظيم العالقات بني املسلمني فيما بينهم‪.‬‬
‫ب‪ -‬تنظيم العالقات بني املسلمني‪ ،‬وبغري املسلمني‪ ،‬من اليهود‪ ،‬وغريهم يف جمتمع املدينة وما‬
‫جاورها‪.‬‬
‫ج‪ -‬توفري األمن واالطمئنان للمجتمع‪.‬‬
‫د‪ -‬إجياد طرق وسبل للتعايش االجتماعي والتعامل السلمي بني الناس مسلمني وغري‬
‫مسلمني على اختالف أدياهنم ‪ ،‬ومنهم اليهود الذين هم قوم هبت ومعلوم أن صدورهم‬
‫مليئة بالغل واحلسد واحلقد ‪ ،‬ويبطنون أكثر من ذلك ‪.‬‬
‫ه‪ -‬درء األخطار عن اجملتمع ‪.‬‬
‫و‪ -‬إعداد اجملتمع وتنمية العالقات االجتماعية فيما بينهم ‪.‬‬
‫ز‪ -‬عامل من عوامل االستقرار للدولة‪.‬‬
‫ح‪ -‬إظهار قوة الدولة اإلسالمية وهيمنتها‪.‬‬

‫‪ )( 1‬السرية النبوية ابن هشام مرجع سابق باب هجرة الرسول ‪ ،‬ج‪ 3‬ص ‪.34‬‬

‫‪212‬‬
‫ط‪ -‬القبائل تفضل وتبحث سبل التقرب والتودد من املسلمني‪.‬‬
‫ي‪ -‬رغبة القبائل يف األمان منها‪.‬‬
‫ك‪ -‬طلب القبائل احلماية ضد أعدائهم ‪ ،‬وهذا أثر فَّعال يف حتسني العالقة بني الدول‬
‫واجملتمعات‪.‬‬
‫ل‪ -‬تقرير أن الوفاء باملعاهدات واملواثيق حيَّل السالم ‪ ،‬كما فعل النيب ‪ ، ‬مع أعدائه ‪ ،‬يف‬
‫صلح احلديبية وغريه ‪ ،‬امتثاًال لقوله تبارك وتعاىل ‪ :‬ﮋ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬
‫ﮕ ﮖ ﮊ (‪. ) 1‬‬
‫ويف تفسري هذه اآلية يقول ابن كثري "وهذا مما يأمر اهلل تعاىل به‪ ،‬وهو الوفاء بالعهود‬
‫واملواثيق‪ ،‬واحملافظة على األميان املؤَّك دة"(‪.)2‬‬
‫م‪ -‬وقف احلرب وما يدعو هلا‪.‬‬
‫ن‪ -‬معرفة أساليب‪ ،‬وطرق املداهنة‪ ،‬والزيف‪ ،‬واملراوغة ‪ ،‬وتغيري احلقائق ‪ ،‬والتناقض وحنو‬
‫ذلك‪ ،‬مما يصدر من الطرف املقابل للتفاوض ‪ ،‬وذلك من خالل املمارسة املستمرة‬
‫للتفاوض مع األطراف األخرى ‪.‬‬
‫وقد"َح َر َص رسول اهلل ‪ ‬والصحابة على استمرار تطبيق بنود املعاهدة‪" ،‬فكان التعايش‬
‫السلمي اآلمن مع َمْن يعيش من اليهود مع رسول اهلل ‪ ‬واملسلمني هو مسة احلياة داخل املدينة؛‬
‫فبدأ التبادل التجاري بينهم حيث امتألت أسواق اليهود يف املدينة باملسلمني‪ ،‬ومن أشهر أسواق‬
‫اليهود سوق بين قينقاع‪ .‬وإمتام عمليات البيع والشراء ال تتم إال بني قوم يأمن بعضهم بعًض ا‪ ،‬وقد‬
‫كانت املرأة املسلمة تذهب بنفسها لتشرتي من اليهود يف سوقهم دون حرج؛ مما يدل على مدى‬
‫ثقة املسلمني باليهود‪ ،‬كما اشرتى عثمان بن عفان ‪ ‬بئر رومة من يهودي"(‪.)3‬‬
‫فتعترب هذه املعايشة االجتماعية واالقتصادية نتائج بعدية للتفاوض الذي حصل مع اليهود يف‬
‫املدينة واستمر لفرتة حمدودة نظرًا ألن اليهود كانوا ينقضون العهود يف كل عام مرة أو مرتني كما‬
‫ذكرت اآليات ‪ ،‬حىت أجالهم عليه الصالة والسالم من املدينة ‪.‬‬

‫‪ )(1‬سورة النحل اآلية ‪.91‬‬


‫‪ )(2‬تفسري ابن كثري ‪ ،‬دار طيبة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج ‪ 4‬ص ‪.598‬‬
‫‪ )(3‬ابن هشام‪ :‬السرية النبوية مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪.504 ،503‬‬

‫‪213‬‬
‫و معاهدة أخرى وهي "معاهدة رسول اهلل مع يهود خيرب فقد َّمتت بعد حرهبم‪ ،‬اليت مل يلجأ‬
‫إليها رسول اهلل إَّال بعد تأُّك ده من أهنا أصبحت مالًذا ملن يريد التخطيط هلدم الدولة اإلسالمية‬
‫وتقويض بنياهنا‪ ،‬فقد جلأ إليها سالُم بن أيب احلقيق املعروف بأيب رافع‪ ،‬وكنانة بن الربيع بن أيب‬
‫احلقيق‪ ،‬وحيي بن أخطب‪ ،‬وهم من أشراف بين النضري‪ ،‬ومن ألّد أعداء املسلمني‪ ،‬ومن الذين‬
‫أجالهم رسول اهلل من املدينة بعد ما اقرتفوا من اجلرائم‪ ،‬فبدأ يهود بنو النضري املقيمون خبيرب‪ ،‬ومن‬
‫معهم من يهود خيرب وزعمائها بتأليب اجملتمع الَق َبلي على املسلمني؛ فخرجت جمموعة من يهود‬
‫خيرب ويهود بين النضري لتجميع األحزاب املشركة هبدف حصار املسلمني‪ ،‬فكانت غزوة‬
‫األحزاب ‪ ،‬اليت جتَّم ع فيها أكثر من عشرة آالف مقاتل من املشركني؛ إلبادة املسلمني يف املدينة‪،‬‬
‫ولكن اهلل َم َّن على املسلمني بنصره فيها‪ ،‬ولكن خيرب أصبحت بؤرة خطٍر عظيٍم على املسلمني؛‬
‫لذلك كان ال ُبَّد من تأديبهم‪ ،‬وحماسبتهم على بعض ما اقرتفوا من جرائم يف حِّق الدولة اإلسالمية‪.‬‬
‫فخرج النيب حملاربتهم يف العام السابع من اهلجرة‪ ،‬وبعد معارك عديدة وحصار حلصوهنم‬
‫الواحد تلو اآلخر طلب اليهود أن ينزلوا على الصلح ‪ ،‬وأن يتفاوضوا مع رسول اهلل ‪ ،‬وَقِبَل رسول‬
‫اهلل منهم ذلك‪ ،‬وكانت خالصة األمر أن َّمت التصاحل على حْق ن دمائهم‪ ،‬ودماء كل من يف احلصون‬
‫من املقاتلة والُّذ ِّر َّية والنساء‪ ،‬وعلى أن يرتكوا خلفهم الديار‪ ،‬والسالح‪ ،‬واألموال‪ ،‬والذهب‪،‬‬
‫والفضة‪ ،‬وخيرجوا دون شيء ‪ ،‬كما اشرتط رسول اهلل يف هذه املعاهدة عليهم شرًطا مهًّم ا فقال‪:‬‬
‫"َو َبِر َئْت ِم ْنُك ْم ِذَّم ُة الَّلِه َو ِذَّم ُة َرُس وِلِه ِإْن َك َتْم ُتُم ويِن َش ْيًئا"‪ .‬أي لو أن أحًد ا من اليهود أخفى شيًئا‬
‫من األموال أو من الذهب أو الفضة؛ فللرسول أن يقتله هبذا اإلخفاء ‪ ،‬وَقِبل اليهود هذا الصلح‪،‬‬
‫وبدءوا يف اخلروج من خيرب‪ ،‬وقد حقن الرسول دماءهم مجيًعا هبذا الصلح‪ ،‬وذلك رغم ما قَّدمت‬
‫أيديهم من سوء‪ ،‬ومل يقتل إَّال َمْن برزْت خيانته هلذا العهد‪ ،‬كما وقع لكنانة بن أيب احلقيق‪،‬‬
‫إىل هذا احلِّد كان األمر كله بيد املسلمني‪ ،‬وليس أمام اليهود اختيار غري اخلروج‪ ،‬ومع ذلك‬
‫ولرغبة رسول اهلل يف التعايش السلمي مع اآلخر َقِبَل بالطرح الذي قَّدمه اليهود؛ لقد طلب اليهود‬
‫من رسول اهلل أن يزرعوا هذه األرض مناصفة مع املسلمني‪ ،‬فعن عبد اهلل ابن عمر قال‪" :‬أعطى‬
‫رسول اهلل خيرب لليهود أن يعملوها ويزرعوها وهلم شطر ما خيرج منها"(‪.)1‬‬

‫‪ )(1‬صحيح البخاري ‪ ،‬باب الطيب للجمعة ‪ ،‬ح ‪ ، 2720‬ج‪ 7‬ص ‪.75‬‬

‫‪214‬‬
‫قوله تعالى‪ :‬ﮋ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﮊ (‪ ، )1‬في هذه اآلية الكريمة ورد "أن اليهود كلما عاهدوا‬
‫عه ‪mm‬دا نب ‪mm‬ذه فري ‪mm‬ق منهم وص ‪mm‬رح في موض ‪mm‬ع آخ ‪mm‬ر أن رس ‪mm‬ول الل ‪mm‬ه ‪ ‬ه ‪mm‬و المعاه ‪mm‬د لهم وأنهم ينقض ‪mm‬ون‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬ ‫عهدهم في كل مرة ‪ ،‬وذلك في قوله‪ :‬ﮋ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮊ (‪.)2‬‬
‫وصرح يف آية أخرى بأهنم أهل خيانة إال القليل منهم ‪ ،‬وذلك يف قوله ‪ :‬ﮋ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬
‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﮊ (‪. ) 4( " ) 3‬‬
‫"وذلك أن النيب ‪ ‬عاهدهم أول مرة على أن ال حياربوه وال يعينوا أحدًا على حربه فإذا هبم‬
‫يعينون قريشًا بالسالح ‪ ،‬وملا انكشف أمرهم اعتذروا معرتفني خبطإهم ‪ ،‬وعاهدوا مرة أخرى على‬
‫أن ال حياربوا الرسول وال يعينوا من حياربه فإذا هبم ينقضون عهدهم مرة أخرى ويدخلون يف‬
‫حرب ضده حيث انضموا إىل األحزاب يف غزوة اخلندق"(‪.)5‬‬
‫و"ال جيوز أن ينقض العهد إَّال على ثالثة أوجه ‪:‬‬
‫فاألول ‪ :‬أن يظهر له منهم خيانٌة مستورة ويخاف ضررهم ‪ ،‬فينبذ العهد إليهم ‪ ،‬حَّتى يستووا في‬
‫ﮤ ﮥ ﮊ (‪.)6‬‬ ‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬ ‫معرفة نقض العهد ‪ ،‬لقوله ﮋ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫الثاني ‪ :‬أن يكون قد شرط لبعضهم يف وقت العهد أن يقرهم مبا أمر اهلل به ‪ ،‬فلَّم ا أمر اهلل تعاىل‬
‫بقطع العهِد بينهم قطع ألجل الشرط ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أن يكون مؤجًال فتنقضي املَّد ُة وينقضي العهُد ‪ ،‬ويكوُن الغرض من إظهار الرباءة أن‬
‫يظهر هلم أنه ال يعود للعهد ‪ ،‬وأنه على عزم احملاربة واملقاتلة"(‪.)7‬‬
‫"وخرج عدّو الله حيي بن أخطب النضري ‪ ،‬حتى أتى كعب بن أسد القرظّي ‪ ،‬صاحب عقد‬

‫‪ )(1‬سورة البقرة اآلية ‪.100‬‬


‫‪ )(2‬سورة األنفال اآليات ‪.56 - 55‬‬
‫‪ )(3‬سورة املائدة اآلية ‪.13‬‬
‫‪ )(4‬أضواء البيان ‪ ،‬مرجع سابق ج‪ 1‬ص ‪.42‬‬
‫‪ )(5‬أيسر التفاسري ‪ ،‬اجلزائري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.320‬‬
‫‪ )(6‬سورة األنفال اآلية ‪. 58‬‬
‫‪ )(7‬اللباب في علوم الكتاب‪ ،‬أبو حفص الدمشقي الحنبلي ‪،‬الكتب العلمية ‪ ،‬ط األولى ‪ -‬بيروت ‪ 1419‬هـ ‪ 1998-‬م ج ‪ 10‬ص‬
‫‪7‬‬

‫‪215‬‬
‫بني قريظة وعهدهم ‪ ،‬وكان قد وادع رسول الله ‪ ‬على قومه ‪ ،‬وعاهده على ذلك وعاقده ‪ ،‬فلما‬
‫سمع كعب بحيّي بن أخطب ‪ ،‬أغلق دونه حصنه ‪ ،‬فاستأذن عليه ‪ ،‬فأبى أن يفتح له ‪ ،‬فناداه حيّي ‪ :‬يا‬
‫كعب افتح لي‪ ،‬قال‪ :‬ويحك يا حيّي ‪،‬إنك امرؤ مشئوم ‪ ،‬إني قد عاهدت محمدا ‪ ،‬فلست بناقض ما‬
‫بيني وبينه ‪ ،‬ولم أر منه إال وفاء وصدقا ؛ قال ‪ :‬ويحك افتح لي أكلمك ‪ ،‬قال‪ :‬ما أنا بفاعل ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫والله إن أغلقت دوني إال تخّو فت على جشيشتك أن آكل معك منها‪ ،‬فأحفظ الرجل ‪ ،‬ففتح له ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬يا كعب جئتك بعّز الدهر ‪ ،‬وببحر طّم ‪ ،‬جئتك بقريش على قاداتها وساداتها ‪ ،‬حتى أنزلتهم‬
‫بمجتمع األسيال من رومة‪ ،‬وبغَطفان على قاداتها وساداتها حتى أنزلتهم بذنب نقمى إلى جانب ُأحد‬
‫‪ ،‬قد عاهدوني وعاقدوني أال يبرحوا حتى يستأصلوا محمدا ومن معه‪ ،‬فقال له كعب بن أسد‪ :‬جئتني‬
‫والله بذّل الدهر ‪ ،‬وبجه ام قده راق ماءه‪ ،‬يرعد ويبرق‪ ،‬ليس فيه شيء ‪ ،‬فدعني ومحمدا وما أنا عليه‬
‫‪ ،‬فلم أر من محمد إال صدقا ووفاء ؛ فلم يزل حيّي بكعب يفتله في الذروة والغارب حتى سمح له‬
‫على أن أعطاهم عهدا من الله وميثاقا لئن رجعت قريش وغطفان ولم يصيبوا محمدا أن أدخل معك‬
‫في حصنك حتى يصيبني ما أصابك ‪ ،‬فنقض كعب بن أسد عهده ‪ ،‬وبرئ مما كان عليه ‪ ،‬فيما بينه‬
‫وبين رسول الله ‪.)1("‬‬
‫ونقض العهد ‪ ،‬وامليثاق يسقط حق من نقضه ‪ ،‬كما حصل مع اليهود ‪،‬فرتاعى مصلحة‬
‫التفاوض‪.‬‬
‫ويكون الصرب من النتائج البعدية بعد القيام مبا يف الوسع ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬
‫ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫وقال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﮊ (‪.)3‬‬
‫على املفاوض املسلم أن يكون على وعي ودراية مبا جيوز فيه التفاوض مع اآلخر وما ال‬
‫جيوز‪ ،‬وأن يطالب اخلصم بالدليل على إنكاره ‪ ،‬أو دعواه ‪ ،‬وقد مرا اهلل تعاىل نبيه ‪ ‬مبطالبة‬
‫ﭥ ﮊ ( ‪.) 4‬‬ ‫الكفار بالدليل‪ :‬قال تعاىل ﮋ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﭣ ﭤ‬

‫‪ )( 1‬تفسري الطربي ‪ ،‬جامع البيان يف تأويل القرآن ‪،‬حممد بن جرير بن يزيد بن كثري الطربي ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪ ،‬ط األوىل ‪،‬‬
‫‪ 1420‬هـ – ‪2000‬م ‪ ،‬حتقيق أمحد شاكر ‪ ،‬ج‪ 20‬ص‪.218‬‬
‫‪ )(2‬سورة النحل اآلية ‪.127‬‬
‫‪ )(3‬سورة النحل اآلية ‪.128‬‬
‫‪ )(4‬سورة البقرة اآلية ‪.111‬‬

‫‪216‬‬
‫وقال تعاىل‪ :‬ﮋ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﮊ (‪.)1‬‬
‫فدعوة الرسل مجيعهم ‪ ،‬كالدعوة الواحدة‪.‬‬
‫ﭥ ﮊ‪.‬‬ ‫قال اإلمام فخر الدين الرازي يف تفسريه لقوله تعاىل‪:‬ﮋ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫"دلت اآلية على أن املدعي سواء ادعى نفيًا أو إثباتًا فال بد له من الدليل والربهان"(‪.)2‬‬
‫ومن يتدبر القرآن جيد بكل وضوح أن كلمات "الربهان" و " السلطان" و" احلجة" قد‬
‫وردت يف مواضع كثرية منه وتتعلق كثري من هذه اآليات املباركة مبا جيري جمرى التفاوض الذي‬
‫قام به النيب ‪ ، ‬مع الكفار ومطالبته عليه السالم إياهم بأمر من اهلل تعاىل بتقدمي األدلة والرباهني‬
‫واحلجج إلثبات تربير مواقفهم‪.‬‬

‫‪ )(1‬سورة األنبياء اآلية ‪.124‬‬


‫‪ )( 2‬الرازي ‪ ،‬مفاتيح الغيب الكتب العلمية ‪ -‬بريوت ‪1421 -‬هـ ‪ 2000 -‬م ط األوىل‪ -‬ج‪ 4‬ص ‪.4‬‬

‫‪217‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫آثار التفاوض على الفرد والمجتمع‬

‫وفيه مبحثان‪:‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬أثر التفاوض على الفرد‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬أثر التفاوض على المجتمع‪.‬‬

‫‪218‬‬
‫المبحث األول‬
‫أثر التفاوض على الفرد‬

‫وفيه مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬األثر المعرفي على الفرد‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬األثر السلوكي عل الفرد‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬األثر المعرفي على الفرد‬
‫للتفاوض العديد من اآلثار املعرفية على الفرد ومنها ما يلي ‪:‬‬
‫معرفة الناس‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫يستطيع املفاوض ‪ ،‬معرفة الناس ‪ ،‬وسربهم أثناء املفاوضات ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬
‫ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﮊ (‪. )1‬‬
‫فالتوسم والفراسة فيمن تفاوض توحي مبغرفة املقابل من خالل هيئته ‪ ،‬وحديثه وهل اجتاه‬
‫املفاوض سليم أم مشبوه ‪ ،‬أو غري ذلك‪.‬‬
‫المعرفة‬ ‫‪-2‬‬
‫وذلك يف اجلانب املعريف يف ماهية التفاوض ‪ ،‬من حيث معرفة القضايا اليت يتم حوهلا‬
‫التفاوض‪ ،‬واملواضيع‪ ،‬وتصنيفاهتا‪ ،‬وما جيري يف التفاوض ‪ ،‬وما ال جيري فيه ‪ ،‬والوصول إىل حقائق‬
‫ومفاهيم ومعلومات ودالئل وأساليب جديدة مل يكن يعلمها من ذي قبل ‪.‬‬
‫‪ -3‬معرفة طرق المفاوضين‪:‬‬
‫ومن أمثلة ذلك يف القرآن الكرمي ‪ ،‬طلب إخوة يوسف من أبيهم يعقوب عليه السالم ‪ ،‬وهم‬
‫يفاوضونه ‪ ،‬كان البدء بصيغة السؤال ﯙ ﮋ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﮊ ‪ ،‬مث ادعاء النصح له ‪ ،‬ﮋ ﯟ‬
‫ﯠ ﯡ ﮊ ‪ ،‬ومن مث الرتغيب حلاجة الغالم إىل اللعب ﮋ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﮊ ويف اخلتام‬
‫ﯪﮊ وهي املناهج اليت‬ ‫يعودون إىل االدعاء وهذه املرة كانت باحلفظ ‪ ،‬ليأمنهم عليه ‪،‬ﮋ ﯨ ﯩ‬
‫يسري عليها املفاوضون يف مفاوضاهتم ‪ ،‬وما تؤول إليها ‪.‬‬
‫‪ -4‬التنوع‪:‬‬
‫يعطي الفرد اخليارات املتعددة ملا يتضمنه التفاوض من التنوع وذلك ألن التفاوض تتعدد فيه‬
‫األساليب حسب مقتضيات األحوال والوقائع ‪.‬‬
‫‪ -5‬الحرص على طلب الحق‬
‫يعتاد املفاوض على التجرد للحق ‪ ،‬واحلرص عليه ‪ ،‬وطلبه وبذل السبب يف ذلك ‪ ،‬ولو على نفسه‪،‬‬
‫وذلك إن كان سليمًا من اهلوى أ و اتباع األشخاص أو األرض أو اجلنس أو اللون ‪ ،‬وأن ليس وراء‬

‫‪ )(1‬سورة حممد اآلية ‪.٣٠‬‬

‫‪220‬‬
‫اإلعراض عن احلق إال الضالل ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﮊ (‪.)2‬‬
‫‪ -6‬المرونة ‪:‬‬
‫القدرة على التكّيف واملرونة ‪ ،‬فيما يسمح به الشرع ‪ ،‬ويقتضيه احلال ‪ ،‬كفعل النيب ‪ ‬يف‬
‫صلح احلديبية عندما تنازل عن كتابة بسم اهلل الرمحن الرحيم ‪ ،‬وحما كلمة رسول اهلل‪.‬‬
‫‪ -7‬التعود على الجرأة في الحق‪:‬‬
‫ألن التفاوض حيتاج إىل مطالبة حبقوق ‪ ،‬أو إبداء الرأي حول املوضوع ‪ ،‬أو حول األدلة‬
‫املطروحة أو طرق االستدالل هبا ‪ ،‬التفاوض يكون إلحقاق حق‪ ،‬ال باطل‪.‬‬
‫‪ -8‬إعداد موضوع التفاوض‬
‫كلما مارس املفاوض موضوعًا جديدًا يتفاوض حوله ‪ ،‬يسهم ذلك يف حسن إعداد موضوع‬
‫التفاوض مستقبًال ‪ ،‬ويعد ذلك فهمًا له ‪.‬‬
‫‪ -9‬المضي قدمًا وعدم التردد‬
‫الشروع يف التفاوض ينتج السالمة من الرتدد الذي يصيب الناس عند طرح أي مشكلة‬
‫هبدف البحث عن حلول هلا‪.‬‬
‫‪ -10‬التمييز بين الحسن والقبيح‪:‬‬
‫التفاوض مينح القدرة على التمييز بني احلق ‪ ،‬والباطل الذي يعرض عليه ‪،‬فأهل الباطل ال‬
‫يفتأون عن املغالطة ‪ ،‬والتلبيس ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﭙ ﭚ ﮊ‬ ‫ﭫﭬ ﮊ‪ .‬و قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫‪ -11‬االستدالل الصحيح‬
‫إبراز األدلة يف القرآن الكرمي ‪ ،‬مينحنا القدرة على االستدالل يف املواقف ‪ ،‬ومعرفة التحري‬
‫يف األدلة ‪ ،‬واتباع طرق االستدالل الصحيح البعيد عن اهلوى ‪ ،‬للوصول إىل احلق قال تعاىل ‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫ﯖ ﯗﮊ‬ ‫ﯕ‬ ‫ﮋ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬

‫‪ -12‬معرفة السيرة النبوية‬


‫معرفة السيرة النبوية المطهرة للتأسي بالرسول ‪ ‬في المفاوضات ففيها ما حدث من مواقف‬
‫‪ )(2‬سورة يونس‪ ،‬آية ‪.32‬‬

‫‪221‬‬
‫وأحداث جرى فيها التفاوض ‪ ،‬أو تجري مجرى التفاوض ‪ ،‬التباع السنة فيها ‪ ،‬وهي منشرة بحمد‬
‫الله‪.‬‬
‫‪ -13‬جمع المعلومات‬
‫ﭦ ﮊ‬ ‫ﭤ ﭥ‬ ‫ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫معرفة طرق مجع املعلومات حول املوضوع املراد التفاوض فيه وأبعاده وحتديد األسباب والدوافع‬
‫لإلثارة املوضوع ‪ ،‬ومجع األدلة واإلثباتات وصياغة وحتديد األهداف ‪ ،‬لكي يسهل البدء‬
‫بالتفاوض‪.‬‬
‫‪ -14‬التدرج في األمور‪:‬‬
‫من خالل التعرض آلي القرآن الكرمي ‪ ،‬جند التدرج يف املفاوضات ‪ ،‬وهي دربة على‬
‫استعمال التدرج يف األمور ‪ ،‬والرتوي ‪ ،‬وعدم العجلة ‪ ،‬ومن أمثلة قصص األنبياء ‪ ،‬عليهم‬
‫السالم ‪ ،‬ما ورد يف قصة نوح عليه السالم ‪ ،‬أو قصة موسى عليه السالم‪.‬‬
‫‪ -15‬المساهمة في البناء‬
‫التفاوض يسهم بشكل فاعل تنمية الشخصية السوية للفرد من حيث جعله يعتمد على نفسه‬
‫يف املطالبة باحلقوق مع مراعاة املصاحل يف ذلك ‪.‬‬
‫‪ -16‬التدرب على الحجج‪:‬‬
‫احلجج والرباهني واألدلة ذات شأن كبري وهام يف املفاوضات ‪ ،‬وقد ورد يف القرآن الكرمي‬
‫من احلجج والرباهني الكثري ومن ذلك يف جانب إبطال صحة عبادة األصنام من دون اهلل ‪ ،‬وعدد‬
‫من اجلوانب املنهي عنها كذلك مثل الربا و‪ ...‬ومما ورد من اآليات يف هذا الشأن‬
‫(‪) 1‬‬
‫قوله تعاىل ﮋ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﮊ‬
‫ويف احلديث عن النيب ‪َ " ‬أْبَغُض الِّر َج اِل ِإىَل الَّلِه األَلُّد اَخْلِص ُم(‪.)3( " )2‬‬
‫وقد ورد ذم اجملادل ‪ ،‬املتكرب عن احلق ‪ ،‬قال تغاىل ‪ :‬ﮋ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬ ‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ‬ ‫ﭸ‬ ‫ﭷ‬ ‫ﭴ ﭵ ﭶ‬

‫‪ )(1‬سورة الزخرف اآلية ‪.58‬‬


‫‪ )( 2‬األلد اخلصم ‪ ،‬الشديد اخلصومة ‪ ،‬لسان العرب ابن منضور ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪390‬‬
‫‪ )( 3‬صحيح البخاري ‪ ،‬كتاب املظامل ‪ ،‬باب إذا أذن اإنسان إىل آخر شيئا جاز ح ‪ ، 2325‬ج‪ 2‬ص ‪. 867‬‬

‫‪222‬‬
‫ﮉ ﮊ ﮋ ﮊ (‪. ) 1‬‬
‫والتعرف على أنواع احلجج واألدلة والرباهني وكيفية إبرازها يفيد يف التفاوض ‪ ،‬لبيان احلق‪,‬‬
‫وإقناع اآلخرين به باحلجة ‪ ،‬ويعد أثرًا ذو أمهية‪.‬‬
‫‪ -17‬المقدرة على التعبير ‪:‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫ﯜ ﯝ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫القول السديد‪ ،‬يطلق اللسان من عنان الرتدد ‪ ،‬فيحسن التعبري والتحدث ويتم تقوية ذلك‬
‫أثناء ممارسة التفاوض مبراحلها على اختالف وتنوع املواضيع فيه‪ ،‬ويتم العناية باختيار األلفاظ ال‬
‫سيما يف شأن احلقوق ‪،‬‬
‫وهذه اآليات تؤكد أن املؤمن جيب أن يضع الكالم يف موضعه فلكل مقام مقال ‪ ،‬وإذا اتبع‬
‫ذلك سوف يصلح له اهلل أعماله‪ ،‬وسيكون هذا األسلوب سببًا يف الفالح يف الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫االعتناء باختيار األلفاظ‪:‬‬
‫أمرنا اهلل تعاىل بقول اليت هي أحسن ‪ ،‬فقال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ‬
‫(‪) 3‬‬
‫ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮊ‬ ‫ﮌ ﮍ ﮎ‬
‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬ ‫وقد أمرنا باإلعراض عمن خبوضون بالباطل ﮋ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬
‫ﰃ ﮊ (‪. ) 4‬‬
‫وحث الشارع احلكيم على اللني يف القول ‪ ،‬فقد أمر سبحانه وتعاىل موسى وهارون حني‬
‫ﮯ ﮊ (‪. ) 5‬‬ ‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬ ‫أمرمها بالذهاب إىل فرعون بقوله ﮋ ﮨ ﮩ‬
‫وهبذا يكون من هو دون موسى وهارون يف الفضل ‪ ،‬ودون فرعون يف الطغيان ‪ ،‬من باب‬
‫أوىل أن يقال له قوًال لينًا ‪.‬‬
‫وبالقول احلسن ضرب النيب ‪ ، ‬واألنبياء من قبله عليهم السالم ‪ ،‬خري األمثلة ‪،‬وهم القدوة‬
‫‪ )(1‬سورة احلج اآليات ‪.9-8‬‬
‫‪ )(2‬سورة األحزاب اآليات ‪.71-70‬‬
‫‪ )(3‬سورة اإلسراء اآلية ‪.٥٣‬‬
‫‪ )(4‬سورة األنعام اآلية ‪.68‬‬
‫‪ )(5‬سورة طه اآلية ‪.44‬‬

‫‪223‬‬
‫احلسنة يف احرتام من يفاوضون ؛ فاإلنسان ُج بل على حب ذاته وكرامته‪ ،‬فإذا ُأهني غضب‪ ،‬وإذا‬
‫غضب قد ال يقبل حقًا وال عدًال‪.‬‬
‫‪ -18‬نبذ الخوف‬
‫ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﭵ ﭶ ﭷ ﮊ‬ ‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬
‫مما يستفاد من اآلية الكرمية ‪ ،‬أنه ينبغي عل املفاوض أن يكون قويًا ‪ ،‬نابذًا للخوف ‪ ،‬بعيدًا‬
‫عن اخلضوع أو االستسالم ‪.‬‬
‫‪ -19‬الثقة ‪:‬‬
‫االعتداد مبا وهب اهلل العبد من إمكانات ‪ ،‬ال يفتقر إىل االعتماد على اهلل واحلاجة إليه‬
‫ﮆ ﮇ‬ ‫ﮅ‬ ‫ﮃ ﮄ‬ ‫ﮁ ﮂ‬ ‫سبحانه يف كل سكناته ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫(‪) 2‬‬
‫ﮊ ﮋ ﮊ‬ ‫ﮈ ﮉ‬
‫والثقة تعترب زادًا لدعم املفاوض ‪ ،‬من خالل تكرار املفاوضات ومقابلة األطراف وعرض‬
‫املطالب ودعمها مبا يؤيدها من أدلة وإثبات ‪ ،‬ويقصد هنا بالثقة عدم الرتدد واملضي قدمًا بالنظر‬
‫إىل ما وهب اهلل العبد ‪ ،‬بعد التوكل على اهلل ‪ ،‬وليس االعتماد على النفس بالكلية ففي احلديث‬
‫قوله ‪" ‬وال تكلين إىل نفسي طرفة عني"(‪. )3‬‬
‫ويروى أنه" قدم إياس بن معاوية الشام وهو غالم فقدم خصمًا لـه إىل قاض لعبد امللك بن‬
‫مروان‪ ،‬وكان خصمه شيخًا كبريًا‪ ،‬فقال له القاضي‪ :‬أتقدم شيخًا كبريًا ؟ فقـال إياس‪ :‬احلق أكرب‬
‫منه‪ ،‬قال ‪ :‬اسكت‪ ،‬قال‪ :‬فمن ينطق حبجيت؟ قال‪ :‬ما أظنك تقول حقًا حىت تقوم ‪ ،‬قال‪ :‬أشهد أن‬
‫ال إله إال اهلل ‪ ،‬فقام القاضي فدخل على عبد امللك فأخربه باخلرب فقال ‪ :‬اقض حاجته وأخرجه من‬
‫(‪) 4‬‬
‫الشام ال يفسد علَّي الناس" ‪.‬‬
‫‪ -20‬تعلم طرق األسئلة ‪:‬‬
‫القرآن الكرمي يزخر باألسئلة املتنوعة وأساليب وطرق طرحها ‪ ،‬ويعترب القرآن مرجع ‪ ،‬لتعلم‬
‫‪ )(1‬سورة طه اآليات ‪.٦٨ - ٦٥‬‬
‫‪ )(2‬سورة القصص اآلية ‪.٢٤‬‬
‫‪ )( 3‬األدب املفرد ‪ ،‬حممد بن إمساعيل البخاري ‪ ،‬باب الدعاء عند الكرب ‪ ،‬ح ‪ ، 701‬ج ‪ 1‬ص ‪ 244‬قال األلباين حسن‪.‬‬
‫‪ )(4‬البداية والنهاية ‪ ،‬بن كثري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج ‪ ، 9‬ص ‪.334‬‬

‫‪224‬‬
‫األسئلة ‪ ،‬وطرق اجلواب عليها ‪ ،‬ومن أمثلة األسئلة ما يلي ‪:‬‬
‫فلم جيد جوابًا‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮊ‬ ‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬ ‫‪ -1‬قال تعاىل ‪:‬‬
‫ﮅ ﮆ‬ ‫ﮋﮄ‬
‫(‪) 2‬‬
‫وكبت ﮋ ﮑ ﮒ ﮓﮊ‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪ -2‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﮊ‬
‫‪ -3‬ما حكى اهلل عن اخلليل إبراهيم عليه السالم ‪ ،‬قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫(‪) 4‬‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮊ‬
‫يأمرهم بسؤال أصنامهم ‪ ،‬اليت يعبدوهنا ‪.‬‬
‫فاملفاوض البد أن يتقن مباذا يسأل وكيف يسأل ومىت يسأل ومن يسأل‪.‬‬
‫‪ -21‬االستعداد‪:‬‬
‫نتعلم من الق‪mm‬رآن الك‪mm‬رمي ‪ ،‬الت‪mm‬أهب والتمكني من خ‪mm‬وض املفاوض‪mm‬ات ومن ذل‪mm‬ك يف ال‪mm‬رد على‬
‫الزعم واالدعاء باحلجة والدليل ومن األمثلة قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ‬
‫(‪) 5‬‬
‫والتعود على االستعداد خالل املفاوضات جيع‪m‬ل املف‪m‬اوض‬ ‫ﭡ ﭢ ﮊ‬ ‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫متأهب خلوض املفاوضات‪ ،‬ومستعدًا هلا‪.‬‬
‫‪ -22‬تعلم اإليجاز‬
‫الق ‪mm‬رآن الك ‪mm‬رمي أبل ‪mm‬غ بي ‪mm‬ان ‪ ،‬فه ‪mm‬و كالم اهلل تع ‪mm‬اىل ‪ ،‬ومن ‪mm‬ه آي ‪mm‬ات ال تتج ‪mm‬اوز كلم ‪mm‬ات مع ‪mm‬دودة‬
‫حتم‪mm‬ل يف طياهتا املع‪mm‬اين الكب‪mm‬رية ‪ ،‬وال‪mm‬يت تص‪mm‬لح لك‪mm‬ل زم‪mm‬ان ومك‪mm‬ان ‪ ،‬فاملتأم‪mm‬ل مثًال لس‪mm‬ورة العص‪mm‬ر يف‬
‫(‪) 6‬‬
‫قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﮊ‬
‫ونتعلم من آياته إجياز احلديث‪ ،‬وحسن البيان والذي يكون له عدة معاين تعلم اإلجياز‬
‫حيث يتم الرتكيز على احملاور أو العناصر الرئيسة يف املوضوع وحصرها بأدلتها ‪ ،‬دون احلاجة‬
‫للدخول يف فروع أو مواضيع أخرى ‪.‬‬

‫‪ )(1‬سورة البقرة اآلية ‪.٢٥٨‬‬


‫‪ )(2‬سورة البقرة اآلية ‪.٢٥٨‬‬
‫‪ )(3‬سورة هود اآلية ‪.١٣‬‬
‫‪)(4‬سورة األنبياء اآلية ‪.٦٣‬‬
‫‪ )(5‬سورة النحل اآلية ‪.١٠٣‬‬
‫‪ )(6‬سورة العصر اآليات ‪. ٣ - ١‬‬

‫‪225‬‬
‫‪ -23‬تحمل المسؤولية‬
‫قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﮊ (‪. )1‬‬
‫و النقيب " يكون كفيال على قومه بالوفاء بالعهد توثقة عليهم"(‪ ، )2‬و" نقيب القوم ألنه‬
‫الذي يبحث عن أمورهم ويباحث عنها"(‪ )3‬ويكون بطريق مفاوضة فيما بينهم ‪ ،‬والتفاوض يعد‬
‫أسلوبًا للتدريب للفرد على حتمل املسؤولية ورفع الكفاءة حيث أن املفاوض ميثل جمموعة من الناس‬
‫ويتكلم بالنيابة عنهم ويطالب حبقوقهم ‪ ،‬أو ميثل ذاته يف التفاوض الفردي ‪ ،‬فال يلجأ إىل غريه‬
‫ليقوم بالتفاوض عنه‪.‬‬
‫‪ -24‬االعتدال في نبرة الصوت‬
‫التعود على االعتدال يف نربة الصوت واالعتناء هبا ومعرفة ما هو حمبب للناس منها ويكون‬
‫سببًا يف قبول احلديث وجيب االلتزام به يف موضعه ‪ ،‬وما يستهجن وينبذ وجيب االبتعاد عنه‬
‫وجتنبه ‪ ،‬قال تعاىل‪:‬وقال سبحانه ﮋ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﮊ (‪.)4‬‬
‫ﰒ ﰓ ﰔ ﮊ (‪. ) 5‬‬ ‫وقال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﰌ ﰍ ﰎﰏ ﰐ ﰑ‬
‫و " الصوت املعتدل اهلادئ املتأين من غري صراخ أو صياح‪ ،‬ومن غري إسرار وإخفات هو‬
‫األدخل واألنفذ إىل األعماق‪ ،‬واألحفظ جلالل الكلمة ووقار املتكلم " (‪.)6‬‬
‫كما أن "رفع الصوت وانتفاخ األوداج‪ ،‬ال يوِّلد إال غيظًا وحقدًا وَح َنقًا‪ ،‬ومن أجل هذا‬
‫فليحرص احملاور أال يرفع صوته أكثر من احلاجة‪ ،‬فهذا رعونة وإيذاء للنفس وللغري‪ ،‬ورفع الصوت‬
‫ال يقّو ي حجة وال جيلب دليًال وال يقيم برهانًا ؛ بل إن صاحب الصوت العايل مل َيْع ُل صوته – يف‬
‫الغالب – إال لضعف حجته وقلة بضاعته‪ ،‬فيسرت عجزه بالصراخ ويواري ضعفه بالعويل‪ ،‬وهدوء‬

‫‪ )(1‬سورة املائدة اآلية ‪.112‬‬


‫‪ )(2‬تفسري اجلاللني ‪ ،‬جالل الدين احمللي ‪ ،‬وجالل الدين السيوطي ‪ ،‬دار احلديث – القاهرة ‪ ،‬ط األوىل ‪ ،‬ج‪1‬ص‪.138‬‬
‫‪ )( 3‬احملرر الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز ‪ ،‬أبو حممد عبد احلق بن غالب بن عطية األندلسي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬لبنان‬
‫‪1413‬هـ ـ ‪1993‬م ‪ ،‬ط ‪ ،‬األوىل‪ 5‬ص‪.150‬‬
‫‪ )(4‬سورة احلجرات اآلية ‪.3‬‬
‫‪ )(5‬سورة لقمان اآلية ‪.19‬‬
‫‪)( 6‬أصول احلوار ‪ ،‬شاهني سيف الدين حسني ‪ ،‬إصدارات الندوة العاملية للشباب اإلسالمي ‪ ،‬الرياض‪،‬ط ‪ 1415 ، 1‬ص‬
‫‪.94‬‬

‫‪226‬‬
‫الصوت عنوان العقل واالتزان‪ ،‬والفكر املنظم والنقد "(‪.)1‬‬
‫‪ -25‬يعلم حسن اإلنصات واالستماع ‪:‬‬
‫تعلم اإلنصات وحسن االستماع للطرف املقابل فال يقاطع قبل الفراغ من احلديث ‪،‬وما‬
‫كان غامضًا أوفيه لبس يتم السؤال عنه بطلب بيانه "إن احملاور اجليد هو الذي ينتظر‪ ،‬ويتأكد مما‬
‫يسمعه‪ ،‬ويستوضح أي غموض حىت يتأكد قبل إصدار احلكم"‪2‬إن حسن االستماع واإلنصات‬
‫للمحاور أمر مساعد على جناح احلوار‪ ،‬ولقد ضرب النيب ‪ ‬يف ذلك أروع األمثلة كما يف حماوراته‬
‫مع أهل مكة وغريهم ‪ ،‬وقد ذكرنا من قبل استماع النيب ‪ ‬لعتبة بن ربيعة باهتمام وإنصات ودون‬
‫مقاطعة حىت فرغ فقال النـيب ‪ :‬أقد فرغت يا أبا الوليد؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فامسع مين‪ ،‬قال‪ :‬أفعل "‬
‫(‪ )3‬وحسن االستماع من النيب ‪ ‬للرجل جعله جيلس ويستمع كذلك‪ ،‬وإن مل يهتد‪ ،‬فتلك قضية‬
‫أخرى‪.‬‬

‫‪ -26‬وسيلة لتجنب سوء الفهم وما يتبعه‬


‫وسيلة لتجنب سوء الفهم بني الناس ‪ ،‬أو على صعيد الدول ‪ ،‬واملهم أن ال تأخذ أحد‬
‫املفاوضني العزُة باإلمث واالستكبار عند التفاوض فإن " كثريًا من املختلفني مينعهم من التسليم باحلق‬
‫والرجوع إىل الصواب شبهات وشكوك وأباطيل حتتاج إىل جواب وتفنيد وإبطال" (‪.)4‬‬
‫‪ -27‬التصرف في المواقف الحرجة‬
‫حسن االسرتشاد يف التفاوض يف املواقف احلرجة والصعبة وذلك ملا يضطلع عليه من‬
‫مشكالت والتعود على إجياد احللول هلا ‪ ،‬ومن خالل التعرف على األسباب والدوافع لألفعال أو‬
‫املطالب للطرف اآلخر ‪.‬‬

‫() د‪ /‬صاحل بن عبد اهلل بن محيد‪ :‬أصول احلوار وآدابه يف اإلسالم ‪ ،‬نسخة حمّم لة من شبكة اإلنرتنت‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪./www.saaid.net/mktarat‬‬
‫() د‪ /‬حسن حممد وجيه‪ :‬مقدمة يف علم التفاوض السياسي واالجتماعي‪.26:‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ابن هشام‪ :‬السرية النبوية مرجع سابق ج‪ 1‬ص‪.193‬‬ ‫‪3‬‬

‫() يحيى بن محمد حسن زمزمي‪ :‬الحوار‪ :‬آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة‪ ،46 :‬ط‪ 2‬دار المعالي ‪ -‬األردن ‪1422‬هـ ‪-‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪2002‬م‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬األثر السلوكي عل الفرد‬
‫‪ -1‬القوة في الحق ‪:‬‬
‫من تأمل مواقف القرآن الكرمي ‪ ،‬يستمد منها قوة احلق يف التفاوض ‪ ،‬ومن أمثلة ذلك ‪ ،‬قوله‬
‫ﭽ‬ ‫ﭼ‬ ‫ﭻ‬ ‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ‬ ‫تعاىل‪ :‬ﮋ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬ ‫ﭾ ﭿ‬
‫ﭲ ﮊ وقوله "جتاهل من عارف أنه عبد‬ ‫يف هذا املوقف يقول فرعون ﮋ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫مربوب بدليل قول موسى ‪ ،‬عليه السالم ‪ ،‬له ‪ ،‬يف قوله تعاىل‪ :‬ﮋ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ ﮊ (‪ ، )3( " )2‬ويأيت الرد باحلجة الباهرة ﮋ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ‬ ‫ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫ﭼ ﭽ ﮊ ‪ ،‬فهم موقنون باخللق للسموات واألرض وما فيها من جبال وسهول‬ ‫ﭻ‬
‫وحبار وكما أنتم موقنني هبا جيب أن توقنوا خبالقها ‪ ،‬فسأل فرعون من حوله سؤاًال يف استنكار ﮋ‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮊ ويأيت جواب موسى عليه السالم ﮋ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ حجة بالغة‬ ‫ﭾ ﭿ‬
‫فما تغين النذر ‪ ،‬وصد فرعون عن القبول هبا ‪ ،‬العلو ‪ ،‬واالستكبار يف األرض بغري احلق ‪.‬‬
‫وإخالص املؤمن هلل يف تفاوضه ميده بقوة يف احلق يف مجيع أحواله ‪ ،‬ألن املفاوضات ال ختلوا‬
‫من موضوع هام تدور حوله ‪ ،‬وال يزال أهل الشر يسعون لصد احلق ‪ ،‬ومبارزة أهله ‪ ،‬وهذا ما‬
‫كان فعله مشركوا مكة مع النيب ‪ ‬فيقول احلق تبارك وتعاىل ﮋ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ‬
‫(‪) 4‬‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﮊ‬
‫" ﮋ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﮊ أي وإن ك‪mm‬ان احلال والش‪mm‬أن أن املش‪m‬ركني ‪ ،‬ق‪m‬اربوا أن‬
‫يص‪mm m m m m m m m m‬رفوك عن ال‪mm m m m m m m m m‬ذي أوحين‪mm m m m m m m m m‬اه إلي‪mm m m m m m m m m‬ك ي‪mm m m m m m m m m‬ا حمم‪mm m m m m m m m m‬د من بعض األوام‪mm m m m m m m m m‬ر والن‪mm m m m m m m m m‬واهي‬
‫ﮋ ﯦ ﯧ ﯨ ﮊ أى لتأيت بغري ما أوحاه اهلل إلي‪m‬ك و ختالف تعاليم‪m‬ه ‪،‬وه‪m‬ذا حتذير لألم‪m‬ة أن يركن‪m‬وا إىل‬
‫املشركني‪ ،‬يف شيء من أمور الدين ‪،‬كم‪m‬ا ق‪m‬ال ابن عب‪m‬اس ‪ :‬ك‪m‬ان رس‪m‬ول اهلل ‪ ، ‬معص‪m‬وما ‪ ،‬ولكن‬
‫هذا تعريف لألمة لئال يركن أحد منهم إىل املشركني ‪،‬يف شيء من أحك‪mm‬ام اهلل تع‪mm‬اىل وش‪mm‬رائعه ‪ ،‬ﮋ‬

‫‪ )( 1‬سورة الشعراء اآليات ‪.٢6 – ٢٣‬‬


‫‪)( 2‬سورة اإلسراء اآلية ‪.١٠٢‬‬
‫‪)( 3‬أضواء البيان ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪. 18‬‬
‫‪ )(4‬سورة اإلسراء اآلية ‪. 73‬‬

‫‪228‬‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﮊ أي لو فعلت ما أرادوا الختذوك صاحبا وصديقًا"(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬الدربة على التحدث ‪:‬‬
‫ما أكثر أيات القرآن الكرمي اليت تبدأ بـ " قل " ويستفاد من ذلك التدريب مما يليها من بقية‬
‫اآليات ومنها السؤال ‪ ،‬واجلواب ‪ ،‬والطلب أو النهي ‪ ،‬واثره على احلديث من خالل التفاوض‬
‫واضح ‪ ،‬ويعترب هذا األثر من أهم اآلثار التفاوضية السلوكية على الفرد ‪ ،‬وذلك أن املفاوض يقابل‬
‫شىت أطياف الناس ومنهم متحدثني فيكون األثر السلوكي يف التحدث واضح من خالل املمارسة‪.‬‬
‫‪ -3‬الحد من اإلعجاب بالرأي‬
‫أن التفاوض حيد من اإلعجاب بالرأي ‪ ،‬والركون إىل النفس ‪ ،‬واالعتداد هبا ‪ ،‬واالقتدار ‪،‬‬
‫وذلك له أثره يف تربية الفرد ‪.‬‬
‫‪ -4‬بيان حقيقة األمر وإزالة اللبس ‪:‬‬
‫قد حيصل عدم وض‪m‬وح ‪ ،‬أو التب‪m‬اس ‪ ،‬وحيتم‪m‬ل ع‪m‬دة مع‪m‬اين يف الواق‪m‬ع ‪ ،‬ونظ‪m‬ري ذل‪m‬ك يف الق‪m‬رآن‬
‫الكرمي ما حدث بني موسى وهارون ‪ ،‬عليهما السالم ‪ ،‬يف قوله تع‪m‬اىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﮊ(‪ )2‬وقول هارون يف آي‪m‬ة أخ‪m‬رى ‪ ،‬ﮋﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮊ(‪. )3‬‬ ‫ﮚ‬
‫فلما تبني ملوسى عليه السالم حقيقة األمر ﮋ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫(‪) 4‬‬
‫‪.‬‬ ‫ﮊ‬
‫وذل‪mm‬ك كي ال يتص‪mm‬رف أح‪mm‬د األط‪mm‬راف أم ‪m‬رًا خالف الم‪mm‬راد ‪ ،‬فيك‪mm‬ون االستيض‪mm‬اح والس‪mm‬ؤال فيزي‪mm‬ل‬
‫اللبس‪.‬‬
‫‪ -5‬الحاجة إلى اآلخرين ‪:‬‬
‫بين القرآن الكريم أهمية التعاضد والتعاون ومدى الحاجة لآلخرين ودورهم ‪ ،‬فهذا‬

‫() صفوة التفاسري ‪ ،‬حممد علي الصابوين ‪ ،‬دار الصابوين ‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪.137‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪. ١٥٠‬‬ ‫‪ )(2‬سورة األعراف اآلية‬


‫()سورة طه اآلية ‪. ٩٤‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.١٥١‬‬ ‫‪ )(4‬سورة األعراف اآليات‬

‫‪229‬‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ‬ ‫كليم الله موسى يقول ‪ :‬ﮋ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ ﮊ(‪. )1‬‬
‫فمن باب أوىل من هم دونه من البشر والشعور باحلاجة إىل اآلخرين يظهر للناس مدى أمهية‬
‫الرتابط فيما بينهم وأهنم يف حاجة إىل بعضهم البعض وأن اجلميع هلم مصاحل كربى موحدة هتم‬
‫أقصاهم وأدناهم‪.‬‬
‫‪ -6‬التأثير في اآلخرين ‪:‬‬
‫التفاوض يعد من أقوى طرق التأثري يف الناس ‪ ،‬حيث يزود املفاوض بطرق وسبل اإلقناع‬
‫والتأثري‪ ،‬ولذلك ينبغي أن يكون املفاوض ممن يبتغي مرضات اهلل فيما يتفاوض فيه وحيذر كل‬
‫احلذر أن يلجأ بالتفاوض إىل حرام أو منكر من القول وزورا ‪.‬‬
‫‪ -7‬اإليجاز ‪:‬‬
‫و"اإلجياز هو أداء املقصود بأقل من العبارة املتعارفة"(‪ )2‬التفاوض يعلم اإلجياز يف احلديث ‪،‬‬
‫ويعود سبب ذلك لطبيعة التفاوض وطبيعته التحديد ‪ ،‬فالتفاوض يكون حول موضوع حمدد ‪،‬‬
‫وطلب ‪ ،‬أو مطالب ‪ ،‬حمددة وكذلك بني متعينني ‪ ،‬ونظري ذلك متكرر يف ثنايا القرآن الكرمي ‪،‬‬
‫ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ‬ ‫قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬
‫ﰔﮊ (‪. ) 3‬‬
‫فاملوضوع حول الرؤيا يف املنام ‪ ،‬إلبراهيم عليه السالم ‪ ،‬واليت هي وحي من رب األنام ‪،‬‬
‫وحول ذبح إمساعيل عليه السالم ‪.‬‬
‫‪ -8‬الصبر ‪:‬‬
‫الص ‪mm‬رب"حبس النفس عن اجلزع واللس ‪mm‬ان عن التش ‪mm‬كي"(‪)4‬الص ‪mm‬رب ع ‪mm‬دة التف ‪mm‬اوض ولق ‪mm‬د ع ‪mm‬رض‬
‫القرآن بذكر صرب األنبياء عليهم السالم ‪ ،‬وأمر نبينا صلى اهلل عليه وسلم ب‪mm‬أن يص‪mm‬رب ك‪ُmm‬أيل الع‪mm‬زم من‬

‫() سورة طه‪.٣٢ - 29 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() التعريفات ‪ ،‬علي بن حممد اجلرجاين ‪،‬دار الكتاب العريب بريوت‪،‬ط األوىل ‪،1405‬ج‪ 1‬ص‪.59‬‬ ‫‪2‬‬

‫() سورة الصافات اآلية ‪.102‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ )(4‬عدة الصابرين وذخرية الشاكرين ‪ ،‬ابن القيم ‪،‬دار الكتب العلمية بريوت ‪،‬ج‪ 1‬ص‪.7‬‬

‫‪230‬‬
‫ﮊ(‪ )1‬فمن يدعو يفاوض وعليه أن يصرب‬ ‫قبله‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬
‫وربنا يصف حال الرسل عليهم عليهم السالم وما القوه يف سبيل اهلل ﮋ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫وال ختلو كثري من املفاوضات من حصول بعض التجاوزات من أحد املفاوضني ومن ذلك ما‬
‫حصل يف صلح احلديبية‪ ,‬من املفاوضني الذين ابتعثتهم قريش ‪ ،‬من الغلظة يف القول ‪ ،‬والتعامل ‪،‬‬
‫ولكنهم واجهوا إمام الصابرين صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -9‬خفض الجناح والتواضع ‪:‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯱ ﯲ ﯳ ﮊ (‪.)3‬‬
‫أمر الله جل وعال نبيه بخفض الجناح للمؤمنين ‪ ،‬ومن أثر خفض الجناح والتواضع ‪ ،‬قبول‬
‫التفاوض مع الطرف المقابل ‪ ،‬وفي الحديث عن النبي ‪ ‬قال‪َ ":‬و ِإَّن الَّلَه َأْو َح ى ِإَلَّي َأْن َتَو اَضُعوا َح َّتى‬
‫ال َيْف َخ َر َأَح ٌد َعَلى َأَح ٍد َو ال َيْبِغي َأَح ـٌد َعَلى َأَح ٍد"(‪ )4‬والتواضع يغض فيه اإلنسان من نفسه ‪،‬‬
‫وجهده ‪ ،‬ومكانته ‪ ،‬وإن كان من ذوي الشأن ‪ ،‬ويكون المفاوض بذلك قريبًا قوله وطلبه ورأيه ومن‬
‫اليسير أن يؤخذ به‪.‬‬
‫‪ -10‬الحلم‬
‫ويكتسب ذلك األمر تلقائيًا فاحللم بدوره جينب ويبعد املفاوض اجليد عن الغضب الذي‬
‫يفسد املفاوضات وهي يف مهدها ‪ ،‬ويف احلديث َعْن َأيِب ُه َر ْيَر َة " َأَّن َرُج ًال َقاَل ِللَّنِّيِب ‪َ :‬أْو ِص يِن ‪،‬‬
‫َقاَل ‪ :‬ال َتْغَض ْب َفَر َّدَد ِم َر ارًا َقاَل ‪ :‬ال َتْغَض ْب "(‪.)5‬‬

‫‪ -11‬المبادرة ‪:‬‬
‫التفاوض يعّو د على املبادرة ‪ ،‬والسعي يف اخلري ‪ ،‬وأمثلة ذلك يزخر هبا الق‪mm‬رآن الك‪mm‬رمي ‪ ،‬وه‪mm‬ذه‬

‫() سورة األحقاف اآلية ‪.٣٥‬‬ ‫‪1‬‬

‫() سورة األنعام اآلية ‪.٣٤‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ )(3‬سورة احلجر اآلية ‪.88‬‬


‫‪ )( 4‬طرف من حديث رواه مسلم ‪ ،‬باب الصفات اليت يعرف هبا ‪ ،‬ح ‪. 7389‬‬
‫‪ )( 5‬رواه البخاري ‪ ،‬باب احلذر من الغضب ‪ ،‬ح ‪.6116‬‬

‫‪231‬‬
‫قصة الرسل وأصحاب القرية واملذكورة يف سورة يس ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬ ‫ﭢ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﮓﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮊ‬
‫بينت اآلي‪mm‬ات الكريم‪mm‬ة ح‪mm‬ال الرس‪mm‬ل م‪mm‬ع أص‪mm‬حاب القري‪mm‬ة حيث أرس‪mm‬ل لهم رس‪mm‬والن فك‪mm‬ذبوهما‬
‫فأرس‪mm‬ل الل‪mm‬ه رس‪mm‬وًال ثالث ‪ًm‬ا تعزي ‪m‬زًا لهم‪mm‬ا ‪ ،‬وك‪mm‬انت نهاي‪mm‬ة م‪mm‬ا ج‪mm‬رى أن انتهى إلى تهدي‪mm‬د أص‪mm‬حاب القري‪mm‬ة‬
‫للرس‪m‬ل ب‪m‬الرجم ‪ ،‬وبالع‪m‬ذاب األليم ‪ ،‬فالح‪m‬ال أن هن‪m‬اك ثالث‪mm‬ة رس‪m‬ل ق‪m‬د ك‪m‬ذبوا ‪ ،‬ولكن ي‪m‬أتي دور مب‪m‬ادرة‬
‫الصالحين ولم ينظر إلى أن في الموقف رسل وال مس‪m‬ؤولية علي‪m‬ه ‪ ،‬ب‪m‬ل أتى يس‪m‬عى ‪ ،‬ويق‪m‬وم ب‪m‬دور أتب‪m‬اع‬
‫األنبي‪m‬اء عليهم الس‪m‬الم ‪ ،‬نص‪m‬رًة‪ ،‬وم‪m‬ؤازرة ‪ ،‬ومبلغ‪ًm‬ا ‪،‬ومفاوض‪ًm‬ا وداعي‪ًm‬ا ‪ ،‬حيث ق‪m‬ال ‪ :‬ﮋ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬
‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ‬ ‫ﯞ‬
‫ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﮊ (‪ )2‬ساعيًا يف اخلري مثابرًا باذًال روحه يف سبيل‬
‫اهلل ‪ ،‬متمنيًا لقومه اهلداية ‪.‬‬

‫‪ -12‬التدرب على حسن االستماع‬


‫التفاوض يقتضي االستماع ‪ ،‬لألدلة ‪ ،‬وحجج اآلخ‪m‬رين ‪ ،‬ووجه‪mm‬ات النظ‪m‬ر ح‪m‬ىت النهاي‪mm‬ة وت‪mm‬ربز‬
‫هنا ‪ ،‬قصة اهلدهد ‪ ،‬مع نيب اهلل ‪ ،‬سليمان عليه السالم ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﮊ فأتى اهلدهد حبجة غيابه ‪ ،‬ﮋ ﯳ ﯴ‬
‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﮊ ويستمع سليمان عليه السالم لطائر يف‬
‫ذكر حجته ‪ ،‬حىت النهاية ‪.‬‬
‫‪ -13‬اليقظة‪:‬‬
‫اليقظة لها أثر واضح في التعرف على طرق المداهنين وعدم طاعتهم أو مجاراتهم ‪ ،‬قال‬
‫ﯙ ﯚ ﮊ‪ ،‬أي‪ :‬تميل‬ ‫ﯙ ﯚ ﮊ(‪" )3‬أي‪ :‬طمعوا ‪ ,‬وأحّبوا ﮋ ﯘ‬ ‫تعالى‪:‬ﮋ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬
‫إلى دينهم وإلى آلهتهم فيمالئونك على ما أنت عليه شيئًا ما‪ ،‬ﮋ ﯙ ﮊ‪ :‬تميل ‪ ،‬و قالوا ‪ :‬إن الدهن إذا‬
‫‪)(1‬سورة يس اآليات ‪.19 - 14‬‬
‫‪ )(2‬سورة يس اآليات ‪.27-20‬‬
‫‪ )(3‬سورة القلم آية ‪.9-8‬‬

‫‪232‬‬
‫ﯙ ﮊ أي‪ :‬تميل‬ ‫وضع على شيء يلينه ‪ ،‬أي ‪ :‬تلين فيلينون ‪،‬أي ‪ :‬تلين فيسكتون عنك‪ ،‬ﮋ ﯗ ﯘ‬
‫إليهم في معتقدك ‪ ،‬ولم يلن لهم رسول الله في شيء من معتقده أبدًا ‪. ‬‬
‫‪ -14‬بشاشة الوجه‪:‬‬
‫ِق ِم‬
‫بشاشة الوجه وطالقته ‪ ،‬يف موضعه‪ ،‬أمر يف غاية األمهية ‪ ،‬ويف احلديث " ال ْحَت َر َّن ْن‬
‫اْلَم ْع ُر وِف َش ْيئًا َو َلْو َأْن َتْلَق ى َأَخ اَك ِبَو ْج ٍه َطْلٍق "(‪.)1‬‬
‫‪ -15‬طلب الحق أوًال‪:‬‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬ ‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬ ‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬
‫ﮊ(‪ )2‬يعلمنا القرآن الكرمي أن التثبت ‪ ،‬والتحقق ‪ ،‬من األمور ‪ ،‬ذو أمهي‪mm‬ة بالغ‪mm‬ة يف التف‪mm‬اوض "وينبغي‬
‫أن يك‪mm‬ون اإلنس‪mm‬ان باحث ‪ًm‬ا عن احلق بص‪mm‬دق ونزاه‪mm‬ة‪ ،‬فيس‪mm‬لك طري‪mm‬ق الوص‪mm‬ول إلي‪mm‬ه وحيتكم إىل األدل‪mm‬ة‬
‫والقواعد الصحيحة‪ ،‬ويبتعد عن كل ما يصده عن احلق‪ ،‬وإن كان ممن حيب أو من يربط‪m‬ه ب‪mm‬ه نس‪mm‬ب‬
‫أو عالقة أخرى‪.)3("..‬‬

‫‪ -16‬اكتساب مهارات االتصال وحسن التواصل مع الناس والتفاعل بين فئات المجتمع ‪.‬‬
‫وذل‪mm‬ك وارد حيث أن المف‪mm‬اوض ‪ ،‬وح‪mm‬تى من يرافق‪mm‬ه ‪ ،‬لدي‪mm‬ه الق‪mm‬درة على التعام‪mm‬ل م‪mm‬ع فئ‪mm‬ات المجتم‪mm‬ع‬
‫المختلف‪m‬ة ‪ ،‬والمتأم‪m‬ل للتف‪m‬اوض في لص‪m‬لح الحديبي‪m‬ة ‪ ،‬ع‪m‬بر مراحل‪m‬ه يعلم م‪m‬دى الفائ‪m‬دة من االطالع على أح‪m‬داث‬
‫المفاوضات ‪.‬‬
‫‪ -17‬الثقة ‪.‬‬
‫ممارس‪mm‬ة التف‪mm‬اوض ت‪mm‬دعم الثق‪mm‬ة ‪ ،‬فعلى م‪mm‬ر الت‪mm‬اريخ املفاوض‪mm‬ون ميثل‪mm‬ون من خلفهم ح‪mm‬ىت ال‪mm‬دول ‪،‬‬
‫عن طريق إرسال الرسل ‪ ،‬وينبغي معرفة أن الثقة يف اإلمكانات هي هب‪mm‬ة من اهلل ومس‪mm‬ؤول عنه‪mm‬ا فال‬
‫حيق ألحد أن يستعملها يف معصية ‪ .‬مث إن الثقة تكون باهلل ‪ ،‬ربنا ال تكلنا ألنفسنا طرفة عني ‪.‬‬
‫‪ -18‬اإلحسان‪.‬‬
‫التف‪mm‬اوض يف كث‪mm‬ري من مداوالت‪mm‬ه يك‪mm‬ون لإلص‪mm‬الح بني الن‪mm‬اس ‪ ،‬والتق‪mm‬ريب فيم‪mm‬ا بينهم ‪ ،‬وذل‪mm‬ك‬
‫‪ )( 1‬صحيح مسلم ‪ ،‬باب استحباب طالقة الوجه عند اللقاء ‪ ،‬ح ‪.6857‬‬
‫‪ )(2‬سورة القلم آية ‪.9-8‬‬
‫‪ )( 3‬قواعد ومنطلقات يف أصول احلوار ورّد الشبهات د عبد اهلل بن ضيف اهلل الرحيلي‪.41، :‬‬

‫‪233‬‬
‫يعد من اإلحسان إىل الناس ومراعاة شؤوهنم ‪.‬‬
‫‪ -19‬العلم بكيفية معالجة المواقف الحرجة ‪.‬‬
‫األزمات واملشكالت تعصف بالناس ‪ ،‬وهي متر بالبشرية ‪ ،‬بقدر اهلل ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﰌ ﰍ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﰑ ﮊ‬ ‫ﰎ ﰏ ﰐ‬
‫(‪) 2‬‬
‫ﮊ‬ ‫ﯰ‬ ‫ﯯ‬ ‫ﯬ ﯭ ﯮ‬ ‫ﮋ‬ ‫وقال تعاىل ‪:‬‬
‫فال مف‪mm‬ر‪ ،‬وال من‪mm‬اص ‪ ،‬من ق‪mm‬در الل‪mm‬ه ‪ ،‬س‪mm‬بحانه – ج‪mm‬ل ش‪mm‬أنه – إال إلى ق‪mm‬دره ‪ ،‬فه‪mm‬و الق‪mm‬دير ‪ ،‬اللهم ل‪mm‬ك‬
‫الحمد‪.‬‬

‫‪ )(1‬سورة القمر اآلية ‪.٤٩‬‬


‫‪ )(2‬سورة الفرقان اآلية ‪.٢‬‬

‫‪234‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫أثر التفاوض على المجتمع‬

‫وفيه مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول ‪:‬أثر التفاوض على الدولة‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬أثر التفاوض على المجتمع‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬أثر التفاوض على الدولة‬
‫من أعمال الدول فيما بينها القيام بعقد الصلح ‪ ،‬والعهود ‪ ،‬واملواثيق ‪ ،‬والتحكيم بني‬
‫األطراف ‪ ،‬ومجيعها تعترب ‪ ،‬نتائج متخضت عن مفاوضات وتتم يف كثري من جوانب احلياة ‪،‬‬
‫وكلما جرى االهتمام بالتفاوض وأحسن وأتقن القيام به مع موائمة الظروف باملواقف كان التأثري‬
‫ٌأقوى وأبلغ ‪ ،‬ويهدف التفاوض إىل الوصول إىل تسوية النزاع القائم بني األطراف وحماولة إيصال‬
‫احلقوق إىل أهلها ‪ ،‬سواًء كانت حقوقًا مالية ‪ ،‬أو جغرافية ‪ ،‬أو غريها ‪ ،‬ويف ذلك حتقق املصاحل ‪،‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮊ (‪.)1‬‬
‫واإلصالح يف هذه احلالة يعترب إصالحًا‪ ،‬على صعيد الدولة‪ ،‬أو ما يقوم مقامها‪ ،‬حيث ال‬
‫يستطيع يف الغالب فردًا من الناس القيام هبذه املهمة‪ ،‬ومعلوم أنه عند حدوث الشقاق وشدة‬
‫اخلالف والتنازع والذي قد يصل إىل االقتتال بني املسلمني ال ميكن أن يتأتى الصلح إن مل تسبقه‬
‫مفاوضات بني األطراف‪ ،‬فيجمع أهل الرأي من الفريقني على مائدة التفاوض وجيدر مشاركة من‬
‫يتمتع بكفاءة عالية يف التفاوض هبدف تسهيل عملية التفاوض وجتاوز ما قد يطرأ من التباين فيما‬
‫بينهم وذلك للتباحث عن احللول اليت يتم من خالهلا الوصول إىل نتائج تراعي املصلحة فرتضي‬
‫مجيع األطراف ‪ ،‬واملشاهد يف القرآن الكرمي جيد كثرة اآليات اليت حتدثت عن جوانب الدولة وما‬
‫حيصل فيها من تفاوض مثل الصلح‪ ،‬وامليثاق‪ ،‬والعهد‪ ،‬واألمر بالوفاء بالعهد‪ ،‬أو املوادعة‪ ،‬وحنوه‪.‬‬
‫وجيب االهتمام بالتفاوض يف جانب الدولة وتوثيقه مع اآلخر ‪ ،‬وقد عقد رسول اهلل‬
‫معاهدات مع اليهود وغريهم ‪ ،‬إال أن اليهود مل حيفظوا العهود ونقضوا العهود واحدًا تلو اآلخر ‪،‬‬
‫وذلك ديدهنم إىل يوم الدين ومن اآلثار يف جانب الدولة ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬تجنب الحروب‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﮊ (‪ )2‬واجلنوح للسلم يعد‬
‫تفاوضًا ‪ ،‬ﮋ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﮊ "ِإَمَّنا َقاَل ﮋ َهَلا ﮊ َأِلَّن الَّس ْلم ُمَؤ َّنَثة ‪َ .‬و ُجَيوز َأْن َيُك وَن الَّتْأِنيث‬
‫ِإ‬ ‫ِإ‬ ‫ِذ‬ ‫ِإ‬ ‫ِل ِة‬
‫ْلَف َعَل ‪َ .‬و اُجْلُنوح اْلَم ْيل ‪َ .‬يُقول ‪ْ :‬ن َم اُلوا ‪َ -‬يْع يِن اَّل يَن ُنِبَذ َلْيِه ْم َعْه دهْم ‪ -‬ىَل اْلُم َس اَلَم ة ‪َ ,‬أْي‬
‫الُّص ْلح ‪َ ,‬فِم ْل ِإَلْيَه ا ‪َ .‬و َج َنَح الَّر ُج ل ِإىَل اآْل َخ ر ‪َ :‬م اَل ِإَلْيِه ‪َ ,‬و ِم ْنُه ِقيَل ِلَأْلْض اَل ِع َج َو اِنح ‪َ ,‬أِلَّنَه ا‬

‫‪ )(1‬سورة احلجرات اآلية ‪.9‬‬


‫‪ )(2‬سورة األنفال اآلية ‪.٦١‬‬

‫‪236‬‬
‫َم اَلْت َعَلى اَحْلْش َو ة ‪َ .‬و َج َنَح ْت اِإْل ِبل ‪ِ :‬إَذا َم اَلْت َأْعَناقَه ا يِف الَّس رْي "(‪.)1‬‬
‫ومن املعلوم أن التفاوض يكون سببًا يف جتنب الدول احلروب وما يتبع ذلك من ويالت ‪،‬‬
‫ومثل ذلك ما حصل من تفاوض يف صلح احلديبية وغريه ‪ ،‬ويستدل من صلح احلديبية‪ ":‬أن‬
‫األعداء من املشركني وغريهم من أهل البدع والفجور والبغاة والظلمة إذا طلبوا أمرًا يعّظمون فيه‬
‫حرمة من حرمات اهلل تعاىل أجيبوا إليه وأعطوه وأعينوا عليه وإن منعوا غريه‪ ،‬فيعاونون على ما فيه‬
‫تعظيم حرمات اهلل تعاىل ال على كفرهم وبغيهم ‪ ،‬ومينعون مما سوى ذلك‪ ..‬وهذا من أدق املواضع‬
‫وأصعبها وأشقها على النفوس‪ ،‬ولذلك ضاق عنه من الصحابة من ضاق "(‪.)2‬‬
‫" أن النيب ‪ ‬قبل من صحابته ‪ -‬وخباصة عمر ‪ -‬مراجعته يف أمر الصلح مرارًا ‪ ،‬ومل يعّنف‬
‫أحدًا منهم على موقفه ‪ ،‬ويدل ذلك على سعة رمحته وحلمه ‪ ، ‬فهو النيب املوحى إليه املؤيد من‬
‫اهلل‪ ،‬ومع ذلك يتسع حلمه ألولئك املعارضني لشروط الصلح اليت ظاهرها غُنب املسلمني‪ ،‬ولكنه‬
‫‪ ‬كان يذّك ر أولئك بأسلوب رقيق بأنه رسول اهلل ولن خيزَيه اهلل أبدًا " (‪.)3‬‬
‫فمن اآلثار اليت جيلبها التفاوض نعمة األمن ‪ ،‬وال يعرف قدر األمن إال من عرف اخلوف‬
‫فبضدها تتميز األشياء ‪ ،‬والتفاوض يدعو إىل االلتزام بالعهود واملواثيق والوفاء هبا ‪ ،‬وهو سبب يف‬
‫األمن يف األوطان واألرزاق ‪.‬‬
‫‪ -2‬جلب الخيرات‬
‫ﮊ‪.‬‬ ‫ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬ ‫ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬
‫ﮋﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﮊ (‪ِ" )4‬قيَل اْلُمَر اد ِبَذ ِلَك َم ا َك اُنوا َيْأَلُفوَنُه ِم ْن الِّر ْح َلة يِف الِّش َتاء ِإىَل اْلَيَم ن‬
‫ِل ِتِه‬ ‫ِمِن‬ ‫ِج ِإ‬ ‫ِل‬ ‫ِج‬ ‫ِإ‬
‫َو يِف الَّصْيف ىَل الَّشام يِف اْلَم َتا ر َو َغرْي َذ َك َّمُث َيْر ُعوَن ىَل َبَلدهْم آ َني يِف َأْس َف ارهْم َعَظَم ْم‬
‫ِم ِهِب‬ ‫ِإ ِه‬ ‫ِا‬ ‫ِل ِهِن َّك‬ ‫ِع‬
‫ْند الَّناس َك ْو ْم ُس ان َح َر م الَّله َفَمْن َعَر َفُه ْم ْح َتَر َمُه ْم َبْل َمْن ُصوَيِف َلْي ْم َو َس اَر َمَعُه ْم َأ َن ْم‬
‫َو َه َذ ا َح اهلْم يِف َأْس َف ارهْم َو ِر ْح َلتهْم يِف ِش َتاِئِه ْم َو َصْيفهْم "(‪ )5‬وتبادل املصاحل يف البيوع وغريها تعد‬
‫من قبيل التفاوض فتجلب من اخلريات للدول وشعوهبا الكثري ‪ ،‬أو ما حيصل من اتفاقات بني الدول‬

‫‪ )( 1‬تفسري القرطيب ‪ ،‬حممد بن أمحد بن أيب بكر ‪ ،‬بن فرح القرطيب أبو عبد اهلل ‪ ،‬ج ‪ ، 8‬ص‪. 39‬‬
‫‪ )( 2‬زاد املعاد‪ :‬ابن القيم ‪ ،‬ط‪ 14‬مؤسسة الرسالة ‪ -‬بريوت ‪ 1407 -‬هـ ‪1986 -‬م ج‪ 3‬ص ‪.267‬‬
‫‪ )( 3‬املرجع السابق ج‪2‬ص‪.873‬‬
‫() سورة قريش اآلية ‪. ٤ - ١‬‬ ‫‪4‬‬

‫() تفسري القرآن العظيم ‪ ،‬بن كثري ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ج ‪ ، 4‬ص‪. 679‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪237‬‬
‫يف تبادل املصاحل من جوانب اقتصادية كالتجارة ‪ ،‬ومنها املصاحل الغذائية من مياه وطعام أو صحية‬
‫مثل الطب وحنوه ‪ ...‬السيما إذا انربى هلذا األمر األكفاء األمناء وحالفهم توفيق اهلل عز وجل‬
‫وكل ما يقدم يف هذا اجملال يصب يف املصلحة ألي بلد من البلدان‪.‬‬
‫‪ -3‬المشورة ‪:‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭭ ﭮ ﭯ ﮊ (‪.)1‬‬
‫"أي‪ :‬األمور اليت حتتاج إىل استشارة ونظر وفكر‪ ،‬فإن يف االستشارة من الفوائد واملصاحل‬
‫الدينية والدنيوية ماال ميكن حصره‪ :‬منها‪ :‬أن املشاورة من العبادات املتقرب هبا إىل اهلل"(‪.)2‬‬
‫وتتخذها الدولة وسيلة من وسائل التشاور والشورى الذي يتيح هلا أن تتقدم يف مجيع شؤون‬
‫احلياة واملشورة حتل يف املفاوضات ‪ ،‬و"كان رسول اهلل ‪ ‬يشاور أصحابه يف األمر إذا َح َد ث ‪،‬‬
‫تطييًبا لقلوهبم ؛ ليكونوا فيما يفعلونه أنشط هلم كما شاورهم يوم بدر يف الذهاب إىل العري فقالوا‪:‬‬
‫يا رسول اهلل‪ ،‬لو استعرضت بنا ُعْر ض البحر لقطعناه معك ‪،‬ولو سرت بنا إىل َبْر ك الَغَم اد لسرنا‬
‫معك ‪،‬وال نقول لك كما قال قوم موسى ملوسى‪ :‬اذهب أنت وربك فقاتال إنا هاهنا‬
‫قاعدون‪،‬ولكن نقول‪ :‬اذهب‪ ،‬فنحن معك وبني يديك وعن ميينك وعن مشالك مقاتلون"(‪.)3‬‬
‫"فإذا عزمت أي عقيب املشاورة على شيء واطمأنت به نفسك ‪ ،‬فتوكل على اهلل يف إمض‪mm‬اء‬
‫أمرك على ما هو أرشد لك وأصلح"(‪. )4‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮊ(‪.)5‬‬
‫ومن أهداف الشورى أن جتلب املصاحل وتدرأ املفاسد ‪.‬‬
‫‪ -4‬إرسال الرسل ‪:‬‬
‫تربز أمهية التفاوض يف دعوة الناس إىل اإلسالم ‪ ،‬أي دعوة الكفار إىل اإلسالم ‪ ،‬فعن‪mm‬د التوج‪mm‬ه‬
‫لفتح أي بلد من البلدان ‪ ،‬يتم عرض الدعوة إىل اإلسالم مبراحلها ‪ ،‬وهي إما الدخول يف اإلسالم ‪،‬‬
‫أو دف‪mm‬ع اجلزي‪mm‬ة ‪ ،‬أو القت‪mm‬ال ‪ ،‬وه‪mm‬ذا يع‪mm‬د من قبي‪mm‬ل التف‪mm‬اوض ‪ ،‬وال‪mm‬دعوة إىل اهلل واجملادل‪mm‬ة باحلس‪mm‬ىن تتم‬

‫‪ )(1‬سورة آل عمران اآلية ‪.159‬‬


‫‪ )(2‬تيسري الكرمي الررمحن ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪.154‬‬
‫‪ )(3‬السرية النبوية ‪،‬بن هشام ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج ‪ ، 3‬ص‪.162‬‬
‫‪ )( 4‬تفسري أيب السعود ‪ ،‬إرشاد العقل السليم ‪ ،‬أبو السعود عماد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪.105‬‬
‫‪ )(5‬سورة الشورى اآلية ‪.38‬‬

‫‪238‬‬
‫حىت مع األعداء إلنقاذ البشر من الظلم واجلور واالستبداد والطغيان والكفر‪ ،‬وهذا م‪mm‬ا أوج‪mm‬زه ربعُّي‬
‫بُن ع ‪mm‬امر ‪ ،‬يف تفاوض ‪mm‬ه م ‪mm‬ع رس ‪mm‬تم قائ ‪mm‬د الف ‪mm‬رس يف ملك ‪mm‬ه فحني س ‪mm‬أله رس ‪mm‬تم‪ :‬م ‪mm‬اذا ج ‪mm‬اء بكم؟ ق ‪mm‬ال‬
‫ربعٌّي ‪ ":‬اهلل ابتعثن‪mm‬ا‪ ،‬واهلل ج‪mm‬اء بن‪mm‬ا لنخ‪mm‬رج من ش‪mm‬اء من عب‪mm‬ادة العب‪mm‬اد إىل عب‪mm‬ادة اهلل‪ ،‬ومن ض‪mm‬يق ال‪mm‬دنيا‬
‫إىل س‪mm‬عتها‪ ،‬ومن ج‪mm‬ور األدي‪mm‬ان إىل ع‪mm‬دل اإلس‪mm‬الم‪ ،‬فأرس‪َm‬لنا بدين‪mm‬ه إىل خلق‪mm‬ه لن‪mm‬دعَو هم إلي‪mm‬ه‪ ،‬فمن قب‪mm‬ل‬
‫منا ذلك قبلنا ذلك منه ورجعنا عنه‪ ،‬وتركن‪mm‬اه وأرض‪m‬ه يليه‪mm‬ا دونن‪mm‬ا‪ ،‬ومن أىب قاتلن‪mm‬اه أب‪m‬دًا ح‪m‬ىت نفض‪َm‬ي‬
‫إىل موع ‪mm‬ود اهلل‪ )1("..‬واملف ‪mm‬اوض ينت ‪mm‬دب ويف‪ّm m‬و ض باحلديث واختاذ الق ‪mm‬رار يف أم ‪mm‬ر اجلماع ‪mm‬ة كم ‪mm‬ا ه ‪mm‬و‬
‫معلوم يف هذا الش‪m‬أن ‪ ،‬ويبتع‪m‬د ك‪m‬ل البع‪m‬د عن اجلور أو الظلم كم‪m‬ا أم‪m‬رهم اهلل ‪ -‬ج‪m‬ل وعال ‪ -‬وكم‪m‬ا‬
‫فعل نبينا ‪. ‬‬
‫وي ‪mm‬ربز هن ‪mm‬ا موق ‪mm‬ف عم ‪mm‬رو بن الع ‪mm‬اص حني س ‪mm‬ار ملفاوض ‪mm‬ة األرطب ‪mm‬ون ‪ :‬واهلدف من ذل ‪mm‬ك ه ‪mm‬و‬
‫التأثري على سري املفاوضات لتحقيق أهدافها "علم عمرو‪ ،‬أن الروم حشدوا جيوش‪m‬هم‪ ،‬وعلى رأس‪m‬ها‬
‫قائ‪mm‬د فلس‪mm‬طني لل ‪ُّm‬ر وم‪ ،‬أرطب‪mm‬ون "أريطي‪mm‬ون" يف "َأْج َن اِدين"‪ .‬فس‪mm‬ار عم‪mm‬رو‪ ،‬ومع‪mm‬ه ُش رحبيل بن َح َس نة‪،‬‬
‫واس ‪mm‬تخلف على األردن‪ ،‬أب ‪mm‬ا األع ‪mm‬ور الُّس َلمّي ‪ ..‬وك ‪mm‬ان األرطب ‪mm‬ون أدهى ال ‪mm‬روم‪ ،‬وأبع ‪mm‬دها غ ‪mm‬وًر ا‪ ،‬ق ‪mm‬د‬
‫وض‪mm‬ع بـ "الَّر مل‪mm‬ة" جن‪ًm‬د ا عظيًم ا وبـ "إيلَي اء" جن‪ًm‬د ا عظيًم ا‪ ،‬فلّم ا بل‪mm‬غ عم‪mm‬ر بن اخلط‪mm‬اب‪ ،‬رض‪mm‬ي اهلل عن‪mm‬ه‬
‫اخلرب‪ ،‬ق ‪mm‬ال‪" :‬رمين ‪mm‬ا أرطب ‪mm‬ون ال ‪mm‬روم ب ‪mm‬أرطبون الع ‪mm‬رب "‪-‬يري ‪mm‬د َعْم ًر ا‪ -‬ف ‪mm‬انظروا عّم ا تنف ‪mm‬رج"‪ .‬وك ‪mm‬ان‬
‫معاوي‪mm‬ة بن أيب س‪mm‬فيان ق‪mm‬د ش‪mm‬غل أه‪mm‬ل "َقْيَس ارَّية" عن عم‪mm‬رو‪ ..‬كم‪mm‬ا جع‪mm‬ل عم‪mm‬رو‪ ،‬على قت‪mm‬ال إيلي‪mm‬اء‪،‬‬
‫َعْلَق م‪mm‬ة بن َح ِكيم الِف َر اس‪mm‬ي وَمْس ُر وق الَعِّك ي‪ ،‬فش‪mm‬غلوا َم ن ب‪mm‬ه عن‪mm‬ه‪ ،‬وجع‪mm‬ل أيًض ا أب‪mm‬ا أي‪mm‬وب املالكي‪،‬‬
‫على َمْن بالَّر ْم لة من الُّر وم‪ ،‬فشغلهم عنه‪ ،‬وشاغل هؤالء القادُة املسلمون الق‪mm‬واِت الرومي‪َm‬ة عن ق‪mm‬وات‬
‫عمرو األصلية‪.‬‬
‫وأقام عمرو على َأْج َناِدين‪ ،‬ال يقدر على األرطبون‪ ،‬وال تشفيه الرسل‪ ،‬فسار إليه بنفسه‪ ،‬ودخل‬
‫عليه كأنه رسول‪ ،‬ففطن به األرطبون‪ ،‬وقال‪" :‬ال شك أّن هذا هو األمير أو َمْن يأخذ األميُر برأيه"‪ ،‬فأمر‬
‫رجًال أن يقعد على طريقه‪ ،‬ليقتله إذا مر به‪ ،‬وفطن عمرو إلى غدر األرطبون ‪ ،‬فقال‪" :‬قد سمعَت مني‪،‬‬
‫وسمعُت منك‪ ،‬وقد وقع قولك مني موقًعا‪ ،‬وأنا واحد من عشرة‪ ،‬بعثنا عمر بن الخطاب مع هذا الوالي‬
‫لنكانفه‪ ،‬ويشهدنا أموره‪ ،‬فأرجع فآتيك بهم اآلن‪ ،‬فإن رأوا في الذي عرضت‪ ،‬مثل الذي أرى‪ ،‬فقد رآه‬
‫أهل العسكر واألمير‪ ،‬وإن لم يروه رددتهم إلى مأمنهم‪ ،‬وكنَت على رأس أمرك"‪ ،‬فقال األرطبون‪:‬‬

‫‪ )(1‬البداية والنهاية ‪ ،‬ابن كثري ‪ ،‬مكتبة املعارف بريوت ‪ ،‬ج‪ 7‬ص ‪.39‬‬

‫‪239‬‬
‫"نعم"‪ ،‬ورّد الرجل‪ ،‬الذي أمره بقتل عمرو‪ ،‬وخرج عمرو من عند األرطبون‪ ،‬فعلم الرومي‪ ،‬بأن عمًر ا‬
‫خدعه‪ ،‬فقال‪" :‬خدعني الرجل! هذا أدهى الخلق"‪ .‬وبلغت خديعُة عمرو‪ ،‬مسامَع عمر بن الخطاب‪،‬‬
‫فقال‪" :‬لله َدُّر عمرو!"‪.‬‬
‫وكذلك بعث الكتب ككتاب رسول اهلل ‪ ، ‬إىل هرقل فـ"عن ابن عباس ‪ ، ‬عن أيب‬
‫سفيان يف قصته حني دخل على قيصر‪ ،‬فسأله عن نسب رسول اهلل ‪ ، ‬وعن صفته ونعته وما‬
‫يدعو إليه‪ ،‬فأخربه جبميع ذلك على اجللية‪ ،‬مع أن أبا سفيان كان إذ ذاك مشركًا‪ ،‬مل يسلم بعد‪،‬‬
‫وكان ذلك بعد صلح احلديبية وقبل الفتح‪ ،‬كما هو مصرح به يف احلديث‪ ،‬وألنه ملا سأله‪ :‬هل‬
‫يغدر ؟ قال‪ :‬فقلت‪ :‬ال‪ ،‬وحنن منه يف مدة ال ندري ما هو صانع فيها‪ ،‬قال‪ :‬ومل ميكين كلمة أزيد‬
‫فيها شيئًا سوى هذه‪ ،‬والغرض أنه قال‪ :‬مث جيء بكتاب رسول اهلل ‪ ‬فقرأه فإذا فيه‪:‬‬
‫"بس‪mm‬م اهلل ال‪mm‬رمحن ال‪mm‬رحيم‪ .‬من حمم‪mm‬د رس‪mm‬ول اهلل إىل هرق‪mm‬ل عظيم ال‪mm‬روم‪ ،‬س‪mm‬الم على من اتب‪mm‬ع‬
‫اهلدى‪ ،‬أما بعد‪ ،‬فأسلم تسلم‪ ،‬وأسلم يؤتك اهلل أجرك مرتني‪ ،‬ف‪mm‬إن ت‪mm‬وليت ف‪mm‬إن علي‪mm‬ك إمث األريس‪mm‬يني‬
‫و ﮋ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ " (‪. ) 1‬‬
‫تبادل االحرتام بني الناس فاألنبياء سريهتم عطرة يف احرتام من يفاوضون‪ ،‬والبشر حيبون من‬
‫يقدرهم ‪ ،‬وجيعل هلم اعتبار ‪ ،‬وعناية ‪ ،‬وجيعلهم موضع األمهية ‪ ،‬ويظهر هلم ذلك ‪ ،‬يصحبه الرفق‬
‫واللني‪ ،‬وقد أمر اهلل تعاىل موسى وهارون عليهما السالم حني أمرمها بالذهاب إىل فرعون بقوله‬
‫تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮊ (‪.)2‬‬

‫‪ )(1‬تفسري ابن كثري ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬مرجع سابق ج‪ 1‬ص ‪.456‬‬


‫‪ )(2‬سورة طه اآلية‪.44‬‬

‫‪240‬‬
‫‪ -5‬اختيار الكفء المناسب ‪:‬‬
‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬ ‫ﮋﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﯡ ﯢ ﮊ‬
‫اختيار الكفء املناسب وقيد املناسب لغرض قد يكون اختيار الدول األكفاء من الرجال‬
‫إلرساهلم للتفاوض مع الدول فيما فيه املصلحة ‪ ،‬فقد اختار النيب ‪ ‬عثمان ابن عفان يف‬
‫احلديبية حني بعثه لقريش ‪ ،‬وكذلك قول عمر بن اخلطاب ر ضي اهلل عنه حني بعث عمرو بن‬
‫العاص للروم حيث قال ‪" :‬رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب ‪ ،‬فانظروا عّم تنفرج"(‪.)2‬‬
‫‪ -6‬أثر التفاوض في العهد ‪ ،‬والميثاق (‪ ،)3‬والهدنة ‪:‬‬
‫واهلدنة ‪:‬املصاحلة على دخن"(‪" )4‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮊ‬
‫(‪. ) 5‬‬
‫العهود تعقد لاللزام هبا وبنودها وشروطها وكذا اهلدنة وامليثاق واملوادعة وحنو ذلك ‪،‬‬
‫والتفاوض ميكن للدول البدء به ألهداف سياسية ‪ ،‬خارجية ‪ ،‬أو داخلية ‪ ،‬ملصلحة البالد والعباد ‪،‬‬
‫مثل صلح احلديبية وغريه وال بد من الوفاء بالعهود ‪ ،‬وااللتزام هبا ‪ ،‬والوفاء بالعهد عدم البدء‬
‫باحلرب إال يف حالة نكث العهد ‪ ،‬أو نقضه ‪ ،‬أو الغدر ‪ ،‬كما فعل النيب ‪ ، ‬مع يهود املدينة ‪،‬‬
‫ومع املشركني يف مكة ‪.‬‬
‫ومل تزل األمم تربم العهد وامليثاق فيما بينها منذ القدم وذلك ألمهيته يف رعاية مصاحل الدول‬
‫والشعوب و"لذلك جاءت العهود واملواثيق حمتفية هبذا اجلانب ومؤكدًة عليه‪ ،‬فوردت آياٌت كثرية‬
‫من آيات العهد وامليثاق مشتملة على بيان أخذ اهلل العهود على البشر‪ ،‬ليلتزموا باألخالق الفاضلة‬
‫ويبتعدوا عن أي خلق ذميم‪ ،‬على مستوى الفرد واجلماعة"(‪ )6‬والتفاوض يتقدم إبرام العهود‬
‫‪ )(1‬سورة الشعراء اآلية‪.١٤ -12‬‬
‫‪ )( 2‬حمض الصواب يف فضائل أمري املؤمنني عمر بن اخلطاب ‪ ،‬يوسف بن حسن بن عبد اهلادي املربد ‪ ،‬الناشر عمادة البحث‬
‫العلمي باجلامعة اإلسالمية باملدينة املنورة ‪ ،‬ط األوىل ‪1420 ،‬ه – ‪2000‬م ‪ ،‬حتقيق عبد العزيز بن حممد بن عبد‬
‫احملسن ‪ ،‬باب غزواته ‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪. 436‬‬
‫‪ )( 3‬تقدم تعريف العهد وامليثاق ص‪. 15‬‬
‫‪ )( 4‬املصباح املنري ‪،‬أمحد بن حممد بن علي الفيومي املقري ‪ ،‬املكتبة العصرية ج‪ 1‬ص‪ ،327‬حتقيق يوسف الشيخ أمحد‪.‬‬
‫‪ )(5‬سورة النحل اآلية ‪.91‬‬
‫‪ )(6‬العهد وامليثاق ‪ ،‬ناصر العمر ‪ ،‬مرجع سابق ص‪.17‬‬

‫‪241‬‬
‫واملواثيق وهو الطريق إىل توثيقها وااللتزام مبا نصت عليه من بنود وشروط وخالفه ‪.‬‬
‫و" ال خالف وال نزاع يف وجوب الوفاء بالعهد وامليثاق‪ ،‬وآيات الكتاب وأحاديث‬
‫املصطفى ‪ ‬صرحية بذلك‪ ،‬كما هي صرحية حبرمة نقض امليثاق أو اإلخالل بالعهد‪ ،‬وتوّعد اهلل‬
‫بأقسى العقوبات للناقضني عهودهم ومواثيقهم‪ ،‬وصريح املعقول يوافق صحيح املنقول على "(‪.)1‬‬
‫‪ -7‬وسيلة لبحث سبل التنمية المجتمعية‬
‫الق‪mm‬رآن الك‪mm‬رمي معج‪mm‬زة دائم‪mm‬ة ص‪mm‬احلة لك‪mm‬ل زم‪mm‬ان ومك‪mm‬ان وإنس‪mm‬ان ‪ ،‬ومما أتى ب‪mm‬ه الق‪mm‬رآن س‪mm‬بل‬
‫تنمي ‪mm‬ة اجملتم ‪mm‬ع مالي ‪ًm‬ا واجتماعي ‪ًm‬ا وعس ‪mm‬كريًا‪ ، ...‬ومن أدل ‪mm‬ة ذل ‪mm‬ك ‪ ،‬موق ‪mm‬ف يوس ‪mm‬ف علي ‪mm‬ه الس ‪mm‬الم م ‪mm‬ع‬
‫املل ‪mm‬ك ‪ ،‬وهي مفاوض ‪mm‬ة حني مّك ن ‪mm‬ه املل ‪mm‬ك ‪،‬طلب يوس ‪mm‬ف ‪ ،‬علي ‪mm‬ه الس ‪mm‬الم ‪ ،‬أن يك ‪mm‬ون متكين ‪mm‬ه على‬
‫خزائن األرض ملا يتمتع به من احلفظ واألمانة ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ‬
‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬
‫ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮊ(‪ )2‬احلفظ واألمانة والعلم واملعرفة تعترب من أهم‬
‫ش ‪mm‬روط ومواص ‪mm‬فات املس ‪mm‬ؤول املايل للمجتم ‪mm‬ع ‪ ،‬فليت الش ‪mm‬عوب املعاص ‪mm‬ره يت ‪mm‬دبروا الق ‪mm‬رآن ويعمل ‪mm‬وا‬
‫به ‪ ،‬ففيه مصاحل العباد والبالد الدنيوية واألخروية ‪.‬‬
‫‪ -8‬نشر العدل‪:‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﮊ(‪.)3‬‬
‫بّينت اآلية الكرمية أمهية العدل الذي أمر ‪ - ،‬اهلل جل وعال ‪ -‬به عباده ‪ ،‬ويتحتم ذلك يف‬
‫جانب الدولة ‪ ،‬ويتم إلزام املفاوضني باحلكم العدل ابتغاء مرضات اهلل وإحقاق للحق ‪.‬‬

‫‪ -9‬التفاوض إلظهار حقيقة الدين ‪:‬‬


‫كما حصل مع وفد نص‪m‬ارى جنران‪ ،‬وق‪m‬د اس‪m‬تمرت أيام‪ًm‬ا ح‪m‬ىت ن‪m‬زلت آي‪m‬ة املباهل‪m‬ة ف‪m‬دعاهم ‪‬‬
‫إليها فخافوا وقبلوا باجلزية(‪ )4‬ﮋ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬

‫‪ )(1‬املرجع السابق‪.‬‬
‫‪ )(2‬سورة يوسف اآليات ‪.٥٦ - ٥٤‬‬
‫‪ )(3‬سورة احلجرات اآلية ‪.9‬‬
‫‪ )(4‬مت خترجيه ص‪152‬‬

‫‪242‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﮉ ﮊﮊ‬ ‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫‪ -10‬درء األخطار ‪:‬‬
‫يتم التفاوض يف الطوارئ وما حيصل فيها من مفاوضات للبحث عن احللول لألزمات‬
‫والنوازل وقد بايع رسول اهلل ‪ ، ‬صحابته رضوان اهلل عليهم ‪ ،‬وأخذ عليهم العهد يف‪:‬‬
‫ا‪ -‬بيعة العقبة األوىل‪.‬‬
‫ب‪ -‬بيعة العقبة الثانية‪.‬‬
‫ج‪ -‬بيعة الرضوان‪.‬‬
‫واملبايعات اليت متت بني الرسول صلى اهلل عليه وسلم ‪،‬مع بعض الصحابة ‪ ،‬كانت تتم عرب‬
‫مفاوضات‪.‬‬
‫‪ -11‬سبب للتمكين ‪:‬‬
‫يكون التفاوض سببًا للتمكين ومل‪m‬ك زم‪m‬ام األم‪m‬ور ‪ ،‬ومن ذل‪m‬ك التمكين من القي‪m‬ادة ‪ ،‬والس‪m‬لطة ‪،‬‬
‫والوالي‪m‬ة ‪،‬كم‪m‬ا حص‪m‬ل م‪m‬ع ن‪m‬بي الل‪m‬ه يوس‪m‬ف علي‪m‬ه الس‪m‬الم م‪m‬ع المل‪m‬ك بع‪m‬د خروج‪m‬ه من الس‪m‬جن وطلب‪m‬ه أن‬
‫يك‪mm‬ون على خ‪mm‬زائن األرض ‪ ،‬حينم‪mm‬ا اتص‪mm‬ف بالحف‪mm‬ظ والعلم ‪ ،‬ورد ذل‪mm‬ك في قول‪mm‬ه تع‪mm‬الى ‪ :‬ﮋ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﮊ (‪.)2‬‬

‫‪ )(1‬سورة آل عمران اآلية ‪. 64‬‬


‫‪ )(2‬سورة يوسف اآليات ‪.55 -54‬‬

‫‪243‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬أثر التفاوض على المجتمع‬
‫يهتم القرآن الكرمي يف شىت جوانب احلياة ومن تلك اجلوانب "اجملتمع" واجملتمع فيه الوالدان‬
‫– الزوجة – األوالد – األقارب – اجلريان ‪ ،‬وبقية اجملتمع عامة ‪ ...‬واملتأمل يف واقع الناس جيد أن‬
‫اجملتمع الذي يقل فيه التفاوض أو ينعدم ‪ ،‬تضيق هبم احلياة ‪ ،‬نظرًا النعدام احللول لألزمات عند‬
‫حدوثها ‪ ،‬أو تفاقم املشكالت دون عالج ‪ ،‬ورمبا جتر إىل ويالت ‪.‬‬
‫ويف كثري من اجلوانب االجتماعية يهدف التفاوض فيها التباع أمثل الطرق واملفضية إىل‬
‫أسباب العيش الكرمي بعيدا عن كل ما يشوبه من اختالف ‪ ،‬ومن آثار التفاوض على اجملتمع ما يلي‬
‫‪:‬‬
‫‪ -1‬جانب المصاهرة والزواج ‪:‬‬
‫بني القرآن الكرمي أمهية الزواج ‪ ،‬وهو من أسباب تكاثر األمة‪ ،‬واملتأمل للطرق اليت يتم فيها‬
‫الزواج عرب مراحله جيدها تكون مبثابة التفاوض بني الزوجني وذويهم ‪ ،‬وما يدور فيها من حتديد‬
‫ملقدار الصداق وكل ما يتعلق بأمر الزواج ‪ ،‬ويربز هنا حدث هام جاء ذكره يف كتاب اهلل تعاىل‬
‫وهو ما جرى بني نيب اهلل موسى وشعيب أبو البنتني ‪ ،‬عليهما السالم ‪ ،‬حينما بادر بعرض تزويج‬
‫إحدى بناته ملوسى عليه السالم ‪ ،‬وذلك يف قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﮊ‬
‫ويف ثنايا هذه اآليات الكرمية واليت جرى فيها ما جيري جمرى التفاوض يف شأن الزواج تربز‬
‫أمور مضيئة منها ما يلي ‪:‬‬
‫ا‪" -‬جتلى كرم شعيب ومروءة وشهامته يف تطمني موسى وإكرامه وإيوائه‪.‬‬
‫ب‪ -‬بيان أن الكفاءة شرط يف العمل وال أفضل من القوة وهي القدرة البدنية والعلمية‬
‫واألمانة‪.‬‬
‫ج‪ -‬مشروعية عرض الرجل ابنته على من يرى صدقه وأمانته ليزوجه هبا‪.‬‬
‫د‪ -‬مشروعية إشهاد اهلل تعاىل على العقود مبثل ﮋ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﮊ‪.‬‬
‫ه‪ -‬فضيلة موسى عليه السالم بإجيار نفسه على شبع بطنه وإحصان فرجه‪.‬‬
‫و‪ -‬ذّك ره باهلل تعاىل وشهادته على العقد وكون اهلل جل وعال وكيًال يعلم األمر‪ .‬باللني‬

‫‪ )(1‬سورة القصص اآلية ‪.28‬‬

‫‪244‬‬
‫يظهره تفاوض أبوي من "شعيب" مع موسى يتمثل يف تزويج موسى إلحدى ابنيت‬
‫شعيب"(‪.)1‬‬

‫‪ -2‬التفاوض أساس لحل كثير من المشكالت التي تحدث بين األزواج‬


‫يظهر أثر التفاوض جبالء يف حل اخلالفات الزوجية فيكون تارًة يف التحكيم بني الزوجني وقد‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬ ‫ورد يف هذا الشأن ‪ ،‬قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ﮓ ﮔ ﮊ (‪. ) 2‬‬ ‫ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ويؤدي ه‪mm‬ذا التحكيم إىل اإلص‪m‬الح بينهم‪m‬ا إن ك‪mm‬انت هن‪mm‬اك رغب‪mm‬ة يف اإلص‪m‬الح من الط‪m‬رفني يف‬
‫التف‪mm‬اوض ‪ ،‬ي‪mm‬ؤدي إىل الوف‪mm‬اق والص‪mm‬لح بني الط‪mm‬رفني وق‪mm‬د حث الش‪mm‬ارع احلكيم على ب‪mm‬ذل اإلص‪mm‬الح‬
‫بني الناس قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ‬
‫(‪) 3‬‬
‫ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﮊ‬
‫وقال النبي ‪َ ":‬أال ُأْخ ِبُر ُك ْم ِبَأْفَض َل ِم ْن َدَرَج ِة الِّصَياِم َو القيام؟ َقاُلوا‪َ :‬بَلى يا رسول الله َقاَل ‪:‬‬
‫إ ال َذاِت اْل ِن ‪َ ،‬فِإَّن َف ا َذاِت اْل ِن ِه اْل اِلَقُة‪ ..‬ى الَّنِب ‪َ ‬أَّن َقاَل ‪ِ :‬ه‬
‫َي‬ ‫ُه‬ ‫َو ُيْر َو َعْن ِّي‬ ‫َبْي َي َح‬ ‫َس َد‬ ‫َبْي‬ ‫َص ُح‬
‫اْلَح اِلَقُة " ‪.‬‬
‫(‪)4‬‬

‫ويعترب التفاوض عام‪m‬ل رئيس يف ح‪m‬ل اخلالف‪m‬ات بني األزواج يف ح‪m‬ال ت‪m‬أزم احلي‪m‬اة األس‪m‬رية فيم‪m‬ا‬
‫بينهم وين ‪mm‬درج ذل ‪mm‬ك للت ‪mm‬دخل يف األوالد واعتب ‪mm‬ار املص ‪mm‬لحة بدرج ‪mm‬ة أولي ‪mm‬ة لألس ‪mm‬رة ‪ ،‬لتع ‪mm‬ود املي ‪mm‬اه إىل‬
‫جماريه ‪mm‬ا ‪ ،‬بع ‪mm‬د توفي ‪mm‬ق اهلل فمن ل ‪mm‬ه دراي ‪mm‬ة وم ‪mm‬راس وإتق ‪mm‬ان للتف ‪mm‬اوض ‪ ،‬يك ‪mm‬ون هلم دورًا ب ‪mm‬ارزًا ي ‪mm‬ؤثر يف‬
‫االتف‪mm‬اق ‪ ،‬ونظ‪m‬رًا لك‪mm‬ثرة اخلالف‪mm‬ات الزوجي‪mm‬ة واألس‪mm‬رية على الس‪mm‬احة ظه‪mm‬رت مراك‪mm‬ز متخصص‪mm‬ة للعناي‪mm‬ة‬
‫بالص‪mm‬لح وص‪mm‬ميم عمله‪mm‬ا يف الواق‪mm‬ع تف‪mm‬اوض بني األط‪mm‬راف للتوفي‪mm‬ق فين‪mm‬ا بينهم ‪،‬وذل‪mm‬ك للحاج‪mm‬ة امللح‪mm‬ة‬
‫للتف ‪mm‬اوض واإلص ‪mm‬الح بينهم ‪ ،‬وه ‪mm‬ذا من ب ‪mm‬اب مزاول ‪mm‬ة االختص ‪mm‬اص ‪ ،‬يف اإلص ‪mm‬الح األس ‪mm‬ري ‪ ،‬فمن ‪mm‬ذ‬
‫سنوات وأعمل متعاونًا مع مراكز متخصصة باملدينة حبمد اهلل‪.‬‬

‫‪ )(1‬أيسر التفاسري ‪ ،‬اجلزائري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج ‪ 4‬ص ‪.68‬‬


‫‪ )(2‬سورة النساء اآلية ‪. 35‬‬
‫‪ )(3‬سورة النساء اآلية ‪.128‬‬
‫‪ )( 4‬صحيح بن حبان ‪ ،‬بن حبان ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬باب كتاب الصلح ‪ ،‬ح ‪، 5092‬ج‪ 11‬ص ‪ ، 489‬تعليق شعيب‬
‫األرؤوط‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫‪ -3‬حفظ الحقوق‬
‫التدخل لغرض اإلصالح بني الن‪m‬اس ول‪m‬و بالتن‪m‬اجي رتب علي‪m‬ه الش‪m‬ارع احلكيم األج‪m‬ور العظيم‪m‬ة‬
‫حيث قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫(‪) 1‬‬
‫‪.‬‬ ‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﮊ‬
‫ومن آثار التفاوض يف اجملتمع ‪ ،‬الدخول يف الوساطة يف خل اخلالفات اخلاصة باحلقوق ‪،‬‬
‫سواًء كانت حقوقًا مالية ‪ ،‬أو خمتصة بعقار وحنوه ‪ ،‬واخلالفات فيها منتشرة بني الناس كما هو‬
‫معلوم ‪ ،‬ويعمل التفاوض على نشر اإلحسان يف املطالبة باحلقوق بني الناس فيكون سببًا حلفظ‬
‫احلقوق ألصحاهبا ‪ ،‬فال ترتك احلقوق معلقة ‪ ،‬فيتم حوهلا التفاوض إليصال احلق ألهله ‪ ،‬وحل‬
‫النزاع ‪ ،‬وال يرتك جماًال أو فرصة لتصعيد اخلالف بني األطراف ‪.‬‬
‫‪ -4‬الوساطة حل الخالفات االجتماعية ‪:‬‬
‫يبنّي القرآن الكرمي بعض أساليب حل اخلالف‪m‬ات األس‪m‬رية ‪ ،‬ومن ذل‪m‬ك أس‪m‬لوب العف‪m‬و والص‪m‬فح‬
‫أثناء التفاوض ‪ ،‬ومن مناذج القرآن ‪ ،‬قو له تعاىل ‪ : :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬
‫ﮢ ﮣ‬ ‫ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﮊ (‪.)2‬‬
‫وال يخلو مجتمع من مشكالت ‪ ،‬وتزيد وتنقص هذه المشكالت والخالفات ‪ ،‬بحسب حال‬
‫كل مجتمع من درجة اإليمان ‪ ،‬والوعي ‪ ،‬والتجرد وطلب الحق ‪ ،‬والتسامح ‪ ، ...‬والتفاوض يصبح‬
‫وسيلة للوقوف على لب النزاع ‪ ،‬وموضع الخالف ‪ ،‬والمعول في البحث عن العالج والحلول‬
‫للمشكالت االجتماعية والتفاوض لها هو تقديم المصالح ‪ ،‬ومن اآلثار للتفاوض حل كثير من‬
‫النزاعات بين الناس فمن تلك النزاعات ما يكون طريق إلى وغر الصدور ونشوء العداوات فإن‬
‫الخالفات تكون أنواعًا ومنها ‪:‬‬
‫خالفات مالية ‪.‬‬ ‫ا‪-‬‬
‫ب‪ -‬خالفات على أراض وحدود أو مساق‪.‬‬
‫ج‪ -‬خصومات ثأر لدم وحنوه‪.‬‬

‫‪ )(1‬سورة النساء اآلية ‪.١١٤‬‬


‫‪ )( 2‬سورة يوسف اآليات ‪.92-89‬‬

‫‪246‬‬
‫د‪ -‬خالفات عادية وإمكانية تفاقمها إن تركت ‪.‬‬
‫ومن املشاهد كثرة الدعاوى املقدمة للمحاكم ‪ ،‬ودور رفع املظامل ‪ ،‬وأقسام الشرطة‪ ،‬أو‬
‫للواله ‪ ،‬وقد يكون البعض منها يف طريقها للجهات الرمسية ‪ ،‬فيتم التفاوض حوهلا بدور الوساطة‬
‫إذ يعترب التفاوض أسرع وسيلة لتسوية املنازعات ‪ ،‬والوصول إىل اتفاق هنائي بني مجيع األطراف‬
‫والتفاوض يعد الطريق إىل االستقرار ال سيما عند تأزم املواقف ‪ ،‬ويفصل اخلالف بني اخلصوم‬
‫وحيل التوافق‪.‬‬
‫‪ : -5‬األثر الدعوي في هداية الناس ‪:‬‬
‫يف ثناي ‪mm‬ا الق ‪mm‬رآن الك ‪mm‬رمي يظه ‪mm‬ر األث ‪mm‬ر ال ‪mm‬دعوي للتف ‪mm‬اوض ال ‪mm‬دعوي ب ‪mm‬ارز يف مي ‪mm‬دان ال ‪mm‬دعوة ع ‪mm‬رب‬
‫الت‪mm m‬اريخ‪ ،‬ومن املعل‪mm m‬وم أن ال‪mm m‬دعوة إىل اهلل هلا أث‪mm m‬ر يف إص‪mm m‬الح اجملتم‪mm m‬ع بال‪mm m‬دعوة إىل إقام‪mm m‬ة الع‪mm m‬دل يف‬
‫العالق ‪mm‬ات بني الن ‪mm‬اس ‪ ،‬والتع ‪mm‬اون على ال ‪mm‬رب ةالتق ‪mm‬وى ‪ ،‬ومراقب ‪mm‬ة اهلل يف ال ‪mm‬بيع والش ‪mm‬راء كم ‪mm‬ا يف دع ‪mm‬وة‬
‫شعيب ‪ ‬قومه ‪ ،‬حيث قال جل من قائل عليما‪: :‬ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬
‫ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ‬ ‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬ ‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬
‫ﰗ ﰘ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬ ‫ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ‬ ‫ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ‬
‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬ ‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬ ‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ‬ ‫ﭿ ﮀ‬ ‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ‬ ‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ﮊ ﮋ ﮌﮊ‬ ‫ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ويتبني أن يف هذا املوقف أن شعيبًا عليه السالم ‪ ،‬طلب من قومه تقوى اهلل ‪ ،‬مث هناهم عن‬
‫مجلة من مساوئ األخالق كالنهي عن التطفيف يف امليزان وخبس الناس أشياءهم ‪ ،‬وعن اإلفساد‬
‫يف األرض ‪ ،‬وأمرهم بالوزن بالقسطاس املستقيم ‪ ،‬وذّك رهم بأنعم اهلل كنعمة اخللق ‪ ،‬فقابلوه‬
‫بالصد والتهكم والعلو فأخذهم اهلل أخذ عزيز مقتدر‪.‬‬
‫وفيما يلي مناذج يستفاد أهنا من قيبل التفاوض الدعوي وأثرها ‪:‬‬
‫ا‪ -‬إسالم عروة بن مسعود ‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫إسالم عروة بن مسعود حين لقي النبي ‪ ‬ورؤيته للصحابة كيف كانوا يطيعون أمر النبي‬
‫ويوقرونه كما ذكر لقريش‪ ..‬ساهم ذلك في دفعه إلى اإلسالم بعد ذلك فأسلم رضي الله عنه‪ ،‬وال‬
‫شك أن ذلك الموقف مع النبي ‪ ‬قد وقر في نفسه حتى أسلمه إلى اإلسالم ‪ ،‬ثم عاد إلى قومه‬

‫() سورة الشعراء اآليات ‪.١٩٠ - ١٧٦‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪247‬‬
‫بالطائف يدعوهم إلى الله "وكان فيهم محببا مطاعا فخرج يدعو قومه إلى اإلسالم ورجا أن ال‬
‫يخالفوه لمنزلته فيهم فلما أشرف لهم على علية وقد دعاهم إلى اإلسالم وأظهر لهم دينه رموه بالنبل‬
‫من كل وجه فأصابه سهم فقتله فقيل لعروة ‪ :‬ما ترى في دمك فقال ‪ :‬كرامة أكرمني الله بها‬
‫وشهادة ساقها الله إلي فليس في إال ما في الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله مع رسول الله ‪ ‬قبل‬
‫أن يرحل عنكم فادفنوني معهم"(‪.)1‬‬
‫ب‪ -‬محاولة التأثير على المخالف في دعوته للحق ‪:‬‬
‫االهتم ‪mm‬ام بالتف ‪mm‬اوض ال ‪mm‬دعوي ل ‪mm‬ه أث ‪mm‬ره ‪ ،‬وإن مت الغض من النفس يف ال ‪mm‬دعوة‪ ،‬ق ‪mm‬ال تع ‪mm‬اىل‪:‬‬
‫ﮋ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮊ (‪.)2‬‬
‫"وهذا ابلغ يف االنصاف وابعد من اجلدل واالعتساف"‪ ،3‬وكما يف قول اهلل تبارك‬
‫وتعاىل ‪ :‬ﮋ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﮊ (‪.)4‬‬
‫ج‪ -‬التفاوض مع األعداء‬
‫التفاوض مع األعداء ‪ ،‬ويكون باستخدام اللني والرفق يف موضعه‪ ،‬كما فعل النيب مع عتبة‬
‫ابن ربيعة ‪":‬أفرغت يا أبا الوليد"(‪.)5‬‬
‫وذلك قد يتحقق منه مصلحة للمسلمني فتحقن به الدماء وحتفظ األموال‪.‬‬
‫وما دار بني إبراهيم عليه السالم وقوم‪m‬ه ‪ ،‬في‪m‬ه إقام‪m‬ة للحج‪m‬ة عليهم ‪ ،‬ق‪m‬ال تع‪m‬اىل‪ :‬ﮋ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﯚ‬ ‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬ ‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬ ‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﯱ‬ ‫ﯰ‬ ‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬ ‫ﯛ ﯜ‬
‫ﭙ‬ ‫ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬ ‫ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬
‫ﭰ‬ ‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬ ‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬ ‫ﭟ‬ ‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫ﮊ‬ ‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬ ‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬
‫(‪. ) 6‬‬
‫ومن آثار التفاوض الواردة يف السرية أنه يثمر اهلداية للناس فقد ورد أن " نزل مصعب بن‬
‫‪ )( 1‬أسد الغابة يف معرفة الصحابة ‪ ،‬ابن األثري ‪ ،‬دار الفكر ‪ ، 1989 – 1409 ،‬ج‪ 1‬ص ‪.768‬‬
‫‪ )(2‬سورة سبأ اآلية ‪.25‬‬
‫‪ )(3‬تفسري أيب السعود ‪ ،‬إرالشادالعقل السليم مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ 7‬ص ‪.133‬‬
‫‪ )(4‬سورة سبأ اآلية ‪.24‬‬
‫‪ )(5‬السرية النبوية ‪ ،‬ابن كثري ج‪ 1‬ص ‪.504‬‬
‫‪ )(6‬سورة األنبياء اآليات ‪.63-51‬‬

‫‪248‬‬
‫عمري على أسعد بن ُز َر ارة(‪ ،)7‬وأخذا يبثان اإلسالم يف أهل يثرب جبد ومحاس‪ ،‬وكان مصعب‬
‫ُيْع َر ف باملقرئ‪.‬‬
‫ومن أروع ما يروى من جناحه يف الدعوة أن أسعد بن زرارة خرج به يوًم ا يريد دار بين عبد‬
‫األشهل ودار بين َظَف ر‪ ،‬فدخال يف حائط من حوائط بين ظفر‪ ،‬وجلسا على بئر يقال هلا ‪ :‬بئر َم َر ق‪،‬‬
‫واجتمع إليهما رجال من املسلمني ـ وسعد بن معاذ وُأَس ْيد بن ُح َضرْي سيدا قومهما من بين عبد‬
‫األشهل يومئذ على الشرك ـ فلما مسعا بذلك قال سعد ألسيد ‪ :‬اذهب إىل هذين اللذين قد أتيا‬
‫ليسفها ضعفاءنا فازجرمها‪ ،‬واهنهما عن أن يأتيا دارينا‪ ،‬فإن أسعد بن زرارة ابن خاليت‪ ،‬ولوال ذلك‬
‫لكفيتك هذا ‪.‬‬
‫فأخذ أسيد حربته وأقبل إليهما‪ ،‬فلما رآه أسعد قال ملصعب ‪ :‬هذا سيد قومه قد جاءك‬
‫فاصدق اهلل فيه‪ ،‬قال مصعب ‪ :‬إن جيلس أكلمه ‪ .‬وجاء أسيد فوقف عليهما متشتًم ا‪ ،‬وقال ‪ :‬ما‬
‫جاء بكما إلينا ؟ تسفهان ضعفاءنا ؟ اعتزالنا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة‪ ،‬فقال له مصعب ‪:‬‬
‫أو جتلس فتسمع‪ ،‬فإن رضيت أمرا قبلته‪ ،‬وإن كرهته كف عنك ما تكره‪ ،‬فقال ‪ :‬أنصفت‪ ،‬مث ركز‬
‫حربته وجلس‪ ،‬فكلمه مصعب باإلسالم‪ ،‬وتال عليه القرآن ‪ .‬قال ‪ :‬فو اهلل لعرفنا يف وجهه اإلسالم‬
‫قبل أن يتكلم‪ ،‬يف إشراقه وهتلله‪ ،‬مث قال ‪ :‬ما أحسن هذا وأمجله ؟ كيف تصنعون إذا أردمت أن‬
‫تدخلوا يف هذا الدين ؟‬
‫قاال له ‪ :‬تغتسل‪ ،‬وتطهر ثوبك‪ ،‬مث تشهد شهادة احلق‪ ،‬مث تصلى ركعتني ‪ .‬فقام واغتسل‪،‬‬
‫وطهر ثوبه وتشهد وصلى ركعتني‪ ،‬مث قال ‪ :‬إن ورائى رجاًل إن تبعكما مل يتخلف عنه أحد من‬
‫قومه‪ ،‬وسأرشده إليكما اآلن ـ سعد بن معاذ ـ مث أخذ حربته وانصرف إىل سعد يف قومه‪ ،‬وهم‬
‫جلوس يف ناديهم ‪ .‬فقال سعد ‪ :‬أحلف باهلل لقد جاءكم بغري الوجه الذي ذهب به من عندكم ‪.‬‬
‫فلما وقف أسيد على النادى قال له سعد ‪ :‬ما فعلت ؟ فقال ‪ :‬كلمت الرجلني‪ ،‬فواهلل ما‬
‫رأيت هبما بأًس ا‪ ،‬وقد هنيتهما فقاال ‪ :‬نفعل ما أحببت ‪.‬‬
‫وقد حدثت أن بين حارثة خرجوا إىل أسعد بن زرارة ليقتلوه ـ وذلك أهنم قد عرفوا أنه ابن‬

‫() أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثغلبة بن غنم بن مالك بن النجار اخلزرجي األنصاري ‪،‬ويقال له أسعد اخلري‬ ‫‪7‬‬

‫وكنيته أبو أمامة ‪ ،‬قيل له النجار ألنه ضرب رجًال بقدوم فنجره ‪ ،‬أسد الغابة يف معرفة الصحابة ‪ ،‬ابن األثري مرجع سابق‬
‫ج‪ 1‬ص‪.44‬‬

‫‪249‬‬
‫خالتك ـ ِلُيْخ ِف ُر وك‪ .‬فقام سعد مغضًبا للذى ذكر له‪ ،‬فأخذ حربته‪ ،‬وخرج إليهما‪ ،‬فلما رآمها‬
‫مطمئنني عرف أن أسيًد ا إمنا أراد منه أن يسمع منهما‪ ،‬فوقف عليهما متشتًم ا‪ ،‬مث قال ألسعد بن‬
‫زرارة ‪ :‬واهلل يا أبا أمامة‪ ،‬لوال ما بيىن وبينك من القرابة ما ُر ْمَت هذا مىن‪ ،‬تغشانا يف دارنا مبا‬
‫نكره ؟‬
‫وقد كان أسعد قال ملصعب ‪ :‬جاءك واهلل سيد من ورائه قومه‪ ،‬إن يتبعك مل يتخلف عنك‬
‫منهم أحد‪ ،‬فقال مصعب لسعد بن معاذ ‪ :‬أو تقعد فتسمع ؟ فإن رضيت أمًر ا قبلته‪ ،‬وإن كرهته‬
‫عزلنا عنك ما تكره‪ ،‬قال ‪ :‬قد أنصفت‪ ،‬مث ركز حربته فجلس ‪ .‬فعرض عليه اإلسالم‪ ،‬وقرأ عليه‬
‫القرآن‪ ،‬قال ‪ :‬فعرفنا واهلل يف وجهه اإلسالم قبل أن يتكلم‪ ،‬يف إشراقه وهتّلله‪ ،‬مث قال ‪ :‬كيف‬
‫تصنعون إذا أسلمتم ؟ قاال ‪ :‬تغتسل‪ ،‬وتطهر ثوبك‪ ،‬مث تشهد شهادة احلق‪ ،‬مث تصلى ركعتني ‪.‬‬
‫ففعل ذلك ‪.‬‬
‫مث أخذ حربته فأقبل إىل نادى قومه‪ ،‬فلما رأوه قالوا‪ :‬حنلف باهلل لقد رجع بغري الوجه الذي‬
‫ذهب به فلما وقف عليهم قال ‪ :‬يا بين عبد األشهل‪ ،‬كيف تعلمون أمرى فيكم ؟ قالوا ‪ :‬سيدنا‬
‫وأفضلنا رأًيا‪ ،‬وأميننا نقيبة‪ ،‬قال ‪ :‬فإن كالم رجالكم ونسائكم علّى حرام حىت تؤمنوا باهلل‬
‫ورسوله‪ .‬فما أمسى فيهم رجل وال امرأة إال مسلًم ا ومسلمة‪ ،‬إال رجل واحد ـ وهو اُألَص ِرْي م ـ‬
‫تأخر إسالمه إىل يوم أحد‪ ،‬فأسلم ذلك اليوم وقاتل وقتل‪ ،‬ومل يسجد هلل سجدة‪ ،‬فقال النيب ‪: ‬‬
‫"عمل قلياًل وأجر كثًريا"(‪ )1‬ويعد التفاوض من طرق اإلقناع للمخالف إن كان ممن يقبل احلق ‪.‬‬
‫وينبغي عند البدء بالدعوة ‪ ،‬أو النصح واإلرشاد ‪ ،‬إظهار احملبة واحلرص والرمحة ‪ ،‬وهذا من‬
‫صميم الدعوة ‪ ،‬كما يف دعوة نوح عليه السالم ولده ‪ ،‬ودعوة صاحل عليه السالم لقومه ‪.‬‬
‫واملتأمل هلذا املوقف التفاوضي الذي أورده الباحث بطوله نظرًا الشتماله على جوانب هامة‬
‫يف التفاوض‪ ،‬منها وضوح املوضوع وحتديد الطلب وحتديد أطراف التفاوض‪.‬‬
‫‪ -6‬نشر التقدير واالحترام‬
‫يفضي التف‪m‬اوض الحس‪m‬ن إلى نش‪m‬ر التق‪m‬دير‪ ،‬واالح‪m‬ترام المتب‪m‬ادل بين الط‪m‬رفين المتفاوض‪m‬ين‪ ،‬وي‪m‬دعو‬
‫إلى توثيق الصلة بين الناس ‪ ،‬وه‪m‬و أم‪m‬ر في غاي‪m‬ة األهمي‪m‬ة‪ ،‬ول‪m‬ه أث‪m‬ر واض‪m‬ح في ش‪m‬يوع ذل‪m‬ك بين األط‪m‬راف‬
‫الق ‪mm‬ائمين بعملي ‪mm‬ة التف ‪mm‬اوض وه ‪mm‬ذا ي ‪mm‬دعو إلى ممارس ‪mm‬ته ‪،‬ونش ‪mm‬ره وبث ‪mm‬ه بين الن ‪mm‬اس ‪ ،‬م ‪mm‬ع إظه ‪mm‬ار الح ‪mm‬رص‬

‫‪ )(1‬السرية النبوية ‪ ،‬بن هشام مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ ، 2‬ص‪ ، 286- 285‬والرحيق املختوم ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪.113‬‬

‫‪250‬‬
‫واالهتمام واالعتبار بالطرف األخر ‪ ،‬مهما كانت منزلت‪m‬ه أو مكانت‪m‬ه فق‪m‬د يك‪m‬ون لدي‪m‬ه م‪m‬ا يعت‪m‬د ب‪m‬ه ‪ ،‬كم‪m‬ا‬
‫في قصة الهدهد مع نبي الله سليمان عليه السالم ‪ ،‬قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬
‫ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬
‫ﯿ ﰀ ﮊ ونتأمل قول الطائر الهدهد ‪ ،‬لنبيى الله سليمان عليه السالم ﮋ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﮊ وكيف‬
‫أخذ بقوله عليه السالم ‪.‬‬
‫‪ -7‬كسب القلوب ‪:‬‬
‫التفاوض من أجل املصاحل املشرتكة يؤلف القلوب ويعمل على التالحم ويظهر األهداف‬
‫بصورة مشرتكة واملنفعة واحدة تشمل اجلميع دون استثناء‪.‬‬
‫يساعد على فهم اآلخرين من يتعامل مع الناس مهم أن يفهمهم ألن المجتمعات تختلف‬
‫والبيئات كذلك‪ ،‬والنشأة لها تأثيرها ‪ ،‬ففهم اآلخرين يكون عامًال مساعدًا وداعمًا لتيسير التعامل‬
‫معهم ‪ ،‬كما يحتاج المعرفة بهم ‪ ،‬من هم ‪ ،‬وما هي ظروفهم ‪ ،‬وكيف هي بيئاتهم ‪ ،‬ومحاولة معرفة‬
‫مستوياتهم العلمية‪ ،‬والمعرفية ‪ ،‬واإلدراكية ؛ وهذا يتأتى بالتفاوض حيث يعين في القدرة على فهم‬
‫مطالب اآلخرين وإن لم يتم اإلفصاح عنها وذلك من خالل الحديث أو الصمت أو اإليماءات‬
‫والحركات‪.‬‬
‫‪ -8‬رياضة للعقول ‪:‬‬
‫الق‪mm m‬رآن الك‪mm m‬رمي مب‪mm m‬ارك ‪ ،‬وق‪mm m‬راءة وت‪mm m‬دبر املواق‪mm m‬ف ال‪mm m‬يت جتري جمرى التف‪mm m‬اوض تعت‪mm m‬رب رياض‪mm m‬ة‬
‫للعقول ‪ ،‬ومنتلك املواق‪m‬ف على س‪m‬بيل املث‪m‬ال م‪m‬ا قص‪m‬ه اهلل علين‪m‬ا بني موس‪m‬ى علي‪m‬ه الس‪m‬الم ‪ ،‬وفرع‪m‬ون ‪،‬‬
‫ونوح عليه السالم وقومه ‪ ،‬وهكذا سائر األنبياء عليهم السالم ‪ ،‬وكذلك ممارسة التفاوض ‪ ،‬وذلك‬
‫ملا يف التفاوض من إعمال للفكر وتنمية العقول يف البحث عن احللول ‪ ،‬وسبل الرد عن األخطاء‪.‬‬
‫‪ -9‬التعاون‬
‫التفاوض فيه احلفاظ على مصاحل الناس ‪ ،‬وحاجياهتم ‪ ،‬ويكون من التعاون على الرب‬
‫والتقوى‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﮊ (‪.)1‬‬
‫والتعاون على الرب والتقوى مسة بارزة يف هذه األمة‪.‬‬
‫‪ -10‬قبول الحق وحسن المطالبة بالحقوق‪:‬‬

‫‪ )(1‬سورة املائدة اآلية ‪.2‬‬

‫‪251‬‬
‫التفاوض اجليد يصل باألطراف إىل التسليم والقبول باحلق وي‪m‬دعم ذل‪m‬ك ممارس‪m‬ة ط‪mm‬رق حكيم‪m‬ة‬
‫يف التفاوض ‪،‬كما أن التفاوض يع‪m‬ين الق‪m‬درة على املطالب‪m‬ة ب‪m‬احلقوق كم‪m‬ا ه‪m‬و طري‪m‬ق من ط‪m‬رق إرج‪m‬اع‬
‫احلقوق بالطرق السلمية اليت تكون بعيدة عن اخلصومات والنزاع اليت تورث العداوة والبغضاء ‪.‬‬
‫‪ -11‬إكساب المجتمع حسن الخلق ‪:‬‬
‫االلتقاء للتفاوض بني الناس يفيد اجملتمع يف إكساهبم حسن اخللق يف التواصل ‪ ،‬للتفاعل فيما‬
‫بينهم‪ ،‬ومن اجلوانب ‪:‬‬
‫ا‪ -‬حسن اللقاء واملقابلة‪.‬‬
‫ب‪ -‬طيب التحدث ‪.‬‬
‫ج‪ -‬الفراسة والتوسم ‪.‬‬
‫د‪ -‬الفطنة والذكاء‪.‬‬
‫‪ -12‬سبيل لإلقناع‬
‫يسهم التفاوض بشكل كبري يف إقناع املخالف للتخلي عن وجهة نظره أو رأيه أو حىت‬
‫معتقده الباطل ‪،‬إن كان ممن ينصف ويقبل احلق‪ .‬فالتفاوض يكون باحلجة والدليل والربهان ‪،‬‬
‫فأصبح من أهم سبل اإلقناع‪.‬‬
‫‪ -13‬توضيح اللبس والتوصل للحقيقة ‪:‬‬
‫الق‪mm m‬درة على التوض‪mm m‬يح لألم‪mm m‬ور والمواق‪mm m‬ف وإزال‪mm m‬ة اللبس أو الغم‪mm m‬وض المحتم‪mm m‬ل وكش‪mm m‬ف‬
‫وإظهار الحقائق ‪ ،‬قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮊ‬ ‫ﮛﮜ ﮝ‬ ‫ﮚ‬ ‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫فالتفاوض يوضح اللبس ‪ ،‬ويسفر عما خفي ‪ ،‬من احلقائق ‪.‬‬
‫وبه يتم إزالة الغموض يف حال توهم األمر لدى البعض أنه على غري الواقع واملراد ‪ ،‬فهنا يربز‬
‫التفاوض إلثبات الصحيح والواقع واملراد ‪.‬‬
‫ومن السرية النبوية ما حصل مع األنصار رضي اهلل عنهم يف غزة حنني من موقفهم من‬
‫توزيع الغنائم حيث مل يعطوا منها شيء ‪ ،‬يروي أبن هشام يف سريته انه "يف أعقاب معركة حنني‬
‫وزع الرسول < الغنائم ‪ ،‬وكانت كثرية يف قريش و يف قبائل العرب ‪ ،‬ومل يعِط األنصار منها‬

‫‪ )(1‬سورة طه اآليات ‪.٩٤ - ٩٢‬‬

‫‪252‬‬
‫شيئًا‪ ،‬فغضب األنصار‪ ،‬وقال قائل منهم‪ :‬لقي رسول اهلل قومه‪.‬‬
‫فدخل سعد بن عبادة على الرسول ‪ ‬فقال ‪ :‬يا رسول اهلل إن هذا احلي من األنصار قد‬
‫وجدوا عليك يف أنفسهم ملا صنعت يف هذا الفيء الذي أصبت‪ ،‬فقسمت يف قومك ‪ ،‬وأعطيت‬
‫عطايا عظامًا يف قبائل العرب ‪ ،‬ومل يكفي هذا احلي من األنصار منها شيء ‪،‬قال رسوال هلل ‪‬فأين‬
‫أنت من ذلك يا سعد قال ‪:‬يا رسول اللهم أنا إال من قومي ‪ ،‬فقال الرسول‪: " ‬فأمجع يل قومك‬
‫يف هذه احلظرية"‪ .‬فخرج سعد‪ ،‬فجمع األنصار‪،‬فأتاهم رسوال هلل ‪ ،‬فحمد اهلل وأثىن عليه مبا هو‬
‫أهله‪،‬مث قال‪ :‬يا معشر األنصار‪،‬ما قاله بلغتين عنكم وجدة وجدمتوها علي يف أنفسكم؟ أمل آِتكم‬
‫ضالًال فهداكم اهلل يب‪ ،‬وعالة فأغناكم اهلل‪،‬وأعداء فألف اهلل بني قلوبكم؟ ‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬بلى‪ ،‬واهلل ورسوله أمن وأفضل‪.‬‬
‫مث قال ‪ : ‬أال جتيبوين يا معشر األنصار‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬مباذا جنيبك يا رسول اهلل؟ هلل ولرسوله املن والفضل‪.‬‬
‫فقال رسول ‪ :‬أما و اهلل لو شئتم لقلتم‪ ،‬فلصدقتم وصدقتم‪ :‬أتيتنا مكذبًا فصدقناك وخمذوًال‬
‫فنصرناك‪ ،‬وطريدًا فآويناك ‪ ،‬وعائًال فأسيناك ‪ ،‬أوجدمت يا معشر األنصار يف لعاعة من الدنيا تألفت‬
‫هبا قلوب قوم ليسلموا ووكلتكم إىل إسالمكم؟ أال ترضون يا معشر األنصار أن يذهب الناس‬
‫بالشاة والبعري وترجعوا برسول اهلل إىل رحالكم؟ فو الذي نفس حممد بيده لوال اهلجرة لكنت إمرئا‬
‫من األنصار‪،‬ولو سلك الناس شعبًا وسلكت األنصار شعبًا لسلكت شعب األنصار‪ ،‬اللهم ارحم‬
‫األنصار‪ ،‬وأبناء األنصار‪ ،‬وأبناء أبناء األنصار ‪ ،‬فبكى القوم حىت أخضلوا حلاهم‪،‬وقالوا‪ :‬رضينا‬
‫برسول اهلل قسمًا وحظًا "(‪.)1‬‬
‫ففي هذا املوقف الرائع من السرية والذي ال يتمالك القارئ حترك فؤاده وذرف دمعه ‪ ،‬وإن‬
‫تكرر قراءته ‪ ،‬فكأمنا يعيش احلدث ‪ ،‬ومفاوضة النيب صلى اهلل عليه وسلم أزالة اللبس لدى‬
‫األنصار‪ ،‬رضي اهلل عنهم ‪ ،‬حيث فازوا مبا هو أعظم ‪ ،‬وهو رسول اهلل صلى اهلل علي وسلم ‪.‬‬
‫املهم أن ال تأخذ أحد املفاوضني العزُة باإلمث واالستكبار عند التفاوض فإن " كثريًا من‬
‫املختلفني مينعهم من التسليم باحلق والرجوع إىل الصواب شبهات وشكوك وأباطيل حتتاج إىل‬

‫‪ )( 1‬صحيح البخاري ‪،‬حممد بن امساعيل البخاري ‪ ،‬كتاب اجلهاد ‪ ،‬باب غزوة الطائف ‪ ،‬ح ‪ ، 4082‬ج‪ 4‬ص ‪.1576‬‬

‫‪253‬‬
‫جواب وتفنيد وإبطال" (‪.)1‬‬

‫‪ -14‬التعود على اللين‬


‫ﮯ ﮊ (‪. ) 2‬‬ ‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬ ‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬ ‫قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫التف‪mm‬اوض احلس‪mm‬ن يكتنف‪mm‬ه اللني يف الق‪mm‬ول ‪ ،‬والتعام‪mm‬ل ‪ ،‬وخاص‪mm‬ة يف احلديث‪ ،‬ويس‪mm‬عى إىل حتقي‪mm‬ق‬
‫املراد بأحسن الطرق وأفضل األلفاظ وألطف العبارات‪.‬‬
‫‪ -15‬الشعور بالمسؤلية ‪:‬‬
‫ع‪mm‬ادة م‪mm‬ا يش‪mm‬عر املف‪mm‬اوض باملس‪mm‬ؤولية ‪ ،‬فيب‪mm‬ادر ب‪mm‬احلرص على املص‪mm‬لحة ‪ ،‬ونظ‪mm‬ري ذل‪mm‬ك م‪mm‬ؤمن ق‪mm‬وم‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪.‬‬ ‫ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﮊ‬ ‫موسى‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬
‫‪ -16‬التعارف‬
‫التفاوض يفضي إىل التعارف بني الناس ‪ ،‬ويدعو إىل والتوافق فيما بينهم مهما اختلفت‬
‫طباعهم وعلومهم وألواهنم ‪ ،‬ويعمل على تقوية األواصر بني الناس ويكون سببًا يف تنمية العالقات‬
‫يف اجملتمع فيما بني أفراده ‪ ،‬أو بني القبائل أو سكان املناطق املختلفة ‪ ،‬ويكون التفاوض هنا طريق‬
‫للتعارف والتفاهم فيما بينهم والتعايش السلمي ‪ ،‬ويعد وسيلة للتواصل وتنمية العالقات فيما‬
‫بينهم‪ ،‬ويسودها الود والتقدير ‪ ،‬دون خبس ‪ ،‬أو هضم ألي طرف‪.‬‬
‫‪ -17‬معالجة الخالف المبكر‬
‫ميتاز التفاوض بالسهولة يف عالج املشكالت وحل النزاع مبكرًا وقبل أن يتفاقم ويكون ذلك‬
‫أيسر وقد ينتهي متامًا ويعود اخلالف إىل وئام وخري وحمبة ‪ ،‬وترتاحم الناس بالقبول حلل‬
‫املشكالت‪ ،‬وهذا من أدوار املفاوضات والعناية بالبدء هبا يف الوقت املناسب ‪.‬‬
‫‪ -18‬تقديم المصالح‬
‫اعتبار دور املصاحل يف املفاوضات وتقدمي املصاحل العامة على املصاحل اخلاصة ولو تأخر‬

‫‪ )( 1‬حيىي بن حممد حسن زمزمي ‪ ،‬احلوار آدابه وضوابطه يف ضوء الكتاب والسنة ‪ ،‬ط‪ 2‬دار املعايل ‪ -‬األردن ‪1422‬هـ ‪-‬‬
‫‪2002‬م ص‪.46‬‬
‫‪ )(2‬سورة طه اآلية ‪.44‬‬
‫‪)(3‬سورة القصص اآلية ‪.٢٠‬‬

‫‪254‬‬
‫حدوثها كما يف صلح احلديبية‪.‬‬

‫‪ -19‬التربية المجتمعية‬
‫يربز األثر الرتبوي للتفاوض الحتوائه على أساليب الرتبية اليت استخدمها اإلسالم ‪ ،‬يف تربية‬
‫األجيال الرتبية السليمة ‪ ،‬وتنمية السلوك البشري السوي املستقيم ‪ ،‬وأمهية احملافظة على حقوق‬
‫اآلخرين وحقوقهم وتدريبهم على كيفية املطالبة باحلقوق وذلك بالتخلق بأدب التفاوض كما‬
‫يعود األوالد بنني وبنات منذ سن مبكر على حسن التفاوض والتفاهم اجليد مع اآلخرين أيًا كانوا‬
‫أولئك الناس ‪.‬‬
‫‪ -20‬البعد عن بعض مساوئ األخالق ‪:‬‬
‫التفاوض يبتغى به الوصول إىل احلق ‪ ،‬وتقدم أن للتفاوض عددًا من اآلداب ‪ ،‬والصفات‬
‫احلسنة ‪ ،‬كالصدق ‪ ،‬وحتري احلق ‪ ،‬والصرب ‪ ،‬والتواضع ‪ ،‬والتقدير واالحرتام ‪ ، ...‬فمىت اتصف‬
‫املفاوض هبذه الصفات ‪ ،‬وحتلى مبجموع اآلداب يف التفاوض ‪ ،‬كان ذلك بعدًا عن ضدها من‬
‫مساوئ األخالق واآلداب من األقوال وألفعال ‪ ،‬ولذلك أثره على اجملتمع ‪.‬‬
‫‪ -21‬دحض الباطل ‪:‬‬
‫دحض الباط ‪mm‬ل باحلج ‪mm‬ة ‪ ،‬وذل ‪mm‬ك مثلم ‪mm‬ا فع ‪mm‬ل إب ‪mm‬راهيم ‪ ،‬علي ‪mm‬ه الس ‪mm‬الم ‪ ،‬م ‪mm‬ع ال ‪mm‬ذي كف ‪mm‬ر ‪،‬فق ‪mm‬د‬
‫ُدحض‪ ،‬وُك بت وهُب ت ‪ ،‬كما يف قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ‬ ‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬ ‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮊ (‪. ) 1‬‬
‫‪ -22‬األثر في الجوانب اإلدارية‬
‫الق ‪mm‬رآن الك ‪mm‬رمي تبيان ‪ًm‬ا لك ‪mm‬ل ش ‪mm‬يئ وحيوي يف ثناي ‪mm‬اه أس ‪mm‬س اإلدارة ‪ ،‬ودور التف ‪mm‬اوض يف اجلانب‬
‫اإلداري له أمهيته ‪ ،‬واملتأمل لسورة يوسف عليه السالم وتفسريه لرؤيا امللك ‪ ،‬وتعليماته اإلداري‪mm‬ة يف‬
‫الش ‪mm‬ؤون املالي ‪mm‬ة والزراعي ‪mm‬ة للبالد ‪ ،‬من مث طلب املل ‪mm‬ك خروج ‪mm‬ه من الس ‪mm‬جن ‪ ،‬وق ‪mm‬د لبث يف الس ‪mm‬جن‬
‫ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬ ‫بضع سنني ‪ ،‬حيث قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬ ‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬ ‫ﮔ‬ ‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬

‫‪ )(1‬سورة البقرة اآلية ‪.258‬‬

‫‪255‬‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮊ ومن التف‪mm‬اوض ع‪mm‬دم املوافق‪mm‬ة على خروج‪mm‬ه ح‪mm‬ىت يت‪mm‬بني براءت‪mm‬ه وظلم إيداع‪mm‬ه يف‬
‫ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬ ‫السجن ‪ ،‬طلب مساءلة والنسوة ‪ ،‬ﮋ ﮩ ﮪ ﮫ‬
‫ﯡ‬ ‫ﯠ‬ ‫ﯟ‬ ‫ﯞ‬ ‫ﯜﯝ‬ ‫ﯛ‬ ‫ﯚ‬ ‫ﯙ‬
‫(‪) 1‬‬
‫‪.‬‬ ‫ﯢ ﮊ‬
‫وتسعى املفاوضات لعالج املشكالت وإدارة األزمات ‪.‬‬
‫‪ -23‬إنهاء القضايا ‪:‬‬
‫اللجوء إلهناء القضايا ال سيما املعقدة منها واليت تطول املرافعات فيها يف احملاكم ودور‬
‫القضاء ‪ ،‬بل إن كثريا من احملامني يعدلون يف قضاياهم إىل التفاوض مع الطرف الثاين كون احملامني‬
‫ميثلون موكليهم يف القضايا وذلك لتجنب طول جلسات القضايا وتبعاهتا ‪.‬‬
‫‪ -24‬التعليم ‪:‬‬
‫نشر وبث العلم بني الناس قد حيتاج إىل تفاوض يف بدايات الطلب كي يوافق املعلم للتعليم‬
‫ويتبني ذلك كما يف تفاوض نيب اهلل موسى عليه السالم ‪ ،‬مع اخلضر عليه السالم ‪،‬‬
‫وطلبه من اخلضر أن يعلمه علمًا ‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮊ‬
‫(‪. ) 2‬‬
‫وفيه من التلطف يف التفاوض يف طلب العلم "تعلمين"‬
‫وبني له اخلضر ‪ ،‬عليه السالم ‪ ،‬أحوال الطلب ونتائجه مث شروطه كما يف قوله تعاىل ﮋ ﮘ ﮙ‬
‫ﮦ ﮊ (‪. ) 3‬‬ ‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬ ‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫(‪) 4‬‬
‫وعزم موسى عليه السالم ‪،‬على نفسه بأمرين األول ﮋ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮊ‬
‫(‪) 5‬‬
‫والثاين‪ :‬ﮋ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﮊ‬
‫عند ذلك قال له اخلضر ‪ ،‬كما قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬

‫‪ )(1‬سورة يوسف ‪.50-47‬‬


‫‪ )(2‬سورة الكهف اآلية ‪.66‬‬
‫‪ )(3‬سورة الكهف اآليات ‪.68 -67‬‬
‫‪)(4‬سورة الكهف اآلية ‪.٦٩‬‬
‫‪)(5‬سورة الكهف اآلية ‪.٦٩‬‬

‫‪256‬‬
‫ﮊ (‪. ) 1‬‬
‫فتبعه موسى عليه السالم ‪ ،‬وتعلم منه ‪ ،‬وال شك يف فضل موسى على اخلضر ‪ ،‬عليهما‬
‫السالم ‪ ،‬وهو من باب تعلم الفاضل من املفضول ‪ ،‬وذلك فضل اهلل ‪ ،‬يؤتيه من يشاء ‪.‬‬
‫‪ -25‬العفو بسبب المفاوضات ‪:‬‬
‫من املشاهد أن بعض اخلالفات واملطالبات باحلقوق يأيت العفو عنها واملساحمة وقت‬
‫التفاوض ‪ ،‬وذلك ‪ ،‬من التذكري بقول اهلل تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﮊ (‪.)2‬‬
‫وحنوه من اآليات أو األحاديث‪.‬‬
‫‪ -26‬التعاون ‪:‬‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﮊ (‪.)3‬‬
‫فيعم ‪mm‬ل التف ‪mm‬اوض على إجياد روح التع ‪mm‬اون بني أف ‪mm‬راد اجملتم ‪mm‬ع ويك ‪mm‬ون من أس ‪mm‬باب تعمي ‪mm‬ق مب ‪mm‬دأ‬
‫التع‪mm‬اون على ال‪mm‬رب والتق‪mm‬وى وتك‪mm‬ون مثاره اليانع‪mm‬ة ملص‪mm‬لحة كاف‪mm‬ة أطي‪mm‬اف اجملتم‪mm‬ع‪ .‬وه‪mm‬ذا م‪mm‬ا حص‪mm‬ل بع‪mm‬د‬
‫رجوعهم‬
‫‪ -27‬التؤدة‪:‬‬
‫يعلمن ‪mm‬ا الق ‪mm‬رآن الك ‪mm‬رمي ‪ ،‬الت ‪mm‬ؤدة يف عالج األم ‪mm‬ور وه ‪mm‬و أس ‪mm‬لوب تفاوض ‪mm‬ي ويتض ‪mm‬ح يف أحس ‪mm‬ن‬
‫القصص ‪ ،‬جبالء ووضوح ‪ ،‬ففي قوله تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬
‫(‪) 4‬‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮊ‬
‫يت‪mm‬بنّي أن ‪ ،‬الش‪mm‬يطان اس‪mm‬تحوذ على إخ‪mm‬وة يوس‪mm‬ف ‪ ،‬ح‪mm‬ىت مأل نفوس‪mm‬هم حق‪m‬دًا علي‪mm‬ه فحس‪mm‬دوه ‪،‬‬
‫ومهوا بقتله ‪ ،‬وبعد تفاوضهم خلص‪m‬وا إىل أن ألق‪m‬وه يف الب‪m‬ئر ‪ ،‬بع‪m‬د أن أه‪m‬انوه بالفع‪m‬ال واملق‪m‬ال ‪ ،‬وتب‪m‬ع‬
‫ذلك على يوسف ويالت ‪ ،‬فبيع بثمن خبس ‪ ،‬قال تعالىل ‪ :‬ﮋﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫(‪) 5‬‬
‫ﮊ‬

‫‪ )(1‬سورة الكهف اآلية ‪.70‬‬


‫‪ )(2‬سورة البقرة اآلية ‪.237‬‬
‫‪ )(3‬سورة املائدة اآلية ‪.2‬‬
‫‪ )(4‬سورة يوسف اآلية ‪.٩‬‬
‫‪ )(5‬سورة يوسف اآلية ‪.20‬‬

‫‪257‬‬
‫(‪) 6‬‬
‫ﯥﮊ‬ ‫فأصبح رقيقًا ‪ ،‬وكانت هناية املطاف أن لبث ﮋﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫مث أن اهلل س ‪mm m m‬بحانه وتع ‪mm m m‬اىل ‪ ،‬مّك ن ليوس ‪mm m m‬ف ‪ ،‬علي ‪mm m m‬ه الس ‪mm m m‬الم ‪ ،‬يف األرض ‪ ،‬ق ‪mm m‬ال تع ‪mm m‬اىل ‪:‬‬
‫ﮏ‬ ‫ﮎ‬ ‫ﮍ‬ ‫ﮋﮌ‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮉ‬ ‫ﮈ‬ ‫ﮆﮇ‬ ‫ﮅ‬ ‫ﮄ‬ ‫ﮃ‬ ‫ﮂ‬ ‫ﮁ‬ ‫ﮀ‬ ‫ﭿ‬ ‫ﮋ ﭾ‬
‫ﮊ بّينت اآلي‪mm‬ة الكرمية أن اهلل أمّنت على يوس‪mm‬ف علي‪mm‬ه الس‪mm‬الم ‪ ،‬فمكن ل‪mm‬ه ‪ ،‬ح‪mm‬ىت أص‪mm‬بح‬ ‫ﮐ‬
‫عزي‪m m‬زًا يف مص ‪mm‬ر ‪ ،‬وبق ‪mm‬در اهلل أص ‪mm‬اب إخ ‪mm‬وة يوس ‪mm‬ف الع ‪mm‬وز والفق ‪mm‬ر ‪ ،‬ح ‪mm‬ىت س ‪mm‬اقهم اهلل بق ‪mm‬دره ‪ ،‬إىل‬
‫أخوهم العزيز الذي مل يكن ليخطر بباهلم أن‪m‬ه سيص‪m‬بح يف ه‪m‬ذه املنزل‪m‬ة ‪ ،‬فق‪m‬دموا حبث‪ًm‬ا يف طلب ال‪m‬رزق‬
‫ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮊ ‪.‬‬ ‫ﮋﮚ ﮛ‬
‫هن‪mm‬ا ق‪mm‬ام يوس‪mm‬ف علي‪mm‬ه الس‪mm‬الم ب‪mm‬التؤدة ‪ ،‬فلم يع‪mm‬اقب ‪ ،‬ومل يعن‪mm‬ف ‪ ،‬ومل ينتقم لنفس‪mm‬ه وألخي‪mm‬ه ‪،‬‬
‫بنيامني ‪ ،‬على ما القوه منهم ‪ ،‬ح‪m‬ىت يقض‪m‬ي اهلل أم‪m‬رًا ك‪m‬ان مفع‪m‬وال ‪ ،‬وجلم‪m‬ال اآلي‪m‬ات ‪ ،‬ووض‪m‬وحها ‪،‬‬
‫وجالئها ‪ ،‬وبديع عرضها ‪ ،‬مل ٌأجزءها ‪ ،‬وأشرح ‪ ،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ‬
‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬ ‫ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬
‫(‪) 2‬‬
‫ﯶ ﯷ ﯸ ﮊ‬ ‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫ﰄ ﰅ‬ ‫ﰂ ﰃ‬ ‫وهذا ما حصل بعد رجوعهم إىل أبيهم ﮋ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ‬
‫ﭥ ﭦ‬ ‫ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﭿ ﮀ‬ ‫ﭽﭾ‬ ‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ‬
‫ﮘ ﮙ‬ ‫ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬ ‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬
‫(‪) 3‬‬
‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮊ‬
‫وبعد هذا التفاوض الذي أخذفيه يعق‪m‬وب من بني‪m‬ه مثق‪ًm‬ا من الل‪m‬ه على إرس‪m‬ال بني‪m‬امين معهم ‪،‬وأش‪m‬هد الل‪m‬ه‬
‫على ذلك الموثق ‪ ،‬ذهبوا إلى يوسف عليه السالم ‪ ،‬قال تعالى ‪ :‬ﮋ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ‬
‫ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﮊ(‪. )4‬‬
‫أتى موق‪mm‬ف ث‪mm‬اين ظه‪mm‬رت في‪mm‬ه الت‪mm‬ؤدة ن من يوس‪mm‬ف علي‪mm‬ه الس‪mm‬الم ‪ ،‬حيث ق‪mm‬الوا ‪ :‬ﮋ ﯝ ﯞ ﯟ‬
‫(‪) 5‬‬
‫ﯷ ﯸ ﮊ‬ ‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ‬

‫‪ )(6‬سورة يوسف اآلية ‪.42‬‬


‫‪ )(2‬سورة يوسف اآليت ‪.62- 59‬‬
‫‪ )(3‬سورة يوسف اآليات ‪.٦٦ - ٥٥‬‬
‫‪ )(4‬سورة يوسف اآليات ‪.٧٠ - ٦٩‬‬
‫‪)(5‬سورة يوسف اآلية ‪.٧٧‬‬

‫‪258‬‬
‫‪.‬‬
‫حيث يفتح العقول والقلوب لطلب الحق ‪ ،‬والتسليم له ويجعل أثر الكالم إذا انتقي بليغ في‬
‫النفس‪.‬‬
‫‪ -28‬إيجاد البدائل ‪:‬‬
‫وبعد مالتفاوض الناجح يعني التمكين من القدرة على التعامل عند تأزم المواقف التي تحتاج‬
‫إلى بدائل ‪ ،‬والوصول إلى أفضل البدائل والتي ال تؤثر على سير المفاوضات والمضي قدمًا للهدف‬
‫الذي من أجله بدأ التفاوض ‪ ،‬وفي السنة قال ‪ ‬لعلي في صلح الحديبية "امحها يا علي" حينما‬
‫اعترض مبعوث قريش على كلمة – رسول الله – وطلب كتابة محمد ابن عبد الله ‪ ،‬وكتبها كما‬
‫أمالها مبعوث قريش(‪.)1‬‬
‫‪ -29‬التراض في األسرة‬
‫قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﮊ (‪.)2‬‬
‫والتشاور هو عمل تفاوضي يبحث في موضوع معين للتوصل إلى نتيجة ورأي سديد يتم العمل‬
‫به‪.‬‬
‫التفاوض بضوابطه يعد بابًا واسعًا لإلصالح ونشر اخلري ‪ ،‬ويعترب وسيلة هامة ومشروعة‬
‫للدعوة إىل اهلل ‪ ،‬سواء دعوة األفراد أو اجلماعات‪ ،‬وسواء دعوة املسلمني ملزيد من التفاهم ونبذ‬
‫اخلالف والتعلم‪ ..‬أو دعوة غري املسلمني إىل اإلسالم‪ ،‬إن التفاوض ميكن أن حيقق فوائد مجة إذا‬
‫امتلك املسلم أدواته وآلياته‪.‬‬

‫‪ )(1‬تقدم خترجيه ‪ ،‬ص‪.160‬‬


‫‪ )(2‬سورة البقرة اآلية ‪.233‬‬

‫‪259‬‬
‫الخاتمة‬
‫الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا ‪ ،‬وله سبحانه الشكر على تيسيره وإعانته ‪ ،‬ال أحصي ثناًء عليه‪،‬‬
‫هو كما أثنى على نفسه جَّل وعال ‪ ،‬وأصلي وأسلم على رسوله ومصطفاه ‪ ،‬خير خلقه‪ ،‬الرحمة‬
‫الُمهداة ‪ ،‬والنعمة المسداه ‪ ،‬به يخرج الناس من الظلمات إلى النور ‪ ،‬وعلى آله وأصحابه‪ ،‬وأتباعه عدد‬
‫خلق الله ‪ .‬وبعد ‪..‬‬
‫فالقرآن الكرمي كالم اهلل جل وعال‪ ،‬منه بدأ وإليه يعود ‪ ،‬ال يأتيه الباطل من بني يديه وال من‬
‫خلفه‪ ،‬أنزله على رسوله ‪ ‬هداية للناس ‪ ،‬وبشارة للمؤمنني ‪،‬قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﮊ (‪. ) 1‬‬
‫ودليًال ومرشًد ا إىل الصراط املستقيم‪ ،‬وتكفل اهلل حبفظه إىل يوم القيامة قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﮗ ﮘ‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮊ (‪. ) 2‬‬
‫لقد اجتهدت يف هذه الدراسة قدر استطاعيت ‪ ،‬وعشت فرتًة طويلًة وقصريًة يف هذا املوضوع‬
‫‪ ،‬طويلٌة يف حساب األيام والشهور‪ ،‬وقصرية مع كتاب اهلل فلو قضى املسلم عمره مع القرآن‬
‫الكرمي فال يعدوا أن يكون حلظة يف عمر الزمن ‪ ،‬وزدت يقينًا بأن هذا القرآن هو املنقذ للبشرية ‪،‬‬
‫ففيه اهلدى والنور والربهان ‪ ،‬وفيه املخرج ألزمات األمة ‪ ،‬واحللول ملشكالهتا‪ ،‬وذلك بالعمل مبا‬
‫جاء به من أحكام ومعامالت وأخالق ‪ ، ...‬فالبشرية اليوم بأمِّس احلاجة إىل االستقرار واألمان‬
‫والسعادة‪.‬‬
‫ويف هناية هذا البحث‪ ،‬أذكر أهم ما توصلت إليه من نتائج ‪ ،‬مث أذكر عددًا من التوصيات‬
‫يليها املقرتحات ‪ ،‬سائًال املوىل – سبحانه ‪ -‬التوفيق والسداد فأقول مستعينًا باهلل‪:‬‬
‫أوًال ‪ :‬نتائج الدراسة‬
‫املتأمل يف القرآن وآياته املتعلقة بالتفاوض جيد بكل وضوح أن القرآن الكرمي قد تناول‬ ‫‪-1‬‬
‫موضوع التفاوض بورود أحداث ومواقف يف القرآن الكرمي جتري جمرى التفاوض‪.‬‬
‫وضوح أثر التفاوض الدعوي يف الدعوة إىل اهلل ‪ ،‬يف اجملتمع ‪ ،‬وهو داعم للمحبة والتآلف‬ ‫‪-2‬‬

‫‪ )(1‬سورة اإلسراء اآلية‪.9‬‬


‫‪ )(2‬سورة احلجر اآلية ‪.9‬‬

‫‪260‬‬
‫ويثري التواصل ويقوي العالقات بني الناس سواًء العالقات اخلاصة أو العامة ‪.‬‬
‫أن التفاوض منهج إسالمي أصيل ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫سبق املنهج اإلسالمي غريه يف املفاوضات ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أن التفاوض ليس على كل شيئ فالقواعد واألصول والتشريع يف الدين ثابتة ال تفاوض‬ ‫‪-5‬‬
‫عليه‬
‫ممارسة وتطبيق ما جيري جمرى التفاوض بني األنبياء عليهم السالم وأقوامهم‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫أن التفاوض له آداب يف الدين ‪ ،‬وينبغي التمسك هبا ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫أن امليثاق ‪ ،‬والصلح ‪ ،‬واهلدنة ‪ ،‬واملعاهدة ‪ ،‬واملوادعة ‪ ،‬واملساملة ‪ ،‬واملبايعة ‪،‬كلها تعترب‬ ‫‪-8‬‬
‫اتفاقات متت وجرت ‪ ،‬عرب مراحل من املفاوضات ‪.‬‬
‫أمهية اختيار وانتقاء من يقوم باملفاوضة ‪ ،‬وجيب أن يكون كفء ‪ ،‬وموضع ثقة ‪،‬ويكون‬ ‫‪-9‬‬
‫قادرًا على ممارسة التفاوض ‪ ،‬حيث أن ضعفه وقوته تؤثر على من خلفه ‪.‬‬
‫إجادة وإتقان التفاوض مما يتميز القادة‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫تبني بوضوح أن التفاوض له طرق وأساليب جيب اتباعها ‪،‬‬ ‫‪-11‬‬
‫هناك عدد من املعوقات تعرتض التفاوض جيب التنبه هلا ‪.‬‬ ‫‪-12‬‬
‫أمهية لغة اجلسد ‪ ،‬أو اإلشارة واحلركات ‪ ،‬ومعرفة دالالهتا يف التفاوض‪.‬‬ ‫‪-13‬‬
‫أن االتفاقات التيتنتهي هبا املفاوضات تعترب ملزمة ‪.‬‬ ‫‪-14‬‬
‫اهتمام الغرب بالتفاوض يف كثري من شئون حياهتم ‪ ،‬حىت أنه يدرس يف اجلامعات ويدرب‬ ‫‪-15‬‬
‫عليه يف املراكز املختصة ‪ ،‬نظرًا لشعورهم ومالمستهم ألمهيته ‪.‬‬
‫أثر إجادة التفاوض يف حياة الناس االجتماعية واالقتصادية والسياسية أثر إجيايب واضح يف‬ ‫‪-16‬‬
‫تنميتها ‪ ،‬واحملافظة على املكتسبات‪.‬‬
‫تدبر القرآن يعلمنا طرق وآداب ميكن استخدامها يف التفاوض وتفيدنا يف تعاملنا مع‬ ‫‪-17‬‬
‫اآلخرين وكيف نتفاوض مع القريب ‪ ،‬والبعيد ‪ ،‬أو املخالف وغريه باحلسىن وباليت هي‬
‫أحسن ‪ ،‬وذلك من خالل عرض ما جرى جمرى التفاوض يف اآليات الكرمية يف القرآن‬
‫الكرمي فهو يعرض جمريات األحداث بدقة كأننا نراها رأي العني ‪.‬‬
‫العلم بسري األنبياء عليهم السالم وكيف تعاملوا مع أقوامهم والعلم بسريهم يورث حمبتهم‬ ‫‪-18‬‬

‫‪261‬‬
‫وتوقريهم والثناء عليهم مبا يليق هبم ألهنم رسل اهلل تعاىل وصفوة خلقه ‪ ،‬قاموا بتبليغ‬
‫رسالة اهلل خللقه مع كمال نصحهم ألقوامهم وصربهم على أذاهم‪.‬‬
‫ترك التفاوض له أضرار وخيمة وإمهاله يكون سببًا يف حدوث الكثري من املشكالت بني‬ ‫‪-19‬‬
‫الناس أو تفاقم مشكالت قائمة واستمرارها‪.‬‬
‫قبول التفاوض والشروع فيه يعد من األخالق النبيلة‪.‬‬ ‫‪-20‬‬
‫اإلعراض عن التفاوض ورفضه إن مل يكن مثة مانع شرعي ‪،‬يولد االعتداد بالرأي‬ ‫‪-21‬‬
‫واالستبداد واالستكبار ‪...‬ويكون داعيًا إىل انقسام وفرقة‪.‬‬
‫التفاوض يولد احللول الناجعة‪.‬‬ ‫‪-22‬‬
‫إقامة التفاوض من أهله بضوابطه يسهم يف استقرار اجملتمع بإذن اهلل‪.‬‬ ‫‪-23‬‬
‫التفاوض يدعو إىل التوافق والوئام والعيش بأمن واستقرار فهو يعاجل لب النزاع ‪ ،‬وموضع‬ ‫‪-24‬‬
‫اخلالف‪.‬‬
‫العصر تشيع فيه احلاجة امللحة للتفاوض ‪ ،‬ويكاد يكون ما من شيء يف العصر ‪ ،‬إال وحيتاج‬ ‫‪-25‬‬
‫الناس للتفاوض حوله‪.‬‬
‫تبني للباحث يف ثنايا الدراسة مصطلحات شائعة ‪ ،‬ممارستها تدخل أحيانًا يف التفاوض‬ ‫‪-26‬‬
‫ومنها احلوار واجلدل والنقاش واملداوالت واملراجعات ‪...‬وحنوه‬
‫يالحظ القصور يف الرتبية املعاصرة يف تعليم التفاوض وما يتصل به ‪ ،‬والتدرب عليه ‪ ،‬مع‬ ‫‪-27‬‬
‫ما لذلك من أمهية بالغة‪.‬‬
‫بعض املفسرين ذكر ألفاظا أخرى بعضها أتت صرحية يف القرآن ‪ ،‬وممن ذكر من املفسرين‬ ‫‪-28‬‬
‫لفظ التفاوض اإلمام القرطيب يف تفسريه ‪ ،‬حيث قال رمحه اهلل "وقالوا ليعقوب ‪ " :‬يا أبانا‬
‫ما لك ال تأمنا على يوسف " وقيل‪ :‬ملا تفاوضوا وافرتقوا على رأي املتكلم الثاين عادوا‬
‫إىل يعقوب عليه السالم وقالوا هذا القول"(‪.)1‬‬
‫ثبت أنه من املقرر أن ليس كل شيء قابل للتفاوض‪ ...‬حيث ال يتالقى التفاوض بني احلق‬ ‫‪-29‬‬
‫والباطل على باطل أو خيانة أو غدر وسري األنبياء صلوات اهلل عليهم يف القرآن الكرمي‬
‫ظاهرة جلية على ذلك‪.‬‬

‫‪ )(1‬القرطيب (‪)138 / 9‬‬

‫‪262‬‬
‫املتدبر للقرآن الكرمي ‪ ،‬جيد أن التفاوض يعلم وميارس من خالل مفاوضاته بعض الصفات‬ ‫‪-30‬‬
‫والسجايا واملهارات ومنها التفكري السليم ‪ ،‬والعناية بالتحدث وحسن البيان ‪ ،‬والصدق‬
‫والكرم‪ ،‬والسمت احلسن ‪ ،‬وجتنب مساوئ األخالق ‪ ،‬وهي بذلك تعترب تطبيق عملي‪.‬‬
‫تبني يف ثنايا البحث أن التفاوض احد الوسائل املشروعة يف الدعوة إىل اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫‪-31‬‬
‫أن التفاوض الصحيح ‪ ،‬مع غري املسلمني يسهم يف توضيح الصورة احلقيقية لإلسالم‬ ‫‪-32‬‬
‫واملسلمني للعامل ‪ ،‬وذلك من األسباب الداعية لالعتناء بالتفاوض علمًا وعمًال‪.‬‬
‫يستفاد من نداء أهل الكتاب بلفظ " يا أهل الكتاب " يف القرآن الكرمي أنه دعوة إىل‬ ‫‪-33‬‬
‫إقامة التفاوض معهم ‪ ،‬وقد ورد يف القرآن الكرمي ‪ ،‬يف أحد عشر موضعًا ومن ذلك‬
‫إلقامة احلجة عليهم بالتفاوض وحنوه‪.‬‬
‫اتضح للباحث أمهية دراسة بعض القضايا القرآنية دراسة موضوعية ‪ ،‬حيث تكشف عن‬ ‫‪-34‬‬
‫جوانب مهمة وخباصة إذا كانت من القضايا املرتبطة بواقع العصر كموضوع التفاوض‪.‬‬
‫كما ورد يف القرآن الكرمي مواقف جتري جمرى التفاوض ‪ ،‬فقد وردت كذلك يف السنة‬ ‫‪-35‬‬
‫املطَّه رة‪ ،‬وهذا يظهر أمهية التفاوض ومدى العناية به‪.‬‬
‫جيب على املسلم ‪ ،‬الوفاء ببنود نتائج التفاوض ‪ ،‬أيًا كانت عهدًا ‪ ،‬أو عقدًا ‪ ،‬أو ميثاقًا ‪،‬‬ ‫‪-36‬‬
‫أو صلحًا ‪ ،‬أو موادعة ‪ ...‬فهي مبثابة الشروط واملسلمون على شروطهم‪.‬‬
‫اهتمت الثقافات والحضارات بالتفاوض والتشجيع عليه ألنه يصنع فوائد عدة ‪ ،‬لمن يقوم به‪.‬‬ ‫‪-37‬‬
‫التفاوض احلق يعين السري الصحيح للوصول إىل احلق‪.‬‬ ‫‪-38‬‬
‫التفاوض عمل اجتهادي يتوصل إليه البشر قد يكون فيه الصواب و اخلطأ‪.‬‬ ‫‪-39‬‬
‫سوء التفاوض ‪ ،‬قد ينتج سوء فهم ‪ ،‬وسوء الفهم ينتج خالف وصراع بني الناس‪.‬‬ ‫‪-40‬‬
‫أمهية لغة اإلشارة يف القرآن الكرمي ‪ ،‬وتستخدم يف التفاوض ‪ ،‬وترد يف الكالم ومنها ‪،‬‬ ‫‪-41‬‬
‫اهلمز ‪ ،‬والغمز ‪ ،‬وحركات أعضاء اجلسم ‪ ،‬وقد يراد منها عدة أمور ومنها ‪ ،‬الرمز ‪ ،‬أو‬ ‫‪-42‬‬
‫التعريض و التلميح ‪ ،‬أو الكناية ‪. ...‬‬
‫تبنّي للباحث أن يف القرآن الكرمي ‪ ،‬أنواعًا متعددة للتفاوض ومنها التفاوض ‪ ،‬الدعوي ‪،‬‬ ‫‪-43‬‬
‫واالجتماعي ‪ ،‬والسيايسي ‪ ...‬وتكون حبسب غاياهتا ‪ ،‬وجماالهتا‪.‬‬
‫التفاوض يعد من أهم طرق إصالح ذات البني يف اخلالفات والنزاعات ‪ ،‬وينبغي إصالح‬ ‫‪-44‬‬

‫‪263‬‬
‫النية فيه وإخالصها ‪ ،‬هلل ‪ ،‬وعند ذلك يعترب من القربات إىل اهلل تعاىل ‪ ،‬ويعود نفعه على‬
‫القائم به يف الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫التفاوض بدايًة حيتاج إىل صرب ‪ ،‬ورياضة مستمرة ‪ ،‬حىت يصبح سلوكًا سهًال طبيعيًا ‪ ،‬يتميز‬ ‫‪-45‬‬
‫به املفاوض ‪.‬‬
‫التفاوض يفيد يف تنمية اجلانب الفكري فهو مينح األفكار ابتكارات ورؤى جديدة ‪،‬‬ ‫‪-46‬‬
‫وكذلك يسهم يف تنمية اجلانب املعريف ‪.‬‬
‫أتى القرآن لألمة يف التفاوض بآداب ينبغي االلتزام هبا ‪ ،‬ومنها ‪ ،‬التجرد لطلب احلق ‪،‬‬ ‫‪-47‬‬
‫والوضوح ‪ ،‬واملروءة ‪ ،‬وااللتزام بالشروط ‪.‬‬
‫تبنّي يف القرآن أن هناك طرق وأساليب للتفاوض ‪ ،‬فينبغي تعلمها والتدرب عليها ‪.‬‬ ‫‪-48‬‬
‫التفاوض ميّك ن من القدرة على معرفة الناس وسرب أغوارهم‪.‬‬ ‫‪-49‬‬
‫الدربة على مجع املعلومات والتدرج يف األمور ‪ ،‬والتمييز بني احلسن والقبيح ‪.‬‬ ‫‪-50‬‬
‫الدربة على القيادة ‪ ،‬حيث أن املفاوض ميثل جمموعة ‪.‬‬ ‫‪-51‬‬
‫اكتساب خربات يف التعامل مع الناس وحسن التواصل معهم ‪ ،‬والتفاعل بني فئات اجملتمع‬ ‫‪-52‬‬
‫وربط العالقات بينهم ‪.‬‬
‫تبني يف القرآن أن التفاوض يدخل يف جانب املصاهرة والزواج ‪ ،‬كما يعترب أساس حلل‬ ‫‪-53‬‬
‫كثري من املشكالت اليت حتدث بني األزواج ‪.‬‬
‫تبني من اآليات الكرمية أن التفاوض ينتج املبادرة يف التعاون على الرب والتقوى يف حل‬ ‫‪-54‬‬
‫اخلالفات ‪ ،‬وتقدمي املصاحل ‪ ،‬وحفظ احلقوق ‪ ،‬ودرء األخطار‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬التوصيات‬
‫االهتمام بكنوز القرآن الكريم ‪ ،‬والغوص فيه ‪ ،‬واستخراج ما ييسره الله ‪ ،‬ويوفق ‪ ،‬لمصالح‬ ‫‪-1‬‬
‫العباد‪.‬‬
‫ال بد أن يكون أن اهلدف والغاية من التفاوض هي إرادة اخلري والرغبة يف إظهار احلق‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫التحذير من إمهال التفاوض ‪ ،‬أو اإلعراض عنه ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ينبغي نشر الوعي بأمهية التفاوض الصحيح باستخدام األساليب العلمية والعملية وتسخري‬ ‫‪-4‬‬
‫وسائل اإلعالم واملناهج الدراسية لدى الأمة وأن تقّعد القواعد واألسس التفاوضية‬
‫وأخالقياته وآدابه وحدوده وضوابطه املستقاة من شريعتنا السمحة ‪.‬‬
‫ﯱ‬ ‫التحفيز لدراسة التفاوض من خالل السنة والسرية النبوية قال تعاىل ‪ :‬ﮋ ﯯ ﯰ‬ ‫‪-5‬‬
‫ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﮊ (‪. ) 1‬‬
‫أن كل ما جرى مع النيب ‪ ‬يف مفاوضاته هو منهج أصيل يف التفاوض وحصل بتوفيق‬ ‫‪-6‬‬
‫اهلل وهدايته‪.‬‬
‫الشورى من أهلها تدعم التفاوض ومشاورة النيب ‪ ‬للصحابة يف مفاوضاته يقتضي من‬ ‫‪-7‬‬
‫كل احد أن يشاور أهل املعرفة والدراية واالستقامة يف مفاوضاته‪.‬‬
‫ينبغي االهتمام بالتفاوض يف اجلوانب الرتبوية للشباب فهو يفيدهم يف تعلم حسن التعبري ‪،‬‬ ‫‪-8‬‬
‫واإلجياز ‪ ،‬وتنمية الفصاحة والبالغة‪.‬‬
‫اإلعداد لعقد برامج تعليمية ودورات تدريبية تطبيقية متخصصة ‪ ،‬وتقدم جلميع شرائح‬ ‫‪-9‬‬
‫اجملتمع املختلفة يف جمال التفاوض ‪ ،‬وحماوره ‪ ،‬وعناصره ‪ ،‬لصقل املواهب ‪ ،‬من قبل‬
‫اجلهات االجتماعية ‪ ،‬والعلمية ‪. ...‬‬
‫التدريب على التفاوض بشكل متخصص يف احلياة األسرية وذلك لكثرة املشكالت‬ ‫‪-10‬‬
‫األسرية وارتفاع عدد قضايا الطالق ‪ ،‬واخلصومات بني أفراد األسرة الواحدة‪.‬‬
‫ينبغي االهتمام والعناية بانتقاء من يفوض بالتفاوض وخاصة يف القضايا املتعلقة‬ ‫‪-11‬‬
‫باجلماعات أو األقاليم أو الدول ‪.‬‬
‫العناية بالثقافة اإلسالمية ألفراد اجملتمع ملعرفة دور املنهج اإلسالمي يف تأصيل كل ماله‬ ‫‪-12‬‬

‫‪ ) (1‬سورة األحزاب‪21:‬‬

‫‪265‬‬
‫عالقة بالفرد وخاصة املسلم وأسبقيته لذلك مبئات السنني ملفكري الغرب ورواده ‪ ،‬ومن‬
‫ذلك السبق ماله عالقة مبوضوع هذه الدراسة وهو التفاوض‪.‬‬
‫‪ -13‬تقدمي برامج يف القنوات اإلعالمية وبشكل مركز ومكثف وذلك يف سلسة من احللقات‬
‫لتبني أمهية التفاوض ومكانته ‪ ،‬وطرق وأساليب استخداماته املثلى يف احلياة العامة واخلاصة‬
‫وبيان الصعوبات والعقبات يف سبيل جناحه‪.‬‬
‫‪ -14‬أن يقوم املسئولون يف الوزارات واجلهات الرتبوية بالعامل اإلسالمي بوضع منهج تعليمي‬
‫للتفاوض وكيفية االستفادة منه وتنميته ‪ ،‬وذلك ألمهيته البالغة لتحقيق النجاحات العلمية‬
‫والعملية وغريها يف شىت مناحي احلياة‪.‬‬

‫‪266‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬المقترحات‬
‫أوًال ‪ :‬إقامة دراسات عن التفاوض في الجانب اإلداري في القرآن الكريم وأثره على الدولة ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬إقامة دراسة تبين نتائج إهمال وترك التفاوض وأثر ذلك على الموظفين دراسة ميدانية‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬دراسة توضح طرق وأساليب التي دعى إليها القرآن في الحفاظ على األسرة ‪.‬‬
‫رابعًا ‪ :‬إعداد دراسة لمعرفة أسباب ضعف ممارسة التفاوض في المجتمع‪.‬‬
‫خامسًا ‪ :‬عمل دراسة مماثلة تشمل عينات من أفراد المجتمع‪.‬‬
‫سادسًا ‪ :‬عمل دراسة مقارنة بين التفاوض في المجتمع المسلم و المجتمع غير المسلم‪.‬‬
‫سابعًا ‪ :‬إعداد دراسة عن أساليب التفاوض وأثرها الدعوي في القرآن الكريم ‪.‬‬
‫ثامنًا ‪ :‬إقامة دراسة عن أثر التفاوض ‪ ،‬في إنهاء القضايا القانونية المتعلقة والشائكة لدى المحامين في‬
‫إحدى مدن المملكة العربية السعودية ‪ ،‬دارسة ميدانية‪.‬‬
‫تاسعًا ‪ :‬إقامة دراسة عن التفاوض وأثره في العالقات االجتماعية لدى محكمة من المحاكم الرسمية في‬
‫أي مدينة من مدن المملكة دراسة ميدانية ‪.‬‬
‫عاشرًا ‪ :‬عمل دراسة ميدانية عن مدى االستفادة من التفاوض وأثره لدى أقسام اإلصالح العامة في‬
‫المجتمع ‪ ،‬دراسة ميدانية وتحليلية ‪.‬‬
‫هذا ما يسره ‪ -‬الخالق المعبود ‪ -‬وما كان من توفيق في هذا البحث فمنه جّل وعال‪ ،‬وما حدث من‬
‫قصور أو تقصير ‪ ،‬أو خطأ ‪ ،‬أو زلل ‪ ،‬فمني والشيطان ‪ ،‬وأستغفر الله لي ولوالدي وللمؤمنين ‪.‬‬
‫وختامًا‪ :‬لله الحمد والفضل والمنة ‪ ،‬والشكر أوال وأخيًر ا‪ ،‬لك الحمد ربي على ما تفضلت‬
‫وأنعمت‪ ،‬أشكرك مع كل حرٍف أخّطه وكلمة كتبتها وجملة أصوغها‪ ،‬أشكرك مع كل نقطة دٍم تجري‬
‫في عروقي ومع كل نسمة هواء تمّدني بالحياة‪ ، ،‬وكل قطرة ماٍء تسير في أحشائي‪ ،‬تذكرني بأنك الخالق‬
‫الواحد ال رب لي سواك‪.‬‬
‫سبحان ربك رب العَّز ة عما يصفون وسالٌم على املرسلني‪ ،‬واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫الفهارس‬

‫وتشمل ‪:‬‬
‫‪ -1‬فهرس اآليات‪.‬‬
‫‪ -2‬فهرس األحاديث النبوية‪.‬‬
‫‪ -3‬فهرس األعالم‪.‬‬
‫‪ -4‬قائمة المراجع‪.‬‬
‫‪ -5‬فهرس المحتويات‪.‬‬

‫‪268‬‬
‫فهرس اآليات القرآنية‬
‫الصفحة‬ ‫رقمها‬ ‫السورة‬ ‫اآليـ ــة‬
‫‪131‬‬ ‫‪37‬‬ ‫البقرة‬ ‫ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﮊ‬ ‫ﮋﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬
‫‪232‬‬ ‫‪71‬‬ ‫البقرة‬ ‫ﭙ ﭚ ﮊ‬ ‫ﮋﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬

‫‪69‬‬ ‫‪83‬‬ ‫البقرة‬ ‫ﮋﯦ ﯧ ﯨ ﮊ‬

‫‪235‬‬ ‫‪100‬‬ ‫البقرة‬ ‫ﮋ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﮊ‬

‫‪47‬‬ ‫‪104‬‬ ‫البقرة‬ ‫ﮋﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﮊ‬

‫‪47‬‬ ‫‪109‬‬ ‫البقرة‬ ‫ﮰﮊ‬ ‫ﮋ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬


‫‪237 - 40‬‬ ‫‪111‬‬ ‫البقرة‬ ‫ﮋﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﮊ‬

‫‪50‬‬ ‫‪165‬‬ ‫البقرة‬ ‫ﮋ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮊ‬

‫‪63‬‬ ‫‪189‬‬ ‫البقرة‬ ‫ﮋ ﮮ ﮯ ﮰﮊ‬

‫‪26-36‬‬ ‫‪190‬‬ ‫البقرة‬ ‫ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﮊ‬ ‫ﯵ ﯶﯷﯸ‬ ‫ﮋﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬

‫‪282‬‬ ‫‪233‬‬ ‫البقرة‬ ‫ﮋ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﮊ‬

‫‪280‬‬ ‫‪237‬‬ ‫البقرة‬ ‫ﮋ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﮊ‬

‫‪36‬‬ ‫‪256‬‬ ‫البقرة‬ ‫ﮋ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﮊ‬

‫‪-148 -63‬‬ ‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﮊ‬ ‫ﮋﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬


‫‪258‬‬ ‫البقرة‬
‫‪246-278‬‬
‫‪60 - 51‬‬ ‫‪269‬‬ ‫البقرة‬ ‫ﮋ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﮊ‬

‫‪98‬‬ ‫‪275‬‬ ‫البقرة‬ ‫ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬﮊ‬ ‫ﭣ‬ ‫ﮋﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬

‫‪106‬‬ ‫‪281‬‬ ‫البقرة‬ ‫ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﮊ‬ ‫ﮋﯿ ﰀ ﰁ‬

‫‪107‬‬ ‫‪282‬‬ ‫البقرة‬ ‫ﮋ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍﮊ‬

‫‪107‬‬ ‫‪284‬‬ ‫البقرة‬ ‫ﮋ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮊ‬

‫‪228‬‬ ‫‪19‬‬ ‫آل عمران‬ ‫ﮋ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﮊ‬

‫‪91‬‬ ‫‪20‬‬ ‫آل عمران‬ ‫ﮋ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﮊ‬

‫‪43‬‬ ‫‪31‬‬ ‫آل عمران‬ ‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﮊ‬ ‫ﮋﭮ ﭯ ﭰ‬

‫‪102-107‬‬ ‫‪36‬‬ ‫آل عمران‬ ‫ﮋ ﯡ ﯢ ﯣﮊ‬

‫‪220 -219‬‬ ‫‪139‬‬ ‫آل عمران‬ ‫ﯔ ﮊ‬ ‫ﮋﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬

‫‪215‬‬ ‫‪59‬‬ ‫آل عمران‬ ‫ﮋ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭﮊ‬

‫‪– 58 – 35‬‬ ‫‪64‬‬ ‫آل عمران‬ ‫ﮋﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﮊ‬

‫‪-100 -99‬‬

‫‪269‬‬
‫الصفحة‬ ‫رقمها‬ ‫السورة‬ ‫اآليـ ــة‬
‫‪165-265‬‬
‫‪168‬‬ ‫‪84‬‬ ‫آل عمران‬ ‫ﭛﮊ‬ ‫ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬

‫‪85‬‬ ‫‪103‬‬ ‫آل عمران‬ ‫ﭶﭷﮊ‬ ‫ﮋﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬

‫‪228‬‬ ‫‪139‬‬ ‫آل عمران‬ ‫ﮊ‬ ‫ﯔ‬ ‫ﮋﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬

‫‪196‬‬ ‫‪146‬‬ ‫آل عمران‬ ‫ﮛﮜﮊ‬ ‫ﮋﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬


‫‪- 64 -15‬‬ ‫ﮋ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﮊ‬

‫‪-121 -97‬‬ ‫‪159‬‬ ‫آل عمران‬


‫‪162-204‬‬
‫‪94‬‬ ‫‪200‬‬ ‫آل عمران‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮋﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬

‫‪231‬‬ ‫‪20‬‬ ‫النساء‬ ‫ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﮊ‬

‫‪-92 - 87‬‬ ‫ﮋﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮊ‬


‫‪35‬‬ ‫النساء‬
‫‪128-267‬‬
‫‪165‬‬ ‫‪51‬‬ ‫النساء‬ ‫ﮋﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﮊ‬

‫‪60‬‬ ‫‪62‬‬ ‫النساء‬ ‫ﮎ ﮏ ﮊ‬ ‫ﮋﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬

‫‪69 - 47‬‬ ‫‪63‬‬ ‫النساء‬ ‫ﮋﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮊ‬

‫‪122‬‬ ‫‪87‬‬ ‫النساء‬ ‫‪ :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﮊ‬

‫‪16‬‬ ‫‪89‬‬ ‫النساء‬ ‫ﮕ ﮖﮗﮊ‬ ‫ﮋﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬

‫‪194 -14‬‬ ‫‪90‬‬ ‫النساء‬ ‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮊ‬ ‫ﮋﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬

‫‪230‬‬ ‫‪92‬‬ ‫النساء‬ ‫ﭘﭙﮊ‬ ‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬ ‫ﮋﭑ ﭒ‬

‫‪37‬‬ ‫‪105‬‬ ‫النساء‬ ‫ﮋﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﮊ‬

‫‪268 -25‬‬ ‫‪114‬‬ ‫النساء‬ ‫ﭗﮊ‬ ‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬ ‫ﮋﭒ‬

‫‪166‬‬ ‫‪122‬‬ ‫النساء‬ ‫ﭨﮊ‬ ‫ﮋﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬

‫‪187‬‬ ‫‪123‬‬ ‫النساء‬ ‫ﮬ ﮭﮮﮊ‬ ‫ﮋﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬

‫‪231-267‬‬ ‫‪128‬‬ ‫النساء‬ ‫ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﮊ‬

‫‪188‬‬ ‫‪153‬‬ ‫النساء‬ ‫ﮋﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﮊ‬


‫‪40‬‬ ‫‪1‬‬ ‫املائدة‬ ‫ﮋ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮊ‬
‫‪259 -100‬‬ ‫ﮋ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﮊ‬
‫‪2‬‬ ‫املائدة‬
‫‪274-280-‬‬
‫‪123 -92‬‬ ‫‪8‬‬ ‫املائدة‬ ‫ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰﮊ‬ ‫ﮋﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬

‫‪270‬‬
‫الصفحة‬ ‫رقمها‬ ‫السورة‬ ‫اآليـ ــة‬
‫‪236‬‬ ‫‪13‬‬ ‫املائدة‬ ‫ﮋ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﮊ‬

‫‪113 -21‬‬ ‫‪20‬‬ ‫املائدة‬ ‫ﮋﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮊ‬

‫‪31‬‬ ‫‪50‬‬ ‫املائدة‬ ‫ﮋ ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﮊ‬

‫‪164- – 35‬‬ ‫ﮋ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﮊ‬


‫‪112‬‬ ‫املائدة‬
‫‪247‬‬
‫‪- 179 -37‬‬ ‫ﮋﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﮊ‬
‫‪112‬‬ ‫املائدة‬
‫‪237‬‬
‫‪253‬‬ ‫‪34‬‬ ‫األنعام‬ ‫ﮋﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﮊ‬

‫‪98‬‬ ‫‪55‬‬ ‫األنعام‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮋﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬

‫‪171‬‬ ‫‪57‬‬ ‫األنعام‬ ‫ﭥ ﭦ ﭧﮊ‬ ‫ﮋﭢ ﭣ ﭤ‬

‫‪98‬‬ ‫‪64‬‬ ‫األنعام‬ ‫ﭾ ﭿ ﮊ‬ ‫ﮋﭻ ﭼ ﭽ‬

‫‪244 -28‬‬ ‫‪68‬‬ ‫األنعام‬ ‫ﯼ ﯽ ﯾ ﮊ‬ ‫ﮋﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬

‫‪145‬‬ ‫‪75‬‬ ‫األنعام‬ ‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﮊ‬ ‫ﮋﭢ ﭣ ﭤ‬

‫‪149‬‬ ‫‪76‬‬ ‫األنعام‬ ‫ﮋ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶﮊ‬

‫‪172‬‬ ‫‪80‬‬ ‫األنعام‬ ‫ﮋ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﮊ‬

‫‪-127 -96‬‬ ‫ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﮊ‬ ‫ﮋﯴ ﯵ‬


‫‪90‬‬ ‫األنعام‬
‫‪128‬‬
‫‪108-110‬‬ ‫‪108‬‬ ‫األنعام‬ ‫ﯘﮊ‬ ‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬ ‫ﮋﮬ ﮭ ﮮ‬

‫‪201‬‬ ‫‪111‬‬ ‫األنعام‬ ‫ﮋﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﮊ‬

‫‪48‬‬ ‫‪160‬‬ ‫األنعام‬ ‫ﮓﮔﮊ‬ ‫ﮋﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬

‫‪130‬‬ ‫‪20‬‬ ‫األعراف‬ ‫ﮋﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﮊ‬

‫‪130‬‬ ‫‪22‬‬ ‫األعراف‬ ‫ﮋ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﮊ‬

‫‪80 - 70‬‬ ‫‪31‬‬ ‫األعراف‬ ‫ﭘ ﮊ‬ ‫ﮋﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬

‫‪119‬‬ ‫‪62‬‬ ‫األعراف‬ ‫ﮋﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮊ‬

‫‪136‬‬ ‫‪65‬‬ ‫األعراف‬ ‫ﯨﯩﮊ‬ ‫ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬ ‫ﮋﯛ ﯜ ﯝ‬

‫‪141 -12‬‬ ‫‪71‬‬ ‫األعراف‬ ‫ﮋﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮊ‬

‫‪142‬‬ ‫‪73‬‬ ‫األعراف‬ ‫ﯳ ﯴ ﮊ‬ ‫ﮋ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ‬

‫‪156‬‬ ‫‪88‬‬ ‫األعراف‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮋﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬

‫‪160-218‬‬ ‫‪103‬‬ ‫األعراف‬ ‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﮊ‬ ‫ﮋﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬

‫‪271‬‬
‫الصفحة‬ ‫رقمها‬ ‫السورة‬ ‫اآليـ ــة‬
‫‪20‬‬ ‫‪104‬‬ ‫األعراف‬ ‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﮊ‬ ‫ﮋﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬

‫‪21‬‬ ‫‪113‬‬ ‫األعراف‬ ‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮊ‬ ‫ﮋﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬

‫‪227‬‬ ‫‪136‬‬ ‫األعراف‬ ‫ﮰ ﮊ‬ ‫ﮋﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬

‫‪164‬‬ ‫‪138‬‬ ‫األعراف‬ ‫ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜﮊ‬ ‫ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬

‫‪251 -113‬‬ ‫‪150‬‬ ‫األعراف‬ ‫ﮯﮰﮊ‬ ‫ﮋﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬

‫‪48‬‬ ‫‪157‬‬ ‫األعراف‬ ‫ﮊﮊ‬ ‫ﮋﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬

‫‪121‬‬ ‫‪199‬‬ ‫األعراف‬ ‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﮊ‬ ‫ﮋﭵ ﭶ‬

‫‪71‬‬ ‫‪204‬‬ ‫األعراف‬ ‫ﮋﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﮊ‬

‫‪83‬‬ ‫‪1‬‬ ‫األنفال‬ ‫ﭞﭟﮊ‬ ‫ﮋﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬

‫‪60‬‬ ‫‪21‬‬ ‫األنفال‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬ ‫ﮋﮘ ﮙ ﮚ‬

‫‪159‬‬ ‫‪32‬‬ ‫األنفال‬ ‫ﮋﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﮊ‬

‫‪226‬‬ ‫‪55‬‬ ‫األنفال‬ ‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮊ‬ ‫ﮋﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬


‫‪226 -14‬‬ ‫‪56‬‬ ‫األنفال‬ ‫ﮋﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮊ‬

‫‪152 -151‬‬ ‫ﮤ ﮥﮦﮊ‬ ‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬ ‫ﮋﮝ ﮞ ﮟ‬


‫‪58‬‬ ‫األنفال‬
‫‪227 -‬‬
‫‪61‬‬ ‫‪61‬‬ ‫األنفال‬ ‫ﮋ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄﮊ‬

‫‪221‬‬ ‫‪72‬‬ ‫األنفال‬ ‫ﮋﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮊ‬

‫‪221‬‬ ‫‪72‬‬ ‫األنفال‬ ‫ﮋﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮊ‬

‫‪83‬‬ ‫‪75‬‬ ‫األنفال‬ ‫ﰀﰁﮊ‬ ‫ﯾ ﯿ‬ ‫ﮋﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‬

‫‪29‬‬ ‫‪6‬‬ ‫التوبة‬ ‫ﯩﯩ ﮊ‬


‫ﮋﯦ ﯧ ﯨ ﯨ‬

‫‪224‬‬ ‫‪7‬‬ ‫التوبة‬ ‫ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﮊ‬

‫‪25‬‬ ‫‪42‬‬ ‫التوبة‬ ‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮊ‬ ‫ﮋﭢ ﭣ‬

‫‪24‬‬ ‫‪78‬‬ ‫التوبة‬ ‫ﮋﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﮊ‬

‫‪120-36‬‬ ‫‪111‬‬ ‫التوبة‬ ‫ﮋﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﮊ‬

‫‪46-118‬‬ ‫‪128‬‬ ‫التوبة‬ ‫ﯙ ﯚ ﮊ‬ ‫ﮋﯘ‬

‫‪121‬‬ ‫‪16‬‬ ‫يونس‬ ‫ﮋﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮊ‬

‫‪236‬‬ ‫‪32‬‬ ‫يونس‬ ‫ﮋ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﮊ‬

‫‪184-222‬‬ ‫‪41‬‬ ‫يونس‬ ‫ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎﰏﮊ‬ ‫ﮋﰈ ﰉ‬

‫‪221‬‬ ‫‪90‬‬ ‫يونس‬ ‫ﭢ ﭣ ﭤ ﮊ‬ ‫ﮋﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬

‫‪272‬‬
‫الصفحة‬ ‫رقمها‬ ‫السورة‬ ‫اآليـ ــة‬
‫‪159‬‬ ‫‪96‬‬ ‫يونس‬ ‫ﮋﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﮊ‬

‫‪240‬‬ ‫‪13‬‬ ‫هود‬ ‫ﭘ ﭙ ﭚ ﮊ‬ ‫ﮋﭑ ﭒ ﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬


‫‪129‬‬ ‫‪28‬‬ ‫هود‬ ‫ﮋﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﮊ‬

‫‪-129 -120‬‬ ‫ﭚ ﭛﮊ‬ ‫ﭘ ﭙ‬ ‫ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ‬


‫‪29‬‬ ‫هود‬
‫‪130‬‬
‫‪165-130‬‬ ‫‪30‬‬ ‫هود‬ ‫ﮋ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﮊ‬

‫‪131‬‬ ‫‪32‬‬ ‫هود‬ ‫ﮝﮊ‬ ‫ﮋﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬

‫‪222‬‬ ‫‪34‬‬ ‫هود‬ ‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﮊ‬ ‫ﯔ ﯕ‬ ‫ﮋﮱ ﯓ‬

‫‪218‬‬ ‫‪37‬‬ ‫هود‬ ‫ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎﰏﮊ‬ ‫ﮋﰆ ﰇ ﰈ‬

‫‪131‬‬ ‫‪38‬‬ ‫هود‬ ‫ﭤ ﮊ‬ ‫ﮋﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬

‫‪130‬‬ ‫‪40‬‬ ‫هود‬ ‫ﮋ ﮊ‬ ‫ﮋﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬

‫‪17‬‬ ‫‪41‬‬ ‫هود‬ ‫ﮒ ﮓ ﮔﮕﮊ‬ ‫ﮐ ﮑ‬ ‫ﮋﮎ ﮏ‬

‫‪- 81 – 26‬‬ ‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮊ‬ ‫ﮋﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬


‫‪42‬‬ ‫هود‬
‫‪132 - 109‬‬
‫‪109‬‬ ‫‪46‬‬ ‫هود‬ ‫ﭖﮊ‬ ‫ﭔ ﭕ‬ ‫ﮋﭓ‬

‫‪134 -130‬‬ ‫‪50‬‬ ‫هود‬ ‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮊ‬ ‫ﮋﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ‬

‫‪124‬‬ ‫‪51‬‬ ‫هود‬ ‫ﯪﯨﯩ‬ ‫ﯨﯩ‬ ‫ﯥﯦ ﯧ‬ ‫ﯣ ﯤ‬ ‫ﮋﯡ ﯢ‬

‫‪138‬‬ ‫‪58‬‬ ‫هود‬ ‫ﮢ ﮊ‬ ‫ﮋﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬

‫‪140‬‬ ‫‪61‬‬ ‫هود‬ ‫ﮋﭮ ﭯ ﭰ ﮊ‬

‫‪27‬‬ ‫‪69‬‬ ‫هود‬ ‫ﯛﯜﮊ‬ ‫ﮋﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬

‫‪146 -26‬‬ ‫‪74‬‬ ‫هود‬ ‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﮊ‬ ‫ﮋﭰ ﭱ‬

‫‪146 -26‬‬ ‫‪75‬‬ ‫هود‬ ‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮊ‬ ‫ﮋﭼ ﭽ‬

‫‪141 -21‬‬ ‫‪77‬‬ ‫هود‬ ‫ﮋﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮊ‬

‫‪95‬‬ ‫‪84‬‬ ‫هود‬ ‫ﮋﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﮊ‬

‫‪-121 -108‬‬ ‫ﮋ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱﮊ‬


‫‪88‬‬ ‫هود‬
‫‪153‬‬
‫‪153‬‬ ‫‪91‬‬ ‫هود‬ ‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮊ‬ ‫ﮋﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬

‫‪119‬‬ ‫‪92‬‬ ‫هود‬ ‫ﮋﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮊ‬

‫‪2‬‬ ‫‪118‬‬ ‫هود‬ ‫ﮋﭙ ﭚ ﭛ ﮊ‬

‫‪273‬‬
‫الصفحة‬ ‫رقمها‬ ‫السورة‬ ‫اآليـ ــة‬
‫‪77‬‬ ‫‪4‬‬ ‫يوسف‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮋﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬

‫‪116‬‬ ‫‪6‬‬ ‫يوسف‬ ‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﮊ‬ ‫ﮋﭢ ﭣ‬


‫‪-148 -21‬‬ ‫ﮌ ﮍ ﮊ‬ ‫ﮋﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬
‫‪7‬‬ ‫يوسف‬
‫‪197‬‬
‫‪148 -20‬‬ ‫‪8‬‬ ‫يوسف‬ ‫ﮋﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮊ‬

‫‪148- -20‬‬ ‫ﮋﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮊ‬


‫‪9‬‬ ‫يوسف‬
‫‪274‬‬
‫‪-56 – 20‬‬ ‫ﮮﮊ‬ ‫ﮋﮬ ﮭ‬
‫‪10‬‬ ‫يوسف‬
‫‪201 -181‬‬
‫‪-149 – 21‬‬ ‫ﯡ ﮊ‬ ‫ﮋﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬
‫‪11‬‬ ‫يوسف‬
‫‪182‬‬
‫‪149 -20‬‬ ‫‪15‬‬ ‫يوسف‬ ‫ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﮊ‬

‫‪274‬‬ ‫‪20‬‬ ‫يوسف‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮋﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬

‫‪274‬‬ ‫‪42‬‬ ‫يوسف‬ ‫ﯤﯥﮊ‬ ‫ﮋﯡ ﯢ ﯣ‬

‫‪272‬‬ ‫‪47‬‬ ‫يوسف‬ ‫ﮬﮭﮊ‬ ‫ﮋﮩ ﮪ ﮫ‬

‫‪104‬‬ ‫‪53‬‬ ‫يوسف‬ ‫ﮋﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﮊ‬

‫‪259 -258‬‬ ‫‪54‬‬ ‫يوسف‬ ‫ﭩﮊ‬ ‫ﮋﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬

‫‪267-274‬‬ ‫‪59‬‬ ‫يوسف‬ ‫ﮋ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮊ‬

‫‪88‬‬ ‫‪64‬‬ ‫يوسف‬ ‫ﭛﭜﮊ‬ ‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬ ‫ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬

‫‪275‬‬ ‫‪66‬‬ ‫يوسف‬ ‫ﮋﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮊ‬

‫‪275‬‬ ‫‪77‬‬ ‫يوسف‬ ‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﮊ‬ ‫ﮋﯝ ﯞ ﯟ‬

‫‪151‬‬ ‫‪78‬‬ ‫يوسف‬ ‫ﰁ ﰂ ﰃﮊ‬ ‫ﮋﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬

‫‪226‬‬ ‫‪80‬‬ ‫يوسف‬ ‫ﭮ ﭯ ﭰ ﮊ‬ ‫ﮋﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬

‫‪116‬‬ ‫‪86‬‬ ‫يوسف‬ ‫ﮊ‬ ‫ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬ ‫ﮋﯸ ﯹ‬


‫‪152-262‬‬ ‫‪89‬‬ ‫يوسف‬ ‫ﮋﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮊ‬

‫‪114‬‬ ‫‪108‬‬ ‫يوسف‬ ‫ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮊ‬ ‫ﮋﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬


‫‪185‬‬ ‫‪7‬‬ ‫الرعد‬ ‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱﮊ‬ ‫ﭫ‬ ‫ﮋﭨ ﭩ ﭪ‬

‫‪153‬‬ ‫‪16‬‬ ‫الرعد‬ ‫ﮋ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮊ‬

‫‪227‬‬ ‫‪20‬‬ ‫الرعد‬ ‫ﭨ ﭩ ﮊ‬ ‫ﮋﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬

‫‪274‬‬
‫الصفحة‬ ‫رقمها‬ ‫السورة‬ ‫اآليـ ــة‬
‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫إبراهيم‬ ‫ﮋﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﮊ‬

‫‪68‬‬ ‫‪24‬‬ ‫إبراهيم‬ ‫ﯹ ﮊ‬ ‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬ ‫ﮋﯲ ﯳ ﯴ‬

‫‪64 - 68‬‬ ‫‪25‬‬ ‫إبراهيم‬ ‫ﮋﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﮊ‬


‫‪101‬‬ ‫‪6‬‬ ‫احلجر‬ ‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﮊ‬ ‫ﮋﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬

‫‪252-258-‬‬ ‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮊ‬ ‫ﮋﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫‪9‬‬ ‫احلجر‬
‫‪276-83‬‬
‫‪55‬‬ ‫‪57‬‬ ‫احلجر‬ ‫ﮋﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﮊ‬
‫‪219‬‬ ‫‪80‬‬ ‫احلجر‬ ‫ﮉ ﮊ ﮋ ﮊ‬ ‫ﮋﮇ ﮈ‬

‫‪242- 104‬‬ ‫‪88‬‬ ‫احلجر‬ ‫ﮋﯱ ﯲ ﯳ ﮊ‬

‫‪107-247‬‬ ‫‪88‬‬ ‫احلجر‬ ‫ﮋﯱ ﯲ ﯳ ﮊ‬

‫‪166‬‬ ‫‪94‬‬ ‫احلجر‬ ‫ﭤﮊ‬ ‫ﮋﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬

‫‪93‬‬ ‫‪16‬‬ ‫النحل‬ ‫ﮋ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﮊ‬

‫‪103‬‬ ‫‪19‬‬ ‫النحل‬ ‫ﮋﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﮊ‬

‫‪118‬‬ ‫‪90‬‬ ‫النحل‬ ‫ﮋﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮊ‬

‫‪223 -190‬‬ ‫ﮋﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮊ‬


‫‪91‬‬ ‫النحل‬
‫‪256 -227‬‬
‫‪240 -170‬‬ ‫‪103‬‬ ‫النحل‬ ‫ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘﮊ‬

‫‪140‬‬ ‫‪120‬‬ ‫النحل‬ ‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﮊ‬ ‫ﮋﭥ ﭦ ﭧ‬

‫‪-94 – 34‬‬ ‫ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﮊ‬


‫‪125‬‬ ‫النحل‬
‫‪160‬‬
‫‪231‬‬ ‫‪127‬‬ ‫النحل‬ ‫ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﮊ‬ ‫ﮋﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬

‫‪231‬‬ ‫‪128‬‬ ‫النحل‬ ‫ﮋﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﮊ‬

‫‪275‬‬ ‫‪9‬‬ ‫اإلسراء‬ ‫ﭧﮊ‬ ‫ﮋﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬

‫‪75 - 58‬‬ ‫‪11‬‬ ‫اإلسراء‬ ‫ﮂ ﮊ‬ ‫ﮋﮀ ﮁ‬

‫‪67‬‬ ‫‪29‬‬ ‫اإلسراء‬ ‫ﭣ ﮊ‬ ‫ﮋﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬

‫‪98‬‬ ‫‪32‬‬ ‫اإلسراء‬ ‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮊ‬ ‫ﮏ‬ ‫ﮋ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ‬


‫‪39‬‬ ‫‪34‬‬ ‫اإلسراء‬ ‫ﯠ ﮊ‬ ‫ﮋ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬

‫‪190‬‬ ‫‪40‬‬ ‫اإلسراء‬ ‫ﮋ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬﮊ‬

‫‪45‬‬ ‫‪47‬‬ ‫اإلسراء‬ ‫ﯠ ﮊ‬ ‫ﮋ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬

‫‪275‬‬
‫الصفحة‬ ‫رقمها‬ ‫السورة‬ ‫اآليـ ــة‬
‫‪38‬‬ ‫‪48‬‬ ‫اإلسراء‬ ‫ﮋ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﮊ‬

‫‪169‬‬ ‫‪49‬‬ ‫اإلسراء‬ ‫ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﮊ‬ ‫ﮋﰋ ﰌ ﰍ‬

‫‪133 -65‬‬ ‫‪51‬‬ ‫اإلسراء‬ ‫ﮋﭩ ﭪ ﭫ ﮊ‬

‫‪237 - 44‬‬ ‫‪53‬‬ ‫اإلسراء‬ ‫ﮋﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆﮊ‬

‫‪195‬‬ ‫‪59‬‬ ‫اإلسراء‬ ‫ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛﮊ‬

‫‪243‬‬ ‫‪73‬‬ ‫اإلسراء‬ ‫ﮋﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﮊ‬

‫‪-193 -169‬‬ ‫ﮋﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮊ‬


‫‪90‬‬ ‫اإلسراء‬
‫‪165‬‬
‫‪165 -168‬‬ ‫‪94‬‬ ‫اإلسراء‬ ‫ﯩ ﯪ ﮊ‬ ‫ﮋﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫‪168- 29‬‬ ‫‪95‬‬ ‫اإلسراء‬ ‫ﮋﯵ ﯶ ﯷ ﮊ‬

‫‪242‬‬ ‫‪102‬‬ ‫اإلسراء‬ ‫ﮋﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﮊ‬

‫‪50‬‬ ‫‪153‬‬ ‫اإلسراء‬ ‫ﮋ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮊ‬

‫‪39‬‬ ‫‪15‬‬ ‫الكهف‬ ‫ﮋ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺﮊ‬

‫‪13‬‬ ‫‪19‬‬ ‫الكهف‬ ‫ﮋ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮊ‬

‫‪201‬‬ ‫‪21‬‬ ‫الكهف‬ ‫ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﮊ‬

‫‪89 - 78‬‬ ‫‪54‬‬ ‫الكهف‬ ‫ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚﮊ‬

‫‪271‬‬ ‫‪66‬‬ ‫الكهف‬ ‫ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮊ‬

‫‪272‬‬ ‫‪70‬‬ ‫الكهف‬ ‫ﮋﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮊ‬

‫‪88‬‬ ‫‪94‬‬ ‫الكهف‬ ‫ﮋﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﮊ‬

‫‪-77 – 43‬‬ ‫ﮋ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﮊ‬
‫‪41‬‬ ‫مرمي‬
‫‪141‬‬
‫‪75 - 18‬‬ ‫‪42‬‬ ‫مرمي‬ ‫ﮊ‬ ‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬ ‫ﮋﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬

‫‪143 -17‬‬ ‫‪47‬‬ ‫مرمي‬ ‫ﮋ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜﮊ‬

‫‪222 -17‬‬ ‫‪49‬‬ ‫مرمي‬ ‫ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽﮊ‬ ‫ﮋﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬

‫‪145‬‬ ‫‪54‬‬ ‫مرمي‬ ‫ﭧ ﭨ ﭩ ﮊ‬ ‫ﮋ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ‬

‫‪114‬‬ ‫‪57‬‬ ‫مرمي‬ ‫ﮋﮂ ﮃ ﮄ ﮊ‬

‫‪155‬‬ ‫‪20‬‬ ‫طه‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮦ‬ ‫ﮤ ﮥ‬ ‫ﮋﮢ ﮣ‬

‫‪244 - 52‬‬ ‫‪29‬‬ ‫طه‬ ‫ﯮ ﯯ ﯰﮊ‬ ‫ﮋﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬

‫‪260‬‬ ‫‪43‬‬ ‫طه‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮦ‬ ‫ﮤ ﮥ‬ ‫ﮋﮢ ﮣ‬

‫‪276‬‬
‫الصفحة‬ ‫رقمها‬ ‫السورة‬ ‫اآليـ ــة‬
‫‪269 -238‬‬ ‫ﮯ ﮊ‬ ‫ﮮ‬ ‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ‬ ‫ﮋﮨ ﮩ‬
‫‪44‬‬ ‫طه‬
‫‪265-‬‬
‫‪95‬‬ ‫‪47‬‬ ‫طه‬ ‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱﮊ‬ ‫ﮋﯦ ﯧ ﯨ‬

‫‪158‬‬ ‫‪49‬‬ ‫طه‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮋﰉ ﰊ ﰋ ﰌ‬

‫‪99‬‬ ‫‪55‬‬ ‫طه‬ ‫ﮋﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮊ‬

‫‪157‬‬ ‫‪58‬‬ ‫طه‬ ‫ﮋﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮊ‬

‫‪97- 24‬‬ ‫‪62‬‬ ‫طه‬ ‫ﮋﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﮊ‬

‫‪238 – 108‬‬ ‫‪65‬‬ ‫طه‬ ‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﮊ‬ ‫ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ‬

‫‪267‬‬ ‫‪92‬‬ ‫طه‬ ‫ﮌ ﮍ ﮊ‬ ‫ﮉ ﮊ ﮋ‬ ‫ﮋﮇ ﮈ‬


‫‪244‬‬ ‫‪94‬‬ ‫طه‬ ‫ﮛﮜﮊ‬ ‫ﮚ‬ ‫ﮋﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬

‫‪126‬‬ ‫‪120‬‬ ‫طه‬ ‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮊ‬ ‫ﮋﮗ ﮘ‬

‫‪12‬‬ ‫‪7‬‬ ‫األنبياء‬ ‫ﮪ ﮊ‬ ‫ﮩ‬ ‫ﮧ ﮨ‬ ‫ﮋﮤ ﮥ ﮦ‬

‫‪160‬‬ ‫‪25‬‬ ‫األنبياء‬ ‫ﭝ ﭞ ﭟ ﮊ‬ ‫ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬

‫‪80‬‬ ‫‪37‬‬ ‫األنبياء‬ ‫ﭥ ﭦﮊ‬ ‫ﮋﭣ ﭤ‬

‫‪264 -142‬‬ ‫‪51‬‬ ‫األنبياء‬ ‫ﮤ ﮥ ﮊ‬ ‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬ ‫ﮋﮝ ﮞ ﮟ‬

‫‪259 -62‬‬ ‫‪62‬‬ ‫األنبياء‬ ‫ﮋﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﮊ‬

‫‪239 - 62‬‬ ‫‪63‬‬ ‫األنبياء‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮋﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬

‫‪214 -143‬‬ ‫‪65‬‬ ‫األنبياء‬ ‫ﮋﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮊ‬

‫‪209‬‬ ‫‪66‬‬ ‫األنبياء‬ ‫ﮋﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮊ‬

‫‪217‬‬ ‫‪76‬‬ ‫األنبياء‬ ‫ﮋﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮊ‬

‫‪117‬‬ ‫‪107‬‬ ‫األنبياء‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮓ ﮔ‬ ‫ﮋﮐ ﮑ ﮒ‬

‫‪183‬‬ ‫‪112‬‬ ‫األنبياء‬ ‫ﮡ ﮊ‬ ‫ﮝﮞ ﮟ ﮠ‬ ‫ﮚ ﮛ ﮜ‬ ‫ﮋﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬

‫‪231‬‬ ‫‪124‬‬ ‫األنبياء‬ ‫ﮋ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﮊ‬

‫‪73‬‬ ‫‪5‬‬ ‫احلج‬ ‫ﮋ ﯧ ﯨﯩﯪ ﯫ ﯬ ﯨ ﯩ ﮊ‬

‫‪237‬‬ ‫‪8‬‬ ‫احلج‬ ‫ﭸﮊ‬ ‫ﭷ‬ ‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬ ‫ﭱ ﭲ‬ ‫ﭮ ﭯ ﭰ‬ ‫ﮋﭬ ﭭ‬

‫‪54‬‬ ‫‪45‬‬ ‫احلج‬ ‫ﮊ‬ ‫ﯠ‬ ‫ﮋﯟ‬

‫‪185‬‬ ‫‪51‬‬ ‫احلج‬ ‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﮊ‬ ‫ﮋﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬

‫‪135‬‬ ‫‪31‬‬ ‫املؤمنون‬ ‫ﮋﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﮊ‬

‫‪217‬‬ ‫‪39‬‬ ‫املؤمنون‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮋﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬

‫‪277‬‬
‫الصفحة‬ ‫رقمها‬ ‫السورة‬ ‫اآليـ ــة‬
‫‪120‬‬ ‫‪69‬‬ ‫املؤمنون‬ ‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﮊ‬ ‫ﮋﮮ‬

‫‪186‬‬ ‫‪88‬‬ ‫املؤمنون‬ ‫ﯘ ﯙﮊ‬ ‫ﮋﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬

‫‪249‬‬ ‫‪2‬‬ ‫الفرقان‬ ‫ﯰﮊ‬ ‫ﯯ‬ ‫ﯬ ﯭ ﯮ‬ ‫ﮋ‬

‫‪169‬‬ ‫‪5‬‬ ‫الفرقان‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮋﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬

‫‪195‬‬ ‫‪7‬‬ ‫الفرقان‬ ‫ﮋ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛﮊ‬

‫‪166‬‬ ‫‪21‬‬ ‫الفرقان‬ ‫ﭛ ﭜ ﭝﮊ‬ ‫ﮋﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬

‫‪251‬‬ ‫‪13‬‬ ‫الشعراء‬ ‫ﯚ ﮊ‬ ‫ﯙ‬ ‫ﮋﯘ‬

‫‪121‬‬ ‫‪19‬‬ ‫الشعراء‬ ‫ﮋﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﮊ‬

‫‪121 -69‬‬ ‫‪20‬‬ ‫الشعراء‬ ‫ﮋﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﮊ‬

‫‪242‬‬ ‫‪23‬‬ ‫الشعراء‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮋﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬

‫‪196‬‬ ‫‪141‬‬ ‫الشعراء‬ ‫ﮋﭮ ﭯ ﭰﮊ‬

‫‪141‬‬ ‫‪71‬‬ ‫الشعراء‬ ‫ﮋﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮊ‬

‫‪129‬‬ ‫‪111‬‬ ‫الشعراء‬ ‫ﮋ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﮊ‬

‫‪217‬‬ ‫‪117‬‬ ‫الشعراء‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮋﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬

‫‪135‬‬ ‫‪123‬‬ ‫الشعراء‬ ‫ﮢ ﮣ ﮊ‬ ‫ﮋﮡ‬

‫‪137‬‬ ‫‪139‬‬ ‫الشعراء‬ ‫ﮋ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢﮊ‬

‫‪139‬‬ ‫‪145‬‬ ‫الشعراء‬ ‫ﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﮊ‬ ‫ﮋﰆ ﰇ‬

‫‪107‬‬ ‫‪155‬‬ ‫الشعراء‬ ‫ﯰ ﮊ‬ ‫ﮋﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬

‫‪66‬‬ ‫‪19‬‬ ‫النمل‬ ‫ﮋﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮊ‬

‫‪60‬‬ ‫‪20‬‬ ‫النمل‬ ‫ﮋﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﮊ‬

‫‪60‬‬ ‫‪28‬‬ ‫النمل‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮔ ﮕ‬ ‫ﮓ‬ ‫ﮋﮑ ﮒ‬

‫‪94‬‬ ‫‪30‬‬ ‫النمل‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮫ ﮬ ﮭ‬ ‫ﮋﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬

‫‪114‬‬ ‫‪35‬‬ ‫النمل‬ ‫ﰄ ﰅ ﰆ ﮊ‬ ‫ﰃ‬ ‫ﮋﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬

‫‪60‬‬ ‫‪42‬‬ ‫النمل‬ ‫ﯭﮊ‬ ‫ﯨ ﯩﯪ ﯫ ﯬ‬ ‫ﮋﯥ ﯦ ﯧ‬

‫‪88‬‬ ‫‪15‬‬ ‫القصص‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮋﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬

‫‪269‬‬ ‫‪20‬‬ ‫القصص‬ ‫ﮋﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﮊ‬

‫‪82 - 67‬‬ ‫‪25‬‬ ‫القصص‬ ‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮊ‬ ‫ﮋﮌ ﮍ‬

‫‪-79 – 18‬‬ ‫ﯝ ﮊ‬ ‫ﯜ‬ ‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬ ‫ﮋﯖ ﯗ‬


‫‪28‬‬ ‫القصص‬
‫‪259 -152‬‬

‫‪278‬‬
‫الصفحة‬ ‫رقمها‬ ‫السورة‬ ‫اآليـ ــة‬
‫‪61‬‬ ‫‪34‬‬ ‫القصص‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮋﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬

‫‪219‬‬ ‫‪36‬‬ ‫القصص‬ ‫ﭛ ﮊ‬ ‫ﭚ‬ ‫ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬

‫‪127‬‬ ‫‪14‬‬ ‫العنكبوت‬ ‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﮊ‬ ‫ﮋﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬

‫‪134‬‬ ‫‪18‬‬ ‫العنكبوت‬ ‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮊ‬ ‫ﮋﮅ ﮆ‬

‫‪197 -11‬‬ ‫‪46‬‬ ‫العنكبوت‬ ‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﮊ‬ ‫ﮋﭒ‬


‫‪139‬‬ ‫‪45‬‬ ‫العنكبوت‬ ‫ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﮊ‬

‫‪41‬‬ ‫‪21‬‬ ‫الروم‬ ‫ﮋ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮊ‬

‫‪43‬‬ ‫‪17‬‬ ‫لقمان‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮋﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬

‫‪66‬‬ ‫‪18‬‬ ‫لقمان‬ ‫ﯹ ﯺ ﮊ‬ ‫ﮋﯷ ﯸ‬

‫‪46- – 48‬‬ ‫ﮊ‬ ‫ﰒ ﰓ ﰔ‬ ‫ﰑ‬ ‫ﮋ ﰌ ﰍ ﰎﰏ ﰐ‬


‫‪19‬‬ ‫لقمان‬
‫‪241‬‬
‫‪94‬‬ ‫‪16‬‬ ‫األحزاب‬ ‫ﮊ‬ ‫ﯹ ﯺ‬ ‫ﯸ‬ ‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬ ‫ﮋﯯ ﯰ‬

‫‪120- -93‬‬ ‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﮊ‬ ‫ﮋﯯ ﯰ‬


‫‪21‬‬ ‫األحزاب‬
‫‪280‬‬
‫‪36‬‬ ‫‪36‬‬ ‫األحزاب‬ ‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﮊ‬ ‫ﮋﭑ ﭒ‬

‫‪237‬‬ ‫‪70‬‬ ‫األحزاب‬ ‫ﮋﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮊ‬

‫‪130‬‬ ‫‪9‬‬ ‫سبأ‬ ‫ﭸ ﭹﮊ‬ ‫ﮋﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬

‫‪263 -69‬‬ ‫‪24‬‬ ‫سبأ‬ ‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﮊ‬ ‫ﮋﭶ‬

‫‪263 -198‬‬ ‫‪25‬‬ ‫سبأ‬ ‫ﮋﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮊ‬

‫‪166‬‬ ‫‪46‬‬ ‫سبأ‬ ‫ﮋﯢ ﯣ ﯤ ﯥﮊ‬

‫‪122‬‬ ‫‪47‬‬ ‫سبأ‬ ‫ﰉ ﰊﮊ‬ ‫ﮋ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ‬

‫‪246‬‬ ‫‪14‬‬ ‫يس‬ ‫ﮋﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﮊ‬

‫‪243 -58‬‬ ‫‪16‬‬ ‫يس‬ ‫ﭺ ﭻ ﮊ‬ ‫ﮋﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬

‫‪244 -123‬‬ ‫‪20‬‬ ‫يس‬ ‫ﮋﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮊ‬

‫‪247 -14‬‬ ‫‪27‬‬ ‫الصافات‬ ‫ﮋﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﮊ‬

‫‪216‬‬ ‫‪75‬‬ ‫الصافات‬ ‫ﮋﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﮊ‬

‫‪61‬‬ ‫‪95‬‬ ‫الصافات‬ ‫ﮋ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﮊ‬

‫‪146‬‬ ‫‪99‬‬ ‫الصافات‬ ‫ﯬ ﯭ ﮊ‬ ‫ﮋﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬

‫‪245‬‬ ‫‪102‬‬ ‫الصافات‬ ‫ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﮊ‬ ‫ﮋﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬

‫‪279‬‬
‫الصفحة‬ ‫رقمها‬ ‫السورة‬ ‫اآليـ ــة‬
‫‪146‬‬ ‫‪106‬‬ ‫الصافات‬ ‫ﮋﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﮊ‬

‫‪95‬‬ ‫‪139‬‬ ‫الصافات‬ ‫ﮎ ﮊ‬ ‫ﮋﮋ ﮌ ﮍ‬

‫‪146‬‬ ‫‪8‬‬ ‫ص‬ ‫ﮋ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮﮊ‬

‫ج‬ ‫‪29‬‬ ‫ص‬ ‫ﮋﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﮊ‬

‫‪28‬‬ ‫‪56‬‬ ‫ص‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮋﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬


‫‪122‬‬ ‫‪86‬‬ ‫ص‬ ‫ﮊ‬ ‫ﭧ‬ ‫ﭥ ﭦ‬ ‫ﭤ‬ ‫ﮋﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬

‫‪114 - 116‬‬ ‫‪9‬‬ ‫الزمر‬ ‫ﮋ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﮊ‬

‫‪166‬‬ ‫‪21‬‬ ‫الزمر‬ ‫ﮋﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﮊ‬

‫‪222 -197‬‬ ‫‪64‬‬ ‫الزمر‬ ‫ﮋﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮊ‬

‫‪11‬‬ ‫‪5‬‬ ‫غافر‬ ‫ﮋ ﮀ ﮁ ﮂﮊ‬


‫‪118‬‬ ‫‪30‬‬ ‫غافر‬ ‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﮊ‬ ‫ﯝ ﯞ ﯟ‬ ‫ﮋﯛ ﯜ‬

‫‪118‬‬ ‫‪32‬‬ ‫غافر‬ ‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﮊ‬ ‫ﮋﯶ ﯷ‬

‫‪221‬‬ ‫‪35‬‬ ‫غافر‬ ‫ﭹﭺﮊ‬ ‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬ ‫ﮋﭲ ﭳ ﭴ‬

‫‪16‬‬ ‫‪44‬‬ ‫غافر‬ ‫ﮋﮊ‬ ‫ﮋ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬

‫‪-191 -207‬‬ ‫ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﮊ‬


‫‪1‬‬ ‫فصلت‬
‫‪192‬‬
‫‪191‬‬ ‫‪15‬‬ ‫فصلت‬ ‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖﮊ‬ ‫ﮋﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬

‫‪118‬‬ ‫‪35‬‬ ‫فصلت‬ ‫ﮋ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏﮊ‬

‫‪235‬‬ ‫‪38‬‬ ‫الشورى‬ ‫ﮋﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮊ‬

‫‪222‬‬ ‫‪16‬‬ ‫الشورى‬ ‫ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﮊ‬

‫‪142‬‬ ‫‪22‬‬ ‫الزخرف‬ ‫ﮋﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﮊ‬

‫‪143‬‬ ‫‪26‬‬ ‫الزخرف‬ ‫ﮈ ﮉ ﮊ‬ ‫ﮇ‬ ‫ﮋﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬

‫‪220‬‬ ‫‪51‬‬ ‫الزخرف‬ ‫ﮋﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﮊ‬

‫‪217 - 30‬‬ ‫‪53‬‬ ‫الزخرف‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬ ‫ﮗ ﮘ ﮙ‬ ‫ﮋﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬

‫‪236‬‬ ‫‪58‬‬ ‫الزخرف‬ ‫ﯪﮊ‬ ‫ﮋﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬

‫‪159‬‬ ‫‪63‬‬ ‫الزخرف‬ ‫ﮋﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﮊ‬

‫‪99 -95‬‬ ‫‪18‬‬ ‫الدخان‬ ‫ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﮊ‬ ‫ﮋﯱ ﯲ ﯳ‬

‫‪97 - 19‬‬ ‫‪22‬‬ ‫الدخان‬ ‫ﮋﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﮊ‬

‫‪27‬‬ ‫‪26‬‬ ‫الدخان‬ ‫ﮋﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﮊ‬

‫‪280‬‬
‫الصفحة‬ ‫رقمها‬ ‫السورة‬ ‫اآليـ ــة‬
‫‪80‬‬ ‫‪17‬‬ ‫األحقاف‬ ‫ﮋﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮊ‬

‫‪136‬‬ ‫‪21‬‬ ‫األحقاف‬ ‫ﮊ‬ ‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬ ‫ﮋﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬

‫‪137‬‬ ‫‪22‬‬ ‫األحقاف‬ ‫ﭵ ﭶ ﭷ ﮊ‬ ‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬ ‫ﮋﭬ ﭭ‬

‫‪124 -116‬‬ ‫ﮊ‬ ‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬ ‫ﮋﯪ ﯫ‬


‫‪35‬‬ ‫األحقاف‬
‫‪245 -‬‬
‫‪116‬‬ ‫‪19‬‬ ‫حممد‬ ‫ﮊ‬ ‫ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ‬ ‫ﰌ‬ ‫ﮋﰊ ﰋ‬
‫‪164‬‬ ‫‪24‬‬ ‫حممد‬ ‫ﮋﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮊ‬

‫‪234 -54‬‬ ‫‪30‬‬ ‫حممد‬ ‫ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖﮊ‬


‫‪-100 – 28‬‬ ‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﮊ‬ ‫ﮋﭑ‬
‫‪1‬‬ ‫الفتح‬
‫‪134-215‬‬
‫‪-170 -43‬‬ ‫ﮋﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮊ‬
‫‪18‬‬ ‫الفتح‬
‫‪205‬‬
‫‪241 - 47‬‬ ‫‪3‬‬ ‫احلجرات‬ ‫ﮋﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﮊ‬

‫‪- 78 – 49‬‬ ‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﮊ‬ ‫ﮋﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬


‫‪6‬‬ ‫احلجرات‬
‫‪84‬‬
‫‪257- – 83‬‬ ‫ﮋ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮊ‬
‫‪9‬‬ ‫احلجرات‬
‫‪251‬‬
‫‪81‬‬ ‫‪10‬‬ ‫احلجرات‬ ‫ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﮊ‬ ‫ﮋﯜ ﯝ ﯞ‬

‫‪90‬‬ ‫‪13‬‬ ‫احلجرات‬ ‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮊ‬ ‫ﮋﮁ‬

‫‪219‬‬ ‫‪29‬‬ ‫النجم‬ ‫ﮋﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﮊ‬

‫‪221‬‬ ‫‪2‬‬ ‫القمر‬ ‫ﯖ ﯗ ﯘ ﮊ‬ ‫ﮋﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬

‫‪216‬‬ ‫‪9‬‬ ‫القمر‬ ‫ﮋﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﮊ‬

‫‪213‬‬ ‫‪18‬‬ ‫القمر‬ ‫ﮋﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮊ‬

‫‪218‬‬ ‫‪23‬‬ ‫القمر‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮋﯬ ﯭ ﯮ‬

‫‪216‬‬ ‫‪33‬‬ ‫القمر‬ ‫ﮋﭶ ﭷ ﭸ ﭹﮊ‬

‫‪217 -220‬‬ ‫‪41‬‬ ‫القمر‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮋﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬

‫‪221‬‬ ‫‪54‬‬ ‫القمر‬ ‫ﭬ ﭭ ﭮ ﮊ‬ ‫ﮋﭪ ﭫ‬

‫‪50‬‬ ‫‪60‬‬ ‫الرمحن‬ ‫ﮋﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﮊ‬

‫‪143‬‬ ‫‪4‬‬ ‫املمتحنة‬ ‫ﮈ ﮉ ﮊ‬ ‫ﮇ‬ ‫ﮋﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬

‫‪281‬‬
‫الصفحة‬ ‫رقمها‬ ‫السورة‬ ‫اآليـ ــة‬
‫‪109‬‬ ‫‪7‬‬ ‫املمتحنة‬ ‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱﮊ‬ ‫ﭫ‬ ‫ﮋﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬

‫‪58‬‬ ‫‪4‬‬ ‫املنافقون‬ ‫ﮋ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﮊ‬

‫‪66‬‬ ‫‪5‬‬ ‫املنافقون‬ ‫ﭖ ﭗ ﭘ ﮊ‬ ‫ﭓ ﭔ ﭕ‬ ‫ﮋﭑ ﭒ‬

‫‪216‬‬ ‫‪4‬‬ ‫القلم‬ ‫ﮝ ﮞ ﮊ‬ ‫ﮋﮛ ﮜ‬

‫‪244 -197‬‬ ‫ﮋﯓ ﯔ ﯕ ﮊ‬


‫‪8‬‬ ‫القلم‬
‫‪248 -‬‬
‫‪122‬‬ ‫‪46‬‬ ‫القلم‬ ‫ﮛ ﮊ‬ ‫ﮋﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬

‫‪26‬‬ ‫‪5‬‬ ‫نوح‬ ‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﮊ‬ ‫ﮋﮱ ﯓ ﯔ‬

‫‪66 - 25‬‬ ‫‪7‬‬ ‫نوح‬ ‫ﯾ ﯿ ﮊ‬ ‫ﮋﯻ ﯼ ﯽ‬

‫‪25‬‬ ‫‪8‬‬ ‫نوح‬ ‫ﮋﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﮊ‬

‫‪217‬‬ ‫‪25‬‬ ‫نوح‬ ‫ﮋﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﮊ‬

‫‪133‬‬ ‫‪2‬‬ ‫املدثر‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮋﮯ ﮰ‬

‫‪106 – 102‬‬ ‫ﰉ ﮊ‬ ‫ﰆ ﰇ ﰈ‬ ‫ﮋﰅ‬


‫‪38‬‬ ‫املدثر‬
‫‪103-‬‬
‫‪103‬‬ ‫‪2‬‬ ‫القيامة‬ ‫ﮊ‬ ‫ﮋﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬

‫‪114‬‬ ‫‪2 ،1‬‬ ‫النبأ‬ ‫ﮊ‬ ‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬ ‫ﮋﭑ ﭒ‬

‫‪157‬‬ ‫‪26‬‬ ‫النازعات‬ ‫ﮋﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮊ‬

‫‪66‬‬ ‫‪1‬‬ ‫عبس‬ ‫ﮋﭑ ﭒ ﮊ‬

‫‪93‬‬ ‫‪30‬‬ ‫املطففني‬ ‫ﮋﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﮊ‬

‫‪102‬‬ ‫‪7‬‬ ‫الشمس‬ ‫ﮋﭨ ﭩ ﭪ ﮊ‬

‫‪218‬‬ ‫‪11‬‬ ‫الشمس‬ ‫ﮋﭺ ﭻ ﭼﮊ‬

‫‪196- 222‬‬ ‫‪1‬‬ ‫الكافرون‬ ‫ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﮊ‬

‫‪222 -160‬‬ ‫‪6‬‬ ‫الكافرون‬ ‫ﮋﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﮊ‬

‫‪282‬‬
‫فهرس األحاديث النبوية‬

‫الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬ ‫الرقم‬


‫‪229‬‬ ‫أعطى رسول اهلل خيرب لليهود أن يعملوها ويزرعوها‬ ‫‪1‬‬

‫‪263‬‬ ‫أقد فرغت يا أبا الوليد؟‬ ‫‪2‬‬

‫‪76‬‬ ‫أقيلوا ذوي اهليئات عثراهتم إال احلدود‬ ‫‪3‬‬

‫‪176‬‬ ‫اكتب‪ :‬هذا ما صاحل عليه حممد‬ ‫‪4‬‬

‫‪260‬‬ ‫َأال ُأْخ ُرِبُك ْم ِبَأْفَض َل ِم ْن َدَرَج ِة الِّص َياِم َو الَّصالِة َو الَّصَد َقِة؟‬ ‫‪5‬‬

‫‪274‬‬ ‫احمه يا علي‬ ‫‪6‬‬

‫‪222‬‬ ‫أمرت أن أقاتل الناس حىت يقولوا ال إله إال اهلل‬ ‫‪7‬‬
‫ِص‬ ‫ِل‬
‫‪246‬‬
‫َأَّن َرُج ًال َقاَل لَّنِّيِب ‪َ :‬أْو يِن ‪َ ،‬قاَل ‪ :‬ال َتْغَض ْب‬
‫‪8‬‬

‫‪12‬‬ ‫أنا زعيم بيت يف ربض اجلنة ملن ترك املراء وإن كان حمقا‬ ‫‪9‬‬
‫‪199‬‬ ‫أهذا أمر حتبه فنصنعه‪ ،‬أم شيء أمرك اهلل عز وجل به‬ ‫‪10‬‬

‫‪2‬‬ ‫أيس الشيطان أن يعبده املصلون يف جزيرة العرب‬ ‫‪11‬‬


‫‪255‬‬ ‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‪ .‬من حممد رسول اهلل‬ ‫‪12‬‬

‫‪60‬‬ ‫التأين من اهلل‪ ،‬والعجلة من الشيطان‬ ‫‪13‬‬

‫‪170‬‬ ‫َج اَء ُبَد ْيُل ْبُن َو ْر َقاَء اُخْلَز اِعُّي يِف َنَف ٍر ِم ْن َقْو ِمِه ِم ْن ُخَز اَعَة‬ ‫‪14‬‬

‫‪209‬‬ ‫حىت نرجع وننظر يف أمرنا ّمث نأتيك غدًا‬ ‫‪15‬‬

‫‪187‬‬ ‫شأن اهلل أعظم من ذلك إن عرشه على مساواته هكذا‬ ‫‪16‬‬
‫اْل ِت َنُطوَف ِبِه‬
‫‪171‬‬
‫َعَلى َأْن َخُتُّلوا َبْيَنَنا َو َبَنْي َبْي َف‬
‫‪17‬‬

‫‪265‬‬ ‫عمل قلياًل وأجر كثًريا‬ ‫‪18‬‬

‫‪268‬‬ ‫فأمجع يل قومك يف هذه احلظرية‬ ‫‪19‬‬

‫‪119‬‬ ‫َفَلَّم ا َبَلَغيِن َأَّنُه ‪ -‬أي النيب ‪َ - ‬تَو َّج َه َقاِفًال‬ ‫‪20‬‬

‫‪102‬‬ ‫فواهلل ما الفقر أخشى عليكم‬ ‫‪21‬‬

‫‪283‬‬
‫الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬ ‫الرقم‬
‫‪191‬‬ ‫قل يا أبا الوليد أمسع‪ ،‬قال‪ :‬يا ابن أخي‬ ‫‪22‬‬

‫‪76‬‬ ‫قوموا إىل سيدكم‬ ‫‪23‬‬

‫‪176‬‬ ‫قوموا فاحنروا مث احلقوا‬ ‫‪24‬‬

‫‪77‬‬ ‫كل بين آدم خّطاء وخري اخلّطائني التوابون‬ ‫‪25‬‬

‫‪248‬‬ ‫ال ْحَتِق َر َّن ِم ْن اْلَم ْع ُر وِف َش ْيئًا‬ ‫‪26‬‬

‫‪55‬‬ ‫لست باخلب وال اخلب خيدعين‬ ‫‪27‬‬

‫‪53‬‬ ‫لقد شهدت يف دار عبد اهلل بن جدعان حلًف ا‬ ‫‪28‬‬

‫‪23‬‬ ‫ملا صاحل رسول اهلل ‪ ‬أهل احلديبية‬ ‫‪29‬‬

‫‪164‬‬ ‫َلَّم ا َم ِر َض َأُبو َطاَلٍب َدَخ َعَلْيِه َر ْه ٌط ِم ْن ُقَر ْيٍش‬ ‫‪30‬‬


‫َل‬
‫‪74‬‬ ‫لو كان املطعم بن عدي حيا مث كلمين يف هؤالء النتىن‬ ‫‪31‬‬

‫‪187‬‬ ‫ما السموات السبع واألرضون السبع وما بينهن وما فيهن‬ ‫‪32‬‬

‫‪158‬‬ ‫ما يب ما تقولون‬ ‫‪33‬‬

‫‪47‬‬ ‫ما كان الرفق يف شيء إال زانه‬ ‫‪34‬‬

‫‪46‬‬ ‫ِف ِه‬ ‫ِمُح ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِمِن ىِف‬


‫َم َثُل اْلُم ْؤ َني َتَو اِّد ْم َو َتَر ا ْم َو َتَعاُط ْم‬
‫‪35‬‬

‫‪69‬‬ ‫من تواضع هلل رفعه‬ ‫‪36‬‬

‫‪110‬‬ ‫من دخل دار أيب سفيان فهو آمن ومن ألقى السالح فهو آمن‬ ‫‪37‬‬

‫‪116‬‬ ‫من سلك طريقًا يلتمس به علمًا سهل اهلل له به طريقًا إىل اجلنة‬ ‫‪38‬‬

‫‪22‬‬ ‫من فاوض احلجر األسود فإمنا يفاوض يد الرمحن‬ ‫‪39‬‬

‫‪22‬‬ ‫من فاوضه فإمنا يفاوض يد الرمحن‬ ‫‪40‬‬


‫ِق ِحْل‬
‫‪13‬‬ ‫َمْن ُنو َش ا َس اَب ُعِّذ َب‬ ‫‪41‬‬
‫‪196‬‬ ‫هذا لك يا حممد وكف عن شتم آهلتنا‬ ‫‪42‬‬

‫‪28‬‬ ‫والذي نفسي بيده ال يسألونين خطة يعظمون فيها‬ ‫‪43‬‬

‫‪115‬‬ ‫واهلل ألنا أعلمكم باهلل وأخشاكم له‬ ‫‪44‬‬

‫‪284‬‬
‫الصفحة‬ ‫طرف الحديث‬ ‫الرقم‬
‫‪49‬‬ ‫واهلل يا رسول اهلل إين ألحب هذا يف اهلل‬ ‫‪45‬‬

‫‪246‬‬ ‫ِإَّن الَّل َأ ى ِإَّيَل َأْن ا وا ىَّت ال ْف َأ ٌد َلى َأ ٍد‬ ‫‪46‬‬


‫َي َخ َر َح َع َح‬ ‫َتَو َض ُع َح‬ ‫َو َه ْو َح‬
‫‪229‬‬ ‫َو َبِر َئْت ِم ْنُك ْم ِذَّم ُة الَّلِه َو ِذَّم ُة َرُس وِلِه ِإْن َك َتْم ُتُم ويِن َش ْيًئا‬ ‫‪47‬‬

‫‪22‬‬ ‫وكل بالركن اليماىن سبعون ملكا‬ ‫‪48‬‬

‫‪98‬‬ ‫يا رسول اهلل ائذن يل بالزنا‪ ،‬فأقبل القوم عليه فزجروه‬ ‫‪49‬‬

‫‪130‬‬ ‫جييء نوح عليه السالم وأمته‪ ،‬فيقول اهلل عز وجل‪ :‬هل بلغت؟‬ ‫‪50‬‬

‫‪285‬‬
‫فهرس األعالم‬

‫الصفحة‬ ‫الـعلـم‬ ‫الرقم‬


‫‪210‬‬ ‫إبراهيم عليه السالم‬ ‫‪1‬‬

‫‪187‬‬ ‫آدم عليه السالم‬ ‫‪2‬‬

‫‪12‬‬ ‫أيب أمامة رضي اهلل عنه‬ ‫‪3‬‬

‫‪179‬‬ ‫إمساعيل عليه السالم‬ ‫‪4‬‬

‫‪23‬‬ ‫الرباء بن عازب رضي اهلل عنه‬ ‫‪5‬‬


‫‪60‬‬ ‫بلقيس ملكة سبأ‬ ‫‪6‬‬

‫‪312‬‬ ‫أبو حامد الغزايل‬ ‫‪7‬‬

‫‪179‬‬ ‫جابر بن عبداهلل رضي اهلل عنه‬ ‫‪8‬‬

‫‪53‬‬ ‫خالد بن الوليد رضي اهلل عنه‬ ‫‪9‬‬

‫‪267‬‬ ‫اخلضر عليه السالم‬ ‫‪10‬‬

‫‪34‬‬ ‫ربعي ابن عامر رضي اهلل عنه‬ ‫‪11‬‬

‫‪74‬‬ ‫أبو سعيد اخلدري رضي اهلل عنه‬ ‫‪12‬‬

‫‪140‬‬ ‫أم سلمة رضي اهلل عنها‬ ‫‪13‬‬


‫‪261‬‬ ‫سليمان عليه السالم‬ ‫‪14‬‬

‫‪24‬‬ ‫سهيل ابن عمرو‬ ‫‪15‬‬

‫‪185‬‬ ‫شعيب عليه السالم‬ ‫‪16‬‬


‫‪100‬‬ ‫الشيخ حممد األمني الشنقيطي‬ ‫‪17‬‬

‫‪195‬‬ ‫صاحل عليه السالم‬ ‫‪18‬‬

‫‪128‬‬ ‫أبو طالب‬ ‫‪19‬‬

‫‪113‬‬ ‫عائشة رضي اهلل عنها‬ ‫‪20‬‬

‫‪305‬‬ ‫العباس رضي اهلل عنه‬ ‫‪21‬‬

‫‪286‬‬
‫الصفحة‬ ‫الـعلـم‬ ‫الرقم‬
‫‪187‬‬ ‫عبداهلل بن عباس رضي اهلل عنهما‬ ‫‪22‬‬

‫‪252‬‬ ‫عثمان بن عّف ان رضي اهلل عنه‬ ‫‪23‬‬

‫‪258‬‬ ‫عروة بن مسعود رضي اهلل عنه‬ ‫‪24‬‬

‫‪133‬‬ ‫عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه‬ ‫‪25‬‬


‫‪251‬‬ ‫عمرو بن العاص رضي اهلل عنه‬ ‫‪26‬‬

‫‪179‬‬ ‫عيسى عليه السالم‬ ‫‪27‬‬

‫‪312‬‬ ‫ابن فارس‬ ‫‪28‬‬

‫‪117‬‬ ‫َك ْع ُب ْبُن َم اِلٍك رضي اهلل عنه‬ ‫‪29‬‬

‫‪194‬‬ ‫لوط عليه السالم‬ ‫‪30‬‬


‫‪175‬‬ ‫موسى عليه السالم‬ ‫‪31‬‬
‫‪163‬‬ ‫نوح عليه السالم‬ ‫‪32‬‬

‫‪188‬‬ ‫هود عليه السالم‬ ‫‪33‬‬

‫‪181‬‬ ‫يعقوب عليه السالم‬ ‫‪34‬‬


‫‪184‬‬ ‫يوسف عليه السالم‬ ‫‪35‬‬

‫‪287‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫أوًال‪ :‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬التفسير‬
‫إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم‬ ‫‪-1‬‬
‫أبو السعود‪ ،‬حممد بن حممد العمادي أبو السعود ‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب ‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫عدد األجزاء ‪9‬‬
‫أضواء البيان‬ ‫‪-2‬‬
‫حممد األمني اجلكين الشنقيطي ‪ ،‬ط ‪ 1415‬هـ‪ 1995 -‬م دار الفكر بريوت‬
‫أنوار التنزيل وأسرار التأويل ‪ ،‬المسمى تفسير البيضاوي‬ ‫‪-3‬‬
‫ناصر الدين أبو اخلري عبد اهلل بن عمر الشريازي البيضاوي ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫ط بدون‬
‫أيسر التفاسير لكالم العلي الكبير‬ ‫‪-4‬‬

‫جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر اجلزائري ‪ ،‬مكتبة العلوم‬
‫واحلكم‪ ،‬املدينة املنورة‪ ،‬اململكة العربية السعودية ‪ ،‬الطبعة اخلامسة‪،‬‬
‫‪1424‬هـ‪2003/‬م ويقع يف ‪ 4‬جملدات‬
‫البحر المديد‬ ‫‪-5‬‬
‫أحمد بن محمد بن المهدي بن عجيبة الحسني اإلدريسي الشاذلي الفاسي أبو العباس ‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية ـ بيروت ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ 2002 ،‬م ـ ‪ 1423‬هـ‪ ،‬ويقع في ‪ 8‬أجزاء‬
‫التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور‬ ‫‪-6‬‬
‫حممد الطاهر بن حممد بن حممد الطاهر بن عاشور التونسي‪ ،‬مؤسسة التاريخ العريب‪،‬‬
‫بريوت – لبنان‪ ،‬الطبعة ‪ :‬األوىل‪1420 ،‬هـ‪2000/‬م‬
‫تفسير ابن أبي حاتم‬ ‫‪-7‬‬
‫عبد الرمحن بن حممد بن إدريس الرازي ابن أيب حامت‪،‬مكتبة نزار مصطفى الباز ‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬ط‪ 1997 – 1417، 1‬ويقع يف ‪ 10‬جملدات‬

‫‪288‬‬
‫تفسير البحر المحيط‬ ‫‪-8‬‬

‫حممد بن يوسف الشهري بأيب حيان األندلسي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بريوت‬
‫لبنان ‪ ،‬دار النشر ‪ 1422،‬هـ ‪ 2001 -‬م الطبعة ‪ :‬األوىل ويقع يف ‪ 8‬أجزاء‬
‫حتقيق ‪ :‬عادل أمحد عبد املوجود ‪ ،‬والشيخ علي حممد معوض ‪ ،‬زكريا عبد‬
‫اجمليد النوقي ‪ ،‬أمحد النجويل اجلمل‬
‫تفسير البحر المحيط‬ ‫‪-9‬‬
‫حممد بن يوسف الشهري بأيب حيان األندلسي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬بريوت ‪-‬‬
‫‪ 1422‬هـ ‪ 2001 -‬م ط ‪ ،‬األوىل‬
‫تفسير الجاللين‬ ‫‪-10‬‬

‫جالل الدين محمد بن أحمد المحلي‪ ،‬وجالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر‬
‫السيوطي‪ ،‬دار الحديث – القاهرة ‪ ،‬الطبعة األولى عدد األجزاء (‪)1‬‬
‫تفسير الشعراوي ‪http://shamela.ws/index.php/book/7436‬‬ ‫‪-11‬‬
‫تفسير الطبري جامع البيان عن تأويل آي القرآن‬ ‫‪-12‬‬
‫حممد بن جرير بن يزيد الطربي ‪ ،‬دار هجر ‪2001 ،‬‬
‫تفسير القرآن العظيم‬ ‫‪-13‬‬

‫أبو الفداء إمساعيل بن عمر بن كثري القرشي الدمشقي ‪ ،‬حتقيق ‪ ،‬حممود‬


‫حسن ‪ ،‬دار الفكر ‪1414 ،‬هـ‪1994/‬م‬
‫تفسير القرآن العظيم‬ ‫‪-14‬‬

‫أبو الفداء إمساعيل بن عمر بن كثري القرشي الدمشقي ‪ ،‬حتقيق ‪ ،‬سامي بن‬
‫حممد سالمة ‪ ،‬دار طيبة للنشر والتوزيع ‪ ،‬الطبعة ‪ :‬الثانية ‪1420‬هـ ‪-‬‬
‫‪ 1999‬م ‪ ،‬عدد األجزاء ‪8‬‬
‫التفسير الميسر‬ ‫‪-15‬‬
‫خنبة من العلماء ‪ ،‬وزارة الشؤون اإلسالمية باململكة العربية السعودية جممع طباعة‬

‫‪289‬‬
‫املصحف الشريف ‪ ،‬املدينة املنورة ‪ ،‬ط الثالثة ‪1432،‬هـ ‪2011 -‬م‬
‫التفسير الوسيط للقرآن الكريم‬ ‫‪-16‬‬
‫‪http://shamela.ws/index.php/book/7436‬‬ ‫سيد طنطاوي ‪،‬‬
‫تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان‬ ‫‪-17‬‬
‫عبد الرمحن بن ناصر بن السعدي ‪،‬حتقيق ‪ ،‬عبد الرمحن بن معال اللوحيق ‪ ،‬مؤسسة‬
‫الرسالة ‪ ،‬الطبعة ‪ :‬األوىل ‪1420‬هـ ‪ 2000-‬م جممع امللك فهد لطباعة املصحف‬
‫الشريف‪ ،‬األجزاء‪1‬‬
‫الجامع ألحكام القرآن تفسير القرطبي‬ ‫‪-18‬‬
‫حممد بن أمحد بن أيب بكر بن فرح األنصاري القرطيب أبو عبد اهلل ‪ ،‬حتقيق عبد اهلل بن‬
‫عبد احملسن الرتكي ‪ ،‬عدد األجزاء ‪20 :‬‬
‫روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني‬ ‫‪-19‬‬
‫حممود األلوسي أبو الفضل ‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬ط بدون‪ ،‬تاريخ بدون‪ ،‬بريوت‬
‫لبنان‪ ،‬عدد األجزاء (‪)30‬‬
‫سلسلة التفسير لمصطفى العدوي‬ ‫‪-20‬‬
‫‪http://shamela.ws/index.php/book‬‬ ‫أبو عبد اهلل مصطفى العدوي شلباية املصري‪،‬‬
‫فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير‬ ‫‪-21‬‬
‫حممد بن علي الشوكاين ‪ ،‬دار الوفاء ‪1997 ،‬م ط بدون‬
‫في ظالل القرآن‬ ‫‪-22‬‬
‫‪http://shamela.ws/index.php/book/7436‬‬ ‫سيد قطب‬
‫كتاب تفسير القرآن‬ ‫‪-23‬‬
‫أيب بكر حممد بن إبراهيم بن املنذر النيسابوري ‪ ،‬ط األوىل ‪ ،‬حتقيق ‪ :‬سعد بن حممد‬
‫السعد ‪ ،‬دار املآثر ‪ ،‬املدينة النبوية ‪ 2002 – 1423 ،‬ويقع يف جملد (‪)1‬‬
‫الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل في وجوه التأويل‬ ‫‪-24‬‬
‫أبو القاسم حممود بن عمر الزخمشري اخلوارزمي ‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫ويقع يف أربعة أجزاء ‪ ،‬حتقيق ‪ :‬عبد الرزاق املهدي‬

‫‪290‬‬
‫الكشف والبيان‬ ‫‪-25‬‬

‫أبو إسحاق أمحد بن حممد بن إبراهيم الثعليب النيسابوري ‪ ،‬دار إحياء الرتاث‬
‫العريب ‪ -‬بريوت ‪ -‬لبنان ‪ 1422 -‬هـ ‪ 2002 -‬م الطبعة ‪ :‬األوىل‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫اإلمام أيب حممد بن عاشور ‪ ،‬عدد األجزاء (‪)10‬‬
‫اللباب في علوم الكتاب‬ ‫‪-26‬‬
‫أبو حفص عمر بن علي ابن عادل الدمشقي احلنبلي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بريوت ‪،‬‬
‫لبنان ‪ 1419 -‬هـ ‪ 1998-‬م ‪ ،‬حتقيق ‪ ،‬الشيخ عادل أمحد عبداملوجود والشيخ علي‬
‫حممد معوض ‪ ،‬الطبعة ‪ ،‬األوىل ‪ ،‬عدد األجزاء ‪20 /‬‬
‫المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز‬ ‫‪-27‬‬

‫املؤلف ‪ ،‬أبو حممد عبد احلق بن غالب بن عطية األندلسي ‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬لبنان‪1413 ،‬هـ ـ ‪1993‬م ‪ ،‬الطبعة األوىل حتقيق ‪ :‬عبدالسالم عبد‬
‫الشايف حممد ‪ ،‬عدد األجزاء ‪)5( :‬‬
‫مفاتيح الغيب‬ ‫‪-28‬‬
‫الفخر الرازي ‪ ،‬الكتب العلمية ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬ط األوىل ‪1421 ،‬هـ ‪ 2000 -‬م‬
‫مفردات ألفاظ القرآن‬ ‫‪-29‬‬
‫احلسني بن حممد بن املفضل املعروف بالراغب األصفهاين أبو القاسم ‪ ،‬دار القلم ‪،‬‬
‫دمشق ‪ ، 1996 ،‬ط بدون ‪ ،‬عدد األجزاء (‪)2‬‬
‫مناهل العرفان في علوم القرآن‬ ‫‪-30‬‬
‫حممد عبد العظيم الزرقاين ‪ ،‬دار الفكر ‪ -‬بريوت ‪ ،‬ط األوىل ‪ ، 1996 ،‬حتقيق‪:‬‬
‫مكتب البحوث والدراسات ‪ ،‬عدد األجزاء ‪2 :‬‬
‫نظم الدرر في تناسب اآليات والسور‬ ‫‪-31‬‬
‫برهان الدين أبو احلسن إبراهيم بن عمر البقاعي دار الكتب العلمية ـ بريوت ‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪ 2002 /‬م ـ ‪ 1424‬هـ ‪ ،‬عدد األجزاء (‪)8‬‬

‫‪291‬‬
‫ثالثًا‪ :‬الحديث الشريف وعلومه‬
‫األدب المفرد‬ ‫‪-32‬‬
‫حممد بن إمساعيل أبو عبد اهلل البخاري اجلعفي ‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية – بريوت ‪ ،‬ط‬
‫الثالثة ‪ ، 1989 – 1409 ،‬حتقيق ‪ :‬حممد فؤاد عبد الباقي‬
‫الجامع الصحيح المسمى صحيح مسلم‬ ‫‪-33‬‬
‫أبو احلسني مسلم بن احلجاج بن مسلم القشريي النيسابوري ‪ ،‬دار اجليل‪ ،‬دار األفاق‬
‫اجلديدة بريوت ـ بريوت ‪ ،‬ويقع يف مثانية أجزاء يف أربع جملدات‬
‫جمع الجوامع المعروف بالجامع الكبير‬ ‫‪-34‬‬
‫جالل الدين السيوطي ‪ ،‬األزهر الشريف ‪ ،‬جممع البحوث اإلسالمية ‪ ،‬حتقيق ‪ :‬خمتار‬
‫إبراهيم اهلائج ‪ ،‬عبد احلميد حممد ندا ‪ ،‬حسن عيسى عبد الظاهر ‪– 1426 ،‬‬
‫‪ 2005‬ويقع يف ‪ 25‬جملد‬
‫سنن ابن ماجه‬ ‫‪-35‬‬
‫حممد بن يزيد أبو عبد اهلل القزويين ‪ ،‬ط بدون ‪ ،‬دار الفكر – بريوت ‪ ،‬حتقيق ‪ :‬حممد‬
‫فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬عدد األجزاء (‪)2‬‬
‫سنن ابن ماجه‬ ‫‪-36‬‬
‫أيب عبد اهلل حممد ابن يزيد القزويين ‪ ،‬ط بدون سنة بدون الناشر بدون ‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد‬
‫فؤاد عبد الباقي‬
‫سنن الترمذي‬ ‫‪-37‬‬
‫حممد بن عيسى أبو عيسى الرتمذي السلمي ‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب – بريوت‪،‬‬
‫حتقيق ‪ :‬أمحد حممد شاكر وآخرون ‪ ،‬عدد األجزاء ‪ ، 5 :‬األحاديث مذيلة بأحكام‬
‫األلباين عليها‬
‫السنن الكبرى‬ ‫‪-38‬‬
‫أمحد بن شعيب أبو عبد الرمحن النسائي ‪ ،‬دار الكتب العلمية – بريوت ‪ ،‬ط األوىل ‪،‬‬
‫‪ ،1991 - 1411‬حتقيق ‪ :‬د‪.‬عبد الغفار سليمان البنداري ‪ ,‬سيد كسروي حسن ‪،‬‬
‫عدد األجزاء ‪6 :‬‬

‫‪292‬‬
‫صحيح البخاري‬ ‫‪-39‬‬
‫حممد بن إمساعيل أبو عبداهلل البخاري اجلعفي ‪ ،‬دار ابن كثري ‪ ،‬اليمامة ‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة ‪ ،1987 – 1407 ،‬حتقيق ‪ ،‬مصطفى أديب البغا ‪ ،‬ويقع يف ‪ 6‬أجزاء‬
‫كنز العمال في سنن األقوال واألفعال‬ ‫‪-40‬‬
‫علي بن حسام الدين املتقي اهلندي ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪ ،‬بريوت ‪ 1989‬م‬
‫مسند اإلمام أحمد‪ ،‬أحمد بن حنبل‬ ‫‪-41‬‬
‫حتقيق ‪ :‬شعيب األرنؤوط وآخرون ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪ ،‬الطبعة ‪ :‬الثانية ‪1420‬هـ ‪،‬‬
‫‪1999‬م ‪ ،‬ويقع يف ‪ 50‬جزًء‬
‫مسند البزار‬ ‫‪-42‬‬
‫البزار أبو بكر أمحد بن عمرو البصري الشيخ‬
‫المنتخب من مسند عبد بن حميد‬ ‫‪-43‬‬
‫عبد بن حميد بن نصر أبو محمد الكسي‪ ،‬مكتبة السنة – القاهرة‪ ،‬ط األولى ‪– 1408 ،‬‬
‫‪1988‬‬
‫رابعًا ‪ :‬السيرة‬
‫حياة الصحابة‬ ‫‪-44‬‬
‫حممد يوسف الكاند هلوي ‪ ،‬دار املعرفة ‪ ،‬بريوت لبنان ط بدون تاريخ بدون ويقع يف‬
‫‪ 3‬جملدات‬
‫الرحيق المختوم‬ ‫‪-45‬‬
‫صفي الرمحن املبارك فوري ‪ ،‬دار املؤيد ‪ ،‬الرياض ‪ ،‬ط بدون ‪1425‬هـ ‪2004 -‬م‬
‫الّر يادة في حروب وفتوحات أبي بكر الّصديق‬ ‫‪-46‬‬
‫حمّم د ضاهر وتر ‪ ،‬احتاد الكتاب العرب‪1999‬‬
‫‪http://shamela.ws/index.php/book/7436‬‬
‫زاد المعاد‬ ‫‪-47‬‬
‫ابن القيم ابن قيم اجلوزية ‪ ،‬ط‪ 14‬مؤسسة الرسالة ‪ -‬بريوت ‪ 1407 -‬هـ ‪-‬‬
‫‪1986‬م‬

‫‪293‬‬
‫السيرة النبوية‬ ‫‪-48‬‬
‫عبد امللك بن هشام بن أيوب احلمريي املعافري أبو حممد ‪ ،‬دار اجليل ‪،1411 ،‬‬
‫بريوت ‪ ،‬حتقيق طه عبد الرءوف سعد‬
‫السيرة النبوية‬ ‫‪-49‬‬
‫أبو الفدا إمساعيل بن عمر ابن كثري القرشي الدمشقي‪ ،‬دار املعرفة ‪،‬بريوت لبنان‬
‫‪1976 - 1395‬‬
‫فقه السيرة‬ ‫‪-50‬‬
‫حممد الغزايل ‪ ،‬دار القلم ‪ ،‬دمشق الطبعة السابعة – ‪1998‬‬
‫النبوة واألنبياء في القرآن والسنة‬ ‫‪-51‬‬
‫‪http://shamela.ws/index.php/book/7436‬‬ ‫علي بن نايف الشحود‬
‫الوفا بتعريف فضائل المصطفى‬ ‫‪-52‬‬
‫‪http://shamela.ws/index.php/book/7436‬‬ ‫ابن اجلوزي ‪،‬‬
‫خامسًا‪ :‬المعاجم‬
‫أساس البالغة‬ ‫‪-53‬‬
‫حممود بن عمر الزخمشري جار اهلل أبو القاسم‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد باسل عيون السود‪،‬‬
‫دار النشر‪ :‬دار الفكر ‪1399 -‬هـ ‪1979‬م ‪.‬‬
‫األمالي في لغة العرب‬ ‫‪-54‬‬
‫أبو علي إمساعيل بن القاسم القايل البغدادي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬سنة النشر ‪1398‬هـ‬
‫‪1978‬م‪ ،‬بريوت لبنان‪.‬‬
‫جمهرة اللغة‬ ‫‪-55‬‬
‫ابن دريد حممد بن احلسن ‪ ،‬دار العلم للماليني ‪ ،‬ط ‪1987 ، 1‬‬
‫القاموس الفقهي‬ ‫‪-56‬‬
‫سعدي أبو جيب دار الفكر‪ .‬دمشق ‪ -‬ط الثانية ‪ 1408 ،‬هـ = ‪ 1988‬م‬
‫القاموس المحيط‬ ‫‪-57‬‬

‫‪294‬‬
‫الفريوز أبادي ‪ ،‬دار اجليل ‪ ،‬بريوت ‪1952 – 1371 ،‬م‬
‫لسان العرب‬ ‫‪-58‬‬
‫حممد بن مكرم بن منظور األفريقي املصري ‪ ،‬دار صادر ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫مقاييس اللغة‬ ‫‪-59‬‬
‫أيب احلسني أمحد بن فاِر س بن زَك ِر ّيا ‪ ،‬حتقيق ‪ ،‬عبد الَّس الم حممد َه اُر ون ‪ ،‬احتاد‬
‫الكتاب العرب ‪ ،‬الطبعة ‪ 1423 ،‬هـ = ‪2002‬م‪ .‬ويقع يف ‪6‬األجزاء‬
‫سادسًا‪ :‬مراجع عامة‬
‫أبعاد متطورة في الفكر التربوي‬ ‫‪-60‬‬
‫‪http://shamela.ws/index.php/book/7436‬‬ ‫نبيه يس ‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار اخلاجني القاهرة‬
‫أحكام الجهاد وفضائله‬ ‫‪-61‬‬
‫عز الدين عبد العزيز بن عبد السالم السلمي حتقيق نزيه كمال محاد‪ ،‬دار الوفاء‪ .‬جدة‬
‫الطبعة األوىل ‪1986-1406‬م‬
‫األحكام السلطانية‬ ‫‪-62‬‬
‫القاضي أيب يعلى حممد بن احلسني الفراء احلنبلي‪ ،‬حتقيق ‪ :‬حممد حامد الفقي ‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية بريوت لبنان ‪1403‬هـ ‪1938 -‬م‬
‫إحياء علوم الدين‬ ‫‪-63‬‬
‫حممد بن حممد الغزايل أبو حامد ‪ ،‬ط‪ ،‬بدون ‪ ،‬دار املعرفة ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬ويقع يف أربع‬
‫أجزاء‬
‫إحياء علوم الدين‬ ‫‪-64‬‬
‫محمد بن محمد الغزالي أبو حامد ‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬سنة ‪ ،‬بدون ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬عدد‬
‫األجزاء ‪4‬‬
‫أدب الدنيا والدين‬ ‫‪-65‬‬
‫علي بن حممد بن حبيب املاوردي ‪،‬ط ‪ ،16‬دار إحياء الرتاث العريب ‪1979‬‬
‫أسد الغابة في معرفة الصحابة‬ ‫‪-66‬‬
‫عز الدين ابن األثري أيب احلسن علي بن حممد اجلزري ‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت لبنان‪،‬‬

‫‪295‬‬
‫‪ 1409‬هـ – ‪1989‬م‬

‫أسلوب الحوار في القرآن الموضوعات والمناهج والخصائص‬ ‫‪-67‬‬


‫إدريس أوهن ‪mm‬ا ‪ 2005 - 1426 ،‬وزارة األوق ‪mm‬اف والش ‪mm‬ؤون اإلس ‪mm‬المية ‪ ،‬اململك ‪mm‬ة‬
‫املغربية‬
‫أصول اإليمان في ضوء الكتاب والسنة‬ ‫‪-68‬‬
‫خنب‪mm‬ة من العلم‪m‬اء ‪ ،‬ط األوىل ‪ ،‬وزارة الش‪mm‬ؤون اإلس‪mm‬المية واألوق‪mm‬اف وال‪mm‬دعوة واإلرش‪mm‬اد‬
‫‪ -‬اململكة العربية السعودية ‪1421،‬هـ‬
‫أصول التربية‬ ‫‪-69‬‬
‫‪http://shamela.ws/index.php/book/7436‬‬ ‫حممد منري مرسي‬
‫أصول الحوار وآدابه في اإلسالم‬ ‫‪-70‬‬
‫د‪ /‬صاحل بن عبد اهلل بن محيد‪ ، :‬نسخة حمملة من الشبكة‬
‫‪/www.saaid.net/mktarat‬‬

‫أيسر التفاسير‬ ‫‪-71‬‬


‫أس ‪mm‬عد حوم ‪mm‬د مص ‪mm‬در الكت ‪mm‬اب‪ :‬موق ‪mm‬ع التفاس ‪mm‬ري‪ ،‬مص ‪mm‬در الكت ‪mm‬اب‪ :‬موق ‪mm‬ع مكتب ‪mm‬ة املدين ‪mm‬ة‬
‫الرقمية‬
‫البداية والنهاية‬ ‫‪-72‬‬
‫إمساعيل بن عمر بن كثري القرشي أبو الفداء ‪ ،‬مكتبة املعارف – بريوت ‪ ،‬عدد األجزاء ‪14 :‬‬
‫تاريخ الطبري‬ ‫‪-73‬‬
‫أيب جعفر حممد بن جرير الطربي‪ ،‬دار الكتب العلمية – بريوت‪ ،‬ط‪1407 ،1‬‬
‫التشريع الجنائي في اإلسالم‬ ‫‪-74‬‬
‫عبد القادر عودة‪ ،‬دار الكتب العلمية‬
‫تنمية مهارات المناقشة لدى تالميذ المرحلة الثانوية‬ ‫‪-75‬‬
‫عباس حممد أمان‪ ،‬رسالة ماجستري غري منشورة بكلية الرتبية – جامعة عني مشس‬
‫‪1987‬م‬

‫‪296‬‬
‫الجدل في القرآن الكريم‬ ‫‪-76‬‬
‫حممد التومي ‪ ،‬دار الفنون‪ ،‬جامعة الزيتونة ‪ ،‬تونس ‪1980-1400 ،‬‬
‫الحوار آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة‬ ‫‪-77‬‬
‫حيىي بن حممد حسن زمزمي‪ ، :‬ط‪ 2‬دار املعايل – األردن ‪1422 ،‬هـ ‪2002 -‬م‬
‫الحوار المتسامح‬ ‫‪-78‬‬
‫عبد الكرمي بكار‪ ،‬مقال مبجلة املعرفة‪ ،‬تصدرها وزارة الرتبية والتعليم باململكة العربية‬
‫السعودية عدد (‪)121‬‬
‫الخطوات الذكية‬ ‫‪-79‬‬
‫سام ديب‪ ،‬وليل سومسان ترمجة سامي تيسري سلمان ‪ ،‬دار املؤمتن للنشر ‪ ،‬ط ‪1418‬‬
‫درء تعارض العقل والنقل‪ ،‬أو موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول‬ ‫‪-80‬‬
‫تقي الدين أحمد بن عبد السالم بن عبد الحليم بن عبد السالم بن تيمية شيخ اإلسالم‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية ‪ ،‬بيروت ‪1417 ،‬هـ ‪1997 -‬م ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬عبداللطيف عبدالرحمن عدد األجزاء ( ‪)10‬‬
‫دروس صوتية‬ ‫‪-81‬‬
‫عطية بن حممد سامل ‪ ،‬مصدر الكتاب ‪ :‬قام بتفريغها موقع الشبكة اإلسالمية‬
‫‪ http://www.islamweb.net‬الكتاب مرقم آليا‪ ،‬ورقم اجلزء هو رقم الدرس ‪12 -‬‬
‫درسا‬
‫دروس للشيخ سلمان العودة‬ ‫‪-82‬‬
‫‪http://shamela.ws/index.php/book/7436‬‬ ‫املكتبة الشاملة‬
‫عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين‬ ‫‪-83‬‬
‫أيب عبد اهلل حممد بن أيب بكر الدمشقي الشهري بابن القيم ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪،‬‬
‫بريوت لبنان ط بدون‬
‫عيون األخبار‬ ‫‪-84‬‬
‫‪http://www.alwarraq.com‬‬ ‫ابن قتيبة الدينوري ‪ ،‬موقع الوراق‬
‫فن اإلصالح بين الناس توجيهات وآداب قواعد وخطوات‪،‬فهد بن فريج املعال‬ ‫‪-85‬‬
‫البلوي‬

‫‪297‬‬
‫كيف تكسب األصدقاء وتؤثر في الناس‬ ‫‪-86‬‬
‫ديل كارنيجي ‪ ،‬ترمجة عبد املنعم الزيادي‪ ،‬مكتبة اخلاجني‪ ،‬القاهرة ‪ 1951‬م‬
‫‪http://shamela.ws/index.php/book7436‬‬ ‫مجلة البحوث اإلسالمية‬ ‫‪-87‬‬
‫المعجم األوسط‬ ‫‪-88‬‬
‫أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ‪ ،‬دار الحرمين ‪ -‬القاهرة ‪ 1415 ،‬تحقيق‪ :‬طارق‬
‫بن عوض الله بن محمد‪ ,‬عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني عدد األجزاء (‪)10‬‬
‫المعجم الوسيط‬ ‫‪-89‬‬
‫مقدمة في علم التفاوض السياسي واالجتماعي‬ ‫‪-90‬‬
‫حسن حممد وجيه‬
‫مناهج الجدل في القرآن‬ ‫‪-91‬‬
‫زاهر األملعي‪ ،‬دار الفرزدق ‪ ،‬الرياض دون تاريخ ويقع يف ‪ 466‬صفحة‬
‫‪ -92‬الحوار في السيرة النبوية‬
‫السيد علي خضر ‪ ،‬املركز العاملي للتعريف بالرسول صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪http://www.siironline.org/alabwab/monawat/84.htm‬‬ ‫‪-93‬‬
‫‪http://www.hadielislam.com‬‬ ‫‪-94‬‬
‫‪http://www.hadielislam.com‬‬ ‫‪-95‬‬
‫‪http://www.altafsir.com‬‬ ‫موقع التفاسري‬ ‫‪-96‬‬
‫‪http://www.raqamiya.org‬‬ ‫‪-97‬‬
‫‪www.awu-dam.com‬‬ ‫موقع احتاد الكتاب العرب على شبكة االنرتنت‬ ‫‪-98‬‬
‫مقاييس اللغة مصدر الكتاب ‪http://www.awu-dam.org :‬‬ ‫‪-99‬‬
‫موقع مكتبة املدينة الرقمية ‪http://www.raqamiya.org‬‬ ‫‪-100‬‬
‫موقع جممع امللك فهد لطباعة املصحف الشريف ‪www.qurancomplex.com‬‬ ‫‪-101‬‬
‫موقع اإلسالم ‪www.qurancomplex.com‬‬ ‫‪-102‬‬
‫املكتبة الوقفية ‪http://www.waqfeya.net/book.php?bid=4126‬‬ ‫‪-103‬‬
‫املكتبة الشاملة ‪http://shamela.ws/index.php/book/7436‬‬ ‫‪-104‬‬

‫‪298‬‬
299

You might also like