Professional Documents
Culture Documents
Document
Document
لمن
إلتجأ إلى جنابه ،وفَّو ض األمر له ،الهادي بترقيقه ،العزيز إلى التوفيق بين ما تعارض نقًال بما
يعز [ ،]...والصالة والسالم على من أوتى جوامع الكالم وعلى آله وأصحابه مصابيح الظالم،
وبعد:
فيقول الفقير إلى لطف مواله الظاهر والخفي أبو اإلخالص حسن الوفاق الشربناللي الحنفي:
"أنه قد ورد سؤال في قضية ،هى ما تقول السيادة الحنفية فيما إذا أعضل األب الصغيرة ،هل
ُيُز ِّو ُجها جّد ها أو عّمها أو القاضي ولو نائبًا؟" ،فأجبت" :بأن القاضي أو نائبه هو الذي يزِّو جها
دون من سواه ،لكنه ينبغي له أن يأمر األب قبله بتزويجه [ ،]...فإن فعل واألناب منابة فيه كما
يأمر [ ،]...فهو لذوي الفضل من الحق المبين" ،وَّج هت ما فيه الكفاية من النقل لمن فضل،
وسّميته "كشف المعضل في من عضل" ،وهذه النقول قال ابن وهبان في منظومته" :ولو زَّو ج
القاضي ابنة الحي طفلة ،يجوز لعضل بعضهم ليس ُيذكر" ،وقال في شرحها البن الشمنة عن
الفايه عن روضة الناطفي" :إن كان للصغيرة أب امتنع من تزويجها ،ال تنتقل الوالية إلى
الجّد " ،انتهى .ونقله أيضًا ابن الشمنة عن أنفع الوسائل عن المنتقى ،ونعته" :إذا كان للصغيرة
أب امتنع من تزويجها ،ال تنتقل الوالية إلى الجد ،بل يزِّو جها القاضي" ،انتهى .وقال في
البحر" :وإذا َخ َط َب ها كفؤ [/82ظ] لما قدمناه؛ ألنه ال شك أَّن جهالة وصف الثمن جهالة قدره
مفضية للمنازعة المانعة من التسليم والتسُّلم ،كما أَّن جهالة جنس المبيع الذي لم ُيِش ر إليه
بائعه ،فقد أفادت البدائع اشتراط معرفة الثمنَ ،و ْص ف الثمن وقدره ،وإفادة معرفة جنس المبيع
إذا لم ُيِش ر إليه ،فاِّد عاء نفيها الوْص ف غير مسّلم ،وكانت مفيدة لما يفيده عبارة الكنز وغيره من
أَّن معرفة َقْد ر المبيع الذي لم ُيشر إليه ،ليست شرطًا لصحة البيع؛ ألن ثبوت خيار الرؤية مانع
من المنازعة المفسدة بخالف الثمن الذي لم ُيشر إليه ،وبيع ثمرة على شجر استثنى منها
أرطال ،صحيح على رواية الكنز؛ ألن الباقي جهالة غير مبطلة ،فهو يفيد صحة البيع مع العلم
به وجهالة قدره؛ ألن اإلشارة هنا ليست للمبيع منفردًا حتى ُيستفتى بها عن ِذ ْك ر قدره لو شرط
عليه ،ولهذا َب َّين في "الهداية" مفهوم كالمه المتقِّد م بقوله" :واألثمان المطلقة" أي :عن قيد
اإلشارة ،ال يصح حتى تكون معلومة القْد ر كخمسة ،والصفة عشرة دراهم بخارية أو
سمرقندية ،وكذا حنطة بحرية أو صعيدية ،وهذا ألنها إذا كانت الصفة مجهولة ،تتحقق
المنازعة في وصفها ،فالمشتري يريد دْف ع األدون ،والبائع يطلب األرفع ،فال ُيحِّصل مقصود
شرعية العقد ،وهو دْف ع الحاجة بال منازعة ،وقد َب َّين الشارع أَّن الحنطة ونحرها عن موصوف
ال مبيع يعني إذا دخل عليها البائع ،ثم مثل إذا باع عبدًا بثوب موصوف في الذمة إلى أجل،
جاز ويكون بيعًا في حق العبد حتى ال يشترط [ ]...في المجلس ،وهكذا عبارة القدوري -
رحمهم هللا ،-فتلخص مما ذكرناه ،إَّن جهالة قدر المبيع الذي ُسمي جنسه وجهالة وصفه ال
تمنع سواء كان المبيع ُمشارًا إليه أو غير ُمشار إليه؛ ألن الُمشار إليه علم باإلشارة ،والغائب
يثبت فيه خيار الرؤية ،فانتفت الجهالة المانعة من الصحة ،فلم يحتج إلى بيان قدره وال بيان
وصفه لصحة بيعه .هذا ما تيَّسر تسطيره وتحريره بفضل هللا -سبحانه وتعالى ،-كما جرى به
تقديره بتاريخ أواسط جمادي الثاني سنة ثمان وخمسين وألفُ ،خ ِتمت بخير والحمدهلل رب
العالمين.
[/83و] إذا سافر للحج انتهى وإليه يشير ما قاله في شرح "المجَّمع" البن الملك ،وقال الشافعي
-رحمه هللا" :-القاضي ُيقَّد م على الولي إال ُبْع د ،أي :بغيبة األقرب؛ ألن والية األقرب في
اإلنكاح لم تبطل بغيبته ،كما لم تبطل واليته في ماله ،لكن بغيبته صار كأنه منع حق الصغيرة
في تزويجها الكفؤ ،فيقوم القاضي مقامه؛ دفعًا لظلمه" ،ثم قال في جواب اإلمام الشافعي -رحمه
هللا" :-ونيابة القاضي كيف تتحقق ولم يوجد من األقرب ظلم" ،انتهى .فهذا أيضًا يفيد االتفاق
عندنا على ثبوت الوالية للقاضي بعضل األقرب ،وال يكون لغيره معه والية التزويج ،انتهى،
ولو عضل الولي عن تزويج الصغيرة ،وَخ َط َب ها كفؤ ،فامتنع الولي ،زَّو جها القاضي ،فإن
زَّو َج ت نفسها من كفؤ بمهر المثل ،أَم ره القاضي باإلجازة ،فإن أبا حكم بعضله ،وأخرجه من
الوالية ،وأجاز النكاح وال يستأنفه ،انتهى .فإن قلت يخالفه ما صَّر ح به في الخالصة والبزازية
من أنهم أجمعوا ،أَّن الولي األقرب إذا عضل تنتقل الوالية إال بعد ،انتهى .قلت" :ال مخالفة بينه
وبين ما تقَّد م؛ ألن األبعد في كالم الخالصة والبزازية هو القاضي؛ ألنه آخر األولياء في فعل
التفضيل على بابه ،فانتفى به ثبوت الوالية لمن قبيله واألناقضة ما قدمناه من كالم الزيلعي
وغيره المفيد ،والية القاضي باإلجماع عندنا ال لمن قبله ،وكذا النصوص على أنها للحاكم ال
للجد ،وكذا قال في "الفيض" بعد ما قدمناه" :لو عضل الولي األقرب الصغير والصغيرة ،لكن
تزويجهما يزِّو جهما القاضي ،لكن تزويجه هنا نيابة عن العاضل بإذن الشرع ال بغيره؛ ألن
العاضل ظالم بالمنع ،وللقاضي كف يد الظلمة" .وفي الخالصة" :وأجمعوا أن الولي األقرب إذا
عضل ،تنتقل الوالية إلى األبعد ،فلذا قلنا أنه نائب بإذن الشرع" ،انتهى.
كالم "الفيض" ،فهو نص في أَّن المراد باألبعد القاضي ال [ ]...به في مقام االستشهاد؛ إلثبات
الوالية للقاضي ،ولتذييله له بقوله "فلذا" أي :فلثبوت الوالية له ،قلنا" :أنه أي تزويجه ثابت
بإذن الشرع نيابة" ،فإن قلت" :نقل في شرح "المنظومة" عن المنتقي ،أَّن [ ]...الخيار ،فلوال
أنه ثبت للقاضي بطريق الوالية ،لما كان لها الخيار بالبلوغ ،وإذا ثبت هذا كان [/83ظ]
فعضلها الوليُ ،ت ثبت الوالية للقاضي نيابة عن العاضل" ،انتهى .وكذا قال العاَّل مة نور الدين
على المقدسي في شرحه نقًال عن "الغاية" للسروجي" :أنه ثبت للقاضي نيابة عن العاضل ،فله
التزويج وإن لم يكن في منشوره" ،انتهى .وكذا نقل في النهر عن المحيط ،أنها تنتقل إلى
الحاكم ،انتهى .وقال في "الفيض" للبرهان الكركي -رحمه هللا" :-لو كان للصغيرة أب امتنع
من تزويجها ،ال تنتقل الوالية للجد ،بل يزَّو جها القاضي ،انتهى .وقال الشارح اإلمام الزيلعي -
رحمه هللا -عند قول صاحب الكنز" :ولألبعد التزويج بغيبة األقرب مسافة القصر" .وقال
الشافعي -رحمه هللا" :-بل يزِّو جها الحاكم اعتبارًا بفضله" ،انتهى .ما قاله الزيلعي -رحمه هللا،-
وهو يفيد االتفاق عندنا على أن الحاكم يزِّو ج من عضلها ولُّيها ،األقرب اتفاقًا؛ لكونه من رد
المختلف للمتفق عليه باألصالة ،وال تكون الوالية لغير القاضي ممن دونه من األولياء؛ لكونه
في مقام االستشهاد به" ،انتهى .وقال في "البدائع"" :فيما لو كان األقرب غائبًا ،لألبعد أن
يزِّو ج" .في قول أصحابنا الثالثة وعند زفر" :ال والية لألبعد مع قيام األقرب لحال" .وقال
الشافعي -رحمه هللا" :-يزِّو جها السلطان" ،ثم قال" :والشافعي يقول أَّن والية األقرب باقية"،
كما قال زفر" :إال أنه امتنع رفع حاجتها من قبل األقرب مع قيام واليته عليها بسبب الغيبة،
فثبت الوالية للسلطان ،كما إذا َخ َط َب ها كفؤ ،وامتنع الولي من تزويجها منه ،للقاضي أن
يزّو جها ،والجامع بينهما دفع الضرر عن الصغيرة" ،ثم قال في بيان تقرير دليلنا" :وبه تبَّين
أن نقل الوالية إلى السلطان ،أي حال غيبة األقرب باطل؛ ألن السلطان ولي من ال ولي له،
وهاهنا لها ولي أو وليان ،فال يثبت الوالية للسلطان إال عند العضل من الولي ولم يوجد"،
انتهى .وقال في التسهيل شرح "لطائف اإلشارات" للعاَّل مة محمود بن قاضي سماوتة -رحمه
هللا" :-أَّن الشافعي -رحمه هللا -يقول :تعَّذ ر الوصول إلى حقها ،أي :الصغيرة ،من جهة
األقرب ،أي :بغيبته مع بقاء واليته ،فيزِّو جها السلطان؛ دفعًا للضرر ،كما لو عضلها األقرب؛
ألنه ُنِص ب لدفع الضرر ،ولنا أن الوالية نظرية وِقَد م األقرب؛ ألن نظره أكثر وذا بالحضور،
فإذا تعَّذ ر االنتفاع به ،صار كالعدم ،وليس هذا كالعضل ،فإنه [ ]...صار ظالمًا باالمتناع من
إيفاء حق مستحق عليه ،فقام السلطان مقامه في رفع الظلم ،واألقرب غير ظالم في سفره
خصوصًا