Professional Documents
Culture Documents
ARTDAU - Volume 4 - Issue العدد 1 ج 1 - Pages 219-256
ARTDAU - Volume 4 - Issue العدد 1 ج 1 - Pages 219-256
(23هـ40/هـ660 643/م)
2015م
220
حركة الخوارج نشأتها وأسباب ظهورها في عهد الخالفة الراشدة خالل (23هـ643 /م ــ 40هـ/
660م)
المقدمة
ال شك في أن اختيار حركة الخوارج موضوعاً للبحث ال يخلو من المخاطرة ألنه يتطلب تقديم
المزيد من الحقائق بخصوص هذه الحركة ,فالدراسات العامة التي اهتمت بالخوارج في صدر
اإلسالم تميز أغلبها باالقتضاب ,وال نجد في العديد منها سوى سرد لما نقلته بعض المصادر,
وعلى الرغم من أهمية هذه الحركة وثقل وزنها السياسي والعسكري والفكري إال أنها لم تحظ إال
بعدد قليل من الدراسات ,ويالحظ الباحث ضعف االهتمام بهذه الحركة في وقت حظيت فيه
حركات أُخر ,تكونت بعدها مثل الشيعة والمعتزلة والقرامطة وغيرها ,باهتمام كبير وخصوصاً في
النصف الثاني من القرن العشرين في إطار حركة البحث في جوانب التراث العربي اإلسالمي
السياسية واالجتماعية والفكرية.
إن كل ما ذكرناه سابقاً يبرز اختيار الخوارج موضوعاً للبحث ,لفهم طبيعة هذه الحركة
وتتبع تطورها على امتداد حكم عصر الخالفة الراشدة,
ومميزاتها ّ
ّ المعارضة وادراك خصائصها
والتعرف على الدور الذي لعبته خالل هذه المرحلة الهامة في تاريخ الدولة اإلسالمية ,لذا تناول
هذا البحث التعريف بهذه الحركة ,ومتى ظهرت ,وأسباب خروجها ,إليضاح دورها في زرع بذور
الفتنة التي حدثت بين صحابة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ,وأدت إلى مقتل الخليفتين عثمان
وعلي رضي اهلل عنهما.
تكمن أهمية هذه الدراسة في االهتمام بدراسة التاريخ اإلسالمي عموماً ,ودراسة بعض
الحركات التي ظهرت ,وكادت أن تعصف باإلسالم والمسلمين ومن أهمها حركة الخوارج ,لذا
هدف هذا البحث إلى تحفيز وتشجيع الباحثين على إيضاح الجوانب الخفية لهذه الحركة من
خالل المصادر اإلسالمية ,وقد حددت المنطقة الجغرافية للموضوع بالمنطقة الممتدة من المدينة
المنورة شرقاً وحتى مصر غرباً ,منذ بداية خالفة عثمان بن عفان ,وحتى نهاية خالفة علي
بن أبي طالب 23( هـ643/م ـ 40هـ660 /م).
221
أما المنهج المتبع في هذا البحث هو المنهج التاريخي ،فضالً عن المناهج العلمية األخرى
التي اتبعها الباحث لتقديم المعلومة المفيدة وهي -:المنهج الوصفي التحليلي :الذي يقوم بوصف
الظاهرة التاريخية بعد التأكد من وقوعها وتحليلها واضعاً في االعتبار العديد من التساؤالت :ماذا
حدث؟ ولماذا حدث ؟ وكيف حدث ؟ وما الذي ترتب على ما حدث؟ ,كما تم االعتماد على
المنهج المقارن :والذي يقوم على المقارنة بين الحدث التاريخي مع مثيله لبيان ما له وما عليه
مؤكداً أن الدراسة المقارنة هي خير تفسير للحدث التاريخي ،عن طريق مقارنة مصادر البحث،
والروايات التاريخية وكتابات األقدمين والمعاصرين ،واآلراء المختلفة ،والمدارس الفقهية
والسياسية ،وتعدد وجهات النظر ,كما ال ننسى دور المنهج االستردادي :والذي يقصد به استرداد
الواقعة التاريخية وفقاً لظروف وقوعها والحكم عليها من منطق هذه الظروف ال من وجهة نظرنا
في الزمن المعاصر الذي نعيش فيه.
222
Submitted
223
to stimulate and encourage researchers to clarify the hidden
aspects of this movement through Islamic sources, has identified
geographical area the subject stretching from Medina in the east
region and even Egypt in the west, since the beginning of the
succession Othman bin Affan , and until the end of the
succession of Ali bin Abi Talib (23 AH / 643 AD 40 AH / 660
.)AD
224
من هم الخوارج؟
عرفهم أهل العلم بتعريفات متباينة ,فهذا الشهرستاني يعرف "كل من خرج على اإلمام الحق
الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خروجاً" ,1أما أبو الحسن األشعري فيصفهم "بأنهم تلك الطائفة
التي خرجت على رابع الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه ,ويبين بأن خروجهم
على علي هو العلة في تسميتهم بهذا االسم" ,2وقال ابن حجر":أما الخوارج فهم جماعة خارجة,
وهم قوم مبتدعون سموا بذلك ,لخروجهم على الدين ,وخروجهم على خيار المسلمين 3,أما أبو
علي
الحسن الملطي فيرى "أن أول الخوارج المحكمة ,الذين ينادون :ال حكم إال هلل ويقولونُّ :
كفر ,يجعل الحكم إلى أبي موسى األشعري وال حكم إال هلل .فرقة الخوارج سميت خوارج,
علي يوم الحكمين ,حين كرهوا التحكيم ,وقالوا :ال حكم إال هلل" ,4ويضيف ناصر
لخروجهم على ّ
العقل" :هم الذين ُي َكفّرون بالمعاصي ,ويخرجون على أئمة الجور".5
وبهذا اتفقت جل المصادر التاريخية على أن الخوارج هم من خرجوا عن علي رضي اهلل عنه
بعد قبوله التحكيم في موقعة صفين ,ولهم ألقاب أخرى عرفوا بها غير لقب الخوارج ,منها
الحرورية لنزولهم بحروراء في بداية ظهورهم ,والشراة لقولهم شرينا أنفسنا في طاعة اهلل ,والمحكمة
إلنكارهم الحكم ين وقولهم ال حكم إال هلل ,والمارقة ,وهم يرضون بهذه األلقاب كلها إال المارقة,
فإنهم ينكرون أن يكونوا مارقين من الدين كما يمرق السهم من الرمية.6
تذكر العديد من المصادر التاريخية أن حركة الخوارج بدأت بقتال المسلمين فيما بينهم سنة
37هـ 657/م ,أي بين جيش علي بن أبي طالب وجيش معاوية بن أبي سفيان في موضع قرب
الشهرستاني أبي الفتح محمد عبد الكريم :الملل وال ّنحل ,تحقيق :األستاذ أحمد فهمي محمد ,دار دار الفكر1991 ,م. 1
2أبي الحسن األشعري :مقاالت اإلسالميين واختالف المصلين ,تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد ,مكتبة النهضة المصرية,
1413هـ ــ 1993م ,ص.207
3
العسقالني الحافظ ابن حجر :هدي الساري ,مقدمة فتح الباري ,المطبعة السلفية1388 ,هـ 1968 /م ,ص.283
4الملطي أبي الحسن محمد بن أحمد :التنبيه والرد على أهل األهواء والبدع ,مكتبة المثنى ,بغداد1388 ,هـ 1968 /م ,ص.47
5العقل ناصر :الخوارج ,دار الوطن ,الرياض ,الطبعة األولى1416 ,هـ ,ص.28
6
المصري محمود :أصحاب الرسول ,مكتبة أبي خليفة السلفي ,الطبعة األولى1420 ,هـ 1999 /م ,ص .137
225
الرقَّة على شاطئ الفرات من الجانب الغربي وعرفت بمعركة صفين ,7ويرى البعض بأن قبول
علي بن أبي طالب وأرضاه مبدأ تحكيم القرآن في هذا الصراع والذي وجد رفضاً من أتباعه هو
8
السبب في خروجهم عليه ,إال أن المتتبع لهذا الحدث ال يمكنه التسليم بما جاء فيها تسليماً
مطلقاً ألن ظهور حركة بمثل حجم وأهمية هذه الحركة ال يمكنه الجزم بأن بدايتها المفاجئة كانت
مقترنة بمعركة صفّين سنة 37هـ 657 /م ,ومن هنا يمكن طرح العديد من التساؤالت منها :هل
كانت معركة صفّين سنة 37هـ 657 /م هي بداية توقيت خروج هذه الحركة؟ أم لها جذور سبقت
هذا التاريخ؟ لإلجابة عن هذه األسئلة يستدعي تقسيم هذه الحركة إلى مرحلتين هما:
ترجع جذور هذه الحركة إلى ما قبل تاريخ معركة صفّين سنة 37هـ 657 /م بكثير ,وتأثرت
بعديد األحداث التي عرفتها الدولة العربية اإلسالمية الناشئة ِم َّما يستدعي الرجوع إلى هذه الحقبة
ودراستها الستبيان الظروف الّتي مهّدت لظهورها ومعرفة األطراف التي تزعمتها ولعبت دو اًر في
تأسيسها ,فأغلب المصادر التي تناولت الفترة اإلسالمية األولى تَُرجع بداية نشأة الخوارج إلى زمن
النبي الكريم صلى اهلل عليه وسلم ,واعتبروا أن ذا الخويصرة هو أول الخوارج ,ألنه اعترض على
النبي الكريم في قسمة ذهب ,كان قد بعث به علي رضي اهلل عنه من اليمن في جلد مقروظ ,فقد
جاء عن أبي سعيد الخذري رضي اهلل عنه أنه قال" :بعث علي بن أبي طالب إلى رسول اهلل
من اليمن بذهبه في أديم مقرظ* ,9لم تحصل من ترابها* ,10قال :فقسمها بين أربعة نفر ,بين
عيينة بن حصن ,واألقرع بن حابس ,وزيد الخيل ,والرابع إما علقمة بن عالثة ,واما عامر بن
الطفيل ,فقال رجل من أصحابه :كنا نحن أحق بهذا من هؤالء .قال :فبلغ ذلك النبي صلى اهلل
عليه وسلم ,فقال" :أال تأمنوني وأنا أمين من في السماء ,يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء",
قال :فقام رجل غائر العينين ,مشرف الوجنتين ,ناشز الجبهة* ,11كث اللحية ,محلوق الرأس,
7
ياقوت الحموي :معجم البلدان ,بيروت1957 ,م ,مج .414 ,3
8
عبد العزيز الدّوري :مقدمة في تاريخ صدر اإلسالم ,بغداد1949 ,م ,ص .157
9
* أديم مقرظ :في جلد مدبوغ بالقرظ.
10
* أي لم تميز ولم تصف من تراب معدنها.
11
* ناشز الجبهة أي مرتفع الجبهة.
226
مشمر اإلزار ,فقال :يا رسول اهلل ,اتق اهلل ,فقال" :ويلك أولست أحق أهل األرض أن يتقي اهلل؟"
قال :ثم ولى الرجل ,فقال خالد بن الوليد :يا رسول اهلل أال اضرب عنقه؟ فقال" :ال ,لعله أن يكون
ِّ
مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه ,فقال رسول اهلل" :إني لم أؤمر أن يصلي" ,قال خالد :وكم
انقب عن قلوب الناس ,وال أشق بطونهم" ,قال ثم نظر إليه وهو ٍ
مقف* ,12فقال" :إنه يخرج من
13
رطباً ,ال يجاوز حناجرهم ,يمرقون من الدين كما يمرق
ضئضئ* هذا قوم يتلون كتاب اهلل ّ
السهم من الرمية" قال أظنه قال" :لئن أدركتهم لقتلتهم قتل ثمود".14
لم تشر المصادر التي تناولت الخوارج إلى اختالفات للمسلمين أو معارضتهم لسلطة المدينة
السابقة لخالفة عثمان بن عفَّان ,15ففي عهد الخليفة أبي بكر الصديق رضي اهلل عنهم
في الفترة َّ
الردة وتم بالفعل القضاء هذه الحركة وبسط سلطة المدينة
جميعاً وأرضاه انشغل المسلمون بحرب ّ
على كامل شبه الجزيرة العربية ,16وبعد وفاة الخليفة أبي بكر تولى أمر المسلمين الخليفة عمر
بن الخطاب رضي اهلل عنه وأرضاه فانشغل بالفتوحات وتنظيم المناطق المفتوحة ,فأنشغل
المسلمون بالحروب والغنائم ,وبوفاته تولى أمر المسلمين الخليفة عثمان بن عفان وأرضاه ,وقد
تعرض للظلم في خالفته من بعض الغوغاء ,وكان في استطاعته أن يقضي عليهم ,إال أنه امتنع
عن ذلك خوفاً من أن يكون أول من يسفك الدماء في أمة محمد صلى اهلل عليه وسلم ,فاختار
الحلم والتأني والعدل في تعامله مع الفتنة ,ومنع الصحابة من قتال الغوغاء ,وأحب أن يقي
المسلمين بنفسه ,وفي عهده ظهرت أولى بوادر المعارضة ثم تطورت تدريجيا حتّى أفضت إلى
مرة في مواجهات عسكرية ِف َّ
يما بينهم ّأدت إلى انقسامهم.17 ألول ّ
مقتله ودخل المسلمون ّ
الخارجية؟
ّ فما أسباب هذا الخالف؟ وما دوره في تكوين الحركة
12
* مقف أي مولِّ.
13
* ضئضئ بضادين معجمتين مكسورتين وآخره مهموز ,وهو أصل الشيء.
14البخاري أبي عبدهللا محمد بن إسماعيل:صحيح البخاري ,دار الفكر1991 ,م.)232/2( ,
15ابن االعثم الكوفي :أبو محمد أحمد بن علي (ت 314هـ) ,الفتوح ,تحقيق نعيم زرزور ,بيروت1986 ,م ,ص .216
16
ابن شبّة :أبو زيد عمر بن زيد (ت 264هـ) ,كتاب تاريخ المدينة ,تحقيق محمد شلتوت ,جدة ,بدون تاريخ ,ص.215
227
تتفق المصادر التي أمكن االطالع عليها على تقسيم خالفة عثمان إلى فترتين متساويتين,
تميزت الفترة األولى باالستقرار فالتف الناس حوله وقربوه إليهم ,لحسن أخالقه ولمكانته من رسول
ّ
18
وفترة ثانية ظهرت اهلل ,وأحاديثه في الثناء عليه وزواجه من ابنتيه حتى ُس ِّمي بذي النورين,
سالمية
ّ الدولة اإل
فيها القالقل واالضطرابات واتّسعت المعارضة معلنة بداية ّأول فتنة في تاريخ ّ
الناشئة ,إال إن بعض المؤرخين والمستشرقين منهم حاولوا ولألسف الشديد أن ينسبوا هذه الفتنة,
ّ
وظهور حركة الخوارج إلى هذا الصحابي الجليل ,وثالث الخلفاء الراشدين ,حيث اتهموه باتّخاذ
الرسول والخليفتين أبي بكر وعمر ,ومنافية لمبادئ
بعض اإلجراءات واعتبروها خارجة عن تقاليد ّ
علنية ,كما اتهموه
الضيق وتأخذ صبغة ّّ الدين اإلسالمي ِم َّما جعل االنتقادات تخرج عن ّ
الحيز, ّ
السياسية ومنحهم القيادات
ّ أمية ,وبتقليد أقاربه المناصب اإلدارية و
كلياً على بني ّ
باعتماده ّ
19
بدعم مركز رؤساء القبائل واسترجاعهم
العسكرية العليا في الدولة ,وليس هذا فحسب بل اتهموه ّ
لمكانتهم السابقة لإلسالم ,إال أن المتتبع للمصادر اإلسالمية يجد أن الخليفة عثمان منذ تولّيه
النظام المتّبع في
الخالفة كان حريصاً على إتّباع سياسة سابقيه فواصل الفتوحات وحافظ على ّ
جمع الضرائب ,وتوزيع العطاء على المسلمين كما كان في عهد الخليفة عمر ,ولم يغير الخليفة
عثمان من سياسته طيلة خالفته ,زد على ذلك أن هذه االنتقادات لم تأت من المدينة المنورة
موطن صحابة رسول اهلل ,بل جاءت من األمصار حديثة العهد باإلسالم وخصوصاً من مصر
والبصرة والكوفة ,والتي كانت نقطة انطالق المعارضة لسياسة الخليفة عثمان بن عفان ,20إال أن
البعض قد يتساءل لماذا كانت الكوفة المركز األساسي للفتنة ضد الخليفة عثمان بن عفان؟
ُع ِر َ
21
ف فيها ثالثون ألفاً ولم ينتقل منهم إلى البصرة مع عتبة بن غزوان إال خمسة آالف فقط,
ضمت الكوفة عدداً كبي اًر من النازحين الجدد الّذين
القادسية) ,كما ّ
ّ هؤالء ب(أهل األيام) أو (أهل
قدموا من شبه الجزيرة العربية بعد تأسيس هذا المصر واستقرار الفاتحين فيه وهؤالء هم
18
البالذري أبي الحسن أحمد بن يحيى بن جابر :أنساب اإلشراف ,بيروت1967 ,م ,ص.189
19
DJAIT (H), "AL- Kufa, Encyclopedie de I,Islam, Nouvelle, edition, 1986, T. V,p. 350.
21
الطبري :تاريخ األمم والملوك ,تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ,بيروت1967 ,م ,ج ,4ص.75
228
اقره الخليفة عمر بن الخطاب ,رغم اختالفه من فئة
(الروادف) ,تمتع أهل الكوفة بالعطاء الذي ّ
ّ
إلى أخرى فيذكر الطبري َّ
بأن الخليفة عمر فرض ألهل األيام ثالثة آالف ,وألهل القادسية ألفين
وللروادف
القادسية واليرموك ألفاًّ ,
ّ وللبارع من أهل البالء ألفين وخمسمائة ,وفرض لمن بعد
22
القادسية كان مرتفعاً باعتبار
ّ يتضح من هذا النص أن عطاء أهل ثالثمائة ومن بعدهم مائتين,
الروادف وخصوصاً المتأخرين منهم,
أسبقية مشاركتهم في الفتوحات ,في حين انخفض عطاء ّ
هدفت هذه اإلجراءات التي اتخذها الخليفة عمر بن الخطاب ولم يغيرها خليفته عثمان بن عفان
إلى تشجيع الفئة المقاتلة ,إال أن المستشرقين ومن استقى معلوماته منهم أرادوا أن يثبتوا بأن هذه
اإلجراءات هي سبب هذه الفتنة ألنها خلقت اختالفاً واضحاً أنضاف إلى التّباين القبلي الكبير
الناجم عن تركيبة جيش الفتح ,وأرادوا أن يلبسوا الخليفة عثمان هذه التهمة بتساؤلهم لماذا لم
يحدث هذا االنفجار في زمن الخليفة عمر بن الخطاب؟
لإلجابة عن هذا السؤال يمكن القول إن تواصل الفتوحات في عهد الخليفة عمر بن الخطاب
تدر غنائم كثيرة مكنت من حل المشاكل االقتصادية باعتبارها كانت تقسم بالتساوي بين
كانت ّ
المشاركين في هذه الحروب بغض النظر عن تاريخ قدومهم إلى الكوفة ,وعندما تولى الخليفة
ابتداء من سنة 30هـ650 /م ,وبوقوفها
ً عثمان بن عفان قلت الفتوحات بالكوفة ,ثم توقفت تماماً
استغل الخوارج بروز المشاكل على السطح ,فوقعت أولى االضطرابات بها في والية الوليد بن
عقبة الذي يعتبره الكثيرون سببها الرئيسي ,فهذه األزمة لم تكن بسبب سوء أخالق الوليد بل
كمنت في سياسته التي عمد فيها إلى تحسين حالة الفئات االجتماعية الضعيفة ,األمر الذي
رفضه بعض الكوفيين وانقسموا إلى قسمين :العامة ,وهم األغلبية الذين وقفوا معه ,والخاصة ,وهم
23
ولتهدية األمور قام الخليفة عثمان بن عفان بعزل األقلية وهم المستفيدون الذين وقفوا ضده,
الوليد وولى مكانه سعيد بن العاص وطلب منه السير على التراتبية االجتماعية التي اقرها الخليفة
عمر بن الخطاب والقاضية بتفضيل أهل األيام وأهل القادسية والقراء ,فمكنت من تهدئة الوضع
في الكوفة لبعض الوقت.24
22
الطبري :مصدر سابق ,ج ,3ص.614
23
الطبري :مصدر سابق ,ج ,4ص.277
24
المصدر نفسه ,ج ,4ص.279
229
نخلص ِم َّما سبق أن هذه الحركة اعتمدت في ظهورها على عاملين أحداهما ظاهري وهو
المادي ,وقد سبقت اإلشارة إليه ,في حين تمثل سببها الرئيسي والمخفي في الجانب العقائدي ,إذ
السوداء اهتمام الخليفة
استغل مهندس حركة الخوارج اليهودي عبداهلل بن سبأ المعروف بابن ّ
عثمان بن عفان بتحفيظ القرآن الكريم وحرصه ليبقى في صدور العديد من المسلمين ,خاصة وأن
أغلب حفظة القرآن هم ِم َّمن ساهموا في الفتوحات اإلسالمية ,فحتى ال يضيع القرآن شجع الخليفة
عثمان العديد من الصحابة أمثال عبداهلل بن مسعود وأبي موسى األشعري على تحفيظه وتفسير
آياتهِ ,م َّما أدى إلى تكوين مجموعات من (القراء) صار لها إشعاع ديني كبير ,فحثهم الخليفة
عثمان على السفر إلى الكوفة لتعليم القرآن بها ,وجد المتسلقون ضالتهم المنشودة في تدمير
اإلسالم باالنضمام إلى القراء ,فحفظوا القرآن الكريم وتبحروا في الفقه والمسائل الدينية والدنيوية
التي تهتم بالحياة السياسية العامة ,25واستخدموا مجموعة من الشعارات ,منها التكبير واألمر
بالمعروف والنهي عن المنكر والمطالبة باستبدال الوالة غير العادلين وعزلهم ,فوثق الناس فيهم
والتفوا حولهم باعتبارهم شيوخ أجالء ,ضمت هذه المجموعة العديد من الشخصيات التي صارت
خوارج فيما بعد أمثال زيد بن حصين الطّائي ,وشريح بن أوفي العبسي ,وعبداهلل بن شجرة
السعدي ,ويزيد بن قيس األرحبي ,وعبداهلل
السلمي ,وحمزة بن سنان األسدي ,وحرقوص بن زهير ّ
ّ
بن ال ّكواء اليشكري ,وغيرهم.26
بدأ الخوارج من القراء بفكرة النقد لسياسة الدولة ثم تحول هذا النقد إلى المعارضة والرفض
لسياسة الخليفة ,والعداء لقبيلة قريش عامة ولإلسالم خاصة من خالل فرض آرائهم ومواقفهم على
الخليفة ,وهكذا لعب هؤالء الخوارج دو اًر كبي اًر خلق فتنة بين المسلمين نتيجة لمكانتهم الدينية التي
حصلوا عليها باعتبارهم شيوخ أفاضل من القراء استقطبوا مجموعة هامة من س ّكان الكوفة ,ومن
الدولة ليثبتوا تجاوز عثمان ووالته لتعاليم اإلسالم ,واعتبروا أن التّدخل
ثم أثاروا فكرة النقد لسياسة ّ
في شؤون الدولة والمشاركة في تحديد مصير األمة هو من حقهم كمسلمين ,وبالفعل نجحوا في
خلق فتنة أدت إلى مقتل الخليفة عثمان ,وكادت أن تعصف بالدولة اإلسالمية عامةً ,إال أن
بعض المراجع ولألسف الشديد حاولت أن تنسب هذه الفتنة إلى صحابة رسول اهلل رضوان اهلل
25عبد العزيز صالح الهالّبي :إلقاء الضوء على الدّور المزعوم للقراء في معركة صفين ,مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية,
السعودية ,مج1984 ,4م ,ص .16
26
الطبري :مصدر سابق ,ج ,4ص.318
230
عنهم ,والى سياسة الخليفة عثمان غير العادلة حسب تعبيرهمُ ,دست هذه األباطيل في التاريخ
اإلسالمي فتلقفها المستشرقون وقاموا بتوسيع نشرها ,وتأثر بها الكثير من المؤرخين والمفكرين
المحدثين ,ولم يمحصوا الروايات ويحققوا في سندها ومتنها ,فانتشرت بين المسلمين ,فاهتم مؤرخو
الشيعة الرافضة بهذه الموضوعات ودسوا فيها األباطيل واألكاذيب كقولهم بأن أول األصوات
وعمار بن ياسر ,وعبداهلل بن مسعود,
المعارضة لسياسة عثمان جاءت من أبي ذر الغفاريَّ ,
وركزت على احتجاج الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري الشديد على ظاهرة تهافت المسلمين على
جمع الثروات وتكديس األموال التي برزت في خالفة عثمان وأدت إلى ظهور فوارق اجتماعية
بين المسلمين.27
إال أن المتتبع لهذه المصادر يالحظ بوضوح تناقضات واضحة فيما نقلته من معلومات,
فنجدها تارة تذكر أن عثمان استعمل أسلوب العنف والضرب مع معارضيه ,ونجدها تارة أخرى
تذكر أن علي بن أبي طالب ,وطلحة بن عبيداهلل ,والزبير بن العوام ,وعبدالرحمن بن عوف
رضي اهلل عنهم ,بأنهم من الرافضين لسياسة عثمان ,والغريب أن المصادر ذاتها اتهمت نفس
الصحابة باالستفادة من سياسة الخليفة عثمان في تكوين ثروة طائلة ,28وأكدت بأنهم لعبوا دو اًر
كبي اًر في عملية قتل عثمان ,واألغرب من ذلك أن هذه المصدر شككت في الدور الذي لعبه ذلك
السوداء وأصحابه (السبئية) في قتل عثمان واثارة الفتنة
اليهودي عبداهلل بن سبأ المعروف بابن ّ
انجر عنها صراع بين المسلمين والتي اعتبرت النواة األولى التي انطلقت منها المعارضة
التي ّ
وهمية لم يكن لها وجود.29
الخارجية ,واثبتوا أن ابن سبأ شخصية ّ
إال أن الدالئل وفق المصادر اإلسالمية الصحيحة تشير إلى براءة أصحاب رسول اهلل الوارد
ذكرهم من فتنة قتل الخليفة عثمان بن عفان ,فهذه المصادر فندت ما جاء في المصادر الشيعية
الرافضة ,وأكدت على أن الصحابة المذكورين أعاله هم أول من اختار الخليفة عثمان بن عفان
لتولي الخال فة بعد مقتل الخليفة عمر بن الخطاب ,إذ لم يفرغ الناس من دفنه حتى أسرع رهط
الشورى وأعضاء مجلس الدولة إلى االجتماع في بيت عائشة أم المؤمنين رضي اهلل عنها ,وقيل
27
جواد علي :عبدهللا بن سبأ ,مجلة المجمع العلمي العراقي ,مج 1958 ,5م ,ص .66
28
DJAIT (H), op, cit, p. 81
29
طه حسين :المجموعة الكاملة لمؤلفات طه حسين ,المجلد الرابع :الخلفاء ال ّراشدون ,بيروت1973 ,م ,ص 518ــ .519
231
في بيت فاطمة بنت قيس الفهرية أخت الضحاك بن قيس ,للنظر في أعظم قضية عرضت في
حياة المسلمين بعد وفاة عمر فتحاور القوم واهتدوا إلى كلمة سواء رضيها الخاصة والعامة من
المسلمين ,30وقد اشرف الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي اهلل عنه على اختيار
الخليفة وحقق أول مظهر من مظاهر الشورى المنظمة في اختيار من يتحمل أعباء الخالفة
ويسوس أمور المسلمين ,فهو قد اصطنع من األناة والصبر والحزم وحسن التدريب ما كفل له
النجاح في أداء مهمته العظمى ,31وقاد ركب الشورى بمهارة وتجردِ ,م َّما يستحق أعظم التقدير.32
ويضيف الذهبي :من أفضل أعمال عبدالرحمن عزل نفسه من األمر وقت الشورى ,واختياره
لألمة من أشار به أهل الحل والعقد ,فنهض في ذلك أتم نهوض على جمع األمة على عثمان,
محابياً فيها ألخذها لنفسه ,أو لوالها ألحد من أبناء عمومته أو أقاربه ,33وقد تم االتفاق
ّ ولو كان
على بيعة عثمان بعد صالة صبح يوم اآلخر من شهر ذي الحجة سنة 23هـ ـ 6نوفمبر 643م,
وجاء في رواية البخاري" :فلما صلى الناس الصبح ,واجتمع أولئك الرهط عند المنبر ,فأرسل إلى
من كان حاض اًر من المهاجرين واألنصار ,وأرسل إلى أمراء األجناد وكانوا وافوا تلك الحجة مع
عمر ,فلما اجتمعوا تشهد عبدالرحمن ثم قال :أما بعد ,يا علي إني قد نظرت في أمر الناس ,فلم
34
أبايعك على سنة اهلل ورسوله أرهم يعدلون بعثمان ,فال تجعل على نفسك سبيالً فقال*
والخليفتين من بعده ,فبايعه الناس المهاجرين واألنصار وأمراء األجناد والمسلمون ,35وجاء في
رواية صاحب (التمهيد والبيان) :أن علي بن أبي طالب أول من بايع الخليفة عثمان بعد
عبدالرحمن بن عوف.36
30
عرجون صادق :عثمان بن عفان ,الدار السعودية1410 ,هـ ــ 1990م,ص.62
31
المرجع نفسه ,ص.71
32
مجلة البحوث اإلسالمية :العدد ,10ص.255
33
الذهبي محمد بن أحمد عثمان :سير أعالم النبالء ,مؤسسة الرسالة1999 ,م ,ص.86
35
البخاري :مصدر سابق ,رقم .7207
36األندلسي محمد بن يحيى بن أبي بكر المالقي :التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان ,حققه د .محمود يوسف زايد ,دار الثقافة,
الدوحة1985 ,م ,ص.26
232
وتضيف هذه المصادر أن علياً بن أبي طالب كان ينهي من يعيب على عثمان بذلك
ويقول" :يأيها الناس ال تغلوا في عثمان ,وال تقولوا له إال خي اًر ......واهلل لو وليت لفعلت مثل
الذي فعل" ,37وقوله" :لو سيرني عثمان إلى صرار لسمعت وأطعت" ,38وعندما اشتد الحصار
على عثمان بن عفان في المدينة كان علي من ادفع الناس عن عثمان وشهد له بذلك مروان
بن الحكم ,أقرب الناس إلى عثمان ,وألصقهم به في تلك المحنة القاسية األليمة ,وقد أخرج
علياً أرسل إلى عثمان فقال إن معي خمسمائة دارع فأذن
ابن عساكر عن جابر بن عبداهلل أن ّ
لي ,فأمنعك من القوم ,فإنك لم تحدث شيئاً يستحل به دمك ,فقال جزيت خي اًر ,ما أحب أن يرهق
دم في سببي ,39وعندما منع المحاصرون الماء عن عثمان حتى كاد أهله أن يموتوا عطشا,
أرسل إليه علي وأرضاه ثالث قرب مملوءة ماء ,فما كادت تصل إليه ,وجرح بسببها عدة من
موالي بني هاشم وبني أمية حتى وصلت ,40ولقد تسارعت األحداث فوثب الغوغاء على عثمان
وأرضاه وقتلوه ,ووصل الخبر إلى الصحابة وأكثرهم في المسجد ,فذهبت عقولهم ,وقال علي
ألبنائه وأبناء إخوانه :كيف قُتل عثمان وأنتم على الباب؟ ولطم الحسن ,وكان قد جرح وضرب
صدر الحسين ,وشتم ابن الزبير وابن طلحة ,وخرج غضبان إلى منزله وهو يقول :تباً لكم سائر
الدهر ,اللهم إني أب أر إليك من دمه أن أكون قتلت أو ماألت على قتله.41
وهكذا كان موقف علي ناصحاً له في بعض األمور ,ومطيعاً له إذا أمر ,وقف بجانبه بكل قوة
أثناء الفتنة ,فكان من اقرب الناس إليه ,ولم يذكره بسوء قط ,يحاول اإلصالح وسد الخرق بين
الخليفة والخارجين عليه ,لكن األمر فوق طاقته ,وخارج إرادته ,إنها إرادة اهلل عز وجل.42
37
فتح الباري :المطبعة السلفية ,الطبعة الثانية1410 ,هـ ,)18/9( ,إسناده صحيح.
38أبي شيبة أبي بكر :المصنف في األحاديث واآلثار ,طبع الدار السلفية ,الطبعة األولى1403 ,هـ ,بومباي الهند )225/15( ,سنده
صحيح.
39
عبدالوهاب النجار :الخلفاء الراشدون ,دار القلم ,بيروت1406 ,هـ ــ 1986م ,ص .189
40التميمي أبو سعد عبدالكريم محمد بن منصور :األنساب ,تحقيق وتعليق األستاذ محمد عوامة ,الطبعة األولى ,نشر محمد أمين دمج,
بيروت 1396هـ ــ 1976م ,ص.67
41
أبي شيبة :مصدر سابق ,ص.209
42شراب محمد محمد حسن :المدينة المنورة ,فجر اإلسالم والعصر الراشدي ,دار القلم ,الدراسات الشامية بيروت ,الطبعة األولى,
1415هـ ــ 1994م ,ص.150
233
ولتفنيد المصادر التي أوردت خالفات بين الخليفة عثمان بن عفان والصحابيين عبداهلل بن
الزبير ,وأبي ذر الغفاري نجد في رياض النفوس أن عثمان عندما قرر الخروج لفتح افريقية
استشار أصحابه في هذا األمر فوافقوه على ذلك ,فكانا عبداهلل ابن الزبير ,وأبو ذر الغفاري ِم َّما
خرجا في هذه الغزوة ,فلو كانا في خالف معه لما وافقاه على الخروج وما خرجا مع جيشه.43
بعد استشهاد الخليفة عثمان بن عفان يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة مضت من ذي الحجة
سنة خمس وثالثين ,44تمت مبايعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بالخالفة ,فلم يقبلها إال بعد
إلحاح شديد ِم َّمن بقي من الصحابة بالمدينة خوفاً من ازدياد الفتن وانتشارها ,ومنذ وصوله إلى
الحكم والى حرب صفِّين لم تبرز بوادر اختالف في صفوف مسلمي العراق حوله ,فكل العراقيين
الذين شاركوا في الثورة ضد عثمان أو تعاطفوا معها والتفوا حوله وناصروه ووقفوا إلى جانبه في
المتحمسين لقتال معاوية ,وحتى
ّ حرب الجمل ,ثم خرج أغلبهم معه إلى صفين وكانوا أشد
العناصر القليلة من القراء التي اعتذرت عن الخروج معه ,لم يكن رفضها خروجا عن سلطة
الخليفة ,45ولكن عندما قبل الخليفة علي بن أبي طالب الصلح منعاً لسفك دماء المسلمين ,رفض
الخوارج ذلك ,وخرجوا عليه فطلب منهم الخليفة علي الرجوع إلى الكوفة ,لم يرفض الخوارج طلبه,
وانما وضعوا لعودتهم شروطاً كانوا متأكدين أنه لن يقبلها ,فقد جاء في ردهم له" :إنك لم تغضب
لربك واّنما غضبت لنفسك .فإن شهدت على نفسك بالكفر واستقبلت التّوبة ,نظرنا فيما بيننا
السواء َّ
إن اهلل ال يحب الخائنين".46 وبينك واالّ نابذناك على ّ
إال أننا قبل الحديث على ظهور الفتنة إلى حيز الوجود في معركة صفين فضلنا تبيين
األسباب الحقيقية الكامنة وراء هذه الفتنة والمتمثلة في:
43
المالكي أبو بكر عبدهللا بن محمد :رياض النفوس ,دار الغرب اإلسالمي ,بيروت ,لبنان1403 ,هـ ــ 1983م ,ص.91
44
ابن سعد :الطبقات ,دار صادر ,بيروت1972 ,م ,ص.31
نصر بن مزاحم :وقعة صفّين ,تحقيق عبد السالم هارون ,القاهرة1982 ,م ,ص .115 45
46
الطبري :مصدر سابق ,ج ,5ص.87
234
أنكرت العديد من مصادر الشيعة حقيقة هذه الشخصية واعتبرتها من إبداع مخيلة سيف بن
عمر التميمي ,في محاولة منهم لنفي دور العنصر اليهودي الحاقد في زرع الفتنة بين المسلمين
من جهة وتوجيه االتهام للصحابة بأنهم سبب الفتنة كاتهامهم للخليفة عثمان بن عفان وأرضاه,
وتابعهم على نفي وجود عبداهلل بن سبأ بعض المعاصرين وأغلبهم من الشيعة لغاية في نفوسهم,
وهي محاولتهم الفاشلة لتبرئة أصل مذهبهم من مؤسسه الحقيقي ,أما األقلية التي شاركتهم في
هذا اإلنكار من المحسوبين على أهل السنة فهم ِم َّمن تأثروا وتتلمذوا على أيدي المستشرقين,
وإلثبات وجود هذه الشخصية فقد جاء ذكر السبئية على لسان أعشى همدان*47المتوفى عام
فر مع
(83هـ 703/م) ,وقد هجا المختار بن أبي عبيد الثقفي وأنصاره من أهل الكوفة بعدما َّ
أشراف قبائل الكوفة إلى البصرة بقوله:
48
و إني بكم يا شرطة الكفر عارف شهدت عليكم أنكم سبئية
وهناك رواية عن الشعبي المتوفى عام (103هـ723 /م) تفيد كذب عبداهلل بن سبأ ,49وتحدث ابن
حبيب المتوفى عام (245هـ865 /م) ,عن ابن سبأ حينما اعتبره أحد أبناء الحبشيات ,50كما
روى أبو عاصم ُخشيش بن أصرم المتوفى سنة (253هـ873 /م) ,خبر إحراق علي لجماعة
من أصحاب ابن سبأ في كتاب االستقامة ,51ويعتبر الجاحظ المتوفى سنة (255هـ 875 /م) من
أوائل من أشار إلى عبداهلل ابن سبأ ,52ويقول ابن تيمية" :إن مبدأ الرفض إنما كان من الزنديق
عبداهلل بن سبأ" ,53ويذكره الذهبي بأنه ضال مضل وأنه من ُغالة الزنادقة ,54ويضيف ابن حجر:
بأن عبداهلل بن سبأ كان من ُغالة الزنادقة وأن له أتباع يقال لهم السبئية يعتقدون اإللهية في علي
47
* هو عبدالرحمن بن الحارث الهمداني ,المعروف بأعشى همدان.
48
ديوان أعشى همدان :ص.148
49الحميدي عبد العزيز عبدهللا :التاريخ اإلسالمي ,مواقف وعبر ,دار الدعوة اإلسكندرية ,الطبعة األولى1418 ,هـ 1998 /م,
ص.210
50
الفسوي أبي يوسف :المعرفة والتاريخ ,تحقيق أكرم ضياء العمري ,مطبعة اإلرشاد ,بغداد1394 ,هـ ,ص.277
51
الذهبي شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان :تذكرة الحفاظ ,بيروت ,دار احياء التراث1972 ,م ,ص.551
52
ابن خلكان أبو العباس شمس الدين أحمد :وفيات األعيان وأبناء الزمان ,تحقيق إحسان عباس ,دار صادر بيروت ,ص.470
53الحراني تقي الدين أحمد بن تيمية :مجموعة الفتاوى ,دار الوفاء بالمنصورة ,مكتبة العبيكان بالرياض ,الطبعة األولى 1418هـ
1997/م ,ص.483
54
الذهبي :ميزان االعتدال ,تحقيق علي محمد البخاري ,دار المعرفة ,بيروت1972 ,م ,ص.426
235
ا بن أبي طالب وقد أحرقهم الخليفة علي بن أبي طالب بالنار في خالفته ,55كما أن كتب
األنساب هي األخرى أكدت نسب السبئية إلى اليهودي اليمني عبداهلل بن سبأ الذي أظهر
إسالمه.56
يتضح ِم َّما سبق أن شخصية عبداهلل بن سبأ حقيقة تاريخية ال لبس فيها في أغلب المصادر
والمراجع السنية ,وهي كذلك عند غالبية المستشرقين أمثال :يوليوس فلهاوزن ,57وفان فولتن,58
وليفي ديالفيد ,59وداويت رونلدس ,60ورينولد نكلسن ,61في حين يبقى عبداهلل بن سبأ مجرد خرافة
ومحل شك في أغلبية مصادر الشيعة وبعض المستشرقين أمثال :برنارد لويس ,62وفريد لندر,63
وغيرهم علماً بأننا ال نعتد بهم في أحداث تاريخنا.
أما دوره في هذه الفتنة فقد تظاهر عبداهلل بن سبأ باإلسالم واستعمل التقية ,مستغالً األجواء
التي ساعدت على الفتنة ومهدت لظهورها ,فاصطنع آراء ومعتقدات َّادعاها واخترعها من ِقبل
نفسه وافتعلها من يهوديته الحاقدة ,وجعل يروجها لغاية ينشدها وغرض يستهدفه ,وهو َّ
الدس في
المجتمع اإلسالمي بغية النيل من وحدته ,واذكاء نار الفتنة وغرس بذور الشقاق بين أفراده ,فكان
ذلك من جملة العوامل التي أدت إلى قتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان ,وتفرق األمة شيعاً
وأحزاباً ,أتى بمقدمات صادقة وبنى عليها مبادئ فاسدة راجت لدى السذج الغالة وأصحاب
األهواء من الناس في المناطق المفتوحة حديثة اإلسالم ,فسلك مسالك ملتوية لبَّس فيها على من
عجب ِم َّمن يزعم أن عيسى
حوله حتى اجتمعوا عليه ,فطرق باب القرآن بتأوله الفاسد حيث قال :لَ َ
55
العسقالني ابن حجر :لسان الميزان ,مؤسسة األعلمي للمطبوعات ,بيروت1983 ,م ,ص .360
56
التميمي :مصدر سابق ,ص.24
57
يوليوس فلهاوزن :الخوارج والشيعة ,ص170
58فان فولتن :السيادة العربية والشيعة واإلسرائيليات ,ترجمة حسن إبراهيم حسن ,ومحمد زكي إبراهيم ,القاهرة ,مكتبة النهضة
المصرية1385 ,هـ 1965 /م ,ص .80
59أمحزون محمد :تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة من روايات الطبري والمحدثين ,دار طيبة ,مكتبة الكوثر ,الرياض ,الطبعة
األولى1415 ,هـ 1994 /م ,ص.321
60
رونلدس داويت :عقائد الشيعة ,ترجمة جولد تسهير ,القاهرة ,مكتبة الخانجي1977 ,م ,ص.229
61نكلسن رينولد :تاريخ األدب العربي في الجاهلية وصدر اإلسالم ,ترجمة صفاء خلوصي ,بغداد ,مطبعة المعارف1388 ,هـ /
1969م ,ص.235
62بارنارد لويس :أصول اإلسماعيلية ,ترجمة ,خليل أحمد جلو ,وجاسم محمد الرجب ,بغداد ,مكتبة المثنى1317 ,هـ 1947 /م,
ص.86
63
أمحزون محمد :مرجع سابق ,ص .312
236
64
وي َكذب بأن محمد يرجع ,وقد قال تعالى" :إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد"
يرجعُ ,
فمحمد أحق بالرجوع من عيسى.65
ولحث الناس على الخروج على عثمان بأسلوب مقنع سلك طريق القياس الفاسد من ادعاء
إثبات الوصية لعلي بن أبي طالب رضي اهلل عنهم جميعا بقوله :إنه كان ألف نبي ,ولكل نبي
وصي ,وكان علي وصي محمد ثم قال :محمد خاتم األنبياء ,وعلي خاتم األوصياء ,66وعندما
استقر هذا األمر في نفوس أتباعه انتقل إلى هدفه المنشود ,وهو خروج الرعية على خليفتهم
عثمان بن عفان ,فقال لهم :من أظلم ِم َّمن لم يجز وصية رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ووثب
على وصيه وتناول أمر األمة؟ ثم قال لهم بعد ذلك :إن عثمان أخذها بغير حق ,وهذا وصي
رسول اهلل فانهضوا في هذا األمر فحركوه ,وابدءوا بالطعن على أمرائكم وأظهروا األمر بالمعروف
والنهي عن المنكر تستميلوا الناس وادعوا إلى هذا األمر ,فصادف ذلك هوى ضعفاء النفوس من
القوم فالتفوا حوله ,فبث دعاته ,وكاتب من كان في األمصار ,وكاتبوه ودعوا في الس ِّر إلى ما
عليه رأيهم ,وأظهروا األمر بالمعروف والنهي عن المنكر.67
هدف ابن سبأ من وراء ذلك أن يوقع في أعين الناس بين الصحابيين الجليلين عثمان وعلي
رضي اهلل عنهما ,فجعل علياَ مهضوم الحق ,وجعل عثمان مغتصبا لذلك الحق ,ثم حاول بعد
ذلك أن يحرك الناس خاصة في مصر والكوفة على أمرائهم باسم األمر بالمعروف والنهي عن
المنكر ,واألمر شورى بعد الفتح ,والبيعة هلل عز وج ّل وحده وليس للبشر ,وركز في حملته هذه
فالقراء منهم من استهواهم عن طريق
على األعراب الذين وجد فيهم مادة مالئمة لتنفيذ خطتهَّ ,
األمر بالمعروف والنهي عن المنكر ,وأصحاب المطامع منهم هيَّج أنفسهم باإلشاعات المغرضة
المفتراة على عثمان ,مثل تحيزه ألقاربه واغداق األموال من بيت مال المسلمين عليهم ,وأنه حمى
حرك بها نفوس الغوغاء ضد عثمان مع
الحمى لنفسه إلى غير ذلك من التهم والمطاعن التي َّ
براءته ,ثم بدأ بإشعال نار الفتنة داخل المجتمع اإلسالمي وذلك بحض أتباعه على إرسال الكتب
64
سورة القصص :آية.85 ,
65
الطبري :مصدر سابق ,ج ,5ص.347
66
الطبري :المصدر نفسه ,ج ,5ص.347
67
الطبري :المصدر نفسه ,ج ,5ص.348
237
بأخبار سيئة مفجعة من مصرهم إلى بقية األمصار ,وهكذا تخيل الناس في جميع األمصار أن
الحال سيئة ومفجعة.68
اختار ابن سبأ مصر لتنظيم حملته ضد عثمان رضي اهلل عنه ,وحث الناس التوجه إلى
المدينة إلثارة الفتنة بدعوى أن عثمان أخذ الخالفة بغير حق ,ووثب على وصي رسول اهلل صلى
علياً ,وغشهم بكتب زعم أنها وردت من كبار الصحابة ,ولم يكن ابن سبأ
اهلل عليه وسلم يقصد ّ
وحده ,وانما كان عمله ضمن شبكة من المتآمرين واخطبوط من أساليب الخداع واالحتيال والمكر
وتجنيد األعراب والقراء وغيرهم ,ويروي ابن كثير أن أسباب تألب األحزاب على عثمان ظهور
ابن سبأ وذهابه إلى مصر واذاعته بين الناس كالماً اخترعه من عند نفسه ,فافتتن به غوغاء
الناس والتحقوا بالطائفة السبئية التي كانت عامالً من عوامل الفتنة المنتهية بمقتل أمير المؤمنين
عثمان بن عفان ,وما ترتب على قتله من فتن كمعركتي الجمل وصفين وغيرهما.69
اختالف الصحابة في الطريقة التي يؤخذ بها القصاص من قتلة أمير المؤمنين عثمان بن
عفان رضي اهلل عنه.
إن منشأ الخالف بين أمير المؤمنين علي من جهة وبين معاوية بن أبي سفيان وطلحة
والزبير وأم المؤمنين عائشة رضي اهلل عنهم ,لم يكن قدحاً في خالفة أمير المؤمنين علي ,واَّن َما
اختالفهم في قضية االقتصاص من قتلة عثمان ,ولم يكن خالفهم في أصل المسألة ,واَّن َما في
الطريقة التي تعالج بها هذه القضية ,إذ كان أمير المؤمنين علي موافقاً من حيث المبدأ على
وجوب االقتصاص من قتلة عثمان ,وانما كان رأيه أن ُيرجئ االقتصاص من هؤالء إلى حين
استقرار األوضاع وهدوء األمور واجتماع الكلمة ,70ويذكر النووي أن سبب تلك الحروب هو
اشتباه القضايا واختالف االجتهاد ,حيث انقسمت إلى ثالثة أقسام ,قسم ظهر لهم باالجتهاد أن
68
العشي يوسف :الدولة األموية ,دار الفكر ,الطبعة الثانية1406 ,هـ 1985 /م ,ص .168
69
ابن كثير أبي الفداء الحافظ :البداية والنهاية ,دار الريان1998 ,م.168 / 7( ,
70
دخان عبد العزيز :أحداث وأحاديث فتنة الهرج ,رسالة دكتوراه ,فاس المغرب1982 ,م ,لم تنشر ,ص.158
238
الحق في هذا الطرف ,وان مخالفه باغ ,فوجب عليهم ُنصرته ,وقتال الباغي فيما اعتقدوه ففعلوا
ذلك ,ولم يكن يحلو لمن هذه صفته التأخر عن مساعدة إمام العدل في قتال البغاة في اعتقاده,
وقسم عكس هؤالء ظهر لهم باالجتهاد أن الحق في الطرف اآلخر ,فوجب عليهم مساعدتهم
وقتال الباغي عليه ,وقسم ثالث ,اشتبهت عليهم القضية ,وتحيروا فيها ,ولم يظهر لهم ترجيح أحد
الطرفين فاعتزلوا الفريقين ,وكان هذا االعتزال هو الواجب في حقهم ,ألنه ال يحل اإلقدام على
قتال مسلم حتى يظهر أنه مستحق لذلك ,ولو ظهر لهؤالء رجحان أحد الطرفين ,وأن الحق معه,
لما جاز لهم التأخر عن نصرته في قتال البغاة عليه.71
معركة صفين سنة (37هـ 657 /م) وبداية الظهور العلني لحركة الخوارج
قبل البدء بالحديث عن موعد الظهور العلني لحركة الخوارج والذي كانت معركة صفين سنة
(37هـ 657 /م) موعده ,يجدر بنا التطرق إلى أسباب هذه المعركة التي حدثت بين صحابة
رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ,والتي اختلفت فيها وجهات نظر الصحابيين علي ومعاوية ,فهذا
معاوية بن أبي سفيان الذي كان واليا على الشام منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب ولم يخلعه
علي بن أبي طالب عند توليه الخالفة وولى عبداهلل بن
الخليفة عثمان بن عفان ,فعزله الخليفة ُّ
عمر بدل منه ,فاعتذر ابن عمر ,فاستبدله بسهل بن حنيف ,إال أنه ما كاد يصل مشارف الشام
بمكان ي قال له (وادي القرى) حتى عاد من حيث جاء ,إذ لقيته خيل لمعاوية عليها حبيب بن
مسلمة الفهري ,فقالوا له" :إن كان بعثك عثمان فحيهال بك ,وان بعثك غيره فارجع".72
إال أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا رفض معاوية قرار الخليفة علي بالتنحي من والية
الشام؟ لإلجابة عن هذا السؤال يمكن القول ,لقد امتنع معاوية وأهل الشام عن البيعة ,و أروا أن
يقتص أمير المؤمنين علي رضي اهلل عنه من قتلة عثمان ثم يدخلون البيعة ,73وقالوا :ال نبايع
من يؤوي القتلة ,74وخافوا على أنفسهم من قتلة عثمان الذين كانوا في جيش علي ,ف أروا أن البيعة
71
النووي :شرح صحيح مسلم ,بيروت ,دار الفكر1401 ,هـ 1981 /م.)149 / 15( ,
72
الطبري :مصدر سابق.)466 / 5( ,
73
ابن كثير :مصدر سابق.)129 / 7( ,
74ابن العربي القاضي أبو بكر :العواصم والقواسم ,تحقيق محب الدين الخطيب ,إعداد محمد بن سعيد مبيض ,دار الثقافة ,قطر
الدوحة ,الطبعة الثانية1989 ,م ,ص .162
239
لعلي ال تجب عليهم إال بعد االقتصاص من قتلته ألنه قُتل مظلوماً باتفاق المسلمين ,فإذا بايعوا
قبل القصا ص ضاع دم عثمان ,وقد رأى معاوية رضي اهلل عنه أنه ولي دم عثمان ومسئول عن
االنتصار له وأخذ القصاص من قتلته تماشيا لقول اهلل تعالى" :ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه
سلطاناً فال يسرف في القتل إنه كان منصو اًر" ,75وقد أدى خروج النعمان بن بشير إلى الشام
بقميص عثمان ملطخ بالدماء ,ومعه أصابع زوجته نائلة بنت الفرافصة الكلبية فسلمهما إلى
َّ
وحث معاوية ,فعلق األصابع في كم القميص ووضعه على المنبر ليراه الناس فبكت الناس,
بعضهم بعضاً على األخذ بثأره ,76كانت الصورة التي نقلها النعمان مخيفة جداً فهاجت لها
النفوس والعواطف ,واهتزت المشاعر ,وتأثرت بها القلوب ,وذرفت منها العيون ,فجاء شرحبيل بن
77
السمط الكندي وقال لمعاوية" :كان عثمان خليفتنا ,فإن قويت على الطلب بدمه واال فاعتزلنا"
واتفق رجال الشام أال يمسوا النساء وال يناموا على الفرش حتى يقتلوا قتلة عثمان ,ومن عرض
دونهم بشيء أو تفنى أرواحهم.78
وهناك حديث آخر له تأثيره القوي في طلب معاوية للقصاص من دم عثمان ,وكان منشطاً
ودافعاً قوياً للتصميم على تحقيق الهدف ,وهو :عن النعمان بن بشير عن عائشة رضي اهلل
عنها ,قالت :أرسل رسول اهلل ,فكان من آخر كلمة أن ضرب منكبه فقال" :يا عثمان ,إن اهلل
عسى أن يلبسك قميصاً ,فإن أرادك المنافقون على خلعه فال تخلعه حتى تلقاني" ثالثاً ,فقلت لها:
يا أم المؤمنين ,فأين كان هذا عنك؟ قالت :نسيته واهلل فما ذكرته ,فأخبرته معاوية بن أبي سفيان,
إلي به ,فكتبت إليه به كتاباً.79
فلم يرض بالذي أخبرته حتى كتب إلى أم المؤمنين أن اكتبي َّ
إذن كان الحرص الشديد على تنفيذ حكم اهلل في القتلة هو السبب الرئيسي في رفض أهل
الشام بزعامة معاوية بن أبي سفيان بيعة علي بن أبي طالب ,و أروا أن تقديم حكم القصاص مقدم
على البيعة ,وليس إلطماع معاوية في والية الشام ,أو طلبه ما ليس له بحق ,فمعاوية كان يدرك
75
سورة اإلسراء :آية.33 ,
76
ابن كثير :مصدر سابق.)539 / 7( ,
77التميمي أبي سعد عبد الكريم محمد بن منصور :األنساب ,تحقيق وتعليق األستاذ محمد عوامة ,الطبعة األولى ,نشر محمد أمين
دمج ,بيروت1396 ,هـ 1976 /م ,ص(.)418 / 4
78
الطبري :مصدر سابق.)600 / 5( ,
79
شاكر أحمد :مسند أحمد :تحقيق أحمد شاكر ,الطبعة الثالثة ,دار المعارف ,مصر1368 ,هـ ,رقم ( )24045حديث صحيح.
240
إدراكاً تاماً أن هذا األمر في بقية الستة من أهل الشورى ,وأن علياً أفضل منه وأولى باألمر منه
وقد انعقدت البيعة له بإجماع الصحابة بالمدينة ,80ولكنه اجتهد وكان اجتهاده مخالفاً للصواب.
أما أمير المؤمنين علي فقد رأى أن يؤجل في األخذ من قصاص من قتلة عثمان رضي اهلل
عنه إلى أن تستقر األمور ,ويفهم ذلك من رد الخليفة علي كرم اهلل وجهه عن سؤال أبي سالمة
الدأالني الذي يقول فيه "أترى لهؤالء القوم حجَّة فيما طلبوا من هذا الدم ,إن كانوا أرادوا اهلل عز
وجل بذلك؟ قال :نعم .قال :فترى لك حجة بتأخيرك ذلك؟ قال :نعمَّ ,
إن الشيء إذا كان ال يدرك
غداً؟ قال :إني ألرجو َّأال يقتل
نفعاً ,قال :فما حالنا وحالهم إن ابتلينا ّ
أعمه ّ
فالحكم فيه أحوطه و ُّ
أحد َنقَّى قلبه هلل َّ
منا ومنهم إال أدخله اهلل الجنة".81
يفهم من هذا إن هدف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب اإلصالح واطفاء الفتنة ,وان القتال
ارداً في تدبيره ,وان حصل فهو داء ال ُيرجى شفاؤه ,أما من يقتل بين الطرفين فهو مرهون
ليس و ّ
بنيَّته ,سواء قاتل مع أمير المؤمنين أو قاتل ضده ,وبذلك يقرر أمير المؤمنين أن المسلمين الذين
خرجوا في هذا األمر ,بعد استشهاد عثمان يبتغون اإلصالح والقضاء على الفتنة مجتهدون
وأجرهم على قدر إخالص نواياهم ونقاء قلوبهم.82
لم يهتد الطرفان إلى حل ووقعت معركة صفين بين جيش أمير المؤمنين علي وبين جيش
الصحابي الجليل معاوية بن سفيان ,فكانت من أعجب الوقائع بين المسلمين ,حتى إن القارئ
مشدوهاً أمام طبيعة النفوس عند الطرفين وال يصدق ما يقرأ ,فكل منهم كان يقف وسط
ّ يقف
المعركة شاه اًر سيفه وهو يؤمن بقضيته إيماناً كامالً ,فهذا أحد المشاركين يقول" :كنا إذا تواعدنا
من القتال دخل هؤالء في معسكر هؤالء ,وهؤالء في معسكر هؤالء ,وتحدثوا إلينا وتحدثنا إليهم,
وهم أبناء قبيلة واحدة ,ولكل منهما اجتهاده ,فيقاتل أبناء القبيلة الواحدة كل في طرف ,قتاالً مري اًر,
وكل منهما يرى نفسه على الحق" ,83إال أن الذي يهمنا من هذه الحرب هو دور الخوارج في إثارة
80عبد الحميد علي :خالفة علي بن أبي طالب ,رتبه وهذبه د /محمد بن صامل السلمي ,دار الوطن ,الطبعة األولى1422 ,هـ /
2002م ,ص .112
81
ابن كثير :مصدر سابق.)250 / 7( ,
82الخليفة حامد محمد :اإلنصاف فيما وقع في تاريخ العصر الراشدي من خالف ,مطابع الدوحة المدنية الرياضية عمَّان ,األردن,
1423هأ 2002 /م ,ص.406
83
ابن كثير :مصدر سابق.)270 / 7( ,
241
الفتنة بين المسلمين ,فما أن توقفت هذه الحرب برفع الجيش الشامي المصاحف على الرماح
مطالباً بإنهاء القتال وتحكيم القرآن بين الطرفين ,لم تترك مجموعة القراء التي صارت فيما بعد
خوارجاً األمر ألمير المؤمنين علياً في اتخاذ القرار النهائي بشأن توقف الحرب أو مواصلتها ,بل
تدخلت ,وفرضت عليه قبول التحكيم واختيار أبي موسى األشعري ممثالً لهم ,ولكن بعد
المفاوضات وكتابة وثيقة التحكيم مباشرة عادت تلك المجموعة نفسها إلى الخليفة علي وطلبت
منه استئناف القتال إال أنه رفض فكان ذلك سبباً في خروجهم عليه.
تلك إذن هي مجمل أحداث رفع المصاحف والتحكيم وخروج الخوارج باختصار كما وجدناها
حد كبير,
في أغلب المصادر اإلسالمية ,وهي أحداث تبدو للوهلة األولى مترابطة ومتسلسلة إلى ّ
ولوال الموقف المتناقض الذي اتخذه الخوارج المتسترين بالقراء ,والمتمثل في قبول التحكيم ثم
رفضه لكانت القضية مقبولة.
ومن المفيد هنا تحليل ذلك القبول قبل أن يقبله أمير المؤمنين علي ورفضه بمجرد أن قبله
أمير المؤمنين لنخرج بصورة لعلها تكشف حقيقة الخوارج ومخططاتهم في إشعال الفتنة بين
المسلمين ,فقد أثار هذا االنقالب المفاجئ من قبل القراء استغراب جل الدارسين وتساؤالتهم
خصوصاً وأنه صدر عن مجموعة تملك بحكم تجربتها السَّابقة بعض األفكار الواضحة ,وال يمكن
لها بحال من األحوال أ ن تتصرف بصورة اعتباطية في مثل هذه القضية المصيرية ,وقد دفع هذا
التعرف على حقيقة موقف هذه
الضوء على هذه المسألة ومحاولة ّ التناقض َّ
الدارسين إلى تسليط ّ
الدراسات في تناول هذه المسألة
المجموعة من التّحكيم وتفسير دوافعه وخلفياته ,وقد سلكت ّ
اتّجاهين مختلفين و ّأدت بالتَّالي إلى آراء واستنتاجات متباينة:
242
االتجاه األول موقف المصادر الشيعية:
أرجعت هذه المصادر أسباب الفتنة إلى اختالف القراء ,وحاولت جعله أم اًر مقبوالً ومنطقياً,
لما قبلوا التّحكيم ,ولكن لما
وبرز من بين هؤالء الدارسين فلهوزن الذي اعتبر أن الخوارج اخطأوا َّ
تبيَّن لهم الخطأ رجعوا عن باطلهم وتابوا ,84وهو التفسير الذي تذكره المصادر على لسان
الرافضين للتّحكيم ّإبان الحوار الذي دار بينهم وبين أمير المؤمنين علي بعد صفّين ,أما نايف
القراء طلب أحدهما وقف القتال والتحكيم وأصر الثاني
فيتحدث عن وجود فريقين من ّ
ّ معروف
ثم يتساءل إن لم يكن ذلك يندرج في إطار خطة مدبرة
الراسبي على مواصلتهَّ ,
بقيادة ابن وهب ّ
من قبل عناصر من الفريقين ,85وهذا يظهر أن الخوارج يجيدون األساليب الملتوية في التعامل
مع أعدائهم ومنافسيهم.
ويضيف سليم النعيمي في مقالة بعنوان (ظهور الخوارج) ,87حاول من خاللها التوصل إلى
معمقة ودقيقة للروايات في المصادر األساسية
القراء من التحكيم على ضوء دراسة ّ
حقيقة موقف ّ
وهي :تاريخ الطبري ,وكتاب األنساب للبالذري ,ووقعة صفّين لنصر بن مزاحم.
84فلهوزن يوليوس :أحزاب المعارضة السياسية الدينية في صدر اإلسالم :الخوارج والشيعة ,ترجمة عبد الرحمن بدوي ,الكويت,
1956م ,ص.37
85معروف نايف :الخوارج في العصر األموي ,نشأتهم ,تاريخهم ,عقائدهم ,أدبهم ,بيروت ,دار الطليعة ,ط1978 ,1م ,ط,1986 ,3
ص.32
86
الدجيلي محمد رضا :فرقة االزارقة ,دراسة تحليلية وتاريخية تبحث عن أصول هذه الفرقة وتطورها ,النجف1973 ,م ,ص .23
87
النعمي سليم :ظهور الخوارج ,مجلة المجمع العلمي العراقي ,العدد ,15سنة 1967م ,ص.35
243
وقد استنتج صاحب المقال بعد استعراض مجمل الروايات ومقارنتها أنه ال يوجد اتفاق على
إدانة الخوارج وذلك لتوافر روايات ال تذكر لهم أي دور في التحكيم وأخرى تذكر رفضهم له منذ
اللحظة األولى إلى جانب تلك التي تتهمهم بفرض التحكيم على علي ثم رفضه ,وهذا بحد
القراء الكلية في وقوع التحكيم.
ذاته كاف لعدم التسليم بمسؤولية ّ
اجمع أهل السنة والجماعة على إن السبئية هم أسباب تلك الفتنة ,وبما أن الفتنة وقعت بين
الصحابة الكرام رضوان اهلل عليهم ,لذا اتفقوا على اإلمساك َع َّما شجر بينهم ,لما يسببه الخوض
في ذلك من توليد العداوة والحقد والبغض ألحد الطرفين ,وقالوا :أنه يجب على كل مسلم أن
يحب جميع صحابة رسول اهلل ويرضى عنهم ويترحم عليهم ,وأن الذي حصل بينهم إنما كان عن
اجتهاد منهم ,والجميع مثابون في حالتي الصواب والخطأ ,غير أن ثواب المصيب ضعف ثواب
المخطئ في اجتهاده ,وان القاتل والمقتول من الصحابة رضوان اهلل عليهم في الجنة ,وجاء
اعتمادهم على عدة نصوص منها:
.1النص القرآني في قوله تعالى" :وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن
بغت إحداهما على األخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر اهلل فإن فاءت
فأصلحوا بينهما بالعدل" ,88فأصحاب رسول اهلل رضوان اهلل عليهم الذين اقتتلوا ال
يزالون عند ربهم مؤمنين إيماناً حقيقياً ,ولم يؤثر ما حصل بينهم من شجار في إيمانهم
بحال ,ألنه كان عن اجتهاد.89
.2عن أبي سعيد الخذري قال :قال رسول اهلل "تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين
90
والفرقة المشار إليها في الحديث هي ما كان من تقاتلهم أولى الطائفتين بالحق"
االختالف بين علي ومعاوية رضوان اهلل عليهما.
88
سورة الحجرات ,آية .9
89
العربي القاضي أبو بكر ,مصدر سابق ,ص.170
90
البخاري (.)745/2
244
.3سئل عمر بن عبدالعزيز رحمه اهلل تعالى عن القتال الذي حصل بين الصحابة ,فقال:
"تلك دماء طهر اهلل يدي منها ,أفال أطهر منها لساني ,مثل أصحاب رسول اهلل مثل
العيون ,ودواء العيون ترك مسها" ,91قال البيهقي معلقاً عن قول عمر بن عبدالعزيز,
عما ال يعنيه هو الصواب".92
رحمه اهلل تعالى" :هذا حسن جميل ,الن سكوت الرجل َّ
.4سئل الحسن البصري رحمه اهلل تعالى عن قتال الصحابة فيما بينهم فقال" :شهده
أصحاب محمد وغبنا ,وعلموا وجهلنا ,واجتمعوا فاتبعنا ,واختلفوا فوقفنا ,93ومعنى قول
الحسن هذا :إن الصحابة كانوا أعلم بما دخلوا فيه منا ,وما علينا إال أن نتبعهم فيما
اجتمعوا عليه ,ونقف عند ما اختلفوا فيه ,وال نبتدع رّأياً منا ,ونعلم أنهم اجتهدوا وأرادوا
اهلل عز وجل.94
.5وقال ابن كثير" :أما ما َش َج َر بينهم بعده :فمنه ما وقع من غير قصد كيوم الجمل,
ومنه ما كان اجتهاد كيوم صفين ,واالجتهاد يخطئ ,ولكن صاحبه معذور وان أخطأ,
ومأجور أيضاً :وأما المصيب فله أجران".95
نخلص ِم َّما سبق إلى اتفاق المصادر السنية على أن السبئية هم من كان وراء ظهور الخوارج
التي خلقت فتنة بين صحابة رسول اهلل رضوان اهلل عليهم والتي أدت إلى مقتل الخليفة عثمان بن
عفان ,وأجمعوا على وجوب السكوت عن الخوض فيها ,واتفقوا على حفظ فضائل الصحابة,
واالعتراف لهم بسوابقهم ,ونشر محاسنهم رضي اهلل عنهم وأرضاهم ,في حين عمدت المصادر
الشيعية وبعض المستشرقين ومن أخذ منهم إلى التجريح في صحابة رسول اهلل ,وسبهم والصاقهم
سبب الفتنة ,واتهامهم بأنهم خرجوا على إجماع المسلمين لعدم تمكين علي بن أبي طالب الخالفة
بعد موت النبي الكريم ,إال أن هذه المصادر لم تعترف بأن الخوارج هم أسباب الفتنة التي أدت
91الباقالني أبي بكر بن الطيب :اإلنصاف فيما يجب اعتقاده وال يجوز الجهل به ,تحقيق محمد زاهد الكوثري ,الطبعة الثانية ,مؤسسة
الخانجي1382 ,هـ ,ص69
92الرازي محمد عبد الرحمن أبي حاتم :مناقب الشافعي ,تحقيق عبد الغني عبد الخالق ,دار الكتب العلمية ,بيروت1353 ,هـ,
ص.136
93
العربي أبو بكر :أحكام القرآن ,دار الكتب العلمية ,بيروت1408 ,هـ 1988 /م ,ص.132
94
المرجع نفسه ,ص.133
95
ابن كثير مصدر سابق ,ص.312
245
إلى مقتل الخليفة عثمان , وهم من خرجوا على الخليفة علي بن أبي طالب عند توليه الخالفة
وكانوا سبباً في مقتله.
الخاتمة
نخلص في خاتمة هذا البحث إلى أن حركة الخوارج انتهزت األحداث السياسية التي عاشتها
الدولة اإلسالمية وجعلت منها سبباً في أحداث فتنة كبرى كادت أن تعصف بهذه الدولة الناشئة,
يرجع تاريخ هذه الحركة إلى زمن النبي الكريم عليه أفضل الصالة والسالم ,إال أن ظهورها على
السطح بدأ في عهد الخليفة عثمان بن عفان وكانت سبباً في وفاته ,ثم تطورت في عهد
الخليفة علي بن أبي طالب واكتسبت تيارات عديدة خلفت خالفات دينية وفكرية عميقة.
تناول هذا البحث العديد من التساؤالت منها هل حركة الخوارج كانت حركة دينية بحته كما
يؤكد أتباعها وينظر إليها العديد من الرواة؟ أم أنها كانت مرتبطة بالميدان السياسي ,وتمسكت
بالدين لتوظيفه في هذا الميدان كسائر الحركات المعارضة التي ظهرت بعدها؟
.1إن هذه الحركة كانت سياسية إال أن أتباعها أرادوا أن يصبغوها بصبغة دينية من خالل
التمسك الشديد ألجيالها بالدين ,واعتبارهم القرآن المرجعية الوحيدة لجميع المسلمين
وحرصهم على إخضاع كل المسائل التي يختلفون فيها مع السلطة أو بقية المسلمين
للدين ,إال أن توظيفهم للدين في العمل السياسي أعطى هذه الحركة صفة الحركة
السياسية منذ ظهورها.
246
.2فهذا االرتباط بالدين ال ينفي عن هذه الحركة صفتها السياسية ,فهي قد ارتبطت بالقراء
الذين ثاروا ضد سياسة عثمان وتجاوزته ,واقترن ظهورها بحدث سياسي هو التحكيم رغم
أن الخوارج كانوا ينظرون للمسائل السياسية ويحولونها بسرعة إلى قضايا دينية
ويصوغون بعضها على شكل شعارات أو مبادئ تظهر هذا البعد الديني مثل شعار
التكبير وشعار األمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن جذورها السياسية ال يمكن أن
تغيب.
.3أرادت المصادر الشيعية التركيز على العامل المادي الذي صاحب الفتوحات اإلسالمية
إلظهاره أنه سبب الفتنة ,وأهملت العامل العقائدي المتمثل في المندسين من الخوارج في
حركة القراء.
247
Conclusion
248
to religion, and regarded as the only reference Quran to all
Muslims and their eagerness to place all the issues that differ in
the authority or the rest of the Muslim religion, but the employment
of religion in politics This movement gave the recipe political
.movement since its appearance
This is the link to religion does not negate all of this movement .2
political described, they may have been associated readers who
rebelled against Osman policy and overtaken, and coupled with its
appearance a political event is arbitration Although the Kharijites
were looking political issues and turn them quickly to religious
issues and draft the some in the form of logos or principles show
This religious dimension such as zooming logo and slogan the
Promotion of Virtue and Prevention of Vice, the political roots can
.not be absent
249
المصادر والمراجع
أوالً المصادر
.1ابن االعثم الكوفي :أبو محمد أحمد بن علي (ت 314هـ) ,الفتوح ,تحقيق نعيم زرزور,
بيروت1986 ,م.
.2ابن العربي القاضي أبو بكر :العواصم والقواسم ,تحقيق محب الدين الخطيب ,إعداد
محمد بن سعيد مبيض ,دار الثقافة ,قطر الدوحة ,الطبعة الثانية1989 ,م.
.3ابن خلكان أبو العباس شمس الدين أحمد :وفيات األعيان وأبناء الزمان ,تحقيق إحسان
عباس ,دار صادر بيروت.
.4ابن سعد :الطبقات ,دار صادر ,بيروت1972 ,م.
شبة :أبو زيد عمر بن زيد (ت 264هـ) ,كتاب تاريخ المدينة ,تحقيق محمد شلتوت,
.5ابن ّ
جدة ,بدون تاريخ.
.6ابن كثير أبي الفداء الحافظ :البداية والنهاية ,دار الريان1998 ,م.
.7أبي الحسن األشعري :مقاالت اإلسالميين واختالف المصلين ,تحقيق محمد محيي الدين
عبدالحميد ,مكتبة النهضة المصرية1413 ,هـ ـ 1993م.
.8أبي شيبة أبي بكر :المصنف في األحاديث واآلثار ,طبع الدار ا لسلفية ,الطبعة األولى,
1403هـ ,بومباي الهند ,ج 15سنده صحيح.
.9األندلسي محمد بن يحيى بن أبي بكر المالقي :التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان,
حققه د .محمود يوسف زايد ,دار الثقافة ,الدوحة1985 ,م.
الباقالني أبي بكر بن الطيب :اإلنصاف فيما يجب اعتقاده وال يجوز الجهل به, .10
تحقيق محمد زاهد الكوثري ,الطبعة الثانية ,مؤسسة الخانجي1382 ,هـ.
250
البخاري أبي عبداهلل محمد بن إسماعيل:صحيح البخاري ,دار الفكر ,ج,2 .11
1991م.
البالذري أبي الحسن أحمد بن يحيى بن جابر :أنساب اإلشراف ,بيروت, .12
1967م.
التميمي أبو سعد عبدالكريم محمد بن منصور :األنساب ,تحقيق وتعليق األستاذ .13
محمد عوامة ,الطبعة األولى ,نشر محمد أمين دمج ,بيروت 1396هـ ـ 1976م.
الحراني تقي الدين أحمد بن تيمية :مجموعة الفتاوى ,دار الوفاء بالمنصورة, .14
مكتبة العبيكان بالرياض ,الطبعة األولى 1418هـ 1997/م.
ديوان أعشى همدان. .15
الذهبي شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان :تذكرة الحفاظ ,بيروت ,دار .16
إحياء التراث1972 ,م.
الذهبي :ميزان االعتدال ,تحقيق علي محمد البخاري ,دار المعرفة ,بيروت, .17
1972م.
الرازي محمد عبد الرحمن أبي حاتم :مناقب الشافعي ,تحقيق عبد الغني عبد .18
الخالق ,دار الكتب العلمية ,بيروت1353 ,هـ.
شاكر أحمد :مسند أحمد :تحقيق أحمد شاكر ,الطبعة الثالثة ,دار المعارف, .19
مصر1368 ,هـ ,رقم ( )24045حديث صحيح.
النحل ,تحقيق :األستاذ أحمد
الشهرستاني أبي الفتح محمد عبد الكريم :الملل و ّ .20
فهمي محمد ,دار الكتاب العلمية ,الطبعة الثانية 1413هـ.
الطبري :تاريخ األمم والملوك ,تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ,بيروت, .21
1967م ,ج.4
العسقالني ابن حجر :لسان الميزان ,مؤسسة االعلمي للمطبوعات ,بيروت, .22
1983م.
العسقالني الحافظ ابن حجر :هدي الساري ,مقدمة فتح الباري ,المطبعة السلفية, .23
1388هـ 1968 /م.
251
فتح الباري :المطبعة السلفية ,الطبعة الثانية1410 ,هـ ,)18/9( ,إسناده .24
صحيح.
الفسوي أبي يوسف :المعرفة والتاريخ ,تحقيق أكرم ضياء العمري ,مطبعة .25
اإلرشاد ,بغداد1394 ,هـ.
المالكي أبو بكر عبداهلل بن محمد :رياض النفوس ,دار الغرب اإلسالمي, .26
بيروت ,لبنان1403 ,هـ ـ 1983م.
الملطي أبي الحسن محمد بن أحمد :التنبيه والرد على أهل األهواء والبدع, .27
مكتبة المثنى ,بغداد1388 ,هـ 1968 /م.
نصر بن مزاحم :وقعة صفّين ,تحقيق عبد السالم هارون ,القاهرة1982 ,م. .28
النووي :شرح صحيح مسلم ,بيروت ,دار الفكر1401 ,هـ 1981 /م ,ج.15 .29
ياقوت الحموي :معجم البلدان ,بيروت1957 ,م ,مج .3 .30
252
ثانيا :المراجع .
.1أمحزون محمد :تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة من روايات الطبري والمحدثين ,دار
طيبة ,مكتبة الكوثر ,الرياض ,الطبعة األولى1415 ,هـ 1994 /م.
.2بارنارد لويس :أصول اإلسماعيلية ,ترجمة ,خليل أحمد جلو ,وجاسم محمد الرجب ,بغداد,
مكتبة المثنى1317 ,هـ 1947 /م.
.3جواد علي :عبداهلل بن سبأ ,مجلة المجمع العلمي العراقي ,مج 1958 ,5م.
.4الحميدي عبد العزيز عبداهلل :التاريخ اإلسالمي ,مواقف وعبر ,دار الدعوة اإلسكندرية,
الطبعة األولى1418 ,هـ 1998 /م.
.5الخليفة حامد محمد :اإلنصاف فيما وقع في تاريخ العصر الراشدي من خالف ,مطابع
عمان ,األردن1423 ,هـ 2002 /م.
الدوحة المدنية الرياضية َّ
.6الدجيلي محمد رضا :فرقة اال ازرقة ,دراسة تحليلية وتاريخية تبحث عن أصول هذه الفرقة
وتطورها ,النجف1973 ,م.
.7دخان عبد العزيز :أحداث وأحاديث فتنة الهرج ,رسالة دكتوراه ,فاس المغرب1982 ,م,
لم تنشر.
.8الذهبي محمد بن أحمد عثمان :سير أعالم النبالء ,مؤسسة الرسالة1999 ,م.
.9رونلدس داويت :عقائد الشيعة ,ترجمة جولد تسهير ,القاهرة ,مكتبة الخانجي1977 ,م.
شراب محمد محمد حسن :المدينة المنورة ,فجر اإلسالم والعصر الراشدي ,دار .10
القلم ,الدراسات الشامية بيروت ,الطبعة األولى 1415 ,هـ ـ 1994م.
طه حسين :المجموعة الكاملة لمؤلفات طه حسين ,المجلد الرابع :الخلفاء .11
الراشدون ,بيروت1973 ,م.
ّ
عبد الحميد علي :خالفة علي بن أبي طالب ,رتبه وهذبه د /محمد بن صامل .12
السلمي ,دار الوطن ,الطبعة األولى1422 ,هـ 2002 /م.
الدوري :مقدمة في تاريخ صدر اإلسالم ,بغداد1949 ,م.
عبد العزيز ّ .13
الدور المزعوم للقراء في معركة
عبد العزيز صالح الهالّبي :إلقاء الضوء على ّ .14
صفين ,مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ,السعودية ,مج1984 ,4م.
253
عبدالوهاب النجار :الخلفاء الراشدون ,دار القلم ,بيروت1406 ,هـ ـ 1986م. .15
العربي أبو بكر :أحكام القرآن ,دار الكتب العلمية ,بيروت1408 ,هـ 1988 /م. .16
عرجون صادق :عثمان بن عفان ,الدار السعودية1410 ,هـ ـ 1990م. .17
العشي يوسف :الدولة األموية ,دار الفكر ,الطبعة الثانية1406 ,هـ 1985 /م. .18
العقل ناصر :الخوارج ,دار الوطن ,الرياض ,الطبعة األولى1416 ,هـ. .19
علي جفّال :الخوارج :تاريخهم وأدبهم ,بيروت1990 ,م. .20
عمر أبو النصر :الخوارج في اإلسالم ,بيروت1956 ,م. .21
فان فولتن :السيادة العربية والشيعة واإلسرائيليات ,ترجمة حسن إبراهيم حسن, .22
ومحمد زكي إبراهيم ,القاهرة ,مكتبة النهضة المصرية1385 ,هـ 1965 /م.
فلهوزن يوليوس :أحزاب المعارضة السياسية الدينية في صدر اإلسالم :الخوارج .23
والشيعة ,ترجمة عبد الرحمن بدوي ,الكويت1956 ,م.
مجلة البحوث اإلسالمية :العدد ,10ص.255 .24
المصري محمود :أصحاب الرسول ,مكتبة أبي خليفة السلفي ,الطبعة األولى, .25
1420هـ 1999 /م.
معروف نايف :الخوارج في العصر األموي ,نشأتهم ,تاريخهم ,عقائدهم ,أدبهم, .26
بيروت ,دار الطليعة ,ط1978 ,1م ,ط.1986 ,3
النعمي سليم :ظهور الخوارج ,مجلة المجمع العلمي العراقي ,العدد ,15سنة .27
1967م.
نكلسن رينولد :تاريخ األدب العربي في الجاهلية وصدر اإلسالم ,ترجمة صفاء .28
خلوصي ,بغداد ,مطبعة المعارف1388 ,هـ 1969 /م.
254
:ثالثا المراجع األجنبية
1
DJAIT (H), "AL- Kufa, Encyclopedie de I,Islam, Nouvelle, edition,
1986.
255