Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 14

‫‪1‬‬

‫خطبة ( آفات وآداب الجوال )‬


‫أما بعد ‪ ..‬عباد اهلل ‪ ..‬حديثنا اليوم عن جهاز عجيب ‪،‬‬
‫امتألت به جيوبنا ‪ ،‬وأصبح جزءًا ال يتجزء من حياتنا ‪ ،‬فيه‬
‫منافع وحاجات ‪ ،‬ومآثم وآفات ‪.‬‬
‫إنه شاهد على فضل اهلل تبارك وتعالى على الناس ‪ ،‬فهو‬
‫الذي علمهم ما يجهلهم ‪ ،‬وسخر لهم ما ينفعهم ‪( ..‬هو‬
‫الذي خلق لكم ما في األرض جميعا) ‪( ..‬وسخر لكم ما‬
‫في السماوات وما في األرض جميعًا منه) ‪ ..‬وهو الذي‬
‫ركب فيهم وسائل تحصيل العلوم والمعارف ‪ ،‬من‬
‫األسماع واألبصار والعقول؛ فبها يسمعون ويبصرون ‪،‬‬
‫ويفكرون ويستنبطون ‪.‬‬
‫ذلكم أيها األحبة هو جهاز الجوال ‪ ،‬ذلكم الجهاز الصغير‬
‫الذي ال يفارقنا ‪ُ ..‬تجَر ى من خالله االتصاالت ‪ ،‬وَي ُ‬
‫ختزن‬
‫ما ال ُيحصَى من المحفوظات ‪ ،‬ويلتقطُ الثابَت والمتحرَك‬
‫من الصور ‪ ،‬وفيه من المنافع ما يعِزّ على الحصر ‪.‬‬
‫وقد أصبح جهاز الجوال في هذا الزمان بأيدي‬
‫كبيرهم‬
‫ِ‬ ‫وفقيرهم ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الناس كلهم ‪ ،‬غنيِهم‬
‫وصغيرهم ‪ ،‬حتى إنك ترى األطفال الصغار‬ ‫ِ‬
‫يجبرون آباءهم على شراء جواٍل لهم ‪ ،‬ولو كان‬
‫مجرَد لعبة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪2‬‬

‫عباد هللا ‪ ..‬لست في هذا المقام بصدد ذكر منافع‬


‫الجوال ‪ ،‬فإنها أشهر من أن تحصر ‪ ،‬فهو كما قيل‪:‬‬
‫رفيُق الَو حدة ‪ ،‬وأداُة اإلنقاذ والنجدة ‪ ،‬وهو رسول أمين ‪،‬‬
‫ينقل األفكار والمشاعر ‪ ،‬يطفئ ظمأ األم الملهوفة لتسمع‬
‫صوت ابنها المغترب أو ابنتها المتزوجة ‪ ..‬في لحظات ‪،‬‬
‫يصل اإلنسان به رحمه ‪ ،‬ويتواصل مع أحبابه في‬
‫شتى بقاع الدنيا ‪ ،‬ويسعف المصاب والمريض‬
‫ويدفع المنكر والجريمة والحريق ‪ ،‬وغير ذلك من‬
‫المنافع العظيمة التي ال نحتاج إلى اإلطالة بذكرها ‪.‬‬
‫وإنما نحن بحاجٍة ماسٍة للوقاية والعالج من بعض المفاسد‬
‫واآلفات التي يمكن أن يسببها هذا الجهاز ‪ ،‬وذكِر بعض‬
‫اآلداب والضوابط ‪ ،‬التي تكُف ل استخدامه بما يحقق‬
‫االنتفاع به دون إيذاء لآلخرين ‪.‬‬
‫عباد اهلل ‪ ..‬الحديث عن آفات الجوال الدينية واألخالقية‬
‫واالجتماعية واألمنية ‪ ،‬حديٌث طويل ‪ ،‬وحسبنا بعض‬
‫اإلشارات التي يفهمها اللبيب ‪.‬‬
‫فمن آفاته الدينية واألخالقية‪ ،‬ما َي حدث بسببه من‬
‫المعاكسات بين الشباب والفتيات ‪ ،‬واستخداِم تقنية‬
‫البلوتوث لتناقل الكالم واألرقام ‪ ،‬ومواعيد الحب‬
‫والغرام بين الجنسين ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪3‬‬

‫والقضية عند البنات أشد ‪ ،‬فقد جاء في أحد‬


‫البحوث‪ :‬أن المعاكسات الهاتفية تنتشر عند اإلناث‬
‫بدرجة تفوق الذكور‪.‬‬
‫اخرج إلى شوارعنا ‪ ،‬لترى فتيات في عمر الزهور ‪ ،‬يتنقلن‬
‫من شارع إلى آخر ‪ ،‬قد تزّين بالملبوسات الفاتنة ‪،‬‬
‫والعطورات الجذابة ‪ ،‬والجواالت والبلوتوث الذي صار‬
‫ُيغني عن األوراق ! ثم بعد ذلك ُيقال ‪:‬كيف قبض على‬
‫فالنة مع فالن في استراحة !! كيف ظهرت صورة فالنة‬
‫مع فالن في الجّو االت أو اإلنترنت !! ‪.‬‬
‫والمقام هنا يضيق عن ذكر المآسي والجرائم التي‬
‫وقعت بسبب المعاكسات ‪ ..‬وقد أجريت عدة بحوث‬
‫في السجون ودور المالحظة وسجن النساء ‪ ،‬ووقفت على‬
‫مكالمة بالجواِل عفوية ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫قضايا كثيرة ‪ ،‬كانت بدايتها‬
‫وقصةُ حبٍ وهمية ‪ ،‬ونهايتها جريمٌة أخالقية ‪ ،‬تدمع لها‬
‫العين ‪ ،‬ويندى لها الجبين ‪.‬‬
‫عباد هللا ‪ ..‬ومن آفات الجوال ‪ :‬أنه أصبح وسيلة‬
‫سهلة للكذب ‪ ،‬فكم من الناس يقول لصاحبه أنه في‬
‫مكان كذا وأن بينهما مسافات وأميال ‪ ،‬وربما كانت‬
‫عرض الحائط الذي‬
‫َ‬ ‫المسافة بينه وبين صاحبه ‪،‬‬
‫يفصل بينهما !‬

‫‪3‬‬
‫‪4‬‬

‫ومنها‪ :‬استخدام بعض الناس له في الغيبة‬


‫والنميمة وإفساد البيوت ‪.‬‬
‫ومن اآلفات‪ :‬إيذاء المصلين في المساجد بأصوات الجوال‬
‫‪ ،‬فإن بعض المصلين يدخل المسجد ‪ ،‬وهو يرى‬
‫على األبواب عبارات (أغلق الجوال) ‪ ،‬فال يغلقه ‪،‬‬
‫فاذا دخل الناس في صالتهم ‪ ،‬انبعثت األصوات‬
‫المزعجة من الجوال ‪ ،‬فذهبت بخشوعهم ‪ ،‬وآذتهم‬
‫في عبادتهم ‪ ..‬وأشنع من هذا أن تنبعث النغمات‬
‫الموسيقية بل الغنائية من بعض الجواالت ‪.‬‬
‫أين تعظيم شعائر اهلل ‪ ،‬وبيوت اهلل يا عباد اهلل ‪ ..‬إذا كانت‬
‫بعض المطاعم الراقية في باريس تمنع دخول الجّو االت‬
‫لمنع اإلزعاج ‪ ،‬فكيف ُتنتهك حرمات مساجدنا‬
‫بـالجواالت الموسيقية ‪.‬‬
‫بل إنه ربما رَّن جواُل أحِد هم في الصالة فأخرجه ; فإذا‬
‫بالفنانة الفاجرة على واجهة الجهاز ‪ ،‬تطل على المصلين‬
‫بصورتها الكالحة داخل المسجد ‪.‬‬
‫ألهذه الدرجة تعلقت قلوبنا بهؤالء الساقطين؟ الذين ال‬
‫يشك عاقل أنهم يصدون عن سبيل اهلل‪ ،‬وال حول وال قوة‬
‫إال باهلل‪.‬‬
‫وفي حرم ِهللا في المسجد الحرام ‪ ،‬يطول عجبك‬
‫ممن يطوف حول الكعبة ‪ ،‬والجوال في يده ‪،‬‬

‫‪4‬‬
‫‪5‬‬

‫يتحدث به مع فالن ‪ ،‬ويضحك مع عالن ‪ ،‬وكأنه‬


‫في نزهة ‪ ،‬فأين العبادة يا عبد هللا؟‪.‬‬
‫وللجوال عباد هللا ‪ ،‬آفاٌت أخرى اقتصادية‪ :‬فقد‬
‫أصبح همًا كبيرًا لكثير من اآلباء‪ ،‬بسبب الفواتير‬
‫المتراكمة على األبناء‪.‬‬
‫جاء في أحد البحوث أن الهاتف الجوال يستهلك‬
‫المعاكسات أحَد‬
‫ُ‬ ‫ربع رواتب الشباب ‪ ،‬وكانت‬
‫أسباب هذه المشكلة ‪.‬‬
‫وأقول أيها األحبة‪ :‬إنك وهللا لتعجب عندما تعلم أن‬
‫بعض الناس قد تراكمت عليه الديون بسبب‬
‫استدانته لسداد فواتير الجوال ‪.‬‬
‫بل األعجب من ذلك ما نسمعه من أن بعض الناس‬
‫أصبح يدور في المساجد ويسأل الناس ‪ ،‬فإذا‬
‫سألت عن حاله علمت أنه ضّي ع ماله بسبب فواتير‬
‫الجوال ‪.‬‬
‫وللجوال أيضًا آفات أمنية‪ :‬فقد استخدمه أهل‬
‫اإلفساد من المفجرين ‪ ،‬أو المروجين وعصابات‬
‫المخدرات ‪ ،‬في تنقالتهم وتنفيذ أعمالهم الفاسدة ‪.‬‬
‫وهناك أيضًا أضرار مرورية‪ :‬فكم سمعنا عن‬
‫الحوادث التي وقعت بسبب استخدام السائق للجوال‬
‫وهو يقود سيارته ‪.‬‬
‫ومن أضرار الجوال ما يقع في الرسائل من‬
‫مخالفات شرعية ‪ ،‬وهذا موضوع يطول الحديث‬
‫فيه ‪ ،‬فالمتابع لهذه الرسائل أنها أنها أصبحت‬

‫‪5‬‬
‫‪6‬‬

‫مكانًا للكالم الساقط ‪ ،‬أو التافه الذي ال ينفع ‪ ..‬بل‬


‫اشتد األمر الى أن وصلت الى الصور الفاضحة‬
‫التي ترسل عبر هذه الرسائل ‪.‬‬
‫وفي الجانب الشرعي ‪ ،‬يتناقل بعض الناس رسائل قد‬
‫يكون ظاهرها الخير‪ ،‬لكنها تشتمل على بعض المحظورات‬
‫الشرعية‪.‬‬
‫فمن المحظورات‪ :‬الدعوة إلى أمر محدث ليس له أصل‬
‫في الشريعة ‪ ،‬كأن تحث الرسالة على ذكر أو عبادة ليس‬
‫لها أصل شرعي ‪ ،‬ثم تقول الرسالة‪ :‬أرسلها إلى كذا من‬
‫الناس يحصل لك كذا ‪ ..‬انشر تؤجر ‪ ..‬وقد تكون العبادة‬
‫مشروعة على وجه اإلطالق فتقَّيدها الرسالة بزمان معين ‪،‬‬
‫وهذا كله من المحدثات ‪.‬‬
‫ومن المحظورات‪ :‬ما يكون في بعض الرسائل من التسرع‬
‫في نقل األخبار بال تثبت وروية ‪ ،‬كما نقل بعضهم خبر‬
‫رؤية هالل رمضان في العام الماضي ‪ ،‬وصلى على إثره‬
‫بعض الناس ‪ ،‬ثم أعلن رسميًا عدم دخول الشهر ‪ ..‬ومن‬
‫ذلك ما يتناقله بعض الناس دون تثبت من أنه وقع أمر في‬
‫المكان الفالني أو الجهة الفالنية أو من العالم الفالني أو‬
‫المسؤول الفالني دون مصدر موثوق ‪ ،‬مما يثير البلبلة‬

‫‪6‬‬
‫‪7‬‬

‫والفتنة ‪ ،‬وأخبار المجاهيل هذه ‪-‬وإن احتملت الصحة‪ -‬ال‬


‫تبرأ بها الذمة ‪ ،‬فال يجوز نشرها قبل التثبت منها ‪ ،‬وقد‬
‫قال تعالى‪(:‬يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا‬
‫أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) ‪،‬‬
‫وثبت عند أحمد وأبي داود بسند صحيح عن أبي مسعود‬
‫األنصاري رضي اهلل عنه أن النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫قال‪(:‬بئس مطية الرجل زعموا) ‪.‬‬
‫عباد اهلل ‪ ..‬وإن من أضرار الجوال الوخيمة التي عمت‬
‫وطمت‪ :‬نشر الفاحشة بين الناس ‪ ،‬فبالجوال ُك شفت‬
‫العورات ‪ ،‬وهُتك ستر الغافالت ‪ ،‬وُأشيعت الفواحش‬
‫والمنكرات ‪ ..‬وبه ُنشر الفساد ‪ ،‬وُتُس لط على أعراض‬
‫امرأة عفيفة طعنت في عفافها من صديقةٍ‬
‫العباد ‪ ..‬كم من ٍ‬
‫مأل من الناس ؟ وكم من‬
‫أو زميلةٍ نشرت سوءتها على ٍ‬
‫صورة أشيعت هنا وهناك ؟ وكم من‬
‫ٌ‬ ‫أسرة مجتمعة فرقتها‬
‫ٍ‬
‫ممارسات مخزية ‪ ،‬وأفعال ال إنسانية ‪ ،‬وجرائم ال أخالقية‬
‫‪ُ ،‬صِّو رت بكاميرات الجوال ‪ ،‬وُنشرت بين الكبار‬
‫واألطفال ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪8‬‬

‫وإن الحادثة التي وقعت قريبًا في نفق المشاة بطريق‬


‫النهضة ليست عنا ببعيد ‪ ،‬حينما قام بعض الشباب‬
‫بالتحرش ببعض الفتيات ‪ ،‬وتصوير هذه المشاهد المخزية‬
‫بكاميرا الجوال ‪ ،‬حتى عمت وطمت بين الناس ‪.‬‬
‫كم من شبابنا ولألسف ‪ ،‬ممن أدمنوا النظر إلى المشاهد‬
‫الخليعة والصور القبيحة ‪ ،‬ولم يكتفوا بحفظها والنظر إليها‬
‫‪-‬مع في ذلك من إسخاط الرب جل جالله ‪ ،‬وقتل الغيرة‬
‫والمروءة‪ -‬بل راح كثير منهم يشيعونها في المسلمين ‪،‬‬
‫ويتناقلونها مع أصحابهم وأقرانهم ‪ ،‬ويهدونها إلى من‬
‫يعرفون ومن ال يعرفون ؛ وال يدركون مغبة ما يفعلون!!‬
‫فويل لهم مما يكسبون ‪.‬‬
‫إنها جناية عظيمة ‪ ،‬يجنيها الشاب على نفسه وعلى صحيفة‬
‫حسناته حين يحتفظ بالصور اإلباحية ‪ ،‬ثابتةً كانت أو‬
‫متحركة ‪ ،‬وينشرها بين أقرانه ‪ ،‬وال يدربي المسكين أنه‬
‫األوزار على ظهره ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫سيحمل كل هذه‬
‫تصوروا أيها اإلخوة أن أحد الشباب أرسل صورة واحدة‬
‫فقط لصاحبه ‪ ،‬فأرسلها الثاني لغيره وهكذا ‪ ،‬وصلت‬
‫الرسالة في يوم أو يومين إلى مئة أو مئتين ‪ ،‬وفي أسبوع‬

‫‪8‬‬
‫‪9‬‬

‫إلى ألف أو ألفين ‪ ،‬وتزداد اآلثام بمرور األيام ‪ ،‬حتى تصل‬


‫ً‬
‫جميعا‬ ‫وزرهم‬
‫إلى عشرات اآلالف ‪ ..‬كل هؤالااااء يحمل َ‬
‫ينقص شيء من أوزارهم‬
‫َ‬ ‫مرسُل الرسالة األول ‪ ،‬من غير أن‬
‫‪ ..‬قال اهلل تعالى‪( :‬ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن‬
‫أوزار الذين يضلونهم بغير علم) ‪ ،‬وفي حديث أبي هريرة‬
‫عند مسلم أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬ومن دعا‬
‫مثل آثام من تبعه ال ينقص‬
‫إلى ضاللة كان عليه من اإلثم ُ‬
‫شيئا) ‪.‬‬
‫ذلك من آثامهم ً‬
‫فيرتكب زميله‬
‫ُ‬ ‫وقد يرسل الشاب مادة إباحية إلى زميله ؛‬
‫بسببها الزنى ‪ ،‬أو عمَل قوم لوط ‪ ،‬أو يمارُس العادة‬
‫المحرمة ‪ ،‬فيكون وزُره عليه وعلى صاحبه ‪.‬‬
‫كيف والنبي صلى اهلل عليه وسلم يقول في حديث أبي‬
‫هريرة المتفق عليه ‪ (:‬كل أمتي معافى إال المجاهرين) ‪،‬‬
‫وهذا الشاب مجاهر بعصيانه ‪ ،‬وبقدر نشره لهذه المواد‬
‫المحرمة تكون مجاهرته ‪ ،‬فإن مات وهو مصر على‬
‫المجاهرة ؛ فهو بعيد عن العافية ‪ ،‬جدير بالمؤاخذة ‪ ،‬عياذًا‬
‫باهلل ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪10‬‬

‫الفاسدة معرٌض‬
‫َ‬ ‫عباد اهلل ‪ ..‬إن من يشيع هذه الموادَ‬
‫للعذاب األليم في الدنيا واآلخرة ‪ ،‬قال تعالى‪( :‬إن الذين‬
‫يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم‬
‫في الدنيا واآلخرة) ‪ ،‬فإذا كان هذا الوعيد الشديد في حق‬
‫من يحب إشاعة الفاحشة ‪ ،‬فكيف بمن يتوّلى بنفسه‬
‫أشاعتها بهذه األجهزة ‪.‬‬
‫نصوح قبل أن‬
‫ٍ‬ ‫فيا من تلطخ بهذا اإلثم المبين ‪ ،‬بادر بتوبةٍ‬
‫الموت وأنت على هذه الحال السيئة ‪ ..‬فإن لم‬
‫ُ‬ ‫يدهمَك‬
‫عونا‬
‫كون ً‬‫ستتر بستر اهلل تعالى ‪ ،‬وال ت َ‬
‫تتب فال أقل من أن ت َ‬
‫للشيطان على شباب المسلمين وفتياتهم ‪.‬‬
‫وقد روى مالٌك والحاكم عن ابن عمر عن النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم أنه قال‪( :‬اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى اهلل‬
‫عنها ‪ ،‬فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر اهلل وليتب إلى‬
‫اهلل ) رواه مالك مرسًال ووصله الحاكم وصححه ‪،‬‬
‫وصححه األلباني في صحيح الجامع ‪.‬‬
‫عباد هللا ‪ ..‬إننا بحاجة إلى غيرة صادقة تحفظ‬
‫حدود هللا أن تنتهك ‪ ،‬وتقنن تسليم الجواالت‬
‫قضي على الحياء والعفة ‪ ..‬نحن‬
‫َ‬ ‫للفتيات لئال ت‬
‫بحاجة إلى غيرة توقف التبرج والسفور عند حده‬
‫‪ ..‬فال نرى مالبس فاتنة و العباءات متبرجة ‪،‬‬
‫‪10‬‬
‫‪11‬‬

‫وال بنطاالت ضيقة ‪ ،‬وال انفالتا في دخول النساء‬


‫إلى األسواق والمنتزهات ‪ ..‬نحن بحاجة إلى‬
‫غيرة تحوُل دون تصوير النساء العفيفات‪،‬‬
‫وتوجُب الحذر واالحتياط في ذهاب النساء إلى‬
‫التجمعات ‪ ،‬كاألعراس والمالهي النسائية ونحوها‬
‫‪ ،‬وتضُع تعليماٍت وإجراءاٍت صارمًة لمتابعة‬
‫الداخلين إلى هذه األماكن ‪ ،‬فقد نشر قبل فترة أن‬
‫هيئة األمر بالمعروف في الدمام ضبطت مائة ألف‬
‫مصورة في مختلف‬
‫ٍ‬ ‫قرص سيدي لحفالت أعراسٍ‬
‫مناطق المملكة ‪ ،‬نسأل هللا تعالى أن يهتك ستر‬
‫من قام بتصويرها ‪.‬‬
‫ومن الناس من يتساهل في تصوير محارمه‬
‫بالجوال مما يعرضها للوقوع بيد غيره ممن قد ال‬
‫يتقي َهللا في نشرها بين الناس ‪ ،‬وقد يقوم‬
‫صاحب الجوال بمسحها ظناً منه أنها انتهت ‪،‬‬
‫وهي في الواقع ال تزال محفوظة في الذاكرة‬
‫يسترجعها أصحاب الخبرة بسهولة ‪ .‬نسأل هللا‬
‫تعالى أن يسترنا وعوراتنا ‪ ،‬ويجعَل تحت الستر‬
‫حياًء وعفًة في نفوسنا ‪ ،‬إنه حيي ستير‪،‬‬
‫وباإلجابة جدير‪ ،‬وأقول ما تسمعون وأستغفر‬
‫هللا ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪12‬‬

‫الخطبة الثانية‬
‫الحمد هلل حمدًا كثيرًا كما أمر ‪ ،‬والشكر له وقد تأذن‬
‫بالزيادة لمن شكر ‪ ،‬والصالة والسالم على سيد البشر ‪،‬‬
‫وشفيعهم في المحشر ‪ ،‬وعلى آله وصحبه السادة الغرر ‪.‬‬
‫أمابعد ‪ ..‬عباد اهلل ‪ ..‬وللجوال آداب وأخالق ‪ ،‬فإنه مهما‬
‫ظهرت هذه األجهزة الحديثة ‪ ،‬وتغير الزمان ‪ ،‬فإن خلق‬
‫المسلم وأدَبه ثابتان ال يتغيران ‪ .‬فمن آداب الجوال‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يبدأ المتحدث بالسالم ‪ ،‬فالكثير منا نسي‬
‫تحية اإلسالم واستبدلها بـكلمة (الو) ‪ ،‬فما الذي‬
‫يضره لو أتبعها بقوله السالم عليكم؟‪ .‬ومن األمور‬
‫المحرمة أن بعض الشباب يبدأ حديثه مع صاحبه‬
‫بالسب واللعن ‪ ،‬وهذا العمل ال يجوز ‪ ،‬ولو كان‬
‫على سبيل المزاح ‪ .‬األدب الثاني‪:‬‬
‫يغضب إذا لم يرد عليه‬
‫َ‬ ‫‪ .2‬أن ال يسيَء الظن أو‬
‫صاحبه ‪ ،‬وأن يلتمس له عذرًا في عدم الرد ‪.‬‬
‫‪ .3‬عدم االتصال في أوقات الراحة والنوم ‪.‬‬
‫‪ .4‬التأكد من صحة الرقم ‪،‬تجنبًا إلزعاج اآلخرين ‪.‬‬
‫‪ .5‬عدم التمادي في االتصال إذا لم يرد عليك ‪ ،‬فإن‬
‫بعض الناس إذا لم ترد عليه كرر االتصال عدة‬
‫مرات مما يسبب اإليذاء والإزعاج ‪.‬‬
‫‪ .6‬االختصار وعدم اإلطالة عند استعارة الجوال‬
‫من اآلخرين ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪13‬‬

‫مكبر صوت ‪ ،‬فال تسمع‬ ‫ُ‬ ‫‪ .7‬إذا كان في الجهاز‬


‫االخرين حديث المتصل إال بإذنه ‪ ،‬ألنه ال يعلم بذلك‬
‫‪.‬‬
‫‪ .8‬أن تلتزم المرأة بالضوابط الشرعية في التحدث‬
‫بالهاتف‪ :‬بأن ال تتحدث مع الرجال األجانب إال‬
‫لحاجة ‪ ،‬وأن ال تخضع بالقول كأن ترقق صوتها‬
‫أو تتغنج ‪ ،‬أو تستخدم بعض العبارات المنفتحة‬
‫المائعة ‪.‬‬
‫‪ .9‬إغالق الهاتف الجوال في المساجد والمقابر‬
‫واالجتماعات ونحوها ‪.‬‬
‫‪ .10‬عدم وضع الجوال على النغمات الموسيقية‬
‫المحرمة ‪ ..‬ولكن ‪ ،‬هل له أن يضعه على القرآن‬
‫أو األذان؟ األقرب أن هذا الفعل غير مشروع ‪،‬‬
‫وهو في القرآن أشد كراهية ‪ ،‬إلفضائه إلى امتهان‬
‫القرآن في دورات المياه ونحوها ‪ ،‬واالنصراف عن‬
‫القرآن ‪ ،‬وقطع اآلية والكلمة قبل انتهائها ‪ ،‬وغير ذلك من‬
‫المفاسد ‪ ..‬وأما األذان فألنه عبادة مؤقتة شرعت لإلعالم‬
‫بدخول وقت الصالة ‪ ،‬ولهذا كره أهل العلم أن يؤِّذن‬
‫اإلنسان عبثًا في غير وقت األذان ‪ ،‬وألنه قد يسبب‬
‫التلبيس على من يسمعه بدخول وقت الصالة ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪14‬‬

‫فاتقوا اهلل عباد اهلل ‪ ..‬واشكروا نعمة ربكم بأن سخر لكم‬
‫هذه األجهزة ‪ ،‬وتعاهدوا أبناءكم وبناتكم بالرعاية والرقابة‬
‫‪ ،‬والنصح والتوجيه ‪ ،‬وبيان مخاطر سوء استخدام هذه‬
‫األجهزة ‪ ..‬جعلنا اهلل وإياكم من عباده الشاكرين ‪ ،‬وحمانا‬
‫وذرياتنا من سبل المفسدين ‪ ،‬إنه أرحم الراحمين ‪ ،‬وهو‬
‫يتولى الصالحين ‪.‬‬
‫وصلوا وسلموا رحمكم اهلل على خير البرية ‪...‬‬

‫‪14‬‬

You might also like