Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 13

‫اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ‪2023-2022‬‬ ‫ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﺧوة ﻣﻧﺗوري – ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ –‬

‫ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق‬

‫ﻗﺳم اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم‬

‫اﻟﺳﻧﺔ اﻷوﻟﻰ – ﻟﯾﺳﺎﻧس –‬

‫دروس ﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدﺳﺗوري‬

‫اﻷﺳﺗﺎذ‪ :‬زواش ﺷﻌﯾب‬

‫اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ‪ :‬د‬

‫اﻟﻔوج‪ 26 :‬و ‪29‬‬

‫اﻟدرس اﻷول‪ :‬ﻧﺷﺄة اﻟدوﻟﺔ‬

‫ﺗﻌـ ــددت اﻟﻧظرﯾـ ــﺎت اﻟﻣﻬﺗﻣـ ــﺔ ﺑﺎﻟﺑﺣـ ــث ﻓـ ــﻲ أﺻـ ــل ﻧﺷـ ــﺄة اﻟدوﻟـ ــﺔ‪ ،‬وﻗـ ــدﻣت اﻟﻌدﯾـ ــد ﻣـ ــن اﻟﺗﻔﺳـ ــﯾرات‪ ،‬إذ ﻫﻧـ ــﺎك‬
‫ﻣ ـ ــن ﯾ ـ ــرى أن اﻟدوﻟ ـ ــﺔ ظ ـ ــﺎﻫرة طﺑﯾﻌﯾ ـ ــﺔ‪ ،‬وﻫ ـ ــﻲ ﻧﺗ ـ ــﺎج ﺗﻠﻘ ـ ــﺎﺋﻲ ﻟﻠﻘ ـ ــوة اﻟﻣﻔروﺿ ـ ــﺔ ﻋﻠ ـ ــﻰ أﻓـ ـ ـراد اﻟﺟﻣﺎﻋ ـ ــﺔ‪ ،‬ﻓ ـ ــﻲ‬
‫ﺣ ـ ــﯾن ﻫﻧ ـ ــﺎك ﻣ ـ ــن ﯾ ـ ــرى أن اﻟدوﻟ ـ ــﺔ ظ ـ ــﺎﻫرة ﺿ ـ ــرورﯾﺔ وأﻧﻬ ـ ــﺎ ﻣ ـ ــن إﻣ ـ ــﻼءات اﻟﻘـ ـ ـواﻧﯾن اﻹﻟﻬﯾ ـ ــﺔ او ﺑ ـ ــﺎﻷﺣرى‬
‫ﻫﻲ ﻧﺗﺎج طﺑﯾﻌﻲ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻹﻻﻫﻲ اﻟذي ﻻ دﺧل ﻹرادة اﻟﺑﺷر ﻓﯾﻪ‪.‬‬

‫وﻣن اﻫم ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺎت‪:‬‬

‫أوﻻ‪ :‬اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﻌﻘدﯾﺔ‬

‫وﻧﻘﺻـ ـ ــد ﺑﺎﻟﻧظرﯾـ ـ ــﺎت اﻟﻌﻘدﯾـ ـ ــﺔ؛ اﻟﻌﻘ ـ ـ ــد اﻻﺟﺗﻣـ ـ ــﺎﻋﻲ ﻋﻧـ ـ ــد ﻛ ـ ـ ــل ﻣـ ـ ــن ﺗوﻣـ ـ ــﺎس ﻫ ـ ـ ــوﺑز‪ ،‬ﺟـ ـ ــون ﻟـ ـ ــوك‪ ،‬ﺟ ـ ـ ــﺎك‬
‫روﺳو‪.‬‬

‫‪ – 1‬ﻧظرﯾﺔ ﺗوﻣﺎس ﻫوﺑز‪:‬‬

‫إن ﻫـ ــوﺑز ﻫـ ــو أﺣـ ــد اﻟﻔﻼﺳـ ــﻔﺔ اﻹﻧﺟﻠﯾـ ــز‪ ،‬وﯾـ ــرى ﻫـ ــوﺑز أن اﻹﻧﺳـ ــﺎن ﯾﺑﺣـ ــث ﻋـ ــن وﺳـ ــﯾﻠﺔ ﺗﺿـ ــﻣن ﻟـ ــﻪ اﺗﺑـ ــﺎع‬
‫ﻣﺻـ ــﺎﻟﺣﻪ وﺗﺣﻘﯾـ ــق أﻏ ارﺿـ ــﻪ‪ ،‬واﻟوﺳـ ــﯾﻠﺔ اﻟوﺣﯾـ ــدة ﻟﺗﺣﻘﯾـ ــق ذﻟـ ــك ﻫـ ــو ﻗ ـ ـرار إرادي‪ ،‬ﯾﻌـ ــد ﺑﻣﺛﺎﺑـ ــﺔ ﻋﻘـ ــد ﺿـ ــﻣن‬
‫أطـ ـ ـراف ﻫ ـ ــذا اﻟﻌﻘ ـ ــد ﻫ ـ ــو أطـ ـ ـراف اﻟﻣﺟﺗﻣـ ــﻊ‪ ،‬وﻟ ـ ــم ﯾﻛ ـ ــن اﻟﺣ ـ ــﺎﻛم طرﻓ ـ ــﺎ ﻓﯾ ـ ــﻪ‪ ،‬وﻣﺣﺗـ ــوى ﻫ ـ ــذا اﻟﻌﻘ ـ ــد ﻫ ـ ــو أن‬
‫ﯾﺗﻧ ـ ــﺎزل اﻷﻓـ ـ ـراد طوﻋ ـ ــﺎ واﺧﺗﯾـ ـ ـﺎ ار ﻋ ـ ــن ﺣﻘ ـ ــوﻗﻬم وﺣرﯾ ـ ــﺎﺗﻬم اﻷﺳﺎﺳ ـ ــﯾﺔ ﻟﺻ ـ ــﺎﻟﺢ اﻟﺣ ـ ــﺎﻛم وﻫ ـ ــو ﻣ ـ ــﺎ ﯾﻌﻧ ـ ــﻲ أن‬
‫اﻟﺣﺎﻛم ﻏﯾر ﻣﻠزم إﺗﺟﺎﻩ ﻣواطﻧﯾﻪ وﻟم ﯾﺗﻧﺎزل ﻋن ﺣرﯾﺎﺗﻪ وﺣﻘوﻗﻪ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وﻧﺗﯾﺟ ـ ــﺔ ﻟﻬـ ـ ــذا اﻟﻌﻘـ ـ ــد ﻓ ـ ــﺈن اﻟﺣـ ـ ــﺎﻛم أﺿ ـ ــﺣﻰ ﺣﺎﻛﻣ ـ ــﺎ ﻣطﻠﻘ ـ ــﺎ طﺎﻟﻣـ ـ ــﺎ أن إرادة أﻓ ـ ـ ـراد اﻟﻣﺟﺗﻣـ ـ ــﻊ ﻛﺎﻓ ـ ــﺔ ﯾﺟـ ـ ــب‬
‫ﺑﻣﻘﺗﺿـ ـ ــﻰ ﻫـ ـ ــذا اﻟﻌﻘـ ـ ــد أن ﺗظـ ـ ــل ﺧﺎﺿـ ـ ــﻌﺔ ﻹرادة اﻟﺣـ ـ ــﺎﻛم دون ﻣﻧﺎﻗﺷـ ـ ــﺔ أو ﻣﺟﺎدﻟـ ـ ــﺔ‪ ،‬وﻫـ ـ ــذا اﻟﺣـ ـ ــﺎﻛم ﻏﯾـ ـ ــر‬
‫ﻣﻠـ ــزم ﺑﺄﯾـ ــﺔ اﻟﺗ ازﻣـ ــﺎت إﺗﺟـ ــﺎﻩ أﻓ ـ ـراد اﻟﺟﻣﺎﻋـ ــﺔ‪ ،‬وذﻟـ ــك ﻷن اﻟﺣـ ــﺎﻛم ﻟـ ــم ﯾﻛـ ــن طرﻓـ ــﺎ ﻓـ ــﻲ اﻟﻌﻘـ ــد‪ ،‬ﻛﻣـ ــﺎ أﻧـ ــﻪ ﻟـ ــم‬
‫ﯾﺗﻧﺎزل ﻋن أي ﺣق ﻣن ﺣﻘوﻗﻪ وﺣرﯾﺎﺗﻪ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ظل ﺣﯾﺎة اﻟﻔطرة‪.‬‬

‫وﯾﻌﺗﺑ ـ ــر اﻟﺣ ـ ــﺎﻛم وﻓﻘ ـ ــﺎ ﻷﻓﻛ ـ ــﺎر ﻫ ـ ــوﺑز ﻫ ـ ــو ﺻ ـ ــﺎﺣب اﻟﺳـ ـ ــﻠطﺎن اﻟﻣطﻠ ـ ــق‪ ،‬وأن ﻗـ ـ ـ اررات اﻟﺣـ ـ ــﺎﻛم ﻫ ـ ــﻲ اﻟﺗ ـ ــﻲ‬
‫ﺧﻠﻘـ ــت اﻟﻘواﻋـ ــد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾـ ــﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾـ ــﺔ‪ ،‬ﻏﯾـ ــر أن ﻫـ ــذﻩ اﻟﻧظرﯾـ ــﺔ ﻋرﻓـ ــت اﻟﻌدﯾـ ــد ﻣـ ــن اﻻﻧﺗﻘـ ــﺎدات ﻣﻧﻬـ ــﺎ " أﻧـ ــﻪ‬
‫ﻟ ـ ــﯾس ﻣ ـ ــن اﻟﻣﺗﺻ ـ ــور أن ﯾﺗﻧ ـ ــﺎزل اﻹﻧﺳ ـ ــﺎن ﻣﺧﺗ ـ ــﺎ ار ﻋ ـ ــن ﺣرﯾﺎﺗ ـ ــﻪ وﺣﻘوﻗ ـ ــﻪ اﻟطﺑﯾﻌﯾ ـ ــﺔ ﻷن ذﻟ ـ ــك ﯾﻌ ـ ــد ﺗﻧ ـ ــﺎزﻻ‬
‫ﻋن ﻛراﻣﺔ اﻹﻧﺳﺎن"‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻧظرﯾﺔ ﺟون ﻟوك‪:‬‬

‫اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻻﻧﺟﻠﯾزي ﺟون ﻟوك ﻟم ﯾﺧﺗﻠف ﻛﺛﯾ ار ﻋن ﻫوﺑر إﻻ ﻓﻲ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﻲ اﻧﺗﻬﻰ إﻟﯾﻬﺎ‪.‬‬

‫ذﻫـ ــب ﺟـ ــون ﻟـ ــوك إﻟـ ــﻰ أن اﻟﻣﺟﺗﻣـ ــﻊ اﻟﺳﯾﺎﺳـ ــﻲ ﻛـ ــﺎن ﻣﺟﺗﻣﻌـ ــﺎ ﺗﺳـ ــودﻩ ﺣﯾـ ــﺎة اﻟﻔط ـ ـرة واﻟﺑـ ــداوة ﯾﺳـ ــودﻫﺎ ﺣـ ــب‬
‫اﻟوﻓﺎق وﺗﺣﻛﻣﻬﺎ ﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧون اﻟطﺑﯾﻌﻲ ورﻏﺑﺔ اﻷﻓراد ﻓﻲ اﻟﻌﯾش ﻓﻲ ﺣﯾﺎة أﻓﺿل‪.‬‬

‫وﻋﻠﯾ ـ ــﻪ‪ ،‬ﺗ ـ ــم اﻟﺗﻌﺎﻗ ـ ــد ﺑﯾ ـ ــﻧﻬم ﻗﺻ ـ ــد إﻗﺎﻣ ـ ــﺔ وﺗﺄﺳ ـ ــﯾس ﺳ ـ ــﻠطﺔ ﺗﻬ ـ ــﺗم ﺑﺣﻣﺎﯾ ـ ــﺔ ﺣﻘ ـ ــوﻗﻬم وﺣرﯾ ـ ــﺎﺗﻬم‪ ،‬وﻣ ـ ــن ﻫﻧ ـ ــﺎ‬
‫ظﻬـ ـ ــرت ﻓﻛ ـ ـ ـرة ﻣﺷـ ـ ــروﻋﯾﺔ اﻟﺳـ ـ ــﻠطﺔ‪ ،‬أي ان ﺳـ ـ ــﻠطﺔ اﻟدوﻟـ ـ ــﺔ ﺗﻘـ ـ ــوم ﻋﻠـ ـ ــﻰ أﺳـ ـ ــﺎس ﻣﺷـ ـ ــروع‪ ،‬أﻻ وﻫـ ـ ــو رﺿـ ـ ــﺎ‬
‫وﻣواﻓﻘﺔ أﻓراد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪ ،‬وﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺳﻠطﺔ ﺣﺳب ﻟوك ﺗﺳﺗﻧد إﻟﻰ اﻟرﺿﺎ اﻟﺷﻌﺑﻲ‪.‬‬

‫وﻗ ـ ــد اﻋﺗ ـ ــرف ﻟ ـ ــوك ﻟﻠﺷ ـ ــﻌب ﺑﺣ ـ ــق اﻟﺛ ـ ــورة واﻟﺗﻣ ـ ــرد ﻋ ـ ــل اﻟﺣ ـ ــﺎﻛم ﻓ ـ ــﻲ ﺣﺎﻟ ـ ــﺔ ﻣﺧﺎﻟﻔﺗ ـ ــﻪ ﻻﻟﺗزاﻣﺎﺗ ـ ــﻪ ﻛﺣـ ـ ــﺎﻛم‪،‬‬
‫وﻫـ ــذﻩ ﻧﺗﯾﺟـ ــﺔ طﺑﯾﻌﯾـ ــﺔ ﻟﻔﻛ ـ ــر اﻟﻌﻘـ ــد اﻟـ ــذي ﻫـ ــو ﻣﻠ ـ ــزم ﺑﺷـ ــروطﻪ وﺣـ ــدودﻩ‪ ،‬ﻓـ ــﺈذا ﺗﺟ ـ ــﺎوز ﺣـ ــدود اﻟﻌﻘـ ــد وأﺧـ ــل‬
‫ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎﺗـ ــﻪ ﺣـ ــق ﻋﻠﯾـ ــﻪ اﻟﺟـ ـ ـزاء اﻟ ـ ــذي ﯾﺻـ ــل إﻟ ـ ــﻰ ﺣـ ــد اﻟﺛـ ــورة واﻟﺗﻣ ـ ــرد واﻟﻌﺻـ ــﯾﺎن‪ ،‬وﻫﻧ ـ ــﺎ ﯾﺑـ ــرز اﻟﻔ ـ ــرق ﺑـ ــﯾن‬
‫ﻫ ــوﺑز وﻟ ــوك‪ ،‬ذﻟ ــك ان ﻫ ــوﺑز ﯾ ــرى أن اﻟﺣ ــﺎﻛم ﻟ ــم ﯾﻛ ــن طرﻓ ــﺎ ﻓ ــﻲ اﻟﻌﻘ ــد‪ ،‬ﻓ ــﻲ ﺣ ــﯾن ﻟ ــوك ﯾ ــرى أن اﻟﺣﻛ ــﺎم‬
‫طرﻓﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻘد‪ ،‬وﻣﻧﻪ ﺳﻠطﺗﻪ ﻣﻘﯾدة وﻟﯾس ﻣطﻠﻘﺔ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﺟﺎك روﺳو‪:‬‬

‫إن اﻟﻔﯾﻠﺳ ـ ــوف اﻟﻔرﻧﺳ ـ ــﻲ روﺳ ـ ــو ﺻ ـ ــﺎﺣب ﻛﺗ ـ ــﺎب اﻟﻌﻘ ـ ــد اﻻﺟﺗﻣ ـ ــﺎﻋﻲ ﻟ ـ ــم ﯾﺧﺗﻠ ـ ــف ﻛﺛﯾـ ـ ـ ار ﻋ ـ ــن ﻫ ـ ــوﺑز وﻟ ـ ــوك‬
‫ﻓـ ــﻲ اﻟﺗﻌﺎﻗـ ــد واﻟﺗﻘـ ــﺎء اﻹرادات ﻛوﺳـ ــﯾﻠﺔ ﻹﻧﺷ ـ ــﺎء اﻟدوﻟـ ــﺔ‪ ،‬إﻻ أﻧ ـ ــﻪ اﺧﺗﻠـ ــف ﻣﻌﻬ ـ ــم ﻓـ ــﻲ ﺷـ ــﺄن ﻣﺎﻫﯾـ ــﺔ اﻟﺗﻌﺎﻗ ـ ــد‪،‬‬
‫إذ ﯾرى أن اﻟﺣﯾﺎة ﻛﺎﻧت ﺗﺳودﻫﺎ اﻟﺣﯾﺎة اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺑﺷر‪ ،‬وأن اﻹﻧﺳﺎن ﺣ ار ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة‪.‬‬

‫ﻛﻣ ـ ــﺎ ﯾ ـ ــرى روﺳ ـ ــو أن اﻟﻌﻘ ـ ــد ﺑ ـ ــﯾن أﻓـ ـ ـراد اﻟﺟﻣﺎﻋ ـ ــﺔ ﺑﺻ ـ ــﻔﺗﯾن‪ :‬اﻟﺻ ـ ــﻔﺔ اﻷوﻟ ـ ــﻰ ﺑﺎﻋﺗﺑ ـ ــﺎرﻫم أﻓـ ـ ـراد طﺑﯾﻌﯾ ـ ــﯾن‪،‬‬
‫واﻟﺻـ ــﻔﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾـ ــﺔ ﻣ ـ ــن ﺣﯾ ـ ــث أﻧﻬـ ــم أﻋﺿـ ــﺎء اﻟﺟﻣﺎﻋ ـ ــﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳ ـ ــﯾﺔ اﻟﻣ ـ ـراد ﺗﻧظﯾﻣﻬـ ــﺎ وﻗﺎﻣﻬ ـ ــﺎ‪ ،‬إذ ﯾﻘـ ــول روﺳ ـ ــو‬
‫" ﻛل واﺣد ﻣﻧﺎ ﯾﻌطﻲ اﻟﻣﺟﻣوع ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬وﻛل ﻗوﺗﻪ واﺿﻌﺎ إﯾﺎﻫﺎ ﺗﺣت اﻹرادة اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺔ"‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وﯾـ ــرى روﺳـ ــو أن اﻷﻓ ـ ـراد ﺗﻧـ ــﺎزﻟوا ﻋـ ــن ﻛﺎﻣـ ــل ﺣﻘـ ــوﻗﻬم وﺣرﯾـ ــﺎﺗﻬم ﻟﻠﻣﺟﺗﻣـ ــﻊ اﻟـ ــذي ﯾﻌﯾﺷـ ــون ﻓﯾـ ــﻪ‪ ،‬وﯾـ ــرى ان‬
‫ﺷ ـ ــروط اﻟﻌﻘ ـ ــد ﺗﻧﺗﻬ ـ ــﻲ ﻛﻠﻬ ـ ــﺎ إﻟ ـ ــﻰ ﺷ ـ ــرط واﺣ ـ ــد أﻻ وﻫ ـ ــو اﻟﺗﻧ ـ ــﺎزل اﻟﻛﺎﻣ ـ ــل ﻣ ـ ــن ﻛ ـ ــل ﻋﺿ ـ ــو ﻋﻠ ـ ــﻰ ﺣﻘوﻗ ـ ــﻪ‬
‫ﻛﺎﻣﻠ ـ ــﺔ‪ ،‬وﯾﺻ ـ ــﺑﺢ أﻓـ ـ ـراد اﻟﻣﺟﺗﻣ ـ ــﻊ ﻓ ـ ــﻲ وﺿ ـ ــﻊ ﻣﺗﺳ ـ ــﺎوي‪ ،‬وﻫ ـ ــذا اﻟﻌﻘ ـ ــد أﻧﺷ ـ ــﺄ اﻟدوﻟ ـ ــﺔ‪ ،‬ﻏﯾ ـ ــر ان ﻫ ـ ــذﻩ اﻹرادة‬
‫اﻟﺟﻣﺎﻋﯾـ ـ ــﺔ اﻟﻣﺷ ـ ـ ــﺗرﻛﺔ ﻟ ـ ـ ــن ﺗﺗـ ـ ــﺄﺛر ﺑﺎﻟرﻏﺑـ ـ ــﺎت واﻟﻧ ازﻋـ ـ ــﺎت واﻟﻣﺻ ـ ـ ــﺎﻟﺢ اﻟﺷﺧﺻـ ـ ــﯾﺔ‪ ،‬وﺑﻣ ـ ـ ــﺎ أن اﻟﻔـ ـ ــرد ﯾﺗﻧ ـ ـ ــﺎزل‬
‫ﻋـ ـ ــن ﻛﺎﻣـ ـ ــل ﺣﻘوﻗـ ـ ــﻪ اﻟطﺑﯾﻌﯾـ ـ ــﺔ وﺣرﯾﺎﺗـ ـ ــﻪ اﻷﺳﺎﺳـ ـ ــﯾﺔ ﻟﻠﺟﻣﺎﻋـ ـ ــﺔ ﻓﺈﻧـ ـ ــﻪ ﯾﺳـ ـ ــﺗرد ﻧوﻋﯾـ ـ ــﺔ أﺧـ ـ ــرى ﻣـ ـ ــن اﻟﺣﻘـ ـ ــوق‬
‫ﺗﺳﻣﻰ اﻟﺣﻘوق اﻟﻣدﻧﯾﺔ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻟﻧظرﯾﺎت ﻏﯾر اﻟﻌﻘدﯾﺔ‬

‫وﻫﻲ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ ﻧظرﯾﺔ اﻟﺣق اﻹﻟﻬﻲ اﻟﻣﺑﺎﺷر‪:‬‬

‫ﺣﺳ ـ ــب ﻫ ـ ــذﻩ اﻟﻧظرﯾ ـ ــﺔ ﯾرﺟـ ــﻊ ﻧﺷ ـ ــﺄة اﻟدوﻟ ـ ــﺔ إﻟ ـ ــﻰ اﷲ اﻟ ـ ــذي ﻫ ـ ــو ﺧﻠ ـ ــق اﻟدوﻟ ـ ــﺔ‪ ،‬وﻫـ ــو اﻟ ـ ــذي ﯾﺧﺗ ـ ــﺎر اﻟﺣ ـ ــﺎﻛم‬
‫وﯾﻧﺻـ ــﺑﻪ ﻋﻠﯾﻬـ ــﺎ‪ ،‬وﻫﻧـ ــﺎك ﻣـ ــن ﯾـ ــرى أن اﻟﺣـ ــﺎﻛم ﻫـ ــو إﻻ ﻟـ ــﻪ ﻧﻔﺳـ ــﻪ وأﻧـ ــﻪ ﺧﻠﯾﻔـ ــﺔ اﷲ ﻓـ ــﻲ اﻷرض‪ ،‬ﻣـ ــن آﺛـ ــﺎر‬
‫ﻫ ـ ـ ــذﻩ اﻟﻧظرﯾ ـ ـ ــﺔ إط ـ ـ ــﻼق ﯾ ـ ـ ــد اﻟﺣ ـ ـ ــﺎﻛم ﺣﯾ ـ ـ ــث ﺗﺻ ـ ـ ــرف ﻛﺄﻧ ـ ـ ــﻪ إﻟ ـ ـ ــﻪ وﻻ ﯾﻣﻠ ـ ـ ــك أﻓـ ـ ـ ـراد اﻟﺷ ـ ـ ــﻌب إﻻ اﻟﺳ ـ ـ ــﻣﺎع‬
‫واﻟطﺎﻋﺔ‪ ،‬وﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻗﺎﻣت اﻟﻣدن اﻟﻘدﯾﻣﺔ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ ﻧظرﯾﺔ اﻟﺣق اﻹﻟﻬﻲ ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷر‪:‬‬

‫ﺗﺧﺗﻠ ـ ــف ﻫ ـ ــذ اﻟﻧظرﯾ ـ ــﺔ ﻋ ـ ــن ﺳ ـ ــﺎﺑﻘﺎﺗﻬﺎ ﺣﯾ ـ ــث ﺗ ـ ــرى أن اﻟﺣ ـ ــﺎﻛم ﻟ ـ ــﯾس ﻫ ـ ــو اﷲ‪ ،‬ﺑ ـ ــل أﻧ ـ ــﻪ ﻣ ـ ــن اﻟﺑﺷ ـ ــر‪ ،‬ﻟﻛ ـ ــن‬
‫ﯾﺳـ ــﺗﻣد ﺳـ ــﻠطﺎﻧﻪ ﻣـ ــن اﷲ وأن اﻟﺣ ـ ـوادث ﻫـ ــﻲ اﻟﺗـ ــﻲ ﺗﺗﺳـ ــﺑب ﻓـ ــﻲ اﺧﺗﯾـ ــﺎر اﻟﺣـ ــﺎﻛم ﻏﯾـ ــر أﻧـ ــﻪ ﯾﺳـ ــﺗﻣد ﺳـ ــﻠطﺎﻧﻪ‬
‫ﻣن اﷲ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺛﺎ‪ :‬ﻧظرﯾﺎت اﻟﺗطور‬

‫ﯾـ ـ ــرى أﻧﺻـ ـ ــﺎر ﻫـ ـ ــذﻩ اﻟﻧظرﯾـ ـ ــﺔ أن أﺻـ ـ ــل اﻟدوﻟـ ـ ــﺔ ووﺟودﻫـ ـ ــﺎ ﯾﻌـ ـ ــود إﻟـ ـ ــﻰ اﻷﺳ ـ ـ ـرة وﺗطورﻫـ ـ ــﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟدوﻟـ ـ ــﺔ ﺗﺑ ـ ـ ــدأ‬
‫ﺑﺎﻷﺳ ـ ـرة ﺛـ ــم ﺗﺗطـ ــور وﺗﻧﺗﺷـ ــر وﺗﺷـ ــﻛل ﻗرﯾـ ــﺔ ﺛـ ــم ﻣدﯾﻧـ ــﺔ وﺻـ ــوﻻ إﻟـ ــﻰ اﻟﻌـ ــودة اﻟﻧﻬﺎﺋﯾـ ــﺔ‪ ،‬ﻓﺄﺳـ ــﺎس اﻟدوﻟـ ــﺔ ﻫـ ــو‬
‫اﻷﺳـ ـ ـ ـرة وأﺳ ـ ـ ــﺎس ﺳ ـ ـ ــﻠطﺔ اﻟﺣ ـ ـ ــﺎﻛم ﻫ ـ ـ ــو ﺳ ـ ـ ــﻠطﺔ اﻟ ـ ـ ــرب‪ ،‬ﻏﯾ ـ ـ ــر أن ﻫ ـ ـ ــذﻩ اﻟﻧظرﯾ ـ ـ ــﺔ ﺗﻌرﺿ ـ ـ ــت ﻟﻠﻌدﯾ ـ ـ ــد ﻣ ـ ـ ــن‬
‫اﻻﻧﺗﻘﺎدات ﻣﻧﻬﺎ‪:‬‬

‫ﻫـ ــذﻩ اﻟﻧظرﯾـ ــﺔ ﺗـ ــرى أن اﻷﺳ ـ ـرة ﻫـ ــﻲ ﺧﻠﯾـ ــﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣـ ــﻊ اﻷوﻟـ ــﻰ ﻟﻛـ ــن اﻟﺟﻣﺎﻋـ ــﺔ اﻟﺑﺷ ـ ـرﯾﺔ اﻷوﻟـ ــﻰ وﺟـ ــدت ﻗﺑـ ــل‬
‫ﻧﺷ ـ ــﺄة اﻟدوﻟ ـ ــﺔ واﺳ ـ ــﺗﻛﻣﺎﻟﻬﺎ ﺑﺷ ـ ــﻛﻠﻬﺎ اﻟﺣﻘﯾﻘ ـ ــﻲ‪ ،‬وﻛﺎﻧ ـ ــت اﻟﻣـ ـ ـرأة ﻣﺷ ـ ــﺎﻋﺎ ﺑ ـ ــﯾن اﻟﻣﺟﺗﻣ ـ ــﻊ ﻓ ـ ــﻲ اﻟﺣﯾ ـ ــﺎة اﻟﺑداﺋﯾ ـ ــﺔ‬
‫اﻷوﻟﻰ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ﻫـ ــذﻩ اﻟﻧظرﯾـ ــﺔ أﺳـ ــﻧدت ﺳ ـ ــﻠطﺔ اﻟﺣ ـ ــﺎﻛم إﻟـ ــﻰ ﺳ ـ ــﻠطﺔ رب اﻷﺳـ ـ ـرة‪ ،‬ﻓـ ــﻲ ﺣ ـ ــﯾن اﻟﺛﺎﺑـ ــت ﻣـ ــن ﺧ ـ ــﻼل اﻟد ارﺳ ـ ــﺎت‬
‫اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾ ـ ــﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ـ ــﺔ أن ﺳ ـ ــﻠطﺔ اﻷم ﻛﺎﻧ ـ ــت أﺳ ـ ــﺑق ﻣ ـ ــن ﺳ ـ ــﻠطﺔ اﻷب‪ ،‬وﻛﺎﻧ ـ ــت ﺗﻣ ـ ــﺎرس ﺳ ـ ــﻠطﺗﻬﺎ ﻋﻠ ـ ــﻰ‬
‫أﺑﻧﺎﺋﻬﺎ ﻓﻲ وﻗت اﻟذي ﻛﺎن ﻓﯾﻪ اﻷب ﻣﺟﻬوﻻ واﻻم ﻛﺎﻧت ﻣﺷرﻋﺎ‪.‬‬

‫ﻣ ـ ــن اﻟﺧط ـ ــﺄ ﺗﺳ ـ ــﻣﯾﺔ اﻟﺳـ ـ ــﻠطﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳ ـ ــﯾﺔ ﺑﺎﻟﺳ ـ ــﻠطﺔ اﻷﺑوﯾ ـ ــﺔ ﻻن اﻟﺳـ ـ ــﻠطﺔ اﻷﺑوﯾ ـ ــﺔ ﺷﺧﺻ ـ ــﯾﺔ وﻣؤﯾ ـ ــدة ﻟـ ـ ــرب‬
‫اﻻﺳرة ﻣن ﻣدى اﻟﺣﯾﺎة‪.‬‬

‫أﻫداف اﻟدوﻟﺔ أوﺳﻊ ﻣن أﻫداف اﻷﺳرة‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗطور اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ‪:‬‬

‫ﯾ ـ ــرى أﻧﺻ ـ ــﺎر ﻫ ـ ــذﻩ اﻟﻧظرﯾ ـ ــﺔ أن اﻟدوﻟ ـ ــﺔ ﻫ ـ ــﻲ ﻧﺗ ـ ــﺎج ﺗﻔﺎﻋ ـ ــل ﻋواﻣ ـ ــل ﻣﺧﺗﻠﻔ ـ ــﺔ وﻣﺗﻌ ـ ــددة‪ ،‬ﺗﺧﺗﻠ ـ ــف ﻣ ـ ــن ﺑﻠ ـ ــد‬
‫ﻵﺧ ـ ـ ــر ﺣﺳ ـ ـ ــب اﻟظ ـ ـ ــروف اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾ ـ ـ ــﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾ ـ ـ ــﺔ واﻻﻗﺗﺻ ـ ـ ــﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻧ ـ ـ ــت ﻟﺳ ـ ـ ــﻠطﺔ ﻧﺗﯾﺟ ـ ـ ــﺔ ﻟﻬ ـ ـ ــذا اﻟﺗط ـ ـ ــور‬
‫اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ‪.‬‬

‫وﯾ ـ ـ ــرى ﻋﻠﻣ ـ ـ ــﺎء اﻟﺳﯾﺎﺳ ـ ـ ــﺔ أن ﺗﻔﺎﻋ ـ ـ ــل اﻟﻌواﻣ ـ ـ ــل اﻟﻣﺧﺗﻠﻔ ـ ـ ــﺔ أدى إﻟ ـ ـ ــﻰ ظﻬ ـ ـ ــور ﺟﻣﺎﻋ ـ ـ ــﺔ إرادة اﻷﻣ ـ ـ ــر ﻋﻠ ـ ـ ــﻰ‬
‫اﻵﺧ ـ ـ ـرﯾن‪ ،‬ﻏﯾ ـ ــر أن اﻟﺧـ ـ ــﻼف ﺑـ ـ ــﯾن أﻧﺻ ـ ــﺎر ﻫ ـ ــذﻩ اﻟﻧظرﯾـ ـ ــﺔ ﺣ ـ ــول أﺳـ ـ ــﺎﻟﯾب اﻟﺗ ـ ــﻲ ﯾﺗﺑﻌﻬ ـ ــﺎ اﻟﺣـ ـ ــﺎﻛم ﻟﻔـ ـ ــرض‬
‫إرادﺗـ ـ ــﻪ ﻋﻠ ـ ــﻰ اﻷﻓ ـ ـ ـراد اﻟﺟﻣﺎﻋـ ـ ــﺔ‪ ،‬إذ ﻫﻧ ـ ــﺎك ﻣـ ـ ــن ﯾـ ـ ــرى أﻧـ ـ ــﻪ اﻟﻘـ ـ ــوة اﻟﻣﺎدﯾـ ـ ــﺔ‪ ،‬وﻫﻧ ـ ــﺎك ﻣـ ـ ــن ﯾـ ـ ــرى أن اﻟـ ـ ــوﻋﻲ‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻟﺗﺄﺛﯾر‪.‬‬

‫راﺑﻌﺎ‪ :‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﻘوة واﻟﻐﻠﺑﺔ‬

‫وﻫﻲ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ ﻧظرﯾﺔ إﺑن ﺧﻠدون‪:‬‬

‫ﯾ ـ ــرى أﺻـ ـ ــﺣﺎب ﻫـ ـ ــذا اﻻﺗﺟ ـ ــﺎﻩ ان اﻟدوﻟ ـ ــﺔ ﻣـ ـ ــﺎ ﻫ ـ ــﻲ ﻧﺗ ـ ــﺎج ﺻ ـ ـ ـراع ﺑ ـ ــﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋ ـ ــﺎت اﻹﻧﺳـ ـ ــﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗ ـ ــﻲ ﻛـ ـ ــﺎن‬
‫ﯾﺣﻛﻣﻬـ ـ ــﺎ ﻓ ـ ــﻲ اﻟﺑداﯾــ ــﺔ ﻗـ ـ ــﺎﻧون اﻟﻌــ ــﺎدات واﻟﺗﻘﺎﻟﯾـ ـ ــد‪ ،‬إذ ﻛـ ـ ــﺎن رؤﺳـ ـ ــﺎء ﻫـ ـ ــذﻩ اﻟﺟﻣﺎﻋـ ـ ــﺎت ﯾﻠﺟ ـ ــؤون إﻟ ـ ــﻰ اﻟﻘـ ـ ــوة‬
‫ﻗﺻـ ـ ــد ﺿـ ـ ــﻣﺎن ﻗ ـ ــﺎﻧون اﻟﻌـ ـ ــﺎدات واﻟﺗﻘﺎﻟﯾ ـ ــد ‪ ،‬إذ ﯾﺳـ ـ ــﯾطر ﻋﻠ ـ ــﻰ اﻟﺟﻣﺎﻋـ ـ ــﺔ أﻓ ـ ـ ـراد أﺷـ ـ ــداء ﯾﻔرﺿ ـ ــون ارادﺗﻬـ ـ ــم‬
‫ﻋﻠ ـ ــﻰ اﻵﺧـ ـ ـرﯾن ﻓ ـ ــﻲ ﻣﻧطﻘ ـ ــﺔ ﻣﻛﺎﻧﯾ ـ ــﺔ ﻣﺣ ـ ــددة‪ ،‬وﻣ ـ ــن ﻫﻧ ـ ــﺎ ﻛﺎﻧ ـ ــت اﻟﻧـ ـ ـواة اﻷوﻟ ـ ــﻰ ﻟﻠدوﻟ ـ ــﺔ اﻟﺗ ـ ــﻲ ﺗﻌ ـ ــد ﻧﺗ ـ ــﺎج‬
‫اﻟﺻراع اﻟذي ﺳﺎد ﺑﯾن أﻓراد اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺑداﺋﯾﺔ‪.‬‬

‫وﻣـ ــن اﻟﻌﻠﻣـ ــﺎء اﻷواﺋـ ــل اﻟـ ــذﯾن ذﻫﺑ ـ ـوا إﻟـ ــﻰ ﻫـ ــذا اﻻﺗﺟـ ــﺎﻩ‪ :‬إﺑـ ــن ﺧﻠ ـ ــدون ﻓـ ــﻲ ﻛﺗﺎﺑـ ــﻪ اﻟﻣﻘدﻣـ ــﺔ إذ اﻧﺗﻬـ ــﻰ إﻟ ـ ــﻰ‬
‫أن اﻟدوﻟﺔ إﻧﻣﺎ ﻫﻲ ﻧﺗﺎج ﺻراع ﺑﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت‪.‬‬

‫ﻏﯾـ ـ ــر اﻧـ ـ ــﻪ ٕوان ﺻ ـ ــﻠﺣت ﻫـ ـ ــذﻩ اﻟﻧظرﯾـ ـ ــﺔ ﻛﺗﻔﺳـ ـ ــﯾر ﻧﺷ ـ ــﺄة ﺑﻌـ ـ ــض اﻟـ ـ ــدول‪ ،‬ﻓﺈﻧﻬـ ـ ــﺎ ﻻ ﺗﺻ ـ ــﻠﺢ أﺳﺎﺳـ ـ ــﺎ ﻟﺗﻔﺳـ ـ ــﯾر‬
‫ﻧﺷﺄة اﻟدوﻟﺔ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫إن ﻓﻛـ ـ ـ ـرة اﻟﺻـ ـ ـ ـراع واﻧﺗﺻ ـ ـ ــﺎر اﻟطﺑﻘ ـ ـ ــﺎت اﻟﻘوﯾ ـ ـ ــﺔ ﻟ ـ ـ ــم ﯾﻘ ـ ـ ــود ﺑﺎﻟﺿ ـ ـ ــرورة إﻟ ـ ـ ــﻰ إﻧﺷ ـ ـ ــﺎء اﻟدوﻟ ـ ـ ــﺔ‪ ،‬ﺑﻣﻌﻧ ـ ـ ــﻰ إن‬
‫ﺻـ ـ ــﻠﺣت ﻧظرﯾـ ـ ــﺔ اﻟﺻ ـ ـ ـراع ﻓـ ـ ــﻲ إﯾﺟـ ـ ــﺎد ﺗﻔﺳـ ـ ــﯾر ﻟـ ـ ــﺑﻌض اﻟﺣـ ـ ــﺎﻻت‪ ،‬ﻷن اﻟواﻗـ ـ ــﻊ واﻟﺗـ ـ ــﺎرﯾﺦ أﻛـ ـ ــد أن ﻫﻧ ـ ـ ــﺎك‬
‫اﺳﺗﺛﻧﺎءات ﻛﺛﯾرة ﻗد وردت ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﺿﺎﻣن اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪:‬‬

‫ﯾ ـ ــرى اﻷﺳ ـ ــﺗﺎذ اﻟﻔرﻧﺳ ـ ــﻲ " ﻟﯾ ـ ــون دوﺟ ـ ــﻲ" أن اﻟدوﻟ ـ ــﺔ ﻣ ـ ــﺎﻫﻲ إﻻ ﺣ ـ ــدث واﻗﻌ ـ ــﻲ ﯾرﺟ ـ ــﻊ أﺻ ـ ــﻠﻬﺎ إﻟ ـ ــﻰ اﻟﺗﻔرﻗ ـ ــﺔ‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳ ـ ــﯾﺔ اﻟﺗـ ـ ــﻲ ﺗﺣـ ـ ــدث ﻓـ ـ ــﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣـ ـ ــﻊ ﺣﯾـ ـ ــث ﺗﻘـ ـ ــوم ﺟﻣﺎﻋـ ـ ــﺔ ﻣـ ـ ــن اﻟﻧـ ـ ــﺎس ﺑﻔـ ـ ــرض إرادﺗﻬـ ـ ــم ﻋـ ـ ــن طرﯾـ ـ ــق‬
‫اﻹﻛ ـ ـراﻩ واﻟﺿـ ــﻐط ﻟﻛـ ــن ﯾﺧﺗﻠـ ــف دوﺟـ ــﻲ ﻓ ــﻲ ﺗﺣدﯾـ ــدﻩ ﻟﻣﻔﻬـــوم اﻟﻘـ ــوة ﻋـ ــن ﺳـ ــﺎﺑﻘﯾﻪ‪ ،‬ﻏـ ــذ ﯾـ ــرى أن اﻟﻘـــوة ﺗﻛـ ــون‬
‫أدﺑﯾ ـ ــﺔ او دﯾﻧﯾ ـ ــﺔ أو ﺣﺗ ـ ــﻰ اﻗﺗﺻ ـ ــﺎدﯾﺔ‪ ،‬وﻗ ـ ــد ﺗط ـ ــورت ﻓﻛـ ـ ـرة اﻟﻘ ـ ــوة واﻟﺿ ـ ــﻐط إﻟ ـ ــﻰ أن أﺻ ـ ــﺑﺢ ﻫﻧ ـ ــﺎك ﺗﻘ ـ ــﺎرب‬
‫ﺑـ ــﯾن إرادﺗـ ــﻲ اﻟﺣـ ــﺎﻛم واﻟﻣﺣﻛـ ــوﻣﯾن ﻏﯾـ ــر أن ﻫـ ــذا اﻟﺗﺣـ ــول ﻟـ ــم ﯾﻧﻔـ ــﻲ ﻣـ ــرد أﺻـ ــل اﻟدوﻟـ ــﺔ إﻟـ ــﻰ ﻓﻛ ـ ـرة اﻹﻛ ـ ـراﻩ‬
‫وﺗﻌرﺿت ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻻﻧﺗﻘﺎدات ﻣﻧﻬﺎ‪ :‬ﻓﻛرة اﻟﺗﻔرﻗﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻻ ﺗؤدي إﻟﻰ ﻗﯾﺎم اﻟدوﻟﺔ‪.‬‬

‫اﻟدرس اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬أرﻛﺎن اﻟدوﻟﺔ‬

‫اﻟدوﻟ ـ ــﺔ ﻫ ـ ــﻲ‪ " :‬ﻣﺟﻣوﻋـ ـ ــﺔ ﺑﺷ ـ ـ ـرﯾﺔ ﻣﺳ ـ ــﺗﻘرة ﻋﻠ ـ ــﻰ أرض ﻣﻌﯾﻧـ ـ ــﺔ وﺗﺗﺑ ـ ــﻊ ﻧظﺎﻣ ـ ــﺎ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾـ ـ ـﺎ وﺳﯾﺎﺳ ـ ــﯾﺎ ﻣﻌﯾﻧـ ـ ــﺎ‪،‬‬
‫ﯾﻬدف إﻟﻰ اﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم وﯾﺳﺗﻧد إﻟﻰ ﺳﻠطﺔ ﻣزودة ﺑﺻﻼﺣﯾﺎت اﻹﻛراﻩ"‪.‬‬

‫وﺗﺗﻣﺛل أرﻛﺎن اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ‪:‬‬

‫أوﻻ‪ :‬اﻟﺷﻌب‬

‫ﻻ ﯾﺗﺻـ ــور ﻗﯾ ـ ــﺎم دوﻟ ـ ــﺔ دون وﺟ ـ ــود ﺷ ـ ــﻌب ﻗ ـ ــل ﻋـ ــددﻩ أم ﻛﺛ ـ ــر‪ ،‬ﻓﺎﻟدوﻟ ـ ــﺔ ﺑﻣﻔﻬوﻣﻬ ـ ــﺎ اﻟﻘ ـ ــﺎﻧوﻧﻲ واﻻﺟﺗﻣ ـ ــﺎﻋﻲ‬
‫ﯾﻔﺗ ـ ــرض وﺟ ـ ــود ﺣ ـ ــد أدﻧ ـ ــﻰ ﻣ ـ ــن اﻟﺳ ـ ــﻛﺎن ﯾﻘطﻧ ـ ــون اﻗﻠﯾﻣﻬ ـ ــﺎ‪ ،‬إذ ﻻ ﯾﺗﺻ ـ ــور وﺟ ـ ــود دوﻟـ ــﺔ ﻣ ـ ــن ﻏﯾ ـ ــر ﺷ ـ ــﻌب‬
‫ﻏﯾ ــر اﻧـ ــﻪ ﻻ ﯾﺷـ ــﺗرط أن ﯾﺑﻠـ ــﻎ ﻋـ ــددﻩ رﻗﻣـ ــﺎ ﻣﻌﯾﻧـ ــﺎ وﺛﺎﺑﺗـ ــﺎ ﻷﻧـ ــﻪ ﻣـ ــن اﻟﺑـ ــدﯾﻬﻲ ان ﯾﺧﺗﻠـ ــف ﻋـ ــدد أﻓ ـ ـراد اﻟدوﻟـ ــﺔ‬
‫ﻣن دوﻟﺔ ﻷﺧرى ﻷن ذﻟك ﻣرﻫون ﺑﺎﻟظروف اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻟﻛل دوﻟﺔ‪.‬‬

‫وﯾﺷ ـ ـ ــﻣل اﻟﺷ ـ ـ ــﻌب ﻋﻧﺻ ـ ـ ــر اﻟﻣـ ـ ـ ـواطﻧﯾن اﻟ ـ ـ ــذﯾن ﯾرﺗﺑط ـ ـ ــون ﺑ ـ ـ ــدوﻟﺗﻬم ﺑرﺑ ـ ـ ــﺎط ﻗ ـ ـ ــﺎﻧوﻧﻲ ﯾﺳ ـ ـ ــﻣﻰ ﻗ ـ ـ ــﺎﻧون رﺑ ـ ـ ــﺎط‬
‫اﻟﺟﻧﺳ ــﯾﺔ ﺗﺳـ ــﺗﻘل ﻛـ ــل دوﻟـ ــﺔ ﺑﺗﺣدﯾـ ــد ﺷـ ــروط اﻟﺗﻣﺗـ ــﻊ ﺑﻬ ــﺎ إﻟـ ــﻰ ﺟﺎﻧـ ــب اﻷﺟﺎﻧـ ــب ﻫـ ــؤﻻء ﻻ ﯾﺗﻣﺗﻌـ ــون ﺑﺟﻧﺳـ ــﯾﺔ‬
‫اﻟدوﻟﺔ وﯾﺳﻌون دوﻣﺎ ﻟﻺﻗﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ إﻗﻠﯾم دوﻟﺔ ﻏﯾر دوﻟﺗﻬم‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻹﻗﻠﯾم‬

‫ﯾﻠ ــزم ﻟﻘﯾـ ــﺎم اﻟدوﻟـ ــﺔ رﻗﻌ ــﺔ ﺟﻐراﻓﯾـ ــﺔ ﯾﻘـ ــﯾم أﻓ ـ ـراد اﻟﺷ ــﻌب ﻓﯾﻬ ــﺎ ﺑﺻـ ــﻔﺔ داﺋﻣ ــﺔ وﻣﺳ ــﺗﻣرة‪ ،‬وﯾﻌـ ــد اﻹﻗﻠ ــﯾم ﻋﻧﺻ ـ ـ ار‬
‫أﺳﺎﺳﯾﺎ وﻻزﻣﺎ ﻟﻘﯾﺎم اﻟدوﻟﺔ وﺑدوﻧﻪ ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ دوﻟﺔ أن ﺗﻘوم‪.‬‬

‫وﯾﻧﻘﺳم اﻹﻗﻠﯾم إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻧواع‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ 1‬ـ اﻟﯾـ ــــﺎﺑس‪ :‬وﻫـ ـ ــو ﻋﺑـ ـ ــﺎرة ﻋـ ـ ــن ﻗطﻌـ ـ ــﺔ اﻷرض اﻟﯾﺎﺑﺳـ ـ ــﺔ اﻟﺗـ ـ ــﻲ ﻓﯾﻬـ ـ ــﺎ وﻋﻠﯾﻬـ ـ ــﺎ ﺗﻣـ ـ ــﺎرس اﻟدوﻟـ ـ ــﺔ ﺣﯾﺎﺗﻬـ ـ ــﺎ‬
‫وﺳ ـ ــﻠطﺗﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳ ـ ــﯾﺔ وﻫ ـ ــﻲ اﻟﯾﺎﺑﺳ ـ ــﺔ ﻗ ـ ــد ﺗﻛ ـ ــون ﻣﺳ ـ ــطﺣﺎت او ودﯾ ـ ــﺎن أو ﻣرﺗﻔﻌ ـ ــﺎت أو ﺟﺑ ـ ــﺎل أو ﻛ ـ ــل ذﻟ ـ ــك‬
‫ﻣﺟﺗﻣﻌﺎ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ اﻟﻣ ــــﺎء‪ :‬ﯾﺷ ـ ــﻣل ﻛﺎﻓ ـ ــﺔ اﻟﻣﺳ ـ ــطﺣﺎت اﻟﻣﺎﺋﯾ ـ ــﺔ ﻓ ـ ــﻲ اﻟدوﻟ ـ ــﺔ ﻣﺛ ـ ــل‪ :‬اﻷﻧﻬ ـ ــﺎر واﻟﺑﺣﯾـ ـ ـرات اﻟداﺧﻠﯾ ـ ــﺔ واﻹﻗﻠ ـ ــﯾم‬
‫اﻟﻣﺎﺋﻲ او اﻟﺑﺣر اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ اﻟﺗﻲ ﺑﺎﻟدوﻟﺔ ذات اﻟﺣدود اﻟﺑﺣرﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ اﻟﺟ ــــو‪ :‬اﻹﻗﻠـ ــﯾم اﻟﺟـ ــوي ﻫـ ــو اﻟﻘﺿ ـ ــﺎء اﻟ ـ ــذي ﯾﻌﻠ ـ ــو اﻹﻗﻠـ ــﯾم اﻷرﺿـ ــﻲ واﻟﺑﺣ ـ ــري واﻟدوﻟ ـ ــﺔ ﺗﻣـ ــﺎرس ﻋﻠﯾـ ــﻪ‬
‫ﺳ ـ ــﻠطﺎﺗﻪ ﻛﺎﻣﻠ ـ ــﺔ دون اﻟﺗﻘﯾ ـ ــد ﺑﺎرﺗﻔ ـ ــﺎع ﻣﻌ ـ ــﯾن‪ ،‬وﻫﻧ ـ ــﺎك ﻣ ـ ــن ﯾﺣ ـ ــدد اﻹﻗﻠ ـ ــﯾم اﻟﺟ ـ ــوي ﺑﺎﻟﻣﺟ ـ ــﺎل اﻟﺟ ـ ــوي اﻟ ـ ــذي‬
‫ﻓ ـ ــوق اﻗﻠﯾﻣﻬـ ـ ــﺎ اﻟﺑ ـ ــري واﻟﺑﺣﯾ ـ ـ ـرات إﻟ ـ ــﻰ ﻏﺎﯾ ـ ــﺔ اﻟﻐ ـ ــﻼف اﻟﺟ ـ ــوي ﻟﻠﻛـ ـ ـرة اﻷرﺿـ ـ ــﯾﺔ وﯾﻘ ـ ــدر ﺑﺣ ـ ـ ـواﻟﻲ ‪ 60‬إﻟ ـ ــﻰ‬
‫‪ 80‬ﻛﻠم‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺗﺎ‪ :‬اﻟﺳﻠطﺔ‬

‫ﻻ ﯾﻛﻔ ـ ــﻲ ﻟﻘﯾ ـ ــﺎم اﻟدوﻟ ـ ــﺔ ﺗ ـ ــوﻓر اﻟ ـ ــرﻛﻧﯾن اﻟﺳ ـ ــﺎﺑﻘﯾن ﻓﻘ ـ ــط ﺑ ـ ــل ﯾﺗﻌ ـ ــﯾن ﺗ ـ ــوﻓر ﻋﻧﺻ ـ ــر أﻻ وﻫ ـ ــو وﺟـ ـ ـود ﺳ ـ ــﻠطﺔ‬
‫ﻋﻠﯾـ ـ ــﺎ ﯾﺧﺿـ ـ ــﻊ ﻟﻬـ ـ ــﺎ ﺟﻣﯾـ ـ ــﻊ اﻷﻓ ـ ـ ـراد اﻟﻣﻘﯾﻣـ ـ ــﯾن ﻋﻠـ ـ ــﻰ إﻗﻠﯾﻣﻬـ ـ ــﺎ وﺗﺿـ ـ ــطﻠﻊ ﻫـ ـ ــذﻩ اﻟﺳـ ـ ــﻠطﺔ ﺑﺎﻟﻣﺣﺎﻓظـ ـ ــﺔ ﻋﻠـ ـ ــﻰ‬
‫اﻟدوﻟ ــﺔ وﻧظﺎﻣﻬـ ــﺎ اﻟﻌـ ــﺎم‪ ،‬ﺣﺗـ ــﻰ ﺗـ ــﺗﻣﻛن اﻟﺳـ ــﻠطﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳـ ــﯾﺔ ﻣـ ــن اﻟﻘﯾـ ــﺎم ﺑـ ــذﻟك ﺗـ ــﻧص ﻛـ ــل اﻹﺟ ـ ـراءات اﻟﻣﻬﻣـ ــﺔ‬
‫ﻓﻲ ﺗﺳﯾر ﺷؤون اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ وﺗﻣﺛﯾﻠﻬم واﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﻣﺻﺎﻟﺣﻬم وذﻟك ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺷرﻋﯾﺔ‪.‬‬

‫وﺗﺗﻣﯾز ﺳﻠطﺔ اﻟدوﻟﺔ ﺑﻌد ﻣﻣﯾزات ﻧذﻛر ﻣﻧﻬﺎ‪:‬‬

‫ـ ﺳﻠطﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻫﻲ ﺳﻠطﺔ ﻣرﻛزﯾﺔ‪.‬‬

‫ـ ﺳﻠطﺔ اﻟدوﻟﺔ ﺳﻠطﺔ ذات طﺑﯾﻌﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪.‬‬

‫ـ ﺳﻠطﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻫﻲ ﺳﻠطﺔ ﻣدﻧﯾﺔ‪.‬‬

‫ـ ﺳﻠطﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻫﻲ ﺳﻠطﺔ زﻣﻧﯾﺔ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫اﻟدرس اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ‬

‫وﻣ ـ ـ ــن اﻟﻧﺗ ـ ـ ــﺎﺋﺞ اﻟﻣﺗرﺗﺑ ـ ـ ــﺔ ﻋﻠ ـ ـ ــﻰ ﺗ ـ ـ ــوﻓر اﻷرﻛ ـ ـ ــﺎن اﻟﺳ ـ ـ ــﺎﻟﻔﺔ اﻟ ـ ـ ــذﻛر ﻓ ـ ـ ــﻲ اﻟ ـ ـ ــدرس اﻟﻣﺎﺿ ـ ـ ــﻲ ﺗﺗﻣﺗ ـ ـ ــﻊ اﻟدوﻟ ـ ـ ــﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﺷﺧﺻـ ـ ــﯾﺔ اﻟﻣﻌﻧوﯾـ ـ ــﺔ وﺗﻛـ ـ ــون ﻟﻬـ ـ ــﺎ اﻟﺳـ ـ ــﯾﺎدة اﻟﺗـ ـ ــﻲ ﺗظﻬـ ـ ــر ﻓـ ـ ــﻲ ﺷـ ـ ــﻛل اﻻﻋﺗ ـ ـ ـراف ﺑﻬـ ـ ــﺎ ﻣـ ـ ــن ﻗﺑـ ـ ــل اﻟـ ـ ــدول‬
‫اﻷﻋﺿﺎء ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ‪.‬‬

‫أوﻻ‪ :‬اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﻌﻧوي ﻟﻠدوﻟﺔ‬

‫ﻻ ﯾﻛﻔ ـ ــﻲ ﻓـ ــﻲ اﻟدوﻟ ـ ــﺔ ﺗ ـ ـواﻓر اﻷرﻛ ـ ــﺎن اﻟﺛﻼﺛـ ــﺔ – اﻟﺳـ ــﺎﻟﻔﺔ اﻟ ـ ــذﻛر‪ ،-‬ﻓﻠﻛـ ــﻲ ﺗﺳ ـ ـﺗطﯾﻊ اﻟﻘﯾ ـ ــﺎم ﺑﻣﻬﺎﻣﻬـ ــﺎ ﯾﺟـ ــب‬
‫ان ﺗﻛـ ـ ــون ﻣﺗﻣﺗﻌـ ـ ــﺔ ﺑﺎﻟﺷﺧﺻـ ـ ــﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻـ ـ ــﺔ ﺑﻬـ ـ ــﺎ واﻟﻣﻧﻔﺻـ ـ ــﻠﺔ ﻋـ ـ ــن اﻷﺷـ ـ ــﺧﺎص اﻟﻣﻛـ ـ ــوﯾن ﻟﻬـ ـ ــﺎ‪ ،‬واﻟﺷﺧﺻـ ـ ــﯾﺔ‬
‫اﻟﻣﻌﻧوﯾ ـ ـ ــﺔ ﻓ ـ ـ ــﻲ اﻟﻘ ـ ـ ــﺎﻧون ﻫ ـ ـ ــﻲ اﻟﻘ ـ ـ ــدرة او اﻷﻫﻠﯾـ ـ ـ ــﺔ ﻻﻛﺗﺳ ـ ـ ــﺎب اﻟﺣﻘ ـ ـ ــوق وﺗﺣﻣ ـ ـ ــل اﻻﻟﺗ ازﻣ ـ ـ ــﺎت واﻟﺷﺧﺻ ـ ـ ــﯾﺔ‬
‫اﻟﻣﻌﻧوﯾـ ـ ــﺔ أﯾﺿـ ـ ــﺎ ﻫـ ـ ــو ﺟﻣﺎﻋـ ـ ــﺔ او ﻫﯾﺋ ـ ـ ــﺔ ﯾﻌﺎﻣﻠﻬـ ـ ــﺎ اﻟﻘـ ـ ــﺎﻧون ﻣﻌﺎﻣﻠ ـ ـ ــﺔ اﻟﺷـ ـ ــﺧص اﻟطﺑﯾﻌ ـ ـ ـﻲ وﯾﺗﻌـ ـ ــرض ﻟﻬ ـ ـ ــﺎ‬
‫ﺑﺎﻷﻫﻠﯾﺔ‪ ،‬وﯾﻧﺗﺞ ﻋﻧﻬﺎ اﻛﺗﺳﺎب اﻟﺣﻘوق وﺗﺣﻣل اﻻﻟﺗزاﻣﺎت‪.‬‬

‫ﻏﯾ ـ ــر أن ﻓﻛـ ـ ـرة اﻟﺷﺧﺻ ـ ــﯾﺔ اﻟﻣﻌﻧوﯾ ـ ــﺔ ﻟﻠدوﻟ ـ ــﺔ ﻛﺎﻧ ـ ــت وﻻ ﺗـ ـ ـزال ﻣﺣ ـ ــل ﺧ ـ ــﻼف وﺟ ـ ــدل ﺑ ـ ــﯾن اﻟﻔﻘﻬ ـ ــﺎء‪ ،‬واﻟ ـ ــذﯾن‬
‫اﻧﻘﺳـ ـ ـ ــﻣوا إﻟـ ـ ـ ــﻰ ﻗﺳـ ـ ـ ــﻣﯾن‪ ،‬اﻷول ﯾﻧﻛرﻫـ ـ ـ ــﺎ ﻋﻠـ ـ ـ ــﻰ اﻵدﻣـ ـ ـ ــﻲ‪ ،‬واﻟﺛـ ـ ـ ــﺎﻧﻲ ﯾﻌﺗـ ـ ـ ــرف ﺑﻬـ ـ ـ ــﺎ ﻟﻠدوﻟـ ـ ـ ــﺔ وﻟﻐﯾرﻫـ ـ ـ ــﺎ ﻣـ ـ ـ ــن‬
‫اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻷﺧرى‪.‬‬

‫وﺳ ـ ــﺑب ﻫ ـ ــذا اﻻﻧﻘﺳ ـ ــﺎم ﯾﻌ ـ ــود أﺳﺎﺳ ـ ــﺎ إﻟ ـ ــﻰ اﻟﺧﻠ ـ ــط ﺑ ـ ــﯾن اﻟﻣ ـ ــدﻟول اﻟﻠﻐ ـ ــوي ﻟﻠﺷ ـ ــﺧص اﻟﻣﻌﻧ ـ ــوي واﻟ ـ ــذي ﯾﻘﯾ ـ ــد‬
‫اﻹﻧﺳ ـ ـ ــﺎن اﻵدﻣ ـ ـ ــﻲ‪ ،‬واﻟﻣ ـ ـ ــدﻟول اﻟﻘ ـ ـ ــﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﺷ ـ ـ ــﺧص واﻟ ـ ـ ــذي ﯾﻌﻧ ـ ـ ــﻲ ﻛ ـ ـ ــل ﻣ ـ ـ ــن ﯾﺳ ـ ـ ــﺗطﯾﻊ أن ﯾﻛ ـ ـ ــون أﻫ ـ ـ ــﻼ‬
‫ﻻﻛﺗﺳﺎب اﻟﺣﻘوق واﻟﺗﺣﻣل اﻻﻟﺗزاﻣﺎت وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧون ﺳواء ﻛﺎن ﺷﺧﺻﺎ طﺑﯾﻌﯾﺎ أو ﻣﻌﻧوﯾﺎ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬ﺗﻣﺗﻊ اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺳﯾﺎدة‬

‫ﯾﻌﻧ ـ ــﻲ ﻣﺻ ـ ــطﻠﺢ اﻟﺳ ـ ــﯾﺎدة ﻣ ـ ــن اﻟﻧﺎﺣﯾ ـ ــﺔ اﻟﻠﻐوﯾ ـ ــﺔ اﻟﻣﺟـ ــد واﻟﺷ ـ ــرف واﻟﻌﻠ ـ ــو واﻟﺳ ـ ــﯾطرة‪ ،‬اﻣ ـ ــﺎ اﺻ ـ ــطﻼﺣﺎ ﻓﻬ ـ ــو‬
‫ﯾﻌﻧـ ــﻲ اﻟﺳـ ــﻠطﺔ اﻟﻌﻠﯾـ ــﺎ ﻓـ ــﻲ اﻟدوﻟـ ــﺔ‪ ،‬وﯾﻌ ـ ـرف ﺑﻌـ ــض اﻟﻔﻘﻬـ ــﺎء اﻟﺳـ ــﯾﺎدة ﺑﺄﻧﻬـ ــﺎ اﻟﺳـ ــﻠطﺔ اﻟﻌﻠﯾـ ــﺎ اﻟﺗـ ــﻲ ﺗﺣﻛـ ــم ﺑﻬـ ــﺎ‬
‫اﻟدوﻟـ ــﺔ ﻣـ ــﺎ وأن ﻫ ـ ــذﻩ اﻟﺳ ـ ــﻠطﺔ ﯾﻣﻛ ـ ــن ﻣﺑﺎﺷـ ـ ـرﺗﻬﺎ ﻓـ ــﻲ اﻟـ ــداﺧل واﻟﺧ ـ ــﺎرج‪ ،‬واﻟﺳ ـ ــﯾﺎدة ﻓ ـ ــﻲ اﻟﺧ ـ ــﺎرج ﺗﺗرﻛ ـ ــز ﻓ ـ ــﻲ‬
‫اﺳ ـ ــﺗﻘﻼل ﻣﺟﺗﻣ ـ ــﻊ ﺳﯾﺎﺳ ـ ــﻲ ﻣﻌ ـ ــﯾن ﺑﺎﻟﻧﺳ ـ ــﺑﺔ ﻟﻛ ـ ــل اﻟﻣﺟﺗﻣﻌ ـ ــﺎت اﻷﺧ ـ ــرى‪ ،‬واﻟﺳ ـ ــﯾﺎدة ﺑ ـ ــﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻘ ـ ــﺎﻧوﻧﻲ ﻫ ـ ــﻲ‬
‫ﺧﺎﺻـ ــﯾﺔ ﻣـ ــن ﺧﺻـ ــﺎﺋص اﻟﺳ ـ ــﻠطﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳـ ــﯾﺔ‪ ،‬أو ﺑﺄﻧﻬـ ــﺎ ﻣﺟﻣوﻋـ ــﺔ ﻣ ـ ــن اﻻﺧﺗﺻﺎﺻـ ــﺎت ﺗﻧﻔـ ــرد ﺑﻬـ ــﺎ اﻟﺳ ـ ــﻠطﺔ‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳـ ــﯾﺔ ﻓـ ــﻲ اﻟدوﻟ ـ ــﺔ وﺗﺟﻌـ ــل ﻣﻧﻬ ـ ــﺎ ﻋﻠﯾـ ــﺎ وآﻣـ ـ ـرة وﺗﻣﻛﻧﻬـ ــﺎ ﻣ ـ ــن ﻓ ـ ــرض ارادﺗﻬ ـ ــﺎ ﻋﻠـ ــﻰ ﻏﯾرﻫـ ــﺎ ﻣ ـ ــن اﻷﻓـ ـ ـراد‬
‫واﻟﻬﯾﺋﺎت‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺗﺟﻌﻠﻬﺎ ﻏﯾر ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻐﯾرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟداﺧل واﻟﺧﺎرج‪.‬‬

‫ﺗﻌﺗﺑـ ـ ــر اﻟدوﻟ ـ ـ ــﺔ ﻛﺎﻣﻠ ـ ـ ــﺔ اﻟﺳـ ـ ــﯾﺎدة إذا ﻛﺎﻧـ ـ ــت ﺗﺗﻣﺗ ـ ـ ــﻊ ﺑﻛﺎﻣـ ـ ــل ﻣظـ ـ ــﺎﻫر ﺳ ـ ـ ــﯾﺎدﺗﻬﺎ اﻟداﺧﻠﯾ ـ ـ ـﺔ واﻟﺧﺎرﺟﯾ ـ ـ ــﺔ وﺑ ـ ـ ــﺄن‬
‫ﺗﻛـ ـ ــون ﺣ ـ ـ ـرة ﻓـ ـ ــﻲ وﺿـ ـ ــﻊ دﺳـ ـ ــﺗورﻫﺎ‪ ،‬واﺧﺗﯾـ ـ ــﺎر ﻧظ ـ ـ ـﺎم اﻟﺣﻛـ ـ ــم اﻟـ ـ ــذي ﺗرﺗﺿـ ـ ــﯾﻪ وﺗﺑﻧـ ـ ــﻲ اﻟﻧظـ ـ ــﺎم اﻻﻗﺗﺻـ ـ ــﺎدي‬
‫واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟذي ﺗراﻩ ﻣﻧﺎﺳﺑﺎ ﻟﻬﺎ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫وﻟﻠﺳﯾﺎدة ﺧﺻﺎﺋص ﯾﻣﻛن اﺟﻣﺎﻟﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫ـ ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ أي اﻧﻬﺎ ﻟﯾﺳت ﻣﺟرد ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣﺎدﯾﺔ ﺑل ﻫﻲ ﺣﺎﻟﺔ أﺟﺎزﻫﺎ اﻟﻘﺎﻧون وﻗررﻫﺎ‪.‬‬

‫ـ ـ ـ اﻧﻬـ ــﺎ ﻋﻠﯾـ ــﺎ وﺷـ ــﺎﻣﻠﺔ أي اﻧﻬـ ــﺎ ﺗﺳـ ــﻣو ﻓـ ــوق اﻟﺟﻣﯾـ ــﻊ وﻻ ﺗﺧﺿـ ــﻊ ﻷﺣـ ــد وﻛـ ــذﻟك طﺎﻋﺗﻬـ ــﺎ واﺟﺑـ ــﺔ ﻋﻠـ ــﻰ ﻛـ ــل‬
‫اﻷﻓراد ﻣن دون اﺳﺗﺛﻧﺎء‪.‬‬

‫ـ أﻧﻬﺎ داﺋﻣﺔ ﺣﯾث ﺗﺗﻌدى ﻓﻲ ﻣداﻫﺎ اﻟزﻣﻧﻲ ﻋﻣر ﺟﯾل ﻛﺎﻣل‪ ،‬وﻻ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻌﻣر اﻟﻘﺎﺋﻣﯾن ﻋﻠﯾﻬﺎ‪.‬‬

‫ـ اﻧﻬﺎ ﻏﯾر ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﺻرف ﻓﯾﻬﺎ أو اﻟﺗﻧﺎزل ﻋﻧﻬﺎ وﻻ ﺗﻘﺑل اﻟﺗﺟزﺋﺔ‪.‬‬

‫اﻟدرس اﻟراﺑﻊ‪ :‬ﻣﻔﻬوم اﻟدﺳﺗور وﻣﺻﺎدر اﻟﻘﺎﻧون اﻟدﺳﺗوري‬

‫اﺧﺗﻠ ـ ــف اﻟﻔﻘﻬ ـ ــﺎء ﻓ ـ ــﻲ وﺿ ـ ــﻊ ﺗﻌرﯾـ ـ ـف ﺟ ـ ــﺎﻣﻊ ﻣ ـ ــﺎﻧﻊ ﻟﻣﺻ ـ ــطﻠﺢ اﻟدﺳ ـ ــﺗور ﺣﯾ ـ ــث اﺧﺗﻠﻔ ـ ــت ﺗﻌ ـ ــﺎرﯾﻔﻬم ﺣﺳ ـ ــب‬
‫اﻟﻣﻌـ ـ ــﺎﯾﯾر اﻟﺗـ ـ ــﻲ ﯾﻌﺗﻣـ ـ ــدون ﻋﻠﯾﻬـ ـ ــﺎ ﻓـ ـ ــﻲ ﺗﺣدﯾـ ـ ــد ﻧطﺎﻗـ ـ ــﻪ وﺗﻌرﯾﻔـ ـ ــﻪ‪ ،‬وﺗﻧﺣﺻـ ـ ــر أﻫـ ـ ــم اﻟﻣﻌـ ـ ــﺎﯾﯾر ﻓـ ـ ــﻲ اﻟﻣﻌﯾـ ـ ــﺎر‬
‫اﻟﻠﻐوي واﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ واﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﺷﻛﻠﻲ واﻟﻣوﺿوﻋﻲ‪.‬‬

‫أوﻻ‪ :‬ﻣﻔﻬوم اﻟدﺳﺗور‬

‫وﻓﻘﺎ‪:‬‬

‫‪1‬ـ اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻠﻐوي‬

‫ﯾﻌﻧـ ـ ــﻲ ﻣﺻـ ـ ــطﻠﺢ دﺳـ ـ ــﺗور أو ‪ constitution‬ﺑﺎﻟﻠﻐـ ـ ــﺔ اﻟﻔرﻧﺳـ ـ ــﯾﺔ واﻻﻧﺟﻠﯾزﯾـ ـ ــﺔ اﻟﺗﺄﺳـ ـ ــﯾس واﻟﺑﻧـ ـ ــﺎء او اﻟﻧظـ ـ ــﺎم‪،‬‬
‫أﻣ ـ ــﺎ ﺑﺎﻟﻠﻐ ـ ــﺔ اﻟﻌرﺑﯾ ـ ــﺔ ﻓﺎﻟﻣﺻ ـ ــطﻠﺢ ﻣ ـ ــن أﺻ ـ ــل ﻓﺎرﺳ ـ ــﻲ ﯾﺗﻛ ـ ــون ﻣ ـ ــن ﻛﻠﻣﺗ ـ ــﯾن " دﺳ ـ ــت" وﻣﻌﻧﺎﻫ ـ ــﺎ اﻟﻘﺎﻋ ـ ــدة و‬
‫"ور" وﻣﻌﻧﺎﻫﺎ ﺻﺎﺣب‪.‬‬

‫وﻓـ ـ ــﻲ اﻟﻠﻐـ ـ ــﺔ اﻟﻔﺎرﺳـ ـ ــﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻ ـ ـ ـرة أﺻـ ـ ــﺑﺣت ﺗﻌﻧـ ـ ــﻲ اﻟﻘﺎﻋـ ـ ــدة أو اﻟﻘـ ـ ــﺎﻧون‪ ،‬وﻗـ ـ ــد اﺳـ ـ ــﺗﻌﻣﻠﻪ اﻟﻌﺛﻣ ـ ـ ـﺎﻧﯾﯾن ﻷول‬
‫ﻣـ ــردة ﻓـ ــﻲ دﺳـ ــﺗورﻫم اﻟوﺿ ـ ـﻌﻲ اﻟﺻـ ــﺎدر ﻓـ ــﻲ ﻋـ ــﺎم ‪ ،1876‬اﻣـ ــﺎ ﻓـ ــﻲ اﻟﻘـ ــدﯾم ﻓﺈﻧـ ــﻪ اﺳـ ــﺗﻌﻣل ﺑﻣﻌﻧـ ــﻰ اﻟـ ــدﻓﺗر‬
‫أو ﻣﺟﻠد ﺗدون ﻓﯾﻪ ﻗواﻧﯾن اﻟدوﻟﺔ‪.‬‬

‫وﻋﻠﯾـ ـ ــﻪ‪ ،‬وﻣـ ـ ــن ﺧ ـ ـ ــﻼل ﻫ ـ ـ ــذا اﻟﻣﻔﻬ ـ ـ ــوم اﻟﻠﻐ ـ ـ ــوي ﺟ ـ ـ ــﺎء ﺗﻌرﯾ ـ ـ ــف اﻟدﺳ ـ ـ ــﺗور ﺑﺄﻧـ ـ ــﻪ‪ " :‬ﻣﺟﻣوﻋ ـ ـ ــﺔ ﻣـ ـ ــن اﻟﻘواﻋ ـ ـ ــد‬
‫اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧظم أﺳﺎس اﻟدوﻟﺔ وﺗﺣدد ﺗﻛوﯾﻧﻬﺎ "‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪2‬ـ اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ‬

‫ارﺗ ـ ــﺑط اﻟﻣ ـ ــدﻟول اﻟﺗ ـ ــﺎرﯾﺧﻲ ﻟﻠﻘ ـ ــﺎﻧون اﻟدﺳ ـ ــﺗوري ﺑ ـ ــﺎﻟﺛورة اﻟﻔرﻧﺳ ـ ــﯾﺔ ﻟﺳ ـ ــﻧﺔ ‪ 1789‬ﻓ ـ ــﻲ ﻓرﻧﺳ ـ ــﺎ‪ ،‬واﻟﺗ ـ ــﻲ ﺗرﺗ ـ ــب‬
‫ﻋﻠﯾﻬ ـ ــﺎ ﺳ ـ ــﻘوط اﻟﻣﻠ ـ ــك ﺷ ـ ــﺎرل اﻟﻌﺎﺷ ـ ــر ورﺗﻘ ـ ــﺎء ﻟ ـ ــوﯾس ﻓﻠﯾ ـ ــب ﻋ ـ ــرش ﻓرﻧﺳ ـ ــﺎ‪ ،‬ﺣﯾ ـ ــث ﺗﻘ ـ ــرر ﻓ ـ ــﻲ ﻫ ـ ــذﻩ اﻟﻔﺗـ ـ ـرة‬
‫ﻣﺑ ـ ــﺎدئ ﻣﻠﻛﯾ ـ ــﺔ اﻟﺗ ـ ــﻲ أﻛ ـ ــدت ﻋﻠ ـ ــﻰ ﺣﻘ ـ ــوق وﺣرﯾ ـ ــﺎت اﻟﻣـ ـ ـواطﻧﯾن وﻋﻠ ـ ــﻰ دور اﻟﺑرﻟﻣ ـ ــﺎن ﻓ ـ ــﻲ اﻟﻣﺳ ـ ــﺎﻫﻣﺔ ﻓ ـ ــﻲ‬
‫اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪.‬‬

‫وﻛ ـ ــﺎن وزﯾ ـ ــر اﻟﺗﻌﻠـ ــﯾم اﻟﻌ ـ ــﺎﻟﻲ أﻧـ ــداك ﻣ ـ ــن اﻟﻣﻘـ ـ ـرﺑﯾن ﻟﻠﻣﻠ ـ ــك ﻟ ـ ــوﯾس ﺣﯾـ ــث أﻧﺷ ـ ــﺄ اول ﻛرﺳـ ــﻲ ﻟﺗ ـ ــدرﯾس ﻣ ـ ــﺎدة‬
‫اﻟﻘ ـ ـ ـ ــﺎﻧون اﻟدﺳـ ـ ـ ــﺗوري ﺑﻛﻠﯾ ـ ـ ـ ــﺔ اﻟﺣﻘـ ـ ـ ــوق ﺟﺎﻣﻌ ـ ـ ـ ــﺔ ﺑـ ـ ـ ـ ـﺎرﯾس‪ ،‬وﻛﺎﻧ ـ ـ ـ ــت ﻣﺣﺗوﯾ ـ ـ ـ ــﺎت اﻟﻣ ـ ـ ـ ــﺎدة ﺗ ـ ـ ـ ــدرﯾس اﻟﻣﺑـ ـ ـ ــﺎدئ‬
‫اﻟدﺳ ـ ــﺗورﯾﺔ اﻟﺗـ ـ ــﻲ ﻋﻘ ـ ــدت اﻟﺛ ـ ــورة اﻟﻔرﻧﺳ ـ ــﯾﺔ ﻓﺿ ـ ــﻼ ﻋ ـ ــن ﺗ ـ ــدرﯾس اﻟﺣﻘ ـ ــوق واﻟﺣرﯾـ ـ ــﺎت اﻟﻔردﯾ ـ ــﺔ واﻟﺿ ـ ــﻣﺎﻧﺎت‬
‫اﻟﻣﻘـ ــررة ﻟﻬـ ــﺎ‪ ،‬وﺑـ ــذﻟك ﻋرﯾـ ــف اﻟﻘـ ــﺎﻧون اﻟدﺳـ ــﺗوري ﺑﺎﻧـ ــﻪ "ﻣﺟﻣوﻋـ ــﺔ اﻟﻘواﻋـ ــد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾـ ــﺔ اﻟﺗـ ــﻲ ﺗﺣـ ــدد اﻟﺳـ ــﻠطﺎت‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺣﻘوق اﻷﻓراد ﻓﻲ ظل ﻧظﺎم ﻧﯾﺎﺑﻲ ﺣر"‪.‬‬

‫‪3‬ـ اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﺷﻛﻠﻲ‪:‬‬

‫ﯾﻘـ ـ ــدم اﻟﺷـ ـ ــﻛﻠﯾن ﻓ ـ ـ ــﻲ ﺗﻌرﯾـ ـ ــف اﻟﻘـ ـ ــﺎﻧون اﻟدﺳ ـ ـ ــﺗوري ﻋﻠـ ـ ــﻰ اﻟﺷـ ـ ــﻛل واﻟﻣظﻬ ـ ـ ــر اﻟﺧـ ـ ــﺎرﺟﻲ‪ ،‬وﯾﻌرﻓـ ـ ــون ﻗـ ـ ــﺎﻧون‬
‫اﻟدﺳ ــﺗور ﺑﺄﻧـ ــﻪ ﻣﺟﻣوﻋـ ــﺔ اﻟﻘواﻋـ ــد اﻷﺳﺎﺳـــﯾﺔ اﻟﻣﻧظﻣـ ــﺔ ﻟﻠدوﻟـ ــﺔ اﻟﺗ ــﻲ ﺣـ ــددت ﻓـ ــﻲ ﺷـ ــﻛل وﺛﯾﻘ ــﺔ دﺳ ــﺗورﯾﺔ ﻣـ ــن‬
‫اﻟﺳــ ــﻠطﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻـ ـ ــﺔ ﺑـ ـ ــذﻟك‪ ،‬او ﻣﺟﻣوﻋـ ـ ــﺔ اﻟﻘواﻋـ ـ ــد اﻟﺗ ـ ــﻲ ﺗﺿـ ـ ــﻣﻧﺗﻬﺎ اﻟوﺛﯾﻘـ ـ ــﺔ اﻟﻣﺳـ ـ ــﻣﺎة ﺑﺎﻟدﺳـ ـ ــﺗور واﻟﺗـ ـ ــﻲ ﻻ‬
‫ﯾﻣﻛ ـ ــن ان ﺗوﺿـ ـ ــﻊ أو ﺗﻌـ ـ ــدل إﻻ ﺑﻣوﺟ ـ ــب إﺟ ـ ـ ـراءات ﺧﺎﺻـ ـ ــﺔ ﺗﺧﺗﻠـ ـ ــف ﻋـ ـ ــن ﺗﻠـ ـ ــك اﻟﺗ ـ ــﻲ ﺗﺗﺑـ ـ ــﻊ ﻓـ ـ ــﻲ وﺿـ ـ ــﻊ‬
‫وﺗﻌدﯾل اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻌﺎدﯾﺔ‪.‬‬

‫‪4‬ـ اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻣوﺿوﻋﻲ‬

‫إن اﻟﻣﻌﻧـ ـ ــﻰ اﻟﻣوﺿـ ـ ــوﻋﻲ ﻟﻠﻘـ ـ ــﺎﻧون اﻟدﺳـ ـ ــﺗوري ﯾﻌﺗﻣـ ـ ــد ﻋﻠـ ـ ــﻰ ان ﻣﺿـ ـ ــﻣون واﻟﺟـ ـ ــوﻫر وﻟـ ـ ــﯾس ﻋﻠـ ـ ــﻰ اﻟﺷـ ـ ــﻛل‬
‫واﻹﺟ ـ ـ ـراءات إذ ﯾﻧظـ ـ ــر إﻟـ ـ ــﻰ اﻷﻣـ ـ ــور اﻟطﺑﯾﻌﯾـ ـ ــﺔ اﻟدﺳ ـ ـ ــﺗورﯾﺔ ﺳ ـ ـ ـواء ﻛﺎﻧـ ـ ــت ﻫـ ـ ــذﻩ اﻟﻣﺳـ ـ ــﺎﺋل ﻗـ ـ ــد وردت ﻓـ ـ ــﻲ‬
‫وﺛﯾﻘـ ـ ــﺔ ﻣﻛﺗوﺑـ ـ ــﺔ أو ﻓـ ـ ــﻲ اﻟﻌـ ـ ــرف اﻟدﺳـ ـ ــﺗوري أم ﻗررﺗﻬـ ـ ــﺎ اﻟﻣﺑـ ـ ــﺎدئ اﻟدﺳـ ـ ــﺗورﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣـ ـ ــﺔ أو وردت ﺣﺗـ ـ ــﻰ ﻓـ ـ ــﻲ‬
‫اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻌﺎدﯾﺔ‪.‬‬

‫وﺗﺄﺳﯾﺳـ ــﺎ ﻋﻠـ ــﻰ ﻣـ ــﺎ ﺗﻘـ ــدم ﯾﻌـ ــرف اﻟﻘـ ــﺎﻧون اﻟدﺳـ ــﺗوري‪" :‬أﻧـ ــﻪ اﻟﻘـ ــﺎﻧون اﻟـ ــذي ﯾﺗﻧـ ــﺎول ﺗﻧظـ ــﯾم اﻟﻘواﻋـ ــد اﻟﺧﺎﺻـ ــﺔ‬
‫ﺑﻧظ ـ ـ ــﺎم اﻟﺣﻛ ـ ـ ــم ﻓ ـ ـ ــﻲ اﻟدوﻟـ ـ ــﺔ‪ ،‬وﺗﻧظ ـ ـ ــﯾم ﺳ ـ ـ ــﻠطﺎﺗﻬﺎ اﻷﺳﺎﺳـ ـ ــﯾﺔ وﻋﻼﻗﺎﺗﻬـ ـ ــﺎ اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟ ـ ـ ــﺔ‪ ،‬ﻓﺿـ ـ ــﻼ ﻋـ ـ ــن اﻟﻌﻼﻗ ـ ـ ــﺔ‬
‫اﻟﺣﻛوﻣﺔ واﻷﻓراد‪".‬‬

‫‪9‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬ﻣﺻﺎدر اﻟﻘﺎﻧون اﻟدﺳﺗوري‬

‫ﺗﻧﻘﺳـ ـ ـ ــم ﻣﺻـ ـ ـ ــﺎدر اﻟدﺳـ ـ ـ ــﺗور إﻟـ ـ ـ ــﻰ ﻣﺻـ ـ ـ ــدرﯾن أﺳﺎﺳـ ـ ـ ــﯾن ﻫﻣـ ـ ـ ــﺎ ‪ :‬اﻟﻣﺻـ ـ ـ ــﺎدر اﻟﻣﻛﺗوﺑـ ـ ـ ــﺔ‪ ،‬واﻟﻣﺻـ ـ ـ ــﺎدر ﻏﯾـ ـ ـ ــر‬
‫اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ‪.‬‬

‫أ ـ اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ‪:‬‬

‫ﺗﺗﻣﯾـ ـ ــز ﻣﺻـ ـ ــﺎدر اﻟﻘـ ـ ــﺎﻧون اﻟدﺳـ ـ ــﺗوري ﺑـ ـ ــﺎﻟﺗﻧوع واﻟﺗﻌـ ـ ــدد‪ ،‬ﺣﯾـ ـ ــث ﻧﺟـ ـ ــد ﻓـ ـ ــﻲ أوﻟﻬـ ـ ــﺎ ﻓـ ـ ــﻲ اﻟﺗﺷ ـ ـ ـرﯾﻊ‪ ،‬اﻟﻘ ـ ـ ـواﻧﯾن‬
‫اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ )اﻟﻌﺿوﯾﺔ(‪ ،‬اﻟﻌرف‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ اﻟﺗﺷرﯾﻊ‪:‬‬

‫وﻧﻘﺻ ـ ــد ﺑﺎﻟﺗﺷـ ـ ـرﯾﻊ ﻓ ـ ــﻲ ﻫ ـ ــذا اﻟﻣﻘـ ـ ـﺎم اﻷﺣﻛ ـ ــﺎم اﻟﺗ ـ ــﻲ ﺗﻧﺎوﻟﻬ ـ ــﺎ اﻟدﺳ ـ ــﺗور اﻟ ـ ــذي ﻫ ـ ــو اﻟوﺛﯾﻘ ـ ــﺔ اﻟﻣﻛﺗوﺑ ـ ــﺔ اﻟﺗ ـ ــﻲ‬
‫ﺗﻌﺗﺑ ـ ــر اﻟﻘ ـ ــﺎﻧون اﻷﺳﺎﺳ ـ ــﻲ واﻷﺳ ـ ــﻣﻰ ﻓ ـ ــﻲ اﻟدوﻟ ـ ــﺔ وﯾﺿ ـ ــﻊ ﻋ ـ ــﺎدة وﻓ ـ ــق إﺟـ ـ ـراءات ﺧﺎﺻ ـ ــﺔ ﻣﺛ ـ ــل‪ :‬اﻟﻣﺟﻠ ـ ــس‬
‫اﻟدﺳـ ـ ــﺗوري ﺛ ـ ـ ــم ﯾﻌـ ـ ــرض ﻋﻠـ ـ ــﻰ اﻻﺳ ـ ـ ــﺗﻔﺗﺎء او ﻏﯾرﻫ ـ ـ ــﺎ ﻣـ ـ ــن اﻟطـ ـ ــرق اﻟﺗ ـ ـ ــﻲ ﺗﺧﺗﻠـ ـ ــف ﻋ ـ ـ ــن وﺿ ـ ـ ــﻊ اﻟﻘ ـ ـ ــواﻧﯾن‬
‫اﻷﺧرى‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ اﻟﻘواﻧﯾن اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ واﻟﻌﺿوﯾﺔ‪:‬‬

‫اﻟﻘ ـ ـ ـواﻧﯾن اﻟﻌﺿـ ـ ــوﯾﺔ واﻻﺳﺎﺳـ ـ ــﯾﺔ ﻫـ ـ ــﻲ اﻟﻘـ ـ ـ ـواﻧﯾن اﻟﺻـ ـ ــدارة ﻋـ ـ ــن اﻟﺳـ ـ ــﻠطﺔ اﻟﺗﺷ ـ ـ ـرﯾﻌﯾﺔ ﻏﯾـ ـ ــر ان ﻣوﺿ ـ ـ ــوﻋﻬﺎ‬
‫ﯾﻛـ ــون ﻣﺗﻌﻠﻘ ـ ــﺎ ﺑ ـ ــﺎﻟﻧظم أو اﻟﻬﯾﺋ ـ ــﺎت اﻟدﺳ ـ ــﺗورﯾﺔ ﺑطﺑﯾﻌﺗﻬ ـ ــﺎ‪ ،‬ﻣﺛـ ــل اﻟﻘ ـ ـواﻧﯾن اﻟﻣﺗﻌﻠﻘـ ــﺔ ﺑﻛﯾﻔﯾ ـ ــﺔ ﻣﺑﺎﺷـ ـ ـرة اﻟﺣﻘ ـ ــوق‬
‫اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ واﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺗﻧظﯾم اﻷﺣزاب‪.‬‬

‫ب ـ اﻟﻣﺻﺎدر ﻏﯾر اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ‪:‬‬

‫ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻌرف اﻟدﺳﺗوري واﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣن أﻫم اﻟﻣﺻﺎدر ﻏﯾر اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ‬

‫‪ 1‬ـ اﻟﻌـ ـــــرف اﻟدﺳ ـ ــــﺗوري‪ :‬وﻫـ ـ ـ ـو اﺗﺑ ـ ـ ــﺎع ﺳ ـ ـ ــﻠطﺎت اﻟدوﻟ ـ ـ ــﺔ ﺳ ـ ـ ــﻠوك ﻣﻌ ـ ـ ــﯾن ﻓـ ـ ـ ـﻲ ﺷ ـ ـ ــﺄن ﻣﺳ ـ ـ ــﺄﻟﺔ دﺳ ـ ـ ــﺗورﯾﺔ‬
‫ﻻﻋﺗﻘﺎدﻫم ﺑﺈﻟزاﻣﯾﺔ ﻫذا اﻟﺳﻠوك‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟدﺳﺗورﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪:‬‬

‫وﻫـ ــﻲ اﻟﻣﺑـ ــﺎدئ اﻟدﺳـ ــﺗورﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣـ ــﺔ اﻟﺗـ ــﻲ ﺗﺳـ ــﯾر ﻓـ ــﻲ ﺿـ ــﻣﯾر اﻟﻘﺎﺿـ ــﻲ وﻓـ ــﻲ اﻟﻔﻛـ ــر اﻟـ ــدﯾﻣﻘراطﻲ ﻣﺛـ ــل ﻣﺑـ ــدأ‬
‫اﻟﻣﺳ ـ ــﺎواة وﺣﻘ ـ ــوق اﻹﻧﺳ ـ ــﺎن‪ ،‬وﻋ ـ ــدم اﻟﺣﺻ ـ ــول ﻋﻠ ـ ــﻰ اﻋﺗـ ـ ـراف ﻣـ ـ ـن اﻟﻣ ـ ــﺗﻬم ﻋ ـ ــن طرﯾ ـ ــق اﻟﺗﻌ ـ ــذﯾب أ وﻫ ـ ــذﻩ‬
‫اﻟﻣﺑـ ــﺎدئ ﻣﺳـ ــﺗﻘرة ﺣﺗـ ــﻰ وﻟـ ــو ﻟـ ــم ﯾـ ــﺗم اﻟـ ــﻧص ﻋﻠﯾﻬـ ــﺎ ﻓـ ــﻲ دﺳـ ــﺗور ﻣﻛﺗـ ــوب وﯾﻣﻛـ ــن أن ﺗﻌـ ــد أﺳﺎﺳـ ــﺎ ﻟﻠطﻌـ ــن‬
‫ﺑﻌدم دﺳﺗورﯾﺔ ﻗﺎﻧون ﺧﺎﻟف ﻫذﻩ اﻟﻣﺑﺎدئ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫اﻟدرس اﻟﺧﺎﻣس‪ :‬أﺳﺎﻟﯾب ﻧﺷﺄة اﻟدﺳﺎﺗﯾر وﻧﻬﺎﯾﺗﻬﺎ‬

‫ﺗﺗوﻗـ ــف ﻧﺷ ـ ـﺄة اﻟدﺳ ـ ــﺎﺗﯾر ﻋﻠـ ــﻰ ﻧظـ ــﺎم اﻟﺣﻛـ ــم اﻟﺳـ ــﺎﺋد ﻓـ ــﻲ اﻟدوﻟـ ــﺔ أﺛﻧـ ــﺎء وﺿ ـ ــﻊ اﻟدﺳ ـ ــﺗور ﻓﻘ ـ ــد ﯾﻧﺷـ ــﺄ ﺑط ـ ــرق‬
‫ﻏﯾـ ـ ــر دﯾﻣﻘراطﯾـ ـ ــﺔ ﻣﺛـ ـ ــل‪ :‬اﻟﻣﻧﺣـ ـ ــﺔ واﻟﻌﻘـ ـ ــد ﺑـ ـ ــﯾن اﻟﺣـ ـ ــﺎﻛم واﻟﺷـ ـ ــﻌب‪ ،‬أو ﺑطـ ـ ــرق دﯾﻣﻘراطﯾـ ـ ــﺔ ﻣﺛـ ـ ــل‪ :‬اﻟﺟﻣﻌﯾـ ـ ــﺔ‬
‫اﻟﺗﺄﺳﯾﺳﯾﺔ او اﻻﺳﺗﻔﺗﺎء اﻟﺷﻌﺑﻲ‪.‬‬

‫أوﻻ‪ :‬اﻟطرق ﻏﯾر اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ﻟﻧﺷﺄة اﻟدﺳﺎﺗﯾر‬

‫وﻫﻲ ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ اﻟﻣﻧﺣــــﺔ ‪ :‬ظﻬ ــر ﻫـ ــذا اﻷﺳـ ــﻠوب ﻛطرﯾﻘـ ــﺔ ﯾﺗﺟﻧـ ــب ﻣـ ــن ﺧﻼﻟﻬـ ــﺎ اﻟﻣﻠـ ــوك ﺛـــورة اﻟﺷ ــﻌب ﻋﻠـــﯾﻬم واﻟﻘﺿـ ــﺎء‬
‫ﻋﻠـ ــﻰ ﺳـ ــﻠطﺗﻬم‪ ،‬ﻓﺣـ ــﺎوﻟوا وﺿـ ــﻊ ﺣـ ــد ﻻﺳـ ــﺗﯾﺎء اﻟﺷـ ــﻌب ﺑـ ــﺎن ﺗﻧـ ــﺎزﻟوا ﻋـ ــن ﺑﻌـ ــض ﻣـ ــن ﺳـ ــﻠطﺎﺗﻬم ﻟـ ــﻪ ﺿـ ــﻣن‬
‫وﺛﯾﻘـ ــﺔ ﻣﻛﺗوﺑـ ــﺔ ﻟﯾﺷـ ــﻌروﻩ ﺑﺄﻧ ـ ـﻪ ﯾﺷـ ــﺎرﻛﻬم اﻟﺣﻛـ ــم‪ ،‬وﻋﻠﯾـ ــﻪ وﺻـ ــﻔت ﺑﺎﻧﻬـ ــﺎ ﻣﻧﺣـ ــﺔ اﻟﻣﻠـ ــك‪ ،‬وﻣـ ــن اﻷﻣﺛﻠـ ــﺔ ﻋﻠـ ــﻰ‬
‫ذﻟك اﻟدﺳﺗور اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻟﻌﺎم ‪ ،1814‬اﻟذي ﻣﻧﺣﻪ ﻟوﯾس اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر ﻟﻸﻣﺔ ﺳﻘوط ﻧﺎﺑﻠﯾون اﻷول‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ اﻟﻌﻘ ـــد اﻻﺗﻔــــﺎق‪ :‬ﯾﻧﺷ ــﺄ ﻫـ ــذا اﻟﻧـــوع ﻣـ ــن اﻟدﺳ ــﺎﺗﯾر ﻏﺎﻟﺑـ ــﺎ ﺑﻌـ ــد اﻟﺛـ ــورة أو ﺗـ ــﺄﺛﯾر اﻟﺷـ ــﻌب أو ﻣﻣﺛﻠﯾـ ــﻪ ﻋـ ــن‬
‫اﻟﻣﻠ ـ ــك ﻓﯾﺧﺿ ـ ــﻌوﻧﻪ ﻹرادة اﻟﺷ ـ ــﻌب‪ ،‬أﺣﺳ ـ ــن ﻣـ ـ ـن أن ﯾﻔﻘ ـ ــد ﺳـ ــﻠطﺎﻧﻪ ﻧﻬﺎﺋﯾ ـ ــﺎ ﻓﯾﺷ ـ ــﺎرﻛون اﻟﺷ ـ ــﻌب ﻓ ـ ــﻲ وﺿ ـ ــﻊ‬
‫دﺳﺗور اﻟﻧظﺎم اﻟﺟدﯾد‪ ،‬وﻣن أﻫم اﻷﻣﺛﻠﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟدﺳﺗور اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻟﻌﺎم ‪.1830‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻟطرق اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ﻟﻧﺷﺄة اﻟدﺳﺎﺗﯾر‬

‫وﻫﻲ‬

‫‪ 1‬ـ اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﺗﺄﺳﯾﺳﯾﺔ‪:‬‬

‫ﻓـ ــﻲ ﻫـ ــذا اﻷﺳـ ــﻠوب ﯾﻧﻔـ ــرد اﻟﺷـ ــﻌب ﺑوﺿـ ــﻊ اﻟدﺳـ ــﺗور ﺑواﺳـ ــطﺔ ﻫﯾﺋـ ــﺔ ﺗﺄﺳﯾﺳـ ــﯾﺔ ﻣﻧﺗﺧﺑـ ــﺔ ﺑطرﯾﻘـ ــﺔ دﯾﻣﻘراطﯾـ ــﺔ‬
‫ﻣ ـ ــن ﻗﺑﻠ ـ ــﻪ‪ ،‬ﻧظ ـ ـ ـ ار ﻟﺗﻌ ـ ــذر ﺳ ـ ــﻧﻪ ﺑ ـ ــﺎﻟطرﯾق اﻟﻣﺑﺎﺷ ـ ــر ‪ ،‬وﯾﻛ ـ ــون اﻟدﺳـ ـ ــﺗور اﻟ ـ ــذي ﺗﺿ ـ ــﻌﻪ ﻫ ـ ــذﻩ اﻟﻬﯾﺋ ـ ــﺔ واﺟ ـ ــد‬
‫اﻟﻧﻔ ـ ــﺎذ ﺑﻣﺟ ـ ــرد اﻗـ ـ ـ اررﻩ ﻣ ـ ــن ﻗﺑﻠﻬ ـ ــﺎ‪ ،‬وﻣ ـ ــن اﻷﻣﺛﻠ ـ ــﺔ ﻋﻠ ـ ــﻰ ذﻟ ـ ــك‪ ،‬دﺳ ـ ــﺗور اﻟوﻻﯾ ـ ــﺎت اﻟﻣﺗﺣ ـ ــدة اﻷﻣرﯾﻛﯾ ـ ــﺔ ﺑﻌ ـ ــد‬
‫اﺳﺗﻘﻼﻟﻬﺎ ﻋﺎم ‪1787.‬‬

‫‪ 2‬ـ اﻻﺳﺗﻔﺗﺎء اﻟﺷﻌﺑﻲ‪:‬‬

‫ﺗﺧﺗﻠ ـ ــف ﻫ ـ ــذﻩ اﻟطرﯾﻘ ـ ــﺔ ﻋ ـ ــن وﺿ ـ ــﻊ اﻟدﺳ ـ ــﺗور ﺑواﺳ ـ ــطﺔ اﻟﺟﻣﻌﯾ ـ ــﺔ اﻟﺗﺄﺳﯾﺳ ـ ــﯾﺔ ﻧظـ ـ ـ ار ﻻن اﻟدﺳ ـ ــﺗور ﻓـ ــﻲ ﻫ ـ ــذﻩ‬
‫اﻟﺣﺎﻟـ ــﺔ ﯾﺻـ ــدر ﻣـ ــن ﻟﺷـ ــﻌب ﻣﺑﺎﺷ ـ ـرة ﻓﯾﺑـ ــدي أرﯾـ ــﻪ ﻓﯾـ ــﻪ‪ ،‬وﻻ ﯾﺻـ ــﺑﺢ ﻧﺎﻓـ ــذا إﻻ ﺑﻌـ ــد ﻣواﻓﻘﺗـ ــﻪ ﻋﻠﯾـ ــﻪ ﻣـ ــن ﺧـ ــﻼ‬
‫اﺳﺗﻔﺗﺎء‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ﺛﺎﻟﺛﺎ‪ :‬طرق إﻧﻬﺎء اﻟدﺳﺗور‬

‫ﯾﻘﺻ ـ ــد ﺑﺈﻧﻬ ـ ــﺎء اﻟدﺳـ ـ ــﺗور وﺿ ـ ــﻊ ﺣ ـ ــد ﻵﺛ ـ ــﺎرﻩ ﻧﻬﺎﺋﯾ ـ ــﺎ ﻣﻣ ـ ــﺎ ﻻ ﯾﺳ ـ ــﻣﺢ ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﯾ ـ ــﺔ اﻟﻌﻣ ـ ــل ﻣﺟ ـ ــددا ﺑﺟﻣﯾ ـ ــﻊ ﻣ ـ ــﺎ‬
‫ﺗﺿـ ـ ــﻣﻧﻪ ﻣـ ـ ــن أﺣﻛـ ـ ــﺎم ﻓـ ـ ــﻲ اﻟﻣﺳـ ـ ــﺗﻘﺑل‪ ،‬وﺗﻧﺗﻬـ ـ ــﻲ اﻟدﺳـ ـ ــﺎﺗﯾر ﺑط ـ ـ ـرﯾﻘﯾن ﻫﻣـ ـ ــﺎ‪ :‬اﻟطرﯾـ ـ ــق اﻟﻌـ ـ ــﺎدي او اﻟطرﯾـ ـ ــق‬
‫ﻏﯾر اﻟﻌﺎدي‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ اﻟطرﯾق اﻟﻌﺎدي‪:‬‬

‫وﻫـ ــﻲ اﻟطرﯾﻘـ ــﺔ اﻟﺗـ ــﻲ ﯾﻛـ ــون ﻓﯾﻬـ ــﺎ إﻟﻐـ ــﺎء اﻟدﺳـ ــﺗور ٕواﻧﻬـ ــﺎء اﻟﻌﻣـ ــل ﺑﺄﺣﻛﺎﻣـ ــﻪ ﻗ ـ ـد ﺗـ ــم ﻓـ ــﻲ ﻫـ ــدوء وﻣـ ــن ﻏﯾـ ــر‬
‫ﻋﻧ ـ ــف وﻻ إﻛ ـ ـ ـ ارﻩ ﻧﺗﯾﺟ ـ ــﺔ اﺳ ـ ــﺗﻌﻣﺎل اﻟﻘ ـ ــوة او اﻟﺗﻠ ـ ــوﯾﺢ ﺑﺎﺳ ـ ــﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ ‪ٕ ،‬واﻧﻣـ ـ ــﺎ ﯾﻛ ـ ــون ﻣ ـ ــل ﻣـ ـ ــﺎ ﻓ ـ ــﻲ اﻷﻣ ـ ــر ان‬
‫اﻟﺳـ ـ ــﻠطﺎت ﺗﺑـ ـ ــﺎدر ﻋـ ـ ــن طواﻋﯾـ ـ ــﺔ إﻣـ ـ ــﺎ ﻣـ ـ ــن ﺗﻠﻘـ ـ ــﺎء ﻧﻔﺳـ ـ ــﻬﺎ او ﺑﻧـ ـ ــﺎءا ﻋﻠـ ـ ــﻰ دﻋ ـ ـ ـوات ﺗوﺟـ ـ ــﻪ إﻟﯾﻬـ ـ ــﺎ ﻹﻧﻬـ ـ ــﺎء‬
‫اﻟدﺳ ــﺗور اﻟﻘـ ــﺎﺋم واﺳ ــﺗﺑداﻟﻪ ﺑدﺳـ ــﺗور ﺟدﯾـ ــد ﯾؤﻣـ ــل ﻓﯾـ ــﻪ أن ﯾﻛـ ــون أﻗ ــرب ﻣـ ــن اﻵﺧـ ــر إﻟ ــﻰ ﻣﺳـ ــﺎﯾرة طﻣوﺣـ ــﺎت‬
‫اﻟﺷﻌب وآﻣﺎﻟﻪ ﻓﻲ اﻟرﻗﻲ واﻟﺗطور‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ اﻟطرق ﻏﯾر اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﻹﻧﻬﺎء اﻟدﺳﺗور‬

‫ﻫ ـ ــﻲ اﻟطرﯾﻘ ـ ــﺔ اﻟﺗ ـ ــﻲ ﯾﻣ ـ ــﺎرس ﻓﯾﻬ ـ ــﺎ إﻟﻐ ـ ــﺎء اﻟدﺳ ـ ــﺗور ٕواﻧﻬﺎﺋ ـ ــﻪ ﺑﺎﻟﺿ ـ ــﻐط واﻹﻛـ ـ ـراﻩ ﻏﯾ ـ ــر اﻟﺳ ـ ــﻠﻣﯾﯾن ﺑ ـ ــل وﻗ ـ ــد‬
‫ﯾﺻ ــل اﻷﻣـ ــر إﻟ ــﻰ ﺣـ ــد اﺳـ ــﺗﻌﻣﺎل اﻟﻘـ ــوة واﻟﻌﻧـ ــف أو اﻟﺗﻬدﯾـ ــد ﺑﺎﺳـ ــﺗﻌﻣﺎﻟﻬﻣﺎ ﻓﻌﻣﻠﯾ ــﺔ إﻟﻐـ ــﺎء اﻟدﺳ ــﺗور ﻓـ ــﻲ ﻫـ ــذﻩ‬
‫اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺗﺗم ﻓﻲ ظروف ﻏﯾر ﻋﺎدﯾﺔ وﻧﺗﯾﺟﺔ ﻷﺳﺎﻟﯾب ﻏﯾر ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ‪.‬‬

‫وﻣن ﺑﯾن أﻫم اﻟطرق ﻏﯾر اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﻹﻧﻬﺎء اﻟدﺳﺗور‪ :‬اﻟﺛورة‪ ،‬اﻻﻧﻘﻼب‪.‬‬

‫اﻟدرس اﻟﺳﺎدس‪ :‬أﻧواع اﻟدﺳﺎﺗﯾر‬

‫ﯾﻘﺳـ ــم اﻟﻔﻘـ ــﻪ اﻟدﺳـ ــﺗوري اﻟدﺳـ ــﺎﺗﯾر إﻟـ ــﻰ أﻧ ـ ـواع ﻣـ ــن ﺣﯾـ ــث اﻟﺷـ ــﻛل إﻟـ ــﻰ دﺳـ ــﺗور ﻋرﻓـ ــﻲ او دﺳـ ــﺗور ﻣـ ــرن او‬
‫ﻛﺗـ ــوب‪ ،‬ﻣـ ــن ﺣﯾـ ــث اﻟﻣﺣﺗـ ــوى إﻟـ ــﻰ دﺳـ ــﺗور ﺑرﻧ ـ ــﺎﻣﺞ أو دﺳـ ــﺗور ﻗـ ــﺎﻧون ‪ ،‬او ﻣ ـ ــن ﺣﯾـ ــث إﺟ ـ ـراءات اﻟﺗﻌ ـ ــدﯾل‬
‫إﻟﻰ دﺳﺗور ﻣرن او دﺳﺗور ﺟﺎﻣد‪.‬‬

‫أوﻻ‪ :‬ﺗﻘﺳﯾم اﻟدﺳﺎﺗﯾر ﻣن ﺣﯾث اﻟﺷﻛل‬

‫ﺗﻧﻘﺳم اﻟدﺳﺎﺗﯾر ﻣن ﺣﯾث اﻟﺷﻛل إﻟﻰ دﺳﺎﺗﯾر ﻋرﻓﯾﺔ و أﺧرى ﻣدوﻧﺔ‬

‫‪ 1‬ـ اﻟدﺳ ـــﺗور اﻟﻌرﻓ ـــﻲ‪ :‬ﯾﻘﺻ ــد ﺑ ــﻪ اﻟدﺳ ــﺗور ﻏﯾـ ــر اﻟﻣـ ــدون واﻟ ــذي ﯾﻧﺷ ــﺄ ﻋ ــن طرﯾ ــق اﻟﻌ ــرف ﻧﺗﯾﺟـ ــﺔ اﺗﺑ ــﺎع‬
‫اﻟﺳ ـ ــﻠطﺎت اﻟﻌﺎﻣ ـ ــﺔ ﻓ ـ ــﻲ اﻟدوﻟ ـ ــﺔ ﻋﻧ ـ ــد ﺗﻧظ ـ ــﯾم ﺷ ـ ــؤوﻧﻬﺎ ﻟﺳـ ـ ـﻠوﻛﯾﺎت ﻣﺣ ـ ــددة اﺳ ـ ــﺗﻣرت ﻟﻣ ـ ــدة طوﯾﻠ ـ ــﺔ ﻓﺗﺣوﻟ ـ ــت‬
‫إﻟﻰ ﻋرف دﺳﺗوري ﻣﻠزم ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﺳﻠطﺎت وﻣن اﻫم اﻷﻣﺛﻠﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟدﺳﺗور اﻹﻧﺟﻠﯾزي‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ اﻟدﺳ ــــﺗور اﻟﻣ ــــدون‪ :‬وﯾﻘﺻ ـ ــد ﺑ ـ ــﻪ اﻟدﺳ ـ ــﺗور اﻟﻣ ـ ــدون ﻓ ـ ــﻲ وﺛﯾﻘ ـ ــﺔ او ﻋ ـ ــدة وﺛـ ـ ـﺎﺋق ﻣﻌﯾﻧ ـ ــﺔ‪ ،‬وﻫ ـ ــﻲ ﺗﻌ ـ ــد‬
‫اﻷﻛﺛر ﺷﯾوﻋﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬ﻣن ﺣث اﻟﻣﺣﺗوى‬

‫ﺗﻧﻘﺳم ﻣن ﺣﯾث اﻟﻣﺣﺗوى إﻟﻰ دﺳﺗور ﻗﺎﻧون ودﺳﺗور ﺑرﻧﺎﻣﺞ‬

‫‪ 1‬ــ ـ ـ دﺳ ــــﺗور ﻗ ــــﺎﻧون‪ :‬وﻫ ـ ــو ذﻟ ـ ــك اﻟدﺳ ـ ــﺗور اﻟ ـ ــذي ﯾﺗﺿ ـ ــﻣن ﻓ ـ ــﻲ اﻟﻌ ـ ــﺎدة اﻟﻣﺑ ـ ــﺎدئ واﻟﻘواﻋ ـ ــد اﻟﺗ ـ ــﻲ ﺗ ـ ــﻧظم‬
‫ﻋﻣﻠﯾـ ــﺔ اﻟﺗﻧـ ــﺎﻓس ﻓـ ــﻲ اﻟﺣﺻـ ــول ﻋﻠـ ــﻰ اﻟﺳـ ــﻠطﺔ وﻛﻔﯾـ ــﺔ ﻣﻣﺎرﺳـ ــﺗﻬﺎ وﺑﯾـ ــﺎن اﻟﻌﻼﻗـ ــﺔ ﺑـ ــﯾن ﻣﺧﺗﻠـ ــف اﻟﻣؤﺳﺳـ ــﺎت‬
‫اﻟدﺳﺗورﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ دﺳ ــــﺗور ﺑرﻧ ــــﺎﻣﺞ‪ :‬ﻫ ـ ــذا اﻟدﺳ ـ ــﺗور ﯾظﻬ ـ ــر ﻋ ـ ــﺎدة ﻓ ـ ــﻲ اﻷﻧظﻣـ ـ ـﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳ ـ ــﯾﺔ اﻟﺗـ ــﻲ ﺗﺄﺧ ـ ــذ ﺑﻧظـ ــﺎم اﻟﺣ ـ ــزب‬
‫اﻟواﺣـ ــد وﯾـ ــﺄﺗﻲ اﻟدﺳـ ــﺗور ﻣﺣﺗوﯾـ ــﺎ ﻋﻠـ ــﻰ ﺑرﻧـ ــﺎﻣﺞ اﻟﺣـ ــزب ﻓـ ــﻲ ﺟﻣﯾـ ــﻊ اﻟﻣﺟـ ــﺎﻻت إﻟـ ــﻰ ﺟﺎﻧـ ــب ﺗﻧظـ ــﯾم اﻟﺳـ ــﻠطﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺛﺎ‪ :‬ﻣن ﺣﯾث إﺟراءات اﻟﺗﻌدﯾل‬

‫ﺗﻧﻘﺳم اﻟدﺳﺎﺗﯾر إﻟﻰ دﺳﺗور ﻣرن ودﺳﺗور ﺟﺎﻣد‬

‫‪ 1‬ـ اﻟدﺳـ ــــﺗور اﻟﻣـ ـــرن‪ :‬وﻫ ـ ــو ذﻟ ـ ــك اﻟ ـ ــذي ﯾﻣﻛ ـ ــن ﺗﻌدﯾﻠـ ـ ــﻪ ﺑﺎﺗﺑـ ـ ــﺎع اﻻﺟـ ـ ـراءات اﻟﻣﻘـ ـ ــررة ﻟﺗﻌ ـ ــدﯾل اﻟﻘ ـ ـ ـواﻧﯾن‬
‫اﻟﻌﺎدﯾـ ـ ــﺔ وأن اﻟﺳ ـ ـ ــﻠطﺔ اﻟﺗ ـ ـ ــﻲ ﺗﺗ ـ ـ ــوﻟﻰ ذﻟـ ـ ــك ﻫـ ـ ــﻲ ﻧﻔ ـ ـ ــس اﻟﺳ ـ ـ ــﻠطﺔ اﻟﺗـ ـ ــﻲ ﺗﻘ ـ ـ ــوم ﺑﺳ ـ ـ ــن اﻟﻘـ ـ ـ ـواﻧﯾن اﻟﻌﺎدﯾـ ـ ــﺔ أي‬
‫اﻟﺳ ـ ــﻠطﺔ اﻟﺗﺷ ـ ـ ـرﯾﻌﯾﺔ وﻣ ـ ــﺎ ﯾﻣﻛـ ـ ــن ﻗوﻟــ ــﻪ ﻓـ ـ ــﻲ ﻫـ ـ ــذا اﻟﺻـ ـ ــدد ان أﻏﻠﺑﯾـ ـ ــﺔ اﻟﻘواﻋـ ـ ــد اﻟدﺳـ ـ ــﺗورﯾﺔ اﻟﻌرﻓﯾـ ـ ــﺔ ﺗﻌﺗﺑـ ـ ــر‬
‫ﻣرﻧﺔ وﻻ ﯾﺷﺗرط ﻋﻧد ﺗﻌدﯾﻠﻬﺎ أﯾﺔ إﺟراءات ﺧﺎﺻﺔ‪.‬‬

‫‪2‬ـ ـ ـ اﻟدﺳــــﺗور اﻟﺟﺎﻣــــد‪ :‬ﻫـ ــو اﻟدﺳـ ــﺗور اﻟـ ــذي ﻻ ﺗﻌـ ــدل ﻧﺻوﺻـ ــﻪ إﻻ ﺑﺎﺗﺑـ ــﺎع إﺟ ـ ـراءات ﺧﺎﺻـ ــﺔ ﻏﯾـ ــر ﺗﻠ ـ ــك‬
‫اﻟﻣﺗﺑﻌـ ــﺔ ﻓـ ــﻲ ﺗﻌـ ــدﯾل اﻟﻘ ـ ـواﻧﯾن اﻟﻌﺎدﯾـ ــﺔ وﻟﻌـ ــل اﻟﺳـ ــﺑب ﻓـ ــﻲ ذﻟ ـ ـك اﻟﻣﺣﺎﻓظـ ــﺔ ﻋﻠـ ــﻰ ﺛﺑﺎﺗـ ــﻪ واﺳـ ــﺗﻘ اررﻩ وﺑﺎﻟﺗـ ــﺎﻟﻲ‬
‫ﻓـ ــﺎﻟﺟﻣود ﻫﻧ ـ ــﺎ ﻻ ﯾﻌﻧ ـ ــﻲ ﻋ ـ ــدم إﻣﻛﺎﻧﯾـ ـ ـﺔ اﻟﺗﻌ ـ ــدﯾل ﺗﻣﺎﻣ ـ ــﺎ وﻟﻛ ـ ــن وﺟ ـ ــود إﺟـ ـ ـراءات ﺧﺎﺻـ ـ ـﺔ ﻣﻧﺻ ـ ــوص ﻋﻠﯾﻬ ـ ــﺎ‬
‫ﻓﻲ اﻟدﺳﺗور‪.‬‬

‫‪13‬‬

You might also like