Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 217

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪4‬‬
‫فهرس املحتويات‬
‫‪09‬‬ ‫كلمة الرئيس‬
‫‪13‬‬ ‫امللخص التنفيذي‬
‫‪35‬‬ ‫تصدير‬
‫‪41‬‬ ‫القسم األول‪ :‬تشخيص وضعية الفساد‬
‫‪41‬‬ ‫الباب األول‪ :‬تطور الفساد عىل املستوى الدويل‬
‫‪42‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬وضعية الفساد حسب مؤرش مدركات الفساد برسم ‪2022‬‬
‫‪44‬‬ ‫الفصل الثاين‪ :‬وضعية الفساد حسب بعض مؤرشات اإلدراك غري املبارشة‬
‫‪46‬‬ ‫الباب الثاين‪ :‬تطور الفساد عىل املستوى اإلقليمي‬
‫‪46‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬وضع الفساد مبنطقة شامل إفريقيا والرشق األوسط‬
‫‪48‬‬ ‫الفصل الثاين‪ :‬وضع الفساد عىل املستوى اإلفريقي‬
‫‪49‬‬ ‫الباب الثالث‪ :‬تطور الفساد عىل املستوى الوطني‬
‫‪50‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬واقع الفساد من منظور مؤرشات اإلدراك‬
‫‪54‬‬ ‫الفصل الثاين‪ :‬واقع الفساد من زاوية متابعات القضاء الجنايئ واملايل‬
‫‪59‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬رصد تطور وضعية املغرب حسب مصادر البيانات املك ِّونة ملؤرش اإلدراك‬
‫الباب الرابع‪ :‬عرض نتائج البحث الوطني حول الفساد‪ :‬املواطنون القاطنون واملغاربة املقيمون‬
‫‪71‬‬ ‫بالخارج‬
‫‪72‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬منهجية الدراسة‬
‫‪75‬‬ ‫الفصل الثاين‪ :‬خالصة نتائج البحث الوطني‬
‫‪90‬‬ ‫خالصات وتوجهات عامة منبثقة عن التشخيص‬

‫‪95‬‬ ‫القسم الثاين‪ :‬تتبع تنفيذ وتنسيق وتقييم االسرتاتيجيات والسياسات العمومية‬
‫الباب األول‪ :‬االسرتاتيجية الوطنية ملكافحة الفساد‪ :‬التقدم املحرز وأوجه القصور وسبل إطالق‬
‫‪95‬‬ ‫الدينامية‬
‫‪98‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬حصيلة املنجزات والتقدم املنجز يف تنفيذ الربامج‬
‫‪107‬‬ ‫الفصل الثاين‪ :‬أوجه القصور يف تنفيذ االسرتاتيجية‬
‫‪108‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬توصيات من أجل إذكاء دينامية جديدة يف االسرتاتيجية‬

‫‪5‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫‪111‬‬ ‫الباب الثاين‪ :‬خارطة طريق اللجنة الوطنية لتحسني مناخ األعامل ‪2026-2023‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬الحكامة املؤسساتية للهيئة والرشوع يف تفعيل االشتغال وإنتاج القرار الجامعي‬
‫‪117‬‬ ‫ألجهزتها‬
‫‪117‬‬ ‫الباب األول‪ :‬ضوابط الحكامة املؤسساتية للهيئة‬
‫‪117‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬الحكامة املؤسساتية للهيئة وفق مقتضيات القانون رقم ‪46.19‬‬
‫‪118‬‬ ‫الفصل الثاين‪ :‬تنزيل النظام الداخيل للحكامة املؤسساتية للهيئة‬
‫‪119‬‬ ‫الباب الثاين‪ :‬املحطات التأسيسية ألجهزة الهيئة‬
‫‪119‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬تنصيب أعضاء مجلس الهيئة وأداء اليمني القانونية‬
‫‪120‬‬ ‫الفصل الثاين‪ :‬تعيني النواب الثالثة للرئيس وإحداث اللجان الدامئة‬
‫‪120‬‬ ‫الباب الثالث‪ :‬الحصيلة العملية ألجهزة الهيئة خالل سنة ‪2022‬‬
‫‪120‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬مجلس الهيئة واالضطالع بصالحيات إقرار قواعد التأسيس‬
‫‪124‬‬ ‫الفصل الثاين‪ :‬تفعيل عمل اللجنة التنفيذية وإرساء آليات اتخاذ القرارات بشأن الشكايات والتبليغات‬
‫‪126‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬تنصيب اللجان املوضوعاتية الدامئة وتأسيس آليات اشتغالها‬

‫‪131‬‬ ‫القسم الرابع‪ :‬األنشطة الوظيفية للهيئة والنهوض بقدرات الدعم‬


‫‪131‬‬ ‫الباب األول‪ :‬تنزيل اسرتاتيجية عمل الهيئة وبلورة خطتها‬
‫‪134‬‬ ‫الباب الثاين‪ :‬مبادرات لتنزيل الرشاكة والتعاون عىل املستوى الوطني واإلقليمي والدويل‬
‫‪134‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬التعاون مع القطاع الخاص‬
‫‪137‬‬ ‫الفصل الثاين‪ :‬تثبيت االنخراط يف الدينامية األممية واإلقليمية يف مجال الوقاية من الفساد ومحاربته‬
‫الفصل الثالث‪ :‬متتني عالقات التعاون والرشاكة مع املنظامت واملبادرات الدولية ذات الصلة مبجال‬
‫‪139‬‬ ‫الوقاية من الفساد ومكافحته‬
‫‪148‬‬ ‫الباب الثالث‪ :‬تهييء أسس إطالق اسرتاتيجية الهيئة يف مجال التواصل‬
‫الفصل األول‪ :‬ميثاق الجرافيك ‪ charte graphique‬الخاص بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من‬
‫‪148‬‬ ‫الرشوة ومحاربتها عنرص أسايس يف اسرتاتيجية التواصل‬
‫‪149‬‬ ‫الفصل الثاين‪ :‬حضور الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها يف العامل الرقمي‬
‫‪149‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬مرشوع إعادة تصميم املوقع استجابة مليثاق الجرافيك الجديد الخاص بـالهيئة‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪6‬‬


‫‪150‬‬ ‫الباب الرابع‪ :‬تحيني اسرتاتيجية التحول الرقمي للهيئة‬
‫‪150‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬أهداف ومكونات محاور اسرتاتيجية التحول الرقمي للهيئة‬
‫‪150‬‬ ‫الفصل الثاين‪ :‬إرساء نظام يقظة رصدية خاص بشبكات التواصل االجتامعي والويب‬
‫‪151‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬إرساء نظام لتلقي الشكايات والتبليغات واملعلومات املتعلقة بأفعال الفساد‬
‫‪151‬‬ ‫الباب الخامس‪ :‬النهوض بقدرات الدعم لدى الهيئة‬
‫‪151‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬النهوض بالرأسامل البرشي للهيئة‬
‫‪152‬‬ ‫الفصل الثاين‪ :‬التدبري املايل ومليزانيايت‬

‫القسم الخامس‪ :‬توصيات ومقرتحات الهيئة من أجل تجاوب فاعل يف إطار االلتقائية والتكامل‬
‫‪159‬‬ ‫املؤسيس‬
‫‪159‬‬ ‫الباب األول‪ :‬اإلطار العام للتوجهات االسرتاتيجية‪ :‬الرؤية واملنطلقات واألهداف العامة‬
‫‪161‬‬ ‫الباب الثاين‪ :‬تتبع مفعول التوصيات الواردة يف التقارير السنوية للهيئة‬
‫‪162‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬تتبع مفعول التوصيات وحتمية االنخراط الجامعي يف مسار الوقاية واملكافحة‬
‫‪163‬‬ ‫الفصل الثاين‪ :‬تذكري بخالصات توصيات الهيئة ذات الراهنية والوقع‬
‫الباب الثالث‪ :‬توصيات من أجل تأصيل التعاون والتكامل املؤسيس يف مجال الوقاية من الفساد‬
‫‪169‬‬ ‫ومكافحته‬
‫‪170‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬آليات منهجية وعملية لتعزيز االلتقائية والتكامل املؤسيس يف مكافحة الفساد‬
‫‪175‬‬ ‫الفصل الثاين‪ :‬نحو إرساء آليات عملية للتعاون والتنسيق مع الجهات املعنية‬
‫‪181‬‬ ‫الباب الرابع‪ :‬توصيات داعمة للمسار االقرتاحي‬
‫‪181‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬التحول الرقمي؛ ركيزة أساسية للوقاية من الفساد و مكافحته‬
‫الفصل الثاين‪ :‬تنازع املصالح يف مامرسة الوظائف العمومية‪ :‬من أجل منظومة ناجعة للتأطري واملعالجة‬
‫‪186‬‬ ‫والضبط‬
‫‪193‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬الصحافة االستقصائية‪ :‬من أجل دور فاعل يف مكافحة الفساد‬
‫‪201‬‬ ‫ملحقات‬

‫‪7‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪8‬‬
‫ﻛﻠﻤﺔالرئيس‬
‫اﻟﺮﺋﻴﺲ‬ ‫كلمة‬
‫‪ 2021‬الرشــوة‬
‫ﺑﺘﺘﻮﻳــﺞ‬ ‫ﺑﺮﺳــﻢـة مــن‬
‫ﻟﻠﻬﻴﺌــﺔوالوقايـ‬‫اﻟﺴــﻨﻮيللنزاهــة‬
‫اﻟﺘﻘﺮﻳــﺮالوطنيــة‬‫ﻣﻮﺿــﻮعللهيئــة‬ ‫اﻟﻔــﱰة الســنوي‬‫متﻴــﺰتالتقريــر‬ ‫يشــكل‬
‫ـيـﺔ‬ ‫ـﻨﺘني‪،‬ـع املرحـ‬
‫ﺑﺎﳌﺼﺎدﻗـ‬ ‫انتهـــﻦـاءﺳـالوضـ‬
‫ـجلـﺪ ﻋ‬ ‫تسـﺎـ ﻳﺰﻳـ‬
‫ﻣﻮاﻛﺒﺘــةـﻪ ﳌـ‬
‫ـﺖـة فاصل‬ ‫محطـ‬
‫ـﺬي متـ‬ ‫‪2022‬‬‫اﻟﺘﴩﻳﻌــمـﻲ اﻟـ‬
‫ومحاربتهــا برسـ‬
‫اﻟــﻮرش‬
‫الجاللــة‬
‫ـﺎرس‬ ‫بــه صاحــب‬
‫اﻻﺳــﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﳌـ‬ ‫رشفنــيـﺪورة‬
‫الــذيﺧــﻼل اﻟـ‬‫اﻟﱪﳌــﺎن‪،‬‬ ‫بالتعيــن‬
‫انطلــقﻏﺮﻓﺘــﻲ‬ ‫الــذيﻃــﺮف‬ ‫ـامع ﻣــﻦ‬ ‫االســتثنايئ‬
‫ﺑﺎﻹﺟـ‬
‫رئاســة‬
‫اﻫــﺔ‬ ‫ـؤوليةﻟﻠﻨﺰ‬
‫اﻟﻮﻃﻨﻴــﺔ‬ ‫اﳌﺘﻌﻠــﻖ‪ 2018‬لتقل‬
‫ﺑﺎﻟﻬﻴﺌــﺔُّد مسـ‬ ‫‪46.19‬يف دجنــر‬ ‫رﻗــﻢ اللــه‬
‫اﻟﻘﺎﻧــﻮننــره‬
‫ﻋــﲆالســادس‬ ‫‪،2021‬محمــد‬ ‫امللــك‬
‫اﳌــﺪة‪َّ ،‬جهت‬
‫رﻏــﻢ‬ ‫ﻫــﺬهحيــث تو‬ ‫ومحاربتهــا؛‬ ‫وﻣﺤﺎرﺑﺘﻬــﺎ‪.‬ـن الرشــوة‬
‫واﻋﺘــﱪت اﻟﻬﻴﺌــﺔ‬ ‫اﻟﺮﺷــﻮة والوقايــة مـ‬ ‫ﻣــﻦ للنزاهــة‬ ‫الوطنيــة‬ ‫الهيئــة‬
‫واﻟﻮﻗﺎﻳــﺔ‬
‫وتطلعه‬
‫ـﻮل‬ ‫ـكـﺎف ﺣـ‬ ‫ـﺮؤىــة امللـ‬
‫واﻻﻟﺘﻔـ‬ ‫ـاتاﻟـجالل‬ ‫توجيهــﻲ‬
‫ﴍوط ﻟﺘﻼﻗ‬ ‫ـتقيـتُـﻦه مــن‬
‫ﺧﻠﻘﺘاســـﻪ ﻣ‬ ‫ـتجابةـﺎ ملِــا‬ ‫ذاتـة‪ ،‬اسـ‬
‫أﻫﻤﻴــﺔ ﳌـ‬ ‫ـودــﺎ‪،‬الهيئـ‬
‫ﻃﻮﻟﻬ‬ ‫جهـ‬
‫مكافحــةـﺔ‬
‫مجهــوداتـﺔ ﳌﻜﺎﻓﺤـ‬ ‫ـﻼق يفدﻳﻨﺎﻣﻴــﺔ ﻗﻮﻳـ‬ ‫وملمــوس‬
‫حقيقــيأﻓــﻖ إﻃـ‬‫اﻟﻘﺎﻧــﻮن‪ ،‬ﰲ‬ ‫إحــداثــﺬاتغيــر‬
‫الحكيــمـنيإىلوأﺳــﺲ ﻫ‬ ‫ﻣﻀﺎﻣـ‬
‫اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳــق‬
‫ـني‬ ‫الشــنيـامل لتحقي‬ ‫واإلطــار‬
‫واﻟﻔﺎﻋﻠـ‬ ‫ـةــﺎت‬ ‫ـﻠﻄﺎتالداعمـ‬
‫واﳌﺆﺳﺴ‬ ‫القواعــد‬ ‫ﻛﻞـاءاﻟﺴـ‬ ‫ﻓﻴﻬــﺎإرسـ‬‫ﺗﻨﺨــا‪،‬ـﺮطنحــو‬ ‫ـادـﺎد‪،‬ببالدن‬ ‫الفسـ‬
‫اﻟﻔﺴـ‬
‫ـباتها‪،‬اﻗـمـﱰـنان‬
‫ومكتسأﺳـــﺎس‬‫ـﺎل‪،‬ـا ﻋــﲆ‬ ‫اﳌﻨﺴــةـﻖوإنجاز‬
‫واﻟﻔﻌاـتُهـ‬ ‫ﻟﻠﻌﻤــﻞالتنميـ‬ ‫ـﴘـوداتُ‬ ‫مجهـ‬ ‫اﳌﺆﺳـ‬‫اﻟﺘﻜﺎﻣرــﻞفيهــا‬
‫ـدة‪،‬ـﻦتتح ـ َّر‬‫ﻳﻀﻤـ‬ ‫جديـ‬ ‫إﻃــﺎر‬ ‫مرحلــة‬
‫اﳌﻌﻨﻴــقـني‪،‬إىلﺿﻤــﻦ‬‫ـني وواثـ‬ ‫انتقــا ٍل َّ‬
‫واﳌﺠﺘﻤﻌﻴــس‬
‫مؤسـ‬
‫واﳌﺴــﺆوﻟﻴﺎت‪.‬ت ُحــول دون االســتفادة الكاملــة مــن اســتحقاقاتها‪.‬‬ ‫اﻷدوار الفســاد التــي‬ ‫تداعيــات‬
‫ـﺬا‬
‫حتميـــا‬
‫دﺧرـاـﻮل ﻫ‬ ‫ـلــﻰخيــا‬‫أﺿﺤ‬‫‪ ،2021‬ميثـ‬
‫الجديــدة‬ ‫‪13‬ــةﻣــﺎي‬
‫املرحل‬ ‫ﺑﺘﺎرﻳــﺦ‬
‫ـﻤﻴﺔهــذه‬ ‫اﻟﺮﺳـإىل‬ ‫ﺑﺎﻟﺠﺮﻳــﺪة‬
‫االنتقــال‬ ‫‪ 46.19‬بــأن‬
‫ـﻮنــقرﻗــﻢاقتناعهــا‬ ‫ـﴩــناﻟﻘﺎﻧـ‬
‫منطل‬ ‫التوجـﺔــه‪،‬وﻧـوم‬
‫اﳌﺼﺎدﻗـ‬ ‫وﺑﻌــﺪلهــذا‬‫تفعيــا‬
‫ـﺪود‬
‫ـة‪ ،‬ﺣخــال‬ ‫الهيئـوإﱃ‬‫ﺗﺒﻘــﻰ‬
‫ـﺔ‪،‬ــت‬ ‫وجه‬‫ببالدنــا‪،‬اﻟﻬﻴﺌـ‬
‫ـاد إﻻ أن‬‫الفســﺎم‪.‬‬
‫وأﻣﻴﻨﻬـةــﺎ اﻟﻌـ‬
‫تعرفــه آفـ‬‫ـﺲـذياﻟﻬﻴﺌــﺔ‬ ‫ﻣﺠﻠـالـ‬ ‫ـتوياتأﻋﻀــﺎء‬
‫املنحنــى‬ ‫ﺑﺘﻌﻴــني‬‫ﻣﺮﺗﺒﻄـيفـﺎمسـ‬‫ـتهدف‬ ‫اﻟﺘﻨﻔﻴــﺬ‬
‫التغيـــﺰـر املس‬
‫ـداثـري ﺣﻴ‬ ‫إلحـاﻷﺧـ‬
‫ﻳﺘﺴــارـﻢ‬
‫ـﲇكإطـ‬ ‫ﻣﺮﺣـ‬
‫ـون‪،‬‬ ‫وﺿــﻊللقانـ‬‫ـاحـﻬﺎ‪،‬الشـﰲـامل‬
‫رﺋﻴﺴـ‬‫ـالــنياإلصـ‬
‫ـنــﻦخـﺗﻌﻴ‬ ‫ـﻒـ ﻣ‬ ‫وﻧﺼـ‬
‫ـر‪ ،‬م‬ ‫ـﻨﻮاتالتغيـ‬‫ـس ﺳهــذا‬ ‫ـﻦ ﺛـأســﻼث‬ ‫أزﻳـاــﺪلبنﻣــاء‬ ‫أي ﺑﻌــﺪ‬
‫جهودهـ‬ ‫اﻟﺘﻘﺮﻳــﺮ‪،‬‬
‫املاضيــة‪،‬‬ ‫ـنواتﻫــﺬا‬
‫األربــع‬ ‫السـﻧــﴩ‬
‫الرتبيﻧﺘــةـﺞ‬
‫مجــﺎـالوﻣــﺎ‬
‫ﺟﻬﻮدﻫ‬‫ـﺬلـايت يف‬ ‫ـلـﺔ ﰲ ﺑـ‬
‫املؤسسـ‬ ‫اﻟﻬﻴﺌـ‬
‫ـيقارالعمـ‬ ‫وتنســﺘﻤﺮ‬
‫ورﻏـمــﻢ اﺳـ‬ ‫ـكــﺔ‪،‬تنظيـ‬ ‫اﳌﺮﺣﻠ‬
‫ـﺬه كذلـ‬ ‫الهيئـأنـة‪،‬ﻫبـــل‬‫ـﻮين‪.‬ـامﻛــام‬
‫اﻟﻘﺎﻧـومهـ‬ ‫ـط‪،‬إﻃﺎرﻫــﺎ‬
‫صالحيــات‬ ‫فقــﻞ‬ ‫ـﺎبـسﺗﻔﻌﻴ‬ ‫ـدد‪،‬ـليـ‬
‫يحـ ﺑﻐﻴ‬
‫وﺗﻮﺻﻴﺎﺗﻬــاءـﺎ؛‬
‫اﺋﻬــﺎأيضــا إرسـ‬ ‫ـنـﺎخوآـرـال‬‫ﺗﻘﺎرﻳﺮﻫـ‬ ‫ﻣﻨﻌــﺪم ﻣــﻊ‬
‫والفعاليــة‪ .‬ومـ‬ ‫ـﺎوب ﺷــﺒﻪ‬
‫وااللتقائيــة‬ ‫التكامـــل‬
‫ـﻮﺑﺔ ﺑﺘﺠ‬ ‫ـان‬ ‫ـه‪،‬ـﺖلضـﻣﺸـ‬ ‫ومكافحتـﻇﻠـ‬
‫وإﻧﺘﺎﺟــﺎت‪،‬‬ ‫الفســاد‬‫ـنـﺎزات‬ ‫إﻧﺠـ‬
‫والوقايــﻦـة مـ‬
‫والتوعيـﻦــةذﻟــﻚ ﻣـ‬‫ﻋـ‬
‫ـي‪.‬ﻣﻨﺤﻨــﻰ ﺗﻨﺎزﻟﻴــﺎ‬ ‫واملجتمعــﺬ‬
‫ـﺎدـايتوﺟﻌﻠــﻪ ﻳﺄﺧ‬ ‫ﳌﻜﺎﻓﺤــاـﺔ اﻟﻔﺴـ‬
‫املؤسسـ‬ ‫اﳌﺘﻮﺧــلـﺎةمحيطه‬ ‫ـتها داخـ‬ ‫مامرســـﺪة‬
‫ـر اﻟﺠﺪﻳ‬ ‫اﻟﺤﻘﺒـــﺔ‬
‫ـه وتأط‬ ‫بتوجيــﺢ‬
‫الكفيلـﻪــةﻧﺤــﻮ ﻓﺘ‬
‫ـامﳽــةواﻟﺘﻮﺟـ‬‫املرجعي‬ ‫مكوناتهـﻻـا ﻳﺘـ‬
‫مبــﺎ‬
‫والتصــور النابــع مــن مقاصــد وأبعــاد القانــون رقــم ‪ ،46.19‬بلــورت الهيئــة‪ُ ،‬رؤيــة‬ ‫ﺑﻼدﻧــﺎ‪.‬‬ ‫ـﺘﺪاﻣﺎ ﰲ‬
‫املرجعيــة‬ ‫ـس‬ ‫وﻣﺴـ‬
‫ﻣﻠﻤﻮﺳـــﺎـن نفـ‬
‫انطالقــا م‬
‫ﳌﻌﺎﻟﺠـــا؛ـﺔ‬
‫ـاتـﻖتنفيذه‬ ‫وآليـﻋﻤﻴـ‬‫ﺗﻐﻴــري‬ ‫اﻟﺘﻮﺟــﻪ ﻧﺤــﻮ‬
‫ومكافحتــه‬ ‫ﻣﺼﺪاﻗﻴــﺔالفســاد‬
‫الوقايــة مــن‬ ‫وﺗﻌﺰﻳــﺰ‬ ‫ـﺎء يفاﻟﺜﻘـمجـﺔــال‬ ‫ـﺖ ﰲ ﺑﻨ‬
‫الدولــة‬ ‫اتيجيةـﻞ اﻟﻮﻗـ‬
‫لسياســة‬ ‫ﺑﺄﻫﻤﻴـرـﺔ ﻋﺎﻣـ‬
‫ـات االسـ‬ ‫ﻣﻨﻬــﺎ‬ ‫واﻗﺘﻨﺎﻋــﺎ‬
‫للتوجهـ‬ ‫شــاملة‬
‫ـتهدفـﻞ‬
‫ـﺘﻐﻼلـ اﻷﻣﺜـ‬
‫ـات تس‬ ‫ﻟﻼﺳـ‬
‫ﻃﺎﻗﺎﺗﻬــﺎأولويـ‬
‫ـﺘﺜامرـعﻛﻞتحديــد‬‫مفصلياﺳـــة‪ ،‬مـ‬‫اﻟﺘﴩﻳﻌــةـﻲ‪ ،‬ﰲ‬
‫ـﻮرشـة بكيفيـ‬ ‫ومتكاملـ‬ ‫مركبـﻣـةــﻊ اﻟـ‬
‫اتيجيةــﻮازاة‬
‫اﻟﻬﻴﺌـرـﺔ‪ ،‬ﺑﺎﳌ‬ ‫ـﺘﻤﺮت‬
‫ـاور اس ـ‬ ‫ـﺎد‪،‬ـىاﺳـمحـ‬ ‫اﻟﻔﺴـعـ‬
‫ـةــﺔمبنيــة‬ ‫رؤيـآﻓ‬
‫ـﺎت‬
‫ﺑﺎﻟﺪـرـةاﺳمـــن‬‫واﻟﻘﻴﺎمالهيئ‬
‫ـاـﺔم َّكــن‬‫واﻟﻮﻇﻴﻔﻴـ‬
‫واملســـﺔـتدام‪ .‬مـ‬
‫واﻟﺘﺪﺑريﻳ‬ ‫امللمـــﺔـوس‬
‫اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴ‬‫والتغيــر‬‫اﻷﺳــﺲ‬ ‫أجــﻊـلوﺗﻘﻮﻳــﺔ‬
‫الفعاليــة‬ ‫ـﻞـنوﺿـ‬ ‫ـﻦــةأﺟـمـ‬ ‫اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴــﺔ‪ ،‬ﻣـ‬
‫واملجتمعي‬ ‫ـﱰةــاتية‬ ‫ـﺬه اﻟﻔـ‬
‫املؤسس‬ ‫التعبئﻟﻬــة‬
‫ذات‬
‫التوصيــات‬ ‫ـقفاﳌﻬﻴﻜﻠــﺔ‬ ‫واﳌﻮاﺿﻴــﻊ‬
‫االرتقــاء بس‬ ‫إىلـﺎﻻت‬‫ـياﳌﺠـ‬ ‫ـﻮص‬‫ﺑﺨﺼـملُفـ‬ ‫واﻟﺘﻮﺻﻴــﺎت‬
‫والتقييمــي ا‬ ‫ـخييص‬ ‫التشـراء‬
‫ـلــﻢ اﻵ‬ ‫وﺗﻘﺪﻳ‬
‫واﻟﺘﺤﻠﻴـهــﻞبالعمـ‬
‫اﳌﻌﺮﻓــﺔوتدعيمـ‬ ‫االقـﻖرتاحــي‬ ‫ﻟﺘﻌﻤﻴـ‬ ‫واﻷﺑﺤــﺎث‬
‫مرشوعهــا‬ ‫تقديــم‬
‫ـتهدفـﺎ‪ .‬التــاس الوقــع املبــارش عــى‬ ‫يسـﺑﺒﻼدﻧـ‬ ‫اﻟﻔﺴــﺎد‬‫منظــور‬ ‫وﺿﻌﻴــﺔ‬ ‫ـة‪،‬ـﻮروفــق‬ ‫للدولـﺗﻄـ‬ ‫اتيجيةﻋــﲆ‬
‫االسـريـرﻣﺒــﺎﴍ‬ ‫ـﻊـةوﺗﺄﺛـ‬ ‫أساسـﻣــياـﻦ وﻗـ‬
‫للرؤيـ‬ ‫ـداـﺎ ﻟﻬــﺎ‬
‫اﻷوﻟﻮﻳرـافـﺔـ ﳌـ‬
‫لتشــكل‬
‫االنتقـــال‬
‫ـﺎت‬ ‫ـﺔ‪،‬ـاراﻟﺘﺪاﻋﻴ‬ ‫مسـ‬ ‫اطهــم يف‬
‫واﻟﻨﻮﻋﻴـ‬ ‫ـﺨﻴﺼﻴﺔ‪ ،‬انخر‬
‫اﻟﻜﻤﻴــﺔ‬ ‫اﻟﺘﺸـلضــان‬ ‫املعنيــن‪،‬‬
‫ﻟﻠﻤﻌﻄﻴــﺎت‬‫ـدى ســائر‬ ‫ـﻞ الثقــة لـ‬
‫اﳌﻮﺿﻮﻋــﻲ‬ ‫واﻟﺘﺤﻠﻴـــاء‬
‫وإعــادة بن‬ ‫ـعة‪،‬ــﺎت‬
‫اﻟﺪـراﺳ‬‫الواس‬‫االجتامعيـﻫـةــﺬه‬
‫ـحــﺪ ﻧﺘﺎﺋــﺞ‬ ‫الرشائـ‬
‫وﺗﺆﻛ‬
‫اﻟﺜﻘــﺔ اﻟﻌﺎﻣــﺔ ﰲ اﳌﺆﺳﺴــﺎت وﰲ ﻣﺨﺘﻠــﻒ اﻟﺠﻬــﻮد اﳌﺒﺬوﻟــﺔ واﻟﺘــﻲ‬ ‫املجــال‪.‬‬
‫اﻫﺘ ـﺰاز‬‫ـودة ﻋـيفـﲆهــذا‬ ‫ـدةــﺔاملنشـ‬
‫اﻟﻔﺴــﺎد‬ ‫ـﺒﻮﻗﺔـﻵﻓ‬
‫اﳌﺴـالجدي‬ ‫املرحلــة‬
‫إىل ﻏــري‬
‫ـﺘﺪام‪.‬‬
‫ـدر مــا‬ ‫وﻣﺴـ‬‫ـﻤﻮﱄ بقـ‬
‫بإلحـــاح‪،‬‬
‫ـني وﺷ‬ ‫تتنامـﻣﺘــى‬
‫ﻣﺴــﺎر‬‫ـﻜﺔرات‬‫االنتظـــا‬
‫اﻟﺘﻨﻤﻴـمـﺔــاﻋــﲆ ﺳ‬‫ﻗﻄــهـﺎربقــدر‬ ‫ـرز أنـ‬‫ﻟﻮﺿــﻊ‬ ‫ـات تـ‬ ‫مبفارقﻋﻨـــﻪ‬
‫ﻣﺤﻴــﺪ‬ ‫يتميــز‬‫أﺳﺎﺳـ ًﻴﺎ ﻻ‬
‫ﴪاســياق‬ ‫ﺗﻌﺰﻳﺰﻫـــﺎـأيتﺟـيف ً‬
‫التوجــه ي‬ ‫هــذاﻳﻌــﺪ‬
‫اﻟﻌﻤـــاد‪.‬‬
‫ـﲇ‬ ‫مظاهرـﻞالفس‬ ‫مقاومــﻪـةﻟﻠﺘﻔﺎﻋـ‬
‫ﻣﻨــﺎص ﻣﻨـ‬ ‫ﻣﻄﻠﺒــﺎيف ﻻمجــال‬
‫وااللتـزام‬
‫ﺑﺒﻼدﻧــﺎ‬ ‫ـﺎدراط‬ ‫االنخـ‬
‫ﻣﻜﺎﻓﺤــﺔـناﻟﻔﺴـ‬
‫والفاعلــن عـ‬ ‫ـﺪة ﰲ‬ ‫ﺟﺪﻳـــن‬
‫ﻣﺮﺣﻠــﺔاملواطن‬‫ـاىشإﱃويُبعــد‬ ‫الثقــة يتـ‬
‫اﻻﻧﺘﻘــﺎل‬ ‫ـوبﻛﺎن‬ ‫منسـوإذا‬
‫اﻷزﻣقـــي‬
‫ـﺎت‬ ‫جديــدة‬
‫ﺗﻌﺎﻗــﺐ‬ ‫مقاربــة‬
‫رضورةــﺎتبنﰲــيﺳــﻴﺎق‬
‫ـرث إﻟﺤﺎﺣ‬ ‫ـﺖ عـأﻛــى‬ ‫وتوصياتهــا‪،‬‬
‫اﻻﻧﺘﻘــﺎل ﺑﺎﺗـ‬ ‫تقاريرهــا‬
‫ﴐورة ﻫــﺬا‬ ‫ـﺈنخــال‬ ‫ـﺞ‪ ،‬مﻓـــن‬‫التأكيـــد‪،‬‬
‫ـﺬه اﻟﻨﺘﺎﺋ‬ ‫الهيئــةﻫـإىل‬
‫ـﻲ ﻣــﻊ‬ ‫دفـــع‬ ‫وهــذا مــا‬
‫واﳌﻮﺿﻮﻋ‬
‫واﻷوﺿـــر‪،‬‬
‫ـﺎع‬ ‫املنتظــم لألث‬
‫اﻟﻮﻃﻨﻴــﺔ‬ ‫والتقييــم‬
‫اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳــﺎت‬‫ـونـﲆوالريــادة‬ ‫ـريـ ﻋـ‬
‫واملضم‬
‫ﺑﺜﻘﻠﻬــهـﺎ اﻟﻜﺒـ‬
‫ـتوىــﻲالتوجيـ‬ ‫مسـﺗُﺮﺧ‬ ‫أﺿﺤــﺖ‬ ‫ـﻲ عــى‬ ‫ومكافحتاﻟﺘـــه‪،‬‬
‫الفسـﺔــادواﻷﻣﻨﻴــﺔ‬ ‫الوقايــة مــن‬
‫واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳـ‬ ‫اﻟﺼﺤﻴــﺔ‬ ‫مجــال‬
‫اﻟﻘــﺪرة اﻟﺘﻨﺎﻓﺴــﻴﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼــﺎد اﻟﻮﻃﻨــﻲ‪،‬‬ ‫ـابقة‪.‬‬‫الســﺎت‬ ‫ـﺘﻮىــارب‬
‫اﺣﺘﻴﺎﺟـ‬ ‫ﻣﺴـالتج‬ ‫ـفرتـﻊعنــه‬ ‫ـﻜﻞ مـﻛﺒـاــريأسـﰲ رﻓـ‬ ‫ـادةﺑﺸإنتـــاج‬ ‫ـﺎﻫﻢ‬‫ـاديﺳـإعـ‬ ‫ـﺔ‪ .‬لتفـ‬
‫وﺿ ـ ٌﻊ‬ ‫ـايس‬ ‫كــرط أسـ‬
‫اﻻﺟﺘامﻋﻴـ‬
‫وﻛﺬﻟــﻚ رﻓــﻊ ﺳــﻘﻒ اﻻﻧﺘﻈــﺎرات اﳌﴩوﻋــﺔ ﻟﻠﻤﻮاﻃﻨــني‪ ،‬اﻷﻣــﺮ اﻟــﺬي ﻻ ميﻜــﻦ ﻣﻌﺎﻟﺠﺘــﻪ دون رؤﻳــﺔ ﺷــﺎﻣﻠﺔ‬
‫وﺳﻴﺎﺳــﺎت ﺟﺮﻳﺌــﺔ وﺣﺎزﻣــﺔ ﻟﺘﻄﻮﻳــﻖ ﻣامرﺳــﺎت اﻟﻔﺴــﺎد وﻣﻮاﺟﻬــﺔ اﻷﻋﻄــﺎب اﻟﺘــﻲ ﺗﻄــﺎل ﻣﻨﻈﻮﻣــﺔ اﻟﺤﻜﺎﻣــﺔ‪.‬‬

‫‪9‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ اﻟﺴﻨﻮي ﻟﻠﻬﻴﺌﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﻨﺰاﻫﺔ واﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﺷﻮة وﻣﺤﺎرﺑﺘﻬﺎ‬
‫املؤسســة لتحقيــق‬
‫واليــوم‪ ،‬والهيئــة إذ تعلــن‪ ،‬مبناســبة هــذا التقريــر الســنوي‪ ،‬عــن اســتكامل بنــاء الدعامــات ِّ‬
‫النقلــة النوعيــة املطلوبــة يف مجــال مكافحــة الفســاد‪ ،‬لَتستشــعر جســامة املســؤولية امللقــاة عــى عاتقهــا يف‬
‫هــذا الــورش الحيــوي بعــد دخــول قانونهــا املذكــور حيــز التنفيــذ ابتــداء مــن ‪ 24‬أكتوبــر ‪ ،2022‬عــى إثــر تعيــن‬
‫أعضائهــا وأمينهــا العــام وتنصيــب أجهزتهــا‪.‬‬
‫وبِقــدر وعــي الهيئــة بحجــم هــذه املســؤولية‪ ،‬والتزا ِمهــا بتســخري كل قدراتهــا ومقوماتهــا لالضطــاع بهــا‬
‫بالنجاعــة والرتقــب واالبتــكار املطلــوب‪ ،‬بِقــدر إميانهــا الراســخ بحتميــة االنخـراط الجامعــي‪ ،‬يف إطــار التكامــل‬
‫املفصــي ألدوار ومســؤوليات الســلطات واملؤسســات والهيئــات املعنيــة‪ ،‬يف مســار إنجــاح هــذه النقلــة‪ ،‬وإعطــاء‬
‫عمــق ملمــوس للمبــدأ الــذي يجعــل مــن الوقايــة مــن الفســاد ومحاربتــه أولويــة وطنيــة‪.‬‬
‫ومــع تأكيدهــا عــى أن مصداقيــة العمــل املؤســي يف هــذا املضــار‪ ،‬تظــل رهينــة بنقــل االلتزامــات يف هــذا‬
‫املجــال‪ ،‬إىل مســتوى الفاعليــة وإنتــاج األثــر امللمــوس‪ ،‬تشـ ِّدد الهيئــة عــى مطلــب التملُّــك الجامعــي للرؤيــة‬
‫املندمجــة‪ ،‬والتوجهــات االس ـراتيجية املقرتحــة وآليــات تنفيذهــا‪ ،‬والتوصيــات املنبثقــة عنهــا‪.‬‬
‫إن االنتظــارات الحيويــة املتناميــة ملختلــف مكونــات املجتمــع بخصــوص مطلــب املواجهــة الفعليــة والناجعــة‬
‫آلفــة الفســاد‪ ،‬تجعلنــا جميعــا ملزمــن بالتَّمثُّــل العمــي ملبــدأ الجديــة الــذي دعــا إليــه صاحــب الجاللــة‪ ،‬مبــا‬
‫يســتوجب االلت ـزام بتحمــل املســؤوليات‪ ،‬واالضطــاع بــاألدوار‪ ،‬والرفــع مــن وتــرة اإلنجــاز‪ ،‬يف إطــار التناســق‬
‫املؤســي والوظيفــي‪ ،‬الــذي تتحمــل فيــه الهيئــة مســؤولياتها‪ ،‬الدســتورية والقانونيــة‪ ،‬إرشافــا ومواكبــة واقرتاحــا‬
‫وتقييــا؛ وكلهــا متطلبــات لــن ت ُع ِجــز إرادت َنــا الصادقــة وتطل َعنــا املشــرك نحــو إنجــاح وتحقيــق النقلــة املطلوبة‬
‫يف مجــال الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪.‬‬

‫محمد بشري الراشدي‬


‫رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة‬
‫والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪10‬‬


‫امللخص التنفيذي‬

‫‪11‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪12‬‬
‫امللخص التنفيذي‬
‫يــأيت التقريــر الســنوي للهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتها برســم ‪ 2022‬يف محطــة فاصلة‬
‫بــن وضعــن‪ :‬الوضــع األول مرحــي واســتثنايئ‪ ،‬اســتمر إىل حــدود شــهر أكتوبــر ‪ ،2022‬وتَ َّيــز‪ ،‬عــى الخصــوص‪،‬‬
‫بان ـراف مجهــود الهيئــة‪ ،‬تحــت ســلطة الرئيــس ومســؤوليته‪ ،‬نحــو مواكبــة إرســاء إطارهــا القانــوين‪ ،‬ووضــع‬
‫املراجــع واألســس التنظيميــة للهيئــة وهياكلهــا‪ ،‬وفتــح عــدد مــن األوراش لتعميــق املعرفــة املوضوعيــة وإعــداد‬
‫أرضيــات اقرتاحيــة تســتهدف إحــداث نقلــة نوعيــة يف مكافحــة الفســاد ببالدنــا؛ والوضــع الــذي انطلــق عمليــا‬
‫يــوم ‪ 24‬أكتوبــر مــن نفــس الســنة‪ ،‬عــى إثــر تعيــن أعضــاء الهيئــة وأمينهــا العــام وتنصيــب أجهــزة حكامتهــا‪،‬‬
‫ليضطلــع كل جهــاز مــن أجهزتهــا‪ ،‬وفــق الصالحيــات املخولــة لــه‪ ،‬مبهامــه كاملــة يف املجــاالت املتعلقــة بالنزاهــة‬
‫والوقايــة ومحاربــة الفســاد‪ ،‬طبقــا ملقتضيــات القانــون رقــم ‪ ،46.19‬ووفقــا ملتطلبــات العمــل املشــرك والتكامل‬
‫املؤسســايت والوظيفــي بــن الهيئــة وبــن الســلطات واملؤسســات والهيئــات األخــرى املعنيــة‪.‬‬
‫اعتبــارا لهــذه الخصوصيــة‪ ،‬يتوجــه هــذا التقريــر نحــو اســترشاف مجموعــة مــن األهــداف التــي تســلط الضــوء‬
‫عــى أبعــاد االنتقــال إىل هــذا الوضــع الجديــد‪ ،‬باســتثامر مــا تــم إنجــازه خــال الوضــع االنتقــايل الــذي شــكل‬
‫مرحلــة تأسيســية؛ وذلــك تطلعــا نحــو من ـ ِح هــذا التقريــر مرك ـ َزه الدســتوري والقانــوين كوعــاء ناظــم يُقــدم‬
‫حصيلــة مامرســة الهيئــة الســنوية‪ ،‬ويجســد متوق َعهــا كهيئــة لهــا كيانُهــا وخطابهــا املســتقل داخــل البنيــان‬
‫املؤسســايت الوطنــي‪ ،‬ويث ِّبــت مرجعيتَــه كآليــة دســتورية متــارس مــن خاللهــا الهيئـ ُة دورهــا املرجعــي يف مجــال‬
‫الوقايــة مــن الفســاد ومحاربتــه‪ ،‬تشــخيصا وتتبعــا وتقييــا واقرتاحــا وبحثــا وتحريــا وإحالــة‪.‬‬
‫عــى هــذا األســاس‪ ،‬جــاء التقريــر الســنوي للهيئــة برســم ‪ 2022‬مؤكِّــدا عــى اعتبــار الوقايــة مــن الفســاد‬
‫ومكافحتــه مجــاال للعمــل املشــرك املؤطَّــر مببــدأ التناســق املؤســي والوظيفــي الضامــن لتكامــل جهــود جميــع‬
‫الهيئــات والســلط واملؤسســات‪ ،‬ومث ِّمنــا للعمــل القائــم عــى الربمجــة والتخطيــط‪ ،‬ولالســتهداف املوضوعــي‬
‫للربامــج واملشــاريع ذات الوقــع امللمــوس‪ ،‬ومعـ ِّززا ملســار التوصيــات واالقرتاحــات مــع تأســيس اآلليــات الراميــة‬
‫ومواصــا تأصيــل خطــاب مؤســي يتميــز باملوضوعيــة القامئــة عــى تطويــر‬ ‫ِ‬ ‫إىل ضــان التجــاوب العمــي معهــا‪،‬‬
‫التشــخيص وتنويعــه‪ ،‬والتقييــم الب َّنــاء املفــي إىل تثمــن اإلنجــازات والوقــوف عــى أســباب النواقــص وتقديــم‬
‫البدائــل القابلــة للتنفيــذ‪ ،‬وتعميــق الدراســة والبحــث يف إطــار تقاريــر موضوعاتيــة مرافقــة للتقريــر الســنوي أو‬
‫مســتقلة بذاتهــا‪ .‬كــا يــروم هــذا التقريــر إِطْـاَع الــرأي العــام عــى صنــع القـرار الجامعــي داخــل الهيئــة‪ ،‬مــن‬
‫خــال إبـراز حكامتهــا املؤسســاتية التــي تضمــن تحصــن اســتقالليتها‪ ،‬وتثبيــت مرشوعيــة ونجاعــة قراراتهــا‪.‬‬
‫تجاوبــا مــع هــذه األهــداف‪ ،‬تــم إعــداد هــذا التقريــر الــذي يغطــي مجهــودات الهيئــة خــال ســنة ‪،2022‬‬
‫طبقــا ملقتضيــات املــادة ‪ 50‬مــن القانــون املتعلــق بهــا‪ ،‬وذلــك وفــق املحــاور التاليــة‪:‬‬
‫املحور األول‪ :‬تشخيص وضعية الفساد‬
‫رصــدت الهيئــة يف هــذا التقريــر تطــور الفســاد عــى املســتوى الــدويل واإلقليمــي والوطنــي‪ ،‬باالســتناد‪ ،‬مــن‬
‫جهــة‪ ،‬إىل املــؤرشات والتقاريــر الدوليــة والوطنيــة ذات الصلــة‪ ،‬وباالعتــاد‪ ،‬مــن جهــة ثانيــة‪ ،‬عــى دراســتها‬
‫وتحليلهــا وتحيينهــا ملصــادر املــؤرشات الدوليــة املعتمــدة‪ ،‬ثــم بالعمــل‪ ،‬مــن جهــة أخــرة‪ ،‬عــى اســتثامر نتائــج‬
‫البحــث الوطنــي الــذي أطلقــه مرصــد الهيئــة خــال ســنة ‪ 2022‬يف قســمه املتعلــق باملواطنــن املقيمــن يف‬
‫املغــرب واملغاربــة املقيمــن بالخــارج‪.‬‬
‫‪13‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫وتنبــه الهيئــة‪ ،‬يف هــذا الســياق‪ ،‬إىل أن مــؤرشات مــدركات الفســاد رغــم كونهــا تشــكل لحــد اآلن اآلليــة‬
‫األساســية لرصــد هــذه الظاهــرة وقيــاس انتشــارها يف دول املعمــور‪ ،‬والتــي مل تســتطع املنظــات املعنيــة لحــد‬
‫اآلن أن تطــور آليــات أخــرى بديلــة عنهــا‪ ،‬إال أن النتائــج التــي متنحهــا هــذه املــؤرشات تبقــى نســبية الداللــة‪،‬‬
‫لكونهــا تســتجيل أساســا تصــور وإدراك الفئــات املســتهدفة إزاء مامرســة الفســاد‪ ،‬األمــر الــذي دفــع الهيئــة إىل‬
‫توجيــه جهودهــا نحــو التطويــر املســتمر آلليــات التشــخيص والبحــث‪ ،‬بهــدف إنتــاج معرفــة معمقــة مبختلــف‬
‫جوانــب هــذه الظاهــرة‪ ،‬وصــوال نحــو اســتهدافها بالسياســات واإلجـراءات املناســبة للوقايــة منهــا ومكافحتهــا‪.‬‬
‫أوال‪ -‬تطور الفساد عىل املستوى الدويل‬
‫وقفــت الهيئــة بهــذا الخصــوص عــى خالصــات مــؤرش مــدركات الفســاد برســم ‪ 2022‬الــذي أكــد عــى أن‬
‫مســتويات الفســاد ظلــت يف حالــة ركــود؛ حيــث إن ‪ %95‬مــن البلــدان مل تحقــق أي تق ـ ّدم عــى اإلطــاق أو‬
‫حققــت تقد ًمــا ضئيـ ًـا منــذ ســنة ‪ ،2017‬وظــل املعــدل العــام العاملــي دون تغيــر عنــد تنقيــط ‪ 100/43‬للعــام‬
‫الحــادي عــر عــى التــوايل‪ ،‬كــا س ـ َّجل أكــر مــن ثلثــي البلــدان (‪ )%68‬نقطــا تقــل عــن معــدل ‪.100/50‬‬
‫عــى أســاس هــذه املعاينــة العامــة‪ ،‬وقــف مــؤرش مــدركات الفســاد برســم ‪ ،2022‬مــن خــال تقييمــه لهــذه‬
‫املــدركات يف ‪ 180‬دولــة‪ ،‬عــى التصنيفــات العامــة املتعلقــة أساســا بتقــدم دول أوروبــا الغربيــة واالتحــاد‬
‫األورويب‪ ،‬مقابــل التموقــع املتأخــر إلفريقيــا جنــوب الصحـراء‪ ،‬مــع تســجيل تقهقــر واضــح للــدول التــي تعــاين‬
‫مــن االســتبداد أو مــن رصاعــات مســلحة‪.‬‬
‫ويف إطــار تأكيــده عــى ارتبــاط ارتفــاع معــدالت الفســاد بتدهــور الســلم العاملــي‪ ،‬أكــد مــؤرش مــدركات الفســاد‬
‫ـات منخفضة‬ ‫أيضــا عــى درجـ ٍ‬ ‫بــأن الــدول التــي سـ ّجلت مســتويات ُعليــا مــن العنــف وعــدم االســتقرار‪ ،‬حصلــت ً‬
‫جـ ًدا يف مــؤرش ُمــد َركات الفســاد‪ .‬كــا ســلط هــذا املــؤرش الضــوء عــى أشــكال التواطــؤ والتســاهل املقــدم‪ ،‬يف‬
‫كثــر مــن األحيــان‪ ،‬مــن طــرف الــدول ذات االقتصاديــات املتقدمــة‪ ،‬لفائــدة أشــكال الرتحيــب باألمــوال املنهوبــة‬
‫يف الــدول املتخلفــة‪.‬‬
‫وملواجهــة هــذه املعضــات‪ ،‬أوىص مــؤرش مــدركات الفســاد بــرورة تعزيــز الشــفافية وتقويــة املؤسســات‪،‬‬
‫وإرشاك الجمهــور يف صنــع الق ـرار وإعطــاء األولويــة للرقابــة واملشــاركة الكاملــة والهادفــة للمجتمــع املــدين‪،‬‬
‫وتضييــق الخنــاق عــى رسيــة الــركات والرشــوة األجنبيــة والعوامــل التمكينيــة التــي تســهل مظاهــر التواطــؤ‪،‬‬
‫مــع تتبــع األصــول غــر املرشوعــة والتحقيــق فيهــا ومصادرتهــا وإعادتهــا إىل الضحايــا‪.‬‬
‫وتَبـ ّـن للهيئــة أن الخالصــة التــي انتهــى إليهــا مــؤرش مــدركات الفســاد برســم ‪ ،2022‬واملتعلقــة بارتبــاط ارتفــاع‬
‫ـج مــؤرش الســام العاملــي الــذي أبــرزت نتائ ُجــه‬ ‫معــدالت الفســاد بتدهــور الســلم العاملــي‪ ،‬تتقاطــع معهــا نتائـ ُ‬
‫برســم هــذه الســنة تدهــو َر الســام العاملــي نتيجــة الرصاعــات والنزاعــات املســلحة والعمليــات اإلرهابيــة‪.‬‬
‫ـج مــؤرش التنميــة البرشيــة ‪ ،2022-2021‬التــي أكــدت تفاقــم الشــعور باإلحبــاط‬ ‫وتتقاطــع معهــا أيضــا نتائـ ُ‬
‫ـج مــؤرش الحريــة‬ ‫والعنــف بشــتى أنواعــه مــن الجرميــة املنظمــة إىل النزاعــات املســلحة‪ .‬كــا تتقاطــع معهــا نتائـ ُ‬
‫الــذي أكــد عــى أن الحريــة العامليــة تراجعــت للعــام الســابع عــر عــى التــوايل‪ ،‬وأن الدميقراطيــة نفســها‬
‫تتعــرض للتهديــد يف كثــر مــن أنحــاء العــامل‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪14‬‬


‫ثانيا‪ -‬تطور الفساد عىل املستوى اإلقليمي‬
‫وقفــت الهيئــة عــى أن منطقــة شــال إفريقيــا والــرق األوســط‪ ،‬بحصولهــا عــى معــدل عــام بلــغ ‪ 38‬درجــة‬
‫مــن أصــل ‪ 100‬يف مــؤرش مــدركات الفســاد برســم ‪ ،2022‬مــا زالــت تعــاين مــن إخفــاق التغيـرات التــي أُطْلقــت‬
‫ـي االضطرابــات املدنيــة‪ ،‬وعــدم االســتقرار‪ ،‬وتأجيــج‬ ‫منــذ أكــر مــن عقــد مــن الزمــان ‪ ،‬مــا تســبب يف تفـ ِّ‬
‫الفســاد الســيايس‪.‬‬
‫يف هــذا الســياق اإلقليمــي‪ ،‬ســجلت الهيئــة أنــه مــن أصــل ‪ 21‬دولــة عربيــة‪ ،‬مل تســتطع ســوى ثــاث دول أن‬
‫تحقــق معــدال يســاوي أو يفــوق ‪ 50‬درجــة‪ .‬ويتعلــق األمــر بــكل مــن اإلمــارات (‪ ،)67‬وقطــر (‪ ،)58‬والســعودية‬
‫(‪ .)51‬وباملقابــل‪ ،‬بــوأت الدرجــاتُ املخولــة لــكل مــن ليبيــا (‪ ،)17‬واليمــن (‪ ،)16‬وســوريا (‪ ،)13‬والصومــال (‪)12‬‬
‫هــذه الــدول احتــال املراتــب املتأخــرة يف التصنيــف العاملــي ملــؤرش مــدركات الفســاد‪.‬‬
‫وتبـ َّـن للهيئــة أن االرتبــاط الــذي أكــده مــؤرش مــدركات الفســاد بــن ارتفــاع معــدالت الفســاد يف هــذه املنطقــة‬
‫ـج مــؤرش الحريــة الــذي أبــرزت‬ ‫والضغــوط املفروضــة عــى الحريــات املدنيــة والسياســية‪ ،‬تتقاطــع معــه نتائـ ُ‬
‫نتائ ُجــه ضعـ َـف التمتــع بالحريــات العامــة لــدى ‪ 13‬دولــة عربيــة مــن مجمــوع ‪ 18‬دولــة‪ ،‬مــع تســجيل تدهــور‬
‫واضــح يف هــذه الحريــات لــدى مثــاين (‪ )8‬دول‪.‬‬
‫وعــى املســتوى اإلفريقــي‪ ،‬ومبعــدل عــام قــدره ‪ 32‬درجــة مــن أصــل ‪ ،100‬ســجلت الهيئــة احتــال منطقــة‬
‫إفريقيــا جنــوب الصح ـراء الرتبــة السادســة واألخــرة يف مــؤرش مــدركات الفســاد برســم ‪2022‬؛ حيــث رغــم‬
‫تحقيــق السيشــل لدرجــة ‪ 100/70‬وكابــو فــردي ‪ ، 100/60‬وبوتســوانا ‪ ، 100/60‬وروانــدا ‪ ،100/51‬فــإن‬
‫مجموعــة مهمــة مــن الــدول اإلفريقيــة مل تتمكــن مــن بلــوغ ســقف ‪ 50‬درجــة‪.‬‬
‫تقصيــه ألســباب تفــي الفســاد بإفريقيــا‪ ،‬اعتــر مــؤرش مــدركات الفســاد برســم ســنة ‪ 2022‬أن عــدم‬ ‫ويف إطــار ِّ‬
‫االســتقرار الســيايس‪ ،‬واســتمرار الرصاعــات املســلحة‪ ،‬وعمليــات انتقــال الســلطة العنيفــة وزيــادة التهديــدات‬
‫اإلرهابيــة‪ ،‬تؤثــر ســلبا عــى هــذا الوضــع‪ .‬وهــذا مــا تبــن واضحــا للهيئــة مــن خــال نتائــج مــؤرش الحريــة التــي‬
‫أكــدت عــى أن األزمــات السياســية والنزاعــات عــى الســلطة والتغيـرات املتناســلة يف القيــادة واالســتيالء عــى‬
‫الســلطة مــن قبــل املســؤولني العســكريني أو التنفيذيــن والفســاد وســوء اإلدارة‪ ،‬كلهــا عوامــل مــا زالــت تقــوض‬
‫جهــود إرســاء تقــدم دميقراطــي بإفريقيــا‪ ،‬األمــر الــذي وضــع منســوب التمتــع بالحريــة‪ ،‬وفــق هــذا املــؤرش‪ ،‬يف‬
‫مســتويات متدهــورة‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬تطور الفساد عىل املستوى الوطني‬
‫تأكــد للهيئــة أن املغــرب بحصولــه عــى درجــة ‪ 100/38‬يف مــؤرش مــدركات الفســاد برســم ‪ ،2022‬يكــون قــد‬
‫تراجــع بخمــس ‪ 5‬نقــط خــال األربــع ســنوات األخــرة‪ ،‬مك ِّرســا مسلســل الرتاجــع يف هــذا املــؤرش‪ ،‬والــذي‬
‫انطلــق منــذ ‪ 2018‬حــن حصــل عــى درجــة ‪ ،100/43‬ليرتاجــع بدرجتــن ســنة ‪ 2019‬بحصولــه عــى ‪،100/41‬‬
‫ثــم بدرجــة واحــدة ســنة ‪ 2020‬بحصولــه عــى ‪ ،100/40‬قبــل أن يرتاجــع بدرجــة أخــرى ســنة ‪ 2021‬بحصولــه‬
‫عــى ‪.100/39‬‬
‫كــا أبــرزت الهيئــة احتــال املغــرب عــى املســتوى العــريب الرتبــة التاســعة (‪ )9‬مســبوقا بــكل مــن اإلمــارات‬
‫وقطــر والســعودية وســلطنة عــان واألردن وتونــس والكويــت والبحريــن‪ ،‬ومتبوعــا باثنتــي عــرة (‪ )12‬دولــة‪،‬‬
‫وكــذا احتاللــه مرتبــة وســطى عــى املســتوى اإلفريقــي‪ ،‬مســبوقا بإحــدى عــرة (‪ )11‬دولــة‪.‬‬
‫‪15‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫وتأكــد للهيئــة أن التقاطعــات بــن ارتفــاع معــدالت الفســاد مبنطقــة الــرق األوســط وشــال إفريقيــا وتراجــع‬
‫نتائج مــؤرش الحرية‬‫األداء الدميقراطــي والضغــوط املفروضــة عــى الحريــات املدنيــة والسياســية‪ ،‬تتقاطــع معهــا ُ‬
‫التــي أكــدت التجــاوب الســلبي للمغــرب مــع املــؤرشات الفرعيــة املتعلقــة بالحقــوق السياســية واملدنيــة‪،‬‬
‫ـج مــؤرش الفعاليــة القضائيــة ومــؤرش نزاهــة الحكومــة املتفرعــن عــن مــؤرش الحريــة‬ ‫كــا تتقاطــع معهــا نتائـ ُ‬
‫ـج الســلبية املحققــة‬ ‫االقتصاديــة‪ ،‬واللذيــن حقــق فيهــا املغــرب نتائــج هزيلــة‪ ،‬وتتقاطــع معهــا أيضــا النتائـ ُ‬
‫يف املــؤرشات الفرعيــة املتعلقــة بالعدالــة الجنائيــة وغيــاب الفســاد والحقــوق األساســية والحكومــة املنفتحــة؛‬
‫وهــي املــؤرشات املنبثقــة عــن مــؤرش ســيادة القانــون‪.‬‬
‫ومل يفــت الهيئــة أن ترصــد تطــور الفســاد عــى املســتوى الوطنــي مــن خــال اســتقراء نتائــج البارومــر العــريب‬
‫الصــادر يف شــهر أكتوبــر ‪ 2022‬حــول املغــرب‪ ،‬والتــي جــاءت مؤكــدة عــى اســتمرار التفــي الكبــر للفســاد‪،‬‬
‫وعــى ارتفــاع مســتوى اإلدراك بتفاقمــه‪ ،‬بشــكل خــاص‪ ،‬يف أوســاط الفقــر والهشاشــة وال ُبعــد عــن املركــز‪ ،‬مبــا‬
‫يعنــي أن التكلفــة الكــرى للفســاد يتحمــل أعبا َءهــا األشــخاص املنتمــون إىل هــذه األوســاط‪ .‬ويشــر البارومــر‬
‫العــريب إىل أن تجليــات الفســاد ميكــن تل ُّمســها يف الحقــوق التــي يُحــرم منهــا هــؤالء يف التعليــم الجيــد والســكن‬
‫الالئــق والرعايــة الصحيــة وغريهــا مــن الحقــوق األساســية‪.‬‬
‫ومــن زاويــة املتابعــات القضائيــة‪ ،‬وقفــت الهيئــة عــى بعــض املعطيــات التــي قدمهــا تقريــر رئاســة النيابــة‬
‫العامــة برســم ســنة ‪ ،2021‬والــذي أكــد ضبــط ‪ 205‬حالــة تلبــس بجرميــة الرشــوة عــن طريــق الخــط املبــارش‬
‫منــذ انطــاق العمــل بــه؛ وهــي حــاالت تهــم العديــد مــن القطاعــات وتتعلــق أساســا بأعــوان ورجــال الســلطة‪،‬‬
‫والجامعــات الرتابيــة‪ ،‬والــدرك امللــي واألمــن الوطنــي وامليــاه والغابــات والوقايــة املدنيــة والقــوات املســاعدة‪،‬‬
‫والصحــة‪ ،‬والعــدل‪ ،‬والتجهيــز والنقــل‪ ،‬ومســتخدمني بالقطــاع الخــاص‪.‬‬
‫وبالنســبة لجرائــم الفســاد املعروضــة أمــام أقســام الجرائــم املاليــة‪ ،‬أكــد تقريــر رئاســة النيابــة العامــة برســم‬
‫‪ 2021‬أن عــدد القضايــا الرائجــة بأقســام الجرائــم املاليــة بلــغ ‪ 783‬قضيــة‪ ،‬بتســجيل انخفــاض بلــغ معدلــه‬
‫‪ 47.30‬باملائــة مقارنــة مــع ‪ 2020‬التــي بلــغ فيهــا عــدد القضايــا الرائجــة بأقســام الجرائــم املاليــة مــا مجموعــه‬
‫‪ 1486‬قضيــة‪.‬‬
‫ون َّبهــت الهيئــة‪ ،‬يف ســياق رصدهــا لضعــف املتابعــات يف قضايــا الفســاد‪ ،‬إىل رضورة تجــاوز اإلكراهــات التــي‬
‫تشــكل كوابــح حقيقيــة أمــام انخ ـراط وا ٍع ومســؤول لكافــة املعنيــن يف القيــام بواجــب التبليــغ عــن أفعــال‬
‫الفســاد‪ ،‬مؤكــدة عــى أن تحقيــق هــذا االنخــراط الجامعــي‪ ،‬بقــدر مــا يظــل رهينــا بتصحيــح األعطــاب‬
‫املرصــودة‪ ،‬بقــدر مــا يحتــاج إىل توعيــة املواطنــن مبخاطــر الفســاد وآثارهــا الفرديــة والجامعيــة الوخيمــة‪ ،‬مــع‬
‫توفــر أنــواع مــن الضامنــات والحاميــات لســائر املعنيــن بالتبليــغ؛ مبــا يُقــوي محفـزات التبليــغ لديهــم‪ ،‬ويَ ُحــول‬
‫دون تح ُّملهــم ألصنــاف مــن األرضار عــى خلفيــة هــذا التبليــغ‪.‬‬
‫ورصــدت الهيئــة‪ ،‬بخصــوص القضــاء املــايل يف شــقه املتعلــق بالقضايــا ذات الصلــة بالتأديــب املتعلــق بامليزانيــة‬
‫والشــؤون املاليــة‪ ،‬إصــدار املحاكــم املاليــة لـــ ‪ 104‬قــرارا وحكــا بغرامــات بلــغ مجموعهــا ‪4.741.500,00‬‬
‫درهــم‪ ،‬باإلضافــة إىل الحكــم بإرجــاع مــا مجموعــه ‪ 15.739.006,88‬درهــم‪ ،‬مــع التأكيــد عــى ارتبــاط أغلــب‬
‫املؤاخــذات بالحــاالت ذات الصلــة بفــرض وتحصيــل املداخيــل وتنفيــذ عقــود التدبــر املفــوض‪ ،‬وكــذا حــاالت‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪16‬‬


‫عــدم التقيــد بقواعــد تنفيــذ النفقــات العموميــة وبالنصــوص التنظيميــة املتعلقــة بالصفقــات العموميــة‪ ،‬وكــذا‬
‫اإلشــهاد غــر الصحيــح عــى اســتالم مــواد وخدمــات دون التأكــد مــن مطابقتهــا للخصائــص التقنيــة املتعاقــد‬
‫بشــأنها‪ ،‬والحصــول للغــر عــى منافــع نقديــة غــر مــررة‪.‬‬
‫وبخصــوص األفعــال التــي اعتربتهــا املحاكــم املاليــة مســتوجبة لعقوبــة جنائيــة‪ ،‬فتتعلــق بتوجيــه مســطرة إســناد‬
‫طلبيــات عموميــة بشــكل يخالــف مبــادئ املســاواة واملنافســة يف ولــوج الطلبيــات العموميــة‪ ،‬واملبالغــة يف أمثــان‬
‫الطلبيــات العموميــة‪ ،‬وأداء نفقــات يف غيــاب العمــل املنجــز (الحــواالت الصوريــة)‪ ،‬وتقديــم حســابات غــر‬
‫صحيحــة‪ ،‬واســتعامل ممتلــكات جهــاز عمومــي ألغـراض شــخصية‪ ،‬واقتنــاء معــدات يف غيــاب حاجــة حقيقيــة‪.‬‬
‫وقــد نبهــت الهيئــة يف ســياق اســتعراض معطيــات املحاكــم املاليــة‪ ،‬إىل اإلشــكالية التــي مل يفتــأ املجلــس األعــى‬
‫للحســابات يؤكــد عليهــا‪ ،‬منــذ دخــول مدونــة املحاكــم املاليــة حيــز التنفيــذ‪ ،‬واملتعلقــة مبحدوديــة التوصــل‬
‫بطلبــات يف شــأن القضايــا ذات الصلــة بالتأديــب املتعلــق بامليزانيــة والشــؤون املاليــة‪ ،‬مــن ِقبــل الســلطات‬
‫املخــول لهــا إحالــة القضايــا عــى املجلــس‪.‬‬
‫كــا مثنــت الهيئــة التوجــه الــذي اعتمدتــه رئاســة النيابــة العامــة بإعــادة قــراءة تقاريــر املحاكــم املاليــة‬
‫الســتنباط القضايــا املحتملــة للفســاد وتبليغهــا إىل النيابــات العامــة املختصــة مــع التعليــات الكتابيــة بشــأنها‪،‬‬
‫مؤكــدة عــى أهميــة التنصيــص القانــوين عــى اإلحالــة مــن طــرف الســلطة القضائيــة إىل املحاكــم املاليــة‬
‫للقضايــا التــي ميكــن أن تتوفــر فيهــا قرائــن التأديــب املــايل أو التدبــر بحكــم الواقــع‪.‬‬
‫ومواصلــة منهــا لتعميــق املعرفــة املوضوعيــة بظاهــرة الفســاد عــى املســتوى الوطنــي‪ ،‬قامــت الهيئــة بتحيــن‬
‫معطيــات الدراســة التــي أنجزتهــا بخصــوص تحليــل وق ـراءة املعطيــات التفصيليــة التــي توفرهــا املصــادر‬
‫والبيانــات األصليــة التــي تشــكل أســاس بنــاء مــؤرش إدراك الفســاد؛ حيــث تأكــد أن املغــرب ســجل‪ ،‬مــا بــن‬
‫‪ 2021‬و‪ ،2022‬اســتقرارا عــى مســتوى التنقيــط بالنســبة ملعظــم (‪ )7/5‬مصــادر البيانــات باســتثناء مصدريــن‬
‫اثنــن (‪ )02‬وهــا مصــدر البيانــات املتعلــق مبــروع أمنــاط الدميقراطيــة (‪ ،)V-Dem‬الــذي ســجل فيــه املغــرب‬
‫تراجعــا كب ـرا ب (‪ )10‬نقــاط؛ حيــث انتقلــت الدرجــة مــن ‪ 47‬نقطــة ســنة ‪ 2021‬إىل ‪ 37‬نقطــة ســنة ‪،2022‬‬
‫ومصــدر البيانــات املتعلــق باملنتــدى االقتصــادي العاملــي (‪ )WEF‬الــذي انخفضــت فيــه درجــة املغــرب مبقــدار‬
‫تســع (‪ )9‬نقــاط يف عــام ‪ 2022‬مقارنــة مــع ‪ ،2020‬مــن ‪ 52‬إىل ‪.43‬كــا أن تنقيــط املغــرب عــرف أيضــا تراجعــا‬
‫طفيفــا عــى مســتوى مــؤرش ســيادة القانــون خصوصــا العامــل املتعلــق بتقييــم مســتوى الفســاد‪.‬‬
‫وإلب ـراز تراجــع املغــرب يف مــؤرش أمنــاط الدميقراطيــة‪ ،‬رصــدت الدراســة الرتاجعــات املســجلة مــا بــن ‪2019‬‬
‫و‪ 2022‬يف مؤرشاتــه الفرعيــة األربعــة التــي تهــم مــؤرش فســاد القطــاع العــام‪ ،‬والــذي تراجــع فيــه املغــرب ب‪17‬‬
‫نقطــة‪ ،‬ومــؤرش الفســاد يف الســلطة التنفيذيــة‪ ،‬والــذي تراجــع فيــه ب ‪ 10‬نقــط‪ ،‬ومــؤرش الفســاد يف الســلطة‬
‫الترشيعيــة‪ ،‬والــذي تراجــع فيــه ب‪ 8‬نقــط‪ ،‬ومــؤرش الفســاد يف الســلطة القضائيــة والــذي تراجــع فيــه ب‪ 7‬نقــط‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬نتائج البحث الوطني حول الفساد‪ :‬املغاربة املقيمون والقاطنون بالخارج‪:‬‬
‫ينطلــق هــذا البحــث مــن اقتنــاع الهيئــة بــرورة تقويــة املعرفــة الدقيقــة واملوضوعيــة بظاهــرة الفســاد‬
‫لضــان متلُّــك اآلليــات الناجعــة ملواجهتهــا‪ ،‬عــى الخصــوص‪ ،‬مــن خــال توجيــه الجهــود نحــو االعتــاد عــى‬
‫آليــات متجــددة للتحليــل امليــداين‪ ،‬تنضــاف إىل املــؤرشات املعتمــدة حاليــا ملالمســة الفســاد‪.‬‬

‫‪17‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫يف إطــار هــذا التوجــه‪ ،‬وتفعيــا ملهــام مرصــد الهيئــة‪ ،‬تــم إنجــاز النســخة الثانيــة مــن البحــث الوطنــي حــول‬
‫الفســاد اســتهدف فئتــن مــن املســتجوبني‪ ،‬تكونــت الفئــة األوىل مــن املواطنــن مبــا فيهــم املغاربــة املقيمــن‬
‫بالخــارج وهمــت الفئــة الثانيــة املقــاوالت‪.‬‬
‫وقــد أســفرت نتائــج القســم األول مــن هــذا البحــث‪ ،‬والــذي يهــم املغاربــة املقيمــن والقاطنــن بالخــارج‪ ،‬عــن‬
‫رصــد مســتويات انطبــاع ســلبي حــول ظاهــرة الفســاد؛ حيــث تبـ ّـن‪ ،‬مــن خــال أبــرز املعطيــات‪ ،‬أن الفســاد‬
‫يحتــل املرتبــة السادســة مــن بــن االنشــغاالت الرئيســية لــدى املواطنــن املقيمــن واملرتبــة الثالثــة بالنســبة‬
‫للمغاربــة القاطنــن بالخــارج‪.‬‬
‫أمــا مــن حيــث مســتوى انتشــار الفســاد‪ ،‬فعــى الصعيــد الوطنــي يــرى املواطنــون أن مســتوى انتشــار الفســاد‬
‫يبقــى مرتفعــا وتختلــف حــدة االنتشــار حســب القطاعــات‪ ،‬حيــث يبقــى قطــاع الصحــة األكــر عرضــة للفســاد‬
‫تليــه األحـزاب السياســية فالحكومــة فالربملــان فالنقابــات‪ .‬كــا تعــرف بعــض املجــاالت مســتوى انتشــار واســع‬
‫للفســاد كالتوظيــف والتعيينــات وتطــور املســار املهنــي يف القطــاع العــام‪ ،‬ويف اإلعانــات االجتامعيــة العموميــة‬
‫للســاكنة‪ ،‬ويف الحصــول عــى الرخــص‪ ،‬واملأذونيــات (الـﯖرميــات) والرخــص االســتثنائية‪.‬‬
‫وفيــا يتعلــق بتجــارب املواطنــن مــع حــاالت الفســاد‪ ،‬فقــد رصح مواطــن مــن بــن أربعــة أنــه ســبق وتعــرض‬
‫هــو أو شــخص مــن أرستــه عــى األقــل إلحــدى حــاالت الفســاد خــال الفــرة املرجعيــة للبحــث‪ ،‬وهــم ذلــك‬
‫قطاعــات مختلفــة مــن بينهــا الــدرك‪ ،‬والنقــل‪ ،‬والرشطــة‪ ،‬والصحــة يف القطــاع العــام‪ ،‬والعدالــة‪ ،‬واإلســكان‬
‫والتعمــر والعقــار يف القطــاع الخــاص‪ ،‬والقيــادات والباشــويات‪.‬‬
‫أمــا فيــا يخــص أســباب الفســاد‪ ،‬متحــور اإلدراك حــول الرغبــة يف الـراء الرسيــع‪ ،‬وبــطء اإلجـراءات‪ ،‬وانعــدام‬
‫روح املواطنــة وضعــف الــوازع األخالقــي‪ ،‬وتعقيــد اإلجــراءات‪ ،‬وضعــف األجــور‪ ،‬والفقــر‪ ،‬وانعــدام الرقابــة‬
‫واملحاســبة‪ ،‬وغيــاب العقوبــات‪ .‬يف حــن انــرف اإلدراك إىل اعتبــار الالمســاواة االجتامعيــة وإفقــار الدولــة‬
‫والالمســاواة يف توزيــع الــروات وتراجــع القــدرة الرشائيــة والفقــر‪ ،‬آثــار ضــارة لتفــي الفســاد‪.‬‬
‫مقارنــة مــع انطبــاع املواطنــن حــول مســتوى انتشــار الفســاد والحــاالت التــي تعرضــوا فيهــا لذلــك‪ ،‬فــإن التبليغ‬
‫عــن هاتــه الحــاالت أو تقديــم شــكايات يبقــى ضعيفــا جــدا‪ ،‬عــى خلفيــة التهويــن مــن الفســاد وانتشــاره‪،‬‬
‫وعــدم جــدوى تقديــم شــكاية أو تبليــغ‪ ،‬والخــوف مــن االنتقــام املحتمــل‪.‬‬
‫أمــا فيــا يتعلــق بجهــود الدولــة يف محاربــة الفســاد والوقايــة منــه‪ ،‬فــإن نســبة كبــرة مــن املواطنــن تــرى أن‬
‫املغــرب يبــدل مجهــودا كبـرا أو كافيــا يف مكافحــة الفســاد‪ ،‬غــر أن هاتــه املجهــودات تبقــى غــر فعالــة مبــا يف‬
‫ذلــك االسـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ .‬ويف هــذا اإلطــار يــرى املواطنــون أن تطبيــق القوانــن املتعلقــة‬
‫مبحاربــة الفســاد وتربيــة وتوعيــة املواطنــن حــول الفســاد وتعزيــز املراقبــة والتفتيــش وتســهيل التبليــغ عــى‬
‫أعــال الفســاد وحاميــة املبلغــن والشــهود‪ ،‬هــي أهــم اإلجـراءات الكفيلــة مبكافحــة الفســاد بشــكل فعــال يف‬
‫املغــرب‪.‬‬
‫وكخالصــات وتوجهــات عامــة منبثقــة عــن تحليــل وتقاطــع مختلــف محطــات التشــخيص‪ ،‬انتهــت الهيئــة‪،‬‬
‫بعــد اســتقرائها لوضعيــة املغــرب يف مختلــف املــؤرشات‪ ،‬واســتظهارها لتقاطــع الوضــع املتفاقــم للفســاد مــع‬
‫الرتاجعــات التــي ســجلتها مجموعــة مــن التقاريــر الدوليــة فيــا يخــص الســلم واألمــن‪ ،‬والحقــوق السياســية‬
‫واملدنيــة‪ ،‬وســيادة القانــون‪ ،‬وحقــوق املشــاركة يف إعــداد وتنفيــذ امليزانيــة‪ ،‬إىل التأكيــد عــى أن التداعيــات‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪18‬‬


‫الوخيمــة للفســاد متتــد إىل إضعــاف ديناميــة التنميــة‪ ،‬وإعاقــة بنيــات اإلنتــاج‪ ،‬وتعميــق االختــاالت االقتصاديــة‬
‫واالجتامعيــة؛ األمــر الــذي مــا فتئــت تؤكــد عليــه‪ ،‬وبشــكل واضــح‪ ،‬تقاريــر بنــك املغــرب منــذ ســنة ‪2020‬‬
‫مــرورا بســنة ‪ ،2021‬لتواصــل التأكيــد عليــه ســنة ‪ ،2022‬مفصحــة عــن مطلبهــا الراســخ بــرورة إعــادة النظــر‬
‫يف املقاربــات املتبعــة إىل اآلن‪ ،‬واتخــاذ إج ـراءات أكــر قــوة وحزمــا‪.‬‬
‫واعتــرت الهيئــة أن هــذا املطلــب يتجــاوب متامــا مــع مــا ظلــت تثــر االنتبــاه إليــه منــذ ‪ 2019‬بحتميــة‬
‫ترسيــع االنتقــال الفعــي إىل مرحلــة جديــدة يف مكافحــة الفســاد‪ ،‬كفيلــة بــإذكاء ديناميــة محققــة لنتائــج وآثــار‬
‫ملموســة يف الحيــاة اليوميــة للمواطنــن واملســتثمرين والفاعلــن االقتصاديــن واملجتمعيــن‪ُ ،‬مقرتحــة‪ ،‬ألجــل‬
‫املؤسســة لتحقيــق النقلــة النوعيــة املطلوبــة يف مجــال‬‫ذلــك‪ ،‬الدعامــات التشــخيصية والتوجيهيــة واالقرتاحيــة ِّ‬
‫مكافحــة الفســاد ببالدنــا‪ ،‬و ُمعلنــة اســتعدادها االشــتغال يف إطــار ينهــض عــى التكامــل املؤســي وتضافــر‬
‫جهــود ســائر املعنيــن‪ ،‬إلنجــاح هــذا االنتقــال الحيــوي‪.‬‬
‫املحــور الثــاين‪ :‬تتبــع تنفيــذ وتنســيق وتقييــم االسـراتيجيات والسياســات العموميــة‬
‫يســتعرض هــذا املحــور مواكبــة الهيئــة لالسـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد مــن منظــور رصــد نقــاط قوتهــا‬
‫ومظاهــر قصورهــا‪ ،‬كــا يســتحرض انخ ـراط الهيئــة يف مســار املســاهمة يف إعــداد اس ـراتيجية تحســن منــاخ‬
‫األعــال للفــرة مــن ‪ 2023‬إىل ‪.2026‬‬
‫أوال‪ -‬االس ـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ :‬التقــدم املحــرز وأوجــه القصــور وســبل إطــاق‬
‫الديناميــة‪:‬‬
‫ســجلت الهيئــة بهــذا الخصــوص التقــدم املحــرز عــى مســتوى مجموعــة مــن املشــاريع املندرجــة ضمــن‬
‫الربامــج العــرة لالس ـراتيجية‪ ،‬املتمثلــة يف تحســن خدمــة املواطــن‪ ،‬ورقمنــة الخدمــات اإلداريــة‪ ،‬والشــفافية‬
‫والولــوج إىل املعلومــات‪ ،‬واألخالقيــات‪ ،‬والرقابــة واملســاءلة‪ ،‬وتقويــة املتابعــة والزجــر‪ ،‬وتحســن منظومــة‬
‫الطلبيــات العموميــة‪ ،‬والنهــوض بنزاهــة القطــاع الخــاص‪ ،‬والتواصــل والتحســيس‪ ،‬والرتبيــة والتكويــن‪.‬‬
‫وتأكــد للهيئــة أنــه بالرغــم مــن اإلنجــازات املحققــة مبســتويات متباينــة‪ ،‬إال أن الغايــات املســتهدفة التــي‬
‫ســطرتها االسـراتيجية مل تتحقــق‪ ،‬بــل وتــكاد تكــون بعيــدة املنــال‪ ،‬كــا تربهــن عــى ذلــك الرتاجعــات املســجلة‬
‫يف مجموعــة مــن املــؤرشات الدوليــة ذات الصلــة‪.‬‬
‫ووقفــت الهيئــة عــى أوجــه القصــور التــي حالــت دون مت ُّكــن االسـراتيجية مــن تحقيــق األثــر املنتظــر منهــا‬
‫وتغيــر منحنــى تطــور وضــع الفســاد باملغــرب؛ حيــث رصــدت ضعــف تعبئــة الفاعلــن املعنيــن‪ ،‬واالفتقــار‬
‫إىل التنســيق الفعــال ومراقبــة الربامــج واملشــاريع‪ ،‬وهيمنــة التدبــر القطاعــي عــى حســاب منطــق الربمجــة‪،‬‬
‫وغيــاب ترســيخ منهجيــة لتحديــد األولويــات عــى مســتوى االســتهداف املبنــي عــى دراســة الوقــع واألثــر‬
‫الشــامل‪ ،‬واســتمرار ضعــف املقروئيــة يف تحديــد امليزانيــات املخصصــة لالسـراتيجية الوطنيــة‪ ،‬وعــدم اصطحــاب‬
‫االسـراتيجية مبخطــط تواصــل مناســب يســمح بإضفــاء املصداقيــة عــى السياســات املتبعــة وبتعبئــة املواطنــن‬
‫والفاعلــن االقتصاديــن وغريهــم مــن الجهــات املعنيــة‪ ، .‬ومــن بــن العوامــل األساســية وراء عــدم تحقيــق‬
‫اإلنجــازات ألهدافهــا وجعلهــا تســاهم يف تغيــر واقــع الفســاد يف املغــرب‪ ،‬ســيطرة اإلجـراءات الترشيعيــة دون‬
‫املواكبــة الكافيــة لتنزيلهــا الناجــع وجعلهــا فعليــة وفعالــة‪.‬‬

‫‪19‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫ولتجــاوز النواقــص املرصــودة وتحســن النجاعــة والفعاليــة يف تنفيــذ مختلــف برامــج االس ـراتيجية الوطنيــة‬
‫ملكافحــة الفســاد‪ ،‬قامــت الهيئــة بتحليــل دقيــق ألهــم املشــاريع التــي تعتــر ذات أولويــة وقدمــت بخصوصهــا‬
‫توصيــات لتعزيــز مــا تــم إنجــازه أو إعــادة توجيههــا‪ ،‬كــا اقرتحــت الهيئــة إضفــاء الطابــع املؤسســايت عــى‬
‫تنســيق الربامــج‪ ،‬مــن خــال وضــع إطــار مؤسســايت للتعــاون والتشــاور والتكامــل بــن الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة‬
‫والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا والحكومــة وكــذا مختلــف املؤسســات واملتدخلــن اآلخريــن يف االسـراتيجيات‬
‫الوطنيــة والسياســات العموميــة‪ ،‬ومراجعــة مرســوم اللجنــة الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬مبــا يتوافــق مــع‬
‫املقتضيــات الدســتورية الخاصــة بالهيئــة وتلــك املتضمنــة يف القانــون ‪ ،46.19‬مــع إدراج ســطر خــاص مبكافحــة‬
‫الفســاد يف ميزانيــة اإلدارات‪ ،‬وتحديــد املواعيــد النهائيــة للتنفيــذ‪ ،‬واألشــخاص الفاعلــن املحتملــن لــكل مرشوع‪.‬‬
‫وإلغنــاء برامــج االسـراتيجية وتدقيقهــا‪ ،‬أوصــت الهيئــة بإعــداد أو تحيــن الدراســات املتعلقــة بخرائطيــة مخاطر‬
‫الفســاد يف اإلدارات العموميــة‪ ،‬وخاصــة الحساســة منهــا‪ ،‬وبالرتكيــز عــى اإلج ـراءات واملشــاريع ذات األولويــة‬
‫واألثــر القــوي عــى املواطنــن والفاعلــن االقتصاديــن‪ ،‬كــا حثــت عــى ترســيخ مقاربــة التدبــر الحديــث املبنــي‬
‫عــى النتائــج يف مكافحــة الفســاد‪ ،‬وتعزيــز مناهــج التقييــم وتوســيع مجالــه ليشــمل‪ ،‬باإلضافــة إىل الفعاليــة يف‬
‫التنفيــذ‪ ،‬األبعــاد األخــرى كالوجاهــة واالنســجام وقيــاس األثــر‪ .‬ودعــت أيضــا إىل رضورة مواكبــة هــذه الديناميــة‬
‫بخطــة للتواصــل حــول املشــاريع واإلنجــازات‪ ،‬مــع الحــرص عــى مصداقيــة هــذا التواصــل وســد الفجــوات بــن‬
‫الخطــاب والواقــع امللمــوس لــدى ســائر املعنيــن‪.‬‬
‫وبشــكل عــام‪ ،‬تقــرح الهيئــة تطويــر منظومــة تقييــم االســراتيجية يف اتجــاه بنــاء األســس األوىل للتحليــل‬
‫وقاعــدة لتقييــم الوقــع‪ ،‬ســواء عــى املســتوى املنهجــي أو عــى املســتوى التطبيقــي وفقــا للمعطيــات املتاحــة‪،‬‬
‫وذلــك مــن أجــل تطويــر ومتابعــة عــدد مــن املــؤرشات حــول وقــع االس ـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪،‬‬
‫بصفــة عامــة وبرامجهــا ومشــاريعها املختلفــة بكيفيــة أكــر اســتهدافا‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬خارطة طريق اللجنة الوطنية لتحسني مناخ األعامل ‪:2026-2023‬‬
‫يف إطــار انفتــاح اللجنــة الوطنيــة ملنــاخ األعــال عــى مقرتحــات املؤسســات الوطنيــة املعنيــة بهــدف إث ـراء‬
‫مــروع خارطــة الطريــق‪ ،‬تــم التفاعــل إيجابيــا مــع تأكيــد الهيئــة عــى العالقــة الوطيــدة بــن منــاخ األعــال‬
‫وجــودة الحكامــة والبيئــة املؤسســية للبلــد ومــا تتطلبــه هــذه العالقــة مــن مجهــودات لتبســيط اإلج ـراءات‬
‫ورفــع الحواجــز التــي تعــرض ســبيل املســتثمرين ورجــال األعــال يف تنميــة أعاملهــم‪ ،‬مــا يحــول دون تزايــد‬
‫وتنويــع االســتثامر واملســتثمرين‪.‬‬
‫كــا تفاعلــت اللجنــة الوطنيــة ملنــاخ األعــال مــع مقــرح الهيئــة بتعزيــز هــذه االســراتيجية مــن خــال‬
‫إضافــة ركيــزة رابعــة عرضانيــة تتعلــق بـــ «األخــاق والنزاهــة والوقايــة من الفســاد»‪ ،‬إىل جانــب املحــاور الثالثة‬
‫األساســية لهــذه االس ـراتيجية واملتمثلــة يف تحســن الظــروف الهيكليــة لعمليــة االســتثامر وريــادة األعــال‪،‬‬
‫ودعــم التنافســية الوطنيــة‪ ،‬وتطويــر بيئــة مواتيــة لريــادة األعــال واالبتــكار‪.‬‬
‫واقرتحــت الهيئــة‪ ،‬يف إطــار هــذه الركيــزة الرابعــة‪ ،‬برنامــج عمــل يتضمــن مجموعــة مــن العمليــات واإلجـراءات‬
‫التــي تتمحــور حــول التوجــه نحــو املالءمــة مــع مبــادئ ومعايــر النزاهــة والوقايــة مــن الفســاد (‪،ISO 37001‬‬
‫توجيهــات منظمــة التعــاون والتنميــة االقتصاديــة)‪ ،‬وحــول توعيــة ودعــم الفاعلــن يف القطاعــن العــام والخاص‪،‬‬
‫وحــول تحديــد طــرق الطعــن والتبليــغ وإثــارة االنتبــاه‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪20‬‬


‫املحــور الثالــث‪ :‬الحكامــة املؤسســاتية للهيئــة والــروع يف تفعيــل االشــتغال وإنتــاج‬
‫القـرار الجامعــي ألجهزتهــا‬
‫بعــد التذكــر باالختيــار الــذي اعتمــده القانــون رقــم ‪ 46.19‬لتدبــر الهيئــة يف إطــار حكامــة مؤسســاتية تتــوزع‬
‫فيهــا األدوار بشــكل مضبــوط بــن أجهزتهــا الرئيســية املتمثلــة يف مجلــس الهيئــة والرئاســة مبســاعدة األمانــة‬
‫العامــة واللجــان الدامئــة أو املؤقتــة‪ ،‬وبعــد اســتعراض مســار التعيــن وأداء اليمــن القانونيــة مــن ِقبــل األعضــاء‪،‬‬
‫توجــه التقريــر نحــو اســتظهار ضوابــط الحكامــة املؤسســاتية للهيئــة‪ ،‬ورصــد املحطــات التأسيســية ألجهــزة‬
‫الهيئــة‪ ،‬قبــل اإلحاطــة بالحصيلــة العمليــة ألجهزتهــا‪.‬‬
‫أوال‪ -‬ضوابط الحكامة املؤسساتية للهيئة‪:‬‬
‫أكــد التقريــر عــى أن القانــون رقــم ‪ 46.19‬اعتمــد تنظيــا مؤسســاتيا محكــا يضمــن النجاعــة والفعاليــة‬
‫واملرشوعيــة يف اتخــاذ الق ـرار؛ مبــا يتجــاوب مــع مبــدأ تحصــن اســتقاللية الهيئــة‪ ،‬ويجســد متطلبــات التجــرد‬
‫والحيــاد يف اتخــاذ قراراتهــا‪ ،‬ومبــا يراعــي خصوصيــة صالحياتهــا يف املكافحــة ومــا تســتلزمه مــن تفاعــل آين‬
‫ومســتمر لضــان اتخــاذ القـرار بخصــوص هــذه الصالحيــات بالنجاعــة والراهنيــة املطلوبــة‪ ،‬وذلــك يف إطــار مــن‬
‫التــداول الضامــن للحيــاد واملوضوعيــة‪.‬‬
‫عــى هــذا األســاس‪ ،‬ضبــط القانــون املذكــور الحكامــة املؤسســاتية للهيئــة عــى أســاس مبــادئ املســؤولية‬
‫والفصــل بــن مهــام التوجيــه واملصادقــة واملراقبــة مــن جهــة‪ ،‬ومهــام التنفيــذ والتدبــر واإلنجــاز مــن جهــة‬
‫ثانيــة؛ حيــث يضطلــع مجلــس الهيئــة املكــون مــن الرئيــس واألعضــاء اإلثنــي عــر (‪ ،)12‬بصالحيــات واســعة‬
‫تشــمل التوجيــه والتــداول والدراســة واملصادقــة وإبــداء الــرأي والتتبــع‪ .‬وعــاوة عــى مهــام الرئاســة املتعــارف‬
‫عليهــا‪ ،‬خاصــة مــا يتعلــق منهــا بالســهر عــى تدبــر شــؤون املؤسســة وحســن ســر عملهــا‪ ،‬والحديــث الرســمي‬
‫باســمها‪ ،‬يتــوىل رئيــس الهيئــة‪ ،‬مهــام بلــورة وتقديــم املشــاريع للمجلــس قصــد املصادقــة‪ ،‬وتنســيق عمــل‬
‫أجهــزة الهيئــة واإلرشاف وتتبــع عمــل جهــاز املأموريــن؛ وتضطلــع اللجنــة التنفيذيــة املكونــة مــن الرئيــس‬
‫والنــواب الثالثــة الذيــن يعينهــم املجلــس مــن بــن أعضائــه‪ ،‬باتخــاذ قـرار التصــدي التلقــايئ لحــاالت الفســاد‪،‬‬
‫وبدراســة ملفــات القضايــا املتعلقــة بحــاالت الفســاد واتخــاذ القـرارات املتعلقــة بهــا باســم املجلــس‪ ،‬باإلضافــة‬
‫إىل دراســة واتخــاذ الق ـرار بخصــوص القضايــا التــي يعرضهــا عليهــا الرئيــس؛ كــا تتكلــف اللجــان الدامئــة أو‬
‫ـس الهيئــة‪ ،‬بدراســة واق ـراح التوجهــات ومواكبــة تطويــر العمــل‬ ‫املؤقتــة التــي ميكــن أن يحدثهــا لديــه مجلـ ُ‬
‫بخصــوص املواضيــع املوكولــة لهــا مــن طــرف املجلــس ؛ ويتــوىل األمــن العــام للهيئــة اإلرشاف‪ ،‬تحــت ســلطة‬
‫الرئيــس‪ ،‬عــى الهيــاكل اإلداريــة للهيئــة‪ ،‬ومســاعدة الرئيــس يف االضطــاع مبهامــه‪.‬‬
‫ووقــف التقريــر عنــد املقتضيــات التــي اعتمدهــا النظــام الداخــي لتنزيــل أحــكام القانــون ذات الصلــة‪ ،‬مؤكــدا‬
‫عــى انضبــاط هــذه املقتضيــات‪ ،‬بشــكل خــاص‪ ،‬ملطلــب املــزج الدقيــق بــن متطلبــات املشــاركة الفعالــة لــكل‬
‫املكونــات‪ ،‬مــن جهــة‪ ،‬ومســتلزمات التناســق والتكامــل فيــا بينهــا‪ ،‬مــن جهــة ثانيــة؛ مبــا يُوفــر الدعامــات‬
‫الالزمــة إلذكاء ديناميــة االضطــاع التــداويل باملهــام املنوطــة بالهيئــة يف اتجــاه تحقيــق أهدافهــا االس ـراتيجية‪،‬‬
‫مــع تحصــن مزاولــة أجهزتهــا لهــذه املهــام بضوابــط الحكامــة املؤسســاتية القامئــة عــى املســؤولية وااللت ـزام‬
‫والتكامــل والتعــاون يف ظــل صــون املجــاالت املحفوظــة لــكل جهــاز‪.‬‬

‫‪21‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫ثانيا‪ -‬املحطات التأسيسية ألجهزة الهيئة‪:‬‬
‫اســتعرض التقريــر بهــذا الخصــوص املحطــة املتعلقــة بتعيــن األعضــاء وأدائهــم اليمــن القانونيــة مبحكمــة‬
‫النقــض يــوم فاتــح نونــر ‪ 2023‬وعقــد االجتــاع األول يف نفــس اليــوم؛ حيــث تــم تنصيــب املجلــس وتنظيــم‬
‫نــدوة صحفيــة يف أعقابــه‪ .‬وتطــرق التقريــر أيضــا إىل املحطــة الثانيــة املتعلقــة بتعيــن النــواب الثالثــة للرئيــس‬
‫(اللجنــة التنفيذيــة) خــال االجتــاع الثالــث املنعقــد يــوم ‪ 16‬دجنــر‪ ،‬وذلــك مبــارشة بعــد املصادقــة عــى النظام‬
‫الداخــي للهيئــة‪ .‬كــا تطــرق التقريــر إىل املحطــة الثالثــة املتعلقــة بإحــداث اللجــان الدامئــة‪ ،‬تفعيــا لصالحيــات‬
‫مجلــس الهيئــة يف إحــداث أي لجنــة دامئــة أو مؤقتــة لديــه مــن أجــل مســاعدته عــى القيــام مبهامــه؛ حيــث تــم‬
‫إحــداث خمــس لجــان دامئــة تشــتغل عــى املجــاالت ذات االرتبــاط مبهــام واختصاصــات الهيئــة‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬الحصيلة العملية ألجهزة الهيئة خالل سنة ‪:2022‬‬
‫رصــد التقريــر يف هــذا اإلطــار اضطــاع مجلــس الهيئــة‪ ،‬خــال مــدة شــهرين مــن ســنة ‪ ،2022‬بإرســاء الثوابــت‬
‫التأسيســية لعمــل الهيئــة‪ ،‬واملتمثلــة يف إق ـرار اإلطــار الهيــكيل والتنظيمــي للهيئــة‪ ،‬باعتــاد هيكلــة تنظيميــة‬
‫للهيئــة تتمحــور حــول ســتة أقطــاب متعلقــة باملهــام الوظيفيــة للهيئــة وثالثــة أقطــاب أفقيــة داعمــة لهــا ؛‬
‫ومناقشــة مــروع ميزانيــة الهيئــة برســم ســنة ‪ 2023‬واملصادقــة عليــه ؛ ودراســة مــروع النظــام الداخــي‬
‫للهيئــة واملصادقــة عليــه بعــد مناقشــة مســتفيضة للمــروع التــي تــم إعــداده وتقدميــه مــن طــرف الرئيــس‬
‫خــال الدورتــن الثانيــة والثالثــة للمجلــس ؛ واملصادقــة عــى مــروع النظــام األســايس للمــوارد البرشيــة للهيئــة‬
‫الــذي تــم إعــداده مــن طــرف الرئيــس بتنســيق مــع الســلطة الحكوميــة املكلفــة باملاليــة‪ ،‬وذلــك بعــد دراســته‬
‫بشــكل مســتفيض وفتــح النقــاش حولــه انطالقــا مــن العــروض واملداخــات التــي قُدمــت يف شــأنه ؛ كــا متــت‬
‫املصادقــة عــى مــروع االتفاقيــة التــي تــم بعــد ذلــك التوقيــع عليهــا مــع وزارة الشــؤون الخارجيــة والتعــاون‬
‫اإلفريقــي واملغاربــة املقيمــن بالخــارج‪ ،‬ضامنــا لتدقيــق نطــاق التشــاور والتنســيق مــع الســلطة الحكوميــة‬
‫املختصــة فيــا يتعلــق مبهــام واختصاصــات الهيئــة ذات البعــد الــدويل‪.‬‬
‫وبالنســبة لحصيلــة اللجنــة التنفيذيــة املكونــة مــن الرئيــس ونوابــه‪ ،‬أكــد التقريــر عــى أنــه رغــم ِقــر املــدة‬
‫الفاصلــة بــن تعيينهــا يــوم ‪ 16‬دجنــر ‪ 2022‬إىل غايــة نهايــة نفــس العــام‪ ،‬متكَّنــت اللجنــة مــن إرســاء اآلليــات‬
‫األساســية لعملهــا‪ ،‬واملتمثلــة يف تحديــد مهامهــا ذات األولويــة‪ ،‬وســبل تنســيقها مــع اللجــان املوضوعاتيــة‬
‫الدامئــة ومــع البنيــات اإلداريــة للهيئــة‪ .‬وبالنســبة لصالحيتهــا يف دراســة ملفــات الشــكايات والتبليغــات واتخــاذ‬
‫الق ـرار املناســب يف شــأنها‪ ،‬مل تتوصــل هــذه اللجنــة‪ ،‬بالنظــر للفــرة الزمنيــة الضيقــة جــدا النطــاق أشــغالها‬
‫خــال ســنة ‪ ،2022‬ســوى مبــا يناهــز عرشيــن ملفــا أغلبهــا ال ينــدرج ضمــن اختصاصــات الهيئــة أو يتعلــق‬
‫بقضايــا معروضــة عــى القضــاء أو صــدرت يف شــأنها أحــكام قضائيــة‪.‬‬
‫وبالنســبة لحصيلــة اللجــان املوضوعاتيــة الدامئــة‪ ،‬أكــد التقريــر عــى أن عملهــا متيــز خــال ســنة ‪ 2022‬بتنظيــم‬
‫وتحديــد آليــات وطــرق تدبــر عالقتهــا مــع الهيــاكل اإلداريــة للهيئــة‪ ،‬ومــع اللجنــة التنفيذيــة؛ حيــث انصــب‬
‫عملهــا‪ ،‬يف ظــل هــذا التكامــل‪ ،‬عــى مناقشــة مجموعــة مــن املواضيــع شــملت عــى الخصــوص البوابــة الوطنيــة‬
‫للنزاهــة‪ ،‬واليقظــة االسـراتيجية‪ ،‬وتقييــم االسـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬والجوانــب املرتبطــة بالرتبيــة‬
‫والتكويــن والتفاعــل مــع املواطنــن‪ ،‬ورأي الهيئــة بخصــوص مــروع قانــون املســطرة الجنائيــة‪ ،‬ورأيهــا بشــأن‬
‫منظومــة الترصيــح اإلجبــاري باملمتلــكات‪ ،‬ومنظومــة تأطــر ومعالجــة تنــازع املصالــح‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪22‬‬


‫ومل يفــت التقريــر أن يؤكــد يف األخــر عــى أن تنزيــل الحكامــة املؤسســاتية للهيئــة قــد تــم وفــق املقاصــد التــي‬
‫توخاهــا القانــون رقــم ‪ 46.19‬والهادفــة إىل تحصــن املقومــات الناظمــة لحكامــة التدبــر بــن مختلــف أجهــزة‬
‫الهيئــة‪ ،‬وصــوال إىل تفعيــل القـرار الجامعــي ألجهزتهــا وفــق متطلبــات التكامــل واالنســجام واالنخـراط الــوازن‬
‫واملســؤول لــكل مكونــات الهيئــة‪.‬‬
‫املحور الرابع‪ :‬األنشطة الوظيفية للهيئة والنهوض بقدرات الدعم‬
‫يف إطــار اســتكامل األوراش املهيكلــة الكفيلــة بتدعيــم قدراتهــا الذاتيــة وتهيــيء الــروط املوضوعيــة إلذكاء‬
‫الديناميــة املطلوبــة يف صالحياتهــا‪ ،‬بــادرت الهيئــة خــال ســنة ‪ 2022‬بإرســاء وتقويــة آليــات اشــتغالها وركائــز‬
‫عملهــا ذات الطبيعــة االس ـراتيجية والتنظيميــة والوظيفيــة؛ حيــث وجهــت جهو َدهــا نحــو مــا يــي‪:‬‬
‫أوال‪ -‬تنزيل اسرتاتيجية عمل الهيئة وبلورة خطتها‪:‬‬
‫اعتــادا عــى التوجهــات االس ـراتيجية لسياســة الدولــة يف مجــال الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪ ،‬وأخــذا‬
‫باملهــام التــي تضطلــع بهــا الهيئــة واألدوار املحوريــة املطالَبــة باالضطــاع بهــا‪ ،‬اشــتغلت الهيئــة عــى التأطــر‬
‫االسـراتيجي لعملهــا الــذي يرتكــز عــى ســتة محــاور مرتابطــة‪ ،‬تهــم تعميــق املعرفــة بظاهــرة الفســاد‪ ،‬واليقظــة‬
‫القانونيــة‪ ،‬واقـراح التوجهــات االسـراتيجية وتتبــع سياســة الدولــة يف مجــال الوقايــة ومكافحــة الفســاد‪ ،‬والرتبية‬
‫والتكويــن والتعبئــة‪ ،‬والرصــد والكشــف والتحــري عــن أفعــال الفســاد‪ ،‬والـراكات والتعــاون عــى املســتويني‬
‫الوطنــي والــدويل‪ .‬كــا دعمــت الهيئــة هــذه املحــاور الســتة مبحوريــن عرضانيــن يتعلقــان بنظــم املعلومــات‬
‫واالبتــكار والبحــث والتطويــر‪ ،‬وبالتنظيــم والتنفيــذ وبنــاء القــدرات‪.‬‬
‫وقــد رصــدت الهيئــة ‪ 36‬هدفــا إجرائيــا‪ ،‬موزعــة عــى املحــاور الثامنيــة‪ ،‬مــع تحديــد املشــاريع والربامــج الكفيلــة‬
‫بتحقيــق هــذه األهــداف‪ ،‬وربــط املشــاريع باألهــداف‪ ،‬وتدقيــق وتخطيــط النتائــج املُنتَظــرة‪ ،‬واملــوارد املعبــأة‪،‬‬
‫واإلج ـراءات املفصلــة‪ ،‬وفــق برنامــج زمنــي محــدد؛ حيــث أســفرت هــذه املقاربــة عــن متكــن الهيئــة مــن‬
‫التوفــر عــى خطــة عمــل مندمجــة ومتكاملــة‪ ،‬توفــر وضــوح الرؤيــة عــى املــدى املتوســط (‪ )2025 - 2023‬مــع‬
‫ضــان تخطيــط تفصيــي لعــام ‪.2023‬‬
‫ثانيا‪ -‬مبادرات لتنزيل الرشاكة والتعاون عىل املستوى الوطني واإلقليمي والدويل‪:‬‬
‫رصــد التقريــر يف هــذا اإلطــار مواصلــة الهيئــة خــال ســنة ‪ 2022‬متتــن عالقاتهــا مــع الهيئــات واملنظــات الدولية‬
‫ـتحضة التنــوع املؤســي والخصوصيــة القطاعية التي تســتوعب يف هــذا املجال الحيــوي ذي الطبيعة‬ ‫املعنيــة‪ ،‬مسـ ِ‬
‫العرضانيــة‪ ،‬اإلدارات وأجهــزة املراقبــة والقطــاع الخــاص واملجتمــع املدين واملؤسســات الدوليــة املعنية‪.‬‬
‫وفــق هــذا التوجــه‪ ،‬عملــت الهيئــة عــى تنزيــل هــذا التعــاون املؤسســايت يف مجموعــة مــن املبــادرات التــي‬
‫انصبــت عــى تعزيــز التعــاون مــع القطــاع الخــاص‪ ،‬مــن خــال مواصلــة تفعيــل مقتضيــات اتفاقيــة التعــاون‬
‫مــع الفاعلــن يف القطــاع املــايل‪ ،‬والتعــاون مــع نــادي املقــاوالت «الحاصلــة عــى شــهادة ‪ .»ISO 37001‬كــا‬
‫نظمــت الهيئــة‪ ،‬يف نفــس اإلطــار‪ ،‬ورشــة عمــل حــول أثــر الفســاد عــى تنميــة القطــاع الخــاص يف املغــرب‪.‬‬
‫وباإلضافــة إىل التعــاون مــع القطــاع الخــاص‪ ،‬عملــت الهيئــة خالل ســنة ‪ 2022‬عىل تثبيــت االنخـراط يف الدينامية‬
‫األمميــة واإلقليميــة يف مجــال الوقايــة مــن الفســاد ومحاربتــه‪ ،‬وذلــك يف إطــار مشــاركتها يف أشــغال اجتامعــات‬

‫‪23‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫فريــق اســتعراض تنفيــذ اتفاقيــة األمــم املتحــدة ملكافحــة الفســاد بخصــوص اســتعراض تنفيــذ دولــة ليبيــا‪،‬‬
‫ودولــة ســنغافورة‪ ،‬باإلضافــة إىل مشــاركتها يف أشــغال الــدورة األوىل لفريــق اســتعراض تنفيــذ االتفاقيــة العربيــة‬
‫ملكافحــة الفســاد‪ ،‬والــذي تــم عــى إثــره تحديــد الــدول املســتعرِضة واملســتع َرضة برســم ســنتي ‪ 2023‬و‪.2024‬‬
‫ويف إطــار متتــن عالقــات التعــاون والرشاكــة مــع املنظــات واملبــادرات الدوليــة ذات الصلــة مبجــال الوقايــة مــن‬
‫الفســاد ومكافحتــه‪ ،‬واصلــت الهيئــة التعــاون مــع منظمــة التعــاون والتنميــة االقتصاديــة‪ ،‬كــا ترأســت الوفــد‬
‫املشــارك يف االجتــاع الــوزاري األول ألجهــزة إنفــاذ قانــون مكافحــة الفســاد يف الــدول األعضــاء مبنظمــة التعــاون‬
‫اإلســامي‪ ،‬والــذي متيــز باعتــاد مــروع القـرار املتعلــق بإقـرار «اتفاقيــة مكــة املكرمــة للتعــاون بــن ســلطات‬
‫إنفــاذ القانــون و مكافحــة الفســاد يف دول منظمــة التعــاون اإلســامي»‪.‬‬
‫وتجاوبــا مــع دعــوة الهيئــة لالنفتــاح عــى اتفاقيتــي مجلــس أوروبــا املدنيــة والجنائيــة‪ ،‬بــدأت الســلطات‬
‫العموميــة مســار اإلعــداد للمصادقــة عــى هاتــن االتفاقيتــن‪ ،‬مبــا ميهــد الطريــق أمامــه لالنضــام إىل مجموعــة‬
‫الــدول ضــد الفســاد ‪ .GRECO‬كــا أعيــد انتخــاب الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‬
‫كعضــو يف اللجنــة التنفيذيــة للشــبكة الدوليــة لهيئــات مكافحــة الفســاد (‪ ،)IAACA‬ومتــت إعــادة انتخــاب‬
‫املغــرب يف شــخص رئيــس الهيئــة نائبــا لرئيــس شــبكة ســلطات الوقايــة مــن الفســاد املنبثقــة عــن مجلــس‬
‫أوروبــا (‪ .)NCPA‬وكانــت مســاهمة الهيئــة نشــطة يف إطــار عضويتهــا يف شــبكة مبــادرة الريــاض العامليــة‬
‫لســلطات إنفــاذ القانــون املعنيــة مبكافحــة الفســاد (‪.)GLOBE‬‬
‫وتعزي ـزا لحضورهــا يف املنتظــم الــدويل‪ ،‬شــاركت الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‪،‬‬
‫يف أشــغال النســخة العرشيــن مــن املؤمتــر املنظــم مــن طــرف منظمــة «الشــفافية الدوليــة» يف واشــنطن‪.‬‬
‫كــا اســتفادت مــن دورات وورشــات تكوينيــة يف إطــار الربنامــج املشــرك بــن االتحــاد األورويب ومجلــس‬
‫أوروبــا ومكتــب األمــم املتحــدة املعنــي باملخــدرات والجرميــة‪ ،‬وكــذا الربنامــج املنظــم مــن طــرف مركــز جنيــف‬
‫للدميوقراطيــة والحكامــة األمنيــة‪.‬‬
‫ويف إطــار التعــاون جنوب‪/‬جنــوب‪ ،‬نُظــم‪ ،‬تحــت الرعايــة الســامية لصاحــب الجاللــة امللــك محمــد الســادس‪،‬‬
‫بتعــاون بــن الهيئــة والجمعيــة الفرنســية أوقفــوا الفســاد «‪ ،»#Stop Corruption‬وبرشاكــة مع جامعــة الرباط‬
‫الدوليــة‪ ،‬مؤمتــر دويل حــول الحكامــة الرشــيدة ودورهــا يف التنميــة واالســتجابة لتطلعــات الشــباب بإفريقيــا‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬تهييء أسس إطالق اسرتاتيجية الهيئة يف مجال التواصل‪:‬‬
‫تفاعــا مــع املهــام املنوطــة بالهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‪ ،‬تــم إعــداد التوجهــات‬
‫العامــة الســراتيجية التواصــل؛ حيــث عرفــت ســنة‪ ،2022‬وضــع واعتــاد ميثــاق «الجرافيــك» ‪Charte‬‬
‫‪ ،Graphique‬الــذي يلعــب دو ًرا مركزيًــا يف إنشــاء الهويــة البرصيــة ‪ identité visuelle‬للهيئــة وتصميــم رمــز‬
‫هويتهــا ‪ .Logo‬كــا تــم اســتكامل املــروع املفتــوح حــول قيــم الهيئــة الــذي خلــص إىل االحتفــاظ بســت‬
‫(‪ )6‬قيــم منهــا تنــدرج ضمــن رؤيــة متكاملــة‪ ،‬وتشــمل ســيادة القانــون‪ ،‬واالح ـرام‪ ،‬واالنفتــاح عــى املحيــط‪،‬‬
‫واالبتــكار‪ ،‬والشــفافية‪ ،‬واألخالقيــات‪.‬‬
‫ومتيــزت ســنة ‪ 2022‬بإطــاق االستشــارات لــدى الــوكاالت املتخصصــة يف التواصــل الرقمــي بهــدف تدعيــم‬
‫اســراتيجية الهيئــة يف مجــال التواصــل وتهيــيء املحطــات األوىل إلطالقهــا؛ مبــا يتيــح لهــا تثبيــت حضورهــا‬
‫وانفتاحهــا وتفاعلهــا مــع مجتمــع مســتخدمي األنرتنيــت‪ ،‬ويوفــر لهــا قاعــدة لالضطــاع مبهامهــا يف التواصــل‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪24‬‬


‫والتوعيــة والتعبئــة ونــر قيــم النزاهــة والحكامــة املســؤولة‪ ،‬فضــا عــن أهميــة هــذا الحضــور يف توفــر قاعــدة‬
‫مهمــة لتطويــر االنضــام وإرشاك الفئــات املســتهدفة يف املواضيــع واملحتويــات املقدمــة مــن طــرف الهيئــة‪.‬‬
‫مــن جهــة أخــرى‪ ،‬وضعــت الهيئــة مــروع إعــادة تصميــم املوقــع اإللكــروين للمؤسســة مبــا يتجــاوب مــع‬
‫متطلبــات تنفيــذ ميثــاق الجرافيــك الجديــد للهيئــة؛ حيــث متــت إضافــة وظائــف جديــدة لبوابــة الهيئــة‪،‬‬
‫خاصــة مــا يتعلــق بدمــج الرابــط مــع منصــة التبليــغ عــن الفســاد‪ ،‬وخلــق روابــط مــع شــبكات التواصــل‬
‫االجتامعــي‪ ،‬وإحــداث رابــط خــاص بالنــر االســتباقي‪ ،‬مــع تعزيــز املوقــع بجميــع منشــورات وإصــدارات‬
‫وإنتاجــات الهيئــة‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬تحيني اسرتاتيجية التحول الرقمي للهيئة‪:‬‬
‫يف إطــار اس ـراتيجيتها الرقميــة للفــرة ‪ ،2025-2023‬متــت إعــادة بلــورة اس ـراتيجية التحــول الرقمــي للهيئــة‬
‫حــول ســبعة محــاور متكاملــة‪ ،‬تشــمل إرســاء نظــم املعلومــات املتعلقــة باملهــن األساســية للهيئــة‪ ،‬ووضــع نظــم‬
‫املعلومــات الالزمــة لتحقيــق التحــول الرقمــي الداخــي للهيئــة‪ ،‬وتعزيــز وســائل التواصــل والتواجــد الرقمــي‪،‬‬
‫والنهــوض بالبنيــة التحتيــة الرقميــة‪ ،‬وتعزيــز األمــن الرقمــي‪ ،‬والنهــوض باملــوارد والقــدرات الرقميــة‪.‬‬
‫ويف إطــار اس ـراتيجية التحــول الرقمــي‪ ،‬اشــركت الهيئــة يف برنامــج يقظــة رصديــة خــاص بشــبكات التواصــل‬
‫االجتامعــي والويــب وقامــت بتكييفــه انطالقــا مــن خصوصيــات الهيئــة وحاجياتهــا‪ .‬كــا عملــت عــى وضــع‬
‫نظــام لتلقــي الشــكايات والتبليغــات واملعلومــات املتعلقــة بأفعــال الفســاد بالرشاكــة مــع وكالــة التنميــة‬
‫الرقميــة‪ ،‬عــى أســاس دفــر التحمــات الخــاص بهــذا النظــام‪.‬‬
‫خامسا‪ -‬النهوض بقدرات الدعم لدى الهيئة‪:‬‬
‫يف إطــار اســتكامل آليــات اشــتغالها الوظيفيــة‪ ،‬والنهــوض بقدراتهــا التنظيميــة‪ ،‬واصلــت الهيئــة خــال ســنة‬
‫‪ 2022‬تعزيــز مواردهــا البرشيــة‪ ،‬وعقلنــة تدبريهــا املــايل واإلداري؛ حيــث اســتكملت‪ ،‬بتنســيق مــع الــوزارة‬
‫املنتدبــة لــدى وزارة االقتصــاد واملاليــة املكلفــة بامليزانيــة‪ ،‬مــروع النظــام األســايس الخــاص باملــوارد البرشيــة‬
‫العاملــة بالهيئــة قبــل عرضــه عــى مصادقــة مجلــس الهيئــة‪ ،‬وعملــت عــى اســتقدام الكفــاءات املؤهلــة عــر‬
‫مســطرة اإللحــاق‪ ،‬وانخرطــت يف عمليــة توظيــف واســعة عــى أســاس املناصــب املاليــة املخصصــة لســنة ‪،2023‬‬
‫وســهرت عــى وضــع اآلليــات الضامنــة للنقــل الســلس واملحافــظ عــى االســتمرارية‪ ،‬للمناصــب املاليــة للمــوارد‬
‫البرشيــة العاملــة بالهيئــة املركزيــة للوقايــة مــن الرشــوة إىل الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة‬
‫ومحاربتهــا‪ ،‬اعتــادا عــى طلبــات اإلدمــاج املقدمــة مــن طــرف املعنيــن باألمــر‪.‬‬
‫وبالنســبة للتدبــر املــايل وامليزانيــايت للهيئــة‪ ،‬بلــغ مجمــوع ميزانيــة الهيئــة لســنة ‪ 2022‬مــا قــدره ‪ 70‬مليــون‬
‫درهــم‪ ،‬موزعــة عــى اعتــادات املعــدات والنفقــات املختلفــة مببلــغ ‪ 45‬مليــون درهــم‪ ،‬واعتــادات االســتثامر‬
‫مببلــغ ‪ 25‬مليــون درهــم‪ .‬وبلــغ الحجــم اإلجــايل للنفقــات امللتــزم بهــا خــال ‪ 2022‬مــا مجموعــه ‪17 284 919,13‬‬
‫درهــا‪ ،‬علــا بــأن ميزانيــة ‪ 2022‬تــم إعدادهــا عــى خلفيــة دخــول قانونهــا حيــز النفــاذ والتفعيــل يف أوائــل‬
‫الســنة املذكــورة‪ ،‬األمــر الــذي كان مفروضــا أن تصاحبــه مجهــودات لتعزيــز القــدرات‪ ،‬مبــا ميكــن مــن ترسيــع‬
‫وتــرة املشــاريع‪ ،‬ال ســيام مشــاريع االســتثامر‪ .‬الــيء الــذي مل يتحقــق إال يف أواخــر الســنة وحــال دون متكــن‬
‫الهيئــة مــن جميــع املؤهــات لتنفيــذ مخططاتهــا كاملــة‪.‬‬

‫‪25‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫وبخصــوص مشــريات الهيئــة املســجلة برســم ‪ ،2022‬فقــد شــملت جميــع أنــواع الطلبيــات العموميــة مــن‬
‫صفقــات عموميــة‪ ،‬واتفاقيــات‪ ،‬وعقــود القانــون العــادي‪ ،‬وســندات الطلــب‪ .‬وقــد بلغــت القيمــة اإلجامليــة‬
‫لاللت ـزام بهــا مــا قــدره ‪ 2 439 865,13‬درهــم‪.‬‬
‫ويف هــذا اإلطــار‪ ،‬تــم خــال ســنة ‪ 2022‬إب ـرام ‪ 03‬صفقــات جديــدة‪ ،‬حــدد مبلــغ االلت ـزام بهــا يف ‪214 859,44‬‬
‫درهــا‪ .‬كــا شــكلت مبالــغ االتفاقيــات والعقــود ذات الطابــع اللوجســتييك حصــة ‪ 63%‬مــن مجمــوع النفقــات‬
‫املتعلقــة بالنفقــات املنجــزة عــن طريــق اتفاقيــات وعقــود القانــون العــادي‪ .‬وتــم‪ ،‬بخصــوص ســندات الطلــب‪،‬‬
‫إعــداد وإبـرام ‪ 20‬ســند طلــب مببلــغ كيل وصــل إىل ‪ 386 650,33‬درهــم برســم ‪ .2022‬وبلــغ الدعــم املــايل الســنوي‬
‫الــذي تــم رصفــه لفائــدة جمعيــة األعــال االجتامعيــة ملوظفــي الهيئــة ‪ 540‬ألــف درهــم ســنة ‪ ،2022‬للمنخرطني‪.‬‬
‫وبالنســبة لشســاعة النفقــات‪ ،‬شــكلت مصاريــف نقــل املوظفــن بالخــارج ‪ %76‬مــن مجمــوع النفقــات املــؤداة‬
‫عــن طريــق الشســاعة‪ ،‬متبوعــة مبصاريــف االســتقبال واالحتفــاالت الرســمية بحصــة ‪ ،%9‬بينــا شــكلت باقــي‬
‫النفقــات ‪.%15‬‬
‫املحــور الخامــس‪ :‬توصيــات ومقرتحــات الهيئــة‪ :‬مــن أجــل تجــاوب فاعــل يف إطــار‬
‫االلتقائيــة والتكامــل املؤســي‬
‫بعــد تذكريهــا باآلليــات املنهجيــة التــي تؤطــر صالحيتهــا يف تقديــم التوصيــات واملقرتحــات‪ ،‬والتــي تتوخــى منها‬
‫الهيئــة تثبيــت الضوابــط القانونيــة والعلميــة واإلجرائيــة لضــان التجــاوب الناجــع مــع مرشوعهــا االقرتاحــي‪،‬‬
‫اســتعرضت الهيئــة يف هــذا التقريــر‪:‬‬
‫أوال‪ -‬اإلطار العام للتوجهات االسرتاتيجية ‪:‬‬
‫الرؤيــة واملنطلقــات واألهــداف العامــة‪ :‬أكــدت الهيئــة عــى أن اإلطــار العــام للتوجهــات االس ـراتيجية جــاء‬
‫مؤسســا عــى ســت دعامــات تهــم (‪ )1‬الرتبيــة والتكويــن وتعزيــز قيــم النزاهــة والحوكمــة املســؤولة‪)2( ،‬‬
‫وإرســاء مقاربــة هادفــة للشــفافية وجــودة الخدمــات العموميــة‪ )3( ،‬والنهــوض بالرشاكــة بــن القطــاع العــام‬
‫والخــاص لتحســن منــاخ األعــال‪ )4( ،‬واعتــاد ترشيعــات مــن أجــل تجفيــف بــؤر الفســاد‪ )5( ،‬والعمــل عــى‬
‫إعــادة بنــاء الثقــة النخـراط واســع وتعبئــة مجتمعيــة ضــد الفســاد‪ )6( ،‬وخلــق بيئــة ضامنــة للــردع ومكافحــة‬
‫اإلفــات مــن العقــاب‪.‬‬
‫ون َّبهــت الهيئــة إىل أن األهــداف االسـراتيجية لهــذه التوجهــات والسياســات املنبثقــة عنهــا تُســهم يف تحقيقهــا‬
‫جميــ ُع السياســات العموميــة واإلجــراءات ذات الصلــة التــي تتخذهــا مختلــف الجهــات الفاعلــة‪ ،‬كــا أن‬
‫نجاحهــا يظــل رهينــا بتأطــره بــإرشاف مضبــوط ومتامســك‪ ،‬تضطلــع بــه الهيئــة مبقتــى مهامهــا يف اإلرشاف‬
‫األفقــي عــى الــورش الوطنــي للوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪ ،‬وتنســيقه مبــا يضمــن الفعاليــة والنجاعــة‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬تتبع مفعول التوصيات الواردة يف التقارير السنوية للهيئة‪:‬‬
‫أبــرزت الهيئــة أن مقرتحاتهــا وتوصياتهــا املضمنــة مبختلــف إصداراتهــا‪ ،‬تعكــس املنظــور الشــمويل واملندمــج‬
‫واملتكامــل ملرشوعهــا االقرتاحــي الــذي يتوخــى تأصيــل وتثبيــت الوقايــة والتوعيــة والتعبئــة واملكافحــة؛ يف أفــق‬
‫االنتقــال إىل مرحلــة تنزيــل هــذه التوصيــات يف إطــار الرشاكــة والتكامــل املؤسســايت الالزمــن لبلــوغ التغيــر‬
‫املســتهدف‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪26‬‬


‫وإذا كان التقريـران الســنويان للهيئــة برســم ســنة ‪ 2020‬و‪ 2021‬قــد وقفــا عــى شــبه انعــدام تجــاوب الجهــات‬
‫املعنيــة مــع مختلــف توصيــات الهيئــة‪ ،‬والــذي مل يتجــاوز نطــاق االســتجابة النســبية لتوصيــات الهيئــة املتعلقــة‬
‫مبراجعــة االســراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬وتفاعــل وزارة الشــؤون الخارجيــة والتعــاون اإلفريقــي‬
‫واملغاربــة املقيمــن بالخــارج مــع التوصيــة املتعلقــة بالتنســيق والتعــاون بخصــوص مهــام الهيئــة ذات البعــد‬
‫الــدويل‪ ،‬فــإن التقريــر الســنوي للهيئــة برســم ســنة ‪ 2022‬يعتــر أن ضعـ َـف التفاعــل اإليجــايب مــع توصيــات‬
‫الهيئــة ميكــن أن يــرر بخصوصيــة الفــرة االنتقاليــة التــي ســبقت دخــول القانــون رقــم ‪ 46.19‬حيــز التنفيــذ‪،‬‬
‫مؤكــدا‪ ،‬باملقابــل‪ ،‬عــى مطلــب توفــر الــروط املوضوعيــة لتــدارك هــذا األمــر بعــد دخــول القانــون املذكــور‬
‫حيــز النفــاذ؛ مبــا ســيمكن الهيئــة مــن االضطــاع بتفعيــل كامــل لآلليــات املتاحة لهــا‪ ،‬للتنســيق وضــان انخراط‬
‫ســائر املعنيــن وتجاوبهــم موضوعيــا مــع توصياتهــا ومقرتحاتهــا يف إطــار التعــاون والتكامل املؤســي‪ ،‬ومســجال‪،‬‬
‫بهــذا الخصــوص‪ ،‬انفتــاح الســيد رئيــس الحكومــة والتعبــر عــن اســتعداده لفتــح القنــوات املتاحــة للتفاعــل‬
‫مــع هــذه التوصيــات‪.‬‬
‫واقتناعــا منهــا براهنيــة توصياتهــا ومقرتحاتهــا املضمنــة بتقاريرهــا الســابقة‪ ،‬خصصــت الهيئــة فصــا للتذكــر‬
‫بخالصاتهــا التــي تتمحــور حــول‪:‬‬
‫‪ -‬توصيــات ذات بعــد اسـراتيجي تهــدف إىل تهيــئ املحيــط العــام ملكافحة الفســاد؛ وتســتوعب التوصيات‬
‫املقدمــة يف إطــار املســاهمة يف اإلعــداد لنمــوذج تنمــوي جديــد‪ ،‬وكــذا التوصيــات الهادفــة إىل إذكاء‬
‫ديناميــة جديــدة يف االس ـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد؛‬
‫‪ -‬توصيــات مــن أجــل مقاربــة هادفــة للشــفافية وجــودة الخدمــات العموميــة‪ ،‬وتنــدرج ضمنهــا مقرتحات‬
‫الهيئــة املقدمــة يف إطــار مواكبتهــا للقانــون مبثابــة ميثــاق املرافــق العموميــة‪ ،‬ومرســوم مبثابــة مدونــة‬
‫قيــم وأخالقيــات املوظــف بــاإلدارات العموميــة والجامعــات الرتابيــة واملؤسســات العموميــة‪ ،‬والقانــون‬
‫املتعلــق بتبســيط املســاطر اإلداريــة‪ .‬كــا تنــدرج ضمنهــا رؤيــة الهيئــة ومقرتحاتهــا املتعلقــة بالتحــول‬
‫الرقمــي ودوره يف تعزيــز الشــفافية ومكافحــة الفســاد؛‬
‫‪ -‬توصيــات ألجــل بنــاء الثقــة وضــان االنخ ـراط والتعبئــة الواســعة؛ وتتضمــن توصياتهــا لخلــق رشوط‬
‫تعزيــز االلت ـزام املواطــن وتثبيــت دوره يف الوقايــة ومكافحــة الفســاد‪ ،‬وتلــك املتعلقــة برصــد العالقــات‬
‫بــن الفســاد وحقــوق اإلنســان‪ ،‬وكــذا توصياتهــا الراميــة إىل دعــم التنزيــل األمثــل للقانــون رقــم ‪31-13‬‬
‫املتعلــق بالحــق يف الحصــول عــى املعلومــات‪ ،‬عــى أن يتــم تعزيــزه باإلصالحــات املقرتحــة؛‬
‫‪ -‬توصيــات مــن أجــل تجفيــف بــؤر الفســاد‪ ،‬وتشــمل مقرتحاتهــا املضمنــة يف التقريــر املوضوعــايت حــول‬
‫منظومــة الترصيــح باملمتلــكات ‪ ،‬وتوصياتهــا ذات الصلــة مبكافحــة اإلثـراء غــر املــروع‪ ،‬وتلــك املتعلقــة‬
‫بوضــع ترشيــع يؤطــر ويضبــط وضعيــات تنــازع املصالــح؛‬
‫‪ -‬توصيــات مــن أجــل خلــق بيئــة ضامنــة للــردع ومكافحــة اإلفــات مــن العقــاب‪ ،‬وتشــمل توصياتهــا‬
‫املتعلقــة بتعزيــز منظومــة التبليــغ عــن أفعــال الفســاد وحاميــة املبلغــن‪ ،‬وتوصياتهــا بتقويــة آليــات‬
‫اإلحالــة املؤسســية لجرائــم وأفعــال الفســاد‪ ،‬وتوصياتهــا بخصــوص املراجعــة القانونيــة للمســطرة الجنائية‪،‬‬
‫مبــا يتجــاوب مــع متطلبــات مكافحــة الفســاد‪.‬‬

‫‪27‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫ثالثــا‪ -‬توصيــات مــن أجــل تأصيــل التعــاون والتكامــل املؤســي يف مجــال الوقايــة مــن الفســاد‬
‫ومكافحتــه‪:‬‬
‫أكــد التقريــر بهــذا الخصــوص عــى أن العمــل التعــاوين والتنســيقي للهيئــة يرتكــز عــى أســس مرجعيــة ومبــادئ‬
‫ناظمــة تســتهدف تعبئــة وانخـراط مختلــف الســلطات واملؤسســات املعنيــة‪ ،‬اعتــادا عــى مبــدأ االنفتــاح عــى‬
‫جميــع الفاعلــن‪ ،‬وعــى التمييــز‪ ،‬بالنســبة آلليــات التعــاون والتنســيق املقرتحــة‪ ،‬بــن املهــام ذات الطابــع العرضاين‬
‫واألفقــي واملهــام ذات الطبيعــة القطاعيــة‪ ،‬وعــى الحــرص عــى اختيــار الصيغــة املالمئــة للتنســيق املطلــوب‪ ،‬وعىل‬
‫الســهر عــى تتبــع وتقييــم العمــل التنســيقي املعتمــد‪ ،‬مــع تأكيــد الهيئة عــى أن مبــادرات التعــاون التــي تقرتحها‬
‫يف هــذا املحــور تبقــى منفتحــة عــى مقرتحــات وتوصيــات الجهات املعنيــة‪ ،‬وخاضعــة لتقديرهــا ومالءمتهــا‪ ،‬بلوغا‬
‫إىل إرســاء إطــار مشــرك للتعــاون‪ ،‬يســتجيب لالحتياجــات والتوجهــات النابعــة مــن خصوصيــات كل جهــة‪ ،‬ويعــزز‬
‫مبــدأ االنخـراط الجامعــي يف التوجهــات االسـراتيجية للوقايــة مــن الفســاد ومكافحته‪.‬‬
‫ورصــدت الهيئــة‪ ،‬بالنســبة للمجــاالت املعنيــة بالتعــاون والتنســيق‪ ،‬خمســة محــاور أساســية‪ ،‬تهــم املهــام‬
‫ذات البعــد االســراتيجي‪ ،‬واملهــام املتعلقــة بتتبــع مفعــول توصيــات الهيئــة ومقرتحاتهــا‪ ،‬واملهــام املتعلقــة‬
‫بالتشــخيص وتعميــق املعرفــة بظاهــرة الفســاد وتفاعالتــه املتنوعــة‪ ،‬واملهــام املتعلقــة باملالءمــة مــع االتفاقيــات‬
‫واملواصفــات املعياريــة الدوليــة‪ ،‬واملهــام املتعلقــة بالقيــام باألبحــاث والتحريــات‪.‬‬
‫انطالقــا مــن هــذه املحــاور الخمســة‪ ،‬حــددت الهيئــة القنــوات والجهــات املعنيــة بالتعــاون والتنســيق‪ ،‬مؤكــدة‬
‫بالدرجــة األوىل عــى قنــاة االسـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬عــى أســاس إعــادة صياغــة املرســوم املتعلق‬
‫باللجنــة الوطنيــة ملكافحــة الفســاد يف اتجــاه تقويــة وتجويــد إطــار حكامــة هــذه اللجنــة مبــا يضمــن رشوط‬
‫االلتقائيــة والفعاليــة يف إنجــاز هــذه االسـراتيجية وتحقيــق أهدافهــا‪ ،‬ثــم قنــاة املندوبيــة الســامية للتخطيــط‬
‫واملحاكــم املاليــة وهيئــات التفتيــش العــام‪ ،‬لتعزيــز التعــاون والتنســيق بخصــوص املهــام املتعلقــة بالتشــخيص‬
‫وتعميــق املعرفــة بظاهــرة الفســاد وتفاعالتــه املتنوعــة‪ ،‬وفتــح قنــوات تنســيقية مــع الحكومــة ومــع القطاعــات‬
‫املعنيــة ومــع غرفتــي الربملــان ولجنهــا املعنيــة فيــا يتعلــق بالتعــاون والتنســيق بخصــوص املهــام املتعلقــة‬
‫بتتبــع مفعــول توصيــات الهيئــة ومقرتحاتهــا‪ ،‬وكــذا إرســاء قنــاة تنســيقية مــع املؤسســة الترشيعيــة لتوطيــد‬
‫التعــاون والتنســيق بخصــوص املهــام املتعلقــة باملالءمــة مــع االتفاقيــات واملواصفــات املعياريــة الدوليــة‪ ،‬ثــم‬
‫تأســيس عمــل تنســيقي مــع رئاســة النيابــة العامــة لتثبيــت أســس التنســيق والتعــاون لضبــط املهــام املتعلقــة‬
‫بالقيــام باألبحــاث والتحريــات واإلحــاالت‪.‬‬
‫واســترشافا إلرســاء آليــات عمليــة للتعــاون والتنســيق مــع الجهــات املذكــورة‪ ،‬وضعــت الهيئــة أرضيــات عمليــة‬
‫مفتوحــة للنقــاش واملالءمــة واالغنــاء مــن طــرف الــركاء املعنيــن‪ ،‬وذلــك الســتجالء معــامل ونطــاق هــذا‬
‫التعــاون‪ ،‬مــن خــال جــذاذات مشــاريع خاصــة بــكل مجــال مــن املجــاالت التــي تــم تحديدهــا أعــاه‪ ،‬مــع‬
‫اختيــار جهــة معينــة كنمــوذج لــكل مجــال‪ ،‬يف أفــق توســيع هــذا االختيــار ليشــمل الجهــات األخــرى مســتقبال‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪28‬‬


‫رابعا‪ -‬توصيات داعمة للمسار االقرتاحي‪:‬‬
‫تدعيــا لطرحهــا االقرتاحــي الهــادف إىل تعزيــز مســار التحــول النوعــي املطلــوب يف مجــال الوقايــة من الفســاد‬
‫ومكافحتــه‪ ،‬يقــدم التقريــر ملخصــا لثالثــة تقاريــر موضوعاتيــة مصاحبــة لهــذا التقريــر الســنوي‪ ،‬ويتعلــق األمــر‬
‫مبــا يــي‪:‬‬
‫‪ -1‬التحول الرقمي؛ ركيزة أساسية للوقاية من الفساد ومحاربته‪:‬‬
‫أبــرز التقريــر الــذي أصدرتــه الهيئــة بخصــوص التحــول الرقمــي‪ ،‬العالقــة القويــة التــي توجــد بــن هــذا األخــر‬
‫مــن جهــة‪ ،‬وبــن الشــفافية والنزاهــة والتقــدم يف ورش الوقايــة مــن الفســاد ومحاربتــه مــن جهــة أخــرى‪.‬‬
‫واســتنادا إىل الــدروس املســتفادة مــن التجــارب الدوليــة والدراســات املقارنــة‪ ،‬وإىل خالصــات تحليــل تطــور‬
‫وضعيــة التحــول الرقمــي باملغــرب‪ ،‬واســتحضارا للتحديــات الرئيســية التــي يتعــن عــى املغــرب مواجهتهــا‪،‬‬
‫تضمــن هــذا التقريــر مجموعــة مــن التوصيــات التــي تهــدف إىل إنجــاح التحــول الرقمــي يف املغــرب ولتجعــل‬
‫منــه دعامــة أساســية للوقايــة مــن الفســاد ومحاربتــه‪ .‬وقــد جــاءت هــذه التوصيــات متمحــورة حــول ثالثــة‬
‫مســتويات‪ ،‬بــدءا ‪ )1‬باإلطــار االس ـراتيجي الــذي يعتــر رشطــا أساســيا إلنجــاح أي اس ـراتيجية‪ ،‬ثــم ‪ )2‬بثــاث‬
‫مجموعــات مــن التوصيــات ذات األثــر الكبــر عــى النزاهــة والوقايــة مــن الفســاد ومحاربتــه‪ ،‬والتــي تتعلــق‬
‫بجعــل التحــول الرقمــي مو َّجهــا نحــو املواطــن‪ ،‬ومهيــكال ومو ِّجهــا إلصالحــات أساســية‪ ،‬ومبنيــا عــى الثقــة‬
‫الرقميــة وموفـرا للبيانــات املنفتحــة‪ ،‬باإلضافــة إىل ‪ )3‬مســتوى ثالــث يتعلــق بالدعــم واملواكبــة وإدارة التغيــر‪.‬‬
‫هكــذا تؤكــد الهيئــة عــى أن نجــاح التحــول الرقمــي يشــرط وجــود إطــار اسـراتيجي يتوفــر عــى ‪ )1‬قيــادة‬
‫رفيعــة املســتوى تضمــن تعبئــة وانخـراط جميــع الجهــات املتدخلــة‪ ،‬وعــى جميــع املســتويات (وطنيــا وجهويــا‬
‫ومحليــا)‪ ،‬وتوضــح الصــورة عــى املســتويني الوطنــي والــدويل‪ ،‬وتضمــن تبعــا لذلــك‪ ،‬االلتقائيــة والنجاعــة يف‬
‫إطــار مقاربــة شــاملة للتحــول الرقمــي‪ ،‬و‪ )2‬رؤيــة متكاملــة ومندمجــة عــى املــدى الطويــل ملــروع التحــول‬
‫الرقمــي ككل وعــى مســتوى الربامــج ذات األثــر بشــكل خــاص‪ ،‬و‪ )3‬حكامــة قويــة مبنيــة عــى هيئــات بــأدوار‬
‫ومســؤوليات واضحــة ومحــددة‪ ،‬ومرتابطــة ومتكاملــة فيــا بينهــا‪.‬‬
‫كــا يؤكــد التقريــر عــى رضورة جعــل التحــول الرقمــي مو َّجهــا نحــو املواطــن‪ ،‬وأن يكــون هــذا الخيــار مبــدأً‬
‫مركزيــا وثابتــا‪ ،‬ومــن أجــل ذلــك يقــدم التقريــر مجموعــة مــن التوصيــات تخــص ‪ )1‬متحــور املنهجيــة حــول‬
‫املواطــن‪ ،‬و‪ )2‬ضــان الجــودة وتحســن الخدمــات‪ ،‬ثــم ‪ )3‬تطويــر اإلدمــاج الرقمــي‪.‬‬
‫مــن جهــة أخــرى يؤكــد التقريــر عــى مركزيــة مســاهمة التحــول الرقمــي يف تحقيــق إصالحــات هيكليــة قــادرة‬
‫عــى خلــق ديناميــة لتغيــر‪ ،‬ال رجعــة فيــه‪ ،‬يف مجــال النزاهــة والوقايــة مــن الفســاد ومحاربتــه‪ .‬ويف هــذا‬
‫الســياق‪ ،‬ركــز التقريــر عــى ثالثــة مجــاالت مــن هــذا اإلصالحــات الهيكليــة‪ ،‬ويتعلــق األمــر ‪ )1‬بــورش تبســيط‬
‫اإلجـراءات‪ ،‬و‪ )2‬بحاميــة املــال العــام وبتحقيــق شــفافية امليزانيــة العموميــة ونزاهــة عــامل األعــال‪ ،‬وأخـرا ‪)3‬‬
‫بدعــم الثقــة الرقميــة وفتــح البيانــات وتوفريهــا‪.‬‬
‫كــا مل يفــت التقريــر رضورة جعــل التحــول الرقمــي مبنيــا عــى الثقــة الرقميــة وموف ـرا للبيانــات املفتوحــة‪،‬‬
‫ولتحقيــق ذلــك يقــدم التقريــر توصيــات تتعلــق ‪ )1‬بتعزيــز الثقــة الرقميــة و‪ )2‬بتوفــر البيانــات املفتوحــة‬
‫وكــذا ‪ )3‬بإدمــاج قــوي للتطــورات التكنولوجيــة واالبتــكار‪.‬‬

‫‪29‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫إىل جانــب هــذه املجموعــات الثــاث مــن التوصيــات التــي تعتربهــا الهيئــة ذات تأثــر قــوي ومبــارش عــى‬
‫الوقايــة مــن الفســاد ومحاربتــه‪ ،‬وقبلهــا التوصيــات املتعلقــة باإلطــار االس ـراتيجي‪ ،‬أكــد التقريــر عــى أنــه‬
‫ال ميكــن تحقيــق النتائــج املرجــوة مــن دون إج ـراءات للدعــم واملواكبــة وإدارة التغيــر‪ .‬تتضمــن ‪ )1‬تعزيــز‬
‫وتطويــر الــرأس املــال البــري و‪ )2‬تعزيــز اإلطــار التنظيمــي واملعيــاري‪ ،‬باإلضافــة إىل ‪ )3‬إطــاق عمليــات‬
‫للتوعيــة والتواصــل مــع تدابــر الدعــم واملواكبــة الرضوريــة لتحفيــز انخـراط كافــة الجهــات املتدخلــة وتحقيــق‬
‫متلكهــا لديناميــة التحــول الرقمــي بشــكل عــام‪.‬‬
‫‪ -2‬تنــازع املصالــح يف مامرســة الوظائــف العموميــة‪ :‬مــن أجــل منظومــة ناجعــة للتأطــر واملعالجــة والضبــط‪:‬‬
‫تؤكــد الهيئــة مــن خــال هــذا التقريــر عــى رضورة توجيــه الجهــود نحــو تأســيس منظومــة متامســكة لتأطــر‬
‫ومعالجــة وضبــط وضعيــات تنــازع املصالــح‪ ،‬تجاوبــا مــع مقتضيــات الدســتور‪ ،‬وتفعيــا اللتزامــات املغــرب يف‬
‫إطــار االتفاقيــات األمميــة واإلقليميــة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬وتفاعــا مــع التداعيــات الخطــرة لهــذا الســلوك‪.‬‬
‫ألجــل ذلــك‪ ،‬توجــه هــذا التقريــر إىل اســترشاف هــذه املنظومــة انطالقــا مــن اســتظهار املقتضيــات الترشيعيــة‬
‫الوطنيــة يف املوضــوع والوقــوف عــى مظاهــر قصورهــا العامــة‪ ،‬واعتــادا عــى التحديــد الواضح والدقيــق ملفهوم‬
‫تنــازع املصالــح ومظاهــر خطورتــه‪ ،‬واسرتشــادا بالتأصيــل الدســتوري الشــمويل للحكامــة الجيــدة‪ ،‬واســتحضارا‬
‫للمواصفــات املعياريــة املعتمــدة عامليــا يف هــذا املجــال واســتقراء املقتضيــات القانونيــة الوطنيــة يف ضوئهــا‪.‬‬
‫عــى أســاس هــذه املحــددات‪ ،‬خلصــت الهيئــة إىل أن إرســاء منظومــة متكاملــة لتأطــر ومعالجــة وضبــط‬
‫وضعيــات تنــازع املصالــح‪ ،‬يســتدعي وضــع إطــار ترشيعــي عــام يؤطــر هــذا املجــال مــن خــال محوريــن‬
‫أساســيني؛ محــور الترصيــح واملعالجــة والتحقــق والتصحيــح والتســوية‪ ،‬ومحــور الضبــط ورصــد املخالفــات‬
‫واملعاقبــة عليهــا‪.‬‬
‫وفــق هــذا التوجــه‪ ،‬انــرف االقـراح‪ ،‬بالنســبة ملحــور الترصيــح واملعالجــة والتحقــق والتصحيــح والتســوية‪ ،‬إىل‬
‫اعتــاد املبــادئ واألحــكام التــي تتوخــى التحديــد الهــادف للفئــات الخاضعــة واألشــخاص امللزمــن‪ ،‬مــن خــال‬
‫اعتــاد املفهــوم املوســع للموظــف العمومــي‪ ،‬وإلحــاق أشــخاص آخريــن بــه‪ ،‬إلمكانيــة امتــداد تنــازع املصالــح‬
‫إليهــم‪ ،‬ورصــد الئحــة املحظــورات التــي تحــول دون نشــوء وضعيــات تنــازع املصالــح‪ ،‬واســترشاف الئحــة‬
‫معلوماتيــة غــر حرصيــة حــول مختلــف وضعيــات تنــازع املصالــح‪ ،‬وتعيــن الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة‬
‫مــن الرشــوة ومحاربتهــا كجهــة مختصــة بتدبــر آليــات الوقايــة مــن تنــازع املصالــح مــع تحديــد الصالحيــات‬
‫املخولــة لهــا يف هــذا املجــال‪ ،‬واعتــاد آليــات لتأطــر ومعالجــة وضعيــات تنــازع املصالــح‪ ،‬تغطــي الترصيــح‬
‫باملصالــح‪ ،‬واإلشــعار بحــاالت التنــازع‪ ،‬واالمتنــاع عــن اتخــاذ القـرار أو املشــاركة يف اتخــاذه إذا كان متعلقــا بــأي‬
‫إج ـراء يرتبــط أو يؤثــر عــى مصلحــة خاصــة تهــم املعنــي بــه‪ ،‬وإق ـرار العلنيــة وإتاحــة املعلومــات املتعلقــة‬
‫بوضعيــات تنــازع املصالــح‪ ،‬خاصــة مــا يتعلــق منهــا بإمكانيــة نــر التصاريــح وفقــا للكيفيــات التــي يحددهــا‬
‫القانــون‪ ،‬وإحاطــة الــرأي العــام علــا بعمــل الهيئــة املكلفــة‪.‬‬
‫وبخصــوص محــور الضبــط ورصــد املخالفــات واملعاقبــة عليهــا‪ ،‬فتض َّمــن التقريــر ترتيــب ج ـزاءات متناســبة‬
‫عــى مخالفــة الضوابــط املنصــوص عليهــا ملعالجــة وتأطــر تنــازع املصالــح‪ ،‬تـراوح بــن العقوبــات التأديبيــة أو‬
‫املاليــة أو اإلداريــة‪ ،‬كــا كــرس املعالجــة الجنائيــة لحــاالت التغليــب الفعــي للمصلحــة الخاصــة عــى املصلحــة‬
‫العامــة‪ ،‬مبــا يتوافــق مــع الترشيعــات الدوليــة التــي أدرجــت هــذا الســلوك ضمــن جرميــة الرتبــح مــن الوظائــف‬
‫أو جرميــة التحصيــل غــر املــروع للفوائــد واملزايــا‪.‬‬
‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪30‬‬
‫‪ -3‬الصحافة االستقصائية‪ :‬من أجل دور فاعل يف مكافحة الفساد‪:‬‬
‫يــروم هــذا التقريــر املســاهمة يف إثــارة االهتــام بهــذا الجنــس الصحفــي والعمــل عــى توفــر أرضيــة لتشــجيع‬
‫بــروزه مبزيــد مــن االحرتافيــة والدقــة واملســؤولية‪ .‬وقــد انطلــق التقريــر مــن اســتعراض وتحليــل األدبيــات‬
‫املتعلقــة بالصحافــة االســتقصائية مــع اســتحضار تعريفــات ومنــاذج عــر العــامل‪ ،‬وكذلــك مقومــات وجودهــا‬
‫وتطورهــا والتحديــات التــي تواجههــا‪ ،‬كــا قــدم تشــخيصا لوضعية هذه املامرســة الصحفيــة باملغرب باالســتعانة‬
‫ببعــض الكتابــات املتوفــرة عــى قلتهــا وبــرأي عــدد مــن الصحفيــن املهتمــن مبجــال مكافحــة الفســاد‪ ،‬والذيــن‬
‫واكبــوا عمــل الهيئــة وأنشــطتها خــال الســنوات الخمــس األخــرة عــى األقــل‪ ،‬لتخلــص إىل عــدد مــن التوصيــات‬
‫التــي ميكــن إيجازهــا فيــا يــي‪:‬‬
‫ـمح للصحفيــن‬ ‫‪ -‬تعزيــز حريــة الصحافــة والنــر‪ ،‬باح ـرام تطبيــق القانــون املنظــم للمهنــة‪ ،‬مبــا يسـ ُ‬
‫بإنجــاز مهامهــم مبهنيــة ويقــوي إحساســهم بأنهــم رشكاء يف محاربــة الفســاد؛‬
‫‪ -‬تفعيــل القانــون املتعلــق بالحصــول عــى املعلومــات‪ ،‬مــا مــن شــأنه مســاعدة الصحفيــن االســتقصائيني‬
‫يف بنــاء فرضياتهــم والــروع يف تحقيقاتهــم؛‬
‫‪ -‬اعتبــار املنابــر اإلعالميــة قنــاة مفتوحــة للتبليــغ‪ ،‬مــع االعتــداد مبضمــون املعلومــات املطروحــة ومبــدى‬
‫تضمنهــا الدعــاءات معقولــة باالشــتباه‪ ،‬واف ـراض حســن النيــة يف املبلــغ‪ ،‬مــع معاقبــة الحــاالت التــي‬
‫يثبــت أن املعلومــات والتبليغــات خاطئــة أو تنطــوي عــى ادعــاءات كيديــة؛‬
‫‪ -‬تشــجيع املقــاوالت الصحفيــة عــى بنــاء منــوذج اقتصــادي متحــرر مــن هيمنــة الرأســال ومــن تأثــره‬
‫عــى اســتقاللية وموضوعيــة العمــل الصحفــي‪ ،‬وذلــك التشــجيع ميكــن أن يأخــذ أشــكاال مختلفــة حســب‬
‫الحالــة؛‬
‫‪ -‬إيالء األهمية ملجايل التكوين األسايس والتكوين املستمر فيام يخص الصحافة االستقصائية؛‬
‫‪ -‬مســاهمة األجيــال الســابقة مــن الصحفيــن االســتقصائيني يف تدويــن ونــر تجاربهــم ويف تكويــن‬
‫األجيــال الجديــدة‪ ،‬مبــا يعــزز تراكــم املامرســة ويوســع مجــاالت نقــل املعرفــة يف هــذا املجــال؛‬
‫‪ -‬تشــجيع التعــاون والتنســيق بــن وســائل اإلعــام ومنظــات املجتمــع املــدين للنهــوض بالصحافــة‬
‫االســتقصائية يف القضايــا ذات األهميــة املجتمعيــة البالغــة‪ ،‬وخاصــة منهــا مــا يتعلــق بالفســاد‪.‬‬

‫‪31‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪32‬‬
‫تصدير‬

‫‪33‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪34‬‬
‫تصدير‬
‫يــأيت التقريــر الســنوي للهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا برســم ‪ 2022‬يف محطــة فاصلة‬
‫بــن وضعــن‪ :‬الوضــع األول مرحــي واســتثنايئ‪ ،‬اســتمر إىل حــدود شــهر أكتوبــر ‪ ،2022‬وتَ َّيــز‪ ،‬عــى الخصــوص‪،‬‬
‫بان ـراف مجهــود الهيئــة‪ ،‬تحــت ســلطة الرئيــس ومســؤوليته‪ ،‬نحــو مواكبــة إرســاء إطارهــا القانــوين‪ ،‬ووضــع‬
‫املراجــع واألســس التنظيميــة للهيئــة وهياكلهــا‪ ،‬وفتــح عــدد مــن األوراش لتعميــق املعرفــة املوضوعيــة وإعــداد‬
‫أرضيــات اقرتاحيــة تســتهدف إحــداث نقلــة نوعيــة يف مكافحــة الفســاد ببالدنــا؛ والوضــع الــذي انطلــق عمليــا‬
‫يــوم ‪ 24‬أكتوبــر مــن نفــس الســنة‪ ،‬عــى إثــر تعيــن أعضــاء الهيئــة وأمينهــا العــام وتنصيــب أجهــزة حكامتهــا‪،‬‬
‫ليضطلــع كل جهــاز مــن أجهزتهــا‪ ،‬وفــق الصالحيــات املخولــة لــه‪ ،‬مبهامــه كاملــة يف املجــاالت املتعلقــة بالنزاهــة‬
‫والوقايــة ومحاربــة الفســاد‪ ،‬طبقــا ملقتضيــات القانــون رقــم ‪ ،46.19‬ووفقــا ملتطلبــات العمــل املشــرك والتكامــل‬
‫املؤسســايت والوظيفــي بــن الهيئــة وبــن الســلطات واملؤسســات والهيئــات األخــرى املعنيــة‪.‬‬
‫اعتبــارا لهــذه الخصوصيــة‪ ،‬يتوجــه هــذا التقريــر نحــو اســترشاف مجموعــة مــن األهــداف التــي تســلط الضــوء‬
‫عــى أبعــاد االنتقــال إىل هــذا الوضــع الجديــد‪ ،‬باســتثامر مــا تــم إنجــازه خــال الوضــع االنتقــايل الــذي شــكل‬
‫مرحلــة تأسيســية؛ وذلــك تطلعــا نحــو من ـ ِح هــذا التقريــر مرك ـ َزه الدســتوري والقانــوين كوعــاء ناظــم يُقــدم‬
‫حصيلــة مامرســة الهيئــة الســنوية‪ ،‬ويجســد متوق َعهــا كهيئــة مســتقلة لهــا كيانُهــا وخطابهــا داخــل البنيــان‬
‫املؤسســايت الوطنــي‪ ،‬ويث ِّبــت مرجعيتَــه كآليــة دســتورية متــارس مــن خاللهــا الهيئـ ُة دورهــا املرجعــي يف مجــال‬
‫الوقايــة مــن الفســاد ومحاربتــه‪ ،‬تشــخيصا وتتبعــا وتقييــا واقرتاحــا وبحثــا وتحريــا وإحالــة‪.‬‬
‫وإذا كان التقريــر الســنوي للهيئــة برســم ‪ 2022‬قــد جــاء متزامنــا مــع تكريــس الوضــع املتفاقــم ملعــدالت‬
‫الفســاد‪ ،‬وتقاطعــه مــع الرتاجعــات املســجلة يف مجموعــة مــن التقاريــر الدوليــة‪ ،‬بخصــوص الحقــوق السياســية‬
‫واملدنيــة وســيادة القانــون‪ ،‬واألمــن والســلم العامليــن‪ ،‬فقــد جــاء خطــاب الهيئــة‪ ،‬مؤكــدا عــى أن الجهــود‬
‫املبذولــة مل تــرق لحــد اآلن إىل إخـراج بالدنــا مــن خانــة الــدول التــي تعــرف منحنيــات ســلبية لتطــور الفســاد‪،‬‬
‫و ُمن ِّبهــا إىل رضورة املراجعــة العميقــة والشــمولية ملنظومــة مكافحــة الفســاد‪ ،‬لِجعلــه يأخــذ منحنــى تنازليــا‬
‫ملموســا ومســتداما‪.‬‬
‫ويف ســياق تأكيدهــا‪ ،‬عــر مختلــف تقاريرهــا الســابقة‪ ،‬عــى أن املجهــودات واإلنجــازات املحققــة يف هــذا‬
‫املجــال ورغــم أهميتهــا مل تــرق بعــد إىل إنتــاج الوقــع والتغيــر املطلــوب‪ ،‬عملــت الهيئــة عــى توجيــه جهودهــا‬
‫نحــو تقديــم األســس والدعامــات التشــخيصية والتوجيهيــة واالقرتاحيــة الكفيلــة بتأســيس املراجعــة العميقــة‬
‫والشــمولية ملنظومــة مكافحــة الفســاد‪ ،‬مبــا يرفــع منســوب االســتفادة والتأثــر اإليجــايب‪ .‬وتواصــل الهيئــة‪ ،‬عــر‬
‫هــذا التقريــر والتقاريــر املصاحبــة‪ ،‬تقعيــد وتقويــة هــذه األســس لتعبيــد الطريــق نحــو تحقيــق النقلــة النوعية‬
‫املطلوبــة يف مجــال مكافحــة الفســاد ببالدنــا‪ُ ،‬معلنــة عــن وعيهــا بجســامة املســؤوليات واســتعدادها االشــتغال‬
‫يف إطــار يتوخــى املكافحــة الناجعــة للفســاد عــى أســاس ينهــض عــى التكامــل املؤسســايت وتضافــر جهــود‬
‫ســائر املعنيــن‪ ،‬وااللتفــاف حــول املبــدأ الــذي يجعــل مــن الحكامــة املســؤولة والوقايــة مــن الفســاد ومحاربتــه‬
‫أولويــة وطنيــة‪.‬‬

‫‪35‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫ومــن املناســب التذكــر بــأن التقريــر الســنوي للهيئــة برســم ‪ ،2022‬يجــد مرجعيتــه يف املــادة ‪ 50‬مــن القانــون‬
‫رقــم ‪ ،46.19‬التــي جــاءت مؤكــدة عــى اســتيعاب هــذا التقريــر‪ ،‬عــى وجــه الخصــوص‪ ،‬للمكونــات التاليــة‪:‬‬
‫• تشخيص وضعية الفساد وتطوره عىل املستوى الدويل والجهوي والوطني؛‬
‫• تحليل اإلنجازات وتقييم سياسات محاربة الفساد وأثرها؛‬
‫• حصيلة أنشطة الهيئة وآفاق عملها؛‬
‫• مــآل توصياتهــا الــواردة يف التقاريــر الســابقة ومــدى تعاطــي الســلطات واملؤسســات املعنيــة معهــا‪،‬‬
‫وتحيينهــا عنــد االقتضــاء عــى ضــوء املســتجدات وأخــذا بــردود الفعــل املتوصــل بهــا؛‬
‫• جــرد عــدد التبليغــات والشــكايات وأنواعهــا والحــاالت التــي تصــدت لهــا الهيئــة‪ ،‬وبيانــا ملــا تــم البــت‬
‫فيــه منهــا‪ ،‬ومــا قامــت بــه الهيئــة مــن بحــث وتحــر‪ ،‬والنتائــج املتوصــل إليهــا؛‬
‫• بيان أوجه العراقيل التي واجهتها الهيئة يف أداء مهامها؛‬
‫• التوصيــات واملقرتحــات املوجهــة إىل الحكومــة واملؤسســات العموميــة والجامعــات الرتابيــة وباقــي‬
‫أشــخاص القانــون العــام ومؤسســات القطــاع الخــاص حــول التدابــر التــي يتعــن اتخاذهــا لرتســيخ قيــم‬
‫النزاهــة والشــفافية والحكامــة وتخليــق املرافــق العموميــة وتصحيــح االختــاالت التــي تعــاين منهــا؛‬
‫• املقرتحات الرامية إىل مراجعة النصوص الترشيعية والتنظيمية املتعلقة مبجال اختصاصها‪.‬‬
‫مؤسســا عــى رؤيــة تتوخــى‬ ‫انطالقــا مــن هــذا اإلطــار املرجعــي‪ ،‬جــاء التقريــر الســنوي للهيئــة برســم ‪َّ 2022‬‬
‫الشــمولية والتكامــل يف االضطــاع باملهــام املنوطــة بالهيئــة‪ ،‬ومؤطَّ ـرا مبنظــور اس ـراتيجي يســتهدف‪:‬‬
‫• اإلعــاء مــن املبــدأ املؤطِّــر ملنظومــة الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪ ،‬مــن حيــث كونهــا قضيــة‬
‫مؤسســاتية ذات أولويــة وطنيــة‪ ،‬وقضيــة شــأن عــام‪ ،‬تتحمــل فيهــا‪ ،‬بنســب متفاوتــة‪ ،‬جمي ـ ُع الجهــات‪،‬‬
‫مســؤولي َة وواجــب التصــدي ملعضلــة الفســاد‪ ،‬ومــن حيــث اعتبارهــا مجــاال للعمــل املشــرك املؤطَّــر مببــدأ‬
‫التناســق املؤســي والوظيفــي الضامــن لتكامــل جهــود جميــع الهيئــات والســلط واملؤسســات‪ ،‬تحقيقــا‬
‫للفعاليــة والنجاعــة يف مواجهــة هــذه اآلفــة ذات الطابــع املعقــد واالمتــدادات الوخيمــة عــى مختلــف‬
‫املجــاالت؛‬
‫• تثمــن العمــل القائــم عــى الربمجــة والتخطيــط‪ ،‬الضامــن لفعاليــة اإلنجــاز ونجاعتــه‪ ،‬ولالســتهداف‬
‫املوضوعــي للربامــج واملشــاريع ذات الوقــع امللمــوس‪ ،‬وامل ُ َق َّعــد عــى أســاس متطلبــات تفعيــل املخطــط‬
‫االســراتيجي وإنجــاز مشــاريع برنامــج العمــل‪ ،‬ارتباطــا باألهــداف املحــددة وعــى أســاس مــؤرشات‬
‫القيــاس املســتهدفة؛‬
‫• ترصيــد الرتاكــم النوعــي لتوصيــات واقرتاحــات الهيئــة مبنســوب متجــدد يدعــم مســار القــوة االقرتاحيــة‬
‫واملؤس َســة للنقلــة النوعيــة املنشــودة يف هــذا املجــال‪ ،‬ومبنظــور‬‫ِّ‬ ‫ـتهدفة للمعاقــل الحقيقيــة للفســاد‪،‬‬‫املسـ ِ‬
‫عمــي يتيــح إمكانيــات عمليــة لالنتقــال بهــذه التوصيــات مــن مســتوى الطــرح واالق ـراح إىل مســتوى‬
‫املرافعــة وتنســيق وتتبــع التنزيــل‪ ،‬عــر آليــات التوافــق والتعــاون والتنســيق وتقديــم الدعــم واملواكبــة؛‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪36‬‬


‫• مواصلــة تأصيــل خطــاب مؤســي متميــز يســتهدف املوضوعيــة القامئــة عــى تطويــر التشــخيص‬
‫وتنويعــه‪ ،‬والتقييــم الب َّنــاء املفــي إىل تقديــم البدائــل يف إطــار التوجيــه واإلرشاف والتنســيق والتوصيــة‬
‫واالقـراح‪ ،‬وتعميــق الدراســة والبحــث يف إطــار تقاريــر موضوعاتيــة مرافقــة للتقريــر الســنوي أو مق َّدمــة‬
‫بكيفيــة مســتقلة‪.‬‬
‫ويــروم هــذا التقريــر‪ ،‬عــر هــذه األهــداف االسـراتيجية‪ ،‬إِطْـاَع الــرأي العــام عــى اســتكامل تأســيس قواعــد‬
‫الهيئــة وأجهزتهــا املؤسســاتية لالضطــاع بصنــع الق ـرار الجامعــي داخــل الهيئــة‪ ،‬مــن خــال إب ـراز الحكامــة‬
‫املؤسســية للهيئــة الكفيلــة بضــان تحصــن اســتقالليتها‪ ،‬وتثبيــت مرشوعيــة قراراتهــا‪ ،‬وتوفــر رشوط نجاعــة‬
‫أعاملهــا‪ ،‬وفــق توزيــع محكــم بــن أجهزتهــا املتمثلــة يف مجلــس الهيئــة‪ ،‬والرئاســة مبســاعدة األمانــة العامــة‪،‬‬
‫واللجنــة الدامئــة املكونــة مــن الرئيــس ونوابــه الثالثــة املعينــن مــن قبــل املجلــس‪ ،‬واللجــان الدامئــة املحدثــة‬
‫لــدى املجلــس‪ ،‬واملكلفــة بدراســة املواضيــع املوكولــة لهــا مــن طــرف هــذا األخــر‪.‬‬
‫تجاوبــا مــع هــذه املحــددات‪ ،‬تــم إعــداد هــذا التقريــر موزعــا عــى خمســة أقســام‪ ،‬تغطــي مجهــودات الهيئــة‬
‫خــال ســنة ‪ 2022‬وفــق مقاربــة منهجيــة تســلط الضــوء عــى املجــاالت التاليــة‪:‬‬
‫• القسم األول‪ :‬تشخيص وضعية الفساد‬
‫يتطــرق هــذا القســم لوضعيــة الفســاد عــى املســتوى الــدويل‪ ،‬قبــل االنتقــال إىل اســتظهارها عــى املســتوى‬
‫اإلقليمــي‪ ،‬عربيــا وإفريقيــا‪ ،‬وصــوال إىل اســتقراء وضعيــة الفســاد عــى املســتوى الوطنــي‪ ،‬مــن خــال رصــد‬
‫واقعــه انطالقــا مــن مــؤرشات اإلدراك واملتابعــات القضائيــة يف مرحلــة أوىل‪ ،‬قبــل االنـراف يف مرحلــة ثانيــة‪،‬‬
‫نحــو تحليــل وتحيــن وضــع املغــرب وتطــوره مــن خــال تتبــع ودراســة متوقعــه يف املعطيــات التفصيليــة‬
‫املك ِّونــة ملــؤرش إدراك الفســاد‪ ،‬بلوغــا‪ ،‬يف األخــر‪ ،‬إىل عــرض ملخــص نتائــج البحــث الوطنــي حــول الفســاد يف‬
‫قســمه املتعلــق باملواطنــن القاطنــن باملغــرب واملغاربــة املقيمــن بالخــارج‪.‬‬
‫• القسم الثاين‪ :‬تتبع تنفيذ وتنسيق وتقييم االسرتاتيجيات والسياسات العمومية‬
‫يســتعرض هــذا القســم حصيلــة املنجـزات املســجلة يف مختلــف الربامــج املؤلفــة لالسـراتيجية الوطنيــة ملكافحة‬
‫الفســاد والتقــدم املحــرز نحــو تحقيــق األهــداف املنشــودة‪ ،‬وأوجــه القصــور التــي شــابت تنزيلهــا وســبل‬
‫تجاوزهــا‪ ،‬كــا يتطــرق ملجهــودات الهيئــة يف إطــار املســاهمة يف تقويــة اس ـراتيجية تحســن منــاخ األعــال‬
‫‪.2026-2023‬‬
‫• القســم الثالــث‪ :‬الحكامــة املؤسســاتية للهيئــة والــروع يف تفعيــل االشــتغال وإنتــاج الق ـرار الجامعــي‬
‫ألجهزتهــا‬
‫يســلط هــذا القســم الضــوء عــى ضوابــط الحكامــة املؤسســاتية للهيئــة املبنيــة عــى ضامنــات النجاعــة‬
‫واملرشوعيــة‪ ،‬مبــا يتجــاوب مــع مبــدأ اســتقاللية الهيئــة‪ ،‬ويجســد متطلبــات التجــرد والحيــاد يف اتخــاذ قراراتهــا‪،‬‬
‫ومبــا يراعــي خصوصيــة صالحياتهــا يف املكافحــة ومــا تســتلزمه مــن تفاعــل آين ومســتمر لضــان اتخــاذ القـرار‬
‫بخصــوص هــذه الصالحيــات بالنجاعــة والتــداول والراهنيــة املطلوبــة‪ .‬كــا ينــرف هــذا القســم إىل رصــد‬
‫املحطــات التأسيســية واســتعراض الحصيلــة العمليــة لألجهــزة املك ِّونــة لهــذه الحكامــة املؤسســاتية‪.‬‬

‫‪37‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫• القسم الرابع‪ :‬األنشطة الوظيفية للهيئة والنهوض بقدرات الدعم‬
‫يتطــرق هــذا القســم إىل إعــداد اســراتيجية الهيئــة ومخطــط عملهــا‪ ،‬ووضــع أســس إطــاق اســراتيجيتها‬
‫يف مجــال التواصــل‪ ،‬ومجهودهــا لتحيــن اس ـراتيجية داخليــة لتحولهــا الرقمــي‪ ،‬وكــذا مجهوداتهــا يف تنزيــل‬
‫التعــاون املؤسســايت للهيئــة يف مبــادرات الرشاكــة واالنفتــاح عــى املؤسســات املعنيــة مبكافحــة الفســاد عــى‬
‫املســتويني الوطنــي واإلقليمــي والــدويل‪ .‬كــا يتطــرق هــذا القســم إىل مجهــود الهيئــة الســتكامل مقومــات‬
‫تدبريهــا اإلداري واملــايل وترصيفاتــه املتنوعــة‪.‬‬
‫• القســم الخامــس‪ :‬توصيــات ومقرتحــات الهيئــة‪ :‬مــن أجــل تجــاوب فاعــل يف إطــار االلتقائيــة والتكامــل‬
‫املؤســي‬
‫يســتعرض هــذا القســم اإلطــار العــام للتوجهــات االسـراتيجية لسياســة الدولــة يف مجــال الوقايــة مــن الفســاد‬
‫ومكافحتــه املقــرح مــن طــرف الهيئــة مبقتــى الصالحيــة املخولــة لهــا بهــذا الخصــوص‪ ،‬ويرصــد حصيلــة‬
‫تتبــع الهيئــة ملــدى التجــاوب مــع توصياتهــا الــواردة يف تقاريرهــا الســابقة‪ ،‬مــع العمــل عــى التذكــر مبجمــل‬
‫مضامينهــا‪ ،‬ويســتعرض هــذا القســم أيضــا أرضيــة اقرتاحيــة‪ ،‬منهجيــة وعمليــة‪ ،‬للمجــاالت التــي تســتدعي‬
‫التعــاون والتنســيق‪ ،‬والجهــات املعنيــة بــه‪ ،‬واآلليــات املقرتحــة لتنزيلــه‪ ،‬وذلــك انطالقــا مــن أســس مرجعيــة‬
‫وتوجيهيــة ومبــادئ ناظمــة يتعــن اســتحضارها يف هــذا اإلطــار‪.‬‬
‫كــا يقــدم هــذا القســم توصيــات الهيئــة التــي أعــدت بشــأنها تقاريــر موضوعاتيــة مصاحبــة‪ .‬ويتعلــق األمــر‬
‫بالتقاريــر املوضوعاتيــة املتمحــورة حــول ”التحــول الرقمــي ركيــزة أساســية للشــفافية ومكافحــة الفســاد”‪،‬‬
‫و“تنــازع املصالــح يف مامرســة الوظائــف العموميــة‪ :‬مــن أجــل منظومــة ناجعــة للتأطــر واملعالجــة والضبــط“‪،‬‬
‫و “الصحافــة االســتقصائية‪ :‬مــن أجــل دور فاعــل يف مكافحــة الفســاد“‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪38‬‬


‫القسم األول‬
‫تشخيص وضعية الفساد‬

‫‪39‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪40‬‬
‫تشخيص وضعية الفساد‬
‫يشــكل رصــد وتشــخيص وضــع الفســاد وتطــوره‪ ،‬منطلقــا هامــا إلنتــاج معرفــة معمقــة بهــذه الظاهــرة‪ ،‬تســمح‬
‫بفهــم هــذه اآلفــة وتجلياتهــا‪ ،‬واســتظهار أســبابها وآثارهــا‪ ،‬واإلملــام بأشــكالها واتجاهــات تطورهــا‪ ،‬وصــوال نحــو‬
‫اســتهدافها بالسياســات واإلجـراءات املناســبة للوقايــة منهــا ومكافحتهــا‪.‬‬
‫عــى هــذا األســاس‪ ،‬تواصــل الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا يف هــذا التقريــر‬
‫الســنوي رصدهــا لتطــور ظاهــرة الفســاد عــى املســتوى الــدويل واإلقليمــي والوطنــي‪ ،‬باالســتناد‪ ،‬مــن جهــة‪،‬‬
‫إىل مجموعــة مــن التقاريــر والدراســات الدوليــة والوطنيــة‪ ،‬لتحليــل املعطيــات الــواردة بهــا وتدقيقهــا ورصــد‬
‫التقاطعــات فيــا بينهــا‪ ،‬وباالعتــاد‪ ،‬مــن جهــة ثانيــة‪ ،‬عــى دراســتها وتحليلهــا وتحيينهــا ملصــادر املــؤرشات‬
‫الدوليــة املعتمــدة‪ ،‬ثــم بالعمــل‪ ،‬مــن جهــة أخــرة‪ ،‬عــى اســتثامر نتائــج البحــث الوطنــي الــذي أطلقــه مرصــد‬
‫الهيئــة خــال ســنة ‪ 2022‬يف قســمه املتعلــق باملواطنــن القاطنــن يف املغــرب واملغاربــة املقيمــن بالخــارج‪.‬‬
‫وجديــر باإلشــارة أن التشــخيص املعتمــد يف هــذا التقريــر يؤســس النطــاق العمــل الــذي ينهــض بــه مرصــد‬
‫الهيئــة يف هــذا اإلطــار‪ ،‬والــذي يعتمــد املســح امليــداين الواســع للمعطيــات الكميــة والنوعيــة ذات الصلــة‬
‫بظاهــرة الفســاد‪ ،‬ســواء عــى مســتوى اإلدراك أو عــى مســتوى الواقــع الــذي يواجهــه املواطنــون داخــل الوطــن‬
‫أو املقيمــون خارجــه‪ ،‬مبــا مــن شــأنه أن يوفــر أرضيــة تشــخيصية واقعيــة وموضوعيــة لهــذه الظاهــرة‪ ،‬علــا بأن‬
‫املســح امليــداين الــذي يضطلــع بــه املرصــد يف هــذا اإلطــار سيشــمل أيضــا رشيحــة املقاولــن وحامــي املشــاريع‪.‬‬
‫وفــق هــذا املنظــور التشــخييص‪ ،‬يتطــرق البــاب األول مــن هــذا القســم لوضعيــة الفســاد عــى املســتوى الدويل‪،‬‬
‫قبــل االنتقــال إىل اســتظهارها عــى املســتوى اإلقليمــي‪ ،‬عربيــا وإفريقيــا‪ ،‬يف البــاب الثــاين‪ ،‬وصــوال‪ ،‬يف البــاب‬
‫الثالــث‪ ،‬إىل اســتقراء وضعيــة الفســاد عــى املســتوى الوطنــي‪ ،‬مــن خــال رصــد واقعــه انطالقــا مــن مــؤرشات‬
‫اإلدراك واملتابعــات القضائيــة يف مرحلــة أوىل‪ ،‬قبــل االن ـراف يف مرحلــة ثانيــة‪ ،‬نحــو تحليــل وتحيــن وضــع‬
‫املغــرب وتطــوره مــن خــال تتبــع ودراســة متوقعــه يف املعطيــات التفصيليــة املك ِّونــة ملــؤرش إدراك الفســاد‪،‬‬
‫بلوغــا‪ ،‬يف البــاب الرابــع‪ ،‬إىل عــرض ملخــص نتائــج البحــث الوطنــي حــول الفســاد يف قســمه املتعلــق باملواطنــن‬
‫املقيمــن باملغــرب واملغاربــة املقيمــن بالخــارج‪.‬‬
‫الباب األول‪ :‬تطور الفساد عىل املستوى الدويل‬
‫إذا كان مــؤرش مــدركات الفســاد برســم ســنة ‪ ،2021‬الــذي جــاء بعــد أزيــد مــن ســنتني مــن تداعيــات جائحــة‬
‫كوفيــد ‪ ،19‬قــد رصــد االرتبــاط الوثيــق بــن انتهــاك الحقــوق والحريــات وتراجــع الدميقراطيــة وترســيخ قيــم‬
‫االســتبداد‪ ،‬وبــن ارتفــاع معــدالت ومســتويات الفســاد يف أغلــب دول العــامل‪ ،‬مبــا فيهــا الــدول الراســخة يف‬
‫الدميقراطيــة‪ ،‬فــإن مــؤرش مــدركات الفســاد برســم ســنة ‪ 2022‬قــد أبــرز وجــود عالقــة وطيــدة بــن العنــف‬
‫والفســاد‪ ،‬مؤكــدا عــى أن تدهــور الســلم العاملــي وعــدم القــدرة عــى حاميــة النــاس ألقــى بتداعياتــه عــى‬
‫مقومــات النزاهــة والشــفافية‪ ،‬باملــوازاة مــع مســاهمة الفشــل يف إحـراز تقــدم ملمــوس يف مكافحــة الفســاد‪،‬‬
‫يف تغذيــة االرتفــاع الحــايل يف العنــف وال ـراع‪.‬‬
‫إلبـراز تطــور الفســاد عــى املســتوى العاملــي ســنة ‪ ،2022‬يســتعرض الفصــل األول َ‬
‫قياســه يف مــؤرش مــدركات‬
‫الفســاد‪ ،‬قبــل االنتقــال يف الفصــل الثــاين إىل رصــد تطــوره يف بعــض مــؤرشات اإلدراك غــر املبــارشة‪.‬‬
‫‪41‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫الفصل األول‪ :‬وضعية الفساد حسب مؤرش مدركات الفساد برسم ‪2022‬‬
‫جــاء تقريــر منظمــة الشــفافية الدوليــة حــول مــؤرش مــدركات الفســاد برســم ‪ 1 2022‬مؤكــدا عىل أن مســتويات‬
‫الفســاد ظلــت يف حالــة ركــود عــى املســتوى العاملــي؛ حيــث إن معظــم دول العــامل مــا زالــت تســجل إخفاقــا‬
‫يف مكافحــة هــذه اآلفــة؛ إذ أن ‪ %95‬مــن البلــدان مل تحقــق أي تقـ ّدم عــى اإلطــاق أو حققــت تقد ًمــا ضئيـ ًـا‬
‫منــذ ســنة ‪ ،2017‬وظــل املعــدل العــام العاملــي دون تغيــر عنــد تنقيــط ‪ 100/43‬للعــام الحــادي عــر عــى‬
‫التــوايل‪ ،‬كــا سـ َّجل أكــر مــن ثلثــي البلــدان )‪ (%68‬نقطــا تقــل عــن ‪.100/50‬‬
‫عــى أســاس هــذه املعاينــة العامــة‪ ،‬وقــف مــؤرش مــدركات الفســاد برســم ‪ ،2022‬مــن خــال تقييمــه لهــذه‬
‫املــدركات يف ‪ 180‬دولــة‪ ،‬عــى التصنيفــات العامــة املتعلقــة أساســا بتقــدم دول أوروبــا الغربيــة واالتحــاد‬
‫األورويب‪ ،‬يف تنقيــط هــذا املــؤرش‪ ،‬مقابــل التموقــع املتأخــر إلفريقيــا جنــوب الصح ـراء‪ ،‬مــع تســجيل تقهقــر‬
‫واضــح للــدول التــي تعــاين مــن االســتبداد أو مــن رصاعــات مســلحة‪ ،‬كســوريا وجنــوب الســودان والصومــال‪،‬‬
‫تضــاف إليهــا فنزويــا‪ ،‬واليمــن‪ ،‬وكوريــا الشــالية‪ ،‬وهايتــي‪ ،‬وغينيــا االســتوائية‪ ،‬وبورونــدي‪.‬‬
‫ومبنظــور شــمويل‪ ،‬إذا كان املعــدل العــام للتنقيــط العاملــي قــد تــم تحديــده يف ‪ ،100/43‬فقــد ُسـ ِّجلت تفاوتات‬
‫هامــة بــن املجموعــات القطريــة يف العــامل‪ ،‬حيــث اســتقر معــدل التنقيــط يف ‪ 100/66‬بالنســبة ألوروبــا الغربيــة‬
‫واالتحــاد األورويب‪ ،‬والــذي ســجلت فيــه الدامنــارك أعــى تنقيــط بـــ ‪ 100/90‬مقابــل أدىن تنقيــط ســجلته املجــر‬
‫بـــ ‪ ،100/42‬متبوعــة بآســيا واملحيــط الهــادئ بـــ ‪ ،100/45‬ســجلت فيهــا نيوزيالندا أعــى تنقيــط ب ‪ ،100/87‬يف‬
‫حــن ســجلت كوريــا الشــالية أدىن تنقيــط بـــ ‪ ،100/17‬وتــأيت يف املرتبــة الثالثــة األمريكتــان بـ ‪ ،100/43‬ســجلت‬
‫فيهــا كنــدا واألوروغــواي أعــى تنقيــط بـــ ‪ 100/74‬مقابــل ‪ 100/14‬كأدىن تنقيــط ســجلته فنزويــا‪ ،‬واحتلــت‬
‫منطقــة الــرق األوســط وشــال إفريقيــا املرتبــة الرابعــة بـــ ‪ ،100/38‬ســجلت فيهــا اإلمــارات العربيــة املتحــدة‬
‫أعــى تنقيــط بـــ ‪ 100/67‬مقابــل ‪ 100/13‬كأدىن تنقيــط ســجلته ســوريا‪ ،‬ثــم تــأيت يف املرتبــة الخامســة أوروبــا‬
‫الرشقيــة وآســيا الوســطى بـــ ‪ ،100/35‬ســجلت فيهــا جورجيــا أعــى تنقيــط بـــ ‪ 100/56‬مقابــل أدىن تنقيــط‬
‫ســجلته تركامنســتان بـــ ‪ ،100/19‬واحتلــت الرتبــة األخــرة منطقــة إفريقيــا جنــوب الصحـراء بتنقيــط ‪،100/32‬‬
‫ســجلت فيهــا السيشــيل أعــى تنقيــط بـــ ‪100/70‬مقابــل أدىن تنقيــط ســجلته الصومــال بـــ ‪.100/12‬‬

‫‪https://www.transparency.org/en/cpi/2022 -1‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪42‬‬


‫ومل يفــت مــؤرش مــدركات الفســاد برســم ‪ 2022‬أن يســجل التقــدم الــذي حققتــه مجموعــة مــن الــدول‪ ،‬مــن‬
‫قبيــل أنغــوال التــي تقدمــت بأربــع نقــط (‪ ،)100/33‬وإيرلنــدا بثــاث نقــط (‪ ،)100/77‬وأرمينيــا بثــاث نقــط‬
‫(‪ ،)100/46‬وفيتنــام بثــاث نقــط (‪ ،)100/42‬ومولدوفــا بثــاث نقــط (‪ ،)100/39‬وأوزبكســتان بثــاث نقــط‬
‫(‪ ،)100/31‬مقابــل تراجــع دول مثــل اململكــة املتحــدة التــي تقهقــرت بخمــس نقــط (‪ ،)100/73‬ولوكســمبورغ‬
‫بأربــع نقــط(‪ )100/77‬والنمســا بثــاث نقــط (‪ ،)100/71‬ومنغوليــا بنقطتــن (‪.)100/27‬‬
‫ويف إطــار تأكيــده عــى ارتبــاط ارتفــاع معــدالت الفســاد بتدهــور الســلم العاملــي‪ ،‬أكــد مــؤرش مــدركات الفســاد‬
‫ـات منخفضة‬ ‫أيضا عــى درجـ ٍ‬ ‫بــأن الــدول التــي سـ ّجلت مســتويات عليــا مــن العنــف وعــدم االســتقرار‪ ،‬حصلــت ً‬
‫جـ ًدا يف مــؤرش ُمــد َركات الفســاد‪ ،‬مؤكــدا عــى أن الــدول التــي لديهــا مســتويات عليــا من الفســاد‪ ،‬تســجل أيضا‬
‫مســتويات عليــا مــن الجرميــة املنظمــة ومــن التهديــدات األمنيــة املختلفــة‪ ،‬و ُمنبهــا إىل عــدم قــدرة الحكومــات‬
‫التــي ينخرهــا الفســاد عــى حاميــة النــاس وكبــح الســخط العــام الــذي يتحــول يف الغالــب إىل عنــف‪.‬‬
‫ووقــف مــؤرش مــدركات الفســاد بهــذا الخصــوص عــى مظاهــر متعــددة مــن التهديــدات األمنيــة التــي تتحــول‬
‫إىل عامــل إنتــاج للفســاد ويف نفــس الوقــت تتغــذى منــه وتنتعــش فيــه؛ مســتعرضا يف هــذا الشــأن معانــاة‬
‫أج ـزاء كثــرة مــن األمريكتــن‪ ،‬والــرق األوســط وشــال إفريقيــا‪ ،‬وأوروبــا الرشقيــة وأســيا الوســطى‪ ،‬وآســيا‬
‫واملحيــط الهــادي‪ ،‬وإفريقيــا جنــوب الصحــراء‪ ،‬مــن تشــابك القــوى السياســية واالقتصاديــة‪ ،‬ومــن القيــود‬
‫والهجــات عــى الفضــاء املــدين والحريــات األساســية‪ ،‬ومــن تقويــض العمليــات الدميقراطيــة؛ حيــث تهــدد‬
‫األزمــات املتعــددة األمــن واالســتقرار والدميقراطيــة وحقــوق اإلنســان؛ مبــا يجعــل بلــدان هــذه املناطــق غــر‬
‫قــادرة عــى إح ـراز تقــدم كبــر يف مكافحــة آفــة الفســاد‪.‬‬
‫كــا ســلط مــؤرش مــدركات الفســاد برســم ‪ ،2022‬الضــوء عــى أشــكال التواطــؤ والتســاهل املقــدم‪ ،‬يف كثــر‬
‫مــن األحيــان‪ ،‬مــن طــرف الــدول ذات االقتصاديــات املتقدمــة‪ ،‬لفائــدة الرتحيــب باألمــوال املنهوبــة‪ ،‬مــا يســمح‬
‫للحــكام الفاســدين بزيــادة ثرواتهــم وقوتهــم وتطلعاتهــم السياســية‪ ،‬الفتــا االنتبــاه إىل أن العواقــب الكارثيــة‬
‫لتواطــؤ االقتصاديــات املتقدمــة يف الفســاد العابــر للحــدود‪ ،‬أصبحــت واضحــة بشــكل مفــزع يف أعقــاب الغــزو‬
‫الــرويس ألوكرانيــا‪.‬‬
‫وملواجهــة هــذه املعضــات‪ ،‬أوىص مــؤرش مــدركات الفســاد بــرورة تعزيــز الشــفافية وتقويــة املؤسســات‪،‬‬
‫وإرشاك الجمهــور يف صنــع الق ـرار وإعطــاء األولويــة للرقابــة واملشــاركة الكاملــة والهادفــة للمجتمــع املــدين‪،‬‬
‫وتضييــق الخنــاق عــى رسيــة الــركات والرشــوة األجنبيــة والعوامــل التمكينيــة التــي تســهل مظاهــر التواطــؤ‬
‫مــع تتبــع األصــول غــر املرشوعــة والتحقيــق فيهــا ومصادرتهــا وإعادتهــا إىل الضحايــا‪.‬‬
‫بعــض األرقــام الصادمــة التــي أعلــن عنهــا تقريــ ٌر صــادر عــن مجموعــة الخــر بالربملــان‬ ‫ُ‬ ‫وكانــت‬
‫األورويب‪ ،‬قــد كشــفت‪ ،‬بشــكل ضمنــي‪ ،‬عــن املكاســب التــي ميكــن أن تجنيهــا الــدول الفقــرة مــن‬
‫القضــاء عــى مظاهــر تواطــؤ االقتصاديــات املتقدمــة يف الفســاد العابــر للحــدود‪ ،‬حــن أكــد عــى أن‬
‫التكلفــة الباهظــة للفســاد واملقــ َّدرة يف االتحــاد األورويب لوحــده بـــ ‪ 904‬مليــار أورو يف الســنة‪ ،‬بإمكانهــا‬
‫القضــاء عــى املجاعــة يف العــامل (‪ 229‬مليــار أورو)‪ ،‬وتوفــر التعليــم األســايس لجميــع أطفــال ‪ 45‬دولــة‬
‫ذات الدخــل الضعيــف واملتوســط (‪ 22‬مليــار أورو)‪ ،‬وكــذا املــاء الــروب والتجهيــزات الطبيــة (‪129‬‬
‫مليــار أورو)‪ ،‬إضافــة إىل توفــر العالجــات الصحيــة يف الــدول ذات الدخــل املتوســط (‪ 115‬مليــار أورو)‪.2‬‬

‫‪.The costs of corruption across the EU. The greens/EFA in the European Parliament. 7th December 2018.P2-3 -2‬‬
‫‪43‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫الفصل الثاين‪ :‬وضعية الفساد حسب بعض مؤرشات اإلدراك غري املبارشة‬
‫جديــر باملالحظــة أن الخالصــة التــي انتهــى إليهــا مــؤرش مــدركات الفســاد برســم ‪ ،2022‬واملتعلقــة بارتبــاط‬
‫ارتفــاع معــدالت الفســاد بتدهــور الســلم العاملــي‪ ،‬ت ُعززهــا نتائــج مــؤرش الســام العاملــي‪ 3‬الــذي يصــدره معهــد‬
‫االقتصــاد والســام بواشــنطن‪ ،‬والــذي أبــرزت نتائ ُجــه الخاصــة بســنة ‪ 2022‬تدهــو َر الســام العاملــي بنســبة‬
‫‪ 0.42‬يف املائــة كاســتمرار ملســار التدهــور الــذي انطلــق منــذ ثــاث عــرة (‪ )13‬ســنة‪ ،‬وذلــك نتيجــة لتقهقــر‬
‫‪ 79‬دولــة ضمــن ‪ 163‬دولــة خضعــت للتحليــل؛ حيــث احتلــت دولــة إيســلندا املرتبــة األوىل بتنقيــط ‪،1.124‬‬
‫مقابــل احتــال دولــة أفغانســتان املرتبــة ‪ 163‬بتنقيــط ‪ .3.448‬علــا بــأن ‪ 1‬يعــادل أعــى تنقيــط مقابــل ‪5‬‬
‫الــذي يعــادل أدىن تنقيــط‪ .‬ولتســليط الضــوء عــى حــدود هــذا التدهــور‪ ،‬أكــد مــؤرش الســام العاملــي أنــه‬
‫ضمــن ثالثــة وعرشيــن (‪ )23‬مــؤرشا فرعيــا‪ ،‬طــال التدهــو ُر أحـ َد عــر (‪ )11‬مــؤرشا‪ ،‬فيــا عرفــت عــرة (‪)10‬‬
‫مــؤرشات فرعيــة بعــض التحســن‪ ،‬يف حــن بقــي مــؤرشان دون تغيــر‪ .‬ويف نفــس هــذا التوجــه‪ ،‬أكــد هــذا املــؤرش‬
‫أنــه ضمــن ‪ 163‬دولــة مشــمولة بقياســه‪ ،‬ســجلت خمــس وتســعون (‪ )95‬دولــة تدهــورا ملحوظــا‪ ،‬بينــا عرفــت‬
‫ســت وســتون (‪ )66‬دولــة بعــض التحســن‪ ،‬فيــا ظلــت دولتــان دون تغيــر‪.‬‬
‫وإلبـراز التكلفــة االقتصاديــة للعنــف‪ ،‬أكــد هــذا املــؤرش أن تأثــره بالنســبة للــدول العــر األكــر تــررا يعــادل‬
‫‪ 34‬يف املائــة مــن الناتــج املحــي اإلجــايل‪ ،4‬مقابــل ‪ 2.9‬يف املائــة بالنســبة للــدول العــر األقــل تــررا‪.‬‬
‫وجديــر باإلشــارة أن نتائــج مــؤرش الســام العاملــي تتقاطــع معهــا نتائــج مــؤرش التنميــة البرشيــة ‪2022-2021‬‬
‫املعنــون بـــ ”زمــن بــا يقــن‪ ،‬حيــاة بــا اســتقرار‪ “5‬؛ حيــث أكــد تفاقـ َم الشــعور باإلحبــاط واالغـراب إزاء ال ُّنظم‬
‫السياســية‪ ،‬وانحســار املامرســة الدميقراطيــة رغــم الدعــم العاملــي الكبــر لهــا‪ ،‬والعنــف بشــتى أنواعــه مــن‬
‫الجرميــة املنظمــة إىل النزاعــات املســلحة‪ ،‬مث ـرا االنتبــاه إىل أن تص ـ ّور انعــدام األمــن بلــغ مســتويات مقلقــة؛‬
‫إذ أن أكــر مــن ‪ 6‬ضمــن ‪ 7‬أشــخاص عــى املســتوى العاملــي يشــعرون بانعــدام األمــن‪ ،‬وهــو شــعور يرافقــه‬
‫انهيــار الثقــة املــؤدي بــدوره إىل زعزعــة االســتقرار‪ ،‬مــا أدخــل العــامل يف مفارقــة يصطــدم فيهــا التقــدم مــع‬
‫انعــدام األمــن‪.‬‬
‫وتأكيــدا للعالقــة التــي أقرهــا مــؤرش مــدركات الفســاد بــن تفــي العنــف والقيــود املفروضــة عــى الحريــات‬
‫األساســية والفضــاء املــدين وانتعــاش الفســاد‪ ،‬أفضــت نتائــج مــؤرش الحريــة الصــادر عــن مؤسســة فريــدوم‬
‫هــاوس يف شــهر مــارس ‪ 6 2023‬؛ إىل التأكيــد عــى أن الحريــة العامليــة تراجعــت للعــام الســابع عــر عــى‬
‫التــوايل‪ ،‬وأن الدميقراطيــة نفســها تتعــرض للتهديــد يف كثــر مــن أنحــاء العــامل‪ ،‬حيــث تــم تســجيل معظــم‬
‫الرتاجعــات يف الحريــات املدنيــة والحقــوق السياســية وحريــة الفكــر واســتقالل القضــاء عــى مــدار العقــد‬
‫املــايض يف إفريقيــا وآســيا الوســطى والــرق األوســط وشــال أفريقيــا؛ وهــي تراجعــات ســاهمت يف تغذيتهــا‬
‫املشــكالتُ االقتصاديــة‪ ،‬حيــث أدى النمــو الضعيــف والديــون العاليــة ونقــص الفــرص والفســاد والتفــاوت يف‬
‫الدخــل إىل انتشــار االســتبداد‪.‬‬

‫‪https://cnxus.org/ar/event/2023-global-peace-index-launch/ - 3‬‬
‫هو مؤرش يقيس السلم العاملي؛ حيث يقدم تحليال شموليا وبيانيا حول اتجاهات السالم‪ ،‬وقيمته االقتصادية‪ ،‬وكيفية تطوير مجتمعات مساملة‪ .‬كام يقيس حالة السالم من خالل ثالثة مجاالت تشمل مستوى األمان واألمن‬
‫املجتمعيني‪ ،‬ومدى الرصاع املحيل والدويل الجاري‪ ،‬ودرجة العسكرة‪.‬‬
‫‪ -4‬يحتسب هذا املؤرش الوقع االقتصادي للعنف عىل أساس ‪ 18‬مؤرشا ترتبط‪ ،‬عىل الخصوص‪ ،‬بالنفقات العسكرية وتكاليف النزاعات املسلحة والنفقات املرتبطة باألمن الداخيل ونفقات النزوح الجامعي لألفراد مبا فيها‬
‫النفقات التي توفرها املندوبية السامية لشؤون الالجئني التابعة لألمم املتحدة‪.‬‬
‫‪https://hdr.undp.org/system/files/documents/global-report-document/hdr2021-22overviewarpdf.pdf - 5‬‬
‫‪https://freedomhouse.org/sites/default/files/2023-03/FIW_World_2023_DigtalPDF.pdf - 6‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪44‬‬


‫ولتســليط الضــوء عــى املنحــى التنــازيل للحقــوق السياســية واملدنيــة يف العــامل؛ وقــف هــذا املــؤرش عــى‬
‫أهــم الرتاجعــات التــي طالــت هــذه الحقــوق خــال الســنوات العــر األخــرة‪ ،‬مــرزة نِســب تراجعهــا لــدى‬
‫مجموعــة مــن الــدول وفــق مــا هــو موضــح يف الرســم البيــاين التــايل (اللــون‪ :‬مــدى احـرام الحريــات يف البلــد؛‬
‫مصحــوب مبســتوى تراجــع البلــد يف هــذا املــؤرش‪:)7‬‬

‫ويف تقاطــع مــع هــذه الرتاجعــات املســجلة يف مجــال الحقــوق السياســية واملدنيــة‪ ،‬تَبـ َّـن وجــود نقــص ملحــوظ‬
‫عــى مســتوى حقــوق املشــاركة يف مســار إعــداد وتنفيــذ امليزانيــة املاليــة للــدول‪ .‬وهــذا مــا ســجله مــؤرش‬
‫امليزانيــة املفتوحــة الــذي نرشتــه املنظمــة الدوليــة للرشاكــة امليزانياتيــة بتاريــخ ‪ 31‬مــاي ‪ .8.2022‬وتشــر نتائــج‬
‫هــذا املســح الــذي يتــم إجـراؤه مــرة كل ســنتني‪ ،‬إىل أن الكثــر مــن الــدول ال متنــح للمواطنــن إمكانيــات مالمئــة‬
‫للمشــاركة يف برمجــة ومراقبــة تنفيــذ امليزانيــة‪ ،‬وتعزيــز مقومــات الوضــوح الــكايف ملســار امليزانيــة؛ حيــث مل‬
‫يتجــاوز التنقيــط العاملــي للمــؤرش الفرعــي املتعلــق بالشــفافية ‪ ،100/45‬وتنقيــط املــؤرش الفرعــي املتعلــق‬
‫باملراقبــة ‪ ،100/52‬يف حــن ظــل التنقيــط العــام ملشــاركة املواطنــن يف مســتوى جــد متــدن ب ‪.100/14‬‬
‫والجديــر باإلشــارة أن مــؤرش امليزانيــة املفتوحــة يســتهدف قيــاس ولــوج املواطنــن إىل املعطيــات املتعلقــة‬
‫بامليزانيــة؛ مــن حيــث متكينهــم مــن معرفــة طــرق تحصيــل الحكومــة للمــوارد العموميــة‪ ،‬وآليــات ومجــاالت‬
‫إنفاقهــا‪ ،‬وذلــك باالعتــاد عــى تقييــم اإلمكانيــات املتاحــة للولــوج اإللكــروين للمواطنــن إىل هــذه املعطيــات‪،‬‬
‫وإتاحتهــا داخــل آجــال معقولــة‪ ،‬باإلضافــة إىل اكتــال وشــمولية الوثائــق الثامنيــة للميزانيــة؛ مبــا يســمح بتوفــر‬
‫معلومــات ومعطيــات كافيــة حــول امليزانيــة تتيــح فــرص إثــارة نقــاش عمومــي حولهــا‪.‬‬
‫‪.https://freedomhouse.org/sites/default/files/2023-03/FIW_World_2023_DigtalPDF.pdf, P12 -7‬‬
‫‪https://internationalbudget.org/wp-content/uploads/Open-budget-survey-2021-1.pdf - 8‬‬
‫‪45‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫وإلبـراز محدوديــة مشــاركة املواطنــن يف مســار امليزانيــة‪ ،‬أكــد مــؤرش امليزانيــة املفتوحــة عــى أنــه مــن بــن ‪120‬‬
‫دولــة خضعــت للتقييــم‪ ،‬ت َبـ َّـن أن ‪ 35‬منهــا فقــط تعتمــد مواصفــات كافيــة للشــفافية يف مامرســتها املاليــة‪ ،‬يف‬
‫حــن مل توفــر أي دولــة مــن هــذه األخــرة آليــات مالمئــة تتيــح للمواطنــن املســاهمة الوازنــة يف مســار امليزانيــة‪.‬‬
‫ومل يفــت هــذا املــؤرش أن يؤكــد عــى أن الــدول التــي تتوفــر عــى مامرســات كافيــة للشــفافية‪ ،‬تســتطيع أن‬
‫متــارس مراقبــة قويــة‪ ،‬كــا تســتطيع أن تعتمــد مامرســات ناجعــة ملشــاركة املواطنــن‪ ،‬وباملقابــل‪ ،‬ال تســتطيع‬
‫الــدول التــي ال تتوفــر عــى مامرســات كافيــة للشــفافية أن تؤســس ملراقبــة ومشــاركة وازنــة للمواطنــن‪.‬‬
‫وتــرز املعطيــات الكميــة لهــذا املــؤرش اإلمكانيــات الضعيفــة املرصــودة للمواطنــن للمســاهمة يف اتخــاذ‬
‫القـرارات املتعلقــة بامليزانيــة‪ ،‬واالضطــاع‪ ،‬بالنجاعــة واملســؤولية‪ ،‬بتتبــع مســارها‪ ،‬ومامرســة الرقابــة املعنويــة‬
‫عــى االنزالقــات املحتملــة يف تدبريهــا‪.‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬تطور الفساد عىل املستوى اإلقليمي‬
‫بالنظــر ملــا ميثلــه االنتــاء اإلقليمــي للمغــرب مــن أبعــاد جغرافيــة واقتصاديــة وجيوسياســية‪ ،‬واعتبــارا للعالقات‬
‫التــي تربطــه بعمقــه اإلفريقــي وبامتــداده العــريب‪ ،‬فــإن اإلحاطــة بوضــع الفســاد عــى املســتوى الوطنــي‬
‫تقتــي حتــا اســتجالءه عــى املســتوى اإلقليمــي‪ ،‬كمطلــب أســايس لتتبــع تطــوره ورصــد متوقــع املغــرب ضمــن‬
‫هــذا املحيــط‪ .‬ألجــل ذلــك‪ ،‬يتطــرق الفصــل األول لوضــع الفســاد عــى املســتوى العــريب‪ ،‬يف حــن يســتعرض‬
‫الفصــل الثــاين وضعــه عــى املســتوى اإلفريقــي‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬وضع الفساد مبنطقة شامل إفريقيا والرشق األوسط‬
‫مبعــدل عــام بلــغ ‪ 38‬درجــة مــن أصــل ‪ 100‬وبرتاجــع بنقطــة واحــدة عــن العــام املــايض‪ ،‬أكــد مــؤرش مــدركات‬
‫الفســاد برســم ‪ 2022‬عــى أن منطقــة الــرق األوســط وشــال أفريقيــا مــا زالــت تعــاين مــن إخفــاق التغيـرات‬
‫ـي‬‫التــي أُطْلقــت منــذ أكــر مــن عقــد مــن الزمــان يف تفكيــك هيــاكل الســلطة القامئــة‪ ،‬مــا تســبب يف تفـ ِّ‬
‫االضطرابــات املدنيــة‪ ،‬وعــدم االســتقرار‪ ،‬وتأجيــج الفســاد الســيايس‪ ،‬مبــا ســاهم يف تغذيــة االســتبداد والفســاد‬
‫والـراع يف مختلــف أنحــاء العــامل العــريب‪.9.‬‬
‫كــا ســجل هــذا املــؤرش تراجــع دول الخليــج هــذه الســنة مــن معــدل ‪ 53.6‬درجــة ســنة ‪ 2021‬إىل معــدل ‪51‬‬
‫درجــة ســنة ‪ ، 2022‬عازيــا ذلــك إىل ضيــق املســاحات املدنيــة‪ ،‬وضعــف قنــوات الوصــول إىل املعلومــات‪ ،‬وانخفاض‬
‫معــدالت الشــفافية‪ ،‬واالفتقــار إىل آليــات مســتقلة لكشــف ومنــع الفســاد املُمن َهــج مــع غيــاب آليــات الحامية من‬
‫الفســاد‪ ،‬وإبقــاء املواطنــن خــارج عمليــة صنــع القـرار وبــدون ُسـ ُبل متاحــة لدفــع عجلــة التغيــر االجتامعــي‪.‬‬
‫يف هــذا الســياق اإلقليمــي‪ ،‬يتضــح أنــه مــن أصــل ‪ 21‬دولــة عربيــة‪ ،‬مل تســتطع ســوى ثــاث دول أن تحقــق‬
‫معــدال يســاوي أو يفــوق ‪ 50‬درجــة‪ .‬ويتعلــق األمــر بــكل مــن اإلمــارات (‪ ،)67‬وقطــر (‪ ،)58‬والســعودية (‪.)51‬‬
‫وباملقابــل‪ ،‬بــوأت الدرجــاتُ املخولــة لــكل مــن ليبيــا (‪ ،)17‬واليمــن (‪ ،)16‬وســوريا (‪ ،)13‬والصومــال (‪ )12‬هــذه‬
‫الــدول احتــال املراتــب املتأخــرة يف التصنيــف العاملــي ملــؤرش مــدركات الفســاد‪ ،‬برتتيــب ي ـراوح بــن ‪175‬‬
‫و‪ 176‬و‪ 179‬و‪ 180‬مــن أصــل ‪ 180‬دولــة‪.‬‬

‫‪https://www.transparency.org/ar/news/cpi-2022-middle-east-north-africa-corruption-fuels-ongoing-conflict - 9‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪46‬‬


‫وباســتثناء دول الســودان والبحريــن وموريتانيــا التــي تقدمــت بدرجتــن مقارنــة مــع ‪ ،2021‬فــإن باقــي الــدول‬
‫إمــا ســجلت تراجعــا يف درجتهــا أو ظلــت تـراوح مكانهــا‪ ،‬كــا هــو موضــح يف الجــدول املــوايل‪:‬‬

‫‪2022‬‬ ‫‪2021‬‬
‫‪-2‬‬ ‫‪67‬‬ ‫‪69‬‬
‫‪-5‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪63‬‬
‫‪-2‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪53‬‬
‫‪-8‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪52‬‬
‫‪-2‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪49‬‬
‫‪-4‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪44‬‬
‫‪-1‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪43‬‬
‫‪+2‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪42‬‬
‫‪-1‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪39‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪33‬‬
‫‪-3‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪33‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬
‫‪+2‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪28‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪24‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪23‬‬
‫‪-1‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪20‬‬
‫‪+2‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪20‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪17‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪16‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪13‬‬
‫‪-1‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪13‬‬

‫وإذا كان مــؤرش مــدركات الفســاد برســم ‪ 2022‬يربــط تفــي الفســاد يف املنطقــة العربيــة‪ ،‬عــى الخصــوص‪،‬‬
‫بالضغــوط املفروضــة عــى الحريــات املدنيــة والسياســية وحريــة عمــل منظــات املجتمــع املــدين‪ ،‬مــع التأكيــد‬
‫عــى أهميــة عامــل الحريــات واملشــاركة يف االرتقــاء مبســتويات الشــفافية واملســاهمة بالتــايل يف الوقايــة مــن‬
‫ـج مــؤرش الحريــة الصــادر عــن منظمــة فريــدوم هــاوس يف شــهر‬ ‫الفســاد‪ ،‬فقــد أكــدت هــذه الحقائـ َـق نتائـ ُ‬
‫مــارس ‪10 2022‬؛ حيــث أبــرزت نتائ ُجــه ضعـ َـف التمتــع بالحريــات العامــة لــدى ‪ 13‬دولــة عربيــة مــن مجمــوع‬
‫‪ 18‬دولــة‪ ،‬مــع تســجيل تدهــور واضــح يف هــذه الحريــات لــدى مثــاين (‪ )8‬دول‪ ،‬وكــذا تســجيل تطابــق نســبي يف‬
‫تقهقــر دول مثــل قطــر واإلمــارات والســعودية يف مجــال الحريــة‪ ،‬مــع تراجعهــا هــذا العــام يف مــؤرش مــدركات‬
‫الفساد‪ ،‬كام هو موضح يف الجدول التايل مقارنة مع الجدول السابق‪:11‬‬

‫‪https://freedomhouse.org/sites/default/files/2023-03/FIW_World_2023_DigtalPDF.pdf -10‬‬
‫‪https://freedomhouse.org/countries/freedom-world/scores -11‬‬
‫‪47‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫‪56‬‬ ‫‪63‬‬ ‫‪20‬‬
‫‪43‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪37‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪37‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪13‬‬
‫‪36‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪33‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪32‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪10‬‬
‫‪29‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪16‬‬
‫‪25‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪24‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪18‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪18‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪12‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪0‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪9‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪-3‬‬

‫الفصل الثاين‪ :‬وضع الفساد عىل املستوى اإلفريقي‬


‫مبعــدل عــام قــدره ‪ 32‬درجــة مــن أصــل ‪ ،100‬احتلــت منطقــة إفريقيــا جنــوب الصح ـراء الرتبــة السادســة‬
‫واألخــرة يف مــؤرش مــدركات الفســاد برســم ‪ .2022‬وقــد ســجلت فيهــا دولــة السيشــل أعــى تنقيــط بـــ ‪100/70‬‬
‫مقابــل أدىن تنقيــط ســجلته الصومــال بـــ ‪ ،100/12‬علــا بــأن األداء الــيء للمنطقــة يبقــى هــو الســائد بشــكل‬
‫عــام يف مــؤرش مــدركات الفســاد؛ إذ إن ‪ 44‬دولــة مــن أصــل ‪ 49‬ســجلت أقــل مــن ‪ 50‬درجــة‪.‬‬
‫وهكــذا‪ ،‬فرغــم تحقيــق السيشــل لدرجــة ‪ ،100/70‬وكابــو فــردي ‪ ،100/60‬وبوتســوانا ‪ ،100/60‬وروانــدا‬
‫‪ ،100/51‬فــإن مجموعــة مــن الــدول اإلفريقيــة مل تتمكــن مــن بلــوغ ســقف ‪ 50‬درجــة؛ حيــث حصلــت عــى‬
‫الخصــوص ناميبيــا عــى درجــة ‪ ،100/49‬وجنــوب إفريقيــا وغانــا وبنــن والســينغال عــى ‪ ،100/43‬وبوركينــا‬
‫فاســو عــى ‪ ،100/42‬وتونــس عــى ‪ ،100/40‬واملغــرب عــى ‪ ،100/38‬فيــا حصلــت تشــاد عــى ‪،100/19‬‬
‫وبورونــدي وليبيــا وغينيــا االســتوائية عــى ‪ ،100/17‬وجنــوب الســودان عــى ‪ ،100/13‬والصومــال عــى ‪.100/12‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪48‬‬


‫تقصيــه ألســباب تفــي الفســاد بإفريقيــا‪ ،‬اعتــر مــؤرش مــدركات الفســاد برســم ســنة ‪ 2022‬أن عــدم‬ ‫ويف إطــار ِّ‬
‫االســتقرار الســيايس‪ ،‬واســتمرار الرصاعــات املســلحة‪ ،‬وعمليــات انتقــال الســلطة العنيفــة وزيــادة التهديــدات‬
‫اإلرهابيــة‪ ،‬تؤثــر ســلبا عــى هــذا الوضــع‪ ،‬باإلضافــة إىل ضعــف آليــات مواجهــة هــذه التهديــدات‪ ،‬نتيجــة‬
‫الفســاد الــذي يَحــول دون توفرهــا عــى القــوة الكافيــة وعــى القــدر الــكايف مــن املــوارد ويقــوض بالتــايل‬
‫تجــاوب الدولــة‪ ،‬بالنجاعــة املطلوبــة‪ ،‬مــع الحاجــة امللحــة إلق ـرار الســلم واجتثــات العنــف‪.‬‬
‫وقــد جــاء هــذا املعطــى واضحــا ومفصــا يف تقريــر مــؤرش الحريــة الــذي أصدرتــه منظمــة ‪Freedom house‬‬
‫يف مــارس ‪ ،12 2023‬والــذي أكــدت فيــه عــى أن األزمــات السياســية والنزاعــات عــى الســلطة والتغيــرات‬
‫املتناســلة يف القيــادة واالســتيالء عــى الســلطة مــن قبــل املســؤولني العســكريني أو التنفيذيــن والفســاد وســوء‬
‫اإلدارة‪ ،‬باإلضافــة إىل تداعيــات جائحــة كورونــا‪ ،‬كلهــا عوامــل مــا زالــت تقــوض جهــود إرســاء تقــدم دميقراطــي‬
‫بإفريقيــا‪ ،‬األمــر الــذي وضــع منســوب التمتــع بالحريــة‪ ،‬وفــق هــذا املــؤرش‪ ،‬يف مســتويات متدهــورة‪ ،‬كــا‬
‫يوضــح ذلــك هــذا الرســم البيــاين‪:13‬‬

‫اعتبــارا لهــذا الوضــع‪ ،‬جــاءت توصيــات مــؤرش الحريــة مؤكــدة عــى تثبيــت مســار الدميقراطيــة‪ ،‬وتثبيــت‬
‫الحقــوق‪ ،‬ورفــع القيــود عــى الحريــات‪ ،‬وفــرض تكاليــف عــى االســتبداد‪ ،‬وتعزيــز الفــرص االقتصاديــة‪ ،‬ومنارصة‬
‫املدافعــن عــن الحريــة‪ ،‬وبنــاء الحواجــز التقنيــة القانونيــة منهــا واالس ـراتيجية واملؤسســاتية‪ ،‬والعمــل عــى‬
‫إعــادة بنــاء الثقــة يف الدميوقراطيــة‪ ،‬مبــا مــن شــأن هــذه املجهــودات أن تحقــق التقــدم يف مكافحــة الفســاد‬
‫وزيــادة الشــفافية والوصــول إىل املعلومــات‪.14‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬تطور الفساد عىل املستوى الوطني‬
‫لرصــد تطــور الفســاد عــى املســتوى الوطنــي برســم ‪ ،2022‬تواصــل الهيئــة يف هــذا التقريــر االعتــاد عــى‬
‫تحليــل ودراســة املعطيــات الكميــة والنوعيــة التــي تعكــس اإلدراك العــام لظاهــرة الفســاد يف إطــار املــؤرشات‬
‫املبــارشة ورصــد تقاطعاتهــا مــع املــؤرشات األخــرى غــر املبــارشة يف الفصــل األول‪ ،‬واالنفتــاح عــى اســتقراء‬
‫حصيلــة املتابعــات لــدى الســلطات القضائيــة يف الفصــل الثــاين‪ ،‬كــا تُو ِّجــه جهودهــا نحــو تتميــم وتعميــق‬
‫التشــخيص عــر تحيــن تحليــل املعطيــات التفصيليــة املتعلقــة مبــؤرش مــدركات الفســاد يف الفصــل الثالــث‪.‬‬
‫‪https://freedomhouse.org/sites/default/files/2023-03/FIW_World_2023_DigtalPDF.pdf -12‬‬
‫‪ -13‬املرجع السابق‪.24 ،‬‬
‫‪14- https://freedomhouse.org/sites/default/files/2023-03/FIW_World_2023_DigtalPDF.pdf. P32-35‬‬
‫‪49‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫الفصل األول‪ :‬واقع الفساد من منظور مؤرشات اإلدراك‬
‫بحصولــه عــى درجــة ‪ 100/38‬يف مــؤرش مــدركات الفســاد برســم ‪ ،2022‬يكــون املغــرب قــد تراجــع بخمــس ‪5‬‬
‫نقــط خــال األربــع ســنوات األخــرة‪ ،‬مك ِّرســا مسلســل الرتاجــع يف هــذا املــؤرش‪ ،‬والــذي انطلــق منــذ ‪2018‬حــن‬
‫حصــل عــى درجــة ‪ ،100/43‬ليرتاجــع بدرجتــن ســنة ‪ 2019‬بحصولــه عــى ‪ ،100/41‬ثــم بدرجــة واحــدة ســنة‬
‫‪ 2020‬بحصولــه عــى ‪ ،100/40‬قبــل أن يرتاجــع بدرجــة أخــرى ســنة ‪ 2021‬بحصولــه عــى ‪ .100/39‬وانعكــس‬
‫هــذا الرتاجــع أيضــا عــى ترتيــب املغــرب ضمــن الئحــة الــدول التــي شــملها هــذا املــؤرش؛ حيــث انتقــل مــن‬
‫الرتبــة ‪ 37‬ضمــن ‪180‬دولــة ســنة ‪ 2018‬إىل الرتبــة ‪ 80‬ضمــن ‪ 180‬دولــة ســنة ‪ ،2019‬ثــم الرتبــة ‪ 86‬ضمــن ‪179‬‬
‫دولــة ســنة ‪ ،2020‬قبــل أن يرتاجــع إىل الرتبــة ‪ 87‬ضمــن ‪ 180‬دولــة ســنة ‪ ،2021‬ليواصــل مسلســل الرتاجــع ســنة‬
‫‪ 2022‬باحتاللــه الرتبــة ‪ 94‬ضمــن ‪ 180‬دولــة‪ ،‬مرتاجعــا ب ‪ 21‬رتبــة خــال األربــع ‪ 4‬ســنوات األخــرة‪.‬‬
‫متابعة املؤرش عىل مدى ما يناهز ربع قرن يفيض إىل أن هناك شبه ركود؛‬
‫إذ أن املغرب مل يحسن ترتيبه‪ ،‬وتنقيطُه مل يرق إال بنقطة واحدة‬

‫وعــى املســتوى العــريب‪ ،‬احتــل املغــرب ســنة ‪ 2022‬الرتبــة التاســعة (‪ )9‬مســبوقا بــكل مــن اإلمــارات وقطــر‬
‫والســعودية وســلطنة عــان واألردن وتونــس والكويــت والبحريــن‪ ،‬ومتبوعــا باثنتــي عــرة (‪ )12‬دولــة‪ ،‬تشــمل‬
‫الجزائــر ومــر وجيبــويت وموريتانيــا ولبنــان والعـراق وجــزر القمــر والســودان وليبيــا واليمــن وســوريا والصومال‪.‬‬
‫وعــى املســتوى اإلفريقــي‪ ،‬احتــل املغــرب مرتبــة وســطى‪ ،‬مســبوقا بإحــدى عــرة (‪ )11‬دولــة‪ ،‬تشــمل السيشــل‬
‫(‪ ،)100/70‬وكابــو فــردي (‪ ،)100/60‬وبوتســوانا (‪ ،)100/60‬وروانــدا (‪ ،)100/51‬وناميبيــا (‪ ،)100/49‬وجنــوب‬
‫إفريقيــا (‪ ،)100/43‬وغانــا (‪ ،)100/43‬والســينغال (‪ ،)100/43‬وبنــن (‪ ،)100/43‬وبوركينــا فاســو (‪،)100/42‬‬
‫وتونــس (‪.)100/44‬‬
‫وإذا كان مــؤرش مــدركات الفســاد برســم ‪ 2022‬يؤكــد عــى ارتبــاط ارتفــاع معــدالت الفســاد يف منطقــة الــرق‬
‫األوســط وشــال إفريقيــا بشــكل عــام برتاجــع األداء الدميقراطــي وبالضغــوط املفروضــة عــى الحريــات املدنيــة‬
‫والسياســية‪ ،‬فــإن رسيــان هــذا األمــر عــى املغــرب يبقــى مطروحــا‪ ،‬خاصــة وأن متوقعــه يف مــؤرش الحريــة الصادر‬
‫عــن منظمــة فريــدوم هــاوس‪ 15‬يف شــهر مــارس ‪ 2023‬يعكــس تجاوبــا ســلبيا ســواء مــع املــؤرش الفرعــي املتعلــق‬
‫بالحقــوق السياســية التــي حصــل فيهــا املغــرب عــى ثــاث عــرة (‪ )40/13‬نقطــة‪ ،‬أو مــع املــؤرش الفرعــي‬
‫املتعلــق بالحقــوق املدنيــة التــي حصــل فيهــا عــى أربــع وعرشيــن (‪ )60/24‬نقطــة‪ ،‬مبجمــوع نقــط ال يتجــاوز‬
‫(‪ ،)100/37‬مــا جعلــه مندرجــا ضمــن خانــة الــدول التــي منحهــا هــذا املــؤرش تقديـرا بوجــود "حريــة نســبية“‪.‬‬
‫‪https://freedomhouse.org/country/morocco/freedom-world/2023 - 15‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪50‬‬


‫كــا يرتبــط تراجــع املغــرب يف مــؤرش مــدركات الفســاد ومــؤرش الحريــة أيضــا برتاجعــه يف مــؤرش‬
‫الفعاليــة القضائيــة ومــؤرش نزاهــة الحكومــة املتفرعــن عــن مــؤرش الحريــة االقتصاديــة؛ وهــذا مــا ميكــن‬
‫استكشــافه مــن خــال اســتقراء نتائــج مــؤرش الحريــة االقتصاديــة الصــادر ســنة ‪ 2023‬عــن مؤسســة‬
‫“‪ ،16”The heritage foundation‬والــذي رغــم النتائــج املهمــة التــي حصــل عليهــا املغــرب يف بعــض املــؤرشات‬
‫الفرعيــة املكونــة لهــذا املــؤرش؛ كاملــؤرش الفرعــي الخــاص بتخفيــف األعبــاء الرضيبيــة (‪ ،)100/67.9‬أو املتعلــق‬
‫بالحريــة النقديــة (‪ )100/78.3‬أو بحريــة التجــارة (‪ ،)100/64.4‬أو الخــاص بحريــة األعــال (‪ ،)100/65.3‬أو‬
‫باإلنفــاق الحكومــي (‪ ،)100/72‬أو بالحريــة املاليــة (‪ ،)100/70‬أو بحرية االســتثامر (‪ ،)100/65‬أو بحقوق امللكية‬
‫(‪ ،)100/57.1‬إال أنــه ســجل تدهــورا يف املــؤرش الفرعــي املتعلــق بالفعاليــة القضائيــة‪ ،‬بحصولــه عــى‪،100/32.8‬‬
‫وانتكاســا يف املــؤرش الفرعــي املتعلــق بنزاهــة الحكومــة‪ ،‬بحصولــه عــى ‪.100/38.7‬‬
‫واعتبــارا لرتاجــع تنقيطــه يف هذيــن املؤرشيــن الفرعيــن‪ ،‬احتــل املغــرب‪ ،‬برصيــد ‪ ،100/58.4‬الرتبــة ‪ 97‬عامليــا‬
‫ضمــن ‪ 176‬دولــة يف مــؤرش الحريــة االقتصاديــة‪ ،‬فيــا تبــوأ املرتبــة الســابعة ضمــن ‪ 14‬دولــة مــن منطقــة‬
‫الــرق األوســط وشــال إفريقيــا‪ ،‬مرتاجعــا عــن العــام املــايض ب‪ ،0.8‬علــا بــأن ســنغافورة احتلــت املرتبــة‬
‫األوىل عــى الصعيــد العاملــي‪ ،‬تلتهــا عــى التــوايل ســويرسا‪ ،‬ثــم ايرلنــدا‪ ،‬ثــم تايــوان‪ ،‬ثــم نيوزيلنــدا‪ ،‬ثــم إســتونيا‪،‬‬
‫رش‪ ،‬الســودان‪ ،‬وفنزويــا‪ ،‬وكوبــا‪،‬‬ ‫فاللوكســمبورغ‪ ،‬ثــم هولنــدا‪ ،‬ثــم الدامنــارك‪ ،‬ثــم الســويد‪ ،‬فيــا تَذيَّلــت املــؤ َ‬
‫وكوريــا الشــالية‪.‬‬
‫ويف تقاطــع ملمــوس مــع تراجــع املغــرب يف املــؤرشات املشــار إليهــا أعــاه‪ ،‬جــاءت نتائــج مــؤرش ســيادة القانــون‬
‫الــذي تصــدره مؤسســة مــروع العدالــة الدولية‪17‬برســم ‪ 2022‬متقاربــة مــع الرتاجعــات املســجلة يف الحقــوق‬
‫رش تراجـ َع املغــرب يف املــؤرش‬
‫السياســية واملدنيــة والفعاليــة القضائيــة ونزاهــة الحكومــة؛ حيــث رصــد هــذا املــؤ ُ‬
‫الفرعــي املتعلــق بالعدالــة الجنائيــة (‪ ،)1/0.36‬وبغيــاب الفســاد (‪ ،)1/0.42‬وبالحقــوق األساســية (‪،)1/0.42‬‬
‫وبالحكومــة املنفتحــة (‪ ،)1/0.43‬ليحصــل بذلــك عــى تنقيــط عــام ال يتجــاوز (‪ ،،)1/0.48‬محتــا بهــذا التنقيــط‬
‫الرتبــة ‪ 94‬ضمــن ‪140‬دولــة‪ ،‬علــا بــأن أعــى تنقيــط عــام حصلــت عليــه الدامنــارك ب‪.1/0.9‬‬
‫أمــا عــى مســتوى مــؤرش امليزانيــة املفتوحــة الــذي نرشتــه املنظمــة الدوليــة للرشاكــة امليزانياتيــة بتاريــخ‬
‫‪ 31‬مــاي ‪18 2022‬؛ فبالرغــم مــن تســجيل املغــرب لتحســن يف التنقيــط العــام‪ ،‬بانتقالــه مــن ‪ 45‬إىل ‪،100/48‬‬
‫وانتقالــه مــن املرتبــة ‪ 62‬إىل املرتبــة ‪ ،55‬فإنــه ســجل يف املــؤرش الفرعــي املتعلــق باملشــاركة العموميــة يف‬
‫امليزانيــة‪ ،‬تنقيطــا ســلبيا مل يتجــاوز ‪ ،100/7‬كــا ســجل يف املــؤرش الفرعــي الخــاص باملراقبــة‪ ،‬تنقيطــا دون‬
‫املعــدل فيــا يتعلــق باملراقبــة الربملانيــة للميزانيــة‪ ،‬بـــ ‪ ،100/44‬فيــا حصــل عــى ‪ 100/50‬بالنســبة للمراقبــة‬
‫املنجــزة مــن قبــل الهيئــة العليــا للرقابــة‪.‬‬
‫وفــق هــذه املعطيــات‪ ،‬يؤكــد املــؤرش عــى أن املغــرب مطالــب بتحســن شــفافية امليزانيــة‪ ،‬خاصــة عــر النــر‬
‫اإللكــروين وداخــل اآلجــال املعقولــة للتقاريــر التمهيديــة للميزانيــة وتقريــر نهايــة الســنة املاليــة‪ ،‬مــع تضمــن‬
‫مــروع امليزانيــة للمعطيــات املتعلقــة بالتقدي ـرات متعــددة الســنوات للنفقــات واملــوارد‪ ،‬وكــذا املعلومــات‬
‫املتعلقــة بال َّديــن‪ ،‬وبتداعيــات السياســات الجديــدة املعتمــدة عــى املداخيــل‪.‬‬
‫‪https://www.heritage.org/index/pdf/2023/book/2023_IndexOfEconomicFreedom_FINAL.pdf - 16‬‬
‫‪./https://worldjusticeproject.org/rule-of-law-index/global/2022/Morocco -17‬‬
‫‪https://internationalbudget.org/wp-content/uploads/Open-budget-survey-2021-1.pdf - 18‬‬

‫‪51‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫ولتعزيــز مشــاركة املواطنــن يف امليزانيــة‪ ،‬مــن املهــم إعطــاء األولويــة إلرســاء آليــات منوذجيــة تضمــن انخـراط‬
‫املواطنــن‪ ،‬وخاصــة الفئــات الهشــة وغــر املمثلــة‪ ،‬ســواء بشــكل مبــارش أو عــر وســاطة املنظــات أو هيئــات‬
‫املجتمــع املــدين‪ ،‬يف مســار إعــداد امليزانيــة‪ ،‬يف أفــق توجيــه امليزانيــة نحــو االنفتــاح الفعــي عــى مبــدأ اإلرشاك‬
‫واألخــذ بعــن االعتبــار لالنتظــارات املعــر عنهــا‪ ،‬ولالحتياجــات الحقيقيــة لهــذه الفئــات‪.‬‬
‫وللنهــوض مبراقبــة امليزانيــة‪ ،‬مــن املناســب توجيــه جهــود الربملــان نحــو الدراســة املواكِبــة واآلنيــة ملســار‬
‫تنفيذهــا‪ ،‬وكــذا دراســة تقاريــر التدقيــق املنجــزة‪ ،‬مــع النــر اإللكــروين للدراســات املع ـ َّدة بهــذا الخصــوص‪.‬‬
‫ويف ارتبــاط وثيــق بالنتائــج املتقاربــة لجميــع هــذه املــؤرشات‪ ،‬جــاءت اســتطالعات الــرأي املنجــزة يف إطــار‬
‫البارومــر العــريب الصــادر يف شــهر أكتوبــر ‪ 2022‬حــول املغــرب‪ 19‬مؤكــدة عــى التغلغــل الكبــر للفســاد؛ حيــث‬
‫رصح أكــر مــن ‪ 7‬مــن كل ‪ 10‬مواطنــن باملغــرب (‪ 72‬باملائــة) بــأن الفســاد منتــر يف مؤسســات الدولــة والهيئات‬
‫الرســمية‪ .‬ون َّبــه البارومــر إىل أن تصــورات املواطنــن عــن الفســاد ليســت موحــدة‪ ،‬الفتــا االنتبــاه إىل أن الحاصلني‬
‫عــى مســتوى تعليمــي عــال (‪ 67‬باملائــة) يُقـ ُّرون بانتشــار الفســاد‪ ،‬مقابــل ‪ 74‬باملائــة مــن الحاصلــن فقــط عــى‬
‫تعليــم ثانــوي أو أقــل الذيــن يرصحــون بانتشــاره‪ ،‬وذلــك بفــارق ســبع (‪ )7‬نقــط مئويــة بــن الفئتــن‪.‬‬
‫كــا وقــف البارومــر عنــد مســألة ذات بعــد داليل مهــم‪ ،‬وهــي املتعلقــة بالنســبة العاليــة لإلق ـرار بتفــي‬
‫الفســاد يف مؤسســات الدولــة والهيئــات الرســمية‪ ،‬املعــر عنــه مــن طــرف املواطنــن الذيــن ليســت لهــم القــدرة‬
‫عــى تغطيــة نفقاتهــم (‪ 81‬باملائــة)‪ ،‬مقارنــة باإلقـرار املــرح بــه مــن طــرف املواطنــن الذيــن يتوفــرون عــى‬
‫قــدرة تغطيــة نفقاتهــم (‪ 61‬باملائــة)‪ ،‬وذلــك بفــارق ‪ 20‬نقطــة مئويــة بــن الفئتــن‪.‬‬
‫ويف نفــس االتجــاه‪ ،‬رصــد البارومــر العــريب الفجــوة امللحوظــة بخصــوص مــدركات املواطنــن حــول جهــود‬
‫الحكومــة للتصــدي للفســاد يف مؤسســات الدولــة والهيئــات الرســمية؛ حيــث تبــن لــه أن ســكان املــدن‬
‫( ‪50‬باملائــة) يقــرون بجهــود الحكومــة يف مكافحــة الفســاد‪ ،‬مقابــل ســكان املناطــق الريفيــة (‪ 43‬باملائــة)‬
‫الذيــن يقــرون بهــذه الجهــود‪ ،‬وذلــك بفــارق ‪ 8‬نقــط مئويــة بــن الفئتــن‪ ،‬وهــي نفــس الفجــوة التــي رصدهــا‬
‫البارومــر بــن مــدركات الحاصلــن عــى مســتوى تعليمــي عــال (‪ 52‬باملائــة) الذيــن يقــرون بجهــود الحكومــة‬
‫يف مكافحــة الفســاد‪ ،‬مقابــل ‪ 46‬باملائــة مــن الحاصلــن فقــط عــى تعليــم ثانــوي أو أقــل الذيــن يقــرون بهــذه‬
‫الجهــود‪ .‬كــا تتأكــد هــذه الفجــوة بــن مــدركات املواطنــن الذيــن ليســت لهــم القــدرة عــى تغطيــة نفقاتهــم‪،‬‬
‫والذيــن يقــر ‪ 4‬مــن كل ‪ 10‬منهــم بجهــود الحكومــة يف مكافحــة الفســاد بدرجــة كبــرة أو متوســطة‪ ،‬مقابــل ‪6‬‬
‫مــن كل ‪ 10‬مواطنــن ممــن يتوفــرون عــى قــدرة تغطيــة نفقاتهــم يقــرون بهــذه الجهــود‪.‬‬
‫إن الخالصــة التــي يســوقنا إليهــا هــذا الرصــد هــي تط ُّبــع الفســاد بالعوامــل االقتصاديــة واالجتامعيــة والرتابيــة‪،‬‬
‫حيــث يرتفــع مســتوى اإلدراك بتفاقــم الفســاد‪ ،‬بشــكل خــاص‪ ،‬يف أوســاط البــؤس والهشاشــة وال ُبعــد عــن‬
‫املركــز‪ .‬وهــذا يعنــي أن التكلفــة الكــرى للفســاد يتحمــل أعبا َءهــا الفق ـراء‪ ،‬وأن تجلياتــه ميكــن تل ُّمســها يف‬
‫الحقــوق التــي يُحــرم منهــا الفقـراء يف التعليــم الجيــد والســكن الالئــق والرعايــة الصحيــة والعدالــة املنصفــة؛‬
‫حيــث يجســد هــذا الحرمــان تفــي الفســاد وانخفــاض معــدالت الشــفافية‪ ،‬بعدمــا صــار االعتقــاد جازمــا لــدى‬
‫املنظــات املعنيــة بوجــود التقائيــة وثيقــة بــن ســوء الحكامــة والولــوج إىل الحقــوق األساســية‪.‬‬
‫‪https://www.arabbarometer.org/wp-content/uploads/ABVII_Morocco_Report-AR.pdf - 19‬‬
‫البارومرت العريب هو شبكة بحثية مستقلة وغري حزب ّية‪ ،‬تقدم نظرة ثاقبة عن االتجاهات والقيم االجتامعية والسياسية واالقتصادية للمواطنني العاديني يف العامل العريب‪ .‬تقوم الشبكة بإجراء استطالعات للرأي العام يف الرشق األوسط‬
‫وشامل أفريقيا ذات مستوى عا ٍل من الجودة واملصداقية منذ عام ‪ .2006‬يتم تدبري البارومرت العريب من قبل لجنة توجيهية يتكون أعضاؤها من قادة املراكز اإلقليمية يف أربع مؤسسات يف الرشق األوسط وشامل أفريقيا‪ ،‬وهي مركز‬
‫الدراسات اإلسرتاتيجية يف الجامعة األردنية يف عامن‪ ،‬واملركز الفلسطيني للبحوث السياسية واملسحية يف رام الله‪ ،‬ومعهد البحوث االجتامعية واالقتصادية واملسحية يف جامعة قطر يف الدوحة‪ ،‬ومؤسسة “‪ ”One to One‬للبحث‬
‫واالستطالعات يف تونس‪ .‬وتضم اللجنة أيضا اثنني من الباحثني الرئيسيني يف الشبكة البحثية من جامعة ميشيغان‪ .‬تتم إدارة العمليات اليومية بواسطة مدير املرشوع وفريق من املتخصصني مق ّرهم يف الواليات املتحدة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪52‬‬


‫وقــد ســبق ملنظمــة الشــفافية الدوليــة أن ســلطت الضــوء عــى هــذه االلتقائيــة‪ ،‬مســتظهِرة تجلياتهــا يف العالقة‬
‫بــن الفســاد وانتهــاك الحــق يف املســاواة وعــدم التمييــز‪ ،‬ويف العدالــة املنصفــة‪ ،‬ويف املشــاركة السياســية‪ ،‬ويف‬
‫الحقــوق االقتصاديــة واالجتامعيــة والثقافيــة‪ ،‬ويف الحــق يف الغــداء‪ ،‬ويف الســكن الالئــق‪ ،‬ويف الصحــة‪ ،‬والرتبيــة‪،‬‬
‫واملــاء‪ ،‬ويف االســتفادة مــن أمــوال دعــم الربامــج االجتامعيــة‪.20‬‬
‫وعــى العمــوم‪ ،‬تؤكــد نتائــج البارومــر العــريب الواقـ َع املعايَــن لتقهقــر مســتويات الثقــة يف املؤسســات الوطنيــة‬
‫وتــدين نِســب الــرىض إزاء الجهــود املبذولــة ملكافحــة الفســاد؛ األمــر الــذي مــا فتئــت الهيئة تنبــه إليــه‪ ،‬بتأكيدها‬
‫عــى حتميــة بنــاء الثقــة باعتبارهــا عنـرا أساســيا لالنخـراط يف أي مــروع مجتمعــي‪ ،‬وجـرا أساســيا ال محيد‬
‫عنــه لخلــق الديناميــة املجتمعيــة ضــد الفســاد‪ ،‬وذلــك بتوجيــه الجهــود نحــو ترسيــع االنتقــال الفعــي إىل‬
‫مرحلــة جديــدة يف مكافحــة الفســاد‪ ،‬كفيلــة بفتــح البــاب أمــام وضــع قطــار التنميــة عــى ســكة مســار متــن‬
‫وشــمويل ومســتدام‪ ،‬يرفــع منســوب االســتفادة مــن مخرجــات برامــج ومشــاريع التنميــة‪ ،‬وبــإذكاء ديناميــة‬
‫معبِّئــة وتنزيــل االلتـزام بجعــل الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه أولويــة وطنيــة‪ ،‬مــع العمــل‪ ،‬باملــوازاة‪ ،‬عــى‬
‫تثبيــت املكتســبات الحقوقيــة‪ ،‬والتنزيــل األمثــل ملبــدأ ســيادة القانــون‪ ،‬والنهــوض بهيئــات الوســاطة لتعزيــز‬
‫دورهــا يف التأطــر واملواكبــة وترســيخ مقومــات الثقــة يف املجتمــع‪.‬‬
‫يف غيــاب هــذا الترسيــع‪ ،‬ســتظل معــدالت الثقــة ضعيفــة‪ ،‬وســينعكس ضعفُهــا عــى مســتلزمات االنخ ـراط‬
‫والتجــاوب البنــاء مــع املبــادرات وتحريــر الطاقــات‪ ،‬مبــا يحــول دون التــاس وقعهــا وآثارهــا اإليجابيــة لــدى‬
‫املواطــن واملقاولــة‪ .‬وهــذا األمــر تتقاطــع فيــه مجموعــة مــن تقاريــر مؤسســات ومنظــات وطنيــة ودوليــة‪،‬‬
‫حيــث ســبق لصنــدوق النقــد الــدويل‪ 21‬أن لفــت االنتبــاه إليــه حــن أكــد عــى أن الطريــق مــا زال طويــا أمــام‬
‫بلــدان الــرق األوســط وشــال إفريقيــا وآســيا الوســطى لكســب قــدر أكــر مــن ثقــة املواطنــن‪ ،‬بالنظــر لضعف‬
‫الحوكمــة والفســاد اللذيــن ميثــان مشــكلة خطــرة يف املنطقــة؛ حيــث تســجل بلدانهــا معــدالت منخفضــة فيــا‬
‫يتصــل بالتصــورات املتعلقــة بجــودة الخدمــات العامــة‪ ،‬والخدمــة املدنيــة‪ ،‬وصياغــة السياســات‪ ،‬وتنفيذهــا‪.‬‬
‫إن مــا ميكــن اســتنتاجه مــن مختلــف املــؤرشات املعتمــدة يف هــذا التشــخيص‪ ،‬هــو تواترهــا عــى مالمســة‬
‫األعطــاب املهيكلــة التــي ت ُلقــي بتداعياتهــا الســلبية عــى متوقــع املغــرب يف مــؤرشات الفســاد بصفــة عامــة‬
‫ويف مــؤرش مــدركات الفســاد عــى الخصــوص؛ وهــي األعطــاب التــي تســلط األضــواء عــى األســباب العميقــة‬
‫لتكريــس الوضــع املتفاقــم للفســاد باملغــرب‪ ،‬والــذي يَجــد تجلياتــه يف األعطــاب التــي تشــوب جميــع املجــاالت‬
‫ســواء كانــت تتعلــق مبجــال الحقــوق والحريــات أو النجاعة القضائية أو املســاواة يف االســتفادة من اســتحقاقات‬
‫التنميــة البرشيــة‪ ،‬األمــر الــذي مــن شــأنه أن يرخــي بظاللــه عــى مبــدأ تكافؤ الفــرص‪ ،‬ويؤثر ســلبا عىل املســاواة‬
‫يف الولــوج إىل وســائل اإلنتــاج‪ ،‬ويــؤدي إىل حــر تراكــم الدخــل وفــرص خلــق الــروات عــى فئــة قليلــة مــن‬
‫املجتمــع‪ ،‬كــا ت ُربهــن عــى ذلــك املعطيــات املتعلقــة مبســتوى الرتكيــز القــوي الــذي يطبــع االقتصــاد الوطنــي‬
‫رح‬ ‫("‪ 387‬مقاولــة وطنيــة يشــكل رقــم معامالتهــا مجتمعــة ‪ 50‬يف املائــة مــن إجــايل رقــم املعامــات امل ـ َّ‬
‫رصحــة‪ ".‬وهــذا املعــدل يبقــى‬ ‫بــه‪ ،‬يف حــن أنهــا ال متثــل ســوى ‪ 0.16‬يف املائــة مــن مجمــوع املقــاوالت امل ِّ‬
‫رح بــه‪ .‬كــا أن‬ ‫رصحــة بالنســبة ل ‪ %80‬مــن إجــايل رقــم املعامــات امل ـ َّ‬ ‫يف حــدود ‪ 2%‬مــن املقــاوالت امل ِّ‬
‫"‪ 73‬مقاولــة تســاهم بنســبة ‪ 50‬يف املائــة مــن حجــم الرضيبــة عــى الــركات‪ ،‬علـاً أنهــا تشــكل ‪ 0.06‬يف املائــة‬
‫رصحــة‬ ‫رصحــة"‪ .‬وهــذا املعــدل يبقــى يف حــدود ‪ 0.83‬يف املائــة مــن املقــاوالت امل ِّ‬ ‫مــن مجمــوع املقــاوالت امل ِّ‬
‫‪Corruption and human rights: Making the connection; transparency international; 2009. P32/58 -20‬‬
‫‪ -21‬صندوق النقد الدويل‪" :‬إصالح الحوكمة االقتصادية لدعم النمو االحتوايئ يف الرشق األوسط وشامل إفريقيا وآسيا الوسطى " إدارة الرشق األوسط وآسيا الوسطى‪.2021 :‬‬
‫‪53‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫بالنســبة ل ‪ %80‬مــن مجمــوع ارادات الدولــة مــن الرضيبــة عــى الــركات)‪.22‬‬
‫كــا يســاهم هــذا الوضــع يف توســيع دائــرة اقتصــاد الريــع‪ ،‬وتناســل مظاهــر االقتصــاد الخفــي‪ ،‬مبــا يفاقــم‬
‫وضعيــة الفســاد ويســاهم يف مضاعفــة بــؤره ومعاقلــه؛ وكلهــا معطيــات جعلــت الهيئــة تشــدد عــى حتميــة‬
‫االرتقــاء مبحــور الحكامــة ومكافحــة الفســاد ليتبــوأ موقــع الصــدارة يف بلــورة وإعــداد السياســات العموميــة‬
‫الهادفــة إىل تحقيــق التنميــة‪ ،‬لضــان التــاس نتائجهــا مــن طــرف ســائر املعنيــن‪ ،‬وتحقيقها لألهداف املســطرة‪.‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬واقع الفساد من زاوية متابعات القضاء الجنايئ واملايل‬
‫‪23‬‬
‫الســتظهار وضعيــة الفســاد يف املغــرب مــن زاويــة املتابعــات القضائيــة‪ ،‬ســجل تقريــر رئاســة النيابــة العامــة‬
‫برســم ســنة ‪ 2021‬تلقــي الخــط املبــارش للتبليــغ عــن الرشــوة مــا مجموعــه ‪ 8090‬مكاملــة‪ ،‬مبعــدل يتجــاوز ‪60‬‬
‫مكاملــة يوميــا‪ ،‬وقــد مكــن هــذا الخــط منــذ بدايــة العمــل بــه مــن ضبــط ‪ 205‬حالــة تلبــس بجرميــة الرشــوة‪،‬‬
‫صــدرت بشــأنه أحــكام قضائيــة‪.24‬‬
‫وكان تقريــر رئاســة النيابــة العامــة برســم ‪ 2020‬قــد أشــار إىل أن الحــاالت املضبوطــة تتعلــق برشــاوى تـراوح‬
‫بــن مبالــغ بســيطة ال تتعــدى ‪ 50‬درهــا ومبالــغ مهمــة بلغــت يف إحــدى الحــاالت ‪ 300.000‬درهــم‪ .‬كــا أن‬
‫القطاعــات التــي يتعامــل معهــا املواطــن بشــكل يومــي هــي املعنيــة أكــر بالحــاالت التــي تــم ضبطهــا‪.‬‬
‫وتهــم القطاعــات املعنيــة بحــاالت التلبــس التــي تــم ضبطهــا برســم ســنة ‪2021‬؛ أعــوان ورجــال الســلطة‬
‫(‪ ،)51‬الجامعــات الرتابيــة (‪ ،)35‬الــدرك امللــي واألمــن الوطنــي وامليــاه والغابــات والوقايــة املدنيــة والقــوات‬
‫املســاعدة (‪ ،)41‬وســطاء (‪ ،)19‬الصحــة (‪ ،)14‬العــدل (‪ ،)10‬التجهيــز والنقــل (‪ ،)7‬مســتخدمني بالقطــاع الخــاص‬
‫(‪ ،)11‬قطاعــات أخــرى (‪.)17‬‬

‫رضيبي يشكل دعام ًة أساسي ًة لبناء النموذج التنموي الجديد"‪ .‬ويشري التقرير إىل املديرية العامة للرضائب كمصدر لهذه البيانات‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫‪- 22‬تقرير املجلس االقتصادي واالجتامعي والبيئي تحت عنوان "من أجل نظامٍ‬
‫‪ -23‬تقرير رئيس النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسري النيابة العامة ‪ ،2021‬علام بأن تقريره الخاص بسنة ‪ 2022‬مل يتم إصداره بعد‪.‬‬
‫‪ -24‬مع إشارة التقرير إىل أن رئاسة النيابة العامة أطلقت تطبيقية معلوماتية تتيح للمواطنني التبليغ حتى خارج أوقات العمل الرسمية وبثالث لغات‪ :‬العربية واألمازيغية والفرنسية‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪54‬‬


‫وبالنسبة للجهات املعنية بهذه القضايا‪ ،‬فهي تتوزع كاآليت‪:‬‬

‫‪44‬‬
‫‪37‬‬
‫‪35‬‬
‫‪29‬‬
‫‪25‬‬
‫‪12‬‬
‫‪12‬‬
‫‪06‬‬
‫‪04‬‬
‫‪01‬‬
‫‪00‬‬
‫‪205‬‬

‫وبخصــوص مــآل القضايــا‪ ،‬أكــد تقريــر رئاســة النيابــة العامــة أن معظــم الحــاالت صــدرت بشــأنها أحــكام‬
‫قضائيــة باإلدانــة‪ ،‬فيــا صــدرت أحــكام أخــرى تقــي بالـراءة‪ ،‬يف حــن مــا زالــت بعــض هــذه القضايــا رائجــة‬
‫يف طــور التحقيــق أو املحاكمــة؛ حيــث تتــوزع كاآليت‪ 05 :‬قضايــا قيــد البحــث‪ 03 ،‬قضايــا قيــد التحقيــق‪04 ،‬‬
‫قضايــا قيــد املحاكمــة‪ 10 ،‬قضايــا صــدر يف شــأنها حكــم ابتــدايئ باإلدانــة‪ 139 ،‬قضيــة صــدر يف شــأنها ق ـرار‬
‫اســتئنايف‪ 16 ،‬قضيــة تــم الحكــم فيهــا بال ـراءة‪ ،‬و‪ 04‬قضايــا تقــرر الحفــظ يف شــأنها‪.‬‬
‫واســتعرض تقريــر رئاســة النيابــة العامــة توزيــع العقوبــات الحبســية الصــادرة يف قضايــا الخــط املبــارش للتبليــغ‬
‫عــن الرشــوة حســب املــدة املحكــوم بهــا عــى املتابعــن كاآليت‪:‬‬

‫‪6‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪03‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪103‬‬ ‫‪12‬‬

‫بالنســبة لجرائــم الفســاد املعروضــة أمــام أقســام الجرائــم املاليــة‪ ،‬أكــد تقريــر رئاســة النيابــة العامة برســم ‪2021‬‬
‫أن عــدد القضايــا الرائجــة بأقســام الجرائــم املاليــة بلــغ ‪ 783‬قضيــة‪ ،‬بتســجيل انخفاض بلــغ معدلــه ‪ 47.30‬باملائة‬
‫مقارنــة مــع ‪ 2020‬التــي بلــغ فيهــا عــدد القضايــا الرائجــة بأقســام الجرائــم املاليــة مــا مجموعــه ‪ 1486‬قضية‪.‬‬
‫وعـزا تقريــر رئاســة النيابــة العامــة هــذا االنخفــاض إىل الجهــود املبذولــة مــن قبــل النيابــات العامــة يف تصفيــة‬
‫القضايــا املزمنــة‪ ،‬ال ســيام عــر ترسيــع وثــرة األبحــاث التمهيديــة‪ ،‬وتجهيــز القضايــا ومامرســة الطعــون داخــل‬
‫أجــل معقــول‪ ،‬والتعجيــل بإحالــة امللفــات عــى الجهــات القضائيــة املختصــة‪ ،‬باإلضافــة إىل تكليــف النيابــات‬
‫العامــة للفــرق الجهويــة للرشطــة القضائيــة بإج ـراء أبحــاث قضائيــة لتخفيــف الضغــط عــى الفرقــة الوطنيــة‬
‫للرشطــة القضائيــة‪.‬‬

‫‪55‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫وإلبراز مآل القضايا الرائجة أمام أقسام الجرائم املالية‪ ،‬استعرض تقرير رئاسة النيابة العامة تفصيلها كاآليت‪:‬‬

‫‪2021‬‬

‫‪25‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪74‬‬


‫‪20‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪32‬‬
‫‪17‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪176‬‬
‫‪58‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪108‬‬
‫‪120‬‬ ‫‪135‬‬ ‫‪138‬‬ ‫‪390‬‬
‫‪783‬‬

‫ومل يفــت تقريــر رئاســة النيابــة العامــة أن يســلط الضــوء عــى االنخ ـراط الفاعــل للمواطــن يف التبليــغ عــن‬
‫جرائــم االختــاس والرشــوة وتبديــد األمــوال‪ ،‬حيــث تــم تســجيل ‪ 774‬شــكاية لــدى أقســام الجرائــم املاليــة‪،‬‬
‫اتُّخــذت يف شــأنها اإلجـراءات التاليــة‪ 135 :‬شــكاية تــم حفظهــا (‪ 17‬باملائــة)‪ 283 ،‬شــكاية أنجــزت بشــأنها أبحــاث‬
‫(‪ 37‬باملائــة)‪ 76 ،‬شــكاية أحيلــت لالختصــاص (‪ 10‬باملائــة)‪ 280 ،‬شــكاية مــا زالــت يف طــور البحــث (‪ 36‬باملائــة)‪.‬‬
‫إن مــا ينبغــي توجيــه الجهــود إليــه‪ ،‬يف ســياق الضعــف امللحــوظ يف عــدد املتابعــات يف قضايــا الفســاد‪ ،‬هــو‬
‫مواجهــة اإلشــكاليات املرتبطــة بالتبليــغ عــن أفعــال الفســاد‪ ،‬واملتمثلــة‪ ،‬بشــكل خــاص‪ ،‬حســب الدراســة التــي‬
‫أنجزتهــا الهيئــة يف إطــار تقريــر موضوعــايت مصاحــب لتقريرهــا الســنوي برســم ‪ ،25،2022‬يف النســبة القليلــة‬
‫للتبليغــات ذات الصلــة بهــذه األفعــال ضمــن مجمــوع التبليغــات املتوصــل بهــا‪ ،‬ويف انخفــاض معــدالت التبليــغ‬
‫مــن طــرف األشــخاص املعنويــة‪ ،‬ويف افتقــاد أغلــب التبليغــات لوســائل اإلثبــات حــول الوقائــع املرتبطــة بأفعــال‬
‫الفســاد‪ ،‬ويف ارتبــاط الرشــاوى املبلــغ عنهــا مببالــغ هزيلــة تــورط فيهــا أشــخاص ينتمــون إىل القطاعــات ذات‬
‫االرتبــاط اليومــي باملواطــن‪ ،‬ويف النســبة القليلــة لجرائــم الفســاد ذات العائــدات اإلجراميــة الكــرى املعروضــة‬
‫عــى أقســام الجرائــم املاليــة‪.‬‬
‫وقــد تبــن للهيئــة‪ 26‬أن اآلليــات القانونيــة واملؤسســاتية املتاحــة للنهــوض بالتبليــغ عــن أفعــال الفســاد‪ ،‬تعــاين‬
‫مــن مجموعــة مــن اإلكراهــات التــي تشــكل كوابــح حقيقيــة لضــان انخ ـراط وا ٍع ومســؤول لكافــة املعنيــن‬
‫يف القيــام بواجــب التبليــغ عــن هــذه األفعــال‪ ،‬مؤكــدة عــى أن تحقيــق هــذا االنخ ـراط الجامعــي‪ ،‬بقــدر مــا‬
‫يظــل رهينــا بتصحيــح األعطــاب املرصــودة‪ ،‬بقــدر مــا يحتــاج إىل توعيــة املواطنــن ملخاطــر الفســاد وآثارهــا‬
‫الفرديــة والجامعيــة الوخيمــة‪ ،‬مــع توفــر أنــواع مــن الضامنــات والحاميــات لســائر املعنيــن بالتبليــغ؛ مبــا‬
‫يُقــوي محف ـزات التبليــغ لديهــم‪ ،‬ويَ ُحــول دون تح ُّملهــم ألصنــاف مــن األرضار عــى خلفيــة هــذا التبليــغ‪.‬‬
‫‪ -25‬التبليغ عن الفساد‪ :‬من أجل دينامية مجتمعية ومؤسساتية بناءة ملكافحة الفساد‪ ،‬تقرير موضوعايت مصاحب للتقرير السنوي للهيئة برسم ‪ .2021‬وقد اعتمدت الهيئة يف هذه الخالصات عىل تقييمها للشكايات‬
‫والتبليغات الواردة عىل الهيئة املركزية للوقاية من الرشوة خالل فرتة مزاولتها ملهامها يف تلقي هذه الشكايات والتبليغات‪ ،‬وكذا عىل تقييمها لحصيلة الشكايات والتبليغات املتوصل بها من طرف رئاسة النيابة العامة‬
‫بخصوص أفعال الرشوة والفساد‪.‬‬
‫‪ -26‬ينظر بهذا الخصوص تقرير الهيئة‪ :‬التبليغ عن الفساد‪ :‬من أجل دينامية مجتمعية ومؤسساتية بناءة ملكافحة الفساد‪ ،‬تقرير موضوعايت مصاحب للتقرير السنوي للهيئة برسم ‪2021‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪56‬‬


‫وفــق هــذا املنظــور‪ ،‬مــا فتئــت الهيئــة تؤكــد عــى رضورة إدراج مطلــب النهــوض بالتبليــغ ضمــن سياســة‬
‫متكاملــة للتبليــغ عــن الفســاد‪ ،‬تضــع نصــب عينيهــا االرتقــاء بهــذه اآلليــة اإلجرائيــة إىل مســتوى الواجــب‬
‫والحــق املحمــي الــذي يســتدعي تعبيــد الطريــق أمــام ســائر املعنيــن‪ ،‬من أشــخاص ذاتيــن ومعنويني وســلطات‬
‫منتصبــة‪ ،‬لرفــع شــكاياتهم وتظلامتهــم وتبليغاتهــم‪ ،‬بــكل ثقــة وانخ ـراط مســؤول‪ ،‬إىل الجهــات املعنيــة قصــد‬
‫اضطالعهــا بصالحياتهــا يف منــع ارتــكاب أفعــال الفســاد أو معاقبــة مرتكبيهــا؛ مبــا يجعــل مــن التبليــغ رافــدا‬
‫أساســيا وموضوعيــا للــردع وقائيــا وإلذكاء ديناميــة تحريــك املتابعــات يف هــذا النــوع مــن الجرائــم‪ ،‬واضطــاع‬
‫ســلطات إنفــاذ القانــون بصالحياتهــا يف هــذا املجــال‪.‬‬
‫وبخصــوص القضــاء املــايل يف شــقه املتعلــق بالقضايــا ذات الصلــة بالتأديــب املتعلــق بامليزانيــة والشــؤون املالية‪،‬‬
‫أصــدرت املحاكــم املاليــة‪ ،‬برســم ســنة ‪ 27104 ،2021‬ق ـرارا وحكــا بغرامــات بلــغ مجموعهــا ‪4.741.500,00‬‬
‫درهــم‪ ،‬باإلضافــة إىل الحكــم بإرجــاع مــا مجموعــه ‪ 15.739.006,88‬درهــم‪.‬‬
‫وقــد بلــغ عــدد القضايــا التــي كانــت رائجــة أمــام غرفــة التأديــب املتعلــق بامليزانيــة والشــؤون املاليــة عــى‬
‫مســتوى املجلــس‪ ،‬مــا مجموعــه ‪ 13‬قضيــة يتابــع يف إطارهــا ‪ 49‬شــخصا؛ حيــث أصــدرت الغرفــة ‪ 11‬ق ـرارا‬
‫يهــم ‪ 05‬قضايــا معروضــة أمامهــا‪ ،‬ووصــل مجمــوع مبالــغ الغرامــات املحكــوم بهــا ‪ 1.430.000,00‬درهــم‪ .‬كــا‬
‫أنجــزت الغرفــة خــال الســنة ذاتهــا ‪ 14‬تقري ـرا يف إطــار ‪ 03‬قضايــا‪.‬‬
‫ويف إطــار تعــاون املجلــس مــع املجالــس الجهويــة للحســابات‪ ،‬واصلــت غرفــة التأديــب املتعلــق بامليزانيــة‬
‫والشــؤون املاليــة‪ ،‬إجـراءات التحقيــق يف ‪ 14‬قضيــة رائجــة أمــام املجالــس الجهويــة للحســابات لجهــات‪ :‬الربــاط‬
‫‪ -‬ســا ‪ -‬القنيطــرة‪ ،‬وبنــي مــال خنيفــرة‪ ،‬وطنجــة ‪ -‬تطــوان‪ -‬الحســيمة‪ ،‬وكلميــم‪ -‬واد نــون‪ ،‬وفاس‪-‬مكنــاس‪،‬‬
‫وســوس ‪-‬ماســة‪ ،‬يتابــع يف إطارهــا ‪ 66‬شــخصا‪ .‬وقــد تــم إنجــاز مــا مجموعــه ‪ 14‬تقريـرا تتعلــق بنتائــج التحقيــق‬
‫يف القضايــا املســندة إليهــم‪.‬‬
‫أمــا فيــا يتعلــق باملجالــس الجهويــة للحســابات‪ ،‬فقــد أصــدرت خــال ســنة ‪ ،2021‬مــا مجموعــه ‪ 78‬حكــا‬
‫يف إطــار ‪ 57‬قضيــة مــن أصــل ‪ 112‬كانــت رائجــة أمامهــا عنــد بدايــة الســنة‪ .‬وبلــغ مجمــوع مبالــغ الغرامــات‬
‫الصــادرة يف إطــار هــذه األحــكام ‪ 3.311.500,00‬درهــم‪.‬‬
‫وعــى مســتوى االســتئناف‪ ،‬أصــدرت هيئــة الغــرف املشــركة ‪ 04‬ق ـرارات خــال ســنة ‪ ،2021‬مــن أصــل ‪12‬‬
‫طلــب اســتئناف كان رائجــا أمامهــا‪ .‬أمــا غرفــة اســتئناف األحــكام الصــادرة عــن املجالــس الجهويــة للحســابات‪،‬‬
‫فقــد بلــغ عــدد امللفــات الرائجــة أمامهــا عنــد بدايــة ســنة ‪ 2021‬مــا مجموعــه ‪ 16‬ملفــا‪ .‬كــا توصلــت خــال‬
‫الســنة ذاتهــا باثنــي عــر (‪ )12‬طلــب اســتئناف جديــد‪ ،‬أصــدرت بشــأنها الغرفــة ‪ 11‬قـرارا‪.‬‬
‫وتتعلــق أغلــب املؤاخــذات موضــوع القضايــا التــي بتــت فيهــا املحاكــم املاليــة خــال ســنة ‪ ،2021‬بالحــاالت‬
‫ذات الصلــة بفــرض وتحصيــل املداخيــل وتنفيــذ عقــود التدبــر املفــوض‪ ،‬وكــذا حــاالت عــدم التقيــد بقواعــد‬
‫تنفيــذ النفقــات العموميــة وبالنصــوص التنظيميــة املتعلقــة بالصفقــات العموميــة مــن خــال إبـرام صفقــات‬
‫وإصــدار ســندات الطلــب مــن أجــل تســوية مقابــل خدمــات ســبق إنجازهــا قبــل تاريــخ التعاقــد‪ ،‬دون الحــرص‬
‫عــى إخضاعهــا للمنافســة املســبقة‪ ،‬وكــذا اإلشــهاد غــر الصحيــح عــى اســتالم مــواد وخدمــات دون التأكــد مــن‬
‫مطابقتهــا للخصائــص التقنيــة املتعاقــد بشــأنها والتــي ينتــج عنهــا اإلدالء بــأوراق غــر صحيحــة وكــذا الحصــول‬
‫للغــر عــى منافــع نقديــة غــر مــررة‪.‬‬
‫‪ -27‬التقرير السنوي للمجلس األعىل للحسابات برسم ‪ ،2021‬صادر يف دجنرب ‪2022‬‬
‫‪57‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫وبخصــوص األفعــال التــي قــد تســتوجب عقوبــة جنائيــة‪ ،‬أحــال الوكيــل العــام للملــك لــدى املجلــس األعــى‬
‫للحســابات عرشيــن (‪ )20‬ملفــا عــى الوكيــل العــام للملــك لــدى محكمــة النقــض –رئيــس النيابــة العامــة‪،‬‬
‫وذلــك قصــد اتخــاذ املتعــن بشــأنها وفــق املســاطر الجــاري بهــا العمــل‪ .‬وتتعلــق أهــم األفعــال املكتشــفة مــن‬
‫طــرف املحاكــم املاليــة والتــي متــت إحالتهــا عــى القــايض الجنــايئ بالحــاالت التاليــة‪ :‬توجيــه مســطرة إســناد‬
‫طلبيــات عموميــة بشــكل يخالــف مبــادئ املســاواة واملنافســة يف ولــوج الطلبيــات العموميــة‪ ،‬املبالغــة يف‬
‫أمثــان الطلبيــات العموميــة‪ ،‬أداء نفقــات يف غيــاب العمــل املنجــز (الحــواالت الصوريــة)‪ ،‬تقديــم حســابات غــر‬
‫صحيحــة‪ ،‬اســتعامل ممتلــكات جهــاز عمومــي ألغـراض شــخصية‪ ،‬اقتنــاء معــدات يف غيــاب حاجــة حقيقيــة‪...‬‬
‫إن مــا ميكــن مالحظتــه بخصــوص قضايــا التأديــب املتعلــق بامليزانيــة والشــؤون املاليــة‪ ،‬هــو أن أغلبيــة اإلحاالت‬
‫متــت مــن طــرف هيئــات املحاكــم املاليــة؛ حيــث مل تتجــاوز الطلبــات الصــادرة عــن الــوزراء نســبة ‪ %7‬مــن‬
‫مجمــوع الطلبــات الــواردة عــى النيابــة العامــة لــدى املجلــس األعــى للحســابات ونســبة ‪ %30‬مــن مجمــوع‬
‫الطلبــات الــواردة عــى وكالء امللــك لــدى املجالــس الجهويــة للحســابات‪ .‬يف حــن مل يصــدر عــن الســلطات‬
‫األخــرى املؤهلــة‪ ،28‬واملحــددة يف املادتــن ‪ 57‬و‪ 138‬مــن مدونــة املحاكــم املاليــة‪ ،‬أي طلــب يف هــذا الشــأن‪.29‬‬
‫وبالرجــوع إىل القــرارات الصــادرة عــن املجلــس األعــى للحســابات يف مــادة التأديــب املتعلــق بامليزانيــة‬
‫والشــؤون املاليــة‪ ،30‬يتبــن أن عــدد اإلحــاالت يظــل ضعيفــا جــدا بالنظــر لحجــم املخالفــات املرصــودة؛ وهــو مــا‬
‫حــدا بوزيــر العــدل‪ ،‬يف الســابق‪ ،‬إىل التوســع يف إعــال مقتضيــات املــادة ‪ 51‬مــن قانــون املســطرة الجنائيــة‪ ،‬من‬
‫خــال مامرســة حــق النظــر يف تفاصيــل التقاريــر الســنوية للمجلــس‪ ،‬مــن خــال لجنــة مختصــة‪ ،31‬الســتنباط مــا‬
‫ميكــن أن يشــكل مخالفــات للقانــون الجنــايئ‪ ،‬وعــدم االكتفــاء باإلحــاالت املتوصــل بهــا مــن طــرف هــذا األخــر‪.‬‬
‫واملالحــظ أنــه مــع انتقــال صالحيــة اإلحالــة مــع التعليــات‪ ،‬مــن ســلطة وزيــر العــدل إىل ســلطة الوكيــل‬
‫العــام للملــك لــدى محكمــة النقــض‪ ،‬رئيــس النيابــة العامــة‪ ،‬اعتمــدت هــذه األخــرة نفــس منهجيــة التعامــل‬
‫مــع تقاريــر املحاكــم املاليــة؛ حيــث‪ ،‬باإلضافــة إىل امللفــات التــي يحيلهــا الوكيــل العــام للملــك لــدى املجلــس‬
‫األعــى للحســابات عــى رئيــس النيابــة العامــة قصــد اتخــاذ مــا تـراه مالمئــا بشــأنها‪ ،‬شـــكلت رئاســـة النيابــة‬
‫العامــة لجنــة‪ 32‬لدراســـة التقاريــر التــي ينشـــرها املجلس األعىل للحســابات ســـنويا‪ ،‬واســـتخراج مـــا تتضمنـــه‬
‫مـــن أفعـــال ميكـــن أن تكـون موضوعـــا ألبحاث جنائيـة وإحالتهـــا علـى النيابـــة العامـة املختصة‪.‬‬

‫‪ - 28‬املادة ‪ : 57‬ويؤهل كذلك لرفع القضايا إىل املجلس بواسطة الوكيل العام للملك‪ ،‬بناء عىل تقارير الرقابة أو التفتيش مشفوعة بالوثائق املثبتة‪:‬‬
‫‪-‬رئيس الحكومة؛‬
‫‪-‬رئيس مجلس النواب؛‬
‫‪-‬رئيس مجلس املستشارين؛‬
‫‪-‬الوزير املكلف باملالية؛‬
‫‪-‬الوزراء فيام يخص األفعال املنسوبة إىل املوظفني أو األعوان العاملني تحت سلطتهم‪ ،‬وفيام يخص األفعال املنسوبة إىل املسؤولني واألعوان باألجهزة املعهود إليهم بالوصاية عليها‪.‬‬
‫املادة ‪ :138‬ويؤهل كذلك لرفع القضية إىل املجلس الجهوي بواسطة وكيل امللك وبناء عىل تقارير الرقابة أو التفتيش مشفوعة بالوثائق املثبتة وزير الداخلية والوزير املكلف باملالية‪.‬‬
‫‪ -29‬وهذا ما جعل املجلس األعىل للحسابات يؤكد‪ ،‬منذ دخول مدونة املحاكم املالية حيز التنفيذ عىل أن القضايا ذات الصلة بالتأديب املتعلق بامليزانية والشؤون املالية هي صادرة يف أغلب الحاالت عن غرف املجلس‪،‬‬
‫نتيجة شبه انعدام التوصل بطلبات يف شأنها من قبل السلطات املخول لها إحالة القضايا عىل املجلس‪.‬‬
‫‪ -30‬بلغ عدد القضايا التي أحالها الوكيل العام للملك لدى املجلس األعىل للحسابات عىل أنظار القضاء الجنايئ منذ دخول مدونة املحاكم املالية حيز التنفيذ ما يناهز ‪ 50‬ملفا‪ ،‬ينظر تقرير املجلس األعىل للحسابات حول‬
‫"قرارات صادرة عن املجلس األعىل للحسابات يف مادة التأديب املتعلق بامليزانية والشؤون املالية"‪ ،‬ص‪.6 :‬‬
‫‪ -31‬تم إحداث لجنة مختصة مكونة من قضاة داخل وزارة العدل‪ ،‬مببادرة من وزير العدل السابق‪ ،‬وانصبت مهمتها عىل دراسة تقارير املحاكم املالية واستنباط القضايا القابلة لإلحالة عىل النيابات العامة‪ ،‬وفقا ملقتضيات‬
‫املادة ‪ 51‬من قانون املسطرة الجنائية التي كانت تخول لوزير العدل أن يبلغ إىل الوكيل العام للملك ما يصل إىل علمه من مخالفات للقانون الجنايئ وأن يأمره كتابة مبتابعة مرتكبيها‪.‬‬
‫‪ -32‬باملوازاة مع تلقي اإلحاالت من طرف الوكيل العام للملك لدى املجلس األعىل للحسابات‪ ،‬أكد تقرير رئاسة النيابة العامة برسم ‪ 2019‬أنه تم تشكيل لجنة عىل مستوى رئاسة النيابة العامة لدراسة التقارير التي ينرشها‬
‫املجلس األعىل سنويا‪ ،‬ورصد ما ميكن أن تتضمنه من أفعال قد تكون منشئة للمسؤولية الجنائية‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪58‬‬


‫مــن جهــة أخــرى‪ ،‬إذا كانــت إحالــة القضايــا مــن طــرف املحاكــم املاليــة عــى الســلطة القضائيــة تعتــر مضمونة‬
‫بنــص القانــون‪ ،‬فــإن اإلحالــة مــن طــرف الســلطة القضائيــة عــى املحاكــم املاليــة للقضايــا التــي ميكــن أن تتوفــر‬
‫فيهــا قرائــن التأديــب املــايل أو التدبــر بحكــم الواقــع‪ ،‬مــا زالــت خــارج التنصيــص القانــوين؛ وهــو األمــر الــذي‬
‫كان موضــوع توصيــة يف تقريــر الهيئــة برســم ســنة ‪.33.2019‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬رصد تطور وضعية املغرب حسب مصادر البيانات املك ِّونة ملؤرش اإلدراك‬
‫يعــد مــؤرش إدراك الفســاد‪ ،‬مــؤرشا مركبــا‪ ،‬يتــم تجميعــه مــن بــن الثالثــة عــر(‪ )13‬مصــد ًرا للبيانــات‪ ،‬والتــي‬
‫اعتمــدت كالعــادة إلصــدار نســخة ســنة ‪ 2022‬لهــذا املــؤرش‪:‬‬
‫‪ .1‬تنقيط حول الحكامة ‪ -‬البنك اإلفريقي للتنمية‬
‫‪ .2‬مؤرشات الحكامة املستدامة ‪ -‬مؤسسة برتلسامن‬
‫‪ .3‬مؤرش التحول ‪ -‬مؤسسة برتلسامن‬
‫‪ .4‬تصنيف املخاطر للدول‪ ،‬الصادر عن وحدة التحريات االقتصادية التابعة ملجموعة اإليكونوميست‬
‫‪ .5‬تقرير حول األمم التي متر مبرحلة ‪ -‬انتقالية ‪Freedom House‬‬
‫‪ .6‬تصنيف املخاطر للدول الصادر عن منظمة غلوبال إنسايت ‪Global Insight -‬‬
‫‪ .7‬التقرير السنوي حول التنافسية ‪IMD -‬‬
‫‪ .8‬تقييم املخاطر للدول اآلسيوية – ‪Political and Economic Risk Consultancy‬‬
‫‪ .9‬الدليل الدويل ملخاطر الدول – ‪Political Risk Services‬‬
‫‪ .10‬تقييم األداء السيايس واملؤسيس للدول ‪ -‬البنك الدويل‬
‫‪ .11‬استطالع الرأي بني كبار املديرين التنفيذيني ‪ -‬املنتدى االقتصادي العاملي – ‪WEF‬‬
‫‪ .12‬مؤرش سيادة القانون ‪ -‬مرشوع العدالة العاملية – ‪WJP‬‬
‫‪ .13‬مرشوع أمناط الدميقراطية – ‪V-Dem‬‬
‫ويف هــذا اإلطــار‪ ،‬ينبغــي اإلشــارة إىل أن تقييــم املغــرب يعتمــد عــى ســبعة (‪ )7‬مصــادر‪ ،‬غــر أن تقييــم ســنة‬
‫‪ 2021‬اقتــر فقــط عــى ســتة (‪ )6‬مصــادر‪ ،‬حيــث مل يتــم االعتــاد عــى بيانــات املنتــدى االقتصــادي العاملــي‬
‫‪.WEF‬‬

‫‪ - 33‬رغم إقرار مدونة املحاكم املالية مببدأ عدم حيلولة املتابعات أمام املجلس األعىل للحسابات دون مامرسة الدعوى التأديبية والدعوى الجنائية‪ ،‬فإنها باملقابل مل تقرر هذه اإلحالة يف االتجاه املعاكس؛ أي من طرف‬
‫السلطة القضائية إىل املحاكم املالية بالنسبة لألفعال التي تندرج ضمن اختصاص هذه املحاكم‪ ،‬مام يعطل فرص اكتشاف ومتابعة أفعال يعاقَب عليها تأديبيا وماليا يف القضايا الرائجة أمام املحاكم الزجرية‪.‬‬
‫وعمليا‪ ،‬ميكن القول أنه من البديهي والواقعي أن تكون امللفات الجنائية الرائجة باملحاكم الزجرية ذات العالقة باملال العام أو باملواطنني واألعوان العاملني باألجهزة العمومية الخاضعة ملراقبة املحاكم املالية‪ ،‬متضمنة هي‬
‫األخرى لعنارص وقرائن قد تكون ُمنشئة للمسؤولية التأديبية املالية وكذا التسيري بحكم الواقع؛ حيث يتوجب‪ ،‬منطقيا وموضوعيا‪ ،‬عىل املحكمة املعنية إحالة امللف مبارشة إىل املحاكم املالية قصد إجراء املتابعة من زاوية‬
‫تخصصها‪ .‬وهذا من شأنه أن يساهم يف إذكاء دينامية التبليغ واإلحالة املؤسساتية ألفعال الفساد‪ ،‬ويعزز ترسانة مكافحة اإلفالت من العقاب املناسب ملرتكبي الجرائم واملخالفات ذات الصلة بالفساد مبفهومه الواسع‪.‬‬

‫‪59‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫ميكن تلخيص تنقيط املغرب حسب املصادر املعتمد يف الجدول التايل‪:‬‬
‫‪ -1‬تطور تصنيف املغرب حسب مصادر البيانات املستخدمة يف حساب مؤرش مدركات الفساد‬

‫‪2022 2021‬‬ ‫‪2020‬‬ ‫‪2019‬‬


‫‪2022/2019 2022/2021‬‬
‫ﺗﻨﻘﻴﻂ‬
‫‪-14‬‬ ‫‪-7‬‬ ‫‪94‬‬ ‫‪87‬‬ ‫‪86‬‬ ‫‪80‬‬
‫‪-3‬‬ ‫‪-1‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪41‬‬

‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪BET‬‬


‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪PRS‬‬
‫‪34‬‬
‫‪-9‬‬ ‫‪-9‬‬ ‫‪43‬‬ ‫*‬ ‫‪52‬‬ ‫‪52‬‬
‫‪WEF‬‬
‫‪-3‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪39‬‬
‫‪WJP -‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪37‬‬
‫‪EUI‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪GI‬‬
‫‪-7‬‬ ‫‪-10‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪44‬‬ ‫– ‪V-Dem‬‬

‫يوضــح تحليل‪34‬تطــور تصنيــف مصــادر البيانــات املســتخدمة يف حســاب مــؤرش مــدركات الفســاد بــن عامــي‬
‫‪ 2021‬و‪ ،2022‬أن املغــرب ســجل اســتقرارا عــى مســتوى التنقيــط بالنســبة ملعظــم (‪ )7/5‬مصــادر البيانــات‬
‫باســتثناء مصدريــن اثنــن (‪ )02‬وهــا كالتــايل‪:‬‬
‫ ‬‫• سجل املغرب تراجعا كبريا ب (‪ )10‬نقاط بالنسبة ملصدر البيانات املتعلق مبرشوع أمناط‬
‫الدميقراطيــة (‪ ،)V-Dem‬حيــث انتقلــت الدرجــة مــن ‪ 47‬نقطــة ســنة‪ 2021‬إىل ‪ 37‬نقطــة ســنة ‪. 2022‬‬
‫• ســجل املغــرب تراجعــا بالنســبة ملصــدر البيانــات املتعلــق باملنتــدى االقتصــادي العاملــي ‪)WEF( -‬‬
‫الــذي انخفضــت درجتــه مبقــدار تســع (‪ )9‬نقــاط يف عــام ‪ 2022‬مقارنــة مــع ‪ ،2020‬مــن ‪ 52‬إىل ‪ ،43‬مــع‬
‫اإلشــارة إىل أن ســنة ‪ 2021‬مل يشــملها تقييــم هــذا املصــدر‪.‬‬
‫وميكــن تدقيــق هــذه التطــورات مــن خــال الرجــوع إىل العوامــل املكونــة لــكل مصــدر عــى حــدة‪ ،‬كــا هــو‬
‫مفصــل يف الجــزء املــوايل‪.‬‬
‫تجــدر اإلشــارة إىل أن تنقيــط املغــرب عــرف أيضــا تراجعــا طفيفــا عــى مســتوى مــؤرش ســيادة القانــون خصوصا‬
‫العامــل املتعلــق بتقييــم مســتوى الفســاد‪ ،‬إال أن هــذا الرتاجــع مل يكــن لــه تأثــر عــى احتســاب مؤرش مــدركات‬
‫الفســاد ولهــذا نالحــظ أن التنقيــط املتعلــق بهــذا املصــدر مل يعــرف تغيـرا بــن ســنتي ‪ 2021‬و‪ 2022‬واســتقر‬
‫يف ‪ 36‬نقطــة‪.‬‬

‫‪ - 34‬تم احتساب التغيري مقارنة مع سنة ‪ 2020‬ألنه مل يتم اعتامد هذا املصدر سنة ‪2021‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪60‬‬


‫‪ -2‬التحليل الدقيق حسب كل مصدر بيانات‪35‬‬

‫‪2022/2021‬‬
‫‪+1‬‬
‫‪-2‬‬

‫‪-1‬‬

‫‪-2‬‬
‫‪0‬‬
‫‪0‬‬

‫‪2022 2021 2020 2019‬‬


‫‪-10‬‬
‫‪-17‬‬

‫‪35‬‬
‫‪40‬‬

‫‪44‬‬

‫‪40‬‬

‫‪47‬‬
‫‪30‬‬

‫‪-7‬‬
‫‪-8‬‬
‫‪53‬‬
‫‪38‬‬
‫‪22‬‬
‫‪71‬‬

‫‪37‬‬
‫‪40‬‬

‫‪43‬‬

‫‪41‬‬

‫‪49‬‬
‫‪30‬‬

‫‪60‬‬
‫‪46‬‬
‫‪12‬‬
‫‪54‬‬

‫‪39‬‬
‫‪40‬‬

‫‪44‬‬

‫‪45‬‬

‫‪48‬‬
‫‪30‬‬

‫‪55‬‬
‫‪44‬‬
‫‪13‬‬
‫‪65‬‬

‫‪38‬‬
‫‪40‬‬

‫‪45‬‬

‫‪46‬‬

‫‪47‬‬
‫‪30‬‬
‫»‪.‬‬
‫‪15.3‬‬

‫‪3.3‬‬
‫»‪.‬‬

‫‪4.2‬‬

‫‪3.2‬‬

‫‪2.2‬‬

‫‪1.2‬‬
‫‪59‬‬
‫‪44‬‬
‫‪15‬‬
‫‪63‬‬
‫‪15‬‬

‫‪3‬‬

‫‪2‬‬
‫ﻣﺆﴍ اﻟﺘﺤﻮل – ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺑﺮﺗﻠﺴامن‬

‫‪WJP‬‬
‫ﻣﴩوع أمنﺎط اﻟﺪميﻘﺮاﻃﻴﺔ‬
‫ﻛﻞ ﺳﻨﺘني‬

‫‪V-Dem‬‬
‫‪WEF-‬‬

‫‪ -35‬انطلقا من البيانات التفصيلية للمصادر األربعة املتاحة حول املغرب‪ ،‬ويتعلق األمر ب‪:‬‬
‫مؤرش التنافسية العاملية ‪ WEF‬؛‬
‫مؤرش التحول ‪ -‬مؤسسة برتلسامن؛‬
‫مؤرش دولة القانون‪ -WJP‬؛‬
‫أمناط الدميقراطية ‪.V-Dem‬‬
‫بخصوص أمناط الدميقراطية ‪ ،V-Dem‬فإن "نقطة ‪ "0‬توافق "مستوى انتشار أقل للفساد" بالنسبة للمؤرشين (أ) و (ب) ‪ ،‬يف حني توافق "مستوى انتشار واسع للفساد" بالنسبة للمؤرشين (ج) و (د)‪.‬‬
‫‪61‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫أوال‪ -‬فيام يتعلق باملصادر التي عرف تنقيطها تراجعا باملقارنة مع ‪2021‬‬
‫أ‌)مرشوع أمناط الدميقراطية (‪)V-Dem‬‬
‫يعتــر مــؤرش تصنيــف الدميقراطيــة مقاربــة جديــدة لتحديــد وضبــط مفهــوم الدميقراطيــة‪ ،‬حيــث يوفــر هــذا‬
‫املــؤرش عــددا مــن البيانــات واملعطيــات التفصيليــة متعــددة األبعــاد التــي تعكــس مــدى تعقيــد مفهــوم‬
‫الدميقراطيــة كمنظومــة قوانــن تتجــاوز مجــرد إجـراء االنتخابــات‪ .‬ويضــع هــذا املــؤرش ســبعة مبــادئ أساســية‬
‫للدميقراطيــة‪ .‬ويتعلــق األمــر ب‪ :‬مبــدأ االنتخابيــة‪ ،‬والليرباليــة‪ ،‬والتشــاركية‪ ،‬والتداوليــة‪ ،‬والتســاوي‪ ،‬واألغلبيــة‪،‬‬
‫والتوافــق‪ .‬إذ يتــم تقييــم وقيــاس هــذه املبــادئ مــن خــال جمــع البيانــات الرضوريــة‪.36‬‬
‫وجديــر بالذكــر أن املحــدد املتعلــق بالفســاد ضمــن هــذا املــؤرش يتضمــن تدابــر خاصــة بســتة أنــواع مختلفــة‬
‫مــن الفســاد التــي تغطــي يف نفــس الوقــت مجــاالت ومســتويات مختلفــة‪ ،‬إذ يتــم التمييــز بــن الفســاد‬
‫التنفيــذي والترشيعــي والقضــايئ؛ حيــث يتــم اســتخالص هــذا املــؤرش مــن خــال احتســاب متوســط املــؤرشات‬
‫التاليــة‪:‬‬
‫(أ) مــؤرش الفســاد يف القطــاع العــام‪ :‬يقــوم بتقييــم إىل إي حــد يقــوم املوظفــون العموميــون مبنــح‬
‫امتيــازات مقابــل رشــاوى أو يقومــون باســتغالل مناصبهــم ملصالحهــم الخاصــة‪.‬‬
‫(ب) مــؤرش الفســاد التنفيــذي‪ :‬يقــوم بتقييــم إىل إي حــد يقــوم املســؤولون الحكوميــون مبنــح امتيــازات‬
‫مقابــل رشــاوى أو يقومــون باســتغالل مناصبهــم ملصالحهــم الخاصــة‪.‬‬
‫(ج) مــؤرش الفســاد الترشيعي؛‪:‬يقــوم بتقييــم مــدى اســتغالل أعضــاء الســلطة الترشيعيــة ملناصبهــم‬
‫لتحقيــق منافــع ماديــة أو امتيــازات شــخصية‪.‬‬
‫(د) مــؤرش الفســاد القضــايئ‪ :‬يقــوم بتقييــم تــردد الرشــوة عنــد األفـراد والــركات مــن أجــل ترسيــع أو‬
‫تأخــر القضايــا أو الحصــول عــى ق ـرارات قضائيــة يف صالحهــم‪.‬‬
‫ويف هــذا الصــدد‪ ،‬يعــد هــذا املــروع رائــدا يف تطويــر أســاليب جديــدة ومحســنة بهــدف زيــادة موثوقيــة‬
‫أيضــا عــى الخــرة األكادمييــة‬
‫وقابليــة املقارنــة للبيانــات املســتمدة مــن اســتطالعات الخـراء‪ .‬كــا أنــه يعتمــد ً‬
‫للفريــق الــذي يشــتغل عليــه بغــرض تطويــر تقنيــات نظريــة تســمح بتجميــع املــؤرشات يف مــؤرشات مــن‬
‫املســتوى املتوســط واملســتوى العــايل‪.‬‬

‫‪ -36‬من أجل ذلك‪ ،‬يتم التعاون بني أكرث من ‪ 3000‬أكادميي من جميع أنحاء العامل‪ ،‬بإرشاف مشرتك من قبل قسم العلوم السياسية يف جامعة كوتنربج بالسويد ومعهد كيلوغ ‪ Kellogg‬من جامعة نوتردام بالواليات املتحدة‪.‬‬
‫يعد مؤرش تصنيف الدميقراطية أحد أكرب مشاريع جمع البيانات يف العلوم االجتامعية املتمحورة حول البحث حيث يضم أربعة (‪ )4‬باحثني رئيسيني وخمسة عرش (‪ )15‬مديرا من مديري املشاريع مسؤولني عن املجاالت‬
‫املوضوعاتية‪ ،‬باإلضافة إىل ثالثني (‪ )30‬مسؤوال إقليم ًيا ومائة وسبعني (‪ )170‬منسقًا وطن ًيا ومساعدا باحثا وألفني وخمسامئة (‪ )2500‬خبري وطني‪.‬‬
‫بداية من أبريل ‪ 2021‬أصبحت قاعدة بيانات هذا املؤرش تحتوي عىل أكرث من ‪ 28‬مليون نقطة للتزويد باملعطيات‪ .‬مع اإلشارة إىل أنه منذ انطالقها سنة ‪ 1789‬وإىل غاية سنة ‪ 2018‬غطت هذه القاعدة البيانات من ‪202‬‬
‫دولة‪ .‬حيث يتم إصدار التحديث السنوي للمؤرش خالل شهر أبريل من كل سنة‪.‬‬
‫وعىل خالف املحددات األخرى لهذا املؤرش والتي متيز بشكل عام بني وضع "أقل دميقراطية" إىل وضع "أكرث دميقراطية" فإن املحدد املرتبط بالفساد يبدأ من " أقل فسادًا "ليصل إىل" أكرث فسادًا"‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪62‬‬


‫ميكن استقراء تطور وضع املغرب حسب هذه املؤرشات من خالل املعطيات املبينة يف الجدول التايل‪:‬‬

‫‪2022‬‬ ‫‪2021‬‬ ‫‪2020‬‬ ‫‪2019‬‬

‫‪2021/2022‬‬
‫‪-17‬‬ ‫‪130‬‬ ‫‪71‬‬ ‫‪97‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪116‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪103‬‬ ‫‪63‬‬

‫‪-10‬‬ ‫‪125‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪146‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪143‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪142‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪-8‬‬ ‫‪101‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪86‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪90‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪86‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪-7‬‬ ‫‪99‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪88‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪93‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪87‬‬ ‫‪59‬‬

‫بعــد النتائــج اإليجابيــة التــي حصــل عليهــا املغــرب ســنة ‪ ،2021‬عــاد تنقيــط املغــرب للرتاجــع عــى مســتوى‬
‫املؤرشات‪37‬األربــع برســم النتائــج التــي تــم نرشهــا ســنة ‪ 2022‬والتــي تــم اعتامدهــا الحتســاب تنقيــط املغــرب‬
‫عــى مســتوى مــؤرش إدراك الفســاد برســم ســنة ‪ ،2022‬وهكــذا‪ ،‬فعــى مســتوى‪:‬‬
‫• مــؤرش الفســاد يف القطــاع العــام‪ :‬تراجــع تنقيــط املغــرب ب ‪ 17‬نقطــة و‪ 33‬درجــة يف ترتيبــه حيــث‬
‫انتقــل مــن الرتبــة ‪ 97‬إىل الرتبــة ‪130‬؛‬
‫• مــؤرش الفســاد يف الســلطة التنفيذيــة‪ :‬فقــد املغــرب ‪10‬نقــاط و‪ 21‬درجــة عــى مســتوى الرتتيــب ليحتــل‬
‫الرتبــة ‪125‬؛‬
‫• مــؤرش الفســاد يف الســلطة الترشيعيــة‪ :‬تراجــع تنقيــط املغــرب ب ‪ 8‬نقــاط‪ ،‬كــا فقــد ‪ 15‬رتبــة يف‬
‫التصنيــف حيــث انتقــل مــن الرتبــة ‪ 86‬إىل الرتبــة ‪101‬؛‬
‫• مؤرش الفساد يف السلطة القضائية‪ :‬فقد املغرب ‪ 7‬نقاط وتراجع ترتيبه من ‪ 88‬إىل ‪.)-11( 99‬‬
‫انعكســت هاتــه النتائــج الســلبية عــى مــؤرش الفســاد (والــذي يحتســب عــى املــؤرشات األربعــة) حيــث انتقــل‬
‫تنقيــط املغــرب مــن ‪ 44‬إىل ‪ 58‬وترتيبــه مــن الرتبــة ‪ 80‬إىل الرتبــة ‪ .102‬بدورهــا ســاهمت هاتــه النتائــج يف‬
‫حصــول املغــرب عــى تنقيــط ســلبي عــى مســتوى املصــدر ‪V-DEM‬الــذي أعتمــد يف احتســاب مــؤرش إدراك‬
‫الفســاد لســنة ‪.2022‬‬
‫بالرجــوع اىل الفــرة املمتــدة مــن ‪ 2016‬اىل ‪ ،2022‬ســجل املغــرب خاللهــا أدا ًء مختلفــا عــى مســتوى املــؤرشات‬
‫األربعــة ســواء يف التنقيــط أو الرتتيــب‪ ،‬حيــث ســجل تطــورا إيجابيــا عــى مســتوى مــؤرشي الفســاد يف الســلطة‬
‫التنفيذيــة وكــذا الســلطة القضائيــة‪ ،‬بينــا ســجل تطــورا ســلبيا عــى مســتوى مــؤرشي الفســاد يف القطــاع العــام‬
‫والســلطة الترشيعيــة‪.‬‬

‫‪- 37‬بالنسبة لهذا املؤرش يوافق التنقيط األعىل ترتيبا متقدما ويشريان إىل مستوى عال من الفساد‪.‬‬

‫‪63‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫‪*2022‬‬ ‫‪2016‬‬

‫‪2022/2016‬‬ ‫‪2022/2016‬‬

‫‪-19‬‬ ‫‪-4‬‬ ‫‪130‬‬ ‫‪71‬‬ ‫‪111‬‬ ‫‪67‬‬


‫‪+5‬‬ ‫‪+6‬‬ ‫‪125‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪120‬‬ ‫‪28‬‬
‫‪-22‬‬ ‫‪-9‬‬ ‫‪101‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪79‬‬ ‫‪47‬‬
‫‪+13‬‬ ‫‪+7‬‬ ‫‪99‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪112‬‬ ‫‪46‬‬

‫* املــؤرش الــذي نــره مــروع أمنــاط الدميقراطيــة ســنة ‪ ،2022‬تَـ َّم احتســابه بنــاء عــى إحصائيــات ســنة ‪2021‬‬
‫(نفــس املالحظة بخصــوص ‪)2016‬‬
‫‪38‬‬
‫ويعطي الجدول املوايل تدقيقا أكرب عن التطور الذي عرفه املغرب خالل هذه الفرتة‪:‬‬

‫‪ -38‬سنة نرش االحصائيات‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪64‬‬


‫‪ - 38‬سنة نرش االحصائيات‪.‬‬
‫‪65‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫ب‌) استطالع آراء التنفيذيني الصادر عن املنتدى االقتصادي العاملي‪)WEF(39‬‬
‫يعمــل هــذا املــؤرش عــى تقييم القــدرة التنافســية للقطاعات املؤسســية مــن قبيل حقــوق امللكيــة‪ ،‬واالقتصادية‬
‫عــى غ ـرار تحقيــق االســتقرار ماكرو‪-‬اقتصــادي وســوق العمــل‪ ،‬والقطاعــات االجتامعيــة كالصحــة والتعليــم‪،‬‬
‫كــا يســتهدف يف تقييمــه الوقــوف عــى إمكانــات االقتصاديــات العامليــة لتحقيــق منــو مســتدام عــى املــدى‬
‫املتوســط والطويــل‪.‬‬
‫وقــد متــت بلــورة هــذا املــؤرش عــى ضــوء إثنــي عــر (‪ )12‬عام ـاً أساســيا مــن عوامــل اإلنتاجيــة يراعــى‬
‫فيهــا نفــس معامــل الرتجيــح‪ .‬هــذه العوامــل تتجســد يف‪ :‬املؤسســات‪ ،‬البنيــة التحتيــة‪ ،‬القــدرة عــى دمــج‬
‫التكنولوجيــا‪ ،‬االســتقرار املاكرو‪-‬اقتصــادي‪ ،‬الصحــة‪ ،‬التعليــم واملهــارات‪ ،‬ســوق الســلع‪ ،‬ســوق العمــل‪ ،‬النظــام‬
‫رشا فرديًــا تســتند‬‫املــايل‪ ،‬حجــم الســوق‪ ،‬ديناميكيــة األعــال واالبتــكار‪ .‬وهــي تشــمل مــا مجموعــه ‪ 103‬مــؤ ً‬
‫عــى مزيــج مــن البيانــات اإلحصائيــة بنســبة ‪ %70‬ومعلومــات مــن اســتطالع رأي ســنوي بــن صنــاع الق ـرار‬
‫االقتصاديــن وقــادة األعــال ويتــم إنجازهــا بالتعــاون مــع شــبكة مــن املعاهــد الرشيكــة‪ ،‬مبــا يف ذلــك غرفــة‬
‫تجــارة لوكســمبورغ (‪.)%30‬‬
‫وتجــدر اإلشــارة إىل أن كل مــؤرش ي ـراوح بــن مقيــاس ‪( 0‬أســوأ أداء) إىل ‪( 100‬أفضــل أداء)‪ ،‬حيــث يســمح‬
‫بتحديــد املســافة التــي تكــون عليهــا الوضعيــة الحقيقيــة لالقتصــاد مقارنــة بالوضعيــة املثاليــة‪.‬‬
‫فيــا يتعلــق بحســابات مــؤرش مــدركات الفســاد‪ ،‬متنــح‪ 40‬البيانــات ُاملصنفــة عــى املســتوى الجزيئ من اســتطالع‬
‫آراء املســؤولني التنفيذيــن ملنظمــة الشــفافية الدوليــة عــن طريــق املنتــدى‪ .‬ولدراســة تطــور هــذا املــؤرش‪ ،‬تــم‬
‫اعتــاد البيانــات التــي يســتعملها البنــك الــدويل لحســاب مــؤرش التحكــم يف الفســاد وهــي نفــس البيانــات‬
‫التــي تســتعملها منظمــة الشــفافية العامليــة لحاســب مــؤرش إدراك الفســاد الــذي يصــدر يف الســنة املواليــة‪.‬‬
‫كــا يوضــح ذلــك الجــدول املــوايل‪ ،‬فقــد عــرف املغــرب تراجعــا مســتمرا يف تنقيطــه عــى مســتوى هــذا املــؤرش‬
‫الفرعــي منــذ ‪ 2014‬مــع اســتثناء االرتفــاع الــذي تــم تحقيقــه ســنتي ‪ 2014‬و‪ 2019‬ليعــود بعــد ذلــك للرتاجــع‪.‬‬

‫‪2021‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪WEF‬‬


‫‪2021‬‬ ‫‪2020‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2012‬‬
‫‪44‬‬ ‫*‬ ‫‪52‬‬ ‫‪49‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪49‬‬ ‫‪54‬‬

‫ت‌) مؤرش سيادة القانون ‪ -‬مرشوع العدالة العاملية (‪)WJP‬‬


‫يقيــس مــروع العدالــة العامليــة مــدى االلت ـزام بســيادة القانــون عــن طريــق أبحــاث إحصائيــة لــدى األرس‪،‬‬
‫وذلــك عــر اســتجواب أكــر مــن ‪ 138.000‬وحــدة‪ ،‬واســتطالع رأي أكــر مــن ‪ 4200‬خب ـرا يف ‪ 139‬دولــة‪.‬‬
‫مــن خــال تقديــم املعطيــات املُح َّينــة واألصليــة‪ ،‬يقيــس مــؤرش ســيادة القانــون أداء كل دولــة باســتخدام‬
‫رشا مكونــة ل ‪ 8‬معايــر رئيســية لســيادة القانــون‪ ،‬يتــم تنقيــط وترتيــب كل بلــد عامليــا‬
‫مــا مجموعــه ‪ 44‬مــؤ ً‬

‫‪ -39‬مل يتم اعتامد هذا املصدر بالنسبة للمغرب يف احتساب مؤرش إدراك الفساد لسنة ‪.2021‬‬
‫‪ -40‬متنح البيانات املتعلقة بهذين السؤالني إىل منظمة الشفافية الدولية وهي غري متاحة للقيام بتحليلها‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪66‬‬


‫وحســب املنطقــة التــي ينتمــي إليهــا وحســب مســتوى الدخــل‪ .‬واملعايــر الثامنيــة هــي‪ :‬مراقبــة ســلطات‬
‫الحكومــة‪ ،‬غيــاب الفســاد‪ ،‬الحكومــة املنفتحــة‪ ،‬الحقــوق األساســية لألف ـراد‪ ،‬األمــن والنظــام العــام‪ ،‬تطبيــق‬
‫القانــون‪ ،‬العدالــة املدنيــة والعدالــة الجنائيّــة‪.‬‬
‫إن الوصــول لســيادة القانــون هــو تحـ ٍـد مســتمر وعمــل متواصــل يف جميــع البلــدان‪ .‬كــا أن مــؤرش ســيادة‬
‫القانــون ‪ WJP‬الــذي نحــن بصــدد دراســته مل يُحــدث مــن أجــل تأنيــب الــدول‪ ،‬ولكــن لغــرض متكينهــا مــن‬
‫معايــر حســب كل منطقــة جغرافيــة ومــا تتســم بــه مــن ثقافــات قانونية متشــابهة ومســتويات دخــل متقاربة‪.‬‬
‫ومــن أجــل تقديــم صــورة دقيقــة عــن ســيادة القانــون كــا يعيشــها املواطنــون العاديــون‪ ،‬يتــم احتســاب كل‬
‫درجــة يف املــؤرش باســتخدام عــدد كبــر مــن األســئلة املســتمدة مــن مصدريــن للمعلومــات التــي تــم جمعهــا‬
‫بواســطة ‪ WJP‬يف كل بلــد‪:‬‬
‫• اســتطالع آراء الســكان‪ ،‬تقــوم بــه مقــاوالت محليــة متخصصــة‪ ،‬باعتــاد عينــة مكونــة مــن ‪1000‬‬
‫مســتجوب مــن كل بلــد؛‬
‫• اســتطالع آراء املتخصصــن‪ ،‬يتكــون مــن أســئلة مغلقــة يجيــب عنهــا متخصصــون يف جميــع أنحــاء البــاد‬
‫مــن ذوي الخــرة يف القانــون املــدين والتجــاري والعدالــة الجنائيــة وقانــون الشــغل والصحــة العموميــة‪.‬‬
‫• رأي الخـراء مــن ‪ WJP‬للتأكــد مــن أن النتائــج تعكــس الظــروف التــي يعيشــها الســكان‪ ،‬مبــا يف ذلــك‬
‫القطاعــات املهمشــة يف املجتمــع‪.‬‬
‫يعتمــد حســاب مــؤرش إدراك الفســاد بالنســبة لهــذا املصــدر عــى اســتخراج األســئلة الفرديــة يف العامــل‬
‫‪" 2‬غيــاب الفســاد" والتــي تــم تجميعهــا يف أربعــة مــؤرشات فرعيــة‪:‬‬
‫• ‪ 2.1‬املســؤولون الحكوميــون يف الســلطة التنفيذيــة ال يســتغلون الوظيفــة العموميــة لتحقيــق مكاســب‬
‫شخصية ‪.‬‬
‫• ‪ 2.2‬املســؤولون الحكوميــون يف الســلطة القضائيــة ال يســتغلون الوظيفــة العموميــة لتحقيــق مكاســب‬
‫شــخصية‪.‬‬
‫• ‪ 2.3‬املســؤولون الحكوميــون يف الرشطــة والجيــش ال يســتغلون الوظيفــة العموميــة لتحقيــق مكاســب‬
‫شــخصية‪.‬‬
‫• ‪ 2.4‬املســؤولون الحكوميــون يف الســلطة الترشيعيــة ال يســتغلون الوظيفــة العموميــة لتحقيــق مكاســب‬
‫شخصية ‪.‬‬
‫ت ُؤخــذ الدرجــات التــي قدمهــا الخ ـراء يف حســابات مــؤرش مــدركات الفســاد فقــط‪ .‬وبعدهــا يجــرى جمــع‬
‫املــؤرشات الفرعيــة األربعــة للتوصــل اىل درجــة واحــدة‪ ،‬مــع العلــم أن تقييــات الخـراء املســتخدمة بواســطة‬
‫منظمــة الشــفافية الدوليــة قــد خضعــت لتحــوالت تتمثــل يف إعــادة الجدولــة وتوحيــد النقــط املحصــل عليهــا‬
‫باإلضافــة إىل تجميعهــا‪.‬‬

‫‪67‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫سجل تنقيط املغرب سنة ‪ 2022‬تراجعا مقارنة مع سنة ‪ 2021‬بالنسبة لثالثة عوامل فرعية وهي‪:‬‬
‫• ‪ 2.1‬املســؤولون الحكوميــون يف الســلطة التنفيذيــة ال يســتغلون الوظيفــة العموميــة لتحقيــق مكاســب‬
‫شــخصية‪ ،‬تراجــع تنقيــط املغــرب ب نقطتــن (‪ )2‬عــى مســتوى هــذا العامــل‪.‬‬
‫• ‪ 2.2‬املســؤولون الحكوميــون يف الســلطة القضائيــة ال يســتغلون الوظيفــة العموميــة لتحقيــق مكاســب‬
‫شــخصية‪ ،‬حيــث فقــد املغــرب نقطــة واحــدة (‪ )1‬عــى مســتوى هــذا العامــل‪.‬‬
‫• ‪ 2.3‬املســؤولون الحكوميــون يف الســلطة الترشيعيــة ال يســتغلون الوظيفــة العموميــة لتحقيــق مكاســب‬
‫شــخصية‪ ،‬حيــث تراجــع تنقيــط املغــرب بنقطتــن (‪.)2‬‬
‫بينام ربح املغرب نقطة واحدة (‪ )1‬عىل مستوى العامل الفرعي ‪:‬‬
‫• ‪ 2.4‬املســؤولون الحكوميــون يف الرشطــة والجيــش ال يســتغلون الوظيفــة العموميــة لتحقيــق مكاســب‬
‫شــخصية‪.‬‬
‫انعكســت هاتــه النتائــج الســلبية عــى تنقيــط عامــل "غيــاب الفســاد" (والــذي يحتســب عــى العوامــل الفرعية‬
‫األربعــة) حيــث انتقــل تنقيــط املغــرب مــن ‪ 42‬إىل ‪ 41‬نقطــة‪ .‬لكــن هاتــه النتيجــة مل تؤثــر عــى التنقيــط عــى‬
‫مســتوى املصــدر ‪ WJP‬الــذي اعتُ ِمــد يف احتســاب مــؤرش إدراك الفســاد لســنة ‪ ،2022‬حيــث حافــظ املغــرب‬
‫عــى نفــس التنقيــط ‪ 36‬عــى مســتوى هــذا املصــدر لســنتني متتاليتــن ‪ 2021‬و‪.2022‬‬
‫ويوضــح تحليــل تطــور التصنيــف لهــذه املعايــر الفرعيــة األربعــة أنهــا تؤثــر بشــكل ســلبي عــى تنقيــط‬
‫عرضــا تفصيل ًيــا للتطــور الزمنــي‬
‫املغــرب منــذ ســنة ‪ .2017‬وللوقــوف عــى هــذا التطــور‪ ،‬يقــدم الجــدول التــايل ً‬
‫للدرجــة والتصنيــف املحصــل عليهــا مــن طــرف املغــرب بالنســبة لهذيــن الســؤالني وذلــك باالعتــاد عــى‬
‫املنهجيــة التــي بلورتهــا الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا يف إعــداد الدراســة التــي‬
‫ســعت مــن خاللهــا إىل تحليــل معمــق للنتائــج التــي حصــل عليهــا املغــرب‪ ،‬بنــاء عــى قـراءة تحليليــة‪ ،‬كميــة‬
‫ونوعيــة‪ ،‬للمــؤرشات الفرعيــة املســتقاة مــن املصــادر املختلفــة املعتمــدة والتــي تغطــي بياناتهــا التفصيليــة‬
‫وضعيــة املغــرب‪.41‬‬
‫‪ -41‬أنظر الدراسة التي أنجزتها الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ونرشتها مبناسبة التقرير السنوي األول مبوجب سنة ‪http://www.icpc.ma/wps/wcm/connect/9bd11100401cf� : 2019‬‬
‫‪f5d9c349de9f9f2e770/4.+INPPLC_AS01-ET.AN_Analyse+D%C3%A9taill%C3%A9e+de+l%E2%80%99Indice+de+Perception+de+la+Corruption_R.20200df?MOD=AJPERES&CA-‬‬
‫‪CHEID=9bd11100401cff5d9c349def2e770‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪68‬‬


‫‪2022‬‬ ‫‪2022‬‬
‫‪28‬‬ ‫‪2015‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪2016‬‬
‫‪2019‬‬
‫‪47‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪49‬‬ ‫‪47‬‬
‫‪62‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪2015‬‬
‫‪2016‬‬ ‫‪2016‬‬
‫‪59‬‬ ‫‪2022 2016‬‬ ‫‪40%‬‬ ‫‪2015‬‬
‫‪2022‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪35‬‬
‫‪2016‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪2015‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫]‪، [37-48‬‬ ‫‪37/100‬‬
‫‪2020‬‬ ‫‪3%‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪4%‬‬
‫‪2022‬‬ ‫‪10%‬‬
‫‪40‬‬
‫‪82‬‬ ‫‪2022 2015‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪111‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪82‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪2015‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪2018 2015‬‬
‫‪2022 2015‬‬
‫‪2012‬‬ ‫‪-3% 2016‬‬
‫‪107‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫‪71‬‬ ‫‪2012‬‬
‫‪2012‬‬
‫‪2022‬‬ ‫‪103‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪71‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪2015‬‬
‫‪2015‬‬
‫‪32‬‬

‫‪69‬‬
‫ثانيا‪ -‬فيام يتعلق باملصادر التي عرف تنقيطها استقرارا باملقارنة مع ‪2021‬‬
‫أ‪ -‬مؤرش التحول ملؤسسة برتلسامن ‪2022 -‬‬
‫يتــم إعــداد هــذا املــؤرش مــن طــرف مؤسســة برتلســان‪ ،‬حيــث يتوخــى باألســاس تقييــم حــدود وكيفيــات‬
‫تدبــر الــدول للتطــور االجتامعــي يف اتجــاه إرســاء الدميقراطيــة واقتصــاد الســوق‪ ،‬حيث تختــزل أبــرز الخالصات‬
‫املقدمــة حــول التغيــر والتدبــر الســيايس يف التصنيفــن التاليــن‪:‬‬
‫• مــؤرش الوضعيــة الــذي ميثــل متوســط قيمــة الدرجــات املحصــل عليهــا بشــأن األبعــاد املرتبطــة ب‬
‫"التغيــر الســيايس" و "التغيــر االقتصــادي"؛‬
‫• مؤرش التدبري الذي يستهدف تقييم مستوى الحكامة لدى متخذي القرار السيايس‪.‬‬
‫أمــا بخصــوص مــؤرش مــدركات الفســاد الــذي تصــدره منظمــة الشــفافية الدوليــة‪ ،‬فالدرجــة املحصــل عليهــا‬
‫مــن طــرف كل دولــة هــي متوســط اإلجابــات عــى الســؤالني الفرعيــن التاليــن املطروحــن يف مــؤرش التحــول‬
‫الــذي تصــدره مؤسســة برتلســان‪:‬‬
‫• الســؤال ‪ « 3.3‬إىل أي مــدى يتعــرض أصحــاب الوظائــف العموميــة الذيــن أســاؤوا اســتغالل مناصبهــم‬
‫للمالحقــة القضائيــة أو للعقــاب؟ « ‪.‬‬
‫•السؤال ‪ « 15.3‬ما مدى فعالية الحكومة يف مكافحة الفساد؟ « ‪.‬‬
‫ترتاوح التصنيفات من ‪( 1‬أعىل درجة فساد) إىل ‪( 10‬أدىن درجة فساد)‪.‬‬
‫كــا يتضــح مــن خــال الجــدول املــوايل؛ فتحليــل تصنيــف املغــرب فيــا يتعلــق بهذيــن الســؤالني الفرعيــن‬
‫يُظهــر ركــو ًدا طويــل املــدى‪.‬‬

‫‪2022‬‬ ‫‪2020‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2006‬‬

‫‪3.3‬‬
‫‪3‬‬
‫‪40‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪50‬‬

‫«‬
‫‪15‬‬
‫‪15.3‬‬
‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬
‫«‬

‫بالنســبة للســؤال ‪ ،3.3‬حصــل املغــرب عــى الدرجــة ‪ 100/40‬التــي مل تتغــر منــذ عــام ‪ ،2008‬بعــد أن كانــت‬
‫يف مســتوى ‪ 100/50‬يف تصنيــف ‪ ،2006‬وهــو أمــر غــر ُمــرض‪ .‬وداللــة هــذا املــؤرش الفرعــي أن "العديــد مــن‬
‫املســؤولني الذيــن يخالفــون القانــون ويتورطــون يف الفســاد ال تتــم مقاضاتهــم بشــكل ٍ‬
‫كاف‪ ،‬رغــم كونهــم‬
‫"يتعرضــون يف بعــض األحيــان النتقــادات ســيئة"‪.42‬‬

‫‪ - 42‬ال تتم متابعتهم رغم تعرضهم النتقادات عىل مستوى اإلعالم والشبكات االجتامعية‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪70‬‬


‫وبالنســبة للســؤال ‪ ،15.3‬فقــد حصــل املغــرب عــى درجــة ثابتــة ‪ 100/30‬منــذ عــام ‪ 2006‬باســتثناء عــام ‪2014‬‬
‫حيــث ارتفعــت نقطتــه إىل ‪ .100/40‬وتشــر هــذه الدرجــة إىل أن "الحكومــة مســتعدة وقــادرة جزئ ًيــا فقــط‬
‫عــى احتــواء الفســاد‪ ،‬يف حــن أن آليــات النزاهــة التــي تــم تنفيذهــا قليلــة وغــر فعالــة يف الغالــب"‪.‬‬
‫البــاب الرابــع‪ :‬عــرض نتائــج البحــث الوطنــي حــول الفســاد‪ :‬املواطنــون القاطنــون‬
‫واملغاربــة املقيمــون بالخــارج‬
‫تبــن للهيئــة أن اإلحاط ـ َة الشــمولية بظاهــرة الفســاد تعوقهــا مجموعــة مــن اإلكراهــات الناتجــة باألســاس‬
‫عــن النقــص امللحــوظ عــى مســتوى تحليــل ظاهــرة الفســاد ومعرفــة أســبابها العميقــة وتتبــع انعكاســاتها‬
‫الخطــرة‪ ،‬وعــن الصعوبــات املؤسســية املرتبطــة برصــد معاقلهــا وضبــط تأطريهــا قطاعيــا وأفقيــا فيــا بــن‬
‫القطاعــات‪ ،‬وعــن عــدم كفايــة ودقــة أدوات القيــاس املتعــارف عليهــا حاليــا يف مجــال تشــخيص الفســاد إلنتــاج‬
‫معرفــة موضوعيــة بهــذه الظاهــرة‪ ،‬وعــن خصوصيــات أفعــال الفســاد التــي تتميــز بالخفــاء والتواطــؤ بــن عــدة‬
‫أط ـراف وبصعوبــة اإلثبــات وبضعــف التبليــغ الناتــج عــن غيــاب األدلــة والحاميــة الكافيــة للمبلغــن‪.‬‬
‫انطالقــا مــن هــذا الرصــد‪ ،‬اعتــرت الهيئــة أن مــؤرشات مــدركات الفســاد رغــم كونهــا تشــكل لحــد اآلن اآلليــة‬
‫األساســية لرصــد هــذه الظاهــرة وقيــاس انتشــارها يف دول املعمــور‪ ،‬والتــي مل تســتطع املنظــات املعنيــة‬
‫لحــد اآلن أن تطــور آليــات أخــرى بديلــة عنهــا‪ ،‬إال أن النتائــج التــي متنحهــا هــذه املــؤرشات ال تعتــر قطعيــة‪،‬‬
‫بــل نســبية الداللــة‪ ،‬لكونهــا ال تســتجيل مامرســة الفســاد يف حــد ذاتــه‪ ،‬بــل تالمــس تصــور وإدراك الفئــات‬
‫املســتهدفة إزاء هــذه املامرســة‪.‬‬
‫لذلــك‪ ،‬شــددت الهيئــة عــى حتميــة إنتــاج معرفــة دقيقــة بالظاهــرة للتمكــن مــن متلُّــك اآلليــات الناجعــة‬
‫ملواجهتهــا‪ ،‬وذلــك مــن خــال توجيــه الجهــود نحــو االعتــاد عــى آليــات متجــددة للتحليــل امليــداين‪ ،‬تنضــاف‬
‫إىل املــؤرشات املعتمــدة حاليــا ملالمســة الفســاد‪ ،‬مــع إيــاء االهتــام الخــاص لتوظيــف آليــات البحــث العلمــي‬
‫واإلحصــايئ‪ ،‬وتنميــة تطبيــق تكنولوجيــا املعلوميــات والبيانــات الضخمــة (‪ )big data‬والــذكاء االصطناعــي‬
‫(‪ )intelligence artificielle‬يف مجال فهم وإدراك وتتبع ظاهرة الفساد‪.‬‬
‫لهــذه الغايــة‪ ،‬بــادرت الهيئــة بوضــع أســس العمــل املؤســي الكفيــل بتحقيــق املعرفــة املنشــودة يف هــذا‬
‫املجــال‪ ،‬وذلــك مــن خــال تفعيــل اإلطــار التنظيمــي ملرصدهــا الــذي يضطلــع بتطويــر املعرفــة املوضوعيــة‬
‫بظاهــرة الفســاد وتطويــر البحــث متعــدد األبعــاد واآلليــات العلميــة والعمــل عــى تطويــر ووضــع مــؤرشات‬
‫أدق داللــة وأكــر التصاقــا بالواقــع‪ ،‬لقيــاس تطــور وضــع الفســاد ببالدنــا‪.‬‬
‫يف إطــار هــذا التوجــه وتفعيــا ملهــام مرصــد الهيئــة‪ ،‬تــم إنجــاز البحــث الوطنــي امليــداين مــن خــال مســحني‪،‬‬
‫األول يخــص املواطنــن (القاطنــن واملغاربــة املقيمــن بالخــارج) والثــاين يخــص املقــاوالت‪ .‬وقــد روعــي يف هــذه‬
‫النســخة طابعهــا املتجــدد واملبتكــر وتحقيقهــا لهــدف مشــرك يتجــى يف الوصــول إىل جــودة يف البيانــات التــي‬
‫تــم تجميعهــا وقابليتهــا للمقارنــة مــع نتائــج النســخة الســابقة‪.‬‬
‫وإميانــا منهــا بالــدور املهــم والفعــال للمقاربــة التشــاركية‪ ،‬قامــت الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقاية من الرشــوة‬
‫ومحاربتهــا‪ ،‬منــذ إطــاق هــذا البحــث الوطنــي‪ ،‬بــإرشاك ممثــي مختلــف الفاعلــن مــن قطاعــات وزاريــة‬
‫ومؤسســات عموميــة ودســتورية وفعاليــات مــن املجتمــع املــدين والقطــاع الخــاص‪ ،‬األمــر الــذي تتوخــى مــن‬

‫‪71‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫خاللــه الهيئــة أن يغنــي منهجيــة الدراســة امليدانيــة‪ ،‬ســواء يف مرحلــة توجيههــا وتأطريهــا أو يف مرحلــة قـراءة‬
‫النتائــج املســتخلصة بالشــكل الــذي يســمح بتحليــل هــذه الظاهــرة واملســاهمة يف تقييــم فعاليــة ونجاعــة‬
‫السياســات العموميــة والربامــج الوطنيــة للوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪.‬‬
‫للتعــرف عــى نتائــج املرحلــة األوىل مــن هــذا البحــث‪ ،‬والتــي تهــم املغاربــة املقيمــن والقاطنــن بالخــارج‪،‬‬
‫ســيتطرق الفصــل األول إىل منهجيــة الدراســة‪ ،‬يف حــن يســتعرض الفصــل الثــاين خالصــة النتائــج املتوصــل إليهــا‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬منهجية الدراسة‬
‫الفرع األول‪ :‬بالنسبة للمواطنني القاطنني‬
‫الســكان املســتهدفون يف هــذا البحــث امليــداين‪ ،‬هــم مجمــوع املواطنــن املغاربــة مــن الجنســن‪ ،‬الذيــن تبلــغ‬
‫أعامرهــم ‪ 18‬ســنة فــا فــوق‪ ،‬واملقيمــن يف املجالــن الحــري والقــروي‪.‬‬
‫وتــم تحديــد حجــم عينــة البحــث يف خمســة آالف (‪ )5000‬فــردا‪ ،‬باالعتــاد عــى منهجيــة إحصائيــة علميــة‬
‫أخــذت بعــن االعتبــار ثالثــة معطيــات ذات أهميــة وتتمثــل يف (‪ )1‬مــدى انتشــار ظاهــرة الفســاد‪ )2( ،‬والدقــة‬
‫املرغوبــة عــى املســتوى العــام‪ )3( ، 43‬وكــذا هامــش الدقــة فيــا يتعلــق بتحليــل البيانــات اإلحصائيــة (الحصول‬
‫عــى تقدي ـرات موثوقــة حســب الجهــة والوســطني الحــري والقــروي‪ ،‬النــوع ‪ .)....‬كــا يتيــح حجــم هــذه‬
‫العينــة املســتهدفة مــن مقارنــة نتائــج هــذه النســخة بالنتائــج املحصــل عليهــا خــال النســخة األوىل‪ ،‬وذلــك‬
‫باالعتــاد عــى أســس متطابقــة‪.‬‬
‫وقــد اعتمــدت عمليــة ســحب العينــة املختــارة عــى الســحب االحتــايل املتعــددة املســتويات‪ .‬وتجــدر اإلشــارة‬
‫إىل أن تكويــن عينــة هــذا البحــث قــد تــم بالتعــاون الوثيــق مــع املندوبيــة الســامية للتخطيــط‪ ،‬مــا مكــن مــن‬
‫االســتفادة مــن العينــة الرئيســية التــي تتوفــر عليهــا مديريــة اإلحصــاء التابعــة للمندوبيــة‪.‬‬
‫الجدول ‪ - 1‬توزيع عينة املواطنني حسب املنطقة ومحل اإلقامة‬

‫* املصدر ‪ :‬بيانات املندوبية السامية للتخطيط حول توزيع السكان يف عام ‪ 2202‬حسب املنطقة و مكان اإلقامة‪.‬‬
‫‪ -43‬بالنسبة لهذا الحجم‪ ،‬الحد األقىص لهامش الخطأ هو ‪ 1,4‬ملستوى ثقة ‪ .95%‬مثال إذا حصلنا عىل نسبة ‪ ، 50%‬هناك احتامل ‪ 95%‬أن النسبة الحقيقية تقع بني ‪ 1,4 - 50%‬و ‪.1,4 + 50%‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪72‬‬


‫ـخصا‪ ،‬وهــو مــا ميثــل معــدل إجابــة‬ ‫مــن بــن ‪ 5000‬شــخصا املســتهدفني‪ ،‬متــت مقابلــة واســتجواب ‪ 4613‬شـ ً‬
‫إجــايل يقــدر ب ‪ %92.3‬وقــد تــم ســحب العينــة باالعتــاد عــى أربعــة مراحــل أو مســتويات متتاليــة ‪:‬‬
‫املســتوى األول‪ :‬ســحب عينــة احتامليــة مــن الوحــدات األوليــة (‪ )Unité Primaire - UP‬مــن القامئــة الكليــة‬
‫التــي تضــم ‪ 4500 UP‬والتــي تشــكل العينــة الرئيســية‪ .‬يف هــذا الســياق‪ ،‬تــم اســتخراج ‪ 339 UP‬وتم تقســيمها‬
‫بــن املناطــق الحرضيــة (‪ )235‬والقرويــة (‪.)104‬‬
‫أيضــا اختيــار بشــكل‬ ‫املســتوى الثــاين‪ :‬ضمــن كل وحــدة أساســية تــم اختيارهــا خــال املســتوى األول‪ ،‬تــم ً‬
‫عشــوايئ وحــدة ثانويــة (‪ . )US - Unité Secondaire‬وتجــدر اإلشــارة إىل أن ســحب الوحــدات األساســية‬
‫والوحــدات الثانويــة تــم مــن قبــل املندوبيــة الســامية للتخطيــط التــي زودت بهــا الهيئــة عــى شــكل خرائــط‪.‬‬
‫املســتوى الثالــث‪ :‬اختيــار األرس يف كل وحــدة مــن الوحــدات الثانويــة املســحوبة يف املســتوى الســابق بنــا ًء‬
‫عــى وثائــق رســم الخرائــط الخاصــة بالوحــدة املقدمــة مــن قبــل املندوبيــة الســامية للتخطيــط‪ .‬مــن نقطــة‬
‫انطــاق تــم اختيارهــا عشــوائ ًيا واتبــاع طريقــة املســار العشــوايئ‪ ،‬إذ رشع القائــم بإج ـراء املقابلــة يف اختيــار‬
‫األرس املـراد االتصــال بهــا عــن طريــق تطبيــق خطــوة ثابتــة بــن األرس‪ .‬تــم تعيــن الخطــوة (= عــدد األرس يف‬
‫الوحــدة الثانويــة‪ /‬عــدد املقابــات يف الوحــدة الثانويــة) وف ًقــا للحجــم املقــدر للوحــدة الثانويــة‪ .‬وبالتــايل‪ ،‬يف‬
‫الوحــدة التــي تضــم مــا يقــرب مــن ‪ 50‬أرسة (متوســط حجــم الوحــدات)‪ ،‬تكــون الخطــوة ‪)50/15 =( 3‬بينــا‬
‫يف الوحــدات التــي تضــم ‪ 90‬أرسة تقري ًبــا‪ ،‬تكــون الخطــوة ‪.)90/15 =( 6‬‬
‫املســتوى الرابــع‪ :‬اختيــار املســتجوبني داخــل األرس وفــق طريقــة ‪ .Kish‬يف كل أرسة‪ ،‬تــم وضــع قامئــة باألفـراد‬
‫الذيــن تبلــغ أعامرهــم ‪ 18‬عا ًمــا ومــا فــوق وتــم اختيــار شــخص واحــد منهــم بشــكل عشــوايئ مــن خــال‬
‫تطبيــق شــبكة "كيــش"‪ .‬لتجنــب عــدم التــوازن يف التمثيليــة بــن الجنســن يف العينــة‪ ،‬تــم تطبيــق طريقــة ‪Kish‬‬
‫بالتنــاوب عــى الرجــال والنســاء‪.‬‬
‫أمــا فيــا يخــص االســتبيان‪ ،‬فقــد تــم تطويــر املســودة األوىل بنــا ًء عــى أهــداف الدراســة التــي تــم إثراؤهــا‬
‫بــرؤى وخالصــات الدراســة النوعيــة التــي أجريــت مســبقا‪ .‬وتتكــون الصيغــة النهائيــة لالســتبيان مــن ‪ 67‬ســؤالً‬
‫موزعــة عــى الشــكل التــايل‪:‬‬
‫• األهلية والخصائص االجتامعية والدميوغرافية للمستجوب‬
‫• املعرفة والتصور حول الفساد‬
‫• الخربة وتجربة الفساد‬
‫• الشكايات والتبليغات ضد الفساد‬
‫• اإلجراءات العامة ملكافحة الفساد‬
‫• الفساد واألزمة الصحية‬
‫• االبتزاز الجنيس‬
‫• االبتزاز الجنيس‬

‫‪73‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫الفرع الثاين‪ :‬بالنسبة للمغاربة املقيمني بالخارج‬
‫تتكــون العينــة مــن ‪ 1029‬مــن املغاربــة املقيمــن بالخــارج تــم اختيارهــم باســتعامل طريقــة الحصيــص وف ًقــا‬
‫للمعايــر األربعــة التاليــة‪ :‬منطقــة اإلقامــة يف الخــارج‪ ،‬طــرق مغــادرة املغــرب‪ ،‬الســن والجنــس‪.‬‬
‫متــت مقابلــة املســتجوبني يف نقــاط عبــور مختلفــة (املوانــئ واملطــارات) عنــد عودتهــم إىل بلــدان إقامتهــم‪،‬‬
‫وتــم جمــع البيانــات يف امليــدان عــى مرحلتــن‪:‬‬
‫• املرحلــة األوىل امتــدت مــن ‪ 26‬يوليــوز إىل ‪ 4‬غشــت ‪ 2022‬شــملت ‪ 359‬شـ ً‬
‫ـخصا مــن املغاربــة املقيمــن‬
‫بالخارج‬
‫• املرحلــة الثانيــة غطــت الفــرة مــن ‪ 23‬غشــت إىل ‪ 10‬شــتنرب ‪ 2022‬وشــملت ‪ 670‬املغاربــة املقيمــن‬
‫بالخــارج‬
‫الجدول ‪ : 2‬توزيع عينة املغاربة املقيمني بالخارج‬

‫األقاليم الجنوبية تضم جهات كّلميم وادنون‪ ،‬الداخلة وادي الذهب‪ ،‬العيون الساقية الحمراء‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪74‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬خالصة نتائج البحث الوطني‬
‫الفرع األول‪ :‬املعرفة والتصورات حول الفساد‬
‫‪ -1‬ترتيب الفساد ضمن انشغاالت املواطنني القاطنني واملغاربة املقيمني بالخارج‬
‫يشــكل الفســاد مصــدر قلــق أكــر بالنســبة للمغاربــة املقيمــن بالخــارج مقارنــة مــع املواطنــن القاطنــن‪ .‬حيــث‬
‫اعتــر ‪ %17‬مــن املواطنــن القاطنــن أن الفســاد يشــكل أحــد انشــغاالتهم الرئيســية الثــاث‪ ,‬يف حــن يصــل هــذا‬
‫املعــدل إىل ‪%33‬بالنســبة للمغاربــة املقيمــن بالخــارج‪.‬‬
‫ويحتــل الفســاد املرتبــة السادســة ضمــن انشــغاالت املغاربــة القاطنــن بعــد جــودة الخدمــات الصحيــة والرعاية‬
‫(‪ ،)%56‬والقــدرة الرشائيــة وتكلفــة املعيشــة (‪ ،)%50‬والتوظيــف والبطالــة (‪ .)%46‬بينــا مــن بــن انشــغاالت‬
‫املغاربــة املقيمــن بالخــارج‪ ،‬يحتــل الفســاد مــع املخــاوف املرتبطــة بالبطالــة والتوظيــف املرتبــة الثانيــة بعــد‬
‫جــودة خدمــات الصحــة والرعايــة (‪.)%53‬‬

‫الشكل ‪ – 1‬ترتيب انشغاالت املواطنني القاطنني واملغاربة املقيمني بالخارج‬

‫وتجــدر اإلشــارة إىل أن الفســاد يحتــل املرتبــة الخامســة مــن بــن العوامــل الكامنــة وراء هجــرة املغاربــة‬
‫املقيمــن بالخــارج حيــث ذكــر بنســبة ‪ ،%5‬بينــا يبقــى الســببان الرئيســيان للهجــرة هــا تحســن الظــروف‬
‫املعيشــية (‪ )%79‬والبحــث عــن عمــل (‪.)%69‬‬
‫باإلضافــة إىل ذلــك‪ ،‬يــرى املغاربــة املقيمــن بالخــارج أن الفســاد (‪ )%63‬وتعقيــد اإلج ـراءات اإلداريــة (‪)%67‬‬
‫هــا العائقــان الرئيســيان اللــذان مينعانهــم مــن االســتثامر يف املغــرب‪.‬‬
‫‪75‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫‪ -2‬معرفة مختلف أشكال الفساد‬
‫يتوفــر كل مــن املواطنــن القاطنــن واملغاربــة املقيمــن بالخــارج عــى معرفــة جيــدة مبختلــف أشــكال الفســاد‪.‬‬
‫ثالثــة مــن هــذه األشــكال معروفــة بشــكل خــاص مــن طــرف الفئتــن‪ ،‬ويتعلــق األمــر بــكل مــن الرشــوة‪،‬‬
‫والفســاد االنتخــايب واســتغالل النفــوذ والســلطة‪.‬‬

‫املغاربة املقيمون بالخارج‬ ‫املواطنون القاطنون‬


‫‪99%‬‬ ‫‪98%‬‬ ‫الرشوة‬
‫‪80%‬‬ ‫‪82%‬‬ ‫الفساد االنتخايب‬
‫‪82%‬‬ ‫‪74%‬‬ ‫استغالل النفود والسلطة‬
‫ ‬
‫‪ -3‬االنطباع العام ملستوى انتشار الفساد يف املغرب‬
‫يعتقــد املواطنــون القاطنــون أن الفســاد منتــر يف املغــرب بنســبة أعــى مقارنــة باملغاربــة الذيــن يعيشــون يف‬
‫الخــارج‪ .‬حيــث مــا يقــرب مــن ثالثــة أربــاع املواطنــن القاطنــن (‪ )%72‬يعتقــدون أن املســتوى العــام للفســاد‬
‫يف املغــرب واســع االنتشــار (‪ )%21‬أو شــائع جــدا (‪ ،)%51‬بينــا يف حالــة املغاربــة املقيمــن بالخــارج‪ ،‬فــإن مــا‬
‫يقــارب الثلثــن (‪ )%65‬يعتقــدون أن الفســاد واســع االنتشــار (‪ )%33‬أو شــائع جــدا باملغــرب (‪.)%32‬‬

‫الشكل ‪ – 2‬االنطباع العام ملستوى انتشار الفساد يف املغرب‬

‫املواطنون القاطنون‬ ‫ ‬
‫املغاربة املقيمون بالخارج‬

‫يقــدر املواطنــون القاطنــون حجــم الفســاد يف املغــرب مبعــدل ‪ 7.9‬عــى مقيــاس مــن ‪ 1‬إىل ‪ ،10‬بينــا يقــدره‬
‫املغاربــة املقيمــون بالخــارج بـــ ‪ 7.2‬عــى نفــس املقيــاس‪ .‬ويبنــي املواطنــون القاطنــون واملغاربــة املقيمــون‬
‫بالخــارج تصورهــم ملســتوى الفســاد يف املغــرب عــى املعلومــات التــي يتــم تناقلهــا يف وســائل اإلعــام‪ ،‬وعــى‬
‫وأيضــا عــى املعلومــات التــي تــم الحصــول‬
‫تجربتهــم الخاصــة‪ ،‬وعــى النقاشــات مــع أصدقائهــم وأقاربهــم‪ً ،‬‬
‫عليهــا عــر شــبكات التواصــل االجتامعيــة واإلنرتنــت‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪76‬‬


‫‪ -4‬تصور مستوى انتشار الفساد يف مختلف املجاالت‬
‫عنــد ســؤالهم عــن تصورهــم ملســتوى الفســاد حســب املجــال‪ ،‬يعتــر املواطنــون القاطنــون أن الفســاد أكــر‬
‫انتشــارا يف املجــاالت التاليــة‪:‬‬

‫(‪)%36‬‬ ‫• التوظيف والتعيينات وتطور املسار املهني يف القطاع العام‬


‫(‪)%34‬‬ ‫• التوظيف والتعيينات وتطور املسار املهني يف القطاع الخاص‬
‫(‪)%35‬‬ ‫• اإلعانات االجتامعية العمومية للساكنة‬
‫(‪)%33‬‬ ‫• الحصول عىل الرخص‪ ،‬املأذونيات (الـﯖرميات) والرخص االستثنائية‬
‫نالحــظ أن التصــورات تختلــف نســبيا بالنســبة للمغاربــة املقيمــن بالخــارج‪ ،‬فعنــد اســتجواب هــذه‬
‫الفئــة حــول املجــاالت األكــر تــررا بظاهــرة الفســاد يــرز مجــاالن‪ :‬األول هــو الحصــول عــى الرخــص‪،‬‬
‫املأذونيــات (الـﯖرميــات) والرخــص االســتثنائية (‪ )%57‬يليــه التوظيــف والتعيينــات وتطــور املســار املهنــي‬
‫يف القطــاع العــام بنســبة (‪.)%53‬‬
‫بشــكل عــام‪ ،‬يعتقــد كل مــن املواطنــن القاطنــن واملغاربــة املقيمــن بالخــارج أن الفســاد أكــر انتشــا ًرا يف‬
‫املجــاالت التــي تقــع ضمــن اختصاصــات القطــاع العــام (منــح الرتاخيــص والتصاريــح‪ ،‬والتوظيــف يف القطــاع‬
‫العــام‪ ،‬توزيــع اإلعانــات االجتامعيــة العموميــة‪ ،‬والصفقــات واملشــريات العموميــة) أكرث منــه يف القطــاع الخاص‪.‬‬
‫‪ -5‬تصور مستوى انتشار الفساد يف مختلف القطاعات‬
‫فيــا يتعلــق بتصــور مســتويات انتشــار الفســاد يف مختلــف القطاعــات‪ ،‬يعتــر املواطنــون القاطنــون أن الصحــة‬
‫هــي القطــاع األكــر تــر ًرا مــن الفســاد‪ ،‬حيــث يعتقــد ‪ %68‬منهــم أن الفســاد شــائع أو واســع االنتشــار بهــذا‬
‫القطــاع متقدمــا عــى األح ـزاب السياســية (‪ )%53‬والحكومــة (‪ )%49‬والربملــان (‪ )%48‬والنقابــات العامليــة‬
‫(‪.)%37‬‬
‫وعنــد اســتجواب املغاربــة املقيمــن بالخــارج‪ ،‬نجــد نفــس التسلســل الهرمــي‪ ،‬حيــث تــأيت الصحــة عــى رأس‬
‫القطاعــات األكــر تــررا ً بالفســاد‪ ،‬وتليهــا األحــزاب السياســية(‪ ،)%56‬والحكومــة(‪ ،)%54‬والربملــان (‪)%50‬‬
‫والنقابــات (‪.)%42‬‬
‫املغاربة املقيمون بالخارج‬ ‫املواطنون القاطنون‬
‫‪76%‬‬ ‫‪68%‬‬ ‫قطاع الصحة‬
‫‪56%‬‬ ‫‪53%‬‬ ‫األحزاب‬
‫‪54%‬‬ ‫‪49%‬‬ ‫الحكومة‬
‫‪50%‬‬ ‫‪48%‬‬ ‫الربملان‬
‫‪42%‬‬ ‫‪37%‬‬ ‫النقابات‬

‫‪ -6‬أسباب تطور الفساد يف املغرب‬


‫يختلــف تصــور العوامــل املؤديــة اىل تطــور الفســاد يف املغــرب بــن املواطنــن القاطنــن واملغاربــة املقيمــن يف‬
‫الخــارج‪ ،‬وخاصــة فيــا يخــص تصنيفهــا‪.‬‬
‫‪77‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫فبالنســبة للمواطنــن القاطنــن‪ ،‬الرغبــة يف الــراء الرسيــع (‪ ،)%26‬وبــطء اإلجــراءات (‪ ،)%26‬وانعــدام روح‬
‫املواطنــة وضعــف الــوازع األخالقــي (‪ ،)%21‬وتعقيــد اإلجــراءات (‪ ،)%21‬وضعــف األجــور (‪ )%18‬والفقــر‬
‫(‪ ،)%18‬وانعــدام الرقابــة واملحاســبة (‪ )%15‬هــي األســباب الرئيســية لتطــور وانتشــار الفســاد يف املغــرب‪.‬‬
‫أمــا املغاربــة املقيمــون بالخــارج‪ ،‬فيعتــرون أن أســباب انتشــار الفســاد هــي أوالً وقبــل كل يشء نابعــة من ســوء‬
‫التدبــر‪ ،‬ويتجــى ذلــك يف انعــدام الرقابــة واملحاســبة (‪ )%43‬وغيــاب العقوبــات (‪ .)%34‬باإلضافــة اىل ذلــك‬
‫هنــاك أســباب ذات طبيعــة اقتصاديــة‪ ،‬وال ســيام ضعــف األجــور (‪ ،)%35‬والرغبــة يف ال ـراء الرسيــع (‪)%38‬‬
‫والفقــر (‪ ،)%27‬كــا يعتــر املغاربــة املقيمــون بالخــارج انعــدام روح املواطنــة وضعــف الــوازع األخالقــي‬
‫(‪ ،)%28‬أحــد العوامــل التــي تعــزز تطــور الفســاد يف املغــرب‪.‬‬

‫الشكل ‪ – 3‬أسباب انتشار الفساد يف املغرب‬

‫‪ 7‬ـ تداعيات الفساد يف املغرب‬


‫يختلــف التصــور لتداعيــات الفســاد يف املغــرب وتصنيفهــا بشــكل ملحــوظ بــن املواطنــن القاطنــن واملغاربــة‬
‫املقيمــن يف الخــارج‪ .‬فوفقًــا للمواطنــن القاطنــن‪ ،‬فــإن النتيجــة الرئيســية املرتتبــة عــن تطــور الفســاد يف‬
‫املغــرب هــي ذات طبيعــة اجتامعيــة‪ ،‬وال ســيام الالمســاواة االجتامعيــة (‪ .)%38‬أمــا التبعــات األخــرى التــي‬
‫ذكرهــا املواطنــون القاطنــون فهــي ذات طبيعــة اقتصاديــة‪ ،‬وعــى وجــه الخصــوص‪ :‬إفقــار الدولــة (‪،)%21‬‬
‫والالمســاواة يف توزيــع الــروات (‪ ،)%17‬وتراجــع القــدرة الرشائيــة والفقــر (‪.)%16‬‬
‫مــن وجهــة نظــر املغاربــة املقيمــن بالخــارج الذيــن متــت مقابلتهــم‪ ،‬فــإن اآلثــار الضــارة للفســاد هــي يف‬
‫باألســاس اقتصاديــة واجتامعيــة‪ .‬وتتمثــل العواقــب الثالثــة األوىل يف إفقــار الدولــة (‪ ،)%27‬وتطــور الظلــم‬
‫(‪ )%27‬وهجــرة األدمغــة وفقــدان الكفــاءات البرشيــة (‪.)%24‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪78‬‬


‫‪ -8‬تصور تطور الفساد خالل السنتني املاضيتني‬
‫يعتقــد املواطنــون القاطنــون أن ظاهــرة الفســاد قــد تفاقمــت خالل الســنتني املاضيتــن‪ ،‬حيــث رصح ‪ %40‬منهم‬
‫أن الفســاد قــد ازداد خــال العامــن املاضيــن‪ ،‬مقابــل ‪ %25‬يعتقــدون أنــه قــد انخفــض خــال نفــس الفرتة‪.‬‬
‫أمــا بخصــوص املغاربــة املقيمــن بالخــارج‪ ،‬فــإن رأيهــم يتجــه نحــو االتجــاه املعاكــس‪ ،‬بحيــث يعتقــد ‪%44‬‬
‫منهــم أن الفســاد قــد انخفــض يف املغــرب خــال العامــن املاضيــن‪ ،‬مقابــل ‪ %21‬يــرون أن الظاهــرة قــد‬
‫تفاقمــت‪.‬‬
‫الشكل ‪ – 4‬االنطباع العام ملستوى انتشار الفساد يف املغرب خالل السنتني املاضيتني‬

‫املغاربة املقيمون بالخارج‬ ‫ ‬


‫املواطنون القاطنون‬ ‫ ‬
‫‪ -9‬تصور تطور الفساد خالل السنتني املقبلتني‬
‫فيــا يتعلــق بتطــور الفســاد خــال الســنتني القادمتــن‪ ،‬يالحــظ أن املواطنــن القاطنــن منقســمون بشــدة‪،‬‬
‫حيــث يعتقــد ‪ %32‬أن هــذه الظاهــرة ســتنخفض و ‪%30‬يــرون أنهــا عــى العكــس مــن ذلــك ســوف تــزداد‪.‬‬
‫ومــن ناحيــة أخــرى‪ ،‬فــإن املغاربــة املقيمــن بالخــارج يبــدون أكــر تفــاؤالً ويقــدرون بنســبة ‪ %44‬التــي تــرى‬
‫أن الفســاد ســينخفض مقابــل ‪ %17‬ممــن يعتقــدون أنــه ســيزداد خــال العامــن املقبلــن‪.‬‬

‫الشكل ‪ – 5‬االنطباع العام ملستوى انتشار الفساد يف املغرب خالل السنتني املقبلتني‬

‫املغاربة املقيمون بالخارج‬ ‫ ‬


‫املواطنون القاطنون‬ ‫ ‬
‫عــى الرغــم مــن التصــورات اإليجابيــة التــي لوحظــت بــن املغاربــة املقيمــن بالخــارج الذين شــملهم االســتطالع‪،‬‬
‫تعتقــد الغالبيــة العظمــى أنــه فيــا يتعلــق بالفســاد‪ ،‬ال يـزال املغــرب متخل ًفــا كثـ ًرا عــا هــو عليــه الوضــع يف‬
‫بلــد إقامتهــم‪ .‬إذ أن ‪ %88‬مــن املســتجوبني يعتقــدون أن الفســاد منتــر يف املغــرب أكــر منــه يف بلــدان إقامتهم‪.‬‬
‫‪79‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫الفرع الثاين‪ :‬التجربة مع الفساد‬
‫‪ -1‬التعرض ملختلف أشكال الفساد‬
‫رصح مــا يزيــد عــن ربــع املواطنــن القاطنــن (‪ )%28‬أنهــم قــد تعرضــوا بصفــة شــخصية أو أحــد أفـراد أرستهــم‬
‫لواحــد عــى األقــل مــن أشــكال الفســاد التــي تــم أخذهــا بعــن االعتبــار يف هــذه الدراســة‪ .‬وإذا مــا روعــي‬
‫هــذا املعطــى بكــون املســتجوبني تعرضــوا بنفســهم لشــكل مــن أشــكال الفســاد‪ ،‬فــإن املعــدل يــدل عــى أن‬
‫هــذه الظاهــرة قــد مســت شــخصا مــن كل أربعــة أشــخاص بنســبة ‪ %26‬مــن املواطنــن القاطنــن خــال اإلثنــي‬
‫عــر شــهرا التــي ســبقت البحــث‪.‬‬

‫الشكل ‪ – 6‬تعرض املواطنني القاطنني ألحد أشكال الفساد خالل ال‪ 12‬شهرا املاضية‬
‫واملغاربة املقيمني بالخارج خالل ال‪ 24‬شهرا املاضية‬

‫أمــا فيــا يخــص املغاربــة املقيمــن بالخــارج‪ ،‬فــإن معــدالت التعــرض للفســاد يف األربعــة وعرشيــن شــهرا‬
‫املاضيــة أعــى بكثــر‪ .‬حيــث رصح ‪ %48‬مــن الذيــن متــت مقابلتهــم أنهــم تعرضــوا شــخصيا (‪ )%38‬أو أحــد‬
‫أف ـراد أرسهــم (‪ )%10‬لشــكل واحــد عــى األقــل مــن أشــكال الفســاد‪.‬‬
‫وتعتــر الرشــوة هــي أكــر أشــكال الفســاد شــيو ًعا حيــث واجههــا ‪ %21‬مــن املواطنــن القاطنــن ‪ 35%‬مــن‬
‫املغاربــة املقيمــن بالخــارج‪ ،‬إمــا بصفــة شــخصية أو أحــد أفـراد أرسهــم‪ .‬يف حــن يبقــى الشــطط يف اســتعامل‬
‫الســلطة واســتغالل النفــوذ والســلطة مــن بــن أشــكال الفســاد األخــرى التــي واجههــا املواطنــون القاطنــون‬
‫أكــر مــن غريهــا خــال االثنــي عــر شــه ًرا املاضيــة مبعــدل ‪ %7‬لــكل منهــا‪.‬‬
‫وبخصــوص املغاربــة املقيمــن بالخــارج‪ ،‬فــإن أشــكال الفســاد األخــرى التــي واجهوهــا بصفــة شــخصية أو‬
‫واجههــا أحــد أفـراد أرسهــم خــال الـــ ‪ 24‬شــه ًرا املاضيــة هــي اســتغالل النفــوذ بنســبة ‪ %12‬منهــا ‪ %10‬بصفــة‬
‫شــخصية‪ ،‬والشــطط يف اســتعامل الســلطة مبعــدل ‪ %12‬منهــا ‪ %10‬بصفــة شــخصية‪.‬‬
‫‪ -2‬انتشار ظاهرة الرشوة (‪)Prévalence‬‬
‫مــن بــن مجمــوع املواطنــن القاطنــن الذيــن تبلــغ أعامرهــم ‪ 18‬عا ًمــا فأكــر والذيــن كان لديهــم اتصــال واحــد‬
‫عــى األقــل مبوظــف يف القطــاع العــام أو الخــاص خــال االثنــي عــر شــه ًرا الســابقة للدراســة‪ ،‬رصح ‪%19‬‬
‫منهــم أنهــم دفعــوا رشــوة أو طُلــب منهــم القيــام بذلــك مــرة واحــدة عــى األقــل عنــد التعامــل مــع هــؤالء‬
‫املوظفــن‪ .‬يف حالــة املغاربــة املقيمــن بالخــارج‪ %32 ،‬منهــم دفعــوا رشــوة خــال الـــ ‪ 24‬شــه ًرا املاضيــة أو طُلب‬
‫منهــم القيــام بذلــك مــرة واحــدة عــى األقــل أثنــاء تعاملهــم مــع موظــف يف القطــاع العــام أو الخــاص‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪80‬‬


‫الشكل ‪ – 7‬معدل انتشار الرشوة بني املواطنني القاطنني واملغاربة املقيمني بالخارج‬

‫بحســاب معــدل خــاص بالقطــاع العــام نحصــل عــى معــدل انتشــار الرشــوة بنســبة ‪ %29‬عــى مــدار االثنــي‬
‫عــر شــه ًرا املاضيــة بــن املواطنــن القاطنــن و‪ %36‬خــال األربــع وعرشيــن شــه ًرا املاضيــة بــن املغاربــة‬
‫املقيمــن بالخــارج‪.‬‬
‫ومبراعــاة تواتــر طلبــات الرشــاوى نتوصــل إىل فكــرة أكــر شــمولية عــن هــذه املامرســة يف املغــرب‪ .‬حيــث أنــه‬
‫بصفــة عامــة‪ ،‬كان عــى املواطنــن القاطنــن الذيــن كانــوا عــى اتصــال بواحــد عــى األقــل مــن القطاعــات التــي‬
‫خضعــت للدراســة أن يدفعــوا أو طُلــب منهــم دفــع ‪ 3.13‬رشــاوى خــال االثنــي عــر شــه ًرا الســابقة مقابــل‬
‫‪ 3.88‬خــال األربــع وعــرون شــه ًرا املاضيــة بالنســبة للمغاربــة املقيمــن بالخــارج‪.‬‬
‫توضــح تفاصيــل معــدل االنتشــار حســب القطاعــات أن "الخمســة األوائــل" مــن القطاعــات األكــر تــر ًرا مــن‬
‫الفســاد وف ًقــا للمواطنــن املقيمــن هــي الــدرك (‪ ،)%28‬النقــل (‪ ،)%20‬الرشطــة (‪ ،)%17‬الصحــة يف القطــاع‬
‫العــام (‪ )%17‬والعدالــة (‪.)%15‬‬
‫أمــا بالنســبة املســتجوبني مــن املغاربــة املقيمــن بالخــارج‪ ،‬فــإن القطاعــات التــي ينتــر فيهــا الفســاد بشــكل‬
‫كبــر هــي اإلســكان و التعمــر والعقــار يف القطــاع الخــاص (‪ ،)%34‬والقيــادات والباشــويات (‪ ،)%33‬والعدالــة‬
‫(‪ ،)%33‬والصحــة يف القطــاع العــام (‪.)%31‬‬
‫‪ -3‬التكرار الفعيل للرشوة (‪)Fréquence‬‬
‫إن معــدل االنتشــار يحتســب بالرجــوع إىل عــدد األشــخاص الذيــن تعرضــوا للرشــوة‪ ،‬يف حــن يتــم احتســاب‬
‫معــدل التك ـرار الفعــي بالرجــوع إىل عــدد امل ـرات التــي تــم فيهــا مواجهــة طلــب الرشــوة مقارنــة بعــدد‬
‫االتصــاالت التــي أجراهــا املســتجوبون مــع القطاعــات املدرجــة يف نطــاق الدراســة‪.‬‬
‫وقــد مكنــت معطيــات وبيانــات هــذا البحــث امليــداين مــن الحصــول عــى معــدل حــدوث فعــي للرشــوة يصــل‬
‫إىل نســبة ‪ %8‬بالنســبة للمواطنــن املقيمــن‪ .‬ونالحــظ أن هــذا املعــدل أعــى يف القطاعــات التاليــة‪ :‬القــوات‬
‫املســاعدة (‪ ،)%31‬الــدرك (‪ ،)%23‬الرشطــة (‪ ،)%15‬النقــل (‪ )%13‬والصحــة يف القطــاع العــام (‪.)%10‬‬

‫الشكل ‪ – 8‬معدل الحدوث الفعيل للرشوة بني املواطنني القاطنني واملغاربة املقيمني بالخارج‬

‫‪81‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫يف حالــة املغاربــة املقيمــن بالخــارج‪ ،‬يبلــغ معــدل الحــدوث الفعــي ‪ ،%11‬حيــت ســجلت ‪ 1.265‬حالــة طلــب‬
‫للدفــع أو الدفــع الفعــي للرشــاوى خــال ‪ 12.047‬تفاعـ ًـا مــع مختلــف القطاعــات املعنيــة‪ ،‬ويختلــف هــذا‬
‫املعدل بشكل كبري من قطاع إىل آخر (من ‪ %1‬للخدمات القنصلية إىل ‪ %35‬لقطاع العدالة)‪.‬‬
‫‪ -4‬أسباب طلب الرشوة أو تقدميها‬
‫نالحــظ ان أســباب طلــب دفــع الرشــاوى هــي نفســها إىل حد كبــر يف حالــة املواطنني القاطنــن واملغاربــة املقيمني‬
‫يف الخــارج‪ .‬فبالنســبة للمغاربــة القاطنــن‪ ،‬غال ًبــا مــا تتعلــق طلبــات الرشــوة أو تقدميهــا باالســتفادة مــن خدمــة‬
‫للمواطــن الحــق فيهــا (‪ )%71‬أو بالرغبــة يف ترسيــع اإلجـراءات أو االســتفادة مــن معاملــة تفضيليــة (‪.)%47‬‬
‫يف حالــة املغاربــة املقيمــن بالخــارج‪ ،‬فــإن األســباب الرئيســية لطلــب أو دفــع الرشــاوى هــي االســتفادة مــن‬
‫خدمــة للمواطــن الحــق فيهــا (‪ ،)%47‬ترسيــع اإلجـراءات أو االســتفادة مــن معاملــة تفضيليــة (‪ )%47‬وتجنــب‬
‫ســداد الغرامــات أو العقوبــات (‪.)%37‬‬
‫‪ -5‬ردود الفعل اتجاه طلبات دفع الرشوة‬
‫عنــد مواجهــة طلــب رشــوة‪ ،‬وافــق مــا يقــرب مــن ثلثــي املواطنــن القاطنــن (‪ )%63‬مــرة واحــدة عــى األقــل‬
‫عــى الدفــع‪ ،‬بينــا رفــض ‪ %29‬منهــم وواصلــوا اإلجـراءات‪ ،‬يف حــن أن ‪ %19‬رفضــوا تقديــم رشــوة ومل يتممــوا‬
‫إجراءاتهــم‪ .‬وتجــدر اإلشــارة إىل أن أقــل مــن ‪ %1‬تقدمــوا بشــكاية عندمــا واجهــوا طلبــا بتقديــم رشــوة‪.‬‬
‫الشكل ‪ –9‬ردود أفعال املواطنني اتجاه طلبات دفع الرشوة‬

‫املواطنون القاطنون‬ ‫املغاربة املقيمني بالخارج‬ ‫ ‬


‫يف حالــة املغاربــة املقيمــن بالخــارج‪ ،‬يظــل االتجــاه قري ًبــا إىل حــد مــا مــا لوحــظ بــن املواطنــن القاطنــن‪.‬‬
‫حيــث إن ‪ %68‬مــن املغاربــة املقيمــن بالخــارج قبلــوا دفــع رشــوة مــرة واحــدة عــى األقــل عندمــا طلبــت‬
‫منهــم‪ ،‬و ‪%37‬رفضــوا واســتمروا يف إجراءاتهــم‪ 11% ،‬رفضــوا وتخلــوا عــن إجراءاتهــم‪ .‬كــا أن أقــل مــن ‪%1‬‬
‫فقــط مــن املغاربــة املقيمــن بالخــارج تقدمــوا بشــكاية عندمــا واجهــوا حالــة طلــب رشــوة‪.‬‬
‫‪ -6‬مبالغ الرشوة املقدمة‬
‫‪ 755‬درهـ ًـا للفــرد هــو متوســط مبلــغ الرشــاوى التــي تــم دفعهــا خــال اإلثنــي عــر شــه ًرا املاضيــة مــن‬
‫قبــل املواطنــن القاطنــن الذيــن رصحــوا بأنهــم دفعــوا‪ .‬وعنــد األخــذ بعــن االعتبــار بكــون الشــخص قــد واجــه‬
‫عــدة طلبــات خــال هاتــه الفــرة‪ ،‬فــإن متوســط قيمــة الرشــوة املدفوعــة لــكل "معاملــة" هــو ‪ 287‬درهـ ًـا‪.‬‬
‫ويحتــل التعليــم الخــاص‪ ،‬والصحــة يف القطــاع العــام‪ ،‬والعدالــة املراتــب الثالثــة األوىل يف قامئــة القطاعــات التــي‬
‫اســتحوذت عــى أكــر حصــة مــن املبالــغ املــؤدات‪.‬‬
‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪82‬‬
‫أمــا املغاربــة املقيمــون بالخــارج‪ ،‬فــإن مبالــغ الرشــاوى املدفوعــة هــي عــى التــوايل ‪ 1500‬درهــم يف املتوســط‬
‫للفــرد خــال األربــع وعرشيــن شــه ًرا املاضيــة‪ ،‬و‪ 302‬درهـ ًـا يف املتوســط لــكل فعــل‪.‬‬
‫‪ -7‬نتيجة دفع الرشوة‬
‫يعتــر ‪ %71‬مــن املواطنــن القاطنــن و ‪ %69‬مــن املغاربــة املقيمــن بالخــارج الذيــن قامــوا بدفــع رشــوة بأنهــا‬
‫بشــكل عــام وســيلة فعالــة ســمحت لهــم دامئًــا أو يف كثــر مــن األحيــان (غالبــا) مــن تحقيــق الهــدف املنشــود‬
‫أو االســتفادة مــن املنفعــة املوعــودة‪.‬‬
‫الشكل ‪ –10‬نتائج دفع الرشوة (املواطنون القاطنون واملغاربة املقيمون بالخارج)‬

‫‪ -8‬طرق دفع الرشوة‬


‫بالنســبة ملــا يقــرب مــن ‪ %70‬مــن املواطنــن القاطنــن الذيــن واجهــوا حالــة رشــوة‪ ،‬طُلــب منهــم دفعهــا‬
‫بشــكل غــر مبــارش مــن خــال تلميحــات‪ ،‬بينــا ‪ %30‬طُلبــت منهــم بطــرق رصيحــة ومبــارشة‪.‬‬
‫يبــدو أن الدفــع العفــوي للرشــوة مامرســة ال يتــم البــوح بهــا‪ .‬حيــث رصح ‪ %7‬فقــط مــن املغاربــة املقيمــن‬
‫أيضــا أن تدخــل طــرف ثالــث يف العمليــة هــو طريقــة غــر‬‫أنهــم دفعــوا رشــوة مببادرتهــم الخاصــة‪ .‬كــا يبــدو ً‬
‫شــائعة اللتــاس الرشــوة ‪.%5‬‬
‫هــذه االتجاهــات تتــاىش مــع تلــك التــي لوحظــت عنــد املغاربــة املقيمــن بالخــارج‪ ،‬حيــث أن ثلثــي هــؤالء‬
‫مــن املســتجوبني طُلبــت منهــم الرشــوة عــن طريــق التلميــح‪ .‬فيــا الطلــب املبــارش والرصيــح ذكــره أقــل مــن‬
‫الثلــث‪ .‬يف حــن اعــرف ‪ %5‬فقــط بأنهــم أخــذوا املبــادرة لدفــع رشــوة ونســبة مامثلــة تقري ًبــا (‪ )%6‬فعلــوا‬
‫ذلــك مــن خــال تدخــل وســيط‪.‬‬
‫‪ -9‬التعرض لألشكال األخرى من الفساد حسب القطاع‬
‫حســب ترصيحــات املواطنــن القاطنــن‪ ،‬وإذا مــا اســتثنينا الرشــوة‪ ،‬فأشــكال الفســاد األخــرى ليســت شــائعة‪.‬‬
‫باســتثناء اســتغالل النفــوذ والســلطة‪ ،‬والغــدر بنســبة ‪ %7‬مــن الشــهادات لــكل منهــا‪ .‬وينطبــق الــيء نفســه‬
‫مــع املغاربــة املقيمــن بالخــارج مبعــدل ‪ %12‬مــن االســتجوابات لــكل منهــا‪.‬‬
‫‪ -10‬التعرض للفساد يف بعض املجاالت‬
‫خــال اإلثنــي عــر شــه ًرا املاضيــة‪ ،‬تعــرض ‪%8‬مــن املواطنــن القاطنــن ألحــد أشــكال الفســاد يف املجــاالت‬
‫املعنيــة بهــذه للدراســة‪ .‬وتتــوزع هــذه النســبة (‪ )%8‬حســب املجــاالت مــا بــن ‪ %3‬لتوزيــع املســاعدات‬
‫االجتامعيــة عــى الســاكنة و ‪ %1‬بالنســبة للتوظيــف والتعيــن وتحســن املســار املهنــي يف القطــاع الخــاص‪،‬‬

‫‪83‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫الحصــول عــى الرخــص‪ ،‬املأذونيــات (الـﯖرميــات) والرخــص االســتثنائية‪ ،‬وكــذا الصفقــات واملشــريات العمومية‪.‬‬
‫مــرورا بالتوظيــف والتعيــن وتحســن املســار املهنــي يف القطــاع العــام بنســبة ‪.%2‬‬
‫أمــا بالنســبة لتعــرض املغاربــة املقيمــن بالخــارج خــال األربــع وعرشيــن شــه ًرا املاضيــة ألي شــكل مــن أشــكال‬
‫الفســاد يف املجــاالت املذكــورة أعــاه‪ ،‬فــإن الحصــول عىل الرخــص‪ ،‬املأذونيــات (الـﯖرميــات) والرخص االســتثنائية‬
‫تتصــدر القامئــة مبعــدل يبلــغ ‪.%4‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬تقديم الشكايات والتبليغ عن أفعال الفساد‬
‫‪ -1‬تقديم الشكايات والتبليغ عن أفعال الفساد‪ :‬خطوات جد محدودة‬
‫خــال االثنــي عــر شــه ًرا املاضيــة بالنســبة للمواطنــن القاطنــن واألربــع وعرشيــن شــه ًرا املاضيــة بالنســبة‬
‫للمغاربــة املقيمــن بالخــارج‪ ،‬أعلنــت أقليــة صغــرة ج ـ ًدا (‪ %5‬مــن املواطنــن القاطنــن و ‪ %4‬مــن املغاربــة‬
‫املقيمــن بالخــارج) أنهــا تقدمــت بشــكاية ضــد فعــل فســاد كانــوا ضحيــة لــه‪.‬‬
‫فيــا يتعلــق بالتبليــغ‪ ،‬فــإن عددهــم أقــل مــن ذلــك‪ .‬حيــث أن ‪ %2‬فقــط مــن املواطنــن القاطنــن وكــذا‬
‫املغاربــة املقيمــن بالخــارج قــد شــجبوا فعــل الفســاد الــذي شــهدوه خــال نفــس الفــرة‪.‬‬
‫الشكل ‪ –11‬نسب تقديم الشكايات والتبليغ عن أفعال الفساد‬

‫ثالثــة أســباب رئيســية قدمهــا املواطنــون القاطنــون لتربيــر هــذا االمتنــاع‪ .‬أوالً‪ :‬التهويــن مــن الفســاد وانتشــاره‬
‫(‪ )%28‬يــأيت بعــد ذلــك عــدم جــدوى تقديــم شــكاية أو تبليــغ (‪ )%25‬ثــم الخــوف مــن االنتقــام املحتمــل أو‬
‫للعواقــب الســلبية بســبب شــكايتهم أو تبليغهــم (‪.)%22‬‬
‫أمــا بالنســبة للمغاربــة املقيمــن بالخــارج الذيــن امتنعــوا عــن تقديــم شــكاية أو التبليــغ عــن أفعــال الفســاد‪،‬‬
‫فــإن الســببني الرئيســيني املذكوريــن هــا الوقــت الــذي ميكــن أن تســتغرقه إج ـراءات القيــام بذلــك (‪)%34‬‬
‫وعــدم جــدوى هــذه اإلج ـراءات (‪.)%25‬‬
‫‪ -2‬اإلجراءات املتبعة لتقديم الشكايات والتبليغ عن أفعال الفساد‬
‫املؤسســة التــي وقعــت فيهــا إحــدى أفعــال الفســاد هــي إىل حــد بعيــد املؤسســة الرئيســية التــي يلجــأ إليهــا‬
‫املواطنــون القاطنــون لتقديــم الشــكايات والتبليغــات (‪ .)%31‬أمــا املؤسســات األخــرى التــي يلجــأ إليهــا‬
‫املواطنــون القاطنــون هــي النيابــة العامــة (‪ ،)%17‬واملســؤول املبــارش عــى الشــخص الــذي طلــب الرشــوة‬
‫(‪ ،)%9‬والرشطــة (‪ ،)%8‬والــدرك (‪.)%8‬‬
‫يف غالبيــة الحــاالت (‪ ،)61%‬قــدم املواطنــون القاطنــون شــكاية أو اســتنكروا فعــل فســاد يف ســياق نهــج انفرادي‬
‫وقــام ‪ %24‬منهــم بذلــك يف إطــار نهــج جامعــي مــع مجموعــة مــن األشــخاص الذيــن تعرضــوا لنفــس املوقف‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪84‬‬


‫يعتــر املواطنــون القاطنــون أن عــدم وجــود متابعــة هــو املصري الرئيــي للشــكايات والتبليغــات‪ .‬وبالفعــل‪ ،‬ففي‬
‫‪ %38‬مــن الحــاالت‪ ،‬مل تتــم متابعــة الشــكاية أو التبليــغ املقــدم مــن قبــل املواطنــن‪ .‬إذ أن (‪ )%19‬رصحــوا أن‬
‫الشــكاية أو التبليــغ مــازال يف طــور املعالجــة والدراســة يف حــن تــم حــل املشــكلة بطريقــة غــر رســمية بالنســبة‬
‫ل(‪ )%18‬و(‪ ،)%8‬رصحــوا بأنهــم بــارشوا اإلجـراءات الرســمية ضــد الشــخص املســؤول عــن عمليــة الفســاد‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬إجراءات مكافحة الفساد‬
‫‪ -1‬املعلومات حول الفساد يف املغرب‬
‫رصحــت أقليــة مــن املواطنــن القاطنــن واملغاربــة املقيمــن بالخــارج أنهــم شــاهدوا أو قــرأوا أو ســمعوا‪،‬‬
‫خــال األشــهر الســتة املاضيــة‪ ،‬معلومــات حــول شــخص أديــن بتهمــة الفســاد يف املغــرب (‪ %30‬مــن املواطنــن‬
‫القاطنــن و ‪ %30‬مــن املغاربــة املقيمــن بالخــارج) أو معلومــات عــن اإلجـراءات التــي قــام باتخاذهــا املغــرب‬
‫ملكافحــة الفســاد (‪ %38‬مواطنــون قاطنــون و‪ %35‬مغاربــة مقيمــون بالخــارج)‪.‬‬
‫الشكل ‪ – 12‬معلومات املواطنني القاطنني واملغاربة املقيمني بالخارج حول الفساد‬

‫‪ -2‬التزام املغرب مبحاربة ومكافحة الفساد‬


‫كل مــن املواطنــن القاطنــن واملغاربــة املقيمــن بالخــارج لهــم رأي منقســم متامــا فيــا يتعلــق بالجهــود التــي‬
‫يبذلهــا املغــرب ملحاربــة الفســاد ومكافحتــه‪ ،‬إذ اعتــر ‪ %43‬مــن املواطنــن القاطنــن و ‪ %46‬مــن املغاربــة‬
‫املقيمــن بالخــارج أن املغــرب يبــذل جهــو ًدا كبــرة أو كافيــة للحــد مــن الفســاد‪ ،‬يف حــن أن ‪ %49‬و ‪ %50‬عــى‬
‫التــوايل لديهــم رأي مضــاد‪.‬‬
‫‪ -3‬التصور العام لنجاعة اإلجراءات املتخذة ضد الفساد‬
‫ينظــر املواطنــون القاطنــون بشــكل ســلبي إىل حــد مــا إىل فعاليــة اإلجـراءات التــي ينفذهــا املغــرب يف مجــال‬
‫الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪ .‬فقــد رصح ‪ %50‬منهــم أن اإلج ـراءات املتخــذة مــن طــرف املغــرب وكــذا‬
‫جهــوده ليســت فعالــة أو غــر فعالــة عــى اإلطــاق‪ ،‬مقابــل ‪ %40‬يعتقــدون عكــس ذلــك‪ .‬بالنســبة للمغاربــة‬
‫أيضــا نفــس االتجــاه مبعــدالت تصــل إىل ‪ %41‬و ‪ %53‬عــى التــوايل‪.‬‬ ‫املقيمــن بالخــارج‪ ،‬نجــد ً‬
‫الشكل ‪ –13‬التصور العام لنجاعة اإلجراءات املتخذة ضد الفساد‬

‫املواطنون القاطنون‬ ‫ ‬ ‫املغاربة املقيمون بالخارج‬


‫‪85‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫‪ -4‬معرفة وتقييم االسرتاتيجية الوطنية ملحاربة الفساد‬
‫أكــد ‪ %35‬مــن املواطنــن القاطنــن و‪ %40‬مــن املغاربــة املقيمــن بالخــارج معرفتهــم باالس ـراتيجية الوطنيــة‬
‫ملكافحــة الفســاد التــي بلورهــا املغــرب‪.‬‬
‫الشكل ‪ –14‬معرفة املغاربة القاطنني واملغاربة املقيمني بالخارج باالسرتاتيجية الوطنية ملحاربة الفساد‬

‫غالبيــة هــؤالء املواطنــن القاطنــن واملغاربــة املقيمــن بالخــارج يعتقــدون أن هــذه اإلســراتيجية واضحــة‬
‫(‪%61‬مــن املواطنــن القاطنــن و ‪ %58‬مــن واملغاربــة املقيمــن بالخــارج)‪ .‬مــن ناحيــة أخــرى‪ ،‬فــإن اآلراء أكــر‬
‫انقســا ًما فيــا يتعلــق بتوفــر املعلومــات حــول هــذه االسـراتيجية (‪ %53‬مــن املواطنــن القاطنــن و‪ %53‬مــن‬
‫املغاربــة املقيمــن بالخــارج)‪ .‬وفيــا يتعلــق بفعاليــة االسـراتيجية الوطنيــة ملكافحة الفســاد بالنســبة للمواطنني‬
‫القاطنــن أو املغاربــة املقيمــن بالخــارج الذيــن هــم عــى علــم بتوفــر املغــرب عــى هاتــه االســراتيجية‪،‬‬
‫فيعتقــد ‪ %51‬منهــم و‪ %59‬بالنســبة للمغاربــة املقيمــن بالخــارج بأنهــا كذلــك‪.‬‬
‫عنــد ســؤالهم عــن مــدى معرفتهــم ببعــض االجـراءات التــي اتخذهــا املغــرب ملكافحــة الفســاد‪ ،‬أقــر ‪ %11‬مــن‬
‫املواطنــن القاطنــن و‪ %10‬مــن املغاربــة املقيمــن بالخــارج بأنهــم ال يعرفــون أيــا مــن هاتــه االجـراءات التــي‬
‫تــم اقرتاحهــا عليهــم‪.‬‬
‫أمــا اإلجـراءات املعروفــة واملحــددة مــن قبــل املواطنــن القاطنــن عــى أنهــا جــزء مــن االسـراتيجية الوطنيــة‬
‫ملحاربــة الفســاد فتتمثــل يف وضــع قنــوات للتبليــغ وتقديــم الشــكايات (‪ ،)%69‬ورقمنــة اإلج ـراءات اإلداريــة‬
‫(‪ ،)%67‬وتنفيــذ العقوبــات والتطبيــق الصــارم للقوانــن املتعلقــة مبحاربــة الفســاد (‪.)%61‬‬
‫وتتــوزع باقــي اإلجـراءات بــن املراقبــة واملحاســبة‪ ،‬وتحســن الولــوج والحصــول عــى املعلومــات‪ ،‬والتحســيس‬
‫بالنزاهــة وتعزيزهــا بــن املواطنــن وتبســيط اإلجـراءات اإلداريــة‪ ،‬مبعــدالت متقاربــة إىل حــد مــا وتـراوح بــن‬
‫‪ %53‬و ‪.%56‬‬
‫أمــا بالنســبة للمغاربــة املقيمــن بالخــارج‪ ،‬فتتمثــل اإلجـراءات املعروفــة لديهــم يف إطــار االسـراتيجية الوطنيــة‬
‫ملحاربــة الفســاد يف وضــع قنــوات للتبليــغ وتقديــم الشــكايات‪ ،‬والتــي ذكرهــا ‪ %70‬مــن املســتجوبني‪ ،‬يليهــا‬
‫تبســيط اإلجـراءات اإلداريــة بنســبة ‪.%60‬‬
‫وبخصــوص باقــي التدابــر ذات الصلــة برقمنــة اإلجــراءات اإلداريــة‪ ،‬وتحســن الولــوج والحصــول عــى‬
‫املعلومــات‪ ،‬والتحســيس بالنزاهــة وتعزيزهــا بــن املواطنــن‪ ،‬املراقبــة واملحاســبة‪ ،‬والتطبيــق الصــارم للقوانــن‬
‫املتعلقــة مبحاربــة الفســاد فلديهــا معــدالت متشــابهة إىل حــد مــا وتــراوح بــن ‪ %54‬إىل ‪.%57‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪86‬‬


‫‪ -5‬مدى معرفة املؤسسات والهيئات املعنية بالوقاية من الفساد ومكافحته‬
‫بشــكل عــام‪ ،‬تتمتــع املنظــات واملؤسســات والهيئــات املعنيــة بالوقايــة مــن الفســاد ومحاربتــه يف املغــرب‬
‫مبعرفــة تلقائيــة منخفضــة بــن املواطنــن القاطنــن واملغاربــة املقيمــن بالخــارج‪ .‬حيــث أن‪ %71‬مــن املواطنــن‬
‫القاطنــن و‪ %69‬مــن املغاربــة املقيمــن بالخــارج مل يتمكنــوا مــن تســمية أي منهــا بشــكل تلقــايئ‪.‬‬
‫مــن جانبهــا‪ ،‬تــم ذكــر الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا بشــكل تلقــايئ مــن طــرف‬
‫‪ %2‬فقــط مــن املواطنــن القاطنــن و‪ %3‬مــن املغاربــة املقيمــن بالخــارج‪.‬‬

‫الشكل ‪ – 15‬مدى معرفة املواطنني القاطنني واملغاربة املقيمني بالخارج بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من‬
‫الرشوة ومحاربتها‬

‫ومــع ذكــر املنظــات واملؤسســات والهيئــات املعنيــة بالوقايــة مــن الفســاد ومحاربتــه يف املغــرب‪ ،‬ســجلت‬
‫الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا معــدل معرفــة يصــل إىل ‪ %24‬يف صفــوف املواطنــن‬
‫القاطنــن و‪ %19‬بــن املغاربــة املقيمــن بالخــارج‪.‬‬
‫‪ -6‬املؤسسات والهيئات القادرة عىل محاربة الفساد‬
‫يعتــر املواطنــون القاطنــون النيابــة العامــة أكــر الهيئــات القــادرة عــى محاربــة الفســاد يف املغــرب بنســبة‬
‫‪ %45‬مــن الشــهادات‪ ،‬تليهــا الرشطــة بنســبة ‪ %34‬ثــم الــدرك (‪ (%27‬واملجلــس األعــى للحســابات (‪.(%20‬‬
‫أمــا بخصــوص املغاربــة املقيمــن بالخــارج‪ ،‬فــإن الهيئــات التــي يعتقــدون أنهــا األكــر قــدرة عــى محاربــة‬
‫الفســاد يف املغــرب فهــي النيابــة العامــة (‪ ،(%63‬واملجلــس األعــى للحســابات (‪ (%55‬والرشطــة (‪.(%52‬‬
‫وفيــا يتعلــق بالهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‪ ،‬فــإن ‪ %8‬فقــط مــن املواطنــن‬
‫القاطنــن يعتــرون أنهــا قــادرة عــى محاربــة الفســاد يف املغــرب‪ ،‬بينــا تصــل هــذه النســبة يف حالــة املغاربــة‬
‫املقيمــن بالخــارج إىل ‪.%47‬‬
‫‪ -7‬األدوار واملهام املنتظرة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫بشــكل عــام‪ ،‬يعتــر املواطنــون القاطنــون واملغاربــة املقيمــون بالخــارج أن املهــام الخمــس املخولــة للهيئــة‬
‫الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا جميعهــا مهمــة‪ .‬حيــث يعتــر املواطنــون القاطنــون أن‬
‫التواصــل والتوعيــة يجــب أن يكونــا عــى رأس املهــام املنوطــة بهــا‪ ،‬بينــا يســلط املغاربــة املقيمــون يف الخــارج‬
‫الضــوء عــى ثالثــة أدوار ذات أولويــة‪ ،‬وهــي اســتقبال الشــكايات املتعلقــة بالفســاد (‪ )%81‬والتحقيــق يف‬
‫قضايــا الفســاد (‪ )%80‬وتنظيــم حمــات للتواصــل والتوعيــة (‪.)%79‬‬

‫‪87‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫املغاربة املقيمون بالخارج‬ ‫املواطنون القاطنون‬
‫‪79%‬‬ ‫‪89%‬‬ ‫تنظيم حمالت تواصل وتوعية‬
‫‪81%‬‬ ‫‪85%‬‬ ‫استقبال الشكايات والتبليغات‬
‫‪80%‬‬ ‫‪85%‬‬ ‫التحقيق والتحري يف قضايا الفساد‬
‫‪74%‬‬ ‫‪85%‬‬ ‫دراسة وتحليل ظاهرة الفساد‬
‫‪67%‬‬ ‫‪84%‬‬ ‫توجيه وتقييم السياسات الوطنية ملكافحة الفساد‬
‫‪ -8‬اإلجراءات املقرتحة للوقاية من الفساد ومكافحته بفعالية‬
‫مــن وجهــة نظــر املواطنــن القاطنــن‪ ،‬تطبيــق القوانــن املتعلقــة مبحاربــة الفســاد (‪ ،)%65‬وتربيــة وتوعيــة‬
‫املواطنــن بأفعــال الفســاد (‪ )%58‬هــا الوســيلتان األكــر فعاليــة ملكافحــة الفســاد يف املغــرب‪ .‬كــا يقــرح‬
‫أيضــا كوســائل أخــرى ملكافحــة هــذه الظاهــرة‪ ،‬تســهيل التبليــغ عــى أفعــال الفســاد‬ ‫املواطنــون القاطنــون ً‬
‫وحاميــة املبلغــن والشــهود (‪ ،)%49‬وتعزيــز املراقبــة والتفتيــش (‪.)%48‬‬
‫بالنســبة للمغاربــة املقيمــن بالخــارج‪ ،‬تــم اق ـراح نفــس اإلج ـراءات‪ ،‬عــى الرغــم مــن أن ترتيــب أولوياتهــا‬
‫يختلــف إىل حــد مــا عــن تلــك التــي يحددهــا املواطنــون القاطنــون‪ .‬وهكــذا فــإن أكــر اإلج ـراءات التــي تــم‬
‫ذكرهــا ملكافحــة الفســاد بشــكل فعــال هــي عــى التــوايل تعزيــز املراقبــة والتفتيــش (‪ ،)%57‬تربيــة وتوعيــة‬
‫املواطنــن بأفعــال الفســاد (‪ ،)%55‬تطبيــق القوانــن املتعلقــة مبحاربــة الفســاد (‪ ،)%55‬وتســهيل التبليــغ عــى‬
‫أعــال الفســاد وحاميــة املبلغــن والشــهود (‪.)%49‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬الفساد يف املغرب خالل فرتة األزمة الصحية ‪COVID 19‬‬
‫‪-1‬تصور تطور الفساد يف املغرب خالل فرتة األزمة الصحية‬
‫مقارنــة بالوضــع قبــل األزمــة الصحيــة‪ ،‬أعــرب املواطنــون القاطنــون عــن آراء متضاربــة فيــا يتعلــق بتطــور‬
‫الفســاد خــال األزمــة الصحيــة‪ .‬حيــث يعتقــد ‪ %33‬منهــم أن الفســاد يف املغــرب زاد خــال فــرة األزمــة‬
‫الصحيــة مقابــل ‪ %28‬يعتقــدون عكــس ذلــك‪.‬‬
‫الشكل ‪ –16‬تصور تطور الفساد يف املغرب خالل فرتة األزمة الصحية لدى املواطنني القاطنني‬

‫‪ -2‬اللجوء إىل الخدمات التي تم تفعيلها أثناء األزمة الصحية ‪Covid-19‬‬


‫حســب ترصيحــات ‪ %87‬مــن املواطنــن القاطنــن‪ ،‬يعتــر التلقيــح إىل حــد بعيــد الخدمــة الرئيســية املطلوبــة‬
‫خــال فــرة كوفيــد‪ .‬أمــا الخدمــات األخــرى التــي طلبهــا أو اســتعملها املواطنــون القاطنــون خــال هــذه الفــرة‬
‫هــي‪ :‬طلــب الحصــول عــى رخصــة التنقــل خــال فــرة الحجــر الصحــي (‪ ،)%50‬واالســتفادة مــن املســاعدات‬
‫االجتامعيــة املمنوحــة املمنوحــة خــال األزمــة (‪ ،)%31‬القيــام بإجـراء اختبــار فحــص كوفيــد (‪ )%23‬طلــب أو‬
‫الحصــول عــى إذن للســفر بــن املــدن (‪.)%23‬‬
‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪88‬‬
‫‪ -3‬التعرض للرشوة عند طلب خدمات خاصة بفرتة كوفيد‬
‫حســب مــا ذكــره ‪ %21‬مــن املواطنــن القاطنــن‪ ،‬فــإن طلــب ترخيــص لتنظيــم حــدث أو مناســبة عائليــة هــي‬
‫الخدمــة التــي كانــت تعرضهــم أكــر لطلبــات الرشــوة أو التــي اضطــروا لدفــع رشــوة مــن أجــل االســتفادة منهــا‪.‬‬
‫الخدمــات األخــرى التــي تســببت يف تعــرض املواطنــن القاطنــن للرشــوة خــال فــرة كوفيــد تظــل نســبها‬
‫قليلــة‪ .‬االســتفادة أو طلــب االســتفادة مــن الرعايــة الصحيــة عــى إثــر اإلصابــة بالكوفيــد (‪ ،)%5‬طلــب إذن‬
‫للســفر بــن املــدن أو الحصــول عليــه (‪ ،)%4‬وطلــب الرتخيــص لـــمامرسة نشــاط مهنــي (‪.)%3‬‬
‫الفرع السادس‪ :‬االبتزاز الجنيس‬
‫‪-1‬التصور العام النتشار االبتزاز الجنيس‬
‫يعتقــد واحــد مــن كل اثنــن مــن املواطنــن القاطنــن (‪ )%49‬أن االبت ـزاز الجنــي يف املغــرب شــائع بنســبة‬
‫‪ %17‬إىل شــائع ج ـ ًدا بنســبة ‪ .%32‬ومــن ناحيــة أخــرى‪ ،‬يعتقــد واحــد مــن كل أربعــة مواطنــن قاطنــن أنــه‬
‫غــر شــائع مبعــدل ‪ %16‬أو غــر شــائع إطالقــا بنســبة ‪.%9‬‬

‫الشكل ‪ –17‬تصور انتشار االبتزاز الجنيس لدى املواطنني القاطنني‬

‫‪ -2‬سياق التعرض لالبتزاز الجنيس‬


‫رصح ‪ %1‬فقــط مــن املواطنــن القاطنــن أنهــم واجهــوا فســا ًدا ذا طبيعــة جنســية خــال اإلثنــي عــر شــه ًرا‬
‫املاضيــة‪ .‬ويتضــح مــن خــال ترصيحــات املســتجوبني أن البيئــة املهنيــة ومحيــط العمــل هــو الســياق الــذي‬
‫يتعــرض فيــه املواطنــون أكــر لالبت ـزاز الجنــي (‪ .)%51‬كــا يشــكل طلــب خدمــة إداريــة (‪ )%31‬ومجــال‬
‫التعليــم والتكويــن (‪ )%27‬أكــر الحــاالت املعرضــة لالبت ـزاز الجنــي‪.‬‬
‫‪ -3‬املزايا والفوائد التي يتم الحصول عليها أو املوعود بها مقابل خدمات جنسية‬
‫يعتــر الحصــول عــى وظيفــة إىل حــد بعيــد الخدمــة األكــر ذكـ ًرا التــي حصــل عليهــا أو وعــد بهــا املواطنــون‬
‫القاطنــون الذيــن تعرضــوا لالبتــزاز الجنــي بأنفســهم أو أي شــخص يف عائلتهــم بنســبة ‪ .%42‬الخدمــات‬
‫األخــرى التــي تــم الحصــول عليهــا أو الوعــد بهــا كانــت بنســب أقــل‪:‬‬
‫• اجتياز امتحان أو الحصول عىل درجات جيدة‪)%17( :‬‬
‫• الحصول عىل ترقية‪)%14( :‬‬
‫•اجتياز امتحان أو مباراة للولوج إىل مؤسسة تعليمية‪)%13( :‬‬

‫‪89‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫‪ -4‬ردود الفعل عىل طلبات الخدمات الجنسية‬
‫يف مواجهــة طلبــات الحصــول عــى خدمــات جنســية التــي واجههــا املواطنــون القاطنــون‪ ،‬فــإن رد الفعــل األكــر‬
‫شــيو ًعا هــو الرفــض‪ .‬وإذا بــدا واض ًحــا أن رفــض الطلــب هــو رد الفعــل الرئيــي للمواطنــن (‪ )%85‬فــإن هــذا‬
‫الرفــض ال يصاحــب بــأي شــكاية أو تبليــغ بنســبة ‪ %66‬مقابــل الرفــض مــع التبليــغ بنســبة ‪.%19‬‬
‫خالصات وتوجهات عامة منبثقة عن التشخيص‬
‫بعــد اســتقراء مختلــف املــؤرشات التــي تــم مــن خاللهــا رصــد وضعيــة الفســاد باملغــرب خــال ســنة ‪،2022‬‬
‫يتأكــد تــوازي الوضــع املتفاقــم للفســاد مــع الرتاجعــات املســجلة يف مجموعــة مــن التقاريــر الدوليــة‪ ،‬بخصــوص‬
‫الحقــوق السياســية واملدنيــة‪ ،‬وســيادة القانــون‪ ،‬وحقــوق املشــاركة يف إعــداد وتنفيــذ امليزانية‪ ،‬وضعــف الفعالية‬
‫القضائيــة؛ مبــا جعــل منظمــة الشــفافية الدوليــة تنبــه إىل العالقــة الجدليــة التــي ميكــن أن تَح ـ ُدث‪ ،‬تأث ـرا‬
‫وتأثـرا‪ ،‬بــن الفســاد وانعــدام األمــن واالســتقرار باملفهــوم الواســع‪.‬‬
‫ومــا يتعــن التنبيــه إليــه هــو أن هــذا الرتابــط بــن األمــن واالســتقرار وبــن تفاقــم الفســاد أمــر اســتحرضته‬
‫االتفاقيــة األمميــة ملكافحــة الفســاد حــن عــرت ديباجتُهــا عــن القلــق الــذي ينتــاب املجتمــع الــدويل إزاء‬
‫خطــورة مــا يطرحــه الفســاد مــن مشــاكل ومخاطــر عــى اســتقرار املجتمعــات وأمنهــا‪ ،‬ومــن ترابــط مــع أشــكال‬
‫الجرميــة‪ ،‬وخصوصــا الجرميــة املنظمــة والجرميــة االقتصاديــة‪ ،‬مبــا فيهــا غســل األمــوال‪ ،‬إضافــة إىل قلقــه مــن‬
‫حــاالت الفســاد التــي تتعلــق مبقاديــر هائلــة مــن املوجــودات التــي ميكــن أن متثــل نســبة كبــرة مــن مــوارد‬
‫الــدول‪ ،‬والتــي ته ـ ّدد االســتقرار الســيايس والتنميــة املســتدامة لتلــك الــدول‪.‬‬
‫وتؤكــد الهيئــة اليــوم مــن خــال هــذا التشــخيص التداعيــات الوخيمــة للفســاد عــى إضعــاف ديناميــة التنميــة‪،‬‬
‫وإعاقــة بنيــات اإلنتــاج‪ ،‬وتعميــق االختــاالت االقتصاديــة واالجتامعيــة؛ مبــا يســاهم يف جعــل تطــور االســتثامر‬
‫ال يرقــى‪ ،‬ال كميــا وال نوعيــا‪ ،‬إىل مســتوى اإلمكانــات الحقيقيــة للبــاد‪ ،‬ويف عرقلــة منــو إنتاجيــة الشــغل‪ ،‬والرفــع‬
‫مــن التكاليــف‪ ،‬وترســيخ االقتصــاد غــر املهيــكل‪ ،‬وإشــاعة مظاهــر اقتصــاد الريــع‪ ،‬وتفكيــك مقومــات التامســك‬
‫االجتامعــي عــر تنامــي التفاوتــات االجتامعيــة واملجاليــة‪.‬‬
‫وقــد ســبق للســيد وايل بنــك املغــرب أن أمــاط اللثــام بشــكل واضــح عــن هــذه األعطــاب‪ ،‬عندمــا أكــد يف‬
‫تقدميــه لتقريــر البنــك برســم ســنة ‪ 2021‬أمــام جاللــة امللــك‪ ،‬عــى أن النســيج اإلنتاجــي املغــريب الهــش واملفكك‬
‫“يواجــه صعوبــات عديــدة معروفــة تتلخــص باألســاس‪ ،‬حســب االســتقصاءات التــي تنجزهــا املؤسســات‬
‫الوطنيــة والدوليــة لــدى املقــاوالت‪ ،‬يف الضغــط الرضيبــي‪ ،‬ومنافســة القطــاع غــر املهيــكل‪ ،‬وكــذا ظاهــرة‬
‫الرشــوة التــي تعتــر آفــة تحــول دون وضــوح الرؤيــة بالنســبة للفاعلــن واملســتثمرين‪ ،‬وتهــدد النمــو االقتصــادي‬
‫والتامســك االجتامعــي‪ .‬ويبقــى تفــي الرشــوة أحــد املظاهــر لعجــز بنيــوي يعــاين منــه بلدنــا‪ ،‬والــذي يتمثــل يف‬
‫جــودة الحكامــة العموميــة عــى املســتويني املحــي واملركــزي‪ .‬ورغــم اإلرادة والعزميــة والعديــد مــن النصــوص‬
‫والتدابــر واالسـراتيجيات املعتمــدة‪ ،‬ال يـزال املغــرب عاجـزا عــن إحـراز أي تقــدم يذكــر بهــذا الشــأن‪ .‬بــل إن‬
‫أداءه الســلبي عــى مســتوى التصنيفــات الدوليــة يبــن بعــض الرتاجــع يف الســنوات األخــرة‪ ،‬مــا يســتدعي‬
‫إعــادة النظــر يف املقاربــات املتبعــة إىل اآلن‪ ،‬واتخــاذ إجــراءات أكــر قــوة وحزمــا‪ .‬ويفــر مســتوى جــودة‬
‫الحكامــة أيضــا حالــة املفارقــة التــي يعيشــها املغــرب منــذ ســنوات عديــدة‪ ،‬ذلــك أنــه يبــذل جهــدا جهيــدا فيــا‬
‫يتعلــق باإلصــاح‪ ،‬غــر أن أداءه االقتصــادي واالجتامعــي يظــل دون االنتظــارات‪.“44‬‬
‫‪ -44‬التقرير السنوي لبنك املغرب برسم ‪ ،2021‬ص ‪viii‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪90‬‬


‫وزاد الســيد وايل بنــك املغــرب هــذا األمــر تأكيــدا حــن أقــر يف تقدميــه لتقريــر بنــك املغــرب برســم ‪ 2022‬أمــام‬
‫جاللــة امللــك بأنــه” يتعــن عــى الســلطات مواصلــة العمــل مــن أجــل تحســن منــاخ األعــال‪ ،‬وهــو مجــال‬
‫حقــق فيــه بلدنــا بــدون شــك إنجــازات ملحوظــة‪ ،‬همــت عــدة جوانــب ال ســيام تبســيط املســاطر اإلداريــة‬
‫املتعلقــة باالســتثامر واســتكامل اإلطــار املنظــم للمنافســة يف األســواق‪ ،‬إال أن التقــدم يف جوانــب أخــرى خاصــة‬
‫عــى مســتوى محاربــة الرشــوة يظــل ضعيفــا‪ .‬فرغــم اإلرادة الواضحــة‪ ،‬ال ي ـزال املغــرب يســجل أداء ســلبيا‬
‫ملحوظــا عــى الصعيــد العاملــي‪ ،‬مــا يســتدعي إعــادة النظــر يف املقاربــات املعتمــدة إىل اآلن‪ ،‬وبالخصــوص‬
‫اتخــاذ تدابــر أكــر قــوة وحزمــا‪ ،‬الــيء الــذي أصبــح يبــدو ممكنــا مــع اســتكامل اإلطــار املؤسســايت املخصــص‬
‫لهــذا الغــرض مؤخ ـرا‪.”45‬‬
‫إن مــا ميكــن اســتخالصه مــن هــذه اإلفــادات املوضوعيــة التــي تعــزز مــا تــم رصــده مــن تقاطــع نتائــج املؤرشات‬
‫ذات الصلــة‪ ،‬هــو أن الجهــود املبذولــة ملكافحــة الفســاد مل تتمكــن لحــد اآلن مــن إخـراج بالدنــا مــن خانــة الدول‬
‫التــي تعــرف منحنيــات مرتديــة للفســاد‪ ،‬وأن الحاجــة ماسـ ٌة إىل مراجعــة عميقــة وشــمولية ملنظومــة مكافحــة‬
‫الفســاد‪ ،‬مبــا يســمح بفتــح حقبــة جديــدة ملكافحــة الفســاد وجعلــه يأخــذ منحنــى تنازليــا ملموســا ومســتداما‪.‬‬
‫وإذا كان االنتقــال إىل مرحلــة جديــدة يف مكافحــة الفســاد ببالدنــا مطلبــا ال محيــد عنــه للتفاعــل العمــي‬
‫واملوضوعــي مــع املعطيــات التشــخيصية‪ ،‬الكميــة والنوعيــة‪ ،‬التــي أكــدت التداعيــات غــر املســبوقة آلفــة‬
‫الفســاد عــى اهت ـزاز الثقــة العامــة يف املؤسســات ويف مختلــف الجهــود املبذولــة‪ ،‬فــإن رضورة هــذا االنتقــال‬
‫باتــت أكــر إلحاحــا يف ســياق تعاقــب األزمــات الصحيــة واالقتصاديــة واألمنيــة التــي أضحــت ت ُرخــي بثقلهــا‬
‫الكبــر عــى االقتصاديــات الوطنيــة واألوضــاع االجتامعيــة‪ ،‬األمــر الــذي جعــل املنظــات والهيئــات املعنيــة‬
‫تثــر االنتبــاه إىل تأثــر األعطــاب التــي تطــال منظومــة الحكامــة ومكافحــة الفســاد يف ظــل هــذه األزمــات‪ ،‬ومــا‬
‫تســتلزمه مــن إج ـراءات اســتثنائية لالســتجابة ملتطلبــات وانتظــارات املواطنــن والفاعلــن االقتصاديــن‪.‬‬
‫ومــن اإلنصــاف القــول إن مجهــودات كبــرة قــد تــم بذلهــا عــى مســتوى تطويــر السياســات العموميــة ذات‬
‫الصلــة مبجــاالت تدبــر الشــأن العــام‪ ،‬والتــي أفضــت إىل اعتــاد عــدة مشــاريع وبرامــج تنمويــة موجهــة‬
‫للمواطــن واملقاولــة‪ ،‬إال أنــه مــن الجديــر االع ـراف بــأن منســوب االســتفادة مــن مخرجــات هــذه الربامــج‪،‬‬
‫وتأث َريهــا اإليجــايب عــى ســائر املعنيــن يظــل ضئيــا وغــر ملمــوس‪ ،‬يف ظــل وضــع متفاقــم للفســاد يــؤدي إىل‬
‫الحــد مــن ديناميــة التنميــة‪ ،‬ويضعــف النمــو االقتصــادي ويهــدد التامســك االجتامعــي‪ ،‬ويعــوق وضــوح الرؤيــة‬
‫بالنســبة للفاعلــن واملســتثمرين؛ األمــر الــذي يقــف حائــا دون بلــوغ اإلمكانــات الحقيقيــة للتنميــة ببالدنــا‪.‬‬
‫وإذا كان تقريــر وايل بنــك املغــرب الــذي ســبقت اإلشــارة قــد لفــت االنتبــاه إىل رضورة إعــادة النظــر يف‬
‫املقاربــات املتبعــة إىل اآلن يف مجــال محاربــة الفســاد واتخــاذ إج ـراءات أكــر قــوة وحزمــا‪ ،‬فقــد جــاء مؤكــدا‬
‫لوجاهــة املطلــب الــذي ظلــت الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا تثــر االنتبــاه إليــه‪،‬‬
‫بــرورة ترسيــع االنتقــال الفعــي إىل مرحلــة جديــدة يف مكافحــة الفســاد‪ ،‬كفيلــة بــإذكاء ديناميــة محققــة‬
‫لنتائــج وآثــار ملموســة يف الحيــاة اليوميــة للمواطنــن واملســتثمرين والفاعلــن االقتصاديــن واملجتمعيــن؛ مبــا‬
‫يعــزز بنــاء الثقــة ويضمــن االنخ ـراط بالجديــة التــي دعــا إليهــا صاحــب الجاللــة‪ ،‬ويف إطــار تكامــل مؤســي‬
‫تتضافــر جهــوده مــن أجــل إحــداث تغيــر عميــق ومســتدام‪ ،‬يطبعــه إدراج منحنــى آفــة الفســاد باملغــرب يف‬
‫اتجــاه تنــازيل قــوي ودائــم‪.‬‬

‫‪ - 45‬التقرير السنوي لبنك املغرب برسم ‪ ،2022‬ص ‪viii‬‬


‫‪91‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪92‬‬
‫القسم الثاين‬
‫تتبع تنفيذ وتنسيق وتقييم‬
‫االسرتاتيجيات والسياسات العمومية‬

‫‪93‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪94‬‬
‫تتبع تنفيذ وتنسيق وتقييم االسرتاتيجيات والسياسات العمومية‬

‫تشــكل صالحيــة تتبــع تنفيــذ السياســيات واالسـراتيجيات املتعلقــة مبكافحــة الفســاد املخولــة للهيئــة مبقتــى‬
‫الدســتور والقانــون رقــم ‪ ،46.19‬املدخــل األســاس الضطــاع الهيئــة مبهمــة الســهر عــى ضــان إرســاء سياســات‬
‫واس ـراتيجيات فعالــة ومنســقة ومندمجــة‪ ،‬متتلــك مقومــات البُعــد االس ـراتيجي‪ ،‬املتمثلــة أساســا يف التحديــد‬
‫الواضــح لألهــداف القابلــة للتتبــع والتقييــم‪ ،‬والعمــل املخطــط واملربمــج الــذي يتــم تنزيلــه بانخـراط جامعــي‬
‫يف ظــل حكامــة مؤسســاتية معبئــة وناجعــة‪.‬‬
‫تفعيــا لهــذه املهمــة الحيويــة‪ ،‬واكبــت الهيئــة االس ـراتيجي َة الوطنيــة ملكافحــة الفســاد املعت َمــدة مــن طــرف‬
‫الحكومــة أواخــر ‪ 2015‬واملمتــدة إىل غايــة ‪ُ ،2025‬منطلِقــة مــن تقييــم معمــق لنقــاط القــوة ولإلنجــازات مــن‬
‫ـب التوجــه الحتمــي‬ ‫جهــة‪ ،‬ولنقــط الضعــف وأســباب محدوديــة األثــر مــن جهــة ثانيــة؛ حيــث تأكَّــد لهــا مطلـ ُ‬
‫نحــو إعــادة هيكلــة هــذه االس ـراتيجية وفــق محــددات أكــر دقــة‪ ،‬وعــى أســاس تقويــة حوكمتهــا وإطــار‬
‫قيادتهــا وإعــادة ترتيــب أولوياتهــا؛ مبــا يقتضيــه األمــر مــن إعطــاء مكانــة متقدمــة‪ ،‬للتوصيــات التــي لهــا وقــع‬
‫مبــارش عــى متطلبــات الوقايــة واملكافحــة‪ ،‬وعــى االنضبــاط ملبــادئ اإلرشاك وتقديــم الدعــم والخــرة وضــان‬
‫االلتقائيــة والحــرص عــى تتبــع التنفيــذ‪.‬‬
‫وانطالقــا مــن نفــس صالحيــة تتبــع تنفيــذ السياســات واالسـراتيجيات ذات الصلــة مبكافحــة الفســاد‪ ،‬واعتبــارا‬
‫للعالقــة القويــة بــن تأهيــل منــاخ األعــال يف بلــد مــا‪ ،‬وقواعــد األخــاق والنزاهــة التــي متيــزه‪ ،‬انخرطــت‬
‫الهيئــة يف مســار املســاهمة يف إعــداد اسـراتيجية تحســن منــاخ األعــال للفــرة مــن ‪ 2023‬إىل ‪ ،2026‬مؤكــدة‬
‫عــى أهميــة ضــان االلتقائيــة ومــد جســور التقــارب بــن هــذه االسـراتيجية واالسـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة‬
‫الفســاد‪ ،‬مبــا يســتحرض حجــم الفســاد‪ ،‬مبــا يســتحرض حجــم الفســاد وأثــره عــى االســتثامرات ومنــاخ األعــال‪.‬‬
‫للتعــرف عــى مجهــودات الهيئــة املبذولــة يف هــذا االتجــاه‪ ،‬يســتعرض البــاب األول حصيلــة املنجـزات املســجلة‬
‫يف مختلــف الربامــج املؤلفــة لالسـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد والتقــدم املحــرز نحــو تحقيــق األهــداف‬
‫املنشــودة‪ ،‬وأوجــه القصــور التــي شــابت تنزيلهــا وســبل تجاوزهــا‪ ،‬يف حــن يتطــرق البــاب الثــاين للمحــور‬
‫األفقــي املتعلــق ب"األخالقيــات والنزاهــة والوقايــة مــن الفســاد يف عــامل االعــال" الــذي تــم دمجــه لتقويــة‬
‫اس ـراتيجية تحســن منــاخ األعــال ‪.2026-2023‬‬
‫البــاب األول‪ :‬االس ـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ :‬التقــدم املحــرز وأوجــه القصــور‬
‫وســبل إطــاق الديناميــة‬
‫يف البدايــة قــد يكــون مــن املفيــد التذكــر باإلطــار العــام لالسـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد التــي جــاءت‪،‬‬
‫كــا يلخصــه البيــان أســفله‪ ،‬لتوطيــد قيــم النزاهــة والحــد مــن الفســاد يف أفــق ‪ ،2025‬مــن خــال تحقيــق‬
‫هدفــن اس ـراتيجيني‪ :‬أولهــا جعــل الفســاد يأخــذ منحــى تنازليــا بشــكل ملمــوس ومســتدام وتعزيــز ثقــة‬
‫املواطنــن‪ ،‬وثانيهــا تحســن منــاخ األعــال وموقــع املغــرب دوليــا‪ .‬وانطالقــا مــن ‪ 5‬مبــادئ توجيهيــة‪ ،‬بنيــت‬
‫االسـراتيجية عــى ‪ 5‬ركائــز أساســية (الحوكمــة والوقايــة والزجــر والتواصل‪/‬التوعيــة‪ ،‬والرتبية‪/‬التكويــن) انبثــق‬
‫عنهــا ‪ 16‬محــورا اس ـراتيجيا‪.‬‬
‫‪95‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫املحاور االسرتاتيجية تم تنزيلها بدورها إىل عرشة برامج يضم كل منها حقيبة من املشاريع واإلجراءات‪.‬‬

‫وبخصــوص حكامــة االســراتيجية‪ ،‬تــم إحــداث اللجنــة الوطنيــة ملكافحــة الفســاد مبقتــى مرســوم صــادر‬
‫يف أكتوبــر ‪ ،2017‬وتتألــف مــن مســؤويل القطاعــات الوزاريــة وهيئــات الحكامــة املعنيــة والقطــاع الخــاص‬
‫واملجتمــع املــدين‪ ،‬تحــت رئاســة الســيد رئيــس الحكومــة‪ .‬وتضطلــع مصالــح وزارة االنتقــال الرقمــي وإصــاح‬
‫اإلدارة مبهــام الكتابــة الدامئــة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪96‬‬


‫بعــد اإلطــاق الرســمي لالس ـراتيجية مــن قبــل رئيــس الحكومــة يف دجنــر ‪ ،2015‬ومــن أجــل ضــان تنفيــذ‬
‫الربامــج املدرجــة يف إطــار االسـراتيجية الوطنيــة‪ ،‬تــم التعاقــد مــع القطاعــات واملؤسســات املعنيــة مــن خــال‬
‫اتفاقيات‪-‬إطــار تحــدد التزامــات األط ـراف املعنيــة‪ ،‬وموقعــة مــن طــرف الوزيــر املســؤول عــن تنســيق كل‬
‫برنامــج واإلدارات واملؤسســات والهيئــات املعنيــة بــذات الربنامــج‪ ،‬مــع اإلشــارة إىل أن مســؤولية تنســيق الربنامج‬
‫الثامــن الخــاص بنزاهــة القطــاع الخــاص تــم إســنادها للكونفدراليــة العامــة ملقاولــة املغــرب (‪.)CGEM‬‬
‫وعــى صعيــد آخــر‪ ،‬ومــن أجــل ضــان التنســيق بــن مختلــف أجهــزة الحكامــة ســالفة الذكــر‪ ،‬تــم تحديــد‬
‫وتــرة االجتامعــات عــى النحــو التــايل‪:‬‬

‫ومــع ذلــك‪ ،‬تجــدر اإلشــارة إىل أن اللجنــة الوطنيــة ملكافحــة الفســاد مل تعقــد ســوى اجتامعــن اثنــن منــذ‬
‫إحداثهــا‪ ،‬يعــود آخرهــا لفربايــر مــن ســنة ‪.2019‬‬
‫‪97‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫تفاعــا مــع هــذا الوضــع‪ ،‬قامــت الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‪ ،‬يف إطــار مهامهــا‬
‫الدســتورية املتعلقــة بــاإلرشاف والتنســيق وتتبــع وتقييــم اإلســراتيجيات والسياســات العموميــة يف مجــال‬
‫الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪ ،‬يف أوائــل ‪ 2019‬بقـراءة تقييميــة أولويــة لإلسـراتيجية الوطنيــة‪ ،‬أي بعــد مــرور‬
‫أكــر مــن ثــاث ســنوات عــى إطالقهــا‪ .‬وكان الهــدف إعطــاء االس ـراتيجية الوطنيــة تنظيــا أقــوى ومحتــوى‬
‫أكــر دقــة ومقروئيــة‪ ،‬وتقعيــد إطــار حكامــة يضمــن القيــادة املثــى التــي تكفــل التـزام الجهــات الفاعلــة عــى‬
‫جميــع املســتويات وانخـراط أنشــطتهم يف إطــار هــذه االسـراتيجية‪ ،‬مــن أجــل توجيــه واســتهداف األولويــات‬
‫والتدبــر املــرن واملتكامــل للمشــاريع‪ ،‬مبــا يضمــن تحقيــق الوقــع واألثــر امللمــوس‪.‬‬
‫وللتذكــر‪ ،‬فقــد قدمــت الهيئــة خالصــات تحليلهــا لالس ـراتيجية واملقرتحــات الناتجــة عنــه خــال االجتــاع‬
‫الثــاين للجنــة الوطنيــة ملكافحــة الفســاد يف ‪ 15‬فربايــر ‪ ،2019‬برئاســة رئيــس الحكومــة؛ حيــث متــت املصادقــة‬
‫باإلجــاع عــى التقريــر املعــد يف هــذا الشــأن واعتــاده كمذكــرة توجيهيــة لالس ـراتيجية‪ ،‬معــززة بااللت ـزام‬
‫القــوي مــن لــدن مختلــف األط ـراف املعنيــة لضــان نجاحــه‪.‬‬
‫كــا قامــت الهيئــة بتحيــن ســنوي وتقديم منظورهــا التقييمــي لالسـراتيجية الوطنية ملكافحة الفســاد مشــفوعا‬
‫بتوصيــات إلذكاء الديناميــة املطلوبــة يف هــذه االس ـراتيجية؛ حيــث وقفــت عــى حصيلــة املنج ـزات والتقــدم‬
‫املنجــز يف تنفيــذ الربامــج واملشــاريع املتصلــة وكــذا محدوديــة النتائــج واألثــر (الفصــل األول)‪ ،‬ورصــدت‪ ،‬مبقاربة‬
‫مشــفوعة بالتحليــل‪ ،‬مظاهــر القصــور التــي تعــوق التنفيــذ األمثــل للمشــاريع (الفصــل الثــاين)‪ ،‬واســترشفت‬
‫الســبل الكفيلــة بــإذكاء ديناميــة االسـراتيجية الوطنيــة (الفصــل الثالــث)‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬حصيلة املنجزات والتقدم املنجز يف تنفيذ الربامج‬
‫يف إطــار تنفيــذ الربامــج العــرة لالس ـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬انخرطــت الســلطات العموميــة يف‬
‫إنجــاز مجموعــة مــن املشــاريع ذات الطبيعــة الترشيعيــة والتنظيميــة واإلجرائيــة التــي يتوقــع منهــاأن تســاهم‬
‫بشــكل ملمــوس يف الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه رشيطــة أن تتــم أجرأتهــا بالفعاليــة والنجاعــة املطلوبــة‬
‫ومواصلــة تتبــع تشــغيل مخرجاتهــا لضــان مالءمــة نتائجهــا مــع األهــداف املســطرة وإنتــاج األثــر املتوخــى‬
‫منهــا‪.‬‬
‫انطالقــا مــن هــذ املنظــور‪ ،‬قامــت الهيئــة بتقييــم للربامــج العــرة لالس ـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪،‬‬
‫واملشــاريع املضمنــة بهــا‪ .‬وســنعرض بإيجــاز خالصــة ألهــم مــا رصدتــه الهيئــة‪ ،‬باالقتصــار عــى املشــاريع ذات‬
‫األثــر األكــر احتــاال؛ حيــث ســيقف العــرض‪ ،‬عــى الخصــوص‪ ،‬عــى وثــرة التقــدم يف تنفيــذ هــذه املشــاريع‪،‬‬
‫والســبل الكفيلــة بترسيعهــا مبــا يضمــن تحقيــق األثــر املنشــود‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪98‬‬


‫الربنامج ‪ :1‬تحسني خدمة املواطن‬
‫القانون رقم ‪ 54.19‬املتعلق مبيثاق املرافق العمومية‬
‫طبقــا ملقتضيــات الفصــل ‪ 157‬مــن دســتور اململكــة‪" ،‬يحــدد ميثــاق للمرافــق العموميــة قواعــد الحكامــة‬
‫الجيــدة املتعلقــة بتســيري اإلدارات العموميــة والجهــات والجامعــات الرتابيــة واألجهــزة العموميــة"‪ .‬ويعــد هــذا‬
‫القانــون إنجــازًا رئيسـ ًيا يف الربنامــج األول مــن االسـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬وهــو جــزء مــن الجهــود‬
‫املبذولــة لتحســن أداء الخدمــات العموميــة ووضــع إطــار مرجعــي لهــا‪ ،‬ال ســيام مــن خــال اعتــاد مبــادئ‬
‫الحكامــة الجيــدة حتــى يتمكــن املواطنــون مــن االســتفادة مــن خدمــات شــفافة وعاليــة الجــودة‪.‬‬
‫وعــى الرغــم مــن أهميــة هــذا املــروع االسـراتيجي‪ ،‬فــإن تنفيــذه والرتســيخ الفعــي للمبــادئ التــي يتضمنهــا‬
‫يف تأطــر العالقــة بــن اإلدارة واملرتفقــن‪ ،‬ال يــزال متعــرا ال ســيام بســبب عــدم نــر نصوصــه التنظيميــة‬
‫والدالئــل املنهجيــة وغريهــا مــن األدوات الالزمــة لتطبيقــه‪ ،‬والتأخــر يف تنفيــذ خارطــة الطريــق املعتمــدة‬
‫ملواكبتــه وتنزيــل خطــة التواصــل الخاصــة بهــا‪.‬‬
‫ونظـرا للــدور املهيــكل لهــذا املــروع يف تحســن جــودة وضــان شــفافية ومالءمــة الخدمــات العموميــة مــع‬
‫املعايــر واملبــادئ املرجعيــة يف هــذا املجــال‪ ،‬فإنــه ســيكون مــن املجــدي إيــاء األولويــة وترسيــع التفعيــل‬
‫األمثــل لهــذا الــورش الهــام مــن اس ـراتيجية مكافحــة الفســاد‪.‬‬
‫القانون رقم ‪ 55.19‬املتعلق ﺑتبسيط املساطر واﻹجراءات اﻹدارية‬
‫يعــد هــذا القانــون‪ ،‬الصــادر يف ‪ 6‬مــارس ‪ ،2020‬حلقــة جوهريــة يف مجــال ترســيخ مبــادئ الحكامــة الجيــدة‬
‫وتحســن جــودة الخدمــات العموميــة وتعزيــز النزاهــة والشــفافية يف العالقــة بــن اإلدارة واملرتفــق وتحســن‬
‫منــاخ األعــال؛ وينتظــر منــه أن يســاهم يف تعزيــز الثقــة بــن اإلدارة واملواطــن مــن خــال تأطــر الخدمــات‬
‫العموميــة وفقــا ملبــادئ عامــة وإج ـراءات واضحــة وشــفافة تلبــي توقعــات املواطنــن والــركات مــن حيــث‬
‫نــر ومقروئيــة وحجيــة اإلج ـراءات وتبســيطها وتخفيــض مدتهــا وتكاليفهــا‪.‬‬
‫وقــد تــم‪ ،‬يف إطــار تطبيــق القانــون رقــم ‪ ،55.19‬تحديــد وفحــص أزيــد مــن ‪ 3800‬مســطرة إداريــة تقــع ضمــن‬
‫اختصــاص اإلدارات العموميــة‪ ،‬وتــم نــر ‪ 2700‬منهــا عــى موقــع إداريت‪ ،‬فيــا تــم ســحب ‪ 800‬إجـراء لعــدم‬
‫وجــود أي ســند قانــوين لهــا‪.‬‬
‫ورغــم املالحظــات والنواقــص والتوصيــات التــي تقدمــت بهــا الهيئــة يف تقاريرهــا الســنوية الســابقة‪ ،‬كان هنــاك‬
‫ترحيــب واســع بدخــول وتنفيــذ القانــون ‪ 55.19‬املتعلــق بتبســيط اإلجـراءات ملــا ميثلــه مــن طفــرة يف توضيــح‬
‫وشــفافية العالقــة بــن املرتفقــن واإلدارة‪ .‬إال أنــه‪ ،‬وبعــد أزيــد مــن ســنتني مــن دخــول القانــون حيــز التنفيــذ‪،‬‬
‫ال يـزال أثــر هــذا املــروع مرهونــا باعتــاد ونــر جميــع نصوصــه التطبيقيــة‪ ،‬واإلجـراءات الكفيلــة بتفعيلــه‪.‬‬
‫عــاوة عــى ذلــك‪ ،‬فاإلجـراءات املنشــورة عــى بوابــة إداريت ليــس لهــا حتــى اآلن الحجيــة القانونيــة‪ ،‬وهــو مبــدأ‬
‫أســايس مــن مبــادئ هــذا القانــون‪.‬‬
‫وعــى صعيــد آخــر‪ ،‬وبالنســبة لفعاليــة املرشوعــن ســالفي الذكــر‪ ،‬وجــب الترسيــع بوضــع مقيــاس لتقييــم‬
‫ومراقبــة جــودة الخدمــات العموميــة وتتبــع مــدى رىض املواطنــن بخصــوص تنزيــل مضامــن ميثــاق املرافــق‬
‫العموميــة ومقتضيــات القانــون ‪.55.19‬‬

‫‪99‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫الربنامج ‪ : 2‬رقمنة الخدمات اإلدارية‬
‫مرشوع قانون اإلدارة الرقمية (‪)41.19‬‬
‫يجــدر التنويــه هنــا بالتقــدم املســجل يف إنجــاز العديــد مــن املشــاريع املدرجــة يف إطــار الربنامــج الثــاين يف‬
‫اتجــاه رقمنــة العديــد مــن الخدمــات املقدمــة للمرتفقــن أو املتعلقــة بتطويــر األنظمــة املعلوماتيــة للقطاعــات‬
‫الحكوميــة والتــي اســتفاد بعضهــا مــن دعــم وكالــة التنميــة الرقميــة؛ غــر أن تعميــم وترسيــع التحــول الرقمــي‬
‫لــإدارة املغربيــة ســيكون منظـ ًـا ومعــززا باعتــاد مــروع قانــون اإلدارة الرقميــة (‪.)41.19‬‬
‫فتحيــن هــذا القانــون‪ ،‬الــذي كان موضــوع توصيــات يف تقاريــر الهيئــة الســنوية الســابقة‪ ،‬وترسيــع اعتــاده‬
‫أم ـران رضوريــان مــن أجــل تجســيد تعميــم التحــول الرقمــي‪ ،‬ووضــع اس ـراتيجية وطنيــة يف هــذا املجــال‬
‫ودعــم تنفيــذ مقتضيــات القانــون الخــاص بتبســيط املســاطر اإلداريــة وال ســيام فيــا يرتبــط بحاجــة اإلدارات‬
‫إىل التبــادل اإللكــروين للمعلومــات‪.‬‬
‫ومــن أهــم مشــاريع االس ـراتيجية الوطنيــة املســطرة يف الربنامــج ‪ ،2‬ميثــل مــروع التبــادل البينــي ألنظمــة‬
‫املعلومــات‪ ،‬قفــزة نوعيــة رائــدة يف اتجــاه رقمنــة اإلدارة العموميــة‪ .‬غــر أن هــذا املــروع يســجل تعـرا وتأخـرا‬
‫يف تنزيلــه مــا يشــكل عقبــة أمــام تحقيــق األهــداف املنشــودة مــن حيــث الفاعليــة والتتبــع والثقــة الرقميــة‬
‫والتبســيط وتفــرد اإلدارة للمواطــن (تطبي ًقــا ملبــدأ عــدم مطالبــة املرتفــق مبســتند أو معلومــات متوفــرة لــدى‬
‫إدارة أخــرى)‪.‬‬
‫واعتبــارا ألهميــة ورش التحــول الرقمــي وأثــره عــى إرســاء الشــفافية ودعمــه األفقــي للوقايــة مــن الفســاد‬
‫ومحاربتــه‪ ،‬خصــت الهيئــة هــذا الــورش بدراســة تفصيليــة‪ ،‬يتضمــن القســم املتعلــق بالتوصيــات يف هــذا‬
‫التقريــر‪ ،‬أهــم خالصتهــا‪ ،‬كــا تنــر الهيئــة التقريــر املتكامــل مصحوبــا باملــوازاة مــع نــر تقريرهــا الســنوي‬
‫هــذا برســم ســنة ‪.2022‬‬
‫الربنامج ‪ : 3‬الشفافية والحق يف الحصول عىل املعلومات‬
‫القانون ‪ 31.13‬املتعلق بالحق يف الحصول عىل املعلومات‬
‫يوفــر دخــول القانــون ‪ 31.13‬بشــأن الحــق يف الحصــول عــى املعلومــات حيــز التنفيــذ ســنة ‪ ،2019‬وتطبيقــه‬
‫عــى مــدار الســنوات املاضيــة‪ ،‬إطــا ًرا للولــوج إىل املعلومــات التــي تتوفــر عليهــا مؤسســات الدولــة‪ .‬إال أن‬
‫املامرســة اليوميــة يف بعــض اإلدارات واملؤسســات العامــة‪ ،‬كــا أبــرز ذلــك تقريــر التقييــم الــذايت الســنوي‬
‫للحكومــة املنفتحــة‪ 46 2023-2021 :‬مل تــرق بعــد إىل التفعيــل األمثــل ألحــكام القانــون‪ ،‬ال ســيام فيــا يتعلــق‬
‫بتصنيــف املعلومــات ونرشهــا بشــكل اســتباقي‪ .‬ونتيجــة لذلــك‪ ،‬يعــاين العديــد مــن املواطنــن والجمعيــات‬
‫واملؤسســات مــن ضعــف تجــاوب املؤسســات العموميــة مــع طلباتهــم‪ ،‬كــا أكــدت ذلــك اســتنتاجات تقريــر‬
‫القطــاع املكلــف بإصــاح اإلدارة بشــأن تقييــم اإلجــراءات املتخــذة والجهــود املبذولــة لتفعيــل الحــق يف‬
‫املعلومــات عــى مســتوى القطاعــات واملؤسســات العموميــة‪.‬‬

‫‪ - 46‬تقرير التقييم الذايت السنوي للحكومة املنفتحة‪ ،2021-2023 :‬وزارة االنتقال الرقمي وإصالح اإلدارة‪ ،‬يوليوز ‪2022‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪100‬‬


‫ويوضح الجدول أسفله نسب اإلنجاز املتعلقة ببعض متطلبات الحق يف الحصول عىل املعلومات‪:47‬‬

‫وبالفعــل‪ ،‬واعتــادا عــى املعطيــات املتاحــة عــر البوابــة اإللكرتونيــة "شــفافية"‪ ،‬فقــد توصلــت اإلدارات‬
‫العموميــة خــال الســنة األوىل مــن دخــول القانــون حيــز التنفيــذ‪ ،‬بــــ ‪ 4138‬طل ًبــا تــم «تجاهــل» مــا يعــادل‬
‫‪ 45‬يف املائــة منهــا بعــد انتهــاء املهلــة القانونيــة‪ ،‬وذلــك رغــم تحديــد القانــون إلطــار زمنــي واضــح للــرد‬
‫عــى الطلبــات وقبولهــا أو رفضهــا مــع إلزاميــة تعليــل ذلــك‪ ،‬أو طلــب متديــد آجــال االســتجابة لهــذه‬
‫الطلبــات‪ .‬كــا كشــف التقريــر أن ‪ 90‬يف املائــة مــن الشــكايات املتعلقــة بالحصــول عــى املعلومــات مل يتــم‬
‫الــرد عليهــا (‪ 42‬ملفًــا متــت معالجتهــا مــن أصــل ‪ ،)415‬وهــو مــا يشــكل يف حــد ذاتــه انتهــاكًا للقانــون‪.‬‬
‫لهــذا‪ ،‬تؤكــد الهيئــة عــى رضورة معالجــة هــذه النواقــص لبلــوغ األهــداف املتوخــاة مــن هــذا القانــون ودوره‬
‫يف إشــاعة الشــفافية وضــان حــق مســاهمة املواطنــن والفاعلــن املجتمعيــن يف الجهــود الوطنيــة للوقايــة مــن‬
‫الفســاد‪ .‬وتجــدر اإلشــارة هنــا إىل أن الهيئــة ســبق لهــا أن ســلطت الضــوء يف تقريــر خــاص عــى مجموعــة مــن‬
‫النواقــص التــي يتعــن مراجعتهــا يف ضــوء االســتفادة مــن املكتســبات التــي تُعــي مــن مبــدأ الحــق يف الحصــول‬
‫عــى املعلومــات‪ ،‬كــا هــو موضــح فيــا يــي‪:‬‬
‫• الحاجــة إىل ضبــط مبــدأ الــر املهنــي املنصــوص عليــه يف النظــام األســايس العــام للوظيفــة العموميــة‪،‬‬
‫ضامنــا للوضــوح واالنســجام مــع مقتضيــات القانــون املتعلــق بالحــق يف الحصــول عــى املعلومــات؛‬
‫• عــدم تضمــن القانــون ‪ ،31.13‬يف قامئــة املعلومــات املعنيــة بالنــر االســتباقي‪ ،‬نــر القـرارات التأديبيــة‬
‫الصــادرة ضــد املوظفــن العموميــن بســبب مامرســات منافيــة ألخالقيــات املرفــق العمومــي؛‬
‫• نُــدرة أو غيــاب املعطيــات املتعلقــة بــإدارة املمتلــكات العامــة للدولــة وعــدم وجــود نظــام معلومــايت‬
‫خــاص بهــذا املجــال‪ ،‬مــا يلقــي بتداعياتــه الســلبية عــى مبــادئ الشــفافية؛‬
‫• عــدم توفــر العمــوم عــى املعطيــات املتعلقــة بتدبــر رخــص االســتغالل‪ ،‬مــا يقــوي املــدركات التــي‬
‫تحــوم حــول تشــجيعها عــى تكريــس اقتصــاد الريــع‪ ،‬حيــث تقتــر أحــكام القانــون ‪ 31.13‬يف هــذا‬
‫الشــأن عــى النــر االســتباقي لــروط منــح الرتاخيــص واألذونــات ورشوط منــح رخــص االســتغالل؛‬

‫‪ -47‬املرجع السابق‪.‬‬

‫‪101‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫• عــدم التعامــل مــع الوصــول إىل املعلومــات املتعلقــة بالصفقــات العموميــة بشــكل رصيــح يف القانــون‬
‫‪ ،31.13‬عــاوة عــى الثغــرات املســجلة عــى مســتوى تنفيــذ بعــض مقتضيــات مرســوم الصفقــات‬
‫العموميــة املتعلقــة بنــر بعــض املعطيــات حــول الصفقــات التــي تربمهــا املؤسســات العموميــة‪ ،‬وهــذا‬
‫مــن شــأنه أن يؤثــر ســلبا عــى شــفافية الصفقــات العموميــة؛‬
‫• اســتبعاد النــر االســتباقي للمعلومــات املتعلقــة برواتــب وامتيــازات املوظفــن واألعــوان العموميــن‬
‫مــن أحــكام القانــون ‪ ،31.13‬والــذي يقتــر عــى نــر مشــاريع قوانــن املاليــة أو ميزانيــات الجامعــات‬
‫الرتابيــة؛‬
‫• عــدم التنصيــص عــى الوصــول إىل املعلومــات املتعلقــة بتمويــل األحــزاب السياســية رصاحــة يف‬
‫القانــون‪ ،31.13‬ورغــم اإلشــارة إىل ذلــك مبوجــب القانــون التنظيمــي ‪ 29.11‬املتعلــق باألحـزاب السياســية‪،‬‬
‫لكــن الوصــول إىل هــذه امللفــات يبقــى مرشوطــا مبــرر «املصلحــة »‪.‬‬
‫الربنامج ‪ : 4‬األخالقيات‬
‫مدونة السلوكيات واألخالقيات يف الوظيفة العمومية‬
‫إن مــروع املرســوم الــذي أعــده قطــاع إصــاح اإلدارة وناقشــه املجلــس األعــى للوظيفــة العموميــة يف ‪2018‬‬
‫مل يــر بعــد النــور‪ .‬وقــد كان موضــوع إحالــة أبــدت فيهــا الهيئــة رأيهــا للحكومــة‪ ،‬مبــا يفيــد توطيــد وتعزيــز‬
‫مقتضيــات الشــفافية واملســؤولية واملحاســبة داخــل اإلدارة العموميــة‪ ،‬وتطبيــق العقوبــات يف حالــة عــدم‬
‫االمتثــال ملقتضيــات القانــون عنــد االقتضــاء‪.‬‬
‫ومــن الــروري التعجيــل باعتــاد هــذا املرســوم لتمكــن املغــرب مــن ترســيخ قيــم النزاهــة واألخالقيــات‬
‫والشــفافية يف أداء اإلدارة العموميــة مــن خــال مواءمتــه مــع االتفاقيــات املصــادق عليهــا ومــع املامرســات‬
‫الدوليــة الجيــدة يف هــذا املجــال‪.‬‬
‫الربنامج ‪ : 5‬الرقابة واملساءلة‬
‫مراجعة منظومة الترصيح باملمتلكات‬
‫تعــاين املنظومــة الوطنيــة الحاليــة للترصيــح باملمتلــكات مــن أوجــه قصــور هيكليــة تؤثــر ســلبا عــى فاعليتهــا‬
‫بالنظــر لعــدم مالءمــة اآلليــات املعتمــدة يف الترشيــع الوطنــي املؤطــر لهــذا املجــال مــع املواصفــات املعياريــة‬
‫املتعــارف عليهــا بهــذا الخصــوص؛ ســواء عــى مســتوى األشــخاص الخاضعــن أو عــى مســتوى التتبــع والرقابــة‬
‫ومســاطر التحقيــق لتحديــد التجــاوزات واملخالفــات وكــذا الجـزاءات‪.‬‬
‫وإذ تشــدد الهيئــة عــى أهميــة اإلرساع يف اســتكامل واعتــاد منظومــة متكاملــة وفعالــة للترصيــح باملمتلــكات‪،‬‬
‫فإنهــا تذكــر برأيهــا الســابق يف املوضــوع والــذي ســبق نــره يف تقريــر مفصــل يحلــل بدقــة الوضــع الراهــن‬
‫ملنظومــة الترصيــح اإللزامــي باملمتلــكات ارتباطــا ببعــدي الشــفافية والنزاهــة يف التدبــر العمومــي‪ ،‬ويــرز‬
‫النواقــص والحــدود الهيكليــة مقارنــة باملعايــر الدوليــة يف هــذا الشــأن‪ ،‬ويــويص مبجموعــة متكاملــة مــن‬
‫التوصيــات تجمــع يف اآلن نفســه بــن مراجعــة النصــوص القانونيــة والبعــد التنظيمــي وخصائــص النظــام‬
‫املعلومــايت الكفيــل بضــان فعاليــة واكتــال دور الترصيــح اإللزامــي باملمتلــكات يف اإلســراتيجية الوطنيــة‬
‫ملكافحــة الفســاد‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪102‬‬


‫مرشوع قانون حول تضارب املصالح‬
‫ميثــل هــذا القانــون املربمــج حال ًيــا يف إطــار االسـراتيجية تطــورا ذا أهميــة قصــوى‪ ،‬ومــن الــروري اإلرساع يف‬
‫إعــداده واعتــاده مــن أجــل تنزيــل أحــكام الدســتور التــي تجعــل مــن التجــاوزات املتعلقــة بتضــارب املصالــح‬
‫أفعــاال يعاقــب عليهــا القانــون‪ .‬وتــويص الهيئــة يف هــذا الصــدد باعتــاد مقاربــة تضمــن وضــع إطــار عــام‬
‫يحــدد املفاهيــم واملبــادئ ويؤطــر الحــاالت املحتملــة‪ ،‬وقائيــا وتصحيحيــا‪ ،‬مــن خــال منــع حــاالت التنــايف‪،‬‬
‫ورشط اإلعــان عــن حــاالت تضــارب املصالــح الفعــي أو املحتمــل‪ ،‬واتخــاذ اإلجـراءات الالزمــة لتفــادي عواقــب‬
‫هــذه الحــاالت‪ ،‬وصــوال إىل فــرض العقوبــات التأديبيــة إذا تــم اإلخــال باحــرام املقتضيــات االحرتازيــة‪ ،‬أو‬
‫العقوبــات الجنائيــة إذا تطــور الوضــع إىل تحصيــل فوائــد ومنافــع غــر مرشوعــة‪.‬‬
‫كــا ينبغــي توجيــه الجهــود نحــو اعتــاد نظــام للترصيــح اإلجبــاري عــن املصالــح الشــخصية املرتبطــة مبامرســة‬
‫الوظيفــة أو النشــاط أو املهنــة‪ ،‬وتحديــد املؤسســة العموميــة التــي يخــول لهــا تلقــي هــذه الترصيحــات‬
‫ومراقبتهــا واتخــاذ اإلجـراءات القانونيــة الالزمــة عنــد الــرورة‪ ،‬وتزويدهــا بالصالحيــات واالمكانيــات الرضوريــة‬
‫لــي تقــوم مبهامهــا عــى الوجــه األمثــل‪.‬‬
‫وأخــذا بــدوره الوقــايئ والردعــي‪ ،‬أولــت الهيئــة عنايــة خاصــة لهــذا املوضــوع‪ ،‬وخصتــه باالهتــام الــازم يف‬
‫عــدة محطــات‪ .‬املحطــة األوىل كانــت يف إطــار دراســة أوليــة ضمنــت الهيئــة مخرجاتهــا يف التقريــر املصاحــب‬
‫لتقريرهــا الســنوي للهيئــة برســم ‪ ،2019‬أمــا املحطــة الثانيــة‪ ،‬فكانــت مــن خــال مشــاركة الهيئــة يف اللجنــة‬
‫املشــركة بــن الجهــات املعنيــة إلعــداد مــروع قانــون حــول تنــازع املصالــح‪ .‬وقبــل املحطــة األخــرة الســتكامل‬
‫دراســتها للموضــوع وتهييــئ تقريــر مفصــل ومتكامــل لنــره ضمــن التقاريــر املوضوعاتيــة املرفقــة للتقريــر‬
‫الســنوي هــذا‪ ،‬برســم ‪ ،2022‬اســتعانت الهيئــة يف محطــة ثالثــة بخبــر دويل بدعــم مــن االتحــاد األورويب‪ ،‬الــذي‬
‫أنجــز لفائدتهــا تقري ـرا شــامال حــول املوضــوع‪ ،‬وهــو عبــارة عــن بحــث فنــي يتضمــن تحليــا مقارنــا لنظــام‬
‫تنــازع املصالــح مــع توصيــات للنظــام املغــريب‪.‬‬
‫الربنامج ‪ : 6‬تقوية املتابعة والزجر‬
‫القانون ‪ 12.18‬املتمم للقانون الجنايئ وللقانون ‪ 43.05‬املتعلق مبكافحة غسل األموال‬
‫ذهبــت التعديــات التــي تــم إجراؤهــا مبوجــب هــذا القانــون إىل تعزيــز النظــام القضــايئ الوطنــي يف مجــال‬
‫مكافحــة غســل األمــوال ومتويــل اإلرهــاب املرتبطــة غال ًبــا مبامرســات الفســاد‪ ،‬والتــي مــن املؤكــد أنــه ســيكون‬
‫لهــا تأثــر إيجــايب عــى مكافحــة الفســاد عــى جميــع املســتويات‪.‬‬
‫ويبقــى الهــدف مــن هــذه التعديــات هــو مواءمــة اإلطــار القانــوين الوطنــي املتعلــق بغســل األمــوال مــع‬
‫املعايــر الدوليــة‪ ،‬وال ســيام تلــك التــي اعتمدتهــا مجموعــة العمــل املــايل (‪ ،)GAFI‬مــا مكــن املغــرب مؤخـرا‬
‫مــن الخــروج مــن القامئــة الرماديــة أي «البلــدان الخاضعــة للمراقبــة » التــي وضعتهــا هــذه املنظمــة‪ ،‬كــا هــو‬
‫الشــأن بالنســبة لخــروج اململكــة مــن القامئــة الخاصــة باالتحــاد األورويب‪.‬‬
‫ويبقــى هــدا الــورش مســتمرا يف إطــار ديناميــة‪ ،‬تنســقها الهيئــة الوطنيــة للمعلومــات املاليــة‪ ،‬تنخــرط فيهــا‬
‫جميــع الســلطات والهيئــات املعنيــة‪ ،‬وتلعــب فيهــا الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‪،‬‬
‫دورا هامــا بالنظــر للعالقــة املبــارشة التــي تجمــع بــن غســيل األمــوال وأفعــال الفســاد‪ ،‬كجرائــم أصليــة‪.‬‬

‫‪103‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫مرشوع القانون املتعلق باملسطرة الجنائية‬
‫فيــا يتعلــق بتعزيــز املتابعــة والزجــر موضــوع الربنامــج ‪ ،6‬أصــدرت الهيئــة رأيهــا يف مــروع إصــاح قانــون‬
‫املســطرة الجنائيــة‪ ،‬الــذي مل يخــرج بعــد للوجــود‪ ،‬حيــث قدمــت مجموعــة مــن التوصيــات تصــب يف اتجــاه‬
‫تعزيــز املــروع مــع مراعــاة متطلبــات وخصوصيــات جرائــم الفســاد خصوصــا مــن خــال اعتــاد مقاربــة‬
‫موضوعيــة لتكييــف مــدة التقــادم يف قضايــا الفســاد وتعزيــز دور قــايض التحقيــق وإرشاف أفضــل عــى حفــظ‬
‫القضايــا وحاميــة الشــهود واملبلغــن‪.‬‬
‫أمــا فيــا يتعلــق مبصــادرة األمــوال واملكاســب غــر املرشوعــة‪ ،‬فقــد متت صياغــة مــروع القانــون ‪10.16‬بهدف‬
‫تحديــد املفهــوم بشــكل أفضــل‪ .‬ويف نفــس الســياق‪ ،‬تــم يف إطــار االسـراتيجية الوطنيــة برمجــة مــروع قانــون‬
‫إلنشــاء الوكالــة الوطنيــة املســؤولة عــن إدارة املمتلــكات واألصــول املصــادرة‪ ،‬وهــو مــروع ذو أهميــة بالغــة من‬
‫شــأنه توفــر مــوارد ماليــة ميكــن اســتثامر جــزء منهــا يف مشــاريع وإجـراءات للوقايــة ومكافحــة الفســاد‪.‬‬
‫الربنامج ‪ : 7‬الطلبيات العمومية‬
‫خرائطية مخاطر الفساد بالطلبيات العمومية‬
‫يف إطــار هــذا املــروع‪ ،‬أرشفــت الخزينــة العامــة للملكــة عــى إنجــاز دراســة تحليلية ملخاطــر الفســاد املحتملة‬
‫التــي ميكــن أن تشــوب إجـراءات املشــريات العموميــة‪ ،‬وذلــك عــر ثــاث مراحــل‪ ،‬حيــث تــم يف مرحلــة أوىل‬
‫تشــخيص الوضــع الحــايل (القوانــن‪ ،‬اإلج ـراءات‪ ،‬نظــم املعلومــات‪ ،)... ،‬ويف مرحلــة ثانيــة تحديــد املخاطــر‬
‫املحتملــة‪ ،‬حيــث تــم رصــد ‪ 37‬خطـ ًرا وترتيبهــا حســب األولويــة‪ ،‬ويف مرحلــة ثالثــة بلــورة خطــة عمــل لتدبــر‬
‫والحــد مــن املخاطــر املرصــودة‪.‬‬
‫ويف هــذا اإلطــار‪ ،‬تــويص الهيئــة بتعبئــة كافــة الفاعلــن املعنيــن واإلرساع يف تنفيــذ خطــة العمــل ســالفة الذكــر‪،‬‬
‫واعتــاد املربمجــة فيهــا إلث ـراء حقيبــة مشــاريع اإلس ـراتيجية الوطنيــة باإلضافــة إىل برنامــج العمــل األولــوي‬
‫لعــام ‪.2023‬‬
‫مرصد تتبع الطلبيات العمومية‬
‫يدخــل مــروع إحــداث مرصــد لتتبــع الطلبيــات العموميــة ضمــن خطــة العمــل االس ـراتيجية ‪2021-2017‬‬
‫للخزينــة العامــة للمملكــة‪ ،‬وخصوصــا يف برنامــج رقمنــة مســاطر املشــريات العموميــة‪ .‬ومــن أهــداف إنشــاء‬
‫هــذا املرصــد توفــر إمكانيــة تحليــل البيانــات املتعلقــة بالطلبيــات العموميــة مــن أجــل تقييــم ظــروف‬
‫تنفيذهــا واملســاعدة يف اتخــاذ ق ـرارات فعالــة يف مجــال إدارة الطلبيــات العموميــة‪ .‬كــا يهــدف إىل بلــورة‬
‫مــؤرشات وتقاريــر إحصائيــة بغيــة تقييــم الشــفافية واملنافســة وكــذا توفــر مــؤرشات تحذيــر للتحكــم يف‬
‫املخاطــر املرتبطــة بــإدارة الطلبيــات العموميــة‪.‬‬
‫ومــن منظــور الهيئــة‪ ،‬فللمرصــد دور مهــم يف الوقايــة ومكافحــة الفســاد يف مجــال الطلبيــات العموميــة‪.‬‬
‫وعــى هــذا األســاس‪ ،‬بــات مــن الــروري الترسيــع بتفعيلــه بشــكل ملمــوس وتوســيع مجــال تدخلــه وتعزيــزه‬
‫باآلليــات الالزمــة لضــان الفعاليــة املرجــوة يف أدائــه‪ ،‬ونــر قاعــدة البيانــات التــي يتــم إعدادهــا وتســهيل‬
‫الولــوج إليهــا‪ ،‬مــع إخفــاء املعطيــات املرتبطــة بالهويــة‪ .‬وتؤكــد الهيئــة بهــذا الخصــوص‪ ،‬عــى أهميــة اعتــاد‬
‫املقاربــة التشــاركية يف نظــام حكامــة هــذا املرصــد وبنــاء تصــوره‪ ،‬خاصــة وأن املرســوم الجديــد للصفقــات‬
‫العموميــة ينــص عــى أن تدبــر هــذا املرصــد ســتضطلع بــه الخزينــة العامــة للمملكــة‪.‬‬
‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪104‬‬
‫الربنامج ‪ : 8‬نزاهة القطاع الخاص‬
‫تجمــع جــل التحاليــل والدراســات عــى األثــر الســلبي للفســاد عــى االقتصــاد الوطنــي واالســتثامرات ومنــاخ‬
‫األعــال وجــودة الحكامــة والبيئــة املؤسســية يف الدولــة عــى املــدى املتوســط والطويل‪ .‬كــا أن أغلــب التقارير‬
‫الوطنيــة والدوليــة التــي تعنــى بهــذه اإلشــكالية تضــع الفســاد عــى رأس العوائــق التــي يواجههــا املســتثمرون‬
‫ورجــال األعــال يف تطويــر أنشــطتهم‪.‬‬
‫مــع ذلــك‪ ،‬فــإن هــذا الربنامــج يســجل تأخـرا كبـرا يف تنفيــذ مشــاريعه‪ ،‬الــيء الــذي كان مــن بــن الدوافــع‬
‫إلدراجــه ضمــن مشــاريع خارطــة الطريــق ملنــاخ األعــال ‪ ،2026-2023‬ومنهــا عــى وجــه الخصــوص‪:‬‬
‫• مأسســة اللجنــة الوطنيــة لحكامــة املقــاوالت (لإلشــارة فقــد متــت بلــورة مــروع مرســوم وإحالتــه عــى‬
‫األمانــة العامــة للحكومة)؛‬
‫• الرتويــج ملعايــر املطابقــة (كشــهادة ‪ )ISO 37001‬مــن خــال برامــج النزاهــة (مواثيــق األخالقيــات ‪-‬‬
‫االمتثــال للمعايــر ‪ -‬التقييــم الــذايت)‪ .‬وقــد تــم يف هــذا اإلطــار تنظيــم ورشــات معــدودة اتســمت بحضــور‬
‫باهــت للمؤسســات الخاصــة املشــاركة؛‬
‫• الدراسة الخرائطية ملخاطر الفساد يف مسار املستثمرين‪ .‬مرشوع ذو أولوية‪ ،‬مل يتم اطالقه بعد‪.‬‬
‫ولتــدارك هــذا التأخــر يف تنفيــذ مشــاريع الربنامــج ‪ ،8‬بــات مــن الــروري تحســيس االتحــاد العــام ملقــاوالت‬
‫املغــرب‪ ،‬بصفتــه منســقا للربنامــج ومســؤوال عــن املرشوعــن املذكوريــن أعــاه‪ ،‬بــرورة العمــل عــى تعبئــة‬
‫األطـراف األخــرى املعنيــة واإلرساع يف تنزيــل املشــاريع املربمجــة اعتبــارا لألهميــة التــي يكتســيها هــذا الربنامــج‬
‫بالنســبة لالسـراتيجية الوطنيــة‪ ،‬ولتحسســن منــاخ االعــال‪.‬‬
‫الربنامج ‪ :9‬التواصل والتحسيس‬
‫عــى الرغــم مــن األثــر املتوقــع مــن هــذا الربنامــج عــى تطويــر املعرفــة بظاهــرة الفســاد ومختلــف متظهراتهــا‪،‬‬
‫وباإلنجــازات وعمــل املؤسســات والســلطات املعنيــة‪ ،‬فــإن املبــادرات الفعليــة لتنزيلــه تظــل معزولــة ومحدودة‬
‫زمنيــا وال تنتــج أثــرا ملموســا يف مجــال الوقايــة مــن الفســاد‪ .‬كــا تجــدر اإلشــارة كذلــك إىل حــرص وزارة‬
‫األوقــاف والشــؤون اإلســامية عــى إدراج املقاربــة الدينيــة يف الوقايــة مــن الفســاد مــن خــال العديــد مــن‬
‫املبــادرات كخطــب الجمعــة واألنشــطة الدينيــة للمندوبيــات الجهويــة والربامــج اإلعالميــة والربامــج املدرســية‬
‫والتعليميــة والتنســيق مــع معهــد محمــد الســادس لتكويــن األمئــة‪.‬‬
‫الربنامج ‪ :10‬الرتبية والتكوين‬
‫كــا هــو الشــأن بالنســبة للربنامــج ‪ ،9‬يســجل برنامــج الرتبيــة والتكويــن تأخ ـرا يف تنفيــذ مشــاريعه‪ ،‬رغــم‬
‫أهميتهــا وأثرهــا املحتمــل يف الوقايــة مــن الفســاد‪ .‬غــر أنــه وجبــت اإلشــادة ببعــض املشــاريع املنجــزة والتــي‬
‫يتعــن تعزيزهــا واســتدامتها بالنظــر لطبيعتهــا‪( ،‬برامــج التدريــب كمثــال) بهــدف إحــداث تأثــر حقيقــي عــى‬
‫املواطنــن‪ ،‬ونخــص بالذكــر املرشوعــن التاليــن‪:‬‬
‫• إعــداد وتعميــم مصفوفــة أفقيــة للتكويــن لفائــدة املــوارد البرشيــة بالقطــاع العــام بخصــوص مواضيــع‬
‫مكافحــة الفســاد؛‬
‫• دمج قيم النزاهة واألخالق ومكافحة الفساد يف املناهج الدراسية‪.‬‬
‫‪105‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫ووجــب التذكــر بــأن الهيئــة ســتضطلع‪ ،‬يف إطــار صالحيتهــا يف الســهر عــى إعــداد اسـراتيجية وطنيــة متكاملــة‬
‫للتنشــئة الرتبويــة واالجتامعيــة عــى قيــم النزاهــة‪ ،‬وال ســيام يف مجــايل الرتبيــة والتكويــن‪ ،‬بتعبئــة الجهــات‬
‫املعنيــة وعــى رأســها قطــاع التعليــم‪ ،‬وذلــك يف إطــار الرشاكــة الوطنيــة بينهــا وبــن الســلطات العموميــة‬
‫والهيئــات التمثيليــة واملهنيــة والفاعلــن بالقطــاع الخــاص وجمعيــات املجتمــع املــدين‪.‬‬
‫ويف إطــار رصدهــا ملســتوى بلــوغ األهــداف االســراتيجية‪ ،‬أكــدت الهيئــة عــى أن التقييــم املعتمــد عــى‬
‫املــؤرشات الدوليــة رغــم كونــه يبقــى غــر كاف لتقييــم وقــع اس ـراتيجيات مكافحــة الفســاد‪ ،‬إال أن مراقبــة‬
‫مثــل هــذه املــؤرشات‪ ،‬مــن خــال جمعهــا وتقاطعهــا مــع معطيــات إضافيــة أخــرى‪ ،‬متكــن مــن إعطــاء فكــرة‬
‫متقدمــة عــن مســتوى نجــاح اإلس ـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ .‬وللتذكــر‪ ،‬فــإن املــؤرشات املقصــودة‬
‫هنــا هــي مــؤرش مــدركات الفســاد (‪ )CPI‬ملنظمــة الشــفافية الدوليــة‪ ،‬واملــؤرشات الفرعيــة التــي يســتند‬
‫إليهــا (ســبعة تشــمل املغــرب مــن بــن ثالثــة عــر مصــدرا) ومــؤرش التنافســية العامليــة للمنتــدى االقتصــادي‬
‫العاملــي(‪ ،)WEF‬ومــؤرش العدالــة العامليــة (‪ ،)WJP‬ومــؤرش مامرســة األعــال التجاريــة للبنــك الــدويل (الــذي‬
‫قــام البنــك الــدويل بتعليــق إصــداره منــذ شــتنرب ‪ ،2021‬عــى خلفيــة وجــود اختــاالت يف بيانــات نســختي ‪2018‬‬
‫و‪ ،)2020‬باإلضافــة إىل املــؤرشات واملعطيــات التــي تنتجهــا الهيئــة مــن خــال دراســاتها ومســوحاتها الوطنيــة‬
‫والقطاعيــة واملوضوعاتيــة‪.‬‬
‫مــن هــذا املنطلــق‪ ،‬ســجلت الهيئــة أنــه بالرغــم مــن اإلنجــازات املحققــة‪ ،‬والتــي ال ميكــن إنكارهــا‪ ،‬فــإن‬
‫الغايــات املســتهدفة املبينــة أعــاه مل تتحقــق بــل وتــكاد تكــون بعيــدة املنــال‪ .‬فبالنســبة ملــؤرش مــدركات‬
‫الفســاد‪ ،‬مل يربــح املغــرب ســوى نقطــة واحــدة فقــط ســنة ‪ 2022‬مقارنــة مــع ســنة ‪ ،2016‬ليحتــل املرتبــة ‪94‬‬
‫مــن أصــل ‪180‬دولــة‪ ،‬بعيــدا عــن الهــدف املســطر املتمثــل يف ربــح ‪ 23‬نقطــة بــن ‪ 2016‬و‪ .2025‬أمــا مــؤرش‬
‫التنافســية العامليــة‪ ،‬فهــو يصنــف املغــرب يف املرتبــة ‪ 75‬مــن أصــل ‪ 140‬دولــة يف آخــر تصنيــف يعــود لســنة‬
‫‪ ،2020‬مســجال بذلــك تراجعــا بثــاث مراتــب علــا أن الهــدف املنشــود كان االرتقــاء ‪ 25‬رتبــة يف أفــق ‪.2025‬‬
‫فيــا يتعلــق مبــؤرش العدالــة العامليــة‪ ،‬فقــد احتلــت اململكــة ســنة ‪ 2021‬الرتبــة ‪ 94‬مــن أصــل ‪140‬دولــة حيــث‬
‫خــرت حــوايل ‪ 14‬مرتبــة منــذ ‪ 2016‬بــدل التقــدم ب ‪ 25‬كــا كان مســطرا‪ .‬ويبقــى التقــدم الوحيــد املســجل‬
‫مرتبطــا مبــؤرش مامرســة األعــال للبنــك الــدويل‪ 48‬بربــح ‪ 15‬رتبــة واحتــال الصــف ‪ 53‬مــن أصــل ‪ 190‬دولــة‬
‫ســنة ‪ ،2021‬وهــي الســنة التــي أوقــف فيهــا البنــك الــدويل العمــل بهــذا املــؤرش يف انتظــار تعويضــه أو إعــادة‬
‫إنتــاج بعــد تأطــره‪.‬‬
‫واعتبــارا لتنــوع وتعــدد العوامــل املؤثــرة يف نتائــج املــؤرشات املعنيــة مبــا فيهــا اســترشاء الفســاد‪ ،‬وكــذا صعوبــة‬
‫تقييــم أثــر اســراتيجية مكافحــة الفســاد مبعــزل عــن السياســات العموميــة األخــرى‪ ،‬تؤكــد الهيئــة عــى‬
‫أهميــة تطويــر التقــارب والتقاطــع بــن مكونــات االسـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد مــن ناحيــة (الربامــج‪،‬‬
‫واملشــاريع‪ ،‬واإلج ـراءات) وبــن املعطيــات التــي تنتجهــا الهيئــة مــن خــال املســوحات الوطنيــة والقطاعيــة‬
‫واملوضوعاتيــة وكــذا املعطيــات املفصلــة ملختلــف املصــادر املتاحــة والتــي يرتكــز عليهــا مــؤرش إدراك الفســاد‬
‫ملنظمــة الشــفافية الدوليــة مــن ناحيــة أخــرى‪ ،‬وذلــك باإلضافــة إىل مختلــف املــؤرشات‪.‬‬

‫‪ -48‬قام البنك الدويل بتعليق إصدار هذا املؤرش منذ شتنرب ‪ ،2021‬عىل خلفية وجود اختالالت يف بيانات نسختي ‪ 2018‬و‪2020‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪106‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬أوجه القصور يف تنفيذ االسرتاتيجية‬
‫للتذكــر‪ ،‬فبعــد اعتــاد اللجنــة الوطنيــة ملكافحــة الفســاد املجتمعــة يف ‪ 15‬فربايــر ‪ ،2019‬برئاســة رئيــس‬
‫الحكومــة‪ ،‬للتقريــر املقــدم مــن طــرف الهيئــة حــول إعــادة هيكلــة وديناميــة االسـراتيجية والتوصيــات الناتجــة‬
‫عنهــا كإطــار عمــل ومذكــرة توجيهيــة يف هــذا الشــأن‪ ،‬شــهدت األشــهر املواليــة تعبئــة كافــة اإلدارات املعنيــة‬
‫مــن خــال تنظيــم اجتامعــات تنســيقية للربامــج العــرة لإلسـراتيجية برئاســة كل مــن الوزيــر املســؤول عــن‬
‫الربنامــج املعنــي ورئيــس الهيئــة‪ .‬لكنــه بعــد ذلــك تــم تســجيل بعــض الفتــور والرتاجــع يف هــذه الديناميــة؛‬
‫حيــث مل تعــد اجتامعــات التنســيق وتوجيــه الربامــج ت ُعقــد‪ ،‬ومل تعــد اللجنــة الوطنيــة ملكافحــة الفســاد تجتمع‪،‬‬
‫وبالتــايل كانــت النتائــج جــد متواضعــة فيــا يتعلــق بتفعيــل مضامــن توصيــات الهيئــة‪ ،‬ال ســيام فيــا يتعلــق‬
‫بــاإلرشاف والتنفيــذ املنســق ويف التقائيــة املشــاريع واألنشــطة‪.‬‬
‫وقــد أدى ذلــك إىل العــودة إىل املقاربــة القطاعيــة‪ ،‬وبالتــايل الحــد مــن التغـرات املتوقعــة يف تنفيــذ مخططــات‬
‫العمــل ذات األولويــة لســنتي ‪ 2019‬و‪ ،2020‬والتــي تــم اعتامدهــا بشــكل مشــرك مــن قبــل الهيئــة واإلدارات‬
‫والجهــات املعنيــة‪ .‬هــذا باإلضافــة إىل وجــود العديــد مــن أوجــه القصــور التــي متنــع اإلسـراتيجية مــن إنتــاج‬
‫األثــر املتوقــع واملتعلــق بالحــد مــن الفســاد يف بالدنــا‪ ،‬واملتمثلــة يف اســتمرار النواقــص املتعــددة التــي ســبق‬
‫للهيئــة أن ســلطت الضــوء عــى العديــد منهــا يف تقاريرهــا الســابقة؛ ومــن أهمهــا‪:‬‬
‫• قصــور يف تعبئــة الفاعلــن املعنيــن وال ســيام عــى مســتوى الــوزراء‪ ،‬وهــو األمــر الــذي زاد مــن عــدم‬
‫انتظــام اجتامعــات لجــن تنســيق الربامــج واللجنــة الوطنيــة ملكافحــة الفســاد؛‬
‫• ضعــف يف التنســيق ومراقبــة الربامــج واملشــاريع وهيمنــة التدبــر القطاعــي عــى حســاب منطــق‬
‫الربمجــة املندمجــة املبنيــة عــى النتائــج؛‬
‫• عــدم ترســيخ منهجيــة تحديــد األولويــات واالســتهداف املعلــل بدراســة الوقــع واألثــر الشــامل التــي بــدأ‬
‫العمــل بهــا ســنة ‪2019‬؛‬
‫• غيــاب رؤيــة واضحــة حــول املــوارد املاليــة وامليزانيــات املخصصــة ملشــاريع االســراتيجية الوطنيــة‪،‬‬
‫والتــي مــن شــأنها أن تفــر جزئي ـاً فشــل بعــض املشــاريع ‪ /‬اإلج ـراءات والتأخ ـرات الناتجــة عنهــا؛‬
‫• ســيطرة اإلج ـراءات الترشيعيــة دون املواكبــة الكافيــة لتنزيلهــا الناجــع ومســايرة تنفيــذ املشــاريع إىل‬
‫غايــة تحقيــق النتائــج واالثــر املســتهدف؛‬
‫• اعتــاد منطــق املشــاريع العرضانيــة ال يــزال يحتــاج جهــدا معمقــا وانخراطــا فعــاال ومزيــدا مــن‬
‫التفاعــل وتضافــر الجهــود مــن قبــل جميــع الفاعلــن املعنيــن‪ ،‬ويســتدعي دعــا عــى مســتوى عــال؛‬
‫• غيــاب مخطــط مناســب للتواصــل كفيــل بإعــام الفئــات املســتهدفة باإلنجــازات واآلفــاق املســتقبلية‪،‬‬
‫والتأثــر عــى مــدركات املواطنــن والفاعلــن االقتصاديــن لجعلهــا أكــر موضوعيــة وأكــر قابليــة وقــدرة‬
‫عــى مواجهــة حــاالت الفســاد‪ ،‬مــا يســمح بتعبئتهــم لالنخـراط الجامعــي يف مكافحــة الفســاد‪.‬‬

‫‪107‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫الفصل الثالث‪ :‬توصيات من أجل إذكاء دينامية جديدة يف االسرتاتيجية‬
‫لتجــاوز النواقــص املرصــودة وتحســن النجاعــة والفعاليــة يف تنفيــذ مختلــف برامــج االس ـراتيجية الوطنيــة‬
‫ملكافحــة الفســاد‪ ،‬تقــرح الهيئــة خارطــة طريــق تضــم عــدة توصيــات تهــم مراجعــة اإلطــار املؤســي‬
‫لالسرتاتيجية‪ ،‬خاصة عىل مستوى حكامته وآليات التتبع والتقييم والتمويل والتواصل‪.‬‬
‫‪ -‬تجويد حكامة اإلطار املؤسيس‬
‫تكتــي املهــام املتعلقــة بنــر قيــم النزاهــة والشــفافية والحكامــة املســؤولة والوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‬
‫طابعــا عرضانيــا شــامال ورشطــا أساســيا لنجــاح أي مــروع تنمــوي‪ ،‬مــا يســتلزم تعبئــة وتعــاون مختلــف‬
‫الســلطات واملؤسســات والفاعلــن املعنيــن‪ ،‬كل حســب مهامــه ومســؤولياته املؤسســية واملجتمعيــة؛ مبــا‬
‫يســتوجب إدراج هــذه املهــام ضمــن منظــور اســراتيجي يضمــن إرســاء سياســة منســقة ومندمجــة ذات‬
‫أهــداف محــددة‪ ،‬قابلــة للتتبــع والقيــاس‪ ،‬يضطلــع بقيادتهــا وتنســيقها وتأطريهــا إطــار مؤســي عــى أعــى‬
‫مســتوى‪ ،‬يوفــر الضامنــات الرضوريــة لحكامــة تعبــئ جميــع األطـراف املعنيــة وفــق مبــادئ االلتقائيــة والتــآزر‬
‫والتكامــل املفصــي فيــا بينهــا‪.‬‬
‫اقتناعــا بأهميــة هــذا اإلطــار املؤســي ودوره املؤثــر يف إذكاء الديناميــة املطلوبــة يف حكامــة االســراتيجية‬
‫الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬ت َوجــه منظــور الهيئــة‪ ،‬اســتنادا ملقتضيــات الدســتور ذات الصلــة وتجاوبــا مــع مــا‬
‫جــاء بــه القانــون ‪ ،46.19‬إىل إعــادة صياغــة املرســوم املتعلــق باللجنــة الوطنيــة ملكافحــة الفســاد يف اتجــاه‪:‬‬
‫• املحافظــة عــى تشــكيلتها الرباعيــة املكونــة مــن قطاعــات حكوميــة ومؤسســات دســتورية وهيئــات‬
‫وطنيــة ومنظــات القطــاع الخــاص واملجتمــع املــدين‪ ،‬مــع إدمــاج ســلطات ومؤسســات أخــرى ممثلــة‬
‫عــى أعــى مســتوى؛‬
‫• تثبيــت رئاســة اللجنــة لرئيــس الحكومــة مــع حضــور الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة‬
‫ومحاربتهــا يف شــخص رئيســها إىل جانبــه‪ ،‬بصفتهــا مســؤولة عــى اإلرشاف والتنســيق وضــان تتبــع تنفيــذ‬
‫االسـراتيجيات والسياســات العموميــة املتعلقــة بالوقايــة مــن الفســاد ومحاربتــه؛‬
‫• اضطــاع الهيئــة بالســهر عــى مواءمــة االسـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد وبرامجهــا املختلفــة مــع‬
‫التوجهــات االس ـراتيجية لسياســة الدولــة التــي تقرتحهــا الهيئــة وتصــادق عليهــا الســلطات والهيئــات‬
‫املعنيــة‪ ،‬ســعيا لضــان االلتقائيــة واالنســجام والنجاعــة؛‬
‫• اضطــاع الهيئــة مبهــام محــددة ومؤطــرة‪ ،‬تتمحــور بشــكل خــاص حــول تعميــق التشــخيص املوضوعــي‬
‫لوضعيــة الفســاد وتطورهــا وتقييــم حصيلــة تتبــع تنفيــذ الربامــج وتنســيق األعــال املتعلقــة بتحيــن‬
‫االسـراتيجية وتقديــم حصيلــة تتبــع تنفيــذ االلتزامــات الدوليــة للمملكــة وتقديــم حصيلــة مــدى تفاعــل‬
‫الســلطات والهيئــات املعنيــة مــع توصيــات وآراء الهيئــة؛‬
‫• اضطالع مصالح رئاسة الحكومة مبهام الكتابة الدامئة للجنة الوطنية؛‬
‫• انبثــاق لجــان دامئــة عــن اللجنــة الوطنيــة‪ ،‬تضطلــع بــاإلرشاف وتنســيق الربامــج التــي تشــكل املحــاور‬
‫املهيكلــة لالسـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد؛‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪108‬‬


‫• تــرؤس مشــرك لــكل لجنــة برنامــج مــن قبــل الوزيــر املســؤول عــن الربنامــج ورئيــس الهيئــة الوطنيــة‬
‫للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‪ ،‬مــع األخــذ بخصوصيــة الربنامــج املتعلــق بنزاهــة القطــاع‬
‫الخــاص‪ ،‬الــذي يحــل بخصوصــه ممثــل القطــاع الخــاص محــل الوزيــر؛‬
‫• الســهر‪ ،‬مــن خــال أعــال لجــان الربامــج‪ ،‬عــى ضــان تنســيق وتتبــع وتقييــم إنجــاز املشــاريع‬
‫واإلجـراءات املدرجــة يف كل برنامــج‪ ،‬مبــا يتوافــق واألهــداف املحــددة والنتائــج املســطرة واألثــر املرتقــب‪،‬‬
‫واملالءمــة مــع توجهــات االس ـراتيجية الوطنيــة‪.‬‬
‫‪ -‬النهوض مبنظومة التتبع‬
‫يُقــرح تعزيــز منظومــة التتبــع بتنســيق وتكامــل فيــا بــن الكتابــة الدامئــة ومنســقي الربامــج باإلضافــة إىل‬
‫الهيئــة‪ ،‬وذلــك مــن خــال‪:‬‬
‫• إحداث مكتب موحد إلدارة املشاريع؛‬
‫• وضــع نظــام معلومــايت مندمــج إلدارة املشــاريع ومحــن بشــكل منتظــم‪ ،‬يوفــر خدمــات التنبيــه‬
‫واالســتباقية عــى مســتوى مــدراء املشــاريع واملنســقني واملســؤولني املعنيــن عنــد االقتضــاء ؛‬
‫• إعــداد تقاريــر شــهرية عــن مســتوى تقــدم املشــاريع حســب الربنامــج (نقــاط االتصــال ومنســقي‬
‫الربامــج) مدعومــة بنظــام تذكــر عــى مســتوى الكتابــة الدامئــة ؛‬
‫• إعــداد تقاريــر مفصلــة عــن املشــاريع املنجــزة أو التــي بلغــت مراحــل متقدمــة يف اإلنجــاز‪ ،‬تســلط‬
‫الضــوء عــى اإلنجــازات ومــدى تفعيلهــا وتأثريهــا عــى األهــداف املتوخــاة منهــا؛‬
‫• بلــورة لوحــات للقيــادة توفــر نظــرة شــاملة عــن تقــدم الربامــج‪ ،‬مــع الرتكيــز عــى املشــاريع واإلجـراءات‬
‫املدرجــة يف برنامــج العمــل األولــوي للســنة الجاريــة؛‬
‫• عقــد اجتامعــات تنســيقية دوريــة لــكل برنامــج‪ ،‬وفــق برنامــج محــدد ســلفا‪ ،‬بقيــادة منســق الربنامــج‬
‫(الوزيــر أو مســؤول القطــاع الخــاص حســب الربنامــج) ورئيــس الهيئــة تخصــص لعــرض ســر املشــاريع‬
‫وتذليــل الصعوبــات والعقبــات التــي قــد تعرتضهــا و مراجعــة برامــج العمــل عنــد االقتضــاء‪.‬‬
‫‪ -‬ضامن التمويل الالزم للمشاريع‬
‫يشــكل توفــر املــوارد والتمويــات الالزمــة رشطــا أساســيا إلنجــاز املشــاريع‪ ،‬وعــى هــذا األســاس فمــن الرضوري‬
‫أن يحــدد القامئــون عــى املشــاريع بوضــوح وبشــكل اســتباقي املصــادر املحتملــة للتمويــل لــكل مــروع‪،‬‬
‫وتأكيدهــا مــع منســق الربنامــج الــذي يشــمل املــروع‪.‬‬
‫وتــويص الهيئــة أن يُــدرج مســتقبال يف ميزانيــات القطاعــات واملؤسســات املعنيــة ســطر خــاص "بالوقايــة مــن‬
‫الفســاد ومكافحتــه"‪ ،‬موجــه لتمويــل املشــاريع املربمجــة يف االسـراتيجية الوطنيــة‪ ،‬مقــرون بأهــداف محــددة‬
‫ومــؤرشات للقيــاس‪.‬‬
‫‪ -‬الدراسات الخرائطية ملخاطر الفساد‬
‫تــويص الهيئــة بإعــداد أو تحيــن الدراســات املتعلقــة بخرائطيــة مخاطــر الفســاد يف اإلدارات العموميــة‪ ،‬وخاصــة‬
‫الحساســة منهــا‪ ،‬اعتبــارا لحجــم الفئــات املتعاملــة معهــا وأهمية الخدمــات التــي تقدمها‪ ،‬وذلــك كإجراء اســتباقي‬

‫‪109‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫مــن أجــل تحديــد أو تحيــن مخاطــر الفســاد (للتذكــر‪ ،‬فقــد متــت تغطيــة مجموعــة مــن القطاعــات (الصفقــات‬
‫العموميــة‪ ،‬واإلســكان‪ ،).... ،‬التــي ينبغــي تحجيمهــا مــن خــال إجـراءات أو مشــاريع تســتهدفها يف إطــار النســخة‬
‫الجديــدة مــن االسـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ .‬وينبغــي اســتثامر نتائــج هــذه التقييــات لوضع إجـراءات‬
‫قــادرة عــى االســتجابة ألوجــه القصــور ومكامــن الضعــف املرصــودة وتطويــر وتحيــن برامــج االسـراتيجية‪.‬‬
‫‪ -‬برامج العمل ذات األولوية‬
‫لتكريــس النجاعــة وتحقيــق األهــداف‪ ،‬مــن الــروري ترســيخ إنجــازات االسـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‬
‫وتعزيزهــا وترسيــع وثــرة التنفيــذ مــن خــال اعتــاد واحـرام التخطيــط الســنوي للمشــاريع مــع الرتكيــز عــى‬
‫اإلجـراءات واملشــاريع األولويــة ذات األثــر القــوي عــى املواطنــن والفاعلــن االقتصاديــن‪.‬‬
‫يف هــذا الصــدد‪ ،‬توجــه اهتــام الهيئــة نحــو مجموعــة مــن املشــاريع التــي تعتربهــا مهيكلــة وتقــرح إدراجها يف‬
‫برنامــج العمــل األولــوي لســنة ‪ .2023‬يتعلــق األمــر عــى الخصــوص باملشــاريع واإلجـراءات املتعلقــة بالتفعيــل‬
‫األمثــل لبعــض النصــوص الترشيعيــة الصــادرة حديثــا كميثــاق املرافــق العموميــة والقانــون املتعلــق بتبســيط‬
‫املســاطر واﻹﺟﺮاءات اﻹدارﻳﺔ أو الترسيــع مبراجعــة أو اعتــاد وتفعيــل قوانــن أخــرى تكتــي أهميــة خاصــة‬
‫كتلــك املرتبطــة مبنظومــة الترصيــح اإلجبــاري باملمتلــكات وتضــارب املصالــح واإلثـراء غــر املــروع ومراجعــة‬
‫منظومــة القانــون الجنــايئ وقانــون املســطرة الجنائيــة وغريهــا‪.‬‬
‫‪ -‬تقييم األثر‬
‫عــاوة عــى مــا ســبق‪ ،‬ومــن أجــل تعزيــز وترســيخ مقاربــة التدبــر الحديــث املبنــي عــى النتائــج يف مكافحــة‬
‫الفســاد‪ ،‬مــن الــروري تعزيــز مناهــج التقييــم وتوســيع مجالــه ليشــمل‪ ،‬باإلضافــة إىل الفعاليــة يف التنفيــذ‪،‬‬
‫األبعــاد األخــرى كالوجاهــة واالنســجام وقيــاس األثــر‪ ،‬واســتثامره كرافعــة لتحســن األداء وتوجيــه اتخــاذ القـرار‬
‫عــى أســس علميــة وبيانــات موثوقــة ومحينــة باســتمرار‪.‬‬
‫وعليــه‪ ،‬فقــد فتحــت الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا ورشــا هامــا لتعميــق البحــث‬
‫والدراســة يف موضــوع تقييــم أثــر االسـراتيجية الوطنيــة والسياســات ذات الصلــة عــى أســاس منهجيــة واضحــة‬
‫ضامنــة للموضوعيــة واالســتقاللية العلميــة‪ ،‬يف أفــق ربــط رشاكات مــع املختصــن والفاعلــن املعنيــن وعــرض‬
‫نتائــج هــذه الدراســة للنقــاش واالغنــاء‪.‬‬
‫‪ -‬التواصل‬
‫مــن أجــل تب ِّنيهــا ومتلكهــا مــن قبــل املواطنــن عامــة وفئــات املســتهدفني خاصــة‪ ،‬يتعــن إعطــاء انطالقــة‬
‫جديــدة لتوجيــه وتنســيق ومتايعــة تنفيــذ االسـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬ومواكبــة هــذه الديناميــة‬
‫بخطــة للتواصــل بشــكل أكــر وأنجــع حــول املشــاريع واإلنجــازات‪ ،‬مــع الحــرص عــى مصداقيــة هــذا التواصــل‬
‫وعــدم وجــود فجــوة بــن الخطــاب والواقــع امللمــوس لــدى املواطنــن والفاعلــن االقتصاديــن‪ ،‬كضامنــة لكســب‬
‫ثقــة املواطــن وانخراطــه وتحفيــز الفاعلــن املعنيــن مــن أجــل العمــل مبزيــد مــن الديناميــة والفعاليــة‪.‬‬
‫وعــى العمــوم‪ ،‬يبقــى الهــدف املنشــود مــن التقييــم‪ ،‬هــو بنــاء األســس األوىل للتحليــل وقاعــدة لتقييــم الوقــع‪،‬‬
‫ســواء عــى املســتوى املنهجــي أو عــى املســتوى التطبيقــي وفقــا للمعطيــات املتاحــة‪ ،‬وذلــك مــن أجــل تطويــر‬
‫ومتابعــة عــدد مــن املــؤرشات حــول وقــع االس ـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬بصفــة عامــة وبرامجهــا‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪110‬‬


‫ومشــاريعها املختلفــة بكيفيــة أكــر اســتهدافا‪ ،‬والتــي ســيتم تطويرهــا وإثراؤهــا مــن خــال عــدد مــن املــؤرشات‬
‫اإلضافيــة‪ ،‬مدعومــة باالنفتــاح عــى مصــادر أخــرى للمعطيــات وإج ـراء الدراســات واملســوحات املســتهدفة‬
‫عــى نطــاق أوســع‪.‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬خارطة طريق اللجنة الوطنية لتحسني مناخ األعامل ‪2026-2023‬‬
‫خــال االجتــاع األخــر للجنــة التقنيــة التابعــة للجنــة الوطنيــة ملنــاخ األعــال‪ ،‬تــم تقديــم خارطــة طريــق‬
‫لتحســن منــاخ األعــال كمســودة الس ـراتيجية تحســن منــاخ األعــال للفــرة املمتــدة مــن ‪ 2023‬إىل ‪2026‬‬
‫بهــدف اعتامدهــا يف االجتــاع الســنوي للجنــة الوطنيــة ملنــاخ األعــال برئاســة رئيــس الحكومــة‪.‬‬
‫ومــن املناســب التذكــر بأنــه يف إطــار انفتــاح اللجنــة الوطنيــة ملنــاخ األعــال عــى مقرتحــات املؤسســات‬
‫الوطنيــة املعنيــة يف أفــق إثـراء مــروع خارطــة الطريــق‪ ،‬تــم التفاعــل إيجابيــا مــع تأكيــد الهيئــة عــى العالقــة‬
‫الوطيــدة بــن منــاخ األعــال وجــودة الحكامــة والبيئــة املؤسســية للبلــد ومــا تتطلبــه هــذه العالقــة مــن‬
‫مجهــودات لتبســيط اإلج ـراءات ورفــع الحواجــز التــي تعــرض ســبيل املســتثمرين ورجــال األعــال يف تنميــة‬
‫أعاملهــم‪.‬‬
‫وأكــدت الهيئــة بهــذا الخصــوص عــى وجــود عالقــة قويــة بــن تأهيــل منــاخ األعــال يف بلــد مــا وقواعــد‬
‫األخالقيــات والنزاهــة التــي متيــزه‪ ،‬حيــث إن املــؤرشات الرئيســية املســتخدمة يف جميــع أنحــاء العــامل لتقييــم‬
‫جــودة منــاخ األعــال هــي مــؤرشات مركبــة‪ ،‬يتــم احتســابها برتجيــح عــدة مــؤرشات فرعيــة تغطــي أبعــادا‬
‫متنوعــة‪ ،‬منهــا االقتصاديــة والتنظيميــة والسياســية والقانونيــة واالجتامعيــة والبيئيــة واألخالقيــة وغريهــا‪ ،‬مــع‬
‫إجــاع التقاريــر املعنيــة برصــد ومقارنــة تطــور منــاخ األعــال عــى الصعيــد الــدويل عــى مراعــاة وإدراج بُعــد‬
‫النزاهــة والوقايــة مــن الفســاد يف حســاب املــؤرشات املســتخدمة يف تقييــم بيئــة األعــال وبالتــايل يف عمليــات‬
‫التنقيــط والتصنيــف املنبثقــة عنهــا‪.‬‬

‫كــا تفاعلــت اللجنــة الوطنيــة ملنــاخ األعــال‪ ،‬يف إطــار انفتاحهــا عــى آراء املؤسســات املعنيــة‪ ،‬مــع مقــرح‬
‫الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا بتعزيــز هــذه االسـراتيجية مــن خــال إضافــة ركيزة‬
‫رابعــة عرضانيــة تتعلــق بـــ "األخــاق والنزاهــة والوقايــة مــن الفســاد"‪ ،‬تتمحــور حــول ثالثــة محــاور أساســية‬
‫كــا هــو موضــح أدنــاه‪:‬‬

‫‪111‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫وفــق هــذه االختيــارات‪ ،‬ومــن أجــل ضــان االلتقائيــة والتكامــل بــن االسـراتيجيات‪ ،‬أكــدت الهيئة عــى رضورة‬
‫مــد جســور التقــارب مــع االسـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد واملســاهمة يف إنجــاز املشــاريع املربمجــة يف‬
‫هــذه االس ـراتيجية والتــي تســتجيب يف نفــس الوقــت ألهــداف إس ـراتيجية تحســن منــاخ األعــال‪ ،‬واق ـراح‬
‫مشــاريع جديــدة تغطــي أهــداف االسـراتيجيتني معــا‪.‬‬
‫مــن ناحيــة أخــرى‪ ،‬واعتبــارا ملهامهــا الدســتورية الجديــدة كــا هــو منصــوص عليهــا يف القانــون ‪ ،46.19‬فــإن‬
‫الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا مطالبــة بــأن تلعــب دو ًرا محف ـ ًزا وتوفــر الدعــم‬
‫الــازم‪ ،‬يف إطــار تحســن منــاخ األعــال‪ ،‬مــن أجــل تعزيــز النزاهــة ومكافحــة الفســاد يف القطــاع الخــاص كــا‬
‫يف عالقتــه مــع القطــاع العــام‪ .‬ويف هــذا االتجــاه‪ ،‬وجــب التذكــر مبــا تــم إنجــازه منــذ عــام ‪ 2019‬يف القطــاع‬
‫املــايل برشاكــة مــع مؤسســات الرقابــة املعنيــة (بنــك املغــرب وهيئــة مراقبــة التأمينــات واالحتيــاط االجتامعــي‬
‫والهيئــة املغربيــة لســوق الرســاميل)‪.‬‬
‫ويعطــي الجــدول أســفله نظــرة موجــزة عــن برنامــج العمــل املقــرح يف إطــار الدعامــة األفقيــة املتعلقــة‬
‫باألخالقيــات والنزاهــة والوقايــة مــن الفســاد‪:‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪112‬‬


‫‪113‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪114‬‬
‫القسم الثالث‬
‫الحكامة املؤسساتية للهيئة والرشوع‬
‫يف تفعيل االشتغال‬
‫وإنتاج القرار الجامعي ألجهزتها‬

‫‪115‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪116‬‬
‫الحكامة املؤسساتية للهيئة والرشوع يف تفعيل االشتغال‬
‫وإنتاج القرار الجامعي ألجهزتها‬
‫اعتمــد القانــون رقــم ‪ 46.19‬املتعلــق بالهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا مبــدأ‬
‫العضويــة يف الهيئــة اســتنادا إىل مواصفــات التجربــة والخــرة والكفــاءة والتجــرد والحيــاد واالســتقامة والنزاهــة‪،‬‬
‫عــى أســاس قاعــدة التعيــن‪ ،‬بشــكل متــوازن‪ ،‬مــن ِقبــل الســلط الثــاث األساســية؛ امللــك والحكومــة والربملــان‪،‬‬
‫ُمق ِّعــدا بذلــك لحكامــة مؤسســاتية تتــوزع فيهــا األدوار بشــكل مضبــوط بــن األجهــزة الرئيســية للهيئــة‪ ،‬املتمثلة‬
‫يف مجلــس الهيئــة والرئاســة مبســاعدة األمانــة العامــة واللجــان الدامئــة أو املؤقتــة‪.‬‬
‫عــى هــذا األســاس‪ ،‬نــص القانــون رقــم ‪ 46.19‬عــى تعيــن أربعــة أعضــاء مبقتــى ظهــر رشيــف‪ ،‬وأربعــة‬
‫أعضــاء مبقتــى مرســوم‪ ،‬وعضويــن مبقتــى ق ـرار لرئيــس مجلــس النــواب‪ ،‬وعضويــن مبقتــى ق ـرار لرئيــس‬
‫مجلــس املستشــارين‪ ،‬مؤكــدا عــى الســعي إىل تحقيــق مبــدأ املناصفــة بــن الرجــال والنســاء‪.‬‬
‫تفعيــا لهــذا املقتــى‪ ،‬ومواصلــة ملســار تفعيــل الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‬
‫الــذي ابتــدأ بتعيــن رئيســها الســيد محمــد بشــر الراشــدي عــى إثــر االســتقبال امللــي الــذي حظــي بــه يــوم‬
‫‪ 13‬دجنــر ‪ ،2018‬صــدر بــاغ الديــوان امللــي بتاريــخ ‪ 24‬أكتوبــر ‪ 2022‬الــذي تفضــل مــن خاللــه صاحــب‬
‫الجاللــة بتعيــن األعضــاء األربعــة ملجلــس الهيئــة وأمينهــا العــام‪ ،‬والــذي أعلــن فيــه أيضــا عــن أعضــاء مجلــس‬
‫الهيئــة املعينــن مــن قبــل رئيــس الحكومــة ورئيــي مجلــي الربملــان‪.49‬‬
‫وباكتــال هــذه التعيينــات‪ ،‬تكــون تركيبــة الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا قــد‬
‫اكتملــت معلنــة عــن دخــول القانــون رقــم ‪ 46.19‬حيــز التنفيــذ‪ ،‬تفعيــا ملقتــى املــادة ‪ 54‬منــه‪.‬‬
‫لتســليط الضــوء عــى آليــات مامرســة مهــام الهيئــة يف إطــار منظــم عــى أســاس توضيــح أدوار مختلــف‬
‫أجهزتهــا والق ـرارات املتخــذة‪ ،‬يســتظهر البــاب األول ضوابــط الحكامــة املؤسســاتية للهيئــة‪ ،‬وينــرف البــاب‬
‫الثــاين إىل رصــد املحطــات التأسيســية ألجهــزة الهيئــة‪ ،‬يف حــن يســتعرض البــاب الثالــث الحصيلــة العمليــة‬
‫لألجهــزة املك ِّونــة لهــذه الحكامــة املؤسســاتية‪.‬‬
‫الباب األول‪ :‬ضوابط الحكامة املؤسساتية للهيئة‬
‫اعتمــد القانــون رقــم ‪ 46.19‬تنظيــا مؤسســاتيا محكــا يضمــن النجاعــة والفعاليــة واملرشوعيــة يف اتخــاذ القرار؛‬
‫مبــا يتجــاوب مــع مبــدأ اســتقاللية الهيئــة‪ ،‬ويجســد متطلبــات التجــرد والحيــاد يف اتخــاذ قراراتهــا‪ ،‬ومبــا يراعــي‬
‫خصوصيــة صالحياتهــا يف املكافحــة ومــا تســتلزمه مــن تفاعــل آين ومســتمر لضــان اتخــاذ القـرار بخصــوص هذه‬
‫الصالحيــات بالنجاعــة والراهنيــة املطلوبــة‪ ،‬وذلــك يف إطــار مــن التــداول الضامــن للحيــاد واملوضوعيــة‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الحكامة املؤسساتية للهيئة وفق مقتضيات القانون رقم ‪46.19‬‬
‫ضبــط القانــون رقــم ‪ 46.19‬الحكامــة املؤسســاتية للهيئــة عــى أســاس مبــادئ املســؤولية والفصــل بــن مهــام‬
‫التوجيــه واملصادقــة واملراقبــة مــن جهــة‪ ،‬ومهــام التنفيــذ والتدبــر واإلنجــاز مــن جهــة ثانيــة‪ ،‬وذلــك وفــق‬
‫التوزيع اآليت‪:‬‬
‫‪ - 49‬تنظر الئحة السيدات والسادة األعضاء يف امللحق‬

‫‪117‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫• مجلــس الهيئــة املكــون مــن الرئيــس واألعضــاء اإلثنــي عــر (‪ ،)12‬والــذي يعتــر جهــازا تداوليــا وتقريريا‬
‫يضطلــع بصالحيــات واســعة تشــمل التوجيــه والتــداول والدراســة واملصادقة وإبــداء الــرأي والتتبع‪.‬‬
‫• رئيــس الهيئــة الــذي يتــوىل مهــام الرئاســة املتعــارف عليهــا‪ ،‬ورئاســة مجلــس الهيئــة‪ ،‬ومامرســة الســلطة‬
‫الرئاســية عــى جهــاز املأموريــن املكلفــن مبهــام تلقــي الشــكايات والتبليغــات والقيــام مبهــام البحــث والتحــري‪.‬‬
‫• اللجنــة التنفيذيــة‪ :‬لجنــة دامئــة مكونــة مــن الرئيــس وثالثــة نــواب يعينهــم املجلــس مــن بــن أعضائــه‪،‬‬
‫وتضطلــع باتخــاذ قـرار التصــدي التلقــايئ لحــاالت الفســاد‪ ،‬وبدراســة ملفــات القضايــا املتعلقــة بحــاالت‬
‫الفســاد املعروضــة عليهــا مــن ِقبــل الرئيــس‪ ،‬واتخــاذ القـرارات املتعلقــة بهــا باســم املجلــس‪..‬‬
‫• األمــن العــام للهيئــة الــذي يــرف‪ ،‬تحــت ســلطة الرئيــس‪ ،‬عــى الهيــاكل اإلداريــة للهيئــة‪ ،‬كــا يتــوىل‬
‫مســاعدة الرئيــس يف االضطــاع مبهامــه‪.‬‬
‫ـس الهيئــة مــن أجــل مســاعدته عــى‬ ‫• اللجــان الدامئــة أو املؤقتــة التــي ميكــن أن يحدثهــا لديــه مجلـ ُ‬
‫القيــام مبهامــه‪ ،‬عــى الخصــوص لالضطــاع بدراســة واقـراح التوجهــات ومواكبــة تطويــر العمــل بخصــوص‬
‫املواضيــع املوكولــة لهــا مــن طرفــه‪.‬‬
‫• مرصــد الهيئــة الــذي يضطلــع بتعميــق املعرفــة املوضوعيــة بظاهــرة الفســاد‪ ،‬وبتتبــع وتقييــم فعاليــة‬
‫وأثــر االس ـراتيجيات والسياســات العموميــة املعتمــدة‪ ،‬ومواكبــة التدابــر املتخــذة يف هــذا املجــال‪.‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬تنزيل النظام الداخيل ملقتضيات القانون الخاصة بالحكامة املؤسساتية للهيئة‬
‫جــاءت مقتضيــات النظــام الداخــي املتعلقــة بتنظيــم وتحديــد آليــات اشــتغال أجهــزة الهيئــة مســتجيبة لتنزيل‬
‫مقتضيــات القانــون ‪ 46.19‬يف تثبيــت حكامــة مؤسســاتية مبنيــة عــى مبــادئ املســؤولية وارتبــاط األدوار؛ حيــث‬
‫يحتــل فيهــا مجلــس الهيئــة موقعــا توجيهيــا وتقريريــا‪ ،‬يخولــه صالحيــات املداولــة واملصادقــة وتتبــع إنجــاز‬
‫التوجهــات والقـرارات التــي متــت املصادقــة عليهــا‪ .‬كــا يدقــق النظــام الداخــي أيضــا املهــام الحرصيــة التــي‬
‫تضطلــع بهــا اللجنــة التنفيذيــة والدامئــة املكونــة مــن الرئيــس ونوابــه املعينــن مــن ِقبــل املجلــس‪ ،‬يف مجــال‬
‫التــداول واتخــاذ القـرارات بخصــوص ملفــات الفســاد املعروضــة عليهــا مــن قبــل الرئيــس عــى أســاس التقاريــر‬
‫واملحــارض التــي يعدهــا مأمــورو الهيئــة‪ .‬ويحــدد النظــام الداخــي أيضــا مجــال ورشوط توســيع اختصاصــات‬
‫نــواب الرئيــس التــي ميكــن لهــذا األخــر أن يوكلهــا لــكل نائــب مــع تحديــد رشوط وقواعــد إدارة العالقــة بينهــم‬
‫وبــن أطقــم الهيئــة‪ .‬وباملــوازاة‪ ،‬يوضــح النظــام الداخــي الــدور املحــوري لرئيــس الهيئــة‪ ،‬املنــوط بــه القيــام‬
‫مبهــام الرئاســة املتعــارف عليهــا‪ ،‬واملتمثلــة يف التمتــع بالســلط والصالحيــات الرضوريــة إلدارة وتســيري شــؤون‬
‫الهيئــة وضــان حســن ســرها‪.‬‬
‫كــا توجهــت مقتضيــات النظــام الداخــي إىل ضبــط مجــال اضطــاع األمــن العــام بالصالحيــات املخولــة لــه‬
‫عــى مســتوى الســهر عــى حســن ســر إدارة الهيئــة‪ ،‬وتنســيق أنشــطة مصالحهــا‪ ،‬والعمــل عــى مســك وثائقهــا‬
‫ومســتنداتها غــر املتعلقــة بالتبليغــات والشــكايات واملعلومــات املتعلقــة مبلفــات الفســاد‪ ،‬والســهر عــى‬
‫حفظهــا‪ ،‬وكــذا ضبــط الهيكلــة اإلداريــة والوظيفيــة للهيئــة التــي تغطــي كل االختصاصــات التــي أناطهــا بهــا‬
‫القانــون رقــم ‪ ،46.19‬باإلضافــة إىل وضــع ضوابــط التنظيــم املــايل للهيئــة‪ ،‬التــي تغطــي مشــموالت امليزانيــة‪،‬‬
‫ومســطرة املصادقــة عليهــا‪ ،‬ونظــام الشســاعة‪ ،‬ومنظومــة تدبــر مواردهــا البرشيــة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪118‬‬


‫وأفــرد النظــام الداخــي أيضــا مقتضيــات تنظيميــة توفــر للمرصــد الــذي يعتــر أحــد أجهــزة الهيئــة فــرص‬
‫االضطــاع بفعاليــة مبهامــه يف تعميــق املعرفــة بوضــع الفســاد ومتظهراتــه وتتبــع تطــوره‪ ،‬وتقييــم وتتبــع فعاليــة‬
‫وأثــر االسـراتيجيات والسياســات يف هــذا املجــال‪ ،‬مــع تثبيــت مبــدأ النهــوض بـراكات املرصــد وانفتاحــه عــى‬
‫محيطــه الوطنــي والــدويل‪ ،‬بهــدف تعزيــز مصــادره وقدراتــه املعلوماتيــة وتطويــر مناهجــه العلميــة واملنهجيــة‪،‬‬
‫وتعبئــة الفاعلــن واملهتمــن مبجــال تدخلــه‪.‬‬
‫وفــق هــذا التكامــل بــن مقتضيــات القانــون املؤطــرة ألجهــزة الهيئــة ومقتضيــات النظــام الداخــي املنظمــة‬
‫ألحــكام القانــون‪ ،‬انــرف املجهــود التأســييس ألجهــزة الهيئــة نحــو تثبيــت املســار العمــي املضبــوط ملامرســة‬
‫مســتحضا مبــدأ االنضبــاط ملطلــب املــزج الدقيــق بــن متطلبــات املشــاركة‬ ‫ِ‬ ‫الهيئــة لصالحياتهــا القانونيــة‪،‬‬
‫الفعالــة لــكل املكونــات‪ ،‬مــن جهــة‪ ،‬ومســتلزمات التناســق والتكامــل فيــا بينهــا‪ ،‬مــن جهــة ثانيــة؛ مبــا يُوفــر‬
‫الدعامــات الالزمــة إلذكاء ديناميــة االضطــاع التــداويل باملهــام املنوطــة بالهيئــة يف اتجــاه تحقيــق أهدافهــا‬
‫االسـراتيجية‪ ،‬مــع تحصــن مزاولــة أجهزتهــا لهــذه املهــام بضوابــط الحكامــة املؤسســاتية القامئــة عىل املســؤولية‬
‫وااللت ـزام وااللتقائيــة والتعــاون يف ظــل صــون املجــاالت املحفوظــة لــكل جهــاز‪.‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬املحطات التأسيسية ألجهزة الهيئة‬
‫تجاوبــا مــع دخــول الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا حيــز التنفيــذ بعــد صــدور بــاغ‬
‫الديــوان امللــي الصــادر يف ‪ 24‬أكتوبــر ‪ 2022‬والقــايض بتعيــن أعضــاء مجلســها وأمينهــا العــام‪ ،‬بــارشت الهيئــة‬
‫عمليــة إرســاء اآلليــات التأسيســية ووضــع القواعــد التنظيميــة لعملهــا؛ حيــث عــرف شــهرا نونــر ودجنــر مــن‬
‫ســنة ‪ 2022‬عقــد ثالثــة (‪ )3‬اجتامعــات ملجلــس الهيئــة‪ ،‬تــم خاللهــا تنصيــب أجهــزة الهيئــة‪ ،‬وإق ـرار إطارهــا‬
‫الهيــكيل والتنظيمــي‪ ،‬واعتــاد ميزانيتهــا برســم ســنة ‪ ،2023‬ودراســة مــروع نظامهــا الداخــي واملصادقــة‬
‫عليــه‪ ،‬وكــذا دراســة مــروع النظــام األســايس ملواردهــا البرشيــة واملصادقــة عليــه‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬أداء اليمني القانونية من طرف أعضاء الهيئة وانعقاد أول اجتامع ملجلسها‬
‫مبــارشة بعــد تعيــن أعضــاء الهيئــة وأمينهــا العــام‪ ،‬وضامنــا الســتيفاء مقومــات املركــز القانــوين ألعضــاء الهيئــة‪،‬‬
‫والــذي يؤهلهــم لالضطــاع‪ ،‬طبقــا للقانــون رقــم ‪ ،46.19‬باملهــام والصالحيــات املنوطــة بهــم‪ ،‬انعقــدت مبحكمــة‬
‫النقــض يــوم الثالثــاء فاتــح نونــر ‪ 2022‬جلســة رســمية خصصــت ألداء اليمــن القانونية مــن طرف هــؤالء األعضاء‪.‬‬
‫بعــد ذلــك‪ ،‬تــم يف نفــس اليــوم عقــد االجتــاع األول ملجلــس الهيئــة؛ حيــث تــم تنصيــب املجلــس وتقديــم‬
‫األعضــاء‪ ،‬كــا ذكَّــر الرئيــس بالنصــوص املرجعيــة للهيئــة‪ ،‬التــي تشــمل املقتضيــات الدســتورية والتوجيهــات‬
‫امللكيــة والقانــون رقــم ‪ ،46.19‬وق ـ َّدم نظــرة عامــة عــى األعــال التأسيســية املنجــزة خــال الفــرة االنتقاليــة‬
‫التــي غطــت املــدة الزمنيــة الفاصلــة بــن تعيينــه رئيســا للهيئــة بتاريــخ ‪ 13‬دجنــر ‪ 2018‬وتعيــن األعضــاء‬
‫واألمــن العــام بتاريــخ ‪ 24‬أكتوبــر ‪.2022‬‬
‫عــى إثــر انتهــاء أشــغال املجلــس‪ ،‬عقــد رئيــس الهيئــة‪ ،‬مرفوقــا بأعضــاء مجلســها وأمينهــا العــام‪ ،‬نــدوة صحفيــة‬
‫ـس الهيئــة أعضا َءهــا وأمينهــا العــام لوســائل اإلعــام‪ ،‬مؤكــدا اكتــال مقومــات‬ ‫مبقــر الهيئــة‪ ،‬ق ـ َّدم خاللهــا رئيـ ُ‬
‫التفعيــل الناجــح لهــذه الهيئــة الدســتورية بفضــل توفرهــا عــى مجلــس مكــون مــن كفــاءات ذات خــرة‬
‫عاليــة بفضــل مــا راكمتــه مــن تجــارب متعــددة ومتنوعــة‪ ،‬باإلضافــة إىل الســمعة التــي تتمتــع بهــا ســواء‬
‫عــى املســتويات املهنيــة أو األكادمييــة أو عــى مســتوى إســهاماتها يف مجــال العمــل املــدين‪ُ ،‬مق ِّدمــا لوســائل‬
‫‪119‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫اإلعــام‪ ،‬بهــذا الخصــوص‪ ،‬ملفــا صحفيــا يتضمــن نبــذة عــن املســار العلمــي واملهنــي لهــؤالء األعضــاء ولألمــن‬
‫العــام‪ ،‬والفتــا االنتبــاه إىل كــون الهيئــة‪ ،‬مــن خــال تركيبتهــا الحاليــة‪ ،‬تعتــر أول هيئــة دســتورية تحقــق مبــدأ‬
‫املناصفــة التامــة يف تشــكيلة مجلســها‪.‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬تعيني النواب الثالثة للرئيس (اللجنة التنفيذية) وإحداث اللجان الدامئة‬
‫خــال االجتــاع الثالــث للمجلــس املنعقــد يــوم ‪ 16‬دجنــر ‪ ،2022‬وبعــد املصادقــة عىل النظــام الداخــي للهيئة‪،‬‬
‫أعلــن الســيد الرئيــس افتتــاح الحصــة املخصصــة لتعيــن نــواب الرئيــس طبقــا للــادة ‪ 33‬مــن النظــام الداخــي‬
‫املصــادق عليــه؛ مذكـرا‪ ،‬عــى الخصــوص‪ ،‬مبســاطر الرتشــيح املنصــوص عليهــا يف النظــام الداخــي‪ ،‬ومؤكــدا عــى‬
‫أن الهــدف هــو الســعي إىل التوافــق حــول تعيــن أعضــاء اللجنــة‪ ،‬مــع إمكانيــة اللجــوء إىل االقـراع الــري يف‬
‫حالــة غيــاب هــذا التوافــق‪.‬‬
‫بعــد ذلــك‪ ،‬تــم فتــح بــاب الرتشــيح أمــام الســيدات والســادة األعضــاء‪ ،‬حيــث أفــرز االقـراع كال مــن الســيدة‬
‫ناديــة عنــوز والســيدين عبــد الخالــق الشــايش ورشــيد املــدور‪ ،‬كنــواب لرئيــس الهيئــة‪.‬‬
‫وخــال نفــس هــذا االجتــاع‪ ،‬تقــرر تأليــف اللجــان الدامئــة طبقــا ملــا نصــت عليــه املــادة ‪ 94‬مــن النظــام‬
‫الداخــي‪ ،‬مــع مراعــاة مقتضيــات املــادة ‪ 50‬مــن هــذا النظــام املتعلقــة بــروط تأليــف هــذه اللجــان‬
‫وااللتزامــات املرتتبــة عــن عضويتهــا‪.50‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬الحصيلة العملية ألجهزة الهيئة خالل سنة ‪2202‬‬
‫استشــعارا بــرورة االســتثامر اإليجــايب للعامــل الزمنــي يف تنزيــل الصالحيــات القانونيــة للهيئــة‪ ،‬انخرطــت‬
‫أجهــزة الهيئــة بــكل مكوناتهــا‪ ،‬مجلســا ورئاســة ولجنــة تنفيذيــة ولجانــا موضوعيــة دامئــة ومرصــدا وأمينــا‬
‫عامــا‪ ،‬يف مبــارشة مهامهــا وفــق مبــادئ الحكامــة املؤسســاتية التــي تنهــض عــى االلتقائيــة والتكامــل وتضافــر‬
‫جهــود الجميــع‪ ،‬بهــدف إعطــاء انطالقــة متامســكة ومندمجــة لعمــل الهيئــة‪ ،‬تُوفِّــر أرضيــة صلبــة لضــان‬
‫مســاهمتها الناجعــة يف تحقيــق تحــول عميــق يف مجــال الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه ببالدنــا‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مجلس الهيئة واالضطالع بصالحيات إقرار قواعد التأسيس‬
‫تشــبعا بعزميــة االنخ ـراط اآلين يف تثبيــت قواعــد عمــل الهيئــة‪ ،‬متكــن مجلــس الهيئــة‪ ،‬خــال مــدة شــهرين‬
‫مــن ســنة ‪ ،51،2022‬مــن إرســاء الثوابــت التأسيســية لعمــل الهيئــة‪ ،‬وإلباســها الصبغــة القانونيــة التــي منحهــا‬
‫القانــون رقــم ‪ 46.19‬لهــذا املجلــس عــر صالحيــة الدراســة والتــداول واإلق ـرار واملصادقــة‪ .‬وتتمثــل األعــال‬
‫املنجــزة خــال الفــرة املذكــورة فيــا يــي‪:‬‬
‫‪ -1‬إقرار اإلطار الهيكيل والتنظيمي للهيئة‬
‫تــم خــال االجتــاع الثــاين ملجلــس الهيئــة املنعقــد يــوم ‪ 13‬نونــر ‪ 2022‬دراســة ومناقشــة مــروع الهيــكل‬
‫التنظيمــي للهيئــة بعــد االســتامع إىل عــرض مفصــل قُ ِّدمــت خاللــه املقاربــة املعتمــدة يف إعــداده‪ ،‬والتــي ســعت‬
‫إىل أن يكــون شــامال وضامنــا للفعاليــة والتكامــل املفصــي الختصاصــات ومهــام الهيئة املحــددة يف القانــون ‪.46.19‬‬
‫وقــد متــت املصادقــة عــى هــذا املــروع بعــد أن اســتأثر مبناقشــة وافيــة مــن طــرف الســيدات والســادة‬
‫‪ - 50‬تنظر الئحة اللجان املوضوعاتية وأعضائها ومنسقيها يف امللحق‬
‫‪ - 51‬نونرب ودجنرب‪ ،‬اعتبارا لكون تعيني األعضاء واألمني العام تم يوم ‪ 24‬أكتوبر ‪ ،2022‬كام سبق توضيحه‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪120‬‬


‫األعضــاء الذيــن أدلــوا مبالحظاتهــم واقرتاحاتهــم مــن أجــل تجويــده وتعزيــز انســجامه ومتاســكه‪.‬‬
‫ويهــدف هــذا النظــام‪ ،‬الــذي اســتند إىل دراســة مقارنــة دقيقــة شــملت االســتفادة مــن خــرة ســت مؤسســات‬
‫وطنيــة واالطــاع عــى املامرســات الفضــى لســبع منظــات دوليــة مامثلــة‪ ،‬إىل ضــان انســجام تنظيــم الهيئــة‬
‫وأعاملهــا مــع رؤيتهــا ومحــاور عملهــا االس ـراتيجية‪ ،‬والحصــول عــى تنظيــم حديــث وناجــع‪ ،‬والتوفــر عــى‬
‫إطــار مرجعــي يشــمل مختلــف الجوانــب التنظيميــة‪.‬‬
‫واســترشافا إلطــار تنظيمــي مرجعــي متكامــل ومحــن‪ ،‬اعتمــدت الدراســة عــى مجموعــة مــن املكونــات‬
‫املرجعيــة املتمثلــة أساســا يف النظــام الداخــي الــذي ينظــم ويحــدد آليات اشــتغال الهيئــة بجميــع هياكلها‪ ،‬ويف‬
‫النظــام األســايس الخــاص باملــوارد البرشيــة الحاليــة واملرتقبــة للهيئــة‪ ،‬ويف دليــل مســاطر الهيئــة الكفيــل بضبــط‬
‫طــرق العمــل وتوصيــف إجراءاتهــا التفصيليــة‪ ،‬متطلعــة إىل إرســاء هيكلــة تنظيميــة واضحــة تســلط الضــوء‬
‫عــى الهيــاكل ومهامهــا والروابــط والعالقــات التــي تجمــع بينهــا‪ ،‬مــع وصــف وظيفــي لتحديــد املســؤوليات‬
‫واملهــام وألهــداف املتوقعــة مــن حيــث النتائــج وكــذا مــؤرشات تقييــم النجاعــة مــع تحديــد الكفــاءات الالزمة‪.‬‬
‫وقــد أفضــت هــذه الدراســة إىل اعتــاد هيكلــة تنظيميــة للهيئــة تتمحــور حــول تســعة أقطــاب تشــمل قطــب‬
‫مرصــد الهيئــة‪ ،‬وقطــب النزاهــة والتعبئــة والتواصــل‪ ،‬وقطــب الحكامــة والوقايــة مــن الفســاد‪ ،‬وقطــب محاربة‬
‫الفســاد‪ ،‬وقطــب املقــرر العــام‪ ،‬وقطــب التنميــة والتعــاون‪ ،‬وقطــب التحــول الرقمــي والتنظيــم واالبتــكار‪،‬‬
‫وقطــب املاليــة والشــؤون العامــة‪ ،‬وقطــب التدقيــق ومراقبــة التدبــر‪.‬‬
‫ويعطــي امللحــق ‪ 6‬نظــرة مقتضبــة عــن مهــام هــذه األقطــاب‪ ،‬فيــا يلقــي الجــدول التــايل نظــرة شــمولية عــى‬
‫الهيــكل التنظيمــي للهيئة‪.‬‬
‫اﻟﻬﻴﻜﻞ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻲ‬

‫اﻟﺮﺋ‪h‬ﺲ‬ ‫ا‪Pj‬ﻠﺲ‬
‫ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺒﺤﺚ واﻟﺘﺤﺮي‬
‫اﻟﺪﻳﻮان‬
‫اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ واﻟﻜﺸﻒ‬ ‫ﻣﺤﺎر‪k‬ﺔ اﻟﻔﺴﺎد‬
‫اﻟﺘﺪﻗﻴﻖ وﻣﺮ اﻗﺒﺔ اﻟﺘﺪﺑ?‪$‬‬ ‫اﻟﺘﺪﻗﻴﻖ‬
‫اﻟﺘﺒﻠﻴﻐﺎت واﻟﺸ‪J‬ﺎﻳﺎت‬
‫اﳌﻘﺮر اﻟﻌﺎم‬
‫اﻟﻴﻘﻈﺔ وﺗﺤﻠﻴﻞ اﳌﻌﻄﻴﺎت‬ ‫اﻷﻣ?ن اﻟﻌﺎم‬
‫اﻟﻴﻘﻈﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ‬
‫اﻟﺪراﺳﺎت واﻷﺑﺤﺎث واﻟ‪V‬ﺸﺮ‬ ‫اﳌﺮﺻﺪ‬ ‫وﺗ‪x‬ﺒﻊ اﳌﻌﺎ‪b‬ﺪات اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬

‫اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ واﳌﺆﺷﺮات‬ ‫اﳌﻌﺎ‪b‬ﺪات اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬

‫اﻟﺘﺤﻮل اﻟﺮﻗ‪ FE‬واﻟﺘﻨﻈﻴﻢ‬


‫اﻟ‪@a‬ا‪b‬ﺔ واﻟﺘﻌﺒﺌﺔ واﻟﺘﻮاﺻﻞ‬ ‫ا‪JfO‬ﺎﻣﺔ واﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺴﺎد‬ ‫اﻟﺘﻌﺎون واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ‬ ‫اﳌﺎﻟﻴﺔ واﻟﺸﺆون اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫واﻻﺑﺘ‪J‬ﺎر‬

‫اﻟﺘﻮﺟ[ﺎت اﻻﺳ‪ $#‬اﺗﻴﺠﻴﺔ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ‬ ‫اﻟﺘﻌﺎون واﻟﺸﺮا‪R‬ﺎت‬


‫اﻟ‪$#‬ﺑﻴﺔ واﻟﺘﻜﻮ‪-‬ﻦ‬ ‫اﻷﻧﻈﻤﺔ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻴﺔ‬ ‫ﺗﻨﻤﻴﺔ اﳌﻮارد اﻟ=ﺸﺮ‪-‬ﺔ‬
‫اﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﺴﺎد وﻣ‪J‬ﺎﻓﺤﺘﮫ‬ ‫اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻟﺪوﻟﻴﺔ‬

‫اﻹﻋﻼم واﳌﻮاﻃﻨ?ن وا‪Pj‬ﺘﻤﻊ اﳌﺪ‪v‬ﻲ‬ ‫ﺗ‪V‬ﺴﻴﻖ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ‬ ‫اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ‬ ‫اﻟﺒﺤﺚ واﻻﺑﺘ‪J‬ﺎر‬ ‫اﳌ?@ اﻧﻴﺔ واﳌﻮارد اﳌﺎﻟﻴﺔ‬

‫اﻟﺘﻮاﺻﻞ‬ ‫ﻗﻄﺐ )‪Pôle (9‬‬ ‫اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ وا‪PO‬ﻮدة‬


‫ﻣﺪﻳﺮ‪-‬ﺔ ﻓﺮﻋﻴﺔ )‪Sous-direction (4‬‬
‫ﺷﻌﺒﺔ )‪Département (17‬‬
‫‪1‬‬

‫‪121‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫‪ -2‬مناقشة مرشوع ميزانية الهيئة برسم سنة ‪ 2023‬واملصادقة عليه‬
‫تــم خــال االجتــاع الثــاين ملجلــس الهيئــة املنعقــد يــوم ‪ 13‬نونــر ‪ 2022‬دراســة ومناقشــة مــروع ميزانيــة‬
‫الهيئــة برســم ســنة ‪ .2023‬وجديــر بالتذكــر أن الهيئــة اعتمــدت يف إعــداد مــروع امليزانيــة متعــددة الســنوات‬
‫(‪ )2025-2023‬وبرمجــة املشــاريع برســم ســنة ‪ ،2023‬مقاربــة مندمجــة تتأســس عــى ســتة محــاور مفصليــة‬
‫ومرتابطــة لهيكلــة عمــل ومهــام الهيئــة‪ ،‬تَــم ترصيفهــا يف مجموعــة مــن املشــاريع واإلجـراءات التــي تغطــي كل‬
‫محــور مــن املحــاور الســتة‪ ،‬مــع االســتناد يف إعــداد مــروع ميزانيــة الهيئــة عــى مفهــوم نجاعــة األداء‪ ،‬وعــى‬
‫تحديــد الحاجيــات مــن املــوارد املاليــة بنــاء عــى متطلبــات تفعيــل املخطــط االس ـراتيجي وإنجــاز مشــاريع‬
‫برنامــج العمــل ارتباطــا باألهــداف املحــددة وعــى أســاس مــؤرشات القيــاس املســتهدف تحقيقهــا‪ ،‬وصــوال يف‬
‫ومؤسســة عــى االعتــادات الالزمــة لتمويــل‬
‫َ‬ ‫األخــر اىل تهيــيء ميزانيــة ممتــدة عــى الســنوات الثــاث املعنيــة‪،‬‬
‫االســتثامرات واملشــاريع واملــوارد البرشيــة ومســتلزمات التســيري املتوقعــة إلنجــاز هــذا املخطــط‪.‬‬
‫كــا يســتند مــروع ميزانيــة الهيئــة متعــددة الســنوات عــى آليــات مواكِبــة ودا ِعمــة كفيلــة بتمكــن الهيئــة‬
‫مــن القيــام مبهامهــا عــى الوجــه األمثــل وتحقيــق األهــداف املرســومة لهــا‪ ،‬وفــق مــا هــو موضــح يف الجــدول‬
‫املــوايل‪:‬‬

‫ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺪﻋﻢ واﳌﻮاﻛﺒﺔ‬

‫مؤسســة عــى غــاف مــايل يفــوق ‪197‬‬‫عــى أســاس هــذه املحــددات‪ ،‬جــاءت ميزانيــة الهيئــة برســم ‪َّ 2023‬‬
‫مليــون درهــم‪ ،‬موزعــة بــن ميزانيــة املعــدات والنفقــات املختلفــة مبــا يفــوق ‪ 46‬مليــون درهــم‪ ،‬وميزانيــة‬
‫االســتثامر مبــا يفــوق ‪ 81‬مليــون درهــم‪ ،‬وكتلــة أجــور تقــدر ب ‪ 70‬مليــون درهــم إلحــداث ‪ 105‬منصــب مــايل‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪122‬‬


‫‪ -3‬دراسة مرشوع النظام الداخيل للهيئة واملصادقة عليه‬
‫تفعيــا ملقتضيــات القانــون رقــم ‪ ،46.19‬ال ســيام مــواده ‪ ،40 ،20 ،17 ،13 ،12‬و‪ ،44‬باعتبارهــا املــواد املؤطــرة‬
‫للنظــام الداخــي للهيئــة‪ ،‬والــذي يضبــط اآلليــات التنظيميــة لعملهــا وكيفيــات ســر أجهزتهــا واللجــان التابعــة‬
‫لهــا‪ ،‬ومســاطر وإجـراءات معالجتهــا للشــكايات والتبليغــات واملعلومــات التــي تتلقاهــا‪ ،‬ونظــام إدارتهــا‪ ،‬صــادق‬
‫مجلــس الهيئــة عــى الصيغــة النهائيــة لهــذا النظــام‪ ،‬بعــد مناقشــة مســتفيضة للمــروع التــي تــم إعــداده‬
‫وتقدميــه مــن طــرف الرئيــس خــال الدورتــن الثانيــة والثالثــة للمجلــس املنعقدتــن عــى التــوايل يومــي‬
‫‪ 13‬نوفمــر و‪ 16‬دجنــر ‪ ،2022‬وبعدمــا تــم اعتــاد وإدراج مجموعــة مهمــة مــن التعديــات والتنقيحــات‬
‫واالقرتاحــات التــي تــروم تدقيــق وتجويــد هــذا النــص املرجعــي‪.‬‬
‫وللتذكــر‪ ،‬فالنظــام الداخــي للهيئــة يشــكل الوثيقــة املرجعيــة التــي أســند املــرع لرئيــس الهيئــة إعدادهــا‬
‫وملجلســها املصادقــة عليهــا وإقرارهــا‪ ،‬بغايــة الترصيــف الدقيــق واملوضوعــي لالختصاصــات القانونيــة التــي‬
‫خولهــا القانــون رقــم ‪ 46.19‬لهــذه الهيئــة‪ .‬كــا يعتــر اآلليــة التنظيميــة التــي تحــدد‪ ،‬طبقــا للقانــون‪ ،‬املهــام‬
‫والصالحيــات املمنوحــة لــكل جهــاز مــن أجهــزة الهيئــة‪ ،‬وتضبــط العالقــات التــي تربــط بينهــا وكــذا آليــات‬
‫تدبريهــا؛ مبــا يقتضيــه األمــر مــن إحــكام حلقــات القانــون باملســتلزمات التنظيميــة الكفيلــة بــإذكاء الفاعليــة‬
‫والتطبيــق يف مقتضيــات الترشيــع؛ تحقيقــا للنجاعــة واألمــن القانــوين املنشــود‪.52‬‬
‫‪ -4‬دراسة مرشوع النظام األسايس للموارد البرشية للهيئة واملصادقة عليه‬
‫تدعيــا ملنظــور الهيئــة يف التوفــر عــى الكفــاءات املؤهلــة لالضطــاع‪ ،‬بالنجاعــة والفعاليــة‪ ،‬باملهــام الكميــة‬
‫والنوعيــة التــي أوكلهــا إليهــا القانــون رقــم ‪ ،46.19‬صــادق مجلــس الهيئــة‪ ،‬خــال اجتامعــه الثــاين املنعقــد يــوم‬
‫‪ 13‬نونــر ‪ ،2022‬عــى مــروع النظــام األســايس للمــوارد البرشيــة العاملــة بالهيئــة‪ ،‬والــذي تــم إعــداده مــن‬
‫طــرف الرئيــس بتنســيق مــع الســلطة الحكوميــة املكلفــة باملاليــة‪.‬‬
‫ويــأيت النظــام األســايس الخــاص باملــوارد البرشيــة العاملــة بالهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة‬
‫ومحاربتهــا لِيجســد صالحيــة الهيئــة يف وضــع نظــام وآليــات تدبــر مواردهــا البرشيــة توافقــا مــع مقومــات‬
‫الشــخصية االعتباريــة واالســتقالل املــايل واإلداري املمنــوح لهــا‪ ،‬مــن جهــة‪ ،‬ولِ ُيفســح املجــال أمامهــا للتوفــر عــى‬
‫الكفــاءات والخـرات التــي تســتلزمها تغطيــة املهــام الكميــة والنوعيــة التــي أوكلهــا إليهــا القانــون رقــم ‪،46.19‬‬
‫مــع تَ لُّــك آليــات تدبريهــا وتأطريهــا مبقتضيــات تتــاءم مــع متطلبــات النجاعــة والفعاليــة يف النهــوض بهــذه‬
‫املهــام مــن جهــة ثانيــة‪.‬‬
‫تجاوبــا مــع هــذه األبعــاد املرجعيــة‪ ،‬جــاء هــذا النظــام مؤطَّـرا مبنظــور شــمويل يســتوعب‪ ،‬باإلضافــة إىل املــواد‬
‫ـات املتعــارف عليهــا يف تأطــر الحقــوق والواجبــات وتنظيــم‬ ‫املنظِّمــة للمســار الوظيفــي لهــذه املــوارد‪ ،‬املقتضيـ ِ‬
‫الوضعيــات وإقـرار النظــام التأديبــي‪ ،‬تثبيتــا لتكامــل هــذا النظــام وتحصــن اســتقالليته عــى مســتوى اإلعــداد‬
‫مؤسســا إلطــار وظيفــي ينهــض عــى اإلعــاء مــن مبــادئ األداء واإلنجــاز والتقييــم‬ ‫واملصادقــة‪ ،‬كــا جــاء ِّ‬
‫واالســتحقاق‪ ،‬تفاعــا مــع خصوصيــات الهيئــة واملجهــودات املنتظــرة مــن مواردهــا البرشيــة‪ .‬ويــروم وضــع‬
‫هــذا النظــام األســايس خلــق إطــار ذي جاذبيــة‪ ،‬محفــز وضامــن لــروط اســتقطاب الخــرات والكفــاءات‬
‫العاليــة وتنميــة الطاقــات ومواكبــة بــروز مهــارات متطــورة قــادرة عــى مواجهــة التحديــات التــي تفرضهــا‬
‫مهــام الهيئــة‪.53‬‬
‫‪ - 52‬تنظر ديباجة النظام الداخيل يف امللحق‬
‫‪ - 53‬تنظر ديباجة النظام األسايس للموارد البرشية يف امللحق‬

‫‪123‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫‪ -5‬املصادقــة عــى مــروع االتفاقيــة املوقعــة مــع وزارة الشــؤون الخارجيــة والتعــاون اإلفريقــي‬
‫واملغاربــة املقيمــن بالخــارج‬
‫اســتحضارا للبعــد الــدويل لــورش مكافحــة الفســاد‪ ،‬ومــا يقتضيــه مــن متطلبــات االنخـراط يف املنظومــة الدوليــة‬
‫التــي بــات هــذا الــورش يوجــد يف صلــب ”أجندتهــا“ التــي تؤطــر العالقــات الثنائيــة واملتعــددة األطـراف بــن‬
‫الــدول‪ ،.‬أوكل القانــون رقــم ‪ 46.19‬للهيئــة مجموعــة مــن الصالحيــات التــي متنــح لهــذه املؤسســة الوطنيــة‬
‫دورا حيويــا يف تعزيــز انخــراط املغــرب ومالءمتــه مــع التوجهــات العامليــة املبذولــة للوقايــة مــن الفســاد‬
‫ومكافحتــه؛ حيــث تضطلــع‪ ،‬عــى الخصــوص‪ ،‬بصالحيــة تنســيق األعــال التحضرييــة ملشــاركة اململكــة املغربيــة‬
‫يف التظاهـرات وامللتقيــات واالجتامعــات الدوليــة واإلقليميــة املتعلقــة بقضايــا الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪،‬‬
‫ومبهمــة تقديــم التوصيــات إىل الســلطات املختصــة مــن أجــل تيســر مواصلــة مصادقــة اململكة عــى االتفاقيات‬
‫واملعاهــدات الدوليــة واإلقليميــة ذات الصلــة أو االنضــام إليهــا‪ ،‬وبالقيــام بأعــال التنســيق والتتبــع لتنفيــذ‬
‫االلتزامــات الدوليــة للمملكــة ذات الصلــة وبتقييــم التقاريــر الصــادرة عــن املنظــات الدوليــة واإلقليميــة‬
‫والوطنيــة وتقديــم التوصيــات بخصوصهــا ومتابعــة وتنســيق تفعيلهــا‪.‬‬
‫ضامنــا للتنزيــل الســليم لهــذه الصالحيــات‪ ،‬واقتناعــا مــن الهيئــة بــرورة تدقيــق نطــاق ومجــال وآليــات‬
‫التشــاور والتنســيق لالضطــاع باملهــام ذات البعــد الــدويل املشــار إليهــا أعــاه يف إطــار التعــاون مــع الســلطة‬
‫الحكوميــة املكلفــة بالخارجيــة والتعــاون‪ ،‬صــادق املجلــس خــال اجتامعــه املنعقــد يــوم فاتــح نونــر ‪ 2022‬عىل‬
‫مــروع االتفاقيــة التــي تــم توقيعهــا مــع وزارة الشــؤون الخارجيــة والتعــاون اإلفريقــي واملغاربــة املقيمــن‬
‫بالخــارج‪ ،‬مســتحرضا أهميــة تدبــر البعــد الــدويل للوقايــة ومكافحــة الفســاد مبنظــور متقــدم‪ ،‬يتجــاوب‪ ،‬مــن‬
‫جهــة‪ ،‬مــع صالحيــات الهيئــة املذكــورة أعــاه‪ ،‬ويتفاعــل‪ ،‬مــن جهــة ثانيــة‪ ،‬مــع املكتســبات والرهانــات الوطنيــة‬
‫والدوليــة املرتبطــة بهــذا الــورش الحيــوي‪.‬‬
‫الفصــل الثــاين‪ :‬تفعيــل عمــل اللجنــة التنفيذيــة وإرســاء آليــات اتخــاذ القـرارات بشــأن الشــكايات‬
‫والتبليغــات‬
‫اقتناعــا مــن املــرع بــرورة توفــر رشوط موضوعيــة ملتطلبــات التصــدي التلقــايئ والبــت يف املــآل املناســب‬
‫ملحــارض وتقاريــر الهيئــة بخصــوص ملفــات الفســاد املعروضــة عليهــا‪ ،‬اعتمــد القانــون رقــم ‪ 46.19‬ال ُبعــد‬
‫التــداويل يف اتخــاذ القـرار النهــايئ بشــأنها‪ ،‬مــن خــال تخويــل هــذه الصالحيــة للجنــة التنفيذيــة املكونــة مــن‬
‫الرئيــس ونوابــه الثالثــة املعينــن مــن قبــل مجلــس الهيئــة‪.‬‬
‫وتضطلــع اللجنــة التنفيذيــة بتلقــي ملفــات القضايــا املتعلقــة بحــاالت الفســاد‪ ،‬املعروضــة عليهــا مــن قبــل‬
‫الرئيــس‪ ،‬واملتضمنــة للمحــارض املنجــزة يف شــأنها مــن قبــل املأموريــن والوثائــق واملســتندات واملعلومــات ذات‬
‫الصلــة بهــا‪ ،‬وبدراســة امللفــات املذكــورة والتــداول بشــأنها للتأكــد مــن توفــر العنــارص امل َرتِّبــة للمســؤولية‬
‫الجنائيــة أو التأديبيــة أو اإلداريــة فيهــا‪ ،‬وباتخــاذ الق ـرار يف شــأنها‪ ،‬ســواء بإحالــة اســتنتاجاتها وتوصياتهــا إىل‬
‫الجهــات املشــار إليهــا يف املــادة ‪ 34‬مــن القانــون‪ ،‬أو بحفظهــا بقـرار معلــل‪ ،‬أو باألمــر‪ ،‬عنــد االقتضــاء‪ ،‬بتعميــق‬
‫البحــث والتحــري فيهــا لعــدم كفايــة األدلــة أو لالســتامع إىل أشــخاص ذوي صلــة بالقضيــة‪ ،‬وكــذا باتخــاذ قـرار‬
‫التصــدي التلقــايئ لــكل حالــة مــن حــاالت الفســاد التــي تصــل إىل علــم الهيئــة‪ ،‬والتــي يعرضهــا عليهــا الرئيــس‪.‬‬
‫كــا نصــت مقتضيــات النظــام الداخــي عــى جــواز تفويــض الرئيــس‪ ،‬يف حالــة غيابــه‪ ،‬لقـرار التدخــل الفــوري‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪124‬‬


‫املخــول لــه حرصيــا مبقتــى القانــون‪ ،‬ألحــد نوابــه‪ ،‬ليضطلــع باملهــام املرتبطــة بــه يف إطــار تــداويل بــن أعضــاء‬
‫اللجنــة التنفيذيــة‪.‬‬
‫كــا نصــت‪ ،‬مــن نفــس املنطلــق‪ ،‬عــى إمكانيــة تفويــض الرئيــس لــكل نائــب عــى حــدة اإلرشاف عــى جانــب‬
‫مــن جوانــب املهــام املخولــة للهيئــة مبقتــى القانــون‪ ،‬مــع توضيــح هــذه املهــام وحــدود الصالحيــات املســندة‬
‫مبقتــى هــذا التفويــض والحــاالت التــي تســتوجب الرجــوع إىل الرئيــس وتنظيــم العالقــة بــن النــواب املعنيــن‬
‫ومســؤويل البنيــات اإلداريــة املعنيــة‪.‬‬
‫انطالقــا مــن هــذه املقتضيــات‪ ،‬عملــت اللجنــة التنفيذيــة عــى إرســاء اآلليــات األساســية لعملهــا‪ ،‬واملتمثلــة يف‬
‫تحديــد مهامهــا ذات األولويــة‪ ،‬وســبل تنســيقها مــع اللجــان املوضوعاتيــة الدامئــة ومــع البنيــات اإلداريــة للهيئــة‪.‬‬
‫يف هذا اإلطار‪ ،‬تم توزيع املهام األولية املنوطة بكل نائب للرئيس وفق ثالثة محاور‪:‬‬
‫• محــور يشــمل (‪ )1‬دراســة واقـراح ســبل تعزيــز النظــام املؤســي الوطنــي يف مجــال املراجعــة والرقابــة‬
‫عــى التدبــر العمومــي‪ )2( ،‬والســهر عــى تطويــر وتفعيــل مقاربــة لتشــبيك عمــل املرصــد وتعزيــز‬
‫الرشاكــة يف هــذا املجــال‪،‬‬
‫• محــور يشــمل (‪ )1‬اإلرشاف عــى تطويــر وتتبــع املنهجيــة املتعلقــة باليقظــة القانونيــة وتفعيلهــا كآليــة‬
‫أساســية يف بلــورة التوصيــات والتوجهــات املقرتحــة مــن طــرف الهيئــة‪ )2( ،‬وتتبــع دراســة وســبل مالءمــة‬
‫الترشيعــات الوطنيــة والنظــم املؤسســاتية لالتفاقيــات واملعاهــدات وااللتزامــات الدوليــة للمملكــة يف‬
‫مجــال الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪ )3( ،‬واإلســهام ومواكبــة ورش إعــداد اسـراتيجية وطنيــة مندمجــة‬
‫تربويــة واجتامعيــة للنهــوض بقيــم النزاهــة‪،‬‬
‫• ومحــور يشــمل (‪ )1‬مواكبــة هيكلــة جهــاز املأموريــن عــى مســتوى تتميــم تنظيــم عمــل الجهــاز‬
‫وتدقيــق القواعــد واإلجـراءات التــي تحكــم اإلجـراءات املتعلقــة بتدخالتــه‪ )2( ،‬وتطويــر آليــات التنســيق‬
‫والتعــاون مــع الســلطات واملؤسســات املعنيــة مبجــال البحــث والتحــري الــذي يقــوم بــه جهــاز املأموريــن‪،‬‬
‫(‪ )3‬واإلســهام ومواكبــة تطويــر مقاربــات وآليــات تحديــد املخاطــر وتقنيــات الكشــف عــن أفعــال الفســاد‪.‬‬
‫وبخصــوص آليــات تنســيق اللجنــة التنفيذيــة مــع اللجــان املوضوعاتيــة املحدثــة مــن ِقبــل املجلــس‪ ،‬تــم‬
‫التأكيــد عــى مبــدأ اشــتغال اللجــان الدامئــة بتنســيق ويف تكامــل مــع اللجنــة التنفيذيــة‪ ،‬مــع اضطــاع الرئيــس‬
‫مبســاعدة األمــن العــام بتوفــر املــوارد البرشيــة واللوجســتيكية الالزمــة ألداء مهــام اللجــان‪.‬‬
‫وبالنســبة لصالحيــة اللجنــة التنفيذيــة يف دراســة واتخــاذ القـرار املناســب يف شــأن ملفــات الشــكايات والتبليغــات‬
‫التــي توصلــت بهــا الهيئــة‪ ،‬جديــر باإلشــارة أنــأن هــذه األخــرة مل تتوصــل مبــا ال يتجــاوز عرشيــن ملفــا أغليهــا ال‬
‫ينــدرج ضمــن اختصاصــات الهيئــة أو يتعلــق بقضايــا معروضــة عــى القضــاء أو صــدرت يف شــأنها أحــكام قضائية‪.‬‬
‫ومــن الجديــر التأكيــد بهــذا الخصــوص عــى أن مســار التشــي والتبليــغ لــدى الهيئــة مــن شــأنه أن يعــرف‬
‫ديناميــة أكــر بعدمــا متــت املصادقــة عــى النظــام الداخــي الــذي يحــدد مســاطر وإجــراءات معالجــة‬
‫الشــكايات والتبليغــات واملعلومــات التــي تتلقاهــا الهيئــة‪ ،‬وعــى النظــام األســايس للمــوارد البرشيــة الــذي‬
‫يتضمــن املقتضيــات الخاصــة مبأمــوري الهيئــة‪ ،‬وبعدمــا تــم تعيــن املأموريــن وأداؤهــم لليمــن القانونيــة‪ ،‬وكــذا‬
‫بعدمــا تــم االنتهــاء مــن وضــع املســاطر املتعلقــة بعملهــم‪.‬‬

‫‪125‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫كــا أن الهيئــة‪ ،‬وعيــا منهــا بــرورة النهــوض بالتشــي والتبليــغ لديهــا‪ ،‬وضعــت خطــة تواصــل متكاملــة‬
‫للتعريــف مبهامهــا وصالحياتهــا وباإلطــار املؤسســايت الجديــد املخصــص لهــا‪ ،‬مــع تخصيــص محــور خــاص يف‬
‫خطــة التواصــل لصالحيــات تلقــي الشــكايات والتبليغــات وتوضيــح اإلمكانيــات املتاحــة إلخفــاء الهويــة‪ ،‬مبــا‬
‫مــن شــأنه أن يرفــع الوعــي بإمكانيــات التشــي وبواجــب التبليــغ عــن شــبهات الفســاد‪ ،‬مــن جهــة‪ ،‬ويســاهم‪،‬‬
‫مــن جهــة ثانيــة‪ ،‬يف تجــاوز محدوديــة عــدد وطبيعــة الشــكايات والتبليغــات التــي تفتقــر لــروط القبــول‬
‫وتــؤدي يف غالــب األحيــان إىل إعــال مســطرة الحفــظ‪.‬‬
‫وتســتهدف الهيئــة مــن هــذه الجهــود فتــح مجموعــة مــن القنــوات لســائر املعنيــن للقيــام بواجــب التشــي‬
‫والتبليــغ عــن قضايــا وحــاالت الفســاد‪ ،‬عرب التوظيــف األمثــل للقنــوات التكنولوجيــة‪ ،‬وتعزيز ضامنــات الحامية‪،‬‬
‫مــع تحصــن منظومــة التبليــغ املنشــودة لــدى الهيئــة باالحـرازات الضامنــة للتبليغ املســؤول واملمتثــل للضوابط‬
‫القانونيــة واألخالقيــة‪ ،‬مبــا مــن شــأنه أن يرفــع منســوب الشــكايات والتبليغــات املوضوعيــة واملدققــة الــواردة‬
‫عــى الهيئــة‪ ،‬ويوفــر‪ ،‬بالتــايل‪ ،‬أمــام املأموريــن إمكانيــات عمليــة للمعالجــة والبحــث والتحــري وإنجــاز املحــارض‬
‫والتقاريــر بشــأنها‪ ،‬حيــث مــن املنتظــر‪ ،‬يف إطــار هــذا التوجــه‪ ،‬أن يعــرف عمــل اللجنــة التنفيذيــة انطالقــا مــن‬
‫ســنة ‪ 2023‬مجهــودا دؤوبــا ومتواصــا للتفاعــل املوضوعــي والراهنــي مــع هــذه التقاريــر واملحــارض واتخــاذ‬
‫القـرارات املناســبة يف شــأنها‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تنصيب اللجان املوضوعاتية الدامئة وتأسيس آليات اشتغالها‬
‫تفعيــا ملقتضيــات املادتــن ‪ 8‬و‪ 13‬مــن القانــون رقــم ‪ ،46.19‬تــم مبقتــى ق ـرار مجلــس الهيئــة بتاريــخ ‪16‬‬
‫دجنــر ‪ ،2022‬إحــداث وتأليــف خمــس لجــان دامئــة طبقــا ملــا نصــت عليــه مقتضيــات النظــام الداخــي يف‬
‫املوضــوع‪ .‬ويتعلــق األمــر باللجــان التاليــة‪:‬‬
‫• اللجنــة املكلفــة باملجــال االقتصــادي وتطويــر النزاهــة والشــفافية والحكامــة الجيــدة يف القطاعــن العــام‬
‫والخاص؛‬
‫• اللجنــة املكلفــة بتنميــة التنشــئة والتكويــن عــى قيــم النزاهــة والشــفافية‪ ،‬وبتتبــع تطويــر وســائل‬
‫التفاعــل والرشاكــة مــع األط ـراف املعنيــة ومــع املجتمــع املــدين ومنابــر اإلعــام؛‬
‫• اللجنــة املكلفــة بتتبــع إصــاح الترشيــع الوطنــي ومالءمتــه مــع املعاهــدات واالتفاقيــات الدوليــة ذات‬
‫الصلــة التــي صــادق أو قــد يصــادق عليهــا املغــرب؛‬
‫• اللجنــة املكلفــة مبجــال رصــد وتعميــق املعرفــة‪ ،‬يفــوض لهــا املجلــس تتبــع نتائــج أشــغال مرصــد الهيئــة‬
‫واتخــاذ القـرارات املناســبة بشــأن مآالتهــا؛‬
‫• اللجنــة املكلفــة بالتدقيــق واملراقبــة‪ ،‬تضطلــع‪ ،‬عــى الخصــوص‪ ،‬بإجـراء تقييــم دوري للمطابقــة ولــأداء‪،‬‬
‫وتقديــم توصيــات لتعزيــز الحكامــة الداخليــة للهيئــة‪.‬‬
‫وقــد متيــز عمــل اللجــان الدامئــة ســنة ‪ 2022‬بتنظيــم وتحديــد آليــات وطــرق تدبــر عالقتهــا مــع الهيــاكل‬
‫اإلداريــة للهيئــة‪ ،‬مبــا يضمــن التواصــل الناجــع معهــا‪ ،‬ويتيــح توفرهــا عــى املعطيــات واملعلومــات املطلوبــة‬
‫إلنجــاز مهامهــا املوضوعاتيــة‪ ،‬حيــث ُوضعــت رهــن إشــارتها كل انتاجــات الهيئــة‪ ،‬مــن تقاريــر ومنشــورات‬
‫ودراســات وكافــة املعطيــات التــي تتوفــر عليهــا‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪126‬‬


‫ولإلشــارة‪ ،‬فقــد انصــب عمــل اللجــان املوضوعاتيــة يف هــذه املرحلــة التأسيســية عــى دراســة ومناقشــة‬
‫مجموعــة مــن املواضيــع شــملت عــى الخصــوص البوابــة الوطنيــة للنزاهــة‪ ،‬واليقظــة االس ـراتيجية‪ ،‬وتقييــم‬
‫االسـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬والجوانــب املرتبطــة بالرتبيــة والتكويــن والتفاعــل مــع املواطنــن‪ ،‬ورأي‬
‫الهيئــة بخصــوص مــروع قانــون املســطرة الجنائيــة‪ ،‬ورأيهــا بشــأن منظومــة الترصيــح اإلجبــاري باملمتلــكات‪.‬‬
‫انطالقــا مــا تــم اســتعراضه يف الفصــول الســابقة‪ ،‬يتبـ َّـن أن تنزيــل الحكامــة املؤسســاتية للهيئــة قــد تــم وفــق‬
‫املقاصــد التــي توخاهــا القانــون رقــم ‪ 46.19‬والهادفــة إىل تحصــن املقومــات الناظمــة لحكامــة التدبــر بــن‬
‫مختلــف أجهــزة ومكونــات الهيئــة‪ ،‬وصــون املراكــز القانونيــة لــكل منهــا‪ ،‬وصــوال إىل تفعيــل القـرار الجامعــي‬
‫ألجهزتهــا بالنجاعــة واملوضوعيــة املطلوبــة‪.‬‬

‫‪127‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪128‬‬
‫القسم الرابع‬
‫األنشطة الوظيفية للهيئة‬
‫والنهوض بقدرات الدعم‬

‫‪129‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪130‬‬
‫األنشطة الوظيفية للهيئة والنهوض بقدرات الدعم‬

‫بــادرت الهيئــة خــال ســنة ‪ 2022‬بإرســاء وتقويــة آليــات اشــتغالها وركائــز عملهــا ذات الطبيعــة االسـراتيجية‬
‫واالنفتاحيــة والتنظيميــة والوظيفيــة‪ ،‬مبــا يعــزز التدبــر الناجــع والرشــيد ملنظومتهــا اإلداريــة واملاليــة‪ ،‬والــذي‬
‫يتجســد عــر مقومــات التدبــر الشــفاف والتنظيــم املُعقلــن واملســاطر الشــاملة والسلســة واملندمجــة‪.‬‬
‫وفــق هــذا التوجــه‪ ،‬أعــدت الهيئــة اس ـراتيجيتها ومخطــط عملهــا وبــارشت تنزيلــه (البــاب األول)‪ ،‬وواصلــت‬
‫مبــادرات الرشاكــة واالنفتــاح عــى املؤسســات املعنيــة مبكافحــة الفســاد عــى املســتويني الوطنــي واإلقليمــي‬
‫والــدويل (البــاب الثــاين)‪ ،‬ووضعــت أســس إطــاق اسـراتيجيتها يف مجــال التواصــل (البــاب الثالــث)‪ ،‬وعملــت‬
‫عــى تحيــن اسـراتيجية داخليــة لتحولهــا الرقمــي (البــاب الثالــث)‪ ،‬كــا اســتكملت مقومــات تدبريهــا اإلداري‬
‫واملــايل وانطلقــت يف تنزيلــه (البــاب الرابــع)‪.‬‬
‫الباب األول‪ :‬تنزيل اسرتاتيجية عمل الهيئة وبلورة خطتها‬
‫تفعيــا ملقتضيــات القانــون رقــم ‪ 46.19‬بخصــوص إعــداد رئيــس الهيئــة ملــروع برنامــج عملهــا الســنوي‬
‫واقرتاحــه عــى مجلــس الهيئــة للمصادقــة عليــه‪ ،‬أعــدت الهيئــة برنامــج عملهــا برســم ســنوات ‪،2025-2023‬‬
‫منطلقــة يف ذلــك مــن إرســاء اسـراتيجية مندمجــة تحــدد الرؤيــة واملنطلقــات واملرجعيــات واألهــداف العامــة‪،‬‬
‫لتتبلــور يف مشــاريع محــددة ومضبوطــة وذات وقــع ملمــوس عــى قيــام الهيئــة مبهامهــا واالســتجابة ملتطلبــات‬
‫الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪.‬‬
‫يف هــذا اإلطــار‪ ،‬اعتمــدت الهيئــة خمســة محــددات لتأطــر وتوجيــه عملهــا وتوضيــح متوقعهــا املؤسســايت‪،‬‬
‫يســلط الضــو َء عليهــا الرس ـ ُم البيــاين التــايل‪:‬‬

‫‪131‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫عــى هــذا األســاس‪ ،‬أعــدت الهيئــة إطــا َر عملهــا االسـراتيجي الــذي يرتكــز عــى ســتة محــاور أساســية مرتابطــة‬
‫فيــا بينهــا‪ ،‬كــا هــو موضــح يف الرســم البيــاين اآليت‪:‬‬

‫وعــاوة عــى هــذه املحــاور الســتة‪ ،‬حــددت الهيئــة محوريــن عرضانيــن لدعــم وظائفهــا داخليــا وتقويــة‬
‫قدراتهــا فيــا يخــص مجــاالت تدخالتهــا يف محيطهــا العــام‪ .‬ويتعلــق األمــر باملحــور العرضــاين ذي الصلــة بنظــم‬
‫املعلومــات واالبتــكار والبحــث والتطويــر‪ ،‬واملحــور العرضــاين الــذي يهــم التنظيــم والتنفيــذ وبنــاء القــدرات‪.‬‬
‫بعــد هيكلــة عملهــا مــن خــال هــذه املحــاور‪ ،‬رصــدت الهيئــة ‪ 36‬هدفــا إجرائيــا‪ ،‬موزعــة عــى كل محــور مــن‬
‫هــذه املحــاور الثامنيــة (ســتة مرتبطــة باملهــام وإثنــان عرضانيــان)‪ ،‬مــع تحديــد املشــاريع والربامــج الكفيلــة‬
‫بتحقيــق هــذه األهــداف‪.‬‬
‫وجديــر بالذكــر أن كل واحــد مــن تلــك املشــاريع يتوفــر عــى أهــداف محــددة‪ ،‬ونتائــج ُمنتَظــرة مدققــة‪،‬‬
‫ومــوارد معبــأة‪ ،‬وإجـراءات مفصلــة‪ ،‬وفــق برنامــج زمنــي معــن‪ .‬وقــد حــددت برمجــة املشــاريع‪ ،‬خــال عمليــة‬
‫التخطيــط االس ـراتيجي عــى أســاس أولوياتهــا وتأثريهــا املتوقــع‪ ،‬وترابطهــا فيــا بينهــا‪ ،‬وكــذا التوفــر عــى‬
‫املــوارد الرضوريــة‪.‬‬
‫ويبني الرسم بعده محددات عملية لربمجة املشاريع لعام ‪:2023‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪132‬‬


‫وقــد أســفرت هــذه املقاربــة عــن متكــن الهيئــة مــن التوفــر عــى خطــة عمــل مندمجــة ومتكاملــة‪ ،‬توفــر‬
‫وضــوح الرؤيــة عــى املــدى املتوســط (‪ )2025 - 2023‬مــع ضــان تخطيــط تفصيــي لعــام ‪.2023‬‬
‫وميكن توضيح املنهج العام املعتمد لهذا البناء‪ ،‬من الرؤية إىل املشاريع‪ ،‬عىل النحو التايل‪:‬‬

‫ولضــان تتبــع خطــة العمــل املشــار إليهــا أعــاه‪ ،‬اعتمــدت الهيئــة منهجــا مــن األســفل إىل األعــى لتتبــع‬
‫اإلنجــاز وتحقيــق األهــداف املحــددة‪ ،‬يتوخــى السالســة والتنظيــم‪ ،‬لرصــد التقــدم وضــان نجاعــة التواصــل‪،‬‬
‫واتخــاذ الق ـرارات يف إطــار نهــج مــرن يف املراقبــة والتأطــر‪.‬‬
‫وتتم عملية التتبع عىل ثالثة مستويات كام يبني ذلك الرسم بعده‪:‬‬

‫وســيتم اعتــاد إدارة التغيــر بطريقــة فعالــة توفــر الدعــم املســتمر لكافــة املتدخلني‪ ،‬وتعــزز التملــك الجامعي‪،‬‬
‫وتشــجع املســاهامت الفرديــة والجامعيــة‪ ،‬وتوفــر إمكانيــة التحســن املســتمر يف تنفيــذ خطــة العمــل‪ ،‬مــوازاة‬
‫مــع اســتعامل وتعميــم عــدد مــن اآلليــات والنظــم املعلوماتيــة لتتبــع تنفيــذ خطــة العمــل‪ ،‬وصياغــة لوحــات‬
‫للقيادة‪.‬‬

‫‪133‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫البــاب الثــاين‪ :‬مبــادرات لتنزيــل الرشاكــة والتعــاون عــى املســتوى الوطنــي واإلقليمــي‬
‫والــدويل‬
‫واصلــت الهيئــة ســنة ‪ 2022‬تنزيــل التعــاون املؤسســايت يف مجموعــة مــن املبــادرات التــي انصبــت عــى تعزيــز‬
‫التعــاون مــع القطــاع الخــاص‪ ،‬وعــى تثبيــت االنخ ـراط يف الديناميــة األمميــة واإلقليميــة يف مجــال الوقايــة‬
‫مــن الفســاد ومحاربتــه‪ ،‬وذلــك يف إطــار املشــاركة يف أشــغال اجتامعــات فريــق اســتعراض تنفيــذ اتفاقيــة‬
‫األمــم املتحــدة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬ويف أشــغال اجتامعــات فريــق اســتعراض تنفيــذ االتفاقيــة العربيــة ملكافحــة‬
‫الفســاد‪ .‬كــا انرصفــت جهــود الهيئــة إىل متتــن عالقــات التعــاون والرشاكــة مــع املنظــات واملبــادرات الدوليــة‬
‫ذات الصلــة مبجــال الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعاون مع القطاع الخاص‬
‫أصبــح الفســاد بصــوره املختلفــة واملتعــددة أحــد االنشــغاالت الكــرى للفاعلــن االقتصاديــن‪ ،‬بالنظــر ملخاطــره‬
‫الناتجــة عــن فقــدان القــدرة التنافســية بســبب اللجــوء إىل املامرســات الفاســدة للحصــول عــى امتيــازات وعــى‬
‫الصفقــات عــى حســاب االســتثامر يف بنــاء القــدرات واالبتــكار وتطويــر عــرض عــايل القيمــة يكتســب القــدرة‬
‫التنافســية يف األســواق الداخليــة والدوليــة‪ ،‬وبالنظــر أيضــا للمخاطــر التجاريــة التــي تتعــرض لهــا املقــاوالت‬
‫املنخرطــة يف معامــات دوليــة مشــوبة بالفســاد‪ ،‬مــا يــؤدي إىل فقــدان العقــود‪ ،‬والتســجيل يف "القوائــم‬
‫الســوداء" واالســتبعاد مــن األســواق والخضــوع "للقوانــن العابــرة للحــدود اإلقليميــة"‪.‬‬
‫لذلــك‪ ،‬أضحــى مــن الــروري إعــداد وتنفيــذ آليــات فعالــة للوقايــة مــن الفســاد وحاميــة املقــاوالت الخاصــة‬
‫مــن املخاطــر ســالفة الذكــر‪ ،‬متكــن مــن جعــل القطــاع الخــاص جهــة ملتزمــة وفاعلــة يف تعزيــز الحكامــة‬
‫املســؤولة والوقايــة مــن الفســاد‪ ،‬واالضطــاع مبســؤولية التبليــغ عنــه‪ ،‬بغايــة حاميــة املقــاوالت الوطنيــة مــن‬
‫مخاطــر االســتدراج‪ ،‬ومتكينهــا مــن توجيــه وســائلها وطاقاتهــا نحــو االســتثامر املنتــج وبالتــايل دعــم التنميــة‬
‫االقتصاديــة للبــاد‪.‬‬
‫وهنــا البــد مــن اســتحضار الواقــع املرصــود الــذي مــن خاللــه يتبــن أنــه عــى الرغــم مــن وضــع املغــرب‬
‫لربامــج حكوميــة ســنة ‪ 2005‬وســنة ‪ 2010‬واســراتيجية وطنيــة ملكافحــة الفســاد منــذ نهايــة ســنة ‪،2015‬‬
‫مصحوبــة بتدابــر ترشيعيــة ومؤسســية‪ ،‬مــا زال الفســاد ظاهــرة منتــرة عــى نطــاق واســع عــى املســتوى‬
‫الوطنــي والـرايب وبدرجــات متفاوتــة يف جميــع القطاعــات‪ .‬وإذا كان مــن الصعــب تحديــد دقيــق ملــدى تأثــر‬
‫هــذه الظاهــرة‪ ،‬لعــدم وجــود بيانــات إحصائيــة موثوقــة ومتســقة‪ ،‬فــإن التقاريــر الوطنيــة والدوليــة املختلفــة‬
‫التــي تتنــاول هــذا املوضــوع تشــر إىل أن متثــات وإدراك املواطنــن والفاعلــن االقتصاديــن واملجتمعيــن‪ ،‬تؤكــد‬
‫أن الفســاد ظاهــرة مقلقــة تؤثــر عــى القطــاع الخــاص وعــى أنشــطة املؤسســات العامــة املختلفــة وتشــكل‬
‫إحــدى العقبــات الرئيســية أمــام التنميــة االقتصاديــة واالجتامعيــة والسياســية للبــاد‪.‬‬
‫ومنــذ ســنة ‪ ،1998‬انخــرط القطــاع الخــاص الوطنــي يف جهــود مكافحــة الفســاد‪ ،‬ســيام بعــد إحــداث لجنــة‬
‫"األخالقيــات والحكامــة الجيــدة" داخــل االتحــاد العــام ملقــاوالت املغــرب‪ ،‬كجــواب عــن الحاجــة امللحــة لتنقيــة‬
‫بيئــة األعــال مــن مامرســات الفســاد‪ ،‬وكضامنــة لتعزيــز القواعــد األخالقيــة والشــفافية ودعــم تدابــر النزاهــة‬
‫داخــل املقــاوالت‪ ،‬بهــدف تقويــة االقتصــاد الوطنــي وقدراتــه التنافســية عــى املســتويني الوطنــي والــدويل‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪134‬‬


‫وبالنظــر لخصوصيــات تداعيــات الفســاد التــي يواجههــا عــامل األعــال يف املغــرب والــدروس املســتفادة مــن‬
‫التجــارب الوطنيــة والدوليــة يف تنفيــذ اآلليــات املشــركة ملواجهــة التحديــات التــي تعيــق تنمية القطــاع الخاص‪،‬‬
‫توجهــت مقاربــة الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا إىل اســتهداف مجــاالت التعــاون‬
‫التــي تشــمل تجميــع وتعزيــز الجهــود ودعمهــا بتبــادل التجــارب والخـرات بشــكل منتظــم يف مجــاالت الوقايــة‬
‫مــن الفســاد ومكافحتــه والحكامــة واألخالقيــات‪ ،‬والتعزيــز املتبــادل للكفــاءات وملســتوى تأهيــل املســتخدمني‪،‬‬
‫عــر التداريــب التــي تتــم باإلمكانيــات الذاتيــة و ‪ /‬أو مــن خــال برامــج املســاعدة التقنيــة‪ ،‬وتعميــق املعرفــة‬
‫بإشــكالية الفســاد مــن خــال الدراســات والتحليــات وكذلــك املســاهمة يف تطويــر خرائطيــة املخاطــر‪ ،‬باإلضافــة‬
‫إىل تنظيــم نــدوات واملشــاركة يف االجتامعــات واملؤمت ـرات وأنشــطة التوعيــة وغريهــا حــول موضــوع الفســاد‬
‫وآثــاره الســلبية عــى املجتمــع؛ وكذلــك تبــادل املعرفــة حــول املعايــر الدوليــة وأفضــل املامرســات املتعلقــة‬
‫بالوقايــة مــن الفســاد مكافحتــه‪.‬‬
‫‪ -1‬التعاون مع الفاعلني يف القطاع املايل‬
‫تفعيــا التفاقيــة التعــاون يف مجــال الوقايــة ومكافحــة الفســاد بالقطــاع املــايل‪ ،‬واملوقعــة يف شــهر نونــر ‪،2019‬‬
‫مــن طــرف الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا مــع كل مــن بنــك املغــرب والهيئــة‬
‫املغربيــة ألســواق الرســاميل وهيئــة مراقبــة التأمينــات واالحتيــاط االجتامعــي‪ ،‬واصلــت الجهــات املعنيــة خــال‬
‫ســنة ‪ 2022‬أنشــطتها وف ًقــا ملجــاالت التعــاون التــي حددتهــا االتفاقيــة املشــار إليهــا وتنفيــذا لربنامــج العمــل‬
‫الســنوي‪ .‬وشــملت هــذه االنشــطة التدريــب والتحســيس‪ ،‬وتبــادل الخـرات يف مجــال مكافحــة الفســاد‪ ،‬وإجـراء‬
‫الدراســات والتحليــات القطاعيــة يف هــذا املجــال‪ ،‬باإلضافــة إىل مجــال التقنــن‪.‬‬
‫أ‪ -‬يف مجال التدريب والتحسيس‪ ،‬تم اتخاذ املبادرات التالية‪:‬‬
‫• القيــام بحملــة تحسيســية واســعة شــملت جميــع مكونــات القطــاع املــايل (مؤسســات االئتــان‪،‬‬
‫وجمعيــات القــروض الصغــرى‪ ،‬والــركات‪ ،‬ووســطاء التأمــن‪ ،‬ومنظــات االحتيــاط االجتامعــي‪ ،‬ورشكات‬
‫البورصــة وبورصــة الــدار البيضــاء ‪ .)....‬وقــد عرفــت هــذه الحملــة التحسيســية مشــاركة أكــر مــن ‪730‬‬
‫إطــارا منهــا ‪ 277‬مشــاركا ســنة ‪ .2022‬وركــزت الــدورات التكوينيــة عــى املوضوعــات التاليــة‪ :‬املفاهيــم‬
‫األساســية املتعلقــة بالفســاد‪ ،‬املكونــات الرئيســية ألنظمــة مكافحــة الفســاد‪ ،‬وكــذا التطــورات التــي عرفتها‬
‫املنظومــة الوطنيــة والدوليــة ذات الصلــة مبكافحــة الفســاد‪.‬‬
‫• مشــاركة فــرق مــن هيئــات التقنــن واإلرشاف يف القطــاع املــايل يف عــدة نــدوات ومؤمت ـرات نظمتهــا‬
‫الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا يف مواضيــع متخصصــة تتعلــق عــى وجــه‬
‫الخصــوص بحاميــة مثــري االنتبــاه‪ ،‬والتعــاون الفعــال بــن املؤسســات والتنســيق يف الوقايــة مــن الجرائــم‬
‫االقتصاديــة ومكافحتهــا‪ ،‬واملعالجــة القانونيــة لتضــارب املصالــح وفقــا للترشيعــات املغربيــة واملعايــر‬
‫الدوليــة‪ ،‬ومبــادئ الحكامــة الجيــدة‪.‬‬
‫• تنظيــم هيئــات التقنــن الثــاث للقطــاع املــايل (بنــك املغــرب وهيئــة مراقبــة التأمينــات واالحتيــاط‬
‫االجتامعــي والهيئــة املغربيــة لســوق الرســاميل) أنشــطة داخليــة للتكويــن والتوعيــة شــارك فيهــا أكــر‬
‫مــن ‪ 960‬مشــاركا وذلــك للتعريــف باألنظمــة الخاصــة مبكافحــة الفســاد التــي متــت بلورتهــا ووضعهــا يف‬
‫إطــار االتفاقيــة الرباعيــة مــع الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‪.‬‬

‫‪135‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫ب‪ -‬يف مجال تبادل الخربات والتجارب‪ ،‬تم القيام مبا ييل‪:‬‬
‫• تنظيــم ورشــات عمــل متخصصــة لتبــادل الخـرات بــن أعضــاء االتفاقيــة‪ ،‬يف إطار خاص يتســم باســتمرار‬
‫كل مــن الهيئــة املغربيــة لســوق الرســاميل وهيئــة مراقبــة التأمينــات واالحتيــاط االجتامعــي يف وضــع‬
‫أنظمــة إدارة مخاطــر محاربــة الفســاد وف ًقــا ملعيــار ‪ .ISO 37001‬وعليــه تــم تخصيــص ورشــات عمــل‬
‫تــم تنظيمهــا ســنة ‪ 2022‬ملوضوعــات سياســة إدارة الهدايــا والدعــوات واملزايــا وكذلــك األحــكام الخاصــة‬
‫مبكافحــة الفســاد يف مجــال املشــريات‪.‬‬
‫• إطــاق حــوار مــع املعهــد املغــريب للتقييــس بهــدف دراســة فــرص التعــاون يف املجــاالت املتعلقة‪ ،‬أساســا‪،‬‬
‫بأنظمــة اإلدارة ومكافحــة الفســاد‪ .‬يف هــذا اإلطــار‪ ،‬التــزم املعهــد املغــريب للتقييــس بدعــم الديناميكيــات‬
‫التــي أطلقهــا القطــاع املــايل يف مكافحــة الفســاد‪ ،‬مــن خــال املشــاركة النشــطة يف كل األنشــطة املزمــع‬
‫القيــام بهــا واملتعلقــة باملطابقــة للمعايــر الدوليــة املعــرف بهــا يف هــذا املجــال ‪( ISO 37001 -‬التداريب‪،‬‬
‫واالستشــارات والدعــم‪ ،‬وأنظمــة التقييــم‪.)...‬‬
‫• تعزيــز اإلطــار التنظيمــي الوطنــي مــن خــال اعتــاد مبــادئ املذكــرة التوجيهيــة لبنــك املغــرب بشــأن‬
‫"الوقايــة مــن مخاطــر الفســاد وإدارتهــا مــن قبــل املؤسســات االئتامنيــة"‪ ،‬والتــي تــويص بتنفيــذ منظومــة‬
‫مكافحــة الفســاد املالمئــة والت ـزام املؤسســات الكبــرة بعمليــة التقييــس‪ .‬ويف هــذا اإلطــار‪ ،‬تــم تقديــم‬
‫نتائــج تقييــم مخاطــر الفســاد يف القطــاع البنــي التــي أنجزهــا مجلــس أوروبــا ســنة ‪ ،2021‬واملحــاور‬
‫الرئيســية للمذكــرة التوجيهيــة ســالفة الذكــر‪ ،‬وكذلــك األنشــطة املربمجــة يف مكافحــة الفســاد عــى‬
‫مســتوى القطــاع املــريف والتــي تهــم أساســا‪:‬‬
‫• متابعــة حمــات التوعيــة مــن قبــل بنــك املغــرب والهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة من الرشــوة‬
‫ومحاربتهــا مــع األطـراف املعنيــة‪ ،‬حــول مكافحــة الفســاد يف القطــاع البنيك؛‬
‫• مصاحبــة برامــج العمــل التــي وضعتهــا البنــوك اســتعدا ًدا لدخــول املذكــرة التوجيهيــة لبنــك‬
‫املغــرب حيــز التنفيــذ يف مــاي ‪2023‬؛‬
‫• قيــام بنــك املغــرب بإنتــاج دالئــل وكبســوالت إعالميــة وتوعويــة مخصصــة ملرتفقــي الخدمــات‬
‫املرصفيــة‪.‬‬
‫‪ -2‬نادي املقاوالت "الحاصلة عىل شهادة ‪"ISO 37001‬‬
‫بحضــور ممثلــن عــن مؤسســات مــن القطــاع املــريف والصناعــي (التجــاري وفــا بنــك‪ ،‬بنــك أفريقيــا‪ ،‬بنــك‬
‫املغــرب‪ ،‬ليديــك‪ ،‬العمـران) وأعضــاء لجنــة محاربــة الفســاد يف القطــاع املــايل واملعهــد املغــريب للتقييــس‪ ،‬انعقــد‬
‫االجتــاع األول للهيئــات الحاصلــة عــى شــهادة ‪ .ISO 37001‬وقــد ســجل األعضــاء بارتيــاح االهتــام الــذي‬
‫أبدتــه املؤسســات لهــذا املنتــدى وأكــدوا عــى أهميــة العمــل مــع الفاعلــن املعنيــن لجعلــه مســتدا ًما ومصــد ًرا‬
‫للمقرتحــات القــادرة عــى املســاهمة يف تعزيــز قيــم النزاهــة ومحاربــة الفســاد‪ .‬وانطالقــا مــن مهامهــا الراميــة‬
‫إىل إقامــة حــوار بــن القطاعــن العــام والخــاص‪ ،‬ســتعمل الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة‬
‫ومحاربتهــا عــى إيجــاد آليــة ملصاحبــة جميــع األط ـراف املعنيــة يف عــامل األعــال‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪136‬‬


‫‪ -3‬ورشة عمل حول أثر الفساد عىل تنمية القطاع الخاص يف املغرب‬
‫نظمــت الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‪ ،‬بدعــم مــن مكتــب األمــم املتحــدة املعنــي‬
‫باملخــدرات والجرميــة‪ ،‬ورشــة عمــل مــن أجــل تعزيــز جهــود مكافحــة الفســاد وآفــاق تنميــة القطــاع الخــاص‬
‫باملغــرب‪ .‬وكانــت تهــدف هــذه الورشــة إىل دراســة الروابــط بــن االقتصــاد الرســمي واالقتصــاد غــر املهيــكل‬
‫وأثــر الفســاد عــى التنميــة املندمجــة‪ ،‬بغايــة تحديــد التدابــر امللموســة الكفيلــة برفــع التحديــات املتعلقــة‬
‫مبكافحــة الفســاد‪ ،‬ودمــج االقتصــاد غــر املهيــكل يف اتجــاه تقويــة أســس االقتصــاد الوطنــي‪.‬‬
‫ولضــان رشوط نجــاح هــذا الحــوار وتوســع دائــرة املســاهامت يف إغنائــه‪ ،‬عرفــت هــذه الورشــة مشــاركة عدد‬
‫مــن الفاعلــن باإلضافــة إىل الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا وممثلــن حكوميــن‬
‫وخــراء مــن هيئــات وإدارات متنوعــة‪ :‬وزارة التحــول الرقمــي واإلصــاح اإلداري ووزارة الداخليــة ووزارة‬
‫االقتصــاد واملاليــة ووزارة االســتثامر واملديريــة العامــة للرضائــب وبنــك املغــرب‪.‬‬
‫‪ -4‬دورة تكوينية لفائدة الرشكات املعتمدة يف مجال املسؤولية االجتامعية للرشكات‬
‫برشاكــة مــع االتحــاد العــام ملقــاوالت املغــرب ومكتــب األمــم املتحــدة املعنــي باملخــدرات والجرميــة‪ ،‬نظمــت‬
‫الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا دورة تكوينيــة لفائــدة الــركات املعتمــدة يف‬
‫مجــال املســؤولية االجتامعيــة للــركات‪ ،‬يف موضــوع ”مكافحــة الفســاد وتعزيــز النزاهــة يف القطــاع الخــاص”‪.‬‬
‫وقــد مكنــت هــذه الــدورة التكوينيــة املشــاركني مــن االطــاع عــى املعايــر الدوليــة يف مكافحــة الفســاد‪،‬‬
‫وتزويــد املقــاوالت املشــاركة عــر منظومــة داخليــة قابلــة للتنفيــذ بســهولة‪ ،‬كــا تــم تقديــم اإلطــار القانــوين‬
‫املغــريب ملكافحــة الفســاد‪.‬‬
‫الفصــل الثــاين‪ :‬تثبيــت االنخـراط يف الديناميــة األمميــة واإلقليميــة يف مجــال الوقايــة مــن الفســاد‬
‫ومحاربتــه‬
‫‪ -1‬مســاهمة الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا يف آليــة اســتعراض تنفيــذ‬
‫اتفاقيــة األمــم املتحــدة ملكافحــة الفســاد‬
‫تنــص الفقــرة ‪ 29‬مــن اإلطــار املرجعــي آلليــة اســتعراض تنفيــذ اتفاقيــة األمــم املتحــدة ملكافحــة الفســاد عــى‬
‫مــا يــي‪" :‬ينبغــي أن يســتكمل االســتعراض املكتبــي‪ ،‬إذا وافقــت عــى ذلــك الدولــة الطــرف املســتعرضة‪ ،‬بــأي‬
‫وســائل أخــرى مــن وســائل الحــوار املبــارش‪ ،‬مثــل القيــام بزيــارة قطريــة أو عقــد اجتــاع مشــرك يف مكتــب‬
‫األمــم املتحــدة يف فيينــا‪ ،‬وفقــا للمبــادئ التوجيهيــة"‪.‬‬
‫وتنــص الفقــرة ‪ 30‬منــه عــى تشــجيع "الــدول األط ـراف عــى تيســر التعامــل مــع كل أصحــاب املصلحــة‬
‫الوطنيــن"‪.‬‬
‫تفعيــا لهــذه املقتضيــات‪ ،‬ســاهم خـراء كل مــن الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‪،‬‬
‫ورئاســة النيابــة العامــة والوكالــة القضائيــة للمملكــة‪ ،‬واملفتشــية العامــة لــإدارة الرتابيــة‪ ،‬إىل جانــب خ ـراء‬
‫فنزويــا ومكتــب األمــم املتحــدة املعنــي بالجرميــة واملخــدرات يف اســتعراض تنفيــذ دولــة ليبيــا التفاقيــة األمــم‬
‫املتحــدة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬وذلــك مــن خــال املشــاركة يف االجتامعــات املشــركة إلمتــام مســار اســتعراضها‪.‬‬
‫كــا ســاهم خـراء الهيئــة ورئاســة النيابــة العامــة والوكالــة القضائيــة للمملكــة‪ ،‬يف مسلســل اســتعراض دولــة‬

‫‪137‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫ســنغافورة‪ ،‬إىل جانــب خــراء األردن ومكتــب األمــم املتحــدة املعنــي بالجرميــة واملخــدرات خــال الزيــارة‬
‫القطريــة‪ ،‬وســيتم إنهــاء هذيــن املســارين فــور املصادقــة عــى مرشوعــي التقريريــن التنفيذيــن مــن قبــل‬
‫الدولتــن املســتعرضتني والتوافــق عــى مضامينهــا وعــى التوصيــات املتعــن أن يتضمنهــا‪.‬‬
‫‪ -2‬املشاركة يف الدورة األوىل لفريق استعراض تنفيذ االتفاقية العربية ملكافحة الفساد‬
‫مثلــت الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا اململكــة املغربيــة يف أشــغال الــدورة األوىل‬
‫لفريــق اســتعراض تنفيــذ االتفاقيــة العربيــة ملكافحــة الفســاد التــي انعقــدت بالقاهــرة يومــي ‪ 18‬و‪ 19‬شــتنرب‬
‫‪2022‬؛ وذلــك مبشــاركة كل مــن األردن ومــر والســعودية والعــراق واإلمــارات العربيــة وقطــر وفلســطني‬
‫ومكتــب األمــم املتحــدة املعنــي بالجرميــة واملخــدرات‪.‬‬
‫وخصصت أعامل هذه الدورة‪ ،‬للتداول يف املواضيع التالية‪:‬‬
‫• عــرض املبــادئ التوجيهيــة للخ ـراء الحكوميــن واألمانــة واملخطــط النموذجــي لتقاريــر االســتعراضات‬
‫القطريــة؛‬
‫• سحب القرعة الخاصة بآلية االستعراض؛‬
‫• تنظيم االستعراضات القطرية وجدولها الزمني؛‬
‫• مناقشة تنفيذ قرارات الدورة الرابعة ملؤمتر الدول األطراف يف االتفاقية العربية ملكافحة الفساد‪.‬‬
‫وخلصــت الــدورة إىل اعتــاد نتائــج ســحب قرعــة االســتعراض واملوافقــة عــى إجراءاتــه كــا حددتهــا‬
‫ق ـرارات إعــان الريــاض واملبــادئ التوجيهيــة آلليــة اســتعراض تنفيــذ االتفاقيــة العربيــة ملكافحــة الفســاد‪.‬‬
‫عىل هذا األساس‪ ،‬تقرر أن تتم عملية االستعراض وفق الجدولة التالية‪:‬‬
‫• الــدورة األوىل‪ :‬وتهــم الــدول التــي أنهــت عمليــة اســتعراض اتفاقيــة األمــم املتحــدة ملكافحــة الفســاد يف‬
‫دورتيــه وهــي مقســمة عــى ســنتني‪:‬‬

‫السنة األوىل ‪2022‬‬

‫السنة الثانية ‪2024‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪138‬‬


‫• الــدورة الثانيــة تهــم الــدول التــي مل ت ُنــه بعــد مســار اســتعراضها يف إطــار اتفاقيــة األمــم املتحــدة‬
‫ملكافحــة الفســاد‪.‬‬
‫كــا تقــرر تكليــف األمانــة العامــة للجامعــة العربيــة بتنســيق مــع رئاســة الــدورة الحاليــة ملؤمتــر الــدول‬
‫األطـراف يف االتفاقيــة العربيــة ملكافحــة الفســاد باعتــاد جــدول زمنــي الجتامعــات فريــق اســتعراض التنفيــذ‬
‫لســنتي ‪ 2023‬و‪ ،2024‬وتعميمــه عــى هــذه الــدول‪ ،‬مــع مراعــاة‪ ،‬قــدر اإلمــكان‪ ،‬مواعيــد االجتامعــات الدوليــة‬
‫ملكافحــة الفســاد‪ ،‬باإلضافــة إىل اضطــاع األمانــة العامــة أيضــا بتعميــم اســتبيان شــبكة مبــادرة الريــاض العامليــة‬
‫لســلطات إنفــاذ القانــون املعنيــة مبكافحــة الفســاد ‪ ،GLOBE‬لتعبئــة البيانــات املطلوبــة وإعادتهــا إىل األمانــة‬
‫العامــة‪.‬‬
‫الفصــل الثالــث‪ :‬متتــن عالقــات التعــاون والرشاكــة مــع املنظــات واملبــادرات الدوليــة ذات الصلــة‬
‫مبجــال الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‬
‫‪ -1‬منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‬
‫أقامــت منظمــة التعــاون والتنميــة االقتصاديــة واململكــة املغربيــة منــذ ســنة ‪ 2005‬رشاكــة مؤسســية قويــة‪،‬‬
‫مكنــت املغــرب مــن االنضــام إىل عــدد هــام مــن اآلليــات القانونيــة وخولتــه املشــاركة املنتظمــة يف أشــغال‬
‫أكــر مــن عــر لجــان تابعــة لهــذه املنظمــة بصفــة مشــارك أو منتســب أو عضــو‪.‬‬
‫ويعتــر املغــرب مــن بــن االقتصــادات الخمســة الرشيكــة التــي اســتفادت مــن برنامــج قطــري تــم التوقيــع‬
‫عــى مرحلتــه الثانيــة يف ‪ 25‬يونيــو ‪ ،2019‬ويتضمــن محــورا مهــا خاصــا مبكافحــة الفســاد وتعزيــز الحكامــة‬
‫الجيــدة‪.‬‬
‫ومــن بــن املكونــات املختلفــة للربنامــج القطــري الثــاين يف الشــق املتعلــق بالحكامــة العامــة والنزاهــة ومكافحة‬
‫الفســاد‪ ،‬النشــاط رقــم ‪ ،1‬ويهــدف إىل "تهيئــة الظــروف النضــام املغــرب إىل اتفاقيــة منظمــة التعــاون والتنمية‬
‫االقتصاديــة بشــأن مكافحــة الفســاد"‪ .‬ويعمــل هــذا املكــون (النشــاط رقــم ‪ )1‬عــى تقييــم اإلطــار القانــوين‬
‫واملؤسســايت للمغــرب يف مجــال مكافحــة الفســاد وعــى تحضــره لالســتعراضات غــر الرســمية املزمــع القيــام‬
‫بهــا مــن طــرف مجموعــة العمــل املعنيــة بالفســاد التابعــة ملنظمــة التعــاون والتنميــة االقتصاديــة يف إطــار‬
‫تقييــم طلبــات االنضــام إىل اتفاقيــة مكافحــة رشــوة املوظفــن العموميــن األجانــب يف املعامــات التجاريــة‬
‫الدوليــة للحصــول عــى صفــة عضــو (منتســب) ملجموعــة العمــل‪.‬‬
‫ويســتهدف هــذا العمــل مراجعــة املنظومــة القانونيــة واملؤسســية الوطنيــة يف مجــال مكافحــة الفســاد وتقييــم‬
‫مــدى امتثالهــا ملعايــر عضويــة مجموعــة العمــل املتعلقــة بالعوامــل واملعايــر ذات الطابــع القانــوين‪ ،‬كــا يــروم‬
‫صياغــة توصيــات لإلصــاح لتمكــن املغــرب مــن تعزيــز مســتوى االمتثــال‪ ،‬يف أفــق تقديــم طلــب الحصــول عــى‬
‫صفــة عضــو (منتســب) يف مجموعــة العمــل‪.‬‬
‫وبالنظــر لوضعهــا الدســتوري وبحكــم صالحياتهــا‪ ،‬شــاركت الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة‬
‫ومحاربتهــا يف مختلــف األعــال‪ ،‬وكانــت مصــد ًرا ملقرتحــات تتوخــى مراجعــة اإلطــار التنظيمــي الوطنــي لضامن‬
‫االمتثــال لالتفاقيــات الدوليــة الرئيســية‪ .‬كــا تضطلــع الهيئــة مبصاحبــة املقــاوالت الوطنيــة‪ ،‬ال ســيام فيــا‬
‫يتعلــق بالجوانــب املتعلقــة مبســؤولية األشــخاص االعتباريــة وتنفيــذ منظومــة الوقايــة مــن الفســاد وكشــفه‬
‫ومكافحتــه‪.‬‬
‫‪139‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫‪ -2‬االجتــاع الــوزاري األول ألجهــزة إنفــاذ قانــون مكافحــة الفســاد يف الــدول األعضــاء مبنظمــة‬
‫التعــاون اإلســامي‬
‫عــى إثــر املشــاركة النشــطة لوفــد مكــون مــن الخـراء املغاربــة‪ ،‬يف اجتامعــات فريــق خـراء الــدول اإلســامية‬
‫املعنــي بدراســة مــروع "اتفاقيــة مكــة املكرمــة للتعــاون بــن ســلطات إنفــاذ القانــون و مكافحــة الفســاد‬
‫يف دول منظمــة التعــاون اإلســامي"‪ ،‬وبعــد إغنــاء املــروع بإدخــال مجموعــة مــن املالحظــات والتنقيحــات‪،‬‬
‫قبــل املصادقــة عليــه ورفعــه إىل االجتــاع الــوزاري‪ ،‬ترأســت الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة‬
‫ومحاربتهــا‪ ،‬الوفــد املغــريب املشــارك يف االجتــاع الــوزاري األول ألجهــزة إنفــاذ قانــون مكافحــة الفســاد يف‬
‫الــدول األعضــاء مبنظمــة التعــاون اإلســامي إلقـرار اتفاقيــة مكــة املكرمــة‪ ،‬وذلــك يومــي ‪ 20‬و‪ 21‬دجنــر ‪.2022‬‬
‫ومتيــز هــذا االجتــاع ببيــان اململكــة املغربيــة الــذي أكــدت خاللــه التزامهــا الثابــت بالعمل اإلســامي املشــرك‪،‬‬
‫وخاصــة عندمــا يتعلــق األمــر مبوضــوع يهــم بنــاء مســتقبل البلــدان اإلســامية لتعزيــز قيــم النزاهــة والشــفافية‬
‫والوقايــة مــن الفســاد ومحاربتــه‪ ،‬وإلنشــاء آليــة إقليميــة ملكافحــة الفســاد تُ كــن مــن تعزيــز تبــادل املعلومــات‬
‫بــن ســلطات وأجهــزة إنفــاذ قانــون مكافحــة الفســاد وتبــادل الخـرات بــن الــدول األطـراف‪ ،‬وتلبيــة الحاجيــات‬
‫الفعليــة للــدول األعضــاء للتصــدي لجرائــم الفســاد التــي تتأثــر بشــكل أو بآخــر بفعاليــة التعــاون الــدويل يف‬
‫مجــال العدالــة الجنائيــة‪.‬‬
‫وقد خلص االجتامع الوزاري األول ألجهزة إنفاذ قانون مكافحة الفساد إىل اعتامد القرارين التاليني‪:‬‬
‫أوال‪ :‬اعتــاد مــروع الق ـرار املقــدم إىل االجتــاع الــوزاري األول ألجهــزة إنفــاذ قانــون مكافحــة الفســاد يف‬
‫الــدول األعضــاء يف منظمــة التعــاون اإلســامي بشــأن إق ـرار اتفاقيــة مكــة املكرمــة‪،‬‬
‫ثانيــا‪ :‬إقـرار اتفاقيــة مكــة املكرمــة والتــي تــم اعتامدهــا يف اجتــاع مجلــس وزراء الخارجيــة للــدول األطـراف‬
‫يف منظمــة التعــاون اإلســامي خــال الــدورة ‪ 94‬املنعقــدة بنواكشــوط مــن ‪ 10‬إىل ‪ 17‬مــارس ‪.2023‬‬
‫‪ -3‬االتحاد األوريب‪ :‬اتفاقيتا مجلس أوروبا (قرار لجنة الوزراء)‬
‫متثــل رشاكــة الجــوار بــن املغــرب ومجلــس أوروبــا جــزء مــن الحــوار الســيايس والتعــاون التقنــي التفــاق‬
‫الرشاكــة للفــرة املمتــدة مــن ســنة ‪ 2022‬إىل غايــة ‪ .2025‬وتســتهدف هــذه الرشاكــة دعــم اإلصالحــات اإلراديــة‬
‫التــي يقــوم بهــا املغــرب‪ ،‬والراميــة إىل ترســيخ الدميقراطيــة وســيادة القانــون والحكامــة الجيــدة‪ ،‬وبنــاء منــوذج‬
‫اجتامعــي قائــم عــى التضامــن والتامســك‪.‬‬
‫وميثــل اإلنشــاء التدريجــي ملســاحة قانونيــة مشــركة أحــد األهــداف الرئيســية لسياســة الجــوار ملجلــس أوروبــا‪،‬‬
‫والتــي اعتمدتهــا لجنــة الــوزراء يف مــاي ‪.2011‬‬
‫يف هــذا اإلطــار‪ ،‬وبدعــوة مــن الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‪ ،‬بــدأت الســلطات‬
‫العموميــة مســار اإلعــداد للمصادقــة عــى اتفاقيتــي مجلــس أوروبــا املدنيــة والجنائيــة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬مبــا‬
‫ميهــد الطريــق أمامــه لالنضــام إىل مجموعــة الــدول ضــد الفســاد ‪.GRECO‬‬
‫‪ -4‬املشاركة يف أنشطة الشبكات الدولية‬
‫أعيــد انتخــاب الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتها‪-‬املغــرب كعضــو يف اللجنــة التنفيذيــة‬
‫للشــبكة الدوليــة لهيئــات مكافحــة الفســاد يف شــخص رئيســها ‪ ،‬عقــب أعــال الجمعيــة العموميــة التــي‬
‫نُظمــت عــن بعــد يف ‪ 5‬ينايــر ‪ ،2022‬مبــوازاة تعيــن اللجنــة املســتقلة ملكافحــة الفســاد ‪ ،‬هونــغ كونــغ لرئاســة‬
‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪140‬‬
‫الجمعيــة‪ ،‬وذلــك أخــذا بعــن االعتبــار مشــاركتها الحيويــة يف أنشــطة الجمعيــة منــذ إنشــائها وجهودهــا يف‬
‫مكافحــة الفســاد‪ ،‬كــا تــم تعيــن الهيئــة الوطنيــة املغربيــة رســميا لعضويــة لجنــة التكويــن يف االجتــاع األول‬
‫للجنــة التنفيذيــة الــذي عقــد يف ‪ 05‬ينايــر ‪.2022‬‬
‫ولإلشــارة‪ ،‬فــإن لجنــة التكويــن تتــوىل مســؤولية إعــداد الربامــج التدريبيــة وف ًقــا الحتياجــات األعضــاء‪ ،‬كــا‬
‫تتــوىل اق ـراح توقيــع مذك ـرات تفاهــم مــع مختلــف الجامعــات ومراكــز البحــوث‪ .‬وعــى هــذا األســاس‪ ،‬فــإن‬
‫املغــرب مدعــو القتســام خرباتــه يف مجــال الوقايــة‪ ،‬وتطويــر خرائــط مخاطــر الفســاد‪ ،‬وكذلــك برامــج خاصــة‬
‫بالرتبيــة عــى محاربــة الفســاد مــع أعضــاء الجمعيــة وخاصــة عــى املســتوى اإلقليمــي‪.‬‬
‫‪ -5‬شبكة سلطات الوقاية من الفساد املنبثقة عن مجلس أوروبا‬
‫متــت إعــادة انتخــاب املغــرب ســنة ‪ 2022‬نائبــا لرئيــس شــبكة ســلطات الوقايــة مــن الفســاد املنبثقــة عــن‬
‫مجلــس أوروبــا‪ ،‬ومبقتــى ذلــك‪ ،‬أضحــى للهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا دور‬
‫رئيــي يف جميــع أنشــطة هــذه الشــبكة‪.‬‬
‫وانعقــد الجمــع العــام األول برســم ســنة ‪ ،2022‬لهــذه الشــبكة بتاريــخ ‪ 8‬فربايــر مــن الســنة املذكــورة للموافقــة‬
‫عــى خطــة عملهــا الســنوية؛ التــي تشــمل عــى الخصــوص املجــاالت األربعــة التاليــة‪:‬‬
‫• تنظيم ندوات عرب اإلنرتنت حول مواضيع محددة لتعزيز النزاهة العامة؛‬
‫• إعداد دالئل حول املجاالت ذات الصلة بالوقاية من الفساد؛‬
‫• تنظيم مهام مشرتكة ميدانية وتقديم املساعدة التقنية ألعضاء الشبكة؛‬
‫• أنشطة لتعزيز التواصل والتشبيك‪.‬‬
‫وصادق أعضاء الشبكة عىل األنشطة املقرتحة وعىل خطوات ملموسة للبدء يف مرحلة التنفيذ‪.‬‬
‫يف هــذا اإلطــار‪ ،‬تــم تنظيــم النــدوة األوىل بواســطة التناظــر عــن بعــد بتاريــخ ‪ 15‬مــارس ‪ 2022‬يف موضــوع‬
‫«االتجاهــات والتحديــات الخاصــة بتقنــن أنشــطة الضغــط(‪ «)lobbying‬والتــي جمعــت ممثلــن عــن أعضــاء‬
‫الشــبكة وعــن القطــاع العــام والجمعيــات واألوســاط األكادمييــة‪ ،‬قــدم خاللهــا مشــاركون عــن منظمــة التعــاون‬
‫والتنميــة االقتصاديــة‪ ،‬وهيئــات مكافحــة الفســاد مــن اليونــان ورصبيــا وهيئــة الضغــط بالكيبيــك‪ .‬وتطرقــت‬
‫املداخــات إىل املعايــر الدوليــة لكســب التأييــد‪ ،‬والتطــورات األخــرة يف هــذا املجــال‪ ،‬وتبادلــوا الــدروس‬
‫املســتفادة وأفضــل املامرســات مــن تجربتهــم يف تنظيــم أنشــطة الضغــط‪.‬‬
‫أيضــا يف النــدوة الثانيــة التــي نظمتهــا‬
‫كــا شــاركت الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا ً‬
‫الشــبكة يــوم ‪ 16‬يونيــو ‪ 2022‬يف موضــوع " حاميــة مثــري االنتبــاه"‪ .‬اســتعرض فيهــا املشــاركون "التوصيــة‬
‫األوروبيــة "وكــذا التجــارب الوطنيــة واإلقليميــة يف مجــال حاميــة املبلغــن ومثــري االنتبــاه والتحديــات والفرص‬
‫ذات الصلــة بالتنفيــذ العمــي لإلطــار التنظيمــي وتقييــم دراســات الحالــة مــن أجــل دمــج فعــال لهــذه‬
‫املقتضيــات يف ســياق األنظمــة القانونيــة الوطنيــة‪.‬‬
‫وســاهمت الهيئــة أيضــا يف إعــداد دليــل تنفيــذ وتتبــع الربامــج االسـراتيجية ملكافحــة الفســاد‪ .‬ويهــدف هــذا‬
‫الدليــل إىل دمــج اسـراتيجيات مكافحــة الفســاد يف سياســات مكافحــة الجائحــة ومــا بعــد الجائحــة‪ ،‬أخــذا بعــن‬
‫االعتبــار أهميــة املبــادرات اإلقليميــة والوطنيــة وكذلــك تقييــم تأثــر هــذه االسـراتيجيات‪.‬‬
‫‪141‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫ويف نفــس اإلطــار‪ ،‬حرصــت الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا عــى املســاهمة يف‬
‫تنســيق إعــداد الرســالة اإلخباريــة األوىل للشــبكة والتــي تضــم العديــد مــن املقــاالت مــن مختلــف املؤسســات‬
‫وكــذا جميــع األنشــطة املنفــذة يف إطــار هــذه الواليــة‪.‬‬
‫‪ -6‬شبكة مبادرة الرياض العاملية لسلطات إنفاذ القانون املعنية مبكافحة الفساد‬
‫تــم تصميــم شــبكة مبــادرة الريــاض العامليــة لســلطات إنفــاذ القانــون املعنيــة مبكافحــة الفســاد لتكمــل عمــل‬
‫الشــبكات القامئــة والهيئــات اإلقليميــة والدوليــة آلليــات مكافحــة الفســاد‪ ،‬وذلــك بهــدف ضــان التـزام جميــع‬
‫الــدول األط ـراف يف اتفاقيــة األمــم املتحــدة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬وإذكاء الدعــم املتبــادل والتــآزر فيــا بينهــا‪،‬‬
‫اســتجابة للدعــوة الــواردة يف اإلعــان الســيايس املعتمــد مــن قبــل الجمعيــة العامــة يف دورتهــا االســتثنائية حــول‬
‫مكافحــة الفســاد‪.‬‬
‫ويضطلــع مكتــب األمــم املتحــدة املعنــي باملخــدرات والجرميــة بــدور محــوري يف إنشــاء الشــبكة العامليــة‬
‫إلنفــاذ قانــون مكافحــة الفســاد العابــر للحــدود‪ ،‬مــن خــال العمــل عــى تعزيــز تبــادل االتصــاالت والتعلــم‬
‫مــن ســلطات إنفــاذ القانــون ملكافحــة الفســاد النظــرة‪ ،‬واســتكامل وتنســيق منصــات وبرامــج التعــاون الــدويل‬
‫القامئــة‪ ،‬وال ســيام املنظمــة الدوليــة للرشطــة الجنائيــة (اإلنرتبــول)‪ ،‬و "مبــادرة اســرداد األصــول املنهوبــة‬
‫(ســتار)" والشــبكة العامليــة لجهــات االتصــال املعنيــة باســرداد األصــول‪.‬‬
‫وقــد ضمــت الشــبكة إىل غايــة شــهر يونيــو ‪ 150 ،2023‬هيئــة وســلطة إنفــاذ القانــون املعنيــة مبكافحــة‬
‫الفســاد‪ ،‬مبــا ميثــل ‪ 85‬دولــة عضــوا يف األمــم املتحــدة‪ .‬وتوفــر الشــبكة كذلــك إمكانيــة انضــام فئــات أخــرى‬
‫مــن األعضــاء مــن قبيــل فئــة املراقبــن‪ ،‬والهــدف مــن ذلــك هــو الســاح لجميــع املنظــات الدوليــة وجميــع‬
‫الشــبكات الدوليــة املعنيــة باالنضــام إليهــا‪.‬‬
‫انضمــت الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا إىل شــبكة مبــادرة الريــاض منــذ أكتوبــر‬
‫‪ .2021‬كــا تعتــر عضــوا يف اللجنــة التوجيهيــة لشــبكة مبــادرة الريــاض والتــي تشــكلت‪ ،‬بحســب ميثــاق‬
‫الشــبكة‪ ،‬مــن ‪ 15‬دولــة تضــم‪ ،‬باإلضافــة إىل املغــرب‪ ،‬كال مــن الواليــات املتحــدة األمريكيــة‪ ،‬جمهوريــة الصــن‬
‫الشــعبية‪ ،‬روســيا االتحاديــة‪ ،‬تشــييل‪ ،‬جمهورية موريشــيوس‪ ،‬املكســيك‪ ،‬جمهوريــة نيجرييا االتحاديــة‪ ،‬جمهورية‬
‫مقدونيــا الشــالية‪ ،‬جمهوريــة كوريــا الجنوبيــة‪ ،‬جمهوريــة رومانيــا‪ ،‬دولــة فلســطني‪ ،‬جمهوريــة زميبابــوي‪.‬‬
‫وللتذكــر‪ ،‬فقــد تــم انتخــاب إســبانيا رئيســا للجمعيــة العامــة ورئيســا للجنــة التوجيهيــة للشــبكة‪ ،‬واململكــة‬
‫العربيــة الســعودية نائبــا لرئيــس الجمعيــة العامــة ونائبــا لرئيــس اللجنــة التوجيهيــة للشــبكة‪ .‬وتســاهم الهيئــة‪،‬‬
‫يف إطــار مشــاركتها يف أشــغال اللجنــة التوجيهيــة لشــبكة مبــادرة الريــاض وعضويتهــا قــي هــذه الشــبكة‪ ،‬يف‬
‫تعزيــز التعــاون الــدويل يف مجــال محاربــة الفســاد والوقايــة منــه‪ ،‬ويف بنــاء القــدرات لتعزيــز التكامــل مــع‬
‫الشــبكات الدوليــة األخــرى العاملــة يف نفــس املجــال‪ .‬كــا تســتفيد الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن‬
‫الرشــوة ومحاربتهــا مــن برامــج بنــاء القــدرات للمحققــن والعاملــن يف مجــال التحقيقــات املاليــة والجنائيــة‬
‫التــي توفرهــا الشــبكة باإلضافــة إىل تبــادل الخ ـرات يف املجــاالت ذات الصلــة مبكافحــة الفســاد‪.‬‬
‫‪ -7‬الندوة الدولية حول محاربة الفساد‬
‫شــاركت الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‪ ،‬يف أشــغال النســخة العرشيــن مــن املؤمتــر‬
‫املنظــم مــن طــرف منظمــة «الشــفافية الدوليــة" يف واشــنطن يف الفــرة املمتــدة مــن ‪ 6‬إىل ‪ 10‬دجنــر ‪2022‬‬
‫تحــت شــعار "اســتئصال جــذور الفســاد والدفــاع عــن القيــم الدميقراطيــة"‪.‬‬
‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪142‬‬
‫وقــد عــرف املؤمتــر حضــور أكــر مــن ‪ 3000‬مــن املشــاركني رفيعــي املســتوى ميثلــون الســلطات العموميــة‬
‫والقطــاع الخــاص واملجتمــع املــدين ووســائل اإلعــام واملنظــات الدوليــة العاملــة يف مجــال مكافحــة الفســاد‪،‬‬
‫فضــا عــن العـرات مــن املتحدثــن البارزيــن‪ ،‬مبــن فيهــم املديــرة التنفيذيــة ملكتــب األمــم املتحــدة املعنــي‬
‫باملخــدرات والجرميــة‪ ،‬ووزيــر الخارجيــة األمريــي‪ ،‬ورئيــس البنــك الــدويل‪ ،‬ومستشــار األمــن القومــي األمريــي‪،‬‬
‫ورئيســة جمهوريــة مولدوفــا‪ ،‬والعديــد مــن الشــخصيات املرموقــة األخــرى‪.‬‬
‫ويف إطــار االتصــاالت املتعــددة التــي أقامتهــا‪ ،‬عقــد الســيد رئيــس الهيئــة‪ ،‬عــى هامــش مشــاركته يف املؤمتــر‪،‬‬
‫لقاءيــن رفيعــي املســتوى‪:‬‬
‫• األول مــع الســيد ريشــارد نيفيــو املنســق العاملــي ملكافحــة الفســاد بــوزارة الخارجيــة األمريكيــة بحضــور‬
‫مســاعده وممثلــن عــن ســفارة اململكــة املغربيــة بواشــنطن‪ .‬حيــث تــم اســتعراض أهــم التطــورات‬
‫القانونيــة واملؤسســاتية ومــا تــم إنجــازه يف مجــال مكافحــة الفســاد ببالدنــا وكــذا أفــق تطويــر العمــل يف‬
‫هــذا املجــال‪ .‬كــا تــم التطــرق مــن الجانــب األمريــي إىل االسـراتيجية األمريكيــة واألهميــة التــي توليهــا‬
‫اإلدارة األمريكيــة لهــذا املجــال‪ .‬وأعــرب الطرفــان عــن رغبتهــا يف إعطــاء امتــداد لهــذا اللقــاء وتطويــر‬
‫تبــادل املعلومــات والخ ـرات؛‬
‫• والثــاين مــع الســيد محمــدو ديــان‪ ،‬نائــب رئيــس البنــك الــدويل املســؤول عــن النزاهــة ومكافحــة‬
‫الفســاد‪ .‬وحــر هــذا االجتــاع مســؤولو ومعاونــو نائــب الرئيــس‪ .‬وقــد تطــرق اللقــاء إىل بحــث آفــاق‬
‫التعــاون‪ ،‬خاصــة فيــا يتعلــق بتقويــة القــدرات يف مجــال التحقيقــات‪ ،‬وتبــادل املعلومــات وكــذا يف مجــال‬
‫اســتثامر الــذكاء االصطناعــي والتقنيــات املعلوماتيــة لرصــد حــاالت الفســاد وتتبعهــا‪ .‬واتفــق الطرفــان عــى‬
‫تهييــئ وتوقيــع مذكــرة تفاهــم لوضــع اإلطــار املالئــم لتنزيــل رغبتهــا يف تطويــر التعــاون البنــاء واملفيــد‪.‬‬
‫‪ -8‬مجلس أوروبا‬
‫أ‪ -‬دورة تكوينية حول التحقيقات املالية يف قضايا الفساد وغسيل األموال ومتويل اإلرهاب‬
‫يف إطــار الربنامــج املشــرك بــن االتحــاد األورويب ومجلــس أوروبــا الخــاص ب"الدعــم اإلقليمــي لتعزيــز حقــوق‬
‫اإلنســان وســيادة القانــون والدميقراطيــة يف جنــوب البحــر األبيــض املتوســط" (برنامــج الجنــوب الرابــع) ومــروع‬
‫"تعزيــز الحكامــة الجيــدة‪ :‬محاربــة الفســاد وغســيل األمــوال"‪ ،‬نظــم مجلــس أوروبــا‪ ،‬دورة تكوينيــة حــول‬
‫التحقيقــات املاليــة يف قضايــا الفســاد وغســيل األمــوال ومتويــل اإلرهــاب‪ ،‬وذلــك يومــي ‪ 2‬و‪ 3‬فربايــر ‪.2022‬‬
‫واســتهدفت هــذه الــدورة ممثــي املؤسســات املعنيــة واملامرســن بــدول جنــوب البحــر األبيــض املتوســط‪ ،‬كــا‬
‫تــم الرتكيــز خاللهــا عــى تحســن املعرفــة العمليــة والتوعيــة ب‪:‬‬
‫• التحديــات والطــرق املســتخدمة إلجـراء التحقيقــات املاليــة يف جرائــم الفســاد وغســيل األمــوال ومتويــل‬
‫اإلرهاب؛‬
‫• أهمية املعلومات االستخباراتية؛‬
‫• التعــاون الفعــال بــن الســلطات والــوكاالت املختصــة عــى املســتوى اإلقليمــي والــدويل عنــد إج ـراء‬
‫التحقيقــات؛‬
‫• التهديدات التي تشكلها العمالت املشفرة واألصول االفرتاضية وتحديات التحقيقات التكميلية‪.‬‬
‫وناقــش املشــاركون دراســات حالــة عــن الجرميــة االقتصاديــة وأدوات التحقيــق الخاصــة وطلبــات املســاعدة‬
‫القانونيــة املتبادلــة واســرداد األصــول واملســائل ذات الصلــة‪.‬‬
‫‪143‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫ب‪ -‬ورشة العمل اإلقليمية ملجلس أوروبا "شفافية امللكية الفعلية"‬
‫بدعــم مــن مجلــس أوروبــا‪ُ ،‬عقــدت عــن بعــد ورشــة عمــل إقليميــة بتاريــخ ‪ 30‬مــارس ‪ 2022‬يف موضــوع‬
‫املســتفيد الفعــي وشــفافية األشــخاص االعتباريــن واألطــر القانونيــة بــدول جنــوب البحــر األبيــض املتوســط‪.‬‬
‫وشــارك يف أشــغالها ممثلــون عــن وحــدات االســتخبارات املاليــة‪ ،‬وســلطات وهيئــات مكافحــة الفســاد‪ ،‬والبنــوك‬
‫املركزيــة‪ ،‬والقطاعــات الوزاريــة ذات الصلــة واإلدارات الرضيبيــة مــن الواليــات القضائيــة املســتفيدة بــدول‬
‫جنــوب البحــر األبيــض املتوســط‪ ،‬أساســا األردن‪ ،‬املغــرب وتونــس وفلســطني‪.‬‬
‫وكانــت هــذه الورشــة مبثابــة منتــدى لتبــادل الخـرات واملامرســات الجيــدة والتحديــات‪ ،‬باإلضافــة إىل معرفــة‬
‫االتجاهــات الحديثــة التــي أدخلــت عــى األطــر القانونيــة واملؤسســية والتنظيميــة إلنشــاء نظــام فعال لشــفافية‬
‫امللكيــة الفعليــة‪ ،‬فضــا عــن التعــاون العابــر للحــدود وتبــادل املعلومــات والتحقــق مــن ســجالت امللكيــة‬
‫النفعيــة‪ .‬كــا كانــت فرصــة أيضــا لتقييــم املامرســات املقارنــة يف تنفيــذ تدابــر زيــادة شــفافية امللكيــة الفعليــة‬
‫يف البلــدان األوروبيــة‪.‬‬
‫ج‪ -‬محاربة الجرمية االقتصادية من خالل التعاون والتنسيق بني املؤسسات‬
‫يف إطــار‪ ،‬برنامــج "تعزيــز حقــوق اإلنســان وســيادة القانــون والدميقراطيــة يف جنــوب البحــر األبيــض املتوســط"‪،‬‬
‫املرحلــة الرابعــة‪ ،‬ســيام املكــون املتعلــق مبكافحــة الفســاد وغســيل األمــوال‪ ،‬نظمــت الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة‬
‫والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‪ ،‬بتعــاون مــع مجلــس أوروبــا واالتحــاد األورويب‪ ،‬ورشــة عمــل إقليميــة يومــي ‪14‬‬
‫و‪ 15‬يونيــو ‪ ،2022‬تحــت عنــوان "التعــاون والتنســيق املؤسســايت الفعــال للوقايــة ومحاربــة الجرائــم االقتصاديــة"‪.‬‬
‫باإلضافــة إىل املغــرب‪ ،‬شــاركت يف أشــغال هــذه الورشــة مؤسســات مختلفــة مــن دول تونس واألردن وفلســطني‪،‬‬
‫حيــث تــم تقاســم التجــارب والخ ـرات ســيام فيــا يخــص آليــات تعزيــز التعــاون وتنســيق جهــود العمــل‬
‫التشــاريك يف هــذا املجــال‪.‬‬
‫د‪ -‬ورقة فنية عن تنازع املصالح‬
‫يف إطــار مــروع برنامــج "تعزيــز حقــوق اإلنســان وســيادة القانــون والدميقراطيــة يف جنــوب البحــر األبيــض‬
‫املتوســط"‪ ،‬املرحلــة الرابعــة‪ ،‬أعــد مجلــس أوروبــا لفائــدة املغــرب ‪ -‬الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن‬
‫الرشــوة ومحاربتهــا ‪ -‬وثيقــة فنيــة يف موضــوع تنــازع املصالــح‪ .‬وتقــدم هــذه الوثيقــة تحليــا مقارنــا حــول‬
‫املقاربــات التــي اعتمدتهــا العديــد مــن الــدول األوربيــة ودول الــرق األوســط وشــال افريقيــا‪ ،‬لتأطــر‬
‫ومعالجــة وضبــط وضعيــات تنــازع املصالــح‪.‬‬
‫أيضــا املعايــر والتوصيــات‬
‫وميتــد هــذا التحليــل‪ ،‬باإلضافــة إىل األطــر القانونيــة والعمليــة واملؤسســية‪ ،‬ليشــمل ً‬
‫الدوليــة الصــادرة عــن مجلــس أوروبــا‪ ،‬ومجموعــة الــدول املناهضــة للفســاد‪ ،‬ومنظمــة التعــاون والتنميــة‬
‫االقتصاديــة‪ ،‬وشــبكة مكافحــة الفســاد ألوروبــا الرشقيــة وآســيا الوســطى‪ ،‬والبنــك الــدويل ومنظمــة الشــفافية‬
‫الدوليــة‪ ،‬وذلــك بغايــة تحديــد اإلجــراءات التــي ميكــن أن تســاعد املغــرب عــى تحســن إطــاره القانــوين‬
‫واالج ـرايئ املنظــم لتنــازع املصالــح ورصــد التوصيــات املالمئــة يف ســياق املعايــر الدوليــة وكذلــك املامرســات‬
‫الفضــى يف بعــض البلــدان األوروبيــة وغريهــا‪ .‬وقــد اســتثمرت الهيئــة هــذه الوثيقــة يف الدراســة التــي أعدتهــا‬
‫يف املوضــوع‪ ،‬والتــي أنجــزت عــى إثرهــا تقري ـرا موضوعاتيــا مفصــا‪ ،‬يصاحــب هــذا التقريــر الســنوي برســم‬
‫‪ 2022‬ويتضمــن هــذا األخــر يف قســمه الرابــع ملخصــا عنــه‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪144‬‬


‫‪ -9‬مبادرة سيمنس‪ /‬مكتب األمم املتحدة املعني باملخدرات والجرمية‬
‫أ‪ -‬ورشة مثريي االنتباه بشأن جرائم الفساد‬
‫برشاكــة مــع الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‪ ،‬نظــم مكتــب األمــم املتحــدة املعنــي‬
‫باملخــدرات والجرميــة يومــي ‪ 7‬و‪ 8‬يونيــو ‪ ،2022‬ورشــة عمــل يف موضــوع حاميــة مثــري االنتبــاه بشــأن جرائــم‬
‫الفســاد‪ .‬وتهــدف هــذه الورشــة إىل تحديــد مفهــوم حاميــة مثــري االنتبــاه مــن خــال تحليــل أفضــل املامرســات‬
‫الدوليــة ودراســة آخــر التطــورات عــى نطــاق عاملــي مــن أجــل تحديــد أمثــل لهــذا املفهــوم‪ ،‬وعــرض منظــور‬
‫الهيئــة حــول املتطلبــات القانونيــة واملؤسســاتية والعملياتيــة إلذكاء الديناميــة املطلوبــة يف التبليــغ عــن الفســاد‪،‬‬
‫واســتقراء مضامــن مســودة مــروع القانــون التــي تــم إعدادهــا مــن طــرف قطــاع إصــاح اإلدارة يف هــذا املجــال‪.‬‬
‫ب‪ -‬ورشة عمل حول تنازع املصالح‬
‫نظمــت الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة بتعــاون مــع مكتــب األمــم املتحــدة املعنــي باملخــدرات‬
‫والجرميــة ورشــة عمــل حــول تنــازع املصالــح يومــي ‪ 4‬و‪ 5‬يوليــو ‪ .2022‬وتهــدف هــذه الورشــة التــي نُظمــت يف‬
‫إطــار مبــادرة ســيمنز إىل دراســة اإلطــار القانــوين املغــريب يف هــذا املجــال وعــرض املامرســات الفضــى يف مجــال‬
‫تأطــر ومعالجــة وضبــط حــاالت تنــازع املصالــح‪ ،‬عــى مســتوى األشــخاص امللزمــن‪ ،‬والترصيــح باملصالــح‪،‬‬
‫وإج ـراءات تفــادي الوقــوع يف التنــازع‪ ،‬ومســاطر التســوية‪ ،‬وأنــواع الج ـزاء ملواجهــة املخالفــات املرصــودة يف‬
‫هــذا املجــال‪.‬‬
‫‪ -10‬مركز جنيف للدميوقراطية والحكامة األمنية‬
‫أ‪ -‬إعداد منصة إلكرتونية‬
‫يف إطــار التعــاون مــع مركــز جنيــف للدميوقراطيــة والحكامــة األمنيــة‪ ،‬أعــدت الهيئة الوطنيــة للنزاهــة والوقاية‬
‫مــن الرشــوة ومحاربتهــا منصــة إلكرتونيــة تهــدف إىل تعزيــز وصــول املواطنــن إىل املعلومــات املتعلقــة بالنظــام‬
‫الوطنــي ملحاربــة الفســاد يف قطاعــي األمــن والعدالــة بشــكل عــام‪ ،‬وتحديــدا ً يف قطــاع العدالــة الجنائيــة‪.‬‬
‫وتتضمــن هــذه املنصــة اإللكرتونيــة وصفــا للمســاطر واآلليــات املوضوعــة رهــن إشــارة املواطنــن الراغبــن يف‬
‫التبليــغ عــن جرائــم الفســاد‪ .‬كــا تُ ِّكــن مــن فهــم ُم َب َســط لتنظيــم وعمــل النظــام الوطنــي للنزاهــة باملغــرب‪،‬‬
‫وتوضي ـ ٍح لكيفيــة تفعيــل املســاطر الخاصــة بالشــكايات يف مراحلهــا املختلفــة‪ ،‬وفهـ ٍـم لصالحيــات مختلــف‬
‫الفاعلــن املعنيــن مبكافحــة الفســاد عــى املســتوى الوطنــي والعالقــات التــي تربطهم أثنــاء مامرســتهم ملهامهم‪،‬‬
‫والتعريــف بالحقــوق والضامنــات التــي يتمتــع بهــا األشــخاص املشــتبه يف ارتكابهــم أفعــال الفســاد والضحايــا‬
‫املفرتضــن‪ ،‬وتزويــد املواطنــن بالوثائــق املتعلقــة مبكافحــة الفســاد واملواضيــع ذات الصلــة (منشــورات‪ ،‬معجــم‪،‬‬
‫مراجــع ترشيعيــة)‪ .‬كــا توفــر هــذه املنصــة للهيئــة أداة حيويــة للتواصــل والتكويــن‪.‬‬
‫ب‪ -‬دورة تكوينية حول التحقيقات املالية يف جرائم الفساد‬
‫تطبيقــا ألحــكام اتفاقيــة التعــاون املوقعــة بــن الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة من الرشــوة ومحاربتهــا ومركز‬
‫جنيــف للدميوقراطيــة والحكامــة األمنيــة بتاريــخ ‪ 21‬يوليــو ‪ ،2016‬ويف إطــار تقويــة القــدرات واملســاهمة يف‬
‫دعــم التنفيــذ الفعــال للقانــون رقــم ‪ 46.19‬بشــأن الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‪،‬‬
‫نُظمــت لفائــدة مأمــوري الهيئــة دورة تكوينيــة حــول منهجيــة وقيــادة التحقيقــات املاليــة يف جرائــم الفســاد‪.‬‬

‫‪145‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫وقــد مكَّنــت هــذه الــدورة التكوينيــة التــي نظمــت يف إطــار نظــري يتضمــن عروضــا تقدمييــة حــول التحقيقات‬
‫املاليــة وخصوصيــة التحقيقــات يف جرائــم الفســاد‪ ،‬وإطــار عمــي يتنــاول دراســة حــاالت عمليــة يف إطــار‬
‫فــرق تــم عــرض خالصتهــا داخــل جلســات عامــة‪ ،‬مــن تعميــق العنــارص األساســية للتحقيقــات والتحريــات‬
‫الجنائيــة‪ ،‬خاصــة عــر اســتلهام مختلــف املامرســات الجيــدة يف التحقيقــات املاليــة ومنهجيــة تطبيــق التحريــات‬
‫واالســتامع إىل الشــهود واملشــتبه فيهــم‪.‬‬
‫‪ -11‬التعاون جنوب‪ /‬جنوب‬
‫أ‪ -‬تنظيم ندوة دولية بالرباط‬
‫خــال الســنوات األخــرة ازداد الوعــي يف القــارة االفريقيــة بتطــور حجــم ظاهــرة الفســاد وبخطــورة أثــره عــى‬
‫التنميــة واالســتقرار‪ ،‬وتقــوى االهتــام بتطويــر السياســات واالس ـراتيجيات للوقايــة منــه ومكافحتــه‪ ،‬إذ تــم‬
‫إدراجهــا ضمــن أجنــدة إفريقيــا ‪ ،2063‬كرغبــة مدعومــة باعتــاد أطــر قانونيــة شــاملة مــن قبيــل اتفاقيــة‬
‫االتحــاد اإلفريقــي ملنــع الفســاد ومكافحتــه‪.‬‬
‫سـرا عــى هــذا النهــج‪ ،‬جعــل االتحــاد اإلفريقــي مــن ســنة ‪" 2018‬ســنة مكافحــة الفســاد يف إفريقيــا"‪ ،‬حيــث‬
‫تــم الرتكيــز خاللهــا عــى رضورة تقويــة فعاليــة املقاربــات املتبعــة ملكافحــة الفســاد يف القــارة‪ ،‬يف أفــق تحديــد‬
‫اإلجـراءات التــي تهــدف إىل تعزيــز العمــل اإلفريقــي الشــامل واملندمــج‪ ،‬والــذي يجعــل مكافحــة الفســاد التزا ًما‬
‫عمليــا إلحــداث التغيــر املطلــوب يف القــارة االفريقيــة‪.‬‬
‫كــا اعتمــد مؤمتــر رؤســاء دول وحكومــات االتحــاد االفريقــي‪ ،‬يف دورتــه الحاديــة والثالثــن التــي عقــدت ســنة‬
‫‪ ،2018‬إعــان نواكشــوط حــول "الســنة اإلفريقيــة ملكافحــة الفســاد"‪ .‬وكان جاللــة امللــك محمــد الســادس قــد‬
‫بعــث بهــذه املناســبة رســالة إىل املشــاركني أكــد فيهــا أن الفســاد يســاهم يف “االنح ـراف بقواعــد املامرســة‬
‫الدميقراطيــة‪ ،‬ويف تقويــض ســيادة الحــق والقانــون‪ ،‬كــا يــؤدي إىل تــردي جــودة العيــش‪ ،‬وتفــي الجرميــة‬
‫املنظَّمــة‪ ،‬وانعــدام األمــن واإلرهــاب“‪ ،‬مؤكــد عــى أن مكافحــة هــذه اآلفــة تســتدعي “االســتفادة مــن جميــع‬
‫التجــارب والخــرات‪ ،‬يف إطــار رؤيــة موحــدة ينخــرط فيهــا جميــع الــركاء”‪ ،‬مشــددا عــى رضورة وضــع‬
‫محاربتــه “يف صميــم أولوياتنــا‪ ،‬طاملــا أنــه يشـكِّل أكــر عقبــة تعيــق جهــود التنميــة االقتصاديــة واالجتامعيــة‪،‬‬
‫وتحــد مــن طمــوح شــبابنا"‪.‬‬
‫ولإلشــارة‪ ،‬فقــد أحــرزت العديــد مــن الــدول اإلفريقيــة تقد ًما ملموســا عىل مســتوى املــؤرشات الدولية بتســجيل‬
‫درجــات أعــى مــن املتوســط بــل وأحيانـاً أعــى مــن بعــض الــدول املتقدمــة يف هــذا املوضــوع‪ ،‬كــا هــو الشــأن‬
‫بالنســبة لروانــدا‪ ،‬بوتســوانا‪ ،‬الــرأس األخــر‪ ،‬سيشــيل أو ناميبيا‪.‬‬
‫وباملقابــل‪ ،‬كشــفت جائحــة كوفيــد‪ 19-‬أن مامرســات الفســاد تــزداد يف حالــة األزمــات‪ ،‬وتبــدو تأثرياتهــا عــى‬
‫اإلدارة العموميــة وخاصــة عــى األشــخاص يف وضعيــة هشاشــة؛ حيــث أجمعــت مختلــف التقاريــر‪ ،‬ال ســيام‬
‫تقاريــر البنــك الــدويل وصنــدوق النقــد الــدويل وبرنامــج األمــم املتحــدة للتنميــة‪ ،‬عــى هشاشــة نظــم البلــدان‬
‫األكــر تــررا مــن الفســاد‪ ،‬وعــدم قدرتهــا عــى تلبيــة احتياجــات ســكانها ملواجهــة متطلبــات إدارة األزمــات‪،‬‬
‫بالنظــر لتفــي أعــال الفســاد نتيجــة الوضعيــة االســتعجالية والطابــع الفــوري للقـرارات التــي يتعــن اتخاذهــا‬
‫إلدارة الوبــاء‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪146‬‬


‫اســتحضارا لــكل هــذه املعطيــات‪ ،‬تحــت الرعايــة الســامية لصاحــب الجاللــة امللــك محمــد الســادس‪ ،‬نُظــم‬
‫بتعــاون بــن الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا والجمعيــة الفرنســية أوقفــوا الفســاد‬
‫"‪ ،"StopCorruption‬وبرشاكــة مــع جامعــة الربــاط الدوليــة‪ ،‬مؤمتــر دويل حــول الحكامــة الرشــيدة بإفريقيــا‪،‬‬
‫تحــت شــعار‪ " :‬الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪ :‬تحــدي التنميــة بالقــارة اإلفريقيــة‪ ،‬جــواب عــى االنتظــارات‬
‫املرشوعــة للشــباب"‪ ،‬وذلــك يومــي ‪ 19‬و‪ 20‬أكتوبــر ‪ ،2022‬بعدمــا حــال انتشــار وبــاء كورونــا دون انعقــاده يف‬
‫مــارس ‪ 2020‬كــا كان مقــررا لــه يف البدايــة‪.‬‬
‫شــاركت يف هــذا املؤمتــر شــخصيات رفيعــة املســتوى مــن أوروبــا واملغــرب ودول إفريقيــا للمســاهمة يف تعميــق‬
‫الق ـراءة للرهانــات املطروحــة واســترشاف للرافعــات القــادرة عــى متكــن البلــدان اإلفريقيــة مــن القضــاء عــى‬
‫ظاهــرة الفســاد ومتهيــد الطريــق نحــو تنمية مســتدامة قــادرة عىل تلبيــة التطلعــات املرشوعة ملختلــف املواطنني‬
‫والفاعلــن املعنيــن بهــذه الــدول‪ ،‬وخاصــة الشــباب منهــم‪ .‬كــا تخللــت هــذه التظاهــرة مجموعــة مــن ورشــات‬
‫العمــل حــول التحــول االقتصــادي‪ ،‬ودور املؤسســات الدوليــة واإلقليميــة‪ ،‬واالسـراتيجيات التــي تنفذهــا الــدول‪،‬‬
‫وتعبئــة املجتمــع املــدين واســتنهاض األدوار الحيويــة لشــباب بلــدان القــارة الســوداء يف هــذا املجــال‪.‬‬
‫ب‪ -‬استقبال الوفود األجنبية‬
‫يف إطــار تنميــة ال ـراكات مــع هيئــات مكافحــة الفســاد املامثلــة‪ ،‬عــى مســتوى التعــاون جنــوب‪ -‬جنــوب‪،‬‬
‫عملــت الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا عــى نســج وتطويــر عالقــات ثنائيــة مــع‬
‫العديــد مــن الــدول وذلــك مــن أجــل تقاســم التجــارب وتبــادل الخـرات يف مجــال الحكامــة الرشــيدة وترســيخ‬
‫ثقافــة النزاهــة والشــفافية ومكافحــة الفســاد‪.‬‬
‫وهكــذا اســتقبلت الهيئــة خــال الســنة املاضيــة وفديــن رفيعــي املســتوى مــن كل مــن دولــة الغابــون وليبيــا‪.‬‬
‫وتــم إطــاع الوفديــن عــى التقــدم الــذي يعرفــه املغــرب يف مجــال تطويــر آليــات مكافحــة الفســاد‪ ،‬خاصــة‬
‫مــا يتعلــق بتقويــة اإلطــار القانــوين للهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا الــذي ســيمكنها‬
‫مــن املســاهمة يف املجهــود الوطنــي ملكافحــة الفســاد بفعاليــة يف إطــار التكامــل مــع باقــي املؤسســات املعنيــة‬
‫بهــذا املوضــوع وقيامهــا بأدوارهــا الدســتورية يف اإلرشاف والتنســيق وضــان تتبــع تنفيــذ سياســات الدولــة يف‬
‫هــذا املجــال‪ ،‬كــا تــم تقديــم ق ـراءة مســتفيضة حــول اختصاصــات الهيئــة ودورهــا يف محاربــة الفســاد مــن‬
‫خــال اإلطــار الترشيعــي والتنظيمــي للهيئــة‪ ،‬والهيــكل التنظيمــي لجهــاز مأموريهــا‪.‬‬
‫ويف نفــس اإلطــار‪ ،‬نظــم للوفديــن املذكوريــن برنامــج عمــل ولقــاءات مــع مســؤويل كل مــن املجلــس االعــى‬
‫للحســابات ومؤسســة وســيط اململكــة ورئاســة النيابــة العامــة والهيئــة الوطنيــة للمعلومــات املاليــة ووزارة‬
‫االنتقــال الرقمــي واصــاح اإلدارة‪ ،‬وذلــك بغيــة تكويــن رؤيــة حــول املشــهد املؤسســايت املغــريب واالطــاع عــى‬
‫جهــود وأدوار هــذه املؤسســات يف مجــال الرقابــة املاليــة وترســيخ الحكامــة الجيــدة ومكافحــة الفســاد‪.‬‬
‫وتــم خــال هــذه اللقــاءات التعبــر عــى انفتــاح األط ـراف عــى الرشاكــة والتعــاون وتنســيق الجهــود‪ ،‬مــع‬
‫تأكيــد رغبــة األط ـراف يف التوقيــع الحقــا عــى مذك ـرات تفاهــم تهــم تبــادل الزيــارات واللقــاءات والن ـرات‬
‫واملعلومــات واالطــاع عــى أســاليب وآليــات العمــل والتجــارب ذات االهتــام املشــرك‪ ،‬وتنظيم برامــج تدريبية‬
‫للرفــع مــن مســتوى األداء وجــودة العمــل يف املجــاالت ذات الصلــة‪ ،‬وتبــادل الخـرات واالستشــارات املهنيــة يف‬
‫مجــال العمــل الرقــايب‪ ،‬والتنســيق يف مختلــف املحافــل واملناســبات القاريــة والجهويــة والدوليــة‪.‬‬

‫‪147‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫الباب الثالث‪ :‬تهييء أسس إطالق اسرتاتيجية الهيئة يف مجال التواصل‬
‫تفاعــا مــع املهــام املنوطــة بالهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‪ ،‬تــم إعــداد التوجهــات‬
‫العامــة للتواصــل التــي مــن شــأنها أن تســمح بتعزيــز الروابــط مــع مختلــف الجهــات املســتهدفة‪ ،‬ونــر ثقافــة‬
‫وقيــم النزاهــة والحكامــة املســؤولة‪ ،‬ودعــم التدابــر امللموســة يف مجــال مكافحــة الفســاد‪ .‬كــا تــم تحديــد‬
‫املحــاور األساســية مــن أجــل تواصــل الهيئــة مــع محيطهــا‪ ،‬وذلــك مــن خــال فتــح قنــوات التواصــل املناســبة‬
‫والرســائل الهادفــة واســتخدام تقنيــات الرصــد واملراقبــة‪.‬‬
‫الفصــل األول‪ :‬ميثــاق الجرافيــك ‪ charte graphique‬الخــاص بالهيئــة الوطنية للنزاهــة والوقاية‬
‫مــن الرشــوة ومحاربتهــا عنــر أســايس يف اسـراتيجية التواصل‬
‫عرفــت ســنة ‪ ،2022‬وضــع واعتــاد ميثــاق "الجرافيــك"‪ ،Charte Graphique‬الــذي يلعــب دو ًرا مركزيًــا يف‬
‫إنشــاء الهويــة البرصيــة ‪ identité visuelle‬لـــلهيئة وتصميــم رمــز هويتهــا ‪.Logo‬‬
‫ويســمح امليثــاق الجرافيــي للهيئــة بضــان التناســق البــري وتعزيــز التعــرف عــى الهويــة البرصيــة عــى‬
‫مســتوى جميــع الوســائط املختلفــة بشــكل متناســق؛ حيــث تــم‪ ،‬عــى هــذا األســاس‪ ،‬ترصيــف رمــز هويــة‬
‫‪ Logo‬الهيئــة‪ ،‬باللغــات األمازيغيــة ‪-‬العربيــة والعربية‪-‬الفرنســية والعربيــة ‪-‬اإلنجليزيــة‪.‬‬
‫الرسم رقم ‪ :1‬رمز هوية ‪ Logo‬الهيئة‬

‫وإىل جانــب تصميــم رمــز الهويــة ‪ ،Logo‬تــم التفكــر فيــا ميكــن تســميته بالتوقيــع املؤســي‪la signature‬‬
‫‪ institutionnelle‬أو شــعار املؤسســة مــن أجــل التعبــر بشــكل أكــر عــن هويــة املؤسســة والعمــل عــى‬
‫مقروئيــة مجــال عملهــا ومتوقعهــا‪ ،‬كــا يشــكل ترجمــة شــاملة للقناعــات والقيــم التــي تحملهــا الهيئــة‪ ،‬وهــو‬
‫عبــارة عــن محــدد داليل رمــزي متــت صياغتــه بشــكل لغــوي مبســط يســهل تثبيتــه يف ذاكــرة جميــع الفئــات‬
‫املســتهدفة واملعــر عنــه مــن خــال ‪" :‬النزاهــة قــوة مجتمــع"‪.‬‬
‫وباملــوازاة مــع الهويــة البرصيــة‪ ،‬تــم اســتكامل املــروع املفتــوح حــول قيــم الهيئــة التــي متثــل املبــادئ‬
‫املرجعيــة‪ ،‬والتــي تعمــل الهيئــة وتطالــب باالمتثــال الكامــل لهــا‪ ،‬مبــا يســاهم يف تحديــد جوهــر وفلســفة‬
‫هويتهــا ومنظورهــا‪.‬‬
‫وقــد أتاحــت املقاربــة التشــاركية التــي تتبناهــا الهيئــة كقاعــدة عامــة الشــتغالها‪ ،‬ملســؤويل وأطــر الهيئــة فرصــة‬
‫للمســاهمة يف إبـراز قناعاتهــم واقرتاحاتهــم بخصــوص أهــم القيــم التــي يجــب أن تبني عليهــا الهيئــة منظورها‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪148‬‬


‫كــا تــم اســتكامل هــذه املنهجيــة مبجموعــة مــن الدراســات التــي أفضــت‪ ،‬مــن خــال التقاطــع فيــا بينهــا‪،‬‬
‫إىل الخــروج بعــدد مهــم مــن القيــم‪ ،‬تــم االحتفــاظ مــن منهــا بســت (‪ )6‬قيــم تنــدرج ضمــن رؤيــة متكاملــة‪.54‬‬
‫الفصــل الثــاين‪ :‬حضــور الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا يف العــامل‬
‫الرقمــي‬
‫متيــزت ســنة ‪ 2022‬بإطــاق االستشــارات مــع الــوكاالت املتخصصــة يف التواصــل الرقمــي بهــدف تدعيــم‬
‫اســراتيجية الهيئــة يف مجــال التواصــل وتهيــيء املحطــات األوىل إلطالقهــا‪.‬‬
‫ألجــل ذلــك‪ ،‬واصلــت الهيئــة تطويــر حضورهــا يف العــامل الرقمــي باســتحضار مختلــف أبعــاد اإلدارة الرقميــة‪،‬‬
‫وكيفيــات التواجــد والحضــور يف العــامل االفـرايض‪ ،‬ومعايــر اختيــار منصــات الشــبكات االجتامعيــة‪ ،‬وغريهــا مــن‬
‫املعطيــات‪ ،‬متهيــدا إلعــداد اسـراتيجية متكاملــة يف هــذا املجــال مــن جهــة أخــرى‪ ،‬وتدعيــا ملخططــات تواصــل‬
‫الهيئــة بشــكل عــام‪ ،‬وتواصلهــا الرقمــي بشــكل خــاص‪ ،‬عملــت الهيئــة عــى تطويــر خارطــة طريــق‪ ،‬اعتــادا‬
‫عــى االستشــارات التــي أطلقتهــا خــال ســنة ‪ 2022‬مــع الــوكاالت املتخصصــة؛ حيــث تــم تحديــد منهجيــة‬
‫عمــل تقــوم عــى تقييــم الوضــع الحــايل‪ ،‬ووضــع االس ـراتيجية‪ ،‬وتحديــد األهــداف وتتبــع تقدمهــا‪،‬‬
‫باإلضافــة إىل اســتثامر التقنيــات املتاحــة مــن اختيــار املنصــات‪ ،‬وإنشــاء حســابات مهنيــة للهيئــة‪ ،‬وتحديــد‬
‫الفاعلــن‪ ،‬والتخطيــط وجدولــة النــر‪ ،‬والتدبــر واإلرشاف عــى التفاعــل االجتامعــي‪ ،‬مــع قيــاس ومتابعــة‬
‫التوجهــات ومــدى تطابقهــا مــع األهــداف املســطرة‪.‬‬
‫الفصــل الثالــث‪ :‬مــروع إعــادة تصميــم املوقــع اســتجابة مليثــاق الجرافيــك الجديــد الخــاص‬
‫بـالهيئة‬
‫مــن جهــة أخــرى‪ ،‬شــكل مــروع إعــادة تصميــم املوقــع اإللكــروين للهيئــة محــورا مهــا ضمــن اس ـراتيجية‬
‫الهيئــة التواصليــة؛ حيــث يعتــر موقــع الويــب قنــاة رســمية للتواصــل ومســاحة لنــر ومشــاركة اإلنجــازات‬
‫ونقــل رســائل وقيــم املؤسســة‪ ،‬باإلضافــة إىل اإلخبــارات والبيانــات ذات الصلــة مبجــال تدخــل الهيئــة‪.‬‬
‫ويتجــاوب مــروع إعــادة تصميــم املوقــع اإللكــروين للهيئــة مــع متطلبــات تنفيــذ ميثــاق الجرافيــك الجديــد‬
‫للمؤسســة‪ ،‬كــا هــو الحــال بالنســبة لجميــع الدعامــات والوســائط‪ .‬كــا تعتــر إعــادة تصميــم املوقــع فرصــة‬
‫لتطويــر مضامينــه ولضــان قابليــة االســتخدام مبواصفــات الجاذبيــة والحداثــة والتكيــف مــع تنــوع منصــات‬
‫التواصــل‪.‬‬
‫وتــم أيضــا‪ ،‬يف إطــار هــذا الــورش‪ ،‬إضافــة وظائــف جديــدة لبوابــة الهيئــة‪ ،‬خاصــة مــا يتعلــق بدمــج الرابــط‬
‫مــع منصــة التبليــغ عــن الفســاد‪ ،‬وخلــق روابــط مــع شــبكات التواصــل االجتامعــي‪ ،‬وإحــداث رابــط خــاص‬
‫بالنــر االســتباقي تفعيــا ملقتضيــات القانــون رقــم ‪ 31.13‬املتعلــق بالحــق يف الحصــول عــى املعلومــات‪.‬‬
‫كــا ســيتم تعزيــز املوقــع بجميــع منشــورات الهيئــة‪ ،‬وإنتاجــات املرصــد‪ ،‬واملعلومــات املتعلقــة بالتوظيــف‪،‬‬
‫وامليزانيــات‪ ،‬وعــروض الصفقــات العموميــة‪ ،‬واآلراء‪ ،‬وكــذا املعلومــات املخصصــة للمواطنــن وممثــي القطــاع‬
‫الخــاص واملجتمــع املــدين واألكادمييــن‪.‬‬

‫‪ - 54‬تنظر الئحة القيم يف امللحق ‪7‬‬

‫‪149‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫وتســتهدف بوابــة الجديــدة للهيئــة‪ ،‬خلــق مســاحات للتواصــل مــع مســتخدمي اإلنرتنــت‪ ،‬بهــدف رفــع مســتوى‬
‫الوعــي لديهــم حــول املبــادرات املختلفــة التــي تقــوم بهــا الهيئــة وكــذا حــول مواضيــع محــددة يف مجــال‬
‫الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪.‬‬
‫‪55‬‬‫الباب الرابع‪ :‬تحيني اسرتاتيجية التحول الرقمي للهيئة‬
‫متاشــيا مــع توجهــات الهيئــة‪ ،‬قامــت هــذه االخــرة بتحيــن اس ـراتيجيتها الرقميــة للفــرة ‪ 2025-2023‬وذلــك‬
‫قصــد مالءمتهــا مــع أولوياتهــا؛ حيــث متــت إعــادة بلــورة اس ـراتيجية التحــول الرقمــي للهيئــة حــول ســبعة‬
‫محــاور متكاملــة ومرتابطــة كــا هــو موضــح يف الرســم البيــاين اآليت ‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬أهداف ومكونات محاور اسرتاتيجية التحول الرقمي للهيئة‬


‫وتهــم إرســاء نظــم املعلومــات املتعلقــة باملهــن األساســية للهيئــة‪ ،‬ووضــع نظــم املعلومــات الالزمــة لتحقيــق‬
‫التحــول الرقمــي الداخــي للهيئــة‪ ،‬وتعزيــز وســائل التواصــل والتواجــد الرقمــي‪ ،‬والنهــوض بالبنيــة التحتيــة‬
‫الرقميــة‪ ،‬وتعزيــز األمــن الرقمــي‪ ،‬وتعزيــز املــوارد والقــدرات الرقميــة‪.‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬إرساء نظام يقظة رصدية خاص بشبكات التواصل االجتامعي والويب‬
‫يف مجــال مكافحــة الفســاد‪ ،‬تعتــر املعلومــة والتقــاط البيانــات‪ ،‬عن ـرا حاســا للمســاهمة يف اإلملــام بوضــع‬
‫الفســاد وإدراك املواطنــن والفاعلــن‪ ،‬وبالتــايل يف دعــم أســس اتخــاذ اإلجـراءات والتدابــر الناجعــة للحــد مــن‬
‫هــذه اآلفــة‪ .‬أخــذا بعــن االعتبــار الكــم الكبــر مــن البيانــات التــي توجــد يف عــامل الويــب‪ ،‬أضحــى اللجــوء إىل‬
‫اســتعامل برامــج متكــن مــن الرصــد والفــرز للحصــول عــى املعطيــات املطلوبــة بطريقــة آنيــة فــور طرحهــا‪،‬‬
‫رشطًــا أساســيا الســتثامر هــذه البيانــات وتقاطعاتهــا يف تحليــل وضــع الفســاد وتطــوره وللمســاعدة عــى اتخــاذ‬
‫القـرارات الصائبــة‪.‬‬
‫‪ - 55‬تنظر التفاصيل املتعلقة بهذا الباب يف امللحق ‪5‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪150‬‬


‫لهــذا الغــرض‪ ،‬فقــد تــم القيــام بدراســة مــن أجــل استكشــاف الربامــج التــي تقــدم خدمــات يف هــذا املجــال‬
‫وتســاهم يف تحقــق األهــداف املذكــورة ســالفا‪ ،‬وأســفرت الدراســة‪ ،‬كمرحلــة أوىل‪ ،‬عــن اشــراك الهيئــة يف‬
‫برنامــج يقظــة رصديــة خــاص بشــبكات التواصــل االجتامعــي والويــب وتكييفــه انطالقــا مــن خصوصيــات‬
‫الهيئــة وحاجياتهــا‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬إرساء نظام لتلقي الشكايات والتبليغات واملعلومات املتعلقة بأفعال الفساد‬
‫تتميــز خدمــة معالجــة الشــكايات والتبليغــات واملعلومــات بتعــدد املســاطر واملتدخلــن وكــذا بتدبــر عــدد‬
‫مهــم مــن الوثائــق واملعلومــات بشــتى األشــكال واألحجــام‪ .‬وحتــى يتســنى تطويــر نظــام ناجــع لتدبــر هــذه‬
‫الخدمــة‪ ،‬التــي تتطلــب الدقــة‪ ،‬والحفــاظ عــى الرسيــة التامــة للبيانــات التــي يتــم التعامــل معهــا وحفــظ‬
‫أثــر التبــادالت املتعلقــة بهــا‪ ،‬فقــد اعتمــدت الهيئــة مقاربــة ترتكــز عــى الرقمنــة التدريجيــة لوظائــف هــذه‬
‫املنظومــة‪ ،‬بــدء بتوفــر الخدمــة املتعلقــة بتلقــي الشــكايات والتبليغــات واملعلومــات املرتبطــة بأفعــال الفســاد‬
‫وفتحهــا للمرتفقــن‪.‬‬
‫ولضــان الرسعــة والنجاعــة يف توفــر النســخة األوىل لهــذه الخدمــة‪ ،‬كشــباك موحــد يهــدف إىل تقريبهــا‬
‫مــن املرتفقــن وجعلهــا متاحــة عــى مــدار الســاعة بغــض النظــر عــن مواقعهــم الجغرافيــة‪ ،‬اختــارت الهيئــة‬
‫مســلك الرشاكــة مــع وكالــة التنميــة الرقميــة‪ ،‬عــى أســاس دفــر التحمــات الخــاص بنظــام تلقــي الشــكايات‬
‫والتبليغــات واملعلومــات‪.‬‬
‫الباب الخامس‪ :‬النهوض بقدرات الدعم لدى الهيئة‬
‫يف إطــار اســتكامل آليــات اشــتغالها الوظيفيــة‪ ،‬والنهــوض بقدراتهــا التنظيميــة‪ ،‬واصلــت الهيئــة خــال ســنة‬
‫‪ 2022‬تعزيــز مواردهــا البرشيــة‪ ،‬وعقلنــة تدبريهــا املــايل واإلداري‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬النهوض بالرأسامل البرشي للهيئة‬
‫أوال‪ -‬استكامل النظام األسايس الخاص باملوارد البرشية العاملة بالهيئة‬
‫بعــد دخــول القانــون رقــم ‪ 46.19‬املتعلــق بالهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا حيــز‬
‫التنفيــذ‪ ،‬عــى إثــر صــدور بيــان الديــوان امللــي بتعيــن أعضــاء مجلســها وأمينها العــام‪ ،‬وتفعيــا ملقتضيــات املادة‬
‫‪ 17‬مــن القانــون املذكــور‪ ،‬قامــت الهيئــة بتنســيق مــع الــوزارة املنتدبــة لــدى وزارة االقتصــاد واملاليــة املكلفــة‬
‫بامليزانيــة باســتكامل مــروع النظــام األســايس الخــاص باملــوارد البرشيــة العاملــة بالهيئــة‪ ،‬حيــث تــم عــرض هذا‬
‫املــروع للمصادقــة عليــه مــن طــرف مجلــس الهيئــة خــال اجتامعــه املنعقــد بتاريــخ ‪ 13‬نونــر ‪.2022‬‬
‫ويهــدف النظــام األســايس الخــاص باملــوارد البرشيــة إىل وضــع آليــات تدبــر املــوارد البرشيــة للهيئــة‪ ،‬وذلــك يف‬
‫انســجام مــع مــا تتميــز بــه الهيئــة مــن الشــخصية االعتباريــة واالســتقالل املــايل واإلداري‪ .‬كــا أن هــذا النظــام‪،‬‬
‫الــذي يتبنــى مبــدأ التحفيــز مقابــل األداء وااللت ـزام بتحقيــق األهــداف‪ ،‬مــن شــأنه أن يســاعد الهيئــة عــى‬
‫اســتقطاب الخـرات والكفــاءات املطلوبــة وتدبريهــا مبــا يســتجيب لتحقيــق النجاعــة والفعاليــة الالزمتــن مــن‬
‫أجــل القيــام باملهــام املوكولــة لهــا‪.‬‬

‫‪151‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫ثانيا‪ -‬التوظيف واإلدماج‬
‫عرفــت ســنة ‪ 2022‬اســتقدام عــر كفــاءات مؤهلــــة عــر مســطرة اإللحــاق لتقويــــة قــدرات الهيئــة لالضطالع‬
‫باملهــام املنوطــة بهــا‪ ،‬وكــذا تشــكيل النــواة األوىل لصنــف املأموريــن الذيــن يضطلعــون مبهــام معالجــة ودراســة‬
‫الشــكايات والتبليغــات والقيــام باألبحــاث والتحريــات بخصــوص امللفــات التــي تشــكل شــبهات فســاد‪ .‬ويتعلــق‬
‫األمــر بقضــاة مــن الدرجــة االســتثنائية ملحقــن مــن املجلــــس األعــــى للحســــابات وعمــداء وضبــاط الرشطــة‬
‫من املديريــــة العامــــة ملراقبــــة الـتــراب الوطنــــي واملديريــــة العامــــة لألمــــن الوطنــــي‪ ،‬وكــــذا مفتشني‬
‫ومحققــن مــن إدارة الجـمـــارك والرضائــب غــر املبــارشة‪.‬‬
‫وبعــد دخــول القانــون رقــم ‪ 46.19‬املتعلــق بالهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا حيــز‬
‫التنفيــذ‪ ،‬وتفعيــا ملقتضياتــه وكــذا ملقتضيــات القســم الخــاص بفئــة املأمــورون يف النظــام األســايس للمــوارد‬
‫البرشيــة العاملــة بالهيئــة‪ ،‬قــام هــؤالء املأمــورون بــأداء اليمــن القانونيــة أمــام محكمــة االســتئناف بالربــاط‬
‫وذلــك يف إطــار اســتكامل الصفــة التــي تخولهــم املبــارشة الفعليــة للمهــام املنوطــة بهــم‪.‬‬
‫وإىل حــدود ‪ 31‬دجنــر ‪ ،2022‬ويف إطــار انخ ـراط الهيئــة أواخــر الســنة املذكــورة يف تهيــيء عمليــة توظيــف‬
‫واســعة عــى أســاس املناصــب املاليــة املخصصــة لســنة ‪ ،2023‬بلــغ العــدد اإلجــايل للمــوارد البرشيــة العاملــة‬
‫بالهيئــة ‪ .46‬وتشــكل نســبة النســاء ‪ %37‬مــن مجمــوع املــوارد البرشيــة؛ مبــا يتجــاوب مــع الســعي املســتمر‬
‫إىل تحقيــق مبــدأ املناصفــة‪.‬‬
‫وتفعيــا ملقتضيــات القانــون رقــم ‪ 46.19‬ســالف الذكــر‪ ،‬واملــادة ‪ 169‬مــن النظــام األســايس الخــاص باملــوارد‬
‫البرشيــة العاملــة بالهيئــة‪ ،‬ســهرت هــذه األخــرة عــى وضــع اآلليــات الضامنــة للنقــل الســلس واملحافــظ‬
‫عــى االســتمرارية‪ ،‬للمناصــب املاليــة للمــوارد البرشيــة العاملــة بالهيئــة املركزيــة للوقايــة مــن الرشــوة إىل‬
‫الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‪ ،‬اعتــادا عــى طلبــات اإلدمــاج املقدمــة مــن طــرف‬
‫املعنيــن باألمــر‪ .‬ومــن أجــل ذلــك تــم إبـرام اتفاقيــات مــع مختلــف القطاعــات واملؤسســات املعنيــة؛ "الخزينــة‬
‫العامــة للمملكــة‪ ،‬الصنــدوق الوطنــي ملنظــات االحتيــاط الجامعــي‪ ،‬الصنــدوق املغــريب للتقاعــد‪ ،‬وكــذا النظــام‬
‫الجامعــي ملنــح رواتــب التقاعــد"‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬التكوين‬
‫نظمــت الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا عــدة دورات تكوينيــة مبعــدل إجــايل بلــغ‬
‫‪ 174‬يومــا تكوينيــا‪ .‬وبلــغ عــدد املســتفيدين مــن هــذه الــدورات التكوينيــة مــا يناهــز ‪ 20‬مســتفيدا مــا بــن‬
‫موظفــن ومأموريــن‪.‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التدبري املايل ومليزانيايت‬
‫أوال‪ -‬تقديم عام مليزانية الهيئة برسم سنة ‪ 2022‬وتنفيذها‬
‫بلــغ مجمــوع ميزانيــة الهيئــة لســنة ‪ 2022‬مــا قــدره ‪ 70‬مليــون درهــم مقابــل ‪ 54‬مليــون تــم رصدهــا برســم‬
‫ســنة ‪ ،2021‬بنســبة منــو تناهــز ‪ .%55‬وتتــوزع هــذه امليزانيــة عــى النحــو التــايل‪:‬‬
‫• اعتــادات املعــدات والنفقــات املختلفــة مببلــغ ‪ 45‬مليــون درهــم‪ ،‬بنســبة زيــادة وصلــت ‪ %80‬مقارنــة‬
‫بسنة ‪2021‬؛‬
‫• اعتامدات االستثامر مببلغ ‪ 25‬مليون درهم‪ ،‬بنسبة زيادة بلغت ‪ %40‬مقارنة بسنة ‪.2021‬‬
‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪152‬‬
‫وعــى صعيــد تنفيــذ هــذه امليزانيــة‪ ،‬فقــد بلــغ الحجــم اإلجــايل للنفقــات امللتــزم بها خــال ‪ 2022‬مــا مجموعه‬
‫‪ 17 284 919,13‬درهــا‪ ،‬مقابــل ‪ 20 198 594,80‬درهــا خــال ‪ ،2021‬مســجال بذلــك تراجعــا بنســبة تناهــز‬
‫‪ .%14‬ويرجــع التباطــؤ امللحــوظ إىل تراجــع نفقــات االســتثامر امللتــزم بهــا بنســبة ‪ %27‬كــا هــو مفصــل يف‬
‫الجــدول أدنــاه‪.‬‬
‫وتنبغــي اإلشــارة بهــذا الخصــوص إىل أن ميزانيــة ‪ 2022‬تــم إعدادهــا عــى خلفيــة دخــول قانونهــا حيــز النفــاذ‬
‫والتفعيــل يف أوائــل الســنة املذكــورة‪ ،‬األمــر الــذي كان مفروضــا أن تصاحبــه مجهــودات لتعزيــز القــدرات‬
‫وترسيــع وتــرة املشــاريع‪ ،‬ال ســيام مشــاريع االســتثامر‪ .‬الــيء الــذي مل يتحقــق إال يف أواخــر الســنة وحــال دون‬
‫متكــن الهيئــة مــن جميــع املؤهــات لتنفيــذ مخططاتهــا كاملــة‪.‬‬
‫جدول تفصييل بالنفقات امللتزم بها برسم ‪ 2022‬مقارنة مع سنة ‪2021‬‬

‫وقــد ســجل مــؤرش أداء النفقــات امللتــزم بهــا مــن مجمــوع ميزانيــة ‪ 2022‬تحســنا هامــا؛ إذ ارتفــع منســوب‬
‫األداءات عــى صعيــد مجمــوع النفقــات بنســبة ‪ %25‬مقارنــة بســنة ‪ .2021‬وه ـ َّم هــذا التحســن املســجل‬
‫أداءات املعــدات والنفقــات املختلفــة وأداءات االســتثامر‪ ،‬كــا يبــن ذلــك الجــدول التــايل‪:‬‬
‫تطور أداء النفقات برسم ‪ 2022‬مقارنة مع سنة ‪2021‬‬

‫ثانيا‪ -‬الحصيلة النوعية لتنفيذ امليزانية‪:‬‬


‫‪ -1‬توزيع النفقات حسب نوعية الطلبيات‬
‫شــملت مشــريات الهيئــة املســجلة برســم ‪ ،2022‬جميــع أنــواع الطلبيــات العموميــة مــن صفقــات عموميــة‪،‬‬
‫واتفاقيــات‪ ،‬وعقــود القانــون العــادي‪ ،‬وســندات الطلــب‪ .‬وقــد بلغــت القيمــة اإلجامليــة لاللتـزام بهــا مــا قــدره ‪2‬‬
‫‪ 439 865,13‬درهــم مقابــل ‪ 10 574 216,15‬درهــم خــال ‪ .2021‬ويوضــح الجــدول أســفله توزيع هــذه الطلبيات‪.‬‬

‫‪153‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫جدول وضعية الطلبيات العمومية امللتزم بها برسم ‪ 2022‬مقارنة بسنة ‪2021‬‬

‫وقــد عرفــت قيمــة مجمــوع الطلبيــات انخفاضــا بنســبة تناهــز ‪ %77‬برســم ‪ 2022‬مقارنــة بســنة ‪ .2021‬ويعزى‬
‫هــذا االنخفــاض إىل اســتمرار الهيئــة يف تنفيــذ الصفقــات واملشــاريع التــي تــم اطالقهــا وااللت ـزام بهــا خــال‬
‫ســنتي ‪ 2020‬و‪ ،2021‬مبــا يف ذلــك "مــروع تهيئــة توســيع مقــر الهيئــة"‪ ،‬و"صفقــة اقتنــاء عتــاد املكتــب"‪،‬‬
‫و"صفقــة اقتنــاء العتــاد املعلومــايت"‪ ،‬و"صفقــة إنجــاز البوابــة الوطنيــة للنزاهــة"‪ ،‬و"صفقــة اقتنــاء وتركيــب‬
‫عتــاد ســمعي بــري يف قاعــة املجلــس ومكاتــب االســتامع"‪.‬‬
‫وقــد ســجلت القيمــة االجامليــة للمصاريــف عــن طريــق عقــود القانــون العــادي واالتفاقيــات وســندات الطلب‬
‫اســتقرارا بــن ســنتي ‪ 2021‬و‪ ،2022‬حيــث بلغــت عــى التــوايل ‪ 2,6‬مليــون درهــم و‪ 2,2‬مليــون درهــم‪.‬‬
‫‪ -2‬إبرام وإنجاز الصفقات العمومية‬
‫تــم خــال ســنة ‪ 2022‬إبـرام ‪ 03‬صفقــات جديــدة‪ ،‬حــدد مبلــغ االلتـزام بهــا يف ‪ 214 859,44‬درهــا‪ ،‬وهمــت‬
‫كال مــن "صفقــة أمــن وحراســة املبــاين اإلداريــة"‪ ،‬و"صفقــة صيانتهــا وتنظيفهــا"‪ ،‬وكــذا "صفقــة اقتنــاء وتركيــب‬
‫ســتائر املكاتــب"‪.‬‬
‫‪-3‬إبرام اتفاقيات وعقود القانون العادي‬
‫شــكلت مبالــغ االتفاقيــات والعقــود ذات الطابــع اللوجســتييك حصــة ‪ %63‬مــن مجمــوع النفقــات املتعلقــة‬
‫بالنفقــات املنجــزة عــن طريــق اتفاقيــات وعقــود القانــون العــادي‪ ،‬مقابــل ‪ %60‬برســم ‪ ،2021‬كــا هــو مبــن‬
‫يف الجــدول أدنــاه‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪154‬‬


‫جدول توزيع االتفاقيات والعقود املربمة خالل سنة ‪ 2022‬حسب الغاية املتوخاة منها‬

‫وقــد شــملت النفقــات املذكــورة عــى الخصــوص نفقــات اقتنــاء صوي ـرات لتســديد إتــاوات املــاء والكهربــاء‬
‫والهاتــف‪ ،‬ونفقــات اقتنــاء صويـرات لـراء املحروقــات وإصــاح حظــرة الســيارات‪ ،‬وذلــك يف حــدود ‪ %43‬مــن‬
‫املبلــغ اإلجــايل لهــذه النفقــات‪ ،‬والنفقــات املتعلقــة باقتنــاء عربتــن لتجديــد حظــرة الســيارات وتأمينهــا يف‬
‫حــدود ‪ .‬أمــا الباقــي (‪ )%19‬ف َهـ َّم عــى الخصــوص نفقــات إطعــام وإيــواء الضيــوف واملشــاركني يف التظاهـرات‬
‫والنــدوات التــي نظمتهــا الهيئــة ســنة ‪.2022‬‬
‫‪ -4‬إبرام وتنفيذ سندات الطلب‪:‬‬
‫تــم إعــداد وإب ـرام ‪ 20‬ســند طلــب مببلــغ كيل وصــل إىل ‪ 386 650,33‬درهــم برســم ‪ ،2022‬مقابــل ‪ 24‬ســند‬
‫طلــب بقيمــة ‪ 832 038,22‬درهــم ســنة ‪ ،2021‬أي بنســبة اخفــاض تجــاوزت ‪.%54‬‬
‫جدول توزيع سندات الطلب املربمة يف ‪ 2021‬حسب الغاية املتوخاة منها‬

‫‪155‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫‪ -‬الدعم السنوي لفائدة جمعية األعامل االجتامعية ملوظفي الهيئة‪:‬‬
‫انتقل مبلغ الدعم املايل السنوي الذي تم رصفه لفائدة جمعية األعامل االجتامعية ملوظفي الهيئة من ‪300‬ألف‬
‫درهم سنة ‪ ،2020‬إىل ‪ 450‬ألف درهم سنة ‪ ،2021‬ثم إىل ‪ 540‬ألف درهم سنة ‪ ،2022‬أي بنسبة زيادة قدرها‬
‫‪ %20‬مقارنة بسنة ‪ .2021‬ويرجع هذا االرتفاع أساسا إىل الزيادة يف عدد موظفي ومستخدمي الهيئة‪ ،‬باإلضافة‬
‫إىل تنويع وتجويد الخدمات املوجهة للمنخرطني‪.‬‬
‫‪ -6‬شساعة النفقات لسنة ‪:2022‬‬
‫ســجلت املــؤرشات املتعلقــة بنشــاط شســاعة النفقــات لســنة ‪ 2022‬ارتفاعــا هامــا مقارنــة بســنة ‪،2021‬‬
‫وذلــك عــل صعيــد طلبــات التمويــل وعــى صعيــد أداء النفقــات كــا هــو مبــن يف الجــدول أســفله‪ .‬ويعــزي‬
‫هــذا االرتفــاع خاصــة إىل الرتاجــع النســبي لتداعيــات جائحــة كوفيــد ‪ 19‬والرجــوع التدريجــي إىل اللقــاءات‬
‫الحضوريــة (‪.)en mode présentiel‬‬
‫جدول مبؤرشات شساعة النفقات لسنتي ‪ 2021‬و‪2022‬‬

‫وخــال ســنة ‪ ،2022‬شــكلت مصاريــف نقــل املوظفــن بالخــارج ‪ %76‬مــن مجمــوع النفقــات املــؤدى عنهــا‬
‫عــن طريــق الشســاعة‪ ،‬متبوعــة مبصاريــف االســتقبال واالحتفــاالت الرســمية بحصــة ‪ ،%9‬بينــا شــكلت باقــي‬
‫النفقات ‪ ،%15‬كام هو مفصل يف الجدول أدناه‪:‬‬
‫جدول بتطور مبالغ األداءات عن طريق شساعة النفقات خالل سنتي ‪ 2021‬و‪2022‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪156‬‬


‫القسم الخامس‬
‫توصيات ومقرتحات الهيئة‪:‬‬
‫من أجل تجاوب فاعل يف إطار االلتقائية‬
‫والتكامل املؤسيس‬

‫‪157‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪158‬‬
‫توصيات ومقرتحات الهيئة‪ :‬من أجل تجاوب فاعل‬
‫يف إطار االلتقائية والتكامل املؤسيس‬
‫اعتبــارا لألهميــة التــي يكتســيها تقديــم التوصيــات ضمــن الصالحيــات املســندة للهيئــة‪ ،‬وضامنــا لرفــع منســوب‬
‫تفاعــل ســائر املعنيــن معهــا يف إطــار بنــاء أســس العمــل املشــرك والتكامــل املؤسســايت والوظيفــي بينهــا وبــن‬
‫مختلــف الجهــات املعنيــة‪ ،‬تحــرص الهيئــة عــى تأطــر هــذه الصالحيــة بآلية منهجيــة تســتحرض النطــاق القانوين‬
‫لهــذه التوصيــات‪ ،‬وتســتند إىل التوجهــات االسـراتيجية التــي تقرتحهــا الهيئــة لسياســة الدولــة يف هــذا املجــال‪،‬‬
‫وتتبنــى منه ًجــا علم ًيــا واضحــا لتطويــر توصياتهــا‪ ،‬بنــا ًء عــى تشــخيص عميــق يتوخــى املوضوعيــة‪ ،‬ويعتمــد عىل‬
‫تقييــم دقيــق للمجهــودات املبذولــة عــى املســتوى الترشيعــي واملؤسســايت واإلجـراءايت‪ ،‬ويســتثمر نتائــج مــا تــم‬
‫اســتخالصه مــن الدراســات واألبحــاث امليدانيــة املنجــزة ومــا تــم تجميعــه وتثمينــه مــن احتياجــات املواطنــن‬
‫والفاعلــن االقتصاديــن‪ ،‬كــا ينفتــح عــى الدراســات املقارنــة وعــى قيــاس املالءمــة مــع املعايــر والتجــاوب‬
‫مــع التزامــات املغــرب الدوليــة‪ ،‬وصــوال إىل التحليــل وتقاطــع مخرجــات كل هــذه األبعــاد للتوفــر عــى أرضيــة‬
‫متكاملــة وغنيــة تعطــي لتوصيــات الهيئــة القــوة االقرتاحيــة والقابليــة للتنزيــل وترتيــب األثــر وتعزيــز الدينامية‪.‬‬
‫كــا تقــوم الهيئــة عــى رصــد وفتــح القنــوات املتاحــة للدفــع بتفعيلهــا‪.56‬‬
‫وفــق هــذه املقاربــة‪ ،‬يســتعرض البــاب األول مــن هــذا القســم اإلطــار العــام للتوجهــات االسـراتيجية لسياســة‬
‫الدولــة يف مجــال الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه املقــرح مــن طــرف الهيئــة مبقتــى الصالحيــة املخولــة‬
‫لهــا بهــذا الخصــوص‪ ،‬ويرصــد البــاب الثــاين حصيلــة تتبــع الهيئــة ملــدى التجــاوب مــع توصياتهــا الــواردة يف‬
‫تقاريرهــا الســابقة‪ ،‬مــع العمــل عــى التذكــر مبجمــل مضامينهــا‪ ،‬ويقــدم البــاب الثالــث املنظــور االقرتاحــي‬
‫للهيئــة بخصــوص آليــات التعــاون والتنســيق لالضطــاع مبهــام الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه مبجهــود مشــرك‬
‫بــن جميــع الجهــات املعنيــة‪ ،‬يف حــن يســتعرض البــاب الرابــع توصيــات الهيئــة التــي أعــدت بشــأنها تقاريــر‬
‫موضوعاتيــة مصاحبــة‪ ،‬ويتعلــق األمــر بالتقاريــر املوضوعاتيــة املتمحــورة حــول ”التحــول الرقمــي ركيــزة‬
‫أساســية للشــفافية ومكافحــة الفســاد”‪ ،‬و“تنــازع املصالــح يف مامرســة الوظائــف العموميــة‪ :‬مــن أجــل منظومــة‬
‫ناجعــة للتأطــر واملعالجــة والضبــط”‪ ،‬و “الصحافــة االســتقصائية‪ :‬مــن أجــل دور فاعــل يف مكافحــة الفســاد”‪.‬‬
‫البــاب األول‪ :‬اإلطــار العــام للتوجهــات االســراتيجية‪ :‬الرؤيــة واملنطلقــات واألهــداف‬
‫العامــة‬
‫وضعــت الهيئــة اإلطــار العــام لهــذه التوجهــات اعتــادا عــى مقتضيــات الدســتور ذات الصلــة مبقومــات‬
‫الحكامــة الجيــدة‪ ،‬وارتكــزت عــى التوجهــات امللكيــة الــواردة يف بيانــات الديــوان امللــي الصــادرة مبناســبتي‬
‫تعيــن الرئيــس وتعيــن األعضــاء واألمــن العــام‪ ،‬وكــذا يف مجموعــة مــن الخطــب التــي تطــرق فيهــا جاللــة امللك‬
‫بوضــوح إىل رضورة النهــوض بالحكامــة ومبكافحــة آفــة الفســاد‪ .‬كــا اســتحرضت الهيئــة يف بلــورة مقرتحاتهــا‬
‫املتعلقــة بهــذا اإلطــار مطلــب تفعيــل االلتزامــات الدوليــة للمغــرب‪ ،‬خاصــة تلــك املتعلقــة بتصديقــه عــى‬
‫االتفاقيــات األمميــة والعربيــة واإلفريقيــة ملكافحــة الفســاد‪ .‬ويبقــى القانــون رقــم ‪ 46.19‬مبقتضياتــه الشــمولية‬
‫املرج ـ َع األســاس املؤطــر ملهــام الهيئــة املتعلقــة بإرســاء هــذه التوجهــات‪ ،‬وذلــك أخــذا بعــن االعتبــار ســقف‬
‫االختصاصــات ومنظومــة الحكامــة املؤسســاتية وآليــات التنســيق والتعــاون املتعــن اســتنهاضها لالضطــاع‬
‫‪ -56‬للتعرف عىل اآلليات املنهجية املعتمدة يف إعداد توصيات الهيئة‪ ،‬ينظر التقرير السنوي للهيئة برسم ‪.2020‬‬

‫‪159‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫بالنجاعــة بهــذه االختصاصــات‪.‬‬
‫انطالقــا مــن هــذه املرجعيــات‪ ،‬واســتثامرا ملــا أنتجتــه الهيئــة مــن تراكــات خــال الســنوات األربــع األخــرة‪ ،‬جاء‬
‫اإلطــار العــام للتوجهــات االسـراتيجية مؤسســا عــى ســت دعامــات مدعــوة للتطويــر والتعزيــز واالغنــاء بشــكل‬
‫مســتمر‪ ،‬يف إطــار مقاربــة تتوخــى التعميــق والتقييــم وقيــاس األثــر؛ وهــي الدعامــات التــي تتمحــور حــول‪:‬‬
‫• الرتبيــة‪ ،‬التكويــن وتعزيــز قيــم النزاهــة والحوكمــة املســؤولة‪ ،‬مــن خــال إشــاعة قيــم النزاهــة‬
‫والشــفافية واألخالقيــات وخلــق تعبئــة حقيقيــة وشــاملة‪ ،‬ووضــع آليــات وبرامــج خاصــة لتخليــق الحيــاة‬
‫العامــة بتنســيق مــع األط ـراف املعنيــة؛‬
‫• مقاربــة هادفــة للشــفافية وجــودة الخدمــات العموميــة‪ ،‬تســتهدف إعــادة بنــاء العالقــات بــن املرفــق‬
‫العمومــي واملتعاملــن معــه عــى أســاس الوضــوح والشــفافية والحكامــة الجيــدة‪ ،‬مــع تثبيــت مبــدأ‬
‫القــرب والســعي نحــو إلغــاء االحتــكاك عــر االرتقــاء باالســتحقاق التكنولوجــي؛‬
‫• الرشاكــة بــن القطــاع العــام والخــاص لتحســن منــاخ األعــال‪ ،‬مــن خــال تعزيــز التعــاون وضــان‬
‫الت ـزام القطــاع الخــاص‪ ،‬لرتســيخ بيئــة مــن األمــان والثقــة مواتيــة لتحريــر الطاقــات وتوســيع قاعــدة‬
‫وأصنــاف املســتثمرين والفاعلــن االقتصاديــن؛‬
‫• ترشيعــات مــن أجــل تجفيــف بــؤر الفســاد‪ ،‬مــن خــال النهــوض بآليــات احرتازيــة وزجريــة لتطويــق‬
‫ومحــارصة االنفالتــات والتجــاوزات املحتملــة التــي قــد تُفرزها مامرســة املســؤولية يف الوظائــف العمومية‪،‬‬
‫تثبيتــا ألســس الحكامــة املســؤولة وإعــادة بنــاء الثقــة؛‬
‫• خلــق بيئــة ضامنــة للــردع ومكافحــة اإلفــات مــن العقــاب‪ ،‬مــن خــال إصــاح وتعزيــز الرتســانة‬
‫القانونيــة لتفــادي اإلفــات مــن العقــاب‪ ،‬مــع تقويــة التكامــل املؤسســايت‪ ،‬وإحــكام حلقــات التبليــغ‬
‫والبحــث والتحــري واملتابعــة بــن جميــع الهيئــات والســلطات املعنيــة‪.‬‬
‫ويوضــح الرســم البيــاين اآليت املحــددات املؤطــرة للتوجهــات االس ـراتيجية لسياســة الدولــة يف مجــال الوقايــة‬
‫مــن الفســاد ومكافحتــه‪:‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪160‬‬


‫إﺣﺪاث ‪k‬ﻐﻴ‪YL‬ﻋﻤﻴﻖ‬ ‫رؤ‪3‬ﺔ‬
‫ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻔﺴﺎد ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻨﺤ‪ ÉÇ‬ﺗﻨﺎزﻟﻴﺎ ﻣﺴﺘﺪاﻣﺎ‬ ‫ﺑﺄ‪A‬ﺪاف‬
‫ﻃﻤﻮﺣﺔ‬
‫و‪3‬ﺮﻓﻊ ا‪ED‬ﻮاﺟﺰاﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ اﳌﻤﺎرﺳﺎت اﻟﻔﺎﺳﺪة وﺗﺪاﻋﻴﺎ‪dÜ‬ﺎ ﻋ‪ àá‬اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﳌ‪â‬ﺸﻮدة‬
‫ﻗﻴﺎم اﻟ(ﻴﺌﺔ ﺑﻤ(ﺎﻣ(ﺎ اﻟﺪﺳﺘﻮر‪3‬ﺔ ﻟﻀﻤﺎن اﻟﺘ‪6‬ﺎﻣﻞ واﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺔ‬

‫ﻋﺎرﺿﺔ‬
‫إﻋﺎدة ﺑﻨﺎء اﻟﺜﻘﺔ ﻻﻧﺨﺮاط واﺳﻊ و‪k‬ﻌﺒﺌﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﺿﺪ اﻟﻔﺴﺎد‬ ‫أﺳﺎﺳﻴﺔ‬

‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫ر‪v‬ﺎﺋﺰ‬
‫‪k‬ﺸﺮ‪z‬ﻌﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ‬ ‫اﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ واﻻﻟ>?ام‬ ‫ا‪6ED‬ﺎﻣﺔ واﻟ@?ا‪A‬ﺔ رﻛ‪?L‬ة‬ ‫اﻟ>‪Y‬ﺑﻴﺔ واﻟﺘﻜﻮ‪3‬ﻦ ﻟﺘﻌﺰ‪3‬ﺰ ﻣﻘﺎر‪T‬ﺔ ‪A‬ﺎدﻓﺔ ﻟﻠﺸﻔﺎﻓﻴﺔ‬ ‫اﻟﺘﻐﻴ‪YL‬‬
‫ﺧﻠﻖ ﺑ‪é‬ﺌﺔ ﺿﺎﻣﻨﺔ ﻟﻠﺮدع‬
‫وﻣ‪6‬ﺎﻓﺤﺔ اﻹﻓﻼت ﻣﻦ‬ ‫ﺗﺠﻔﻴﻒ ﺑﺆر‬ ‫ﺑﺎﻟ@?ا‪A‬ﺔ ‪ CB‬ا‪ED‬ﻴﺎة‬ ‫أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﺘﺤﺴ‪L‬ن ﻣﻨﺎخ‬ ‫وﺟﻮدة ا‪XD‬ﺪﻣﺎت‬ ‫ﻗﻴﻢ اﻟ@?ا‪A‬ﺔ وا‪ED‬ﻮﻛﻤﺔ‬

‫اﻟﻌﻘﺎب‬ ‫اﻟﻔﺴﺎد‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت‬ ‫اﻻﻋﻤﺎل‬ ‫اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ‬ ‫اﳌﺴﺆوﻟﺔ‬

‫‪8‬‬
‫أﺳﺲ‬
‫‪k‬ﻌﻤﻴﻖ اﳌﻌﺮﻓﺔ اﳌﻮﺿﻮﻋﻴﺔ واﻟﺘﻘﻴﻴﻢ وﻗﻴﺎس اﻷﺛﺮ‬ ‫‪7‬‬ ‫اﻟﺘﺤﻮل اﻟﺮﻗ‪ba‬‬ ‫ا ﻟ ( ﻴ ‪6‬ﻠﺔ‬
‫وﺗﻘﻮ‪3‬ﺔ‬
‫ا ﻻ ﺛﺮ‬
‫اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺎت‬ ‫ﻣﺮﺟﻌﻴﺎت‬
‫اﻟﻘﺎﻧﻮن ‪46.19‬‬ ‫اﻟﺘﻮ ﺟ‪dc‬ﺎت اﳌﻠﻜﻴﺔ‬ ‫اﳌﻘﺘﻀﻴﺎت اﻟﺪﺳﺘﻮر‬
‫واﻻﻟ>?اﻣﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬ ‫ﻣﺆﻃﺮة‬

‫‪1‬‬

‫وتجــدر اإلشــارة إىل أن األهــداف االســراتيجية لهــذه التوجهــات والسياســات املنبثقــة تعتــر ذات طبيعــة‬
‫مركبــة‪ ،‬وتســهم يف تحقيقهــا جميــع السياســات العموميــة واإلج ـراءات ذات الصلــة التــي تتخذهــا مختلــف‬
‫الجهــات الفاعلــة‪.‬‬
‫ولقيــاس مــدى تحقيــق األهــداف العامــة‪ ،‬ســيتم تبنــي منهجيــة مركبــة‪ ،‬تعت ِمــد توظيــف عــدد مــن املــؤرشات‬
‫الدوليــة والوطنيــة واملعطيــات التفصيليــة ذات االرتبــاط‪ ،‬وكــذا املــؤرشات الفرعيــة املســتخلصة مــن دراســات‬
‫وأبحــاث ميدانيــة‪ ،‬مبــا يف ذلــك البحــث الوطنــي حــول الفســاد‪ ،‬والدراســات القطاعيــة واملوضوعاتيــة التــي‬
‫تنجزهــا الهيئــة‪ ،‬وربــط تطــور كل هــذه املــؤرشات بتحقيــق األهــداف العامــة املنشــودة‪.‬‬
‫مــن أجــل ذلــك‪ ،‬ســيتم تتبــع هــذه األهــداف مــن خالل مــؤرشات متعــددة تتقاطــع فيــا بينها‪ ،‬عــى الخصوص‬
‫املــؤرشات الرئيســية للشــفافية والنزاهــة والحكامــة‪ ،‬ونِ َســب تعــرض املواطنــن ملختلــف أشــكال الفســاد‪ ،‬وكــذا‬
‫معــدل إدراك الفســاد ومــؤرش نجاعــة السياســات العموميــة‪ ،‬كــا ســيتم توظيــف مــؤرش انخفــاض نســبة‬
‫تقبُّــل املواطنــن ألشــكال الفســاد‪ ،‬ومــؤرش ارتفــاع معــدالت الشــكايات والتبليغــات‪ ،‬باإلضافــة إىل االعتــاد عــى‬
‫املــؤرش الــذي يرصــد مــدى اســتقطاب املغــرب لالســتثامر الخارجــي‪ ،‬ومــؤرش االتســاع‪ ،‬الكمــي والنوعــي‪ ،‬لدائــرة‬
‫الفاعلــن االقتصاديــن املنتجــن للــروة‪.‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬تتبع مفعول التوصيات الواردة يف التقارير السنوية للهيئة‬
‫تضمنــت التقاريــر الســنوية الثالثــة للهيئــة برســم ســنوات ‪ 2019‬و‪ 2020‬و‪ 2021‬مجموعــة مهمة مــن التوصيات‬
‫التــي يظــل تفعيلهــا رهينــا باالنخـراط اإلرادي ملختلــف الجهــات املعنيــة يف بحــث الســبل الكفيلــة بالتجــاوب‬
‫املوضوعــي معهــا؛ حيــث عــرت الهيئــة‪ ،‬يف هــذا اإلطــار‪ ،‬عــن اســتعدادها لفتــح قنــوات االتصــال بالســلطات‬
‫والهيئــات املعنيــة بتوصياتهــا‪ ،‬قصــد تدقيــق وتقديــم التوضيحــات الالزمــة بشــأنها‪ ،‬والتفاعــل اإليجــايب مــع‬
‫املالحظــات والتعقيبــات التــي ميكــن أن تعــر عنهــا الجهــات املعنيــة بهــذا الخصــوص‪.‬‬
‫‪161‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫عــى هــذا األســاس‪ ،‬ت َعتــر الهيئــة هــذا التقريــر مناســبة لتســليط الضــوء عــى آفــاق تتبــع مفعــول توصياتهــا‬
‫مــن منظــور تعزيــز االنخ ـراط الجامعــي الفعــي يف مســار الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه (الفصــل األول)‪،‬‬
‫كــا تعتــره فرصــة أخــرى للتذكــر بخالصــات مضامينهــا‪ ،‬اقتناعــا مــن الهيئــة براهنيتهــا وباإلمكانيــة التــي تظــل‬
‫متاحــة الســتثامرها‪ ،‬واستشــعارا منهــا مبســؤولية تتبــع تنفيذهــا ومعرفــة مآالتهــا (الفصــل الثــاين)‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬تتبع مفعول التوصيات وحتمية االنخراط الجامعي يف مسار الوقاية واملكافحة‬
‫تشــكل مهمــة تتبــع مــآل ومفعــول التوصيــات املنصــوص عليهــا ضمــن مقتضيــات املــادة ‪ 50‬مــن القانــون‬
‫رقــم ‪ ،46.19‬إحــدى التجليــات القانونيــة لصالحيــة اإلرشاف وضــان تتبــع تنفيــذ سياســات مكافحــة الفســاد‬
‫املخولــة دســتوريا للهيئــة‪ ،‬والتــي تتجــاوب بشــكل كبــر مــع مقاصــد االتفاقيــة األمميــة ملكافحــة الفســاد التــي‬
‫جــاءت مؤكــدة عــى تــويل هيئــات مكافحــة الفســاد ملهــام "اســتعراض التنفيــذ‪ ،‬والتقييــم الــدوري للتدابــر ذات‬
‫الصلــة‪ ،‬والقيــام بعمليــات تقييــم للمؤسســات‪ ،‬وتلقــي تقاريــر املراجعــة والتحقيقــات‪ ،‬مــع مــا يقتضيــه كل‬
‫ذلــك مــن تخويلهــا حــق الحصــول عــى املعلومــات والوثائــق واإلفــادات"‪. 57‬‬
‫يف ســياق هــذا املنظــور الشــمويل‪ ،‬نصــت مقتضيــات القانــون رقــم ‪ 46.19‬عــى تضمــن التقاريــر الســنوية‬
‫للهيئــة املعطيــات املتعلقــة مبــآل التوصيــات الــواردة يف التقاريــر الســابقة؛ مبــا يخــول للهيئــة رصــد مســتويات‬
‫ومعــدالت التفاعــل مــع توصياتهــا ومقرتحاتهــا‪ ،‬وتوطــن مســتنتجاتها بهــذا الخصــوص يف تقاريرهــا الســنوية‬
‫التــي ترفــع إىل جاللــة امللــك وتحــال عــى الربملــان مــن أجــل التقديــم واملناقشــة‪.‬‬
‫واقتناعــا منهــا بأهميــة تطويــر وتجويــد توصياتهــا تفاعــا مــع املســتجدات ذات الصلــة عــى املســتويني الوطني‬
‫والــدويل‪ ،‬تعتمــد الهيئــة مبــدأ تحيــن وإغنــاء هــذه التوصيــات لإلبقــاء عــى راهنيتها وتفــادي تجــاوز معطياتها‪،‬‬
‫مــع األخــذ بالتغ ـرات التــي تطــرأ عــى الوضــع املحيــط باملوضــوع وبتقــدم املقاربــات الناجعــة ملعالجتــه؛‬
‫حيــث أخضعــت للتحيــن واإلغنــاء مجموعــة مــن توصياتهــا املضمنــة يف تقاريــر موضوعاتيــة‪ ،‬كــا هــو الشــأن‬
‫بالنســبة لإلغنــاء والتحيــن الــذي طــال تقريــر الهيئــة املتضمــن لرؤيتهــا وتوصياتهــا بخصــوص مكافحــة اإلثـراء‬
‫غــر املــروع‪ ،‬وكــذا بالنســبة للتقريــر املتضمــن ملقرتحاتهــا بشــأن تأطــر ومعالجــة تنــازع املصالــح‪ ،‬وتوصياتهــا‬
‫بخصــوص حاميــة املبلغــن‪ .‬وهمــت هــذه املقاربــة كذلــك توصيــات الهيئــة املتعلقــة بــدور التحــول الرقمــي يف‬
‫مكافحــة الفســاد‪ .‬وباملقابــل‪ ،‬تعتــر الهيئــة توصياتِهــا التــي مل تخضــع للتحيــن‪ ،‬مســتوفية لراهنيتهــا وجاهزيتهــا‬
‫وقابليتهــا للتفعيــل والتنزيــل يف إطــار الرشاكــة والتكامــل املؤسســايت املنشــود‪.‬‬
‫وتؤكــد الهيئــة‪ ،‬مــن خــال مقرتحاتهــا وتوصياتهــا املضمنــة مبختلــف تقاريرهــا‪ ،‬املنظــور الشــمويل واملندمــج‬
‫واملتكامــل ملرشوعهــا االقرتاحــي الــذي يتوخــى الرتبيــة والتكويــن والوقايــة والتوعيــة والتعبئــة واملكافحــة؛‬
‫حيــث اشــتغلت الهيئــة خــال الســنوات األربــع املاضيــة عــى عــدد مهــم مــن املواضيــع الحيويــة التــي تكتــي‬
‫أولويــة لدورهــا املهيــكل عــى الخصــوص يف تثبيــت نظــام الحكامــة املســؤولة وتعزيــز سياســات الوقايــة مــن‬
‫الفســاد ومكافحتــه‪.‬‬
‫ورغــم ال ُبعــد النوعــي لهــذه التوصيــات‪ ،‬والحــرص عــى إحاطتهــا بالــروط املوضوعيــة لجعلهــا قابلــة للتفعيــل‪،‬‬
‫إال أن املالحــظ يبقــى هــو نفــس مــا متــت اإلشــارة إليــه يف التقريــر الســنوي األخــر برســم ‪ ،2021‬حيــث‬
‫إن التجــاوب شــبه املنعــدم معهــا يظــل الســم َة التــي طبعــت تعامــل الســلطات املعنيــة معهــا؛ إذ رصــدت‬
‫‪ 57‬ـ الدليل التقني التفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد‪ ،‬ص‪10 :‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪162‬‬


‫الهيئــة انعــدام التجــاوب مــع توصياتهــا الصــادرة يف تقريرهــا الســنوي لســنة ‪ ،2019‬والــذي مل يتجــاوز نطــاق‬
‫االســتجابة النســبية للتوصيــات املتعلقــة مبراجعــة االســراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬كــا ســجلت‪،‬‬
‫بخصــوص التوصيــات الصــادرة يف تقريرهــا الســنوي برســم ‪ ،2020‬نفــس املــآل بانعــدام تفاعــل الســلطات‬
‫املعنيــة معهــا باســتثناء مبــادرة ذات أهميــة خاصــة تتعلــق بــوزارة الشــؤون الخارجيــة والتعــاون اإلفريقــي‬
‫واملغاربــة املقيمــن بالخــارج التــي تفاعلــت عمليــا مــع التوصيــة املتعلقــة مبــروع مذكــرة تفاهــم إلرســاء آليــة‬
‫مهيكلــة تــروم تنزيــل مقتــى القانــون ‪ 46.19‬الخــاص مبهــام الهيئــة ذات البعــد الــدويل‪.‬‬
‫وهنــا مــن اإلنصــاف القــول بــأن الــوزارة املذكــورة عــرت‪ ،‬مببــادرة منهــا‪ ،‬عــن اســتعدادها لتفعيــل هــذه‬
‫تجســد عمليــا يف إعــداد مذكــرة تفاهــم بــن الهيئــة والــوزارة املذكــورة حظيــت مبصادقــة‬ ‫التوصيــة؛ األمــر الــذي َّ‬
‫مجلــس الهيئــة وتــم التوقيــع عليهــا مــن الطرفــن‪.‬‬
‫وإذ تعــزو الهيئـ ُة ضعـ َـف التفاعــل اإليجــايب مــع توصياتهــا الصــادرة يف تقاريرهــا الســابقة‪ ،‬إىل خصوصيــة الفــرة‬
‫االنتقاليــة التــي كان يطبعهــا نــوع مــن الفـراغ القانــوين املتمثــل يف انتظــار دخــول القانــون ‪ 46.19‬حيــز التنفيذ‪،‬‬
‫ملــا يتضمنــه مــن مقتضيــات مؤطــرة لتقديــم وتتبــع مــآل توصياتهــا‪ ،‬فإنهــا اليــوم تقــدر االنعكاســات اإليجابيــة‬
‫لدخــول هــذا القانــون حيــز التنفيــذ بتاريــخ ‪ 24‬أكتوبــر ‪ ،2022‬عــى التنزيــل األمثــل لهــذا املقتــى؛ وهــو مــا‬
‫و َّجــه جهــود الهيئــة نحــو اســتثامر هــذه املحطــة الجديــدة‪ ،‬يف اتجــاه التمكــن مــن االضطــاع بتفعيــل كامــل‬
‫لآلليــات التــي أتاحهــا لهــا القانــون املذكــور‪ ،‬للتنســيق وضــان انخ ـراط ســائر املعنيــن وتجاوبهــم موضوعيــا‬
‫مــع توصياتهــا ومقرتحاتهــا يف إطــار التعــاون والتكامــل املؤســي‪.‬‬
‫ومــن منطلــق هــذا التوجــه‪ ،‬واصلــت الهيئــة مــع الجهــات املعنيــة مناقشــة ســبل التفاعــل مــع هــذه التوصيات‪،‬‬
‫وســجلت‪ ،‬بشــكل خــاص‪ ،‬انفتــاح الســيد رئيــس الحكومــة والتعبــر عــن اســتعداده لفتــح القنــوات املتاحــة‬
‫للتجــاوب مــع هــذه التوصيــات‪ ،‬ســواء مــن خــال تحريــك ديناميــة جديــدة لالس ـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة‬
‫الفســاد‪ ،‬أو عــر تخصيــص اجتامعــات حكوميــة لتدارســها واتخــاذ القـرارات املناســبة يف شــأن املشــاريع التــي‬
‫يتــم إعدادهــا يف هــذا اإلطــار برشاكــة بــن الهيئــة ومصالــح رئاســة الحكومــة والقطاعــات املعنيــة‪.‬‬
‫ومــع التأكيــد عــى التزامهــا بتعبئــة كل طاقتهــا لالنخ ـراط يف هــذا التوجــه‪ ،‬ت ُنبــه الهيئــة‪ ،‬بهــذا الخصــوص‪،‬‬
‫إىل رضورة االســتثامر األمثــل للعامــل الزمنــي‪ ،‬باعتبــاره رهانــا ال غنــى عنــه للحــد مــن انتشــار ظاهــرة الفســاد‬
‫وترسيــع إعــادة بنــاء الثقــة يف املجهــودات املبذولــة لرتســيخ النزاهــة ومكافحــة الفســاد‪ُ ،‬مشــددة عــى مطلــب‬
‫التملُّــك الجامعــي للرؤيــة املوحــدة وللتوصيــات املنبثقــة عنهــا وفــق مبــدأ التكامــل املؤطــر بــإرشاف مضبــوط‬
‫ومتامســك؛ وكلهــا دعائــم ال ميكــن التغــايض عنهــا يف هــذا الــورش الحيــوي‪ ،‬ألنــه يف غيابهــا ســتظل املجهــودات‬
‫املبذولــة تكــرس فقــط إعــادة إنتــاج نتائــج تجــارب الســنوات الســابقة التــي ظــل تأثريهــا جــد محــدود‪ ،‬مــع‬
‫شــبه غيــاب للوقــع امللمــوس عــى مكافحــة الفســاد ببالدنــا‪.‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬تذكري بخالصات توصيات الهيئة ذات الراهنية والوقع‬
‫تنتظــم التوصيــات التــي قدمتهــا الهيئــة يف تقاريرهــا الســابقة والتــي المســت األبعــاد املتكاملــة للوقايــة‬
‫ومكافحــة الفســاد‪ ،‬ضمــن خمســة ركائــز أساســية مدعــوة للتطويــر والتعزيــز بشــكل مســتمر؛ حيــث ميكــن‬
‫التذكــر بهــا مــن خــال إدراجهــا ضمــن هــذه الركائــز كاآليت‪:‬‬

‫‪163‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫الركيزة األوىل‪ :‬توصيات ذات بعد اسرتاتيجي لتهييء املحيط العام ملكافحة الفساد باملغرب‬
‫قدمــت الهيئــة‪ ،‬كمســاهمة منهــا‪ ،‬تصو َرهــا وتوصياتهــا مــن أجــل منــوذج تنمــوي جديــد‪ 58‬يهــدف إىل وضــع‬
‫املغــرب عــى ســكة تنميــة قويــة مندمجــة ومســتدامة؛ حيــث أكــدت بهــذا الخصــوص عــى أهميــة الحكامــة‬
‫املســؤولة باعتبارهــا متثــل دعامــة ال غنــى عنهــا إلنجــاح النمــوذج التنمــوي الجديــد‪ ،‬مقرتحــة مجموعــة مــن‬
‫الدعامــات ألجــل وضــع الحكامــة والوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه يف صلــب الركائــز األساســية للتنميــة‪ ،‬مــع‬
‫ضــان انســجام والتقائيــة السياســات املتعلقــة بهــذه الركائــز مــع باقــي مكونــات النمــوذج التنمــوي املطلــوب‪.‬‬
‫وقدمــت الهيئــة أيضــا توصياتهــا إلذكاء ديناميــة جديــدة يف االسـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ 59‬؛ حيــث‬
‫أنجــزت تقييــا شــموليا لهــذه االســراتيجية‪ ،‬يتضمــن تحليــا معمقــا ملختلــف مكوناتهــا وآليــات تنفيذهــا‬
‫ويقــف عنــد محدوديــة بعــض أوجههــا‪ ،‬مقرتحــة إعــادة هيكلتهــا وتدقيــق برامجهــا ومشــاريعها‪ ،‬وإعــادة النظــر‬
‫يف حكامتهــا وآليــات التتبــع والقيــادة املتعلقــة بهــا‪ ،‬بهــدف ضــان التقائيتهــا والتــاس الوقــع واألثــر اإليجــايب‬
‫لنتائجهــا‪.‬‬
‫الركيزة الثانية‪ :‬مقاربة هادفة للشفافية وجودة الخدمات العمومية‬
‫تجســد التوصيــات املطروحــة يف هــذا املحــور منظــور الهيئــة بــرورة إعــادة بنــاء مامرســة تدبــر الشــأن‬
‫العــام عــى قواعــد الحكامــة املســؤولة كــا نصــت عليهــا مقتضيــات الدســتور؛ مبــا يُ َق ِّعــد لتدبــر جيــد ورشــيد‬
‫يتجــاوب مــع انتظــارات املرتفقــن ويســتجيب ملتطلبــات التنميــة املســتدامة ويخضــع ملبــدأ تقديــم الحســاب‬
‫باعتبــاره ضامنــة للشــفافية والنزاهــة‪.‬‬
‫وفــق هــذا التوجــه‪ ،‬اســترشفت الهيئــة الدعامــات املؤسســة ملفاهيــم الخدمــة العامــة‪ ،‬مــن منظــور ينهــض‬
‫عــى إذكاء الديناميــة املطلوبــة يف املقاربــة التخليقيــة‪ ،‬ويســتهدف إعــادة بنــاء العالقــات بــن املرفــق العمومــي‬
‫واملتعاملــن معــه عــى أســاس مقومــات النجاعــة والقــرب والتيســر والســعي الحثيــث نحــو إلغــاء االحتــكاك‬
‫عــر االرتقــاء باالســتحقاق التكنولوجــي إىل مســتوى الدعامــة املثــى لتلبيــة االحتياجــات املتزايــدة مــن املرافــق‬
‫العموميــة؛ وكلهــا مســتلزمات أساســية لدعــم نزاهــة املرفــق العــام واحتــواء بــؤر ومعاقــل تفاعــل الفســاد‬
‫والتجــاوب العمــي مــع انتظــارات ســائر املعنيــن‪ .‬توافقــا مــع هــذه األبعــاد‪ ،‬تفاعلــت الهيئــة وســجلت‬
‫موقفهــا وتوصياتهــا بخصــوص القانــون مبثابــة ميثــاق املرافــق العموميــة‪ ، 60‬ومرســوم مبثابــة مدونــة قيــم‬
‫وأخالقيــات املوظــف بــاإلدارات العموميــة والجامعــات الرتابيــة واملؤسســات العموميــة‪ ، 61‬والقانــون املتعلــق‬
‫بتبســيط املســاطر اإلداريــة‪ . 62‬كــا طرحــت رؤيتهــا املتعلقــة بالتحــول الرقمــي‪ 63‬ودوره يف تعزيــز الشــفافية‬
‫ومكافحــة الفســاد‪.64‬‬

‫‪ - 58‬من أجل منوذج تنموي جديد‪ :‬مساهمة الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها (تقرير منشور‪ ،‬ماي ‪)2020‬‬
‫‪ - 59‬االسرتاتيجية الوطنية ملكافحة الفساد‪ :‬من أجل دينامية جامعية ومتجددة (تقرير منشور‪ ،‬فرباير ‪)2019‬‬
‫‪ -‬من أجل تثبيت دعائم البعد االسرتاتيجي للوقاية ومكافحة الفساد‪ ،‬ضمن التقرير السنوي للهيئة برسم ‪.2021‬‬
‫‪ - 60‬مرشوع قانون مبثابة ميثاق املرافق العمومية (دراسة منشورة ضمن تقرير‪ :‬آراء وتوصيات ودراسات يف مواضيع ذات أولوية وأثر عىل مكافحة الفساد‪ ،‬ماي ‪)2020‬‬
‫‪ - 61‬مرشوع مرسوم مبثابة مدونة قيم وأخالقيات املوظف باإلدارات العمومية والجامعات الرتابية واملؤسسات العمومية (دراسة منشورة يف إطار التقرير السنوي للهيئة برسم ‪)2019‬‬
‫‪ - 62‬مواكبة القانون املتعلق بتبسيط املساطر اإلدارية (منشور ضمن التقرير السنوي للهيئة برسم ‪)2019‬‬
‫‪ - 63‬التحول الرقمي ‪ :‬ركيزة أساسية للوقاية من الفساد ومحاربته (تقرير موضوعايت‪ ،‬تم نرش توجهاته يف التقرير السنوي للهيئة برسم سنة ‪ ،2020‬وسيتم نرشه مفصال بعد تدقيق محتوياته وتعميق النقاش والتحليل بخصوصه)‬
‫‪ - 64‬ينظر ملخص هذه التوصيات يف الفرع الثالث من الفصل الثالث من الباب الثالث من القسم األول من هذا التقرير‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪164‬‬


‫الركيزة الثالثة‪ :‬إعادة بناء الثقة النخراط واسع وتعبئة مجتمعية ضد الفساد‬
‫تعكــس توصيــات الهيئــة يف هــذا املحــور اقتناعهــا بــرورة التفاعــل عمليــا مــع مــؤرشات انخفــاض معــدالت‬
‫الثقــة يف السياســات العموميــة واملجهــودات املبذولــة مــن طــرف مختلــف مؤسســات الدولــة‪ ،‬وذلــك بتوجيــه‬
‫الجهــود نحــو تطويــر ومتابعــة والدفــع باإلنجــازات والوقــوف عــى تحقيــق اآلثــار املســتهدفة‪ ،‬مبــا مــن شــأنه‬
‫تعزيــز األبعــاد الحقوقيــة للخدمــة العامــة‪ ،‬وبنــاء وترســيخ مفاهيــم االلتـزام املواطــن‪.‬‬
‫عــى هــذا األســاس‪ ،‬قدمــت الهيئــة توصياتهــا لخلــق رشوط تعزيــز االلتـزام املواطــن وتثبيــت دوره يف الوقايــة‬
‫ومكافحــة الفســاد‪ 65‬؛ حيــث رصــدت الرافعــات املؤسســة لبنــاء الثقــة مــن أجــل التـزام كامــل للمواطــن؛ وهــو‬
‫االلتـزام الــذي يتحقــق بالــرورة عــر الرتبيــة والتكويــن وإعــداد مواطنــن واعــن مبخاطــر الفســاد ومســتعدين‬
‫لالضطــاع بنصيبهــم مــن املســؤولية يف رفضــه ومقاومتــه‪ ،‬كــا حــددت املجــاالت التــي ميكــن أن يتبلــور فيهــا‬
‫االلت ـزام املواطــن‪ ،‬وكــذا األعطــاب التــي تحــول دون انبثــاق الت ـزام فاعــل للمواطــن والتــي يــأيت يف مقدمتهــا‬
‫تــدين منســوب الثقــة يف املؤسســات ومصداقيــة السياســات العموميــة‪ ،‬مــع التأكيــد عــى رضورة خلــق رشوط‬
‫إعــادة بنــاء الثقــة للنهــوض بحركــة مواطنــة تدعــم الجهــود املؤسســاتية باالنخ ـراط يف املبــادرات املختلفــة‬
‫الهادفــة لرفضــه ومحارصتــه؛ مــع التأكيــد عــى رضورة تقويــة مختلــف مســتلزمات الدميقراطيــة التشــاركية‪.‬‬
‫ومســاهمة منهــا يف رصــد العالقــات بــن الفســاد وحقــوق اإلنســان‪ ، 66‬أوصــت الهيئــة بالعمــل عــى تحقيق أكرب‬
‫قــدر مــن االلتقائيــة بــن سياســات واسـراتيجيات مكافحــة الفســاد وتلــك املتعلقــة بحاميــة حقــوق اإلنســان‪،‬‬
‫وبإبـراز جانــب حاميــة املواطنــن وضــان ولوجهــم العــادل واملنصــف لحقوقهــم ضمــن االسـراتيجية الوطنيــة‬
‫ملكافحــة الفســاد‪ ،‬وخلــق قنــوات للتنســيق والتعــاون املؤسســايت بــن هيئــات مكافحــة الفســاد واملؤسســات‬
‫الوطنيــة املعنيــة بحاميــة حقــوق اإلنســان‪ ،‬واســتحضار البعــد الحقوقــي يف كل الربامــج والتدابــر والترشيعــات‬
‫ذات الصلــة مبكافحــة الفســاد‪.‬‬
‫واعتبــارا للــدور املحــوري الــذي يكتســيه الحــق يف الحصــول عــى املعلومات‪ 67‬بالنســبة لتعزيــز ركائز الشــفافية‪،‬‬
‫قدمــت الهيئــة توصياتهــا الراميــة إىل دعــم القانــون رقــم ‪ 13.31‬املتعلــق بالحــق يف الحصــول عــى املعلومــات‪،‬‬
‫وذلــك يف اتجــاه تعزيــزه بضبــط مجموعــة مــن الحــاالت ذات الصلــة بهــذا الحــق‪ ،‬كالحــاالت التــي تســتلزم‬
‫التقليــص مــن املجــاالت التــي تســتدعي الحفــاظ عــى الــر املهنــي‪ ،‬ونــر قـرارات التأديــب‪ ،‬وكــذا املعلومــات‬
‫املتعلقــة بالتــرف يف امللــك الخــاص للدولــة‪ ،‬ونــر تراخيــص االســتغالل‪ ،‬ونظــام معلومــات الصفقــات‪ ،‬إضافــة‬
‫إىل االتجــاه نحــو إتاحــة املعلومــات املتعلقــة مبجــال الرواتــب واألجــور املتعلقــة بالوظائــف العموميــة‪ ،‬ومتويــل‬
‫األحزاب‪.‬‬
‫الركيزة الرابعة‪ :‬ترشيعات من أجل تجفيف بؤر الفساد‬
‫اعتــرت الهيئــة أن اإلفــات مــن العقــاب‪ ،‬ســواء كان مثبتــا أو نابعــا مــن االنطبــاع العــام‪ ،‬ينتــج عــن عــدة‬
‫مســببات ترتبــط يف عمومهــا بعــدم تطبيــق القوانــن أو عــدم قابليتهــا للتطبيــق‪ .‬ويُعــزى هــذا الســبب األخــر‬
‫يف حــد ذاتــه إىل وجــود ثغــرات‪ ،‬عــى مســتوى القانــون واملســطرة‪ ،‬تحــول أحيانــا دون تحريــك مســطرة‬
‫املتابعــة يف حــق حــاالت متعــددة مــن مامرســات الفســاد؛ مبــا يســاهم‪ ،‬ليــس فقــط يف تحجيــم نطــاق محــارصة‬
‫وتطويــق مرتكبــي أفعــال الفســاد‪ ،‬بــل يف تقويــض مبــدأ االحتــكام إىل عدالــة يتســاوى أمامهــا الجميــع بـراءة‬
‫وعقابــا؛ مبــا أدى إىل تفاقــم الفســاد وتدهــور معــدالت الثقــة‪.‬‬
‫‪ - 65‬االلتزام املواطن ودوره يف مجال مكافحة الفساد (تقرير موضوعايت‪ ،‬تم نرش توجهاته يف التقرير السنوي للهيئة برسم سنة ‪ ،2020‬وسيتم نرشه مفصال بعد تدقيق محتوياته وتعميق النقاش والتحليل بخصوصه)‬
‫‪ - 66‬التقاطعات بني ضامنات حقوق اإلنسان وفعالية الوقاية من الفساد ومكافحته (دراسة منشورة يف إطار التقرير السنوي للهيئة برسم ‪)2019‬‬
‫‪ - 67‬تعزيز الحق يف الولوج للمعلومات (دراسة منشور ضمن تقرير تركيبي ‪ :‬آراء وتوصيات ودراسات يف مواضيع ذات أولوية وأثر عىل مكافحة الفساد‪ ،‬ماي ‪)2020‬‬

‫‪165‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫تســتهدف التوصيــات املندرجــة ضمــن هــذا املحــور النهــوض بآليــات احرتازيــة وردعية وعنــد االقتضــاء‪ ،‬زجرية‪،‬‬
‫لتطويــق ومحــارصة االنفالتــات والتجــاوزات املحتملــة التــي قــد تُفرزهــا مامرســة املســؤولية يف الوظائــف‬
‫العموميــة‪ ،‬باعتبارهــا مدخــا لتثبيــت أســس الحكامــة املســؤولة وإعــادة بنــاء الثقــة؛ حيــث قدمــت الهيئــة‬
‫توصياتهــا بهــذا الخصــوص يف إطــار معالجتهــا للمواضيــع التاليــة‪:‬‬
‫‪ -1‬منظومــة الترصيــح اإلجبــاري باملمتلــكات‪ :‬إرســاء رؤيــة شــمولية مــن أجــل تثبيــت الحكامــة‬
‫‪68‬‬
‫املســؤولة‬
‫تتوخــى التوصيــات املتعلقــة بهــذا املجــال إعــادة بنــاء منظومــة الترصيــح باملمتلــكات عــى أســس جديــدة‬
‫تســتهدف تثبيــت حكامــة مامرســة املســؤوليات‪ ،‬باعتبارهــا إحــدى ضامنــات التدبــر الجيــد والرشــيد للشــأن‬
‫العــام‪ ،‬وآليــة احرتازيــة لتطويــق ومنــع االنفالتــات والتجــاوزات التــي قــد تُفرزهــا املامرســة غــر املنضبطــة‬
‫للمســؤوليات؛ وذلــك انطالقــا مــن مبــدأ التجــاوب مــع أبعــاد الطــرح الدســتوري لهــذه املنظومــة‪ ،‬واعتــادا‬
‫عــى اســتقراء املواصفــات املعياريــة ذات الصلــة‪ ،‬ومــا ت ُوفــره مــن إمكانيــات للتفاعــل واالســتئناس‪.‬‬
‫اســتنادا إىل هذيــن اإلطاريــن املرجعيــن‪ ،‬وبعــد تشــخيص وتحليــل وضــع النظــام الحــايل للترصيــح اإلجبــاري‬
‫باملمتلــكات والوقــوف عــى اإلكراهــات املتعلقــة بتنفيــذه ومحدوديتــه‪ ،‬تأكــد للدراســة أن متطلبــات النجاعــة‬
‫والفعاليــة تقتــي إدراج منظومــة الترصيــح باملمتلــكات ضمــن مبــدأ احـرام املســؤولية االئتامنيــة والتعاقديــة‪،‬‬
‫بالنســبة ألصنــاف مــن املوظفــن‪ ،‬عــى أســاس الوقايــة واإلصــاح‪ ،‬ثــم‪ ،‬عنــد االقتضــاء‪ ،‬زجــر اإلخــال بالتعاقــد‬
‫واالئتــان‪.‬‬
‫عــى هــذا األســاس‪ ،‬أوصــت الدراســة مبراجعــة عميقة للنصــوص القانونيــة املؤطرة لهذا املجــال يف اتجــاه توحيدها‬
‫وتقويتهــا‪ ،‬وباعتــاد نظــام معلوميــايت شــامل ومندمــج وتفاعــي ومرتابط‪ ،‬يتميــز بقــدرات املعالجــة األوتوماتيكية‬
‫للمعطيــات‪ ،‬الكفيلــة بضــان السالســة وتســهيل العمليــة بالنســبة للملزمــن وبالتحليــل اآلين واالســتباقي ملــا هــو‬
‫مــرح بــه‪ .‬كــا حثــت عــى تعزيــز الصالحيــات املؤسســاتية للمحاكــم املاليــة‪ ،‬وضــان التشــبيك املعلومــايت مــع‬
‫املؤسســات املتوفــرة عــى املعطيــات ذات الصلــة أو عــى صالحيــات تســمح بالتدخــل يف هــذا املجــال‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫‪ -2‬تجريم اإلثراء غري املرشوع‬
‫يتأسس منظور الهيئة بخصوص هذا املوضوع عىل مطلب االنفتاح عىل اآلليات املتجددة للتحري‬
‫والكشــف‪ ،‬ويف مقدمتهــا اآلليــة املعتمــدة ملكافحــة الزيــادة الكبــرة غــر املــررة يف موجــودات املوظــف‬
‫العمومــي‪ ،‬وعــى مبــدأ إدراج مكافحــة اإلثــراء غــر املــروع ضمــن مفهــوم الصالــح العــام الــذي يصبــح‬
‫مبقتضــاه املوظــف العمومــي ُمؤمتَنــا عــى تدبــر املرفــق العــام؛ مبــا يســتدعي متتيعــه بأنــواع مــن الحاميــات‬
‫والحقــوق واالمتيــازات‪ ،‬مقابــل إلزامــه‪ ،‬دون غــره‪ ،‬مبجموعــة مــن االلتزامــات والواجبــات واملســؤوليات‪ ،‬والتــي‬
‫تشــمل إلزامــه بتربيــر املصــدر املــروع للزيــادات الكبــرة التــي ت َث ُبــت عــى ثرواتــه خــال مزاولتــه للوظائــف‬
‫أو اكتســابه للصفــة‪.‬‬
‫واعتبــارا لتحصــن مبــدأ قرينــة ال ـراءة يف هــذه الجرميــة‪ ،‬أكــدت الهيئــة عــى أن تحميــل املوظــف عــبء‬
‫إثبــات املصــدر املــروع للزيــادة الكبــرة املرصــودة يف ثروتــه‪ ،‬يتــم بعــد تح ُّمــل النيابــة العامــة وســلطات إنفــاذ‬
‫‪ - 68‬تقرير موضوعايت مصاحب للتقرير السنوي للهيئة برسم ‪2020‬‬
‫‪ - 69‬مكافحة اإلثراء غري املرشوع (دراسة منشورة ضمن تقرير تركيبي‪ :‬آراء وتوصيات ودراسات يف مواضيع ذات أولوية وأثر عىل مكافحة الفساد‪ ،‬ماي ‪)2020‬‬
‫‪ -‬اإلثراء غري املرشوع‪ :‬نحو تقعيد منظور ترشيعي لإلملام بجميع جوانبه ومنع تجلياته‪ :‬تقرير موضوعايت مصاحب للتقرير السنوي للهيئة برسم ‪.2021‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪166‬‬


‫القانــون املعنيــة عــبء إثبــات أن هنــاك زيــادة كبــرة يف موجــودات هــذا املوظــف‪ ،‬وإثبــات أن هــذه الزيــادة‬
‫ال تتناســب مــع مداخيلــه املرشوعــة‪ ،‬وإثبــات أن هــذه الزيــادة حصلــت بعــد توليــه للمنصــب أو اكتســابه‬
‫للصفــة‪ ،‬ثــم إثبــات أن هــذا املنصــب أو هــذه الصفــة مــا يتيــح فــرص تحقيــق ثــروات غــر مرشوعــة‪.‬‬
‫كــا مل يفــت الهيئــة أن تؤكــد عــى أن مبــدأ اعتبــار تحويــل اإلثبــات يف هــذه الجرميــة مــن النيابــة العامــة‬
‫كســلطة ادعــاء إىل املتهــم كمدعــى عليــه‪ ،‬إج ـراء جــرى ويجــري بــه العمــل‪ ،‬وطنيــا ودوليــا‪ ،‬عــى املســتوى‬
‫التجرميــي واملســطري‪ ،‬يف مجموعــة مــن الجرائــم التــي ال ميكــن إثباتهــا والتحقــق منهــا إال عــر هــذا اإلجـراء‬
‫املســطري‪ ،‬كــا هــو الشــأن بالنســبة لإلثـراء غــر املــروع‪ ،‬مــع تأكيدهــا عــى أهميــة التــأيس مبــا تــم تخويلــه‬
‫للرئيــس املنتــدب للمجلــس األعــى للســلطة القضائيــة مــن صالحيــة تتبــع ثــروة القضــاة؛ حيــث خولــه القانــون‬
‫التنظيمــي الحــق الدائــم‪ ،‬بعــد موافقــة أعضــاء املجلــس‪ ،‬يف تقديــر ثــروة القضــاة وأزواجهــم وأوالدهم بواســطة‬
‫التفتيــش‪ ،‬عــى أن يكــون موضــوع متابعــة تأديبيــة كل قــاض ثبتــت زيــادة ممتلكاتــه‪ ،‬خــال فــرة مامرســة‬
‫مهامــه‪ ،‬زيــادة ملحوظــة ال يســتطيع تربيرهــا بصــورة معقولــة‪.70‬‬
‫وفــق هــذا املنظــور‪ ،‬أكــدت الهيئــة عــى أن االختيــار الترشيعــي األنســب هــو اعتبــار هــذه الجرميــة‪ ،‬جرميــة‬
‫قامئــة بذاتهــا لهــا مقوماتهــا الجرميــة‪ ،‬ومحدداتهــا املســطرية الكفيلــة بإثباتهــا‪ ،‬والعقوبــات الحبســية واملاليــة‬
‫املتناســبة مــع خطورتهــا‪ ،‬واألشــخاص الخاضعــن لهــا‪ ،‬والجهــات املعنيــة برصدهــا وتلقــي التبليغــات عــن حاالت‬
‫االشــتباه بهــا‪ ،‬مــع ترســيم العالقــات والتكامــل الفعــال بــن مختلــف هــذه الجهــات مــن جهــة‪ ،‬وبينهــا وبــن‬
‫النيابــات العامــة املختصــة مــن جهــة ثانيــة‪ .‬كــا خلصــت الهيئــة مــن خــال هــذه الدراســة اىل ترجيــح اختيــار‬
‫نــص قانــوين خــاص بهــذا املوضــوع مــع توضيــح الجســور التــي يتعــن مدهــا بــن اإلثـراء غــر املــروع ونظــام‬
‫الترصيــح اإلجبــاري باملمتلــكات‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫‪ -3‬نحو ترشيع يؤطر الوقاية من حاالت تضارب املصالح‬
‫يتأســس منظــور الهيئــة يف هــذا املوضــوع عــى مبــدأ التأطــر القانــوين لحــاالت تضــارب املصالــح‪ ،‬بهــدف تحديــد‬
‫املخاطــر واســتباق توقعهــا مــن خــال وضــع نصــوص وإرســاء آ ليــات متنــع حصــول تجــاوزات يف هــذا الشــأن‪.‬‬
‫عــى هــذا األســاس‪ ،‬أوصــت الهيئــة يف هــذه الدراســة باعتــاد نظــام الترصيــح اإلجبــاري باملصالــح الشــخصية‬
‫املرتبطــة مبامرســة الوظيفــة أو النشــاط أو املهنــة‪ ،‬وبــكل حالــة ميكــن أن تشــكل تضاربــا يف املصالــح مــن موقــع‬
‫مامرســة املهــام واملســؤوليات؛ حيــث ميكــن أن تكتــي هــذه املصالــح طابعــا دامئــا‪ ،‬كــا ميكــن أن تكــون عرضيــة‬
‫وتســتدعي بالتــايل الترصيــح بهــا لــدى املصالــح الداخليــة أو لــدى هيئــات خارجية‪ ،‬حســب الحالة لضــان تتبعها‪.‬‬
‫كــا تــم تحديــد املفهــوم املتعلــق بتضــارب املصالــح‪ ،‬واســتعراض الحــاالت املؤطــرة لهــذا التضــارب‪ ،‬وكــذا‬
‫اإلجـراءات الوقائيــة والعقوبــات املطبقــة يف حــاالت عــدم احـرام القواعــد‪ .‬واستأنســت الهيئــة يف هــذا اإلطــار‬
‫مبجموعــة مــن التجــارب عــى مســتوى بلــدان انخرطــت يف تأطــر هــذا املحــور املهــم مــن محــاور حكامــة تدبري‬
‫الشــأن العــام‪ .‬وتطرقــت الهيئــة أيضــا إىل الجوانــب املتعلقــة بالتنصيــص عــى اضطــاع هيئــة عموميــة بتلقــي‬
‫وتتبــع ومراقبــة هــذه التصاريــح‪ ،‬وبإقـرار عقوبــات تنصــب عــى التأخــر يف تقديــم الترصيــح أو عــدم تقدميــه‬
‫أو عــدم تطابقــه‪ ،‬مــع تقريــر ج ـزاءات ت ـراوح بــن التأديــب والغرامــة والتوقيــف املؤقــت لألجــر واإلعفــاء‬
‫والعقوبــة الحبســية والنــر العمومــي للعقوبــات‪.‬‬
‫‪ - 70‬املادة ‪ 107‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 13.100‬املتعلق باملجلس األعىل للسلطة القضائية‪.‬‬
‫‪ - 71‬نحو ترشيع يؤطر الوقاية من حاالت تضارب املصالح (دراسة منشورة ضمن تقرير تركيبي ‪ :‬آراء وتوصيات ودراسات يف مواضيع ذات أولوية وأثر عىل مكافحة الفساد‪ ،‬ماي ‪)2020‬‬
‫تم تعميق وتحيني هذا املوضوع ضمن التقرير املوضوعايت املصاحب لهذا التقرير السنوي‪ :‬تنازع املصالح يف مامرسة الوظائف العمومية‪ :‬من أجل منظومة ناجعة للتأطري واملعالجة والضبط‪ .‬ويسلط تصدير هذا التقرير‬
‫املوضوعايت الضوء عىل املحطات العلمية واالستشارية التي قطعتها الهيئة يف إنضاج رؤيتها لهذا املوضوع قبل طرخها بشكل مفصل يف هذا التقرير املوضوعايت الذي يوجد ملخص له يف الباب الثاين من هذا القسم‪.‬‬

‫‪167‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫الركيزة الخامسة‪ :‬من أجل خلق بيئة ضامنة للردع ومكافحة اإلفالت من العقاب‬
‫تســتهدف التوصيــات املندرجــة ضمــن هــذا املحــور إصــاح وتعزيــز الرتســانة القانونيــة لتفــادي اإلفــات مــن‬
‫العقــاب‪ ،‬مــع تقويــة التكامــل املؤسســايت‪ ،‬وإحــكام حلقــات التبليــغ والبحــث والتحــري واملتابعــة بــن جميــع‬
‫الهيئــات والســلطات املعنيــة؛ حيــث قدمــت الهيئــة توصياتهــا بهــذا الخصــوص يف إطــار معالجتهــا للمواضيــع‬
‫التاليــة‪:‬‬
‫‪72‬‬
‫‪ -1‬تعزيز منظومة التبليغ عن أفعال الفساد وحامية املبلغني‬
‫خلصت الهيئة بهذا الخصوص إىل طرح املحددات واملقومات التالية للنهوض بالتبليغ عن الفساد‪:‬‬
‫• وضــع الضوابــط الضامنــة للنجاعــة وحاميــة الحقــوق‪ ،‬خاصــة مــن خــال التعامــل املتــوازن واملــرن‬
‫مــع مطلــب "التبليــغ بحســن نيــة"‪ ،‬وصــون ســمعة األشــخاص املبلــغ عنهــم‪ ،‬مــن خــال التنصيــص عــى‬
‫معاقبــة األشــخاص الذيــن يتعمــدون تقديــم ادعــاءات كاذبــة؛‬
‫• تيســر التبليــغ والتشــجيع عليــه‪ ،‬خاصــة مــن خــال التوظيــف األمثــل الســتحقاقات التكنولوجيــا‬
‫الجديــدة‪ ،‬واعتــاد نظــام املكافــأة للمبلغــن الذيــن قــد تــؤدي تبليغاتهــم إىل اســرداد عائــدات الجرائــم‬
‫ذات القيمــة الهامــة؛‬
‫• توســيع الئحــة أفعــال الفســاد املشــمولة بالتبليــغ‪ ،‬باعتــاد مبــدأ التوســع الــذي يــدرج كل ســلوك‬
‫يشــكل مخالفــة جنائيــة أو مخالفــة تأديبيــة‪ ،‬أو ينــدرج ضمــن األفعــال املشــمولة بتدخــل الهيئــة طبقــا‬
‫ملقتضيــات املــادة ‪ 3‬مــن القانــون رقــم ‪ 46.19‬؛‬
‫• تجســر عالقــات التبليــغ بــن املؤسســات‪ ،‬مــن خــال إرســاء أســس التعــاون وتجســر العالقــات بــن‬
‫املؤسســات الوطنيــة وســلطات إنفــاذ القانــون‪ ،‬وتشــجيع التعــاون بــن هــذه األخــرة وبــن مؤسســات‬
‫القطــاع الخــاص؛‬
‫• تحديد مستويات متعددة من الجهات املكلفة بتلقي التبليغات؛‬
‫• وضــع الئحــة بأنــواع وأصنــاف االنتقــام املحتملــة‪ ،‬التــي قــد يســتعملها املبلَّــغ عنــه أو األشــخاص املوالون‬
‫لــه ضــد املبلِّــغ‪ ،‬واتخــاذ اإلجـراءات الالزمــة ملنعها ومعاقبــة مرتكبيهــا‪ ،‬عنــد االقتضاء؛‬
‫• الرصــد والحــر الترشيعــي للتدابــر الحامئيــة‪ ،‬بالعمــل عــى تجريــم التهديــد أو الرتهيــب أو االنتقــام‬
‫املحتمــل وقوعــه عــى املبلغــن عــن أفعــال الفســاد‪ ،‬وتوفــر الحاميــة القانونيــة مــن كل أشــكال االنتقــام‬
‫املهنــي مــع إتاحــة ســبل االنتصــاف املناســبة ضــد هــذه األشــكال؛‬
‫• إرســاء إطــار مؤســي ناجــع لضــان حاميــة املبلغــن مــن أشــكال االنتقــام املحتمــل تعرضهــم لهــا داخــل‬
‫أماكــن عملهــم أو يف إطــار تعامالتهــم التجاريــة واملهنيــة حســب الحالــة‪ ،‬ســواء يف القطــاع العــام أو الخــاص‬
‫‪73‬‬
‫‪ -2‬آليات اإلحالة املؤسسية لجرائم وأفعال الفساد‬
‫أوصــت الهيئــة يف هــذه الدراســة بالتنصيــص القانــوين عــى إلزاميــة إحالــة القضايــا املتعلقــة باالنحرافــات التــي‬
‫ميكــن أن تكــون لهــا صلــة بالتأديــب املــايل أو التســيري بحكــم الواقــع‪ ،‬واملوجــودة باملحاكــم العاديــة‪ ،‬عــى‬
‫القضــاء املــايل الــذي يضطلــع بــه املجلــس األعــى للحســابات‪ ،‬وذلــك حتــى بالنســبة للقضايــا التــي تــم حفظهــا‬
‫لغيــاب قرائــن الدعــوى الجنائيــة‪.‬‬
‫‪ - 72‬حامية املوظفني العموميني "مثريي االنتباه" إىل أفعال الفساد (رأي منشور ضمن تقرير تركيبي‪ :‬آراء وتوصيات ودراسات يف مواضيع ذات أولوية وأثر عىل مكافحة الفساد‪ ،‬ماي ‪)2020‬‬
‫‪ -‬تقرير موضوعايت مصاحب للتقرير السنوي ‪ :2021‬التبليغ عن الفساد‪ :‬من أجل دينامية مجتمعية ومؤسساتية بناءة ملكافحة الفساد‬
‫‪ -73‬آليات اإلحالة املؤسسية لجرائم وأفعال الفساد (دراسة منشورة ضمن تقرير تركيبي ‪ :‬آراء وتوصيات ودراسات يف مواضيع ذات أولوية وأثر عىل مكافحة الفساد‪ ،‬ماي ‪)2020‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪168‬‬


‫‪ -3‬املراجعة القانونية للمسطرة الجنائية‬
‫‪74‬‬

‫قدمــت الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا منظورهــا مــن أجــل مالءمــة موضوعيــة‬
‫لقانــون املســطرة الجنائيــة مــع املتطلبــات اإلجرائيــة ملكافحــة جرائــم الفســاد‪ ،‬مؤكــدة عــى أهميــة وضــع‬
‫املراجعــة القانونيــة للمســطرة الجنائيــة تحــت مجهــر املحــددات املوضوعيــة املشــار إليهــا‪ ،‬وذلــك اســترشافا‬
‫ملســتلزمات النهــوض بقــدرة هــذا القانــون عــى املســاهمة يف املكافحــة الفعالــة آلفــة الفســاد؛ مبــا يتطلبــه األمر‬
‫مــن إحــكام ملختلــف آليــات التبليــغ والبحــث واملتابعــة والتحقيــق واملقاضــاة وإنفــاذ األحــكام‪.‬‬
‫وفــق هــذا التوجــه‪ ،‬انــرف عمــل الهيئــة نحو قـراءة هذا املــروع يف ضــوء املرجعيــات الدســتورية والترشيعية‬
‫الوطنيــة ذات الصلــة وكــذا االتفاقيــات واملعاهــدات الدوليــة املتعلقــة املصــادق عليهــا مــن طــرف املغــرب‪،‬‬
‫مبنظــور شــمويل يســتهدف بالدراســة‪ ،‬يف نفــس اآلن‪ ،‬املقتضيــات ذات الصلــة الجــاري بهــا العمــل يف إطــار‬
‫القانــون الحــايل‪ ،‬وتلــك املطروحــة يف إطــار التعديــات املقرتحــة‪.‬‬
‫وقــد انصبــت توصياتهــا عــى رضورة اعتــاد منظــور موضوعــي وواقعــي ملبــدأ التقــادم يف جرائــم الفســاد‪،‬‬
‫وتوجيــه ســلطة "مالءمــة" املتابعــة نحــو خدمــة مالحقــة مرتكبــي جرائــم الفســاد‪ ،‬وتعزيــز التعــاون املؤســي‬
‫وتكامــل جهــود أعــال البحــث والتحــري‪ ،‬وتعزيــز الحاميــة القانونيــة للمبلغــن مــن فئــة املوظفــن العموميــن‪،‬‬
‫وضبــط وتعزيــز اســتعامل الوســائل التكنولوجيــة يف الكشــف عــن جرائــم الفســاد‪ ،‬وتعزيــز دور قــايض التحقيق‬
‫يف الكشــف عــن جرائــم الفســاد‪ ،‬وعــدم التضييــق عــى املترضريــن مــن جرائــم الفســاد‪ ،‬وتعزيــز التعديــات‬
‫املدرجــة عــى قواعــد االختصــاص االســتثنائية‪ ،‬وتثبيــت مقتضيــات تحفظيــة ناجعــة لتجميــد وحجــز العائــدات‬
‫املتأتيــة مــن جرائــم الفســاد وتســهيل التنفيــذ الجنــايئ لعقوبــة املصــادرة‪.‬‬
‫البــاب الثالــث‪ :‬توصيــات مــن أجــل تأصيــل التعــاون والتكامــل املؤســي يف مجــال‬
‫الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‬
‫يســتهدف هــذا البــاب يف فصلــه األول وض ـ َع أرضيــة منهجيــة وعمليــة للمجــاالت التــي تســتدعي التعــاون‬
‫والتنســيق‪ ،‬والجهــات املعنيــة بــه‪ ،‬وذلــك انطالقــا مــن أســس مرجعيــة وتوجيهيــة ومبــادئ ناظمــة يتعــن‬
‫اســتحضارها لضــان رفــع منســوب التفاعــل اإليجــايب ملختلــف الجهــات املعنيــة مــع املبــادرات التنســيقية‬
‫املقرتحــة مــن طــرف الهيئــة‪ ،‬يف حــن يقــدم الفصــل الثــاين آليــات عمليــة لتنزيــل مبــادرات التعــاون‪ ،‬مبــا يعــزز‬
‫تنســيق الجهــود يف ظــل صــون اســتقاللية كل جهــة‪.‬‬
‫ووجــب التذكــر بــأن التأصيــل الــذي تطرحــه الهيئــة آلليــات التعــاون والتكامــل املؤســي يف مجــال الوقايــة‬
‫مــن الفســاد ومكافحتــه‪ ،‬ينــدرج ضمــن رؤيــة تتوخــى منهــا الهيئــة اقـراح أرضيــة للتوجهــات العامــة ملبــادرات‬
‫التعــاون مــع الجهــات املعنيــة؛ وهــي مبــادرات تبقــى منفتحــة عــى مقرتحــات وتوصيــات هــذه الجهــات‪،‬‬
‫وخاضعــة لتقديرهــا ومالءمتهــا‪ ،‬بلوغــا إىل إرســاء إطــار مشــرك للتعــاون‪ ،‬يســتجيب لالحتياجــات والتوجهــات‬
‫النابعــة مــن خصوصيــات كل جهــة‪ ،‬ويعــزز مبــدأ االنخـراط الجامعــي يف التوجهــات االسـراتيجية للوقايــة مــن‬
‫الفســاد ومكافحتــه‪.‬‬

‫‪ - 74‬من أجل مالءمة موضوعية لقانون املسطرة الجنائية مع املتطلبات اإلجرائية ملكافحة جرائم الفساد‪ :‬تقرير موضوعايت مصاحب للتقرير السنوي للهيئة ‪2021‬‬

‫‪169‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫الفصل األول‪ :‬نحو آليات منهجية وعملية لتعزيز االلتقائية والتكامل املؤسيس يف مكافحة الفساد‬
‫الفرع األول‪ :‬أسس مرجعية وتوجيهية ومبادئ ناظمة ملبادرات التعاون والتنسيق املقرتحة‬
‫يتأسس العمل التعاوين والتنسيقي للهيئة عىل أسس مرجعية ومبادئ ناظمة ميكن استعراضها كاآليت‪:‬‬
‫أوال‪ -‬أسس مرجعية وتوجيهية‬
‫• إن العمــل اإلصالحــي‪ ،‬الهيــكيل والجوهــري‪ ،‬الــذي يتطلبــه نــر قيــم النزاهــة والشــفافية والحكامــة‬
‫املســؤولة والوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪ ،‬يســتلزم تعبئــة وتعــاون مختلــف الســلطات واملؤسســات‬
‫والفاعلــن املعنيــن‪ ،‬كل حســب مهامــه ومســؤولياته املؤسســاتية واملجتمعيــة‪ ،‬لبلــوغ الفعاليــة وضــان‬
‫األثــر امللمــوس؛‬
‫• إن تخويــل الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا صالحيــة اقــراح التوجهــات‬
‫االس ـراتيجية لسياســة الدولــة يف مجــال الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه واآلليــات والتدابــر الكفيلــة‬
‫بتنفيذهــا‪ ،‬يرســخ معطــى موضوعيــا مفــاده أن التوجهــات االسـراتيجية التــي ســتقرتحها الهيئــة‪ ،‬ستشــكل‬
‫اإلطــار املرجعــي الضامــن للشــمولية والتناغــم بــن جميــع املتدخلــن والسياســات واملبــادرات املتخــذة يف‬
‫هــذا املجــال؛‬
‫• إن املهــام املخولــة للهيئــة يف مجــال تلقــي الشــكايات والتبليغــات واملعلومــات والقيــام مبعالجتهــا‬
‫ودراســتها‪ ،‬وإجـراء األبحــاث والتحريــات يف شــأنها‪ ،‬واإلحالــة‪ ،‬بعــد التأكــد مــن األفعــال وجمــع األدلة‪ ،‬عىل‬
‫الجهــات املختصــة قصــد تحريــك املتابعــات وترتيــب اآلثــار القانونيــة‪ ،‬حســب الحالــة والجهــة املعنيــة‪،‬‬
‫تســتدعي تنســيق العمــل املؤســي وتوثيــق الصلــة مــع الجهــات املعنيــة‪ ،‬قصــد اســتكامل الحلقــات‬
‫املرتبطــة بهــذه املهــام الحيويــة‪ ،‬مبــا يقتضيــه األمــر مــن نجاعــة ودقــة وانضبــاط ملبــدأ الرشعيــة وســيادة‬
‫القانــون واح ـرام حقــوق اإلنســان وحرياتــه؛‬
‫• إن اضطــاع الهيئــة‪ ،‬يف إطــار مرصدهــا‪ ،‬بتعميــق املعرفــة املوضوعيــة بظاهــرة الفســاد وتجلياتــه‪،‬‬
‫كمدخــل لإلملــام بتمظه ـرات الفســاد بهــدف تطويقهــا‪ ،‬وبتقييــم نجاعــة وآثــار السياســات واملبــادرات‬
‫املتخــذة ملكافحتــه‪ ،‬يتطلــب تحديــد ال ـراكات مــع املراصــد واملؤسســات التــي ت ُعنــى مبجــال اإلحصــاء‬
‫وتتبــع املــؤرشات‪ ،‬مــن منظــور االنفتــاح عــى مصــادر البيانــات واملعلومــات املوجــودة واملتوقعــة‪ ،‬وطنيــا‬
‫ودوليــا‪ ،‬وإعــداد القواعــد وتجميــع املعطيــات‪ ،‬بلوغــا إىل إرســاء مــؤرشات ومعلومــات موضوعيــة ومدققة‬
‫حــول متظهــرات الفســاد بالقطاعــن العــام والخــاص‪ ،‬كفيلــة باســتهداف بــؤره ومواطنــه باملبــادرات‬
‫واإلج ـراءات الناجعــة والفعالــة‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬مبادئ ناظمة ومؤطرة للعمل التعاوين والتنسيقي للهيئة‬
‫بعدمــا اتضحــت األســس املرجعيــة والتوجيهيــة امللزِمــة ملطلــب العمــل التعــاوين والتنســيقي للهيئــة‪ ،‬مــن املهــم‬
‫التأكيــد عــى أن املبــادرات التنســيقية للهيئــة تؤطرهــا مجموعــة مــن املبــادئ الناظمــة لهــذا العمــل والضامنــة‬
‫لتنزيلــه عــى أســس متينــة ومحقِّقــة للنجاعــة وبلــوغ األهــداف املســطرة‪ ،‬نوردهــا موجــزة كاآليت‪:‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪170‬‬


‫• اعتــاد مبــدأ االنفتــاح عــى جميــع الســلطات والهيئــات واملؤسســات واملنظــات املعنيــة مبجــال تدخل‬
‫الهيئة؛‬
‫• التمييــز‪ ،‬بالنســبة آلليــات التعــاون والتنســيق املقرتحــة‪ ،‬بــن املهــام ذات الطابــع العرضــاين واألفقــي‪،‬‬
‫والتــي تحتــاج إىل تنســيق مــع مســؤوليات مــن مســتويات عليــا‪ ،‬واملهــام ذات الطبيعــة القطاعيــة‪،‬‬
‫والتــي تحتــاج إىل آليــات تنســيقية مســتهدفة يتــم وضعهــا بتعــاون مــع الجهــات املعنيــة مبــارشة باملهــام‬
‫موضــوع التنســيق؛‬
‫• الحــرص عــى اختيــار الصيغــة املالمئــة للتنســيق املطلــوب (اتفاقيــات‪ ،‬رشاكات‪ ،‬مذكــرات تفاهــم‪،‬‬
‫تعــاون حــري‪ ،‬آليــات االشــتغال املشــرك‪ ،)... ،‬أخــذا بعــن االعتبــار للمعطيــات املتعلقــة باملجــال واملهام‬
‫موضــوع هــذا التنســيق‪ ،‬والجهــة املعنيــة بــه‪ ،‬والضوابــط املطلــوب اســتحضارها يف العالقــة مــع كل جهــة؛‬
‫• الســهر عــى تتبــع العمــل التنســيقي املعتمــد‪ ،‬مبــا يقتضيــه األمــر مــن دعــم ومســاعدة ومواكبــة‬
‫وتحيــن‪ ،‬مببــادرة مــن الهيئــة أو بطلــب مــن الجهــات املعنيــة؛‬
‫• التقييــم الــدوري آلليــة التنســيق املعتمــدة‪ ،‬لضــان بلــوغ األهــداف املســطرة‪ ،‬وتجــاوز اإلكراهــات‬
‫املحتملــة التــي ميكــن أن تعــوق هــذا التنســيق‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬املجاالت والقنوات والجهات املعنية بآليات التعاون والتنسيق‬
‫أوال‪ -‬املجاالت املعنية بالتعاون والتنسيق‬
‫يتضح أن املجاالت املعنية بالتعاون والتنسيق ميكن أن تنتظم ضمن خمسة (‪ )5‬محاور أساسية‪:‬‬
‫‪ -1‬محور املهام ذات البعد االسرتاتيجي؛‬
‫‪ -2‬محور املهام املتعلقة بتتبع مفعول توصيات الهيئة ومقرتحاتها؛‬
‫‪ -3‬محور املهام املتعلقة بالتشخيص وتعميق املعرفة بظاهرة الفساد وتفاعالته املتنوعة؛‬
‫‪ -4‬محور املهام املتعلقة باملالءمة مع االتفاقيات واملواصفات املعيارية الدولية؛‬
‫‪ -5‬محور املهام املتعلقة بالقيام باألبحاث والتحريات‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬قنوات وجهات معنية بالتعاون والتنسيق‬
‫انطالقــا مــن املجــاالت املحــددة يف املحــاور املذكــورة‪ ،‬وعــاوة عــى محــور املهــام املتعلقــة باملالءمــة مــع‬
‫االتفاقيــات واملواصفــات املعياريــة الدوليــة الــذي أبرمــت الهيئـ ُة بشــأنه مذكــر َة تفاهــم مــع الســلطة الحكومية‬
‫املكلفــة بالخارجيــة‪ ،‬يتعــن توجيــه جهــود الهيئــة نحــو اســتثامر بعــض القنــوات املؤسســاتية التــي توفــر رشوط‬
‫التعــاون والتكامــل املؤســي املطلــوب إلذكاء الديناميــة يف بعــض مهــام الهيئــة‪ ،‬مــع االن ـراف نحــو إرســاء‬
‫آليــات تنســيقية مــع ســلطات وجهــات معنيــة‪ ،‬لتوفــر رشوط التنزيــل الناجــع واملتوافــق عليــه ملجموعــة مــن‬
‫املهــام املنوطــة بالهيئــة‪.‬‬
‫‪ -1‬التعاون والتنسيق بخصوص املهام ذات البعد االسرتاتيجي‬
‫ميكــن أن َي ـ َّر التنســيق بالنســبة لهــذه املهــام عــر قنــاة االس ـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬مــن بوابــة‬
‫صالحيــات اإلرشاف والتنســيق وضــان تتبــع التنفيــذ املخولــة للهيئــة؛ مبــا يســتوجب ضبــط آليــات قيــادة هــذه‬
‫‪171‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫االسـراتيجية‪ ،‬مــن خــال إعــادة النظــر يف اللجنــة الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬مبــا يوفــر لهــا املقومــات الضامنــة‬
‫لحكامــة تعبــئ جميــع املســؤوليات‪ ،‬مبــا يعــزز دور الهيئــة يف تنســيق وتتبــع تنفيــذ الربامــج واملشــاريع املندرجة‬
‫ضمــن هــذه االس ـراتيجية‪ ،‬ومواكبــة جميــع املتدخلــن بالخــرة املطلوبــة‪ ،‬ومواجهــة اإلكراهــات والعراقيــل‪،‬‬
‫وتقييــم تقــدم تنفيــذ املشــاريع‪ ،‬ومالءمــة اإلنجــازات مــع األهــداف املســطرة‪.‬‬
‫وللتذكــر‪ ،‬فقــد ت َوجــه منظــور الهيئــة إىل إعــادة صياغــة املرســوم املتعلــق باللجنــة الوطنيــة ملكافحــة الفســاد يف‬
‫اتجــاه تقويــة وتجويــد الحكامــة‪ ،‬مــن خــال املحافظــة عــى تشــكيلة اللجنــة الرباعيــة املكونــة مــن قطاعــات‬
‫حكوميــة ومؤسســات دســتورية وهيئــات وطنيــة ومنظــات القطــاع الخــاص واملجتمــع املــدين‪ ،‬مــع دمــج‬
‫الســلطات واملؤسســات األخــرى املعنيــة ممثلــة عــى أعــى مســتوى‪ ،‬وضبــط آليــات حكامتهــا ونظــم معلوماتهــا‬
‫ومنظومــة تنســيق وتتبــع برامجهــا‪.‬‬
‫إىل جانــب رئاســة اللجنــة مــن طــرف رئيــس الحكومــة‪ ،‬تحــر الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة‬
‫ومحاربتهــا يف شــخص رئيســها‪ ،‬لتضطلــع بالســهر عــى انصهــار برامــج االسـراتيجية ومشــاريعها يف التوجهــات‬
‫االسـراتيجية لسياســة الدولــة يف مجــال الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪ ،‬إضافــة إىل اضطالعهــا مبجموعــة مــن‬
‫املهــام املُؤطــرة واملتعلقــة بشــكل خــاص‪ ،‬بتعميــق التشــخيص املوضوعــي لوضعيــة الفســاد وتطورهــا‪ ،‬وتقييــم‬
‫حصيلــة تتبــع تنفيــذ الربامــج‪ ،‬وتنســيق األعــال الراميــة إىل تحيــن االسـراتيجية‪ ،‬وتقديــم حصيلــة تتبــع تنفيــذ‬
‫االلتزامــات الدوليــة للمملكــة‪ ،‬وكــذا حصيلــة مــدى تفاعــل الســلطات والهيئــات املعنيــة مــع توصيــات وآراء‬
‫الهيئــة‪.‬‬
‫كــا تقــرح الهيئــة‪ ،‬تدعيــا لحكامــة اللجنــة‪ ،‬انبثــاق لجــان دامئــة عــن اللجنــة الوطنيــة‪ ،‬تضطلــع بــاإلرشاف‬
‫وتنســيق الربامــج التــي تشــكل املحــاور املهيكلــة لالسـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬مــع تــرؤس كل لجنــة‬
‫برنامــج مــن قبــل الوزيــر املســؤول عــن الربنامــج إىل جانــب رئيــس الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقاية من الرشــوة‬
‫ومحاربتهــا‪ ،‬فيــا تقــرح الهيئــة اضطــاع مصالــح رئاســة الحكومــة مبهــام الكتابــة الدامئــة للجنــة الوطنيــة‪.‬‬
‫ولضــان الديناميــة املســتهدفة وتقويــة الوقــع‪ ،‬يتعــن العمــل عــى ترصيــد إنجــازات االس ـراتيجية الوطنيــة‬
‫وتصحيــح مســارها مــن خــال التخطيــط الســنوي للمشــاريع‪ ،‬مــع تحديــد اإلج ـراءات األولويــة ذات األثــر‬
‫املحتمــل القــوي عــى املواطنــن والفاعلــن االقتصاديــن ومواكبتهــا بتعزيــز مناهــج التقييــم البعــدي وقيــاس‬
‫األثــر‪.‬‬
‫‪ -2‬التعــاون والتنســيق بخصــوص املهــام املتعلقــة بالتشــخيص وتعميــق املعرفــة بظاهــرة الفســاد‬
‫وتفاعالتــه املتنوعــة‬
‫مــن املهــم أن ميتــد تطويــر إطــار التعــاون والتنســيق يف هــذا املجــال ليشــمل الجهــات املؤهلــة‪ ،‬بحكــم‬
‫اختصاصاتهــا‪ ،‬للمســاهمة بتجاربهــا وخرباتهــا إىل جانــب الهيئــة يف مجــال النهــوض بــدور املرصــد‪ ،‬خاصــة‬
‫فيــا يتعلــق باملســوحات وتحليــل املعطيــات ووضــع املــؤرشات‪ ،‬ورصــد وتتبــع تطــور الفســاد كميــا ونوعيــا‪،‬‬
‫وإغنــاء قاعــدة بيانــات ومعطيــات املرصــد وتوحيدهــا‪ ،‬وتقييــم وقــع وأثــر مختلــف االسـراتيجيات والسياســات‬
‫واإلج ـراءات املعتمــدة ملكافحــة الفســاد‪.‬‬
‫ألجــل ذلــك‪ ،‬يعتــر مناســبا جــدا ان ـراف املجهــود التنســيقي إىل املندوبيــة الســامية للتخطيــط‪ ،‬باعتبارهــا‬
‫مؤسســة توجيهيــة تتوفــر عــى خــرة متميــزة ومنهجيــة متطــورة يف مجــال الرصــد وتحليــل املعطيــات‪ ،‬إذ‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪172‬‬


‫تضطلــع بتزويــد املســؤولني الحكوميــن ومختلــف الجهــات املعنيــة‪ ،‬باملعطيــات االقتصاديــة واالجتامعيــة‬
‫والثقافيــة والدميوغرافيــة التــي يوجــد عليهــا املغــرب آنيــا ومســتقبليا مــن خــال االســتقصاءات وتقييــم‬
‫املنجــزات واملخططــات التــي تقــوم بهــا مصالــح املندوبيــة‪.‬‬
‫كــا يعتــر مهــا أيضــا تجســر العالقــات مــع هيئــات التفتيــش العــام‪ ،‬خاصــة املفتشــية العامــة للامليــة‬
‫واملفتشــية العامــة لــإدارة الرتابيــة‪ ،‬بالنظــر للمهــام املنوطــة بهــا يف مجــال تفتيــش ومراقبــة وتدقيــق وتقييــم‬
‫تدبــر اإلدارات واملؤسســات العموميــة والجامعــات الرتابيــة‪ ،‬والســهر عــى ســامة تطبيــق النصــوص الترشيعيــة‬
‫والتنظيميــة وعــى حســن تدبــر األمــوال العامــة‪ ،‬ورصــد مظاهــر االختــاالت واملخالفــات‪ ،‬مبــا يتيــح فــرص‬
‫تأســيس شــبكة لتبــادل املعلومــات واإلحصائيــات وأمنــاط املخالفــات ونقــط ضعــف نظــام التدبــر العمومــي‬
‫وتدعيــم املشــاريع املشــركة وتعميــق املعرفــة املوضوعيــة بظاهــرة الفســاد‪.‬‬
‫وجديــر بالذكــر أن مرســوم ‪ 23‬يونيــو ‪ 2011‬يف شــأن املفتشــيات العامــة للــوزارات نــص ضمــن مقتضيــات مادته‬
‫الثانيــة عــى تخويــل هــذه املفتشــيات مهمــة التنســيق والتواصــل والتتبــع مــع مؤسســة الوســيط‪ ،‬والتعــاون مع‬
‫كل مــن املجلــس األعــى للحســابات واملفتشــية العامــة للامليــة والهيئــة املركزيــة للوقايــة مــن الرشــوة‪ ،‬وتتبــع‬
‫التوصيــات الــواردة يف تقاريــر هــذه الهيئــات‪.‬‬
‫ويف نفــس التوجــه‪ ،‬واعتبــارا للمهــام املنوطــة باملحاكــم املاليــة‪ ،‬خاصــة يف مجــال التدقيــق والبــت يف الحســابات‪،‬‬
‫والتأديــب املتعلــق بامليزانيــة والشــؤون املاليــة‪ ،‬ومراقبــة التســيري واســتعامل األمــوال‪ ،‬وتتبــع وفحــص التصاريــح‬
‫باملمتلــكات‪ ،‬ومراقبــة اســتعامل املــال العــام املمنــوح للمقــاوالت والجمعيــات‪ ،‬ومراقبــة الق ـرارات املتعلقــة‬
‫بتنفيــذ ميزانيــات الجامعــات املحليــة‪ ،‬تتأكــد أهميــة االنفتــاح عــى هــذه املؤسســة الدســتورية ومتتــن عالقــات‬
‫التعــاون معهــا‪ ،‬مبــا يعــزز مجــال تبــادل املعلومــات وتقويــة القــدرات وتدعيــم قاعــدة املعطيــات املتعلقــة‬
‫بظاهــرة الفســاد‪.‬‬
‫‪ -3‬التعاون والتنسيق بخصوص املهام املتعلقة بتتبع مفعول توصيات الهيئة ومقرتحاتها‬
‫إلذكاء الديناميــة يف القنــوات املتاحــة أمــام الهيئــة للدفــع بتوصياتهــا ومقرتحاتهــا‪ ،‬وضامنــا للتنزيــل األمثــل‬
‫لصالحيتهــا يف تتبــع مفعــول ومــآل توصياتهــا‪ ،‬يتوجــه مجهــود الهيئــة نحــو تأســيس قاعــدة صلبــة تضمــن‬
‫متطلبــات التوافــق الكفيــل بتفعيــل هــذه التوصيــات؛ حيــث يبــدو أم ـرا حيويــا توظيــف قنــاة االس ـراتيجية‬
‫الوطنيــة ملكافحــة الفســاد‪ ،75‬خاصــة مــن خــال الــدور املنتظــر للهيئــة يف اإلطــار الوطنــي املســتهدف ملكافحــة‬
‫الفســاد ‪ ،‬كــا ســبق توضيحــه‪ ،‬مبــا يتيــح فــرص تثمــن توصياتهــا وجعلهــا تحتــل موقــع الصــدارة يف صلــب‬
‫هــذه االسـراتيجية‪ ،‬مــع مــا يقتضيــه األمــر مــن إعطــاء مكانــة متقدمــة‪ ،‬يف مرحلــة أوىل‪ ،‬للتوصيــات التــي لهــا‬
‫وقــع مبــارش عــى متطلبــات الوقايــة واملكافحــة‪.‬‬
‫وعــاوة عــى قنــاة االســراتيجية الوطنيــة‪ ،‬تســتلزم متطلبــات التعــاون والتنســيق لضــان التنزيــل األمثــل‬
‫ملجموعــة مــن توصيــات ومقرتحــات الهيئــة‪ ،‬إرســاء آليــات تنســيقية مــع الحكومــة‪ ،‬خاصــة لتدقيــق وتعميــق‬
‫التشــاور حولهــا‪ ،‬وكــذا لبحــث ســبل مأسســة إطــاع الهيئــة عــى مــآل اآلراء التــي تقــوم بتقدميهــا بخصــوص‬
‫االس ـراتيجيات الوطنيــة والسياســات العموميــة ذات الصلــة بالوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه ومبخططــات‬
‫تنفيذهــا‪ ،‬وكذلــك بالنســبة لــآراء التــي تــديل بهــا بخصــوص مشــاريع القوانــن والنصــوص التنظيميــة ذات‬
‫الصلــة باختصاصاتهــا‪.‬‬
‫‪ - 75‬الذي سيحل محل اللجنة الوطنية ملكافحة الفساد‬
‫‪173‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫ولضــان النجاعــة والفعاليــة املطلوبــة‪ ،‬يســتوجب أن توضــع هــذه اآلليــات التنســيقية‪ ،‬برشاكــة مــع رئاســة‬
‫الحكومــة بالنســبة لالسـراتيجيات واملواضيــع األفقيــة‪ ،‬وأن تســتكمل بآليــات مســتهدفة يتــم وضعهــا برشاكــة‬
‫مــع كل قطــاع معنــي مبــارشة باملواضيــع الخاصــة‪.‬‬
‫مــن جهــة أخــرى‪ ،‬واعتبــارا للــدور الحيــوي للمؤسســة الترشيعيــة يف تفعيــل توصيــات الهيئــة‪ ،‬تقــرح الهيئــة‬
‫تطويــر‪ ،‬برشاكــة مــع غرفتــي الربملــان ولجنهــا املعنيــة وكذا مــع الفــرق واملجموعــات الربملانيــة‪ ،‬اآلليــات الكفيلة‬
‫بجعــل هــذه التوصيــات رافــدا ملقرتحــات القوانــن التــي ميكــن أن يتقــدم بهــا الربملانيــون‪ ،‬ومرجعــا يعتمــد‬
‫عليــه يف مناقشــة وتقديــم التعديــات لتجويــد مشــاريع القوانــن املتعلقــة باملجــاالت ذات الصلــة بالحكامــة‬
‫والوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪.‬‬
‫يف هــذا اإلطــار‪ ،‬يعتــر أمـرا حيويــا إحــداث آليــة تنســيقية‪ ،‬عــى الخصــوص‪ ،‬بــن الهيئــة واللجنتــن املختصتــن‬
‫بالعــدل والترشيــع بالربملــان ملواكبــة التوصيــات املتعلقــة بالترشيعــات املرتبطــة مبجــاالت تدخــل الهيئــة‪،‬‬
‫باإلضافــة إىل التعــاون يف مجــال املالءمــة مــع االتفاقيــات والتقاريــر الدوليــة ذات الصلــة‪ ،‬كــا ســيأيت توضيحــه‪.‬‬
‫كــا تؤكــد الهيئــة عــى اســتثامر الــدور املحــوري املنــوط مبنظــات القطــاع الخــاص واملجتمــع املــدين وهيئــات‬
‫اإلعــام‪ ،‬كقــوة اقرتاحيــة وآليــة ملامرســة املرافعــة ومنــر للتأثــر ومســاءلة مراكــز القــرار‪ ،‬مبــا يجعــل مــن‬
‫االنفتــاح عــى هــذه املنظــات مطلبــا ذا أهميــة خاصــة وقنــاة تكميليــة مــن شــأنها املســاهمة يف الدفــع‬
‫بتوصيــات الهيئــة‪ ،‬فضــا عــن مســاهمتها يف إثـراء هــذه التوصيــات مــن زاويــة انتظاراتهــا ومجــاالت أنشــطتها‬
‫وإملامهــا بجوانــب متعــددة للواقــع اليومــي للمواطنــن‪.‬‬
‫‪ -4‬التعــاون والتنســيق بخصــوص املهــام املتعلقــة باملالءمــة مــع االتفاقيــات واملواصفــات املعياريــة‬
‫الدوليــة‬
‫عــاوة عــى التنســيق مــع الســلطة الحكوميــة املكلفــة بالخارجيــة‪ ،‬يعتــر التعــاون والتنســيق مــع املؤسســة‬
‫الترشيعيــة يف مجــال املالءمــة مــع االتفاقيــات الدولية ذات الصلــة اختيارا مجديــا‪ ،‬بالنظر للصالحيات الدســتورية‬
‫لهــذه املؤسســة يف املصادقــة عــى النصــوص القانونيــة املؤطــرة ملختلــف االتفاقيــات الدوليــة ذات الصلــة‪ ،‬مبــا‬
‫يتعــن معــه أن ميتــد التنســيق بــن الهيئــة واللجنتــن املختصتــن بالعــدل والترشيــع بالربملــان ملواكبــة توصيــات‬
‫الهيئــة املتعلقــة باملالءمــة مــع االتفاقيــات والتقاريــر الدوليــة ذات الصلــة‪ ،‬فضــا عــن التنســيق‪ ،‬املشــار إليــه‬
‫أعــاه‪ ،‬والــذي تتطلــع الهيئــة مــن خاللــه إىل أن تشــكل مختلــف توصياتهــا ذات الصلــة مبجــال الحكامــة والوقاية‬
‫مــن الفســاد ومكافحتــه‪ ،‬رافــدا ملقرتحــات القوانــن التــي ميكــن أن يتقــدم بهــا الربملانيــون‪ ،‬ومرجعــا يعتمــد عليــه‬
‫يف مناقشــة وتقديــم التعديــات لتجويــد مشــاريع القوانــن املتعلقــة باملجــاالت ذات الصلــة‪.‬‬
‫‪ -5‬التعاون والتنسيق بخصوص املهام املتعلقة بالقيام باألبحاث والتحريات واإلحاالت‬
‫لالضطــاع بصالحياتهــا يف مجــال تلقــي الشــكايات والتبليغــات والقيــام باألبحــاث والتحريــات‪ ،‬مــا فتئــت‬
‫الهيئــة تؤكــد عــى أن التنزيــل العمــي لهــذه الصالحيــات بقــدر مــا ينبغــي أن يســتهدف مســتلزمات التجــاوب‬
‫بالنجاعــة مــع التبليغــات والشــكايات والتفاعــات املعلنــة للفســاد‪ ،‬بقــدر مــا يســتدعي اســتحضار مبــدأ‬
‫االنضبــاط ملجموعــة مــن االحـرازات الضامنــة إلنجــاز هــذه املهــام باملرشوعيــة واملوضوعيــة‪ ،‬تجســيدا ملطلــب‬
‫التــوازن بــن حــق املجتمــع يف متابعــة املتهمــن‪ ،‬وحــق هــؤالء يف حاميــة حياتهــم الخاصــة وتحصــن قرائــن‬
‫براءتهــم والحفــاظ عــى ســمعتهم‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪174‬‬


‫عــى هــذا األســاس‪ ،‬وعــاوة عــى الضوابــط التــي اعتمدهــا القانــون رقــم ‪ ،46.19‬حرصــت الهيئــة‪ ،‬يف نظامهــا‬
‫الداخــي‪ ،‬عــى تأطــر التنزيــل العمــي ملهــام األبحــاث والتحريــات مبجموعــة مــن الضامنــات واالح ـرازات‬
‫الكفيلــة بإنجــاز هــذه املهــام بالنجاعــة والفعاليــة تحــت غطــاء املرشوعيــة واملوضوعيــة‪ ،‬ملتزمــة يف هــذا‬
‫اإلطــار باعتــاد آليــات ضامنــة لرتســيخ مبــدأ العمــل املشــرك والتكامــل الوظيفــي املطلــوب يف هــذا املجــال‬
‫بــن الســلطات واملؤسســات والهيئــات األخــرى املعنيــة؛ مبــا يحقــق نجاعــة العمــل واالســتفادة املتبادلــة مــن‬
‫القــدرات‪ ،‬يف إطــار االح ـرام التــام لالســتقاللية ولصالحيــات كل جهــة‪.‬‬
‫تفعيــا لهــذا االلتـزام‪ ،‬يتعــن مــن جهــة‪ ،‬تأســيس العمــل التنســيقي مــع رئاســة النيابــة العامــة بخصــوص إرســاء‬
‫ضامنــات عمليــة إلنجــاز بعــض املهــام ذات الصلــة‪ ،‬كتلــك املتوقفــة عــى مشــاركة ضبــاط الرشطــة القضائيــة‬
‫مــن أجــل دخــول مأمــوري الهيئــة للمحــات املهنيــة لألشــخاص الذاتيــن واملق ـرات االجتامعيــة لألشــخاص‬
‫االعتباريــن‪ ،‬أو طلــب القيــام بأعــال التجميــد والحجــز‪ .‬كــا ســيكون مجديــا االتفــاق عــى آليــة تســمح‬
‫للهيئــة‪ ،‬عنــد االقتضــاء‪ ،‬مــن التيقــن مــن وجــود حكــم قضــايئ صــادر أو أبحــاث قضائيــة جاريــة تســتدعي‬
‫إعــال الهيئــة ملبــدأ "رصف النظــر" عــن القضايــا التــي قــد تُعــرض عليهــا‪.‬‬
‫كــا يعتــر مهــا‪ ،‬مــن جهــة ثانيــة‪ ،‬أن ميتــد هــذا العمــل التنســيقي إىل تدقيــق املهــام التــي ســبقت اإلشــارة‬
‫إليهــا‪ ،‬واملتعلقــة بضبــط كيفيــة ورشوط ولــوج مأمــوري الهيئــة إىل املحجــوزات‪ ،‬وتدقيــق آليــات اإلحالــة عــى‬
‫الهيئــة لقضايــا الفســاد التــي تــم حفظهــا مــن طــرف النيابــات العامــة عــى خلفيــة غيــاب قرائــن ُمنشــئة‬
‫للمســؤولية الجنائيــة‪ ،‬باإلضافــة إىل املســاطر املتعــن وضعهــا للحــاالت التــي قــد تســتلزم تحريــك أي دعــوى‬
‫عموميــة يف مواجهــة مأمــور الهيئــة املشــتبه يف ارتكابــه جنحــة أو جنايــة مبناســبة مزاولتــه ملهامــه‪.‬‬
‫مــن جهــة أخــرى‪ ،‬يتعــن توجيــه املجهــود التنســيقي كذلــك نحــو املؤسســات والهيئــات املعنيــة بإحالــة الهيئــة‬
‫للمخالفــات اإلداريــة واملاليــة املشــار إليهــا يف الفصــل ‪ 36‬مــن الدســتور؛ مبــا يحتــم مــد جســور العالقــات مــع‬
‫كل مــن املجلــس األعــى للحســابات‪ ،‬ومجلــس املنافســة‪ ،‬والهيئــة املغربيــة لســوق الرســاميل‪ ،‬وبنــك املغــرب‪،‬‬
‫وهيئــة مراقبــة التأمينــات واالحتيــاط االجتامعــي‪ ،‬باإلضافــة إىل الهيئــة الوطنيــة للمعلومــات املاليــة التــي‬
‫تتطلــب تعاونــا وتنســيقا خاصــا ودقيقــا اعتبــارا للجســور الوطيــدة بــن الفســاد وغســيل األمــوال‪.‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬نحو إرساء آليات عملية للتعاون والتنسيق مع الجهات املعنية‬
‫تأسيســا عــى مــا ســبق توضيحــه مــن مجــاالت تســتدعي التعــاون والتنســيق‪ ،‬ومــا تــم اســتحضاره مــن جهــات‬
‫معنيــة بهــذا التعــاون‪ ،‬ميكــن وضــع أرضيــات عمليــة مفتوحــة للنقــاش واالغنــاء مــن طــرف الــركاء املعنيــن‪،‬‬
‫وذلــك الســتجالء معــامل ونطــاق هــذا التعــاون‪ ،‬مــن خــال جــذاذات مشــاريع خاصــة بــكل مجــال مــن املجاالت‬
‫التــي تــم تحديدهــا أعــاه‪ ،‬مــع اختيــار جهــة معينــة كنمــوذج لــكل مجــال‪ ،‬يف أفــق توســيع هــذا االختيــار‬
‫ليشــمل الجهــات األخــرى مســتقبال‪.‬‬
‫أوال‪ -‬جذاذة مرشوع للتعاون والتنسيق عرب قناة االسرتاتيجية الوطنية ملكافحة الفساد‬
‫تؤكــد الهيئــة عــى أن املوقــع املركــزي الــذي تحتلــه االسـراتيجية الوطنيــة ملكافحــة الفســاد يف الجهــود املبذولة‬
‫مــن طــرف الدولــة ملواجهــة هــذه اآلفــة‪ ،‬مــن شــأنه أن يتعــزز‪ ،‬عــى مســتوى آليــات حكامتــه ونوعيــة برامجــه‬
‫ومحتويــات قوتــه االقرتاحيــة‪ ،‬بتفعيــل صالحيــات اإلرشاف والتنســيق وضــان تتبــع التنفيــذ املســندة للهيئــة‬
‫مبوجــب الدســتور‪ ،‬والتــي مبقتضاهــا يتحــدد الــدور املنتظــر مــن الهيئــة يف مســار إعــداد وتنســيق وتتبــع تنفيــذ‬
‫‪175‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫اسـراتيجية مكافحــة الفســاد؛ مبــا يوفــر لهــا رشوط االنخـراط يف منطــق الفعاليــة‪ ،‬والتطــور واملالءمــة‪ ،‬والتــاس‬
‫الوقــع اإليجــايب عــى املواطنــن والفاعلــن االقتصاديــن‪ ،‬وضــان بلــوغ األهــداف املســطرة؛ كل ذلــك اعتــادا‬
‫عــى نهــوض الهيئــة عمليــا بالصالحيــات املذكــورة‪ ،‬وفــق األســس املرجعيــة والتوجيهيــة التاليــة‪:‬‬
‫‪ -1‬أسس مرجعية وتوجيهية‬
‫• تخويــل الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا صالحيــة اقــراح التوجهــات‬
‫االسـراتيجية لسياســة الدولــة يف مجــال الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه وآليــات تفعيلهــا‪ ،‬يعكــس وعــي‬
‫املــرع بخصوصيــة وتعقيــد ورش مكافحــة الفســاد وتعــدد وتشــعب أبعــاده‪ ،‬مبــا يســتلزم توفــر اإلطــار‬
‫املؤســي لوحــدة الرؤيــة وضــان التنســيق‪ ،‬مــع إناطــة هــذه املســؤوليات بالهيئــة تجاوبــا مــع أبعــاد‬
‫صالحياتهــا الدســتورية يف اإلرشاف والتنســيق وضــان تتبــع التنفيــذ؛‬
‫• كــا أن صالحيــات اإلرشاف والتنســيق وضــان تتبــع التنفيــذ املخولــة للهيئــة تجــد تجلياتهــا يف الــدور‬
‫املنتظــر مــن الهيئــة يف مســار إعــداد وتقديــم والســهر عــى تبنــي االسـراتيجية الوطنيــة ملكافحة الفســاد‪،‬‬
‫ثــم تنســيق وتتبــع تنفيذهــا‪ ،‬وهــو األمــر الــذي أكــدت عليــه االتفاقيــة األمميــة ملكافحــة الفســاد؛‬
‫• إعطــاء مضمــون محــدد لصالحيــات اإلرشاف والتنســيق وضــان تتبــع التنفيــذ ميــر عــر التــاؤم‬
‫مــع منظــور االتفاقيــة األمميــة ملكافحــة الفســاد التــي أوكلــت لهيئــات مكافحــة الفســاد‪ ،‬يف نطــاق‬
‫االس ـراتيجيات الوطنيــة‪ ،‬مهمــة وضــع وترويــج املامرســات الراميــة إىل الوقايــة مــن الفســاد‪ ،‬وإصــدار‬
‫توصيــات لترشيعــات يف املوضــوع‪ ،‬وإبــداء الــرأي وجوبــا يف الترشيعــات ذات الصلــة قبــل إصدارهــا‪،‬‬
‫واتخــاذ التدابــر املالمئــة لتنســيق العمــل مــع الهيئــات األخــرى‪ ،‬والقيــام مبهــام اســتعراض التنفيــذ‪،‬‬
‫والتقييــم الــدوري للتدابــر ذات الصلــة‪ ،‬وإجـراء عمليــات تقييــم أو تفتيــش للمؤسســات‪ ،‬وتلقــي تقاريــر‬
‫املراجعــة والتحقيقــات‪ ،‬مــع مــا يقتضيــه كل ذلــك مــن تخويلهــا حــق الحصــول عــى املعلومــات والوثائــق‬
‫واإلفــادات‪.‬‬
‫‪ -2‬نحــو موقــع موضوعــي للهيئــة يف اإلرشاف والتنســيق وتتبــع تنفيــذ الربامــج واملشــاريع املندرجــة‬
‫ضمــن االســراتيجية الوطنيــة‬
‫• قيــام الهيئــة بإعــادة ترتيــب أولويــات االسـراتيجية الوطنيــة‪ ،‬وتقدميهــا قصــد املصادقــة‪ ،‬مبــا يقتضيــه‬
‫األمــر مــن إعطــاء مكانــة متقدمــة‪ ،‬يف مرحلــة أوىل‪ ،‬للربامــج واملشــاريع واآلراء والتوصيــات التــي لهــا وقــع‬
‫مبــارش عــى متطلبــات الوقايــة واملكافحــة؛‬
‫• تثبيــت دور الهيئــة يف تنســيق وتتبــع تنفيــذ الربامــج واالسـراتيجيات الوطنيــة والسياســات العموميــة‬
‫الخاصــة بالوقايــة مــن الفســاد وتخليــق الحيــاة العامــة‪ ،‬وذلــك يف إطــار التكامــل والتنســيق مــع جميــع‬
‫الســلطات والهيئــات املعنيــة؛‬
‫• ضــان التفاعــل اإليجــايب مــع اآلراء واالقرتاحــات والتوصيــات التــي تبديهــا الهيئــة مببــادرة منهــا أو‬
‫بطلــب مــن الجهــات املنصــوص عليهــا يف القانــون رقــم ‪ ،46.19‬مــع اضطالعهــا مبواكبــة هــذه اآلراء‬
‫والتوصيــات مــن خــال تقديــم الخـرات واالستشــارات واملعطيــات الكميــة والنوعيــة املتعلقــة بظاهــرة‬
‫الفســاد؛‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪176‬‬


‫• الســهر عــى تتبــع تنفيــذ الربامــج واملشــاريع ذات الصلــة‪ ،‬مــن خــال طلــب موافاتهــا باملعطيــات‪،‬‬
‫ســواء فيــا يخــص مــا هــو مربمــج أو مــا تــم إنجــازه‪ ،‬وكــذا فيــا يتعلــق باإلكراهــات والعراقيــل التــي قــد‬
‫تحــول دون بلــوغ تحقيــق األهــداف املســطرة؛‬
‫• تثبيــت صالحيتهــا يف تقييــم تقــدم تنفيــذ االس ـراتيجيات والسياســات والربامــج واملشــاريع‪ ،‬ومالءمــة‬
‫اإلنجــازات مــع األهــداف املســطرة‪ ،‬وتقديــم اســتنتاجاتها وتوصياتهــا الكفيلــة بتحســن الفعاليــة‬
‫واســتهداف األثــر األكــر وقعــا عــى املواطنــن والفاعلــن االقتصاديــن وباقــي الفئــات املســتهدفة‪.‬‬
‫ثانيــا‪ -‬جــذاذة مــروع للتعــاون والتنســيق يف مجال التشــخيص والتقييــم وتعميق املعرفــة املوضوعية‬
‫بظاهــرة الفســاد مــع املندوبيــة الســامية للتخطيــط‬
‫أحــدث القانــون رقــم ‪ 46.19‬مرصـ َد الهيئــة كجهــاز يتكلــف‪ ،‬تحــت ســلطة الرئيــس‪ ،‬بتتبــع ودراســة مختلــف‬
‫أشــكال ومظاهــر الفســاد‪ ،‬وتقييــم درجــة تطورهــا وآثارهــا‪ ،‬وإرســاء مــؤرشات وطنيــة لقياســها‪ ،‬وإعــداد قواعــد‬
‫معطيــات وطنيــة حولهــا‪ ،‬وكــذا تتبــع وتقييــم فعاليــة وتأثــر االسـراتيجيات والسياســات العموميــة يف مجــال‬
‫النزاهــة والوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪.‬‬
‫وترســخت القناعــة لــدى للهيئــة‪ ،‬يف ضــوء هــذه االختصاصــات‪ ،‬بــأن تعميــق املعرفــة املوضوعيــة لتحليــل‬
‫ظاهــرة الفســاد واملحيــط الــذي تنتــر فيــه يســتدعي اســتنهاض مختلــف الوســائل واألدوات الحديثــة‬
‫واملتجــددة‪ ،‬التكنولوجيــة منهــا والعلميــة والسوســيو‪-‬اقتصادية‪ ،‬واالعتــاد عــى الوســائل املتقدمــة لليقظــة‬
‫االســراتيجية يف هــذا املجــال‪ ،‬واالرتــكاز عــى املعطيــات والتحاليــل والتقاطــع بينهــا لتقييــم فعاليــة وقــع‬
‫السياســات واالسـراتيجيات العموميــة يف مجــال النزاهــة والوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪ ،‬مــع رصــد وتتبــع‬
‫التدابــر املتخــذة يف هــذا املجــال‪.‬‬
‫عــى هــذا األســاس‪ ،‬تأكــد للهيئــة أن االضطــاع بهــذه املهــام يحتــاج‪ ،‬باإلضافــة إىل تنميــة القــدرات الداخليــة‬
‫للمرصــد‪ ،‬إىل االنفتــاح عــى الدوائــر األكادمييــة ومراكــز البحــث والهيئــات القــادرة‪ ،‬بحكــم اختصاصاتهــا‪ ،‬عــى‬
‫إنتــاج املعطيــات الوطنيــة ووضــع املــؤرشات االقتصاديــة واالجتامعية‪ ،‬بهدف تأســيس آليــات التعاون والتنســيق‬
‫الكفيلــة بضــان تكامــل املعطيــات الكميــة والنوعيــة‪ ،‬وتناســق األدوات املنهجيــة والعلميــة املعتمــدة‪ ،‬تحقيقــا‬
‫لنجاعــة وموضوعيــة األبحــاث والدراســات والتقييــات التــي ســينجزها املرصــد‪.‬‬
‫وفــق هــذا املنظــور‪ ،‬واعتبــارا للرصيــد العلمــي واملنهجــي والعمــي الــذي راكمتــه املندوبيــة الســامية للتخطيط‪،‬‬
‫فقــد ارتــأت الهيئــة مــد جســور التقــارب معهــا‪ ،‬لبحــث ســبل التعــاون والتنســيق املمكــن؛ مبــا يضمــن تقاســم‬
‫التجــارب والخـرات وتثبيــت قواعــد العمــل املشــرك يف املجــاالت املعنيــة بذلــك‪.‬‬
‫‪ -1‬احتياجات الهيئة التي ميكن للمندوبية السامية للتخطيط املساهمة يف دعمها‬
‫• تنميــة تقنيــات املســح والدراســة والقيــاس والتشــخيص عــى املســتوى الكمــي والنوعــي‪ ،‬بتوظيــف‬
‫مختلــف اآلليــات املتوفــرة للبحــث العلمــي واإلحصــايئ باملغــرب؛‬
‫• توســيع وتنويــع مصــادر تجميــع املعطيــات مــن خــال العمــل عــى مــد جســور التنســيق والتعــاون‬
‫بــن مختلــف قواعــد املعطيــات املتوفــرة لــدى الهيئــات املختصــة يف االســتطالعات والتحقيقــات امليدانيــة‬
‫واملراصــد العاملــة يف هــذا املجــال‪ ،‬مــن أجــل اإلحاطــة الشــاملة مبختلــف مظاهــر الفســاد وعالقتهــا‬
‫مبجــاالت التنميــة االقتصاديــة واالجتامعيــة (الفقــر‪ ،‬الشــغل‪ ،‬النمــو االقتصــادي وتنوعــه‪ )... ،‬؛‬
‫‪177‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫• إعــداد خريطــة ملواطــن وبــؤر الفســاد باملغــرب متكــن من وضــع مــؤرشات ترتــب القطاعات املســتهدفة‬
‫والتمظهـرات الغالبــة عليهــا ونهــج مقاربــة جهويــة تتكامــل مــع املقاربــة القطاعيــة ومتكــن مــن حــر‬
‫الجهــات واملناطــق األكــر تعرضــا للفســاد مــع تحديــد الفئــات والرشائــح االجتامعيــة املتعاطيــة لهــا؛‬
‫• وضــع آليــات لقيــاس وقــع تطبيــق القوانــن املتعلقــة بالشــفافية والنزاهــة ملعرفــة فعاليتهــا ومواطــن‬
‫قصورهــا؛‬
‫• الدراسة الكمية والنوعية للمامرسات املعتمدة يف مجال مكافحة الفساد؛‬
‫• إعــداد تقاريــر قطاعيــة تســتعرض النتائــج املحققــة يف مجــال مكافحــة الفســاد مقارنــة مــع األهــداف‬
‫املســطرة والوســائل املســتعملة والصعوبــات املواجهــة؛‬
‫• وضــع قاعــدة متكــن مــن اعتــاد مــؤرشات موضوعيــة لتقييــم منجـزات مختلــف برامــج العمــل وكلفــة‬
‫املجهــودات املبذولــة ملكافحــة الفســاد‪.‬‬
‫‪ -2‬آليات التعاون املقرتحة‬
‫• تدارس سبل تعزيز التعاون وبحث آليات تنسيق الجهود مع املندوبية السامية للتخطيط؛‬
‫• النهــوض بقــدرات الهيئــة يف مجــال الدراســات االســتطالعية وإعــداد آليــات وطنيــة لقيــاس وتتبــع‬
‫ظاهــرة الفســاد؛‬
‫• االســتفادة مــن اآلليــات املنهجيــة للمندوبيــة الســامية يف بنــاء قاعــدة املعطيــات حــول ظاهــرة الفســاد‬
‫التــي تحرضهــا الهيئــة انطالقــا مــن اختصاصاتهــا؛‬
‫• االستفادة من اآلليات املنهجية لتقييم السياسات والربامج واملشاريع؛‬
‫• مأسســة هــذا التعــاون يف إطــار مذكــرة تفاهــم أو اتفاقيــة تعــاون ترصــد مختلــف اإلمكانيــات املتاحــة‬
‫لالســتفادة مــن الصالحيــات املتوفــرة لــدى الطرفــن‪.‬‬
‫ثالثــا‪ -‬جــذاذة مــروع للتعــاون والتنســيق يف مجــال املالءمــة مــع االتفاقيــات ذات الصلــة ومواكبــة‬
‫التوصيــات املتعلقــة بالترشيعــات املرتبطــة مبجــاالت تدخــل الهيئــة‪ ،‬مــع اللجنتــن املختصتــن بالعــدل‬
‫والترشيــع بالربملــان‬
‫بالنظــر للصالحيــات الدســتورية للمؤسســة الترشيعيــة يف املالءمــة مــع االتفاقيــات الدوليــة ذات الصلــة‬
‫والتوصيــات الصــادرة عــن اآلليــات املنبثقــة عنهــا‪ ،‬واعتبــارا للــدور الحيــوي للمؤسســة الترشيعيــة يف التجــاوب‬
‫مــع آراء وتوصيــات الهيئــة‪ ،‬خاصــة املتعلقــة منهــا باملجــال الترشيعــي‪ ،‬يبــدو أم ـرا مجديــا تهيــيء أرضيــة‬
‫موضوعيــة تســمح مبواكبــة تفعيــل هــذه االتفاقيــات والتجــاوب مــع التوصيــات‪ ،‬مــن خــال تجســر العالقــات‬
‫مــع املؤسســة الترشيعيــة‪ ،‬الســتنهاض دورهــا يف املالءمــة القانونيــة‪ ،‬ومتكينهــا مــن رافــد مؤســي ميكــن االعتامد‬
‫عليــه يف تدعيــم القــوة االقرتاحيــة للربملــان‪ ،‬واملســاهمة يف تجويــد مشــاريع القوانــن املتعلقــة باملجــاالت ذات‬
‫الصلــة بالحكامــة والوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪178‬‬


‫‪ -1‬األهداف املنشودة‬
‫• توظيــف القنــوات الدســتورية املتاحــة للربملــان عــى مســتوى مقرتحــات القوانــن ودراســة املشــاريع‬
‫ومســاءلة الحكومــة؛‬
‫• تعزيز دور املؤسسة الترشيعية يف مجال املالءمة مع االتفاقيات الدولية ذات الصلة؛‬
‫• توفــر فــرص النهــوض بالتواصــل والتكويــن يف هــذا املجــال‪ ،‬وتعزيــز حضــور املؤسســة الترشيعيــة يف‬
‫التظاه ـرات الوطنيــة والدوليــة الخاصــة بهــذه االتفاقيــات؛‬
‫• تعزيــز قيــم العمــل املشــرك واالســتفادة مــن تراكــم الخـرات‪ ،‬لضــان تكامــل األدوار بــن املؤسســتني‬
‫يف مجــال املالءمــة مــع هــذه االتفاقيــات‪.‬‬
‫‪ -2‬مجاالت العمل املشرتك‬
‫• إجـراء الدراســات واألبحــاث حــول الترشيعــات والسياســات واملامرســات القامئــة ومعرفــة مــدى تجاوبها‬
‫مــع االتفاقيــات ذات الصلــة املصــادق عليهــا؛‬
‫• اعتامد تفاسري موحدة ومتفق عليها ملقتضيات االتفاقيات؛‬
‫• إحاطــة املؤسســة الترشيعيــة علــا بتوصيــات دورات مؤمتــر الــدول األط ـراف يف االتفاقيــات‪ ،‬وبنتائــج‬
‫تقاريــر االســتعراض؛‬
‫• إمــداد املؤسســة الترشيعيــة بتقاريــر وتوصيــات الهيئــة املتضمنــة لدراســتها املوضوعيــة ملقتضيــات‬
‫االتفاقيــات ذات الصلــة‪ ،‬ولتوصياتهــا وســبل تنزيلهــا مــن أجــل مالءمــة الترشيعــات الوطنيــة مــع‬
‫مقتضيــات هــذه االتفاقيــات؛‬
‫• تقديم الهيئة للتقارير املتعلقة مبدى التقدم يف تطبيق االتفاقيات الدولية املصادق عليها‪.‬‬
‫رابعــا‪ -‬جــذاذة مــروع للتنســيق مــع رئاســة النيابــة العامــة يف ضبــط التنزيــل الســليم والناجــع‬
‫لصالحيــات الهيئــة يف القيــام باألبحــاث والتحريــات‬
‫إذا كانــت العالقــات بــن الســلط تؤطرهــا بشــكل عــام مبــادئ التعــاون والتنســيق يف إطــار احـرام اســتقاللية‬
‫كل ســلطة‪ ،‬فــإن العالقــات بــن الهيئــة وجهــاز النيابــة العامــة محكومــة بالتعــاون والتنســيق كاختيــار وتوجــه‬
‫تفرضــه مقتضيــات القانــون ‪ 46.19‬وطبيعــة مهــام البحــث والتحــري املوكولــة للهيئــة مبوجبهــا؛ وهــي املهــام‬
‫التــي تنتظــم ضمــن مســار يبتــدئ بتلقــي الشــكايات والتبليغــات واملعلومــات والقيــام مبعالجتهــا ودراســتها‪،‬‬
‫وينتهــي‪ ،‬باإلحالــة‪ ،‬بعــد التأكــد مــن األفعــال وجمــع األدلــة‪ ،‬عــى الجهــات املختصــة‪ ،‬ويف مقدمتهــا النيابــات‬
‫العامــة املعنيــة‪ ،‬قصــد تحريــك املتابعــة والقيــام مبــا ت ـراه مالمئــا يف شــأنها؛ مبــا يجعــل هــذه النيابــات حلقــة‬
‫أساســية يف محطــات إنجــاز األبحــاث والتحريــات املوكولــة ملأمــوري الهيئــة‪ ،‬وآليــة داعمــة إلنجــاز هــذه املهــام‬
‫باملوضوعيــة واملرشوعيــة والنجاعــة‪.‬‬
‫وبالنظــر ملــا للنيابــات العامــة مــن دور محــوري يف التنزيــل املوضوعــي والناجع ملهــام الهيئة يف البحــث والتحري‪،‬‬
‫فــإن الهيئــة تؤكــد عــى أن هــذا الــدور يحتــاج إىل تأطــر تعــاوين وتنســيقي يف إطــار آليــة تنظيميــة توافقيــة بــن‬
‫الهيئــة ورئاســة النيابــة العامــة‪ ،‬إلرســاء جســور مســطرية واضحــة تتيــح للهيئــة مامرســة هــذه املهــام بالفعاليــة‬
‫واملرشوعيــة وضمــن املحــددات القانونيــة‪ ،‬عــى الخصــوص تلــك التــي أقرهــا القانــون رقــم ‪.46.19‬‬
‫‪179‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫‪ -1‬الصالحيات املخولة لرئيس النيابة العامة‬
‫• مامرســة الوكيــل العــام للملــك لــدى محكمــة النقــض‪ ،‬بصفتــه رئيســا للنيابــة العامــة‪ ،‬ســلطته عــى‬
‫قضــاة النيابــة العامــة التابعــن لــه مبختلــف محاكــم اململكــة؛‬
‫• مامرســة قضــاة النيابــة العامــة مهامهــم واختصاصاتهــم املنصــوص عليهــا يف الترشيعــات الجــاري بهــا‬
‫العمــل تحــت ســلطة وإرشاف ومراقبــة رئيــس النيابــة العامــة ورؤســائهم التسلســليني؛‬
‫• صالحيــة رئيــس النيابــة العامــة يف إصــدار األوامــر والتعليــات الكتابيــة القانونيــة إىل قضــاة النيابــة‬
‫العامــة طبقــا للنصــوص الترشيعيــة الجــاري بهــا العمــل؛‬
‫• اإلرشاف عــى عمــل النيابــة العامــة ومراقبتهــا يف مامرســة صالحياتهــا املرتبطــة مبامرســة الدعــوى‬
‫العموميــة ومراقبــة ســرها يف إطــار احـرام مضامــن السياســة الجنائيــة طبقــا للترشيعــات الجــاري بهــا‬
‫العمــل؛‬
‫• السهر عىل حسن سري الدعاوى يف مجال اختصاصها ومامرسة الطعون املتعلقة بها؛‬
‫• تتبع القضايا املعروضة عىل املحاكم التي تكون النيابة العامة طرفا فيها‪.‬‬
‫‪ -2‬القضايا املطلوب ضبطها وتدقيقها مع رئاسة النيابة العامة‬
‫• وضــع مســتلزمات مشــاركة ضبــاط الرشطــة القضائيــة إىل جانــب مأمــوري الهيئــة يف القيــام باألبحــاث‬
‫والتحريــات‪ ،‬ســواء يف الحــاالت التــي تســتدعي املشــاركة الوجوبيــة لهــؤالء الضبــاط‪ ،‬أو يف االحــاالت التــي‬
‫تســتدعي االســتعانة بهــم بطلــب مــن الهيئــة؛‬
‫• إرســاء آليــات لتفعيــل التــاس الهيئــة تســخري القــوة العموميــة مــن ِقبــل النيابــة العامــة املختصــة يف‬
‫الحــاالت التــي تســتدعي ذلــك؛‬
‫• وضــع اآلليــات التنســيقية الخاصــة بإحالــة القضايــا موضــوع التدخــل الفــوري عــى النيابــة العامــة‬
‫املختصــة؛‬
‫• تدقيــق آليــات وطريقــة إحالــة امللفــات التــي قامــت الهيئــة بالبحــث والتحــري بشــأنها والتأكــد مــن‬
‫األفعــال وجمــع األدلــة بخصوصهــا؛‬
‫• ضبــط مســتلزمات ضــان رسيــان الحاميــة لــدى النيابــة العامــة املعنيــة‪ ،‬بالنســبة للقضايــا التــي اســتفاد‬
‫املشــتكون أو املبلغــون فيهــا مــن إجـراءات الحاميــة لــدى الهيئة؛‬
‫• ضبــط كيفيــة ورشوط ولــوج مأمــوري الهيئــة إىل املحجــوزات التــي ينفذهــا ضبــاط الرشطــة القضائيــة‬
‫يف إطــار البحــث املشــرك مــع مأمــوري الهيئــة؛‬
‫• ضبــط آليــات اإلحالــة عــى الهيئــة لقضايــا الفســاد التــي تــم حفظهــا مــن طــرف النيابــات العامــة عــى‬
‫خلفيــة غيــاب قرائــن مثبتــة للمســؤولية الجنائيــة‪ ،‬تطبيقــا ملقتضيــات املــادة ‪ 7‬مــن القانــون رقــم ‪46.19‬؛‬
‫• ضبــط املســاطر املتعــن اتباعهــا مــن أجــل تحريــك أي دعــوى عموميــة يف مواجهــة مأمــور الهيئــة‬
‫املشــتبه يف ارتكابــه جنحــة أو جنايــة مبناســبة مزاولتــه ملهامــه؛‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪180‬‬


‫• ضبــط ســبل التأكــد مــن القضايــا التــي صــدر بشــأنها قـرار قضــايئ أو رائجــة أمــام املحاكــم‪ ،‬التخــاذ قـرار‬
‫رصف نظــر الهيئــة عنها؛‬
‫• وضع آليات لتتبع مآل امللفات املحالة من قبل الهيئة عىل النيابات العامة املختصة‪.‬‬
‫خامسا‪ -‬آليات تنزيل العمل التعاوين والتنسيقي‬
‫لضــان عمــل اسـراتيجي هــادف ومعقلــن لآلليــات التنســيقية املزمــع إنجازهــا‪ ،‬ميكــن التوجــه نحــو مأسســتها‬
‫يف إطــار اتفاقيــات للتعــاون أو مذكـرات تفاهــم ترصــد مختلــف اإلمكانيــات املتاحــة لالســتفادة مــن الصالحيات‬
‫املتوفــرة لــدى األطـراف املعنيــة‪.‬‬
‫ويقرتح يف هذا اإلطار‪:‬‬
‫• عقد اجتامع متهيدي بني رئيس الهيئة ورؤساء الهيئات املعنية‪ ،‬كل عىل حدة؛‬
‫• عقد اجتامع عمل الستظهار إمكانيات التعاون املتاحة لدى مختلف األطراف؛‬
‫• تشكيل لجينة مشرتكة تضطلع بتحضري أرضية للتنسيق والتعاون تضطلع بشكل خاص بـ‪:‬‬
‫‪ -‬دراسة املجاالت املعنية بالتعاون والتنسيق؛‬
‫‪ -‬صياغة وإبرام مشاريع االتفاقيات أو مذكرات التفاهم؛‬
‫‪ -‬إرساء آليات تتبع وتقييم هذه املشاريع‪.‬‬
‫الباب الرابع‪ :‬توصيات داعمة للمسار االقرتاحي‬
‫تدعيــا لطرحهــا االقرتاحــي الهــادف إىل تعزيــز مســار التحــول النوعــي املطلــوب يف مجــال الوقايــة مــن الفســاد‬
‫ومكافحتــه‪ ،‬تواصــل الهيئــة يف هــذا التقريــر تعزيــز رصيــد توصياتهــا مــن خــال تثبيــت منظورهــا بخصــوص‬
‫بعــض املواضيــع ذات األولويــة‪ ،‬الرتباطهــا الوثيــق بتحصــن املامرســة التدبرييــة مــن االعتبــارات املصلحيــة‪،‬‬
‫وضــان انخـراط واع للجســم اإلعالمــي يف مكافحــة الفســاد‪ ،‬وتوظيــف التحــول الرقمــي يف خدمــة الوقايــة مــن‬
‫الفســاد ومكافحتــه‪.‬‬
‫عــى هــذا األســاس‪ ،‬يقــدم هــذا البــاب ملخصــا لثالثــة تقاريــر موضوعاتيــة مصاحبــة لهــذا التقريــر الســنوي‪،‬‬
‫ويتعلــق األمــر بالتقريــر املوضوعــايت حــول ”التحــول الرقمــي ‪ :‬ركيــزة أساســية للوقايــة مــن الفســاد ومحاربتــه“‬
‫(الفصــل األول)‪ ،‬و“تنــازع املصالــح يف مامرســة الوظائــف العموميــة‪ :‬من أجــل منظومة ناجعة للتأطــر واملعالجة‬
‫والضبــط“ (الفصــل الثــاين)‪ ،‬و “الصحافــة االســتقصائية‪ :‬مــن أجــل دور فاعــل يف مكافحــة الفســاد“(الفصل‬
‫الثالــث)‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التحول الرقمي ركيزة أساسية للوقاية من الفساد ومحاربته‬
‫يســتهدف هــذا التقريــر رصــد املداخــل األساســية لجعــل التحــول الرقمــي دعامــة أساســية لتعزيــز قيــم‬
‫النزاهــة والتبســيط والقــرب وتقليــص االحتــكاك للحــد مــن اللقــاء املبــارش بــن املرتفقــن وأعــوان اإلدارة‬
‫املســؤولني عــن تقديــم الخدمــات العموميــة؛ مبــا يضمــن تطويــق بــؤر انتعــاش الفســاد وتفاعلــه يف مختلــف‬
‫الخدمــات املقدمــة ســواء للمواطنــن أو للمســتثمرين وللمقاولــة وباقــي املرتفقــن‪.‬‬

‫‪181‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫ويف انتظــار نــر التقريــر الخــاص بهــذه الدراســة‪ ،‬يقــدم هــذا البــاب نظــرة موجــزة عــن مضامينــه والتوجهــات‬
‫التــي خلصــت إليهــا الدراســة املذكــورة‪.‬‬
‫وملعالجــة هــذا املوضــوع‪ ،‬انطلــق التقريــر مــن اســتعراض التغـرات الكــرى التــي أحدثهــا التحــول الرقمــي عــر‬
‫العــامل‪ ،‬ليقــف عنــد بعــض التجــارب العامليــة يف عالقــة التحــول الرقمــي بــورش مكافحــة الفســاد‪ ،‬قبــل أن يعرض‬
‫للوضعيــة باملغــرب‪ ،‬ســواء عــى مســتوى التحــول الرقمــي أو يف عالقتــه بــورش النزاهــة ومحاربــة الفســاد‪ ،‬مــع‬
‫إب ـراز بعــض اإلكراهــات والتحديــات التــي يجــب تجاوزهــا‪ .‬ومــن أجــل تحقيــق األهــداف الهامــة املتعلقــة‬
‫بالتحــول الرقمــي بصفــة عامــة والجوانــب ذات األثــر املبــارش عــى تحجيــم بــؤر الفســاد وإرســاء مقومــات‬
‫النزاهــة والشــفافية والحكامــة املســؤولة بشــكل خــاص‪ ،‬قامــت الهيئــة بتقديــم مجموعــة متكاملــة ومتناســقة‬
‫مــن التوصيــات املقرتحــة يف ختــام التقريــر‪.‬‬
‫كــا تؤكــد الهيئــة عزمهــا عــى تعميــق البحــث والتدقيــق يف املحــاور املرتبطــة بهــذا املوضــوع وكــذا التوصيــات‬
‫املنبثقــة عنــه‪ ،‬مــع فتــح بــاب النقــاش والتشــاور مــع جميــع الســلطات والهيئــات املعنيــة ومــع كافــة الفاعلــن‬
‫االقتصاديــن واملجتمعيــن مــن أجــل إغنــاء مضامــن التقريــر وخلــق رشوط التملــك الواســع لتوجهاتــه وضــان‬
‫تنزيلهــا األمثــل‪.‬‬
‫عالقــة مبوضــوع التغـرات والتحــوالت الكــرى‪ ،‬أظهــر التقريــر عالقــة التحــول الرقمــي بظهــور األمنــاط الجديــدة‬
‫لــإدارة‪ ،‬وتطوراتهــا عــى املســتوى العاملــي‪ ،‬مــع إب ـراز التوجــه نحــو اإلدارة اإللكرتونيــة ومــا يحملــه هــذا‬
‫التحــول مــن فــرص وإكراهــات‪ ،‬ومــا يســتلزمه مــن مقومــات إلنجاحــه‪ ،‬لضــان جــودة الخدمــات ونجاعــة‬
‫األداء‪ .‬كــا أوىل التقريــر العنايــة بصفــة خاصــة‪ ،‬ملــا ميكــن أن يوفــره التحــول الرقمــي‪ ،‬وتكنولوجيــا املعلومــات‬
‫واالتصــاالت‪ ،‬مــن دعــم إلرســاء النزاهــة ومحاربــة الفســاد‪ .‬ويف هــذا املجــال تــم عــرض بعــض التجــارب العامليــة‬
‫الناجحــة وبعــض املامرســات الفضــى‪ ،‬والتــي توضــح العالقــة القويــة بــن مســتوى النجــاح يف أوراش التحــول‬
‫الرقمــي واإلدارة اإللكرتونيــة والشــفافية‪ ،‬وبــن مــؤرشات إدراك الفســاد ومحاربتــه‪.‬‬
‫وتعــرض التقريــر ملســار يناهــز العقديــن‪ ،‬شــهد خاللــه املغــرب إطــاق العديــد مــن املبــادرات والربامــج‬
‫واملشــاريع الرقميــة بهــدف الدفــع بــورش الرقمنــة‪ ،‬وجعلــه جــز ًءا مــن ديناميــة التنميــة وتبســيط املســاطر‬
‫وتعزيــز الشــفافية والنزاهــة‪ .‬وبالرغــم مــن وضــع اس ـراتيجيات متعــددة الســنوات (املغــرب الرقمــي ‪2013‬‬
‫واالسـراتيجية الرقميــة ل ‪ ،)2020‬وفتــح أوراش ترشيعيــة وتنظيميــة‪ ،‬وتطويــر البنيــات التحتيــة وإطــاق عــدد‬
‫مــن الفاعلــن برامــج لتحويــل بعــض خدماتهــم إىل خدمــات مرقمنــة‪ ،‬حققــت بعضهــا نقلــة نوعيــة‪ ،‬فقــد ظلت‬
‫هــذه املخططــات‪ ،‬كــا أكــدت ذلــك مجموعــة مــن التقاريــر الوطنيــة‪ 76‬والدوليــة‪ ،‬تفتقــد للرؤيــة الشــمولية‬
‫واالندمــاج وااللتقائيــة‪ ،‬مــا حــد مــن فعاليــة اإلنجــازات وض َّعــف نســبة تحقيــق األهــداف والتجــاوب مــع‬
‫انتظــارات املواطنــن واملرتفقــن‪.‬‬
‫وباملقابــل‪ ،‬ال بــد مــن التأكيــد عــى أنــه خــال مواجهــة جائحــة كوفيــد‪ 19-‬وإكراهاتهــا‪ ،‬عرفــت ديناميــة التحول‬
‫الرقمــي باملغــرب دفعــة اســتثنائية‪ ،‬حققــت قفــزة كميــة ونوعيــة غــر مســبوقة‪ ،‬وذلــك بفضــل انخـراط جــل‬
‫الفاعلــن‪ ،‬العموميــن منهــم والخــواص‪ ،‬يف ورش التحــول الرقمــي الوطنــي‪ .‬هــذه الطفــرة‪ ،‬عرفــت مجموعــة مــن‬
‫اإلنجــازات النوعيــة وبوتــرة متســارعة مقارنــة مــع اإليقــاع الــذي عرفتــه كل املخططــات الســابقة‪ ،‬ال ســيام يف‬
‫‪ - 76‬تقرير املجلس األعىل للحسابات املتعلق بتقييم اسرتاتيجية "املغرب الرقمي ‪2013‬‬
‫تقارير املجلس االقتصادي واالجتامعي والبيئي‪ ،‬عىل الخصوص املوضوع الخاص للتقريـــــر السنـــــوي للمجلس االقتصادي واالجتامعي والبيئي برسم ‪ :2016‬التحول الرقمي يف خدمة املواطن ومن أجل تحقيق تنمية‬
‫اقتصادية مستدامة‪ ،‬ص‪126 :‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪182‬‬


‫مجــال تبــادل املعلومــات‪ ،‬والعمــل عــن بعــد‪ ،‬ويف تقديــم عــدد مــن الخدمــات عــن بعــد‪ ،‬تهــم عــى الخصــوص‬
‫التعليــم واملقاضــاة والتطبيــب وتدبــر الدعــم االقتصــادي واالجتامعــي‪ .‬وميثــل تدبــر عمليــة التلقيــح‪ ،‬منوذجــا‪،‬‬
‫ليــس فقــط لتقديــم الخدمــة عــن بعــد‪ ،‬بــل كذلــك عــى مســتوى تيســر الولــوج للخدمــة وضــان شــفافية‬
‫عاليــة وتقديــم تعامــل عــادل مــع جميــع املواطنــن دون متييــز وال امتيــاز‪ .‬وقــد أبانــت اإلنجــازات التــي‬
‫تحققــت خــال هــذه الفــرة‪ ،‬عــن إمكانيــات كبــرة‪ ،‬وعــن قــدرات معتــرة‪ ،‬أنتجــت خــال بضعــة أشــهر أكــر‬
‫مــا كان يُنتــج خــال ســنوات‪ ،‬وهــذه التجربــة‪ ،‬ومخرجاتهــا‪ ،‬جديــرة بالتقييــم والرتصيــد والتطويــر‪.‬‬
‫ويف هــذا اإلطــار املتعلــق بالتقييــم املوضوعــي للحصيلــة الوطنيــة يف مجــال الرقمنــة‪ ،‬توقــف التقريــر املذكــور‬
‫عنــد مجموعــة مــن القيــود والعقبــات التــي يتعــن مواجهتهــا والتغلــب عليهــا‪.‬‬
‫وإلنجــاح التحــول الرقمــي وجعلــه رافعــة قويــة لتثبيــت الشــفافية وإرســاء النزاهــة ومكافحــة الفســاد‪ ،‬خلــص‬
‫التقريــر إىل عــدد مــن التوصيــات تــروم ‪ )1‬التوفــر عــى اإلطــار االسـراتيجي املالئــم‪ ،‬وجعــل التحــول الرقمــي ‪)2‬‬
‫مو َّجهــا نحــو املواطــن‪ ،‬و‪ )3‬مهيـ ِكال ومو ِّجهــا لإلصالحــات األساســية‪ ،‬و‪ )4‬مبنيــا عــى الثقــة الرقميــة والبيانــات‬
‫املفتوحــة‪ ،‬مــع ‪ )5‬املواكبــة وإدارة التغيــر الالزمتــن‪.‬‬
‫اإلطار االسرتاتيجي‬
‫يعترب وجود اإلطار االسرتاتيجي املالئم رشطا أساسيا لنجاح التحول الرقمي عىل ‪ ،‬ويتضمن ذلك‪:‬‬
‫‪ .1‬قيــادة رفيعــة املســتوى ‪ )1‬تضمــن‪ :‬تعبئــة وانخـراط جميــع الجهــات املتدخلــة‪ ،‬عــى جميع املســتويات‬
‫(الوطنيــة والجهويــة واملحليــة)‪ ،‬و‪ )2‬توضــح الصــورة عــى املســتويني الوطنــي والــدويل‪ ،‬و‪ )3‬وتضمــن‬
‫تبعــا لذلــك‪ ،‬االلتقائيــة والنجاعــة يف إطــار مقاربــة شــاملة للتحــول الرقمــي‪.‬‬
‫‪ .2‬رؤيــة متكاملــة وواضحــة عــى املــدى الطويــل ملــروع التحــول الرقمــي ككل وللربامــج ذات األثــر عــى‬
‫تعزيــز الشــفافية والنزاهــة والوقايــة مــن الفســاد ومحاربتــه بشــكل خاص‪.‬‬
‫‪ .3‬حكامــة قويــة مبنيــة عــى هيئــات بــأدوار ومســؤوليات واضحــة ومحــددة‪ ،‬ومرتابطــة فيــا بينهــا‪،‬‬
‫مــع متثيليــة قويــة عــى املســتوى املركــزي‪ ،‬واملســتويني املحــي والقطاعــي‪ ،‬مــن أجــل قيــادة اسـراتيجية‬
‫فعالــة‪ ،‬وإدارة عملياتيــة منســابة وتفاعليــة وناجعــة‪.‬‬
‫التوصيات املتعلقة بجعل التحول الرقمي مو َّجها نحو املواطن‬
‫يجــب أن يكــون هــذا التوجــه مبــدأً مركزيــا وثابتــا‪ ،‬إذ مــن شــأن ذلــك تعزيــز تحقيــق اآلثــار املنشــودة للتحــول‬
‫الرقمــي عــى الحكامــة والشــفافية والوقايــة مــن الفســاد ومكافحته‪.‬‬
‫ولتحقيق هذا الهدف يوىص مبا ييل‪:‬‬
‫‪.1‬اعتــاد منهجيــة تتمحــور حــول املواطــن‪ ،‬ال ســيام مــن خــال‪ )1 :‬األخــذ يف االعتبــار‪ ،‬يف جميــع املراحــل‬
‫ومنــذ بدايــة ســرورة إعــداد الخدمــات العموميــة‪ ،‬وكــذا احتياجــات املســتخدمني وخصوصياتهــم‪ ،‬و‪)2‬‬
‫إعــادة هندســة العمليــات تبعــا لذلــك‪ ،‬وليــس فقــط رقمنتهــا‪ ،‬و‪ )3‬ضــان الولــوج الســهل والســلس‬
‫والشــفاف إىل الخدمــات العموميــة‪ ،‬مــع ‪ )4‬الحــرص عــى تضييــق إمكانيــة اســتغالل تعــر تقديــم‬
‫الخدمــات العموميــة عــن بعــد لــروز أي مامرســة مــن مامرســات الفســاد‪ ،‬و‪ )5‬أخــذ تجربــة املســتخدم‬
‫بعــن االعتبــار يف جميــع األحــوال‪.‬‬
‫‪183‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫‪ .2‬تحســن جــودة الخدمــات العموميــة وضــان تحقيــق آثارهــا املرجــوة‪ ،‬مــع وضــع وســائل لتقييــم‬
‫وتقويــم الخدمــات املقدمــة‪ ،‬ال ســيام مــن لــدن املرتفقــن‪ ،‬مــع تحديــد وتوحيــد املســاطر واإلجـراءات مع‬
‫التأكــد مــن توفرهــا عــى أســاس قانــوين‪ ،‬ونرشهــا وتيســر الولــوج إليهــا‪ ،‬وضــان نفاذهــا وإلزاميتهــا مــع‬
‫متكــن املرتفقــن مــن املراجعــة أو الطعــن عنــد االقتضــاء‪.‬‬
‫‪ .3‬مواصلــة تعزيــز اإلدمــاج الرقمــي مــن خــال ‪ )1‬تعزيز البنيــة التحتية الرقميــة‪ ،‬و‪ )2‬مراعــاة خصوصيات‬
‫بعــض الفئــات‪ ،‬و‪ )3‬تنويــع واعتــاد التقنيــات األكــر تقد ًمــا‪ ،‬و‪ )4‬تعزيــز التعليــم الرقمــي والحــد مــن‬
‫األميــة الرقميــة‪ ،‬و‪ )5‬تطويــر مراكــز وشــبابيك ومنصــات القــرب‪.‬‬
‫التوصيات املتعلقة بجعل التحول الرقمي مهيكال وموجها إلصالحات أساسية‬
‫ويهــدف هــذا املحــور الثــاين مــن التوصيــات ذات التأثــر املبــارش إىل التأكــد مــن أن مــروع التحــول الرقمــي‬
‫يســمح ويســاهم يف تحقيــق إصالحــات هيكليــة قــادرة عــى خلــق ديناميــة للتغيــر ال رجعــة فيــه‪ ،‬فيــا يتعلــق‬
‫بالنزاهــة ومكافحــة الفســاد‪.‬‬
‫وبالتــايل‪ ،‬ســيتعني أن تحــدد أولويــات التحــول الرقمــي عــى أســاس األوراش واملشــاريع ذات األثــر القــوي عــى‬
‫النزاهــة‪ ،‬مــن أجــل تغيــر الحيــاة اليوميــة للمواطنــن والفاعلــن االقتصاديــن واالجتامعيــن وترســيخ الثقــة‪،‬‬
‫باعتبارهــا عامـاً مهـاً مــن عوامــل االنخـراط والتعبئــة‪.‬‬
‫ويف هــذا الســياق‪ ،‬ينبغــي أن يكــون مــن أولويــات التحــول الرقمــي اإلســهام يف ترسيــع تنزيــل وإمتــام املشــاريع‬
‫الهامــة واألساســية‪ ،‬مبــا يف ذلــك‪:‬‬
‫‪.1‬تبســيط اإلجـراءات التــي يجــب اســتكاملها وتنفيذهــا حتــى النهايــة بــكل عزميــة ومثابــرة‪ ،‬الســيام مــن‬
‫خــال رضورة اإلرساع يف تطبيــق مختلــف أحــكام القانــون ‪ 55-19‬وإمتــام اعتــاد نصوصــه التطبيقيــة‪.‬‬
‫وينبغــي أن تكــون هــذه العمليــة مصحوبــة أيضــا بالتنفيــذ الفعــال وامللــزم مليثــاق الخدمــات العموميــة‪،‬‬
‫الــذي يشــكل إطــارا مرجعيــا معياريــا لتطويــر الخدمــات العموميــة وتعميمهــا وتقييمهــا‪ ،‬وفقــا للــادة‬
‫‪ 751‬مــن الدســتور‪.‬‬
‫‪.2‬حاميــة األمــوال العامــة وشــفافية امليزانيــة وتقويــة النزاهــة يف مجــال األعــال‪ ،‬ال ســيام مــن خــال‬
‫‪ )1‬ترسيــع وتعميــم آليــات ذات التأثــر القــوي عــى النزاهــة والحكامــة وتدبــر املــال العــام (الترصيــح‬
‫باملمتلــكات واملصالــح‪ ،‬وتدبــر ســجالت املالكــن الفعليــن‪ ،‬والترصيــح والكشــف والوقايــة مــن تضــارب‬
‫املصالــح ‪ ،‬وتبــادل املعلومــات والتعــاون يف مكافحــة الجرائــم املاليــة والرضيبيــة‪ ،‬ومــا إىل ذلــك)‪ ،‬و‪)2‬‬
‫تعزيــز شــفافية امليزانيــة‪ ،‬ال ســيام مــن خــال تطويــر رشوط الولــوج للمعلومــات ذات الصلــة وتقويــة‬
‫مشــاركة املواطنــن يف مختلــف مراحــل إعــداد امليزانيــة وامتثالهــا ملعايــر امليزانيــة املفتوحــة‪ ،‬و‪ )3‬تحســن‬
‫منــاخ األعــال (تصميــم وتعميــم الحلــول واآلليــات التــي تعــزز مــن الشــفافية يف منــح وتنفيــذ الصفقــات‬
‫العموميــة‪ ،‬ومنــح املزايــا وأشــكال الدعــم العقــاري واملــايل‪ ،‬واالمتثــال لــروط املنافســة العادلــة‪ ،‬والولــوج‬
‫لألســواق‪ ،‬ومنــح الرخــص واملأذونيــات‪ ،‬ومــا إىل ذلــك)‪.‬‬
‫‪.3‬املشــاركة اإللكرتونيــة والتبليــغ اإللكــروين مــن خــال ‪ )1‬تعزيــز املشــاريع املتعلقــة مبشــاركة املواطنــن‪،‬‬
‫وتعميــم املنصــات التــي تشــجع ذلــك (املشــاورات عــر اإلنرتنــت‪ ،‬واالســتطالعات اإللكرتونيــة‪ ،‬وفضــاءات‬
‫التــداول اإللكــروين‪ ،‬توفــر املعلومــة‪ ،‬التفاعــل مــع آراء املواطنــن واملتدخلــن‪ ،‬ومــا إىل ذلــك)‪ ،‬و‪ )2‬تعزيــز‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪184‬‬


‫تطويــر خدمــات إلكرتونيــة تلبــي االحتياجــات املحليــة‪ ،‬مــع األخــذ يف االعتبــار اختــاف االنتظــارات‬
‫واملســتويات اللغويــة واملعرفيــة للمســتخدمني‪ ،‬و‪ )3‬نــر البيانات املتعلقــة بالحمــات االنتخابية وبتمويل‬
‫وتســيري األحــزاب السياســية‪ ،‬و‪ )4‬االنتقــال إىل مســتوى متقــدم مــن النضــج فيــا يتصــل بالخدمــات‬
‫اإللكرتونيــة للتبليــغ عــن الفســاد وإيجــاد قنــوات ســهلة وآمنــة لذلــك‪ ،‬تضمــن حاميــة املبلغــن وتعــزز‬
‫تعبئــة واســعة‪.‬‬
‫التوصيات املتعلقة بجعل التحول الرقمي معتمدا عىل الثقة الرقمية وموفرا للبيانات املفتوحة‬
‫يجــب أن يرتكــز التحــول الرقمــي املنشــود عــى الثقــة الرقميــة وأن يوفــر البيانــات املفتوحــة‪ ،‬وكلهــا رشوط‬
‫الزمــة النخ ـراط وتعبئــة املواطنــن والفاعلــن االقتصاديــن واالجتامعيــن‪.‬‬
‫ويتضمن هذا األمر بشكل رئييس‪:‬‬
‫‪ .1‬تعزيــز الثقــة الرقميــة‪ ،‬ال ســيام مــن خــال ‪ )1‬اعتــاد ُم َعـ ِّرف رقمــي موحــد ميكــن اســتخدامه ملختلف‬
‫العمليــات املتعلقــة باملواطــن‪ ،‬ال ســيام يف عالقتــه بــاإلدارة‪ ،‬و‪ )2‬املصادقــة عــى الوثائــق اإلداريــة بطريقــة‬
‫رقميــة ميكــن التحقــق منهــا أو عــن طريــق الولــوج إىل نظــام يضمــن هــذه املصادقــة‪ ،‬و‪ )3‬توســيع نطــاق‬
‫تخصيــص العناويــن اإللكرتونيــة اآلمنــة والتأكــد مــن اعتبــار أي إشــعار أو اتصــال عــر هــذه الوســيلة‬
‫دليــا للتوصــل وغــر قابــل للطعــن فيــه‪ ،‬و‪ )4‬تعميــم التوقيــع اإللكــروين مــن خــال ضــان موثوقيتــه‪،‬‬
‫و‪ )5‬وضــع خريطــة للمخاطــر الكامنــة يف اســتخدام تكنولوجيــا املعلومــات واالتصــاالت واألمــن الســيرباين‪،‬‬
‫و‪ )6‬إنشــاء "بوابــة املواطــن"‪ ،‬التــي تشــكل نقطــة ولــوج وحيــدة وآمنــة وتســمح بعالقــة أكــر مرونــة‬
‫وشــفافية مــع اإلدارة‪.‬‬
‫‪ .2‬ترسيــع توفــر البيانــات املفتوحــة مــن خــال ‪ )1‬تطوير وتعمبم اسـراتيجية وطنيــة متكاملــة للبيانات‪،‬‬
‫و‪ )2‬تحســن وتوحيــد اســتخدام البيانــات واملعلومــات داخــل وبــن الوحــدات اإلداريــة‪ ،‬و‪ )3‬زيــادة فتــح‬
‫البيانــات العامــة مــع تطبيــق فعــي ألحــكام القانــون ‪ 31.13‬واســتحضار تطويــره وفــق توصيــات الهيئــة‬
‫بهــذا الخصــوص‪ ،‬و‪ )4‬تعزيــز الســيادة الرقميــة‪ ،‬و‪ )5‬ترسيــع مــروع البيانــات املفتوحــة وجعلــه رافعــة‬
‫حقيقيــة لرتســيخ حــق الوصــول إىل املعلومــات وفقــا لنــص وروح الدســتور‪.‬‬
‫‪ .3‬اإلدمــاج القــوي للتطــورات التكنولوجيــة واالبتــكار للتعامــل مع تعقيد ظاهرة الفســاد واســتباق تطورها‪،‬‬
‫مــن خــال التوجــه نحــو اســتخدام أحــدث التقنيــات‪ ،‬وال ســيام الــذكاء االصطناعــي والبيانــات الضخمــة‬
‫وسالســل الكتــل وغريهــا‪ .‬فباإلضافــة إىل تســهيل وتقويــة تقديــم الخدمــات للمرتفقــن‪ ،‬فــإن هــذه التقنيــات‬
‫توفــر إمكانيــات لتحليــل ســلوك املواطنــن وفهــم احتياجاتهــم وتلبيــة انتظاراتهــم وتعزيــز الشــفافية مــن‬
‫خــال الكشــف عــن أعــال الفســاد املعقــدة اســتباق األعــال غــر املرشوعــة‪ ،‬ومــا إىل ذلــك‪.‬‬
‫املواكبة وإدارة التغيري‬
‫الفئــات الثــاث الســابقة مــن التوصيــات ذات التأثــر القــوي واملبــارش عــى الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪،‬‬
‫وقبلهــا التوصيــات املتعلقــة باإلطــار االس ـراتيجي‪ ،‬كل ذلــك ال ميكــن مــن تحقيــق النتائــج املرجــوة يف غيــاب‬
‫إج ـراءات للدعــم واملواكبــة وإدارة التغيــر‪ .‬وتتضمــن املقرتحــات يف هــذا املحــور مــا يــي‪:‬‬

‫‪185‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫‪.1‬تعزيــز وتطويــر الــرأس املــال البــري‪ ،‬وال ســيام مــن خــال ‪ )1‬وضــع مخطــط مديــري للمــوارد‬
‫البرشيــة وبنــاء القــدرات‪ ،‬و‪ )2‬توعيــة املوظفــن العموميــن واملســرين املغاربــة وتدريبهــم وتطويــر‬
‫قدراتهــم ومهاراتهــم ‪ ،‬يف تخصصــات محــددة تتعلــق بالحكامــة املســؤولة والنزاهــة والوقايــة مــن الفســاد‬
‫وكــذا الحكامــة الرقميــة والتكنولوجيــات املتقدمــة‪ ،‬و‪ )3‬تعزيــز العــرض التكوينــي وتعميــم التقنيــات‬
‫الرقميــة كمعــارف أساســية عــى جميــع املســتويات‪ ،‬و‪ )4‬تعميــم سياســات محــددة لتحديــث وخلــق‬
‫فــرص العمــل يف املجــال الرقمــي‪ ،‬و‪ )5‬اتخــاذ إجـراءات تهــدف إىل االحتفــاظ وجــذب الكفــاءات املؤهلــة‬
‫يف مجــال تكنولوجيــا املعلومــات واالتصــاالت يف املغــرب بشــكل عــام‪ ،‬ويف القطــاع العــام عــى وجــه‬
‫الخصــوص‪ .‬كفــاءات مهتمــة باملشــاركة يف املشــاريع الكــرى للتحــول الرقمــي وتعزيــز الشــفافية والحكامة‬
‫املســؤولة والوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪.‬‬
‫‪ .2‬تعزيــز اإلطــار التنظيمــي واملعيــاري‪ ،‬ال ســيام مــن خــال‪ )1 :‬ترسيــع اعتــاد النصــوص التطبيقيــة‬
‫للقانــون ‪ 02.34‬املتعلــق بخدمــات الثقــة يف املعامــات اإللكرتونيــة‪ ،‬و‪ )2‬تكييف الضوابــط االدارية لجعلها‬
‫متوافقــة مــع العمــل عــن بعــد‪ ،‬والتعليــم عــن بعــد‪ ،‬ورقمنــة خدمــات العدالــة ومــا إىل ذلــك‪ ،‬و‪ )3‬تعزيــز‬
‫اإلطــار الترشيعــي ليكــون قــاد ًرا عــى التعامــل االســتباقي مــع املخاطــر املتطــورة لألمــن الســيرباين‪ ،‬و‪)4‬‬
‫تشــجيع األداء عــر اإلنرتنــت‪ ،‬و‪ )5‬تعميــم القواعــد واملعايــر التــي تســهل انفتــاح املؤسســات والوصــول‬
‫إليهــا والتبــادل فيــا بينهــا‪ ،‬وفيــا بينهــا وبــن املرتفقــن‪ ،‬و‪ )6‬اعتــاد القواعــد واملعايــر املتعلقــة مبكافحة‬
‫الفســاد‪ ،‬وال ســيام تلــك التــي تتيــح إمكانيــة الوصــول إىل البيانــات الجاريــة يف اإلدارة وتســمح بالتتبــع‪،‬‬
‫وبالتــايل إمكانيــة رصــد األعــال االحتياليــة (غســل األمــوال‪ ،‬واالختــاس‪ ،‬واســتغالل النفــوذ‪ ،‬واالســتفادة‬
‫غــر املرشوعــة‪ ،‬ومــا إىل ذلــك)‪ ،‬و‪ )7‬التشــغيل الرسيــع للبوابــات املســهلة لعمليــات تبــادل البيانــات‪ ،‬و‪)8‬‬
‫توســيع عمليــة التجميــع بــن أنظمــة اإلدارات وترسيــع ذلــك‪.‬‬
‫‪ .3‬التوعيــة والتواصــل وتدابــر املواكبــة رضوريــة لتحفيــز انخ ـراط كافــة الجهــات املتدخلــة وتحقيــق‬
‫متلكهــا لديناميــة التحــول الرقمــي بشــكل عــام‪ ،‬وخاصــة يف مشــاريعه املتعلقــة بالشــفافية والوقايــة مــن‬
‫الفســاد ومكافحتــه‪ .‬وبالتــايل‪ ،‬يــوىص بتنفيــذ عمليــات للتواصــل والتوعيــة والتعبئــة والدعــم يف تكامــل‬
‫تــام مــع تلــك التــي يتــم تنفيذهــا يف إطــار ورش النزاهــة والحكامــة املســؤولة‪ .‬والبــد لهــذه اإلجـراءات‬
‫املختلفــة أن تأخــذ يف االعتبــار مراحــل النضــج التــي ميــر منهــا التحــول الرقمــي‪ ،‬قصــد اســتدامة االهتــام‪،‬‬
‫واالســتمرارية يف االنخــراط‪ ،‬وتعزيــز االلتــزام‪ ،‬وجاذبيــة الفاعلــن املركزيــن واملحليــن والخارجيــن‬
‫والداخليــن عــى حــد ســواء‪ ،‬إضافــة للقطــاع العــام والخــاص واملجتمــع املــدين‪.‬‬
‫الفصــل الثــاين‪ :‬تنــازع املصالــح يف مامرســة الوظائــف العموميــة‪ :‬مــن أجــل منظومــة ناجعــة‬
‫للتأطــر واملعالجــة والضبــط‬
‫تؤكــد هــذه الدراســة عــى رضورة توجيــه الجهــود نحــو تأســيس منظومــة متامســكة لتأطــر ومعالجــة وضبــط‬
‫وضعيــات تنــازع املصالــح‪ ،‬تجاوبــا مــع مقتضيــات الدســتور التــي أوصــت باملعاقبــة عــى تنــازع املصالــح‪،‬‬
‫وتفعيــا اللتزامــات املغــرب يف إطــار االتفاقيــات األمميــة واإلقليميــة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬وتفاعــا مــع التداعيــات‬
‫الخطــرة لهــذا الســلوك‪ ،‬واملتمثلــة‪ ،‬عــى الخصــوص‪ ،‬يف تقويضــه ملوضوعيــة وحيــاد وتجـ ُّرد القـرار العمومــي‪،‬‬
‫و َم ِّســه مببــدأ املنافســة وتكافــؤ الفــرص يف الولــوج إىل خدمــات وعــروض املرافــق العموميــة‪ ،‬وتوفــره لفــرص‬
‫االســتفادة غــر املرشوعــة مــن مزاولــة الوظائــف العامــة‪.‬‬
‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪186‬‬
‫عــى هــذا األســاس‪ ،‬توجهــت هــذه الدراســة إىل اســترشاف اآلليــات الضامنــة ملحــارصة هــذا الســلوك‪ ،‬معت ِمــدة‬
‫ألجــل ذلــك مقاربــة تنطلــق مــن‪:‬‬
‫• اســتظهار املقتضيــات الترشيعيــة الوطنيــة يف املوضــوع والوقــوف عــى مظاهــر القصــور العامــة املرتبطة‬
‫بتنــازع املصالح؛‬
‫• التحديد الواضح والدقيق ملفهوم تنازع املصالح ومظاهر خطورته؛‬
‫• االنطالق من التأصيل الدستوري الشمويل للحكامة الجيدة؛‬
‫• استحضار املواصفات املعيارية املعتمدة عامليا يف هذا املجال؛‬
‫• تقييم املقتضيات القانونية الجاري بها العمل وطنيا يف ضوء املواصفات املعيارية املعتمدة؛‬
‫• وضع مقومات منظومة متكاملة لتأطري ومعالجة وضبط وتسوية وضعيات تنازع املصالح‪.‬‬
‫‪ -1‬بالنســبة للمقتضيــات الترشيعيــة املعتمــدة وطنيــا ملعالجــة تنــازع املصالــح‪ ،‬تبـ َّـن‪ ،‬بعــد اســتعراض‬
‫العديــد مــن املقتضيــات القانونيــة التــي اســتهدفت كل صنــف مــن املســؤولني بإجـراءات وقائيــة ملنعــه‪ ،‬غيــاب‬
‫تأطــر واضــح لســلوك تنــازع املصالــح؛ حيــث إن مفهومــه يظــل غائبــا وغــر واضــح‪ ،‬ووضعياتُــه تبــدو قــارصة‬
‫عــن احتــواء الحــاالت املتعــددة لتنــازع املصالــح‪ ،‬كــا أن املقتضيــات القانونيــة ذات الصلــة تظــل مفتقــرة إىل‬
‫آليــات املعالجــة والتحقــق والتصحيــح والتســوية التــي يتطلبهــا تدبــر هــذا الســلوك‪ ،‬مــع مــا يســتتبع ذلــك‬
‫مــن غيــاب اإلطــار املؤسســايت الــذي يضطلــع بهــذه املهــام مبقتــى صالحيــات واضحــة وآليــات لضبــط ورصــد‬
‫املخالفــات املحتملــة يف هــذا املجــال‪.‬‬
‫وســجلت الهيئــة أن مــن نتائــج غيــاب هــذه املقتضيــات املؤطــرة لتنــازع املصالــح‪ ،‬املحدوديــة امللحوظــة‬
‫للحــاالت املرصــودة وطنيــا لتنــازع املصالــح‪ ،‬والتــي تقتــر بشــكل خــاص عــى حــاالت نــادرة اكتشــفتها‬
‫تدقيقــاتُ املحاكــم املاليــة واملفتشــية العامــة لــإدارة الرتابيــة بالنســبة لبعــض املســؤولني العموميــن واملنتخبــن‬
‫الجامعيــن‪ .‬وأكــدت الهيئــة بهــذا الخصــوص أن هــذه املحدوديــة ال تعــزى إىل انتفــاء هــذه الظاهــرة واإلحجــام‬
‫عــن التعاطــي لهــا يف املامرســة التدبرييــة بشــكل عــام‪ ،‬بــل هــي محدوديــة ناتجــة عــن العجــز عــن اســتيعاب‬
‫متظهراتــه يف غيــاب تحديــد قانــوين للمفاهيــم املتعلــق بــه‪ ،‬وكــذا لقــدرة هــذا الســلوك االنحـرايف عــى االختفــاء‬
‫واســتعصائه عــى الضبــط والتطويــق‪ ،‬يف غيــاب آليــات قانونيــة ومؤسســاتية مالمئــة وناجعــة ملحارصتــه‪.‬‬
‫‪ -2‬بالنســبة ملفهــوم تنــازع املصالــح ومظاهــر خطورتــه‪ ،‬اســتعرضت الدراســة مختلــف التعريفــات‬
‫املنبثقــة عــن املنظــات الدوليــة املعنيــة وعــن الترشيعــات الرائــدة يف هــذا املجــال؛ حيــث وقفــت عــى‬
‫تعريفــات كل مــن مجلــس أوروبــا ومنظمــة التعــاون والتنميــة االقتصاديــة واملصلحــة املركزيــة للوقايــة مــن‬
‫الفســاد بفرنســا‪ ،‬كــا قامــت مبســح للتعريفــات الــواردة يف ترشيعــات كل مــن التيفيــا وســلوفينيا وإســبانيا‬
‫وفرنســا والتشــيك ورصبيــا والجبــل األســود ومقدونيــا الشــالية وتونــس ومــر والكويــت والبنــن‪.‬‬
‫استئناسا بهذه املرجعيات‪ ،‬انتهت الدراسة إىل استخالص التعريف اآليت لتنازع املصالح‪:‬‬
‫تنــازع املصالــح هــو كل حالــة يكــون فيهــا للموظــف العــام مصلحــة ماديــة أو معنويــة تتعــارض أو يحتمــل‬
‫أن تتعــارض مــع مــا تقتضيــه وظيفتــه مــن نزاهــة واســتقالل وحيــاد وحفــاظ عــى املــال العــام‪ ،‬ســواء كانــت‬
‫تلــك املصلحــة تهمــه شــخصيا أو تهــم أحــد أفـراد أرستــه أو أصدقائــه املقربــن أو خصومــه أو أحــد األشــخاص‬
‫التــي يرتبــط بهــا‪.‬‬
‫‪187‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫عــى أســاس هــذا التعريــف‪ ،‬حــرت الدراســة املقومــات املكونــة لتنــازع املصالــح يف ثالثــة مســتويات مــن‬
‫الوضعيــات املمكــن تصنيفهــا كاآليت‪:‬‬
‫• الوضعيــة التــي يوجــد فيهــا املوظــف العــام يف إحــدى الحــاالت املحظــورة التــي قــد تــؤدي إىل تنــازع‬
‫املصالــح؛‬
‫• الوضعيــة التــي يكــون فيهــا املوظــف العــام يف مواجهــة حــاالت مهنيــة تتنــازع فيهــا مصالحــه الخاصــة‬
‫مــع املصلحــة العامــة‪ ،‬ســواء كانــت هــذه الحــاالت مــا يســتدعي اتخــاذ قـرارات أو املســاهمة يف اتخاذها‬
‫أو التدخــل بــأي شــكل للتأثــر فيهــا؛‬
‫• الوضعيــة التــي يُغلِّــب فيهــا املوظــف العــام بشــكل فعــي مصلحتــه الخاصــة عــى املصلحــة العامــة‪،‬‬
‫مــع مــا يســتتبعها مــن تحصيــل غــر مــروع ملنافــع ماديــة أو معنويــة للمعنــي باألمــر أو لغــره‪.‬‬
‫وإلبـراز خطــورة تنــازع املصالــح‪ ،‬رصــدت الدراســة إخــال هــذا الســلوك بالثقــة العامــة‪ ،‬وفقــدان رشوط الحيــاد‬
‫والتجــرد واالســتقاللية يف اتخــاذ الق ـرار‪ ،‬وإســاءة اســتخدام املناصــب للحصــول عــى منافــع ومزايــا شــخصية‪،‬‬
‫واملــس مببــدأ املنافســة الرشيفــة وتكافــؤ الفــرص‪ ،‬وتقويــض ثقــة املســتثمرين يف عدالــة الولــوج إىل الطلبيــات‬
‫العموميــة‪ ،‬وتكريــس النمــوذج االنتهــازي للموظــف العمومــي عــوض ”النمــوذج القــدوة“‪ ،‬وغريهــا مــن‬
‫التداعيــات الخطــرة لهــذا الســلوك الــذي يعصــف بجوهــر املرفــق العمومــي املتمثــل يف تثبيــت قيــم الخدمــة‬
‫العموميــة القامئــة باألســاس عــى اإلعــاء مــن املصلحــة العامــة دون ســواها‪.‬‬
‫اعتــادا عــى هــذا املفهــوم واســتحضارا النعكاســاته الخطــرة عــى مفاصــل التدبــر العمومــي‪ ،‬أكــدت الدراســة‬
‫عــى رضورة انخـراط املغــرب‪ ،‬تنفيــذا اللتزاماتــه الدوليــة والدســتورية‪ ،‬يف ديناميــة محــارصة وضعيــات تنــازع‬
‫املصالــح تأطرييــا وتصحيحيــا وضبطيــا‪ُ ،‬مـرِزة وجاهــة تأســيس هــذا االنخـراط عــى منطلقــات مرجعيــة كفيلــة‬
‫بتأصيــل منظــور مرجعــي ملحــارصة هــذا الســلوك‪.‬‬
‫‪ -3‬وفــق هــذا التوجــه‪ ،‬تبـ َّـن للدراســة أن تأصيــل منظــور موضوعــي لتأطــر تنــازع املصالــح ميــر عــر‬
‫االسرتشــاد والتوافــق مــع املنظــور الدســتوري الشــمويل للحكامــة الجيدة؛ حيث اســتخلصت الدراســة ثالثــة مبادئ‬
‫دســتورية يتعــن أن تنضبــط لهــا منظومــة تأطــر ومعالجــة تنــازع املصالــح؛ ويتعلــق األمــر باملبــادئ التاليــة‪:‬‬
‫• إدراج هــذه املنظومــة ضمــن حتميــة مامرســة الوظائــف العموميــة وفــق متطلبــات الحكامــة الجيــدة‬
‫والســلطة املعنويــة آللياتهــا؛ حيــث إن دعــوة الدســتور إىل املعاقبــة عــى هــذا الســلوك‪ ،‬يقتــي أن‬
‫تأخــذ آليــاتُ تأطــره ومعالجتــه يف االعتبــار البعـ َد الدســتوري القائــم عــى حــق املجتمــع يف تتبــع مــدى‬
‫انضبــاط التدبــر العمومــي لقواعــد ومبــادئ الحكامــة الجيــدة القامئــة باألســاس عــى خدمــة املصلحــة‬
‫العامــة والتجــرد مــن كل البواعــث واملصالــح الشــخصية‪ ،‬ماديــة كانــت أو معنويــة‪.‬‬
‫• إدراج هــذه املنظومــة ضمــن حاميــة مامرســة الوظائــف العموميــة مــن االنزالقــات املحتملــة؛ حيــث‬
‫وتنصيصــه عــى الوقايــة وزجــر مجموعــة مــن‬ ‫ُ‬ ‫يقتــي تأكيـ ُد الدســتور عــى ربــط املســؤولية باملحاســبة‪،‬‬
‫االنحرافــات‪ ،‬توجي ـ َه منظومــة تأطــر ومعالجــة تنــازع املصالــح لِتشــكل إحــدى روافــد حاميــة مامرســة‬
‫الوظائــف العموميــة مــن االنزالقــات املحتملــة‪.‬‬
‫ـزج الدســتوري‬‫• إدراج هــذه املنظومــة ضمــن مبــدأ املزاوجــة بــن الوقايــة والضبــط؛ حيــث يســتدعي املـ ُ‬
‫بــن مقتضيــات الحكامــة ومقتضيــات املســاءلة وتقديــم الحســاب والــردع عــن االنحرافــات‪ ،‬تقعيــ َد‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪188‬‬


‫منظومــة تأطــر ومعالجــة تنــازع املصالــح عــى أســاس مقتضيــات ترســخ بُعــد املعالجــة والتســوية‬
‫والتأطــر‪ ،‬كــا ت ُوطِّــد بع ـ َد الضبــط والتحقــق ورصــد املخالفــات واملعاقبــة عليهــا عنــد االقتضــاء‪.‬‬
‫‪ -4‬وبالنســبة للمواصفــات املعياريــة التــي أكدت الدراسـ ُة رضور َة اســتحضارها عند اعتــاد أي منظومة‬
‫لتأطــر ومعالجــة وضبــط وضعيــات تنــازع املصالــح‪ ،‬فقــد تبـ َّـن أنهــا تســتهدف محــارصة هــذه الوضعيــات‬
‫انطالقــا مــن منظومــة متكاملــة ذات شــقني أساســيني؛ شــق املعالجــة والتحقــق والتصحيــح والتســوية‪ ،‬وشــق‬
‫الضبــط ورصــد املخالفــات واملعاقبــة عليهــا‪.‬‬
‫عــى هــذا األســاس‪ ،‬وقفــت الدراســة‪ ،‬بالنســبة للشــق املتعلــق باملعالجــة والتحقــق والتصحيــح والتســوية‪ ،‬عــى‬
‫املواصفــات املعياريــة التالية‪:‬‬
‫• حــر الفئــات الخاضعــة‪ ،‬باعتــاد املفهــوم الواســع للموظــف العمومــي‪ ،‬مــع إدراج أط ـراف أخــرى‬
‫مرتبطــة بــه بعالقــات مختلفــة كالقرابــة أو الصداقــة أو العمــل‪ ،‬أو االرتبــاط بكيانــات معينــة تجاريــة أو‬
‫سياســية أو غريهــا‪ ،‬أو أعــداء محتملــن أو َمدينــن‪.‬‬
‫• رصــد الئحــة للمحظــورات التــي يتعــن إقرارهــا كإج ـراءات وقائيــة للحيلولــة املســبقة دون انبثــاق‬
‫منشــئة لوضعيــات تنــازع املصالــح‪ ،‬وتتعلــق باملجــاالت املســتوعبة لحــاالت التنــايف‪ ،‬واإلذن بأنشــطة‬ ‫فــرص ِ‬
‫إضافيــة‪ ،‬وحظــر الجمــع بــن مجموعــة مــن الوظائــف يتــم تحديدهــا وتحيينهــا‪ ،‬والقيــود عــى مامرســة‬
‫األعــال التجاريــة‪ ،‬وضبــط قواعــد التوظيــف لضبــط الــروط التــي يجــب أن تحيــط بتوظيــف األقــارب‪.‬‬
‫• اســترشاف الئحــة معلوماتيــة غــر حرصيــة حــول مختلــف وضعيــات تنــازع املصالــح للتوعيــة‬
‫والتحســيس وأخــذ الحيطــة والحــذر‪ ،‬وملســاعدة الجهــات املعنيــة عــى ضبــط الحــاالت الخاصــة بتنــازع‬
‫املصالــح واتخــاذ اإلجــراءات الكفيلــة بإنهائهــا وتســويتها‪.‬‬
‫• إرســاء قيــود احرتازيــة ملــا بعــد الوظيفــة مــن خــال موانــع التمثيليــة وإبـرام املعامــات والعمــل‪ ،‬قبــل‬
‫اســتكامل مــدة محــددة‪ ،‬لــدى املؤسســات التــي كانــت خاضعــة لرقابــة الشــخص املعنــي‪.‬‬
‫• ضبــط االنتقــال مــن القطــاع الخــاص إىل القطــاع العــام والعكــس‪ ،‬مــن خــال إخضــاع هــذا االنتقــال‬
‫إىل ضوابــط محــددة وواضحــة‪ ،‬ميكــن أن ترقــى إىل منــع الشــخص املعنــي ملــدة معينــة مــن مامرســة‬
‫مجموعــة مــن الصالحيــات التــي تنــدرج ضمــن مســؤولياته ومهامــه‪.‬‬
‫• تعيــن الجهــة املختصــة بتدبــر آليــات الوقايــة مــن تنــازع املصالــح‪ ،‬مــن خــال إســنادها‪ ،‬حســب‬
‫الحــاالت واملســتويات‪ ،‬إىل مؤسســات وهيئــات مكافحــة الفســاد املتخصصــة أو هيئــات الوقايــة أو لجــان‬
‫األخالقيــات‪ ،‬مــع ضــان متتيعهــا باالســتقاللية الالزمــة والصالحيــات الواضحــة‪.‬‬
‫• إرســاء آليــات مفتوحــة ومســتمرة لترصيــح األشــخاص امللزمــن مبصالحهــم‪ ،‬ســواء بشــكل تلقــايئ لــدى‬
‫اإلدارات املشـ ِّغلة أو لــدى الســلطات املعنيــة‪ ،‬عنــد االقتضــاء‪ ،‬أو بنــاء عــى طلــب مــن الســلطات املعنيــة‪،‬‬
‫مــع تحديــد مــا ينبغــي الترصيــح بــه‪ ،‬وإقـرار مبــدأ الترصيــح اإللكــروين‪.‬‬
‫• إق ـرار علنيــة الترصيحــات باملصالــح ونــر الحــاالت املعتمــدة لتســوية وضعيــات تنــازع املصالــح‪،‬‬
‫مــن خــال منصــات إلكرتونيــة تتيــح ملنظــات املجتمــع املــدين‪ ،‬ووســائل اإلعــام‪ ،‬وأف ـراد آخريــن مــن‬
‫الجمهــور االطــاع عــى املعلومــات املقدمــة‪ ،‬ومامرســة الرقابــة املجتمعيــة املطلوبــة يف هــذا املجــال‪.‬‬
‫• اعتــاد تدابــر ملعالجــة وتســوية حــاالت تنــازع املصالــح‪ ،‬تتمثــل أساســا يف التنحــي اإلرادي عــن‬
‫‪189‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫املصلحــة املنشــئة لتنــازع دائــم أو شــبه دائــم‪ ،‬واإلشــعار واالمتنــاع عــن املشــاركة يف عمليــة صنــع القـرار‬
‫موضــوع التنــازع‪ ،‬وإعــادة النظــر‪ ،‬عنــد االقتضــاء‪ ،‬يف مهــام ومســؤوليات املوظف املعنــي بالتنازع‪ ،‬وإســناد‬
‫املصلحــة موضــوع التنــازع مؤقتــا إىل شــخص آخــر‪ ،‬وغريهــا‪.‬‬
‫وبخصــوص الشــق املتعلــق بالضبــط ورصــد املخالفــات واملعاقبة عليهــا‪ ،‬ســجلت الهيئة تأكيــد املواصفات‬
‫املعياريــة عــى مســتويني مــن املخالفــات والعقوبات املرصــودة لها‪:‬‬
‫• رصــد عقوبــات زجريــة مناســبة عــن اإلخــال بالضوابــط املعمــول بهــا ملعالجــة وتســوية وضعيــات‬
‫التنــازع‪ ،‬تتمثــل يف املســتويات الثالثــة املتعلقــة باإلجـراءات التأديبيــة‪ ،‬والعقوبــات اإلداريــة‪ ،‬والعقوبــات‬
‫الجنائيــة‪.‬‬
‫• املعالجــة الجنائيــة للوضعيــات التــي تُثبــت فيهــا القرائــن تعمــد تغليــب فعــي للمصلحــة الخاصــة‬
‫عــى املصلحــة العامــة بهــدف تحقيــق منافــع أو فوائــد غــر مرشوعــة؛ حيــث ت ُدرجهــا املواصفــات‬
‫املعياريــة بشــكل عــام ضمــن جرميــة التحصيــل غــر القانــوين أو غــر املــروع للفوائــد واملنافــع‪.‬‬
‫انطالقــا مــن هــذه املواصفــات املعياريــة‪ ،‬واستئناســا مبــا تــم رصــده مــن تفاعــل الترشيعــات الدوليــة معهــا‪،‬‬
‫توجهــت الدراســة إىل تقييــم املنظومــة الوطنيــة املعتمــدة يف هــذا املجــال‪ ،‬مــن خــال رصــد الفجوات املســجلة‬
‫مــع هــذه املواصفــات‪.‬‬
‫‪ -5‬يف إطــار تقييمهــا للمقتضيــات املعتمــدة وطنيــا يف مجــال تأطــر ومعالجــة وضبــط وضعيــات تنازع‬
‫املصالــح‪ ،‬أكــدت الدراســة عــى أن هــذه املنظومــة تعــاين مــن غيــاب مقاربــة شــمولية‪ ،‬متكاملــة ومندمجــة‬
‫ملحــارصة هــذا الســلوك؛ حيــث تبــدو محدوديتهــا جليــة يف ضــوء تــدين منســوب تجاوبهــا مــع املواصفــات‬
‫املعياريــة ذات الصلــة‪ ،‬مــا يجعــل فعاليتهــا جــد محــدودة‪.‬‬
‫يف هــذا اإلطــار‪ ،‬وقفــت الدراســة عــى مظاهــر القصــور التــي تطــال بشــكل خــاص الئحــة املعنيــن بتنــازع‬
‫املصالــح واألطــراف امللحقــة بهــا والتــي تظــل مشــوبة مبنظــور فئــوي قــارص عــن اســتيعاب كل املعنيــن‪،‬‬
‫الحقيقيــن واملحتملــن‪ ،‬بتنــازع املصالــح‪ ،‬كــا تظــل الئحــة الوضعيــات املحظــورة للوقايــة مــن حصــول تنــازع‬
‫املصالــح وكــذا قاعــدة املعلومــات املتعلقــة بالوضعيــات الفعليــة لتنــازع الصالــح‪ ،‬قــارصة عــن توطــن كل‬
‫الحــاالت والوضعيــات التــي تتيــح إمكانيــات ملموســة إلثــارة االنتبــاه والتنبيــه وأخــذ الحيطــة والحــذر‪.‬‬
‫ورصــدت الدراســة أيضــا مظاهــر القصــور التــي تشــوب القيــود االحرتازيــة الواجــب اعتامدهــا للحيلولــة دون‬
‫حصــول تنــازع للمصالــح يف مرحلــة مــا بعــد الوظيفــة‪ ،‬ويف حركيــات االنتقــال مــن القطــاع العــام إىل القطــاع‬
‫الخــاص أو العكــس‪ ،‬ويف غيــاب جهــة مختصــة قانونــا بتدبــر وتأطــر ومراقبــة وضعيــات تنــازع املصالــح‪ ،‬األمــر‬
‫الــذي نتــج عنــه غيــاب تدابــر محــددة ودقيقــة ومنظمــة ملعالجــة وتأطــر وتســوية حــاالت تنــازع املصالــح‪،‬‬
‫باإلضافــة إىل ضعــف منســوب شــفافية املنظومــة املعتمــدة يف هــذا املجــال‪ ،‬والــذي يبــدو واضحــا يف غيــاب‬
‫آليــات اإلتاحــة والوصــول إىل املعلومــات الكفيلــة بتوفــر إمكانيــات متجــددة للشــفافية العامــة واملســاءلة يف‬
‫هــذا املجــال‪ ،‬علــا بــأن غيــاب املعلومــة الصحيحــة والشــفافة املطلوبــة يف هــذا املجــال‪ ،‬يســاهم يف تغذيــة‬
‫املزايــدات واالتهامــات التــي تكــون‪ ،‬يف بعــض األحيــان‪ ،‬غــر مســنودة بوقائــع مثبِتــة‪.‬‬
‫ومــن نفــس هــذا املنطلــق التقييمــي‪ ،‬اســتظهرت الدراســة األعطــاب التــي تشــوب املعالجــة الجنائيــة للوضعيــة‬
‫املتمثلــة يف التغليــب الفعــي للمصلحــة الخاصــة عــى املصلحــة العامــة والحصــول بالتــايل عــى فوائــد غــر‬
‫مرشوعــة؛ حيــث وقفــت عــى تقــادم مقتضيــات الفصــل ‪ 542‬مــن القانــون الجنــايئ املجــرم لهــذا الســلوك‪،‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪190‬‬


‫وعــدم اســتيعاب مقتضياتــه لصــور متعــددة ومتجــددة مــن املصالــح غــر املرشوعــة التــي تظــل منفلتــة مــن‬
‫التجريــم الجنــايئ‪ ،‬وكــذا عــدم انفتاحــه عــى الترشيعــات واألحــكام القضائيــة الدوليــة الرائــدة يف هــذا املجــال‪.‬‬
‫انطالقــا مــن هــذا التقييــم‪ ،‬واعتــادا عــى املبــادئ الدســتورية املو ِّجهــة واملواصفــات املعياريــة املؤطِّــرة‪،‬‬
‫انتقلــت الدراســة إىل اســترشاف املتطلبــات الترشيعيــة والتنظيميــة املطلوبــة للنهــوض مبنظومــة وطنيــة ناجعــة‬
‫لتأطــر ومعالجــة وضبــط تنــازع املصالــح‪.‬‬
‫‪ -6‬لضــان تقعيــد منظومــة متكاملــة لتأطــر ومعالجــة وضبــط وضعيــات تنــازع املصالــح‪ ،‬أكــدت‬
‫الدراســة عــى أن هــذا األمــر يحتــاج‪ ،‬مــن جهــة‪ ،‬وبالنظــر إىل كونــه يؤســس لثقافــة جديــدة يف املامرســة‬
‫العموميــة‪ ،‬إىل تهيــيء املنــاخ العــام الكفيــل بالتملــك اإليجــايب لهــذه الثقافــة‪ ،‬ومــن جهــة ثانيــة‪ ،‬إىل تــدارك‬
‫الفجــوات التــي تــم رصدهــا مــع املواصفــات املعياريــة ملحــارصة هــذا الســلوك‪.‬‬
‫وفــق هــذا املنظــور‪ ،‬رصــدت الدراســة بعــض متطلبــات املنــاخ املالئــم إلرســاء منظومــة ناجعــة ملحــارصة‬
‫وضعيــات تنــازع املصالــح‪ ،‬مؤكِّــدة عــى أهميــة تثبيــت الحــق يف الحصــول عــى املعلومــات‪ ،‬باعتبــاره منفــذا‬
‫أساســيا للشــفافية والحكامــة‪ ،‬ومش ـ ِّددة عــى التنزيــل األمثــل ملبــدأ التشــاركية أو التضمينيــة‪ ،‬مــن خــال‬
‫ضــان انخ ـراط ســائر املعنيــن يف مســار إعــداد وتفعيــل وتقييــم الربامــج واملشــاريع الوطنيــة‪ ،‬األمــر الــذي‬
‫يرفــع مســتويات الوعــي باملشــاريع املعتمــدة وآليــات ونظــم تدبريهــا واالختــاالت املحتمــل حصولهــا‪ ،‬و ُمـرِزة‬
‫أهميــة تثبيــت حــق املجتمــع يف تتبــع الحســاب املتعلــق بتدبــر املرافــق العموميــة لألمــوال العامــة؛ مبــا يتيــح‬
‫مامرســة رقابــة مجتمعيــة ناجعــة يف هــذا املجــال‪ ،‬ومؤكِّــدة يف األخــر عــى اســتثامر اســتحقاقات الرقمنــة‬
‫وتوظيــف مكتســباتها يف تعزيــز الثقــة واالنخـراط والتعبئــة‪ ،‬خاصــة مــن أجــل توطيــد البعــد التعــاوين املطلوب‬
‫مؤسســيا للرصــد والتحــري والتحقــق املوضوعــي والنزيــه والناجــع مــن الحــاالت املحتملــة لتنــازع املصالــح‪.‬‬
‫بعــد تســليط الضــوء عــى هــذه املتطلبــات‪ ،‬خلصــت الدراســة إىل أن محــارصة ســلوك تنــازع املصالــح‪ ،‬تقتــي‬
‫إرســاء منظومــة متكاملــة لتأطــر ومعالجــة وضبــط وضعيــات تنــازع املصالــح‪ ،‬مــن خــال محوريــن أساســيني؛‬
‫محــور املعالجــة والتحقــق والتصحيــح والتســوية‪ ،‬ومحــور الضبــط ورصــد املخالفــات واملعاقبــة عليهــا‪.‬‬
‫وفــق هــذا التوجــه‪ ،‬انــرف اق ـراح الدراســة‪ ،‬بالنســبة ملحــور املعالجــة والتحقــق والتصحيــح والتســوية‪ ،‬إىل‬
‫اعتــاد املبــادئ واألحــكام اآلتيــة‪:‬‬
‫• توضيــح أهــداف مكافحــة تنــازع املصالــح وتحديــد وتدقيــق مفهومــه‪ ،‬مــن خــال إدراج مقتــى‬
‫قانــوين يســطر بوضــوح األهــداف الوقائيــة والضبطيــة لهــذه املكافحــة‪ ،‬ضامنــا لالنخــراط التلقــايئ‬
‫واإليجــايب املطلــوب يف هــذا املجــال‪ ،‬كــا يضــع تعريفــا واضحــا لتنــازع املصالــح؛ حيــث يظــل التعريــف‬
‫املذكــور فيــا ســبق‪ ،‬واملســتنبط مــن تكامــل التعريفــات املعتمــدة دوليــا يف هــذا املجــال‪ ،‬مقرتَحــا جديـرا‬
‫باالعتــاد الســتيعابه الوضعيــات األساســية الثــاث املكونــة لتنــازع املصالــح‪.77‬‬
‫• التحديــد الهــادف للفئــات الخاضعــة واألشــخاص امللزمــن‪ ،‬مــن خــال اعتــاد املفهوم املوســع للموظف‬
‫العمومــي‪ ،‬مــع تبنــي معياريــن أساســيني بهــذا الخصــوص؛ معيــار التطابــق مــع الئحــة األشــخاص امللزمــن‬
‫بالترصيــح اإلجبــاري باملمتلــكات‪ ،‬ومعيــار التنصيــص عــى مبــدأ املرونــة‪ ،‬باإلضافــة أو الحــذف‪ ،‬وبفتــح‬
‫‪ - 77‬هي الوضعيات التي متت اإلشارة إليها فيام سبق كاآليت‪:‬‬
‫‪ -‬الوضعية التي يوجد فيها املوظف العام يف إحدى الحاالت املحظورة التي قد تؤدي إىل تنازع املصالح؛‬
‫‪ -‬الوضعية التي يكون فيها املوظف العام يف مواجهة حاالت مهنية تتنازع فيها مصالحه الخاصة مع املصلحة العامة‪ ،‬سواء كانت هذه الحاالت مام يستدعي اتخاذ قرارات أو املساهمة يف اتخاذها أو التدخل بأي شكل للتأثري فيها؛‬
‫‪ -‬الوضعية التي يُغلِّب فيها املوظف العام بشكل فعيل مصلحته الخاصة عىل املصلحة العامة‪ ،‬مع ما يستتبعها من تحصيل غري مرشوع ملنافع مادية أو معنوية للمعني باألمر أو لغريه‪.‬‬

‫‪191‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫إمكانيــة إلـزام أشــخاص آخريــن‪ ،‬بطلــب مــن الهيئــات واملؤسســات الوطنيــة‪ .‬كــا يتعــن االســتفادة مــن‬
‫الترشيعــات الدوليــة يف إلحــاق أشــخاص آخريــن بهــؤالء امللزمــن‪ ،‬إلمكانيــة امتــداد تنــازع املصالــح إليهــم‪.‬‬
‫• رصــد الئحــة للمحظــورات‪ ،‬مــن خــال ان ـراف النــص العــام إىل رصــد حاالتهــا التــي تشــمل‪ ،‬عــى‬
‫الخصــوص‪ ،‬التنــايف‪ ،‬الجمــع بــن الوظيفــة العموميــة ومامرســة أي نشــاط مهنــي أو تجــاري يف القطــاع‬
‫الخــاص‪ ،‬وغريهــا‪ ،‬مــع التوجــه نحــو ترصيفهــا يف النصــوص الخاصــة حســب طبيعــة املهــام واملســؤوليات‬
‫املنوطــة بــكل فئــة مــن الفئــات املعنيــة والرتخيصــات التــي ميكــن أن يســمح بهــا يف حــاالت محــددة‪.‬‬
‫• اســترشاف الئحــة معلوماتيــة غــر حرصيــة حــول مختلــف وضعيــات تنــازع املصالــح‪ ،‬لتوفــر أرضيــة‬
‫عمليــة مرجعيــة للجهــة املكلفــة وملســؤويل املرافــق العموميــة املعنيــة‪ ،‬تُ كِّنهــم مــن استكشــاف ورصــد‬
‫وتكييــف املامرســات ذات الصلــة‪ .‬كــا تتحقــق أهميتهــا يف إذكاء الوعــي لــدى ســائر امللزمــن بالوضعيــات‬
‫التــي قــد تصادفهــم يف مامرســتهم املهنيــة قصــد أخــذ الحيطــة والحــذر مــن الوقــوع فيهــا‪.‬‬
‫• تعيــن الجهــة املختصــة بتدبــر آليــات الوقايــة مــن تنــازع املصالــح والصالحيــات املخولــة لهــا‪،‬‬
‫بالتنصيــص عــى الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‪ ،‬كجهــة مؤهلــة عمليــا‬
‫وقانونيــا للتدبــر الشــمويل واملندمــج لتنــازع املصالــح‪ ،‬اعتبــارا لصالحياتهــا يف الوقايــة واملكافحــة‪ ،‬وبحكــم‬
‫اســتيعاب أفعــال الفســاد املشــمول بتدخلهــا لحــاالت تنــازع املصالــح‪ ،‬مــع منحهــا صالحيــات واضحــة‬
‫وملزمــة لالضطــاع بهــذا التدبــر الشــمويل‪ ،‬والتأكيــد عــى أن قنــوات التشــي والتبليــغ لديهــا تشــمل هــذا‬
‫النــوع مــن مظاهــر الفســاد‪ ،‬طبقــا للــادة ‪ 3‬مــن القانــون ‪.46.19‬‬
‫• اعتامد آليات لتأطري ومعالجة وضعيات تنازع املصالح‪ ،‬تغطي الجوانب التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬الترصيــح باملصالــح‪ ،‬مــن خــال اعتــاد االختيــار الــذي ســارت فيــه بعــض الــدول والقائــم‬
‫عــى تفــادي الترصيــح النمطــي املحــدد مســبقا لترصيــح األشــخاص امللزمــن مبصالحهــم‪ ،‬مقابــل‬
‫امتثالهــم للترصيــح عنــد الحاجــة‪ ،‬تلقائيــا أو بطلــب مــن الهيئــة املكلفــة بتدبــر حــاالت التنــازع‪،‬‬
‫وذلــك لغايــات التحقــق واملعالجــة عنــد االقتضــاء‪ ،‬مــع الحــرص عــى أن يعكــس الترصيــح املطلــوب‬
‫مختلـ َـف األنشــطة املهنيــة واالستشــارية واالنتدابيــة والتطوعيــة وغريهــا مــن املعلومــات واملعطيــات‬
‫التــي ميكــن أن تســاهم يف الكشــف عــن حــاالت تنــازع املصالــح‪.‬‬
‫كل‬‫ب‪ -‬اإلشــعار بتنــازع املصالــح‪ ،‬مــن خــال إلـزام األشــخاص الذيــن ميارســون وظائــف متنازعــة مــع ِّ‬
‫أو بعــض مصالحهــم الشــخصية باإلشــعار بهــا لــدى الســلطة الرئاســية لتســويتها‪ ،‬وكــذا لــدى الهيئــة‬
‫قصــد التتبــع وضــان التنفيــذ‪ ،‬علــا بــأن تســوية هــذه الوضعيــات تتم عــر إعــادة التعيــن يف وظائف‬
‫أخــرى أو اإللـزام بالتخــي عــن املصالــح الشــخصية موضــوع التنــازع‪ ،‬وذلــك حســب الحــاالت‪.‬‬
‫ج‪ -‬االمتنــاع عــن اتخــاذ القـرار أو املشــاركة يف اتخــاذه إذا كان متعلقــا بــأي إجـراء يرتبــط أو يؤثــر‬
‫عــى مصلحــة خاصــة ته ُّمــه‪ ،‬مــع تحديــد املســطرة املتعــن إعاملهــا لهــذا الغــرض عــى مســتوى‬
‫آجــال الترصيــح باالمتنــاع وكيفيتــه‪ ،‬وكــذا االح ـرازات الواجــب اســتحضارها حتــى ال يتحــول هــذا‬
‫االمتنــاع إىل ذريعــة للتنصــل مــن القيــام باملهــام أو الهــروب مــن بعــض املســؤوليات‪.‬‬
‫• إقـرار العلنيــة وإتاحــة املعلومــات املتعلقــة بوضعيــات تنــازع املصالــح‪ ،‬خاصــة مــا يتعلق منهــا بإمكانية‬
‫نــر التصاريــح وفقــا للكيفيــات التــي يحددهــا القانــون‪ ،‬وإحاطــة الــرأي العــام علــا بعمــل الهيئــة‬
‫املكلفــة‪ ،‬وبالشــكايات والتبليغــات التــي توصلــت بهــا‪ ،‬وبالقضايــا التــي أحيلــت عليهــا‪ ،‬وبالوضعيــات‬
‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪192‬‬
‫التــي عالجتهــا أو قامــت بتســويتها‪ ،‬وبنتائــج تحرياتهــا وبالعقوبــات التــي قــد يكــون تــم اعتامدهــا‪،‬‬
‫وبالعراقيــل التــي واجهتهــا‪ ،‬وبــكل املعلومــات املتعلقــة بتدبــر وضعيــات تنــازع املصالــح‪.‬‬
‫وبخصوص محور الضبط ورصد املخالفات واملعاقبة عليها‪ ،‬فيتضمن‪:‬‬
‫• ترتيــب ج ـزاءات مناســبة عــى مخالفــة الضوابــط املنصــوص عليهــا ملعالجــة وتأطــر تنــازع املصالــح‪،‬‬
‫بإقــرار جــزاءات تضمــن التناســب بــن العقوبــات التأديبيــة أو املاليــة أو اإلداريــة‪ ،‬وبــن املخالفــات‬
‫املرتكبــة التــي تشــمل الترصيــح خــارج األجــل املطلــوب أو عــدم االمتثــال للترصيــح أو عــدم اإلشــعار‬
‫بتنــازع املصالــح أو عــدم الترصيــح باالمتنــاع أو عــدم اتخــاذ مــا يلــزم مــن إج ـراءات لتغطيــة املخاطــر‬
‫املرتبطــة بحالــة تضــارب املصالــح‪ ،‬مــع اعتــاد ج ـزاءات قابلــة للتنفيــذ وللمعاينــة مــن طــرف ســائر‬
‫امللزمــن ومــن طــرف املجتمــع‪.‬‬
‫• املعالجــة الجنائيــة لحــاالت التغليــب الفعــي للمصلحــة الخاصــة عــى املصلحــة العامــة‪ ،‬مــن خــال‬
‫التجــاوب مــع الترشيعــات الدوليــة التــي أدرجــت هــذا الســلوك ضمــن جرميــة الرتبــح مــن الوظائــف‬
‫أو جرميــة التحصيــل غــر املــروع للفوائــد واملزايــا‪ ،‬وض َّم َنتـ ُه صــورا متعــددة ومتجــددة للمصالــح غــر‬
‫املرشوعــة التــي مــن بينهــا ترسيــب املعلومــات املتميــزة التــي يحقــق بهــا املوظــف منافــع لنفســه أو‬
‫لغــره‪ ،‬وأدرجــت تحصيــل الفوائــد غــر القانونيــة لألغيــار‪ ،‬أشــخاصا ذاتيــن أو معنويــن‪ ،‬كإحــدى صــور‬
‫هــذه الجرميــة‪ ،‬واعتــرت هــذه الجرميــة متحقق ـ ًة مبجــرد توجــه اإلرادة إىل إســاءة اســتغالل الوظيفــة‪،‬‬
‫دومنــا اعتبــار للحصــول الفعــي عــى املنفعــة أو املزيــة؛ إذ ال عــرة بتحصيــل الفائــدة أو عــدم تحصيلهــا‬
‫إذا تأثــر الق ـرار اإلداري مبصلحــة شــخصية وأُ ِس َء بالتــايل اســتغالل الوظيفــة‪.‬‬
‫بعــد اســتعراض املقومــات املطلوبــة إلرســاء منظومــة ناجعــة ملكافحــة تنــازع املصالــح‪ ،‬وتدعيمهــا بتوجهــات‬
‫ترشيعيــة واجتهــادات قضائيــة وتفسـرات مقدمــة مــن ِقبــل املنظــات والهيئــات املعنيــة‪ ،‬خلصــت الدراســة‬
‫إىل أن التجــارب الدوليــة املتقدمــة التــي تــم االســتناد إليهــا الســتخالص املواصفــات املعياريــة‪ ،‬بِقــدر مــا تعطــي‬
‫االنطبــاع بارتبــاط تنــازع املصالــح باملعطيــات الداخليــة والخصوصيــات املحليــة لــكل بلــد‪ ،‬بِقــدر مــا تُفصــح‬
‫عــن تقاطعــات وثوابــت مشــركة متنــح فرصــا موضوعيــة لالغ ـراف منهــا واالســتفادة منهــا يف إغنــاء وتدعيــم‬
‫الترشيــع الوطنــي‪ ،‬األمــر الــذي و َّجــه هــذه الدراســة إىل االســتثامر األمثــل لهــذه الثوابــت املشــركة وتوظيفهــا‬
‫مبــا يتــاءم مــع الســياق القانــوين واملؤســي الوطنــي‪ ،‬يف أفــق إرســاء أرضيــة ضامنــة للموضوعيــة والنجاعــة يف‬
‫تأطــر ومعالجــة وضبــط وضعيــات تنــازع املصالــح‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬الصحافة االستقصائية‪ :‬من أجل دور فاعل يف مكافحة الفساد‬
‫مــن أجــل الوفــاء بالتزاماتهــا ومســؤولياتها الدســتورية‪ ،‬وانســجاما مــع الصالحيــات الواســعة التــي نــص عليهــا‬
‫القانــون ‪ ،46.19‬تســعى الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‪ ،‬لتغطيــة مختلــف املجــاالت‬
‫واملواضيــع التــي لهــا ارتبــاط مبكافحــة الفســاد‪ ،‬مــع إعطــاء األولويــة للمواضيــع األكــر إســهاما وتأث ـرا عــى‬
‫تقويــة الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪.‬‬
‫مــن هــذا املنظــور‪ ،‬يــأيت االهتــام بــدور وســائل اإلعــام يف مكافحــة الفســاد‪ ،‬باإلضافــة إىل وظيفتهــا اإلخباريــة‪،‬‬
‫باعتبارهــا مصــدرا مهــا للمعطيــات املتعلقــة بالفســاد التــي مــن شــأنها املســاهمة‪ ،‬عــى الخصــوص‪ ،‬يف تفعيــل‬

‫‪193‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫صالحيــات الهيئــة يف التصــدي التلقــايئ لحــاالت الفســاد التــي تصــل إىل علمهــا‪ .‬ولهــذا‪ ،‬تعتــر الهيئــة الوطنيــة‬
‫للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا‪ ،‬يف إطــار املقاربــة التشــاركية التــي تتبناهــا إلذكاء الديناميــة يف‬
‫سياســات مكافحــة الفســاد‪ ،‬أن اإلعــام رشيــك أســايس ولــه مــن األدوار مــا يجعلــه أحــد مفاتيــح النهــوض‬
‫بالشــفافية ونــر قيــم النزاهــة واملســاعدة غــر املبــارشة يف عمليــة ردع الفســاد وزجــر املامرســن لــه‪ ،‬خاصــة‬
‫مــن خــال الصحافــة االســتقصائية‪.‬‬
‫وتــروم الهيئــة مــن خــال هــذا التقريــر‪ ،‬املســاهمة يف إثــارة االهتــام مبوضــوع الصحافــة االســتقصائية‬
‫باملغــرب‪ ،‬والعمــل عــى توفــر أرضيــة لتشــجيع بــروز هــذه املامرســة الصحفيــة مبزيــد مــن االحرتافيــة والدقــة‬
‫واملســؤولية‪ ،‬ملــا لذلــك مــن انعــكاس إيجــايب عــى جهــود مكافحــة الفســاد‪.‬‬
‫ويتضمن التقرير أربعة محاور كالتايل‪:‬‬
‫املحــور األول ‪" :‬الصحافــة االســتقصائية‪ ،‬األهميــة واملفهــوم"‪ ،‬وهــو مخصــص للتعريــف مباهيــة الصحافــة‬
‫االســتقصائية وأهميتهــا وإكراهاتهــا واملخاطــر التــي يواجههــا الصحفيــون االســتقصائيون أثنــاء مامرســتهم‬
‫لعملهــم‪ .‬وفيــه أن الصحافــة االســتقصائية تقــوم عــى التدقيــق يف املعلومــات املتعلقــة بامللفــات التــي تشــتغل‬
‫عليهــا‪ ،‬مــن خــال اللجــوء إىل طــرق وأســاليب قــد يتشــابه بعضهــا أحيانــا مــع بعــض الوســائل التــي يعتمدهــا‬
‫املحققــون القضائيــون‪ .‬لهــذا ميكــن تعريفهــا باعتبارهــا صحافــة تــروم كشــف معلومــات تهــم قضايــا تشــغل‬
‫الــرأي العــام تــم إخفاؤهــا‪ ،‬ثــم متحيصهــا والتأكــد منهــا مــن أجــل اســتجالء تفاصيلهــا وخلفياتهــا‪ ،‬ومعرفــة‬
‫خباياهــا‪ .‬وبالتــايل فهــي صحافــة تتحــرى يف القضايــا التــي تشــغل الــرأي العــام‪ ،‬كقضايــا الفســاد مثــا‪ ،‬لتنويــره‬
‫ومــده باملعلومــات املوثقــة التــي يحتاجهــا ملســاءلة املســؤولني عــن تدبــر الشــأن العــام‪ .‬كــا تســاهم يف‬
‫يقظــة الســلطة القضائيــة‪ ،‬وســلطات وهيئــات إنفــاد القانــون املعنيــة األخــرى‪ ،‬بشــكل قــد يدفعهــا إلطــاق‬
‫التحقيقــات واملتابعــات يف القضايــا املثــارة‪ .‬باإلضافــة إىل ذلــك ميكــن للصحافــة االســتقصائية مســاعدة الناخبــن‬
‫يف اختياراتهــم خــال االســتحقاقات االنتخابيــة بفضــل التحقيقــات التــي تكشــف املامرســات املنافيــة ألخالقيات‬
‫املســؤولية االنتدابيــة وللتعاقــد املــرم بــن املواطنــن وممثليهــم‪.‬‬
‫ويف جميــع دول العــامل‪ ،‬كيــف مــا كان نظامهــا الســيايس‪ ،‬تحتــاج الصحافــة االســتقصائية إىل بيئــة مالمئــة‬
‫تســاعدها عــى االنتعــاش والتطــور‪ ،‬ميســمها األســايس االحتــكام إىل املامرســة الدميوقراطيــة يف تدبــر الحيــاة‬
‫العموميــة ويف تنظيــم العالقــات داخــل املجتمــع‪ ،‬مبــا يعنيــه ذلــك مــن حريــة يف التعبــر والســاح للصحافيــن‬
‫مبامرســة مهنتهــم دون خــوف مــن املضايقــات كيفــا كان شــكلها‪ ،‬وذلــك بــرط احـرام األخالقيــات املؤطــرة‬
‫للمهنــة والضامنــة الحـرام حقــوق اآلخريــن‪ .‬ويقتــي ذلــك توفــر ترســانة قانونيــة تضمــن للصحفيــن الحاميــة‬
‫القانونيــة الرضوريــة‪ ،‬وللمواطنــن حريــة الــرأي واالختــاف والتعدديــة والحريــات العامــة والفرديــة‪ ،‬وتقنــن‬
‫الوصــول إىل املعلومــات املوجــودة يف حــوزة مؤسســات الدولــة‪ .‬كــا يقتــي‪ ،‬باإلضافــة إىل ذلــك‪ ،‬وجــود رأي‬
‫عــام وا ٍع ونشــيط مؤهــل الســتيعاب مــا يتلقــاه مــن معلومــات ومعطيــات وقــادر عــى التفاعــل معهــا‪ ،‬بقــدر‬
‫كبــر مــن املوضوعيــة‪.‬‬
‫هــذا عــى املســتوى املوضوعــي‪ ،‬أمــا عــى املســتوى الــذايت‪ ،‬فــإن املقــاوالت الصحفيــة تحتــاج مــن أجــل النجــاح‬
‫يف الجانــب االســتقصايئ مــن مامرســتها املهنيــة إىل منــوذج اقتصــادي يضمــن لهــا االســتقاللية التــي تحمــي‬
‫خطهــا التحريــري مــن تأثــر الرأســال والــركات ومــن تدخــل الســلطة ومؤسســات الدولــة‪ ،‬وتضمــن لهــا‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪194‬‬


‫إنجــاز تحقيقــات يف قضايــا متشــعبة وعــى قــدر مــن الحساســية وذات امتــدادات دوليــة أحيانــا‪ ،‬باإلضافــة إىل‬
‫قضايــا محليــة كــا حــدث يف عــدة دول‪.‬‬
‫يف غيــاب هــذه الضامنــات‪ ،‬يتعــرض الصحفيــون االســتقصائيون ومنابرهــم اإلعالميــة‪ ،‬يف مجموعــة مــن الــدول‪،‬‬
‫ملخاطــر متنوعــة‪ ،‬تـراوح بــن املالحقــات القضائيــة والتضييــق املــايل وحمالت التشــهري ضــد الصحفيــن لتحطيم‬
‫رصيدهــم املهنــي ومصداقيتهــم‪ ،‬وصــوال إىل التصفيــة الجســدية كأســوأ مثــنٍ يدفعونــه مــن أجــل الدفــاع عــن‬
‫الحقيقة‪.‬‬
‫املحــور الثــاين‪" :‬التزامــات الصحافــة االســتقصائية مــن أجــل املوضوعيــة والتأثــر"‪ ،‬ويرصــد عددا مــن التحديات‬
‫التــي ينبغــي عــى الصحفيــن االســتقصائيني مواجهتهــا وتجاوزهــا للحفــاظ عــى مصداقيــة هــذا النــوع الصحفي‬
‫وجعلــه بالتــايل قــادرا عــى التأثــر يف الــرأي العــام ويف توجهــات السياســات العامــة‪ .‬ذلــك أن نجــاح الصحافــة‬
‫االســتقصائية يف أداء مهمتهــا كصحافــة مواطنــة‪ ،‬كــا تصنــف‪ ،‬ال يتوقــف عــى العنــارص املوضوعيــة فقــط أي‬
‫عــى إطــار وبيئــة االشــتغال‪ ،‬بــل أيضــا عــى عنــارص وثيقــة الصلــة باألخالقيــات املهنيــة واملوضوعيــة يف التعامــل‬
‫مــع القضايــا واألشــخاص واملؤسســات‪ ،‬وبالتــايل فهــي تواجــه تحديــات عديــدة عليهــا تجاوزهــا‪ ،‬منهــا‪:‬‬
‫• تحــدي املوضوعيــة واملســؤولية واملصداقيــة حيــث يتعــن عــى الصحفيــات والصحفيــن تفــادي‬
‫االنزالقــات التــي قــد تعــري الصحافــة‪ ،‬وتحيــد بهــا عــن رســالتها األساســية يف توفــر املعلومــة املوثوقــة‬
‫للمواطنــن وللمســؤولني عــن الشــأن العــام وكشــف الحقائــق؛‬
‫• تحــدي االختيــار املوضوعــي للقضايــا ذات األهميــة وعــدم الرتكيــز عــى نفــس القضايــا أو الســقوط يف‬
‫توظيــف العمــل الصحفــي يف التضليــل والتالعــب‪ ،‬ومحاولــة التأثــر عــى الــرأي العــام؛‬
‫• تحــدي تفــادي إضعــاف الدميقراطيــة الــذي قــد ينتــج عــن الرتكيــز‪ ،‬دون احتيــاط وبتعميــم غــر مــرر‪،‬‬
‫عــى التجــاوزات وعــى االختــاالت التــي تعــري أو ميكــن أن تعــري التدبــر العمومــي أو مجــاالت‬
‫العيــش املشــرك؛‬
‫• تحــدي مواجهــة تحــوالت اســتهالك اإلعــام يف ظــل ظهــور وســائط جديــدة‪ ،‬بحيــث يتعــن عــى‬
‫الصحفيــن حرصــا عــى مصداقيتهــم عــدم االنســياق مــع االتجاهــات التــي تفرضهــا هــذه التحــوالت يف‬
‫اســتهالك املــادة اإلعالميــة‪ ،‬دون االهتــام بجــودة وموضوعيــة هــذه املــادة‪.‬‬
‫كــا يتوجــب عــى الصحفيــن االســتقصائيني‪ ،‬تفــادي انزالقــات أخــرى تتمثــل باألســاس يف انتهــاك رسيــة‬
‫التحقيقــات القضائيــة‪ ،‬واالنتقائيــة وتصفيــة الحســابات‪ ،‬وانتهــاك الحيــاة الخاصــة واملــس بحقــوق املعنيــن‪،‬‬
‫والبحــث بــأي مثــن عــن زيــادة املبيعــات ومواجهــة املنافســة عــى حســاب املهنيــة واملوضوعيــة‪.‬‬
‫املحــور الثالــث‪" :‬الصحافــة االســتقصائية حالــة املغــرب"‪ ،‬ويقــدم‪ ،‬انطالقــا مــن مجموعــة مــن املراجــع منهــا‬
‫اســتامرة موجهــة لعينــة مــن الصحفيــن املغاربــة املامرســن‪ ،‬ملمحــا وافيــا عــن وضعيــة الصحافــة االســتقصائية‬
‫باملغــرب‪ ،‬والعنــارص التــي تحــد مــن تطورهــا وكذلــك آفاقهــا‪.‬‬
‫ويف هــذا اإلطــار‪ ،‬يظــل حضــور الصحافــة االســتقصائية باهتــا يف املشــهد اإلعالمــي املغــريب‪ ،‬وهــي وضعيــة ميكــن‬
‫تفســرها مــن خــال البيئــة العامــة التــي تشــتغل فيهــا الصحافــة الوطنيــة‪ ،‬وهــي بيئــة شــهدت تحــوالت كثــرة‪،‬‬
‫بــن التقــدم أحيانــا والرتاجــع أحيانــا أخــرى‪ ،‬لكنهــا مل تســمح بعــد بالوصــول إىل صحافــة اســتقصائية متحــررة‬
‫مــن املعيقــات الذاتيــة واملوضوعيــة التــي تكبحهــا وتحــد مــن قيامهــا بدورهــا الكامــل يف مراقبــة تدبــر الشــأن‬
‫‪195‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫العــام يف كل مناحيــه‪ ،‬ويف تنويــر الــرأي العــام‪ .‬ولهــذا‪ ،‬فالتحقيقــات االســتقصائية التــي تتنــاول مواضيــع عــى‬
‫قــدر مــن الحساســية وذات أهميــة وتأثــر لــدى الــرأي العــام ومنهــا الفســاد تبــدو نــادرة‪ ،‬وغالبــا ال تذهــب إىل‬
‫العمــق بــل تتوقــف عنــد حــدود معينــة‪.‬‬
‫وميكــن مــن خــال أجوبــة الصحفيــن عــى االســتامرة التــي أعدتهــا الهيئــة الســتقاء آرائهــم رســم صــورة عامــة‬
‫لواقــع الصحافــة االســتقصائية باملغــرب‪ .‬وتتمثــل أهــم مالمــح هــذه الصــورة‪ ،‬يف أن التحقيقــات االســتقصائية‬
‫املنجــزة‪ ،‬ليســت مؤثــرة وأن املواضيــع التــي متــت معالجتهــا هــي مواضيــع "ال تتــاىش" حتــى مــع التصــور‬
‫الــذي لــدى الصحفيــن حــول الصحافــة االســتقصائية‪ ،‬وأنــه مل تتــم بعــد معالجــة قضايــا ذات حساســية وأهميــة‬
‫أكــر لــدى الــرأي العــام أو عولجــت بشــكل محــدود‪.‬‬
‫حســب األجوبــة املتوصــل بهــا‪ ،‬فــإن هــذه الوضعيــة تتحكــم فيهــا عنــارص مختلفــة ذات أبعــاد قانونيــة ومهنيــة‬
‫عــى الخصــوص تشــكل يف مجملهــا عوائــق تحــد مــن تطــور الصحافــة االســتقصائية باملغــرب‪ ،‬ومــن ذلــك مــا‬
‫اعتــره أحــد الصحفيــن املغاربــة بيئــة غــر مالمئــة لصحافــة التحقيقــات‪ ،‬وال تتــاءم مــع املبــدأ الدســتوري‬
‫الــذي يقــر بالحــق يف الوصــول إىل املعلومــة‪ .‬ثــم هنــاك تخــوف الصحفيــن مــن املالحقــة القضائيــة مبوجــب‬
‫مقتضيــات القانــون الجنــايئ مــع العلــم أن قانــون الصحافــة والنــر ال يتضمــن يف العقوبــات املتعلقــة مبامرســة‬
‫مهنــة الصحافــة إال الغرامــات‪ .‬وهــو مــا يجعــل هــذا القانــون األخــر يف نظــر الصحفيــن املغاربــة ال يوفــر‬
‫ضامنــات كافيــة للصحافيــن االســتقصائيني‪.‬‬
‫املحــور الرابــع‪" :‬الهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة ومحاربتهــا والصحافــة االســتقصائية"‪،‬‬
‫ويتضمــن باإلضافــة إىل تصــور الهيئــة بشــأن الصحافــة االســتقصائية وأهميتهــا يف مكافحــة الفســاد يف الســياق‬
‫املغــريب‪ ،‬عــددا مــن التوصيــات التــي مــن شــأنها املســاهمة يف ترسيــع تطــور هــذا النــوع مــن الصحافــة وتثمــن‬
‫دورهــا‪ .‬ويف هــذا اإلطــار تعتــر الهيئــة الوطنيــة وســائل اإلعــام فاعــا أساســيا يف جهــود مكافحــة الفســاد‪ ،‬وأن‬
‫لهــا دورا أساســيا يف إشــاعة الوعــي بخطــورة الظاهــرة والتنبيــه إىل االختــاالت‪ ،‬وأيضــا يف تعزيــز الــردع املعنــوي‬
‫والــردع القضــايئ يف الوقــت ذاتــه‪.‬‬
‫وينــدرج اهتــام الهيئــة بتعزيــز دور اإلعــام والصحافــة يف إطــار املقاربــة التشــاركية القامئــة عــى التكامــل بــن‬
‫مختلــف الفاعلــن يف املجتمــع‪ .‬لذلــك مــا فتئــت تؤكــد عــى اســتثامر الــدور املحــوري املنــوط بوســائل اإلعــام‪،‬‬
‫إىل جانــب القطــاع الخــاص واملجتمــع املــدين‪ ،‬كقــوة اقرتاحيــة وضاغطــة وآليــة للمرافعــة ومنــر للتأثــر عــى‬
‫مراكــز القـرار‪.‬‬
‫وتعتــر الهيئــة‪ ،‬يف هــذا الســياق‪ ،‬الصحافــة االســتقصائية عــى وجــه خــاص‪ ،‬مبثابــة قنــاة غــر رســمية للتشــي‬
‫والتبليــغ عــن أفعــال الفســاد‪ ،‬يلجــأ إليهــا املواطنــون ضحايــا أو شــهود عــى أفعــال الفســاد إليصــال التعســفات‬
‫التــي قــد يكونــون تعرضــوا لهــا خــال معامالتهــم مــع اإلدارات العموميــة وغريهــا‪ ،‬مــا ميكــن ســلطات إنفــاذ‬
‫القانــون مــن توســيع قنــوات ضبــط ومتابعــة أفعــال الفســاد‪ ،‬كــا يعــزز إمكانيــات تفعيــل الهيئــة الوطنيــة‬
‫ملهمتهــا يف التصــدي التلقــايئ ألفعــال الفســاد مــن بــاب "مــا يصــل إىل علمهــا"‪ .‬وهــو مــا يدعوهــا إىل االهتــام‬
‫بتعزيــز دور وســائل اإلعــام يف محاربــة الفســاد بالتذكــر‪ ،‬مــن جهــة‪ ،‬باملعايــر واألدبيــات الدوليــة يف هــذا‬
‫املجــال‪ ،‬وأيضــا بتقديــم توصيــات تــروم تطويــر الصحافــة االســتقصائية باملغــرب باتجــاه إذكاء الديناميــة‬
‫الرضوريــة يف جهــود مكافحــة الفســاد‪ ،‬ومــن أجــل جعلهــا مؤثــرة‪ ،‬وســندا أساســيا يف البنــاء الدميقراطــي ويف‬
‫التنميــة‪ ،‬وبالتأكيــد يف مكافحــة الفســاد الــذي ميثــل أحــد أكــر العوائــق أمامهــا‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪196‬‬


‫ويف هذا االتجاه‪ ،‬قدمت الهيئة الوطنية‪ ،‬مجموعة من التوصيات ميكن إيجازها كام ييل‪:‬‬
‫‪ -1‬تعزيــز حريــة الصحافــة والنــر‪ ،‬أوال بتقويــة تنزيــل واحـرام املبــادئ الدســتورية‪ ،‬وتدقيــق املقتضيــات‬
‫ـمح للصحفيــن بإنجــاز مهامهــم مبهنيــة ويقــوي‬ ‫القانونيــة لضــان رشوط مامرســة هــذه الحريــة مبــا يسـ ُ‬
‫إحساســهم بأنهــم رشكاء‪ ،‬مــن موقــع املواطنــة‪ ،‬يف محاربــة الفســاد‪ .‬وثانيــا‪ ،‬باحــرام تطبيــق القانــون‬
‫املنظــم للمهنــة خاصــة مــا يتعلــق بالحصــول عــى املعلومــات وبالعقوبــات املرتبطــة مبامرســة املهنــة‪.‬‬
‫‪ -2‬تفعيــل القانــون املتعلــق بالحــق يف الحصــول عــى املعلومــات‪ ،‬لتمكــن الصحفيــن مــن املعلومــات‬
‫التــي متثــل منطلــق عملهــم‪ .‬فبالرغــم مــن أن الصحافــة االســتقصائية هــي صحافــة العمــق التــي تذهــب‬
‫أبعــد مــن املعلومــات املتاحــة‪ ،‬إال أن هــذه األخــرة قــد تســاعد الصحفيني االســتقصائيني يف بنــاء فرضياتهم‬
‫والــروع يف تحقيقاتهــم‪ ،‬كــا مــن شــأنها‪ ،‬أثنــاء البحــث‪ ،‬تأكيــد تلــك الفرضيــات أو نفيهــا‪.‬‬
‫‪ -3‬اعتبــار املنابــر اإلعالميــة قنــاة مفتوحــة أمــام املواطنــن واملواطنــن للتبليــغ الــذي ميثــل إحــدى‬
‫اآلليــات األساســية لكشــف أفعــال الفســاد‪ ،‬مــع االعتــداد مبضمــون املعلومــات املطروحــة ومبــدى تضمنهــا‬
‫الدعــاءات معقولــة باالشــتباه‪ ،‬واف ـراض حســن النيــة يف املبلــغ‪ ،‬حيــث ال تكــون هنــاك متابعــات‪ ،‬إذا‬
‫اقتــى األمــر‪ ،‬إال إذا تبــث أن املعلومــات والتبليغــات خاطئــة أو تنطــوي عــى ادعــاءات كيديــة‪.‬‬
‫‪ -4‬تشــجيع املقــاوالت الصحفيــة عــى بنــاء منــوذج اقتصــادي متحــرر مــن هيمنــة الرأســال ومــن تأثــره عىل‬
‫اســتقاللية وموضوعيــة العمــل الصحفــي‪ ، ،‬وميكــن أن يأخــذ ذلــك التشــجيع أشــكاال مختلفة حســب الحالة؛‬
‫‪ -5‬إيــاء أهميــة ملجــايل التكويــن األســايس والتكويــن املســتمر فيــا يخــص الصحافــة االســتقصائية‪،‬‬
‫خاصــة أن املشــتغلني يف قطــاع اإلعــام ليســوا‪ ،‬يف كثــر مــن الحــاالت مــن خريجــي املعهــد العــايل لإلعــام‬
‫والتواصــل أو مــن الحاصلــن عــى إجــازات مهنيــة يف مجــال اإلعــام والصحافــة‪.‬‬
‫‪ -6‬نــر كتــب حــول القضايــا التــي اشــتغلت عليهــا األجيــال الســابقة لتشــكل مراجــع للصحفيــن‬
‫الشــباب‪ ،‬ومســاهمة الصحفيــن الذيــن كانــوا وراءهــا يف مجهــود التكويــن والتأطــر‪ ،‬ألن تطــور الصحافــة‬
‫االســتقصائية باملغــرب يحتــاج إىل تراكــم املامرســة‪ ،‬وإىل تعاقــب أجيــال مــن الصحفيــن االســتقصائيني وإىل‬
‫"نقــل املعرفــة" مــن جيــل آلخــر يف إطــار تجديــد دمــاء الجســم الصحفــي؛‬
‫‪ -7‬تشــجيع التعــاون والتنســيق بــن وســائل اإلعــام ومنظــات املجتمــع املــدين للنهــوض بالصحافــة‬
‫االســتقصائية يف القضايــا ذات األهميــة املجتمعيــة البالغــة‪ ،‬ومنهــا مــا يتعلــق بالفســاد‪.‬‬

‫‪197‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪198‬‬
‫ملحقات‬

‫‪199‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪200‬‬
‫امللحق ‪ -1‬الئحة أعضاء مجلس الهيئة‬

‫‪ 1-‬األعضاء واألمني العام املعينون من طرف صاحب الجاللة‪:‬‬


‫• عبد السالم العامين؛‬
‫• نادية عنوز؛‬
‫• دنيا بن عباس الطعارجي؛‬
‫• عبد الصمد صدوق؛‬
‫• أحمد لعمومري (األمني العام للهيئة)‪.‬‬
‫‪ 2-‬األعضاء املعينون من طرف رئيس الحكومة‪:‬‬
‫• غيتة لحلو؛‬
‫• نعيمة بنواكريم؛‬
‫• رشيد ملدور؛‬
‫• عبد املنعم محسني‪.‬‬
‫‪ 3-‬العضوان املعينان من طرف رئيس مجلس النواب‪:‬‬
‫• أمينة الفكييك؛‬
‫• نور الدين مؤدب‪.‬‬
‫‪ 4-‬العضوان املعينان من طرف رئيس مجلس املستشارين‪:‬‬
‫• رابحة زديك؛‬
‫• عبد الخالق الشاميش‪.‬‬

‫‪201‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫امللحق ‪ -2‬الئحة اللجان املوضوعاتية وأعضائها ومنسقيها‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪202‬‬


‫امللحق ‪ -3‬ديباجة النظام الداخيل للهيئة‬

‫يشــكل النظــام الداخــي للهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقاية مــن الرشــوة ومحاربتها الوثيقــة املرجعية التي أســند‬
‫املــرع لرئيــس الهيئــة إعدادهــا وملجلســها املصادقــة عليهــا وإقرارهــا‪ ،‬بغايــة الترصيــف الدقيــق واملوضوعــي‬
‫لالختصاصــات القانونيــة التــي خولهــا القانــون رقــم ‪ 46.19‬لهــذه الهيئــة‪ .‬كــا يعتــر اآلليــة التنظيميــة التــي‬
‫تحــدد‪ ،‬طبقــا للقانــون‪ ،‬املهــام والصالحيــات املمنوحــة لــكل جهــاز مــن أجهــزة الهيئــة‪ ،‬وتضبــط العالقــات التــي‬
‫تربــط بينهــا وكــذا آليــات تدبريهــا؛ مبــا يقتضيــه األمــر مــن إحــكام حلقــات القانــون باملســتلزمات التنظيميــة‬
‫الكفيلــة بــإذكاء الفاعليــة والتطبيــق يف مقتضيــات الترشيــع؛ تحقيقــا للنجاعــة واألمــن القانــوين املنشــود‪.‬‬
‫استشــعارا بأهميــة هــذا اإلطــار املرجعــي يف تثبيــت املســار العمــي املضبــوط ملامرســة الهيئــة لصالحياتهــا‬
‫القانونيــة‪ ،‬اســتحرض هــذا النظــام االنضبــا َط ملطلــب املــزج الدقيــق بــن متطلبــات الفعاليــة والنجاعــة‪ ،‬مــن‬
‫جهــة‪ ،‬ومســتلزمات املرشوعيــة واملوضوعيــة‪ ،‬مــن جهــة ثانيــة؛ مبــا يُوفــر الدعامــات الالزمــة إلذكاء ديناميــة‬
‫اضطــاع الهيئــة باملهــام املنوطــة بهــا يف اتجــاه تحقيــق األهــداف االسـراتيجية املحــددة‪ ،‬مــع تحصــن مزاولتهــا‬
‫لهــذه املهــام بالضوابــط الدســتورية والقانونيــة الضامنــة للمســؤولية ولحقــوق كل املعنيــن مبجــال تدخلهــا‪،‬‬
‫وباملبــادئ الناظمــة لاللتزامــات وللعالقــات املؤسســية املتعــارف عليهــا‪.‬‬
‫واقتناعــا بــدور هــذا النظــام الداخــي يف ضبــط العالقــات بــن مختلــف أجهــزة ومكونــات الهيئــة‪ ،‬مبــا يصــون‬
‫مراكزهــا القانونيــة‪ ،‬ويضمــن انخراطهــا الــوازن يف اسـراتيجية املؤسســة‪ ،‬اعتمــدت مقتضياتُــه مبــادئ مؤطــرة‬
‫تقــوم عــى تثبيــت مرشوعيــة أعــال مختلــف األجهــزة وقراراتهــا‪ ،‬وعــى ترســيخ املســؤولية والحكامــة والبعــد‬
‫التــداويل يف اتخــاذ القــرار‪ ،‬وعــى توطيــد شــفافية العالقــات بــن املجلــس واللجــان الدامئــة املنبثقــة عنــه‬
‫والرئاســة‪ ،‬وعــى ضبــط قنــوات التواصــل بــن اللجنــة املكونــة مــن الرئيــس ونوابــه وبــن األمانــة العامــة‬
‫وأطقــم الهيئــة‪ .‬كــا اعتمــدت هــذه املقتضيــات‪ ،‬بخصــوص املهــام املخولــة لجهــاز املأموريــن‪ ،‬التوفيــق بــن‬
‫مبــدأ الســلطة الرئاســية يف اإلرشاف عــى هــؤالء املأموريــن‪ ،‬ومطلــب االســتقاللية والحيــاد يف إنجــاز مهامهــم‬
‫التــي يتحملــون فيهــا مســؤولية شــخصية يؤطرهــا اليمــن القانونيــة املــؤ َّدى مــن طرفهــم‪ ،‬وحجيــة املحــارض‬
‫املنجــزة مــن ِقبلهــم‪ ،‬واالنضبــاط لالح ـرازات الضامنــة لخصوصيــات األشــخاص وبراءتهــم املفرتضــة وحاميــة‬
‫حياتهــم الخاصــة ومعطياتهــم الشــخصية‪ ،‬فضــا عــن رضورة مراعاتهــم للضوابــط الترشيعيــة واملســطرية‬
‫املنصــوص عليهــا‪.‬‬
‫وفــق هــذا املنظــور‪ ،‬جــاءت املقتضيــات التنظيميــة املتعلقــة بتنظيــم وتحديــد آليــات اشــتغال أجهــزة الهيئــة‬
‫مســتجيبة لتنزيــل مقتضيــات القانــون ‪ 46.19‬يف تثبيــت حكامــة مؤسســاتية مبنيــة عــى مبــادئ املســؤولية‬
‫وارتبــاط األدوار؛ حيــث يحتــل فيهــا مجلــس الهيئــة موقعــا توجيهيــا وتقريريــا‪ ،‬يخولــه صالحيــات املداولــة‬
‫واملصادقــة وتتبــع إنجــاز التوجهــات والقـرارات التــي متــت املصادقــة عليهــا‪ .‬كــا يدقــق هــذا النظــام الداخــي‪،‬‬
‫املهــام الحرصيــة التــي تضطلــع بهــا اللجنــة الدامئــة املكونــة مــن الرئيــس ونوابــه املعينــن مــن ِقبــل املجلــس‪،‬‬
‫يف مجــال التــداول واتخــاذ القــرارات بخصــوص ملفــات الفســاد املعروضــة عليهــا مــن قبــل الرئيــس عــى‬
‫أســاس التقاريــر واملحــارض التــي يعدهــا مأمــورو الهيئــة‪ .‬ويحــدد النظــام الداخــي أيضــا مجــال ورشوط توســيع‬
‫اختصاصــات نــواب الرئيــس وقواعــد إدارة العالقــة بينهــم وبــن أطقــم الهيئــة‪ .‬وباملــوازاة‪ ،‬يوضــح النظــام‬
‫‪203‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫الداخــي الــدور املحــوري لرئيــس الهيئــة‪ ،‬املنــوط بــه القيــام مبهــام الرئاســة املتعــارف عليهــا‪ ،‬واملتمثلــة يف‬
‫التمتــع بالســلط والصالحيــات الرضوريــة إلدارة وتســيري شــؤون الهيئــة وضــان حســن ســرها‪ ،‬كــا يعتــر‬
‫ممثلهــا القانــوين والناطــق الرســمي باســمها‪.‬‬
‫وأفــرد النظــام الداخــي مقتضيــات تنظيميــة توفــر للمرصــد الــذي يعتــر أحــد أجهــزة الهيئــة فــرص االضطــاع‬
‫بفعاليــة مبهامــه يف تعميــق املعرفــة بوضــع الفســاد ومتظهراتــه وتتبــع تطــوره‪ ،‬وتقييــم وتتبــع فعاليــة وأثــر‬
‫االس ـراتيجيات والسياســات يف هــذا املجــال‪ ،‬مــع تثبيــت مبــدأ النهــوض ب ـراكات املرصــد وانفتاحــه عــى‬
‫محيطــه الوطنــي والــدويل‪ ،‬بهــدف تعزيــز مصــادره وقدراتــه املعلوماتيــة وتطويــر مناهجــه العلميــة واملنهجيــة‪،‬‬
‫وتعبئــة الفاعلــن واملهتمــن مبجــال تدخلــه‪.‬‬
‫وبخصــوص املهــام التــي خولهــا القانــون للهيئــة يف مجــال إشــاعة النزاهــة والتوعيــة والحكامــة الجيــدة والوقاية‬
‫مــن الفســاد‪ ،‬جــاءت املقتضيــات التنظيميــة مؤكــدة عــى أهميــة التكامــل والتــآزر املؤســي لتعزيــز متطلبــات‬
‫نجاعــة النهــوض بهــذه املهــام‪ ،‬مبــا يتــاىش والطبيعــة العرضانيــة للظاهــرة وتعقيدهــا وتعــدد املتدخلــن وتنــوع‬
‫أدوارهــم ومســؤولياتهم‪ .‬ومــن أجــل ذلــك نــص النظــام الداخــي عــى تنظيــم عمــل الهيئــة يف هــذا املجــال‪،‬‬
‫وتأطــره بآليــات تنهــض بشــكل خــاص عــى توطيــد مبــدأ التكامليــة وااللتقائيــة وضــان التنســيق مــع جميــع‬
‫الســلطات والهيئــات املعنيــة‪.‬‬
‫وباعتبارهــا الوعــاء الــذي ت ُبلــور فيــه الهيئــ ُة توجهاتهــا وتوصياتهــا وحصيلتهــا ومشــموالت تدبريهــا املــايل‬
‫واإلداري‪ ،‬خــص النظــا ُم الداخــي التقريــ َر الســنوي والتقاريــر املوضوعاتيــة مبقتضيــات تنظيميــة تضبــط‬
‫مسؤولية املجلس ومسطرة االعداد واملصادقة واإلحالة عىل الجهات املعنية والنرش‪.‬‬
‫وفيــا يتعلــق بالقواعــد واملســاطر املتعلقــة بتلقــي ودراســة ومعالجــة الشــكايات والتبليغــات واملعلومــات‬
‫والقيــام باألبحــاث والتحريــات‪ ،‬اســتهدفت املقتضيــات التنظيميــة وضــ َع ضامنــات لحاميــة وتيســر ولــوج‬
‫األشــخاص للتبليــغ والتشــي لــدى الهيئــة؛ مبــا يراعــي مقتضيــات أحــوال ســائر املعنيني‪ ،‬وإرســاء آليــات التجاوب‬
‫اآلين واملضبــوط مــع املبلغــن واملشــتكني ومــع مــا يصــل إىل علــم الهيئــة مــن معلومــات‪ ،‬مــع اعتــاد املامرســة‬
‫التعليليــة ألي قـرار ســلبي محتمــل‪ ،‬كــا اعتمــدت الضوابــط الضامنــة لحفــظ رسيــة التبليغــات والشــكايات‪،‬‬
‫ورسيــة مســطرة دراســتها ومعالجتهــا‪ ،‬ورسيــة مســطرة البحــث والتحقيــق فيهــا‪ ،‬عنــد االقتضــاء‪ ،‬وكــذا الســهر‬
‫عــى ضــان الحــق يف إخفــاء هويــة املشــتكني واملبلغــن مببــادرة أو بطلــب‪ ،‬وضــان رسيــان هــذه الحاميــة‬
‫لــدى الســلطات والهيئــات التــي تحــال إليهــا ملفاتهــم‪ ،‬وذلــك يف إطــار التعــاون والتكامــل املؤسســايت معهــا‪.‬‬
‫واســتحرضت املقتضيــات التنظيميــة يف هــذا املجــال ضوابـ َط االلتـزام باالحـرازات والضامنــات الكفيلــة باالحرتام‬
‫التــام لحقــوق املعنيــن‪ ،‬خاصــة تلــك املنصــوص عليهــا يف مــواد قانــون املســطرة الجنائيــة املحــال عليهــا يف‬
‫املــادة ‪ 52‬مــن القانــون ‪ ،46.19‬واملتعلقــة بالدخــول للمحــات املهنيــة لألشــخاص الذاتيــن واملقـرات االجتامعية‬
‫لألشــخاص االعتباريــن وفروعهــا‪ .‬كــا ضبطــت هــذه املقتضيــات التنظيميــة تثبيــت ســيادة اختصــاص القضــاء‬
‫واللجــان النيابيــة لتقــي الحقائــق يف األبحــاث املمكــن أن تنجزهــا الهيئــة حــول أفعــال الفســاد التــي تصــل‬
‫إىل علمهــا‪ ،‬وذلــك مبقتــى مبــدأ "رصف النظــر" وإحالــة عنــارص امللــف إىل الســلطة املعنيــة‪ .‬كــا اعتمــدت‬
‫املقتضيــاتُ التنظيميــة املعايـ َر القانونيــة الجــاري بهــا العمــل يف إنجــاز املحــارض‪ ،‬لتثبيــت وثوقيتهــا املنصــوص‬
‫عليهــا يف القانــون رقــم ‪ ،46.19‬ورصــدت مقتضيــات تنظيميــة تتبنــى التوظيــف املتــدرج لآلليــات التــي نــص‬
‫عليهــا القانــون بخصــوص مواجهــة الحــاالت املحتملــة لعــدم التجــاوب مــع طلبــات الهيئــة‪.‬‬
‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪204‬‬
‫وتوجهــت املقتضيــات التنظيميــة أيضــا إىل وضــع آليــات التنظيــم اإلداري واملــايل للهيئــة‪ ،‬خاصــة مــن خــال‬
‫ضبــط مجــال اضطــاع األمــن العــام بالصالحيــات القانونيــة املخولــة لــه عــى مســتوى الســهر عــى حســن‬
‫ســر إدارة الهيئــة‪ ،‬وتنســيق أنشــطة مصالحهــا‪ ،‬والعمــل عــى مســك وثائقهــا ومســتنداتها غــر املتعلقــة‬
‫بالتبليغــات والشــكايات واملعلومــات املتعلقــة مبلفــات الفســاد‪ ،‬والســهر عــى حفظهــا‪ ،‬وكــذا ضبــط الهيكلــة‬
‫اإلداريــة والوظيفيــة للهيئــة التــي تغطــي كل االختصاصــات التــي أناطهــا بهــا القانــون رقــم ‪ ،46.19‬باإلضافــة إىل‬
‫اســترشاف إحــداث متثيليــات جهويــة للهيئــة‪ ،‬مبــا يراعــي متطلبــات القــرب الـرايب‪ ،‬واالنفتــاح عــى املواطنــن‬
‫واملقــاوالت واملجتمــع املــدين‪ ،‬واالضطــاع بصالحيــات اإلرشــاد واملواكبــة وتنظيــم عمليــات تنزيــل وتنفيــذ برامج‬
‫التكويــن والتنشــئة والتوعيــة عــى املســتوى الجهــوي والـرايب‪ ،‬قبــل أن تفــي هــذه املقتضيــات التنظيميــة إىل‬
‫وضــع ضوابــط التنظيــم املــايل للهيئــة‪ ،‬التــي تغطــي مشــموالت امليزانيــة‪ ،‬ومســطرة املصادقــة عليهــا‪ ،‬ونظــام‬
‫الشســاعة‪ ،‬ومنظومــة تدبــر مواردهــا البرشيــة‪.‬‬
‫لقــد حرصــت الهيئــة‪ ،‬مــن خــال مختلــف املقتضيــات التنظيميــة التــي رصدتهــا‪ ،‬وعــر اقتناعهــا بالضوابــط‬
‫واالحـرازات التــي اســتحرضتها‪ ،‬عــى إرســاء نظــام داخــي يســمح بــزرع حركيــة التطبيــق الفعــال يف مقتضيــات‬
‫القانــون رقــم ‪46.19‬؛ مبــا يســتلزمه األمــر مــن اســتنهاض ألجهــزة حكامــة الهيئــة لالضطــاع بصالحياتهــا يف‬
‫االرتقــاء بعمــل املؤسســة لتحقيــق األهــداف املتوخــاة مــن إحداثهــا‪ ،‬ومــن تعبئــة ألجهزتهــا وملواردهــا البرشيــة‬
‫لضــان انخراطهــا املســؤول واملنضبــط للمســاطر التنظيميــة التــي ق َّعدهــا هــذا النظــام‪ ،‬يف التفعيــل الصحيــح‬
‫والناجــع ملهــام الهيئــة‪ ،‬ومــن اســتحضار للتكامــل املؤسســايت املطلــوب ملواجهــة مظاهــر الفســاد مبجهــود‬
‫مشــرك تتضافــر فيــه جهــود جميــع الجهــات املعنيــة؛ مبــا يقتضيــه األمــر مــن تواصــل وتعــاون والتقائيــة‬
‫وتنســيق‪ ،‬يف أفــق تحقيــق نقلــة نوعيــة يف مجــال مكافحــة الفســاد‪ ،‬تتيــح لبالدنــا فــرص االســتفادة الفعليــة‬
‫مــن اإلمكانيــات الحقيقــة للتنميــة‪.‬‬

‫‪205‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫امللحق ‪ -4‬ديباجة النظام األسايس للموارد البرشية للهيئة‬

‫يــأيت النظــام األســايس الخــاص باملــوارد البرشيــة العاملــة بالهيئــة الوطنيــة للنزاهــة والوقايــة مــن الرشــوة‬
‫ومحاربتهــا لِيجســد صالحيــة الهيئــة يف وضــع نظــام وآليــات تدبــر مواردهــا البرشيــة توافقــا مــع مقومــات‬
‫الشــخصية االعتباريــة واالســتقالل املــايل واإلداري املمنــوح لهــا‪ ،‬مــن جهــة‪ ،‬ولِ ُيفســح املجــال أمامهــا للتوفــر عــى‬
‫الكفــاءات املناســبة وتَ لُّــك آليــات تدبريهــا وتأطريهــا مبقتضيــات تتــاءم مــع متطلبــات النجاعــة والفعاليــة يف‬
‫النهــوض باملهــام الكميــة والنوعيــة التــي أوكلهــا إليهــا القانــون رقــم ‪ ،46.19‬مــن جهــة ثانيــة‪.‬‬
‫تجاوبــا مــع هــذه األبعــاد املرجعيــة‪ ،‬جــاء هــذا النظــام مؤطَّــرا مبنظــور شــمويل يســتوعب‪ ،‬باإلضافــة‬
‫ِ‬
‫املقتضيــات املتعــارف عليهــا يف تأطــر الحقــوق‬ ‫إىل املقتضيــات املنظِّمــة للمســار الوظيفــي لهــذه املــوارد‪،‬‬
‫والواجبــات وتنظيــم الوضعيــات وإق ـرار النظــام التأديبــي‪ ،‬تثبيتــا لتكامــل هــذا النظــام وتحصــن اســتقالليته‬
‫مؤسســا إلطــار وظيفــي ينهــض عــى اإلعــاء مــن مبــادئ األداء‬ ‫عــى مســتوى اإلعــداد واملصادقــة‪ ،‬كــا جــاء ِّ‬
‫واإلنجــاز والتقييــم واالســتحقاق‪ ،‬تفاعــا مــع خصوصيــات املهــام املخولــة للهيئــة واملســتلزمات املنتظــرة مــن‬
‫مواردهــا البرشيــة لالضطــاع بهــا بالكفــاءة املطلوبــة‪ .‬ويــروم وضــع هــذا النظــام األســايس خلــق إطــار ذي‬
‫جاذبيــة‪ ،‬محفــز وضامــن لخلــق رشوط جلــب الكفــاءات وتنميــة الطاقــات ومواكبــة بــروز مهــارات وخ ـرات‬
‫متطــورة قــادرة عــى مواجهــة التحديــات التــي تفرضهــا مهــام الهيئــة‪.‬‬
‫عــى هــذا األســاس‪ ،‬اســتهدف هــذا النظــام يف قســمه األول الخــاص باملــوارد البرشيــة مــن خــارج صنــف‬
‫املأموريــن‪ ،‬إرســا َء منظومــة تدبرييــة يف التوظيــف والرتقيــة والتقييــم‪ ،‬مســتجيبة الحتياجــات الهيئــة املوضوعيــة‬
‫مــن تنــوع الكفــاءات‪ ،‬ولــرورة ســد خصاصهــا‪ ،‬كميــا ونوعيــا وآنيــا‪ ،‬ملواجهــة تطــور وت َج ـ ُّدد ِمهــن الهيئــة‬
‫ووظائفهــا‪ ،‬بالنظــر‪ ،‬مــن جهــة‪ ،‬لطابعهــا األفقــي الــذي يرتبــط‪ ،‬بشــكل خــاص‪ ،‬مبهــام اإلرشاف والتنســيق وتتبــع‬
‫التنفيــذ والنهــوض بالحكامــة‪ ،‬واعتبــارا‪ ،‬مــن جهــة ثانيــة‪ ،‬لطابعهــا التنفيــذي الــذي يهــم عــى الخصــوص القيــام‬
‫بأعــال التواصــل والتوعيــة والتكويــن‪ ،‬واملســاهمة يف تتبــع تنفيــذ االس ـراتيجيات والربامــج‪ ،‬وإعــداد ونــر‬
‫التقاريــر والدراســات؛ وكلهــا اعتبــارات دفعــت يف اتجــاه تبنــي هــذا النظــام األســايس الختيــارات تنظيميــة توفــر‬
‫للهيئــة مســاحات مهمــة مــن التدبــر املعقلــن للمناصــب الوظيفيــة‪ ،‬والقــدرة عــى تنظيــم حركيتهــا وإعــادة‬
‫توزيعهــا‪ ،‬ومالءمــة منظومــة تقييمهــا وفقــا ملعايــر أداء قابلــة للقيــاس‪ ،‬وترقيتهــا ومكافأتهــا اعتــادا عــى‬
‫مخرجــات إنجــاز ملمــوس يتوخــى املوضوعيــة والتحفيــز عــى املثابــرة واالجتهــاد‪.‬‬
‫وبالنســبة للصنــف الثــاين مــن املــوارد البرشيــة للهيئــة واملتمثــل يف فئــة املأموريــن‪ ،‬فقــد أفــرد لهم هــذا النظام‪،‬‬
‫تنزيــا ملقتضيــات القانــون رقــم ‪ ،46.19‬قســا خاصــا يضبــط وضعيتهــم النظاميــة؛ مبــا يتناســب‪ ،‬مــن جهــة‪ ،‬مع‬
‫مــا هــو منتظــر منهــم مــن مهــام ذات عالقــة بدراســة الشــكايات والتبليغــات والقيــام باألبحــاث والتحريــات‬
‫وإنجــاز املحــارض‪ ،‬ويتــاءم‪ ،‬مــن جهــة ثانيــة‪ ،‬مــع مركزهــم القانــوين الــذي ث َّبتــه لهــم القانــون املشــار إليــه؛‬
‫حيــث أق ـ َّر لهــم هــذا النظــام حقوقــا ورتــب عليهــم واجبــات منســجمة مــع طبيعــة وخصوصيــة مهامهــم‪،‬‬
‫ُمعت ِمــدا مســارا وظيفيــا ينهــض عــى اإلنجــاز واألداء واملردوديــة والحاميــة والرقابــة الواجبــة لضــان حقــوق‬
‫املعنيــن بتدخلهــم؛ مبــا يســتجيب ملتطلبــات العمــل امليــداين والوثائقــي واالحتــكايك واملحفــوف باملخاطــر‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪206‬‬


‫كل هــذه املعطيــات ت ُــرز أهميــة هــذا النظــام‪ ،‬باعتبــاره يتجــاوب مــع تَ ُّيــز مهــام الهيئــة واختصاصاتهــا‬
‫الدســتورية والقانونيــة‪ ،‬خاصــة ذات الصلــة مبهــام التوجيــه االسـراتيجي لسياســة الدولــة يف مجــال الوقايــة مــن‬
‫الفســاد ومكافحتــه‪ ،‬والتعبئــة املجتمعيــة ملنــع الفســاد‪ ،‬واملهــام املنوطــة باملرصــد وبجهــاز املأموريــن املطالــب‬
‫بتنظيــم والقيــام بإج ـراءات البحــث والتحــري وإنجــاز املحــارض‪ ،‬إضافــة إىل مهــام اإلرشاف والتنســيق وتتبــع‬
‫التنفيــذ والتقييــم؛ وكلهــا مهــام تظــل نجاعتُهــا وفعاليتهــا رهينــة بنظــام أســايس ينهــض عــى االســتهداف واألداء‬
‫واإلنجــاز الــذي يَكفلُــه إق ـرار معايــر موضوعيــة الســتقطاب الكفــاءات وتطويرهــا وضــان رشوط األريحيــة‬
‫يف عملهــا وتقييمهــا ومتابعــة إنجازهــا وتثمــن قدراتهــا‪ ،‬يف ظــل مســاحة موضوعيــة مــن االســتقاللية الضامنــة‬
‫لســلطة التــرف وإدارة هــذه املنظومــة‪.‬‬

‫‪207‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫امللحق ‪ -5‬تحيني اسرتاتيجية التحول الرقمي للهيئة‬

‫متاشــيا مــع توجهاتهــا الهيئــة‪ ،‬قامــت هــذه االخــرة بتحيــن اسـراتيجيتها الرقميــة للفــرة ‪ 2024-2023‬وذلــك‬
‫قصــد مالءمتهــا مــع أولوياتهــا؛ حيــث متــت إعــادة بلــورة اس ـراتيجية التحــول الرقمــي للهيئــة حــول ســبعة‬
‫محــاور متكاملــة ومرتابطــة كــا هــو موضــح يف الرســم البيــاين اآليت‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬أهداف ومكونات محاور اسرتاتيجية التحول الرقمي للهيئة‬


‫املحور األول‪ :‬إرساء نظم املعلومات املتعلقة باملهن األساسية للهيئة‪:‬‬
‫خاصــا بنظــم املعلومــات الرضوريــة لتحقيــق املهــام واألهــداف االسـراتيجية للهيئــة‬ ‫يــويل هــذا املحــور اهتام ًمــا ً‬
‫ذات األولويــة‪ .‬وتنــدرج ضمــن ذلــك ‪ )1‬منظومــة مرصــد الهيئــة يف إطــار تعميــق املعرفــة املوضوعيــة بالفســاد‪،‬‬
‫ال ســيام مــن خــال إنشــاء منظومــة متكاملــة مــن النظــم واآلليــات للرصــد ومعالجــة املعلومــات وتبادلهــا‪،‬‬
‫وتتبــع االســتطالعات الوطنيــة الخاصــة بالفســاد واملــؤرشات الدوليــة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬و ‪ )2‬منظومــة تلقــي‬
‫الشــكايات والتبليغــات واملعلومــات مــن خــال إرســاء نظــام معلومــايت مندمــج لتلقــي التبليغــات والشــكايات‬
‫واملعلومــات املتعلقــة بحــاالت الفســاد‪ ،‬وتدبــر ملفــات التحقيقــات والتحريــات ذات الصلــة‪ ،‬باإلضافــة‬
‫إىل نظــام لليقظــة املعلوماتيــة يف مجــال مكافحــة الفســاد‪ ،‬و ‪ )3‬منظومــة لتدبــر آراء وتوصيــات الهيئــة‬
‫ولتتبــع مالءمــة الترشيعــات الوطنيــة ملقتضيــات االتفاقيــات الدوليــة ملكافحــة الفســاد‪ ،‬ووضــع نظــام لليقظــة‬
‫القانونيــة وآخــر مندمــج لتتبــع صياغــة آراء الهيئــة وتوصياتهــا وتتبــع تنفيذهــا و‪ )4‬منظومــة تنســيق وضــان‬
‫تتبــع السياســات العموميــة‪ ،‬ال ســيام مــن خــال نظــام معلومــايت مندمــج لتتبــع برامــج العمــل املنبثقــة عــن‬
‫السياســات العموميــة ذات الصلــة مبحاربــة الفســاد‪ ،‬وتتبــع تنزيلهــا وتقييــم آثارهــا‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪208‬‬


‫املحور الثاين‪ :‬إرساء نظم املعلومات الالزمة لتحقيق التحول الرقمي الداخيل للهيئة‪:‬‬
‫أثبــت التحــول الرقمــي أنــه رافعــة للدقــة واالنفتــاح والفعاليــة واحتــواء التعقيــدات ولالبتــكار والتطــور‬
‫والحكامــة الرشــيدة‪ .‬إذ أن نجاعــة املؤسســات باتــت مقرونــة بجــودة نظــم معلوماتهــا‪ .‬ويف هــذا اإلطــار‪ ،‬توجــه‬
‫الهيئــة جهودهــا لتغطيــة مجــاالت عملهــا ســواء املتعلقــة مبهامهــا الوظيفيــة أو تلــك ذات الطابــع العرضــاين‬
‫الداعمــة للمهــام وذلــك قصــد‪:‬‬
‫• الرفع من جودة خدماتها الداخلية؛‬
‫• إرساء أسس الشفافية والتدبري املسؤول واملعقلن؛‬
‫• االرتقاء إىل بيئة عمل حديثة ومحفزة؛‬
‫• التوفر اآلين عىل املعطيات‪ ،‬وآليات التوجيه والتتبع والقيادة‪.‬‬
‫ولتحقيــق هــذه األهــداف‪ ،‬وعــاوة عــى النظــم املعلوماتيــة املخصصــة ملهــن ومهــام الهيئــة‪ ،‬تــم رصــد مشــاريع‬
‫مــن ضمنها‪:‬‬
‫• إرساء نظام لتدبري أعامل مجلس الهيئة؛‬
‫• إنجاز نظام لتتبع املشاريع املنبثقة عن خطة عمل الهيئة؛‬
‫• إرساء نظام معلومايت مندمج لتدبري املوارد البرشية‪ ،‬وآخر لتدبري املوارد املادية واملالية؛‬
‫• إنجاز نظام لتدبري مراسالت الهيئة ومكتب ضبط رقمي؛‬
‫• إرساء نظام لألرشيف والتدبري اإللكرتوين للوثائق؛‬
‫• إرساء نظام ملراقبة الولوج إىل مرافق الهيئة وإدارة الوقت والحضور‪.‬‬
‫املحور الثالث‪ :‬تعزيز وسائل التواصل والتواجد الرقمي‪:‬‬
‫وعيــا منهــا بالــدور الــذي ميثلــه توفــر املعلومــة والتفاعــل مــع املحيــط يف جعل الهيئــة أكــر انفتاحا ومســؤولية‬
‫وتشــاركية‪ ،‬وباعتبارهــا مؤسســة تضطلــع بتعزيــز مبــادئ الشــفافية والنزاهــة‪ ،‬مل يكــن واردا إرســاء اسـراتيجية‬
‫للتحــول الرقمــي دون تخصيــص محــور لتقويــة التواصــل بــن مكونــات الهيئــة داخليــا مــن جهــة‪ ،‬والهيئــة‬
‫واملواطنــن ومكونــات محيطهــا الخارجــي مــن جهــة أخــرى‪ .‬ويف هــذا الســياق‪ ،‬يشــمل هــذا املحــور مشــاريع‬
‫مــن أبرزهــا‪:‬‬
‫• تطوير بوابة األنرتانيت لرقمنة املساطر اإلدارية ولتسهيل التواصل الداخيل بالهيئة؛‬
‫• اعتــاد نظــام للعــرض الديناميــي داخــل الهيئــة إلرشــاد املرتفقــن وإعــام املوظفــن باالجتامعــات‬
‫والتكوينــات واالســتقباالت التــي تنظمهــا أقطــاب الهيئــة‪ ،‬وذلــك بكيفيــة مســتهدفة حســب الفئــة‬
‫واملجموعــة املعنيــة؛‬
‫• تطويــر البوابــة املؤسســاتية لضــان انفتــاح الهيئــة وتوفــر كل املعطيــات واملعلومــات الالزمــة لضــان‬
‫التواصــل مــع املواطنــن واالســتجابة النتظاراتهــم عــى الخصــوص فيــا يتعلــق بخدمــات وإصــدارات‬
‫وأنشــطة الهيئــة؛‬

‫‪209‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫• إنشــاء منصــة لضــان الولــوج إىل إصــدارات وإنتاجــات مرصــد الهيئــة ومتكــن املهتمــن مــن التفاعــل‬
‫معــه بشــأنها؛‬
‫• تطويــر البوابــة الوطنيــة للنزاهــة مبشــاركة الفاعلــن الوطنيــن املعنيــن‪ ،‬لتســليط الضوء عــى املجهودات‬
‫التــي يقومــون بهــا يف مجــال تعزيــز النزاهــة ومكافحة الفســاد بشــتى أشــكاله‪.‬‬
‫املحور الرابع‪ :‬تعزيز البنية التحتية الرقمية‪:‬‬
‫يســعى هــذا املحــور إىل توفــر البنيــة التحتيــة الالزمــة إليــواء نظــم املعلومــات الــواردة باالسـراتيجية الرقميــة‬
‫للهيئــة‪ .‬ولتحقيــق هــذه الغايــة‪ ،‬تــم اعتــاد العمليــات التاليــة‪:‬‬
‫• اقتناء املوارد املادية املركزية الخاصة بإيواء وحفظ النظم املعلوماتية وكذا قواعد بيانات الهيئة؛‬
‫• تصــور وتنزيــل شــبكة هاتفيــة حديثــة ومالمئــة لخدمــات الهيئــة تشــمل عــى الخصــوص تلــك املتعلقــة‬
‫باســتقبال الشــكايات والتبليغــات وآليــات التســجيل والتوثيــق املصاحبــة؛‬
‫• تعزيز الشبكة املحلية بخدمات ذات قيمة مضافة كالولوج إىل األنرتنيت بتكنولوجيا الالسليك؛‬
‫• اقتناء املعدات املعلوماتية الالزمة لسريورة الخدمة‪.‬‬
‫يف نفــس اإلطــار‪ ،‬وحرصــا منهــا عــى توفــر املعــدات الضامنــة لســرورة الخدمــة‪ ،‬تــم اقتنــاء عــدد مــن‬
‫الحواســيب واآلالت الطابعــة القــادرة عــى تلبيــة حاجيــات الهيئــة املتعلقــة بتوفــر املعــدات لألطــر واألعــوان‬
‫الجــدد وكــذا اســتبدال األجهــزة املتقادمــة والتــي تعــرف اختــاالت مهمــة مبعــدات حديثــة تســاهم يف تحقيــق‬
‫النجاعــة املطلوبــة‪.‬‬
‫كــا تجــدر اإلشــارة إىل أن مديريــة نظــم املعلومــات تســهر عــى التدبــر الناجــع لألعطــاب واملشــاكل التــي‬
‫تعرقــل الســر العــادي للخدمــة املعلوماتيــة‪ ،‬وتقديــم الدعــم الــروري للمســتعملني مــن أجــل التشــغيل‬
‫واالســتعامل األمثــل للمعــدات املعلوماتيــة والتطبيقــات والربامــج‪.‬‬
‫املحور الخامس‪ :‬تعزيز األمن الرقمي‪:‬‬
‫إن املخاطــر املتعلقــة بتكنولوجيــا املعلومــات تتكاثــر بتطــور هــذه األخــرة‪ .‬فوعيــا مــن الهيئــة بهــذا املعطــى‬
‫وأخــذا بعــن االعتبــار حساســية حاميــة املعطيــات التــي تــرد عــى الهيئــة والتــي تعالجهــا ســواء داخليــا أو يف‬
‫ارتبــاط مــع الجهــات املعنيــة‪ ،‬تــم إعطــاء أهميــة خاصــة لهــذا املحــور الــذي يهــدف إىل‪:‬‬
‫• تحقيــق الثقــة الرقميــة التــي تضمــن انخــراط املرتفقــن واملوظفــن عــى حــد ســواء يف الخدمــات‬
‫الرقميــة للهيئــة؛‬
‫• حامية السمعة الرقمية للهيئة؛‬
‫• تطويــق وتقليــص املخاطــر التــي تهــدد أمــن نظــم معلومــات الهيئــة‪ ،‬عــى الخصــوص مــن خــال تطبيق‬
‫توصيــات املعايــر العامليــة املتعلقــة باألمــن الســيبرياين وكــذا التوجيــه الوطنــي ألمــن نظــم املعلومات‪.‬‬
‫وملواكبــة نظــم املعلومــات املوجــودة وكــذا تلــك التــي تســعى الهيئــة إىل توفريهــا يف إطــار تنزيــل‬
‫اســراتيجيتها الرقميــة‪ ،‬يتوجــه مجهــود الهيئــة إلنجــاز عــدة أوراش لتحقيــق الســامة األمنيــة مــن بينهــا‪:‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪210‬‬


‫• إعداد وتنفيذ السياسة األمنية لبيانات ونظم معلومات الهيئة؛‬
‫• تعزيز ثقافة الثقة الرقمية؛‬
‫• إعداد برنامج لضامن استمرارية الخدمة الرقمية؛‬
‫• إعــداد نظــام لتتبــع عمليــات الولــوج الرقمــي ملختلــف األنظمــة املعلوماتيــة وكــذا الولــوج إىل مرافــق‬
‫الهيئــة األكــر حساســية‪.‬‬
‫املحور السادس‪ :‬تعزيز املوارد والقدرات الرقمية‪:‬‬
‫مــن أجــل إنجــاح التحــول الرقمــي للهيئــة‪ ،‬كان واجبــا إعطــاء أهميــة خاصــة للعامــل البــري‪ .‬ويف هــذا‬
‫الســياق‪ ،‬تــم تخصيــص هــذا املحــور الــذي يســعى إىل دعــم النقلــة الرقميــة للهيئــة مــن خــال تعزيــز القــدرات‬
‫يف مجــال الرقمنــة وذلــك عــر‪:‬‬
‫• اســتقطاب وإدمــاج كفــاءات قــادرة عــى تنزيــل اس ـراتيجية التحــول الرقمــي للهيئــة طبقــا للمعايــر‬
‫واملســتوى املســتهدف؛‬
‫• وضــع برامــج للتكويــن املســتمر للمــوارد البرشيــة التابعــة ملديريــة نظــم املعلومــات وذلــك لتأهيلهــا‬
‫لالضطــاع باملشــاريع الرقميــة املوكلــة إليهــا؛‬
‫• مواكبــة تنزيــل االســراتيجية الرقميــة للهيئــة بحصــص تكوينيــة مربمجــة لفائــدة موظفــي الهيئــة‬
‫لتمكنيهــم مــن االنخــراط يف التغيــر واالســتعامل الصحيــح لربامــج ومعــدات الهيئــة‪.‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬إرساء نظام يقظة رصدية خاص بشبكات التواصل االجتامعي والويب‬
‫يف مجــال مكافحــة الفســاد‪ ،‬تعتــر املعلومــة والتقــاط البيانــات‪ ،‬عن ـرا حاســا للمســاهمة يف اإلملــام بوضــع‬
‫الفســاد وإدراك املواطنــن والفاعلــن‪ ،‬وبالتــايل يف دعــم أســس اتخــاذ اإلجـراءات والتدابــر الناجعــة للحــد مــن‬
‫هــذه اآلفــة‪ .‬أخــذا بعــن االعتبــار الكــم الكبــر مــن البيانــات التــي توجــد يف عــامل الويــب‪ ،‬أضحــى اللجــوء إىل‬
‫اســتعامل برامــج متكــن مــن الرصــد والفــرز للحصــول عــى املعطيــات املطلوبــة بطريقــة آنيــة فــور طرحهــا‪،‬‬
‫رشطًــا أساســيا الســتثامر هــذه البيانــات وتقاطعاتهــا يف تحليــل وضــع الفســاد وتطــوره وللمســاعدة عــى اتخــاذ‬
‫القـرارات الصائبــة‪.‬‬
‫لهــذا الغــرض‪ ،‬فقــد تــم القيــام بدراســة مــن أجــل استكشــاف الربامــج التــي تقــدم خدمــات يف هــذا املجــال‬
‫وتســاهم يف تحقــق األهــداف املذكــورة ســالفا‪ ،‬وأســفرت الدراســة‪ ،‬كمرحلــة أوىل‪ ،‬عــن اشـراك الهيئــة يف برنامج‬
‫يقظــة رصديــة خــاص بشــبكات التواصــل االجتامعــي والويــب وتكييفــه انطالقــا مــن خصوصيــات الهيئــة‬
‫وحاجياتهــا ليمكــن هــذا الربنامــج بعــد ذلــك مــن‪:‬‬
‫• تتبــع ســمعة الهيئــة عــى الويــب مــن خــال رصــد األخبــار املتداولــة عــى الويــب وكــذا مــا يــروج عــى‬
‫مواقــع التواصــل االجتامعــي فيــا يخــص أنشــطة وإصــدارات وخدمــات وقـرارات الهيئــة؛‬
‫• تتبــع األخبــار املتعلقــة مبكافحــة الفســاد وتعزيــز النزاهــة بشــكل عــام عــى األصعــدة الوطنيــة‬
‫والجهويــة والدوليــة؛‬
‫• رصــد الحــاالت املحتملــة لشــبهات الفســاد واملنقولــة عــر وســائل التواصــل االجتامعــي والصحــف‬
‫اإللكرتونيــة؛‬
‫‪211‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬
‫• تتبــع كل مــا يخــص املــؤرشات الدوليــة لقيــاس الفســاد‪ ،‬والتوصــل باملعلومــة املتعلقــة بهــذا الشــق‬
‫فــور طرحهــا؛‬
‫• تحليل البيانات التي يتم رصدها حسب معايري مختلفة كاملنطقة الجغرافية واملصدر إلخ؛‬
‫• اســتخراج تقاريــر نصيــة متعــددة االســتعامل وكــذا لوحة معلومــات كأداة مرئيــة تحليليــة للمعلومات‬
‫املستخرجة‪.‬‬
‫الفصــل الثالــث‪ :‬إرســاء نظــام لتلقــي الشــكايات والتبليغــات واملعلومــات املتعلقــة بأفعــال‬
‫الفســاد‬
‫تتميــز خدمــة معالجــة الشــكايات والتبليغــات واملعلومــات بتعــدد املســاطر واملتدخلــن وكــذا بتدبــر عــدد‬
‫مهــم مــن الوثائــق واملعلومــات بشــتى األشــكال واألحجــام‪ .‬وحتــى يتســنى تطويــر نظــام ناجــع لتدبــر هــذه‬
‫الخدمــة‪ ،‬التــي تتطلــب الدقــة‪ ،‬والحفــاظ عــى الرسيــة التامــة للبيانــات التــي يتــم التعامــل معهــا وحفــظ‬
‫أثــر التبــادالت املتعلقــة بهــا‪ ،‬فقــد اعتمــدت الهيئــة مقاربــة ترتكــز عــى الرقمنــة التدريجيــة لوظائــف هــذه‬
‫املنظومــة‪ ،‬بــدء بتوفــر الخدمــة املتعلقــة بتلقــي الشــكايات والتبليغــات واملعلومــات املرتبطــة بأفعــال‬
‫الفســاد وفتحهــا للمرتفقــن‪.‬‬
‫ولضــان الرسعــة والنجاعــة يف توفــر النســخة األوىل لهــذه الخدمــة‪ - ،‬كشــباك موحــد يهــدف إىل تقريبهــا‬
‫مــن املرتفقــن وجعلهــا متاحــة عــى مــدار الســاعة بغــض النظــر عــن مواقعهــم الجغرافيــة‪ ،‬اختــارت الهيئــة‬
‫مســلك الرشاكــة مــع وكالــة التنميــة الرقميــة‪ ،‬عــى أســاس دفــر التحمــات الخــاص بنظــام تلقــي الشــكايات‬
‫والتبليغــات واملعلومــات‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪212‬‬


‫امللحق ‪ 6‬نظرة موجزة عن مهام أقطاب الهيئة‬

‫• قطــب مرصــد الهيئــة الــذي تشــمل مهامــه تتبــع ودراســة مختلــف أشــكال ومظاهــر الفســاد‪ ،‬وتطويــر‬
‫نظــام لليقظــة مــع تحديــد املصــادر ووضــع األدوات الرضوريــة لتفعيليهــا‪ ،‬وإعــداد قواعــد معطيــات‪ .‬كــا‬
‫يســهر مرصــد الهيئــة عــى خلــق روابــط بــن الفاعلــن املعنيــن ومصــادر املعطيــات وضــان جمــع املعطيــات‬
‫وتكاملهــا وتيســر الولــوج إليهــا‪ ،‬والقيــام بتحليــل التقاريــر واملعطيــات التــي تــم جمعهــا أو إنتاجهــا‪ ،‬ونــر‬
‫التقاريــر وتحيــن لوحــات القيــادة‪ ،‬وإطــاق وتتبــع إنجــاز الدراســات واملســوحات امليدانيــة‪ ،‬وتتبــع وتقييــم‬
‫فعاليــة وتأثــر االس ـراتيجيات والسياســات العموميــة‪ ،‬واســتثامر املــؤرشات الدوليــة وإرســاء مــؤرشات وطنيــة‬
‫مــن أجــل قيــاس دقيــق وموضوعــي للفســاد‪ ،‬واســتخالص البيانــات التــي قــد تــدل عــى وجــود شــبهات فســاد‬
‫وإحالتهــا عــى قطــب محاربــة الفســاد‪.‬‬
‫• قطــب النزاهــة والتعبئــة والتواصــل الــذي تتمحــور مهامــه حــول إعــداد اسـراتيجية وطنيــة مندمجــة تربويــة‬
‫واجتامعيــة للنهــوض بقيــم النزاهــة‪ ،‬والتواصــل والتوعيــة لتعزيــز قيــم النزاهــة‪ ،‬وإعــداد وتنشــيط برامــج‬
‫التكويــن والدعــم املناســبة لــكل فئــة مســتهدفة‪ ،‬وإعــداد وضــان النــر الواســع لوحــدات التكويــن‪ ،‬والدالئــل‬
‫املتعلقــة بالفســاد ومظاهــره ومخاطــره ووســائل محارصتــه‪ ،‬وتعزيــز دور وديناميــة املجتمــع املــدين ووســائل‬
‫اإلعــام يف هــذا املجــال‪ ،‬وتوســيع التفاعــل متعــدد القنــوات وتشــجيع انخـراط الفاعلــن واملواطنــن‪ ،‬وتطويــر‬
‫التواصــل املؤسســايت والتواصــل الداخــي‪.‬‬
‫• قطــب الحكامــة والوقايــة مــن الفســاد الــذي تتمحــور مهامــه حــول تعزيــز اإلنجــازات ومعرفــة النقائــص‬
‫ومواجهــة اإلكراهــات والتحديــات‪ ،‬واقـراح التوجهــات االسـراتيجية لسياســات الدولــة يف مجــال الوقايــة مــن‬
‫الفســاد ومكافحتــه واآلليــات الكفيلــة بتنفيذهــا‪ ،‬واقــراح مشــاريع اآلراء والتوصيــات ذات الصلــة‪ ،‬ووضــع‬
‫األهــداف االسـراتيجية وتحويلهــا إىل برامــج‪ ،‬وإطــاق ديناميــة النخـراط وإدمــاج مختلــف الفاعلــن‪ ،‬يف إطــار‬
‫مــن االلتقائيــة والتكامــل‪ ،‬والقيــام بتنســيق الربامــج مــع كافــة املتدخلــن‪ ،‬مــع االهتــام باألولويــات والنجاعــة‬
‫وتحقيــق األثــر‪ ،‬وتصميــم وتطويــر وتنفيــذ برامــج األخالقيــات والحكامــة الرشــيدة‪ ،‬ووضــع آليــات وأدوات‬
‫للتوجيــه واإلرشاف والتنســيق والرصــد واالســتباقية لضــان النجاعــة وتحقيــق األهــداف‪ ،‬وإنتــاج لوحــات قيــادة‬
‫مندمجــة‪ ،‬تشــمل املســتويات العملياتيــة واالسـراتيجية‪ ،‬مــع إتاحتهــا لجميــع الجهــات املعنيــة‪ ،‬والســهر عــى‬
‫التقييــم الــدوري واملوضوعــي لإلنجــازات ونتائــج السياســات والربامــج ذات الصلــة مبجــال الوقايــة مــن الفســاد‬
‫ومكافحتــه‪.‬‬
‫• قطــب محاربــة الفســاد الــذي تتمحــور مهامــه حــول تلقــي الشــكايات والتبليغــات ودراســتها‪ ،‬وجمــع‬
‫وتحليــل البيانــات مــن مختلــف املصــادر‪ ،‬والكشــف عــن حــاالت االشــتباه بالفســاد وإعــداد التقاريــر ذات‬
‫الصلــة‪ ،‬والقيــام بإجـراءات البحــث والتحــري تحــت ســلطة الرئيــس‪ ،‬وعنــد االقتضــاء‪ ،‬بالرشاكــة مــع الســلطات‬
‫املختصــة األخــرى‪ ،‬وضــان القيــام بالبحــث يف امللفــات وتتبعهــا لــدى املؤسســات املعنيــة‪ ،‬واق ـراح مشــاريع‬
‫اآلراء والتوصيــات ذات الصلــة انطالقــا مــن امللفــات املعالجــة‪ ،‬وضــان التــزام املأموريــن مببــادئ النزاهــة‬
‫والقواعــد واملســاطر املعمــول بهــا‪.‬‬

‫‪213‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫• قطــب املقــرر العــام الــذي تتمحــور مهامــه حــول تنســيق وإعــداد التقاريــر الســنوية واملوضوعاتيــة‪ ،‬ودراســة‬
‫التقاريــر الوطنيــة والدوليــة ذات الصلــة مبجــاالت تدخــل الهيئــة‪ ،‬وتحضــر وتجميــع وتنظيــم توصيــات وآراء‬
‫الهيئــة‪ ،‬ومراجعــة التقاريــر واملنشــورات‪ ،‬وضــان تتبــع مالءمــة الترشيعــات الوطنيــة واحــرام االلتزامــات‬
‫الدوليــة للمملكــة‪ ،‬والقيــام بيقظــة قانونيــة بشــأن تطــورات االتفاقيــات واملعايــر الدوليــة‪ ،‬والقيــام بيقظــة‬
‫قانونيــة تهــم تطــورات الترشيعــات الوطنيــة يف عالقتهــا مبجــاالت تدخــل الهيئــة‪ ،‬وتقديــم الدعــم القانــوين‬
‫لباقــي أقطــاب الهيئــة يف امللفــات والقضايــا التــي تتطلــب ذلــك‪.‬‬
‫• قطــب التعــاون والتنميــة الــذي تتمحــور مهامــه حــول بلــورة سياســة الـراكات بالهيئــة بأفــق اسـراتيجي‬
‫وأهــداف قامئــة عــى النتائــج تــروم تحقيــق األثــر والفائــدة املتبادلــة‪ ،‬وجــرد وتصنيــف شــبكات ال ـراكات‬
‫بحســب املجــاالت وأصنــاف الــركاء‪ ،‬لتحديــد طبيعــة ال ـراكات وتحديــد أولوياتهــا‪ ،‬والعمــل‪ ،‬عــى ضــوء‬
‫ذلــك‪ ،‬عــى االنخـراط ضمــن هــذه الشــبكات‪ ،‬وتنســيق مشــاركة املغــرب يف الفعاليــات واألنشــطة ذات الصلــة‬
‫مبجــال الوقايــة مــن الفســاد ومكافحتــه‪ ،‬وإقامــة عالقــات مــع الــركاء الوطنيــن والدوليــن وتدبريهــا‪ ،‬وتتبــع‬
‫وتنســيق وضــان التنفيــذ الســليم لربامــج العمــل الخاصــة مبختلــف اتفاقــات التعــاون والرشاكــة‪ ،‬واالســتفادة‬
‫مــن خــرة الــركاء مــع تثمــن وتقاســم التجربــة املغربيــة‪ ،‬ومواكبــة ودعــم أقطــاب الهيئــة وأخــذ احتياجاتهــا‬
‫بعــن االعتبــار ودمجهــا يف تطويــر اتفاقيــات التعــاون والرشاكــة‪ ،‬ووضــع التعــاون يف خدمــة التنمية االسـراتيجية‬
‫للهيئــة‪.‬‬
‫• قطــب التحــول الرقمــي والتنظيــم واالبتــكار الــذي تتمحــور مهامــه حــول اإلســهام يف توجيــه االس ـراتيجية‬
‫الوطنيــة للتحــول الرقمــي وتتبــع تنفيذهــا لجعلهــا رافعــة أساســية لتحقيــق الشــفافية والنزاهــة والوقايــة مــن‬
‫الفســاد‪ ،‬وتطويــر وتدبــر األنظمــة املعلوماتيــة يف خدمــة رؤيــة الهيئــة واس ـراتيجيتها‪ ،‬ووضــع وتنفيــذ نظــام‬
‫للتنظيــم والجــودة منســجم مــع أهــداف الهيئــة وتوجهاتهــا‪ ،‬وإحــداث مكتــب إلدارة مشــاريع لتدبــر جميــع‬
‫أنشــطة الهيئــة‪ ،‬ودعــم وتطويــر عمليــات البحــث واالبتــكار ذات الصلــة مبهــام الهيئــة‪ ،‬مــع االنفتــاح عــى‬
‫الجهــات والهيئــات املعنيــة للمســاهمة يف املجهــود الوطنــي وتقويــة البحــث واالبتــكار يف املواضيــع ذات الصلــة‬
‫مبجــال تدخــل الهيئــة‪.‬‬
‫• قطــب املاليــة والشــؤون العامــة الــذي تتمحــور مهامــه حــول بلــورة وتنفيذ سياســة للمــوارد البرشيــة تتامىش‬
‫مــع قيــم الهيئــة وأهدافهــا وتــروم تطويــر األداء والكفــاءات‪ ،‬وإدارة املــوارد البرشيــة وتقويــة قدراتهــا‪ ،‬وال ســيام‬
‫ملواكبــة تطــور الهيئــة‪ .‬كــا تشــمل مهــام القطــب ضــان تنظيــم مــايل وإداري ينســجم مــع التحــول الهيــكيل‬
‫الهيئــة‪ ،‬وإدارة الخدمــات واملــوارد العامــة‪ ،‬وتوفــر فضــاء للعمــل داعــم لتحقيــق األهــداف‪ ،‬مــع تقديــم الدعــم‬
‫ملختلــف األقطــاب مــن أجــل تنفيــذ برامجهــا وتوفــر رشوط الفعاليــة وتعبئــة القــدرات‪ ،‬وباإلضافــة إىل إدارة‬
‫التوثيــق واألرشــيف وفقــا ملهــام الهيئــة وخصوصياتهــا‪ ،‬ويف انســجام مــع املتطلبــات الوطنيــة يف هــذا املجــال‪.‬‬
‫• قطــب التدقيــق ومراقبــة التدبــر الــذي تتمحــور مهامــه حــول التأكد مــن مطابقة واحـرام املشــاريع والربامج‬
‫ملرجعيــات الهيئــة وتَ َو ُّجههــا نحــو املســاهمة يف تحقيــق األهــداف العملياتيــة واالس ـراتيجية للهيئــة‪ ،‬وكــذا‬
‫مراقبــة اح ـرام مســاطر ومعايــر وقواعــد العمــل‪ ،‬وتدقيــق أنشــطة هيــاكل الهيئــة‪ ،‬ومراقبــة األداء وتحليــل‬
‫الفــوارق مقارنــة بااللتزامــات‪ ،‬وضــان تتبــع ومراقبــة امليزانيــة‪ ،‬وتحديــد مــؤرشات القيــادة وتحليــل الفــوارق‬
‫العمليــة وتلــك املتعلقــة بامليزانيــة وإعــداد التقاريــر بشــأنها‪.‬‬

‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪214‬‬


‫امللحق ‪ :7‬القيم الست (‪ )6‬املحتفظ بها للهيئة‬

‫• ســيادة القانــون‪ :‬تعزيــز ســيادة القانــون والعدالــة والعمــل عــى تطبيــق القوانــن بشــكل متســاو‪ .‬حيــث‬
‫تؤكــد هــذه القيمــة عــى أهميــة اح ـرام الحقــوق وتكافــؤ الفــرص ومعاملــة جميــع األف ـراد معاملــة عادلــة؛‬
‫• االحرتام‪ :‬التقاسم والتبادل باحرتام وتثمني املساهامت املتبادلة مبا يحمي الكرامة والتعددية؛‬
‫• االنفتــاح عــى املحيــط لتعزيــز التكامــل املؤســي وتوضيــح املســؤوليات والحفــاظ عــى بيئــة مواتيــة‬
‫للمشــاركة‪ :‬وهــو مــا مــن شــأنه أن ينهــض مببــادئ الخدمــة واملصلحــة العامــة‪ ،‬ويعــزز االلت ـزام والتفــاين يف‬
‫الخدمــة العموميــة؛‬
‫• االبتــكار‪ :‬تعزيــز اإلبــداع والتكنولوجيــا والقــدرة عــى التكيــف كأدوات ملحــارصة وتحجيــم الفســاد وتعزيــز‬
‫بيئــة مواتيــة للتجربــة والتعلــم املســتمر يف هــذا املجــال مبــا يســاعد عــى مواكبــة تطــور متظه ـرات الفســاد؛‬
‫• الشــفافية‪ :‬تعزيــز االلتـزام بتثبيــت الحــق يف الحصــول عــى املعلومــات وضــان الشــفافية يف تدبــر الشــأن‬
‫العــام‪ ،‬مــن أجــل تغذيــة وتقويــة ثقــة املواطنــن يف اإلدارة وتعزيــز بيئــة ذات حكامــة جيــدة وأكــر مســؤولية؛‬
‫• األخالقيــات‪ :‬مبعنــى التــرف مبســؤولية والتـزام مبــا يتفــق مــع مهــام الهيئــة‪ .‬تشــكل هــذه القيمــة بوصلــة‬
‫أخالقيــة تســاعد عــى تحديــد توجهــات واضحــة وأفعــال ومبــادرات‪.‬‬

‫‪215‬‬ ‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬


‫التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‬ ‫‪216‬‬

You might also like