Professional Documents
Culture Documents
(المؤسسات العلمية في بغداد ودورها في إزدهار الحركة العلمية في المشرق خلال القرن 2 هـ )
(المؤسسات العلمية في بغداد ودورها في إزدهار الحركة العلمية في المشرق خلال القرن 2 هـ )
(المؤسسات العلمية في بغداد ودورها في إزدهار الحركة العلمية في المشرق خلال القرن 2 هـ )
(املؤسسات العلمية في بغداد ودورها في إزدهارالحركة العلمية في املشرق خالل القرن 2هـ(
ملخص:
لقد شهد القرن الثاني الهجري في بغداد حركة علمية نشيطة ساهمت فيها غزارة املؤسسات العلمية التي انتشرت بشكل واسع،بداية
باملساجد التي هي أقدم مؤسسات التعليم عند املسلمين وإنتشرت الكتاتيب وأصبحت قصور الخلفاء ومجالسهم ساحات للعلم واملناظرات
وإستقدموا العلماء لتعليم أبناءهم وتأديبهم.
وقد ظهر الكثير من العلماء الذين جلسوا في ساحات هذه املؤسسات وعملوا على نشر العلم والتدريس وتكوين الطلبة العلم وبذلك
انتشرت حوانيت الوراقين واملكتبات التي ساهمت في نشر هذه الحركة وشيوعها حيث إتجه العلماء في هذا العصر إلى التدوين والتصنيف
وترتيب مسائل العلم وتميز كل علم عن غيره ووضعوا إلى جانب ذلك علوما أخرى كعلم اللغة والنحو والحديث والعروض والتاريخ واألدب .
ولم يقفوا عند هذا فحسب بل تخطوه الى ترجمة العلوم وعملوا على تدوين وتصنيف وترتيب مسائل العلم وتميز كل علم عن غيره ،ووضعوا
إلى جانب ذلك علوما أخرى كعلم اللغة والنحو وعلم الحديث والعروض واألدب والتاريخ وقد تجاوزوا هذه املرحلة بترجمة العلوم األجنبية .
تميز هذا العصر بظهور الكثير من العلماء املجتهدين الذين دونت مذاهبهم وقلدت أراؤهم وأعترف لهم باإلمامة والزعامة الفقهية ،وظهرت
لهم مصنفات كثيرة في السير واملغازي والفقه وفي شتى فنون العلم .
Abstract:
The second Hijri century witnessed an active scientific movement in Baghdad, which contributed to the abundance of
scientific institutions that spread widely, starting with the mosques which are the oldest institutions of education among
the Muslims and spread the books and the palaces of the caliphs and their councils became forums for science and debates
and brought scientists to teach their children and discipline them.
Many scientists who sat in the halls of these institutions have worked to spread science, teaching and the formation of
students. Thus, the libraries and libraries that contributed to the spread of this movement and their spread have spread. In
this era, scientists have moved to blogging, classifying and classifying science. Other aspects include linguistics, grammar,
modernity, presentation, history and literature.
343
العدد السابع مجلة حق ائق للدراسات النفسية واالجتماعية
تمهيد:
لقد شهد القرن الثاني حركة علمية نشيطة حيث إتجه العلماء في هذا العصر إلى التدوين والتصنيف وترتيب مسائل العلم وتميز كل علم
عن غيره ووضعوا إلى جانب ذلك علوما أخرى كعلم اللغة والنحو والحديث والعروض والتاريخ واألدب ولم يقفوا عند هذا فحسب بل
تخطوه الى ترجمة العلوم ،وقد أنجب هذا العصر الكثير من العلماء املجتهدين دونت مذاهبهم وقلدت أراؤهم وأعترف لهم باإلمامة والزعامة
الفقهية كما لعب الخلفاء دورا هاما في دفع هذه الحركة العلمية وبناء دولة قوية فقربوا العلماء وشجعوا على ترجمة العلوم وكانت
م جالسهم عامرة بالعلماء والفقهاء وإقتدى بهم في ذلك الوالة الذين حذو حذوهم وهذا ما شوهد في املؤسسات العلمية التي كانت تعج
بالعلماء والطلبة .
أ /الكتاتيب و املساجد :انتشرت الكتاتيب في العصر األموي وفي غالب األحيان كان يتعلم فيها الناش ئ مبادئ القراءة والكتابة وبعض سور
القرآن وشيئا من الحساب وبعض األشعار واألمثال ،كما كان بعض معلمي الكتاتيب يعلمون الناشئة أيضا السنن والفرائض والنحو
والعروض ،وكانوا يؤثرون في تعليم البنات تحفيضهن القرآن الكريم وخاصة سورة النور كما يقول الجاحظ 1
أما املساجد فتعتبر من أقدم مؤسسات التعليم عند املسلمين فهي لم تكن أماكن للعبادة فقط وإنما كانت تعقد فيها حلقات العلم
والدراسة ،وقد شكلت علوم الشريعة اإلسالمية أساس مواد الدراسة في حلقات املساجد خاصة علوم القرآن الكريم كالتفسير والحديث و
القراءات والفقه و الكالم باإلضافة إلى علوم اللغة و األدب 2
فيذكر بن خلكان أن ربيعة الرأي كان يجلس في مسجد رسول هللا صلي هللا عليه وسلم في املدينة ويجلس في حلقته مالك بن أنس والحسن
وأشراف أهل املدينة ويحدقون به ،
وكان مسجد البصرة مركزا لحركة علمية كبيرة في العهد األموي ،فحول الحسن البصري وفي حلقته نشأت املباحث الكالمية وأعتزل واصل
بن عطاء حلقة الحسن وكون له حلقة ،بل كان هناك بجانب حلقة علوم الشريعة حلقات لعلوم العربية ،3حيث يقول ياقوت الحموي « كان
حماد بن سلمة بن دينار يمر بالحسن البصري في الجامع فيدعه ويذهب إلى أصحاب العربية فيتعلم منهم» 4
ومن املساجد املشهورة التى أمتالت بحلقات التعليم في العصر االسالمي جامع املنصور في بغداد والجامع األموي في دمشق واملسجد النبوي
باملدينة واملسجد الحرام بمكه املكرمه .فكان جامع املنصور قبالة أنظار األساتذة والطالب وهو أقدم مسجد جامع في بغداد وأشهر مركز
تعليم في ديار االسالم حيث كانت تعقد فيه حلقات كبيرة للعلم ويؤمه الطالب من كل أقطار البالد اإلسالمية لإللتقاء بالعلماء في شتئ
ميادين العلوم ،وقد جلس فيه الكثير من العلماء مثل الكسائي (ت 189هـ805/م)5
لقد وجد في قصور الخلفاء واألمراء واألغنياء من الناس تعليم خاص بأبنائهم حيث كان الخلفاء واألمراء يختارون بعض املعلمين لتدريس
أبنائهم وأطلقوا عليهم إسم املؤدبين فمثال إستقدم أبو جعفر املنصور شرقي بن القطامي ليعلم ولده املهدي األدب كما كان املفضل الضبي
يؤدب املهدي قد جمع له املفضليات والكسائي كان يؤدب األمين بن هارون الرشيد ويعلمه اآلداب ، 6كما عهد الخليفة هارون الرشيد
بتعليم ولديه األمين واملأمون إلى سبويه (ت 180هـ796/م) حيث كان يهدف من وراء تعليمهم إلى التزويد بمبادئ القراءة والكتابة وتلقي نوع
من الثقافة مع التركيز على املعارف التى تؤهلهم لحمل األعباء التى سيحملونها في املستقبل 7
ُ
أما عن مجالس الخلفاء والوزراء قد تحولت إلى ما يشبه الندوات العلمية واألدبية إذ يلتقي فيها كبار األ ّداب والفالسفة والعلماء إلجراء
املناظرات والندوات في مجاالت متعددة وإرتبطت بقصور الخلفاء والوزراء واألغنياء من الناس واتضحت فيها تقاليد الحضارات األجنبية التي
اقتبسها الخلفاء من البالد املفتوحة 8
344
العدد السابع مجلة حق ائق للدراسات النفسية واالجتماعية
وقد كان الخلفاء يشاركون في موضوعات النقاش التى تدور في هذه املجالس خاصة أولئك الخلفاء الذين كانو على درجة من الثقافة مثل
هارون الرشيد وابنه املأمون ،حيث ظهر نشاط هذه املناظرات على درجة ممتازة في عهد الرشيد إذ كانت تعقد في مجلسة مناظرات بين
الشعراء مثل ما روى عن مناظرة الكسائي وسيبويه بين يدي الرشيد أو بين يدي خالد البرمكي 9
كما كانت مجالس البرامكة في عهد الرشيد ندوات كبيرة للمتكلمين والفالسفة وفي ذلك يقول املسعودي <<:كان يحي بن خالد البرمكي ذا
بحث ونظر ،وله مجلس يجتمع فيه أهل الكالم مع أهل االسالم وغيرهم من أهل النحل فقال لهم يحي وقد اجتمعوا عنده :قد أكثرتم الكالم
في الكمون والظهور والقدم والحدوث واالثبات والنفي والحركة والسكون واملماسة واملباينة والوجود والعدم والجوهر والطفرة واألجسام
واالعراض والتعديل والتحوير والكمية والكيف واملضاف واإلمامة أنص هي أم اختبار وسائر ما تريدونه من الكالم في األصول والفروع
فقولوا اآلن في العشق على غير منازعة وليورد كل منكم ما سنح فيه وخطر بباله 10
وهي أماكن خاصة يبيع الكتب ،إال أنها تحولت الى مسرح الى الثقافة والحوار العلمي وبدا ظهورها منذ مطلع الدولة العباسية وذلك نتيجة
للتطور العلمي الكبير الذي مر به املجتمع االسالمي وانتشرت في العواصم والبلدان االسالمية بسرعة كبيرة فكان يتردد عليها العلماء والطلبة
فيتذكرون في املسائل العلمية و األدبية 11
لقد اهتم املسلمون اهتماما كبيرا بالكتب حتى ان بعض الخلفاء استخدم الكتب كوسيلة للتصالح مع أعداء االسالم فكانت شرطا من
شروط الصلح فالخليفة هارون الرشيد بعد انتصاره على الروم طلب منهم تسليمه املخطوطات اليونانية وقد اقتدي به ابنه من بعده في
ذلك حيث عندما انتصر املأمون على إمبراطور بيزنطة مخائيل الثالث طلب منه تسليم جميع املخطوطات اليونانية الخاصة بالفلسفة ولم
تترجم إلى العربية حيث أرسل العلماء إلى بالد الروم للقيام بهذه املهمة 12
وتعتبر مكتبة بيت الحكمة أشهر مكتبة وصل إلينا خبرها في ذلك العصر حيث كانت مكتبتها عامرة ،أنشاها الخليفة الرشيد في بغداد وقد
كان الرشيد محبا للعلم مشجع العلماء كما كانت تحوي عدد كبيرا من الكتب العلمية واألدبية وقد وصلت أوج ازدهارها في خالفة املأمون
وكان في بيت الحكمة مما ألفه العلماء واألدباء في مجاالت اللغة واألدب والتاريخ والفقه وعلم الكالم وغيرهم13
-2مظاهرالنشاط العلمي
تميز القرن الثاني للهجري بتمايز العلوم بعضها عن بعض إضافة إلى اتجاه املسلمين إلى التدوين والتصنيف وترتيب مسائل العلم وتميز كل
علم عن غيره ،كما وضعوا إلى جانب ذلك علوما أخرى كعلم اللغة والنحو وعلم الحديث والعروض واألدب والتاريخ وقد تجاوزوا هذه املرحلة
وذلك بترجمة العلوم األجنبية ،كما تميز هذا العصر بظهور الكثير من العلماء املجتهدين الذين دونت مذاهبهم وقلدت أراؤهم واعترف لهم
باإلمامة والزعامة الفقهية فأصبحوا هم القادة والقدوة 14
وعن هذا القرن يقول السيوطي ":في سنة 143هـ760/م شرع علماء اإلسالم في تدوين الحديث والفقه والتفسير فصنف بن جريح في مكة
املكرمة ،واإلمام مالك في املدينة املنورة واإلمام األوزاعي بالشام وحماد بن سلمه بالبصرة وسفيان الثوري بالكوفة وصنف اإلمام أبو حنيفة
الفقه والرأي وكثر تدوين العلم وتبويبه ودونت كتب العربية واللغة والتاريخ وأيام الناس15
وظهر كثير من املفسرين بداية من القرن الثاني للهجرة فنجد السدي (127هـ744 /م) الذي اعتمد في تفسيره على ابن عباس وابن مسعود
وغيرهما من الصحابة كما برز مقاتل بن سليمان (ت 150هـ767/م) وقد تأثر هذا األخير بتفسير التوراة الذي إتخذه عن اليهود حتى إتهمه
االمام أبو حنيفة بالكذب16
345
العدد السابع مجلة حق ائق للدراسات النفسية واالجتماعية
أما في مجال األدب والنحو فقد برزت مدرستا الكوفة والبصرة ويعتبر أبو األسود الدؤلي أول من وضع أساس مدرسة البصرة والتى تعتبر
أقدم من سابقتها وأشهر منها وقد تأثرت هذه املدرسة باملنطق اكثرمن منافستها حتى سمي نحاة البصرة بأهل املنطق أو أهل القياس تميزا
لهم عن نحاة الكوفة ،وتأثيرهم باملنطق يعود إلى تأثير املذاهب الفلسفية التى ظهرت في البصرة قبل ظهورها في غيرها كما ان نحاة البصرة
من الشيعة املعتزلة الذين افسحوا السبيل للحكمة كي تؤثر في مذاهبهم الكالمية ومن أبرز علماء البصرة أبو عمرو بن العال
(ت153هـ710/م) الذي اشتغل بالتفسير والخليل بن أحمد (ت 170هـ786/م) واضع علم العروض17
وقد اشتغل املسلمون بتدوين السير والفتوح االسالمية حيث ظهر في القرن الثاني الهجري ابن شهاب الزهري ت( 124هـ741/م) وموس ي بن
عطية (ت 141هـ759/م) اللذان جمعا كتابا في املغاري ،كما اشتغل في املغازي أيضا ابن اسحاق (ت 151هـ769/م) وتلميذه ابن هشام (ت
218هـ833/م) صاحب سيرة الرسول صلي هللا عليه وسلم 18
ونجد أيضا من كتاب املغازي معمر بن رشد (ت 154هـ771/م) وقد كان محدثا و مؤرخا ومفسرا وله كتاب في املغازي كما له كتاب في
الحديث إسمه الجامع وممن كتب في السيرة محمد بن عبد هللا الحنفي (ت 162هـ779/م) الذي تتلمذ على يد الزهري أيضا هو األخر .
كما قد روى عن الواقدي (ت 208هـ823/م) وسعيد بن مريم وغيرهما ،وله كتابا في السيرة الذي يعتبر مصدرا مهما من مصادر الواقدي ،
وممن ألفوا في املغازي يحي بن سعيد األموي (ت 194هـ808/م) وله كتاب املغازي ،وبرز أيضا في مجال املغازي عاملان مشهوران أولهما
الواقدي والثاني ابن هشام (ت 208هـ او213هـ 823/م أو 838م) كما نشطت حركة الترجمة في العصر العباس ي فترجم بن املقفع (ت 142هـ
759/م) في أيام الخليفة املنصور كتب أرسطو في املنطق كما ترجم عن الفارسية عدة مصنفات .
وقد عرف العصر العباس ي ظهور كبار املحدثيين والحفاﻅ أمثال االمام أبو سفيان الثوري (ت 161هـ776/م) ووكيع بن الجراح (ت
196هـ811/م) وقد كان يفقه كثير الحديث ويحي بن سعيد بن قطان(ت 198هـ 813/م) إلى جانب شعبه بن الحجاج الزاهد املحدث (ت
160هـ776/م) وعبد الرحمان بن املهدي (ت 198هـ813/م) واألوزاعي (ت 157هـ773/م) والليث بن سعد إمام أهل مصر املحدث الفقيه (ت
175هـ791/م) وغيرهم 19
ومما زاد تطور العلم واتساعه اهتمام الخلفاء وبالعلماء به فأبو جعفر املنصور يؤثرهم بعطاياه و املهدي يناوء الزنادقة ويتابعهم ويدعو
العلماء ملقاومتهم فقد كان للعلماء حرية الرأي في البحث ،فكانوا يجتهدون في التعرف على األحكام الشرعية دون أن تتحكم فيهم سلطة أو
يحجز عنهم لرأي ما 20
وقد ظهر الحديث منذ وقت مبكر فقد نشط العلماء والفقهاء في كل مصر لجمع الحديث وتدوينه فكان مالك بن أنس (ت 179هـ795/م)
وقد صنف املوطأ باملدينة املنورة وكذلك جمع الحديث لكل من ابن جريح عبد امللك بن عبد العزيز (ت 161هـ767/م) في مكه وعبد الرحمان
األوزاعي(ت 183هـ799/م) وسفيان الثورى (ت 161هـ777/م) في الكوفة وابن دينار حماد بن سلمة (ت 176هـ792/م) في البصرة وكانوا
جميعا متزامنين وإن تفرقوا في األمصار ،وأصبح لكل من هؤالء تالميذ أتباع يتبنون طريقتهم وعرفت هذه الطرق باملذاهب ،لهذا عرف هذا
العصر بنشأة املذاهب ،حيث أحكم هؤالء األئمة مذاهبهم وتركوا ملن بعدهم ثروة علمية تعين على معرفة الحق وفهم النصوص 21
ومما يبين إهتمام الخلفاء بالعلم ما طلبه أبو جعفر املنصور من اإلمام مالك بأن يجعل من كتابه املوطأ دستور للدولة كما أراد املهدي تولية
اإلمام سفيان الثورى في القضاء لكنه رفض وظل متخفيا حتى توفي سنة 161هـ777/م 22
وأهم ما ميز هذا العصر هو شيوع الجدل واملناظرات بين الفقهاء رغبة منهم في معرفة ماعند غيرهم من أصحاب املذاهب االخرى كي يقارنوه
بما عندهم ليتبين لهم أنهم كانوا على صواب أم على خطأ فإذا إلتقي فقيهان في مجلس سأل أحدهما اآلخر عما عنده في مسألة معينة فإذا
أجابه بما يخالف ما وصل اليه إجتهاده ناقشه رأيه ويطول األخذ بينهما حتى يسلم أحدهما لآلخر ويتمسك كل واحد برأيه إذا لم يقتنع بالرأي
األخر23
346
العدد السابع مجلة حق ائق للدراسات النفسية واالجتماعية
وقد كانت اللقاءات بين العلماء واملناقشات عديدة ،فأبوا حنيفة يلتقي باألوزاعي ويناقشه ويناظر مالك أبا حنيفة حتى ْ
يعرق من املناظرة
وكان الليث بن سعد يالزم مالكا ويتلقي عمن تلقى عنه ثم يسافر إلى العراق ويرى أبا حنيفة يجيب عن مسألة فيصور الليث إنطباعه على
هذه اإلجابة 24
-3حركة التأليف:
يعتبر الفقه من جملة التآليف التى دونت استفادة هذا العلم من تدوين السنة والنحو والبالغة وكان تصنيف الفقه مختلطا بالسنة ،وما أثر
على الصحابة والتابعين وخير مثال على هذا التصنيف موطأ اإلمام مالك وكتاب الجامع الكبير لسفيان الثورى وقد إعتنى العلماء األحناف
بهذا العلم فكتب أبو يوسف (ت 182هـ 798م) كتاب الخراج تناول فيه الدستور املالي للدولة االسالمية فقها مجودا ،وكذلك محمد بن
الحسن الشيباني في كتبه السته التى جمع فيها مسائل األصول في مذهب إمامه تعني بالدليل وتهدف إلى إظهار الحق 25
أما عن املؤلفات فنجد في املغازي معمر بن راشد (ت 159هـ770/م) وكان مؤرخا ومحدثا ومفسرا وتتلمذ كذلك على الزهري وله كتاب في
املغازي كما له كتاب في الحديث أسمه الجامع وممن كتب في السيرة محمد بن عبد هللا الحنيفي (ت 162هـ781/م) وتتلمد على الزهري وروى
عن الواقدي وسعيد ابن مريم وغيرهما ،وله كتاب السيرة الدي يعتبر مصدرا هاما من مصادر الواقدي ،كما نجد ممن ألفوا في املغازي
فنجد كتاب املغازي وكتاب مولد النبي صلي هللا عليه وسلم وكتاب الردة وكتاب الفتوح وكتاب مقتل الحسين وكتاب صفين وكتاب الشورى
وكتاب الصوائف وكتاب التفسير26
كما قد ساهمت حركة الترجمة في إثراء الحركة العلمية في العالم اإلسالمي وازدهارها وذلك من خالل ما نقل العلوم اللغات القديمة إلى
اللغة العربية ،حيث كان للخلفاء دور بارز في هذه الحركة وتدعيمها كتشجيع العلماء واملترجمين والعمل على إستجالب الكتب وترجمتها،كما
كان لبعض األسر وذوي النفوذ بالغ األثر فيها.
وختاما ملا سبق يتضح أن املؤسسات العلمية في القرن الثاني إنتشرت بشكل واسع وتنوعت بداية من املساجد والكتاتيب وصوال إلى املدارس
وإنعكس انتشارها ايجابا على الحركة العلمية التي إزدهرت ونشطت وإعتني بها من طرف الخلفاء والوالة فأصبحت بغداد حاضرة علمية تعج
بالعلم والعلماء وهذا ما ساهم بقوة تطور الحياة العلمي في العالم اإلسالمي عموما من خالل رحلة العلماء وطلبة العلم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اإلحاالت واملراجع:
2محمد حسين محاسنة :أضواء على تاريخ العلوم عند املسلمين ،دار الكتاب العربي ،اإلمارات العربية املتحدة ،ط،1،2000ص136
4ياقوت الحموي :معجم األدباء ،تحقيق إحسان عباس ،دار الغرب اإلسالمي ،بيروت ،ط 1993 ،1م،ج،1ص .1200
محمد حسين محاسنة :املرجع السابق ،ص. 138- 137احمد أمين :املرجع السابق ،ص. 45-44 5
6ابن خلكان:وفيات األعيان وأنباء الزمان،تحقيق إحسان عباس،دار صادر،بيروت، 1990،ج،1ص. 465
347
العدد السابع مجلة حق ائق للدراسات النفسية واالجتماعية
8محمد حسين محاسنة :نفس املرجع ص، 141وأنظر أحمد حسن املراغي :دراسات في املكتبة العربية وتدوين العلوم ،دار العلوم العربية
،بيروت ،1991،ص. 58
9شوقي ضيف تاريخ األدب العربي العصر العباس ي االول ،دار املعارف ،مصر ،ص .105
املسعودي :مروج الذهب ومعادن الجوهر،تحقيق وتعليق سعيد محمد اللحام ،دار الفكر ،بيروت ،لبنان .2005 ،ج،3ص.383 10
ابن النديم :الفهرست ،تحقيق رضا تجدد ،مطبعة مصر ،القاهرة ،ص.314-311 12
محمد عبد الرحمن مرحبا :من الفلسفة اليونانية الى الفلسفة العربية ،مؤسسة عويدات للنشر ،بيروت ،ص.304 13
14محمد على سايس :تاريخ الفقه اإلسالمي ،ط،1دار الكتب العلمية ،بيروت ،1990،ص93
16حسن إبراهيم حسن :تاريخ اإلسالم السياس ي والديني واالجتماعي ،دار الجيل ،بيروت ،ج، 2ط ،14،1996ص. 411
19عمر سليمان األشقر :مدخل إلى دراسة املدارس واملذاهب الفقهية ،ط،1األردن ،دار النفائس ، 1995،ص. 18
20محمد على سايس :تاريخ الفقه اإلسالمي ،ط،1دار الكتب العلمية،بيروت،1990 ،ص.96-95
21يحي وهيب الجبوري :الكتاب في الحضارة اإلسالمية ،دار الغرب اإلسالمي ،بيروت،ط1،1998ص 61-60وأنظر عمر سليمان األشقر
:املرجع السابق ص. 41
22محمد مصطفى شلبي :املدخل إلى فقه اإلسالمي ،دار الجامعية ،بيروت ،ط،1،1985ص13
24املدرسة الفقهية للمحدثين ،مكتبة الشباب ،مصر(،د،ط)(،د،ت) ،ص 62عبد املجيد محمود
25أحمد كمال زكي :الحياة األدبية في البصرة ،دار املعارف ،مصر ،ط،1،1،1971ص25 150
348