Professional Documents
Culture Documents
مبادئ أساسية لتحصين المجتمع ضد الشائعات
مبادئ أساسية لتحصين المجتمع ضد الشائعات
مبادئ أساسية لتحصين المجتمع ضد الشائعات
אאא
אא
ﺇﻋــﺪﺍﺩ
ﻋﺎﻛـﻒ ﳏﻤـﺪ ﺍﳌﺒﻴـﻀﻴـﻦ.ﺩ.ﻋﻘﻴـﺪ
א
٢٠١٣L١٤٣٤
المقدمة
الشائعة سواء كانت واسعة المجال أم ضيقة ،طويلة األمد أم قصيرة ،فإنھا
ظاھرة قائمة في نسيج كل ثقافة من الثقافات البشرية ،فمنذ سحيق
األزمان والمجتمعات تعاني من ظاھرة الشائعات ،فھي ظاھره اجتماعية
قديمة عرفھا اإلنسان عندما عرف أنه موجود على ھذه البسيطة ،وتعتبر
الشائعات من أدوات الحرب النفسية فھي سالح فتاك ومدمر ألنھا تثير
عواطف الجماھير وتعمل على بلبلة أفكارھم ،وال يخلو مجتمع مھما بلغت
درجة تمدنه منھا فھناك ـ دائماً ـ مروجون للشائعات .وعندما جاء اإلسالم
الطاھر لم تخل تلك الفترة من وجود الشائعات ،لذا أطلق القران على
مروجي الشائعات اسم المرجفون ) أي المشيعون لألخبار الكاذبة( قال
تعالى "لئن لم ينته المنافقون الذين في قلوبھم مرض والمرجفون في
المدينة لنغرينك بھم ثم ال يجاورونك فيھا إال قليال ملعونين أينما ثقفو
اخذوا وقتلوا تقتيال سنة ﷲ في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة ﷲ
تبديال" صدق ﷲ العظيم.
ويعتمد العامة على عبارة ) ال دخان من دون نار ( للتدليل
على صحة إشاعة متداولة ،تخص شخصاً ما أو جھة معينة،
أو للمراوغة والھروب من االستفسارات التي تبحث عن
التأكيدات المحتملة ،وبين ھذا وذاك نرى أن الشائعة قد
وجدت لھا أرضية خصبة لتنمو وتتفاقم إلى حد يصعب عنده
الفصل بين األصل واإلضافات ،والصحة واالفتراءات ،وألن البشر
بطبيعتھم يميلون بشدة إلى الجانب الفضولي في داخلھم
فيدسون أنوفھم في كل شيء يخص اآلخر .ونظراً لذلك
فكثيراً ما تاه الحق بين أالعيب الباطل.
الشائعة ھي ظاھرة اجتماعية تغزو جميع المجتمعات بغض النظر عن
المستوى الثقافي والعلمي لھذه المجتمعات ،ولذلك لم يتمكن الباحثون
من صياغة تعريف دقيق محدد لكلمة شائعة ولھذا سنتناول ما اتجه إليه
الباحثون من تعريفات وصوال إلى تعريف نعتقد بأنه جامع لما تعنيه كلمة
)شائعة( .
عرف البعض الشائعة بأنھا " سلوك من المسالك العديدة للجماعة ،شأنه
في ذلك شأن كل سلوك البد وأن يصل عن توتر دافع يستھدف ھدفاً
بعينه ،ويسلك سبال ً تحمل الطابع المميز للجماعة في لحظة من لحظات
حياتھا" واتجه البعض اآلخر إلى تعريفھا بأنھا " ما يطلق على المعلومات
واألفكار التي تنقلھا الرواية الكالمية أو أساليب الفواصل غير المألوفة
كالنكتة والرسم الكاريكاتيري ،وتوجه طاقتھا نحو التأثير على االنفعال
الذي يغذي تفكير اإلنسان وخياله بالشكل الذي قد يصل فيه ھذا اإلنسان
إلى الدرجة التي قد يرى فيھا ما ليس موجوداً ،فيضيف إليھا ما يجعلھا
سريعة السريان واالنتشار"
وللشائعة مفاھيم خاصة لدى بعض الفئات المتخصصة،
فعلماء النفس يعرفون الشائعة بأنھا " ظاھرة سيكولوجية
ذات داللة ومعنى ودوافع خاصة وراء ظھورھا ،وانتشارھا بين
الناس" .وينظر إليھا علماء السياسة على أنھا " أسلوب من
أساليب إثارة الجماھير وبلبلة األفكار بقصد أو بدون قصد،
وتتضمن أخبار ونوادر وقصص" .أما خبراء الدعاية فيرون أن
الشائعة من "أقوى العوامل التي تؤثر في تكوين الرأي العام
وتقوم على انتزاع بعض األخبار أو المعلومات من سياقھا
الطبيعي ومعالجتھا أو تحريفھا سواء بالمبالغة أو التھوين
بالنفي أو التأكيد ،ثم إعادة صياغتھا بصورة انفعالية وتقديمھا
في صورة تتماشى مع األعراف والتقاليد والقيم السائدة" .
والشائعة وفقاً لتقديرات علماء االتصال " عبارة عن نبأ مجھول
المصدر ،سريع االنتشار ،يحتوي على جزء من الحقيقة الذي
يشكل النواة األساسية لبنائھا وانتشارھا" .ويرى علماء
االقتصاد بأن " كل حديث تنقصه المعلومات ويتداوله الناس
في األسواق والمؤسسات االقتصادية ويجلب االضطراب
واالنزعاج والبلبلة في حركتھا يمكن أن يدخل فيما يسمى
بالشائعة االقتصادية".
ومع كل ھذه التعريفات يمكن أن نستخلص
تعريفاً نراه جامعاً للتعريفات السابقة ،حيث أن
الشائعة ھي " المعلومات واألحاديث واألقوال
التي تتسم بالغموض واألھمية وبتناقلھا الناس
فيما بينھم دون أن تستند إلى مصدر موثوق
يدعم صحتھا أو ينفيھا" .
أنواع الشائعات
ظھرت عدة تقسيمات يمكن على أساسھا تحديد أنواع الشائعات ،حيث
اختلف الباحثين في وضع تصنيف موحد ألنواع الشائعات يطبع على أي
مجتمع ،حيث أن العالقات االجتماعية بين الناس متشابكة .وعلى ذلك يمكن
وضع ثالثة معايير أساسية لتصنيف الشائعات -:
أوال ً :من حيث الزمن.
ثانياً :من حيث موضوعھا.
ثالثاً :من حيث الدوافع أو البواعث النفسية.
رابعاً :من حيث الوسيلة.
أوال ً :من حيث البعد الزمني:
تنقسم الشائعة من حيث ھذا البعد إلى :
الشائعة الزاحفة ) الحابيه ( :
يظھر من تسميتھا بأنھا تسير ببطء وتنتشر بطريقة غير علنية ،وتنتھي بأن
يعرفھا الجميع ،وھي توجه ضد الحكومة أو الشخصيات الرسمية.
الشائعة المسرعة) االندفاعية ( :
وھي تلك الشائعة التي تتسم بسرعة انتشارھا كانتشار النار في الھشيم،
فھي تجتاح المجتمع في وقت مذھل ألنھا تستند إلى العواطف الجياشة
مثل الذعر والغضب والفرصة المفاجئة ،ويكون مضمونھا في الغالب متعلقاً
بالكوارث وأعمال العنف.
الشائعة الغائصة ) الغاطسة ( :
يتضح لنا من التسمية بأنھا تلك الشائعة التي تنتشر برھ ً
ة وتنخفض ،وحينما تتھيأ لھا
الظروف تطفو من جديد في وقت الحق ،فغالباً ما تكون ھذه الشائعة نائمة في عقول
مروجيھا ،فتظھر عندما تقع ظروف مشابھة للظروف األولى التي ظھرت فيھا من قبل
فتصحو وتخرج .ويمكن القول عنھا بأنھا شائعة موسمية وتأخذ شكل الفكاھة والنكات.
ثانياً :من حيث موضوع الشائعة.
يقوم ھذا التصنيف على حصر عدد الشائعات التي تدور حول موضوع معين ،وموضوع
الشائعات يختلف بحسب الفترة التي تطلق فيه الشائعة ،ويختلف أيضاً باختالف قيم
ومفاھيم المجتمع الذي توجد بيه ،والشك أن المستويات الثقافية للجماعة يساھم في
تشكل الشائعة وفق ھذا المستوى.
لكي تصل الشائعة إلى غايتھا ) التأثير في الرأي العام ( تكون قد أخذت
حظھا من االنتشار والتكاثر ،فكلما حققت الشائعة انتشارا أوسع من
الحقائق التي تلحظھا ،زاد عمق تأثيرھا في األوساط التي تنتشر فيھا،
وتمارس الشائعة تأثيرھا بقوة على الجمھور التي تجمع بين أفراده مصالح
مشتركة أو تسود بينھم درجة عالية من التقارب الثقافي والقيم ،باإلضافة
إلى االھتمام بموضوع الشائعة .وعليه يمكن أن نعدد بعض اآلثار العامة
للشائعات في النقاط التالية:
إضعاف الروح المعنوية ألفراد المجتمع.
حجب الحقائق وعدم إعطاء الفرصة للظھور.
زعزعة الثقة وتحطيم سمعة المصادر بما يؤثر على مصداقيتھا.
حرمان الفرد من القدرة على التفكير واتخاذ القرار بشكل سليم.
إغراء الناس وإغراقھم بالحوار والنقاش حول موضوعات ھزيلة نسبياً
والتغاضي عن موضوعات أكثر أھمية.
التشكيك في المعلومات حول بعض القضايا أو الموضوعات أو
المواقف بإطالق األكاذيب حولھا والتفسيرات الخاطئة عنھا.
إشاعة جو عدم الثقة في كل ما يتصل بحياة الناس اليومية.
تضليل الرأي العام وإرباكه بما يؤثر على سلوكه وتصرفاته
الالحقة ومن ثم تحريكه في االتجاه المطلوب.
تصعيد انفعاالت الجماھير وحشد تأييدھم ومباركتھا لقرارات
من التوقع إصدارھا في وقت الحق.
تدمير سمعة األفراد وخاصة أولئك الذي يتولون مسؤوليات
ومواقع مھمة.
إثارة الرعب ونشر الخوف بين الناس ،وزعزعة الثقة في
األجھزة األمنية وإظھار ضعفھا وعدم قدرتھا على ضبط األمور.
تجميد وتدمير المرافق والعناصر اإلنتاجية وتعطيلھا.
إحجام رأس المال المحلي واألجنبي عن االستثمار داخل
الدولة.
األساليب العلمية والعملية لمواجھة
الشائعات
الشائعة المطلقة بتوقيت مدروس تستطيع عملياً اختراق الرأي العام
سواء مرت سريعاً أو بقيت متداولة لفترة قصيرة وأيا كانت طبيعة ھذا
االختراق فإن النظرة للشائعة كأداة تدمير تفرض مواجھتھا للحد من
تعاظم دورھا وتأثيرھا على حياة الناس .ويعتقد البعض بأنه من
الصعب محاربة الشائعة ،فلو سكتنا عنھا يزداد تأثيرھا ،ولو حاولنا
تكذيبھا فسنجعل من لم يسمعھا يرددھا ،ولذلك فإن التصدي لھا
يجب أن يتم بطريقة غير مباشرة إذا كنا نجھل مصدرھا ،أما إذا كان
مصدرھا معروفاً لدينا ،فإن كشفه وتعرية مقاصده ضرورة البد منھا.
األساليب العملية لمواجھة الشائعات
أوال ً :المواجھة
ويعتمد على المواجھة المباشرة للشائعة انطالقاً من مبدأ ) أذكر
الشائعة ثم اضرب بكل قوة ( ،وقد استخدم ھذا األسلوب في الحرب
العالمية األولى ،ورغم اعتراض كثير من الخبراء عليه إال أنه ال يزال من
األساليب المستخدمة للتصدي للشائعة ،ويبدي المعارضين على
استخدام ھذا األسلوب مبررات جوھرية تتمثل في أن ذكر الشائعات
ثم تكذيبھا ھو في حد ذاته نشر وترويج لھا ،وذلك ألن الرد قد ال يكون
بالقوة ذاتھا للشائعة .وعليه يصبح إسقاط الشائعة من أذھان
الجماھير عملية شبه مستحيلة على المدى القريب.
ثانياً :التجاھل والتوضيح
يعتمد في ھذا األسلوب على عدم ذكر الشائعة التي نريد مقاومتھا
والتصدي لھا ،وإنما يتم توجيه ضربات إليھا ومحاصرتھا في كل
االتجاھات وھو ما يطلق عليه ) ال تذكر الشائعة بل اضرب بكل قوة ( .
إال أن إزاحة الشائعة من أذھان الجماھير بھذا األسلوب قد يكون
عملية غير مأمونة العواقب خاصة إذا عاودت الظھور مرة أخرى.
أوال ً :رصد اتجاھات الرأي العام حول الشائعات ودراستھا دراسة
تحليلية ورفع تقارير دورية بشأنھا للجھات المختصة.
ثانياً :التنسيق مع األجھزة اإلعالمية بھدف نشر األخبار واألنشطة
والفعاليات المختلفة المتعلقة بالجھات المختصة.
ثالثا :إعداد وتنفيذ البرامج اإلعالمية عبر وسائل االعالم المختلفة
التي تمتلكھا الجھات المختصة ،ومثال ذلك المجالت والنشرات التي
تصدر من الجھات الحكومية.
رابعاً :عقد المؤتمرات والندوات الخاصة بالشائعات.
خامساً :إنشاء المراكز المتخصصة للرد على استفسارات الجمھور
على ما يشاع من أكاذيب وافتراءات وتوعيته بمخاطر الشائعات.
سادساً :إصدار القوانين الرادعة للحد من جرائم القرصنة والتعدي
على حقوق اآلخرين والتي تعتبر بيئة خصبة لنشر الشائعات.
سابعاً :شغل اھتمامات الشباب فيما يفيد وينفع .وفتح المجال أمامه
الكتشاف مواھبه واستغالل وقت فراغه وتعزيز انتمائه لألرض والوطن
كيف نقاوم الشائعة :
نعود مرة أخرى إلى عناصر معادلة انتشار
الشائعات فنؤكد على اليقظة للشائعات في أوقات
األزمات والحروب وفترات التحول السياسي أو
االجتماعي حيث يكون المناخ قابال النطالق
الشائعات .والعنصر الثاني واألھم ھو توافر
المعلومات الصحيحة والصادقة عن أي موضوع يھم
الناس وتبنى أعلى درجات الشفافية مع الناس
حتى ال يقعوا فريسة الغموض وااللتباس .والعنصر
الثالث وھو التركيبة النفسية للناس وذلك
يستدعى االھتمام بتعليم الناس وثقافتھم ،
واألھم من ذلك تربية النشء على التفكير النقدي
الذي يمحص األمور قبل أن يصدقھا أو يقبلھا أو
يرفضھا .وأخيرا إشاعة فضيلة الصدق في المجتمع
واعتباره من أھم المقومات األخالقية للناس بوجه
عام ولقادة السياسة والفكر بشكل خاص
تحصين المجتمع من الشائعة
م ،إال بعدة طرق ومنھا :
وفي ھذا األمر يمكن القول أن التصدي للشائعات ال يت ّ
ُيعد التبين والصدقية والتحري من أھم وسائل مقاومة خطر الشائعات ،وقد جاء في
مل مسؤولية أكبر تجاه اإلشاعات ،والمواد قوله عزّ وجل وارتقى بنا القرآن على تح ّ
ن مجرّد التوقّف ال اإلعالمية ،حينما أمرنا بالبحث والتحرّي عن واقع اإلشاعة ؛ أل ّ
تصديق وال تكذيب قد يفوت مصلحة ھا ّمة ،أو ربما تترتّب بعض اآلثار ،والمواقف
ي ھنا دور التبيّن بتعبير القرآن الكريم ]:يَا أَي ّ َھا العملية على تلك اإلشاعات ،فيأت ّ
حوا َعلَى َما ة َف ُت ْ
ص ِب ُ ج َھالَ ٍ ً
يبوا َق ْوما بِ َ َ
ق بِ َنبَ ٍإ َف َتبَي ّ ُنوا أن ُت ِ ُم َفا ِ ال ّ ِذ َ
ص ُ س ٌ جا َءك ْ
ين آ َم ُنوا إِن َ
ين [) سورة الحجرات.(٦ / م نَا ِد ِم َ َف َع ْل ُت ْ
ومع أن محكم الكالم ھنا في اآلية قد أمرّ بالتبيّن عن الخبر الذي ينقله الفاسق،
ن الثقة إال أن ذلك ال يعني ذلك عدم التبيّن عن الخبر الذي ينقله العادل أو الثقة؛ أل ّ
قد ينقل عن غير الثقة ؛ إ ّما تسامحاً ،أو غفل ًة عن حال مصدر الخبر ،أو لحسن ظنّه
بالناقل ،أو قد ُيسيء العادل ،أو الثقة تفسير حادث من الحوادث ،خصوصاً مع
فقدان الوعي اإلعالمي عند معظم الناس .
ل أحد ،فيجب أن ن التبيّن ،أو الفحص عن صحة الخبر ليس أمراً سھال ً ومتاحاً لك ّ مأ ّ ث ّ
ن يتوفّر على وعي ومعرفة سليمة ،واحيانا كثيرة تحتاج الدول مة َم ْدى لھذه المھ ّ يتص ّ
إلى مختصين في علوم شتى لتساند أجھزتھا األمنية في الكشف عن مصادر األخبار
والشائعات.
-٢ردّ األمر إلى صاحب ولي األمر :
م
م ْن ُھ ْ
َه ِ
س َت ْنبِطُون ُ
ين يَ ْ
ذ َه ال ّ ِ
م ُ م لَ َ
علِ َ م ْن ُھ ْ
ر ِ وإِلَى ُأولِي األ َ ْ
م ِ ل َ ولَ ْو َردّو ُه إِلَى الرّ ُ
سو ِ قال تعالىَ ...]:
د
[)،النساء .(٨٣ /واآلية الكريمة تبين أحد األساليب المتّبعة في تطويق الشائعات ،والح ّ
من انتشارھا ،وقد عبّر القرآن عن ھذا االُسلوب بالردّ إلى الرسول )صل ّى ﷲ عليه وآله(
وأ ُ◌ولي األمر ،ويعبّر عنه في الدراسات النفسية واالجتماعية بـ )عيادة اإلشاعات( ،وھي ُ
مراكز متخصّصة تنشئھا بعض الدول ،وظيفتھا األساسية ھي تحليل اإلشاعات التي تضرّ
دي لھا ،وإنھاء تأثيراتھا السلبية. بمصالح ذلك البلد؛ تمھيداً للتص ّ
د من أبرز وسائلويجب تحصين المجتمع من أخطار الشائعات وأضرارھا ؛ وذلك ألنّھا تع ّ
د مجتمعٍ ما من المجتمعات ،وفي أيام الحرب الحرب النفسية التي يشنّھا األعداء ض ّ
مة ،مستھدفة من أطراف ّ عا ةّ اإلسالمي مجتمعاتنا ن
فأ ّ
والسلم على السواء .وغير خا ٍ
ل أھونھا األطراف البارزة المعروفة من قوى الكفر والضالل التي تتربّص عديدة ،لع ّ
باإلسالم وأھله .ويكمن خطر الحرب النفسية في أنّك ال تعرف الجھة التي تحاربھا ،وال
تلتفت إلى الوسائل التي يستخدمھا عدوّك في تلك الحرب).ويقصد بالحرب النفسية :
استخدام الدعاية وغيرھا من األساليب؛ للتأثير في إرادة وعواطف ،واتجاھات وعقائد ،
وسلوك جماعات معينة()عبد الرحمن محمد عيسوي علم النفس االجتماعي. (٧/
ده،
جه ض ّوتستھدف الحرب النفسية نشر الفرقة واالنقسام في صفوف المجتمع الذي تو ّ
وإضعاف ثقته بنفسه عن طريق زعزعة ثقته بأفكاره وعقائده ومبادئه ،وكذلك نزع الثقة
بينه وبين قياداته ،ومحاولة عزل المجتمع عنھم ،كما قد تسعى إلى كسب بعض العناصر
في المجتمع ،وإمالتھم إلى صف العدوّ من خالل إبراز الصديق بثوب العدوّ ،والعدوّ بثوب
الصديق.
ن اإلشاعات من أھم األساليب الدعائية الناجحة في الحرب النفسية ؛ وذلك ومن الواضح أ ّ
دة تأثيرھا في نفسية الجمھور ،وسھولة استخدامھا ،وقل ّة تكاليفھا المادية ...إلخ ؛ لش ّ
ن اإلشاعات ليست إال ّ عبارة عن األحاديث واألخبار واألقوال التي يتناقلھا الناس، أل ّ
والقصص التي يروونھا دون التثبّت من صحتھا أو التحقّق من صدقھا .فھي أنباء وأخبار
وقصص ُتطرح من قبل جھة مستفيدة ،ربما يكون شخصاً ،أو مؤسسة ،أو دولة ؛ لتنشر
في مجتمعات معينة لألھداف التي مرّت اإلشارة إلى بعضھا .
ثالثاً :عدم ترديد اإلشاعة ونشرھا .
ن اإلشاعات ال تأخذ م القرآن الكريم بھذه النقطة أكثر من سابقتيھا؛ وذلك أل ّ اھت ّ
فم إلى آخر .قال تعالى في سورة أثرھا ،وال تتح ّقق الغاية منھا إال ّ بسبب إلقائھا من ٍ
ھيّناً س ُبونَ ُه َ
ح َ ع ْل ٌ
م َوتَ ْ س لَكُم بِ ِ
ه ِ ھكُم َما لَ ْي َ ُم َوتَ ُقولُونَ بِأَ ْف َوا ِ
س َنتِك َْه بِأَ ْل ِ النور ) :إِ ْذ تَلَ ّ
ق ْون ُ
م () سورة النور. (١٥ / ظي ٌه َع ِ عن َد الل ّ ِ
ھ َو ِ
َو ُ
والمقصد ھنا :أي إنّكم تنقلون ھذه األخبار الكاذبة واإلشاعات ،خصوصاً التي ُتسيء
إلى سمعة المؤمنين ،أو ُتضعف وحدتھم ،أو تفقد الثقة في بعضھم البعض ،واإللقاء
ل أحد ،أي يمكن تناوله بسھولة ،والقول باألفواه كناية عن كون ھو الطرح ليجده ك ّ
م يوبّخ تبارك وتعالى لقبول بعض الناس الكالم مجرّد عبارات ال حقيقة لھا في الواقع .ث ّ
كل ّ َ
م َ
ُون لَ َنا أن ن ّ َت َ
مو ُه ُق ْل ُتم ّما يَك ُم ْع ُت ُ ،واستساغتھم مثل ھذه االفتراءات َ ) :ولَ ْوال َ إِ ْذ َ
س ِ
م () سورة النور . (١٦ / ظي ٌان َع ِك ھذَا ُب ْھ َت ٌ ح ان َ َ
س ْب َ
بِھذَا ُ
وھنا يمكن التعويل على دور التقنيات الحديثة فى نشر الشائعات مثل وسائل
االتصال واالنترنت والتلفزيون التى تندرج ضمن البناء التقنى للمجتمع وھى التى يتم
اختراقه من خاللھا ،ولألسف برغم ان التكنولوجيا في االتصال تعد منجزا علميا ،من
المفترض أن يزيد المجتمع علمية وعقالنية ،إال أن إلى خطر التقنيات فى يكمن في
سرعة نشر اإلشاعات وإرباك المجتمعات ،من خاللھا ،وھنا يحضر دور التحصين
النفسى واالجتماعى ضد الشائعات من خالل التوعية وإيجاد برامج مضادة للشائعات
ونشر الوعى المضاد لھا ،عبر كافة المؤسسات والوسائط ومنھا:
-مؤسسة المنبر ،إذ تعد المساجد وبيوت ﷲ عز وجل من الوسائل المباشرة بين
أھل العلم والجمھور ،وھنا على الدعاة ورجال العلم مسؤولية واضحة في ذلك،
لتجنب الفتنة والحفاظ على تماسك المجتمع ،وإشاعة الفضيلة بين الناس.
د
-المناھج المدرسية ودور المعلمين وأساتذة الجامعات :الب ّ
من تعزيز مفاھيم الوعي ضد الشائعات عبر المناھج المدرسية ،كما
يجب أن تقوم مؤسسة المدرسة بالدور التنويري داخل المجتمع
والتشجيع على إشاعة قيم المواطنة الصالحة لھذا ينبغي أن يكون
المعلم وأستاذ الجامعة مثاال للمواطن الصالح ،وأن ينمي قيم
المواطنة الصالحة في نفوس طالبه فيكون " بعي ًدا عن التحزب أو
التعصب لفئة أو لجماعة أو لطائفة أو غير ذلك ،وأال يكون متحي ًزا إلى
جبھة أو اتجاه من شأنه التأثير على عمله كمرب لألجيال له دوره
الھام في اإلعداد للمواطنة في مجتمعه ،وھو لھذا ينبغي أن يتصف
بالسمو الخلقي" ).سليمان ١٩٧٧ ،م ،ص (١١٨: