Professional Documents
Culture Documents
Secretion and Discrimination Sofronious
Secretion and Discrimination Sofronious
Secretion and Discrimination Sofronious
o rg
2
أمَّا الكالم املغشوش الذي يؤدِّي إىل الفُرقةِ واالقتتال ،فهو الذي خيلق الظنون
ويصبح مثل رياحٍ وعواصفَ ترابيةٍ ختنق الوحدة.
اإلفراز والتمييز هو عطية اهلل الفائقة اليت يهبها لألمناء يف حياهتم .تأمَّلوا
أن الذين يعملون يف صناعةٍ ما ،ال يتقنون هذه الصناعة إالَّ بعد عدة سنوات ،والرَّبَّان
ال يتعلم املالحةَ مبجرد أن يُمسكَ بالدفةِ ،هكذا أمور امللكوت ال يصل اإلنسانُ إليهاا
إالَّ إذا كان أمينًا هلل.
املُنغلبُ من شهوات قلبه ،ويفرِّط بلسانه وخيدع الناس ،ال يقتين اإلفراز
-ولو وضعوه له يف كوبٍ وصبُّوه يف فمه -ألن روح احلكمة ال حيل حيث اخلاداع
والغش.
3
اإلفرازُ ليس هو التمييز بني اخلريِ والشَّرِّ .ومع أن اآلباء مجيعاً قاالوا إن
هذه هي أول درجات سَُّلم اإلفراز،
.
اإلفراز هو السري بترتيبٍ وعدم انزعاجٍ يف طريق التوبة .وإذا كان اإلنساا ُن
يعلم ما هو الطعام الذي حيتاجه وتقوى عليه طبيعتاه وال يراره ،هكاذا األماور
السماوية ،يأخذها الذي أتقن اإلفراز بترتيب ،ويصبح هذا الترتيب هو اإلفراز الاذي
تتعلمه النفس.
َمن ال يتعلم من حياته الداخلية ،ال ميكن أن يتعلم عِلماً حقيقيااً مان
الشيوخ .والذي ال يتعلم أن يتعقَّب أهواء قلبه ال ميكنه أن يُتقنَ شيئاً ولو قارأ كال
كتب البيعة ،وكل ما تركه اآلباء.
راقبتُ أحدَ األخوةِ املبتدئني ووجدتُ أنه يُكثِر من الصمت ،وال حياب
اجلدال ويبتعد عنه ،وملَّا سألته عن السبب ،علِمتُ أنه كان غروباً سريع التأثُّر بكل ما
يقال له ،وأنه أدرك أن الصمتَ شفاءٌ لعقله وإرادته ،وأن االبتعاد عان اجلادل هاو
احتراسٌ.
4
هذا إفرازٌ ظاهرٌ يكمُل باحملبة ،ويثمر مثراً حقيقياً باملثابرة .أمَّا إذا انتكس ،فهو
يفقد كل ما تعلَّمه ،وقد يؤدِّي سقوطه إىل عدم االتزان.
إن اهلل صاحلٌ والذين يبتغون رضاه جيدون ينبوعَ إفرازٍ عنده .ألن قلبَ ما
ُيرضي اهلل ،هو ما جيعل يف قلبه عطشاً حقيقياً للحكمة .هؤالء ينالون الوعد اإلهلاي
"طوىب للجياع والعطاش إىل الرب ألهنم يُشبَعون" (مت ،)6 5أي من فيض احلكماة
اإلهلية الذي يقودهم إىل اإلفراز.
تعل ُق
ال اخلو وال احلَ َذر جيعالن اإلنسان يقتين حكمةً حقيقيةً ،وإمنا ُّ
النية الداخلية ورغبتها يف اهلل هو الذي جيعلها ترى األمور السطحية الفارغة اليت باال
قيمة ،فترفرها ،ويف هذا الرفض يكون اإلفراز.
،ومَن ال يسري
فيه ،فقد اقتىن حكمةً فاسدةً غريَ راسخةٍ يف شيء ،وعلينا أن نكتفي بشاهادة الاذين
سبقونا.
5
ال حييا اإلنسانُ بالنومِ وحدَه ،وال بالعمل وحدَه ،وال بالطعام وحدَه،
وإمنا ميزج بني كل هذه على قدر احتياجه .فأحياناً حيتاج إىل النوم أكثر من حاجته إىل
الطعام ،أو العكس.
فإذا كان الذي حييا حسب ناموس الطبيعة ،يعر ُ احتياجاته وال يفرِّط فيها،
هكذا يعر الذين يَحيون حسب وصايا املسيح ،ما هاي احتياجااهتم الرارورية،
ومييِّزون بني ما هو أساسي وما هو زائد بال حتمية؛ لذلك علينا أن نفهم شريعة احلياة؛
ألهنا هي اليت ترد لنا اإلفراز.
.أمَّا
الذين يعيشون برخاو ٍة وكسلٍ ،فهؤالء ال رجاء هلم باملرة يف اقتناء أي شيء.
الذي يُفسد الشركة ويزرع اخلصام هو مبتدئ ،ولو كان شعرُ رأسِاه
قد تساقط من الكَِب ِر .أمَّا الذي يزرع السالم والوئام بني األخوة ،فهو صاحبُ إفارا ٍز
حقيقي ،ولو كان من العلمانيني.
الذي ال يغفر خطايا املسيئني وهفواهتم ،ال يعر اهلل ،ولو كان مان
أصحاب درجات الكهنوت .مثل هذا ال مكان له يف ملكوت ربنا يساوع ،ومان
اخلطورة أن يعلِّم يف البيعة.
أمَّا أصحاب اإلفراز ،ولو كانوا من الصيارفة ،فهم أصحابُ مغفرةٍ ،يعفاون
عن املسيئني.
6
الذي مينع الصدقةَ عن الفقري ،ويقبض يده عن العطااء ،ال ميكناه أن
يكون تلميذاً للرب الذي قدَّم ذاته ،فال تسمع له إذا شرح لك التعليم ،وال تعِشِ معه
باجلملة لئال تدخل قساوةُ القلبِ إىل قلبك ،وتعدمك املعرفة الصحيحة وتصري جاهالً.
وعن هؤالء مجيعاً قال الرسول "املعاشرة الردية تُفسد األخال اجليدة" (راجع 1كور
.)33 15
باإلفراز نعلم أن كلَّ ما تقوم به النفس هو عملٌ يساعدها على اهلدوء والبقاء
يف حررة اهلل ،ولكنه ال يقدِّم النفسَ إىل اهلل ،إمنا الذي يقدِّم اهلل إلينا هو تواضعه الفائق
ورمحته غري احملدودة اليت مشلت الصديقني واخلطاة.
فتأمَّل كيف أنه رَ َحم الصديقني واخلطاة ،وأعطى فَ َعَلة الساعة احلادية عشار
ذات األجرة اليت أخذها الذين بدأوا يف أول النهار ،وهذه األجارة ليسات ساوى
امللكوت الذي يشاء أن يعطيه للذين تابوا من الزناة والقتلة واجملدِّفني.
البقاء على كرسي التعليم طويالً؛ ألن البحث عن منافع الناس يقود دائماً إىل تذبذُب
املعلِّمني ،ولذلك علينا أن هنرب من هؤالء ونُقبِل إىل كلمات ربنا يسوع املسيح.
كلُّ تعليمٍ ال يرع قانون اإلميان أساساً -حىت لصوم األربعاء واجلمعة-
هو تعليمٌ بعيدٌ عن ينبوع احلياة ،أي اإلميان املقدَّس ،وال يقدِّم لنا سوى موت اإلنسان
وهرطقة اخلارجني ،أمَّا الذين يسلكون حسب هذا الطريق ،عليهم رمحة اهلل ونعمة.