Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 10

‫جامعة دمشق‬

‫المعهد العالي للتنمية اإلدارية‬


‫اقتصاد األعمال وإدارة األعمال الدولية‬
‫ماجستير الدراسات العليا في االقتصاد وإدارة األعمال الدولية‬

‫مقرر‬
‫إدارة األعمال الدولية‬

‫إعداد‬

‫دكتور‪ /‬همام نزار عبيد‬

‫‪2019-2018‬‬
‫إعداد الدكتور ‪ /‬همام نزار عبيد‬ ‫جامعة دمشق ‪-‬المعهد العالي للتنمية اإلدارية ( مقرر إدارة األعمال الدولية)‬

‫الفصل الخامس‬

‫منظمة التجارة العالمية والتكتالت االقتصادية ونظريات التجارة الخارجية‬

‫بما أن منظمة التجارة العالمية تعمل في بيئة خارجية تمارس نشاطاتها في إطار منظومة واسعة‬
‫من المتغيرات السياسية واالقتصادية والثقافية واالجتماعية والقانونية والتنظيمية وغيرها‪ ،‬والتي تؤثر‬
‫جميعها في حركة التجارة العالمية‪ ،‬فإنه ال بد من التوقف عند أهم نظريات التجارة الخارجية التي‬
‫يجب أن تلعب درواً إيجابياً في نشاط منظمات األعمال الدولية فيما إذا أحسن توظيفها وتكييفها‬
‫لخدمة أهداف مؤسسات األعمال الدولية‪.‬‬

‫‪ -1‬نظريات التجارة الدولية‪:‬‬

‫قد يتساءل البعض لماذا تقوم بعض الدول بإنتاج كامل ما تحتاجه من السلع والخدمات‪ ،‬بينما دول‬
‫أخرى تقوم بإنتاج بعض السلع وتستورد من المصادر األجنبية احتياجاتها المتبقية‪ ،‬في الوقت الذي‬
‫تتمكن دولة ثالثة من إنتاج ما تحتاجه من السلع والخدمات لكنها تفضل االستيراد الخارجي على‬
‫التصنيع المحلي‪ ،‬بينما يتوفر نمط رابع من الدول يقوم بالتخصص في إنتاج بعض السلع ويضاعف‬
‫إنتاجه فيها ويقوم بعملية تصدير الفائض منها ويستورد ما يحتاجه من سلع وخدمات ال يصنعها‬
‫بنفسه من أسواق خارجية‪.‬‬

‫وهذا النمط األخير كرس فكرة التجارة الدولية بحيث أصبحت الدول تتعاون وتتبادل فيما بينها السلع‬
‫والخدمات عن طريق المقايضة أو البيع والشراء بالنسبة للسلع التي تقوم بتصنيعها وتتمتع ببعض‬
‫الميزات الطبيعية أو البشرية أو التقانية في سبيل إنتاجها في إطار هذه الميزات مما يجعلها في‬
‫حالة جيدة من القدرة التنافسية مع مثيالتها في األسواق الخارجية‪ ،‬وفيما يلي نقدم شرحاً موج اًز‬
‫لمفاهيم أهم نظريات التجارة الخارجية وهي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬نظرية الميزة المطلقة " آدم سميث " ‪The Absolute Advantages‬‬

‫‪49‬‬
‫إعداد الدكتور ‪ /‬همام نزار عبيد‬ ‫جامعة دمشق ‪-‬المعهد العالي للتنمية اإلدارية ( مقرر إدارة األعمال الدولية)‬

‫‪The Comparative Advantages‬‬ ‫ثانياً‪ :‬نظرية الميزة النسبية " ديفيد ريكاردو "‬

‫ثالثاً‪ :‬نظرية نسب عناصر اإلنتاج ‪Factor Proportion Theory‬‬

‫رابعاً‪ :‬نظرية دورة حياة السلعة ‪The Product Lipe Cycle‬‬

‫خامساً‪ :‬نظرية الميزة التنافسية لألمم ‪Comparative Advantage of Nations‬‬

‫سادساً‪ :‬نظرية دايننغ لالستثمار األجنبي المباشر ‪Dunning's Theory For Foreign‬‬

‫أوال‪ :‬نظرية الميزة المطلقة " آدم سميث " ‪The Absolute Advantages‬‬

‫إن أول محاولة لتفسير التجارة الدولية أو التخصص الدولي تفسي ار علميا قام بها ادم سميث في‬
‫كتابه ثروة األمم سنة ‪ 1776‬حيث بدا بتعريف ثروة األمم على إنها انعكاس لقدرتها اإلنتاجية ‪ ،‬و‬
‫ليس قدرتها على جمع المعادن النفيسة و هذا يعني االهتمام بزيادة على القدرة اإلنتاجية و ليس‬
‫العكس و إن ظروف الحرية االقتصادية هي األكثر مالئمة لزيادة الطاقة اإلنتاجية في ظل المنافسة‬
‫الكاملة و لم يؤمن بتدخل الدولة في النشاط االقتصادي‪ ،‬فالتجارة الخارجية الدولية في رأي سميث‬
‫تقوم بوظيفتين هامتين هما‪:‬‬

‫‪ -1‬تخلق مجال لتصريف اإلنتاج الفائض‪ :‬هو اإلنتاج الفائض عن حاجة االستهالك المحلي و‬
‫تستبدله بشيء آخر ذي نفع اكبر‪.‬‬

‫‪ -2‬التغلب على ضيق السوق المحلي ‪:‬و تصل كنتيجة لذلك بتقسيم العمل إلى أقصاه و ترفع من‬
‫إنتاجية البلد المتاجرة و ذلك عن طريق اتساع حجم السوق‪ ،‬تفترض حجة سميث لن تتمتع صناعة‬
‫التصدير بميزة مطلقة أكبرها مما تتمتع به هذه الصناعة في الخارج أي أن الصناعة التصدير قادرة‬
‫على أن تحقق كمية من اإلنتاج أكبرها مما تحققه الصناعة المماثلة في الخارج و ذلك بالقدر نفسه‬
‫من عناصر اإلنتاج‪.‬‬

‫يرى سميث أن تحقيق الزيادة اإلنتاجية يشترط عنصر الحرية االقتصادية و لقد طبق سميث أفكاره‬
‫الخاصة عن المزايا التخصص و تقسيم العمل بين الدولة ‪,‬أي أن كل دولة يجب أن تصدر السلع‬

‫‪50‬‬
‫إعداد الدكتور ‪ /‬همام نزار عبيد‬ ‫جامعة دمشق ‪-‬المعهد العالي للتنمية اإلدارية ( مقرر إدارة األعمال الدولية)‬

‫التي تنتجها بكفاءة مقاسة و إلنتاج و تصدير السلع التي تتمتع في إنتاجها بالميزة المطلقة ‪،‬ووحدات‬
‫العمل التي تحتاجها الوحدة الواحدة من السلعة مقارنة بشركاتها في التجارة ولكن يدعم ادم سميث‬
‫أفكاره‪ ،‬عمد إلى وضع مجموعة من الفرضيات التي ساعدته على ذلك و هي‪:‬‬

‫‪ -1‬وجود دولتين تنتجان سلعتين مختلفتين‬


‫‪ -2‬قيمة السلعة تتحدد بعامل واحد وهو العمل‪.‬‬
‫‪ -3‬دالة اإلنتاج نفسها في كلتا الدولتين‪.‬‬
‫‪ -4‬حرية تنقل عوامل اإلنتاج داخل البلد الواحد وعدم التمتع بهذه الحرية بين الدولة‪.‬‬
‫‪ -5‬التوظيف الكامل لعوامل اإلنتاج داخل البلد الواحد وعدم التمتع بهذه الحرية بين الدولة‪.‬‬
‫‪ -6‬حرية المبادالت‪.‬‬
‫و لقد طبق أفكاره الخاصة عن مزايا التخصص و تقسيم العمل على المعامالت التي بين احد‬
‫الدول و باقي دول العالم فاستنتج أن الدول مثل األفراد يجب أن تخصص في إنتاج و تصدير‬
‫السلع التي تتمتع فيها الدول األخرى بميزة مطلقة ‪,‬بمعنى آخر فان كل دولة يجب أن تصدر السلع‬
‫التي تنتجها بكفاءة مقاسة بوحدات العمل التي تحتاجها الوحدة الواحدة من السلعة مقارنة بشركاتها‬
‫في التجارة ‪.‬نالحظ أن سميث شانه شأن المركنتاليين قد اعتمد على نظرية القيمة في العمل في‬
‫تقييم تكلفة اإلنتاج‪ .‬فتقسيم العمل في المجال الدولي طبقا لما جاء في كتاب آدم سميث يوجب‬
‫على الدولة أن تتخصص في إنتاج السلع التي تكون لديها ميزة مطلقة في إنتاجها ‪ ،‬وكما في‬
‫الجدول اآلتي ‪:‬‬

‫جدول افتراضي يمثل التكاليف المطلقة في العراق وسوريا‬

‫سوريا‬ ‫العراق‬
‫‪40‬‬ ‫‪60‬‬ ‫كغم‪ -‬انتاج ساعة العمل‬ ‫التمر‬
‫‪60‬‬ ‫‪30‬‬ ‫كغم‪ -‬انتاج ساعة العمل‬ ‫القمح‬

‫من الجدول أعاله نجد ان ساعة العمل الواحدة تنتج (‪ 60‬كغم) من التمر في العراق بينما‬
‫تنتج (‪ 40‬كغم) منه في سوريا ‪ ،‬وبالمقابل فان ساعة العمل هذه تنتج (‪ 30‬كغم) من القمح في‬
‫العراق و (‪ 60‬كغم) منه في سوريا‪ ،‬وعليه فان للعراق فاعلية وميزة مطلقة في إنتاج التمر على‬
‫سوريا (‪ 60‬كغم من التمر في العراق اكثر من ‪ 40‬كغم منه في سوريا) ‪ ،‬بينما لسوريا فاعلية وميزة مطلقة على العراق‬

‫‪51‬‬
‫إعداد الدكتور ‪ /‬همام نزار عبيد‬ ‫جامعة دمشق ‪-‬المعهد العالي للتنمية اإلدارية ( مقرر إدارة األعمال الدولية)‬

‫في إنتاج القمح (‪ 60‬كغم من القمح اكثر من ‪ 30‬كغم منه في العراق) ‪ ،‬وبوجود التجارة بين البلدين فان على العراق‬
‫ان يتخصص في إنتاج التمور ألنه يتمتع بميزة مطلقة في إنتاجه وتتخصص سوريا في انتاج القمح‬
‫ألنها تتمتع بميزة مطلقة في إنتاجه هي األخرى ‪.‬‬

‫فقبل قيام التجارة بين البلدين فقد كان العراق ينتج (‪ 90‬كغم) من التمر والقمح في ساعتين‬
‫‪ ،‬بينما تنتج سوريا (‪ 100‬كغم) من التمر والقمح في ساعتين أيضا ‪ ،‬وان مجموع ما ينتجه البلدان‬
‫من كال السلعتين هو (‪ 190‬كغم) في أربع ساعات ‪.‬‬

‫أما بعد قيام التجارة بينهما وتخصص كل منهما بإنتاج السلعة التي يمتلك في إنتاجها ميزة‬
‫مطلقة فسيكون العراق قاد ار على إنتاج (‪ 120‬كغم) من التمر بدال من (‪90‬كغم) من كال السلعتين‬
‫في ساعتين ‪ ،‬وسيكون بمقدور سوريا ان تنتج (‪ 120‬كغم) من القمح بدال من (‪100‬كغم) من كال‬
‫السلعتين في الساعتين أيضا ‪ ،‬وسيكون بمقدور البلدين أن ينتجا (‪ 240‬كغم) من كال السلعتين‬
‫بدال من (‪ 190‬كغم) في أربع ساعات أي بزيادة مقدارها (‪ 50‬كغم) من السلعتين قبل التخصص‬
‫‪ .‬ويرى آدم سميث ان التبادل التجاري بين البلدين سيعود بالنفع والمكاسب عليهما معا ‪ ،‬ومن‬
‫الجدول أعاله نجد إن معدل التبادل المحلي في العراق يساوي (‪6‬كغم) من التمر مقابل (‪3‬كغم)‬
‫من القمح ‪ ،‬وفي سوريا فان معدل التبادل المحلي فيها يساوي (‪6‬كغم) من القمح مقابل (‪2‬كغم)‬
‫من التمر‪ ،‬فإذا اتفق البلدان على أن يكون معدل التبادل بينهما هو (‪6‬كغم) من التمر مقابل‬
‫(‪6‬كغم) من القمح فان العراق سيحقق مكسبا قدره (‪ 30‬كغم) من القمح وتحقق سوريا مكسبا قدره‬
‫(‪20‬كغم من التمر) ‪.‬‬

‫على أن هذه النتائج قد بنيت على أساس اعتقاد آدم سميث بان نفقات إنتاج السلع محسوبة‬
‫بكمية العمل المبذولة في إنتاجها ‪ ،‬وان عنصر اإلنتاج الوحيد الذي يؤخذ بنظر االعتبار في حساب‬
‫التكاليف اإلنتاجية هو عنصر العمل ‪ ،‬إال إن هذا األساس الذي بنى سميث نظريته عليه ال يمثل‬
‫إال حاالت قليلة من التجارة الخارجية وخاصة بين الدول المتقدمة من جهة وبين الدول النامية من‬
‫جهة أخرى وال تصلح لتفسير التجارة بين الدول المتقدمة ذاتها بسبب تقارب إنتاجية العمل فيها‬
‫وتنوع اإلعمال فيها ‪ ،‬وهذا ما دفع (ديفيد ريكاردو) الى صياغة نظرية بديلة للتجارة الخارجية مبنية‬
‫على أساس الفوارق في التكاليف النسبية بين البلدان بدال من التكاليف المطلقة أي ان نظرية‬

‫‪52‬‬
‫إعداد الدكتور ‪ /‬همام نزار عبيد‬ ‫جامعة دمشق ‪-‬المعهد العالي للتنمية اإلدارية ( مقرر إدارة األعمال الدولية)‬

‫التكاليف المطلقة هي حالة خاصة من حاالت التكلفة النسبية ‪ ،‬لذا اطلق على هذه النظرية اسم‬
‫نظرية (المزايا او التكاليف النسبية) ‪.‬‬

‫وقد وجهت انتقادات ألفكار آدم سميث و ِ‬


‫أخذ على مبادئه أنها تنادي بأن تتخصص كل دولة‬
‫في إنتاج السلع التي تتفوق في إنتاجها ‪ ،‬ولكن الدولة التي ال تتفوق في إنتاج أي سلعة فهل عليها‬
‫ان تتوقف عن اإلنتاج وتكتفي باالستيراد ؟ ‪ ،‬فهناك عدد من الدول ال تتمتع بأي تفوق وهذا يكون‬
‫عرضة لمشكالت اقتصادية ألن سلع الدولة المتفوقة ستغزو أسواقها في وقت لن تستطيع فيه‬
‫تصدير أية سلعة لكي تمول االستيراد ‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن هذه المالحظة قد أثيرت فيما بعد بحيث لم يستطع سميث نفسه أن يرد‬
‫عليها ‪ ،‬مما حدا بريكاردو إلى اإلدالء بنظريته التي سنأتي عليها ‪ ،‬وعلى كل حال فإن هذا االنتقاد‬
‫لم ينتقص كثي ار من قدر نظرية سميث ألن الحكم على أية نظرية يجب أن يأخذ بعين االعتبار‬
‫الظروف التي كانت سائدة وقت المناداة بها ‪ ،‬فحرية التجارة كانت في صالح بريطانيا في ذلك‬
‫الوقت (بداية انطالق الثورة الصناعية) وكانت صناعة بريطانيا قوية ولم يكن يخشى عليها من‬
‫منافسة الدول األخرى ‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬نظرية الميزة النسبية " ديفيد ريكاردو " ‪The Comparative Advantages‬‬

‫أورد (ديفيد ريكاردو‪ )David Ricardo‬نظريته في التجارة الدولية من خالل كتابه "مبادئ االقتصاد‬
‫السياسي ‪ "Principle of Politic Economic‬عام ‪1817‬م ويعالج هذا الكتاب أساسا موضوع‬
‫القيمة والتوزيع والريع ‪ ،‬ويتناول موضوع التجارة الدولية في الباب السابع منه ضمن و ٍ‬
‫احد من اهم‬
‫القوانين االقتصادية حتى وقتنا الحاضر وهو (قانون النفقات او المزايا النسبية ‪The‬‬
‫‪ ، )Comparative Advantages Law‬وقد استعرض ريكاردو ما ذهب اليه آدم سميث من أن‬
‫التجارة الخارجية بين دولتين ستعود بالفائدة عليهما وأن التخصص وتقسيم العمل الدولي ال يتوقف‬
‫على نظرية الميزة المطلقة للدول وانما على مقارنة الميزة النسبية لمختلف الدول في إنتاج السلعتين‬
‫معا ‪ ،‬إحداهما بالنسبة لألخرى ‪ ،‬وقد اعتمدت نظرية ريكاردو على عدة فرضيات من بينها ‪:‬‬

‫‪ .1‬وجود دولتين ‪ ،‬وسلعتين في التبادل التجاري ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫إعداد الدكتور ‪ /‬همام نزار عبيد‬ ‫جامعة دمشق ‪-‬المعهد العالي للتنمية اإلدارية ( مقرر إدارة األعمال الدولية)‬

‫‪ .2‬عوامل اإلنتاج تنتقل بحرية كاملة داخل الدولة مع عدم إمكانية انتقالها خارج حدود الدولة‪.‬‬

‫‪ .3‬سيادة سوق المنافسة التامة ‪ ،‬سواء في البيع أو الشراء ‪.‬‬

‫‪ .4‬انعدام نفقات النقل والتأمين والتعريفة الجمركية وغيرها من النفقات‪.‬‬

‫‪ .5‬استخدام نظرية القيمة في العمل ‪ ،‬أي إن قياس قيمة أية سلعة تتم بكمية العمل المصروف‬
‫في إنتاجها ‪.‬‬

‫‪ .6‬توجد تقنية واحدة لصناعة السلعة داخل الدولة ‪ ،‬ولكنها تختلف من دولة ألخرى ‪.‬‬

‫‪ .7‬التوظيف الكامل لعوامل اإلنتاج ‪.‬‬

‫ولتوضيح النظرية نستعين بالمثال األتي ‪:‬‬

‫يمتلك االقتصاد ميزة مطلقة‪ ،‬متى كانت الدولة أكثر إنتاجية فيما يتعلق بإنتاج سلعة أو خدمة‬
‫معينة‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬يكون لالقتصاد ميزة تنافسية في إنتاج السلعة أو الخدمة إذا كان بإمكانه‬
‫إنتاج المزيد منها باستخدام كمية أقل من المدخالت (عمالة ‪ -‬وقت ‪ -‬مواد خام ‪ -‬رأس مال ‪-‬‬
‫عوامل إنتاجية أخرى (مقارنة مع البلدان األخرى‪.‬‬

‫هذا المفهوم يوضحه بسهولة المثال التالي‪ :‬الواليات المتحدة واإلمارات ينتجان النفط‪ .‬لنفترض أن‬
‫العامل في اإلمارات يمكنه إنتاج برميلين من النفط في الساعة‪ ،‬بينما نظيره في الواليات المتحدة‬
‫يمكنه إنتاج برميل واحد في الساعة‪.‬‬

‫في هذه الحالة يمكننا القول بأن اإلمارات لديها ميزة مطلقة في إنتاج النفط‪ ،‬ألن إنتاجية العاملين‬
‫لديها بالقطاع النفطي أعلى مقارنة مع نظرائهم في الواليات المتحدة‪.‬‬

‫تماما أي مقياس‬
‫يجب مالحظة أن الميزة المطلقة ال تأخذ في اعتبارها سوى اإلنتاجية‪ ،‬وتتجاهل ً‬
‫للتكاليف‪ ،‬وبالتالي من الخطأ االعتقاد بأن امتالك االقتصاد لميزة مطلقة في إنتاج سلعة معينة‪،‬‬
‫تعني بالضرورة أنه يمكن إنتاجها بتكلفة أقل‪ .‬وفق مفهوم الميزة المطلقة‪ ،‬نفقات إنتاج السلع تتأثر‬
‫فقط بكمية العمل المبذولة في إنتاجها‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫إعداد الدكتور ‪ /‬همام نزار عبيد‬ ‫جامعة دمشق ‪-‬المعهد العالي للتنمية اإلدارية ( مقرر إدارة األعمال الدولية)‬

‫في المثال السابق‪ ،‬كان للعامل اإلماراتي ميزة مطلقة في إنتاج النفط‪ ،‬ألن إنتاجيته في الساعة‬
‫تعادل ضعف إنتاجية نظيره األمريكي‪ .‬ولكن إذا افترضنا أن أجر العامل اإلماراتي يبلغ ثالثة‬
‫أبدا أرخص من إنتاجه في الواليات‬
‫أضعاف نظيره األمريكي‪ ،‬فإن إنتاج النفط في اإلمارات لن يكون ً‬
‫المتحدة‪.‬‬

‫الميزة النسبية تتناقض مع الميزة المطلقة‪ ،‬حيث تشير الميزة المطلقة إلى القدرة على إنتاج سلع‬
‫وخدمات أكثر وأفضل من أي شخصا أخر‪ ،‬أما الميزة النسبية تشير إلى القدرة على إنتاج سلع‬
‫وخدمات بتكلفة فرصة بديلة أقل‪ ،‬وليس ضروريا أن تكون بحجم أكبر‪ ،‬ولمعرفة الفرق‪ ،‬خذ المحامي‬
‫والسكرتير الخاص به بعين االعتبار‪ ،‬سنجد أن المحامي أفضل في إنتاج الخدمات القانونية ويليه‬
‫السكرتير وكذلك سنجده يكتب على اآللة الكاتب بشكل أسرع ومنظم‪ ،‬وفي هذه الحالة‪ ،‬فإن المحامي‬
‫يمتلك ميزة مطلقة فى كال من إنتاج الخدمات القانونية وأعمال السكرتارية‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬فإنهم يستفيدون من التجارة بفضل مزاياها وعيوبها النسبية‪ ،‬ولنفترض أن المحامي ينتج‬
‫‪ 175‬دوالر ‪ /‬ساعة في الخدمات القانونية و ‪ 25‬دوالر ‪ /‬ساعة في مهام السكرتارية‪ ،‬ويمكن‬
‫للسكرتير إنتاج ‪ 0‬دوالر في الخدمات القانونية و ‪ 20‬دوالر في مهام السكرتارية في ساعة واحدة‪،‬‬
‫إذا هنا‪ ،‬فإن دور تكلفة الفرصة البديلة أمر بالغ األهمية‪ ،‬وفي حالة إنتاج ‪ 25‬دوالر في الدخل من‬
‫أعمال السكرتارية‪ ،‬سيفقد المحامي ‪ 175‬دوالر في الدخل من خالل عدم ممارسة القانون‪ ،‬حيث‬
‫أن تكلفته البديلة من أعمال السكرتارية مرتفعة جدا‪ ،‬كما أنه أفضل حاال من خالل إنتاج ساعة‬
‫من الخدمات القانونية واستئجار سكرتير للكتابة والتنظيم‪ ،‬ويعتبر السكرتير هو أفضل بكثير في‬
‫الكتابة والتنظيم للمحامي‪ ،‬وتكلفة الفرصة البديلة للقيام بذلك منخفضة للغاية‪ ،‬حيث تكمن هنا ميزته‬
‫النسبية‪.‬‬

‫االنتقادات الموجهة للنظرية‬

‫على الرغم من بقاء هذه النظرية كأساس لتفسير التجارة الخارجية بين الدول لمدة طويلة ‪،‬‬
‫اال إن االنتقادات بدأت توجه إليها منذ بداية الحرب العالمية األولى ‪ ،‬وخاصة من قبل اوهن وفرانك‬
‫غراهم ‪ ،‬وفي ما يأتي أهم هذه االنتقادات ‪:‬‬

‫‪55‬‬
‫إعداد الدكتور ‪ /‬همام نزار عبيد‬ ‫جامعة دمشق ‪-‬المعهد العالي للتنمية اإلدارية ( مقرر إدارة األعمال الدولية)‬

‫‪ .1‬المغاالة في التبسيط ‪ :‬ان افتراض وجود دولتين في التبادل الدولي وسلعتين‬


‫قابلتين للتبادل قد ابعد النظرية كثي ار عن الواقع الذي تتبادل فيه مئات الدول‬
‫لماليين السلع ‪ ،‬كما تتعرض فيه األذواق واإلمكانيات الى التبدل والتغير المستمرين‬
‫واللذين يؤثران على مكانة الدول التجارية فالدولة التي تكون متميزة بتجارتها اليوم‬
‫قد تفقد هذه الميزة في الغد لتحل محلها دولة أخرى وهكذا ‪ ،‬وقد يمكن حل هذا‬
‫اإلشكال بافتراض ان العالم ينقسم الى الدولة المعنية بالتحليل وبين بقية دول العالم‬
‫‪ ،‬اما السلع فيمكن كذلك تقسيمها الى السلع التي تتميز بإنتاجها دولة التحليل من‬
‫تبدل األذواق او‬
‫جهة والسلع التي يتميز بإنتاجها العالم من جهة ثانية ‪ ،‬اما حالة ّ‬
‫اإلمكانيات فإنها ربما تؤدي الى تبديل مواقع الدول المصدرة في تسلسلها في‬
‫التجارة الدولية ‪.‬‬

‫‪ .2‬افتراض انعدام نفقات النقل والتأمين وغيرها ‪ :‬وهو أمر ال يمكن تصوره ‪ ،‬بل إن‬
‫هذه النفقات أحيانا تقترب من قيمة السلعة نفسها او ربما تتفوق عليها ‪ ،‬ففي حالة‬
‫كون هذه النفقات عالية فقد تنتفي معها الميزة النسبية التي تمتلكها الدولة في إنتاج‬
‫السلعة ‪ ،‬مما يؤدي الى توقف البلدان األخرى من االستيراد مها بسبب ارتفاع‬
‫تكاليف النقل وبالتالي توقف التجارة الخارجية بينهما ‪ .‬فإذا كانت الدولة المصدرة‬
‫بعيدة عن أسواق استهالك السلعة او كانت السلعة من النوع الذي يحتاج الى‬
‫ظروف خاصة في النقل كالنفط الخام او السلع سريعة التلف او ما شابه ذلك ‪،‬‬
‫فان تكاليف النقل قد تلغي الميزة النسبية للدولة المنتجة ‪.‬‬

‫‪ .3‬افتراض االستغالل الكامل للموارد االقتصادية ‪ :‬أي إن االقتصاد القومي في حالة‬


‫توازن ‪ ،‬اال ان هذا االفتراض غير واقعي ‪ ،‬إذ ان (كينز ‪ )Keyns‬قد اثبت ان‬
‫حالة التوازن يمكن ان تحدث دون حالة االستخدام الكامل ‪ ،‬أي من الممكن حدوث‬
‫حالة توازن في الوقت الذي تكون فيه موارد اقتصادية معطلة ‪ ،‬األمر الذي سوف‬
‫يدفع الدولة المنتجة الى استخدام هذه الموارد المعطلة والتي غالبا ما تكون ذات‬
‫كفاءة إنتاجية اقل وبالتالي انخفاض في مستوى الميزة النسبية التي كانت تمتلكها‬
‫الدولة ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫إعداد الدكتور ‪ /‬همام نزار عبيد‬ ‫جامعة دمشق ‪-‬المعهد العالي للتنمية اإلدارية ( مقرر إدارة األعمال الدولية)‬

‫‪ .4‬افتراض ثبات نفقات اإلنتاج للوحدة الواحدة بغض النظر عن حجم اإلنتاج ‪ :‬إال‬
‫إن الواقع يشير الى إن المشاريع اإلنتاجية تخضع بعد حد معين من اإلنتاج الى‬
‫قانون تزايد النفقات (او قانون تناقص الغلة) ‪ ،‬ويقصد بهذا الحد المعين هو عندما‬
‫تتساوى الكلفة الحدية مع اإليراد الحدي ‪ ،‬اذ عند زيادة اإلنتاج عن هذا الحد فان‬
‫التكلفة الحدية تبدأ باالرتفاع في حين يبدأ اإليراد الحدي باالنخفاض مما يخلق‬
‫فجوة بينهما تمثل خسارة للمنتج تدفعه للحد من زيادة اإلنتاج ‪.‬‬

‫‪ .5‬افتراض حرية التجارة الخارجية وسيادة حالة المنافسة التامة بين الدول ‪ :‬وهو‬
‫أمر مخالف للواقع اذ إن معظم الدول تقوم بفرض قيود على حركة صادراتها‬
‫واستيراداتها كل حسب ظروفها االقتصادية والموردية وطاقات اإلنتاج السلعي لديها‬
‫‪ ،‬أما افتراض سيادة حالة المنافسة التامة في األسواق الدولية فهو مخالف للحقائق‬
‫الدولية اآلتية ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ان معظم السلع الخاضعة لالستيراد والتصدير هي سلع متمايزة وليست‬
‫متجانسة ‪.‬‬

‫ب‪ -‬وجود القيود التجارية التي تفرضها الدول في معظم الحاالت‪.‬‬

‫ت‪ -‬يسود االحتكار او المنافسة االحتكارية معظم النشاطات االقتصادية في‬


‫العالم ‪.‬‬

‫‪ .6‬افتراض المقايضة بالسلع ‪ :‬غير إن واقع الحال يشير الى أن االقتصاد الحديث‬
‫قد فارق التجارة بالمقايضة واستبدل بها استخدام النقود بأشكالها المختلفة وعلى‬
‫نطاق واسع كوسيط للتبادل ‪ ،‬كما ان التبادل الدولي يتم بالنقود الدولية ذات‬
‫األسعار المختلفة والمتغيرة للصرف والتي تجعل عملية التبادل خاضعة الى قوانين‬
‫العرض والطلب الدوليين واألسعار الدولية للسلعة وأسعار الصرف األجنبي وليس‬
‫الى المقايضة المجردة ‪.‬‬

‫‪57‬‬

You might also like