مبادئ أساسية لتحصين المجتمع ضد الشائعات

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 21

 ‫א‬

‫א‬‫א‬‫א‬

 ‫א‬‫א‬

(‫)ﺃﺳـﺎﻟﻴـﺐ ﻣﻮﺍﺟـﻬــﺔ ﺍﻟﺸﺎﺋﻌـﺎﺕ‬


 ١٤٣٤L٦L١٤١٠W‫א‬
 E٢٠١٣L٤L٢٤٢٠FW‫א‬‫א‬

 

(‫)ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺍﺳﺎﺳﻴـﺔ ﻟﺘﺤﺼﻴـﻦ ﺍجملﺘﻤﻊ ﺿـﺪ ﺍﻟﺸﺎﺋﻌـﺎﺕ‬

‫ﺇﻋــﺪﺍﺩ‬
‫ ﻋﺎﻛـﻒ ﳏﻤـﺪ ﺍﳌﺒﻴـﻀﻴـﻦ‬.‫ﺩ‬.‫ﻋﻘﻴـﺪ‬

 ‫א‬
 ٢٠١٣L١٤٣٤
 
‫المقدمة‬
‫الشائعة سواء كانت واسعة المجال أم ضيقة‪ ،‬طويلة األمد أم قصيرة‪ ،‬فإنھا‬ ‫‪‬‬
‫ظاھرة قائمة في نسيج كل ثقافة من الثقافات البشرية‪ ،‬فمنذ سحيق‬
‫األزمان والمجتمعات تعاني من ظاھرة الشائعات‪ ،‬فھي ظاھره اجتماعية‬
‫قديمة عرفھا اإلنسان عندما عرف أنه موجود على ھذه البسيطة‪ ،‬وتعتبر‬
‫الشائعات من أدوات الحرب النفسية فھي سالح فتاك ومدمر ألنھا تثير‬
‫عواطف الجماھير وتعمل على بلبلة أفكارھم‪ ،‬وال يخلو مجتمع مھما بلغت‬
‫درجة تمدنه منھا فھناك ـ دائماً ـ مروجون للشائعات‪ .‬وعندما جاء اإلسالم‬
‫الطاھر لم تخل تلك الفترة من وجود الشائعات‪ ،‬لذا أطلق القران على‬
‫مروجي الشائعات اسم المرجفون ) أي المشيعون لألخبار الكاذبة( قال‬
‫تعالى "لئن لم ينته المنافقون الذين في قلوبھم مرض والمرجفون في‬
‫المدينة لنغرينك بھم ثم ال يجاورونك فيھا إال قليال ملعونين أينما ثقفو‬
‫اخذوا وقتلوا تقتيال سنة ﷲ في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة ﷲ‬
‫تبديال" صدق ﷲ العظيم‪.‬‬
‫ويعتمد العامة على عبارة ) ال دخان من دون نار ( للتدليل‬ ‫‪‬‬
‫على صحة إشاعة متداولة‪ ،‬تخص شخصاً ما أو جھة معينة‪،‬‬
‫أو للمراوغة والھروب من االستفسارات التي تبحث عن‬
‫التأكيدات المحتملة‪ ،‬وبين ھذا وذاك نرى أن الشائعة قد‬
‫وجدت لھا أرضية خصبة لتنمو وتتفاقم إلى حد يصعب عنده‬
‫الفصل بين األصل واإلضافات‪ ،‬والصحة واالفتراءات‪ ،‬وألن البشر‬
‫بطبيعتھم يميلون بشدة إلى الجانب الفضولي في داخلھم‬
‫فيدسون أنوفھم في كل شيء يخص اآلخر‪ .‬ونظراً لذلك‬
‫فكثيراً ما تاه الحق بين أالعيب الباطل‪.‬‬

‫والشائعة رغم استسھالھا من البعض إال أنھا في الحقيقة‬ ‫‪‬‬


‫آفة خطيرة‪ ،‬فكم أقلقت من أبرياء وحطمت عظماء‪ ،‬وھدمت‬
‫وشائج‪ ،‬وتسببت في جرائم‪ ،‬وفككت عالقات وصداقات وكم‬
‫ھزمت من جيوش‪ ،‬وفتت دوال ً كبرى إلى أشالء ممزقة‪ ،‬حيث‬
‫تسري الشائعات بين الناس كالنار في الھشيم‪.‬‬
‫مفھوم الشائعات‬

‫الشائعة ھي ظاھرة اجتماعية تغزو جميع المجتمعات بغض النظر عن‬ ‫‪‬‬
‫المستوى الثقافي والعلمي لھذه المجتمعات‪ ،‬ولذلك لم يتمكن الباحثون‬
‫من صياغة تعريف دقيق محدد لكلمة شائعة ولھذا سنتناول ما اتجه إليه‬
‫الباحثون من تعريفات وصوال إلى تعريف نعتقد بأنه جامع لما تعنيه كلمة‬
‫)شائعة( ‪.‬‬
‫عرف البعض الشائعة بأنھا " سلوك من المسالك العديدة للجماعة‪ ،‬شأنه‬ ‫‪‬‬
‫في ذلك شأن كل سلوك البد وأن يصل عن توتر دافع يستھدف ھدفاً‬
‫بعينه‪ ،‬ويسلك سبال ً تحمل الطابع المميز للجماعة في لحظة من لحظات‬
‫حياتھا" واتجه البعض اآلخر إلى تعريفھا بأنھا " ما يطلق على المعلومات‬
‫واألفكار التي تنقلھا الرواية الكالمية أو أساليب الفواصل غير المألوفة‬
‫كالنكتة والرسم الكاريكاتيري‪ ،‬وتوجه طاقتھا نحو التأثير على االنفعال‬
‫الذي يغذي تفكير اإلنسان وخياله بالشكل الذي قد يصل فيه ھذا اإلنسان‬
‫إلى الدرجة التي قد يرى فيھا ما ليس موجوداً‪ ،‬فيضيف إليھا ما يجعلھا‬
‫سريعة السريان واالنتشار"‬
‫وللشائعة مفاھيم خاصة لدى بعض الفئات المتخصصة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫فعلماء النفس يعرفون الشائعة بأنھا " ظاھرة سيكولوجية‬
‫ذات داللة ومعنى ودوافع خاصة وراء ظھورھا‪ ،‬وانتشارھا بين‬
‫الناس"‪ .‬وينظر إليھا علماء السياسة على أنھا " أسلوب من‬
‫أساليب إثارة الجماھير وبلبلة األفكار بقصد أو بدون قصد‪،‬‬
‫وتتضمن أخبار ونوادر وقصص" ‪ .‬أما خبراء الدعاية فيرون أن‬
‫الشائعة من "أقوى العوامل التي تؤثر في تكوين الرأي العام‬
‫وتقوم على انتزاع بعض األخبار أو المعلومات من سياقھا‬
‫الطبيعي ومعالجتھا أو تحريفھا سواء بالمبالغة أو التھوين‬
‫بالنفي أو التأكيد‪ ،‬ثم إعادة صياغتھا بصورة انفعالية وتقديمھا‬
‫في صورة تتماشى مع األعراف والتقاليد والقيم السائدة" ‪.‬‬
‫والشائعة وفقاً لتقديرات علماء االتصال " عبارة عن نبأ مجھول‬
‫المصدر‪ ،‬سريع االنتشار‪ ،‬يحتوي على جزء من الحقيقة الذي‬
‫يشكل النواة األساسية لبنائھا وانتشارھا" ‪ .‬ويرى علماء‬
‫االقتصاد بأن " كل حديث تنقصه المعلومات ويتداوله الناس‬
‫في األسواق والمؤسسات االقتصادية ويجلب االضطراب‬
‫واالنزعاج والبلبلة في حركتھا يمكن أن يدخل فيما يسمى‬
‫بالشائعة االقتصادية"‪.‬‬
‫‪ ‬ومع كل ھذه التعريفات يمكن أن نستخلص‬
‫تعريفاً نراه جامعاً للتعريفات السابقة‪ ،‬حيث أن‬
‫الشائعة ھي " المعلومات واألحاديث واألقوال‬
‫التي تتسم بالغموض واألھمية وبتناقلھا الناس‬
‫فيما بينھم دون أن تستند إلى مصدر موثوق‬
‫يدعم صحتھا أو ينفيھا" ‪.‬‬
‫أنواع الشائعات‬
‫ظھرت عدة تقسيمات يمكن على أساسھا تحديد أنواع الشائعات‪ ،‬حيث‬ ‫‪‬‬
‫اختلف الباحثين في وضع تصنيف موحد ألنواع الشائعات يطبع على أي‬
‫مجتمع‪ ،‬حيث أن العالقات االجتماعية بين الناس متشابكة‪ .‬وعلى ذلك يمكن‬
‫وضع ثالثة معايير أساسية لتصنيف الشائعات ‪-:‬‬
‫أوال ً ‪ :‬من حيث الزمن‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ثانياً ‪ :‬من حيث موضوعھا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ثالثاً‪ :‬من حيث الدوافع أو البواعث النفسية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫رابعاً ‪ :‬من حيث الوسيلة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أوال ً ‪ :‬من حيث البعد الزمني‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫تنقسم الشائعة من حيث ھذا البعد إلى ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫الشائعة الزاحفة ) الحابيه ( ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫يظھر من تسميتھا بأنھا تسير ببطء وتنتشر بطريقة غير علنية‪ ،‬وتنتھي بأن‬ ‫‪‬‬
‫يعرفھا الجميع‪ ،‬وھي توجه ضد الحكومة أو الشخصيات الرسمية‪.‬‬
‫الشائعة المسرعة) االندفاعية ( ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫وھي تلك الشائعة التي تتسم بسرعة انتشارھا كانتشار النار في الھشيم‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫فھي تجتاح المجتمع في وقت مذھل ألنھا تستند إلى العواطف الجياشة‬
‫مثل الذعر والغضب والفرصة المفاجئة‪ ،‬ويكون مضمونھا في الغالب متعلقاً‬
‫بالكوارث وأعمال العنف‪.‬‬
‫الشائعة الغائصة ) الغاطسة ( ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫يتضح لنا من التسمية بأنھا تلك الشائعة التي تنتشر برھ ً‬
‫ة وتنخفض‪ ،‬وحينما تتھيأ لھا‬ ‫‪‬‬
‫الظروف تطفو من جديد في وقت الحق‪ ،‬فغالباً ما تكون ھذه الشائعة نائمة في عقول‬
‫مروجيھا‪ ،‬فتظھر عندما تقع ظروف مشابھة للظروف األولى التي ظھرت فيھا من قبل‬
‫فتصحو وتخرج‪ .‬ويمكن القول عنھا بأنھا شائعة موسمية وتأخذ شكل الفكاھة والنكات‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬من حيث موضوع الشائعة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يقوم ھذا التصنيف على حصر عدد الشائعات التي تدور حول موضوع معين‪ ،‬وموضوع‬ ‫‪‬‬
‫الشائعات يختلف بحسب الفترة التي تطلق فيه الشائعة‪ ،‬ويختلف أيضاً باختالف قيم‬
‫ومفاھيم المجتمع الذي توجد بيه‪ ،‬والشك أن المستويات الثقافية للجماعة يساھم في‬
‫تشكل الشائعة وفق ھذا المستوى‪.‬‬

‫ثالثاً ‪ :‬من حيث البواعث والدوافع‬ ‫‪‬‬


‫يعتمد ھذا التقسيم على البواعث األساسية الكامنة داخل النفس اإلنسانية وھي الرغبة‬ ‫‪‬‬
‫والخوف والكراھية‪ ،‬فقد أجريت مجموعة من التجارب على مجموعة من القصص التي‬
‫شاعت وانتشرت عندما كانت رحى الحرب العالمية الثانية دائرة‪ ،‬وأثبتت ھذه التجارب أن‬
‫معظم الشائعات كانت تعتبر إما عن العداوة أو الرغبة‪ ،‬وعبر بعضھا عن الخوف‪ ،‬وقليال ً منھا‬
‫فقط عبر عن التوتر العقلي والرغبة في حب االستطالع‪ .‬وعلى ذلك يمكن تقسم‬
‫الشائعات وفق ھذا المعيار إلى‪:‬‬

‫شائعات حالمة ) شائعات األحالم واألماني ( ‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫عبارة عن شائعات تعبر عن األماني واألحالم‪ ،‬وھي مليئة بالخياالت وتجد الفئة التي‬ ‫‪‬‬
‫تداولھا في ھذه الشائعات تعبيراً وإشباعاً‪ ،‬وھي بذلك عبارة عن تنفيس لھذه الحاجات‬
‫واآلمال والرغبات‪ ،‬مثل عودة حالة السالم في حاالت الحرب‪.‬‬
‫شائعات ھادفة إلحداث الفتنة أو االنفصال ) شائعات الكراھية ( ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫تتميز ھذه الشائعات بالخبث والدھاء بطريقة خبيثة لدق الفرقة وإثارة الكراھية‪ ،‬كما تتميز‬ ‫‪‬‬
‫بسعة انتشارھا وخطرھا‪ ،‬وتھتم موضوعاتھا بالفشل والغدر وعدم الوالء‪.‬‬
‫شائعات وھمية ) شائعات الخوف ( ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫تعبر ھذه الشائعات عن خوف وليس عن رغبة وخاصة في الوقت الذي تسود فيه مظاھر‬ ‫‪‬‬
‫الخوف‪ ،‬فاالستعداد النفسي يكون قابال ً لتوھم أشياء كثيرة ال تستند إلى أساس صحيح‪،.‬‬
‫وغالباً ما يتسم ھذا النوع بالمبالغة‪ ،‬وتؤدي إلى اإلحجام عن العمل أو اليأس‪.‬‬
‫رابعاً ‪ :‬من حيث الوسيلة‬ ‫‪‬‬
‫يشھد وقتنا الحاضر تطورات سريعة في مجال االتصال ووسائله‪ ،‬مما أدى ذلك إلى‬ ‫‪‬‬
‫ظھور أنواع جديدة من الشائعات‪ ،‬وھي‪:‬‬
‫الشائعة اإلعالمية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫تتفق ھذه الشائعة مع غيرھا مما ذكرناه أعاله في كثير من السمات والخصائص‪ ،‬إال‬ ‫‪‬‬
‫أنھا تتميز عنھا بوجود كوادر مختصة ) مروجين ( يطلقونھا وفق توقيت معلوم‪ ،‬وتكمن‬
‫خطورة ھذه الشائعات انتشارھا ليس في السعة الجغرافية لقاعدة المتداولين لھا بل‬
‫تتحرر من قيود االتصال الشخصي إلى فضائيات االتصال الدولي مستفيدة من‬
‫التطورات في مجال تكنولوجيا االتصال‪ ،‬حيث يتاح لمثل ھذه الشائعات االنتشار‬
‫الواسع رغم التباعد المكاني وعدم التجانس بين األشخاص المتناقلين لھا‪.‬‬
‫الشائعة المعلوماتية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫لھذه الشائعة نمط اتصال ھدام‪ ،‬مشكوك في أغراضه‪ ،‬يروج وينتشر عبر وسائط‬ ‫‪‬‬
‫االتصال الحديثة‪ ،‬يحمل جزء من الحقيقة فيھولھا أو يھون من شأنھا‪ .‬يشكل موضوعاً‬
‫للتداول والحوار في المجتمع االفتراضي لمستخدمي ) االنترنت ( ومنھم إلى اآلخرين‬
‫في المجتمعات الواقعية ‪ .‬فالشائعة التي تنتشر في ھذا المجال تكون مرتبطة بمن‬
‫يملكون إمكانيات وقدرات تقنية عالية في ھذا المجال‪ ،‬وقد يتصل مجالھا بما يرتكب‬
‫على الشبكة من جرائم كاختراق مواقع اآلخرين بھدف الحصول على معلومات تزيف‬
‫وتستخدم بطرق غير شرعية في عمليات مشبوھة‪ ،‬وبالتالي تشكل مادة دسمة‬
‫لمروجي الشائعات يتم نقلھا ونشرھا وتكون قابلة للتصديق لصعوبة كشف عمليات‬
‫التزييف وأيضاً لعدم وجود الوقت للتحقق من صدقيتھا أو تحريفھا‪ .‬وحتى إذا ماتم إلقاء‬
‫القبض على الجاني وبالتالي تصحيح ما بثه من شائعات‪ ،‬فإن الشائعات تبقى‬
‫وتستمر في مواقع أخرى‬
‫أثر الشائعات على المجتمع‬

‫لكي تصل الشائعة إلى غايتھا ) التأثير في الرأي العام ( تكون قد أخذت‬ ‫‪‬‬
‫حظھا من االنتشار والتكاثر‪ ،‬فكلما حققت الشائعة انتشارا أوسع من‬
‫الحقائق التي تلحظھا‪ ،‬زاد عمق تأثيرھا في األوساط التي تنتشر فيھا‪،‬‬
‫وتمارس الشائعة تأثيرھا بقوة على الجمھور التي تجمع بين أفراده مصالح‬
‫مشتركة أو تسود بينھم درجة عالية من التقارب الثقافي والقيم‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى االھتمام بموضوع الشائعة‪ .‬وعليه يمكن أن نعدد بعض اآلثار العامة‬
‫للشائعات في النقاط التالية‪:‬‬
‫إضعاف الروح المعنوية ألفراد المجتمع‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫حجب الحقائق وعدم إعطاء الفرصة للظھور‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫زعزعة الثقة وتحطيم سمعة المصادر بما يؤثر على مصداقيتھا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫حرمان الفرد من القدرة على التفكير واتخاذ القرار بشكل سليم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إغراء الناس وإغراقھم بالحوار والنقاش حول موضوعات ھزيلة نسبياً‬ ‫‪‬‬
‫والتغاضي عن موضوعات أكثر أھمية‪.‬‬
‫التشكيك في المعلومات حول بعض القضايا أو الموضوعات أو‬ ‫‪‬‬
‫المواقف بإطالق األكاذيب حولھا والتفسيرات الخاطئة عنھا‪.‬‬
‫إشاعة جو عدم الثقة في كل ما يتصل بحياة الناس اليومية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تضليل الرأي العام وإرباكه بما يؤثر على سلوكه وتصرفاته‬ ‫‪‬‬
‫الالحقة ومن ثم تحريكه في االتجاه المطلوب‪.‬‬
‫تصعيد انفعاالت الجماھير وحشد تأييدھم ومباركتھا لقرارات‬ ‫‪‬‬
‫من التوقع إصدارھا في وقت الحق‪.‬‬
‫تدمير سمعة األفراد وخاصة أولئك الذي يتولون مسؤوليات‬ ‫‪‬‬
‫ومواقع مھمة‪.‬‬
‫إثارة الرعب ونشر الخوف بين الناس‪ ،‬وزعزعة الثقة في‬ ‫‪‬‬
‫األجھزة األمنية وإظھار ضعفھا وعدم قدرتھا على ضبط األمور‪.‬‬
‫تجميد وتدمير المرافق والعناصر اإلنتاجية وتعطيلھا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إحجام رأس المال المحلي واألجنبي عن االستثمار داخل‬ ‫‪‬‬
‫الدولة‪.‬‬
‫األساليب العلمية والعملية لمواجھة‬
‫الشائعات‬
‫الشائعة المطلقة بتوقيت مدروس تستطيع عملياً اختراق الرأي العام‬ ‫‪‬‬
‫سواء مرت سريعاً أو بقيت متداولة لفترة قصيرة وأيا كانت طبيعة ھذا‬
‫االختراق فإن النظرة للشائعة كأداة تدمير تفرض مواجھتھا للحد من‬
‫تعاظم دورھا وتأثيرھا على حياة الناس‪ .‬ويعتقد البعض بأنه من‬
‫الصعب محاربة الشائعة‪ ،‬فلو سكتنا عنھا يزداد تأثيرھا‪ ،‬ولو حاولنا‬
‫تكذيبھا فسنجعل من لم يسمعھا يرددھا‪ ،‬ولذلك فإن التصدي لھا‬
‫يجب أن يتم بطريقة غير مباشرة إذا كنا نجھل مصدرھا‪ ،‬أما إذا كان‬
‫مصدرھا معروفاً لدينا‪ ،‬فإن كشفه وتعرية مقاصده ضرورة البد منھا‪.‬‬
‫األساليب العملية لمواجھة الشائعات‬ ‫‪‬‬
‫أوال ً‪ :‬المواجھة‬ ‫‪‬‬
‫ويعتمد على المواجھة المباشرة للشائعة انطالقاً من مبدأ ) أذكر‬ ‫‪‬‬
‫الشائعة ثم اضرب بكل قوة (‪ ،‬وقد استخدم ھذا األسلوب في الحرب‬
‫العالمية األولى‪ ،‬ورغم اعتراض كثير من الخبراء عليه إال أنه ال يزال من‬
‫األساليب المستخدمة للتصدي للشائعة‪ ،‬ويبدي المعارضين على‬
‫استخدام ھذا األسلوب مبررات جوھرية تتمثل في أن ذكر الشائعات‬
‫ثم تكذيبھا ھو في حد ذاته نشر وترويج لھا‪ ،‬وذلك ألن الرد قد ال يكون‬
‫بالقوة ذاتھا للشائعة‪ .‬وعليه يصبح إسقاط الشائعة من أذھان‬
‫الجماھير عملية شبه مستحيلة على المدى القريب‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬التجاھل والتوضيح‬ ‫‪‬‬
‫يعتمد في ھذا األسلوب على عدم ذكر الشائعة التي نريد مقاومتھا‬ ‫‪‬‬
‫والتصدي لھا‪ ،‬وإنما يتم توجيه ضربات إليھا ومحاصرتھا في كل‬
‫االتجاھات وھو ما يطلق عليه ) ال تذكر الشائعة بل اضرب بكل قوة ( ‪.‬‬
‫إال أن إزاحة الشائعة من أذھان الجماھير بھذا األسلوب قد يكون‬
‫عملية غير مأمونة العواقب خاصة إذا عاودت الظھور مرة أخرى‪.‬‬

‫ثالثاً ‪ :‬التجاھل تماما‬ ‫‪‬‬


‫ھذا األسلوب يعتمد على تجاھل الشائعة تماماً وعدم إعطائھا أية‬ ‫‪‬‬
‫أھمية على مستوى التصدي‪ ،‬وھذا التجاھل التام يعطي صورة‬
‫لمتناقلي الشائعة بأنھا ليست محل اھتمام أو مباالة الجھات‬
‫المسئولة وھذا يؤدي إلى تالشيھا تدريجياً‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬تسفيه الشائعة‬ ‫‪‬‬


‫يعتمد ھذا األسلوب إلى تسفيه الشائعة‪ ،‬أي إضفاء طابع االعتياد‬ ‫‪‬‬
‫عليھا‪ ،‬وھذا يعطي داللة لمتلقي الشائعات ومتناقليھا بأنھا غير‬
‫صحيحة وغير مھمة استناداً إلى عدم المباالة التي تبديه الجھات‬
‫المسئولة ‪.‬‬
‫وھناك مجموعة من األساليب العلمية الحديثة أخرى لمواجھة‬ ‫‪‬‬
‫الشائعات ظھرت بعد دراسات مستفيضة للشائعات ومخاطرھا‪،‬‬
‫وتنوعت ھذه األساليب لتشمل ما يلي‪-:‬‬

‫أوال ً‪ :‬رصد اتجاھات الرأي العام حول الشائعات ودراستھا دراسة‬ ‫‪‬‬
‫تحليلية ورفع تقارير دورية بشأنھا للجھات المختصة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬التنسيق مع األجھزة اإلعالمية بھدف نشر األخبار واألنشطة‬ ‫‪‬‬
‫والفعاليات المختلفة المتعلقة بالجھات المختصة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬إعداد وتنفيذ البرامج اإلعالمية عبر وسائل االعالم المختلفة‬ ‫‪‬‬
‫التي تمتلكھا الجھات المختصة‪ ،‬ومثال ذلك المجالت والنشرات التي‬
‫تصدر من الجھات الحكومية‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬عقد المؤتمرات والندوات الخاصة بالشائعات‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫خامساً ‪ :‬إنشاء المراكز المتخصصة للرد على استفسارات الجمھور‬ ‫‪‬‬
‫على ما يشاع من أكاذيب وافتراءات وتوعيته بمخاطر الشائعات‪.‬‬
‫سادساً ‪ :‬إصدار القوانين الرادعة للحد من جرائم القرصنة والتعدي‬ ‫‪‬‬
‫على حقوق اآلخرين والتي تعتبر بيئة خصبة لنشر الشائعات‪.‬‬
‫سابعاً ‪ :‬شغل اھتمامات الشباب فيما يفيد وينفع‪ .‬وفتح المجال أمامه‬ ‫‪‬‬
‫الكتشاف مواھبه واستغالل وقت فراغه وتعزيز انتمائه لألرض والوطن‬
‫كيف نقاوم الشائعة ‪:‬‬
‫‪ ‬نعود مرة أخرى إلى عناصر معادلة انتشار‬
‫الشائعات فنؤكد على اليقظة للشائعات في أوقات‬
‫األزمات والحروب وفترات التحول السياسي أو‬
‫االجتماعي حيث يكون المناخ قابال النطالق‬
‫الشائعات ‪ .‬والعنصر الثاني واألھم ھو توافر‬
‫المعلومات الصحيحة والصادقة عن أي موضوع يھم‬
‫الناس وتبنى أعلى درجات الشفافية مع الناس‬
‫حتى ال يقعوا فريسة الغموض وااللتباس ‪ .‬والعنصر‬
‫الثالث وھو التركيبة النفسية للناس وذلك‬
‫يستدعى االھتمام بتعليم الناس وثقافتھم ‪،‬‬
‫واألھم من ذلك تربية النشء على التفكير النقدي‬
‫الذي يمحص األمور قبل أن يصدقھا أو يقبلھا أو‬
‫يرفضھا ‪ .‬وأخيرا إشاعة فضيلة الصدق في المجتمع‬
‫واعتباره من أھم المقومات األخالقية للناس بوجه‬
‫عام ولقادة السياسة والفكر بشكل خاص‬
‫تحصين المجتمع من الشائعة‬
‫م‪ ،‬إال بعدة طرق ومنھا ‪:‬‬
‫وفي ھذا األمر يمكن القول أن التصدي للشائعات ال يت ّ‬ ‫‪‬‬

‫‪ -١‬التحرّي عن الواقعة والخبر ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫ُيعد التبين والصدقية والتحري من أھم وسائل مقاومة خطر الشائعات‪ ،‬وقد جاء في‬ ‫‪‬‬
‫مل مسؤولية أكبر تجاه اإلشاعات ‪ ،‬والمواد‬ ‫قوله عزّ وجل وارتقى بنا القرآن على تح ّ‬
‫ن مجرّد التوقّف ال‬ ‫اإلعالمية ‪ ،‬حينما أمرنا بالبحث والتحرّي عن واقع اإلشاعة ؛ أل ّ‬
‫تصديق وال تكذيب قد يفوت مصلحة ھا ّمة ‪ ،‬أو ربما تترتّب بعض اآلثار ‪ ،‬والمواقف‬
‫ي ھنا دور التبيّن بتعبير القرآن الكريم‪ ]:‬يَا أَي ّ َھا‬ ‫العملية على تلك اإلشاعات ‪ ،‬فيأت ّ‬
‫حوا َعلَى َما‬ ‫ة َف ُت ْ‬
‫ص ِب ُ‬ ‫ج َھالَ ٍ‬ ‫ً‬
‫يبوا َق ْوما بِ َ‬ ‫َ‬
‫ق بِ َنبَ ٍإ َف َتبَي ّ ُنوا أن ُت ِ‬ ‫ُم َفا ِ‬ ‫ال ّ ِذ َ‬
‫ص ُ‬ ‫س ٌ‬ ‫جا َءك ْ‬
‫ين آ َم ُنوا إِن َ‬
‫ين [) سورة الحجرات‪.(٦ /‬‬ ‫م نَا ِد ِم َ‬ ‫َف َع ْل ُت ْ‬
‫ومع أن محكم الكالم ھنا في اآلية قد أمرّ بالتبيّن عن الخبر الذي ينقله الفاسق‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ن الثقة‬ ‫إال أن ذلك ال يعني ذلك عدم التبيّن عن الخبر الذي ينقله العادل أو الثقة؛ أل ّ‬
‫قد ينقل عن غير الثقة ؛ إ ّما تسامحاً ‪ ،‬أو غفل ًة عن حال مصدر الخبر ‪ ،‬أو لحسن ظنّه‬
‫بالناقل ‪ ،‬أو قد ُيسيء العادل ‪ ،‬أو الثقة تفسير حادث من الحوادث ‪ ،‬خصوصاً مع‬
‫فقدان الوعي اإلعالمي عند معظم الناس ‪.‬‬
‫ل أحد ‪ ،‬فيجب أن‬ ‫ن التبيّن ‪ ،‬أو الفحص عن صحة الخبر ليس أمراً سھال ً ومتاحاً لك ّ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ث ّ‬ ‫‪‬‬
‫ن يتوفّر على وعي ومعرفة سليمة‪ ،‬واحيانا كثيرة تحتاج الدول‬ ‫مة َم ْ‬‫دى لھذه المھ ّ‬ ‫يتص ّ‬
‫إلى مختصين في علوم شتى لتساند أجھزتھا األمنية في الكشف عن مصادر األخبار‬
‫والشائعات‪.‬‬
‫‪‬‬
‫‪ -٢‬ردّ األمر إلى صاحب ولي األمر ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫م‬
‫م ْن ُھ ْ‬
‫َه ِ‬
‫س َت ْنبِطُون ُ‬
‫ين يَ ْ‬
‫ذ َ‬‫ه ال ّ ِ‬
‫م ُ‬ ‫م لَ َ‬
‫علِ َ‬ ‫م ْن ُھ ْ‬
‫ر ِ‬ ‫وإِلَى ُأولِي األ َ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ولَ ْو َردّو ُه إِلَى الرّ ُ‬
‫سو ِ‬ ‫قال تعالى‪َ ...]:‬‬ ‫‪‬‬
‫د‬
‫[‪)،‬النساء ‪ .(٨٣ /‬واآلية الكريمة تبين أحد األساليب المتّبعة في تطويق الشائعات‪ ،‬والح ّ‬
‫من انتشارھا‪ ،‬وقد عبّر القرآن عن ھذا االُسلوب بالردّ إلى الرسول )صل ّى ﷲ عليه وآله(‬
‫وأ ُ◌ولي األمر‪ ،‬ويعبّر عنه في الدراسات النفسية واالجتماعية بـ )عيادة اإلشاعات( ‪ ،‬وھي‬ ‫ُ‬
‫مراكز متخصّصة تنشئھا بعض الدول ‪ ،‬وظيفتھا األساسية ھي تحليل اإلشاعات التي تضرّ‬
‫دي لھا ‪ ،‬وإنھاء تأثيراتھا السلبية‪.‬‬ ‫بمصالح ذلك البلد؛ تمھيداً للتص ّ‬

‫د من أبرز وسائل‬‫ويجب تحصين المجتمع من أخطار الشائعات وأضرارھا ؛ وذلك ألنّھا تع ّ‬ ‫‪‬‬
‫د مجتمعٍ ما من المجتمعات‪ ،‬وفي أيام الحرب‬ ‫الحرب النفسية التي يشنّھا األعداء ض ّ‬
‫مة‪ ،‬مستھدفة من أطراف‬ ‫ّ‬ ‫عا‬ ‫ة‬‫ّ‬ ‫اإلسالمي‬ ‫مجتمعاتنا‬ ‫ن‬
‫فأ ّ‬
‫والسلم على السواء‪ .‬وغير خا ٍ‬
‫ل أھونھا األطراف البارزة المعروفة من قوى الكفر والضالل التي تتربّص‬ ‫عديدة ‪ ،‬لع ّ‬
‫باإلسالم وأھله‪ .‬ويكمن خطر الحرب النفسية في أنّك ال تعرف الجھة التي تحاربھا‪ ،‬وال‬
‫تلتفت إلى الوسائل التي يستخدمھا عدوّك في تلك الحرب‪).‬ويقصد بالحرب النفسية ‪:‬‬
‫استخدام الدعاية وغيرھا من األساليب؛ للتأثير في إرادة وعواطف‪ ،‬واتجاھات وعقائد ‪،‬‬
‫وسلوك جماعات معينة()عبد الرحمن محمد عيسوي علم النفس االجتماعي‪. (٧/‬‬

‫ده‪،‬‬
‫جه ض ّ‬‫وتستھدف الحرب النفسية نشر الفرقة واالنقسام في صفوف المجتمع الذي تو ّ‬ ‫‪‬‬
‫وإضعاف ثقته بنفسه عن طريق زعزعة ثقته بأفكاره وعقائده ومبادئه‪ ،‬وكذلك نزع الثقة‬
‫بينه وبين قياداته ‪ ،‬ومحاولة عزل المجتمع عنھم‪ ،‬كما قد تسعى إلى كسب بعض العناصر‬
‫في المجتمع ‪ ،‬وإمالتھم إلى صف العدوّ من خالل إبراز الصديق بثوب العدوّ‪ ،‬والعدوّ بثوب‬
‫الصديق‪.‬‬

‫ن اإلشاعات من أھم األساليب الدعائية الناجحة في الحرب النفسية ؛ وذلك‬ ‫ومن الواضح أ ّ‬ ‫‪‬‬
‫دة تأثيرھا في نفسية الجمھور ‪ ،‬وسھولة استخدامھا ‪ ،‬وقل ّة تكاليفھا المادية ‪ ...‬إلخ ؛‬ ‫لش ّ‬
‫ن اإلشاعات ليست إال ّ عبارة عن األحاديث واألخبار واألقوال التي يتناقلھا الناس‪،‬‬ ‫أل ّ‬
‫والقصص التي يروونھا دون التثبّت من صحتھا أو التحقّق من صدقھا‪ .‬فھي أنباء وأخبار‬
‫وقصص ُتطرح من قبل جھة مستفيدة ‪ ،‬ربما يكون شخصاً ‪ ،‬أو مؤسسة ‪ ،‬أو دولة ؛ لتنشر‬
‫في مجتمعات معينة لألھداف التي مرّت اإلشارة إلى بعضھا ‪.‬‬
‫ثالثاً ‪ :‬عدم ترديد اإلشاعة ونشرھا ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ن اإلشاعات ال تأخذ‬ ‫م القرآن الكريم بھذه النقطة أكثر من سابقتيھا؛ وذلك أل ّ‬ ‫اھت ّ‬ ‫‪‬‬
‫فم إلى آخر ‪ .‬قال تعالى في سورة‬ ‫أثرھا‪ ،‬وال تتح ّقق الغاية منھا إال ّ بسبب إلقائھا من ٍ‬
‫ھيّناً‬ ‫س ُبونَ ُه َ‬
‫ح َ‬ ‫ع ْل ٌ‬
‫م َوتَ ْ‬ ‫س لَكُم بِ ِ‬
‫ه ِ‬ ‫ھكُم َما لَ ْي َ‬ ‫ُم َوتَ ُقولُونَ بِأَ ْف َوا ِ‬
‫س َنتِك ْ‬‫َه بِأَ ْل ِ‬ ‫النور ‪ ) :‬إِ ْذ تَلَ ّ‬
‫ق ْون ُ‬
‫م () سورة النور‪. (١٥ /‬‬ ‫ظي ٌ‬‫ه َع ِ‬ ‫عن َد الل ّ ِ‬
‫ھ َو ِ‬
‫َو ُ‬
‫والمقصد ھنا‪ :‬أي إنّكم تنقلون ھذه األخبار الكاذبة واإلشاعات ‪ ،‬خصوصاً التي ُتسيء‬ ‫‪‬‬
‫إلى سمعة المؤمنين ‪ ،‬أو ُتضعف وحدتھم ‪ ،‬أو تفقد الثقة في بعضھم البعض ‪ ،‬واإللقاء‬
‫ل أحد ‪ ،‬أي يمكن تناوله بسھولة ‪ ،‬والقول باألفواه كناية عن كون‬ ‫ھو الطرح ليجده ك ّ‬
‫م يوبّخ تبارك وتعالى لقبول بعض الناس‬ ‫الكالم مجرّد عبارات ال حقيقة لھا في الواقع‪ .‬ث ّ‬
‫كل ّ َ‬
‫م‬ ‫َ‬
‫ُون لَ َنا أن ن ّ َت َ‬
‫مو ُه ُق ْل ُتم ّما يَك ُ‬‫م ْع ُت ُ‬ ‫‪ ،‬واستساغتھم مثل ھذه االفتراءات ‪َ ) :‬ولَ ْوال َ إِ ْذ َ‬
‫س ِ‬
‫م () سورة النور ‪. (١٦ /‬‬ ‫ظي ٌ‬‫ان َع ِ‬‫ك ھذَا ُب ْھ َت ٌ‬ ‫ح ان َ َ‬
‫س ْب َ‬
‫بِھذَا ُ‬

‫رابعا‪ :‬إنماء الثقافة العلمية والتقنية في المجتمع‬ ‫‪‬‬

‫وھنا يمكن التعويل على دور التقنيات الحديثة فى نشر الشائعات مثل وسائل‬ ‫‪‬‬
‫االتصال واالنترنت والتلفزيون التى تندرج ضمن البناء التقنى للمجتمع وھى التى يتم‬
‫اختراقه من خاللھا‪ ،‬ولألسف برغم ان التكنولوجيا في االتصال تعد منجزا علميا‪ ،‬من‬
‫المفترض أن يزيد المجتمع علمية وعقالنية‪ ،‬إال أن إلى خطر التقنيات فى يكمن في‬
‫سرعة نشر اإلشاعات وإرباك المجتمعات‪ ،‬من خاللھا‪ ،‬وھنا يحضر دور التحصين‬
‫النفسى واالجتماعى ضد الشائعات من خالل التوعية وإيجاد برامج مضادة للشائعات‬
‫ونشر الوعى المضاد لھا‪ ،‬عبر كافة المؤسسات والوسائط ومنھا‪:‬‬
‫‪ -‬مؤسسة المنبر‪ ،‬إذ تعد المساجد وبيوت ﷲ عز وجل من الوسائل المباشرة بين‬ ‫‪‬‬
‫أھل العلم والجمھور‪ ،‬وھنا على الدعاة ورجال العلم مسؤولية واضحة في ذلك‪،‬‬
‫لتجنب الفتنة والحفاظ على تماسك المجتمع‪ ،‬وإشاعة الفضيلة بين الناس‪.‬‬
‫د‬
‫‪ -‬المناھج المدرسية ودور المعلمين وأساتذة الجامعات‪ :‬الب ّ‬ ‫‪‬‬
‫من تعزيز مفاھيم الوعي ضد الشائعات عبر المناھج المدرسية‪ ،‬كما‬
‫يجب أن تقوم مؤسسة المدرسة بالدور التنويري داخل المجتمع‬
‫والتشجيع على إشاعة قيم المواطنة الصالحة لھذا ينبغي أن يكون‬
‫المعلم وأستاذ الجامعة مثاال للمواطن الصالح‪ ،‬وأن ينمي قيم‬
‫المواطنة الصالحة في نفوس طالبه فيكون " بعي ًدا عن التحزب أو‬
‫التعصب لفئة أو لجماعة أو لطائفة أو غير ذلك‪ ،‬وأال يكون متحي ًزا إلى‬
‫جبھة أو اتجاه من شأنه التأثير على عمله كمرب لألجيال له دوره‬
‫الھام في اإلعداد للمواطنة في مجتمعه‪ ،‬وھو لھذا ينبغي أن يتصف‬
‫بالسمو الخلقي"‪ ).‬سليمان‪ ١٩٧٧ ،‬م‪ ،‬ص ‪(١١٨:‬‬

‫‪ -‬دور مؤسسات اإلعالم‪ :‬توجيه المعلومات ووسائل اإلعالم إلى‬ ‫‪‬‬


‫نشر المعلومات المتعلقة بالشائعات في وقتھا حرصا على عدم‬
‫انتشارھا‪ ،‬باإلضافة إلى نشر الوعي وتعزيز دور المؤسسات‬
‫االجتماعية في مجال التحصين االجتماعي‪.‬‬
‫تأسيس مراكز ومواقع متخصصة للدفاع عن المجتمع‪ ،‬وذلك‬ ‫‪‬‬
‫ضمن مؤسسات األجھزة األمنية في الدول من منظور أمني وتزويدھا‬
‫بالخبراء المؤھلين في مجال تكنولوجيا االتصال و التحليل النفسي‪.‬‬
‫وذلك أن ثورة مواقع التواصل االجتماعي خالل األعوام األخيرة كشفت‬
‫عن عدم جاھزية بعض مؤسسات الدولة العربية في ھذا الجانب‪.‬‬
‫إشاعة ونشر ثقافة اإلبالغ والحصول على المعلومة‪ ،‬فحق اإلبالغ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫بات اليوم حقا مجتمعيا‪ ،‬كما أن القوانين في غالبة الدول العربية تتيح‬
‫الحصول على المعلومة بدون قيود إال إذا كانت محجوبة ألسباب تتعلق بأمن‬
‫البلد‪ ،‬ومن شأن ھذه الثقافة إزالة الغموض عن األمور التي يلھج بھا الناس‬
‫اليوم في لحظات الثورات والتحول السياسي دون وضوح‪ ،‬ويحيط بھا‬
‫الغموض‪.‬‬
‫ولنتذكر ھنا أن عالما النفس ألبورت وبوستمان‪ ،‬الحظا أن الشائعات‬ ‫‪‬‬
‫"تنتشر أكثر فى وقت األزمات وفى الظروف الضاغطة أو المثيرة للقلق وفى‬
‫فترات التحول السياسي أو اإلجتماعى ‪ ،‬ووجدا أيضا أنھا تنتشر حين يكون‬
‫ھناك تعتيما إعالميا أو غموضا في المواقف أو كذبا معتادا على ألسنة‬
‫المسئولين الحكوميين أو تضليال متعمدا ومعتادا عبر وسائل اإلعالم‬
‫المختلفة‪ .‬وقد قاما بعمل الكثير من التجارب عام ‪ ١٩٤٥‬ثم كلال جھودھما‬
‫العلمية بوضع كتاب سيكولوجية الشائعة ‪ ، Psychology of Rumor‬وفى‬
‫ھذا الكتاب وضعا معادلة انتشار الشائعة وھى تقول‪ :‬إن انتشار الشائعة‬
‫يساوى أھمية الموضوع المتصل بالشائعة مضروبا فى مدى الغموض حوله ‪.‬‬
‫وبناءا على ھذه المعادلة تصبح الشائعة أكثر انتشارا كلما كان الموضوع ھاما‬
‫وغموضه كبيرا‪ ،‬وعلى العكس لو فقد الموضوع أھميته أو كانت المعلومات‬
‫حوله واضحة ومحددة أو بمعنى آخر لو أصبح أحد عناصر المعادلة صفرا فإن‬
‫الناتج يكون صفرا وھو ما يعنى فشل الشائعة‪.‬‬

You might also like