‫ﺳﻠﺴﺔ اﻟﻨﺬﻳﺮ ‪١‬‬

‫ﺍﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬
‫‪‬‬

‫اﻠﺷﻴﺦ‪ /‬ﻤﺤﻣﺪ اﻠﻔﺎﺿﻞ اﻠﺘﻗﻼوي‬

 ‫ﺑﺴﻢ ﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﻴﻢ‬
‫و اﻟﺼﻼة و اﻟﺴﻼم ﻋﲆ رﺳﻮل ﷲ ﺻﲆ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬
‫ﻳﻌﻄﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺗﻔﺴ ا ً وﺗﺤﻠﻴﻼً وﺣﻼً ﻟﻠﻮاﻗﻊ و اﻷﺣﺪاث اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺠﻌﻨﺎ ﺻﺒﺎح ﻣﺴﺎء‪ ،‬ﺣﻴﺚ‬
‫أن ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺸﻴﻄﺎ اﻟﴩﻳﺮ اﳌﻨﻈﻢ اﻟﺬي ﺗﺮدح ﺗﺤﺘﻪ اﻟﺒﻼد ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻋﺒﺪة اﻟﺸﻴﻄﺎن) ﺣﺎﻣﻞ‬
‫اﻟﻀﻴﺎء ‪ (Lucifer‬وﻋﺒﻴﺪ اﻟﻴﻬﻮد وﺧﻠﻔﺎء اﳌﺴﺘﻌﻤﺮ ﻣﻦ اﳌﺎﺳﻮن ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﺒﻼد ﺻﻌﻴﺪا ً ﺟﺮزاً‪،‬‬
‫و اﻷﻏﺮب ﻣﻦ ذﻟﻚ أن اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺴﻮدا ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺟﺎزﻣﺎ ً أن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﻜﻤﻮﻧﻬﻢ ﻫﻢ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء‬
‫اﻟﺒﻠﺪ!! ﺑﻞ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺘ ٌﻘﻰ و اﻟﺼﻼح!!‪ ،‬ﻟﻜﻨﻬﻢ ﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﻳﺴﺄﻟﻮن ﺑﺘﻌﺠﺐ ﳌﺎذا ﺗﻔﻌﻞ ﺑﻨﺎ‬
‫اﻷﻧﻈﻤﺔ اﳌﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻫﺬا ﻛﻠﻪ؟! و ﻛﺄﻧّ ﻨﺎ ﻣﻦ أﺷﺪ أﻋﺪاﺋﻬﺎ!! و ﳌﺎذا ﻻ ﻳﻜﻮن ﻟﺮؤﺳﺎﺋﻨﺎ ﻗﺮارات ﺗﻨﻔﺬ ﺠﺮد‬
‫إﻋﻼﻧﻬﺎ؟!! وأﻧﺎ أﺳﺄﻟﻚ أﻧﺖ أﻳﻬﺎ اﻟﻘﺎرئ ﻛﻴﻒ ﺗﺮك اﳌﺴﺘﻌﻤﺮ ﻫﺬه اﻟﻨﻌﻢ اﻟﻮاﻓﺮة – ﻣﻊ أﻧﻪ أﺧﺬﻫﺎ‬
‫ﻓﻮق ﺟ ﺟﻢ اﻟﺮﺟﺎل ‪ -‬ﻟﻴﱰﻛﻬﺎ وﻳﺬﻫﺐ؟! ﰲ ﺣ أن ﻣﺎ أﺧﺬ ﺑﺎﻟﻘﻮة ﻻ ﻳﺴﱰد إﻻ ﺑﺎﻟﻘﻮة‪.‬‬
‫أﻋﻠﻢ أﺧﻲ أن اﻟﻴﻬﻮد اﻟﻴﻮم ﻳﺤﻜﻤﻮن اﻟﻌﺎ ﻛﻠﻪ و أن أي ﺟ ﻋﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ ﺗﻈﻬﺮ ﻳﺘﻢ ﺣﺮﺑﻬﺎ‬
‫ﺑﴪﻋﺔ وﺑﻼ ﻫﻮادة – ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ اﳌﺎﺳﻮن‪ -‬ﺗﺤﺖ ﻛﺬﺑﺔ ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻹرﻫﺎب وﻳﺘﻢ‬
‫ﻣﻄﺎردة ﻫﺆﻻء اﳌﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﰲ اﻟﱪ و اﻟﺒﺤﺮ و اﻟﺠﻮ‪ .‬وأن أي ﻧﻈﺎم ﻳﺄ ﻣﻦ ﻏ اﳌﺎﺳﻮن ﻳﻌﺘﱪ ﻏ‬
‫ﻣﻌﱰف ﺑﻪ دوﻟﻴﺎ ً ‪.‬‬
‫ﻟﻠ ﺳﻮن ﻣﺤﺎﻓﻞ ﻛﺜ ة ﻣﻨﺘﴩة ﰲ اﻟﺴﻮدان ﻳﺪﻳﺮون ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ أﻋ ﻟﻬﻢ اﻟﺘﺨﺮﻳﺒﻴﺔ واﻟﻌﺪاﺋﻴﺔ‬
‫اﻟﺨﺴﻴﺴﺔ‪ ،‬و ﻟﺪﻳﻬﻢ ﴍﻛﺎت ﺿﺨﻤﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﺷﻌﺎرات اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ_ أﻛ ﻣﻦ أن ﺗﺤﴡ‪ -‬وﺷﻌﺎراﺗﻬﻢ ﻻ‬
‫ﺗﻜﺎد ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺆﺳﺴﺔ أو ﴍﻛﺔ أو وزارة ﺣﺘﻰ اﳌﺤﻠﻴﺎت و اﳌﺴﺘﺸﻔﻴﺎت و اﻟﺼﻴﺪﻟﻴﺎت و اﳌﺤﻼت‬
‫اﻟﺨﺎﺻﺔ‪ .‬ﻟﺪﻳﻬﻢ رﺳﺎﺋﻞ ﻣﻮﺟﻬﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﻋﻼﻧﺎت ﺑﻌﺾ اﻟﴩﻛﺎت‪ .‬ﻛ أن ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺣﺰاب إﻣﺎ ﺗﺪار‬
‫ﻣﺒﺎﴍةً ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﳌﺎﺳﻮن أو أﻧﻬﺎ ﻣﻠﻮﺛﺔ ﺑﻬﻢ‪.‬‬
‫أﻧﺎ أﻋﻠﻢ أن ﻫﺬا اﻟﻜﻼم ﻳﻨﺰل ﻛﺎﻟﺼﺎﻋﻘﺔ ﻋﲆ ﻋﻘﻞ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻌﺮف ﺣﻘﻴﻘﺔ اﳌﺎﺳﻮن‪ ،‬ﻟﻜﻨﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ‬
‫ﰲ زﻣﻦ اﻟﻔ ‪ ،‬أﻋﺪﻛﻢ أﺑﻨﺎ ﺑﻜﺘﺎب إﻧﺸﺎء ﷲ إن ﻛﺎن ﰲ اﻟﻌﻤﺮ ﺑﻘﻴﺔ ﻷن ﻣﺎ ﻋﻨﺪي أﻛ ﻣﻦ أن‬
‫ﺗﻀﻤﻪ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﻜﺘﺎب‪ ،‬ﻛ أﻧﺼﺤﻜﻢ ﺑﻜﺘﺎب اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﺴﻮدان ﻟﺴﻴﺪ ﺧ ي اﻟﺴﻴﺪ‪ ،‬ﺟﺰاك ﷲ‬
‫ﺧ ا ً أﺧﻲ اﻟﺘﻘﻼ وي ﻓﻘﺪ ﻃﺮﻗﺖ ﺑﺎﺑﺎً ﻫﺎﺑﻪ اﻟﻜﺜ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻷﻗﻼم ﰲ ﺣ ﺧﻠﺖ ﻣﻨﻪ وﺳﺎﺋﻞ‬
‫اﻹﻋﻼم‪ ،‬اﳌﻼﺣﻆ أن أي ﻧﺴﺨﺔ ﺗﻈﻬﺮ ﻣﻨﻪ ﻳﺘﻢ ﺳﺤﺒﻬﺎ ﻣﻦ اﳌﻜﺘﺒﺎت ﻋﲆ ﻋﺠﻞ!!‪.‬‬
‫ﻣﻘﺪم اﻟﻜﺘﺎب ‪١٤٣٥‬ﻫـ‬
 ‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‬

‫ﺇﻫــــــــــــــــــﺪﺍء‬

‫‪ ‬إﱃ أﺑﻨﺎ ﻋﱪ ﻧﺼﻒ ﻗﺮن ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن أو ﻳﺰﻳﺪ ﻗﻠﻴﻼً‪...‬‬

‫‪ ‬إﱃ ﺷﺒﺎب اﻟﻐﺪ وأﺑﻨﺎء اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ اﳌﴩق ﺑﺈذن ﷲ‪...‬‬
‫‪ ‬إﱃ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺻﺤﺎ ﺑﻌﺪ ﻧﻮم ﻋﻤﻴﻖ ﻋﻤﻴﻖ ﺟﺎوز اﻟﻘﺮون‬
‫اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ‪...‬‬
‫‪ ‬إﱃ ﻛﻞ ﺑﺎﺣﺚ ﻋﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﰲ ﺣﻨﺎدس اﻟﻠﻴﻞ اﻟﺒﻬﻴﻢ‪ .‬ﻳﻄﺮق‬
‫اﻷﺣﺪاث اﻟﺨﻔﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺼﻞ إﱃ اﻟﻨﻮر‪...‬‬
‫‪‬إﻟﻴﻜﻢ أ ُ ﺻﻴﺤﺎ وأﻧﺘﻢ ﺗﻨﻌﻤﻮن ﺑﺎﻟﺮاﺣﺔ اﻷﺑﺪﻳﺔ ﰲ اﻟﺮﻣﻮس‪...‬‬
‫‪ ‬وإﱃ اﻷﺣﻴﺎء ﻣﻨﻬﻢ وﻗﺪ زﺑﻞ اﻟﻌﻮد وإﻧﺤﻨﻰ و ﺟﻔﺖ‬
‫اﻟﺤﻮاس‪..‬‬
‫‪ ‬إﱃ ﻛﻞ ﺣﺮ ﻋﺎرك ﺟﻴﻮش اﻟﻈﻠﻢ اﻷﻏﱪ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻌﺪل‬
‫و اﻟﺤﻴﺎة‪...‬‬
‫‪ ‬إﱃ ﻛﻞ ﻣﺆﻣﻦ ﺻﺎدق ﻳﺮﻓﺾ اﻟﺬل و ﻻ ﻳﺨﻀﻊ إﻻ ‪...‬‬
 ‫اﳌﻘــﺪﻣـــــــــــﺔ‬

‫اﻟﺤﻤﺪ و ﻻ ﻧﻌﺒﺪ إﻻ إﻳﺎه ﻣﺨﻠﺼ ﻟﻪ اﻟﺪﻳﻦ و ﻟﻮ ﻛﺮه اﻟﻜﺎﻓﺮون‬

‫و اﻟﺼﻼة و اﻟﺴﻼم ﻋﲆ اﴍف اﳌﺮﺳﻠ وﻋﲆ آﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ أﺟﻤﻌ ‪ .‬أﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﻘﺪ‬
‫ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻲ ﻛﺜ ﻣﻦ اﻷﺻﺪﻗﺎء اﳌﺨﻠﺼ واﻹﺧﻮان اﳌﺤﱰﻣ ﺑﻌﺪ ﻧﻘﺎش ﺻﺎف ٍ‬
‫راﺋﻖ ﰲ ﺟﻮ ﻣﻌﺘﺪل ﻫﺎدئ أو ﰲ ﺟﻮ ٍ ﺻﺎﺧﺐ ﺛﺎﺋﺮ ﻏ ﺣﻤﻴﺪ أن أﻛﺘﺐ ﻋﻦ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺨﻄﺮة ﻋﲆ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﺗﺠﻤﻊ ﻟﺪي ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻫﻲ ﰲ ﻧﻈﺮي‬
‫ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻋﺪ ﺔ اﻟﺠﺪوى ﺗﺤﻂ ﺑﺎﳌﻮﺿﻮع ﰲ ﻛﻞ ﺟﻮاﻧﺒﻪ و ﻫﻲ ﰲ ﻧﻈﺮﻫﻢ‬
‫ﺗﻜﺸﻒ ﻛﺜ ا ً ﻣﻦ اﻟﺨﻔﺎﻳﺎ وﺗﺒ ﻟﻠﻘﺎرئ ﺳ ت اﻟﺨﻄﺮ اﻟﺪاﻫﻢ و ﺗﻠﻔﺖ ﻧﻈﺮه إﱃ‬
‫اﻟﺒﻼ ء اﻟﺠﺎﺋﺢ و اﳌﺮض اﳌﻬﻠﻚ و اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ اﳌﺪﻣﺮ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺎﻳﺔ‬
‫وﻳﺘﺪﺛﺮ ﺑﺎﻟﺤ ﻳﺔ وﻳﻨﺄى ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻋﻦ اﻟﴩ اﳌﺴﺘﻄ ‪ .‬وﻗﺪ رﻓﻀﺖ اﻟﻄﻠﺐ ﻣﺮارا ً‬
‫ﺣﺘﻰ ر ُﻣﻴﺖ ﺑﺎﻟﺠ و اﻟﺨﻮف ﻣﻦ ﻋﺘﺎة اﳌﺠﺮﻣ اﳌﺠﺮﺑ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ اﳌﻌﺎش‬
‫و ﻓﺸﻠﺖ ﰲ إﻗﻨﺎﻋﻬﻢ ﰲ أﻧﻪ ﻻ ﺧﻄﺮ إﻃﻼﻗﺎ ً ﻋﲆ ﻣﻦ ﻳﻜﺘﺐ ﺑﺼﺪق وإﺧﻼص ﻣﻦ‬
‫ﻏ ﺗﺤﺮﻳﻒ أو ﺗﺰﻳﻴﻒ إ ﺎ اﻟﺨﻄﺮ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻋﲆ ﻣﻦ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﻟﻠ ﺳﻮﻧﻴﺔ وﻳﺘﺪرج‬
‫ﰲ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺛﻢ ﻳﺘﻤﺮد ﻋﻠﻴﻪ أو ﻳﻌﺎرض ﺧﻂ ﺳ ﻫﺎ ﻷﻧﻪ ﻳﻜﺘﺐ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻧﻬﺎﻳﺔ‬
‫ﺣﻴﺎﺗﻪ‪ ،‬و ﻟﻠ ﺳﻮﻧﻴﺔ ﻗﺘﻠﺔ ﻣﺤﱰﻓﻮن ﻳﻨﻔﺬون اﻟﻘﺘﻞ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ‬
‫ﻛﻞ ﺷـــﺒﻬﺔ أو أﺛﺮ ﻳــﺪل ﻋﲆ اﻟﺠـــﻨﺎة و ﻻ ﻳــﺪرك ذﻟﻚ ﺳــﻮى ﻣﻦ ﺮس‬
‫ﺑﺘﺠـــﺎرب ﻛﺜ ة إ ﺗﻀــﺤﺖ ﻟﻪ ﺑﻬﺎ اﻷﻣــﻮر‪ .‬و رأﻳﺘﻨﻲ أﺟﻴﺐ اﻟﻄــﻠﺐ اﻟﻴﻮم‬
‫ﻣﻘﺘﻨﻌﺎ ً ﺑﻘﻨــﺎﻋﺘﻬﻢ و ﺳــــﺄﺳﺠﻞ ﻣﺎ اﻗﺘﻨﻌﺖ ﺑﻪ و ﻣﺎ أﻗﺘﻨﻊ ﺑﻪ و ﻟﻜﻨﻪ ﻗﻨﺎﻋﺔ‬
‫اﻵﺧﺮﻳﻦ و أﻧﺎ أﺛﻖ ﺑﻬﻢ ﺛﻘﺔ ﻻ ﺣﺪود ﻟﻬﺎ و ﻟﻦ أﺳــﺠﻞ ﻗﻨــﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻻ أﺛﻖ ﺑﻬﻢ‬
‫ﻓﺎﻷﻣــﺮ ﻻ ﻳﺤـﺘﻤﻞ اﳌﺠــﺎﻣﻼت اﻟﺨﺎوﻳﺔ و ﻻ ﻳﻘﺒﻞ اﻟﺮأي اﻟﻔﻄ ‪ .‬و ﻟـﻴﺲ‬
‫اﳌﻮﺿﻮع ﺳـﺮد ﻗـﺼﺔ ﺧﻴﺎﻟﻴﺔ ﺗﻘـﺒﻞ اﻟﺘﺰﻳﻴﻒ و اﻟﺘﺠﻤﻴﻞ وإ ﺎ ﻫﻲ وﻗــﺎﺋﻊ ﺣﻴﺔ‬
‫‪١‬‬
‫ﺗﻀﻄﺮب ﺑﻬﺎ اﻟﺤﻴﺎة وإن ﻛﺎﻧﺖ أ ﻏﺮب ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎل اﻟﺒﻌﻴﺪ‪ .‬و ﻣﺎ أرﻳﺪ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﰲ‬
‫ﻫﺬا اﳌﻮﺿﻮع اﻟﺸﺎﺋﻚ‪ ،‬إﻻ أﻧﻪ ﻣﻦ ﺻﻤﻴﻢ اﻟﺤﻴﺎة‪ ،‬و اﻟﻨﺎس ﰲ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﻠﺤﺔ‬
‫ﳌﻌﺮﻓﺔ أﴎاره و ﺧﻔﺎﻳﺎه وﻣﺎ أﻗﻞ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﻓﻴﻪ ﺑﺄﻗﻼ م ﺳﻮداﻧﻴﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﻧﺰر‬
‫ﻻ ﻳﻔﻲ ﺑﺎﻟﺤﺎﺟﺔ وﻻ ﻳﻄﻔﺊ ﻇ اﳌﺘﻌﻄﺸ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ وﰲ أﻫﻢ اﻷﻣﻮر و أﺧﻄﺮﻫﺎ‬
‫ﰲ واﻗﻊ اﻟﻴﻮم‪ .‬ور ﺎ ﻳﻜﻮن ﻟﺪي ﻣﻦ اﳌﻌﺮﻓﺔ ﰲ اﳌﻮﺿﻮع ﳾء ﻣﻔﻴﺪ ﺑﻞ ﻫﻮ‬
‫ﺻﻮرة واﻗﻌﻴﺔ ﺗﻨ اﻟﺪرب وإن ﺗﻜﻦ ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ اﻟﺠﻮاﻧﺐ ﻣﺤﻴﻄﺔ ﺑﻜﻞ اﳌﻮﺿﻮع‬
‫و أﻣﲇ أن ﺗﻜﻮن ﺻﻴﺤﺔ داوﻳﺔ ﻣﺠﻠﺠﻠﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﺗﺒﻌﺚ ﻋﲆ اﻹ ﻧﺘﺒﺎه و ﺗﻮﻗﻆ ﺑﻘﺎﻳﺎ‬
‫اﻟﻨﺎ و ﺗﺪﻋﻮ إﱃ اﻟﺤﺬر و اﻟﺤﻴﻄﺔ وﻣﺮاﻗﺒﺔ اﳌﻮﻗﻒ اﻟﺪﻗﻴﻖ‪ .‬و ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﰲ‬
‫ﺗﻼﻓﻴﻒ اﳌﻮﺿﻮع ﺗﺎرﻳﺦ ﺿﺎﺋﻊ ﰲ زﺣﻤﺔ اﻷﺣﺪاث إﻣﺎ ﻷﻧﻪ ﻏ ﻣﻨﻈﻮر ﻓﺄﻫﻤﻞ‬
‫وإﻣﺎ أﻧﻪ ﻣﺠﻬﻮل ﻷﻧﻪ ﻳﻌﻴﺶ ﰲ ﺣﻨﺎدس اﻟﻈﻼم و ﻻ أزﻋﻢ أﻧﻨﻲ أﺣﴢ ﻛﻞ‬
‫أﺣﺪاث اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﳌﺘﺼﻞ ﺑﺎﳌﻮﺿﻮع و ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻋﻼﻣﺎت ﻣﺸﺘﻌﻠﺔ ﻣﻀﻴﺌﺔ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ‬
‫اﳌﺆرخ اﻟﻠﺒﻴﺐ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ وﻳﺒﻨﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ أو ﻫﻲ أﺳﺒﺎب ﻟﻜﺜ ﻣﻦ أﺣﺪاث‬
‫اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﳌﻌﺎﴏ ﻳﻌﻠﻞ ﺑﻬﺎ اﳌﻨﺤﻨﻴﺎت و اﻟﺘﺠﺎوزات واﻹ ﻧﺤﺮاﻓﺎت‪ .‬ﺛﻢ إن ﻫﺬا‬
‫اﳌﻮﺿﻮع إذا ﺗﻜﺸﻔﺖ ﺑﻌﺾ ﺟﻮاﻧﺒﻪ ﻻﺑﺪ أن ﻳ ي اﻟﻮﻋﻲ اﳌﺘﻮﺛﺐ واﻟﺼﺤﻮ ة‬
‫اﻟﻔﻮارة ﻓﺘﻤﺘﻠﺊ ﻗﻠﻮب اﻟﺸﻌﺐ ﺑﺎﻟﻘﻨﺎﻋﺔ اﳌﺆﺳﺴﺔ أو ﺗﺰﻳﺪ ﻗﻨﺎﻋﺘﻪ ﺑﺄن اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺗﻌﻠﻢ ﺟﺎﻫﺪة ﻋﲆ ﺗﺪﻣ ه وأن دول اﻟﻐﺮب ﻣﺨﻠﺐ ﻗﻂ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ‬
‫اﻟﺨﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻳﺮ ﺷﺌﻮن اﻟﻌﺎ ﻛﻠﻪ وﻋﲆ رأﺳﻬﺎ اﻟﺼﻬﺎﻳﻨﺔ اﻟﺨ ُﻠّﺺ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء‬
‫ﻳﻌﻘﻮب اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪون اﻋﺘﻘﺎدا ً ﺟﺎزﻣﺎ ً إن ﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ اﻟﻌﺎ ﻣﻠﻚ ﺧﺎﻟﺺ ﻟﻬﻢ‬
‫ﻳﺘﴫﻓﻮن ﻓﻴﻪ ﻋﲆ ﻣﻘﺘﴣ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻢ وﻣﻨﺎﻓﻌﻬﻢ و ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺣﻖ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﰲ ﻛﻞ‬
‫اﻟﺪﻧﻴﺎ أن ﺗﻌﺎرض ﻣﺼــﺎﻟﺤـﻬﻢ ﻣﺼــﺎﻟـﺢ اﻟﻴﻬــــﻮد ﺑﻞ و ﻻ ﺣــﻖ ﻷﺣــﺪ أن‬
‫ﻳﺤـﻴﺎ إذا ﻛﺎﻧـﺖ ﺣﻴــﺎﺗﻪ ﺗﻬــﺪد ﻣﺼــﺎﻟﺤــﻬﻢ وإن ﻛﻞ ﺑﻨﻲ اﻹﻧﺴـــﺎن ﻋﲆ‬
‫وﺟـﻪ اﻷرض إ ﺎ ﻫﻢ ﻋــﺒﻴـﺪ ﻟﺸــﻌﺐ ﷲ اﳌـﺨﺘﺎر وأن إﻟــﻪ إﺳـــﺮاﺋﻴـﻞ ﻫﻮ‬
‫‪٢‬‬
‫اﻟﺬي ﻣﻨﺤﻬﻢ ﻫﺬه اﻟﺤﻘﻮق وﻳﺠﺐ ﺗﺪﻣ ﻛﻞ ﻣﻦ أراد أن ﻳﻌﺘﺪي ﻋﲆ ﻫﺬه‬
‫اﻟﺤﻘﻮق ﺑﺤﺴﻢ ﻗﺎﻃﻊ ﻻ ﺗﺮاﺟﻊ ﻓﻴﻪ‪.‬‬
‫و ﻣﻦ أﺟﻞ أن أﺑﺮﻫﻦ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻻﺑﺪ أن أﺳﺘﻌ ﺑﺎﳌﺮاﺟﻊ اﳌﻌﺘﱪة اﻗﺘﺒﺲ ﻣﻨﻬﺎ‬
‫ﻣﺎ ﻳﺆﻳﺪ ﻣﺎ ذﻛﺮﺗﻪ آﻧﻔﺎً و ﻟﺴﺖ ﺑﺤﺎﺟﺔ أن أﺣﺸﺪ ﻛﻞ اﻷدﻟﺔ واﻟﱪاﻫ وﺣﺴﺒﻲ‬
‫أن أﺷ إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻘﻂ وﻳﻜﻔﻲ أن أذﻛﺮ ﻣﺎ ﻻﺑﺪ ﻣﻨﻪ و ﻻ ﺑﺪ أن أذﻛﺮ ﰲ أول ﻫﺬا‬
‫اﻟﻜﺘﻴﺐ اﳌﺨﺘﴫ ﻗﺼﺔ ﺑﺤﺜﻲ ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺧﻼل ﻧﺼﻒ ﻗﺮن ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن أو‬
‫ﺗﺰﻳﺪ ﻗﻠﻴﻼً و ﻻ أﺗﻮرع أن أذﻛﺮ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻻﻗﻴﺖ وﺑﺄﻣﺎﻧﺔ أﺳﺠﻞ ﻣﺎ أﻓﻀﻮا ﺑﻪ إﱄ َ‬
‫ﻣﻦ ﻏ ﺗﻌﻠﻴﻖ أو ﺑﺘﻌﻠﻴﻖ ﻗﻠﻴﻞ ﰲ ﺑﻌﺾ اﳌﻮاﺿﻴﻊ واﻟﺘﻌﻠﻴﻖ دا ﺎً ﻫﻮ رأﻳﻲ‬
‫اﻟﺨﺎص ﺳﻮاء اﺗﻔﻖ ﻓﻴﻪ اﻟﻨﺎس ﻣﻌﻲ أم ﻻ‪.‬‬
‫و ﺳﺄﺣﺎول أن اﻛﺘﺐ ﺑﺄﺳﻠﻮب ﺳﻬﻞ ﻳﺴ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن ﰲ ﻣﺘﻨﺎول اﻟﺠﻤﻴﻊ‬
‫وإذا رأي ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس أن ﰲ اﳌﻮﺿﻮع أﺧﻄﺎء ﻓﺎﻟﺒﺎب ﻣﻔﺘﻮح ﻋﲆ ﻣﴫاﻋﻴﻪ‬
‫ﻹﺻﻼح اﻟﺨﻄﺄ و أﻧﺎ اﻋﺘﻘﺪ دا ﺎً أن ﻣﻦ ﻳﺼﻠﺢ أﺧﻄﺎ ﻣﺘﻌﺎون ﻣﻌﻲ أﺷﻜﺮه‬
‫ﻣﻘﺪﻣﺎ ً ﻋﲆ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺒﺬل وﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن اﻟﻌﺼﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻗﻂ إﻻ‬
‫ﻟﻠﺮﺳﻞ و اﻷﻧﺒﻴﺎء وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻼﺋﻜﺔ ﷲ أﻣﺎ ﻣﺎﻋﺪا ذﻟﻚ ﻓﺎﻟﺨﻄﺄ وارد و ﺗﻌﺠﺒﻨﻲ ﻗﻮﻟﺔ‬
‫ﻣﺎﻟﻚ رﺣﻤﻪ ﷲ )ﻛﻠﻨﺎ راد و ﻣﺮدود ﻋﻠﻴﻪ إﻻ ﺻﺎﺣﺐ ﻫﺬا اﻟﻘﱪ( ﻳﻌﻨﻲ ﺑﻪ اﻟﺮﺳﻮل‬
‫ﺻﲆ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻲ أرﺟﻮ أن ﻻ ﻳﻜﻮن اﻟﺮد إﱃ اﻟﺼﻮاب ﻓﻴﻪ ﺗﺤﺎﻣﻞ‬
‫ﻳﺨﺮﺟﻪ ﻋﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ و ﻻ ﺑﺬاءة ﺗﺴﻘﻄﻪ ﰲ ﻣﻴﺰان اﻻﻋﺘﺪال‪ .‬واﻟﺤﻜﻢ دا ﺎً ﻫﻮ‬
‫اﻟﻘﺎرئ وﻫﻮ ﻴﺰ ﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺣﺲ ﻣﺮﻫﻒ اﻟﺼﻮاب واﻟﺨﻄﺄ وﻳﻌﺮف ﺑﺸﻌﻮره‬
‫اﻟﺤﻲ اﻟﺪواﻓﻊ إن ﻛﺎﻧﺖ دواﻓﻊ ﺧ أو ﴍ و أﻧﺎ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻻ أﺣﺐ أن ادﺧﻞ‬
‫ﻣﻊ اﻟﻨﺎس ﰲ ردود وﻣﻨﺎﻇﺮات وﺟﺪل إﻻ إذا رأﻳﺖ ذﻟﻚ ﴐورﻳﺎ ً وﻳﺴﺘﺤﻖ‪ ،‬ﷲ‬
‫اﳌﻮﻓﻖ وﻋﻠﻴﻪ اﻟﺘﻜﻼن و ﻻ ﺣﻮل وﻻ ﻗﻮة إﻻ ﺑﻪ‪.‬‬

‫‪٣‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬
‫اﻟﺒﺤﺚ وراء اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت‬

‫ﰲ ﻋﺎم ‪١٩٣٥‬م ﻧﺰل ﺑﺎﻟﺪﻳﻮان اﳌﻠﺤﻖ ﺴﺠﺪ اﻟﴩﻳﻒ اﻟﺘﻘﻼوي ﺑﺄﻣﺪرﻣﺎن‬

‫اﻟﺸﻴﺦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻣﻜﺎوي ﻃﺎﻟﺒﺎ ً اﻟﺸﻔﺎء ﻣﻦ ﻣﺮض أﻟَﻢ ﺑﻪ وﻣﻜﺚ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻦ‬
‫اﻟﻌﺎم وﻫﻮ ﻣﻮاﻃﻦ ﺳﻮدا ‪ ،‬ﻳﻌﺪ أول ﻣﺴﺘﻮرد ﻟﻠﺪارﺟﺎت و ﻛﺎن ﺣﺴﻦ ﺻﺎﻟﺢ‬
‫ﺧﴬ ﻋﺎﻣﻼً ﻋﻨﺪه و ﻛﺎن دﻛﺎﻧﻪ ﴍق ﻣﺴﺠﺪ أرﺑﺎب اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ اﻟﻌﺘﻴﻖ ﺑﺎﻟﺨﺮﻃﻮم‬
‫ﻗﺒﻞ إن ﻳﻘﻮم ﺑﺈﻋﺎدة ﺑﻨﺎﺋﻪ اﳌﻠﻚ ﻓﺎروق ﻛ ﻫﻮ اﻵن‪ .‬ﻛﺎن إﺑﺮاﻫﻴﻢ رﺟﻼً واﻋﻴﺎ ً‬
‫ﻳﻔﻜﺮ ﺑﻌﻤﻖ وﻳﻬﺘﻢ ﻛﺜ اً ﺎ ﻳﺠﺮي ﻣﻦ أﺣﺪاث ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺴﺘﻘﺒﻞ اﻷﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬
‫ﺟﻤﻌﺎء‪ .‬وﻛﻨﺖ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﺷﺎﺑﺎ ً ﻧﺎﺿﺠﺎ ً ﺗﺨﻄﻲ ﻷول ﻣﺮة ﻣﺮﺣﻠﺔ اﳌﺮاﻫﻘﺔ‬
‫ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺘﺎﻋﺐ اﳌﺨﺎض ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻴﻼد ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﴚء‬
‫ﺗﺆﺛﺮ وﺗﺘﺄﺛﺮ ﺠﺮﻳﺎت اﻷﺣﺪاث اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻴﺾ ﺑﻬﺎ اﻟﺤﻴﺎة ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ اﳌﻌﺎش‪ .‬و ﻛﺎن‬
‫إﺑﺮاﻫﻴﻢ رﺟﻼً واﺳﻊ اﻻﻃﻼع ﻛﺜ اﻟﻘﺮاءة ﺣﻤﻠﺖ ﻟﻪ إﺑﻨﺘﻪ اﻟﺸﺎﺑﺔ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻛﺜ ا ً‬
‫ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ وﺿﻌﺘﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﴎﻳﺮه ﻛﻠ ﻗﺮأ ﻛﺘﺎﺑﺎ وﺿﻌﻪ ﰲ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى و ﻻ‬
‫أدري أﻗﺮأ اﻟﻜﺘﺎب ﻷول ﻣﺮة أم ﻫﻲ إﻋﺎدة ﻣﺮة ﺑﻌﺪ ﻣﺮة و ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﻤﻞ ﻟﻪ ﻛﻞ‬
‫ﻳﻮم ﻃﻌﺎﻣﺎً ﺷﻬﻴﺎً وﻓﺎﻛﻬﺔ ﻧﺎﺿﺠﺔ و ﻛﺎن ﻳﺨﺼﻨﻲ ﺑﺄﻛﱪ ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻦ اﻟﻔﺎﻛﻬﺔ‬
‫وﻳﺤ ﺑﺈﺧﺘﺼﺎر ﻣﺤﺘﻮﻳﺎت ﻣﺎ ﻗﺮأ وﻳﺤﺜﻨﻲ ﻋﲆ اﻟﻘﺮاءة وﻳﻌ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻌﺪ‬
‫اﻟﻜﺘﺎب وﻳﺴﺄﻟﻨﻲ ﻋ وﺟﺪت ﻓﻴﻪ وﻳﺜﻨﻲ ﻋﲆ وﻳﺪﻓﻌﻨﻲ إﱃ اﻟﻘﺮاءة وﻗﺪ ﻳﻌﻠﻖ‬
‫ﻋﲆ ﻓﻬﻤﻲ وﻳﻀﻴﻒ إﻟﻴﻪ‪ .‬و ﻣﻦ اﻟﻜﺘــﺐ اﻟﺘﻲ ﻗــﺮأﺗﻬﺎ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗــﺖ و‬
‫أﻧﺲ أﺳـ ءﻫﺎ اﻟﻌـﱪات و اﻟﻨﻈـــﺮات ﻟﻠﻤﻨﻔﻠﻮﻃﻲ واﻟﻌـﺮوة اﻟﻮﺛﻘﻰ ﻟﺠ ل‬

‫‪٤‬‬
‫اﻟﺪﻳﻦ اﻷﻓﻐﺎ وﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه وﻃﺒــﺎﺋﻊ اﻹ ﺳــﺘﺒﺪاد وﻣﻈﺎﻫﺮ اﻹ ﺳﺘﻌﺒﺎد‬
‫ﻟﻠﻜﻮاﻛﺒﻲ وﺑﻌﺾ اﻟﻘﺼﺺ اﳌﱰﺟﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴــﻴﺔ‪ .‬و ﻛﺎﻧﺖ إﺑﻨﺘﻪ ذات‬
‫ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﺤــﺪودة و ﻟﻜﻨﻬﺎ ذﻛﻴﺔ ذﻛـــﺎء ً ﺧﺎرﻗﺎ ً ﻏ ﻋﺎدي وﻫﻲ أول اﻣﺮأة أﺣﺒﺒﺘﻬﺎ‬
‫و ﻗﺪ ﻻﺣــﻆ ذﻟﻚ إﺑﺮاﻫﻴﻢ وﻫﻮ رﺟﻞ ﻗﻮي اﳌﻼﺣﻈﺔ و ﺳــﺄﻟﻨﻲ إن ﻛﻨﺖ أﺣﺐ‬
‫أن أﺗﺰوﺟﻬﺎ ﻓﻘﻠﺖ ﺑﻠﻬﻔﺔ ﻣﺘﴪﻋﺎ ً ﻧﻌﻢ ﻓﻮﻋﺪ أن ﻳﺰوﺟﻬﺎ ﱄ ﺑﻌﺪ أن ﻳﺘ ﺛﻞ‬
‫ﻟﻠﺸﻔﺎء وﺣﺎل ﻣﻮﺗﻪ دون ذﻟﻚ و ﻛﺎﻧﺖ أول ﺻﺪﻣﺔ أﻟﻴﻤﺔ ﻗﺎﺳﻴﺔ ﺗﺄﺛﺮت ﺑﻬﺎ‬
‫وﻻزﻣﺘﻨﻲ ﻣﺮارﺗﻬﺎ ردﺣﺎ ً ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ و ﻛﺎﻧﺖ إﺑﻨﺘﻪ ﺗﺠﺎرﻳﻪ ﰲ أﻓﻜﺎره وإﺗﺠﺎﻫﻪ‬
‫اﻟﺴﻴﺎﳼ و ﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﺘﺸﻴﻌﺎ ً ﻟﻠﻮﻓﺪ اﳌﴫي و ﻗﺪ ﺗﺄﺛﺮت أﻧﺎ أﻳﻀﺎً ﺑﺬﻟﻚ و ﻛﻨﺎ ﻧﺨﺮج‬
‫أﺻﻴــﻞ ﻛﻞ ﻳﻮم و ﻧﻔﺮش اﻟﺤﺼـــ ﺟﻨﻮب اﳌﺴﺠﺪ و ﻧﺴﻤﻊ ﻹﺑﺮاﻫﻴﻢ و ﻫﻮ‬
‫ﻣﺤﺪث ﻟﺒﻖ ﻳﺄﺧﺬ ﺠﺎﻣﻊ اﻟﻘﻠﻮب وﰲ ﻳﻮم ﻣﻦ أﻳــﺎم ذﻟﻚ اﻟﻌﺎم ﻻ اﺳﺘﻄﻴﻊ‬
‫ﺗﺤﺪﻳﺪه أﻗﺒﻞ إﻟﻴﻨﺎ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻴﻀﺎوي وﻫﻮ ﻳﺴـــﻜﻦ ﰲ ﺟﻮارﻧﺎ و ﻫﻮ ﻣﻦ أﺻﻞ‬
‫ﻋﺮ أو ﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﻴﻤﻦ ﻋﲆ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻓﺴﻠـــ َ ﻢ ﻋﲆ إﺑﺮاﻫﻴﻢ و ﺳـــﺄﻟﻪ ﻋﻦ‬
‫ﺣﺎﻟﻪ ﺛﻢ ﻣﴤ اﻟﺮﺟﻞ و ﻛﺎن اﻟﺮﺟﻞ ﻳﺤﺮص ﻛﻞ ﻳﻮم ﻋﲆ ﺣﻀﻮر ﺻﻼة اﳌﻐﺮب‬
‫و اﻟﻌﺸﺎء ﰲ اﳌﺴﺠﺪ وﻳﺤـﴬ أﺑﻨﺎءه ﻣﻌﻪ و ﻛﺎﻧﻮا ﰲ رﻣﻀـــﺎن ﻳﻘﺮﺋﻮن اﻟﻘﺮآن‬
‫ﺑﻌﺪ اﻟﺘــﺮاوﻳﺢ وﺑﺄﺻـﻮات ﺟـﻤﻴﻠﺔ و ﺗﺮﺗﻴﻞ ﻣﺘﻘﻦ و ﻛﻨﺎ ﻧﺤﺐ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ‬
‫و ﻧﺤﱰﻣﻪ ﳌﺎ وﱃ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻴـﻮم ﻗﺎل ﱄ إﺑﺮاﻫــﻴﻢ ﻫﺬا اﻟﺮﺟـﻞ ﻳﻌـﻤﻞ ﻣﻊ‬
‫ﻣﺴــﱰ ﺑﻦ ﻣﺪﻳﺮ اﳌﺨـﺎﺑﺮات اﻹﻧﺠــﻠﻴﺰي وﻫـﻮ ﻳﻮﻓﺪ إﱃ اﻟﻴﻤﻦ وﻳﺘﺼـﻞ‬
‫ﺑﺎﻷدارﺳـﺔ وﻳﺤــﻤﻞ إﻟﻴﻬﻢ ﻣﺎ ﻳـﺮاه ﻣﻨﻬﻢ وﻫﻮ ﻓــﻮق ذﻟﻚ ﻋﻀــ ﻮ ﰲ اﳌﺤــﻔﻞ‬
‫اﳌﺎﺳــﻮ وﻛﻨﺖ ﺧﺎﱄ اﻟﺬﻫﻦ ﺎﻣﺎ ً ﻋﻦ إدارة اﳌﺨــﺎﺑﺮات و ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬
‫ﻓﺪﻓﻌﻨﻲ ﺣﺐ اﻹ ﺳــﺘﻄﻼع أن أﺳــﺄل ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﳌﺨﺎﺑﺮات وﻋﻦ اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ‬
‫وﻫﺬه أول ﻣﻌــﺮﻓﺔ ﱄ ﺑﺎﳌﺎﺳـــﻮﻧﻴﺔ و ﻗﺪ ﺻـﻮرﻫﺎ ﱄ إﺑـﺮاﻫﻴﻢ ﺑﺼــﻮرة ﻣﺮﻋــﺒﺔ‬
‫ﺑﺸــﻌﺔ ــﻸ اﻟﻘــﻠﺐ ﺑﺎﻟﺠــﺰع و اﻟﺨــﻮف و اﻟﻜـﺮاﻫﻴﺔ وﻣﻦ ﻳﻮﻣﻬــﺎ أﺻــﺒﺤﺖ‬

‫‪٥‬‬
‫ﻣﻬﺘ ً ﺑﻬﺎ أﺑﺤﺚ ﻋﻦ أﴎارﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺠﻤﻊ ﻟﺪي ﻣﺤﺼﻮل ﻏ ﻗﻠﻴﻞ وﻗﺮأت ﻛﺜ ا ً‬
‫ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﰲ داﺧﻞ اﻟﺴﻮدان و ﺧﺎرﺟﻪ وإﺷﱰﻛﺖ ﰲ ﻧﺪوات ﴎﻳﺔ أو‬
‫ﻋﻠﻨﻴﺔ ﻟﺠ ﻋﺎت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ أو ﻏ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ و ﺟﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻷﻓﺮاد إﱃ أﻧﻬﻢ‬
‫ﻣﺎﺳﻮن وﻫﻢ رﺟﺎل ﻛﺒﺎر ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺴﻮدا أو ﺻﺎروا ﻓﻴ ﺑﻌﺪ ﻣﻦ أﻛﺎﺑﺮ‬
‫اﻟﺮﺟﺎل‪ .‬و ﻣ ﻗﺎل ﱄ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﻣﻀﻐﻮط‪ :‬ادﺧﻞ اﻻﻧﺠﻠﻴﺰ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﰲ‬
‫اﻟﺴﻮدان وﻛﺎن أول رﺋﻴﺲ ﻟﻠﻤﺤﻔﻞ اﳌﺎﺳﻮ ﻫﻮ اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﻌﺎم ﻧﻔﺴﻪ و ﻗﺪ ﻋ‬
‫ﻟﻠﻤﺤﻔﻞ اﻟﺴﻴﺪ ﻋﲆ اﳌ ﻏﻨﻲ و اﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﳌﻬﺪي و اﻟﴩﻳﻒ ﻳﻮﺳﻒ‬
‫اﻟﻬﻨﺪي أﻋﻀﺎء ﴍف ﻓﻴﻪ و ﻋ ﻛﺒﺎر اﳌﻮﻇﻔ أﻋﻀﺎء ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺎﻟﺢ‬
‫اﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ وﻣﺤﻤﺪ ﻋﲆ ﺷﻮﻗﻲ وإﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﺪري وﻣﻦ اﻟﺘﺠﺎر اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻔﻴﻞ‬
‫و ﺳﻴﺪ اﺣﻤﺪ ﺳﻮار اﻟﺪﻫﺐ و أﺑﻮ اﻟﻌﻼ و ﻣﺤﻤﺪ أﺣﻤﺪ اﻟﱪﻳﺮ وﻋﺒﺪ اﳌﺴﻴﺢ‬
‫ﺗﺎدرو س وﻏ ﻫﻢ‪ ،‬وﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﺠﻴﺶ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺧﻠﻴﻞ و أﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ وإﺑﺮاﻫﻴﻢ‬
‫ﻋﺒﻮد وﻏ ﻫﻢ ﻣﻤﻦ ﻧﺴﻴﺖ أﺳ ﺋﻬﻢ وﻋ اﻟﺤﺎﻛﻢ أﻳﻀﺎ ً ﺑﻌﺾ رﺟﺎل اﻟﺠﺎﻟﻴﺎت‬
‫وﺑﻌﺾ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ وﰲ ﺗﻄﻮر ﻻﺣﻖ أﺟﻼ ﻛﻞ اﻻﻧﺠﻠﻴﺰ وأ ﻧﺘﺨﺐ ﻋﺒﺪ اﳌﺴﻴﺢ‬
‫ﺗﺎدروس رﺋﻴﺴﺎ ً و ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ﻧﺎﺋﺒﺎ ً ﻟﻪ و ﻗﺪ زاد اﻟﻌﺪد ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ‬
‫ودﺧﻞ ﻛﺜ ﻣﻦ اﻷﻗﺒﺎط واﻟﺴﻮداﻧﻴ و اﻟﺸﻮام و اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴ وﺑﻌﺾ اﻟﻬﻨﻮد وﺑﻌﺾ‬
‫رﺟﺎل اﻹدارة اﻷﻫﻠﻴﺔ ﺛﻢ ﺗﻄﻮر اﻷﻣﺮ ﺑﺄن دﺧﻞ ﻛﺒﺎر اﳌﻮﻇﻔ و اﻟﺮﺗﺐ اﻟﻜﺒ ة ﰲ‬
‫اﻟﺠﻴﺶ و اﻟﺒﻮﻟﻴﺲ ﰲ اﳌﺤﻔﻞ ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ ﻣﻌﺮوﻓﺎ ً اﻧﻪ ﻻ ﻜﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ‬
‫اﻟﺮﺗﺐ اﻟﻌﻠﻴﺎ إﻻ إذا اﻧﺘﻈﻢ اﻟﻨﺎس ﰲ اﳌﺤﻔﻞ‪ .‬وﻗﺎل إﺑﺮاﻫﻴﻢ إن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬
‫ﺟﻤﻌﻴﺔ ﴎﻳﺔ ﺗﻌﺎون اﻻﺳﺘﻌ ر و ﺗﺴﺎﻋﺪه ﻋﲆ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻪ وﻳﻌﺎون‬
‫أﻋﻀـﺎؤﻫﺎ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺗﻌﺎوﻧﺎ ً ﻛﺎﻣﻼً و ﻣﻦ ﺑﻨﻮدﻫﺎ ﻣﻌﺎوﻧﺔ اﻟﻔﻘﺮاء و اﳌﺤــﺘﺎﺟ‬
‫ﺑﺸــﺮوط ﺧــﺎﺻﺔ وﺗﻌﻤﻞ اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ ﻟﺘﻘﺪم اﻟﺒﻼد ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﺘﻌــﺎرض ذﻟﻚ‬
‫ﻣـﻊ اﻟﻨﻔــﻮذ اﻟﻌــﺎﳌﻲ وﻣﻦ أﺟــﻞ ذﻟﻚ ﻫﻲ أداة ﻃـﻴﻌﺔ ﻟﻠﻨﻔــﻮذ اﻟﻌـﺎﳌﻲ‬

‫‪٦‬‬
 ‫ﺗﻨﻔﺬ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻏ اﻋﱰاض وﻣﻦ ﻳﻌﱰض ﻳﻜﺘﺐ ﻣﺼ ه ﺑﻨﻔﺴﻪ‬
‫وﻫﻮ ﻣﺤﻜﻮم ﻋﻠﻴﻪ ﺳــﻠﻔﺎ ً ﺑﺎﻹﻋــﺪام ﻓــﻮرا ً ‪ .‬ﻓﻘﻠﺖ ﻹﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻛــﻴﻒ ﺣﺼﻠﺖ‬
‫ﻋﲆ ﻫﺬه اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت؟ ﻗﺎل ﱄ ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﻋﻀﻮاً ﰲ ﻫﺬه اﻟﺠــ ﻋﺔ و ﻻزﻟﺖ‬
‫و ﻟﻜﻦ اﳌﺮض ﺣﺎل ﺑﻴﻨﻲ وﺑ ﻧﺸــﺎﻃﻬﺎ و اﻟﺤﻤﺪ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺖ أ ﻨﻰ‬
‫أن أﺧﺮج ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺴﻼم و ﻣﺎ ﻣﻨﻌﻨﻲ ﺳــﻮى اﻟﺨﻮف وﻟﻮﻻ أﻧﻨﻲ أﺛﻖ ﺑﻚ وأﺣﺒﻚ‬
‫ﻛﺜ ا ً و أﺧﴙ ﻋﻠﻴﻚ ﻣﻦ ﺧﻄﺮﻫﺎ إذا دﺧﻠﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﺤﺪﺛﺖ إﻟﻴﻚ ﺑﴚء ﻣﻨﻬﺎ‬
‫ﻓﺄﺣﻔﻆ اﻟﺴــﺮ وﻻ ﺗﺒﺢ ﺑﻪ أﺑﺪا ً‪ .‬و ﻗﺪ داﺧﻠﻨﻲ ﺧﻮف رﻫﻴﺐ و ﻛﺘﻤﺖ اﻷﻣﺮ دﻫﺮا ً‬
‫ﻃﻮﻳﻼ و ﻟﻜﻨﻲ ﻻ أﺳﺘﻄﻴﻊ ﻗﻂ أن أﻛﻒ ﻋﻦ اﻟﺒﺤﺚ اﳌﺘﻮاﺻﻞ ﳌﻌﺮﻓﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ‬
‫اﳌﺎﺳﻮن ﻛﻠ أ ُﺗﻴﺤﺖ ﱄ اﻟﻔﺮﺻﺔ ورﺣﻢ ﷲ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻟﻘﺪ ﻓﺘﺢ ﱄ ﺑﺎﺑﺎ ً إﱃ اﻹزﻋﺎج‬
‫و اﻟﻘﻠﻖ ﻋﺎﻧﻴﺖ ﻣﻨﻪ اﻟﻜﺜ ور ﺎ ﻛﺎن ﻫﺬا ﻗﺪري وﻻ ﻣﻔﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺪر‪.‬‬
‫ﰲ ﻋﺎم ‪١٩٣٩‬م ﺗﻌﺮﻓﺖ ﻋﲆ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺣﻤﺪ و ﻛﻨﺖ ﰲ ﻫﺬه‬
‫اﻟﻔﱰة أﺧﻄﺐ اﻟﺠﻤﻌﺔ ﰲ ﻣﺴﺠﺪ واﻟــﺪي وﻛﻨﺖ أﻫﺎﺟﻢ اﻹ ﺳﺘﻌ ر ﻫﺠﻮﻣﺎ ً‬
‫ﻋﻨﻴﻔﺎ ً و ﻛﺎن اﳌﺴﺠﺪ ﻳﻜﺘﻆ ﺑﺎﻟﻨﺎس ﺣﺘﻰ اﻟﺸــﻮارع ﺣﻮﻟﻪ و ﻛﺎن ﻛﺜ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس‬
‫ﻻ ﻳﺠﺪون ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻓﻴﻘﻔﻮن ﺣﻮل اﻷﺑﻮاب واﻟﺸــﺒﺎﺑﻴﻚ و ﻛﺎن اﻟﺸــﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﷲ‬
‫ﺣﻤﺪ وﺻﺪﻳﻘﻪ اﻟﺸــﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻠﻴﻢ اﻟﻌﺘﺒﺎ ﻻ ﻳﻨﻘﻄﻌﺎن أﺑﺪا ً ﻋﻦ ﺻﻼة‬
‫اﻟﺠﻤﻌﺔ وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﺘﻬﻲ اﻟﺼـﻼة ﻳﺤﺮﺻﺎن ﻋﲆ ﻣﺼﺎﻓﺤﺘﻲ و ﺗﺸــﺠﻴﻌﻲ ﻋﲆ‬
‫اﳌﴤ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻄــﺮﻳﻖ‪ .‬وﰲ ﻳﻮم ﻣﻦ أﻳﺎم ذﻟﻚ اﻟﻌﺎم ﻻ أﺳـــﺘﻄﻴﻊ أن أﺣﺪده‬
‫ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻲ اﻟﺸــﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺣﻤﺪ أن ﻳﺰور ﻓــﺮﺣﺒﺖ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر وﻗﻠﺖ ﻟﻪ‬
‫ﺑﻌﺪ اﻟﺼــﻼة دا ﺎً ﻧﺘــﻮﺟﻪ إﱃ ﻣﻨﺰﱄ وﺑﻌﺪ ﺗــﻨﺎول ﻃــﻌﺎم اﻟﻐــﺪاء ﻧﺘﺤﺪث‬
‫ﰲ ﺷــﺘﻰ اﳌﻮاﺿﻴﻊ ﺣﺘﻰ ﺻــﻼة اﻟـــﻌﴫ ﻓﻘــﺎل ﱄ أرﻳﺪ أن ﻳــﻜﻮن ﻟـــﻘﺎؤﻧﺎ‬
‫ﻋﲆ إﻧـــﻔﺮاد ﻓﻘــﻠﺖ ﻟﻪ ﻧﻌﻢ ﻛــ ﺗﺮﻳﺪ و ﺟــــﺎء ﰲ ﻳﻮم اﻟﺴـــﺒﺖ و ﺗﺤﺪث‬
‫إﱄ ﱠ ﻧﺎﺻــﺤﺎً وﻣــﺆﻳﺪا ً و ﻗـﺎل ﱄ ﰲ ﻧﻔـــﺲ اﻟﻴــﻮم ﺣــﻜﻤﺔ راﺋــﻌﺔ ﻻزﻟﺖ ُ‬

‫‪٧‬‬
‫أﺣﻔﻈﻬﺎ ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم‪):‬ﻣﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﺮف ﻳﻘﺎل وﻣﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺎل ﺟﺎء وﻗﺘﻪ وﻣﺎ ﻛﻞ‬
‫ﻣﺎ ﺟﺎء وﻗﺘﻪ وﺟﺪ أﻫﻠﻪ( و ﻗﺪ أﻓﺎدﺗﻨﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﻜﻤﺔ ﰲ ﻣﻮاﻗﻒ ﻛﺜ ة وﻻ زﻟﺖ‬
‫أﻃﺒﻘﻬﺎ ﻣﺆﻣﻨﺎ ﺑﺼﻮاﺑﻬﺎ‪ .‬و ﺗﻮﺛﻘﺖ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻋﺮي اﻟﺼﺪاﻗﺔ و اﳌﺤﺒﺔ ﺛﻢ ﺻﺎرت زﻳﺎرﺗﻪ‬
‫ﱄ وزﻳﺎر ﻟﻪ ﻣﺘﻮاﻟﻴﺔ ﻻ ﺗﻨﻘﻄﻊ وأﺣﺒﺒﺖ اﻟﺮﺟﻞ ﻟﺼﺪﻗﺔ و ذﻛﺎﺋﻪ وﻣﺤﺒﺘﻪ ﻟﻠﺨ‬
‫وﻣﺤﺒﺘﻪ ﻟﻠﺴﻮدان وﺷﻐﻔﻪ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ وﺣﺮﺻﻪ ﻋﲆ اﻟﻌﻠﻢ دا ﺎ ً ‪ .‬و ﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﺸﻴﺦ‬
‫اﻟﻄﻴﺐ اﻟﴪاج ﻳﺰوره ﰲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺛﻼث ﻣﺮات ﰲ اﻹﺳﺒﻮع ﻟﻴﻘﺮأ أﻟﻔﻴﺔ إﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﰲ‬
‫اﻟﻨﺤﻮ وﻳﺤﴬ ﻫﺬا اﻟﺪرس ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺧ ة ﻣﻦ ﺷﺒﺎب أ روف اﻟﺬﻳﻦ إرﺗﺒﻄﺖ‬
‫أﺳ ﺋﻬﻢ ﻓﻴ ﺑﻌﺪ ﺑﺄﺣﺪاث اﻟﺴﻮدان اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ وإرﺗﻘﻮا أﻋﲆ اﳌﻨﺎﺻﺐ و ﻛﻨﺖ‬
‫اﺣﺮص ﻋﲆ ﺣﻀﻮر ﻫﺬا اﻟﺪرس اﻟﻘﻴﻢ ﻣﻦ اﺑﺮز ﻋﻠ ء اﻟﻌﴫ ﰲ اﻟﻠﻐﺔ و ﻛﺎن‬
‫اﻟﺪرس درﺳﺎ ً ﺟﺎﻣﻌﺎً ﰲ اﻟﻨﺤﻮ و اﻟﴫف و اﻟﻠﻐﺔ و اﻷدب و اﻟﺘﺎرﻳﺦ‪ .‬رﺣﻢ ﷲ اﻟﺸﻴﺦ‬
‫اﻟﻄﻴﺐ اﻟﴪاج ﻓﻘﺪ أﻏﺪق ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﻪ اﻟ وﻋﻠﻤﻨﺎ اﻟﻜﺜ ‪.‬‬

‫وﰲ ﻳﻮم ﻣﻦ أﻳﺎم ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﺳﺄﻟﺖ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ إن‬
‫ﻛﺎن ﻳﻌﺮف ﺷﻴﺌﺎً ﻋﻨﻬﺎ و ﻛﺎن ذﻟﻚ ﰲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺑﺄ روف ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﳌﻐﺮب و ﻳﺤﴬ‬
‫ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم أﺣﺪ ﻋﻞ ﺧﻼف اﻟﻌﺎدة وﻟﻴﺲ ﻣﻌﻨﺎ ﺳﻮى ﺣﻤﺪ اﻟﺼﻐ و ﻫﻮ ﻳﻠﻌﺐ‬
‫ﺣﻮﻟﻨﺎ و ﻣﺎ ﻓﺮﻏﺖ ﻣﻦ ﺳﺆاﱄ ﺣﺘﻰ إﻋﺘﺪل اﻟﺸﻴﺦ وﻛﺎن ﻣﺘﻜﺌﺎً وإﺿﻄﺮب إﺿﻄﺮاﺑﺎً‬
‫أﺷﻬﺪه ﻣﻨﻪ ﻗﻂ ﻗﺒﻞ اﻟﻴﻮم وراح اﻟﺸﻴﺦ ﻳﺮدد و ﻗﺪ ﺟﺤﻈﺖ ﻋﻴﻨﺎه و ﺗﻮﺗﺮت‬
‫أﻃﺮاﻓﻪ ﳌﺎذا ﺗﺴﺄل ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ؟ و أﻧﺎ ﺳﺎﻛﺖ ﻻ أﺟﻴﺐ ﻷن أﺳﺌﻠﺘﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﻮاﻟﻴﺔ‬
‫ﻳﺪع ﱄ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ و ﳌﺎ ﻫﺪأ ﺑﻌﺾ اﻟﴚء وﺳﻜﺖ ﻗﻠﺖ ﻟﻪ إ أﺣﺐ أن‬
‫أﻋﺮف ﺷﻴﺌﺎً ﻋﻨﻬﺎ إذا ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﻤﻜﻨﺎ و ﻻ ﻳﻀﻴﻘﻚ‪ ،‬إن ﻛﻨﺖ ﺗﻌﺮف ﺷﻴﺌﺎً ﻋﻨﻬﺎ‬
‫ﻓﻘﺎل ﱄ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر ﺳﻨﺘﺤﺪث ﻋﻨﻬﺎ ﰲ ﻓﺮﺻﺔ أﺧﺮى و أردف أﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﺼﺤﺒﻨﻰ إﱃ‬
‫ﻣﻨﺰل اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﻋﺘﺒﺎ وﻫﻮ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻋﲆ ﺷـﺎﻃﺊ اﻟﻨﻴﻞ و ﻛﻨﺖ‬

‫‪٨‬‬
‫أﺣﺐ أن أﺟﻠﺲ ﻣﻌﻬﻢ و ﻫﻢ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮن ﻏﺎﻟﺒﺎ ً ﰲ اﻟﺸﺌﻮن اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ أو ﻳﻠﻌﺒﻮن‬
‫اﻟﻀﻤﻨﺔ و ﻛﻨﺖ أﻣﻸ ﻋﻴﻨﻲ ﰲ اﻟﻨﻴﻞ اﳌﻨﺴﺎب وﻳﻌﺠﺒﻨﻲ ﻫﺬا اﳌﻨﻈﺮ اﻟﺠﻤﻴﻞ ـ‬
‫ﻓﻘﻠﺖ ﻧﻌﻢ وذﻫﺒﻨﺎ إﱃ دار اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻌﺘﺒﺎ وﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء اﺳﺘﺄذﻧﺖ‬
‫وﺧﺮﺟﺖ ﻣﴪﻋﺎ ً أﺣﺮص ﻋﲆ رﻛﻮب اﻟﱰام ﺣﺘﻰ اﳌﺤﻄﺔ اﻟﻮﺳﻄﻲ ﺛﻢ آﺧﺬ‬
‫ﻃﺮﻳﻘﻲ إﱃ ﻣﻨﺰﻟﻨﺎ ﰲ ﺣﻲ اﻟﺴﻮق اﻟﻜﺒ وﻗﺪ ﻓﻌﻠﺖ‪.‬‬
‫و ﺑﻌﺪ ﻓﱰة ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﻘﺼ ة ﺑﺎدر اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺣﻤﺪ أﻻ زﻟﺖ ﺗﺤﺮص‬
‫ﻋﲆ ﺳﺆاﻟﻚ ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ؟ ﻗﻠﺖ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر ﻧﻌﻢ إن ﻛﺎن ﻫﺬا ﻻ ﻳﻀﺎﻳﻘﻚ ﻓﻘﺎل‬
‫ﱄ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﴎﻳﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺨ وﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﻨﺎس‪ .‬ﻗﻠﺖ وﳌﺎذا‬
‫ﺗﻜﻮن ﴎﻳﺔ ﻣﺎ داﻣﺖ ﻫﻜﺬا؟ ﻓﻘﺎل ﱄ ﺗﻌﺮف ﺷﻴﺌﺎ ً ﻋﻨﻬﺎ؟ ﻗﻠﺖ أﻋﺮ ف ﺷﻴﺌﺎ ً ﻗﻠﻴﻼً‬
‫ﺟﺪا ً و أﺣﺐ اﻻﺳﺘﺰادة ﺣﺘﻰ ﺗﻨﻜﺸﻒ ﱄ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ‪ .‬ﻓﻘﺎل‪ :‬وﻣﺎذا ﺗﻌﺮف؟ ﻗﻠﺖ‬
‫ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﻫﻲ أداة ﻣﻦ أدوات اﻻﺳﺘﻌ ر أﻧﺸﺄﻫﺎ اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﻌﺎم وﻋ أﻋﻀﺎءﻫﺎ‬
‫و ﻫﻮ رﺋﻴﺴﻬﺎ و ﻟﻬﺎ ﻓﻮق ﻣﺎ ذﻛﺮت ﻧﺸﺎﻃﺎت أﺧﺮي و ﻗﺪ ذﻛﺮ ﱄ أن ﻣﻦ أﻋﻀﺎﺋﻬﺎ‬
‫ﻓﻼن وﻓﻼن و ذﻛﺮت ﻟﻪ ﺑﻌﺾ اﻷﺳ ء ﻓﻘﺎل ﱄ‪ :‬اﻋﺘﻘﺪ أن ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻚ إﱃ ﻫﻨﺎ‬
‫ﺻﺤﻴﺤﺔ وﻟﻜﻦ ﻗﺪ أﺻﺒﺢ رﺋﻴﺴﻬﺎ اﻟﻴﻮم ﻋﺒﺪ اﳌﺴﻴﺢ ﺗﺎدروس وﻣﻘﺮﻫﺎ ﻋﻨﺪ‬
‫اﳌﻨﺤﻨﻲ ﰲ اﻟﺨﺮﻃﻮم ﺣﻴﺚ اﳌﺤﻄﺔ اﻟﻮﺳﻄﻲ و ﻫﻲ اﻟﺰاوﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ‬
‫اﻟﺒﻨﺎﻳﺔ اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﺟﺰءا ً ﻣﻦ وزارة اﻹﻋﻼم اﻟﻴﻮم و ﻻ زاﻟﺖ ﻋﻼﻣﺎت اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬
‫ﻣﺮﺳﻮﻣﺔ ﻋﲆ ﺟﺪراﻧﻬﺎ وﻫﻤﻤﺖ أن أﻗﻮل ﻟﻪ ﻫﻞ أﻧﺖ ﻋﻀﻮ ﻓﻴﻬﺎ؟ و ﻟﻜﻨﻲ‬
‫أﻣﺴﻜﺖ ﺧﻮﻓﺎ ً ﻣﻦ ﻏﻀﺒﻪ ورﺣﺖ اﺳﺄل ﻋﻦ أﺷﻴﺎء أﺧﺮي و ﻫﻮ ﻳﺠﻴﺐ ﻣﺘﱪﻣﺎ ً‬
‫ﻋﲆ ﻏ ﻋﺎدﺗﻪ ﻣﻌﻲ ﻓﺂﺛﺮت اﻟﺴﻜﻮت و أﻋﺎود اﻟﺴﺆال ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺣﺘﻰ‬
‫ﻫﺎﺟﺮت إﱃ ارﺗﺮﻳﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﺪرﻳﺲ ﰲ ﻣﺪارس اﻟﺠﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻫﻨﺎﻟﻚ و ﻛﺎن‬
‫ذﻟﻚ ﰲ آﺧﺮ ﻋﺎم ‪١٩٤٢‬م‪.‬‬

‫‪٩‬‬
 ‫ﻓـﻲ إرﺗـــﺮﻳــﺎ‪:‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻣﻜﺜﺖ ﰲ إرﺗﺮﻳﺎ ﻣﻦ أﻛﺘﻮﺑﺮ ﻋﺎم ‪١٩٤٢‬م ﺣﺘﻰ آﺧﺮ ﻳﻮ ﻧﻴﻮ ﻋﺎم‬
‫‪١٩٤٨‬م و ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻠﺘﻲ ﺑﺎﻟﺠــﺎﻟﻴﺔ اﻟﺴــﻮداﻧﻴﺔ وﺛﻴﻘﺔ ﺟﺪا ً و ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﳌﺴــﻠﻤ‬
‫ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺒﻼد ﺧﺼﻮﺻﺎ ً اﻟﺸــــﺒﺎب ﻣﻨﻬﻢ و ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺠـــﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌــﺮﺑﻴﺔ‬
‫و أﻛ ﻳﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﴬﻣﻮت و اﻟﻴﻤﻦ و ﻛﺎن ﱄ ﻧﺸـــﺎط ﺻﺤﻔﻲ ﺑﺎرز و ﻛﺎن اﳌﺪﺧﻞ‬
‫ﱄ أن أﺻﺒﺤﺖ ﻋﻀﻮاً ﰲ ﻧﺎدي اﻟﺸــﺒﺎب اﳌﺴــﻠﻢ و ﻗﺪ ﻋﺮﻓﺖ ﻛﻞ اﻟﺠــﻤﻌﻴﺎت‬
‫اﻹﺳـــﻼﻣﻴﺔ واﺷـــﱰﻛﺖ ﰲ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﻛ ﻛﻨﺖ ﻋﻀﻮ ﴍف ﰲ ﻧﺎدي اﻟﺠﺎﻟﻴﺔ‬
‫اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﺷﺎرﻛﺖ ﰲ ﻧﺸﺎﻃﻪ اﻷد ﻇﺎﻫﺮا ً اﻟﺴﻴﺎﳼ ﺑﺎﻃﻨﺎ ً و ﺗﻌﺮﻓﺖ ﻋﲆ رﺋﻴﺲ‬
‫اﳌﺆ ﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺴﻴﺎﳼ و أﻛ ﻳﺔ أﻋﻀﺎﺋﻪ و ﻛﻨﺖ ﺻﺪﻳﻘﺎ ﺷﺨﺼﻴﺎ ً ﻟﺮﺋﻴﺴﻪ اﻟﺸﻴﺦ‬
‫ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﻛﺒ ي ﻛ ﺗﻌﺮﻓﺖ ﻋﲆ ﺣﺰب اﻟﻮﺣﺪة )ﻣﺤﱪ ﻓﻘﺮي( و ﻛﺎن ﺳﻜﺮﺗ ه‬
‫اﻷﺳﺘﺎذ ﻗﺮأ ﻣﺼﻘﻞ ﺻﺪﻳﻖ ﻋﺰﻳﺰ ﻟﺪي و ﻫﻮ رﺟﻞ ﻣﻬﺬب واﺳﻊ اﻻﻃﻼع‪ .‬و ﻗﺪ‬
‫ﺧﻄﺮ ﱄ ﻳﻮﻣﺎ أن أﺳﺄﻟﻪ ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‪ .‬ﺳﺄﻟﺖ اﻷخ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر ﻛﺒ ي ﻓﺤﺪﺛﻨﻲ‬
‫ﻋﻨﻬﺎ ﻃﻮﻳﻼ و ذﻛﺮ ﱄ أن ﻣﻦ أﻋﻀﺎﺋﻬﺎ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﺎﺷﺎ ﻛﻴﻜﻴﺎ اﻟ ي اﳌﺸﻬﻮر و ﺣﺎج‬
‫ﺣﺴﻦ ﻋﲆ و اﻟﻜﻮﻛ ي ﻋﻤﺮ ﺳﻔﺎف زﻋﻴﻢ ﻗﻨﺪع و اﻟﺸﻴﺦ أﺣﻤﺪ ﺣﺴﻦ ﺣﻴﻮ‬
‫و اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺎﺷﺎ ﺑﺎﺧﺸﺐ اﻟﺤﴬﻣﻲ و اﻟﺸﻴﺦ أﺣﻤﺪ ﺑﺎﺣﺒﺒﻴﴚ اﻟﺤﴬﻣﻲ‬
‫و اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺣﺴﺎن اﻟﻴ وﻏ ﻫﻢ و ﻗــﺎل إﻧﻪ ﻛﺎن ﻋﻀـﻮاً ﻓﻴﻬﺎ و ﻟﻜﻨﻪ‬
‫ﺟﻤﺪ ﻧﺸــﺎﻃﻪ ﻷﺳــﺒﺎب ﺳــﻴﺎﺳﻴﺔ و ﻳﺨﺮج ﻛﻼﻣﻪ ﰲ ﻣﺠﻤﻠﻪ ﻋ ﻛﻨﺖ‬
‫أﻋــﺮف ﻣﻦ ﻗﺒﻞ و ﳌﺎ زار اﻟﺴـﻴﺪ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺨــﻠﻴﻔﺔ ﺷــﺮﻳﻒ إرﺗﺮﻳﺎ وإﺣــﺘﻔﻞ ﺑﻪ‬
‫أﻫﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻮاﻃﻨ وﺟﺎﻟﻴﺎت أﺟــﻨﺒﻴﺔ إﺣﺘﻔﻞ ﺑﻪ اﳌﺎﺳــﻮن إﺣــﺘﻔﺎﻻً ﺧـﺎﺻﺎً‬
‫ﻷﻧﻪ ﻣﻦ أﺑﺮز أﻋﻀـﺎء اﳌﺎﺳـﻮﻧﻴﺔ اﻟﺴـﻮداﻧﻴﺔ ﻛ ﻗﺎل اﻟﺸــﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﻘــﺎدر‬
‫ﻛﺒ ي و ﻣﺎ ﻟﻔﺖ ﻧﻈــﺮي ﰲ أﺣـﺎدﻳﺚ ﻛﺒ ﳾء ٌ ﺳــﻮى ﻗﻮﻟﻪ‪ :‬إن اﳌﺎﺳـﻮﻧﻴﺔ‬
‫ﺗﺴــﺎﻋﺪﻧﺎ ﻋﲆ اﻟﺘﺨـﻠﺺ ﻣﻦ اﻹ ﺳــﺘﻌ ر اﻻﻳﻄﺎﱄ ﺛﻢ اﻟﺘﺨـﻠﺺ ﻣﻦ ﻧﻔــﻮذ‬

‫‪١٠‬‬
‫اﻷﺣــﺒﺎش و ﺗﻌـﺎو ﻧﻨﺎ ﺗﻌﺎوﻧﺎ ً ﺻﺎدﻗﺎ ً ﻋﲆ ﻧﻴﻞ اﻻﺳﺘﻘﻼل‪ .‬ﻓﻘﻠﺖ ﻛﻴﻒ ﻛﺎن ذﻟﻚ؟‬
‫ﻓﺄﻣﺴﻚ ﻋﻦ اﻟﻜﻼم وراح ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ أﺷﻴﺎء أﺧﺮي ﻓﺄدرﻛﺖ أﻧﻪ ﻳﺘﻬﺮب ﻣﻦ‬
‫اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻓﺄﻣﺴﻜﺖ و أﻋﺎود اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻌﻪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد‪ .‬و ﻗﺪ ﺳﺄﻟﺖ اﻷخ‬
‫اﻟﻜﺮﻳﻢ اﻟﺴﻴﺪ ﺣﺴﻦ ﺑﺎﻃﻮق إن ﻛﺎن ﻳﻌﺮف ﺷﻴﺌﺎ ً ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ وﻫﻮ رﺟﻞ‬
‫ﺣﺼﻴﻒ ذ وﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﻘﺮﺑﺎ ً ﻋﻨﺪ اﻻﻳﻄﺎﻟﻴ ﺣﺘﻰ ﻣﻨﺤﻮه رﺗﺒﺔ ﻛﻮﻟ ي و ﻫﻮ‬
‫ﻣﻠﻢ إﳌﺎﻣﺎ ً ﺗﺎﻣﺎ ً ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ و أﺣﻮال اﻟﻨﺎس و ﻗﺪ ﻗﻠﺖ ﻟﻪ‪ :‬ﻫﻞ ﺗﻌﺮف ﺷﻴﺌﺎ ً ﻋﻦ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ؟ ﻓﻀﺤﻚ ﺿﺤﻜﺔ ﺧﺎﻓﺘﻪ ﻣﻜﺘﻮﻣﺔ ﻋﲆ ﻋﺎدﺗﻪ و ﻗﺎل ﻣﺎ أﻇﻦ أﺣﺪ‬
‫ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺒﻼد أﻛ ﻣﻨﻲ و راح ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻨﻬﺎ ﻛﺠﻤﻌﻴﺔ ﴎﻳﺔ ﻋﺎﳌﻴﺔ ﻗﺪ‬
‫اﻧﺘﻈﻤﺖ ﰲ ﻛﻞ اﻟﺒﻼد ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻬﺎ أﺛﺮ ﻗﻮي ﰲ ﻛﻞ أﺣﺪاث اﻟﻌﺎ و ﻻ ﺗﻌﺠﺐ إن‬
‫ﻗﻠﺖ ﻟﻚ إﻧﻬﺎ ﺗﺤﺮك ﻛﻞ ﺣﻜﺎم اﻟﺪﻧﻴﺎ و ﻫﻲ ﺗﺮﺳﻢ ﻣﺎ ﻳﺠﺮي ﻣﻦ أﺣﺪاث ﻋﲆ‬
‫رﻗﻌﻪ اﻷرض وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻓﻊ ﻣﻦ ﺗﺮﻳﺪ وﺗﺨﻔﺾ ﻣﻦ ﺗﺮﻳﺪ ﻗﻠﺖ ﻗﺎﻃﻌﺎ ً ‪ :‬ﻻ ﺗﻘﻞ‬
‫ذﻟﻚ اﻧﻚ ﻗﺪ ﺑﺎﻟﻐﺖ وأﻋﻄﻴﺘﻬﺎ ﺻﻔﺎت اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﻮاﺣﺪ ﻓﻘﺎل ﺳﺎﺧﺮا ً ﻣﻦ ﻗﺎل ﻟﻚ‬
‫إن اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﻮاﺣﺪ ﻳﻔﻮﺿﻬﺎ و ﻨﺤﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﺤﻖ؟ ﺛﻢ أردف إﻧﻚ ﻳﺎ ﺻﺪﻳﻘﻲ‬
‫اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻻ ﺗﻌﺮف ﺷﻴﺌﺎ ً ﻋﻦ أﴎار ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ و ﻟﻮ ﻋﺮﻓﺖ ﻷدرﻛﺖ ﻣﻌﻨﻰ ﻣﺎ‬
‫أﻗﻮل‪ .‬ﺛﻢ أﻣﺴﻚ و أرد أن أﻋﺎود اﻟﺴﺆال و ﻻ ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﳌﺠﻠﺲ ﰲ داره‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺮة ﻓﻬﻮ رﺟﻞ ﻣﺜﻘﻒ ﺟﺮئ ﺻﻌﺐ اﳌﺮاس وﻫﺬا ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﻛﺜ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس‬
‫ﻳﺘﺤﺎﺷﻮﻧﻪ وﻳﺨﺎﻓﻮن ﻣﻨﻪ وﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ إن ﻟﻠﺮﺟﻞ ﻣﻬﺎﺑﺔ ﺗ ُﺨﴙ‪.‬‬
‫و ﺳــﺄﻟﺖ ﻋﻤﻨﺎ اﻟﻮﻗﻮر اﻟﺸــﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺟﻤﻴﻞ اﻟﺴﻮدا و ﻫﻮ‬
‫أذ رﺟﻞ ﺷــﺎﻫﺪﺗﻪ ﰲ ﺣــﻴﺎ و ﻟﻪ إﳌﺎم ﺗﺎم ﺎ ﻳــﺠﺮي ﰲ ﻣﺴــﺮح اﻟﺤــﻴﺎة‬
‫و ﻗﺪ ﻳــﻌﺠﺰ اﻟﻜــﺜ ون ﻣﻦ اﳌﺜﻘﻔ و ﺣﻤﻠــﺔ أﻋــﲆ اﻟﺸــﻬﺎدات ﻋﻦ ﻣﺠﺎراﺗﻪ‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌــﻠﻞ اﻷﺣﺪاث وﻳﺘﻨﺒﺄ ﺎ ﺳـــﻴﺤﺪث ﰲ اﳌﺴــﺘﻘﺒﻞ وإذا ﺗﺤﺪث‬
‫ﺳــﻜﺖ اﻟﺠــﻤﻴﻊ ﻣــﺄﺧﻮذﻳﻦ ﺎ ﻳــﻘﻮل‪ .‬ﻗﻠﺖ ﻫﻞ ﺗﺴـــﻤﺢ ﱄ ﻳﺎ ﻋــﻤﻨﺎ‬
‫‪١١‬‬
‫اﻟﺸــﻴﺦ أن أﺳﺎﻟﻚ ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ إن ﻛﻨﺖ ﺗﻌﺮف ﺷﻴﺌﺎ ً ﻋﻨﻬﺎ؟ ﻓﺴﻜﺖ ﻗﻠﻴﻼً‬
‫وﺻﻮ ّ ب ﻧﻈﺮه إﱃ ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬وإﻧﺖ ﻣﺎﻟﻚ و ﻣﺎل اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ؟ ﻗﻠﺖ ﺳﻤﻌﺖ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﺎ‬
‫ﻳﺤ ﻓﺒﻴﻨ ﻳﻄﺮﻳﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ ﻳﺬﻣﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ ﻓﻘﻠﺖ ﰲ ﻧﻔﴘ ﻟﻌﻠﻚ أﻧﺖ‬
‫ﻗﺪ ﺟﺮﺑﺖ اﻟﺤﻴﺎة و ﺧﱪﺗﻬﺎ وﻋﺮﻓﺖ اﻟﻨﺎس وﻋﺎﻳﺸﺖ اﻷﺣﺪاث أن ﺗﻜﻮن ﻗﺪ‬
‫ﻋﺮﻓﺘﻬﺎ وﰲ إﻋﺘﻘﺎدي إن ﻣﻌﺮﻓﺘﻚ أﻧﺖ ﺑﺎﻟﺬات ﻷي أﻣﺮ ﻳﻀﻊ اﻟﻨﻘﺎط ﻋﲆ‬
‫اﻟﺤﺮوف وﻳﺠﲇ اﻟﺨﻔﺎء وﻳﻈﻬﺮ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ‪ .‬ﻓﻘﺎل ﻫﺬا رأﻳﻚ؟ ﻗﻠﺖ ﻧﻌﻢ‪ .‬ﻗﺎل إذن‬
‫أﺳﻤﻊ ﺟﻴﺪا ً ﳌﺎ أ ُﺣﺪﺛﻚ ﺑﻪ ﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺗﺨﺒﻄﺎ ً ﻣﻦ ﻏ ﻋﻠﻢ و ﻻ ﺗﻬﺠ ً ﻣﻦ ﻏ‬
‫أﺳﺎس ﻗﻠﺖ وﷲ ﻫﺬا ﻣﺎ أرﻳﺪ‪ .‬ﻗﺎل اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﴎﻳﺔ ﻋﺎﳌﻴﺔ ﺗﺨﺪم ﻗﺒﻞ‬
‫ﻛﻞ ﳾء اﻻﺳﺘﻌ ر و ﺗﺤﺎرب اﻹﺳﻼم أوﻻً و اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﺎ ً ﺑﺄﺳﻠﻮب ﻋﺬب ﻻ ﻳﺸﻢ‬
‫ﻣﻨﻪ اﻟﻐﺎﻓﻞ ﻣﺎ ﻳﺮاد ﻛ ﻗﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ‪) :‬إن اﻷﻓﺎﻋﻲ و ان ﻻﻧﺖ ﻣﻼﻣﺴﻬﺎ ﻋﻨﺪ‬
‫اﻟﺘﻘﻠﺐ ﰲ أﻧﻴﺎﺑﻬﺎ اﻟﻌﻄﺐ( إﻧﻬﺎ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﻣﺎﺋﺔ ﰲ اﳌﺎﺋﺔ و ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮن‬
‫ﻟﻚ إﻧﻬﺎ ﺟﻤﻌﻴﺔ اﳌﺤﺒﺔ ﻻ ﺗﻔﺮق ﺑ دﻳﻦ و آﺧﺮ و ﻻ ﺗﺘﺸﻴﻊ ﻟﺤﺰب دون ﺣﺰب و ﻻ‬
‫ﺗﻨﺘﻤﻲ ﻷﻣﺔ و ﻻ ﺗﻘﻒ ﻣﻊ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺿﺪ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺷﻌﺎرﻫﺎ اﻹﺧﺎء اﻹﻧﺴﺎ اﻟﻨﺒﻴﻞ‬
‫و ﻗﺼﺪﻫﺎ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺠﻤﻴﻊ و ﻟﻠﻌﻀﻮ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺮاﺣﻞ ﻛﻠ اﺟﺘﺎز ﻣﺮﺣﻠﺔ أﻋﺪوه‬
‫ﻟﻸﺧﺮى و ﻛﻞ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻓﺮﻋﻴﺔ ﰲ ﺑﻠﺪ ﻣﻦ ﺑﻠﺪان اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﻟﺨ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺬي‬
‫ﺗﻌــﻴﺶ ﻓﻴﻪ و ﺗﺮﻓــﻊ ﺗﻘــﺮﻳﺮا ً ﻣﻔﺼــﻼً ﻋﻦ ﺑــﻼدﻫﺎ ﻟﻠﺠــﻤﻌﻴﺔ اﻷم اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻤﻲ‬
‫إﻟﻴﻬﺎ و ﻛﻞ ﺟــﻤﻌﻴﺔ أ ُم ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺠــﻤﻌﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﺗﺤﺖ ﻟــﻮاﺋﻬﺎ ﺑﻌﺾ‬
‫اﻷﻣــﻮر و ﻟﻠﺠــﻤﻌﻴﺔ أن ﺗﻨﺎﻗﺶ ﻣﺎ ﻳﺨــﺼﻬﺎ ﰲ ﺑﻠﺪﻫﺎ وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺣﻘﻬﺎ أن‬
‫ﺗﻨﺎﻗﺶ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﻋﲆ ﺑﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺘﻨﻔــﻴﺬ ﻣﻦ ﻏ إﻋﱰاض أو ﻧﻘﺎش ﻷن‬
‫اﳌﻮﺿــﻮع ﻗﺪ ﻧﻮﻗﺶ ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ ﻗــﺮاراً ﻻ ﻳـــﻘﺒﻞ اﻟﺘﻐﻴ أو اﻟﻨــﻘﺾ وﻋﲆ‬
‫ﻛﻞ ﺟﻤﻌﻴﺔ أن ﺗﻨﻔﺬ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﻘــﺮار ﺿﺪ اﻟﺒــﻠﺪ اﻟﺬي ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ‬
‫ﻇﺎﻫــﺮﻳﺎ ً و ﻟﻜــﻨﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻋـﺎﳌﻴﺎ ً ﻫﻮ اﻟﺨــ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ‪ .‬و ﺗــﺤﺪث ﻋﻦ أﻣــﻮر‬

‫‪١٢‬‬
‫أﺧﺮى ﻛﺜ ة ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜ ا ً ﻋ ﻗﺎﻟﻪ اﻵﺧﺮون‪ .‬ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ ﻫﻞ ﺳﺒﻖ ﻟﻚ أن‬
‫إﺷﱰﻛﺖ ﰲ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ؟ ﻗﺎل و ﻻزﻟﺖ ﻣﺸﱰﻛﺎ ً ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم وﻣﺎ أﺣﺐ أن أﺗﺨﲆ‬
‫ﻋﻨﻬﺎ ﻷن ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺜ ﻣﻦ اﻟﺨ و ﻧﺴﺒﺔ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﴩ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﺤﻖ أن‬
‫ﺗﻠﺘﻔﺖ إﻟﻴﻬﺎ و أﻧﻨﻲ أﻧﺼﺤﻚ إذا أردت أن ﺗﺤﻞ ﻣﺸﺎﻛﻠﻚ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ وﻣﺸﺎﻛﻞ‬
‫اﻵﺧﺮﻳﻦ أن ﺗﻨﺘﻤﻲ ﻟﻬﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﴎﻳﻌﺎ ً ﺑﻼ ﺗﺮدد ﻓﺸﻜﺮت ﻋﻤﻨﺎ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﲆ‬
‫اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﻘﻴﻤﺔ‪ .‬ووﻋﺪﺗﻪ أن أﻓﻜﺮ ﰲ اﻷﻣﺮ و أﻋﻮد ﻗﻂ اﻟﺘﺤﺪث إﻟﻴﻪ ﻻ ﰲ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ وﻻ ﰲ ﻏ ﻫﺎ و ﻛﻨﺖ ﻛﻠ اﺟﺘﻤﻌﺖ ﺑﻪ ﺗﺤﺎﺷﻴﺖ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻌﻪ‬
‫و ﻓﻀﻠﺖ اﻻﺳﺘ ع ﻓﻘﻂ وﻣﺎ أﺣﺒﺒﺖ أن أﻧﺎﻗﺶ ﰲ ﻣﻮﺿﻮع ﻳﻄﺮح وﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮد‬
‫ﺣﺘﻰ ﺑﺎرﺣﺖ ارﺗﺮﻳﺎ‪.‬‬

‫ﰲ ﻣﺼـﺮ اﻟﻌـــﺰﻳﺰة‪:‬‬
‫ﰲ ﻋﺎم ‪١٩٥٤‬م ذﻫﺒﺖ إﱃ ﻣﴫ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻌﻼج ودﺧﻠﺖ‬
‫ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ اﻷ ﻳﻄﺎﱄ و ﻻزﻣﺖ ﻓﺮاش اﳌﺴﺘﺸﻔﻰ أرﺑﻌﺔ ﻋﴩ ﻳﻮﻣﺎ و ﻛﺎن‬
‫ﻣﻌﻲ ﰲ اﻟﺤﺠﺮة ﻣﴫي ﻛﺒ اﻟﺴﻦ ﻧﺴﻴﺖ إﺳﻤﻪ وﻛﺎن ﻣﻮﻇﻔﺎ ً ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ ﺛﻢ‬
‫أﺣﻴﻞ ﻟﻠﻤﻌﺎش وﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻣﺆﻳﺪي اﻟﺤﺰب اﻟﻮﻃﻨﻲ ﺛﻢ أﺻﺒﺢ ﻣﻦ اﻹﺧﻮان‬
‫اﳌﺴﻠﻤ و ﻟﻪ ﻧﺸﺎط ﻣﻊ ﺟ ﻋﺔ أﻧﺼﺎر اﻟﺴﻨﺔ اﳌﺤﻤﺪﻳﺔ و ﻟﻪ آراء ﺧﺎﺻﺔ ﻳﺆﻣﻦ‬
‫ﺑﻬﺎ وﻳﺆﻳﺪﻫﺎ وﻳﺪاﻓﻊ ﻋﻨﻬﺎ و ﳌﺎ ﻛﺎن اﻟــﻮﻗﺖ ﻃﻮﻳﻼً و اﻹﻗﺎﻣﺔ ﺑﺎﳌﺴﺘﺸﻔﻲ ﻣﻤﻠﺔ‬
‫ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺖ أﺳــﻤﻊ إﻟﻴﻪ و أﺷـــﻌﺮه ﺑﺄ ﻣﺘﺎﺑﻊ ﻟﻪ ﻓﺘﺤﺪث ﰲ اﻟﺴــﻴﺎﺳﻴﺔ وﰲ‬
‫اﻟﺪﻳﻦ وﰲ اﻻﺟـــﺘ ع وﰲ اﻷدب وﰲ ﻛﻞ ﳾء و ﻗﺎل ﱄ ﻳــﻮﻣﺎ ﻣﺘﺤﺴــﺮا ً ﺣﺰﻳﻨﺎً‬
‫ﻛﻞ اﻷﺣﺰاب اﻟﺴــﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﻣﴫ و ﻛﻞ اﻟﺠــﻤﻌﻴﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴــﺔ ﰲ ﻣﴫ ﻗﺪ‬
‫إﺧــﱰﻗﺖ ﻓﺤﺎدت ﻋﻦ اﻟﻄــﺮﻳﻖ اﻟﺼــﺤﻴﺢ ﻗﻠﺖ ﻟﻪ و ﻛﻴﻒ ذﻟﻚ؟ ﻓﻘــﺎل ﱄ‬
‫و ﻫﻮ ﻣﻨﻔﻌﻞ ﺛــﺎﺋﺮ‪ :‬اﳌﺎﺳــــﻮﻧﻴﺔ‪ .‬ﻓﻘﻠــﺖ ﻟــﻪ أﻧﺎ ﻻ أ ﻋــﺮف ﻣــﺎ ﻫﻲ‬
‫‪١٣‬‬
‫اﳌﺎﺳـﻮﻧﻴﺔ ﻓﻬﻞ ﺗﺴﻤﺢ ﱄ أن ﺗﴩح ﱄ اﻷﻣﺮ؟ ﻓﺒﺪأ ﻳﻘﻮل اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‬
‫ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺧﻄﺮة ﺗﺨﺪم اﻟﻴﻬﻮد واﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ و ﺗﺤﺎرب اﻷدﻳﺎن ﻛﻠﻬﺎ‬
‫وﺧﺼﻮﺻﺎ ً اﻹﺳﻼم وﻗﺪ دﺧﻠﺖ ﻣﴫ ﻋﻨﺪﻣﺎ دﺧﻞ ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ﻣﴫ و أﻧﺘﻈﻢ ﻛﺜ ﻣﻦ‬
‫اﻷوﻏﺎد ﻓﻴﻬﺎ ﻳﺨﺪﻣﻮن اﻹﺳﺘﻌ ر اﻟﻔﺮﻧﴘ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ واﻟﻴﻬﻮد ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى‬
‫وﻳﺤﺎرﺑﻮن اﻹﺳﻼم ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻳﺸﻌﺮون و ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺸﻌﺮون وﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫اﻷﺣﺰاب اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺿﺪ اﺗﺠﺎﻫﺎت اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ إﺧﱰﻗﻮا اﻷﺣﺰاب ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ ﻛﺒﺎر‬
‫رﺟﺎل اﻷﺣﺰاب ﻣﺎﺳﻮن وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﺧﱰﻗﻮﻫﺎ ﻓﺄﺻﺒﺢ ﻛﺒﺎر‬
‫دﻋﺎﺗﻬﺎ ﻣﺎﺳﻮن ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻋﲆ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪ .‬إن ﻟﻠ ﺳﻮﻧﻴﺔ‬
‫أﺳﺎﻟﻴﺐ ﺷﻴﻄﺎﻧﻴﺔ ﺟﻬﻨﻤﻴﺔ أوﻻً إﺷﱰت اﻟﻨﺎس ﺑﺎﳌﺎل و اﳌﻨﺎﺻﺐ ﻓﺄﺻﺒﺤﻮا ﻋﺒﻴﺪا‬
‫ﻃﺎﺋﻌ و ﻣﺨﻠﺼ ﻣﺘﻔﺎﻧ و ﺛﺎﻧﻴﺎ ً ﻛﻞ أﻣﻮرﻫﺎ ﻣﻐﻠﻔﺔ ﺑﺎﻟﺤﻼوة ﺎﻣﺎ ً ﻣﺜﻞ ﺣﺒﻮب‬
‫اﻟﺪواء ﰲ ﺑﺎﻃﻨﻬﺎ اﳌﺮارة وﰲ ﺧﺎرﺟﻬﺎ اﻟﺤﻼوة ﺛﺎﻟﺜﺎ ً ﻣﻦ إﻧﺘﺴﺐ إﻟﻴﻬﺎ أﺻﺒﺢ ﻣﻦ‬
‫اﳌﺴﺘﺤﻴﻞ أن ﻳﺨﺮج ﻣﻨﻬﺎ ﻷ ن اﻟﺨﺮوج ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻌﻨﺎه اﳌﻮت اﻟﻔﻮري راﺑﻌﺎً إﻧﻬﺎ ﻣﺜﻞ‬
‫اﻟﺤﺸﻴﺶ ﻓﺎن اﳌﺪﻣﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أﺑﺪا ً أن ﻳﱰﻛﻪ ﺣﺘﻰ اﳌﻮت ﺧﺎﻣﺴﺎ ً إن‬
‫اﻟﺨﺎﺋﻦ إذا ﺧﺎن أﻣﺘﻪ وﺑﺎع وﻃﻨﻪ و ﺗﺨﲇ ﻋﻦ دﻳﻨﻪ وﻋﻘﻴﺪﺗﻪ ﻻ ﻜﻦ أﺑﺪا ً أن‬
‫ﻳﻜﻮن أﻣﻴﻨﺎً ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ وﺳﻴﻜﻮن ﺧﺎﺋﻨﺎ ً ﺣﺘﻰ اﳌﻮت‪ .‬و أﻧﺘﻢ ﰲ اﻟﺴﻮدان ﻻ ﺗﻌﺮﻓﻮن‬
‫ﻫﺬا اﻟﺨــﻄﺮ اﻟﺬي ﺣــﻄﻢ اﻟﺸﻌﻮب ودﻣﺮ اﻷﺧﻼق و ﻗﴤ ﻋﲆ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ‬
‫وإﺳــﺘﺒﻌﺪ اﻟﻨﺎس و ﻫـﺪم اﳌﺜﻞ اﻟﻌﻠﻴﺎ و أﺑﺎح اﳌﺤﺮﻣﺎت و ﻓﺮق اﻷﻣﻢ و أوﻗﺪ‬
‫اﻟﺤﺮوب وﻧﴩ اﻟﻔ وأﺷــﻘﻰ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﲆ ﻇﻬﺮ اﻷرض‪ .‬إ أﻗﻮل‬
‫ﻟﻚ ﺑﺼﺪق ﻳﺎ ﻣﺴﻜ إذا رأﻳﺖ اﻟﻈﻠﻢ و اﻟﻘﺴــﻮة و اﻟﺤـﺮوب و اﻟﻔﺴـﺎد و اﻟﻌﺪاوة‬
‫و اﻟﺒﻐﻀـﺎء ﻓﺄﻋﻠﻢ أن وراء ﻛﻞ ذﻟﻚ اﳌﺎﺳــﻮن واﳌﺎﺳـﻮن ﻫﻢ اﻟﻴﻬـﻮد ﰲ اﻟﻘﻤﺔ‬
‫و اﻟﻴﻬـﻮد ﻫﻢ أﻋـﺪاء اﻹﻧﺴـﺎﻧﻴﺔ ورﺳـﻞ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻓﻘـﻠﺖ ﻟﻪ ﺑﻌﺪ أن أﺟـﻬﺪه‬
‫اﻟﻜﻼم وﻋﻼ ﺻﻮﺗﻪ و اﺿﻄﺮﺑﺖ أﻧﻔﺎﺳــﻪ وﺑﺎن ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻜــﻼل ﻟﻘﺪ ﻓﻬﻤﺖ ﻛﻼﻣﻚ‬

‫‪١٤‬‬
‫وﻟﻜﻨﻲ ﻻزﻟﺖ أﻃﻠﺐ اﳌﺰﻳﺪ ﻷ ﻓﻬﻢ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ و ﺎ أ ﻧﻚ ﻗﺪ‬
‫ﺗﺤﺪﺛﺖ اﻟﻴﻮم ﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ أرﺟﻮ أن ﺗﺴﱰﻳﺢ إﱃﻏﺪ ٍ ﺛﻢ ﺗﻌﺎود اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻦ‬
‫ﺟﺪﻳﺪ ﻓﺮد ﻋﲆ ﻣﺘﱪﻣﺎً أو ﻛﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺴﱰﺳﻞ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﰲ اﻟﻜﻼم وﻻ أدري‬
‫ﳌﺎذا؟ )ﺧﻼص أﻧﺎ ﻗﻠﺖ ﻣﺎ أ ﻋﺮف ﻛﻔﺎي ﺑﻘﻲ( وﺳﻜﺖ اﻟﺮﺟﻞ و أﺳﻠﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﻨﻮم‬
‫وﺣﻮ ل وﺟﻬﻪ ﻋﻨﻲ ﻓﺴﻜﺖ ﻋﻨﻪ و أﻋﺎود اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻌﻪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن ﻓﻠﻌﻞ‬
‫ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب ﻣﺎ ﻨﻌﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﺮﺟﻞ ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻞ اﻹرﻫﺎق و ﻫﻮ‬
‫ﻣﺪﻣﻦ ﻋﲆ اﻟﺪﺧﺎن و ﺿﻌﻴﻒ اﻟﺠﺴﻢ ﻳﻬﺰه اﻟﺴﻌﺎل ﺑﻌﻨﻒ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﺴﺐ أن‬
‫ﺻﺪره ﻳﺘﻤﺰق و أﻧﺎ أﺣﺐ أن أﺧﻔﻒ ﻋﻠﻴﻪ وﻻ أﺛﻘﻞ ﻋﻠﻴﻪ‪.‬‬

‫اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ‪:‬‬

‫ﻛﺎن اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻫﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺎﻣﺪ اﻟﻔﻘﻲ رﺋﻴﺲ ﺟ ﻋﺔ أﻧﺼﺎر‬
‫اﻟﺴﻨﺔ اﳌﺤﻤﺪﻳﺔ ﴫ و رﺋﻴﺲ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻬﺪي اﻟﻨﺒﻮي و ﻗﺪ ﻛﻨﺖ زرﺗﻪ ﻗﺒﻞ‬
‫أن أرﻗﺪ ﰲ اﳌﺴﺘﺸﻔﻲ وأﺧﱪﺗﻪ ﺑﺄ ﻣﺮﻳﺾ و ﺳﺄﻋﺎﻟﺞ ﰲ ﻣﺴﺘﺸﻔﻲ اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ‬
‫ﻓﺰار ﺑﺼﺤﺒﺔ ﻧﻔﺮ ﻣﻦ أﻧﺼﺎر اﻟﺴﻨﺔ و ﳌﺎ ﺧﺮﺟﺖ ذﻫﺒﺖ ﻟﺰﻳﺎرﺗﻪ ﻓﺎﺳﺘﻘﺒﻠﻨﻲ‬
‫اﻟﺮﺟﻞ ﻛﻌﺎدﺗﻪ ﻫﺎﺷﺎ ً ﺑﺎﺷﺎ ً ﻣﺘﻮاﺿﻌﺎ ً وﺟﻠﺴﺖ ﻣﻌﻪ ﻣﻨﻔﺮداً ﺳﻮى إﺑﻦ ﻟﻪ ﻳﻄﻞ‬
‫ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﺤ ﺑﻌﺪ اﻟﺤ ﻳﺤﴬ ﺷﻴﺌﺎ ً أو ﻳﺄﺧﺬ ﺷﻴﺌﺎ ً و أﺧﱪﺗﻪ ﺑﺄﺣﺎدﻳﺚ رﻓﻴﻘﻲ‬
‫ﺑﺎﳌﺴﺘﺸﻔﻲ ﻋﻦ اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ ﻓﻮاﻓﻖ ﻋﲆ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﻗﺎل وﻗﺎل ﱄ‪ :‬وﰲ اﻟﺴﻮدان‬
‫ﻗﺪ ﻧﴩ اﻻﻧﺠﻠﻴﺰ ﻫﺬا اﻟﻮﺑﺎء أﻳﻀﺎً ﻏ أن اﳌﺤﻔﻞ اﳌﺎﺳﻮ اﻟﺴﻮدا ﻳﺘﺒﻊ‬
‫اﳌﺤﻔﻞ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ﻟﻜﻦ اﳌﺤـﻔﻞ اﳌﺎﺳــﻮ اﳌﴫي ﻳﺘﺒﻊ اﳌﺤــﻔﻞ اﻟﻔـﺮﻧﴘ‬
‫وﻳﻘـﻮﻟﻮن أن اﳌﺤـــﻔﻞ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ﻫﻮ أﺑﻮ اﻟــﻤﺤﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ ﰲ ﻛﻞ‬
‫اﳌﻌﻤﻮرة ﺑﻼ إﺳـــﺘﺜﻨﺎء ﻷن راﻋﻴــﻪ ﻣﻠﻚ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻧﻔﺴــﻪ وﰲ إﻋﺘﻘﺎدي‬
‫ﺷــﺨﺼﻴﺎ ً أن أﺑﺎ اﻟـــﻤﺤﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳــﻮ ﻧﻴﺔ ﻫﻮ اﳌــﺤﻔﻞ اﻟﻔــﺮﻧﴘ ﻷن ﻳــﻬﻮد‬
‫‪١٥‬‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ أﺻﺤﺎب اﻷﺻﻞ اﻟﻌﺎﳌﻲ وﰲ اﻋﺘﻘﺎدي أﻳﻀﺎ ً أن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻻ وﻃﻦ ﻟﻬﺎ ﻻن‬
‫اﻟﻴﻬﻮد ﻻ وﻃﻦ ﻟﻬﻢ وأﻧﻬﻢ ﻳﺘﻨﻘﻠﻮن ﻣﻦ دوﻟﺔ ﻷﺧﺮي ﺣﺴﺐ ﻗﻮة اﻟﺪوﻟﺔ‬
‫و ﻧﻔﻮذﻫﺎ اﻟﻌﺎﳌﻲ و ﺣﺴﺐ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻢ اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ و اﻟﺤ ﻳﺔ اﻟﴬورﻳﺔ ﻟﻜﻴﺎﻧﻬﻢ‬
‫و أﺣﺴﺐ أﻧﻬﻢ ﻗﺪ اﻧﺘﻘﻠﻮا ﻓﻌﻼً إﱃ أﻣﺮﻳﻜﺎ و أن اﻗﻮي وﺳﺎﺋﻠﻬﻢ اﻟﺘﻲ‬
‫ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻬﺎ ﰲ اﻟﺘﺄﺛ ﻋﲆ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻠﺠﺌﻮن إﻟﻴﻬﺎ ﻫﻮ اﳌﺎل و اﳌﺎل ﻋﺼﺐ‬
‫اﻟﺤﻴﺎة وﻫﻴﻤﻨﺘﻬﻢ ﻋﲆ اﻹ ﻗﺘﺼﺎد و ﺗﺤﻜﻤﻬﻢ ﻓﻴﻪ ﻳﻄﻮع ﻟﻬﻢ اﻟﺪوﻟﺔ ﻓ ﺳﻤﻮن ﻟﻬﺎ‬
‫ﺧﻂ اﻟﺴ وﻳﺴﺘﻮﻟﻮن ﻋﲆ ﺗﻮﺟﻴﻬﻬﺎ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪون وﺿﺤﻚ اﻟﺸﻴﺦ و أﻏﺮق‬
‫ﰲ اﻟﻀﺤﻚ ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬ﺗﻌﺠﺐ إذا ﻗﻠﺖ إن اﳌﺴﺘﻌﻤﺮﻳﻦ ﻟﻠﺸﻌﻮب ﻳﺴﺘﻌﻤﺮﻫﻢ‬
‫اﻟﻴﻬﻮد !! ﻗﻠﺖ ﻧﻌﻢ ﻫﺬا ﻣﻦ أﻋﺠﺐ اﻟﻌﺠﺐ إذا ﺻﺢ اﻟﺘﻌﺒ ‪ .‬و واﺻﻞ اﻟﺸﻴﺦ‬
‫ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻗﺎﺋﻼً ﻟﻌﻠﻚ ﻗﺮأت ﰲ ﻫﺬه اﻷﻳﺎم اﻟﺤﻤﻠﺔ اﳌﻨﻈﻤﺔ ﺿﺪ اﻟﺸﻴﺦ ﺟ ل‬
‫اﻟﺪﻳﻦ اﻷ ﻓﻐﺎ و اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه واﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﻜﻮاﻛﺒﻲ و رﻣﻴﻬﻢ‬
‫ﺑﺎﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻗﻠﺖ ﻻ اﻗﺮأ ذﻟﻚ وﻛﻨﺖ ﻓﻌﻼً ﻳﻮﻣﺌﺬ ٍ أﻗﺮأ ﺷﻴﺌﺎً ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻓﻘﺎل‬
‫اﻟﺸﻴﺦ إن ﻣﺒﺎدئ ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺟﺎل ﻗﺪ ﻫﺰت اﻻﺳﺘﻌ ر وأﺛﺮت ﻋﲆ ﺑﻨﻴﺎﻧﻪ وﻫﺰت‬
‫ﻣﻠﺔ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺤﺎﻗﺪة اﳌﺪﻣﺮة وﻫﺰت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺘﺒﺸ ﻳﺔ اﳌﻨﻈﻤﺔ ﺑﺪﻗﺔ‬
‫و ﺑﺮاﻋﺔ ﻹذﻻل اﻟﺸﻌﻮب و ﻫﺰت اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ اﳌﺘﻌﻔﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻲ اﻟﺠﻬﻞ و ﻻ ﺗﻌﻴﺶ‬
‫إﻻ ﰲ أﻛﻨﺎﻓﻪ اﳌﻈﻠﻤﺔ و ﻛﺎﻧﺖ اﳌﺒﺎدئ اﻟﻌﺎدﻟﺔ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ اﻟﺘﻲ أﺧﺬ أﺻﻠﻬﺎ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﻴﻢ واﻟﺴﻨﺔ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻧﻮراً و ﻫﺎﺟﺎً ﻳﺘﺰاﻳﺪ ﻛﻞ ﻳﻮم وﻳﻄﺮد اﻟﻨﻮم ﻣﻦ‬
‫ﻋﻴﻮن اﻟﺸــﻌﻮب ﻓﺘﺼــﺤﻮا زﻣـﺮة ﺑﻌﺪ زﻣﺮة وﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬا أن اﻟﺨﻄﺮ اﻟﺠﺎﺋﺢ‬
‫ﻳﻘﱰب ﻣﻦ ﺣﺼﻮن اﻟﺒﺎﻃﻞ ﺣﺘﻰ ﻳﺤــﻴﻂ ﺑﻬﺎ وﻳﺪﻣﺮﻫﺎ وﻳﻨﻘﺬ اﻟﻌﺎ ﻣﻦ ﺷـﻴﺎﻃ‬
‫اﻟﺒﺸــﺮ ﻣﻦ أﺟــﻞ ﻫﺬا ﺗﺮى ﻫﺬه اﻷﻗــﻼم اﳌﺄﺟــﻮرة ﺗﻬﺎﺟﻢ رﺟﺎﻻً وﻫﺒﻮا‬
‫أﻧﻔﺴﻬﻢ و ﺟﺎﻫﺪوا ﰲ ﺳــﺒﻴﻠﻪ ﰲ أﴍس اﳌﻌﺎرك ﻣﻮاﺟﻬ أذل اﻷﻋﺪاء ﻣﻨﺬ‬
‫ﺧﻠﻖ ﷲ ﻫﺬا اﻟﻜــﻮن و ﻣﺎ ﻛﺎن ﻫــﺆﻻء اﻟﻨﻔﺮ اﻟﻄــﺎﻫﺮ ﻣﺎﺳــﻮﻧﺎً أﺑــﺪا ً ﰲ ﻳــﻮم‬

‫‪١٦‬‬
‫ﻣﻦ اﻷﻳﺎم وﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻣﺒﺎدﺋﻬﻢ ﺗﺸﺒﻪ ﻣﺒﺎدئ اﳌﺎﺳﻮن وﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻃﻼب ﻣﺎل ِ أو ﺟﺎه‬
‫أو ﻣﻨﺎﺻﺐ أو زﻋﺎﻣﺎت وإ ﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻃﻼب ﻋﺪل وإﺧﺎء و ﻣﺴﺎواة وﺣﺮﻳﺔ‬
‫واﺳﺘﻘﻼل ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮا إﴍاﻗﻪ ﰲ زﻣﻦ ﺗﻜﺎﺗﻔﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﻈﻠ ت ﻟﻘﺪ ﴍ ّدوا وﻋﺬﺑﻮا‬
‫ﻓﻠﻢ ﻳﻨﺤﻨﻮا و ﻳﻨﺘﻜﺴﻮا وﻋﺎﺷﻮا ﻓﻘﺮاء وﻣﺎﺗﻮا ﻓﻘﺮاء و ﻫﺬه ﻣﺒﺎدﺋﻬﻢ ﺗﺘﻮﻫﺞ ﻛﻞ‬
‫ﻳﻮم وﺗﺼﺎرع اﻟﺒﺎﻃﻞ و اﻟﴩ ﰲ أﴍف اﳌﻌﺎرك‪ .‬إن ﻫﺬه اﻟﺴﻬﺎم اﳌﺴﻮﻣﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫وﺟﻬﺖ ﻷ ﻣﻮات أودﻋﻮا ﺑﻄﻦ اﻷرض وﻇﻠﺖ ﻣﺒﺎدﺋﻬﻢ ﺣﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻻﺑﺪ أن ﺗﻌﻮد‬
‫اﻟﺴﻬﺎم اﻟﻄﺎﺋﺸﺔ و ﺗﺮﺗﺪ إﱃ ﻧﺤﻮر ﻣﻦ أﻃﻠﻘﻬﺎ ﻷﻧﻪ أﺣﻖ ﺑﻬﺎ وﻣﻦ اﻟﻌﺪل أن‬
‫ﻳﻨﺎﻟﻬﺎ ﺟﺰاءا ً وﻓﺎﻗﺎ ً ‪ .‬و ﺳﻜﺖ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﴬت ﺻﻼة اﻟﻈﻬﺮ وﺑﻌﺪ اﻟﺼﻼة‬
‫إﻧﴫﻓﺖ وﰲ ﻗﻠﺒﻲ ﺛﻮرة ﻓﻮارة ﻋﺎرﻣﺔ وﺣﺎوﻟﺖ ﺑﻌﺪ أن وﺻﻠﺖ إﱃ اﻟﻔﻨﺪق أن‬
‫أﻧﺎم وﻓﺸﻠﺖ ورﺣﺖ اردد ﰲ اﻧﻔﻌﺎل ﺷﺪﻳﺪ ﻗﻮل اﻹ ﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه )وﻟﺴﺖ‬
‫أﺑﺎﱃ أن ﻳ ُﻘﺎل ﻣﺤﻤﺪا ً ﺑﻞ أم إﻛﺘﻈﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﳌﺂﺗﻢ ـ وﻟﻜﻦ دﻳﻨﺎ ً ﻗﺪ أردت ﺻﻼﺣﻪ‬
‫أﺣﺎذر أن ﺗﻘﴤ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻌ ﺋﻢ(‪.‬‬

‫و ﻫﺬه ﻫﻲ ﺧﺎ ﺔ اﳌﻄﺎف‪:‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﱄ ﻋﻼﻗﺔ وﻃﻴﺪة ﺑﺎﻟﺰﻋﻴﻢ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﳌﺨﻠﺺ إﺳ ﻋﻴﻞ‬

‫اﻷزﻫﺮي رﺣــﻤﻪ ﷲ وﻗﺪ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻲ أن أواﻓﻴﻪ ﰲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺻﺒﺎح ﻛﻞ أﺣﺪ ﻣ ُﺒﻜﺮا ً‬
‫إﻻ إذا أرﺳﻞ ﱄ أﻧﻪ ﻣﺸﻐﻮل‪ .‬وﰲ ﻳﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم وﻗﺪ وﺿﻊ ﻃﻌﺎم اﻟﻔﻄﻮر‬
‫و ﺟﻠﺴﻨﺎ ﻣﻌﻪ ﻧﺄﻛﻞ ﻗﻠﺖ ﻟﻪ ﻓﺠﺄة ﻣﺎ ﻫﻲ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻳﺎ ﺳﻴﺪ إﺳ ﻋﻴﻞ؟ ﻓﺎﻧﻬﻤﻚ‬
‫ﰲ اﻷﻛﻞ ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬أﻧﺎ ﻻ أدري ﺷﻴﺌﺎ ً ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ وﻟﻜﻦ ﻟﻚ ﺻﺪاﻗﺔ ﺣﻴﻤﻴﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﺸــﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺣﻤﺪ واﻟﺸــﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻠﻴﻢ اﻟﻌﺘﺒﺎ وﰲ إﻋــﺘﻘﺎدي أﻧﻬ‬
‫أﻫــﻞ ﻟﻺﺟــﺎﺑﺔ اﻟﺼﺤﻴﺤــﺔ ﻋــﲆ ﻫﺬا اﻟﺴــﺆال‪ .‬ﻓﻘﻠﺖ و ﻫﻞ ﻫ ﻋﻀــﻮان‬
‫‪١٧‬‬
‫ﰲ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ؟ ﻓﻘﺎل ﻋﲆ اﻟﻔﻮر أﻇﻦ ذﻟﻚ ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ وﻣﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺟ ﻋﺔ اﻟﺮوﺗﺎري‬
‫ﺑﺎﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ؟ ﻓﻘﺎل ﻋﲆ اﻟﻔﻮر أﻳﻀﺎ ً إﻧﻬﺎ أﺳ ء ﻣﺘﻌﺪدة ﻟﴚء واﺣﺪ ﻳﺒﺪو‬
‫ﻓﻘﻠﺖ ﻗﺪ ﺳﻤﻌﺘﻚ ﺗﺤﺪث اﻷخ ﺣﺴﻦ ﻋﻮض ﷲ ﻋﻦ أﺷﻴﺎء ﻫﺎﻣﺔ ﺗﻌﻠﻖ ﻋﲆ‬
‫رأﻳﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻨﺠﺎح اﻷﻛﻴﺪ‪ .‬ﻓﻘﺎل ﻋﻞ اﻟﻔﻮر أﻳﻀﺎ ً إن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻣﺘﻐﻠﻐﻠﺔ ﰲ‬
‫ﺷﺌﻮن ﺑﻼدﻧﺎ وﻣﺠﺎراﺗﻬﻢ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﻮر ﴐورﻳﺔ ورﺿﺎؤﻫﻢ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﻮر‬
‫ﺳﺒﺐ ﻗﻮي ﻟﻠﻨﺠﺎح ﺛﻢ أردف ﺿﺎﺣﻜﺎ إن ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ ﻣﻠﺘﻮﻳﺎت ﻛﺜ ة وﺧﻔﺎﻳﺎ‬
‫ﻣﺴﺘﱰة ﺗﺘﻄﻠﺐ ﺣﻨﻜﺔ ودﻫﺎء ﺳﺘﺘﻀﺢ ﻟﻚ ﻛﺜ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر ﰲ ﻫﺬا اﳌﺸﻮار‬
‫اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻓﺄرﺟﻮ أن ﺗﱰﻳﺚ و ﻻ ﺗﺘﻌﺠﻞ اﻷﻣﻮر‪ .‬و ﻗﺪ اﻧﺘﻬﻰ ﻣﻦ اﻷﻛﻞ وﺑﻌﺪ‬
‫ﴍب اﻟﺸﺎي راح ﺟﺮس اﻟﺘﻠﻔﻮن ﻳﺪق ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار و ﻗﺪ أﻗﺒﻠﺖ ﻋﲆ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺣﺘﻰ‬
‫ﺧﺮج و ﺗﺮﻛﻨﻲ وﳌﺎ اﻧﺘﻬﻰ ﻋﻤﲇ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﴪﻋﺎ ً إﱃ ﻣﻨﺰﱄ وﰲ ذﻫﻨﻲ أن أواﺟﻪ‬
‫ﺻﺪﻳﻘﻲ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺣﻤﺪ وﻋﻤﻨﺎ اﻟﻌﺰﻳﺰ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻠﻴﻢ اﻟﻌﺘﺒﺎ ‪ ،‬و ﻗﺪ‬
‫ﻓﻌﻠﺖ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺣﻤﺪ ﻓﻠﻢ ﻳﺰد ﻋ ﻗﺎل ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺷﻴﺌﺎ ً وﺗﺠﺎﻫﻞ‬
‫ﻣﺮاراً ﺳﺆاﱄ ﻫﻞ ﻫﻮ ﻣﻦ أﻋﻀﺎء اﳌﺤﻔﻞ اﳌﺎﺳﻮ ؟ وأﻣﺎ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻠﻴﻢ‬
‫اﻟﻌﺘﺒﺎ ﻓﻘﺪ أﻧﻜﺮ أي ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻟﻪ ﺑﺎﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و أي ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﻬﺎ و أﻧﻪ ﺳﻤﻊ ﺑﻬﺎ‬
‫ﻛﺎﻵﺧﺮﻳﻦ وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺠﻬﻠﻬﺎ ﺎﻣﺎ وﺑﺬﻟﻚ أوﺻﺪ اﻟﺒﺎب و ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻷﺧﺬ‬
‫ﳾء ﻣﻨﻪ‪ ..‬وﻃﻠﺒﺖ ﻣﻦ اﻷخ ﺧﴬ ﺣﻤﺪ أن ﻳﺰود ﺑﴚء ﻣﻦ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت ﰲ‬
‫اﳌﻮﺿﻮع إن ﻛﺎن ﻳﻌﺮف ﺷﻴﺌﺎ ً ﻋﻨﻪ ﻓﺤﺪﺛﻨﻲ و أﻃﺎل اﻟﺤﺪﻳﺚ وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻀﻒ‬
‫إﱃ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎ ﺷــﻴﺌﺎ ً ﺟــﺪﻳﺪاً ﻏ أﻧﻪ ﻗﺎل ﱄ إﻧﻨﻲ أﺣﺐ أن اﻛﺘﺐ ﻋﻦ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ و أﺛﺮﻫﺎ ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻬﺎ ﺟ ﻋﺔ ﴎﻳﺔ‬
‫ﻣﺤﺼﻮرة ﰲ ﻓﺌﺔ ﺧــﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻓﻘــﻠﺖ إ ﻧﻚ ﺗﻔﻌﻞ ﺧــ ا ً ﻛـﺜ اً إذا‬
‫ﻛﺘﺒﺖ ﻓﻘـﺎل ﱄ إﻧﻨﻲ ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻦ اﻷخ ﺻـﺎدق ﻋﺒﺪ ﷲ ﻋﺒﺪ اﳌـﺎﺟﺪ أن أزوده‬
‫ﺑﺎﳌـﻌﻠـﻮﻣﺎت وﻫﻮ ﻳﺘﻮﱃ اﻟﻜــﺘﺎﺑﺔ ﰲ اﳌﻮﺿﻮع وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻔﻌﻞ ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ‬
‫‪١٨‬‬
 ‫أﺗﺤﺐ أن أﺗﺤﺪث إﻟﻴﻪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن ﻓﺈن ﱄ ﺑﻪ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻗﺪ ﺔ ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﻋﻀﻮا‬
‫ﰲ ﺟ ﻋﺔ ﴎﻳﺔ ﻣﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻺﺳﺘﻌ ر ﻛﺎن ﻫﻮ أﺣﺪ أﻋﻀﺎﺋﻬﺎ ﻓﻘﺎل ﱄ ﻻ داﻋﻲ‬
‫ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻋﺰﻣﺖ أن أﻛﺘﺐ ﺑﻨﻔﴘ‪ ،‬و ﻗﺪ ﻛﺘﺐ ﻓﻴ ﺑﻌﺪ‪ .‬وﺟﻤﻌﺖ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ﰲ‬
‫ﻛﺘﻴﺐ ﺻﻐ ﻋﲆ ﻣﺎ أذﻛﺮ وﻗﺪ ﻛﺎن ﺑﺤﻮز ور ﺎ أﺧﺬه ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﻴﻘﺮأه ﺛﻢ ﻳﺮده‬
‫و ﻣﺎ ﻋﺎد اﻟﻜﺘﺎب إﱃ اﻟﻴﻮم ﻛ ﺣﺪث ﻟﻜﺜ ﻣﻦ ﻛﺘﺒﻲ اﻟﺘﻲ أﺧﺬت و ﺗﺮﺟﻊ‬
‫ﺣﺘﻰ ﻗﺮرت إﻻ أﺳﻠﻒ أﺣﺪا ً ﻛﺘﺎﺑﺎ ً ﻗﻂ و اﻟﺤﻤﺪ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺤﻤﺪ ﻋﲆ ﻣﻜﺮوه‬
‫ﺳﻮاه‪ .‬وﺗﺮﺑﻄﻨﻲ ﺑﺎﻷخ ﺣﺴﻦ ﻋﻮض ﷲ ﺻﺪاﻗﺔ ﻣﺘﻴﻨﺔ ﻋﱪ ﺳﻨ ﻛﺜ ة ﻓﻨﺤﻦ‬
‫أﺑﻨﺎء ﺣﻲ واﺣﺪ ﻫﻮ ﺣﻲ اﻟﺒﻮﺳﺘﺔ ﺑﺄم درﻣﺎن و ﻗﺪ زاد ﻫﺬه اﻟﺼﺪاﻗﺔ ﻗﻮة أﻧﻨﻲ‬
‫وﻗﻔﺖ ﻣﻌﻪ ﰲ ﻛﻞ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﺧﺎﺿﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﺤﺰب اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻻﺗﺤﺎدي وﻫﻮ‬
‫اﻟﺬي رﺷﺤﻨﻲ ودﻓﻌﻨﻲ ﻻن أﻛﻮن ﻋﻀﻮاً ﰲ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺔ ﻟﻠﺤﺰب اﻟﻮﻃﻨﻲ‬
‫اﻻﺗﺤﺎدي وﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺜﻘﺔ واﳌﺤﺒﺔ ﺑﻴﻨﻲ وﺑﻴﻨﻪ اﻧﻪ ﺳﻤﻲ أ ﺣﺪ أﺑﻨﺎﺋﻪ ﺑﺈﺳﻤﻲ‬
‫وذﻛﺮ ﱄ ذﻟﻚ و ﻛﺎن أﻳﻀﺎ ً إذا أﺷﻜﻠﺖ اﻹﻣﻮر و ﺗﻌﺪدت ﻃﺮق اﻟﺤﻞ زار ﻟﻴﻼً ﰲ‬
‫ﻣﻨﺰﱄ وراح ﻳﻨﺎﻗﺸﻨﻲ ﰲ اﳌﻮﺿﻮع و أﻧﺎﻗﺸﻪ و ﻻ ﻳﺨﺮج إﻻ إذا اﺗﻔﻘﻨﺎ ﻋﲆ رأي‬
‫و اﺣﺪ ﻳﺄﺧﺬه وﻳﺠﺎدل ﺑﻪ ﰲ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ و ﻛﺜ اً ﻣﺎ ﻳﻠﺘﺰم ﺑﻪ اﻟﺤﺰب‪ .‬وﰲ‬
‫ﺑﻌﺾ اﻷﻳﺎم ﺣﴬ إﱃ ﻣﻨﺰﱄ ﻟﻴﻼً وﺑﻌﺪ أن ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ ﻛﺜ اً ﰲ ﻣﻮﺿﻮع ﻳﺘﻌﻠﻖ‬
‫ﺑﺄﺣﺪاث اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻗﻠﺖ ﻟﻪ ﳌﺎ ﻫﻢ ﺑﺎﻻﻧﴫاف ﻣﺎذا ﺗﻌﺮف ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ؟‬
‫و ﻛﺎن ﻗﺪ وﻗﻒ ﻓﺮﺟﻊ إﱃ ﻣﺠﻠﺴﻪ اﺧﺮج ﻣﻦ ﺻﺪره ﻧﻔﺴﺎً ﻃﻮﻳﻼً ﺛﻢ ﻗﺎل ﻫﺬه‬
‫ﺟ ﻋﺔ ﴎﻳﺔ و ﻣﻦ اﺧﻄﺮ اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻟﴪﻳﺔ ﰲ اﻟﻜﻮن ﻗﺎﻃﺒﺔ ﺛﻢ أردف ﺳﻮف‬
‫أزودك ﺑﻜﺘﺎب ﻣﻔﻴﺪ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ وﻻ اﻋﺮف ﻋﻨﻬﺎ أﻛ ﻣ ﺣﻮى‬
‫و اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﻳﺤﻮﻳﻪ اﻟﻜﺘﺎب أن ﻛﺜ اً ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﰲ ﻫﺬه اﻟﺒﻼد أﻋﻀﺎء ﰲ‬
‫ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﴪﻳﺔ اﻟﺨﻄﺮة وﻫﻢ ﻳﺪﺧﻠﻮن أﻧﻮﻓﻬﻢ ﰲ ﻛﻞ ﳾء وﰲ إﻋﺘﻘﺎدي‬
‫أن ﻛﺜ ا ً ﻣﻦ اﻷﺷـﻴﺎء اﻟﺘﻲ ﻳﻄـﺎﻟﺒﻮن ﺑﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﰲ ﻣﺼـﻠﺤﺔ اﻟﺒﻼد وﻫﻲ ﺣـﺘ ً‬

‫‪١٩‬‬
‫ﰲ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺟﻬﺎت أﺧﺮى وﻣﺠﻠﺲ اﻟﻮزراء ﰲ أﻏﻠﺒﻴﺘﻪ ﻳﻮاﻓﻖ ﻋﲆ ﻫﺬه اﳌﻄﺎﻟﺐ‬
‫وﻋﻨﺪﻣﺎ أﺧﻠﻮ ﺑﺎﻟﺮﺋﻴﺲ ﻳﻘﻮل ﱄ ﻻ ﺗﺴﺒﺢ ﺿﺪ اﻟﺘﻴﺎر ﻻن ذﻟﻚ ﻳﺆدي إﱃ اﻟﻐﺮق‬
‫و أﻧﺎ ﻻ أﺧﺎف ﻣﻦ اﻟﻐﺮق ﻟﺸﺨﴢ وﻟﻜﻨﻲ أﺧﺎف ﻋﲆ اﻟﺒﻼد ﻣﻦ اﻟﻐﺮق وﷲ إن‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﱄ ﺻﻼﺣﻴﺎت ﻛﺼﻼﺣﻴﺎت اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻛﻨﺖ أﻧﻈﻒ اﻟﺤﺰب أوﻻً ﻣﻦ ﻛﺜ ﻣﻦ‬
‫اﻷﻋﻀﺎء اﳌﺸﺒﻮﻫ ﺛﺎﻧﻴﺎ ً اﻟﺒﻼد ﻣﻦ ﻛﺜ ﻣﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﳌﺸﺒﻮﻫﺔ و ﻟﻮﻻ‬
‫ﻣﺤﺒﺘﻲ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ و إ ﺎ اﳌﺆﻛﺪ أﻧﻪ رﺟﻞ ﻧﻈﻴﻒ و ﻓﻮق ﻛﻞ اﻟﺸﺒﻬﺎت ﻹﺳﺘﻘﻠﺖ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺤﺰب واﻋﺘﺰ ﻟﺖ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ ﻳﻮﻣﻬﺎ إن ﷲ ﻣﻊ اﻟﺼﺎﺑﺮﻳﻦ‪ .‬ول ﻛﻨﻲ‬
‫أدرﻛﺖ اﳌﻌﺎﻧﺎة اﻷﻟﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ اﳌﺨﻠﺼﻮن وﰲ ﻣﺮة ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﻮﻗﺖ‬
‫ﻃﻮﻳﻞ ﻗﻠﺖ ﻟﻸخ ﺣﺴﻦ ﻋﻮض ﷲ ﻣﺎ ﺳﺒﺐ ﻫﺬا اﻻﻧﻘﻼب اﻟﻌﺠﻴﺐ اﻟﺬي ﻏ‬
‫ﻣﻮﻗﻒ اﳌ ﻏﻨﻲ ﺣﺘﻰ ﺻﺎرت ﻣﻮدﺗﻪ ﻋﺪاء ﻣﺴﺘﺤﻜ ً؟ ﻓﻘﺎل ﻋﲆ اﻟﻔﻮر ﻛﻨﺖ‬
‫أﻇﻨﻚ ﻗﺪ أدرﻛﺖ اﻟﺴﺒﺐ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻘﺪ ﺣﺪﺛﺘﻚ ﻛﺜ اً ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮن‪ .‬إﻧﻬﺎ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻬﺎ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﳌﺤﻠﻴﺔ‪ .‬و ﺳﻜﺖ وآﺛﺮت اﻟﺼﻤﺖ‬
‫ﻓﺮ ﺎ ﺟﻤﻠﺔ واﺣﺪة اﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب ﻻن اﻟﺠﻤﻠﺔ ﺗﻌﱪ ﻋﻦ واﻗﻊ ﻣﺤﺴﻮس ﺗﻘﻨﻊ‬
‫أﻛ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب ﻧﺴﺞ ﺑﺂراء ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻻ ﺖ ﻟﻠﻮاﻗﻊ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب‪ .‬وﰲ ﻳﻮم‬
‫ﻣﻦ اﻷﻳﺎم ﺳﺄﻟﺖ اﻷخ ﺣﺴﻦ ﻋﻮض ﷲ ﻋﻤﻦ ﻳﺪﻳﺮ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﺴﻮدان ﻓﻘﺎل‬
‫ﱄ إن أول رﺋﻴﺲ ﻟﻬﺎ وﻣﺆﺳﺴﻬﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﻌﺎم ﺛﻢ أﺻﺒﺢ رﺋﻴﺴﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ‬
‫ﻋﺒﺪ اﳌﺴﻴﺢ ﺗﺎدروس وﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻪ أﺻﺒﺢ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ أﻣﺎ‬
‫اﻷﻋﻀﺎء ﻓﻬﻨﺎﻟﻚ أﻋﻀﺎء ﻋﺎدﻳﻮن و أﻋﻀﺎء ﻣﻜﺘﺐ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ و ﻫﻢ ﻗﻤﺔ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ‬
‫و أﻫﻤﻬﻢ اﻟﻔﺮﺳﺎن اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ وﻣﺤﻤﺪ ﻋﲆ ﺷﻮﻗﻲ‬
‫وإﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﺪري وذﻛﺮ أﺳ ء أﺧﺮى ﺑﻌﻀﻬﺎ ذﻛﺮﻧﺎه ﻓﻴ ﺗﻘﺪم و ﻗﺪ اﻧﺘﻬﻲ‬
‫ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ إﱃ ﻫﻨﺎ ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‪ .‬رﺣﻢ ﷲ ﺣﺴﻦ ﻋﻮض ﷲ‪.‬‬

‫‪٢٠‬‬
 ‫و ﰲ ﻣﺮة ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻣﻊ اﻟﺸﻴﺦ أﺣﻤﺪ ﺣﺴﻮن ﰲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺑﺠﻮار اﻟﺒﻮﺳﺘﺔ أم‬
‫درﻣﺎن ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﺑﻄﻨﻲ ﺑﻪ ﺻﺪاﻗﺔ ﻗﻮﻳﺔ أﺳﺎﺳﻬﺎ اﻟﻌﻘﻴﺪة‬
‫اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ‪ .‬ﻗﺎل ﱄ اﻟﺸﻴﺦ ﺣﺴﻮن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﴎﻳﺔ اﺳﺘﻌ رﻳﺔ ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﺿﺪ‬
‫اﻹﺳﻼم و اﳌﺴﻠﻤ ﻟﻬﺎ ﺷﻌﺎرات ﺑﺮاﻗﺔ ﺗﺨﻔﻲ وراءﻫﺎ أﺳﻮأ اﻷﻋ ل اﻟﴩﻳﺮة‬
‫و ﻟﻸﺳﻒ اﻧﺘﻈﻢ ﰲ ﺳﻠﻜﻬﺎ ﻛﺜ ﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﳌﺴﻠﻤ وﻏ ﻫﻢ ﻗﺪ‬
‫إﻧﺨﺪﻋﻮا ﺑﺎﻟﺪﻋﺎﻳﺔ اﻟﻜﺎذﺑﺔ اﻟﺘﻲ روﺟﻬﺎ اﻻﻧﺠﻠﻴﺰ ﺛﻢ ﻋﺠﺰوا ﻋﻦ ﺗﺮﻛﻬﺎ إﻣﺎ ﺧﻮﻓﺎً‬
‫ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺎب اﻟﺼﺎر م وإﻣﺎ ر ﻏﺒﺔ ﰲ اﻻﻣﺘﻴﺎزات اﻟﻜﺒ ة اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ﻟﻸﻋﻀﺎء ﻓﻬﻞ‬
‫ﺗﺼﺪق إن ﻛﺒﺎر اﻟﺰﻋ ء اﻟﺪﻳﻨﻴ ﻣﻦ أﻋﻀﺎﺋﻬﺎ وإن ﻛﺒﺎر رﺟﺎل اﻟﻘﻀﺎء اﻟﴩﻋﻲ‬
‫ﻣﻦ أﻋﻀﺎﺋﻬﺎ وإن ﻛﺒﺎر رﺟﺎل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﰲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ و اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ أﻋﻀﺎﺋﻬﺎ وإن‬
‫ﻛﺒﺎر رﺟﺎل اﻟﺘﺼﻮف واﻟﻄﺮق ﻣﻦ أﻋﻀﺎﺋﻬﺎ؟ و ﻗﺪ دﻫﺸﺖ ﻟﺬﻟﻚ و ﻗﻠﺖ ﺑﺼﻮت‬
‫ﻣﺴﻤﻮع )ﻣﺶ ﻣﻌﻘﻮل( ﻓﻘﺎل ﰲ ﻫﺪوء وﻫﻮ ﻳﻀﺤﻚ ﻛﻌﺎدﺗﻪ اﻧﻪ ﻣﻌﻘﻮل ﺟﺪاً‬
‫ﻷﻧﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ واﻟﻮاﻗﻊ وأﻧﺎ ﻻ أﻫﺰل إ ﺎ ﻫﻮ اﻟﺠﺪ ﻛﻞ اﻟﺠﺪ و ﻻ ﳾء ﻏ اﻟﺠﺪ‬
‫و ﺣﴬ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺴﺎﻋﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس و اﻧﴫف اﻟﺸﻴﺦ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻣﻌﻬﻢ‪ .‬وﰲ ﻣﺮة‬
‫أﺧﺮى ﻋﺎودت اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻌﻪ وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺰد ﺷﻴﺌﺎ ً ﻋﲆ ﻣﺎ اﻋﺮف ﻣﻦ ﻗﺒﻞ وﺧﻮﻓﺎ ً‬
‫ﻣﻦ اﻟﺘﻜﺮار أﺳﺠﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻗﺎل ‪ .‬وﻗﺎل اﻟﺸﻴﺦ ﺣﺴﻮن أﻻ ﺗﻌﺮف ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ‬
‫ﺳــﻴﺪ ﺣﻤﺪ وﻫﻮ ﻣﻘـﻴﻢ اﻵن ﺑﺎﻟـﻤﺪﻳﻨﺔ ﻗﻠﺖ اﻋﺮﻓﻪ ﺣﻖ اﳌﻌﺮﻓﺔ و ﻫﻮ ﺻﺪﻳﻖ‬
‫ﱄ ﻓﻘﺎل ﱄ ﺿﺎﺣﻜﺎ ً إﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺼـﺪﻳﻖ ﻷ ﻧﻪ ﺧـﺮاﰲ ﻣﻦ ﺷـﻌﺮ رأﺳــﻪ ﺣﺘﻰ‬
‫أﺧﻤﺺ ﻗﺪﻣﻴﻪ وﻟﻜﻨﻲ أﻋﺮﻓﻪ ﻓﻬﻮ رﺟﻞ ﺻﺎدق و ﻛﺮﻳﻢ‪ ،‬وﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻳﻜﻦ‬
‫ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺳــﻴﺪ ﺣﻤﺪ رﺣـﻤﺔ ﷲ ﺳـﻠﻔﻴﺎ ﻓﻬﻮ ﺷـﺪﻳﺪ اﳌﻌـﺎرﺿﺔ ﻟﻠﺸـﻴﺦ‬
‫ﺣﺴـﻮن و ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﻜـﺮﻫﻪ ﺑﻞ ﻳﻜـﺮﻣﻪ وﻳﺪﻋﻮه إﱃ داره ﺑﺈﺧـﻼص و ﻗـﺪ ﻋـﺮﻓﺘﻪ‬
‫ﻗـﺪ ﺎ ً ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﺷﺒﺎب أ روف و ﻗﺮﻳﺐ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺣﻤﺪ ﺛﻢ ﻫﻮ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺤﺰب اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻹﺗﺤـﺎدي و ﺗﻠﻚ وﺷــﺎﺋﺞ ﺻــﻠﺔ ﻗﻮﻳﺔ و ﻛﻨﺖ ﻛﻠ ذﻫـﺒﺖ‬

‫‪٢١‬‬
‫ﻷداء اﻟﺤﺞ و اﻟﻌﻤﺮة إﺗﺼﻞ ﺑﻪ وﻳﺪﻋﻮ ﻛﺜ ا ً إﱃ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻓﻬﻮ ﺷﻬﻢ ﻛﺮﻳﻢ ورﺋﻴﺲ‬
‫ﻟﻠﺠﺎﻟﻴﺔ اﻟﺴﻮداﻧﻴﺔ ﻫﻨﺎك‪ .‬وﰲ أول ﻋﻤﺮة ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻊ اﻟﺸﻴﺦ ﺣﺴﻮن‬
‫اﺗﺼﻠﺖ ﺑﺎﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺳﻴﺪ ﺣﻤﺪ و ﺳﺄﻟﺘﻪ إن ﻛﺎن ﻳﻌﺮف ﺷﻴﺌﺎ ً ﻋﻦ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻓﻘﺎل ﱄ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر ﻣﻦ ﻗﺎل ﻟﻚ إ أﻋﺮف ﺷﻴﺌﺎ ً ﻋﻨﻬﺎ؟ ﻗﻠﺖ أﻳﻀﺎ ً ﻋﲆ‬
‫اﻟﻔﻮر ﻛﺎن اﻟﺸﻴﺦ أﺣﻤﺪ ﺣﺴﻮن ﻳﺘﺤﺪث إﱄ ﱠ ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و ﳌﺎ ﻓﺮغ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺜﻲ‬
‫أﺣﺎﻟﻨﻲ إﻟﻴﻚ ﻓﻠﻌﻠﻪ ﻛﺎن ﻳﺪرك أن ﻟﻚ ﺑﻬﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ أوﺳﻊ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻓﻘﺎل ﱄ‬
‫ﻟﻘﺪ ﻗﺮب وﻗﺖ اﻟﺼﻼ ة و ﻻﺑﺪ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺎب إﱃ اﻟﺤﺮم وﻏﺪا ً ﻧﺼﲇ اﻟﻔﺠﺮ ﰲ‬
‫اﻟﺤﺮم و أﻧﺖ ﺗﻌﺮف ﻣﻜﺎ وﺑﻌﺪ اﻟﺼﻼة ﻧﻘﺮأ ﺷﻴﺌﺎ ً ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ﺛﻢ ﻧﻘﺮأ دﻻﺋﻞ‬
‫اﻟﺨ ات و أﻧﺖ ﺗﻌﻠﻢ ذﻟﻚ ﻗﻠﺖ ﻧﻌﻢ وﺑﻌﺪ ﺗﺬﻫﺐ ﻣﻌﻲ إﱄ اﻟﺪار وﺑﻌﺪ اﻟﻔﻄﻮر‬
‫و اﻟﺸﺎي ﻧﺘﺤﺪث أن ﺷﺎء ﷲ‪ .‬ﻓﻮدﻋﺘﻪ وإﻓﱰﻗﻨﺎ وﰲ اﻟﻐﺪ ﺻﻠﻴﺖ ﻗﺮﻳﺒﺎ ً ﻣﻨﻪ‬
‫و ﺟﻠﺴﺖ ﻣﻌﻬﻢ و ﻗﺮأت ﻣﻌﻬﻢ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎء و ﺗﻔﺮﻗﻮا و ذﻫﺒﺖ ﻣﻌﻪ و ﻣﺎ إن دﺧﻠﻨﺎ‬
‫داره ﺣﺘﻰ أﺣﴬوا اﻟﻄﻌﺎم وﺑﻌﺪ اﻷﻛﻞ أﺣﴬوا اﻟﺸﺎي ورﻓﻌﺖ اﻷوا و ﻗﺎم ورد‬
‫اﻟﺒﺎب و ﺟﻠﺲ ﻳﺘﺤﺪث إﱄ ﰲ اﳌﻮﺿﻮع وﺑﺪأ ﻳﻘﻮل‪ :‬اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﴎﻳﺔ‬
‫ﻗﺪ ﺔ ﺟﺪا ً أﻧﺸﺄﻫﺎ اﻟﻴﻬﻮد ﻣﻦ اﺟﻞ أن ﺗﺨﺪم ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻢ و ﻟﻬﺎ ﻗﻮاﻧ ﻋﻠﻨﻴﺔ‬
‫ﻟﻸﻋﻀﺎء و ﴎﻳﺔ ﻻ ﻳﻄﻠﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺳﻮى اﻟﻴﻬﻮد ﰲ ﻗﻤﺔ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ وﻋﲆ ﴍط أن‬
‫ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ذرﻳﺔ ﻳﻌﻘﻮب أﺑﺎ ً وأﻣﺎ ً و ﻗﺪ أﻧﺸـﺌﺖ ﻋﲆ أﺻﺢ اﻟﺮواﻳﺎت ﻗﺪ ﺎً ﰲ‬
‫روﺳﻴﺎ و ﻟﻜﻦ ﻗﺪ ﺗﻨﻘﻠﺖ إداراﺗﻬﺎ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻓﻴ ﺑﻌﺪ ﺑ أﳌــﺎﻧﻴﺎ و اﻧﺠﻠﱰا و ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫وﰲ اﻋﺘﻘﺎدي أﻧﻬﺎ اﻟﻴﻮم ﰲ أﻣـﺮﻳﻜﺎ و ﻫﻲ ﺟـﻤﻌﻴﺔ ﺗﺴـﺘﺨﺪم ﻛﻞ ﻃﻤﻮح ﰲ ﻛﻞ‬
‫ﺑﻠﺪ ﻣﻦ ﺑﻠـﺪان اﻟﻌـﺎ ﻟﺘﺤــﻘﻴﻖ ﻣﺂرﺑﻬﺎ و ﺗﻐــﺪق ﻋﻠﻴﻬﻢ اﳌــﺎل و اﻟﺠــﺎه‬
‫و اﻟﺴـﻠﻄﺎن ﰲ ﻣﻘــﺎﺑﻞ أن ﻳـﻨﻔﺬوا ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻏ إﻋـﱰاض‪ .‬وﻗﺪ ﻛﺜـﺮ‬
‫أﻋﻀـﺎء ﻫﺬه اﻟﺠــﻤﻌﻴﺔ اﻟﻌـﺎﳌﻴﺔ ﰲ ﻛﻞ أﻣﻢ اﻟـﺪﻧﻴﺎ رؤﺳــﺎء و ﻣﻠــﻮك و أﻣــﺮاء و‬
‫وزراء و ﻛﺒــﺎر رؤﺳــﺎء اﻷﻗﺴــﺎم ﰲ ﻣــﺮاﻓﻖ اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﺘــﺠﺎر واﻟــﺰراع و اﻷﻃــﺒﺎء‬

‫‪٢٢‬‬
‫و اﳌﻬﻨـﺪﺳ و اﳌﻌﻠﻤ وﻏ ﻫﻢ‪ .‬و ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺗﺘﻜﻮن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻴﻬﻮد ﻗﻠﺖ ﻟﻪ ﻣﻘﺎﻃﻌﺎ ً ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﰲ ﻛﻞ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ‬
‫ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ و ﻟﻴﺲ ﰲ اﻟﻌﺎ إﻧﺴﺎن ﺣﺮ و ﻛﻨﺖ أرﻳﺪ أن ﻳﻌﺎرض ﻣﺎ ﻗﻠﺘﻪ و ﻟﻜﻨﻪ‬
‫واﻓﻘﻨﻲ ﺑﺘﻜﺮار ﻗﻮﻟﻪ ﻧﻌﻢ ﻫﺬا ﺣﻖ ﻗﻠﺖ اﻋﺘﻘﺪ اﻧﻚ ﺗﺒﺎﻟﻎ ﻛﺜ ا ً ﰲ رأﻳﻚ ﻗﺎل ﻻ‪:‬‬
‫ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﳌﺠﺮدة و ﻟﻌﻠﻚ ﻻ ﺗﺼﺪق ﻷن اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﻴﻮم أﻏﺮب ﻣﻦ‬
‫اﻟﺨﻴﺎل وأﻧﺖ ﻻ ﺗﻌﺮف ﻣﺎ ﻳﺠﺮي ﰲ اﻟﺨﻔﺎء و ﺗﺮﻛﻨﻲ ودﺧﻞ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺪاﺧﲇ‬
‫وﻏﺎب ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ و ﺟﺎء ﰲ ﺣﻠﺔ اﻟﻌﻤﻞ و ﺧﺮﺟﻨﺎ وﻓﺘﺢ ﻣﺤﻠﻪ اﻟﺘﺠﺎري‬
‫و ﺗﺮﻛﺘﻪ إﱃ ﻣﺤﻞ إﻗﺎﻣﺘﻲ وﻣﺎ ﻋﺎودﺗﻪ ﻣﺮه أﺧﺮي ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﰲ ﻫﺬا‬
‫اﳌﻮﺿﻮع اﻟﺨﻄ وأﻧﺎ اﻋﺮف ﴏاﺣﺔ اﻟﺮﺟﻞ وﺻﺪﻗﻪ ﻓﺎﻧﺘﺎﺑﻨﻲ ﺷﻌﻮر ﺑﺎﻟﺨﻮف‬
‫ﻋﻠﻴﻪ و اﻟﻘﻠﻖ و أدرﻛﺖ ﻷول ﻣﺮة ﺑﺄن اﳌﻮﺿﻮع أﺧﻄﺮ ﻣ ﻛﻨﺖ أﺗﺼﻮر ﺑﻜﺜ ‪.‬‬

‫اﻟﴩﻳﻒ ﻋﻤﺮ اﻟﺴ َ ﻮري‪:‬‬

‫ﻛﺎن واﻟﺪي اﻟﴩﻳﻒ ﻣﺤﻤﺪ أﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﷲ اﻟﺬي ﻟﻘﺐ ﺑﺎﻟﺘﻘﻼوي ﻣﺤﺪﺛﺎً أﺧﺬ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠﻢ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻛﺜ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻳﺨﻨﺎ رﺣﻢ ﷲ اﻟﺠﻤﻴﻊ‪ .‬وﻛﺎﻧﺖ ﺑﻴﻨﻪ وﺑ‬
‫اﻟﴩﻳﻒ ﻋﻤﺮ اﻟﺴﻮري ﺻﻠﺔ وﺛﻴﻘﺔ وﻛﺎن اﻟﴩﻳﻒ اﻟﺴﻮري ﻣﺤﺪﺛﺎً ﺑﺎرﻋﺎً وﻋﺎﳌﺎً‬
‫راﺳﺨﺎً ﰲ اﻟﻌﻠﻢ و ﻫﻮ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﰲ ﻛﻞ اﻟﻘﻄﺮ اﻟﺴﻮدا اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ ﺳﻨﺪا ً‬
‫ﻣﺘﺼﻼً إﱃ اﻹﻣﺎم اﻟﺒﺨﺎري رﺣﻤﻪ ﷲ ﰲ ﺻﺤﻴﺤﻪ اﳌﺸﻬﻮر و ﻛﺎن اﻟﺮﺟﻞ ﻗﻮﻳﺎً ﺻﻌﺐ‬
‫اﳌﺮاس ﻻ ﻨﺢ اﻟﺴﻨﺪ ﻟﺮﺟﻞ إﻻ إذا درس ﻋﻠﻴﻪ دراﺳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ و اﺧﺘﱪه اﺧﺘﺒﺎرا ً‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺎً وﻳﻘﻮل دا ﺎً إﻧﻬﺎ أﻣﺎﻧﺔ اﻟﻌﻠﻢ ﺗﻘﺘﴤ اﻟﺘﺠﻮﻳﺪ و ﻗﺪ ﻳﻘﻮل ﰲ ﻧﺎدر اﻷوﻗﺎت‬
‫ﻛﻠﻤﺔ ﻗﺎﺳﻴﺔ ﻋﻨﻴﻔﺔ و ﻛﻨﺎ ﻧﻘﺒﻠﻬﺎ ﺑﻜﻞ أدب واﺣﱰ ام وﻫﻲ‪) :‬أﻧﺎ ﻻ اﺑﺬل اﻟﺠﻮاﻫﺮ‬
‫اﻟﻨﺎدرة ﻟﻠﺨﻨﺎزﻳﺮ( و ﻗﺪ أﻣــﺮ واﻟــﺪي رﺣﻤﻪ ﷲ أن آﺧــﺬ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ‬
‫‪٢٣‬‬
‫اﻟﴩﻳﻒ اﻟﺴﻮري و أﻇﻦ أﻧﻪ ﻗﺪ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﴩﻳﻒ اﻟﺴﻮري أن ﻳﻀﻤﻨﻲ إﱃ‬
‫ﺗﻼﻣﻴﺬه أﺗﻠﻘﻲ ﻋﻨﻪ ﻋﻠﻢ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﺮﺣﺐ و وﺟﺪت ﺣﻠﻘﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺲ ﰲ ﻣﻨﺰﻟﻪ‬
‫ﻟﻴﺲ ﰲﻫﺎ ﺳﻮى اﺛﻨﺎن ﻓﻘﻂ‪ ،‬اﻟﺸﻴﺦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﻄﺎش وﻗﺪ ﺟﺎوز اﻟﺴﺘ ﻋﺎﻣﺎ ً‬
‫و اﻟﺸﻴﺦ أﺑﻮ ﺳﻤﺮة وﻫﻮ ﻳﻘﻞ ﻋﻦ اﻟﻄﺎش ﺳﻨﺎ ً و ﻛﻨﺖ اﻟﺜﺎﻟﺚ وﻗﺪ ﺟﺎوزت‬
‫اﻟﻌﴩﻳﻦ ﺑﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﺟﻞ ذﻟﻚ ﻛﻨﺖ أﻗﻮم ﺑﺨﺪﻣﺘﻬﻢ ﰲ إﺣﻀﺎر اﻟﻔﻄﻮر وﻏﺴﻞ‬
‫أﻳﺪﻳﻬﻢ إﱃ ﻏ ذﻟﻚ وﺑﺪﺧﻮﱄ ﺑﺪاﺧﻞ اﳌﻨﺰل أﺗﻴﺤﺖ ﱄ ﻓﺮﺻﺔ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﲆ‬
‫أﺑﻨﺎء اﻟﴩﻳﻒ وﴏت أﺧﺎ ً ﻟﻬﻢ و ﺻﺎروا إﺧﻮة ﱄ و ﻛﺎﻧﻮا ﻋﲆ ﺗﻘﻮى و أدب‬
‫و ﺣﺴﻦ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ وﺗﻮﺛﻘﺖ ﺑﻴﻨﻲ وﺑ أﺣﺪ أﺑﻨﺎﺋﻪ و ﻫﻮ اﻟﺴﻴﺪ ﺟﻌﻔﺮ ﻋﻤﺮ اﻟﺴﻮري‬
‫اﻟﺼﺪاﻗﺔ واﳌﺤﺒﺔ و ﻛﺎن رﺟﻼً ذﻛﻴﺎً ﺻﺎدﻗﺎً ﻛﺮ ﺎً ذا ﻣﺮوءة و ﻧﺨﻮة وﻣﺤﺒﺔ ﻟﻠﺨ‬
‫و ﻗﺪ أﺧﺘ رﺣﻤﻪ ﷲ ﻣﺪرﺳﺎً ﺑﻌﺪ اﻧﺘﺼﺎر اﻟﺤﻠﻔﺎء ﻋﲆ اﻳﻄﺎﻟﻴﺎ و اﺣﺘﻼل إرﻳﱰﻳﺎ ﰲ‬
‫ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﺼﻮع أوﻻً و أﺧ ا ً ﰲ أﺳﻤﺮا و ﻗﺪ ﺗﻢ اﺧﺘﻴﺎري أﻳﻀﺎً ﻣﻊ أﺧﻴﻪ اﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪ‬
‫ﷲ اﻟﴩﻳﻒ ﻋﻤﺮ اﻟﺴﻮري ﻣﺪرﺳ ﰲ اﺳﻤﺮا و ﻫﻨﺎك إﻟﺘﻘﻴﻨﺎ و ﺗﻌﺎوﻧﺎ وﺗﺰاورﻧﺎ ﺛﻢ‬
‫إﺟﺘﻤﻌﻨﺎ ﺑﺄﺳﻤﺮا و ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻔﺎﺟﺄة ﱄ أن ﺻﺪﻳﻘﻲ اﻟﺤﻤﻴﻢ ﻗﺪ ﺗﻐ ﻛﺜ ا ً ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺢ‬
‫ﻣﺪﻣﻨﺎً ﻟﻠﺨﻤﺮ و ﻻ ﻳﻄﻴﻖ اﻟﻨﻮم ﻗﺒﻞ أن ﻳﴩب ﺑﺈﴎاف و ﻟﻘﺪ أﺣﺰﻧﻨﻲ ذﻟﻚ ﻛﺜ ا ً‬
‫ورﺣﺖ أﻋﻈﻪ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن و ﻛﺎن ﻳﺤﺘﻤﻞ ذﻟﻚ ﻣﻨﻲ وﻟﻜﻨﻪ ﴤ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﺎ‬
‫وﻳﺤﻴﺪ ﻋﻨﻪ ﻗﻴﺪ أ ﻠﺔ وﻣ زاد ﺣﺰ أﻧﻪ ﻗﺪ أﻫﻤﻞ اﻟﺼﻼة ﻻ ﻳﺆدي ﺳﻮى ﺻﻼة‬
‫اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﻘﻂ وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﺣﺪﺛﺖ ﻧﻔﴘ أﺑﺪا ً أن اﻫﺠﺮه ﺑﻞ ﻛﻨﺖ‬
‫أﻗﻮل دا ﺎ ً ﻫﻮ أﺣﻮجإﱄ ﱠ ﰲ ﻣﺤﻨﺘﻪ ﻓﻜﻴﻒ أﺗﺨــﲆ ﻋﻨﻪ؟ و ﻋﺪت إﱃ اﻟﺴﻮدان‬
‫ﺑﻌﺪ ﺧــﻤﺲ ﺳــﻨ أو ﺗـﺰﻳﺪ ﻗﻠﻴــﻼً و ﺗـﺮﻛﺘﻪ ﰲ إرﺗﺮﻳﺎ ﺛﻢ ﻋـﺎد ﻫﻮ اﻵﺧﺮ و أول‬
‫ﻣﺎ ﻓﻜﺮ ﻓﻴﻪ زﻳــﺎر و ﺑﻌﺪ ﺷــﻬﻮر إﻟﺘﺤــﻖ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼـﺤﻔﻲ ﰲ ﺟـﺮﻳﺪة‬
‫اﻟﺠﺰﻳﺮة وﻣﻘﺮﻫﺎ ﺑﺮﻛﺎت وﻗﺪ أ ُ ﻋﻄﻲ ﻋﺮﺑﺔ وﻣﺮﺗﺒﺎً ﻛـﺒ ا ً و ﺣﺴــﻨﺖ ﺣــﺎﻟﺘﻪ‬
‫وإﺳــﺘﻘﺪم زوﺟـﺘﻪ وأوﻻده ﻣﻦ إرﺗﺮﻳﺎ و ﻛﺎن ﻗﺪ ﺗـﺰوج ﻫـﻨﺎك و ﻛﺎن إذا ﺟﺎء ﻣﻦ‬

‫‪٢٤‬‬
 ‫اﻟﺠﺰﻳﺮة ﻳﺰور وﻳﺴﺄﻟﻨﻲ ﻋﻦ ﺣﺎﱄ و ﻛﻨﺖ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻘ اً ﻣﺘﻌﺒﺎ ً ﻗﺪ ﻫﺪ‬
‫اﻟﻌﻤﻞ اﳌﺘﻮاﺻﻞ‪ .‬ﻗﺎل ﱄ ﻣﺮة ﺑﺈﺷﻔﺎق ﻻ ﻜﻦ أن ﺗﺤﻞ ﻣﺸﺎﻛﻠﻚ إﻻ إذا واﻓﻘﺘﻨﻲ‬
‫و اﺷﱰﻛﺖ ﰲ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و ﻛﺎن ﻗﺪ اﺷﱰك ﰲ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﻇﻨﻲ ﰲ ارﺗﺮﻳﺎ و ﳌﺎ‬
‫وﺻﻞ إﱃ اﻟﺴﻮدان ﻛﺎن ﻳﺤﻤﻞ ﻓﻴ اﻋﺘﻘﺪ ﺗﻮﺻﻴﺔ ﻣﻦ ﻫﻨﺎك إﱃ اﳌﺎﺳﻮن ﰲ‬
‫اﻟﺴﻮدان وﻟﻘﺪ اﺟﺘﻬﺪ أن أواﻓﻖ وﻟﻜﻨﻲ ﻛﻨﺖ دا ﺎ ً ارﻓﺾ ذﻟﻚ و ﰲ ﻣﺮة ﺟﺎء‬
‫ﻣﺴﺘﺒﴩا ً ﺑﻘﻮل إن اﻟﺴﻴﺪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﺪري رﺋﻴﺲ اﻟﺤﺰب اﻻﺷﱰا اﻟﺠﻤﻬﻮري‬
‫ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺘﻪ و ﺣﻤﻠﻨﻲ ﰲ ﻋﺮﺑﺘﻪ إﱃ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺑﺤﻲ اﳌﻼزﻣ ﺑﺄم درﻣﺎن‬
‫ورﺣﺐ ﺑـﻲ اﻟﺮﺟﻞ وﻫﻮ رﺟﻞ ﻋﲆ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ اﻟﺬﻛﺎء اﻟﺨﺎرق واﻟﺤﻨﻜﺔ و اﻟﺪﻫﺎء‬
‫و اﻷدب اﻟﺠﻢ و اﻟﺘﻮاﺿﻊ اﻟﺤﻤﻴﺪ و اﻟﻜﺮم اﻷﺻﻴﻞ و ﻗﺪ ﺗﻮﺛﻘﺖ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺻﻠﺘﻲ ﺑﻪ‬
‫وﻋﻴﻨﻨﻲ ﻣﺤﺮرا ً ﰲ ﺟﺮﻳﺪة اﻟﻮﻃﻦ ﻟﺴﺎن ﺣﺎل ﺣﺰﺑﻪ وﻗﺪ ﻛﺘﺒﺖ ﰲ ﺻﻔﺤﺘﻬﺎ‬
‫اﻷوﱄ ﻛﺜ ا ً ﻣﻦ اﳌﻘﺎﻻت وﻛﻨﺖ أزوره ﰲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻣﺮارا ً و ﻛﺎن ﻳﴪ أن أﺑﺎدﻟﻪ‬
‫اﻟﺤﺪﻳﺚ ﰲ ﺷــﺘﻰ اﻷﻣــﻮر ﻓﺎﻟﺮﺟﻞ ﻣﺮﺟﻊ ﺗﺎرﻳﺨﻲ و ﻓﻠﺴﻔﻲ وﻗﺎﻧﻮ‬
‫وﻳﺼﻐﻮن إﻟﻴﻪ ﰲ اﻧﺘﺒﺎه‪ ،‬أﻣﺎ ﺧﱪﺗﻪ ﺑﺎﳌﺴﺎﺋﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ و آراؤه اﻟﺨﺎﺻﺔ‬
‫ﻓﺘﺴﺘﺤﻖ أن ﻳﻔﺮد ﻟﻬﺎ ﻛﺘﺎب و ﻣﺎ راﺑﻨﻲ ﻣﻨﻪ ﻗﻂ ﺳﻮى أﻧﻪ ﻻ ﻳﺼﲆ أﺑﺪاً‬
‫وﻳﴩب اﻟﺨﻤﺮ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﻟﻴﻼً وﻧﻬﺎرا ً وز ﺟﺎﺟﺔ اﻟﻮﻳﺴــ ﻻ ﺗﻔــﺎرﻗﻪ إﻻ إذا‬
‫ﺧــﺮج ﻹ ﺳــﺘﻘﺒﺎل اﻟﻀـﻴﻮف وﰲ وﻗﺖ ﺟﻠﻮﺳــﻪ ﻣﻌﻬﻢ وﳌﺎ ﻋﻄﻞ اﻟﺠﺮﻳﺪة‬
‫ﺑﻌﺪ ﺟﻠﺴﺔ ﺻﺎﺧﺒﺔ ـ أﺗﺬﻛﺮ ﺑﻌﻀﺎً ﻣﻦ ﺣﻀﻮرﻫﺎ‪ ،‬اﺣﻤﺪ ﺟﻤﻌﻪ اﳌﺤﺎﻣﻲ‬
‫وﻳﻮﺳﻒ اﻟﻌﺠﺐ ﻧﺎﻇﺮ ﻣﻨﻄﻘﻪ اﻟﺪﻧﺪر و ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ وأﺣﺪ أﺑﻨﺎء‬
‫اﻟﺸــﻴﺦ اﻟﻜــﺒﺎﳾ واﻟﻨﺎﻇﺮ ﺳــﺮور رﻣــﲇ وﻏ ﻫﻢ ـ وإﻧﺘﻬﻰ ﻋﻤﲇ و ﻟﻜﻦ‬
‫اﻟﺴــﻴﺪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﺪري ﻃـﻠﺐ ﻣﻨﻲ ﻷن أﻗﻮم ﺑﺘـﺪرﻳﺲ أوﻻده إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﺪري‬
‫و أﺧﺘﺎه و ﻣﻜﺜﺖ ﻣﺪة ﻋﺎم آ إﱃ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻋﴫ ﻛﻞ ﻳﻮم ﻣﺎ ﻋﺪا ﻳﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ‬
‫و ﻛﻨﺖ أﻧﺼﺤﻪ ﺑﺄن ﻳﺪع اﻟﺨﻤﺮ وﻳﻘﻮل ﱄ إﻧﻪ ﺿﻌﻒ ﻻزﻣﻨﻲ ﻻ أﺳــﺘﻄﻴﻊ‬
‫‪٢٥‬‬
‫اﻟﻔﻜﺎك ﻣﻨﻪ و ﻗﺪ ﻛﺎن ﻳﺠﺰل ﱄ اﻟﻌﻄﺎء وﰲ ﻳﻮم ﻣﻦ اﻷ ﻳﺎم ﻗﺎل ﱄ إن ﺟﻌﻔﺮ‬
‫اﻟﺴﻮري ﻳﺤﺒﻚ ﻛﺜ ا ً وﻳﻌﻤﻞ ﻣﺨﻠﺼﺎ ً ﳌﺴﺎﻋﺪﺗﻚ ﻓﻘﻠﺖ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر ﻧﻌﻢ أﻧﺎ‬
‫ﻣﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻓﻘﺎل ﱄ و ﻟﻜﻨﻚ ﺗﻄﺎوﻋﻪ ﻓﻴ إﻗﱰح ﻋﻠﻴﻚ ﻓﺘﺠﺎﻫﻠﺖ ﻗﻮﻟﻪ‬
‫ﻋﲆ اﻟﻔﻮر و أرد ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺄدرك أ ﻻ أﺣﺐ اﻟﺨﻮض ﰲ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻜﻒ‬
‫و أدرﻛﺖ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻋﻨﻪ أﻧﻪ ﻣﺎﺳﻮ و ﻳﻔﺎﺗﺤﻨﻲ ﰲ اﻷﻣﺮ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﺑﺪا ً ﺣﺘﻰ‬
‫ﻋﻤﻠﺖ ﰲ اﻟﺘﺪرﻳﺲ و اﻋﺘﺬرت ﻋﻦ ﺗﺪرﻳﺲ أﺑﻨﺎﺋﻪ و ﻗﺪ ﻛﺎﻓﺄ ﻣﻜﺎﻓﺄة ﻛﺒ ة ﻣﺎ‬
‫ﻛﻨﺖ أﺗﻮﻗﻌﻬﺎ أﺑﺪا ً و اﻧﻘﻄﻊ ﺑﺎﳌﺮة ﻋﻦ زﻳﺎراﺗﻪ ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺖ أزوره ﰲ أﺣﻴﺎن‬
‫ﻣﺘﻘﻄﻌﺔ ﳌﺎ ﻣﺮض ﺗﺮددت ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺜ ا و ﻛﻨﺖ اﺣﺰن وأﺗﺄ ﻟﺤﺎﻟﻪ و ﻨﻴﺖ ﻣﻦ‬
‫أ ﻋ ق ﻗﻠﺒﻲ ﻟﻮ ﺗﺎب إﱃ ﷲ وﺗﺮك اﻟﺨﻤﺮ و ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻤﻨﻰ اﳌﺮء ﻳﺪرﻛﻪ‪.‬‬
‫ﺟﺎء اﻷخ ﺟﻌﻔﺮ ﻣﺮة ﻣﻬﻤﻮﻣﺎ ً ﻣﺘﻮﺗﺮا ً وﻗﺎل ﱄ ر ﺎ ﻻ ﺗﺮا ﺑﻌﺪ اﻟﻴﻮم‬
‫ﻓﻮداﻋﺎ ً ﻳﺎ ﺻﺪﻳﻘﻲ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻗﻠﺖ ﻟﻪ وإﱃ أﻳﻦ ﺗﺬﻫﺐ؟ ﻗﺎل ﺿﺎﺣﻜﺎ ً إﱃ اﻵﺧﺮة‬
‫ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ أﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﻨﺘﺤﺮ؟ ﻓﻘﺎل ﺟﺎدا ً أﻧﺖ ﺗﻌﺮف ﺟﻴﺪا ً أﻧﻨﻲ ﻻ أﻓﻜﺮ إﻃﻼﻗﺎ ً ﰲ‬
‫اﳌﻮت و ﻻ أﻓﻜﺮ ﰲ اﻻﻧﺘﺤﺎر وﻟﻜﻨﻲ ﺳﺄﻣﻮت ﻣﻮﺗﺎً ‪ .‬و ﻣﺎ اﻋﺘﻘﺪت أن ﻫﺬا اﻟﻜﻼم‬
‫ﺟﺪ أﺑﺪا ً و ﻗﺪ ﺳﺎﻓﺮ ﰲ ﻋﴫ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم اﳌﺸﺆم إﱃ ﻣﺪ ﺛﻢ إﱃ ﺑﺮﻛﺎت ﺣﻴﺚ‬
‫ﺟﺎء اﻟﺨﱪ ﰲ ﺿﺤﻰ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم اﻧﻪ ﻏﺮق ﰲ اﻟﱰﻋﺔ ﺑﻌﺮﺑﺘﻪ وﻗﺪ اﺣﴬ ﰲ‬
‫ﻣﺴﺎء ﻧﻔﺲ اﻟﻴﻮم و ﺣﻤﻠﻨﺎ ﻧﻌﺸﻪ إﱃ اﳌﻘﺎﺑﺮ ﺣﻴﺚ ووري اﻟﱰاب إﱃ اﻷﺑﺪ‬
‫وﺑﻌﺪ اﻟﺪﻓﻦ ﻋﺪت إﱃ ﻣﻨﺰﻟﻬﻢ وﺳﻤﻌﺖ ﺷﻘﻴﻘﻪ اﻟﺴﻴﺪ اﻟﺮﻳﺎﺣﻲ اﻟﴩﻳﻒ‬
‫ﻋﻤﺮ اﻟﺴﻮري رﺣﻤﻪ ﷲ و ﻫﻮ ﻳﻘﻮل ﰲ اﻟﺼﺒﺎح اﻟﺒﺎﻛﺮ وﺻﻠﻨﺎ اﻟﺨﱪ و ﻗﻤﻨﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﺎت إﱃ ﻣﻜﺎن اﻟﺤﺎدث أو ُ ﻧﺘﺸــﻠﺖ اﻟﻌﺮﺑﺔ ﻣﻦ اﻟﱰﻋﺔ و ﻓﺘﺤﺖ أﺑﻮاﺑﻬﺎ‬
‫و ﺗﻜﻦ اﻟــﺠﺜﺔ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﻘﻴﺎدة وإ ﺎ وﺟـﺪﻧﺎﻫﺎ ﰲ اﻟﺨﻠﻒ واﻟﺮأس‬
‫ﻣﻬﺸــﻢ ﻗﺪ ﻧﺰف ﻣﻨﻪ دم ﻛﺜ ﻗــﻠﺖ ﻟﻪ ﻣﺘﻌــﺠﻼً ﻓــﺰﻋﺎ ً ﻛﻴﻒ ﺻﺎر إﱃ‬
‫ﻣﺆﺧﺮة اﻟﻌــﺮﺑﺔ؟ ﻗــﺪ ﻋﻠﻠــﻮا ذﻟﻚ ﺑﺄﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ إﺻﻄـﺪﻣﺖ اﻟﻌﺮﺑﺔ ﻗﻄﻊ‬
‫‪٢٦‬‬
‫رأﺳﻪ و ﺗﺤﻮل إﱃ اﳌﺆﺧﺮة ﺛﻢ ﺳﻜﺖ اﻟﺮﺟﻞ وﺟﻌﻞ ﻳﻨﻈﺮ إﱃ ﻃﻮﻳﻼً و ﻛﻼﻧﺎ ﻗﺪ‬
‫ﻟﺰم اﻟﺼﻤﺖ و ﻗﻠﺖ ﻟﻪ إﻧﻨﻲ ﻏ ﻣﻘﺘﻨﻊ ﺑﻬﺬا اﻟﺘﻌﻠﻴﻞ اﳌﺠﺎﰲ ﻟﻠﻤﻨﻄﻖ اﻟﺴﻠﻴﻢ‬
‫ﻓﻘﺎل ﱄ ﻻ ﻓﺎﺋﺪة إﻧﻬﺎ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻳﺎ أﺧﻲ و ﻟﻔﻨﺎ ﺻﻤﺖ رﻫﻴﺐ وﺑﺪت ﱄ أ ﻗﻮاﻟﻪ‬
‫ﺑﺎﻷﻣﺲ و ﺗﺨﻴﻠﺖ ﻣﺎ ﺣﺪث‪ .‬رﺣﻢ ﷲ ﺟﻌﻔﺮ وﻏﻔﺮ ﻟﻪ وﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎء اﳌﺄﺗﻢ‬
‫ﺟﻠﺴﺖ إﱃ اﻟﺮﻳﺎﺣﻲ اﺳﻤﻊ إﻟﻴﻪ وﻫﻮ ﻳﻘﻮل ﻟﻘﺪ ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺑﴫاﺣﺔ ﻣﻦ ﻏ ﻟﻒ‬
‫أو دوران أﻧﻬﻢ ﻛﻠﻔﻮه ﺑﻌﻤﻞ ﻓﻘﺎم ﺑﺮﻓﻀﻪ وإﻋﱰض ﻋﻠﻴﻪ وﰲ ﻣﺬﻫﺒﻬﻢ ﻫﺬا ﻛﻞ‬
‫ﻣﻦ ﻳﻌﺎرض أو ﻳﺮﻓﺾ أﻣﺮاً ﻳﻜﻠﻒ ﺑﻪ ﻓﻤﺼ ه اﳌﻮت و ﻗﺪ ﻗﺎل ﱄ ﺟﻌﻔﺮ أن‬
‫ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻗﺘﻠﺔ ﻣﺤﱰﻓﻮن وأن ﺟﺮا ﻬﻢ ﻳﺴﺪل ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺴﺘﺎر ﻷن ﻟﺪﻳﻬﻢ رﺟﺎل ﰲ ﻛﻞ‬
‫ﻣﺮاﻓﻖ اﻟﺪوﻟﺔ و ﻗﻠﺖ ﻟﻪ و ﻟﻜﻦ ﻳﴫح ﻟﻚ ﺑﺎﳌﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ ﻗﺘﻠﻮه ﻗﺎل‬
‫ﻟﻘﺪ ﺳﺄﻟﺘﻪ ﻓﻌﻼً و ﻟﻜﻨﻪ رﻓﺾ اﻹﺟﺎﺑﺔ وﻗﺪ ﻣﺎت و ﻫﻮ ﻳﺤﻤﻞ ﴎه ﰲ ﻗﻠﺒﻪ‪ ،‬ﻗﻠﺖ‬
‫ﻟﻪ و ﻣﺎذا أﻧﺖ ﻓﺎﻋﻞ اﻵن؟ ﻓﻘﺎل ﻻ ﳾء ﻻ ﳾء ﻻ ﳾء‪ ،‬ﻓﺨﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﻣﻨﺰﻟﻬﻢ‬
‫و أﻧﺎ أﻛ ﺣﺰﻧﺎ ً واﺷﺪ أﳌﺎ ً وﺑﻌﺪ ﻣﺪة اﻟﺘﻘﻴﺖ ﺑﺎﻷخ اﻟﺮﻳﺎﺣﻲ وﺑﻌﺪ اﻟﺘﺤﻴﺔ ﺳﺄﻟﺘﻪ‬
‫ﻋﻦ أﺑﻨﺎء اﳌﺮﺣﻮم ﺟﻌﻔﺮ و ﺣﺎﻟﺘﻬﻢ وﺑﻌﺪ ﺣﺪﻳﺚ ﻗﺼ ﻗﺎل ﱄ ﻟﻘﺪ ﺟﺎء اﻷﺳﺘﺎذ‬
‫رﺣﻤﺔ ﷲ ﻣﺤﻤﺪ ﻧﻮر إﱃ ﺟﻌﻔﺮ ﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﻴﻮم اﻟﺬي ذﻫﺐ إﻟﻴﻚ ﻓﻴﻪ و اﺧﺘﲆ‬
‫ﺑﻪ وﻗﺘﺎ ً و ﺧﺮج ورأﻳﺖ ﺟﻌﻔﺮ ﺛﺎﺋﺮا ً ﻳﻘﻄﺮ وﺟﻬﻪ ﺑﺎﻟﻐﻀﺐ‪ ،‬و ﻟﺬﻟﻚ ذﻫﺒﺖ إﻟﻴﻪ‬
‫وﺳﺄﻟﺘﻪ ﻣﺎ رأﻳﻚ ﰲ ﻣﻮت ﺟﻌﻔﺮ ﻓﻘﺎل ﱄ ﺑﻬﺪوﺋﻪ اﳌﻌﺘﺎد ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺣﺎدﺛﺎ ً ﻣﺆﺳﻔﺎ ً‬
‫و ﻓﺎﺟﺄﺗﻪ ‪ :‬وﳌﺎذا ﻗﺘﻠﺘﻤﻮه؟ و اﻟﺘﻔﺖإﱄ ﱠ و ﻛﺄﻧﻪ ﻣﺘﻌﺠﺐ وﻗﺎل ﻫﻞ أﻧﺖ ﻣﺠﻨﻮن؟‬
‫ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ أﻧﺎ ﰲ أﺣﺴﻦ ﺣﺎﻻت اﻟﻌﻘﻼء وﻟﻜﻨﻜﻢ ﻗﺘﻠﺘﻤﻮه و ﺿﺤﻚ وﻗﺎل ﱄ أﻧﺖ‬
‫ﻻ ﺗﻌﻨﻲ ﻣﺎ ﺗﻘﻮل ورﻓﻀﺖ أن أرد ﻋﻠﻴﻪ وﺧﺮ ﺟﺖ و أﻧﺎ ﰲ ذﻫﻮل‪ .‬وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ‬
‫آﺧﺮ ﻣﺮة اﻟﺘﻘﻴﺖ ﺑﻬﺎ ﺑﺎﻷخ اﻟﺮﻳﺎﺣﻲ‪.‬‬

‫‪٢٧‬‬
 ‫اﻟﺘﺄﻛـــﻴﺪ اﳌـــــﺮﻋﺐ‪:‬‬
‫زرت اﻷخ ﺣﺴﻦ ﻋﻮض ﷲ رﺣﻤﻪ ﷲ و دار اﻟﺤﺪﻳﺚ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم ﻋﻦ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﳌﺨﺮﺑﺔو ﻛﺎن ﺣﺴﻦ ﻳﺘﺤﺪث إﱃ ﻣﻨﻔﻌﻼً ﻋﲆ ﻏ ﻋﺎدﺗﻪ وﻣ‬
‫ﺟﺎء ﰲ ﺣﺪﻳﺜﻪ إن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻣﺴﺌﻮ ﻟﺔ ﻋﻦ ﻣﻮت ﻣﺒﺎرك زروق و ﻣﻮت ﺧﴬ ﺣﻤﺪ‬
‫ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﻣﺒﺎﴍة وأﻧﺎ ﻻ اﺷﻚ ﰲ ذﻟﻚ إﻃﻼﻗﺎً و ﻟﻘﺪ أﺧﺬت ﺑﺎﻷﻣﺮ ﻷن اﳌﻮﺿﻮع‬
‫ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺨﻄﻮ رة وإذا ﺟﺎء ﻣﻦ ﺣﺴﻦ وﻫﻮ رﺟﻞ ﻻ ﻳﻠﻘﻲ اﻟﻜﻼم ﻋﲆ ﻋﻮاﻫﻨﻪ‬
‫و ﻻ ﻳﺨﻮض ﰲ ﳾء إﻻ إذا ﺗﺄﻛﺪ ﻣﻨﻪ ﻓﺈن ﻟﻪ ﻣﻜﺎﻧﺎ ً ﺧﺎﺻﺎ ً ﰲ اﻟﺠﺪﻳﺔ اﻟﺨﺎﻟﺼﺔ‬
‫و اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﳌﺠﺮدة و ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻫﺬا ﺗﺄﻛﻴﺪا ً ﻗﻮﻳﺎً ﻟﻠﺸﻜﻮك اﻟﺘﻲ ﺧﺎﻟﺠﺖ ﻧﻔﴘ‬
‫ﻮت اﻷ خ ﺟﻌﻔﺮ‪.‬‬
‫وﰲ ﺟﻠﺴﺔ ﻋﺎﺑﺮة ﺟﻤﻌﺘﻨﻲ ﺑﺎﻷخ اﻟﺼﺎدق ﻋﺒﺪ ﷲ ﻋﺒﺪ اﳌﺎﺟﺪ ﰲ ﻣﻨﺰل‬
‫أﺣﺪ اﻷﺑﻨﺎء ذﻛﺮت ﻟﻪ ﻣﻼﺑﺴﺎت ﻣﻮت اﻷخ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﺴﻮري وﻣﺎ ﺳﻤﻌﺘﻪ ﻣﻦ اﻷخ‬
‫ﺣﺴﻦ ﻋﻮض ﷲ وﻋﻦ ﻣﻮت ﻣﺒﺎرك زروق و ﺧﴬ ﺣﻤﺪ و أن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺟﻤﻌﻴﺔ‬
‫ﴎﻳﺔ ﻋﺎﳌﻴﺔ ﻣﻦ أﺧﻄﺮ اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت ﺑﻞ ﻫﻲ اﻷ ﺧﻄﺮ ﻻ ﺗﺪاﻧﻴﻬﺎ ﰲ ذﻟﻚ أي ﺟ ﻋﺔ‬
‫ﺧﻄﺮة و ﻻ ﺣﺘﻰ اﳌﺎﻓﻴﺎ ور ﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪم اﳌﺎﻓﻴﺎ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷ ﺣﻴﺎن ﻓﻘﺎل ﱄ اﻷخ‬
‫ﺻﺎدق إﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﺮف اﻟﻜﺜ ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮ ﻧﻴﺔ و ﻗﺪ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ اﳌﺮﺣﻮم ﺣﺴﻦ ﻋﻮض‬
‫ﷲ أن ﻳﻜﺘﺐ ﻋﻨﻬﺎ وﻫﻮ ﻳﺰوده ﺎ ﻳﻌﺮف ﻋﻨﻬﺎ وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻜﺘﺐ ﺷﻴﺌﺎً ﻋﻦ ذﻟﻚ‪.‬‬
‫وﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﻟﺴــﻴﺎﺣﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻋﱪ ﻋﺸــﺮات اﻟﺴــﻨ اﻟﺘﻲ ﺟــﻌﻠﺘﻬﺎ‬
‫ﺗﻮﻃــﺌﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﺗﺴـــﺎﻋﺪ ﻋﲆ ﻓﻬﻢ ﻣ رﺳــﺎت‬
‫ﻫﺬه اﻟﺠ ﻋـــﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺨﻄﺮة و ﺗﺒ ﺷـــﻴﺌﺎً ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺻــﺪﻫﺎ ﻓﻴﺒﺘﻌـــﺪ ﻋﻨﻬﺎ‬
‫ﻣﻦ أراد اﻹﺑﺘﻌــﺎد و ﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﳌﺎذا ﻳﺪﻋﻬﺎ‪ ،‬وﻳﺪﺧﻠﻬﺎ ﻣﻦ أراد أن ﻳﺴـــﻠﻚ‬
‫ﻃــﺮﻳﻘﻬﺎ و ﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﺣــﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﻓﺎﻟـﻨﺎس ﻫـﻜﺬا إﻣـﺎ أﺧﻴـﺎر ﻳﺮﻛﻀﻮن ور اء اﻟﺨ‬

‫‪٢٨‬‬
‫وإﻣﺎ أﴍار ﻳﺮﻛﻀﻮن وراء اﻟﴩ ﺛﻢ إن ﺑﻌﺾ اﻷ ﺣﺪاث اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﰲ‬
‫اﻟﺒﻼد ﻗﺪ ﻳﻌﴪ ﺗﻔﺴ ﻫﺎ وﻣﺴﺒﺒﺎﺗﻬﺎ ﻓﺈذا ﻓﻬﻤﺖ ﺳ ت اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺳﻬﻞ‬
‫ﺗﻔﺴ ﻫﺎ وﻋﺮف ﺳﺒﺒﻬﺎ و ﻫﺬا ﻣﺎ أردﻧﺎ وﻗﺪ ﻗﺮأت ﻛﺜ ا ً ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺘﺎب )اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﰲ اﳌﻴﺰان( ﻣﻦ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺳﻌﻮد ﺑﻦ ﻋﲆ اﻟﺼﻘﺮي‬
‫و ﻛﺘﺎب )اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎ اﳌﺠﻬﻮل( دراﺳﺔ ﰲ اﻷﴎار اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﺗﺄﻟﻴﻒ‬
‫ﺻﺎﺑﺮ ﻃﻌﻴﻤﺔ و ﻛﺘﺎب )اﻟﻴﻬﻮدي اﻟﻌﺎﳌﻲ اﳌﺸﻜﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﻌﺎ ( ﺗﺄﻟﻴﻒ‬
‫اﳌﻠﻴﻮﻧ اﻟﻌﺎﳌﻲ ﻫ ي ﻓﻮرد ﺗﻌﺮﻳﺐ ﺧ ﺣ د وﻓﻴﻪ ﺑﺮو ﺗﻮ ﻛﻮﻻت ﺣﻜ ء ﺑﻨﻲ‬
‫ﺻﻬﻴﻮن وﻛﺘﺎب )اﻟﻨﺒﻮة واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ( )اﻹﻧﺠﻴﻠﻴﻮن اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﻮن ﰲ اﻟﻄﺮﻳﻖ إﱃ‬
‫اﻟﺤﺮب اﻟﻨﻮوﻳﺔ( ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻏﺮﻳﺲ ﻫﺎﻟﺴﻞ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺴ ك و ﻛﺘﺎب )ﺣﻜﻮﻣﺔ‬
‫اﻟﻌﺎ اﻟﺨﻔﻴﺔ( ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺷ ﻳﺐ ﺳﺒ ﻳﺪوﻓﻴﺘﺶ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻣﺎﻣﻮن ﺳﻌﻴﺪ ﺗﺤﺮﻳﺮ‬
‫وﺗﻘﺪﻳﻢ أﺣﻤﺪ راﺗﺐ ﺣﺮﻣﻮش‪ .‬وﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻜﺘﺐ إﻋﺘﻤﺪت ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب‬
‫ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﻏ ﻣﺨﻞ إن ﺷﺎء ﷲ و ﻛﻨﺖ أود أن ﻟﻮ ﻋﺎش ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺳﻌﺪ ﺳﻠﻴ ن‬
‫ﺗﺎدروس ﺣﺘﻰ ﻳﻄﻠﻊ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻘﺪ ﺳﺄﻟﺘﻪ ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ وراح ﻳﺜﻨﻲ‬
‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺛﻨﺎء ﻋﺎﻃﺮا ً ﰲ ﺣﺪﻳﺚ ﻃﻮﻳﻞ ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ ردا ً ﻋﲆ ﺳﺆاﻟﻪ ﳌﺎذا ﺗﺴﺄل؟ إ ﻧﻨﻲ‬
‫أرﻳﺪ أن اﻛﺘﺐ ﻋﻨﻬﺎ ﻛﺘﺎﺑﺎ ً ﻓﻀﺤﻚ ﺳﺎﺧﺮا ً وﻗﺎل ﱄ وﻣﺎذا ﺗﻌﺮف ﻋﻨﻬﺎ ﻳﺎ ﻣﺴﻜ ؟‬
‫ﻓﻘﻠﺖ ﺳﱰى ﻣﺎ أﻋﺮ ف ﻋﻨﻬﺎ وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻦ ﻳﺮاه و اﺳﺘﻔﺪ ﻣﻨﻪ ﺑﴚء ﺳﻮى إﻧﻪ ذﻛﺮ‬
‫ﱄ أﻧﻪ ﺑﻌﺪ اﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ﺗﻮﱄ رﺋﺎﺳﺘﻬﺎ اﻟﺴﻴﺪ ﻳﺤﻲ ﻋﻤﺮان وأ ﻧﺎ أﺗﺴﺎءل ﻣﻦ ﻫﻮ‬
‫رﺋﻴﺴﻬﺎ اﻟﻴﻮم؟ * و ﻗﺪ آن أن أﻣﺴﻚ ﺑﺎﻟﻘﻠﻢ و أدﺧﻞ ﰲ ﺻﻤﻴﻢ اﳌﻮﺿﻮع ﺑﻌﺪ ﻫﺬا‬
‫اﻟﻌﺮض ﻷﺣﺪاث ﻣﺜ ة ﺟﺪاً ﰲ ﻧﻈﺮي‪.‬‬
‫و ﷲ اﳌﺴﺘﻌﺎن‬
‫* ﻫﻮ اﳌﻤﺜﻞ ﻋﲇ ﻣﻬﺪي ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺣﺴﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ اﻟﱰا‬
‫‪٢٩‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜـــﺎ‬
‫اﳌﺎﺳــــــــﻮﻧﻴﺔ‬

‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﴎﻳﺔ ﻗﺪ ﺔ أﺳﺴﻬﺎ اﻟﻴﻬﻮد أوﻻً ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻘﻮة اﻟﺨﻔﻴﺔ‬

‫ﳌﺤﺎرﺑﺔ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ واﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻣﻨﻊ اﻟﻴﻬﻮد ﻣﻦ ﺗﺮك اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ وإﻋﺘﻨﺎق‬
‫اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﺣﺘﻰ و ﻟﻮ أدي ذﻟﻚ إﱃ اﻹ ﻋﺪام‪ .‬و ﻛﺎن ذﻟﻚ ﰲ ﻋﺎم ‪٤٣‬م ﻋﲆ اﻷ ﺻﺢ*‪،‬‬
‫إذ إﺟﺘﻤﻊ اﳌﻴﻜﻮﻫ س اﻟﺜﺎ ﻣﻊ ﻣﺴﺘﺸﺎرﻳﻪ اﺣﺮام أﺑﻴﻮد وﻣﺮاب ﻻﰲ و ﺳﺘﺔ ﻣﻦ‬
‫اﻷﻧﺼﺎر اﳌﺨﺘﺎرﻳﻦ ﺛﻢ ﺗﻢ اﻹ ﺟﺘ ع اﻟﺜﺎ وإﺗﺨﺬوا ﻓﻴﻪ اﻟﻘﺮارات و ﻣﻨﻬﺎ اﻟﴪﻳﺔ‬
‫و اﻟﻜﺘ ن و ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ اﻻﻧﻀ م إﱃ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺗﺮﺑﻂ ﻋﻴﻨﺎه ﻓﻼ ﻳﺮي اﻵﺧﺮﻳﻦ‬
‫وﺑﻌﺪ أداء اﻟﻘﺴﻢ ﻳﺨﺮج ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻌﺮف ﻋﲆ اﻟﺮؤﺳﺎء و ﺟﻌﻠﻮا رﻣﻮز ﺟﻤﻌﻴﺘﻬﻢ‬
‫ﺑﻌﺾ اﻷدوات اﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ اﻟﻔﺮﺟﺎر واﻟﺰاوﻳﺔ ﻣﺜﻼً و اﺳﺘﻤﺮت ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺣﺘﻰ‬
‫ﻋﺎم ‪١٧١٧‬م ﺣﻴﺚ اﺗﺨﺬت ﺷﻜﻼ ﺟﺪﻳﺪا آﺧﺮ ﻓﺄول ﻣﺎ أﺳﺴﺖ ﻛﺎﻧﺖ ﳌﺤﺎرﺑﺔ‬
‫اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ وﳌﺎ ﻇﻬﺮ اﻹ ﺳﻼم أﺻﺒﺤﺖ ﻣﺤﺎرﺑﺘﻬﺎ اﻻﺛﻨ ﻣﻌﺎ وﰲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎ‬
‫ﺟﺪدت وﻏ ت إﺳﻤﻬﺎ إﱃ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ وﻏ وا ﻛﻠﻤﺔ ﻫﻴﻜﻞ ﺳﻠﻴ ن إﱃ اﳌﺤﻔﻞ‬
‫ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺤﺎﻓﻠﻬﺎ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﴩت ﰲ ﻛﻞ اﻟﻌﺎ ‪.‬‬
‫و اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ إﺳــﻢ ﻣﺮﻛﺐ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺘ ﻓﺮﻧﺴــﻴﺘ وﻫ )اﻓــﺮان(‬
‫و ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﺼﺎدق و)ﻣﺎﺳــﻮن( و ﻣﻌــﻨﺎﻫﺎ اﻟﺒﺎ و اﳌﻌﻨﻲ اﻟﺒﻨـــﺎؤ ن اﻟﺼﺎدﻗﻮن‬
‫وﺑﺎﻻﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ )ﻓﺮ ﺎﺳﻦ( أي اﻟﺒﻨﺎء اﻟﺤ ُﺮ أو اﻟﺒﻨﺎؤن اﻷﺣــﺮار‪ .‬وﻗﻴﻞ إن‬
‫ﻟﻠ ﺳﻮﻧﻴﺔ ﺟــﻤﻬﻮر ﻛﺒ ﻣﻦ اﻟﻨــﺎس ﰲ ﻣـﺨﺘﻠﻒ ﻗــﺎرات اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻳﻌﺘﻨﻖ‬
‫ﻣﺬاﻫﺐ ﻣﺨــﺘﻠﻔﺔ ﻟﻜـﻨﻪ ﻳﻌﻤﻞ ﻟﻐــﺎﻳﺔ واﺣﺪة ﻫﻲ إﻋــﺎدة ﻫﻴــﻜﻞ ﺳــﻠﻴ ن‬
‫* ﰲ إﻋﺘﻘﺎدي أﻧﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﺸﻞ اﻟﺤﺮوب اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ إذ ﻛﻴﻒ ﺗﺆرخ ﺑﺎﳌﻴﻼ دى؟ ﻋﻠ ً ﺑﺄن ﻟﻠﻴﻬﻮد ﺗﻘﻮﻳﻢ ﺧﺎص‪.‬‬
‫‪٣٠‬‬
‫ﰲ اﻟﻘﺪس وﻫﻮ رﻣﺰ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ أو اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ وﻫﻮ اﻻﺳﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻠﴩﻳﻌﺔ‬
‫اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﻘﻮل ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﺔ أﺳﺴﻬﺎ ﷲ ﰲ ﺟﻨﺔ ﻋﺪن أو أن اﻟﺠﻨﺔ ﻛﺎﻧﺖ أول‬
‫ﻣﺤﻔﻞ ﻣﺎﺳﻮ و أن اﳌﻼك ﻣﺨﺎﺋﻴﻞ ﻛﺎن أول أﺳﺘﺎذ أﻋﻈﻢ ﻟﻬﺎ أو اﻟﻘﻮل ﺑﺎن ﻣﻮﳻ‬
‫ﻫﻮ ﻣﺆﺳﺴﻬﺎ اﻷول وأﻧﻬﺎ أﺳﺴﺖ ﰲ ﻫﻴﻜﻞ ﺳﻠﻴ ن او اﻟﻘﻮل ﺑﺄن أﺳﺎﺳﻬﺎ اﻟﻜﻬﺎﻧﺔ‬
‫اﳌﴫﻳﺔ أو اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ أو أﻧﻬﺎ أﺳﺴﺖ ﰲ اﻟﺤﺮوب اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ ﻋﺎم ‪١٦١٦‬م ﰲ ﺟﻤﻌﻴﺔ‬
‫اﻟﺼﻠﻴﺐ اﻟﻮردي أو ﰲ أﻳﺎم اﻟﻴﻮﻧﺎن ﻗﺒﻞ اﳌﻴﻼد ﻛﻞ ﻫﺬه اﻷﻗﻮال ﻓﺠﺔ رﺧﻮة ﻻ‬
‫ﻣﻨﺬ ﴍ ُ دوا ﰲ اﻟﻌﺎ ﻣﻦ‬‫ﺗﻘﻮم ﻋﲆ أﺳﺎس‪ ،‬ﻏ أن اﻟﻴﻬﻮد أﺳﺴﻮا ﺟﻤﻌﻴﺔ ﴎﻳﺔ أن‬
‫أﺟﻞ اﳌﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ و ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻷدﻳﺎن وﻫﻲ اﻟﻘﻮة اﻟﺨﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﻓﻴ‬
‫ﺑﻌﺪ إﱃ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ اﻟﻌﺎ ‪.‬‬
‫إن اﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻘﻮة اﻟﺨﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺒﻌﺜﺖ ﻣﻨﻬﺎ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻓﻴ ﺑﻌﺪ‬
‫و ﻣﺎ ﺗﻔﺮع ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ أﻳﻀﺎً ﻻ ﻳﻬﻢ ﻛﺜ ا ً‪ ،‬ﻓﺎﳌﻬﻢ ﺟﺪاً ﻣﻌﺮﻓﺔ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و ﻣﺎ‬
‫ﺗﻔﺮع ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﺤﻮط ﻣﻨﻬﺎ و ﻣﻦ ﻓﺮوﻋﻬﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ‬
‫وﻣﻘﺎﺻﺪﻫﺎ وﻣﺎ ﺗﺮﻣﻲ إﻟﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻠﻘﻢ اﻟﺪاﻋﻮن إﻟﻴﻬﺎ ﺣﺠﺮا ً ﻳﺤﻄﻢ أﺳﻨﺎﻧﻬﻢ‬
‫وﻳﻌﻤﻲ أﺑﺼﺎرﻫﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺑﻴﺎن آﺛﺎرﻫﺎ اﻟﻀﺎرة و ﺟﺮا ﻬﺎ اﻟﺒﺸﻌﺔ اﳌﺪﻣﺮة اﻟﺘﻲ‬
‫ﻃﻮﻗﺖ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ و اﻻﺟﺘ ع واﻷﺧﻼق ﺣﺘﻰ ﺻﺎرت اﻟﺤﻴﺎة ﻧﺘﻨﺔ ﻣﺘﻌﻔﻨﺔ‬
‫ﻗﺬرة وأﺳﻮأ ﻣﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﺤﻴﻮان اﻷﺳــﻔﻞ‪ ،‬و ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻴﺎة اﻟﺤﻴﻮان ﺣﻘﻴﻘﺔ إﻻ‬
‫ﻫﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ و ﻻ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺳـﻮاﻫﺎ أﻣﺎ ﺣﻴﺎة اﻹﻧﺴﺎن و ﻫﻮ اﳌﻜﺮم ﻋﲆ‬
‫اﳌﺨﻠﻮﻗﺎت ﻓﻼ ﻳﻨﺎﺳﺒﻪ ﺳــﻮى اﻟﻄﻬﺮ و اﻟﻌﻔﺎف و اﻟﺴﻤﻮ ﻋﻦ اﻟﺪﻧﺎﻳﺎ و اﻟﻘﺬارة‬
‫و ﻗﺪ اﻧﺘﺴــﺐ إﱃ ﻫﺬه اﻟﺒـــﺆرة ﻛﺜ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺪﻳﺎﻧﺘ اﳌﺴــﻴﺤﻴﺔ‬
‫و اﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ ﺟــﻬﻼً أو ﻏﻔــﻠﺔ أو ﻃﻤﻌﺎ ً ﰲ اﳌﻜﺎﺳـﺐ اﳌــﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻴﺄﺗﻬﺎ ﻟﻬﻢ‬
‫ﻫﺬه اﻟﺠـﻤﻌﻴﺔ اﻟﺠـﻬﻨﻤﻴﺔ اﻟــﺨﻄﺮة ﻓﺄﺻــﺒﺤﻮا ﻳﺴـﺎﻋﺪون ﻋﲆ ﺗـﺪﻣـ‬

‫‪٣١‬‬
‫دﻳﺎﻧﺘﻬﻢ و ﺗﻘﻮﻳﺾ أرﻛﺎن اﻷ ﺧﻼق اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﻛﻞ أﻣﻢ اﻷرض وﻳﻨﴩون اﻟﻔﺴﺎد‬
‫و اﻹرﻫﺎب و ﺎرﺳﻮن اﻟﻘﺘﻞ و اﻻﺳﱰﻗﺎق ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺴﻮد اﻟﻴﻬﻮد اﻟﻔﺠﺮة اﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﺳﻴﻄﺮت ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻋﻘﻴﺪة ﻓﺎﺳﺪة ﺑﺎﻃﻠﺔ ﻫﻲ أﻧﻬﻢ أﺑﻨﺎء ﷲ وﺷﻌﺒﻪ اﳌﺨﺘﺎر وإن‬
‫ﻛﻞ ﺷﻌﻮب اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻬﻢ ﺗﺨﺪﻣﻬﻢ و ﺗﱪك ﻋﲆ اﻷرض ﺧﺎﺿﻌﺔ ً‬
‫ﻟﻬﻢ ذﻟﻴﻠﺔ و ﻫﺬا ﺣﻘﻬﻢ اﳌﻘﺪس و ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻌﺎرض ذﻟﻚ ﻳﺠﺐ أن ﻮت‪ ،‬وﻣﻦ‬
‫أﺟﻞ ﺗﻮﻋﻴﺔ اﳌﺨﺪوﻋ واﳌﻐﻔﻠ واﻷﺻﻮﻟﻴ ﻧﻀﻊ ﻫﺬه اﳌﺒﺎدئ اﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﻗﺎﻣﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ وﺑﺎﴍت ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ ﰲ واﻗﻊ اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻬﺪﻣﺖ ﺑﻬﺎ ﻋﺮوﺷﺎ ً‬
‫وأﺑﺎدت ﺑﻬﺎ ﺷﻌﻮﺑﺎ ً و دﻣﺮت ﺑﻬﺎ ﻣﺪﻧﻴﺎت وﻗﻀﺖ ﺑﻬﺎ ﻋﲆ ﺣﻀﺎرات و ﻗﻠﺒﺖ ﺑﻬﺎ‬
‫ﻣﻮازﻳﻦ اﻟﺤﻴﺎة اﳌﻌﺎﺷﺔ ﺣﺘﻰ ﺻﺎرت اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺘﻲ ﻧﻌﻴﺸﻬﺎ ﺟﺤﻴ ً ﻻ ﻳﻄﺎق وﻫﺎ‬
‫ﻫﻲ اﳌﺒﺎدئ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‪:‬‬
‫‪ /١‬ﻻ إﻋﱰاف وﻻ ﻣﻬﺎدﻧﺔ ﻟﻸ دﻳﺎن )و اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻫﻲ أﻋﺪى أﻋﺪاء اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ‬
‫واﻹﺳﻼم(‪.‬‬
‫‪ /٢‬ﻻ إﻋﱰاف ﺑﺎﻟﺮواﺑﻂ اﻷﴎﻳﺔ اﳌﻘﺪﺳﺔ )ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ﺣﻄﻤﻮا اﻟﺮواﺑﻂ‬
‫و ﻧﴩوا اﻹﺑﺎﺣﻴﺔ(‪.‬‬
‫‪ /٣‬ﻻ إﻋﱰاف ﺑﺎﻷ ﺧﻼق )ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ﺻﺎر اﳌﺠﺘﻤﻊ ﻛﻠﻪ ﻣﺜﻞ اﻟﻐﺎب و ﻧﴩ‬
‫اﻟﺘﻔﺴﺦ(‪.‬‬
‫‪ /٤‬ﻻ إﻋﱰاف ﺒﺪأ اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ اﻟﺴﻠﻤﻲ‪ ،‬ﻣﻦ اﺟﻞ ذﻟﻚ ﻫﻢ دﻋﺎة اﻟﺤﺮب )ﻛﻠ‬
‫أوﻗﺪوا ﻧﺎرا ً ﻟﻠﺤﺮب أﻃﻔﺄﻫﺎ ﷲ(‪.‬‬
‫‪ /٥‬ﻻ إﻋﱰاف ﺒﺪأ ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن )ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ﻣﺮﻏﻮا ﻛﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ‬
‫اﻟﱰاب(‪.‬‬

‫‪٣٢‬‬
‫‪ /٦‬ﻻ إﻋﱰاف ﺒﺪأ اﻟﺘﺴﺎوي ﺑ اﻷﺟﻨﺎس )ﻷﻧﻬﻢ ﻛ ﻳﺰﻋﻤﻮن ﺷﻌﺐ ﷲ‬
‫اﳌﺨﺘﺎر(‪.‬‬
‫ﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﻼءات اﻟﺴﺖ اﳌﺸﻬﻮرة اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺨﻄ‬
‫اﳌﺪﻣﺮ ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻗﺎﻃﺒﺔ ﻓﻬﻞ ﺑﻌﺪ ﻛﺸﻒ ﻫﺬه اﳌﺒﺎدئ اﻟﻬﺪاﻣﺔ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﻋﺎﻗﻞ إﱃ‬
‫ﻫﺬا اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺨﻄ ؟؟ !! وﻫﺬه ﺳﺖ ﺑﻨﻮد أﺧﺮي ﺟﺎءت ﰲ اﻟﻨﴩة اﻟﺘﻲ أذاﻋﻬﺎ‬
‫ﻣﺤﻔﻞ اﻟﴩق اﻷﻋﻈﻢ اﻟﻔﺮﻧﴘ وﻫﻮ ﻣﻦ اﳌﺤﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎ‬
‫وﻗﺪ ﻛﺎن ﰲ وﻗﺖ ﻣﴣ ﻫﻮ اﳌﺤﻔﻞ اﻷول اﻟﺮﺋﻴﴘ اﻟﺬي ﻳﻘﻮد ﻛﻞ اﳌﺤﺎﻓﻞ ﰲ‬
‫اﻟﺪﻧﻴﺎ و ﻗﺪ آﻟﺖ إﻟﻴﻪ ﻫﺬه اﳌﻜﺎﻧﺔ ﺑﻌﺪ اﳌﺤﻔﻞ اﻻﻧﺠﻠﻴﺰي اﻷﻋﻈﻢ أﻣﺎ اﻟﻴﻮم ﻓﻘﺪ‬
‫اﻧﺘﻘﻠﺖ اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎ إﱃ أﻣﺮﻳﻜﺎ وﻫﺬا ﻧﺺ‬
‫اﻟﻨﴩة اﻟﺘﻲ أذاﻋﻬﺎ اﳌﺤﻔﻞ اﻟﺮﺋﻴﴘ اﻷﻋﻈﻢ‪:‬ـ‬
‫‪ .١‬ﻧﺤﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴ ﻻ ﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﺤﺮب ﺑﻴﻨﻨﺎ وﺑ اﻷدﻳﺎن اﻷﺧﺮى‬
‫ﻷﻧﻪ ﻻ ﻣﻨﺎص ﻣﻦ ﻇﻔﺮﻧﺎ أو ﻇﻔﺮﻫﺎ و ﻟﻦ ﻧﺮﺗﺎح أﺑﺪا ً إﻻ ﺑﻌﺪ أن ﺗﻐﻠﻖ أﺑﻮاب‬
‫اﳌﻌﺎﺑﺪ )و ﻣ رﺳﺘﻬﻢ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺗﺤ ﺻﺪق ذﻟﻚ(‪.‬‬
‫‪ .٢‬إذا ﺳﻤﺤﻨﺎ ﳌﺴﻠﻢ أو ﻣﺴﻴﺤﻲ ﺑﺪﺧﻮل ﻣﺤﺎﻓﻠﻨﺎ ﻓﺎﻧﻪ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻨﴘ ﺟﻤﻴﻊ‬
‫أﺿﺎﻟﻴﻠﻪ و ﺧﺮاﻓﺎﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﺧﺪع ﺑﻬﺎ ﰲ ﺷﺒﺎﺑﻪ )ﻓﺎﳌﺎﺳﻮ إذن ﻻ دﻳﻨﻲ ﻣﻠﺤﺪ(‪.‬‬
‫‪ .٣‬ﻋﲆ اﳌﺎﺳﻮن أن ﻳﺘﺤﺮروا ﻣﻦ ﻛﻞ إﻋﺘﻘﺎد ﺑﻮﺟﻮد إﻟﻪ ﻷﻧﻪ ﻳﺒﻖ أﺣﺪ ﻳﺆﻣﻦ‬
‫ﺑﻮﺟﻮد ﷲ إﻻ اﻟﺒﻠﻬﺎء واﻟﺤﻤﻘﻰ ) إذ أن اﳌﺎﺳﻮ ﻻ ﻳﺼ ﻣﺎﺳﻮﻧﻴﺎً إﻻ إذا‬
‫ﻛﻔﺮ ﺑﻮﺟﻮد ﷲ(‪.‬‬
‫‪ .٤‬إﻧﻪ ﻻ ﻳﻜﻔﻲ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ اﳌﻌـﺎﺑﺪ واﻷ دﻳﺎن ﺑﻞ اﻟﻘﺼـﺪ اﻷﺳـﺎﳼ ﻫﻮ ﻣﺤــﻮ‬

‫‪٣٣‬‬
‫اﻷدﻳﺎن وأﻣﺎ ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﻤﻠﻨﺎ ﻓﻬﻮ ﻓﺼــﻞ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻦ اﻟﺪوﻟﺔ‪) ،‬وﻫﺬا اﳌﺒﺪأ اﻟﺬي‬
‫ﻳﻨﺎدي ﺑﻪ اﳌﻐﻔﻠﻮن(‪.‬‬
‫‪ /٥‬ﻳﺠﺐ أﻻ ﺗﻘﺘﴫ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻋﲆ ﺷﻌﺐ دون آﺧﺮ و ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‬
‫ﻳﺠﺐ ﺳﺤﻖ ﻋﺪوﻧﺎ اﻷزﱄ و ﻫﻮ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻊ إزاﻟﺔ رﺟﺎﻟﻪ‪) .‬ﻣ رﺳﺔ ﻫﺬا اﻟﺒﻨﺪ‬
‫واﺿﺤﺔ إﻻ ﻋﲆ أﻋﻤﻰ اﻟﺒﺼ ة(‪.‬‬
‫‪ /٦‬إن رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﺴﻴﻄﺮوا ﻋﲆ اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻻ‬
‫ﻧﺄﻟﻮا ﺟﻬﺪاً ﰲ اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻔﻜﺮة ﺣﺮﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﺪة و أﻻ ﻧﱰدد ﰲ ﺷﻦ اﻟﺤﺮب ﻋﲆ‬
‫ﻛﺎﻓﺔ اﻷدﻳﺎن ﻷﻧﻬﺎ اﻟﻌﺪو اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻜﻞ اﻟﺒﴩﻳﺔ وﻷ ﻧﻬﺎ اﻟﺴﺒﺐ ﰲ اﻟﺘﻄﺎﺣﻦ ﺑ‬
‫اﻷ ﻓﺮاد و اﻷﻣﻢ )ﺣﺮﻳﺔ اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﻴﻮم ﻫﻲ ﻣﻀﻐﺔ اﻷ ﻓﻮاه ﺗﺮدد ﻣﻦ ﻏ أن ﺗﺪرك‬
‫ﻣﺮاﻣﻴﻬﺎ!!( و ﻫﺬا ﻫﻮ وﺟﻪ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻘﺒﻴﺢ اﻟﺪﻣﻴﻢ و ﻫﺬه ﻫﻲ ﻛﻞ ﻣ رﺳﺎﺗﻬﺎ‬
‫اﻟﺨﺒﻴﺜﺔ اﳌﺤﺮﻣﺔ وﻫﺬا ﻫﻮ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ اﳌﻌﻮج اﻟﺨﺮب ﻓﺎن اﺗﻀﺢ ذﻟﻚ ﻛﺎن اﳌﻨﺘﻤﻲ‬
‫إﻟﻴﻬﺎ ﺧﺎﺋﻨﺎ ً ﻗﺬرا ً ﻣﻠﺤﺪا ً ﺣﺎﻗﺪا ً ﻳﺤﻘﺪ ﻋﲆ ﻛﻞ اﻟﻌﺎ وﻳﺴﻌﻲ ﻟﺘﺪﻣ ه ﺑﻐ‬
‫ﺗﺮدد‪...‬‬
‫إن اﳌﻨﺘﻤﻲ ﻟﻠ ﺳــﻮﻧﻴﺔ ﻳﺘﺪرج ﻗﻠـﻴﻼً ﻗﻠـﻴﻼً ﰲ ﺳــﺒﻴﻞ ﻣﺴــﺨﻪ إﱃ‬
‫دﻣﻴﺔ ﺗﺤﺮك ﺑﻴﺴــﺮ ﰲ ﻛﻞ اﻹ ﺗﺠــﺎﻫﺎت ﻓﺎﳌــﺮﺣﻠﺔ اﻷ وﱄ ﻫﻲ ﻣﺮﺣــﻠﺔ‬
‫اﻟﺘﺸــﻜﻴﻚ ﻓﻴﺸــﻚ ﰲ ﻛﻞ ﺷــﻲء ورﺛﻪ و ﻛﻞ ﳾء درﺳــﻪ ﺛﻢ اﻟــﻤﺮﺣﻠﺔ‬
‫اﻟﺜــﺎﻧﻴﺔ و ﻫﻲ ﻣﺮﺣـﻠﺔ اﻹﻧﺴــﻼخ و اﻟـﺮدة و اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻛﻞ ﳾء ﻋﻠﻖ‬
‫ﺑﺬﻫـﻨﻪ و ﻛﻞ ﳾء آﻣﻦ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻗﺒـﻞ وﻳﺘﻢ ﻏﺴــﻞ ﻗﻠــﺒﻪ وﻋﻘـﻠﻪ ﻏﺴــﻼً‬
‫ﻛﺎﻣــﻼً ﻧﻈﻴﻔﺎ ً ﻣﻦ ﻛﻞ اﳌﺜــﻞ و اﻟﻌﻘــﺎﺋﺪ اﻟﺴــﺎﻣﻴﺔ واﻷ ﺧـــﻼق اﻟﻜــﺮ ﺔ‬
‫و اﻟﻔﻀــﺎﺋﻞ اﻟﻌﻈـﻴﻤﺔ ﺛﻢ اﳌﺮﺣـﻠﺔ اﻟﺜـﺎﻟﺜﺔ و ﻫﻲ ﻣﺮﺣــﻠﺔ اﻹﻟﺤــﺎد اﻟﺼــﺮﻳﺢ‬
‫وإﻧــﻜﺎر اﻟﺨــﺎﻟﻖ و ﻧﺒـــﺬ اﻟﻔﻀــﺎﺋﻞ ﻛﻠــﻬﺎ ﻋﻨﺪﺋﺬ ٍ ـﻜﻦ أن ــﻸ ﺑﺎﻟـﺘـﺪرج‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻘﺎﺋﺪ و اﻟﺘﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﻓﻴﻨﻘﺎد ﺑﻜﻞ ﻳﴪ و ﺳﻬﻮﻟﺔ إﱃ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺮاد ﻣﻨﻪ‬
‫وﻫﺬا ﺗﺨﻄﻴﻂ ﺟﻬﻨﻤﻲ ﻣﺎﻛﺮ ﰲ إﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔﺮد إﱃ دﻣﻴﺔ ﺗﻨﻘﻞ ﺑﺨﻔﺔ ﻟﺘﻤﻸ أي‬
‫ﻓﺮاغ أﺧﲇ وﺗﻌﻤﺮه ﺑﻨﻔﺲ اﻷ ﻗﺬار اﳌﺘﻌﻔﻨﺔ ﻓﺈﻋﺪاد اﻷﻓﺮاد وإﻓﺴﺎدﻫﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ‬
‫إﻓﺴﺎد اﳌﺠﺘﻤﻊ ﻳﺴ ﺑﺨﻄﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ وﻣﺪروﺳﺔ ﺑﺈﺣﻜﺎم وإﺗﻘﺎن وﻣﻦ أﺟﻞ إﻓﺴﺎد‬
‫اﳌﺠﺘﻤﻊ ﺗﺼﺒﺢ اﳌﺮأة ﻫﻲ اﻟﻬﺪف اﻷول واﻷ داة اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﰲ اﻟﻬﺪم واﻟﺘﺪﻣ‬
‫و ﻷﻧﻬﺎ ﻋﻨﴫ ﺿﻌﻴﻒ ﻟﺸﺪة اﻟﺤﺴﺎﺳﻴﺔ و اﻟﺸﻌﻮر اﳌﺮﻫﻒ و اﳌﺮأة ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ‬
‫اﻟﻘﺎﺋﺪ ﻟﻸﴎة واﻷﴎ ﻫﻲ اﻟﺒﻨﺎء وﻻ ﻳﺘﻢ إﻓﺴﺎد اﻷ ﴎة إﻻ ﺑﺈﻓﺴﺎد اﳌﺮأة وﻫﺬا‬
‫ﻫﻮ ﺗﺨﻄﻴﻂ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ـ )إﻓﺴﺎد اﳌﺮأة(‪:‬‬
‫‪ .١‬ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻜﺴﺐ اﳌﺮأة إﱃ ﺟﺎﻧﺒﻨﺎ ﻓﺄي ﻳﻮم ﺪ اﳌﺮأة إﻟﻴﻨﺎ ﻳﺪﻫﺎ ﻧﻔﻮز‬
‫ﺑﺎﳌﺮام وﻧﺒﺪد ﺟﻴﺶ اﳌﻨﺘﴫﻳﻦ ﻟﻠﺪﻳﻦ‪) .‬إن ﻋﻨﺎﻳﺔ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺑﺈﻓﺴﺎد اﳌﺮأة‬
‫اﻟﻴﻮم واﻗﻊ ﻻ ﺳﺒﻴﻞ إﱃ إﻧﻜﺎره(‪.‬‬
‫‪ .٢‬ﺗﺄﻛﺪوا ﺎﻣﺎً أ ﻧﻨﺎ ﻟﺴﻨﺎ ﻣﻨﺘﴫﻳﻦ ﻋﲆ اﻟﺪﻳﻦ إﻻ ﻳﻮم أن ﺗﺸﺎرﻛﻨﺎ اﳌﺮأة و ﴚ‬
‫ﰲ ﺻﻔﻮﻓﻨﺎ )ﻓﻬﻞ ﺳﺎرت اﳌﺮأة ﰲ ﺻﻔﻮف اﳌﺎﺳﻮن؟؟!(‪.‬‬
‫‪ .٣‬ﻟﻴﺲ اﻟﺰﻧﺎ ﺑﺈﺛﻢ ﰲ اﻟﴩﻳﻌﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ و ﻟﻮ ﺑﻘﻲ اﻟﺒﴩ ﻋﲆ ﺳﺬاﺟﺔ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ‬
‫ﻟﻜﺎﻧﺖ اﻟﻨﺴﺎء ﻛﻠﻬﻦ ﻣﺸﱰﻛﺎت )اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ إﺟﺘﻬﺪت ﰲ ذﻟﻚ ﻛﺜ ا ً إﻻ أن‬
‫اﻹ ﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻣﺤﺪودة(‪.‬‬
‫‪ .٤‬اﻟﻌﻔﺔ اﳌﻄﻠﻘﺔ ﻣﺮذوﻟﺔ ﻋﻨﺪ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ واﳌﺎﺳﻮﻧﻴ ﻷ ﻧﻬﺎ ﺿﺪ إﺗﺠﺎه اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ‬
‫)ﻫﺬه ﻫﻲ ﴏﺧﺔ اﻟﺸﻴﻄﺎن اﻟﺮﺟﻴﻢ(‪.‬‬
‫‪ .٥‬ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺑﺄس أن ﻧﻀﺤﻲ ﺑﺎﻟﻔﺘﻴﺎت ﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ و ﻣﺎذا ﻋﴗ أن‬
‫ﻧﻔﻌﻞ ﻣﻊ ﻗﻮم ﻳﺆﺛﺮون اﻟﺒﻨﺎت وﻳﺘﻬﺎﻓﺘﻮن ﻋﻠﻴﻬﻦ وﻳﻨﻘﺎدون ﻟﻬﻦ )و اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ‬
‫ﰲ ﻫﺬا ﻣﺎﻛﺮ ﺑﺸﻊ(‪.‬‬
‫‪٣٥‬‬
‫إن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻋﻤﻠﺖ ﺟﺎﻫﺪة ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻣﺒﺎدﺋﻬﺎ اﻹﺑﺎﺣﻴﺔ اﳌﺎﺟﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﴩ‬
‫اﻟﻔﺴﺎد ﻋﲆ ﻧﻄﺎق اﻟﻌﺎ ﻛﻠﻪ وﻗﺪ ﻗﺎﻟﻮا ﺟﻬﺎرا ً ﻧﻬﺎرا ً إن أﻣﻨﻴﺘﻨﺎ أن ﻧﺨﻠﻖ أﻧﺎﺳﺎ ً ﻻ‬
‫ﻳﺨﺠﻠﻮن ﻣﻦ أﻋﻀﺎﺋﻬﻢ اﻟﺘﻨﺎﺳﻠﻴﺔ‪ .‬و ﻗﺪ ﻧﺠﺤﻮا ﰲ ذﻟﻚ وأﺳﺴﻮا ﻧﻮادي اﻟﻌﺮاة ﰲ‬
‫ﻛﺜ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻷورﺑﻴﺔ وﻳﻨﴩون ﺣﺎﻟﻴﺎ ً ﻓﻜﺮة اﻟﻌﺮي ﰲ ﺷﻮاﻃﺊ أﻣﺮﻳﻜﺎ و أورﺑﺎ‬
‫وﻗﺪ أﺳﺴﻮا ﻧﻮادي اﻟﻮﺟﻮدﻳ اﳌﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﻹﺑﺎﺣﻴﺔ اﻟﺼﺎرﺧﺔ و ﻛﻞ ﻫﺬا ﻣﻦ اﺟﻞ‬
‫أن ﻳﻨﻔﺮدوا ﺑﺈدارة ﺷﺌﻮن اﻟﻌﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ً ﺑﻌﺪ أن ﻳﺸﻐﻠﻮا اﻟﻨﺎس ﺟﻤﻴﻌﺎ ﺑﺎﳌﺘﻌﺔ‬
‫و اﻟﺸﻬﻮات و اﻟﻠﺬات وﻳﺪﻣﺮﻫﻢ اﻟﻔﺴﺎد وﺳﻮء اﻷ ﺧﻼق ﻣﻦ ﺷﻌﻮر رؤوﺳﻬﻢ ﺣﺘﻰ‬
‫أﺧﻤﺺ أرﺟﻠﻬﻢ‪ .‬و ﻗﺪ ﺗﻠﻄﺨﺖ أﻗﺪاﻣﻬﻢ ﺑﻜﺜ ﻣﻦ اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﺒﺸﻌﺔ ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻏ ت ﻣﺠﺮي اﻷ ﺣﺪاث و ﻟﻌﻞ اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﺪاﻣﻎ ﰲ ﺧﻄﺒﻬﻢ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ‬
‫ﰲ ﻣﺤﺎﻓﻠﻬﻢ‪ .‬ﻗﺎل ﺑﻼت ﰲ ﻣﺤﻔﻞ ﻋﺎم ‪١٨٨١‬م )إﻧﻨﺎ ﰲ ﻣﺤﺎﻓﻠﻨﺎ ﻧﺴﻌﻰ ﻷﻋ ل‬
‫ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ و ﺳﻴﺎﺳﺘﻨﺎ ﻫﻲ ﻧﻌﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﺈن اﻟﺒﺤﻮث اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻ ﺟﺘ ﻋﻴﺔ ﺗﻘﻒ‬
‫ﻋﻨﺪ ﺑﺤﺜﻨﺎ اﻟﺨﺎص اﻟﺬي ﻧﺠﺎﻫﺮ ﺑﻪ ﻋﻠﻨﺎ ً (‪ .‬وﻗﺎل اﻏﻮرﻧﺎر ﰲ ﻣﺤﻔﻞ ﻋﺎم ‪١٨٨٦‬م‬
‫)ﻧﻌﻢ اﻧﻪ ﺛﺎﺑﺖ وﻣﻘﺮر ﺑﺄ ن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻣﴩوع ﺳﻴﺎﳼ وإ ﺎ ﻟﻬﺬا اﺗﺤﺪﻧﺎ(‪ .‬و ﻗﺎل‬
‫ﻣﺤﺮر ﻣﺠﻠﺔ اﳌﺎﺳﻮن اﳌﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ )) اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ (( )إﻧﻪ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻼزم أن ﺗﻜﻮن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ زﻋﻴﻤﺔ ﻛﻞ اﻷﺣﺰاب اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﺘﻘﻮدﻫﺎ وﻻ‬
‫ﺗﻨﻘﺎد ﻷواﻣﺮﻫﺎ‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺎ ﻧﺪﻋﻰ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻨﺎ ﻣﻊ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ و ﻟﻜﻦ ﻫﻞ‬
‫ﻛﺎن ﻫﺬا ﺧﺪاﻋﺎ ً ﻣﻨﺎ؟ ﻻ أﻇﻦ وﻟﻜﻦ ﻗﻤﻨﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﺧﺸﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻄﺎردة اﻟﺒﻮﻟﻴﺲ‬
‫و اﻟﻘﻮاﻧ و ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺎ ﻧﻀﻄﺮ إﱃ إﺧﻔﺎء ﻣﻘﺎﺻﺪﻧﺎ وﻏﺎﻳﺘﻨﺎ‪ ،‬ﻧﻌﻢ ﻧﺤﻦ ﻧﺸﺘﻐﻞ‬
‫ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻘﻂ ﰲ ﻣﺤﺎﻓﻠﻨﺎ ﻷ ﺟﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ و ﻟﻘﺪ ﻟﻌﺒﺖ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺑﻜﻞ ﻗﻮاﻫﺎ وإﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻬﺎ دور ﺧﻄ ا ً ﰲ ﻣﻴﺪان اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻷورﺑﻴﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﺬات(‬
‫ﻓﻼ ﻋــﱪة إذاً ﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮن ﻋﻦ ﺑﻌــﺪﻫﻢ ﻋﻦ اﻟﺴــﻴﺎﺳﺔ واﻟﺪﻳﻦ و أﻗﻮاﻟﻬﻢ ﻧﻔﺴﻬﺎ‬
‫‪٣٦‬‬
‫ﺗﻜﺬب أﻗﻮاﻟﻬﻢ و اﻟﻌﱪة ﺎ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻻ ﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮن و ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ اﻟﻌﻈﻤﻰ ﰲ‬
‫أﻳﺎم ﻋﺰﻫﺎ وإﻣﱪاﻃﻮرﻳﺘﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻐﻴﺐ اﻟﺸﻤﺲ أﺑﺪا ً ﻋﻨﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﻌﺶ اﻷﻣ‬
‫ﻟﻠ ﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ و ﺗﻜﻦ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ وﺗﺴ ﻫﺎ‬
‫وﻓﻖ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ و ﻟﻜﻦ ﻛﺎﻧﺖ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ‬
‫اﻟﻮاﺳﻌﺔ و ﺗﺴ ﻫﺎ ﻷﻏﺮاﺿﻬﺎ و ﺗﻨﻔﺬ ﺑﻬﺎ ﺧﻄﻄﻬﺎ وﻣﻦ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ اﻟﻌﻈﻤﻰ اﻟﺘﻲ أ ُﺳﺲ‬
‫ﺑﻬﺎ أول ﻣﺤﻔﻞ أﻋﻈﻢ ﻟﻠ ﺳﻮﻧﻴﺔ اﻧﺘﴩت ﻣﻨﻬﺎ اﳌﺤﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪:‬‬
‫‪ .١‬أول ﻣﺤﻔﻞ ﻣﺎﺳﻮ ﰲ ﺑﺎرﻳﺲ ﻋﺎم ‪١٧٣٨‬م‪.‬‬
‫‪ .٢‬أول ﻣﺤﻔﻞ ﻣﺎﺳﻮ ﰲ أﳌﺎﻧﻴﺎ ﻋﺎم ‪١٧٣٣‬م‪.‬‬
‫‪ .٣‬أول ﻣﺤﻔﻞ ﻣﺎﺳﻮ ﰲ ﻫﻮﻟﻨﺪا ﻋﺎم ‪١٧٤٥‬م‪.‬‬
‫‪ .٤‬أول ﻣﺤﻔﻞ ﻣﺎﺳﻮ ﰲ اﻟﺪ ﺎرك ﻋﺎم ‪١٧٤٥‬م‪.‬‬
‫‪ .٥‬أول ﻣﺤﻔﻞ ﻣﺎﺳﻮ ﰲ ﺑﻠﺠﻴﻜﺎ ﻋﺎم ‪١٧٦٥‬م‪.‬‬
‫‪ .٦‬أول ﻣﺤﻔﻞ ﻣﺎﺳﻮ ﰲ اﻟﺴﻮﻳﺪ ﻋﺎم ‪١٧٧٣‬م‪.‬‬
‫‪ .٧‬أول ﻣﺤﻔﻞ ﻣﺎﺳﻮ ﰲ ﺟﺒﻞ ﻃﺎرق ﻋﺎم ‪١٧٢٨‬م‪.‬‬
‫‪ .٨‬أول ﻣﺤﻔﻞ ﻣﺎﺳﻮ ﰲ اﻟﱪﺗﻐﺎل ﻋﺎم ‪١٧٣٥‬م‪.‬‬
‫‪ .٩‬أول ﻣﺤﻔﻞ ﻣﺎﺳﻮ ﰲ ﺳﻮﻳﴪا ﻋﺎم ‪١٧٤٠‬م‪.‬‬
‫‪ .١٠‬أول ﻣﺤﻔﻞ ﻣﺎﺳﻮ ﰲ اﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﻋﺎم ‪١٧٦٣‬م‪.‬‬
‫‪ .١١‬أول ﻣﺤﻔﻞ ﻣﺎﺳﻮ ﰲ روﺳﻴﺎ ﻋﺎم ‪١٧٧١‬م‪.‬‬
‫‪.١٢‬أول ﻣﺤﻔﻞ ﻣﺎﺳﻮ ﰲ اﻟﻬﻨﺪ ﻋﺎم ‪١٧٥٢‬م‪.‬‬
‫و ﻣﻀـﻲ ﻣﺤــﻔﻞ ﺑﺮﻳﻄــﺎﻧﻴﺎ اﻷﻋــﻈﻢ ﻳﻨﴩ اﳌﺤﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﰲ ﻛﻞ اﻟﻌﺎ ﺑﻬﻤﺔ ﻻ‬
‫‪٣٧‬‬
‫ﺗﻌﺮف اﻟﻜﻠﻞ و ﰲ ﺳﻨﺔ ‪ ١٧٣٣‬م ﺑﺪأ ﺗﺄﺳﻴﺲ اﳌﺤﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻓﺄﺳﺲ‬
‫أول ﻣﺤﻔﻞ ﰲ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺛﻢ ﰲ ﺑﻮﺳﻄﻦ ﺛﻢ ﺗﺘﺎﺑﻊ اﻟﺘﺄ ﺳﻴﺲ ﰲ ﻛﻞ اﳌﺪن اﻟﻜﱪى و ﰲ‬
‫ﻋﺎم ‪١٩٠٧‬م ﻛﺎن ﻋﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ أﻛ ﻣﻦ ﺧﻤﺴ ﻣﺤﻔﻼً أﻋﻈﻢ‬
‫ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ﻛﺜ ٌ ﻣﻦ اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﻌﺎدﻳﺔ و ﻗﺪ أﻧﺨﺮط ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻦ اﳌﻠﻴﻮن أﻣﺮﻳ ‪.‬‬
‫و أﺳﺴﺖ اﳌﺤﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺗﺤﺖ إﴍاف اﳌﺤﻔﻞ اﻷﻋﻈﻢ ﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﰲ ﻛﻨﺪا‬
‫واﺳﱰاﻟﻴﺎ و ﻧﻴﻮزﻟﻨﺪا و ﻣﴫ ﺧﺎﺻﺔ اﻟﴩق اﻷ وﺳﻂ ﻋﺎﻣﺔ وﰲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻋﺎﻣﺔ و ﰲ‬
‫اﻟﺴﻮدان ﺧﺎﺻﺔ و ﻗﺪ أﺳﺲ اﳌﺤﻔﻞ اﻷﻋﻈﻢ ﰲ اﻟﺨﺮﻃﻮم ﺑﺈﴍاف اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﻌﺎم‬
‫اﻻﻧﺠﻠﻴﺰي ﺛﻢ اﻧﺘﴩت اﳌﺤﺎﻓﻞ ﰲ ﻛﻞ ﻣﺪن اﻟﺴﻮدان اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ وﻗﺪ اﺳﺘﻮﻋﺒﺖ ﺧ ة‬
‫أﺑﻨﺎء اﻟﺴﻮدان ﻋﻠ ً و ﻣﻜﺎﻧﺔ اﺟﺘ ﻋﻴﺔ وﻣﻨﺼﺒﺎً ﻣﺮﻣﻮﻗﺎً وإﻟﻴﻚ إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﺑﻌﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ‬
‫ﰲ ﻏﺮة اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ ﻓﻬﻮ إﺣﺼﺎء ﻗﺪﻳﻢ ﻗﺪ ﻻ ﻧﺪري اﻟﻴﻮم ﻣﺎ وﺻﻞ اﻹﺣﺼﺎء إﻟﻴﻪ‪:‬ـ‬

‫‪ (١‬ﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻋﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﻌﻈﻤﻰ ‪ ٢٦٠٠‬ﻣﺤﻔﻼ‪.‬‬

‫‪ (٢‬ﰲ أﻳﺮﻟﻨﺪا ﻋﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﻌﻈﻤﻰ ‪ ٤٥٠‬ﻣﺤﻔﻼ‪.‬‬
‫‪ (٣‬ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺸ ﻟﻴﺔ ﻋﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﻌﻈﻤﻰ ‪ ١٠٠٠‬ﻣﺤﻔﻼ‪.‬‬
‫‪ (٤‬ﰲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﻌﻈﻤﻰ ‪٨١‬ﻣﺤﻔﻼ‪.‬‬
‫‪ (٥‬ﰲ اﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻋﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﻌﻈﻤﻰ ‪ ٥٩‬ﻣﺤﻔﻼ‪.‬‬
‫‪ (٦‬ﰲ أﺳﱰاﻟﻴﺎ ﻋﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﻌﻈﻤﻰ ‪ ٧٠٠‬ﻣﺤﻔﻼ‪.‬‬
‫‪ (٧‬ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻮﺳﻄﻲ ﻋﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﻌﻈﻤﻰ ‪ ٥٥٠‬ﻣﺤﻔﻼ‪.‬‬
‫‪ (٨‬ﰲ ﺳﻮرﻳﺎ ﻋﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﻌﻈﻤﻰ ‪ ١٥‬ﻣﺤﻔﻼ‪.‬‬
‫‪ (٩‬ﰲ اﻟﺴﻮدان ﻋﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﻌﻈﻤﻰ ‪ ١٦‬ﻣﺤﻔﻼ‪.‬‬

‫‪٣٨‬‬
 ‫‪ (١٠‬ﰲ اﻟﻬﻨﺪ ﻋﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﻌﻈﻤﻰ ‪ ١١٥‬ﻣﺤﻔﻼ‪.‬‬
‫‪ (١١‬ﰲ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﻋﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﻌﻈﻤﻰ ‪ ١٤‬ﻣﺤﻔﻼ‪.‬‬
‫‪ (١٢‬ﰲ اﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪا ﻋﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﻌﻈﻤﻰ ‪ ١٠٠٠‬ﻣﺤﻔﻼ‪.‬‬
‫‪ (١٣‬ﰲ أﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﻋﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﻌﻈﻤﻰ ‪ ١٩٥‬ﻣﺤﻔﻼ‪.‬‬
‫‪ (١٤‬ﰲ أﳌﺎﻧﻴﺎ ﻋﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﻌﻈﻤﻰ ‪ ١٢٨‬ﻣﺤﻔﻼ‪.‬‬
‫‪ (١٥‬ﰲ ﻟﺒﻨﺎن ﻋﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﻌﻈﻤﻰ ‪ ١٥‬ﻣﺤﻔﻼ‪.‬‬
‫‪ (١٦‬ﰲ ﻣﴫ ﻋﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﻌﻈﻤﻰ ‪ ٣٠‬ﻣﺤﻔﻼ‪.‬‬
‫‪ (١٧‬ﰲ إﻓﺮﻳﻘﻴﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ ﻋﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﻌﻈﻤﻰ ‪ ١٠٦‬ﻣﺤﻔﻼ‪.‬‬
‫‪ (١٨‬ﰲ اﻟﻌﺮاق ﻋﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﻌﻈﻤﻰ ‪ ١٨‬ﻣﺤﻔﻼ‪.‬‬
‫و ﻧﺤﺼﻞ ﻋﲆ إﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﻋﺪد اﳌﺤﺎﻓﻞ ﰲ ﻏ ﻫﺬه اﻟﺪول ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ‬
‫أﻧﻬﺎ ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻮﺑﺎء اﻟﺠﺎﺋﺢ‪ .‬و ﻣﻦ ﻫﺬه اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت اﻟﺘﻲ اﻧﺘﴩت ﰲ‬
‫ﺑﻘﺎع اﻟﻌﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﻋﲆ ﺣﺴﺐ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻌﻤﲇ أن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻳﺮ ﺷﺌﻮن‬
‫اﻟﻌﺎ ﻛﻠﻪ‪) .‬ﻓﻬﻲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺨﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﲆ اﻟﻌﺎ (‪ .‬أﻣﺎ ﻗﻮﻟﻬﻢ إن‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ إ ﺎ ﺗﺪﻋﻮ إﱃ اﻹﺧﺎء اﻹ ﻧﺴﺎ اﻟﻨﺒﻴﻞ و ﻋﻤﻞ اﻟﺨ ﻟﻜﻞ ﺑﻨﻲ اﻟﺒﴩ‬
‫ﻓﻘﻮل ﺑﺎﻃﻞ ٌ ﺗﻜﺬﺑﻪ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ و اﻷﺣﺪاث ﻓﺎﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ إرﻫﺎﺑﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﱃ و ﻻ‬
‫ﺗﻌﻤﻞ ﺧ ا ً وإ ﺎ ﺗﻨﴩ اﻟﻔﺴﺎد و اﻟﻌﺪاء و اﻟﺒﻐﻀﺎء و اﻟﺤﺮوب واﳌﺘﺄﻣﻞ ﰲ ﻓﺴﻤﻬﺎ‬
‫اﻟﺬي ﻳﺆدﻳﻪ أﻋﻀﺎؤﻫﺎ ﻳﻜﺘﺸﻒ ﻣﻦ اﻟﴪﻳﺔ وإﺑﺎﺣﺔ دم اﻟﻌﻀﻮ إذا أﺑﺎح ﺑﻬﺎ ﻣﺎ‬
‫ﺗﻨﻄﻮي ﻋﻠﻴــﻪ ﻣﻦ ﺷــﺮور و ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻘﺴـﻢ‪:‬ـ )أﻗﺴـﻢ ﻬﻨـﺪس اﻟﻜـﻮن‬
‫اﻷﻋﻈﻢ ﰲ ﺣﴬة ﻫﺬا اﳌﺤــﻔﻞ اﳌـﻮﻗﺮ و أﺗﻌﻬـﺪ أﻣــﺎم اﻟﺤــﺎﴐﻳﻦ أن‬
‫أﺻـــﻮن وأﺗﻜﺘﻢ ﻋﲆ اﻷﺳــﺮار اﳌــﺎﺳـﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒـﺎح ﱄ و ﻻ أﺑـﻮح ﺑﴚء ٍ ﻣﻨـﻬﺎ‬
‫و أﻗﺴﻢ أﻳﻀﺎ ً أن ﻻ اﻛﺘﺐ ﻫﺬه اﻷﴎار اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺎح ﱄ و أن ﻻ أﻃﺒﻌﻬﺎ و ﻻ‬
‫أدل ﻋﻠﻴﻬﺎ وأن أ ﻣﻨﻊ ﺑﻜﻞ ﻗﺪر ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻻ ﺗﻜﺸﻒ أﴎارﻧﺎ‬
‫ﻟﻐ أﺑﻨﺎء ﻋﺸ ﺗﻨﺎ‪ .‬وأﻗﺴﻢ ﺑﴩﰲ ﺑﻼ ﻣﻮارﺑﺔ ﺑﺄن أﺣﺎﻓﻆ ﻋﲆ ﻗﺴﻤﻲ ﻫﺬا وأن‬
‫أﺗﻮدد إﱃ إﺧﻮ و أﻋﻀﺎء ﻣﺤﻔﲇ وأن أﺳﺎﻋﺪﻫﻢ و أﻋﺎوﻧﻬﻢ ﰲ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻬﻢ‬
‫وأو اﻇﺐ ﻋﲆ ﺟﻠﺴﺎت اﳌﺤﻔﻞ ﺑﻘﺪر إﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻰ وأﺣﺎﻓﻆ ﻋﲆ ﻃﺎﻋﺔ ﻗﺎﻧﻮن‬
‫اﳌﺤﻔﻞ اﻷﻛﱪ‪ ،‬وإن ﺣﻨﺜﺖ ﰲ ﻴﻨﻲ أﻛﻦﻣﻘﴫا ً اﺳﺘﺤﻖ ُ ﻗﻄﻊ رﻗﺒﺘﻲ وإﺳﺘﺌﺼﺎل‬
‫ﻟﺴﺎ وإﻟﻘﺎء ﺟﺜﺘﻲ ﻟﻄﻴﻮر اﻟﺴ ء و ﻟﺤﻴﺘﺎن اﻟﺒﺤﺮ و أن أرﴇ ﺑﺄن ﺗﻌﻠﻖ ﺟﺜﺘﻲ‬
‫ﰲ ﺣﻔﻞ ﻣﺎﺳﻮ ﻷﺿﺤﻰ ﻋﱪة ﻟﻠﺪاﺧﻠ ﻣﻦ ﺑﻌﺪي ﺛﻢ ﺗﺤﺮق ﺟﺜﺘﻲ وﻳﺬر‬
‫رﻣﺎدﻫﺎ ﰲ اﻟﻬﻮاء(‪.‬‬
‫إﻧﻪ ﻗﺴﻢ ﻓﻈﻴﻊ ﺗﻘﺸﻌﺮ ﻣﻨﻪ اﻷﺑﺪان وﻳﺤﺘﻮي ﻋﲆ اﻟﻘﺴﻮة و اﻟﻔﻈﺎﻇﺔ‬
‫و اﻹرﻫﺎب و ﻻ ﺖ ﺑﺼﻠﺔ إﱃ اﻹﺧﺎء اﻹﻧﺴﺎ اﻟﻨﺒﻴﻞ و ﻻ ﻣﺤﺒﺔ اﻟﺨ ﻟﻠﺒﴩ‬
‫وإ ﺎ ﻫﻲ أﻋ ل ﴎﻳﺔ ﺗﺨﺮب و ﻻ ﺗﻌﻤﺮ‪ ،‬ﺗﺪﻣﺮ و ﻻ ﺗﺸﻴﺪ‪ ،‬و ﺗﻘﺘﻞ وﻻ ﺗﺮﺣﻢ‪،‬‬
‫و ﺗﺴﱰق وﻻ ﺗﺤﺮر‪ ،‬ﻛﺜ ا ً ﻣﺎ أﻗﺪﻣﺖ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﻘﺘﻞ ﻣﻊ ﺳﺒﻖ اﻹﴏار ﳌﻦ‬
‫ﻫﺪاﻫﻢ ﷲ واﺑﺘﻌﺪوا ﻋﻨﻬﺎ و ﻟﻬﻢ ﰲ اﻟﻘﺘﻞ ﻃﺮﻳﻘﺎن‪ :‬اﻷول أﻧﻪ ﰲ ﻛﻞ ﻣﺤﻔﻞ‬
‫ﻳﻮﺟﺪ ﻗﺘﻠﺔ ﻣﺤﱰﻗﻮن ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺎﳌﻬﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻛﻞ إﻟﻴﻬﻢ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر‪ ،‬وإذا‬
‫ﻳﻜﻦ ﰲ اﳌﺤﻔﻞ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻋﻤﻞ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ و ﻫﻲ أن ﺗﺠﻌﻞ اﻟﻘﺮﻋﺔ ﺑ‬
‫اﻷﻋﻀﺎء ﻣﺎ ﻋﺪا اﻟﺮﺋﻴﺲ و ﻣﻦ وﻗﻌﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﻨﻔﺬ اﻟﻘﺘﻞ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر وإذا‬
‫ﻳﻔﻌﻞ ﻋﺮض ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﻘﺘﻞ و اﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻹﻋﺪام وﻫﻮ ﺣﻜﻢ ﻏﻴﺎ ﺑﻘﺮار ﻣﻦ‬
‫اﳌﺤﻔﻞ ﻻ ﻳﺤﴬ اﳌﺘﻬﻢ و ﻻ ﺗﺘﺎح ﻟﻪ ﻓﺮﺻﺔ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ و ﻗﺪ ﺑﺎﴍت‬
‫اﳌﺤﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ ذﻟﻚ ﺑﻜ ة وﺑﻼ ﺣﺮج و ﻗﺪ وﺟـﺪت ﻋﻈﺎﻣﺎ ً ﻟﻠﻨﺎس ﻣﻌﻠﻘﺔ‬
‫ﰲ ﻣﺤـﺎﻓﻞ ﻣﴫ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗـﺮرت ﻣﴫ اﻟﺘﺤﺮر ﻣﻦ اﳌﺎﺳـﻮن وﻗﻔﻞ ﻛﻞ أﺑﻮاب‬
‫اﳌﺤﺎﻓـﻞ وﺣﻈــﺮﻫﺎ و ذﻟﻚ ﰲ ﺷــﻬﺮ أﺑﺮﻳـﻞ ﻋﺎم ‪١٩٦٤‬م ﺣﻴﺚ وﺟـﺪت‬
‫ﻗـﻮات اﻟﴩﻃﺔ اﻟﻬﻴﺎﻛﻞ و اﻟﺠ ﺟﻢ اﻟﺒﴩﻳﺔ واﻟﺮﺳﻮﻣﺎت اﳌﺨﻴﻔﺔ و ﻛﻞ ذﻟﻚ‬
‫ﻳﻌﺮض ﻋﲆ اﻷﻋﻀﺎء ﻳﻮم ﻳﺆدون اﻟﻴﻤ ﻹرﻫﺎﺑﻬﻢ و ﺗﺨﻮﻳﻔﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ اﳌﺤﺎﻓﻈﺔ‬
‫ﻋﲆ اﻟﻴﻤ ﻓﻬﻞ ﻳﺒﻘﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺷﻚ ﰲ أن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺣﺮﻛﺔ ﴎﻳﺔ إرﻫﺎﺑﻴﺔ‬
‫ﺟﺒﺎرة ﻫﺪﻓﻬﺎ اﻷول واﻵ ﺧ ﻫﻮ إﺳﺘﻌ ر اﻟﻌﺎ ﻛﻠﻪ و ﺗﺴﺨ ه ﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪.‬‬

‫‪٤١‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‬
‫أﻧﻮاع اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‬

‫ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﴪﻳﺔ اﻟﺨﻔﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪدة و ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ و ﻻ‬

‫ﻣﺘﻀﺎرﺑﺔ و إ ﺎ ﻫﻲ ﳾء و اﺣﺪ ﺗﺸﺒﻪ ﻧﻬﺮا ً ﻛﺒ ا ً ﻳﻨﺪﻓﻊ ﰲ ﻣﺠﺮاه اﻟﻮاﺳﻊ و‬
‫ﺗﺼﺐ ﻓﻴﻪ رواﻓﺪ ﻛﺜ ة ﺗﺰﻳﺪ ﻣﺎءه و ﺗﻜﺴﺒﻪ اﻟﻘﻮة و اﻟﺮﻫﺒﺔ‪ .‬إﻧﻬﺎ أﻧﻮاع ﻛﺜ ة و‬
‫ﻛﻞ ﻧﻮع ﻳﺘﻔﺮع ﺑﻔﺮوع ﺣﻴﺔ ﺧﻄﺮة ﻛﺄ ﺎ ﻫﻮ ﴎﻃﺎن ﺟﺒﺎر ﻳﺠﺬب اﻟﻔﺮﻳﺴﺔ و‬
‫ﻳﻄﻮﻳﻬﺎ و ﺘﺺ دﻣﺎءﻫﺎ ﻟﺘﻤﻮت و ﻳﺤﻴﺎ‪ ،‬وﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﺘﻮﻗﻔﺔ ﻋﲆ دم اﻟﻔﺮﻳﺴﺔ ﻓﻼ‬
‫ﻳﺤﻴﺎ أﻻ ﺑﻬﺎ و ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺗﻌﻨﻰ ﻣﻮﺗﻬﺎ‪ .‬و ﻗﺪ ﻗﺴﻤﺖ ﻫﺬه اﻷﻧﻮاع ﺑﺪﻗﺔ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ و‬
‫ﺗﺨﻄﻴﻂ ﻣﺪروس ﻋﲆ أﺳﺲ ﻋﻠﻤﻴﺔ راﺳﺨﺔ ﻣ ﻳﺪل دﻻﻟﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻋﲆ أن‬
‫اﳌﺎﺳﻮن ﻫﻢ أﻣﻜﺮ اﻟﻨﺎس و أدﻫﻲ اﳌﺨﻠﻮﻗﺎت ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ﻓﺎﻟﴪﻳﺔ اﻟﺼﺎرﻣﺔ‬
‫أﺻﺒﺤﺖ ﺳﺘﺎرا ً ﻛﺜﻴﻔﺎ ً ﻳﺴﺒﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﺠﺎﺑﺎ ً ﻣﺎﻧﻌﺎ ً ﻻ ﻳﺨﻠﺺ إﻟﻴﻪ أﺣﺪ‪ .‬و اﻷﻗﺴﺎم‬
‫اﳌﺘﻌﺪدة ﺗﻌﻨﻲ ﺿﻢ ﻛﻞ ﻋﻨﴫ ﺑﺴﻴﺎﺳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻻ ﺗﻔﻴﺪ ﻏ ﻫﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻪ ﻓﻴﻐﻤﺮ‬
‫ﰲ أوﺣﺎل ﻻ ﻳﻄﻔﻮ ﻋﲆ ﺳﻄﺤﻬﺎ و إن أراد ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻔﺼﻠﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﺎﻣﺎ ً و ﻻ ﻳﻌﻠﻢ‬
‫ﻓﺮﻳﻖ ﻋﻦ اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻵﺧﺮ ﺷﻴﺌﺎ ً ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺘﺒ ﺣﻘﺎﺋﻖ اﻷﺷﻴﺎء‪ ،‬ﻓﻴﻬﺮب ﻃﺎﻟﺒﺎ ً‬
‫اﻟﻨﺠﺎة ﻣﻦ اﻟﺠﺤﻴﻢ اﳌﺪﻣﺮ و ﻟﻜﻞ ﻗﺴﻢ ﺳﺎﺳﺔ ﻣﺪرﺑﻮن ﻳﻘﻮدون اﻟﻘﻄﻴﻊ‬
‫ﺑﺤﻜﻤﺔ و ﺧﱪة و ﻣﻬﺎرة ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ أﻫﺪاف اﳌﺎﺳﻮن ﰲ ﻣﺮاﻓﻖ اﻟﺤﻴﺎة ﺑﻐ ﺗﱪم أو‬
‫ﺮد ﻷن ذﻟﻚ ﻣﻦ أﺧﻼﻗﻴﺎﺗﻬﻢ و ﻓﻄﺮﺗﻬﻢ ﺑﻌﺪ دراﺳﺔ ﻧﻔﺴﻴﺎﺗﻬﻢ و اﺗﺠﺎﻫﺎﺗﻬﻢ ﺛﻢ‬
‫ﻳ ُﻐﺴﻠﻮن وﻳ ُﻌﺪون وﻳ ُﺪرﺑﻮن ﻋﲆ اﻟﻌﻤﻞ واﻟﻄﺎﻋﺔ و اﻹﺧﻼص و ﻟﻜﻞ ﻧﻮع ﻣﻦ‬
‫ﻫﺬه اﻷﻗﺴﺎم ﻋﻤﻞ ﺧﺎص و إﺳﻢ ﺧﺎص ﻫﻲ‪:‬‬
‫‪ (١‬اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ‪.‬‬

‫‪٤٢‬‬
 ‫‪ (٢‬اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﳌﻠﻮﻛﻴﺔ أو اﻟﻌﻘﺪ اﳌﻠ ‪.‬‬
‫‪ (٣‬اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ اﻟﺤﻤﺮاء )و ﻫﻲ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ دوﻟﺔ‬
‫ﻣﺮﻫﻮﺑﺔ ﰲ اﻟﻜﻮن(‪.‬‬
‫و ﻻﺑﺪ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺘﺤﺪث ﺑﺈﺧﺘﺼﺎر ﻋﻦ ﻛﻞ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻷﻧﻮاع و ﻋ ﻳﻨﺎط ﺑﻬﺎ ﻣﻦ‬
‫اﻷﻋ ل ﻟﺨﺪﻣﺔ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﻔﺎﺟﺮة اﳌﺘﻮﺣﺸﺔ‪:‬‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ‪:‬‬
‫ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة ﻟﻠ ﺳﻮ اﳌﺒﺘﺪئ اﻟﺬي ﻳﺠﻬﻞ ﺟﻬﻼً ﺗﺎﻣﺎً ﻣﺒﺎدئ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬
‫اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ و أﻫﺪاﻓﻬﺎ اﳌﻔﺮوﺿﺔ ﻓﻴﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻴﻞ ٌ ﻣﻦ اﳌﺒﺎدئ اﻟﱪاﻗﺔ و اﻟﺸﻌﺎرات‬
‫اﳌﴩﻗﺔ و اﳌﺒﺎدئ اﻟﺠﺬاﺑﺔ و اﻷﻫﺪاف اﻟﻨﺒﻴﻠﺔ و اﻷﻋ ل اﻟﺨ ة ﻓﻴﺴﻜﺮ اﻟﻌﻀﻮ و‬
‫ﻳﻨﻬﻤﻚ ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻨﺸﺎط و إ ﺎن و ﻳﺪاﻓﻊ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺠﺮأة ﻓﺎﺋﻘﺔ و ﺣ س ﻣﻨﻘﻄﻊ‬
‫اﻟﻨﻈ ﻓﺸﻌﺎرﻫﺎ اﳌﺤﺪد ﻫﻮ ﺗﺮﻗﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺒﴩي و ﻣ رﺳﺔ أﻋ ل اﻟﺨ و ﻣﺒﺪؤﻫﺎ‬
‫ﺣﺮﻳﺔ اﻟﻀﻤ اﳌﻄﻠﻘﺔ و اﻟﺘﻀﺎﻣﻦ اﻟﺒﴩي و ﺳﻴﺎﺳﺎﺗﻬﺎ اﳌﻌﻠﻨﺔ ﻫﻲ أن ﻳﺤﱰم ﻛﻞ‬
‫ﻋﻀﻮ ﰲ ﻣﻌﺘﻘﺪه اﻟﺪﻳﻨﻲ و اﻧﺘ ﺋﻪ اﻟﺴﻴﺎﳼ و ﺗﺤﱰم أﻳﻀﺎً ﻛﻞ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ دﻳﻨﻴﺔ أو‬
‫ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻨﺎﻇﺮة ﻣﻘﺎﻣﺔ ﻛ إﻧﻬﺎ ﺗﺤﱰم ﻛﻞ ﻧﻘﺪ ﰲ أﻋ ل اﻟﺴﻠﻄﺔ اﳌﺪﻧﻴﺔ و‬
‫ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺎر و اﳌﺒﺪأ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻣﻘﻨﻌﺔ ﻟﻜﻞ ﺧﺎﱄ اﻟﺬﻫﻦ و ﺟﺎذﺑﺔ ﳌﺤﺒﻲ اﻟﺨ و‬
‫اﻹﺻﻼح داﻓﻌﺔ ﻷﻋﻀﺎﺋﻬﺎ إﱃ اﻹﺧﻼص و اﻟﺘﻔﺎ و اﳌﺤﺒﺔ اﻟﺼﺎدﻗﺔ‪.‬‬
‫وﰲ ﻫﺬا اﻟﻘﺴـﻢ ﺗﻜ اﻟﺮﻣـﻮز ﰲ ﻛﻞ اﻟﺪرﺟـﺎت اﻟﺘﻲ ﻨـﺢ ﻟﻸ ﻋﻀـﺎء و‬
‫ﻛﻞ اﻟﺮﻣﻮز ﺗﺸـــ إﱃ اﻟﺘـﺎرﻳﺦ اﻟﻴﻬـﻮدي و ﻟــﻜﻨﻬﺎ ﺗﺨـﻔﻲ ﻋﲆ اﻷﻋﻀـــﺎء‬
‫اﻷ ﻣﻤــﻴ و ﻫﺬه اﻟﺮﻣــﻮز ﺗﺴـــﱰ وراءﻫﺎ ﻛﻞ ﻣﻌﻨـﻰ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧـﻲ اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ‬
‫اﳌـﺎﻛﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤــﻞ ﺟـــﺎﻫﺪة ﺑﺘﺨــﻄﻴﻂ ﻣﺘﻘـﻦ ﻋﲆ ﻗﻄـﻊ ﻛﻞ راﺑــﻄـﺔ‬
‫ﺗـﺮﺑـﻂ اﻟﻌﻀـﻮ ــﻮﻃـﻨﻪ أو دﻳﻨﻪ أو ﺳــﻴﺎﺳـﺔ ﺑــﻼده أو ﻗــﻮﻣﻴﺘﻪ أو ﻋـــﺎﺋﻠﺘﻪ‬

‫‪٤٣‬‬
‫وﺗﻘﻴﻢ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ذﻟﻚ راﺑﻄﺎ ً ﻗﻮﻳﺎ ً ﻣﻘﺪﺳﺎ ً ﺧﻔﻴﺎ ً ﻳﺮﺑﻂ اﻟﻌﻀﻮ ﺑﺎﻟﻴﻬﻮد رﺑﺎﻃﺎ ً‬
‫ﻣﺤﻜ ً ﻗﻮﻳﺎ ً‪ ،‬و ﻫﺬه اﻟﻌﻼﺋﻖ و اﻷرﺑﻄﺔ ﻣﺄﺧﻮذة ﻣﻦ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﺘﻠﻤﻮد اﻟﻌﻨﴫﻳﺔ‬
‫اﻟﺼﺎرﺧﺔ اﻟﺘﻲ و ﺿﻌﻬﺎ اﻟﺤﺎﺧﺎﻣﺎت اﻟﻴﻬﻮد ﻋﱪ ﺗﺎرﻳﺨﻬﻢ اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ‬
‫اﳌﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ و اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ ﺑﻌﻀﻬﻢ و اﻟﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﻣﻌﺎوﻧﺘﻬﻢ ﰲ ﻛﻞ أﻣﻮرﻫﻢ‬
‫ﰲ ﻣﺤﺒﺔ و إﺧﺎء ﻣﺼﻨﻮع‪.‬‬
‫درﺟﺎت ﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﺼﻌﺪ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻌﻀﻮ ﺗﺒﻠﻎ ﺛﻼﺛﺎ ً و ﺛﻼﺛ درﺟﺔ و‬
‫ﻻ ﻳﺼﻌﺪ اﻟﻌﻀﻮ إﱃ درﺟﺔ ﻣﻨﻬﺎ أﻻ ﺑﻌﺪ إﻣﺘﺤﺎﻧﻪ ﺑﺼﻮرة ﻗﻮﻳﺔ ﰲ ﻣﺨﺘﻠﻒ‬
‫اﻟﺪرﺟﺎت و ﺑﻌﺪ أن ﻳﺠﺘﺎزه ﺑﻨﺠﺎح ﻳﻌﻄﻰ ﺷﻬﺎدة ﻣﻌﺘﱪة ﻋﻨﺪ ﻛﻞ اﳌﺎﺳﻮن‬
‫ﻳﻮﻗﻌﻬﺎ اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﻜﺒ و اﻟﺴﻜﺮﺗ اﻷﻋﻈﻢ اﻟﺤﺎﺋﺰان ﻋﲆ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ و‬
‫اﻟﺜﻼﺛ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ‪ ،‬و ﻫﺬه اﻟﺸﻬﺎدات ﻓﻴ ﻣﴣ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻜﺘﺐ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ‬
‫اﻟﻌﱪﻳﺔ و ﻟﻜﻨﻬﻢ أدرﻛﻮا إن ﻫﺬا اﻹﺟﺮاء ﻳﻜﺸﻒ اﻟﺼﻠﺔ ﺑ اﳌﺎﺳﻮن و اﻟﻴﻬﻮد و‬
‫ﻳﺜ اﻟﺸﻜﻮك ﰲ أذﻫﺎن اﻷﻋﻀﺎء أو ﻳﺆﻛﺪ اﻹﺗﻬﺎﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﻪ ﻟﻠ ﺳﻮن ﺑﺄﻧﻬﻢ‬
‫ﻋﺒﻴﺪ ﻟﻠﻴﻬﻮد ﰲ ﺧﺪﻣﺘﻬﻢ و ﻃﺎﻋﺘﻬﻢ و ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ﺟﻌﻠﺖ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﺸﻬﺎدات‬
‫ﺑﺎﻟﻠﻐﺘ اﻟﻌﱪﻳﺔ و ﻫﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ و ﻟﻐﺔ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺘﻲ أﻗﻴﻤﺖ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‪ .‬ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أدرﻛﻮا أن اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﱪﻳﺔ ﺗﺆدي إﱃ ﻧﻔﺲ اﻹﺗﻬﺎم اﻟﺴﺎﺑﻖ‬
‫ﻓﺠﻌﻠﻮا ﻳﻜﺘﺒﻮﻧﻬﺎ ﺑﻠﻐﺔ أﻫﻞ اﻟﺒﻼد و ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺆرخ ﺑﺎﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻴﻬﻮدي اﻟﺬي ﻳﺴﺒﻖ‬
‫اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﳌﻴﻼدي ﺑﺄرﺑﻌﺔ أﻟﻒ ﺳﻨﺔ و ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺗﺄﻛﻴﺪ أﻳﻀﺎ ً ﻋﲆ أن‬
‫ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻳﻬﻮدﻳﺔ دﻣﺎ ً و ﻟﺤ ً و ﻟﻜﻦ اﻟﻨﺎس ﻏﺎﻓﻠﻮن ﻻ ﻳﻨﺘﺒﻬﻮن ﻟﺬﻟﻚ و‬
‫ﻣﺘﻰ ﻣﺎ إﻧﺘﺒﻬﻮا ﺳﺘﻐ اﻟﺸﻬﺎدة إﱃ ﻏ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻴﻬﻮد و ﻫﺎ ﻧﺤﻦ ﻧﻨﺒﻪ ﻟﻬﺬا ﻓ ذا‬
‫ﻳﺤﺪث؟ و ﻳﺮﻣﺰ اﳌﺎﺳﻮن ﺑﺎﻟﺤﻴﺔ اﳌﺜﻠﺜﺔ اﻟﺮؤو س إﱃ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ و اﻟﺴﻠﻄﺔ‬
‫اﳌﺪﻧﻴﺔ و اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎرب اﻟﻴﻬﻮد و ﻋﲆ اﳌﺎﺳﻮن أن ﻳﻌﻤﻠﻮا ﺟﺎدﻳﻦ‬
‫ﻟﻘﻄﻊ ﻫﺬه اﻟﺮؤو س اﻟﺜﻼﺛﺔ و إﺣﻼل ﻋﻼﻣﺔ اﻟﻴﻬﻮد ﻣﺤﻠﻬﺎ و ﻳﻔﻄﻦ اﻷﻋﻀﺎء ﻏ‬

‫‪٤٤‬‬
‫اﻟﻴﻬﻮد إﱃ ذﻟﻚ‪ ،‬و ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ﻳﻨﻬﻤﻜﻮن ﰲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﺎد‪ .‬و ﻫﺬه اﻟﻔﺮﻗﺔ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ أن ﺗﺴﻌﻰ ﺑﻜﻞ ﺟﻬﺪ ﻣﺘﻮ اﺻﻞ ﻟﺼﻢ رؤﺳﺎء اﻟﺪول و‬
‫اﻟﻮزارات و اﻟﻮزراء اﻟﻜﺒﺎر و ﻛﺒﺎر اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺑﻴﺪﻫﺎ اﻟﻌﻘﺪ و اﻟﺤﻞ و ﰲ‬
‫ﻛﻞ ﺑﻠﺪ ﻣﻦ ﺑﻠﺪان اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻀﻤﻦ ﺣ ﻳﺘﻬﻢ ﻟﻠ ﺳﻮﻧﻴﺔ و ﺗﺴﻬﻞ ﻣﺂرﺑﻬﻢ و‬
‫أﻏﺮاﺿﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺼ وا أداة ﻃﻴﻌﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺎ ﻳﺮاد ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺼﺪر اﻷﻣﺮ ﻣﻦ أﻋﲆ‬
‫و ﻻ ﻳﺠﻮز ﻧﻘﺎﺷﻪ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﻳﻨﻔﺬ ﺑﺤﺮﻓﻴﺔ ﻛ ورد‪.‬‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﳌﻠﻮﻛﻴﺔ‪:‬‬
‫إ ن ﻫﺬه اﻟﻔﺮﻗﺔ ﻣﻜﻤﻠﺔ ﻟﻠﻔﺮﻗﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ و ﻟﻜﻦ ﻳﻘﴫ ﻓﻬﻢ ﻣﺮاﻣﻴﻬﺎ و‬
‫أﻫﺪاﻓﻬﺎ ﻋﲆ اﻷﻋﻀﺎء اﻟﻴﻬﻮد دون ﻏ ﻫﻢ ﻓﺎﻷﻋﻀﺎء اﻷﻣﻤﻴﻮن ﻳﺴ ون ﻣﻐﻤﴤ‬
‫اﻟﻌﻴﻮن ﻻ ﻳﺮون ﻣﻦ اﻷﻣﺮ ﺷﻴﺌﺎً أﻻ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﻛﺒﺎر اﳌﺎﺳﻮن ﻣﻦ أﺻﻞ ﻳﻬﻮدي أن‬
‫ﻳﻄﻠﻌﻮﻫﻢ ﻋﻠﻴﻪ‪ .‬ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ﻫﻢ ﻳﺪاﻓﻌﻮن ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺑﺤﺮارة و ﻳﻨﻔﻮن‬
‫ﻋﻨﻬﺎ أي إﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﻴﻬﻮد و ﺧﺪﻣﺘﻬﻢ و إذا ﻛﺸﻔﺖ ﻟﻬﻢ اﳌﺒﺎدئ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﳌﻠﻮﻛﻴﺔ‬
‫ﺳﺨﺮوا ﻣﻨﻚ و ﻗﺎﻟﻮا ﺑﻴﻘ ﻗﺎﻃﻊ ﻫﺬا ﺧﻴﺎل ﰲ ﺧﻴﺎل ﻻ ﺖ إﱃ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﺼﻠﺔ‬
‫و راﺣﻮا ﻳﺮددون ﻣﺎ ﻟﻘﻨﻮه ﻣﻦ ﻣﺒﺎدئ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ و ﻫﻢ ﰲ‬
‫اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺻﺎدﻗﻮن ﻓﻴ ﻳﻘﻮﻟﻮن ﻷن أﻫﺪاف و ﻣﺒﺎدئ ﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﻻ ﻳﻄﻠﻊ‬
‫ﻋﻠﻴﻬﺎ أﻻ اﻷﻋﻀﺎء اﻟﻴﻬﻮد ﻓﻘﻂ و ﺗﻐﻠﻒ ﻟﻬﻢ ﺑﻐﻼف ﺟﻤﻴﻞ و ﺗﻘﺪم ﻟﻬﻢ‬
‫ﺑﺄﺳﻠﻮب ﻣﺎﻛﺮ ﻻ ﻳﻨﺘﺒﻬﻮن إﱃ ﻣﺎ و راء اﻟﻘﻮل و اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ أﻫﺪاف ﺑﻌﻴﺪة ﻓﻬﻢ‬
‫ﻛﺎﻟﺨﺮاف ﺗﺴﻌﻰ ﻟﺤﺘﻔﻬﺎ و ﻻ ﺗﺪرك ﺷﻴﺌﺎً ﻣﻦ أﻣﺮﻫﺎ‪ .‬و ﻛﻞ ﻣﺒﺎدئ ﻫﺬه اﻟﻔﺮﻗﺔ و‬
‫أﻫﺪاﻓﻬﺎ و أﻳﻀﺎً درﺟﺎﺗﻬﺎ ﻣﻜﺮﺳﺔ ﰲ اﳌﻘﺎم اﻷول ﻟﺘﻘﺪﻳﺲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺟﺎء ﰲ اﻟﺘﻮراة‬
‫واﻟﺘﻠﻤﻮد و إﺣــﱰام اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻴﻬــﻮدي ﺑﺸـﻜﻞ ﺧــﺎص ﺛﻢ اﻟﻌـﻤﻞ اﻟﺠﺎد اﳌﺘﻮ اﺻﻞ‬

‫‪٤٥‬‬
 ‫ﻣﻦ أﺟﻞ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻟﻠﻴﻬﻮد ﰲ أرض ﻓﻠﺴﻄ ﺑﺎﺳﻢ إﴎاﺋﻴﻞ ﺛﻢ إﻋﺎدة‬
‫ﺑﻨﺎء ﻫﻴﻜﻞ ﺳﻠﻴ ن ﰲ اﳌﺴﺠﺪ اﻷ ﻗﴡ ﺑﻌﺪ ﻫﺪﻣﻪ و إزاﻟﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻮد ﺣﺚ‬
‫اﻟﻴﻬﻮد ﻣﻦ ﻛﻞ إرﺟﺎء اﻟﻌﺎ و أﻋﻀﺎء اﳌﺎﺳﻮن ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ و أﺳﻠﻮب ﺟﻤﻴﻞ‬
‫أن ﻳﻌﻤﻠﻮا ﻣﺘﺤﺪﻳﻦ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻘﻮل و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ و اﳌﺎل ﺛﻢ ﺗﻮﺳﻴﻊ اﻟﻮﻃﻦ‬
‫اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻟﻠﻴﻬﻮد ﰲ ﻛﻞ اﻟﺮﻗﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﺑﻬﺎ اﻟﻴﻬﻮد ﻓﻴ ﻣﴣ و ﻳﺸﻤﻞ ذﻟﻚ ﻛﻞ‬
‫ﺑﻼد اﻟﻌﺮب و ﻋﲆ اﻟﺨﺼﻮص اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻟﻠﻴﻬﻮد ﻓﻴﻬﺎ دﻳﺎر و ﺣﺼﻮن‬
‫و ﻣﻨﻄﻘﻪ ﺧﻴﱪ ﺑﺎﻟﺬات و أﺟﺰاء ﻣﻦ ﻣﴫ ﺧﺼﻮﺻﺎً ﺳﻴﻨﺎء ﺣﻴﺚ ﻛﻠﻢ ﷲ ﻣﻮﳻ و‬
‫ﺣﻴﺚ ﻣﻜﺚ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻨﻮ إﴎاﺋﻴﻞ ﺑﻌﺪ اﻟﺠﻼء ﻣﻦ ﻣﴫ ﻗﺒﻞ دﺧﻮﻟﻬﻢ إﱃ ﻓﻠﺴﻄ و‬
‫أﺟﺰاء ﻣﻦ ﻟﺒﻨﺎن و ﺳﻮرﻳﺎ و اﻟﻌﺮاق و اﻟﻴﻤﻦ أﻣﺎ اﻟﻴﻤﻦ ﻓﻬﻲ اﻟﺨﻄﻮة اﳌﻜﻤﻠﺔ‬
‫ﻟﺴﻠﻄﺎن اﻟﻴﻬﻮد ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺳﺒﺄ ﻋﲆ ﻋﻬﺪ ﺑﻠﻘﻴﺲ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟ ِﻤ ُ ﻠﻚ ﺳﻠﻴ ن و‬
‫أﺟﺰاء ﻣﻦ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ﺗﺴﻌﻰ إﴎاﺋﻴﻞ ﻟﻜﺴﺐ اﻷﻓﺮﻳﻘﻴ و ﻨﺤﻬﻢ‬
‫اﳌﺴﺎﻋﺪات اﳌﺎﻟﻴﺔ و اﻟﺨﱪاء ﰲ اﻹﻗﺘﺼﺎد ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﲆ اﳌﺎل و‬
‫اﻹﻗﺘﺼﺎد و اﻟﺬي ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﲆ اﳌﺎل و اﻹﻗﺘﺼﺎد ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﲆ ﻛﻞ ﻣﺠﺮﻳﺎت اﻟﺤﻴﺎة‬
‫ﰲ أي ﺑﻠﺪ ﻣﻦ ﺑﻼد اﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬و اﻟﻌﺮب ﻏﺎﻓﻠﻮن ﻋ ﻳﺮاد ﺑﻬﻢ‪ ،‬و أﻣﻮاﻟﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺒﱰول‬
‫ﰲ ﺑﻨﻮك أﻣﺮﻳﻜﺎ و أورﺑﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻟﺘﺪﻣ ﻫﻢ و اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻬﻢ و ﻫﻢ ﻳﺜﻘﻮن ﰲ‬
‫أﻣﺮﻳﻜﺎ و ﻫﻲ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﺴﺘﻌﻤﺮة ﻳﻬﻮدﻳﺔ و ﻳﺜﻘﻮن ﰲ دول أورﺑﺎ و ﻫﻲ ﺗﺤﺖ‬
‫ﺳﻴﻄﺮة اﻟﻴﻬﻮد اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ و ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺪول اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺗﺪرس ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ وراء ﺗﻬﺎﻓﺖ‬
‫إﴎاﺋﻴﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ و ﻣﺎ ﻫﻲ أﻫﺪاﻓﻬﺎ ﻣﻦ و راء ذﻟﻚ و ﻣﻦ اﻟﻌﺠﺐ اﻟﻴﻮم أن اﻟﻌﺎ‬
‫ﻳﺴ ﰲ رﻛﺐ اﻟﻴﻬﻮد ﻣﻐﻤﺾ اﻟﻌﻴﻨ ﻛﺄﻧﻪ ﻣﺨﺪر ﻻ ﻳﻌﻲ ﻣﻦ أﻣﺮه ﺷــﻴﺌﺎً‬
‫ﻓﻠ ذا؟؟ ‪ ..‬و اﻟﺠــﻮاب اﻟﺤــﻖ ﻫﻮ أن اﳌﺎﺳـﻮﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﻦ وراء ﻫﺬا اﻟﺘﺨــﻄﻴﻂ‬
‫اﻟﺠــﻬﻨﻤﻲ و ﻗــﺎدة اﻷﻣﻢ ﻻ ﻳﻘـــﻮدون ﺑـﻼدﻫﻢ ﳌﺼــﻠﺤـﺘﻬﺎ و إ ﺎ ﳌﺼـــﻠﺤﺔ‬
‫اﻟﻴـﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌـﻴﺔ و ﻳﻨﻔـﺬون اﻟﺘﺨـﻄﻴﻂ اﳌﺎﺳـــﻮ إﻣﺎ رﻏﺒــﺔ ﻓﺎﺟـــﺮة أو‬

‫‪٤٦‬‬
‫رﻫﺒـﺔ ﻣﺮﻋﺒﺔ و ﰲ اﻟﺼﻮرة اﳌﻘﺎﺑﻠﺔ ﻓﻌﻼ ﻟﺸﻌﻮﺑﻬﻢ و ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻣﺎﺳﻮﻧﻴﻮن ﺑﺎﻋﻮا‬
‫أﻧﻔﺴﻬﻢ و ﺑﻼدﻫﻢ ﻟﺸﻴﺎﻃ اﻟﻴﻬﻮد ﻓﺈﱃ أﻳﻦ ﻳﻨﺘﻬﻲ اﳌﺸﻮار اﻟﻈﺎ ؟؟‪..‬‬
‫واﳌﺎﺳﻮن ﻟﻬﻢ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻋﺎم ﻣﺨﺘﴫ ﻏ اﻟﺘﻘﺴﻴ ت اﳌﻔﻀﻠﺔ ﻓﺎﻟﻘﺴﻢ‬
‫اﻷول ﻳﻄﻠﻘﻮن ﻋﻠﻴﻪ اﳌﺒﺘﺪئ وﻫﻮ ﰲ أول درﺟﺎت اﻟﺴﻠﻢ و اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎ ﻫﻮ‬
‫اﻟﺸﻐﺎل وﻫﻮ اﻟﺬي اﻋﺪ ّ إﻋﺪادا ً ﺗﺎﻣﺎ ً ﳌﺒﺎﴍة اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻫﻮ اﻷﺳﺘﺎذ و‬
‫ﻫﻮ اﻟﺬي أﺻﺒﺤﺖ ﻟﻪ ﺗﺠﺎرب ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﻬﺎ ﻏ ه و ﻳﻘﻮد اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ و‬
‫اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺮاﺑﻊ ﻫﻮ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﰲ درﺟﺎت اﻟﺼﻌﻮد و ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺮﻓﻴﻖ و ﳌﺎ ﻛﺎن‬
‫اﻟﺮﻓﻴﻖ ﻫﻮ أﻋﲆ درﺟﺎت اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻓﻬﻢ ﻻ ﻳﻄﻠﻘﻮﻧﻪ أﻻ ﻋﲆ أﻗﻄﺎب اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻓﺒﻘﻮﻟﻮن اﻟﺮﻓﻴﻖ ﺳﺘﺎﻟ و اﻟﺮﻓﻴﻖ ﻟﻴﻨ و اﻟﺮﻓﻴﻖ ﺗﺮوﺗﺴ و اﻟﺮﻓﻴﻖ‬
‫ﺑﺮﻳﺠﻨﻴﻒ‪..‬و ﻫﻜﺬا‪..‬‬

‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ اﻟﺤﻤﺮاء‪:‬‬

‫و ﻫﻲ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ اﻟﺤﻤﺮاء و ﻫﺬه اﻟﻔﺮﻗﺔ ﻏ ﻣﻌﺮوﻓﺔ إﻻ ﻟﻨﻔﺮ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻴﻬﻮد أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﳌﻠﻮﻛﻴﺔ ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ ﺳﻮاﻫﻢ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﳌﺎﺳﻮن‬
‫اﻷﻣﻤﻴﻮن اﻷ ﻏﻴﺎر اﻟﺬﻳﻦ ﻻ و زن ﻟﻬﻢ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻫﺬا اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺠﺒﺎر و ﻫﺆﻻء‬
‫اﻟﻨﻔﺮ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد ﻣﻨﺤﺪرﻳﻦ ﻣﻦ أﺻﻞ روﻣﺎ ﺑﺎﳌﻴﻼد ﻻ ﺑﺎﻟﺘﺠﻨﺲ و اﻟﻌﻨﴫ ﻫﻮ‬
‫اﻟﻌﻨﴫ اﻟﻴﻬﻮدي ﻣﻦ أﺑﻨﺎء ﻳﻌﻘﻮب و ﻳﺸﱰط أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﻦ أﺑﻨﺎء داؤو د أﻣﺎ و‬
‫أﺑﺎ ً و اﻟﻴﻬﻮد ﻟﻬﻢ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣﻐﺎﻳﺮة ﰲ إﺛﺒﺎت ﻧﺴﺒﻬﻢ ﻓﻬﻢ ﻳﺮون اﻟﻴﻬﻮدي ﻣﻦ‬
‫و وﻟﺪﺗﻪ أم ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﻓﺎﻷﺻﻞ ﺑﺎﻷم ﻓﺈذا ﺗﺰوج اﻟﻴﻬﻮدي إﻣﺮأة ﻏ ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﻓﺄﺑﻨﺎؤه‬
‫ﻟﻴﺴﻮا ﻳﻬﻮدا ً و إذا ﺗﺰوﺟﺖ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﺑﻐ ﻳﻬﻮدي ﻓﺎن أﺑﻨﺎءﻫﺎ ﻳﻬﻮد و ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻻ‬
‫ﻳﺨﺘﺎرون ﻟﻬﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﻷن ﴍﻃﻪ أن ﻳﻜﻮن ﻳﻬﻮدﻳﺎ ً أﺑﺎ ً وأﻣﺎً‪.‬‬
‫‪٤٧‬‬
‫وﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﻫﻮ اﳌﺴﻴﻄﺮ ﻋﲆ ﻛﻞ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﳌﺎﺳﻮ ﰲ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء‬
‫اﻟﻌﺎ وﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺨﻄﻂ و ﻳﺮﺳﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻟﻜﻞ دول اﻟﻌﺎ و ﻫﻮ و راء ﻛﻞ ﺛﻮرة‬
‫و اﺿﻄﺮاﺑﺎت و ﺗﻐ ات ﰲ اﻟﻌﺎ و ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺨﺪم اﳌﺎﺳﻮﻧ اﻷول و اﻟﺜﺎ‬
‫ﻟﻨﴩ اﻟﻔﻮﴇ و اﻹﺿﻄﺮاﺑﺎت ﰲ اﻟﻌﺎ وﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﺎ ﻻ ﻳﺪع ﻣﺠﺎﻻ ﻟﻠﺸﻚ أن ﻛﻞ‬
‫اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎ و ﺧﻼ ﻳﺎﻫﺎ و أﺣﺰاﺑﻬﺎ ﰲ ﻳﺪ ﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﻣﻦ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻳﻮﺟﻬﻮﻧﻬﺎ و ﻳﺪﻳﺮوﻧﻬﺎ و ﺪوﻧﻬﺎ ﺑﺎﳌﺎل اﻟﻮﻓ و ﻳﺸﺠﻌﻮﻧﻬﺎ و‬
‫ﻳﺆﻳﺪوﻧﻬﺎ ﺑﻜﻞ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ اﳌﻨﺘﴩة ﰲ ﻛﻞ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﻮﺳﺎﺋﻠﻬﺎ‬
‫اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ اﳌﺘﻄﻮرة اﳌﺆﺛﺮة ﰲ ﻛﻞ اﻷﺣﺪاث‪ .‬و إن و ﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﻀﺨﻤﺔ‬
‫إ ﺎ ﻠﻜﻬﺎ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﰲ ﻛﻞ ﺑﻼد اﻟﺪﻧﻴﺎ و ﻣﻦ اﳌﻼﺣﻆ إﻧﻪ ﻳﺤﺪث‬
‫ﻗﻂ أن وﺟ ّ ﻬﺖ ﻧﻘﺪا ً ﻹﴎاﺋﻴﻞ ﺑﻞ ﺗﻘﻒ دوﻣﺎ ً ﻣﻌﻬﺎ و ﺗﻬﺎﺟﻢ ﺳﻮاﻫﺎ و ﺗﺨﻠﻖ‬
‫ﻣﻦ اﻻﻓﱰاءات و اﳌﱪرات ﻣﺎ ﺗﺼﻮر ﺑﻪ ﺑﺮاءة إﴎاﺋﻴﻞ و ﺗﺼﻒ ﺳﻮاﻫﺎ ﻇﻠ ً ﺑﻜﻞ‬
‫ﻛﺮاﻫﻴﺔ و ﺗﺰور ﺑﻼ ﺣﻴﺎء ﺣﻘﺎﺋﻖ اﻷﺣﺪاث و ﺗﺼﻮر اﻹ ﴎاﺋﻴﻠﻴ ﻛﺄ ﺎ ﻫﻢ ﻣﻼﺋﻜﺔ‬
‫ﻻ ﻳﻘﱰﻓﻮن ذﻧﺒﺎ ً و ﻻ ﻳﺒﺎﴍون ﻇﻠ ً و أﻧﻬﻢ ﻣﻌﺘﺪى ﻋﻠﻴﻬﻢ و ﻫﻢ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ‬
‫ﻣﻌﺘﺪون‪.‬‬
‫وﻻ ﻳﺸﻚ ﻋﺎﻗﻞ أو ﻟﺒﻴﺐ أو ﺑﺎﺣﺚ أرﻳﺐ ﰲ أن اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ اﻟﺤﻤﺮاء ﻫﻲ‬
‫ﻗﻤﺔ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و أن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﴎﻳﺔ ﻳﻬﻮدﻳﺔ دﻣﺎً و ﻟﺤ ً و ﻋﻈ ً و‬
‫اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ و اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻳﺪان ﻟﺠﺴﻢ واﺣﺪ و أن اﻟﻘﺎدة‬
‫اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﻮن ﺧﺎﺿﻌﻮن و ﻣﻨﻔﺬون ﻷواﻣﺮ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ و ﺧﻄﺘﻬﺎ و اﳌﺮﻛﺰ‬
‫اﻷﻋﲆ ﻟﻠﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺪﻳﺮ ﻫﺬه اﻷﻗﺴﺎم وﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﻛﺎن ﻟﻪ‬
‫ﻣﺤﻔﻞ و اﺣﺪ ﻓﻴ ﻣﴣ ﰲ ﻟﻨﺪن أﻳﺎم اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ ﺛﻢ اﻧﺘﻘﻞ إﱃ ﺑﺎرﻳﺲ‬
‫ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺛﻢ إﱃ ﻧﻴﻮﻳﻮرك و ﻻ ﻳﺪﺧﻠﻪ أﻻ ﻧﻔﺮ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد ﻣﻦ أﺑﻨﺎء‬
‫ﻳﻌﻘﻮب أﺑﺎً و أﻣﺎ و ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺪﺧﻮﻟﻪ ﺣﺘﻰ ﻟﻠﻴﻬﻮد اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻏ ﻫﺆﻻء‬
‫‪٤٨‬‬
‫اﳌﺨﺘﺎرﻳﻦ وﻻ ﻳﻌـﻠﻢ ﺑﻬﺬا اﳌـﻘﺮ ﺳــﻮى ﻫـﺆﻻء اﻷﻋﻀـﺎء ﻓﻘﻂ و ﻫﺬا اﳌـﺤﻔﻞ‬
‫اﻟﺨـﻄ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺪﻳﺮ ﻛﻞ ﺣـﺮﻛﺔ ﻓﻮﺿﻮﻳﺔ ﺳــ ﻴﺎﺳﻴﺔ إﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ و إﺟﺘ ﻋﻴﺔ ﺑﺄي‬
‫ووﺳﻴﻠﺔ ﻣﻌﺘﻤﺪا ً ﻋﲆ اﻟ وات اﻟﻄﺎﺋﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺘﻠﻜﻬﺎ اﻟﻴﻬﻮد ﺑﺸـﺘﻰ اﻷﺳـ ء و‬
‫اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت و اﻟﺸــﺮاﺋﻊ و اﻷﺷـﺨﺎص و دول ﻋﺪﻳﺪة و ﺗﺠﺎر و ﺻﻨﺎع و‬
‫ﻣﺴـﺘﺸﺎرون و ﻣﺰارﻋـﻮن و ﻋﻠ ء و رﺟﺎل دﻳﻦ ﺧــﺎﺿﻌﻮن ﻟﻠﺴـﻴﺎﺳـﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫و ﺿﻌﻬﺎ ﻫﺬا اﳌﺤـﻔﻞ اﻟﺠـﺒﺎر‪ .‬و ﻟﻬﺬا اﳌﺤﻔﻞ ﻣﺴـﺘﺸﺎرون ﻣﺤﻨـﻜﻮن أﻗـﻮﻳﺎء ﻗﺪ‬
‫ﻋﻴﻨﻮا ﰲ أ ﺟﻬﺰة ﻛﻞ دوﻟﺔ ﻣﻦ دول اﻟﻌـﺎ ﺑﻮاﺳـﻄﺔ اﻟﺴـﻠﻄﺎت اﻟﻌـﻠﻴﺎ ﻟﻠـﺪوﻟﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﺨـﻀﻊ ﻟﻬﺬا اﻟﻨﻔﻮذ ﺑﻮاﺳـﻄﺔ اﻟﺤـﻜﺎم اﻟﺬﻳﻦ أﺗﻮا ﺑﻬﻢ إﱃ ﺳـﺪة اﻟﺤﻜﻢ و ﻗﺪ‬
‫إﺷﱰوا ذﻣﻤﻬﻢ و ﺿـ ﺋﺮﻫﻢ ووﻃﻨﻴﺘﻬﻢ وﻋﻘـﺎﺋﺪﻫﻢ ﺑﺎﻷﻣﻮال اﻟﻄﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ‬
‫ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪون ﻣﻨﻬﻢ و ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻜﺎم أو اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻣﻦ اﻟﻐﻔﻠﺔ‬
‫ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﻨﺘﺒﻬﻮا ﻟﻬﺬه اﳌﺨﻄﻄﺎت اﻟﺠﻬﻨﻤﻴﺔ اﳌﺪﻣﺮة و ﻫﺬا اﳌﺤﻔﻞ ﻳﺪﻳﺮ ﻛﻞ‬
‫اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻔﻮﺿﻮﻳﺔ و اﻟﺜﻮرﻳﺔ ﰲ اﻟﻌﺎ و ﻳﺴــﺎﻋﺪﻫﺎ ﻣﺎ داﻣﺖ ﺿﺪ أﻧﻈﻤﺔ‬
‫اﻟﺤﻜﻢ اﳌﻌﺎدﻳﺔ ﻟﻪ و ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺤﺮك اﻹﺿﻄﺮاﺑﺎت و اﻟﺜﻮرات ﺧﺼﻮﺻﺎً ﺑ‬
‫اﻟﻄﻠﺒﺔ و اﻟﻌ ل ﳌﺎ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ أﺛﺮ ﺑﺎﻟﻎ ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ و ﻟﻘﺼﻮر ﺗﺠﺎرﺑﻬﻢ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة‬
‫ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﺴــﺘﺠﻴﺒﻮن ﻟﻜﻞ ﺻﻴﺤﺔ و ﻳﺘﺤﻤﺴــﻮن ﻷي ﻗــﻀﻴﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺴــﻬﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ‬
‫ﻗﻴﺎدﺗﻬﻢ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻬﻢ اﳌﺪﻣﺮة‪ .‬و ﻳﻌﻤﻞ ﻫﺬا اﳌﺤﻔﻞ ﻋﲆ أن ﻳﻜﻮن ﻷي‬
‫ﻳﻬﻮدي ﺻﻔﺘﺎن ﻣﺰدوﺟﺘﺎن اﺣﺪﻫ إﻧﻪ إﴎاﺋﻴﲇ و ﻮﺟﺐ ذﻟﻚ ﻟﻪ اﻟﺤﻖ ﰲ‬
‫اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﺠﻨﺴــﻴﺔ اﻹﺳــﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ و اﻟﺠﻮاز اﻹﺳــﺮاﺋﻴﲇ‪ ،‬و اﻟﺼﻔﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ إﻧﻪ‬
‫ﻛﻮﻧﻪ ﻣﻮاﻃﻨﺎً ﰲ اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺬي ﻳﻌﻴــﺶ ﻓﻴﻪ ﻓﻴﻨﺎل ﺟﻨﺴــﻴﺘﻪ و ﺟـﻮازا ً ﻟﺴــﻔﺮه و‬
‫و ﻻؤه ﻟﻜﻴﻠﻴﻬ و ﻟــﻜﻦ ﰲ اﻟﺤــﻘﻴﻘﺔ ﻳﻜﻮن وﻻؤه ﻹﺳــﺮاﺋﻴﻞ و ﺣــﺪﻫﺎ دون‬
‫ﺳــﻮاﻫﺎ ﻓﻬﻮ ﻳــﻬﻮدي أﻣﺮﻳ وإﺳــﺮاﺋﻴﲇ أو ﻫﻮ إﺳــﺮاﺋﻴﲇ أور ‪ .‬و ﻛــﻮﻧﻪ‬
‫إﺳــﺮاﺋﻴﲇ ﻣﻌــﱰف ﺑﻪ ﻋﻠــﻴﻪ أن ﻳﺨﺪم ﰲ ﺟﻴﺶ إﺳــﺮاﺋﻴﻞ ﳌﺪة ﺳــﻨﺘ‬
‫ﻛﺎﻣــﻠﺘ ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳــﻌﻮد إﱃ وﻃــﻨﻪ اﻟﺜـﺎ و ﻟﻜـﻨﻪ ﻳﺮﺟﻊ إﱃ إﺳــﺮاﺋﻴﻞ‬
‫‪٤٩‬‬
‫ﰲ ﻛﻞ ﻋﺎم ﳌﺪة ﺛﻼﺛﺔ أﺳﺎﺑﻴﻊ ﻟﻠﺘﺪرﻳﺐ ﻋﲆ أﺣﺪث اﻷﺳﻠﺤﺔ ﻟﻴﻜﻮن ﻣﺴﺘﻌﺪا ً‬
‫ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ إﴎاﺋﻴﻞ إذا وﻗﻌﺖ اﻟﺤﺮب وﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺴﺒﻘﺎ ً ﻣﻮﻗﻌﻪ ﻓﻴﺸﱰك ﰲ‬
‫اﳌﻌﺮ ﻛﺔ ﻋﲆ اﻟﻔﻮر و ﻋﲆ ﻛﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﻌﺎ اﻟﺨﺎﺿﻌﺔ ﻟﻬﺬا‬
‫اﳌﺤﻔﻞ أن ﺗﻌﻤﻞ ﺑﴪﻋﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﺑﻼ ﺗﻮان ٍ و أن ﺗﻘﺪم ﻛﻞ‬
‫ﻣﺴﺎﻋﺪة ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻴﻬﺎ‪ ،‬و ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺔ أو اﻟﺼﻔﺘﺎن اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬ ﻛﻞ ﻳﻬﻮدي ﻻ‬
‫ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻬﺎ ﻟﻐ ﻫﻢ ﻣﻦ اﻷﺟﻨﺎس إﻃﻼﻗﺎ ً و ﻻ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻏ ﻫﻢ أﺑﺪا ً و ﻳﻘﻮل‬
‫اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﻔﻴﻔﻲ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﰲ ﻣﺆﻟﻔﻪ ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ‪ :‬ﻫﺬا ﻣﺎ ﺧﱪﺗﻪ‬
‫ﺑﻨﻔﴘ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻴﻬﻮد اﻷورﺑﻴ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﻤﻠﻮن اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻷورﺑﻴﺔ و اﻹﴎاﺋﻴﻠﻴﺔ‬
‫ﻛﺘﻀﻠﻴﻞ ﻟﻠﻌﺎ اﻟﻌﺮ ‪.‬‬
‫اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻧﺒﻌﺖ ﻣﻦ اﳌﺤﻔﻞ اﳌﺎﺳﻮ اﻷ ﺣﻤﺮ‪:‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻗﺒﻞ اﻹﻧﻘﻼب اﻵ ﺧ ﰲ روﺳﻴﺎ ﻫﻲ اﻟﻘﻮة اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ و ﻫﻲ ﻓﻜﺮة ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ و ﺿﻌﻬﺎ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﰲ اﻟﺘﺪرج اﳌﺎﺳﻮ‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻲ و ﻫﻮ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ اﻟﺤﻤﺮاء و ﻗﺎم ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ ﻓﻠﺴﻔﺘﻬﺎ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف‬
‫اﻟﻴﻬﻮدي ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛﺲ و ﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﻘﺪرا ً ﻟﻬﺎ أوﻻً أن ﺗﻘﻮم ﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ اﻟﻌﻈﻤﻰ‬
‫ﻧﻈﺮا ً ﻟﻺﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ اﳌﱰاﻣﻴﺔ اﻷﻃﺮاف و ﻣﺎ ﺗﻀﻢ ﻣﻦ ﺷﻌﻮب ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‬
‫ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻘﺎرات ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ً ﺣﺘﻰ ﺗﺴﻬﻞ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻟﻠﻴﻬﻮد و ﻟﻜﻦ اﻷﻣﺮ ﻗﺪ و ﺟﺪ‬
‫ﺻﻌﻮﺑﺎت ﺟﻤﺔ ﻓﻌﺪل اﻷﻣﺮ إﱃ روﺳﻴﺎ و ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ اﻟﺤﻤﺮاء ﺣﺴﺐ‬
‫اﳌﺨﻄﻂ اﳌﺎﺳﻮ و ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺘﻀﺢ اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺘﺄﻣﻞ ﰲ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ‬
‫ﻟﻠﺤﺰب اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ اﻷول ﺑﻘﻴﺎدة ﻟﻴﻨ ‪١٩١٨‬م و ﻫﻲ أﻋﲆ ﺳﻠﻄﺔ ﺑﺎﻹﺗﺤﺎد‬
‫اﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ و ﻫﻮ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﺘﺎﱄ‪:‬‬

‫‪٥٠‬‬
 ‫‪ .١‬ﺑﺮوﻧﺸﺘﺎﻳﻦ )) ﺗﺮوﺗﺴ ((‪.‬‬
‫‪ .٢‬اﺑﻐﻠﻴﻮم )) وﻳﺘﻔﻴﻔﻲ((‪.‬‬
‫‪ .٣‬ﻟﻮري )) ﻻﻳﻦ((‪.‬‬
‫‪ .٤‬ارﺗﺴ ‪.‬‬
‫‪ .٥‬روز‪.‬‬
‫‪ .٦‬ﺑﻨﻔﻠﺖ‪.‬‬
‫‪ .٧‬ﻛﺎﻣﻨﻴﻒ‪.‬‬
‫‪ .٨‬ﺳﻴﻔﺮدوف‪.‬‬
‫‪ .٩‬ﻧﺎﺧﺎﻣﻲ ))ﺳﺘﻜﻠﻮف((‪.‬‬
‫و ﻫﺆﻻء اﻟﺘﺴﻌﺔ ﻳﻬﻮد ﺟﻤﻴﻌﺎ ً و ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﻣﺆﻟﻔﺔ ﻣﻦ‬
‫إﺛﻨﻲ ﻋﴩ ﻋﻀﻮاً و ﻟﻴﻨ ﻛﺎن ﻣﺘﺰوﺟﺎ ً ﻣﻦ ﻳﻬﻮدﻳﺔ‪ .‬أﻣﺎ ﰲ أﻳﺎم ﺳﺘﺎﻟ‬
‫ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﻟﻠﺤﺰب اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﻣﺆﻟﻔﺔ ﻣﻦ ‪ ٥٩‬ﻋﻀﻮاً ﻣﻨﻬﻢ‬
‫‪ ٥٦‬ﻳﻬﻮدﻳﺎ ً و اﻟﺜﻼث اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺘﺰوﺟ ﻣﻦ ﻳﻬﻮدﻳﺎت‪.‬‬
‫ﻓﻬﻞ ﻳﺒﻘﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺷﻚ ﰲ أن اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ اﻟﺤﻤﺮاء ﺑﻨﺖ ﻏ ﴍﻋﻴﺔ‬
‫ﻟﻠ ﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ اﻟﺤﻤﺮاء؟ و أن اﻟﻴﻬﻮد ﻫﻢ ﻣﻨﻔﺬوﻫﺎ اﻟﻘﺎ ﻮن ﻋﲆ اﻟﻌﺎ‬
‫أﺟﻤﻊ ﺑﻌﺪ أن أﺻﺒﺤﺖ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﺗﺤﺖ ﻗﺒﻀﺔ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ و ﻫﻲ أداة‬
‫ﻃﻴﻌﺔ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪون ﻋﻤﺪت إﱃ ﺗﺨــﺮﻳﺐ اﻹﻗــﺘﺼﺎد اﻟﺮوﳼ و ﺗﺪﻣ‬
‫ﻣﻘــﻮﻣﺎﺗﻪ ﺛﻢ أﺳــﻘﻄﺖ اﻟﺸــﻴﻮﻋﻴﺔ ﻧﻬــﺎﺋﻴﺎً و و ﺿـﻌﺖ ﺑﺪﻻً ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻨـﻬﺠﺎً‬
‫ﻳﻮاﺋﻢ اﳌﻨﻬـﺞ اﻷ ﻣﺮﻳ و ﺟﻌﻠﺖ روﺳــﻴﺎ ﻣﻌﺎوﻧﺎ ً ﻷﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﺒﺴﻂ‬

‫‪٥١‬‬
‫ﺳﻠﻄﺎﻧﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﻜﻮن و ﻫﻮ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻴﻬﻮد اﻟﻌﺎﳌﻲ‪ .‬وﻣﺎ و ﺿﻌﺖ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ أﺳﺎﺳﺎ ً أﻻ ﻟﺤﻜﻢ اﻟﻌﺎ ﻛﻠﻪ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺷﻌﺐ ﷲ اﳌﺨﺘﺎر ﻣﻦ ﺑﻨﻲ‬
‫ﻳﻌﻘﻮب‪.‬‬
‫وﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ إﴎاﺋﻴﻞ ﺣﺴﺐ اﳌﺨﻄﻂ اﻟﺠﺒﺎر وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ روﺳﻴﺎ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ‬
‫ﺛﺎ دوﻟﺔ ﺗﻌﱰف ﺑﺈﴎاﺋﻴﻞ ﰲ اﻟﻌﺎ و أﺑﺪت اﺳﺘﻌﺪادﻫﺎ ﻟﻠﺘﺪﺧﻞ اﻟﻌﺴﻜﺮي‬
‫ﻟﺤ ﻳﺘﻬﺎ إذا دﻋﺖ اﻷﺣﻮال و إذا ﺗﺒﺪﻟﺖ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻜﺘﻴﻜﻴﺔ ﻧﺤﻮ إﴎاﺋﻴﻞ ﻣﻦ‬
‫ﺟﺎﻧﺐ روﺳﻴﺎ ﰲ اﻵوﻧﺔ اﻵﺧ ة ﻓ زاﻟﺖ روﺳﻴﺎ ﺗﴫ ﻋﲆ أن إﴎاﺋﻴﻞ ﺧﻠﻘﺖ‬
‫ﻟﺘﺒﻘﻰ و ﺗﺮﻓﺾ أي ﺑﺤﺚ أو ﻓﻜﺮة ﺗﺘﻨﺎول اﻟﻜﻴﺎن اﻹﴎاﺋﻴﲇ و ﺗﻜﺘﻔﻲ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ‬
‫دورﻫﺎ ﰲ اﻟﻠﻌﺒﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻤﻴﺖ )ﺑﺎﻟﺘﻮازن ﰲ اﳌﻨﻄﻘﺔ( و ﻫﻮ ﺗﻮازن‬
‫ﺗﻔﻀﺤﻪ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ و اﻷﺣﺪاث اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ وﰲ ﻛﺘﺎب أﻧﻮر اﻟﺴﺎدات )) ﺣﻴﺎﺗﻪ‬
‫و اﻟﺤﺮب ﺿﺪ إﴎاﺋﻴﻞ (( ﻧﺮي ﻛﻴﻒ ﻛﺎن اﻟﺮوس ﻳﺮﻓﻀﻮن أن ﻳﺰودوا ﻣﴫ‬
‫ﺑﺎﻷﺳﻠﺤﺔ ﺿﺪ إﴎاﺋﻴﻞ ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺐ ﻣﺎﻛﺮة ﻣﻔﻀﻮﺣﺔ‪.‬‬
‫و ﻟﻘﺪ ﻧﺠﺤﺖ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﰲ أﻳﺠﺎد إﴎاﺋﻴﻞ ﰲ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬
‫و أﺻﺒﺤﺖ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻗﺎ ﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺘﺂﻣﺮ اﻟﺪوﱄ ﻋﲆ اﻟﺤﻖ اﻟﻌﺮ وﻟﻜﻦ ﻳﻜﺘﻤﻞ‬
‫اﳌﺨﻄﻂ اﻹﴎاﺋﻴﲇ ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم وإن ﻗﻄﻌﺖ ﺷﻮﻃﺎ ً ﻛﺒ ا ً ﰲ اﺗﺠﺎﻫﻪ ﻓﻘﺪ ﻗﺎل‬
‫ﻧﺎﺣﻮم ﻏﻮﻟﺪﻣﺎن ﻣﺒﻴﻨﺎ ً ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﺼﻬﺎﻳﻨﺔ ‪ ) :‬ﻳﺨﱰ اﻟﻴﻬﻮد ﻓﻠﺴﻄ ﳌﻌﻨﺎﻫﺎ‬
‫اﻟﺘﻮرا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻢ ﻓﺤﺴﺐ و ﻻ ﻷن ﻣﻴﺎه اﻟﺒﺤﺮ اﳌﻴﺖ ﺗﻌﻄﻲ ﺳﻨﻮﻳﺎ ﺑﻔﻀﻞ‬
‫اﻟﺘﺒﺨﺮ ﻣﺎ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﺛﻼﺛﺔ أﻟﻒ ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﻣﻦ اﳌﻌﺎدن و أﺷﺒﺎه اﳌﻌﺎدن و ﻟﻴﺲ أﻳﻀﺎً‬
‫ﻷن ﻣﺨﺰون ﻓﻠﺴﻄ ﻣﻦ اﻟﺒﱰول ﻳﻌﺎدل ﻣﺨﺰون اﻷ ﻣﺮﻳﻜﺘ ﻣﻦ اﻟﺒﱰول ﺑﻞ‬
‫اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻷن ﻓﻠﺴﻄ ﺗﺸﻜﻞ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ ﻧﻘﻄﺔ اﻻرﺗﻜﺎز اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﻗﻮى اﻟﻌﺎ‬
‫و ﻷﻧﻬﺎ اﳌﺮﻛﺰ اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻲ اﻟﻌﺴﻜﺮي ﻟﻠﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ اﻟﻌﺎ ( ﻓ رأﻳﻚ أﻧﺖ أﻳﻬﺎ‬
‫اﻟﻘﺎرئ؟ ﻟﻘﺪ وﺿﺤﺖ اﻟﺼﻮرة و وﺿﻌﺖ اﻟﻨﻘﺎط ﻓﻮق اﻟﺤﺮوف و ﺗﺤﻘﻖ ارﺗﺒﺎط‬

‫‪٥٢‬‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ و ﻛﻼﻫ ﻣﻦ وﺿﻊ اﻟﻴﻬﻮد وﻓﻮق ﻛﻞ ﻫﺬا ﺗﺮى أﺳﺎﻟﻴﺐ‬
‫اﻟﻘﻤﻊ اﻟﻮﺣﺸﻴﺔ ﰲ إﴎاﺋﻴﻞ ﻣﻨﺬ ﻗﻴﺎﻣﻬﺎ و أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ واﺣﺪة ﻻ ﺗﺸﺒﻪ ﻏ‬
‫ﺣﻘﺪ اﻟﻴﻬﻮد‪.‬‬

‫‪٥٣‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ‬

‫ﻣﻨﺢ اﻟﺪرﺟﺎت اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬

‫ﺗﺒﻠﻎ اﻟﺪرﺟﺎت اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻨﺤﻬﺎ ﻷﻋﻀﺎﺋﻬﺎ ﺛﻼﺛﺎ ً و ﺛﻼﺛ درﺟﺔ و ﻻ‬

‫ﻳﻨﺎل اﻟﻌﻀﻮ درﺟﺔ ﻣﻦ درﺟﺎﺗﻬﺎ إﻻ ﺑﻌﺪ إﻣﺘﺤﺎن ﺷﺎق ﻓﺈذا ﻧﺠﺢ أﻋﻄﻲ وأﻻ ﺣ ُﺮم‬
‫ﻣﻦ اﻟﺪرﺟﺔ‪ .‬و ﻟﻜﻞ ﻗﺴﻢ ﻣﻦ أﻗﺴﺎﻣﻬﺎ اﻟﺜﻼث ﻋﺪد ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺪرﺟﺎت و ﻛﻞ‬
‫ﻗﺴﻢ ﻳﻌﺮف درﺟﺎﺗﻪ و ﻻ ﻳﻌﺮف درﺟﺎت اﻟﻘﺴﻢ اﻵﺧﺮ اﻟﺬي ﻳﻠﻴﻪ و ﻛﻞ درﺟﺔ‬
‫أﻋﲆ ﺗﺮأس اﻟﺘﻲ ﺑﻌﺪﻫﺎ و ﻋﲆ اﻟﻌﻀﻮ اﻟﻄﺎﻋﺔ ﳌﻦ ﻳﺮأﺳﻪ و ﻛﻞ ﻗﺴﻢ ﻳﻘﺴﻢ إﱃ‬
‫ﺧﻼﻳﺎ و ﻛﻞ ﺧﻠﻴﺔ ﻗﺎ ﺔ ﺑﺬاﺗﻬﺎ ﻻ ﺗﻌﻠﻢ ﻋﻦ أﻋ ل اﻟﺨﻠﻴﺔ اﻷﺧﺮى ﺷﻴﺌﺎً و اﻷﺳﺘﺎذ‬
‫اﻷﻋﻈﻢ و اﻟﺴﻜﺮﺗ اﻷﻋﻈﻢ ﻫﻢ اﻟﻠﺬان ﻳﻌﺮﻓﺎن ﻛﻞ اﻟﺨﻼﻳﺎ و أﻋ ﻟﻬﺎ و ﻛﻞ ﻋﻀﻮ‬
‫ﰲ أي ﺧﻠﻴﺔ ﻛﻠﻒ ﺑﺄﻣﺮ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻜﺘﻢ اﻟﴪ ﻓﻼ ﻳﻌﻠﻢ اﺣﺪ ﻣﻦ أﻓﺮاد‬
‫ﺧﻠﻴﺘﻪ‪ .‬و اﳌﻘﺼﻮد ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻹﻣﻌﺎن ﰲ اﻟﴪﻳﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ وإﺿﻔﺎء ﻫﺎﻟﺔ ﻛﺒ ة ﻋﲆ‬
‫ﻫﺬه اﻟﺪرﺟﺎت ﺣﺘﻰ ﺗﺒﺪو ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻣﻔﺨﻤﺔ ﺗﺮﻫﺐ اﻟﻘﻠﻮب و ﺗﺒﻌﺚ ﻋﲆ‬
‫اﻻﺣﱰام ﻓﺘﻜﺮس اﻟﺘ ﻳﺰ ﺑ اﻷﻋﻀﺎء اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻖ اﻟﺘﻔﺎﺿﻞ ﺑﻴﻨﻬﻢ‪ .‬و اﻟﺘ ﻳﺰ‬
‫ﻣﻘﺼﻮد ﻟﺬاﺗﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﺮ ﰲ اﻷذﻫﺎن أن اﻟﺠﻨﺲ اﻟﺒﴩي ﻳﺘ ﻳﺰ وﻳﺘﻔﺎﺿﻞ‬
‫و اﻟﺘ ﻳﺰ ﻛﺤﻘﻴﻘﺔ ﻻزﻣﺔ‪،‬ﻋﻨﺪﺋﺬ ٍ ﺗﻬﻀﻢ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺷﻌﺐ ﷲ اﳌﺨﺘﺎر ﻋﻨﺪ ﻛﻞ اﻟﺒﴩ‪،‬‬
‫و ﻫﻮ أﻓﻀﻞ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت و اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻴﻬﻮدي ﻓﻘﻂ اﳌﺨﺼﻮص ﺑﺎﻟﺘ ﻳﺰ وﻣﺎ ﻋﺪاه إ ﺎ‬
‫ﻳﻜﻮن ﰲ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺴﻔﲆ‪.‬‬
‫و ﺗﺒﺪأ ﻫﺬه اﻟﺪرﺟﺎت ﰲ اﻟﻘﺴﻢ اﻷول و ﻫﻮ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻫﻜﺬا‪:‬‬
‫‪ (١‬اﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﱃ و ﺗﺴﻤﻰ درﺟﺔ اﻟﺘﻠﻤﺬة‪.‬‬

‫‪٥٤‬‬
 ‫‪ (٢‬اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ و ﺗﺴﻤﻰ درﺟﺔ اﳌﻌﺎون‪.‬‬
‫‪ (٣‬اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ و ﺗﺴﻤﻰ درﺟﺔ اﻷﺳﺘﺎذ‪.‬‬
‫‪ (٤‬اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ و ﺗﺴﻤﻰ درﺟﺔ اﻟﴪي‪.‬‬
‫‪ (٥‬اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ و ﺗﺴﻤﻰ درﺟﺔ اﻟﻜﺎﻣﻞ‪.‬‬
‫‪ (٦‬اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ و ﺗﺴﻤﻰ درﺟﺔ اﻟﻄﻔﻴﲇ‪.‬‬
‫‪ (٧‬اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ و ﺗﺴﻤﻰ درﺟﺔ اﻟﻘﺎﴈ‪.‬‬
‫‪ (٨‬اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ وﺗﺴﻤﻰ درﺟﺔ إﴎاﺋﻴﻞ‪.‬‬
‫‪ (٩‬اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ و ﺗﺴﻤﻰ درﺟﺔ إﴎاﺋﻴﻞ اﳌﻨﺘﺨﺐ ﻣﻦ ﺗﺴﻌﺔ‪.‬‬
‫‪ (١٠‬اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﻌﺎﴍة و ﺗﺴﻤﻰ درﺟﺔ ﻣﺨﺘﺎر اﻟﺨﻤﺴﺔ ﻋﴩ اﻟﺸﻬ ة‪.‬‬
‫‪ (١١‬اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺤﺎدﻳﺔ ﻋﴩ و ﺗﺴﻤﻰ درﺟﺔ اﻟﻔﺎرس اﳌﺨﺘﺎر‪.‬‬
‫‪ (١٢‬اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﴩ و ﺗﺴﻤﻰ درﺟﺔ اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺒﻨﺎء اﻷﻋﻈﻢ‪.‬‬
‫‪ (١٣‬اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﴩ و ﺗﺴﻤﻰ درﺟﺔ ﻓﺎرس اﻟﻌﻘﺪ اﳌﻠﻮ ‪.‬‬
‫‪ (١٤‬اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻋﴩ و ﺗﺴﻤﻰ درﺟﺔ اﻻﺳﻜﺘﻠﻨﺪي اﻷﻋﻈﻢ‪.‬‬
‫‪ (١٥‬اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻋﴩ و ﺗﺴﻤﻰ درﺟﺔ ﻓﺎرس اﻟﴩق‪.‬‬
‫‪ (١٦‬اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ﻋﴩ و ﺗﺴﻤﻰ درﺟﺔ أﻣ أورﺷﻠﻴﻢ‪.‬‬
‫وﻫﻜــﺬا ﺗﺘﺪرج ﻫﺬه اﻟﺪرﺟــﺎت إﱃ أن ﺗﺼﻞ اﻟﺪرﺟــﺔ اﻟﺜــﺎﻟﺜﺔ‬
‫و اﻟﺜﻼﺛ وﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻨﺎ أﺳــ ء اﻟﺪرﺟــﺎت اﻷﺧــﺮ ى ﻓﻘﺪ ﺧﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ‬
‫اﳌﺮاﺟـﻊ اﻟﺘﻲ ﺑ أﻳﺪﻳﻨﺎ وﺗﻜﺘﺐ ﻫﺬه اﻟﺪرﺟــﺎت ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌــﱪﻳﺔ‬
‫ﺧﺼﻮﺻﺎً اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ و اﻟﺜﻼﺛ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺺ اﳌﻔﺘﺶ أو اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻷﻋﻈﻢ‬
‫اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ و ﻟﻜﻞ درﺟــﺔ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺪرﺟﺎت ﺑ أﻳﺪﻳﻨﺎ ﺗﻜﺮﻳﺲ ﺧﺎص ﺑﻬﺎ‬
‫‪٥٥‬‬
‫ورﻣﻮز ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ*‪ .‬و ﻧﻌﺘﻘﺪ أن ﻫﺬه اﻟﺪرﺟﺎت ﺗﻜﺸﻒ ﺑﻮﺿﻮح ﻫﻮﻳﺔ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻷن اﻟﻴﻬﻮد ﻣﺴﺘﻀﻌﻔﻮن ﰲ اﻷرض ﻣﺸﺘﺘﻮن ﰲ‬
‫اﻟﺒﻼد وﻋﺪدﻫﻢ ﻗﻠﻴﻞ و اﻟﻨﺎس ﺟﻤﻴﻌﺎ ً ﻳﻜﺮﻫﻮﻧﻬﻢ ﳌﻜﺮﻫﻢ وﺧﺪاﻋﻬﻢ ﻟﺬا‬
‫ﻋﻤﺪوا إﱃ أﺳﺎﻟﻴﺐ اﳌﻜﺮ و اﻟﺨﺪاع و اﻟﻨﻔﺎق ﺳﻌﻴﺎ ً وراء ﺗﺤﻘﻴﻖ رﻏﺒﺎﺗﻬﻢ‬
‫و أﻫﺪاﻓﻬﻢ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻷﺧﻮة اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺟﻤﻊ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ أﻗﺴﺎم‬
‫ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ و درﺟﺎت ﻣﺘﻌﺪدة وﻗﺴﻢ ﻏﻠﻴﻆ و ﴎﻳﺔ ﻛﺜﻴﻔﺔ ﻣﺴﺘﱰة‬
‫و ﻣﻘﺪﻣﺎت ﻣﺰﺧﺮﻓﺔ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪون ﺗﺤﺖ ﻫﺬا‬
‫اﻟﺴﺘﺎر اﳌﺘﻌﺪد اﻟﻄﺒﻘﺎت و ﻗﻴﺎدة اﳌﻐﻔﻠ ﻟﺨﺪﻣﺘﻬﻢ و ﻫﻢ ﻳﻌﻠﻤﻮن أو ﻻ‬
‫ﻳﻌﻠﻤﻮن ﺑﻌﺪ ﺑﻴﻊ ﺿ ﺋﺮﻫﻢ ﺑﺎﳌﺎل و اﳌﻨﺎﺻﺐ واﻟﱰﻫﻴﺐ ﺎ ارﺗﻜﺒﻮا ﻣﻦ‬
‫أﻋ ل ﺗﺪﻣﺮﻫﻢ إذا ﺣﺪث و ﻛﺸﻔﺖ ﻟﻠﻌﻴﺎن وﻣﺎ أﻛ ﻣﺎ ﻳﺮﻫﺒﻮن اﻟﻜﺒﺎر‬
‫ﻣﻦ رﺟﺎل اﳌﺎل و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ و اﻟﺪﻳﻦ ﺎ ﻠﻜﻮن ﻣﻦ أﴎارﻫﻢ اﻟﺨﻔﻴﺔ‪.‬‬

‫*ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻏ ﻫﺬه اﻟﺪر ﺟﺎت‪ ،‬وﻟﻴﺲ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ أن ﻟﻬﺎ ‪ ٣٣‬درﺟﺔ‪.‬‬

‫‪٥٦‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ‬
‫ﻣﺎذا ﺗﺮﻳﺪ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ؟‬
‫ﻻﺑﺪ ﻟﻜﻞ ﺣﺮﻛﺔ ﴎﻳﺔ أو ﻋﻠﻨﻴﺔ ﻣﻦ أﻫﺪاف ﺗﺴﻌﻰ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ و ﻻﺑﺪ ﻟﻬﺬه‬
‫اﻷﻫﺪاف أن ﺗﺤﻘﻖ ﰲ اﻗﺮب وﻗﺖ‪ ،‬أو أﻫﺪاف ﺑﻌﻴﺪة ﻻﺑﺪ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ وﻗﺖ ﺑﻌﻴﺪ‬
‫ﰲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ و ﻗﺪ ﺗﻜﻮن اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻬﻴﺪا ً ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺒﻌﻴﺪة و ﻛﻞ ﺣﺮﻛﺔ‬
‫ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ واﻹﻋﻼن و اﻟﺘﺸﻬ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﺗﺤﺒﺐ اﻟﻨﺎس ﰲ ﻣﺒﺎدﺋﻬﺎ‬
‫و ﺗﻀﻤﻦ ﺗﺄﻳﻴﺪﻫﻢ‪ .‬و اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﰲ ﻛﻞ أﻃﻮارﻫﺎ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺨﻔﺎء و اﻟﺘﺴﱰ‬
‫و اﻟﻜﺘ ن و اﻟﴪﻳﺔ اﳌﻄﻠﻘﺔ و ﻻ ﻧﺒﺎﻟﻎ إذا ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎ إن ﻣﻦ أﺳﺴﻬﺎ اﻟﴪﻳﺔ ﺑﻞ ﻫﻲ‬
‫ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﴪﻳﺔ أﻣﺮاً ﻣﻘﺪﺳﺎ ً و ﻗﺪ ﻳﺪﻓﻊ اﻟﻌﻀﻮ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻴﺎﺗﻪ إذا ﺑﺎح ﺑﺄﻣﺮ ﻣﻦ‬
‫أ ُﻣﻮرﻫﺎ‪ ،‬ﻓﻤﻨﺬ أن ﻗﺎﻣﺖ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و ﻫﻲ ﺗﺨﻄﻂ ﰲ اﻟﺨﻔﺎء و ﺗﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﻈﻼم‬
‫و ﺗﻈﻬﺮ ﺧﻼف ﻣﺎ ﺗﺒﻄﻦ و ﻻ ﺗﻈﻬﺮ ﺳﻮى اﻟﻐﺶ و اﻟﺘﺰﻳﻴﻒ اﻟﺬي ﻻ ﺗﻬﺪف إﻟﻴﻪ‬
‫و ﻻ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﻪ وإ ﺎ ﻫﻮ ذر اﻟﺮﻣﺎد ﰲ اﻟﻌﻴﻮن‪.‬‬
‫وﻗﺪ و ﺻﻞ اﻟﻜﺘﺎب و اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن ﺑﻌﺪ ﺟﻬﺪ ﺷﺎق وﺗﺘﺒﻊ ﻣﻀﻦ ٍ و اﺳﺘﻘﺮاء‬
‫ﻷﻋ ل اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ إﱃ إن أﻫﺪاﻓﻬﺎ ﻗﻄﻌﺎ ً ﺗﻨﻘﺴﻢ إﱃ ﻗﺴﻤ ﻻ ﺛﺎﻟﺚ ﻟﻬ وﻫ ‪:‬‬
‫اﻟﻘﺴﻢ اﻷول‪:‬‬
‫اﻷﻫﺪاف اﳌﻌﻠﻦ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺻﺪور اﻟﺤﺮﻛﺔ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ إﱃ اﻟﻮﺟﻮد و ﻫﻲ ﻛﺎﻟﻘﴩة‬
‫ﺗﺨﻔﻲ وراءﻫﺎ اﻟﻠﺒﺎب‪ ،‬و اﻟﻘﴩة ﺣﺘ ً ﺗ ُﺮﻣﻰ و اﳌﻘﺼﻮد ﻫﻮ اﻟﻠﺒﺎب‪.‬‬

‫‪٥٧‬‬
 ‫اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎ ‪:‬‬
‫اﻷﻫﺪاف اﻟﺘﻲ و ﻟﻦ ﻳﻌﻠﻦ ﻋﻨﻬﺎ اﳌﺎﺳﻮن ﻋﱪ ﺗﺎرﻳﺨﻬﻢ اﻟﻄﻮﻳﻞ اﳌﲇء ﺑﺎﻷﺣﺪاث‬
‫اﻟﺠﺴﺎم وﻫﻲ ﺗﻨﻘﺴﻢ إﱃ ﻗﺴﻤ رﺋﻴﺴ ‪:‬‬
‫‪-١‬اﻷﻫﺪاف اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ‪.‬‬
‫‪-٢‬اﻷﻫﺪاف اﻟﺒﻌﻴﺪة‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻷﻫﺪاف اﳌﻌﻠﻦ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﺗﺴﻤﻰ اﻷﻫﺪاف اﳌﺰورة و ﻫﻲ أن ﻫﺬه‬
‫اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﴪﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻧﺸﺄت ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﺗﻜﻮن راﺋﺪة ﰲ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺨ‬
‫و اﳌﺤﺒﺔ و اﻹﺧﺎء ﻟﻜﻞ ﺑﻨﻲ اﻹﻧﺴﺎن و ﻧﴩ اﻟﻌﻠﻮم و اﳌﻌﺎرف ﺑ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ أﺟﻞ‬
‫اﻟﺮﻗﻲ ﻟﺒﻨﻲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﺗﻄﻮرﻫﻢ و ﺷﻌﺎرﻫﻢ اﳌﺤﺒﺔ و اﻹﺧﺎء ﺣﻴﺚ أن اﻟﻌﻀﻮ ﻳﱰﻧﻢ ﰲ‬
‫ﻧﺸﻮة ﻏﺎﻣﺮة‪:‬‬
‫أدﻳﻦ ﺑﺪﻳﻦ اﻟﺤﺐ أ َ ﺗﻮﺟﻬﺖ *** رﻛﺎﺋﺒﻪ ﻓﺎﻟﺤﺐ دﻳﻨﻲ و أ ﺎ‬
‫و ﻟﻜﻨﻪ ﻣﺨﺪوع أﻋﻤﺖ ﻋﻴﻨﻪ اﻟﻐﻔﻠﺔ ﻓﻐﺮق ﰲ اﻷوﻫﺎم اﻟﺰاﺋﻔﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ‬
‫ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ اﻷﻣﻮر و اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﻋﲆ اﻟﻮاﻗﻊ اﳌﻠﻤﻮس أن ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺎر‬
‫و ﻫﺬه اﻷﻫﺪاف ﻻ ﺗﻌﻨﻲ ﺳﻮى اﻟﺘﻤﻮﻳﻪ ﻓﻬﻲ ﻣﺤﺾ اﻓﱰاء ﺷﻨﻴﻊ و ﻛﺬب رﺧﻴﺺ‬
‫و دﻋﺎﻳﺔ ﻓﺎﺟﺮة ﻻ ﺗﻌﻨﻲ أﻛ ﻣﻦ ﺧﺮوف ﻋﲆ اﻟﻮرق و ﻻ ﺑﺄس أن ﻧﻮرد ﺑﻌﺾ‬
‫اﻟﺸﻮاﻫﺪ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺘﻀﻠﻴﻞ و اﻻﺣﺘ ل‪.‬‬
‫ﻳﻘﻮل اﻷب ﺷــﻴﺨﻮ‪) :‬ﻟــﻘﺪ ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻋﻦ اﻷﻋــ ل اﻟﺨــ ﻳﺔ ﻷﻋــ ل اﳌﺎﺳـﻮن‬
‫ﻛﺘﻤﺮﻳﺾ ذوي اﻟﻌــﺎﻫﺎت وإﺳــﻌﺎف اﳌﻨــﻜﻮﺑ وزﻳــﺎرة اﳌﺴــﺠﻮﻧ وإﻧﺸــﺎء‬
‫اﳌــﺄوى ﻟﻸﻳﺘــﺎم و ﺗﻠﻄﻴﻒ أﻗﺴــﺎم اﻟﺒﺸــﺮﻳﺔ وﻣﺎ إﱃ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻏ ﺑﺮﻫـﺎن‪ .‬إن‬
‫اﳌﺤــﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ ﺗﻌﺞ ﺑﺎﳌﺌــﺎت و ﻧﺴــﻤﻊ و ﻧﺮ أي ﻋﻤــﻞ ﺧــ ي ﻗﺎﻣــﺖ‬
‫ﺑﻪ ﺑــﻞ ﻧﺠــــــﺪ أي ذﻛــﺮ ﻷي ﻣـﺤﻔــﻞ ﰲ اﻻﻛــﺘﺘﺎب ﻷي ﻋﻤــﻞ ﺧــ ي‬
‫‪٥٨‬‬
‫و ﻫﻢ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻷﻏﻨﻴﺎء وﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻧﺮي اﻟﻔﻘﺮاء ﻳﺴﺎرﻋﻮن ﰲ اﻻﻛﺘﺘﺎب ﻷﻋ ل‬
‫اﻟﺨ ‪ .‬و ﻟﻘﺪ ﺳﺄﻟﻨﺎ رؤﺳﺎء اﳌﺤﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻋﻦ ﻋﻤﻞ و اﺣﺪ ﻣﻦ أﻋ ل اﻟﺨ‬
‫اﻟﺘﻲ ﻳﺪﻋﻮﻧﻬﺎ زورا ً وﺑﻬﺘﺎﻧﺎ ً ﻓ ﻛﺎن ﻣﻨﻬﻢ أﻻ أن ﺗﺬﻣﺮوا ﻏﻴﻈﺎ ً و ﺻﺎﺣﻮا ﺑﺎﻟﻮﻳﻼت‬
‫و اﻟﺸﺘﺎﺋﻢ وﻋﺠﺰوا أن ﻳﱪزوا وﻟﻮ ﻋﻤﻼً واﺣﺪا ً ‪.‬‬
‫وﻫﺬا ﺗﻘﺮﻳﺮ رﺳﻤﻲ ﻣﻦ ﻟﺠﻨﺔ ﻓﺤﺺ اﻟﺸﻜﺎوى ﺿﺪ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻳﻘﻮل‬
‫اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﰲ ﻣﺠﻤﻠﻪ اﻵ ‪:‬‬
‫)ﻣﻦ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﻨﺎﻫﺎ ﰲ إﺑﺎن ﺗﻔﺘﻴﺸﻨﺎ‪ ،‬أن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺗﻘﺮ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻻ‬
‫ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﺒﺆﺳﺎء و ﻻ ﺗﻨﻮي ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﻔﻘﺮاء ﺛﻢ إﻧﻨﺎ ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻋﻦ اﳌﴩوﻋﺎت‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺨ ة ﻓﻠﻢ ﻧﺠﺪ ﰲ ﺑﺎرﻳﺲ ﺳﻮى ﻣﺄوى و اﺣﺪ ﻟﻸﻳﺘﺎم و ﻳﻘﺒﻠﻮا ﻓﻴﻪ‬
‫ﺳﻮى أﻳﺘﺎم اﳌﺎﺳﻮن ﻓﻘﻂ و ﻫﻮ ﻳﻘﻮم أﺳﺎﺳﺎ ً ﻋﲆ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‬
‫ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺪﻓﻊ اﻟﻘﺴﻂ اﻷﻛﱪ ﻣﻦ ﻧﻔﻘﺎت ﻫﺬا اﳌﺄوي(‪ .‬و ﻫﺬه أﻗﻮال ﺑﻌﺾ ﺧﻄﺒﺎء‬
‫اﳌﺎﺳﻮن أو ﺑﻌﺾ أﻗﻮال ﺧﻄﺒﺎﺋﻬﻢ‪:‬‬
‫‪ (١‬ﻟﻴﺲ اﻹﺣﺴﺎن إﱃ اﳌﺤﺘﺎﺟ ﻣﻦ ﺷﺌﻮن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫‪ (٢‬ﻻ ﺗﺮﻣﻲ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ إﱃ إﺳﻌﺎف اﳌﻌﻮزﻳﻦ ﻓﺎن اﳌﴩوﻋﺎت اﻟﺨ ﻳﺔ‬
‫ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﻏﺎﻳﺎﺗﻬﺎ وإ ﺎ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺧﻮاﺻﻬﺎ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﻓﻘﻂ‪ .‬و ﻛﺜ ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻨﺎ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴ ﻳﺠﻬﻠﻮن ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻨﺎ اﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ وﻏﺎﻳﺎﺗﻨﺎ اﻟﻘﺼﻮى ﻓﻴﻈﻨﻮن أن ﺟ ﻋﺘﻨﺎ‬
‫ﺟ ﻋﺔ إﺳﻌﺎف ﺧ ي أو ﻫﻲ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺧ ﻳﺔ و ﻫﺬا ﻛﻠﻪ ﺷﻄﻂ و ﺿﻼل((‪ .‬وﻣﻦ‬
‫ﻫﺬا ﻧﻌﻠﻢ ﻋﻠ ً ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ ً ﻳﺆﻳﺪه اﻟﻮاﻗﻊ و ﺗﱪﻫﻦ ﻋﻠﻴﻪ أﻗﻮال ﺧﻄﺒﺎء اﳌﺎﺳﻮن أن‬
‫ﻫﺬه اﻟﺪﻋﺎوى و اﻷﻫﺪاف اﳌﻌﻠﻨﺔ و اﻟﺸﻌﺎرات اﻟﱪاﻗﺔ زﻳﻒ و اﻓﱰاء و ﻏﺶ‬
‫ﻓﻠﻴﺴﺖ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻗﺪ ﻛﻮﻧﺖ ﻟﺬﻟﻚ‪.‬‬

‫‪٥٩‬‬
‫و ﻗﺪ ﺛﺒﺖ أﻳﻀﺎً ﻣﻦ أﻗﻮال ﺧﻄﺒﺎء اﳌﺎﺳﻮن أﻧﻔﺴﻬﻢ إن أﻋ ل اﻹﺣﺴﺎن‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﻣﻮﻧﻬﺎ ﻟﺒﻌﺾ أﻋﻀﺎﺋﻬﻢ إذا ﺣﻠﺖ ﺑﻬﻢ ﻧﻜﺒﺔ إ ﺎ ﻫﻲ ﻟﺨﺪﻣﺔ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻢ‬
‫اﻟﺨﺎﺻﺔ وإن رأوا أﺧﺎً ﻣﻨﻬﻢ ﻻ ﻜﻦ إﺳﻌﺎﻓﻪ ﺗﺮﻛﻮه ﰲ ﺣﺎﺟﺘﻪ و اﺑﺘﻌﺪوا ﻋﻨﻪ‬
‫وﻫﺬه ﺑﻌﺾ أﻗﻮال ﺧﻄﺒﺎﺋﻬﻢ ﰲ ذﻟﻚ ﻓﺘﺄﻣﻠﻮﻫﺎ ﺟﻴﺪا ً‪:‬‬
‫‪ (١‬إن اﳌﺎﺳﻮن اﻟﻔﻘﺮاء ﰲ ﺟﻤﻌﻴﺘﻨﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﻘﺮح أو اﻟﱪص اﻟﺸﻨﻴﻊ ُ اﳌﻨﻈﺮ‬
‫اﻟﻜﺮﻳﻪ اﳌﺨﱪ‪.‬‬
‫‪ (٢‬إﻳﺎﻛﻢ أن ﺗﻘﺒﻠﻮا ﰲ ﺟﻤﻌﻴﺘﻨﺎ أ ُﻧﺎﺳﺎً ﻳﺄﺗﻮﻛﻢ ﻟﻴﻤﺪوا أﻳﺪﻳﻬﻢ ﻳﻄﻠﺒﻮن‬
‫اﻟﻌﻄﺎء وﻟﻴﺲ ﰲ ﻣﻘﺪورﻫﻢ أن ﻳﺴﺎﻋﺪوﻧﻜﻢ ﰲ أﻋ ﻟﻜﻢ‪.‬‬
‫‪ (٣‬ﻟﺴــﺖ أﻋﺮف أﻗﺒﺢ ﻣﻦ اﻷخ اﳌﺎﺳــﻮ اﻟﺬي ﻳﻄﻠﺐ اﻟﻌــﻄﺎء ﻓﺎﻧﻪ‬
‫ﻳﱰﺻﺪ ﻛﺎﻟـﻠﺺ ﺣﻴﻨ ﻳـﺮاك وﻳﻜــﺮر ﻋﲆ ﻣﺴــﺎﻣﻌﻚ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ ﺟ ﻋﺘﻚ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬
‫ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﺴــﻌﻔﻪ ﺎﻟﻚ ﻷﻧﻪ أﺧــﻮك ﻓ ﻫــﺬه اﻟﻘﺤــﺔ؟ إ ﺎ اﻟﺬﻧﺐ‬
‫ﻋﲆ اﳌــﺤﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪرج ﰲ ﺳــﻠﻚ أﻋﻀـﺎﺋﻬﺎ رﺟــﺎﻻً ﻣﺤﺘﺎﺟ ﺑﺪﻻً‬
‫ﻣﻦ ذوي اﳌﻘﺪرة اﳌـﺎﻟﻴﺔ‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﺪﻋﻮى اﻟﻌـــﺮﻳﻀﺔ ﺑﺎن اﳌﺎﺳــﻮن ﻳﻨﺸــﺮون اﻟﻌﻠﻢ وﻳﺤﺎرﺑﻮن‬
‫اﻟﺠــﻬﻞ وإن ذﻟﻚ ﻣﻦ أﻫــﺪاﻓﻬﻢ ﻓﻐ ﺻــﺤﻴﺢ إﻃــﻼﻗﺎ ً‪ ،‬إﻧﻬﺎ ﻣﺠــﺮ د‬
‫أﻛــﺎذﻳﺐ ﺗﻔﻀﺤــﻬﺎ اﻟﺤﻘـﺎﺋﻖ وإﻓﱰاءات ﺗﺪﻣﻐﻬﺎ اﻟﻮﻗـﺎﺋﻊ‪ .‬ﻳﻘﻮﻟﻮن إن‬
‫اﻟﺠــﻤﻴﻊ ﻳﻌــﱰف ﺑﺄن اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ ﺣﺎزت ﻋﲆ ﻗﺼﺐ اﻟﺴـﺒﻖ ﰲ اﳌﻴـﺎدﻳﻦ‬
‫اﻟﻌﻠﻤــﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﺮﺟﺖ ﺎرﻫﺎ إﱃ ﺣﻴﺰ اﻟﻮﺟـﻮد ﻣ ﺟﻌﻞ ﻛﻞ اﳌﺎﺳـﻮن‬
‫ﻳﻔـﺮﺣﻮن ﻷن ﺟــﻬﻮدﻫﻢ اﳌـﺘﻮاﺻﻠﺔ ﻗﺪ أ ـﺮت ـﺮاً ﺷــﻬﻴﺎ ً و ﺣـﺎن ﻗـﻄﺎﻓﻬﺎ‬
‫وﺑﺪت ﻟﻠﻌــﻴﺎن وﻟﻺ ﻧﺼﺎف ﻧﻘﻮل إن اﻟﺘﻌﻠـﻴﻢ اﻟـﻼدﻳﻨﻲ واﻟﺘﻌﻠـﻴﻢ اﻟـﺬي‬
‫ﻳﺠﻌﻞ اﻟـﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﻷﻣــﻮر اﻟﺜــــﺎﻧﻮﻳﺔ و اﻟﺘﻌـﻠﻴﻢ اﳌـﺨﺘﻠﻂ ﻫﻮ أﻳـﻀﺎً ﻣﻦ‬
‫‪٦٠‬‬
‫ـﺎر اﳌﺎﺳﻮن اﳌﺒﺬوﻟﺔ ﻟﻨﴩ اﻟﻌﻠﻮم و اﳌﻌﺎرف ﺑ اﻷﻣﻢ ﰲ ﻛﻞ اﻟﺪول واﻟﻌﺠﺐ‬
‫أن ﻳﻔﺨﺮ اﳌﺎﺳﻮن ﺑﻬﺬا اﻹﻧﺠﺎز اﻟﺠﺒﺎر ﻷﻧﻪ ﻣﻦ أﻫﺪاﻓﻬﻢ اﳌﺮﺻﻮدة ﻟﻨﴩ اﻟﻔﺴﺎد‬
‫و اﻹﺑﺎﺣﻴﺔ‪ .‬أﻣﺎ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻧﻬﻀﺔ اﻷﻣﻢ ﰲ دﻳﻨﻬﺎ و ﺗﺮاﺛﻬﺎ‬
‫و ﺣﻀﺎراﺗﻬﺎ ﻓﻘﺪ ﻋﻤﻞ اﳌﺎﺳﻮن ﺟﺎﻫﺪﻳﻦ ﻟﻄﺤﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ‪ .‬إن اﳌﺎﺳﻮن ﻳﺘﺸﺪﻗﻮن‬
‫ﺑﺬﻛﺮ ﻣﺪارﺳﻬﻢ و ﻛﻠﻴﺎﺗﻬﻢ و ﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﳾء أﻻ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻗﺎﺻﺪﻳﻦ دور‬
‫اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﰲ ﻛﻞ ﺑﻘﺎع اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻘﺪ ﺧﺮﺑﻮﻫﺎ وﻧﴩوا ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻬﻢ اﳌﺪﻣﺮة ﺳﻮاء‬
‫ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻋﻤﻼﺋﻬﻢ وأﻋﻀﺎﺋﻬﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﺑﺎﻋﻮا ﺿ ﺋﺮﻫﻢ و ﻗﺪ ﻗﺪﻣﺖ إﻟﻴﻬﻢ أﺳﺌﻠﺔ‬
‫ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮا اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﺠﺰا ً ﻋﻦ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻟﻮا ﻟﻬﻢ‪ :‬أﻳﻦ ﻣﺪارﺳﻜﻢ؟ وأﻳﻦ‬
‫ﻛﻠﻴﺎﺗﻜﻢ؟ و أﻳﻦ ﻣﻌﺎﻫﺪﻛﻢ؟ و أﻳﻦ ﻣﺮاﺻﺪﻛﻢ اﻟﻔﻠﻜﻴﺔ؟ و أﻳﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻜﻢ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﰲ‬
‫ﺷﺘﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺘﻲ ﻗﻤﺘﻢ ﺑﻨﴩﻫﺎ ﰲ ﺷﺘﻲ ﺑﻘﺎع اﻟﻌﺎ ؟ و ﻳﺠﺪ اﻟﺴﺆال ﺟﻮاﺑﺎً ﻛﺄ ﺎ‬
‫أﻟﻘﻤﻮا ﺣﺠﺮا ً‪.‬‬
‫وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻗﺎﻟﻮا ﻣﺘﺒﺠﺤ إن ﰲ ﺟ ﻋﺘﻨﺎ ﻛﺜ ﻣﻦ أﻗﻄﺎب اﻟﻌﻠﻮم و اﳌﻌﺮﻓﺔ‬
‫و اﻷﺳﺘﺎذة اﻟﻜﺒﺎر و أﻳﻀﺎً ﻛﺒﺎر اﻟﻜُﺘﺎب اﻟﺬﻳﻦ ﻋﻤﺖ ﺷﻬﺮﺗﻬﻢ اﻵﻓﺎق أﻟﻴﺴﻮا ﺟﻤﻴﻌﺎ‬
‫ﺳﺎﻋ ﰲ ﻧﴩ اﻟﻌﻠﻮم و اﳌﻌﺎرف ﺑ اﻟﻨﺎس؟ وﻗﺪ أﺟﻴﺒﻮا ﻋﲆ ذﻟﻚ اﻟﺠﻮاب اﻵ ‪:‬ـ‬
‫ﻫﺆﻻء اﳌﺘﻌﻠﻤﻮن ﺑﺎﳌﻜﺮ و اﻟﺨﺪاع أﺛ ّﺮﺗﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﺄﻧﺼﺘﻮا إﻟﻴﻜﻢ و اﻧﻀﻤﻮا إﻟﻴﻜﻢ‬
‫ووﺛﻘﻮا ﻓﻴﻜﻢ و ﻫﻢ دا ﺎً أﺻﺤﺎب ﴎاﺋﺮ ﺑﻴﻀﺎء ﻧﻈﻴﻔﺔ ﻳﻌﺘﻘﺪون أن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺎل‬
‫ﺻﺤﻴﺢ و ﻫﻢ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻓﺌﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺮﺟﺎل اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻬﻞ ﻫﺬه اﻟﻔﺌﺔ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ‬
‫ﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﻨﺴـﺐ ﻟﻨﻔﺴـﻬﺎ ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻟﺠﻬﻞ وﻧﺸـﺮ اﻟﻌﻠﻢ وﺑﺠﻬﻮدﻫﻢ اﻟﺸـﺨﺼﻴﺔ‬
‫ﻧﺎﻟﻮا اﻟﻌﺎ وﻣﺠﻬﻮداﺗﻬﻢ اﻟﺸـﺨﺼﻴﺔ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﰲ ﺣـﺪود ﺿـﻴﻘﺔ ﰲ ﻛﻞ ﺑﻠﺪ ﻣﻦ‬
‫ﺑﻠﺪان اﻟﻌـﺎ ؟ ﻓﻬﻞ ﺻـﺮﻓﺖ ﻋﻠﻴـﻬﻢ اﳌﺎﺳـﻮﻧﻴﺔ اﳌـﺎل ﻟــﻴﺘﻌﻠﻤﻮا؟ وﻫـﻞ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ‬
‫أﻋــﺪﺗﻬﻢ ﻟﺘﺄﻫــﻴﻞ اﻟﻨـــﺎس؟ و ﻫﻞ اﳌــﺆﻟﻔﻮن ﻃﺒﻌﺖ ﻟﻬﻢ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ؟ وﻫﻞ ﻫﺬه‬
‫اﳌﺠﺎﻣﻴﻊ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ أو اﻟﻨﴩات اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﰲ ﻛﻞ ﴐوب اﻟﻌﻠﻢ ﻧﴩت ﺑﻔﻀﻞ‬
‫‪٦١‬‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‪ .‬و اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﺼﻤﺖ اﻟﺘﺎم‪ .‬ﻷﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﻌﺘﻤﺪون ﻋﲆ‬
‫اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺑﻞ ﻋﲆ اﳌﻐﺎﻟﻄﺎت‪ .‬وﰲ اﳌﺤﻔﻞ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﺗﺴﻘﻂ اﻷﻛﺎذﻳﺐ و اﳌﻔﱰﻳﺎت‪.‬‬
‫ﻟﻴﺲ اﻟﻌﻠﻢ ﺿﻤﻦ ﻫﻤﻮم اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ أﺑﺪاً و أﻣﺎ اﻟﻘﻮل ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﻌﺎدون اﻷدﻳﺎن‬
‫أﺑﺪا ً و ﻛﻞ ﻋﻀﻮ ﻣﺎﺳﻮ ﻟﻪ ﻣﻄﻠﻖ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ و اﻟﺠﻤﻴﻊ إﺧﻮان‪ ،‬ﻫﺬا ﻛﺬب‬
‫ﺗﻔﻀﺤﻪ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺑﺎﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﺘﻲ ﺳﺠﻠﻬﺎ ﻛﺒﺎر اﳌﻔﻜﺮﻳﻦ ﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﻌﻠﻢ‬
‫و ﻫﺎ ﻫﻲ ﺑﺈﺧﺘﺼﺎر‪:‬‬
‫‪ /١‬اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺗﻐﻠﺐ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﲆ اﻟﺮب اﳌﻮﻫﻮم و ﺗﻨﻔﺮه ﻣﻦ اﻹﻟﻪ اﳌﺰﻋﻮم‪.‬‬
‫‪ /٢‬إن اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ ﺗﻌﺘﱪ ﻛﻞ اﻷﻋــ ل اﻟـﺪﻳﻨﻴﺔ ﻛﺄﻋـ ل ﺣﻘـﺎرة ﺑﺎﻹﻧﺴـﺎن‬
‫وﺑﻜـ ل اﻟﺒﴩﻳﺔ ﰲ ﻋﻘﻠﻬﺎ و آداﺑﻬﺎ و ﻻ ﻳﺴﻮغ أﺑﺪا ً أن ﻣﻦ رﻗﻲ إﱃ ﻣﺴﺘﻮي‬
‫اﳌﺎﺳــﻮن أن ﻳﻜﻮن ﻣﺘﺪﻳﻨﺎ ً وﻳﺠﺐ أن ﻳﻮﻗﻊ ﺻﻜﺎ ً ﺑﺄن أوﻻده ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ‬
‫وﻓﺮاﺋﻀﻪ‪.‬‬
‫‪ /٣‬ﻳﺠﺐ أﻻ ﺗﻘﺒﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻷﺷﺨﺎص اﳌﺘﺪﻳﻨ ﻷن اﳌﺎﺳﻮ ﻳﺠﺐ أﻻ ﻳﻜﻮن‬
‫ﻣﺘﺪﻳﻨﺎ ً‪.‬‬
‫‪ /٤‬إن اﻧﺘﺼﺎر اﻟﺠﻠﻴﲇ ﻗﺪ دام ﻋﴩﻳﻦ ﺟﻴﻼ ))ﻳﻘﺼﺪون اﳌﺴﻴﺢ(( و ﻫﺎ ﻗﺪ‬
‫ﺳﻘﻂ ﺴﺎﻋﻴﻨﺎ ﻫﺬا اﻹﻟﻪ اﻟﻜﺎذب و ﻧﺤﻦ اﳌﺎﺳﻮن ﻳﴪﻧﺎ أن ﻧﺸﺎﻫﺪ ﺳﻘﻮط‬
‫اﻷﻧﺒﻴﺎء اﻟﻜﺬﺑﺔ و اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ أﻧﺸﺄت ﻟﺘﻨﺎﺻﺐ ﻛﻞ اﻷدﻳﺎن اﻟﻌﺪاء‪.‬‬
‫‪ /٥‬ﺳﺘﻘﻮم اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻣﻘﺎم اﻟﺪﻳﻦ و اﳌﺤﺎﻓﻞ ﻣﻘﺎم اﳌﻌﺎﺑﺪ‪.‬‬
‫وﻗﺪ اﻛﺘﺸﻒ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻜﺒ ﻫﻮرﺗﺮ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻨﻔﺎق اﳌﺎﺳﻮ ﻓﻘﺎل )) إن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬
‫ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺑﺈﺧﺘﻼف اﻟﺒﻼد اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸــﺄ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﰲ ﻓﺮﻧﺴــﺎ و أﻳﻄﺎﻟﻴﺎ و اﺳــﺒﺎﻧﻴﺎ ﻋــﺮﻳﻘﺔ ﰲ‬

‫‪٦٢‬‬
‫اﻟﻜﻔﺮ ﺗﺠﺎﻫﺮ ﺑﻪ وﰲ اﻧﺠﻠﱰا وأﳌﺎﻧﻴﺎ و اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﺗﺤﺮص ﻋﲆ اﻟﺘﻔﻮه ﺿﺪ‬
‫اﻟﺪﻳﻦ و اﻵداب اﻹﺟﺘ ﻋﻴﺔ وﰲ ﻛﻞ ﺑﻠﺪ ﺗﺨﺎف اﻟﻔﺸﻞ ﺗﺨﻔﻒ ﻣﻦ ﻣﺤﺎرﺑﺔ‬
‫اﻷدﻳﺎن ﻛﺒﻼد اﻟﴩ ق ﺧﺎﺻﺔ‪ .‬إن ﻣﺒﺎدئ اﳌﺎﺳﻮن ﺑﺼﻮرة ﻋﺎﻣﺔ ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ‬
‫اﳌﺒﺪأ ﻋﲆ ﺗﺮك ﻛﻞ ﻣﺬﻫﺐ أو دﻳﻦ وﻧﻘﺾ ﻛﻞ ﻧﻈﺎم أو اﻟﺘﺸﻜﻴﻚ ﺑﻜﻞ ﴍﻳﻌﺔ‬
‫ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻮل ﻛﻞ ﳾء ﻗﺎﺋﻢ و ﺗﻘﻴﻢ ﻋﲆ أﻧﻘﺎﺿﻪ دﻋﺎﺋﻢ اﻟﺘﻠﻤﻮد اﻟﻴﻬﻮدي‬
‫و ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻪ اﳌﺘﻌﺼﺒﺔ اﻟﻌﻨﴫﻳﺔ‪.‬‬
‫ﺑﻘﻲ أن ﻧﺒ اﻟﺸﻌﺎر اﳌﺎﺳﻮ اﳌﺰﻳﻒ اﻟﺤﺮﻳﺔ‪..‬اﳌﺴﺎواة‪..‬اﻹﺧﺎء‪..‬‬
‫و اﺳﺘﻘﺎﻣﺘﻬﻢ و اﻧﺘﺼﺎراﺗﻬﻢ ﻫﻞ ﻛﻞ ﻫﺬا ﺣﻖ أم ﻫﻮ ﻗﻮل ﻓﺎرغ ﺧﺎل ٍ ﻣﻦ‬
‫اﳌﻀﻤﻮن؟ إن اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺸﺪﻗﻮن ﺑﻬﺎ ﻫﻲ ﰲ ﻧﻈﺮﻫﻢ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﻴﻬﻮد ﻓﻴ‬
‫ﻳﺪﻋﻮﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺬل واﻻﺳﺘﻌﺒﺎد اﻟﺬي أﺻﺎﺑﻬﻢ ﻣﻦ أﻳﺪي اﻟﻨﺼﺎر ى و اﳌﺴﻠﻤ و أﻣﺎ‬
‫اﳌﺴﺎواة اﻟﺘﻲ ﻳﺪﻋﻴﻬﺎ اﳌﺎﺳﻮن وﻳﻄﺎﻟﺒﻮن ﺑﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ و ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﻃﺮد ﺳﻜﺎن‬
‫ﻓﻠﺴﻄ وإذاﺑﺔ اﻟﺸﻌﻮب و ﻛﻴﺎﻧﺎﺗﻬﺎ و اﻷدﻳﺎن و ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ اﻷﻣﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻔﻮ اﻟﺠﻮ‬
‫ﺎﻣﺎ ً ﻟﻠﻴﻬﻮد و ﺗﺤﻠﻮ أﻣﺎﻣﻬﻢ اﻷﻳﺎم و ﻻ ﻳﻜﻮن إﻻ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻴﻬﻮدي و اﻟﺤﻜﻢ‬
‫اﻟﻴﻬﻮدي ﻋﲆ اﻟﻌﺎ أﺟﻤﻊ‪ .‬و ﻫﺬا ﻗﻮﻟﻬﻢ ‪ )) :‬ﰲ ﺣﻈ ة ﻣﺤﻔﻠﻨﺎ و ﺗﺤﺖ ﻗﺒﺎﺑﻨﺎ‬
‫وﻋﲆ أﻋﻤﺪﺗﻨﺎ ﰲ ﻛﻞ اﺗﺠﺎه ﺗﺮون اﻷﻓﺮاد و اﻟﺠ ﻋﺎت ﻣﻤﺜﻠﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻋﲆ‬
‫إﺧﺘﻼف اﻟﺪﻳﺎﻧﺎت و اﻟﻔﻠﺴﻔﺎت و ﺗﺒﺎﻳﻦ اﻟﺸﻌﻮب و إﺧﺘﻼف ﻃﺒﺎﺋﻌﻬﺎ وﻋﺎداﺗﻬﺎ ﻗﺪ‬
‫ﻧﺰع اﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﻔﺮوق اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺎﻋﺪ ﺑﻴﻨﻬﻢ و اﺣﺮﻗﻮا اﻷﺻﻨﺎم اﻟﻘﺪ ﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﻮا‬
‫ﻳﻌﺒﺪوﻧﻬﺎ و ﺗﺮاﻫﻢ ﻣﺠﺘﻤﻌ ﰲ ﺻﻌﻴﺪ و اﺣﺪ و ﺗﺮﺑﻄﻬﻢ راﺑﻄﺔ واﺣﺪة ﻫﻲ‬
‫اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻹﺧﺎء و اﳌﺴﺎواة((‪.‬‬
‫إن اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺎدون ﺑﻬﺎ ﻫﻲ ﺣﺮﻳﺔ ﺗﺼﻄﺪم ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ اﻟﺬي ﻳﺆدوﻧﻪ ﻓﻬﻞ‬
‫ﺑﻌﺪ ﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﺣﺮﻳﺔ؟ إﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺤﺘﺎج إﱃ دﻟﻴﻞ إن ﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ‬
‫اﻟﺬي ﻳﺆدوﻧﻪ ﻳﻜﺮس اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ و ﻻ ﻣﺠﺎل ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ ﻣﻌﻪ إﻃﻼﻗﺎً إﻻ داﺧﻞ اﻟﻘﱪ‪.‬‬
‫‪٦٣‬‬
‫وﺗﺒﻘﻲ اﳌﺴﺎواة اﳌﻔﱰ ى ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬أﻳﻦ ﻫﻲ؟ وﻫﻞ ﺑﻌﺪ ﺛﻼث و ﺛﻼﺛ درﺟﺔ‬
‫ﻳﻌﻠﻮ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻓﻮق ﺑﻌﺾ ﺑﺸﻜﻞ ﻫﺮﻣﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﻣﺴﺎواة؟ إﻻ أن ﺗﻜﻮن اﳌﺴﺎواة ﰲ‬
‫ﻧﻈﺮﻫﻢ ﻫﻲ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻣﺴﺎواة اﻟﻌﺒﻴﺪ ﻟﺒﻌﻀﻬﻢ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ ﺷﻌﺐ ﷲ اﳌﺨﺘﺎر و ﻻ‬
‫ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ ﻣﻨﻄﻘﺎ ً ﰲ ﻫﺬا اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺳﻮى ﻫﺬا اﻟﺘﻔﺴ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﻘﻞ أن ﻳﺮﺗﴣ ﻣﻦ‬
‫ﺳﻤﻮا أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺷﻌﺐ ﷲ اﳌﺨﺘﺎر اﳌﺴﺎواة ﻣﻊ ﻏ ﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺒﴩ وﻟﻮ ﻓﺮﺿﻨﺎ‬
‫أﻧﻬﻢ ﻳﺮﺿﻮن ﻓ ﻣﻌﻨﻲ ﺷﻌﺐ ﷲ اﳌﺨﺘﺎر؟ إن اﳌﺴﺎواة ﻋﻨﺪ اﳌﺎﺳﻮن ﻃﺒﻞ‬
‫أﺟﻮف ﻟﻪ ﺻﻮت داو ٍ ‪.‬‬
‫وﺗﺒﻘﻲ أﻳﻀﺎً اﻷﺧﻮة ﻓ ﻫﻮ اﻹﺧﺎء ﻋﻨﺪ اﳌﺎﺳﻮن؟ إن ﺻﻮرة اﳌ رﺳﺎت‬
‫اﻟﻌﻨﴫﻳﺔ اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﰲ إﴎاﺋﻴﻞ ﺿﺪ اﻟﻌﺮب اﻟﻌﺰل ﻃﻮال ﺗﺎرﻳﺦ إﺣﺘﻼﻟﻬﻢ ﻷرض‬
‫ﻓﻠﺴﻄ و ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم ﺗﺤ ﺑﻮﺿﻮح ﻣﻌﻨﻲ اﻹ ﺧﺎء ﻋﻨﺪ اﳌﺎﺳﻮن إﻧﻪ إﺧﺎء ﻳﺸﺒﻪ إﺧﺎء‬
‫اﻷﺳﺪ اﳌﻔﱰس ﻟﺒﻘﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﰲ اﻟﻐﺎﺑﺔ‪ ،‬إﻧﻪ إﺧﺎء اﻟﻘﻮي اﳌﺘﺴﻠﻂ ﻳﻔﺘﻚ‬
‫ﺑﺎﻟﻀﻌﻴﻒ اﻟﺤﻘ ﺑﻼ رﺣﻤﺔ و ﻻ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ أﻣﺎ اﻹ ﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﰲ ﻧﻈﺮ اﳌﺎﺳﻮن و ﻓﻬﻤﻬﻢ إ ﺎ‬
‫ﺗﻜﻮن ﰲ أن ﻳﻌﻴﺶ اﻟﻴﻬﻮد ﺻﻔﺎً واﺣﺪا ً ﻣﱰاﺻ ﻣﺘﺤﺎﺑ و ﻣﺘﻌﺎوﻧ و ﻣﺘﺨﺬﻳﻦ ﻣﻦ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ أداة ﻃﻴﻌﺔ ﰲ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪون و ﺳﻠ ً ﻳﺼﻌﺪون ﻋﻠﻴﻪ ﻹ ﺎم ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ‬
‫ﺗﺨﻄﻴﻂ ﺟﺎﺋﺮ ﻇﺎ ﻋﻨﴫي ﻳﺮﻓﻀﻪ اﻟﻌﺪل وﻳﺄﺑﺎه اﻟﺤﻖ و ﻘﺘﻪ اﻟﺸﻌﻮب‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻹﻧﺘﺼﺎر اﻟﺬي ﻳﺘﻀﺢ ﰲ ﻗﺎﻣﻮس اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻮاﻗﻌﻲ اﻟﺬي ﺗﻌﱪ ﻋﻨﻪ‬
‫اﻷﺣﺪاث و اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ إ ﺎ ﻫﻮ ﻫﺪم و ﺗﻘﻮﻳﺾ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت وﻧﴩ اﻟﻔﺴﺎد‬
‫و ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻷدﻳﺎن و اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻷﺧﻼق اﻟﻔﺎﺿﻠﺔ وﺗﻔﴚ اﻟﺮ ذﻳﻠﺔ و اﻹﺑﺎﺣﻴﺔ و ﺗﺪﻣ‬
‫اﻟﺮواﺑﻂ اﻷﴎﻳﺔ وإﺷﺎﻋﺔ اﻟﻔﻮﴇ و ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﻒ ﺣﺠﺮ ﻋ ة ﰲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻴﻬﻮد و ﻛﻞ‬
‫ﻣﻦ ﻳﻌﺎدي إﴎاﺋﻴﻞ‪.‬‬
‫إن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﺄﺳﺴﺖ ﻣﻦ ﻳﻮم ﺗﺄﺳﻴﺴﻬﺎ اﻷول ﻋﲆ ﻗﻮاﻋﺪ ﺑﺎﻃﻠﺔ ﺿﺪ اﻟﺤﻖ‬

‫‪٦٤‬‬
‫اﻟﺬي ﻳﻘﺒﻠﻪ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺴﻠﻴﻢ و ﺗﺆﻣﻦ ﺑﻪ اﻟﺸﻌﻮب و ﺗﻘﺮه اﻷدﻳﺎن ‪ ،‬و ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻪ‬
‫اﻟﻘﻮاﻧ و ﺗﻄﻤﱧ إﻟﻴﻪ اﻟﻘﻠﻮب و ﺗﺮﺿﺎه اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﻗﺪ واﻛﺒﺘﻪ ﰲ ﺳ ﻫﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ‬
‫ﻣﻨﺬ أن ﻛﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻮق ﻇﻬﺮ ﻫﺬا اﻟﻜﻮﻛﺐ‪ ،‬وﺿﺪ اﻟﻌﺪل اﻟﻌﻈﻴﻢ اﻟﺬي‬
‫ﻳﻌﻄﻲ ﻛﻞ ذي ﺣﻖ ﺣﻘﻪ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة‪ ،‬و ﻻ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻌﺪل ﻷﻣﺔ دون اﻷﺧﺮى‪ ،‬إﻧﻬﺎ‬
‫ﺗﺄﺳﺴﺖ ﻋﲆ اﳌﻜﺮ و اﻟﺨﺪاع و اﻟﻨﻔﺎق و ﻛﻞ أﻣﺮ ﻳﻘﻮم ﻋﲆ أﺳﺎس ﻣﻦ اﻟﺒﺎﻃﻞ‬
‫ﻻﺑﺪ أن ﻳﻨﻬﺎر‪ ،‬ﻓﻤﺼ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ إﱃ اﻹﻧﻬﻴﺎر ﻣﻬ إرﺗﻔﻌﺖ‬
‫و ﺗﻄﺎوﻟﺖ وإﻧﺘﴫت‪ ،‬ﻗﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ‪:‬‬
‫)ﻣﺎ ﻃﺎر ﻃ و ارﺗﻔﻊ *** إﻻ ﻛ ﻃﺎر و ﻗﻊ( و ﻟﻘﺪ ﺑﺪأ اﻟﻮﻋﻲ ﻳﻨﺘﴩ ﺑ‬
‫اﻷﻣﻢ وإﺳﺘﻴﻘﻈﺖ ﻣﻦ ﻧﻮم ﻋﻤﻴﻖ ﺛﻘﻴﻞ و ﻧﺤﻦ ﻧﺪرك ﻣﻌﻨﻰ ﻣﺎ ﻧﻘﻮل ﻟﻘﺪ ﻗﺮﺑﺖ‬
‫ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺒﺎﻃﻞ اﳌﺨﺰي و اﻟﺠﱪوت اﻟﺰاﺋﻒ و اﻟﻈﻠﻢ اﳌﺬري إﱃ اﻟﺪﻣﺎر اﻟﺼﺎﻋﻖ‬
‫و اﻟﻬﺎوﻳﺔ اﻟﺴﺤﻴﻘﺔ و اﻟﻔﻨﺎء اﳌﺮﻋﺐ‪.‬‬
‫إن اﻟﻌﺎﻗﻞ اﻟﻠﺒﻴﺐ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺄﻣﻞ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﴪﻳﺔ اﻟﴩﻳﺮة وﻫﻲ‬
‫ﺗﻔﺴﺪ ﰲ اﻷرض وﺗﺨﺮب ﰲ ﺣﻘﺪ أﺳﻮد ٍ و ﺗﻌﺼﺐ ﻣﻘﻴﺖ ووﺳﺎﺋﻞ ﺷﻴﻄﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﺟﻬﻨﻤﻴﺔ ﻣﺪﻣﺮة‪ ،‬وﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﲆ ﻛﻞ ﻧﻔﻴﺲ ﺑﻠﺼﻮﺻﻴﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﻣﺨﻄﻄﺔ‪ ،‬ﻓ‬
‫ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻣﻦ ﺑﻼء ﻗﺎﺋﻢ ﺟﺎﺋﺢ ﻳﻘﴤ ﻋﲆ اﻟﻄﺎرف و اﻟﺘﻠﻴﺪ إﻻ و ﺗﻨﺘﻘﻞ إﱃ ﺟﺮ ﺔ‬
‫ﻣﻨﻜﺮة ﺑﺸﻌﺔ أﺧﺮى ﻻ ﺗﻜﻞ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ و ﻻ ﺗﺮﺗﺎح ﻣﻦ ﻋﻨﺎء ﺣﺘﻰ ﻓﺎﻗﺖ اﻟﺸﻴﻄﺎن‬
‫اﻟﺮﺟﻴﻢ ﰲ اﻟﻀﻼل و اﻹﺿﻼل و اﻟﺘﺨﺮﻳﺐ و اﻟﴩ ﻓﻮﻗﻒ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻧﻔﺴﻪ ﺣﺎﺋﺮا ً‬
‫ﻟﻜﻨﻪ ﻣﻌﺠﺐ ﻣﴪور ﺤﺼﻮﻟﻬﺎ اﻟﻮﻓ ‪ ،‬أﻗﻮل إن اﳌﺘﺄﻣﻞ ﺗﺘﻤﻠﻜﻪ اﻟﺤ ة ﻋﻨﺪﻣﺎ‬
‫ﻳﺮى ذﻟﻚ واﻟﺸﻌﻮب ﻻ ﺗﺤﺮك ﺳﺎﻛﻨﺎ ً و ﻻ ﺗﻬﺘﻢ ﻟﻬﺬا اﻷﻣﺮ اﻟﺨﻄ و ﻛﺄﻧﻬﺎ اﻟﺨﺮاف‬
‫ﺗﺴﺘﺴﻠﻢ ﻟﻠﺬﺑﺢ و ﻻ ﺗﻘﺎوم اﻟﻬﻼك‪.‬‬

‫‪٦٥‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس‬
‫ﻣﺎ ﻫﻲ اﻷﻫﺪاف اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠ ﺳﻮﻧﻴﺔ؟‬

‫إذا ﻓﺮﻏﻨﺎ ﻣﻦ اﻷﻫﺪاف اﳌﻌﻠﻨﺔ اﻟﺘﻲ أرﻳﺪ ﺑﻬﺎ اﻟﺘﻀﻠﻴﻞ وﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﻣﻘﺼﻮدة ﻟﺬاﺗﻬﺎ ﰲ ﻳﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم ﻟﻠ ﺳﻮن ﻓﻼﺑﺪ ﻣﻦ أن ﺗﺒ ﰲ ﺟﻼء و وﺿﻮح‬
‫اﻷﻫﺪاف اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ أﺳﺴﺖ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪ .‬ﻳﻌ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن‬
‫و اﳌﻨﻘﺒﻮن و اﳌﺆرﺧﻮن ﻋﲆ إﺧﺘﻼف أﻣﻤﻬﻢ وﻣﻮاﻗﻌﻬﻢ وﺑﻠﺪاﻧﻬﻢ وﻣﻨﻬﻢ اﻟﻜﺘﺎب‬
‫اﳌﱪؤون اﻷ ذﻛﻴﺎء اﳌﺸﻬﻮرون ﻋﲆ وﺛﺎﺋﻖ أﺻﻠﻴﺔ ﻟﻸﻫﺪاف اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ اﳌﺎﺳﻮن اﻷواﺋﻞ ﻟﺠﻤﻌﻴﺘﻬﻢ اﻟﴪﻳﺔ و ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﻘﻔﻮا ﻣﻜﺘﻮﰲ‬
‫اﻷﻳﺪي أﻣﺎم ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺘﻴﻢ اﻟﻜﺜﻴﻒ واﻟﴪﻳﺔ اﳌﻘﺪﺳﺔ و اﻟﺘﺴﱰ اﳌﻈﻠﻢ اﻟﺪاﻛﻦ‬
‫اﻟﺴﻮاد وإ ﺎ إﺳﺘﺨﻠﺼﻮا ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ و اﻷﺣﺪاث اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ و اﳌ رﺳﺎت‬
‫اﳌﺤﺴﻮﺳﺔ واﻷﻗﻮال اﳌﺸﻬﻮرة ﻗﺒﺴﺎ ً ﻣﻦ ﻧﻮر ﻳﻬﺪي إﱃ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ وﺑﻴﺎن ﻣﺎ ﺧ ُ ﻔﻲ‬
‫وﺑﺘﺘﺒﻌﻬﻢ ﻟﺬﻟﻚ إﺗﻀﺢ ﻟﻬﻢ أن اﻷﻫﺪاف اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠ ﺳﻮن ﺗﻨﻘﺴﻢ إﱃ ﻗﺴﻤ ‪:‬‬
‫ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻳﺒﺎﴍ ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ ﻓﻮرا ً وﺑﻌﻴﺪة ﻳﺤﺪد ﻟﻬﺎ وﻗﺖ ﰲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ أو ﺣﺪد ﻟﻬﺎ‬
‫ﻓﻌﻼً‪ .‬وﻗﺪ ﺗﻜﻮن اﻷﻫﺪاف اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻬﻴﺪاً ﻟﻸﻫﺪاف اﻟﺒﻌﻴﺪة و ﻗﺪ ﻬﺪ ﻟﻬﺎ أﻳﻀﺎً‬
‫ﺑﺄﺷﻴﺎء أﺧﺮى ﻟﺤ وﻗﺖ ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ ﻓﺘﻨﺴﺎب ﺑﻴﴪ إﱃ اﻟﻐﺎﻳﺔ اﳌﺮﺟﻮة و ﻗﺪ‬
‫ﻟﺨﺼﻮا اﻷﻫﺪاف اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﰲ اﻵ ‪:‬‬
‫‪ -‬ﺗﻌﻤﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﺨﻔﺎء ﺑﴪﻳﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻻﺳﺘﻴﻼء ﻋﲆ اﻟﻌﺎ ﻟﺘﺤﻜﻤﻪ‬
‫إﴎاﺋﻴﻞ‪ ،‬ﺷﻌﺐ ﷲ اﳌﺨﺘﺎر و اﻟﺬي ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺣﻜﻢ ﻫﺬا اﻟﻌﺎ ﺳﻮاﻫﺎ و ﻫﺬه‬
‫ﻣﺸـﻴﺌﺔ ﷲ ﻧﻔﺴـــﻪ و ﳌﺎ ﻛﺎن اﻟﻌـﺎ ﻇــﺎﳌﺎً إﻋﺘﺪى ﻋﲆ ﺣــﻖ اﻟﻴﻬــﻮد‬

‫‪٦٦‬‬
‫اﻷزﱄ وﺑﺎﴍ اﺿﻄﻬﺎدﻫﻢ ﺑﺸﺘﻰ أﻧﻮاع اﻻﺿﻄﻬﺎد ﻓﻼﺑﺪ ﻣﻦ إزاﻟﺔ ﻛﻞ اﻟﻄﻐﺎة‬
‫اﻟﻔﺠﺮة ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﴎاﺋﻴﻞ و ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ذﻟﻚ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ‪:‬‬
‫‪ -‬ﺑﺚ أﻓﻜﺎرﻧﺎ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ وﺿﺤﻬﺎ اﻟﺘﻠﻤﻮد وﺟﺎءت ﰲ اﻟﺘﻮراة ﻓﻼﺑﺪ ﻣﻦ‬
‫ﺗﻄﻌﻴﻢ أﻛﱪ ﻛﻤﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﴩ ﺑﺘﻠﻚ اﻷﻓﻜﺎر وﻋﻨﺪ إﻗﺘﻨﺎﻋﻬﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ‬
‫ﻣﺒﻌﺜﺎ ً ﻻرﺗﻴﺎﺣﻨﺎ و ﻣﴪﺗﻨﺎ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺗﻘﺒﻞ أﻓﻜﺎرﻧﺎ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻣﺒﻌﺜﺎ ﻹرﺗﻴﺎﺣﻨﺎ و ﻣﴪﺗﻨﺎ ﻓﻘﻂ وإ ﺎ ﻫﻮ اﻟﻄﺮﻳﻖ‬
‫اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ إرادةﺷﻌﺐ ُ ﷲ اﳌﺨﺘﺎر‪.‬‬
‫‪ -‬إن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﺳﻴﺪة ﻛﻞ اﻷﺣﺰاب اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ وﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﺧﺎدﻣﺔ ﺣﺰب‬
‫ﻣﻦ اﻷﺣﺰاب و ﻟﺬﻟﻚ ﻋﲆ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﻟﺘﻄﻮﻳﻊ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻟﺨﺪﻣﺘﻬﺎ ﺑﺸﺘﻰ‬
‫اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺑﻌﺪ ﻋﴩ ﺳﻨﻮات ﺗﺠﻌﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺳ اﻷﺣﺪاث ﰲ اﻟﻌﺎ ﺣﺴﺐ ﻣﺸﻴﺌﺘﻬﺎ‬
‫دون أن ﺗﻼﻗﻲ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﺷﻘﺎو ة أو ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻣﻦ أﺣﺪ أو ﺟ ﻋﺔ وذﻟﻚ‬
‫ﺣﺴﺐ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﰲ ﻛﻞ ﺑﻠﺪ‪.‬‬
‫‪ -‬ﻏﺎﻳﺔ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻣﻦ و ﺟﻮدﻫﺎ ﻫﻲ اﻟﻮﻗﻮف ﺿﺪ اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﳌﺴﺘﺒﺪة‬
‫اﳌﻨﺘﻤﻴﺔ إﱃ اﳌﺎﴈ اﻟﻜﺌﻴﺐ و ﻣﻦ أﺟﻞ ﻫﺬه اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻳﻘﺎﺗﻞ اﳌﺎﺳﻮن ﰲ‬
‫اﻟﺼﻔﻮف اﻷوﱄ ﻹ ﻧﻬﺎض اﳌﻨﻈﻤﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﻫﺾ ﻛﻞ اﻷدﻳﺎن‬
‫و اﻟﻘﻮﻣﻴﺎت و اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺗﻌﻤﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺑﺠﺪ و ﺗﺨﻄﻴﻂ ﻣﺴﺒﻖ ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﳌﺜﻞ و اﻷﺧﻼق اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﻮاﻃﺄ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻨﺎس ﻷﻧﻪ ﻻ ﻜﻦ أن ﻳﺮﺗﺒﻂ اﻟﻌﺎ ﺑﺎﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ وﻳﻨﻔﺬ ﻣﺮاﻣﻴﻬﺎ‬

‫‪٦٧‬‬
‫و ﻛﻞ أواﻣﺮﻫﺎ وأﻫﺪاﻓﻬﺎ اﻟﻌﻠﻴﺎ أﻻ إذا ﺗﺨﲆ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻷﺧﻼق و اﳌﺜﻞ‬
‫اﻟﻌﻠﻴﺎ‪.‬‬
‫‪ -‬ﻻ ﻜﻦ أن ﻧﻘﻴﻢ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻴﻬﻮدي اﻟﺬي ﺧﺺ ﷲ ﺑﻪ ﺷﻌﺒﻪ اﳌﺨﺘﺎر إﻻ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎء‬
‫ﻋﲆ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ و اﻹﺳﻼم و ﻫ دﻳﺎﻧﺘﺎن ﻧﺒﻌﺘﺎ ﻣﻦ ﻧﺒﻴ ﻛﺎذﺑ و اﻷﻧﺒﻴﺎء اﻟﻜﺬﺑﺔ‬
‫ﻫﻢ أﻋﺪاء ﺷﻌﺐ ﷲ اﳌﺨﺘﺎر و ﻻ ﻳﺼﻠﺢ اﻟﻌﺎ إ ﻻ ﺑﺎﻧﻘﻴﺎده ﻟﺸﻌﺐ ﷲ اﳌﺨﺘﺎر‬
‫وإﺻﻼح ﻧﻈﺎم اﻟﻜﻮن اﻟﺬي ﺧﺮﺑﻪ اﻷ ﻏﻴﺎر اﻟﻔﺠﺮة‪.‬‬
‫ﻫﺬه ﻫﻲ اﻷﻫﺪاف اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ اﻟﺘﻲ إﺳﺘﺨﻠﺼﻬﺎ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن وﺑﺘﺄﻣﻠﻬﺎ ﺗﺮى أن ﻫﺬه‬
‫اﻟﺠ ﻋﺔ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﴪﻳﺔ ﻫﻲ ﺟ ﻋﺔ إرﻫﺎﺑﻴﺔ ﻫﺪاﻣﺔ ﻋﻨﴫﻳﺔ ﻣﺘﻌﺼﺒﺔ‬
‫ﻓﺎﻟﺮﻛﻮن إﻟﻴﻬﺎ ﺧﻴﺎﻧﺔ و اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺟﺮ ﺔ واﻹﻧﻀ م ﺗﺤﺖ ﻟﻮاﺋﻬﺎ ﺿﻼل و ﻓﺴﺎد‬
‫وﻋﺪم ﻣﺤﺎرﺑﺘﻬﺎ إﻗﺮار ﻟﻠﺒﺎﻃﻞ ‪ ،‬و ﻣﻦ أﻗﺮ اﻟﺒﺎﻃﻞ ﻛﺎن ﴍﻳﻜﺎ ً و ﻟﻮ ﺳﻜﺖ ﻓﻬﻮ‬
‫داﻋﻴﺔ ﺿﻼل ﺣﺘﻰ و ﻟﻮ ﺻﻤﺖ و ﻳﺤﺮك ﺳﺎﻛﻨﺎ ً ‪.‬‬

‫اﻷﻫﺪاف اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠ ﺳﻮن‪:‬‬

‫اﳌﺘﺘﺒﻊ ﻟﺤﻮادث اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺒﻌﻴﺪ ﻳﺠﺪ أن ﻣﺎ ﻧﺒﻴﻨﻪ ﻣﻦ اﻷﻫﺪاف اﻟﺒﻌﻴﺪة‬

‫ﻟﻠ ﺳﻮﻧﻴﺔ ﻳﻌﺪ ﺑﻌﻴﺪا ً اﻟﻴﻮم إ ﺎ ﻫﻮ ﻗﺮﻳﺐ ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺤﺖ اﻷﺣﻮال ﻛﻠﻬﺎ‬
‫ﻣﻤﻬﺪة ﻣﺠﻬﺰة ﻟﺬﻟﻚ وﺻﺎر اﻟﺠﻮ ﺻﺎﻟﺤﺎ ً ﳌﺎ ﻳﺮﻳﺪه اﳌﺎﺳﻮن ﻓﺎن ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه‬
‫اﻷﻫﺪاف ﺑﻌﻴﺪةً ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻓﻘﺪ أﺻــﺒﺤﺖ ﻗــﺮﻳﺒﺔ ﺟﺪا ً ﻓﻴ ﻳﺒﺪو‪ ،‬و واﻗﻊ اﻟﻴﻮم‬
‫ﻫﻮ اﳌ ُﻌﱪ ﻋﻦ ذﻟﻚ وﺳﻨﻌﺮض اﻷﻫﺪاف اﻟﺒﻌﻴﺪة ﻛ اﺳﺘﺨﻠﺼﻬﺎ اﻟﻜُﺘﺎب‬
‫و اﳌﺆرﺧﻮن ﻋﱪ ﺗﺎرﻳﺦ اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ وﻣــﻮاﻗﻔﻬﺎ اﻟﺠﻠﻴﺔ ﰲ أﺣﺪاث اﻟﻌﺎ و ﺗﻌﻠﻖ‬
‫ﻛﻞ ﻫﺪف ﺎ ﻳﺴـــﺘﺤﻖ ﻗـﺼﺪا ً ﻟﺘﺒﻴﻴﻨﻪ و ﺗﻮﺿﻴﺤﻪ ﻟﻠﻨﺎس و ﺳــﻴﻌﻠﻢ ﻋﻨﺪﺋﺬ ٍ‬

‫‪٦٨‬‬
‫اﻟﻘﺎرئ اﻟﻔﻄﻦ أن اﻷﻫﺪاف اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ اﳌﺘﻘﺪﻣﺔ إ ﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻬﻴﺪا ً ﴐورﻳﺎً ﺗﻘﺎم‬
‫ﻋﻠﻴﻪ اﻷﻫﺪاف اﻟﺒﻌﻴﺪة ﻓﻜﺄﻧﻬﺎ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﻌﻘﺒﻬﺎ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺑﺘﺨﻄﻴﻂ ﻣﺘﻘﻦ دﻗﻴﻖ‬
‫وإﻟﻴﻚ اﻷﻫﺪاف اﻟﺒﻌﻴﺪة‪:‬‬
‫‪ .١‬ﻣﻦ اﻷﴎار اﻟﺒﻌﻴﺪة ﻻﺗﺤﺎدﻧﺎ اﳌﺎﺳﻮ اﻟﻌﺎﳌﻲ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻋﺎﳌﻴﺔ‬
‫ﺧﻔﻴﺔ ﺗﺤﻜﻢ اﻟﻌﺎ ﺑﺴﻠﻄﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻣﺨﺘﺎرة ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺷﻌﺐ ﷲ‬
‫اﳌﺨﺘﺎر ﻣﻦ أﺑﻨﺎء ﻳﻌﻘﻮب أﺑﺎ ً وأﻣﺎً وﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ﻳﺠﺐ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ ﻛﻞ‬
‫اﳌﻠﻜﻴﺎت اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﰲ اﻟﻜﻮن‪ .‬و ﻗﺪ ذﻫﺒﺖ أﻏﻠﺒﻴﺔ اﳌﻠﻜﻴﺎت ﰲ ﺑﻼد اﻟﻌﺎ‬
‫ﺆاﻣﺮات اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و ﺗﺤﺮﻳﻀﻬﺎ و ﺗﻐﺬﻳﺔ اﻟﺜﻮرات و ﺗﻬﻴﻴﺞ اﻟﺠ ﻫ‬
‫و ﺻﻨﺎﻋﺔ اﳌﺒﺎدئ اﻟﻬﺪاﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺪع ﺑﻬﺎ اﻟﺠ ﻫ و ﺗﺜ أﺣﻘﺎدﻫﺎ ﺿﺪ‬
‫اﳌﻠﻮك‪.‬‬
‫‪ .٢‬اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ ﻛﻞ اﻷدﻳﺎن ﻗﻀﺎءاً ﻣﱪﻣﺎً ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺘﺪﺧﻞ اﻟﺪﻳﻦ ﰲ اﻟﺤﻜﻢ‬
‫ﺑﺄي ﺣﺎل ٍ ﻣﻦ اﻷ ﺣﻮال ﻓﺎﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻻ دﻳﻨﻴﺔ‬
‫و اﻟﺤﻜﻢ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﺣﻜ ً ﻋﻠ ﻧﻴﺎ ً ﻷن ﻛﻞ اﻷدﻳﺎن ﺑﺎﻃﻠﺔ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ‬
‫أﻧﺒﻴﺎء ﻛﺬﺑﺔ‪ ،‬و ﻻ دﻳﻦ إﻻ دﻳﻦ إ ِﻟﻪ إﴎاﺋﻴﻞ وإن ﻛﻞ دﻳﻦ ﰲ اﻟﻜﻮن‬
‫ﺗﻌﺘﻘﺪه اﻟﺸﻌﻮب ﻫﻮ ﻋﺪو ﻟﺸﻌﺐ ﷲ اﳌﺨﺘﺎر‪ .‬و ﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﺴﻤﺢ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ إﻃﻼﻗﺎ ً ﺑﺘﺪﺧﻞ أي دﻳﻦ ﰲ اﻟﺤﻜﻢ وﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن‬
‫اﳌﻘﺎوﻣﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺻﺎرﻣﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ اﻟﱰاﺟﻊ ﺑﺄي ﺣﺎل ﻣﻦ‬
‫اﻷﺣﻮال‪ ...‬و واﻗﻊ اﻟﻴﻮم ﻳﻜﺸﻒ ﻣﺎ ﻳﻨﻄﻮي ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف اﻟﻠﻌ‬
‫و ﻣﻮاﻗﻒ أﻣﺮﻳﻜﺎ و دول اﻟﻐﺮ ب و ﻫﻲ أداة ﻃﻴﻌﺔ ﰲ ﻳﺪ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‬
‫وﻣﺴﺘﻌﻤﺮة ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﻴﻬﻮد ﺗﻌﱪ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﺑﺠﻼء ﻻ ﻳﻘﺒﻞ اﻟﺸﻚ و ﻳﻔﻮت‬
‫أﻻ ﻋﲆ اﻷﻏﺮار اﳌﻐﻔﻠ أو ﻳﺘﻌﺎﻣﻰ ﻋﻨﻪ اﻟﻌﻤﻼ ء اﳌﺄﺟﻮرون أو اﳌﺎﺳﻮن‬
‫اﳌﺨﺪوﻋﻮن‪.‬‬
‫‪٦٩‬‬
‫‪ .٣‬دﻋﻢ اﻟﺪول اﻟﻌﻠ ﻧﻴﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﺤﺘﺎﺟﻪ ﻟﺘﺴ ﰲ رﻛﺐ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ‬
‫اﻟﺪ ﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺨﻔﻴﺔ و ﻗﻴﺎدﺗﻬﺎ ﺑﺤﺰم ﻻ ﺗﻬﺎون ﻓﻴﻪ و ﻣﺤﻮ اﻟﺪول‬
‫اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺎﻣﺎً ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻮد وإﺳﺘﻌ ل ﻛﻞ ﺳﻼح ﺿﺪﻫﺎ أﻣﺮ ٌ ﻣﴩوع‬
‫ﺻﺤﻴﺢ‪ ،‬ﻛﺎﻟﺤﺼﺎر و اﻟﺘﺠﻮﻳﻊ واﻟﻌﺰل و اﻹرﻫﺎب واﻹﺗﻬﺎﻣﺎت اﻷﺧﺮى‬
‫وﺣﺘﻰ اﻟﺤﺮب اﻟﺴﺎﻓﺮة إذا دﻋﺖ اﻟﴬورة ﻟﺬﻟﻚ‪ .‬و ﰲ وﻗﻊ اﻟﻴﻮم ﻧﺮي‬
‫ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻫﺬا اﻟﺒﻨﺪ ﺑﺼﻼﺑﺔ وﻋﻨﻒ رﻏﻢ إﺣﺘﺠﺎج ﺑﻌﺾ اﻟﺪول‬
‫و ﺻﻴﺎﺣﻬﺎ و ﻟﻜﻦ دول اﻟﻌﺎ أو ﻏﺎﻟﺒﻴﺘﻬﺎ ﺗﺪﻳﻦ ﺑﻬﺬا اﻟﺘﻤﺮد و ﺗﻘﻒ ﻣﻊ‬
‫ﻫﺬا اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻷﻧﻬﺎ أو أﻏﻠﺒﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﺳﻠﻄﺎن اﳌﺎﺳﻮن‪ ،‬وﻗﺪ ﻳﻌﺠﺐ‬
‫اﻟﻜﺜ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻒ اﳌﻨﻈ ت اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ و ﺗﺄﻳﻴﺪﻫﺎ ﻟﻠﺒﺎﻃﻞ‬
‫و ﻣﺠﺎﻓﺎﺗﻬﺎ ﻟﻠﺤﻖ و اﻟﺘﺰاﻣﻬﺎ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻴﻬﻮد و ﻟﻮ ﻋﺮﻓﻮا اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻣﻌﺮﻓﺔ‬
‫ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ودرﺳﻮا أﻫﺪاﻓﻬﺎ دراﺳﺔ ﻣﺮﻛﺰة ﻟﻄﺎر اﻟﻌﺠﺐ ﻣﻦ اﻟﺮؤوس‬
‫و ﺣﻞ ﻣﻜﺎﻧﻪ إﻣﺎ ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻟﺒﺎﻃﻞ ﺣﺘﻰ اﳌﻮت أو ﺗﺄﻳﻴﺪه و اﻟﺮﺿﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ و اﻹذﻻل و ﻟﻴﺲ ﰲ واﻗﻊ اﻟﻴﻮم ﺳﻮي ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻄﺮﻳﻘ ﻛﻞ‬
‫إﻧﺴﺎن ﻳﺨﺘﺎر ﻣﺎ ﻳﺤﻠﻮ ﻟﻪ‪.‬‬
‫‪ .٤‬ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟــﻤﻴﺔ ﻣﺮﻓﺄ ﻟﻜﻞ ﺷــﻌﻮب اﻷرض‬
‫و ﻓﻖ اﻟﻈــﺮوف و اﻷوﺿـﺎع اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎﰱ ﻣﻊ ﻣﺒﺎدﺋـﻬﺎ و ﻣﺎ ﺗـﺮﻣﻲ إﻟﻴـﻪ‪.‬‬
‫وﰲ واﻗــﻊ اﻟﻴﻮم ﻳﻘﻒ اﳌﺎﺳﻮن ﻣﻊ ﻣﻦ ﻳﻠﺠﺄ إﻟﻴﻬﻢ ﻣﻮﻗﻔﺎ ً ﻗﻮﻳﺎ ً ﻷن‬
‫اﻟﺴﻴﺪ دا ﺎ ً ﻳﺪاﻓﻊ ﻋﻦ ﻋﺒﻴﺪه وﻳﺼﺪ ﻋﻨﻬﻢ اﻹ ﻋﺘﺪاء و ﻨﺤﻬﻢ أﺳﺒﺎب‬
‫اﻟﺤﻴﺎة ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺴــﺘﺨﺪﻣﻬﻢ ﳌﺎ ﻳــﺮﻳﺪ وﺿــﺪ ﻣﻦ ﻳــﺮﻳﺪ‬
‫ﺳــﺤﻘﻪ وإﻓــﻨﺎءه ﻣﻦ اﻷرض‪ .‬و ﻜﻦ إﻳـــﺮاد اﻷدﻟـــﺔ اﻟﻘﻄـﻌﻴﺔ ﻋﲆ‬
‫ﻣﺎ ذﻛـﺮﻧﺎ آﻧـﻔﺎ ﻣ أﺛﺒﺘﻪ اﻟﺘــﺎرﻳﺦ وﻳــﻜﻔﻲ أن ﻧﺨـﺘﴫ ذﻟﻚ‬

‫‪٧٠‬‬
‫ﻓﺎﻟﻠﺒﻴﺐ ﺑﺎﻹﺷﺎرة ﻳﻔﻬﻢ و ﻟﻴﺲ اﳌﻘﺎم ﻣﻘﺎم ﻣﻨﺎﻇﺮة وإ ﺎ ﻫﻮ ﻋﺮض‬
‫ﻳﺆﻳﺪه ﺑﺮﻫﺎن و اﺣﺪ أو اﺛﻨﺎن ﻣﺜﻼ وإﻟﻴﻚ اﻵ ‪:‬‬
‫اﻧﻌﻘﺪ ﰲ ﻋﺎم ‪١٨٨٩‬م ﻣﺆ ﺮ ذﻛﺮى اﻟﺜﻮرة اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ و ﻛﺎن ﻣﻦ ﺧﻄﺒﺎء‬
‫اﳌﺆ ﺮ ﻓﺮاﻧﻜﻠﻮن اﳌﺎﺳﻮ و ﻣ ﻗﺎﻟﻪ )ﺳﻴﺄ ﻳﻮم ﺗﺘﺠﺮد ﻓﻴﻪ اﻷﻣﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻬﻞ‬
‫اﻟﺒﻮاﻋﺚ واﻷﻫﺪاف ﻟﺜﻮرة ‪١٧٨٩‬م ﻣﻦ أواﴏ اﻟﺪﻳﻦ و ﻫﺬا اﻟﻴﻮم ﻟﻴﺲ ﺑﺒﻌﻴﺪ‬
‫و ﻧﺤﻦ ﰲ اﻧﺘﻈﺎره و ﺳﻴﻬﺐ اﻹﺧﺎء اﳌﺎﺳﻮ اﻟﻌﺎم ﻟﻜﻞ ﺷﻌﻮب اﻟﻌﺎ و اﻷوﻃﺎن‬
‫وﻫﺬه ﻫﻲ ﻓﻜﺮة اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ‪ ،‬و أﻋﻠﻦ ﰲ ﻫﺬا اﳌﺆ ﺮ أﻳﻀﺎً إن ﻓﻜﺮة اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬
‫وﻫﺪﻓﻬﺎ ﻫﻮ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻻ ﺗﻌﺮف ﷲ(‪.‬‬
‫وﻗﺎل ﻟﻮران‪) :‬إن اﻟﻨﺼﻮص ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻣﺘﻔﻘﺔ ﻋﲆ أن اﻟﻘﺼﺪ اﻷﺳﺎﳼ ﻣﻦ‬
‫إﻧﺸﺎء اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻷم اﻟﻘﺪ ﺔ ﻫﻮ ﻗﺘﻞ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ و ﻫﺪم أرﻛﺎﻧﻬﺎ وإﻋﻼء ﺷﺄن‬
‫اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻴﻬﻮدي(‪.‬‬
‫ﻓﺎﻷرﻛﺎن اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻣﺮ ﻋﲆ اﻟﻘﺎرئ اﻟﻔﻄﻦ‬
‫ﺗﺘﻠﺨﺺ ﻓﻴ ﻳﺄ ‪:‬ـ‬
‫‪ /١‬إﻧﻜﺎر و ﺟﻮد ﷲ‪:‬‬
‫وﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻋﲆ ﻫﺬا ودﻋﺖ إﻟﻴﻪ و اﻟﻴﻮم ﺗﺮﺗﻔﻊ اﻷﺻﻮات‬
‫ﺣﺘﻰ ﺑﺤﺖ اﻟﺤﻨﺎﺟﺮ ﺑﺎﳌﻨﺎداة ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ اﻟﻌﻠ و ﻗﺪ ﻳﴫخ ﺑﻪ ﺣﺘﻰ ﻣﻦ ﻳﺠﻬﻞ‬
‫ﻣﺎ ﻳﺮﻣﻲ إﻟﻴﻪ‪ .‬و ﻗﺪ اﺣﺘﻀﻨﺖ دول اﻟﻐﺮب و أﻣﺮﻳﻜﺎ وﻣﻦ ﺷﺎﻳﻌﻬﻢ ﻫﺬا اﻟﻨﺪاء‬
‫و ﻫﻮ ﻣﺒﺪأ ﻣﺎﺳﻮ ﻋﺮﻳﻖ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ وﻫﺬه اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت إ ﺎ‬
‫ﺗﺴ ﻫﺎ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺑﻐ ﺷﻚ و ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺑﺎل أؤﻟﺌﻚ اﻟﻘﺮود اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺰﻋﻘﻮن؟‪.‬‬

‫‪٧١‬‬
 ‫‪ /٢‬ﻣﻨﺎﻫﻀﺔ اﻷدﻳﺎن‪:‬‬
‫وﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻳﻌﱪ ﻋﻨﻪ اﻟﻮاﻗﻊ أﺑﻠﻎ ﺗﻌﺒ ﻓﺎﻟﻜﺘﺐ و اﻟﻨﴩات و اﻹذاﻋﺎت‬
‫و اﻟﺠﺮاﺋﺪ و اﳌﺠﻼت و ﻛﻞ و ﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻣﻘﺮوءة أو ﻣﺴﻤﻮﻋﺔ ﺗﴬب ﻋﲆ ﻫﺬا‬
‫اﻟﻮﺗﺮ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار أﻣﺎ ﻣﺒﺎﴍة ﺑﻮﺿﻮح ﺗﺎم وأﻣﺎ ﺑ اﻟﺴﻄﻮر و ﻻ ﻳﺨﻔﻲ ﻋﲆ اﻟﺬ‬
‫اﻟﻠﺒﻴﺐ‪.‬‬
‫‪ /٣‬ﻣﺤﺎرﺑﺔ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ‪:‬‬
‫ﰲ ﻛﻞ ﺑﻼد اﻟﻌﺎ ﻣﺤﺎرﺑﺔ ﻣﺮﻛﺰة وﻗﺪ رأﻳﻨﺎ ﺑﺄﻋﻴﻨﻨﺎ ﻛﻴﻒ ﻛﺎن اﻹ ﺳﺘﻌ ر‬
‫ﻳﻔﺼﻞ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻦ اﻟﺤﻴﺎة وﻳﺬﻟﻬﻢ ﻋﻤﻠﻴﺎ ً ﺑﺎﺣﺘﻘﺎرﻫﻢ ووﺿﻊ ﻣﻨﺰﻟﺘﻬﻢ ﰲ‬
‫اﻟﺤﻀﻴﺾ وإﺿﻌﺎف ﻣﺮﺗﺒﺎﺗﻬﻢ وﺣﺮ ﻣﺎﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺣﻖ وإﻋﺘﺒﺎر ﻣﺎ ﻳﺄﺧﺬوﻧﻪ‬
‫ﻣﻨﺤﺔ و ﻫﻲ ﻣﻨﺤﺔ ﻻ ﺗﻜﻔﻲ ﻟﴬورﻳﺎت اﻟﺤﻴﺎة و ﻻ زال ﻫﺬا اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻗﺎ ﺎ ً ﻓﻼ‬
‫ﻳﺤﻖ ﻟﻬﺎ إﻃﻼﻗﺎً و ﻻ ﺣﻖ ﻟﻬﻢ ﰲ ﻓﻮاﺋﺪ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺨﺪﻣﺔ و ﻻ ﰲ اﳌﻜﺎﻓﺂت ورﻓﻊ‬
‫اﻷﺟﻮر و ﻛﺄﻧﻬﻢ ﻟﻴﺴﻮا ﻣﻮاﻃﻨ و ﻻ ﻳﺆدون ﻋﻤﻼً ﻟﺸﻌﺒﻬﻢ وﻫﺬا ﻟﻌﻤﺮي ﰲ ﻛﻞ‬
‫ﺑﻼد اﻟﺪﻧﻴﺎ وﺧﺼﻮﺻﺎ ً ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﳌﺴﻠﻤ ‪.‬‬
‫‪ /٤‬اﻹﺑﺎﺣﻴﺔ و اﻟﻔﺴﺎد‪:‬‬
‫ﰲ إﻋﺘﻘﺎدي أن اﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺒﻨﺪ ﻣﻦ ﺗﺤﺼﻴﻞ اﻟﺤﺎﺻﻞ ﻷن واﻗﻊ‬
‫اﻟﻴﻮم وﺻﻮرﺗﻪ اﳌﺸﺎﻫﺪة اﳌﻠﻤﻮﺳﺔ اﳌﺤﺴﻮﺳﺔ ﰲ ﻛﻞ ﺑﻼد اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﻜﻔﻲ ﻟﻠﺘﺪﻟﻴﻞ‬
‫ﻋﲆ ذﻟﻚ‪.‬‬
‫‪ /٥‬ﻛﺮه اﻷوﻃﺎن‪:‬‬
‫إن اﻧﺠﺎز اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﻨﺪ ﻳﺘﻘـﺪم ﻛﺜ ا ً ﰲ ﻣﺨـﻄﻄﻬﻢ و ﻟﻮ أﻧﻪ أﺛــﺮ‬

‫‪٧٢‬‬
‫ﺑﻌﺾ اﻟﴚء ﺣﺘﻰ إﻧﻚ ﻟﱰي ﺑﻌﺾ اﻟﺸﺒﺎب ﻻ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﻮﻃﻦ و ﻻ ﻳﺤﺒﻪ و ﻻ ﻳﺮﻏﺐ‬
‫ﰲ ﺗﻘﺪﻣﻪ و ﻗﺪ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻻ ﻳﻘﺪم ﻋﻠﻴﻪ أﺣﺪ ﺷﻴﺌﺎً و ﻟﻜﻨﻚ اﻟﻴﻮم ﻻ ﺗﺒﺤﺚ‬
‫ﻛﺜ ا ً ﺣﺘﻰ ﺗﺠﺪ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻤﻦ ﻳﺠﻬﺮ ﺑﻪ و ﻛﺎن اﻟﻨﺎس ﻗﺒﻼً ﻳﻬﺠﺮون ﻣﻦ ﻳﻘﻮل ﺑﻪ‬
‫ﻛﺄﻧﻪ ﻣﺮض ﻋﻀﺎل ﻣﻌﺪ ٍ أﻣﺎ اﻟﻴﻮم ﻓﻼ‪ ،‬ﻓﺎﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺗﺤﻄﻢ ﺣﺐ اﻟﻮﻃﻦ و ﺗﻨﴩ‬
‫ﻛﺮاﻫﻴﺘﻪ ﻷن ﺣﺒﻪ ﻳﻘﻒ دون ﻣﺨﻄﻄﻬﻢ اﻹﺟﺮاﻣﻲ اﻟﺨﻄ ‪.‬‬
‫‪ /٦‬ﻫﺪم اﻟﺒﴩﻳﺔ‪:‬‬
‫ﺑﻜﻞ ﻣﺒﺎدﺋﻬﺎ وﻋﻘﺎﺋﺪﻫﺎ و ﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﺎ وﻣﺜﻠﻬﺎ وإﻧﺴﺎﻧﻴﺘﻬﺎ اﻟﻜﺮ ﺔ وإﺣﻼل‬
‫ﺷﻌﺐ ﷲ اﳌﺨﺘﺎر ﻣﺤﻞ ذﻟﻚ و ﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ ﺳﻴﺎدة اﻟﻴﻬﻮد ﻋﲆ ﻛﻞ اﻟﺒﴩ‬
‫و اﺳﺘﻌﺒﺎدﻫﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻄﺎﻣﻊ اﻟﻴﻬﻮد ﻏ اﳌﴩوﻋﺔ وﻫﺬا اﻟﺒﻨﺪ أﻇﻨﻪ اﻵﺧ ‪،‬‬
‫و ﻫﻢ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻟﻬﺪﻣﻬﺎ و ﻟﻜﻦ ﰲ ﺑﻂء وﺣﺬر وﻟﻜﻦ اﻟﺠﻬﻮد ﻣﺘﻮاﺻﻠﺔ وإن ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﻣﺘﻌ ة ﺑﻌﺾ اﻟﴚء‪.‬‬
‫‪ /٧‬إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﺪ ﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪:‬‬
‫وﻫﺬا اﻟﺒﻨﺪ ﻫﻮ اﻟﺒﻨﺪ اﻵﺧ ﻣﻦ اﳌﺨﻄﻂ و ﻟﻜﻦ ﻗﺪ ﻣﻬﺪوا ﻟﻪ ﻬﻴﺪا ً ﻛﺎﻣﻼً‬
‫و ﻗﺪ و ﺿﻌﻮا ﻳﺪﻫﻢ ﻋﲆ اﻷﻣﻢ اﻟﻜﱪى اﻟﺘﻲ ﻳﺼﺪر اﻟﻘﺮار ﻣﻨﻬﺎ و ﺗﺘﺤﻜﻢ ﰲ ﺷﺌﻮن‬
‫اﻟﺒﴩ وﺳﻠﺴﻠﺔ اﻹﺟﺮام ﺗﺘﻮاﺻﻞ ﺑﺠﺪ و ﻧﺸﺎط و اﻟﻌﺎ ﻛﻠﻪ ﻳﻐﻂ ﰲ ﻧﻮم ﻋﻤﻴﻖ و ﻻ‬
‫ﻳﺪري ﻣﺎ ﻳﺮاد ﺑﻪ؟ ﻓﺈﱃ أﻳﻦ ﻳﺴﺎق اﻟﻘﻄﻴﻊ؟ و ﻫﻞ ﻜﻦ ﻟﻠﺨﺮاف أن ﺗﺘﺤﺮك‬
‫ﻟﻠﺨﻼص ﻣﻦ اﻟﺬﺑﺢ؟‬
‫ﻫﺬه ﻫﻲ اﻷﺳﺲ و اﻷرﻛﺎن اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻹﺟﺮاﻣﻲ‬
‫اﻟﺨﻄ اﳌﺴﻤﻲ ﺑﺎﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﻟﻮن ﻋﻨﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﻟﻠﺨ واﻟﻌﻠﻢ و ﻫﻲ ﰲ‬
‫اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﺪاﻣﺔ وﻣﻦ أﺧﻄﺮ اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻟﴪﻳﺔ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻨﺬ أن أوﺟﺪ ﷲ اﻟﺒﴩ‬
‫ﻋﲆ ﺳﻄﺢ ﻫﺬا اﻟﻜﻮﻛﺐ اﻷرﴈ‪.‬‬
‫‪٧٣‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ‬

‫ﺻﻮر اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ‬

‫أن أﺳــﺎﻃ اﻟﻜﺘﺎب ﰲ اﻟﻌﺎ اﻟﺬﻳﻦ إﻋﺘﻨﻮا ﺑﺎﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ وراﺣﻮا ﻳﺪر ﺳﻮﻧﻬﺎ‬
‫ﰲ ﻛﻞ ﺻﻮرﻫﺎ و أﺷــﻜﺎﻟﻬﺎ وﻃﺮﻗﻬﺎ وﺧﺮﺟﻮا ﺑﻌﺪ اﻟﺒﺤﺚ و اﻟﺘﻨﻘﻴﺐ اﻟﺠﺎد‬
‫ﺑﺤﻘﺎﺋﻖ ﻣﺬﻫﻠﺔ أﻏﺮب ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎل و ﻛﺸــﻔﻮا اﻟﻠﺜﺎم ﻋﻦ ﻓﺮوع ﻳﻜﻦ ﻟﻴﺼﺪق‬
‫أﺣﺪ أﻧﻬﺎ ﺟﺬور ﻟﻠ ﺳــﻮﻧﻴﺔ وأﻳﺎد ٍ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻬﺎ ﰲ اﻟﺨﻔﺎء ﻣﺜﻞ أذرع‬
‫اﻟﺴــﺮﻃﺎن ﺎﻣﺎً ﺘﺺ اﻟﺪﻣﺎء و ﺗﻘﴤ ﻋﲆ اﻟﺤــﻴﺎة‪ .‬و ﻗﺪ ﻋﺎﺛﺖ ﻫﺬه اﻟﻔﺮوع‬
‫ﰲ اﻟﻌﺎ ﻓﺴــﺎداً و ﺗﺨــﺮﻳﺒﺎ ً و وﻗﻊ ﰲ ﺣــﺒﺎﻟﻬﺎ ﻛﺜ ٌ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﻬﺎء واﻟﻐﻮﻏﺎء‬
‫و اﻟﺴﺬج اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻴﺰون ﺑ اﻟﺨ و اﻟﴩ و اﻟﺤﻖ و اﻟﺒﺎﻃﻞ و اﻟﻬﺪى و اﻟﻀﻼل‪.‬‬
‫و ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ ﻫﺬه اﻟﻔﺮوع اﻟﺨﻔﻴﺔ ﺎ ﻋﺠﺰت ﻋﻨﻪ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻷم ﰲ ﻛﺜ ﻣﻦ‬
‫ﺑﻠﺪان اﻟﻌﺎ و ﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻛﺸﻔﻬﺎ ﺑﺈﺳﻠﻮب ﻋﻠﻤﻲ ﺻﺎدق ﺟﻬﺪا ً إﻧﺴﺎﻧﻴﺎ ً‬
‫ﻋﻈﻴ ً ﻳﺴــﺘﺤﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺆﻻء اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻜـﺒﺎر اﻷذﻛﻴﺎء اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ و اﻹﺟﻼل و ﻟﺬﻟﻚ‬
‫ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﺘﺒﻊ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﳌﺸـﺒﻮﻫﺔ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﻟﻨﻘﻮم ﺑﻮﺿﻌﻬﺎ أﻣﺎم‬
‫اﻟﻘﺎرئ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﺻﻮرة اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ أﻣﺎﻣﻪ‪ ،‬وﻋﻠﻴﻪ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺮض أن ﻳﺤـﻜﻢ‬
‫ﺣـﻜ ً ﻋﺎدﻻً ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻟﺴــﺮﻳﺔ اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌـﺎﳌﻴﺔ و ﻻ ﺗﻘﻮل إن‬
‫اﻟﺤـﻜﻢ ﻋﲆ اﻷﻓﻌﻰ ﺑﺎﻟﻘـﺘﻞ أو اﻹﺑــﺎدة ﻓﻬﻮ وإن ﻛﺎن ﺣــﻜ أزﻟﻴﺎ ً ﺗﻮاﻃــﺄ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺒﺸـﺮ ﻣﻨﺬ ﻓﺠـﺮ اﻟﺘـﺎرﻳﺦ ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻌﺮف ﻏ اﻟﻘـﺘﻞ واﳌـﻮت اﳌﺤـــﻘﻖ‬
‫ﻣﺘﻰ أﻧﺸــﺒﺖ أﻧﻴﺎﺑﻬﺎ ﰲ ﺟـﺴــﻢ اﻹﻧﺴـــﺎن وإﻻ أن ﻣﻦ اﳌﺆﺳـﻒ ﺣﻘﺎ ً أن ﰲ‬
‫اﻟﺤﻴﺎة ﻣ رﺳــﺎت ﻳﺸــﻤﺌﺰ ﻣﻨﻬﺎ اﻹﻧﺴــﺎن وﻳﺘــﺄ ﻓﻘـﺪ ﻳﺤﺪث أن ﺠﺪ‬
‫اﻟﺒـﻌﺾ اﳌﺠـﺮم اﻷﺛﻴﻢ وﻳﻜﺮم اﻟﻘﺎﺗﻞ اﻟﻌﻨﻴﻒ وﻳﺤﺐ اﳌﺨــﺮب اﳌـﺪﻣﺮ وإن‬
‫‪٧٤‬‬
‫ﻛﺎن ﻫﺬا ﺷﺬوذا ً ﻗﺒﻴﺤﺎ ً ﻣﺮﻓﻮﺿﺎ ً ﻋﻨﺪ اﻟﻌﻘﻼء إ ﻻ إﻧﻪ ﻳﺤﺪث‪ ،‬و ﻧﺤﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ‬
‫ﻧﻌﺮض ﻫﺬه اﻟﺼﻮر ﻟﻔﺮوع اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﳌﺪﻣﺮة ﻻ ﻧﻘﺼﺪ ﺳﻮى اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﴩ‬
‫وإداﻧﺔ اﻟﺒﺎﻃﻞ واﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ أﻋﺪاء اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻷﴍار ﺛﻢ ﻧﺮﻣﻲ ﻣﻦ ذﻟﻚ أﻳﻀﺎً إﱃ‬
‫أن ﻧﻔﺘﺢ اﻟﻌﻴﻮن ﻟﱰى ﻣﺎ وراء اﻟﻘﺸﻮر‪.‬‬
‫إن ﻗﴩة اﻟﺤﻨﻈﻞ ﺧﴬاء ﻳﺎﻧﻌﺔ وﻟﻜﻦ ﻟﺒﺎﺑﻬﺎ ﻣﺮ ٌ ﻻ ﻳﻄﺎق و ﻧﻘﺼﺪ أﻳﻀﺎً‬
‫أن ﻳﻌﻤﻢ اﻟﻮﻋﻲ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻧﻘﻊ ﰲ اﻟﻔﺦ اﳌﻬﻠﻚ و ﻫﻮ ﻗﻴﺎم ﻋﻤﻼء اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ دا ﺎ ً‬
‫ﺑﺤﺮب اﻷﻋ ل اﻟﺨ ﻳﺔ و ﺣﺘﻰ ﻻ ﻧﻘﻊ ﰲ وﻫﺪة اﻟﺒﺎﻃﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺴﻤﻊ أوﻻً و ﻻ‬
‫ﻧﺘﴪع ﺑﻞ ﻧﺪرس ﻣﺎ ﻳﻘﺎل و ﳌﺎذا ﻳﻘﺎل‪ ،‬ﻷن ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت و ﻋﻤﻼﺋﻬﺎ أداة‬
‫ﻫﺪم و ﺗﺨﺮﻳﺐ ﻓﺎﻟﺜﻘﺔ ﺑﻬﻢ ﻏﻔﻠﺔ و ﻣﺘﺎﺑﻌﺘﻬﻢ واﻹﻧﻘﻴﺎد ﻟﻬﻢ ﺧﻴﺎﻧﺔ و ﻫﺬه ﻫﻲ‬
‫ﺑﺬر ة اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و ذرﻳﺘﻬﺎ اﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ وﻓﺮوﻋﻬﺎ اﻹﺟﺮاﻣﻴﺔ ﻓﻴ ﻳﲇ ﻛ وﻋﺪﻧﺎ‬
‫ﺑﺈﺧﺘﺼﺎر‪:‬‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ‪:‬‬
‫إن واﺿﻌﻲ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ وﻣﺆﺳﺴﻴﻬﺎ ﻫﻢ اﻟﻴﻬﻮد ﻗﻄﻌﺎ ً وإن اﳌﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﲆ‬
‫اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ و ﺣ ﻳﺘﻬﺎ رﻛﻦ ﺛﺎﺑﺖ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ وﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ﺗﺮﺗﺒﻂ‬
‫اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﺑﻜﻞ ﺗﻨﻈﻴ ﺗﻬﺎ ﺑﺎﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ارﺗﺒﺎﻃﺎ ً وﺛﻴﻘﺎ ً ﻻ ﻣﺠﺎل ﻗﻄﻌﺎ ً ﻟﻠﺸﻚ ﻓﻴﻪ‬
‫و اﻟﱰدد ﻷﻧﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ واﻗﻌﻴﻪ دﻟﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﻞ اﻟﺘﺠﺎرب و اﻷﺣﺪاث ﰲ اﳌ رﺳﺎت‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﰲ ﻛﻞ ﺑﻼد اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻣﻦ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺻﺪق اﻟﻘﻮل ﺑﺄن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﰲ‬
‫أﺻﻠﻬﺎ وﻣﻨﺸﺌﻬﺎ ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﰲ ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻬﺎ و أﻋﻴﺎدﻫﺎ‪ ،‬ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﰲ رﻣﻮزﻫﺎ و ﻟﻐﺎﺗﻬﺎ و ﻗﺪ‬
‫ﻗﺎل اﻷﺳﺘﺎذ ﺟﻮاد رﻓﻌﺖ اﺗﻠﺨﺎن‪:‬ـ‬
‫)إن اﳌﻨﻈ ت اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻻ ﻳﺤﴢ ﻋﺪدﻫﺎ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ ﺑﻼد اﻟﻌﺎ و ﻧﺠﺪ‬
‫ﰲ ﻛﺜ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺪان أن اﻟﺤﻜﻢ و اﻹدارة ﰲ اﳌﺤﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺑﻴﺪ اﻟﻴﻬﻮد دون‬
‫‪٧٥‬‬
 ‫ﻏ ﻫﻢ ﻣ ﻳﺆﻛﺪ وﺑﻼ أد ﺷﻚ وﺟﻮد راﺑﻄﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻣﺸﱰﻛﺔ ﺑﺼﻮر ﺟﺪﻳﺔ ﺑ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ‪ .‬و ﻧﻔﻮذ اﻟﻴﻬﻮد ﻫﻮ اﻟﻜﻔﺔ اﻟﺮاﺟﺤﺔ ﰲ ﻣﻴﺰان ﻫﺬه اﻟﺠﻬﻮد‬
‫اﳌﺸﱰﻛﺔ وﻣﻊ ﻫﺬا ﻓﺈن ﻗﺒﻮل ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻛﻮن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻣﻦ أﺛﺮ اﻟﻴﻬﻮد ﻓﻴﻪ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ‬
‫إذ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻳﻘﺘﴣ أن ﻧﻐﺾ اﻟﻄﺮف ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻨﺎﴏ اﻹﻧﻘﻼﺑﻴﺔ وﺑﻌﺾ‬
‫اﻟﺘﻴﺎرات اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻣﻠﺠﺄ ﻟﻬﺎ وﻳﻨﺘﻈﺮون ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻌﻮن‬
‫و اﻟﻘﻮة(‪ .‬و ﻟﻨﺪع ﻫﺬا اﻟﻘﻮل وﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﺮدد وﻟﻨﺴﺠﻞ اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﻘﺎﻃﻊ اﻟﺬي ﻻ‬
‫ﻣﺮاء ﻓﻴﻪ و ﻻ ﻳﻘﺒﻞ اﻟﺸﻚ واﻟﱰدد ﻋﲆ اﻟﺼﻠﺔ اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺑ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ‬
‫و ذﻟﻚ ﻣﺎ ﺟﺎء ﰲ ﺑﺮوﺗﻮﻛﻮﻻت ﺣﻜ ء ﺑﻨﻲ ﺻﻬﻴﻮن و ﻫﻮ ﻳﻌﺘﱪ ﻋﻨﺪ اﻟﻴﻬﻮد ﻣﺜﻞ‬
‫اﻟﺘﻮراة ﺎﻣﺎ ً ﻓﺎﻗﺮأ ﻫﺬا اﻟﱪوﺗﻮ ﻛﻮل ﺑﺈﻣﻌﺎن‪ ) :‬وإﱃ أن ﻳﺄ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺳﻨﺼﻞ‬
‫ﻓﻴﻪ إﱃ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺳﻨﺤﺎول أن ﻧﻨﺸﺊ و ﻧﻀﺎﻋﻒ ﺧﻼﻳﺎ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴ اﻷﺣﺮار ﰲ ﺟﻤﻴﻊ‬
‫أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎ و ﺳﻨﺠﺬب إﻟﻴﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺼ أو ﻣﻦ ﻳﻜﻮن ﻣﻌﺮوﻓﺎ ً ﺑﺄﻧﻪ ذو روح‬
‫ﻋﺎﻣﺔ أو ذو ﻣﻴﻞ إﱃ اﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ أو اﺟﺘ ﻋﻲ ﻻ ﻣﻌﺘﺰل و ﻻ ﻣﻨﻄﻮي ﻋﲆ‬
‫ﻧﻔﺴﻪ‪ .‬و ﻫﺬه اﻟﺨﻼﻳﺎ ﺳﺘﻜﻮن اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺤﺼﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻧﺮﻳﺪ‬
‫ﻣﻦ أﺧﺒﺎر ﻛ إﻧﻬﺎ ﺳﺘﻜﻮن أﻓﻀﻞ ﻣﺮاﻛﺰ ﻟﻠﺪﻋﺎﻳﺔ و ﺳﻮف ﻧﺮﻛﺰ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﺨﻼﻳﺎ‬
‫ﺗﺤﺖ ﻗﻴﺎدة واﺣﺪة ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻟﻨﺎ وﺣﺪﻧﺎ و ﺳﺘﺘﺄﻟﻒ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﺎدة ﻣﻦ ﻋﻠ ﺋﻨﺎ‬
‫و ﺳﻴﻜﻮن ﻟﻬﺬه اﻟﺨﻼﻳﺎ أﻳﻀﺎً ﻣﻤﺜﻠﻮﻫﺎ اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﻮن ﻧﺜﺒﺖ اﳌﻜﺎن اﻟﺬي ﻧﻘﻴﻢ‬
‫ﻓﻴﻪ ﻗﻴﺎدﺗﻨﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ و ﺳﻴﻜﻮن ﻟﻬﺬه اﻟﻘﻴﺎدة وﺣﺪﻫﺎ اﻟﺤﻖ ﰲ ﺗﻌﻴ ﻣﻦ ﻳﺘﻜﻠﻢ‬
‫ﻋﻨﻬﺎ ﰲ رﺳﻢ ﻧﻈﺎم اﻟﻴﻮم وﺳﻨﻀﻊ اﻟﺤﺒﺎﺋﻞ و اﳌﺼﺎﺋﺪ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺨﻼﻳﺎ ﻟﻜﻞ‬
‫اﻹ ﺷﱰاﻛﻴ وﻃﺒﻘﺎت اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺜﻮرﻳﺔ وإن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺨﻄﻂ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﴪﻳﺔ‬
‫ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻟﻨﺎ ﻛﻠﻬﺎ و ﺳﻨﻬﺬﺑﻬﺎ وﻧﻌﺪﻫﺎ ﻟﻠﺘﻨﻔﻴﺬ ﺣﺎﳌﺎ ﺗﻘ ُﺮ ﻣﻨﺎ‪.‬‬
‫و ﻛﻞ اﻟﻮﻛﻼء ﰲ اﻟﺒﻮﻟﻴﺲ اﻟﴪي ﺳﻴﻜﻮﻧﻮن أﻋﻀﺎء ﰲ ﻫﺬه اﻟﺨﻼﻳﺎ و ﻟﺨﺪﻣﺔ‬

‫‪٧٦‬‬
‫اﻟﺒﻮﻟﻴﺲ أﻫﻤﻴﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻷﻧﻬﻢ ﻗﺎدرون ﻋﲆ أن ﻳﻠﻘﻮا اﻟﺴﺘﺎر ﻋﲆ‬
‫ﻣﴩوﻋﺎﺗﻨﺎ وﻳﺴﺘﻨﺒﻄﻮا ﻟﻬﺎ ﺗﻔﺴ ات ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ ﺿﺪ اﻟﻀﺠﺔ و اﻟﺴﺨﻂ ﺑ‬
‫اﻟﻄﻮاﺋﻒ و أن ﻳﻌﺎﻗﺒﻮا أﻳﻀﺎ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻓﻀﻮن اﻟﺨﻀﻮع ﻟﻨﺎ‪ ،‬وﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﺎس‬
‫اﻟﺬﻳﻦ ﺳﻴﺪﺧﻠﻮن ﰲ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻟﴪﻳﺔ ﻣﻐﺎﻣﺮون وﻳﺮﻏﺒﻮن ﰲ أن ﺗﻘﻮي‬
‫ﻃﺮﻳﻘﺘﻬﻢ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة ﺑﺄي ﻛﻴﻔﻴﺔ وﻟﻴﺴﻮا ﻣﺒﺎﻟ ﺑﺎﻟﺤﺴﺪ و اﻟﻌﻨﺎد و ﺜﻞ ﻫﺆﻻء‬
‫اﻟﻨﺎس ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﻴﺴ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﺎﺑﻊ أﻏﺮاﺿﻨﺎ‪ ،‬و أن ﻧﺠﻌﻠﻬﻢ ﻳﺪﻓﻌﻮن ﺟﻬﺎزﻧﺎ‬
‫ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ‪ ،‬وﺣﻴﻨ ﺗﺒﺪأ اﳌﺆاﻣﺮات ﺧﻼل اﻟﻌﺎ ﻓﺎن ﺑﺪءﻫﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن واﺣﺪاً ﻣﻦ‬
‫أﺷﺪ وﻛﻼﺋﻨﺎ إﺧﻼﺻﺎ ً ﻳﻘﻮم ﻋﲆ رأس ﻫﺬه اﳌﺆاﻣﺮة وﻟﻴﺲ إﻻ ﻃﺒﻴﻌﻴﺎ ً أن ﻛﻨﺎ‬
‫اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻳﻌﺮف ﻛﻴﻒ ﺗﻜﻮن اﳌﴩوﻋﺎت اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و ﻧﺤﻦ اﻟﺸﻌﺐ‬
‫اﻟﺬي ﻳﻌﺮف ﻛﻴﻒ ﻳﻮﺟﻬﻬﺎ و ﻧﺤﻦ ﻧﻌﺮف اﻟﻬﺪف اﻵﺧ ﻟﻜﻞ ﻋﻤﻞ ﻋﲆ ﺣ أن‬
‫اﻷﻣﻤﻴ ﻏ اﻟﻴﻬﻮد ﻳﺠﻬﻠﻮن ﻣﻌﻈﻢ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن‬
‫و ﻟﻮ رؤﻳﺔ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻌﺎﺟﻠﺔ و ﻫﻢ ﻋﺎﻣﺔ ﻻ ﻳﻔﻜﺮون إﻻ ﰲ اﳌﻨﺎﻓﻊ اﻟﻮﻗﺘﻴﺔ اﻟﻌﺎﺟﻠﺔ‬
‫وﻳﻜﺘﻔﻮن ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ أﻏﺮاﺿﻬﻢ ﺣ ﻳﺮﺿﻮن ﻏﺮورﻫﻢ و ﻻ ﻳﻔﻄﻨﻮن إﱃ أن اﻟﻔﻜﺮة‬
‫اﻷﺻﻠﻴﺔ ﺗﻜﻦ ﻓﻜﺮﺗﻬﻢ ﺑﻞ ﻛﻨﺎ ﻧﺤﻦ أﻧﻔﺴﻨﺎ اﻟﺬﻳﻦ أوﺣﻴﻨﺎ إﻟﻴﻬﻢ ﺑﻬﺎ‪.‬‬
‫و اﻷﻣﻤﻴﻮن ﻳﻜ ون ﻣﻦ اﻟﱰدد ﻋﲆ اﻟﺨﻼﻳﺎ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻋﻦ ﻓﻀﻮل ﻣﺤﺾ‬
‫ﻋﲆ أﻣﻞ أن ﻳﻨﺎﻟﻮا ﻧﺼﻴﺒﻬﻢ ﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﻄﻴﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗ ُﺠﻨﻲ ﻣﻨﻬﺎ‪ ،‬وﺑﻌﻀﻬﻢ‬
‫ﻳﻐﺸﺎﻫﺎ أﻳﻀﺎ ً ﻷﻧﻪ ﻗﺎدر ﻋﲆ اﻟ ﺛﺮة ﺑﺄﻓﻜﺎره اﻟﺤﻤﻘﺎء أﻣﺎم اﳌﺤﺎﻓﻞ‪ ،‬واﻷﻣﻤﻴﻮن‬
‫ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ ﻋﻮاﻃﻒ اﻟﻨﺠﺎح و ﺗﻬﻠﻴﻼت اﻻﺳﺘﺤﺴﺎن و ﻧﺤﻦ ﻧﻮزﻋﻬﺎ ﺟﺰاﻓﺎً ﺑﻼ‬
‫ﺗﺤﻔﻆ وﻟﻬﺬا ﻧﱰﻛﻬﻢ ﻳﻈﻔﺮون ﺑﻨﺠﺎﺣﻬﻢ ﻟ ﻧﻮﺟﻪ ﻟﺨﺪﻣﺔ ﻣﺼﺎﻟﺤﻨﺎ ﻛﻞ ﻣﻦ‬
‫ﺗﺘﻤﻠﻜﻬﻢ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﻐﺮور وﻣﻦ ﻳﺘﴩﺑﻮن ﺑﺄﻓﻜﺎرﻧﺎ ﻋﻦ ﻏﻔﻠﺔ واﺛﻘ ﺑﺼﺪق‬
‫ﻋﺼﻤﺘﻬﻢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ وﺑﺄﻧﻬﻢ و ﺣﺪﻫﻢ أﺻﺤﺎب اﻵراء و أﻧﻬﻢ ﻏ ﺧﺎﺿﻌ ﻓﻴ‬
‫ﻳﺮون ﻟﺘﺄﺛ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪.‬‬
‫‪٧٧‬‬
‫وأﻧﺘﻢ ﻻ ﺗﺘﺼﻮرون ﻛﻴﻒ ﻳﺴﻬﻞ دﻓﻊ أﻣﻬﺮ اﻷ ﻣﻤﻴ إﱃ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻀﺤﻜﺔ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺴﺬاﺟﺔ و اﻟﻐﻔﻠﺔ ﺑﺈﺛﺎرة ﻏﺮوره وإﻋﺠﺎﺑﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ و ﻛﻴﻒ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮي‬
‫أن ﻧﺜﺒﻂ ﺷﺠﺎﻋﺘﻪ وﻋﺰ ﺘﻪ ﺑﺄﻫﻮن ﺧﻴﺒﺔ وﻟﻮ ﺑﺎﻟﺴﻜﻮت ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻋﻦ ﺗﻬﻠﻴﻞ‬
‫اﻻﺳﺘﺤﺴﺎن ﻟﻪ وﺑﺬﻟﻚ ﻧﺪﻓﻌﻪ إﱃ ﺧﻀﻮع ذﻟﻴﻞ ﻛﺬل اﻟﻌﺒﺪ إذ ﺗﺼﺪه ﻋﻦ اﻷﻣﻞ‬
‫ﰲ اﻟﻨﺠﺎح اﻟﺠﺪﻳﺪ و ﻘﺪار ﻣﺎ ﻳﺤﺘﻘﺮ ﺷﻌﺒﻨﺎ اﻟﻨﺠﺎح وﻳﻘﴫ ﺗﻄﻠﻌﻪ ﻋﲆ رؤﻳﺔ‬
‫ﺧﻄﻄﻪ ﻣﺘﺤﻘﻘﺔ ﻓﺈن اﻷﻣﻤﻴ ﻳﺤﺒﻮن اﻟﻨﺠﺎح وﻳﻜﻮ ﻧﻮن ﻣﺴﺘﻌﺪﻳﻦ ﻟﻠﺘﻀﺤﻴﺔ‬
‫ﺑﻜﻞ ﺧﻄﻄﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻠﻪ‪.‬‬
‫إن ﻫﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة ﰲ أﺧﻼق اﻷﻣﻤﻴ ﺗﺠﻌﻞ ﻋﻤﻠﻨﺎ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻧﺸﺘﻬﻲ ﻣﻌﻬﻢ‬
‫أﻳﴪ ﻛﺜ ا ً ﻟﻨﺎ‪ .‬إن أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻬﺮون أﻧﻬﻢ ﻛﺎﻟﻨﻤﻮر ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻛﺎﻷﻏﻨﺎم‬
‫ﻏﺒﺎوة ورؤوﺳﻬﻢ ﻣﻤﻠﻮءة ﺑﺎﻟﻔﺮاغ‪.‬‬
‫إن ﻛﻞ اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮﻻت اﻟﺘﻲ و ﺿﻌﻬﺎ ﺣﻜ ء ﺻﻬﻴﻮن اﻟﻴﻬﻮد وﻋﺪدﻫﺎ أرﺑﻌﺔ‬
‫وﻋﴩون ﺑﺮوﺗﻮ ﻛﻮﻻً ﺗﺸ إﱃ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻛﺠﻤﻌﻴﺔ ﴎﻳﺔ ﺗﻨﻔﺬ أﻏﺮاض اﻟﻴﻬﻮد‬
‫اﻟﺬﻳﻦ أﺳﺴﻮﻫﺎ و ﻫﻲ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ اﻟﴬورﻳﺔ ﻻﺳﺘﺨﺪام ﻏ اﻟﻴﻬﻮد إﱃ ﺧﺪﻣﺔ‬
‫اﻟﻴﻬﻮد وإن اﻟﻴﻬﻮد ﻗﺪ ﺷﺎرﻛﻮا ﻏ ﻫﻢ ﰲ اﻹ ﻧﺘ ء إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ‬
‫اﻟﴬوري ﺑ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ وﺑ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺨﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺸﱰك ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻴﻬﻮد‬
‫ﺳﻮاﻫﻢ و ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺳﻢ وﺗﻮﺟﻪ و ﺗﻘﻮد‪ .‬و اﳌﺘﺄﻣﻞ اﻟﻮاﻋﻲ ﻳﺪرك ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ دﻗﺔ‬
‫اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ و دﻗﺔ اﻟﺘﻤﻮﻳﻪ و دﻗﺔ اﻟﴪﻳﺔ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺘﺒﺎدر إﱃ أﺣﺪ إﻧﻪ ﺳ ُ ﺨﺮ ﻟﺨﺪﻣﺔ‬
‫اﻟﻴﻬﻮد و اﻟﻐــﺎﻟﺐ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺎس ﻛــﺮاﻫﻴﺔ اﻟﻴﻬــﻮد ﻓﺎﻟﻨﺎس ﻳﻨﺘﻤﻮن إﱃ اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ‬
‫وﻳﻌﻤﻠﻮن ﻓﻴﻬﺎ وﻳﺨــﻠﺼﻮن ﻟﻬﺎ وﻳﻨﺪﻓﻌــﻮن ﰲ ﻃــﺮﻳﻘﻬﺎ و ﻻ ﻳﻌــﻠﻤﻮن وﻫﺬا‬
‫ﻫﻮ اﻟﻐـﺎﻟﺐ‪ ،‬إﻧﻬﻢ ﻳﺨــﺪﻣﻮن اﻟﻴـﻬﻮد وﻳﻨﻔـﺬون ﺧــﻄﻄـﻬﻢ و أﻧـﻬﻢ ﺑـﺬﻟﻚ‬
‫ﻳﺴــ ون ﺿﺪ أﻣﻤــﻬﻢ وﻳﺨـﻮﻧﻮن أوﻃـــﺎﻧﻬﻢ وﻳﺤــﺎرﺑﻮن ﻋﻘـﺎﺋﺪﻫﻢ‬
‫وأدﻳـﺎﻧﻬﻢ وﻳﻨﺸـﺮون اﻟﻔﺴـﺎد وﻳـﺪﻣﺮون اﻷﺧـــﻼق‪ ،‬وﻳﻘﻀـﻮن ﻗﻀـﺎء ﻣﱪﻣﺎً‬
‫‪٧٨‬‬
‫ﻋﲆ ﺟﺬورﻫﻢ و أﺻﻮﻟﻬﻢ‪ .‬و ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻓﺌﺔ ﻣﻦ اﳌﻨﺘﻤ إﱃ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺗﻌﻠﻢ ﻋﻠ ً‬
‫ﺟﻴﺪا ً أﻫﺪاف اﳌﺎﺳﻮن وإرﺗﺒﺎﻃﻬﻢ ﺑﺎﻟﻴﻬﻮد وﻟﻜﻨﻬﻢ ﺑﺎﻋﻮا أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ‬
‫اﳌﻨﺎﻓﻊ اﳌﺎدﻳﺔ وﻗﺒﻀﻮا ﻦ ﺧﻴﺎﻧﺘﻬﻢ وﻫﻨﺎك ﻓﺌﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ اﳌﻨﺘﻔﻌ ﺑﺬﻟﺖ ﻟﻬﻢ‬
‫اﻟﺮﺗﺐ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ و ﺣﺎزوا ﻋﲆ اﳌﻨﺎﺻﺐ اﻟﻜﱪى و ﺗﺨﻄﻮا ﻛﻞ رﻓﻘﺎﺋﻬﻢ ﰲ ﺳﻠﻢ‬
‫اﻟﱰﻗﻴﺔ و ﻫﻢ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻣﻦ أﺟﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و ﻗﺪ ﺧﺮﺳﺖ أﻟﺴﻨﺘﻬﻢ ﻓﻼ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن‬
‫اﻹ ﻋﱰاض ﻗﻂ ﺑﻞ ﻳﻨﻔﺬون وﻳﺪاﻓﻌﻮن ﻋﻦ أﻋ ل اﳌﺎﺳﻮن و ﻫﻢ ﻳﻌﻠﻤﻮن إن أي‬
‫ﺗﻘﺎﻋﺲ ﻣﻌﻨﺎه اﻟﻌﻘﺎب و اﻟﺘﺪﻣ و ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﻢ إﻃﻼﻗﺎ ً ﺑﺎﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ أﻧﻔﺴﻬﻢ أو‬
‫اﻻﻋﺘﺬار و ﻗﺪ رأوا ﺑﺄﻋﻴﻨﻬﻢ ﻣﺼ اﳌﺘﻤﺮدﻳﻦ و اﳌﱰددﻳﻦ‪.‬‬

‫‪٧٩‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ‬

‫ﺑﺮوﺗﻮ ﻛﻮﻻت ﺣﻜ ء ﺻﻬﻴﻮن‬

‫ﻟﻘﺪ ﺟﺎءت اﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻓﻴ ﺗﻘﺪم ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﱪوﺗﻮ ﻛﻮﻻت وﻻﺑﺪ ﻟﻨﺎ أن‬
‫ﻧﻘﺘﻄﻒ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻧﻮاﻳﺎ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ وﺣﻘﺪﻫﻢ ﻋﲆ اﻟﺒﴩﻳﺔ‬
‫وإﺳﺘﺨﺪام اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻣﺂرﺑﻬﻢ و ﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻬﻢ وﻻﺑﺪ ﻣﻦ اﻹ ﺧﺘﺼﺎر ﺣﺘﻰ ﻻ‬
‫ﻳﺘﻀﺨﻢ اﻟﻜﺘﺎب و ﺗﻌﴪ ﻗﺮاءﺗﻪ ﻋﲆ اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس و ﻧﺤﻦ ﻧﻘﺼﺪ أن ﻳﻜﻮن‬
‫ﻣﺘﺪاوﻻً ﺑ اﻟﺠﻤﻴﻊ و ﻧﺮﺟﻮ أن ﻳﻜﻮن ﺑﺎﻋﺜﺎ ً ﻟﻠﻮﻋﻲ اﻟﺠ ﻫ ي اﻟﺬي ﺗﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫اﳌﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﻟﻠﺨﻄﺮ اﳌﺪﻣﺮ وإﻟﻴﻚ اﻵ ‪:‬‬
‫ﺟـﺎء ﰲ اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮ ل اﻷول‪ ) :‬إن ﻣﺎ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺛﺮوة و ﻣﺎل ﰲ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎ‬
‫ﺳــﻮف ﻳﻄـﻐﻰ ﻋﲆ اﻟﻘﻮاﻧ اﻟﻌـﺎﳌﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻛ إﻧﻨﺎ ﺳــﻮف ﻧﺤـﻜﻢ اﻟـﺪول‬
‫ﻛـ ﺗﺤﻜﻢ اﻟﺤـﻜﻮﻣﺎت رﻋـﺎﻳﺎﻫﺎ وﻓﻴﻪ أﻳﻀﺎ‪ ) :‬ﻋـﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺨﺘـﺎر ﻣﻦ ﺑ أﻓﺮاد‬
‫اﻟﺸـﻌﺐ رﺟـﺎﻻً ﻟﻺ دارة ﻣﻦ اﻷذﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﺘﺴـﺒﻮا ﺧـﱪة ﰲ ﺷـﺌﻮن اﻟﺤـﻜﻢ‬
‫و ﺳـﻴﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺴـﻬﻞ ﻋـﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺠـﻌﻠﻬﻢ ﻛﻘﻄـﻴﻊ اﻟﺸـﻄﺮﻧﺞ(‪ .‬و ﺟـﺎء ﰲ‬
‫اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮل اﻟﺜـﺎﻟﺚ‪ ) :‬إن ﻣﺼـﻠﺤﺘﻨﺎ ﺗﻘـﴤ ﺑﺈﻧﺤـﻼل اﻟﺸـﻌﻮب ﻏ اﻟﻴـﻬﻮدﻳﺔ‬
‫و ﺗﻘﴤ ﻣﺼﻠـﺤﺘﻨﺎ ﺑﺈﺑﻘﺎء اﻟﻌـﺎﻣﻞ ﰲ ﺣـﺎﻟﺔ ﺗﺎﻓـﻬﺔ وﻋﺠـﺰ داﺋﻢ ﻷﻧﻨﺎ ﺑﺬﻟﻚ‬
‫ﻧﺨﻀﻌﻪ ﳌﺸــﻴﺌﺘﻨﺎ وإرادﺗﻨﺎ‪ .‬وﻓﻴﻪ أﻳﻀﺎ ً ‪ ) :‬ﺳــﻨﻌﻤﺪ إﱃ ﺧﻠﻖ أزﻣـﺎت إﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ‬
‫ﺑﻮاﺳـﻄﺔ اﻟﻄﺮق اﳌﻠﺘﻮﻳﺔ وﺑﻮاﺳـﻄﺔ اﻟﺬﻫـﺐ اﻟـﺬي ﺑ أﻳﺪﻳﻨﺎ و ﺳـﻨﻄﻠﻖ ﰲ‬
‫ﺷـﻮارع أوروﺑﺎ ﻛﻠـﻬﺎ ﰲ وﻗـﺖ واﺣــﺪ ﺟﻤـﺎﻫ اﻟﻌــ ل اﻟﻐﻔ ة اﻟﺘﻲ‬
‫ﺳـﻴﺴﻌﺪﻫﺎ أن ﺗﻨﻘـﺾ ﻋﲆ اؤﻟﺌـﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺸــﻌﺮ ﻣﻨــﺬ زﻣﻦ اﻟﻄﻔــﻮﻟﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﺤــﻘﺪ و ﺳﱰﻳﻖ دﻣﺎءﻫﻢ و ﺗﺴﺘﻮﱄ ﻋﲆ ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻬﻢ(‪ .‬وﺟﺎء ﰲ اﻟﱪو ﺗﻮ ﻛﻮل‬

‫‪٨٠‬‬
‫اﻟﺮاﺑﻊ‪ ) :‬إن اﳌﺤﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺗﻘﻮم ﰲ اﻟﻌﺎ أﺟﻤﻊ ﺑﺪور اﻟﻘﻨﺎع اﻟﺬي ﻳﺤﺠﺐ‬
‫أﻫﺪاﻓﻨﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ‪ .‬و ﻓﻴﻪ أﻳﻀﺎ‪) :‬اﻟﺸﻌﺐ ﺑﺎﻋﺘﻨﺎﻗﻪ ﻟﻺ ﺎن ﺳﻮف ﻳﺨﻀﻊ ﻟﺮﺟﺎل‬
‫اﻟﺪﻳﻦ وﻳﻌﻴﺶ ﰲ ﺳﻼم وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺘﺤﺘﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻘﻮض أرﻛﺎن اﻹ ﺎن و ﻧﺰﻋﺰع‬
‫ﻣﻦ ﻋﻘﻮل اﻟﻨﺎس اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺎ و ﻧﺴﺘﻌﻴﺾ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻷرﻗﺎم اﻟﺤﺴﺎﺑﻴﺔ و اﳌﻄﺎﻟﺐ‬
‫اﳌﺎدﻳﺔ(‪ .‬و ﺟﺎء ﰲ اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮل اﻟﺴﺎدس‪) :‬ﺳﻨﴩع ﰲ ﺗﻨﻈﻴﻢ إﺣﺘﻜﺎرات ﻋﻈﻤﻲ‬
‫ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺴﺘﻮﻋﺐ اﻟ وات ـ وﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ﺛﺮوات ﻏ اﻟﻴﻬﻮد ـ وﺑﺸﻜﻞ ﺗﺰول‬
‫ﻣﻌﻪ ﻫﺬه اﻟ وات ﺎﻣﺎً ﻛ ﺗﺰول ﺧﻄﻮرة ﺣﻜﻮﻣﺘﻬﻢ ﻏﺪاة اﻷزﻣﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ(‪.‬‬
‫ﺟﺎء ﰲ اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮل اﻟﺴﺎﺑﻊ‪ ) :‬ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺮدد ﻋﲆ ﻛﻞ دوﻟﺔ ﺗﺠﺮؤ ﻋﲆ اﻋﱰاض‬
‫ﻃﺮﻳﻘﻨﺎ ﺑﺪﻓﻊ اﻟﺪول اﳌﺠﺎورة ﻟﻬﺎ ﻹﻋﻼن اﻟﺤﺮب ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬و ﻟﻜﻦ إذا ﻗﺮرت اﻟﺪوﻟﺔ‬
‫اﳌﺠﺎورة ﺑﺪور ﻫﺎ أن ﺗﺘﺨﺬ ﺿﺪﻧﺎ ﻣﻮﻗﻔﺎً ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ اﻟﺮد ﺑﺈﺷﻌﺎل ﺣﺮب ﻋﺎﳌﻴﺔ‪.‬‬
‫و ﻓﻴﻪ أﻳﻀﺎ ً ‪) :‬و ﺑﺎﻻﺧﺘﺼﺎر ﻟ ﻧﻈﻬﺮ أن ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﰲ أوروﺑﺎ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻨﺎ‬
‫ﺳﻮف ﻧﻈﻬﺮ ﺳﻠﻄﺘﻨﺎ ﻟﻜﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺠﺮاﺋﻢ و اﻟﻌﻨﻒ أي ﻋﻦ‬
‫ﻃﺮﻳﻖ ﺣﻜﻢ اﻹر ﻫﺎب( و ﺟﺎء ﰲ اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮل اﻟﺘﺎﺳﻊ‪ ) :‬ﻟﻘﺪ ﺣﻄﻤﻨﺎ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ‬
‫ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ و ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺎزاﻟﺖ ﻗﺎ ﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻓﻘﻂ‪.‬‬
‫و ﻓﻴﻪ أﻳﻀﺎً ‪) :‬ﺳﻮف ﻧﺤﻞ ﻣﺤﻞ ﺷﻌﺎرﻧﺎ اﳌﺎﺳﻮ اﻟﺬي ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺘﺤﺮر ـ اﻟﺤﺮﻳﺔ‬
‫و اﳌﺴﺎواة و اﻹﺧﺎءـ ﻛﻠ ت ﺗﻌﱪ ﻋﻦ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻋﻦ ﻓﻜــﺮة و ﺗﺼﻮر‬
‫ﻓﻨﻘــﻮل ﺣﻖ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﻓﻮاﺟــﺐ اﳌﺴــﺎواة و ﻓﻜﺮة اﻹﺧﺎء وﺑﺬﻟﻚ ﻧﻘﺒﺾ ﻋﲆ‬
‫اﻟﺜﻮر ﻣﻦ ﻗﺮوﻧﻪ‪ .‬وﻓﻴﻪ أﻳﻀﺎً‪ ) :‬إن ﻣـﻄﺎﻣﻌﻨﺎ ﻏ ﻣﺤﺪودة و ﺟﺸــﻌﻨﺎ ﻧﻬﻢ‬
‫و ﺗﻌﺼــﺒﻨﺎ ﺷــﺪﻳﺪ و ﺣــﻘﺪﻧﺎ ﻋﻨﻴﻒ وﻟﺬﻟﻚ ﻧﺘــﻮق إﱃ اﻹﻧﺘﻘﺎم ﺑﻼ رﺣﻤﺔ(‪.‬‬
‫و ﺟﺎء ﰲ اﻟﱪوﺗـــﻮﻛﻮل اﻟﺤــﺎدي ﻋﺸــﺮ‪) :‬اﻷﻣﺮ اﻟﺠــﻮﻫﺮي ﺑﺎﻟﻨﺴــﺒﺔ ﻟﻨﺎ أن‬
‫ﻳﺪرك اﻟﺸــﻌﺐ ﳌﺠــﺮد ﻫﺬا اﻹ ﻋــﻼن ـ ﻣﺎ دام ﻳﺘﺄ ﻣﻦ اﻟﺘﻐﻴ اﳌﻔــﺎﺟﺊ‬
‫ﻣﺴـﺘﺴﻠ ً ﻟﻠﺬﻋــﺮ و اﻟﱰدد ـ أﻧﻨﺎ ﻗﺪ أﺻــﺒﺤﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻘـﻮة و اﳌﻨــﺎﻋﺔ ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﻨﺎ‬

‫‪٨١‬‬
‫ﻻ ﻧﺄﺑﻪ ﺼﺎﻟﺤﻬﻢ و ﻻ ﻧﻌ ﻫﺎ إﻟﺘﻔﺎﺗﺎً و ﺳﻨﻌﻤﻞ ﻋﲆ أن ﻳﻘﺘﻨﻊ ﻛﻞ ﺷﻌﺐ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻻ‬
‫ﻧﺘﺠﺎﻫﻞ آراءه ورﻏﺒﺎﺗﻪ ﻓﺤﺴﺐ ﺑﻞ إﻧﻨﺎ ﻋﲆ اﺳﺘﻌﺪاد ﰲ أي وﻗﺖ وﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن‬
‫ﻟﻘﻤﻊ ﻛﻞ ﻣﻈﺎﻫﺮات أو ﺟﻨﻮح ﺑﺸﺪة و ﺳﻨﻔﻬﻢ اﻟﺸﻌﺐ أﻧﻨﺎ ﺣﺼﻠﻨﺎ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻧﺮﻳﺪ‬
‫و أﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺸﺎرﻛﺘﻨﺎ اﻟﺴﻠﻄﺔ وﺣﻴﻨﺌﺬ ﻳﺮﻏﻤﻪ اﻟﺬﻋﺮ إﱃ أن ﻳﻐﻤﺾ ﻋﻴﻨﻴﻪ‬
‫وﻳﻨﺘﻈﺮ اﻷﺣﺪاث ﰲ ﺻﱪ‪ ،‬و ﻓﻴﻪ أﻳﻀﺎ‪) :‬ﻏ اﻟﻴﻬﻮد ﻗﻄﻴﻊ اﻷﻏﻨﺎم و ﻧﺤﻦ اﻟﺬﺋﺎب‪،‬‬
‫ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻤﻮن ﻣﺎذا ﺗﻔﻌﻞ اﻷﻏﻨﺎم إذا اﻗﺘﺤﻤﺖ اﻟﺬﺋﺎب ﺣﻈﺎﺋﺮﻫﺎ؟ إﻧﻬﺎ ﺗﻐﻤﺾ‬
‫ﻋﻴﻨﻬﺎ(‪ .‬وﻓﻴﻪ أﻳﻀﺎً ‪) :‬ﻣﺎ ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺬي دﻓﻌﻨﺎ إﱃ أن ﻧﺒﺪع ﺳﻴﺎﺳﺘﻨﺎ؟ و ﻧﺜﺒﺖ‬
‫أﻗﺪاﻣﻨﺎ ﻋﻨﺪ ﻏ اﻟﻴﻬﻮد؟ ﻟﻘﺪ رﺳﺨﻨﺎﻫﺎ ﰲ أذﻫﺎﻧﻬﻢ دون أن ﻧﺪﻋﻬﻢ ﻳﻔﻘﻬﻮن ﻣﺎ‬
‫ﻧﺒﻄﻦ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﻓ ﻫﻮ اﻟﺬي دﻓﻌﻨﺎ ﻟ ﻧﺴﻠﻚ ﻫﺬا اﳌﺴﻠﻚ؟ اﻟﻠﻬﻢ أﻧﻨﺎ ﺟﻨﺲ‬
‫ﻣﺸﺘﺖ وﻟﻴﺲ ﰲ و ﺳﻌﻨﺎ ﺑﻠﻮغ ﻏﺮﺿﻨﺎ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﻣﺒﺎﴍة ﻓﺤﺴﺐ ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ‬
‫اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻨﺎ اﳌﺎﺳﻮ اﻟﺬي ﻳﺘﻌﻤﻖ ﻫﺆﻻء اﻟﺨﻨﺎزﻳﺮ ﻣﻦ ﻏ اﻟﻴﻬﻮد ﰲ‬
‫ﻣﻌﻨﺎه و ﻻ ﺣﺘﻰ اﻟﺸﻚ ﰲ أﻫﺪاﻓﻪ وإﻧﻨﺎ ﻧﺴﻮﻗﻬﻢ إﱃ ﻣﺤﺎﻓﻠﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻋﺪاد ﻟﻬﺎ و ﻻ‬
‫ﺣﴫ‪ ،‬ﺗﻠﻚ اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو ﰲ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﻣﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ ذرا ً ﻟﻠﺮﻣﺎد ﰲ ﻋﻴﻮن‬
‫رﻓﻘﺎﺋﻬﻢ(‪ .‬و ﺟﺎء ﰲ اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮل اﻟﺜﺎ ﻋﴩ‪ ) :‬إن اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ و اﻷدب ﻫ أﻫﻢ‬
‫دﻋﺎﻣﺘ ﻣﻦ دﻋﺎﺋﻢ اﻟﱰﺑﻴﺔ و ﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﺳﻨﺸﱰي اﻛﱪ ﻋﺪد ﻣﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﻒ‬
‫اﻟﺪورﻳﺔ ﻓﻨﻘﴤ ﺑﻬﺬا اﻟﺸﻜﻞ ﻋﲆ اﻷﺛﺮ اﻟﺴﻴﺊ ﻟﻠﺼﺤﺎﻓﺔ اﳌﺴﺘﻘﻠﺔ و ﻧﺴﻴﻄﺮ‬
‫ﺳﻴﻄﺮة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋﲆ اﻟﺮوح اﻟﺒﴩي(‪ .‬و ﻓﻴﻪ أﻳﻀﺎ‪) :‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺼﺒﺢ أﺳﻴﺎد اﻷرض ﻟﻦ‬
‫ﻧﺴﻤﺢ ﺑﻘﻴﺎم دﻳﻦ ﻏ دﻳﻨﻨﺎ(‪ .‬وﻓﻴﻪ أﻳﻀﺎً ‪ ) :‬ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ إزاﻟﺔ‬
‫اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ وإذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺻﻠﻨﺎ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﺆﻗﺘﺎً ﻗﺪ أﺳﻔﺮت ﻋﻦ ﺧﻠﻖ ﺟﻴﻞ‬
‫ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﻠﺤﺪﻳﻦ ﻓﺎن ﻫﺪﻓﻨﺎ ﻟﻦ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﺬﻟﻚ ﺑﻞ ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ ﻣﺜﻼً ﻟﻸﺟﻴﺎل‬
‫اﻟﻘﺎدﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺸﺒﻊ ﺑﺘﻌﺎﻟﻴﻢ ﻣﻮﳻ و ﻫﺬا اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺬي ﻓﺮض ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﺒﺪؤه اﻟﺜﺎﺑﺖ‬
‫اﻟﻨﺎﺑﻪ وﺿﻊ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻣﻢ ﺗﺤﺖ أﻗﺪاﻣﻨﺎ(‪.‬‬

‫‪٨٢‬‬
‫ﺑﻬﺬه اﳌﻘﺘﻄﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻨﺎﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﱪوﺗﻮ ﻛﻮﻻت ﻳﺘﻀﺢ ﻟﻠﻘــﺎرئ‬
‫اﻟﻠﺒﻴﺐ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺄﻣﻞ اﻟﻮاﻋﻲ ﻣﺪى اﻟﴩ و اﻟﺨﺮاب و اﻟﺘﺪﻣ اﻟﺬي ﻳﻌﺪه اﻟﻴﻬﻮد‬
‫ﻟﺘﺪﻣ اﻟﻌﺎ أﺟﻤﻊ وﻳﺪرك إرﺗﺒﺎط اﻟﻴﻬﻮد اﻟﻮﺛﻴﻖ ﺑﺎﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﰲ‬
‫اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﺻﻨﻌﻬﻢ وإﺑﺪاﻋﻬﻢ ﻟﺨﺪﻣﺔ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻢ‪ .‬و ﻗﺪ ﻗﺎم ﺑﱰﺟﻤﺔ ﻫﺬه‬
‫اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮﻻت ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ إﱃ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﻜﺒ ﻣﺤﻤﺪ‬
‫ﺧﻠﻴﻔﺔ اﻟﺘﻮﻧﴘ و ﻗﺪ ﻧﻘﻠﺖ ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺮوﺳﻴﺔ إﱃ اﻟﻠﻐﺔ اﻹ ﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ و ﻫﻲ‬
‫اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ وﻫﻲ أول ﻣﺎ ﻧﴩت ﰲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺮوﺳﻴﺔ و ﻗﺪ ﻗﺎم أﻳﻀﺎ ً اﻷﺳﺘﺎذ‬
‫اﻟﻜﺒ ﻋﺠﺎج ﻧﻮﻳﻬﺾ ﺑﺪراﺳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﻜﻞ اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮﻻت ﰲ أرﺑﻌﺔأﺟﺰاء ﺑ ّ‬
‫ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ً وإﺟﺘ ﻋﻴﺎ ً وﻧﻔﺴﻴﺎ ً‪ .‬وﻣﻦ أﺟﻞ أن ﺗﺘﻀﺢ ﺻﻮرة‬
‫اﻟﺤﻘﺪ و اﻟﺘﺨﺮﻳﺐ و اﻟﴩ اﻟﺬي أﻋﺪه اﻟﻴﻬﻮد ﻟﺴﺎﺋﺮ اﻟﻌﺎ ﻧﻘﺘﻄﻒ ﻣﺎ ﻳﺄ ﻣﻦ‬
‫ﺑﻌﺾ اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮ ﻻت‪.‬‬
‫ﺟﺎء ﰲ اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮل اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸــﺮ‪ ) :‬إن اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻳﻮﻣﻴﺎ ً إﱃ اﻟﺨﺒﺰ‬
‫ﺳﺘﻜﺮه اﻷﻣﻤﻴ ﻋﲆ اﻟﺪوام إﻛﺮاﻫﺎ ً ﻋﲆ أن ﺴــﻜﻮا أﻟﺴﻨﺘﻬﻢ وﻳﻈﻠﻮا ﺧــﺪﻣﺎً‬
‫أذﻻء‪ .‬وإن أؤﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪ ﻧﺴــﺘﺨﺪﻣﻬﻢ ﰲ ﺻـﺤﺎﻓﺘﻨﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﻤــﻴ‬
‫ﻳﻨﺎﻗﺸــﻮن ﺑﺈﻳﻌﺎز ﻣﻨﺎ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﳌﺮﻏﻮب ﻓﻴﻪ أن ﻧﺸـ إﻟﻴﻬﺎ‬
‫ﺧـﺎﺻﺔ ﰲ ﺟﺮﻳﺪﺗﻨﺎ اﻟﺮﺳـﻤﻴﺔ وﺑﻴﻨ ﻧﺘﺨﺬ ﻛﻞ أﺳــﺎﻟﻴﺐ اﳌﻨﺎﻗﺸــﺎت ﺳـﻨﻤﴤ‬
‫اﻟﻘﻮاﻧ اﻟﺘﻲ ﺳـﻨﺤﺘﺎج إﻟﻴﻬﺎ وﺳﻨﻀﻌﻬﺎ أﻣﺎ اﻟﺠ ﻫ ﻋﲆ أﻧﻬﺎ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻧﺎﺟﺰة‪.‬‬
‫و ﻟﻦ ﻳﺠﺮؤ أﺣﺪ ﻋﲆ ﻃﻠﺐ إﺳــﺘﺌﻨﺎف اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴ ﺗﻘﺮر إﻣﻀﺎؤه ﻓﻀﻼً ﻋﻦ‬
‫إﺳــﺘﺌﻨﺎف اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴ ﻧﻈﻬﺮ ﺣﺮﺻﻨﺎ ﻋﲆ اﻟﺘﻘـﺪم ﻓﻴﻪ‪ .‬وﺣﻴﻨﺌﺬ ٍ ﺗﺘﺤﻮل‬
‫اﻟﺼﺤـﺎﻓﺔ ﳌﺼﻠﺤــﺘﻨﺎ ﺑﻌﻴــﺪا ً ﻋﻦ ﻧﻈﺮ اﻟﺠــﻤﻬﻮر و ﺳــﻨﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺧﻠﻖ‬
‫ﻣﺸﻜﻼت ﺟﺪﻳﺪة ﻧﺤﻮل اﻹ ﻫﺘــ م إﻟﻴﻬﺎ‪ ،‬وأ ﻧﺘﻢ ﺗﻌــﻠﻤﻮن أﻧﻔﺴــﻜﻢ ﺑﺄﻧﻨﺎ دا ﺎً‬
‫ﻧﻌﻠﻢ اﻟﺸــﻌﺐ أن ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻋﻮاﻃﻒ ﺟﺪﻳﺪة‪ .‬وﺳﻴﴪع اﳌﻐﺎﻣﺮون‬

‫‪٨٢‬‬
‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮن اﻷﻏﺒﻴﺎء إﱃ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ اﳌﺸﻜﻼت اﻟﺠﺪﻳﺪة وﻣﺜﻠﻬﻢ اﻟﺮﻋﺎع اﻟﺬﻳﻦ ﻻ‬
‫ﻳﻔﻬﻤﻮن ﰲ أﻳﺎﻣﻨﺎ ﻫﺬه ﻣﺎ ﻳﺘﺸﺪﻗﻮن ﺑﻪ‪ .‬وإن اﳌﺸﻜﻼت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻻ ﻳﻌﻨﻰ ﺑﻬﺎ‬
‫أن ﺗﻜﻮن ﻣﻔﻬﻮﻣﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺎس اﻟﻌﺎدﻳ و ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ إدراﻛﻬﺎ أﻻ اﻟﺤﻜﺎم اﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﻣﺎرﺳﻮا ﺗﴫﻳﻒ اﻷﻣﻮر ﻗﺮوﻧﺎ ً ﻛﺜ ة و ﻟﻜﻢ أن ﺗﺴﺘﺨﻠﺼﻮا ﻣﻦ ﻛﻞ ﻫﺬا أﻧﻨﺎ ﺣ‬
‫ﻧﻠﺠﺄ إﱃ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم ﺳﻨﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ ﻣﺎ ﻧﺴﻬﻞ ﻋﻤﻞ ﺟﻬﺎزﻧﺎ ﻛ‬
‫ﻜﻦ أن ﺗﻼﺣﻈﻮا أﻧﻨﺎ ﻧﻄﻠﺐ اﳌﻮاﻓﻘﺔ ﻋﲆ ﺷﺘﻰ اﳌﺴﺎﺋﻞ ﻻ ﺑﺎﻷﻗﻮال ﺑﻞ‬
‫ﺑﺎﻷﻓﻌﺎل و ﻧﺤﻦ دا ﺎً ﻧﺆﻛﺪ ﰲ إﺟﺮاءاﺗﻨﺎ أﻧﻨﺎ ﻣﺰودون ﺑﺎﻷﻣﻞ واﻟﻴﻘ ﻟﺨﺪﻣﺔ‬
‫اﳌﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ .‬و ﻟ ﻳﺬﻫﻞ اﻟﻨﺎس اﳌﻀﻌﻀﻌ ﻋﻦ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ اﳌﺴﺎﺋﻞ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ‬
‫ﺪﻫﻢ ﺸﻜﻼت ﺟﺪﻳﺪة أي ﺸﻜﻼت اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ و اﻟﺘﺠﺎرة و ﻧﱰﻛﻬﻢ ﻳﺜﻮرون ﻋﲆ‬
‫ﻫﺬه اﳌﺴﺎﺋﻞ ﻛ ﻳﺸﺘﻬﻮن و ﻻﺑﺪ أن ﺗﻮاﻓﻖ اﻟﺠ ﻫ ﻋﲆ اﻟﺘﺨﲇ و اﻟﻜﻒ ﻋ‬
‫ﺗﻈﻨﻪ ﻧﺸﺎﻃﺎ ً ﺳﻴﺎﺳﻴﺎً إذا أﻋﻄﻴﻨﺎﻫﺎ ﻣﻼه ﺟﺪﻳﺪة‪ .‬و ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﺠﺎرة ﻧﺤﺎول أن‬
‫ﻧﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﻌﺘﻘﺪ أﻧﻬﺎ ﻣﻦ اﳌﺴﺎﺋﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ .‬و ﻗﺪ أﻏﺮﻳﻨﺎ اﻟﺠ ﻫ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‬
‫ﺑﺎﳌﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻧﻀﻤﻦ ﺗﺄﻳﻴﺪﻫﺎ ﰲ ﻣﻌﺮﻛﺘﻨﺎ ﺿﺪ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻷﻣﻤﻴﺔ‪.‬‬
‫و ﻟ ﻧﺒﻌﺪ اﻟﺠ ﻫ ﻳﺠﺐ أن ﻧﱰك ﻟﻬﺎ اﻻﺧﺘﺒﺎر ﰲ أن ﺗﻜﺸﻒ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ أي ﺧﻂ‬
‫ﻋﻤﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﻧﻠﻬﻴﻬﺎ ﺑﻪ و ﺳﻨﴫﻓﻬﺎ ﺑﺄﻧﻮاع ﺷﺘﻰ ﻣﻦ اﳌﻼﻫﻲ و اﻷﻟﻌﺎب وﻣﺰﺟﻴﺎت‬
‫اﻟﻔﺮاغ و اﳌﺠﺎﻣﻴﻊ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ وﻫﻠﻢ ﺟﺮا‪..‬‬
‫وﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﻧﺒﺪأ اﻹ ﻋﺎﻧﺎت ﰲ اﻟﺼﺤﻒ داﻋ اﻟﻨﺎس ﺟﻤﻴﻌﺎ ً إﱃ اﻟﺪﺧﻮل‬
‫ﰲ ﻣﺒﺎرﻳﺎت ﺷﺘﻰ ﰲ ﻛﺜ ﻣﻦ اﻷﻧﻮاع ﻛﺎﻟﻔﻦ و اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ وﻣﺎ أﺷﺒﻪ ذﻟﻚ و ﻫﺬا‬
‫اﳌﺘﻊ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺳﺘﻠﻬﻰ ذﻫﻦ اﻟﺸﻌﺐ ﻋﻦ اﳌﺴﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺳﻨﺨﺘﻠﻒ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻌﻪ‬
‫و ﺣﺎﳌﺎ ﻳﻔﻘﺪ اﻟﺸﻌﺐ ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ ً ﻧﻌﻤﺔ اﻟﺘﻔﻜ اﳌﺴﺘﻘﻞ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺳﻴﻬﺘﻒ اﻟﺠﻤﻴﻊ‬
‫ﻣﻌﻨﺎ ﻟﺴﺒﺐ و اﺣﺪ ﻫﻮ أﻧﻨﺎ ﺳﻨﻜﻮن أﻋﻀﺎء اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﻮﺣﻴﺪﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﻮﻧﻮن‬
‫أﻫﻼً ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﻛﻞ ﺗﻔﻜ ﺟﺪﻳﺪ‪.‬‬
‫‪٨٤‬‬
‫ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻮط ﺳﻨﻘﺪﻣﻬﺎ ﻣﺘﻮﺳﻠ ﺑﺘﺴﺨ آﻻﺗﻨﺎ ﻣﻦ أﻣﺜﺎل اﻷﺷﺨﺎص‬
‫اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺸﻚ ﻓﻴﻬﻢ أﺣﺪ وأن دور اﳌﺜﺎﻟﻴ و اﳌﺘﺤﺮرﻳﻦ ﺳﻴﻨﺘﻬﻲ ﺣﺎﳌﺎ ﻳﺘﻢ‬
‫اﻻﻋﱰاف ﺑﺤﻜﻮﻣﺘﻨﺎ وﺳﻴﺆدون ﻟﻨﺎ ﺧﺪﻣﺔ ﻃﻴﺒﺔ إﱃ ذﻟﻚ اﻟﺤ ‪ ،‬وﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ‬
‫ﺳﻮف ﻧﻮﺟﻪ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻌﺎم ﻧﺤﻮ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﳌﺒﻬﺮﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﻜﻦ أن‬
‫ﺗﺒﺪو ﺗﻘﺪﻣﻴﺔ و ﺗﺤﺮرﻳﺔ‪ .‬ﻟﻘﺪ ﻧﺠﺤﻨﺎ ﻧﺠﺎﺣﺎً ﻛﺎﻣﻼً ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﻧﻈﺮﻳﺎت وﺳﻤﻴﻨﺎﻫﺎ‬
‫ﺗﻘﺪﻣﻴﺔ ﻓﺤﻮﻟﻨﺎ ﺑﻬﺎ رؤوس اﻷﻣﻤﻴ اﻟﻔﺎرﻏﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻞ ﻧﺤﻮ اﺷﱰاﻛﻴﺔ وﻏ ﻫﺎ‬
‫و ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻋﻘﻞ و اﺣﺪ ﻣﻦ ﻋﻘﻮل اﻷﻣﻤﻴ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻼﺣﻆ إﻧﻪ ﰲ ﻛﻞ ﺣﺎﻟﺔ‬
‫وراء ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺘﻘﺪم ﻳﺨﺘﻔﻲ ﺗﻀﻠﻴﻞ ﻋﻦ اﻟﺤﻖ ﻣﺎ ﻋﺪا اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﻧﺸ ﻓﻴﻬﺎ‬
‫إﱃ ﻛﺸﻮف ﻣﺎدﻳﺔ أو ﻋﻠﻤﻴﺔ إذ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻟﻚ إﻻ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺣﻖ واﺣﺪ ﻻ ﻣﺠﺎل ﻓﻴﻪ‬
‫إﱃ اﻟﺘﻀﻠﻴﻞ ﻛﻔﻜﺮة ز اﺋﻔﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺗﻐﻄﻴﺔ اﻟﺤﻖ ﻓﻼ ﻳﻌﺮف اﻟﺤﻖ أﺣﺪ ﻏ ﻧﺎ‬
‫ﻧﺤﻦ ﺷﻌﺐ ﷲ اﳌﺨﺘﺎر اﻟﺬي اﺻﻄﻔﺎه ﻟﻴﻜﻮن ﻗﻮاﻣﺎ ً ﻋﲆ اﻟﺤﻖ‪.‬‬
‫وﺣ ﻧﺴﺘﺤﻮذ ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺳﻴﻨﺎﻗﺶ ﺧﻄﺒﺎؤﻧﺎ اﳌﺸﻜﻼت اﻟﻜﱪى اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﺗﺤ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ و ﻧﻮﺟﺪ ﻟﻬﺎ اﻟﺤﻠﻮل اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻷﻧﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺻﻨﻌﻨﺎﻫﺎ‬
‫وﺑﻴﺪﻧﺎ اﻟﺤﻞ وﻋﻨﺪﺋﺬ ﻧﻄﻮي اﻟﻨﻮع اﻟﺒﴩي ﺗﺤﺖ ﻛﻤﻨﺎ و ﺣﻜﻤﻨﺎ إﱃ اﻷﺑﺪ ﻃﻴﺎ ً‬
‫ﻣﺒﺎرﻛﺎ ً ﻳﺴﻌﺪون ﺑﻪ‪ .‬و ﻣﻦ اﻟﺬي ﻳﺮﺗﺎب ﰲ أﻧﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻧﺜ اﳌﺸﻜﻼت وﻓﻖ‬
‫ﺧﻄﺔ ﺳــﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﻳﻔﻬﻤﻬﺎ اﻹﻧﺴــﺎن ﻃﻮال ﻗﺮون ﻛﺜ ة ؟‬
‫و ﺟﺎء ﰲ اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮل اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﺸـﺮ‪) :‬ﺣﻴﻨ ﻜﻦ ﻷﻧﻔﺴـﻨﺎ وﻧﻜﻮن‬
‫ﺳــﺎدة اﻷرض ﻟﻦ ﻧﺒﻴﺢ ﻗــﻴﺎم أي دﻳﻦ ﻏ دﻳﻨﻨـﺎ أي اﻟـﺪﻳﻦ اﳌﻌـﱰف‬
‫ﺑﻮﺣـﺪاﻧﻴﺔ ﷲ اﻟــﺬي ارﺗﺒﻂ ﺣﻈــﻨﺎ ﺑﺎﺧـﺘﻴﺎره إﻳـﺎﻧﺎ ﻛ إرﺗﺒـﻂ ﺑﻪ ﻣﺼـ‬
‫اﻟﻌﺎ ‪ .‬و ﻟﻬﺬا اﻟﺴــﺒﺐ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺤــﻄﻢ ﻛﻞ ﻋﻘــﺎﺋﺪ اﻷدﻳــﺎن وﻟﻮ أدى‬
‫ذﻟﻚ ﻟﻠﻨﺘﻴﺠــﺔ اﳌﺆﻗــﺘﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ اﻹﻟــﺤﺎد ﻓﻠﻦ ﻳﺪﺧــﻞ ﻫـﺬا ﰲ ﻣﻮﺿــﻮﻋﻨﺎ‪،‬‬

‫‪٨٥‬‬
‫و ﻟﻜﻨﻪ ﺳﻴﻜﻮن ﻣﺜﻼً ﻟﻸﺟﻴﺎل اﻟﻘﺎدﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻐﻲ إﱃ ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻨﺎ ﻋﲆ أن دﻳﻦ‬
‫ﻣﻮﳻ اﻟﺬي وﻛﻞ ﻟﻨﺎ ﺑﻌﻘﻴﺪﺗﻪ اﻟﺼﺎرﻣﺔ واﺟﺐ إﺧﻀﺎع ﻛﻞ اﻷﻣﻢ ﺗﺤﺖ أﻗﺪاﻣﻨﺎ‪.‬‬
‫وإذ ﻧﺆدي ﻫﺬا ﺳﻨﻌﻜﻒ أﻳﻀﺎ ً ﻋﲆ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﺘﻌﺎﻟﻴﻢ اﳌﻮﺳﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ‪.‬‬
‫ﺛﻢ ﺳﻨﻨﴩ ﰲ ﻛﻞ ﻓﺮﺻﺔ ﻣﻤﻜﻨﺔ ﻣﻘﺎﻻت ﻧﻘﺎرن ﻓﻴﻬﺎ ﺑ ﺣﻜﻤﻨﺎ اﻟﻨﺎﻓﻊ‬
‫و ذﻟﻚ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ .‬وإن ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺤﻖ و اﻟﺴﻼم اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺴﻮد ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻫﻲ ﺷﻌﺎر‬
‫ﺣﻜﻤﻨﺎ وﻟﻮ أﻧﻬﺎ وﻟﻴﺪة إﺿﻄﺮاب ﻗﺮون ﻛﺜ ة و ﻫﺬا ﺳﻴﻔﻴﺪ أﻳﻀﺎً ﰲ ﻣﺤﺎﺳﻦ‬
‫ﺣﻜﻤﻨﺎ‪ .‬وﺳﻨﺼﻮر اﻷﺧﻄﺎء اﻟﺘﻲ إرﺗﻜﺒﻬﺎ اﻷﻣﻤﻴﻮن ﻏ اﻟﻴﻬﻮد ﰲ إدارﺗﻬﻢ ﺑﺄﻓﺼﺢ‬
‫اﻷﻟﻮان وﺳﻨﺒﺪأ ﺑﺈﺛﺎرة ﺷﻌﻮر اﻹزدراء ﻧﺤﻮ ﻣﻨﻬﺞ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺣﺘﻰ إن اﻷﻣﻢ‬
‫ﺳﺘﻔﻀﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﺴﻼم ﰲ ﺟﻮ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ ﻋﲆ ﺣﻘﻮق اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﺎﳌﺎ‬
‫ﻣﺠﺪوﻫﺎ ﻗﺪ ﻋﺬﺑﺘﻬﻢ ﺑﺄﺑﻠﻎ ﻗﺴﻮة وإﺳﺘﻨﺰﻓﺖ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻨﺒﻮع اﻟﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎ‬
‫ﻧﻔﺴﻪ وﻣﺎ دﻓﻌﻬﻢ إﻟﻴﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ إﻻ ﺟ ﻋﺔ اﳌﻐﺎﻣﺮﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺮﻓﻮا ﻣﺎ‬
‫ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻔﻌﻠﻮن‪.‬‬
‫إن ﺗﻌﺒ ات اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻌﻘﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ أﻏﺮﻳﻨﺎ ﺑﻬﺎ اﻷﻣﻤﻴ ﻣﺘﻮﺳﻠ ﺑﺬﻟﻚ إﱃ‬
‫ﺗﻘﻮﻳﺾ ﴏح دوﻟﺘﻬﻢ ﺳﺘﻜﻮن ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻗﺪ أﺿﺠﺮت اﻷﻣﻢ ﺎﻣﺎً إﱃ ﺣﺪ‬
‫أﻧﻬﺎ ﺳﺘﻔﻀﻞ ﻣﻘﺎﺳﺎة أي ﳾء ﺧﻮﻓﺎ ً ﻣﻦ أن ﺗﻌﻮد إﱃ اﳌﻌﺎﻧﺎة واﻟﺨﻴﺒﺔ اﻟﻠﺬﻳﻦ‬
‫ﴣ اﻷﻣﻢ ﺧﻼﻟﻬ ﻓﻴ ﻟﻮ ﻋﺎد اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ .‬وﺳﻨﻮﺟﻪ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ إﱃ‬
‫اﻷﺧﻄﺎء اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺎت اﻷﻣﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺬﺑﺖ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺧﻼل ﻗﺮون ﻛﺜ ة‬
‫ﺟﺪا ً ﻟﻨﻘﺺ ﰲ ﻓﻬﻤﻬﺎ أي ﳾء ﻳﻮاﻓﻖ اﻟﺴﻌﺎدة اﻟﺤﻘﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻷن‬
‫ﻳﻼﺣﻈﻮا أن ﺧﻄﻄﻬﻢ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ أن ﺗﺤﺴﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑ اﻹﻧﺴﺎن‬ ‫اﻷﻣﻤﻴ‬
‫و اﻹﻧﺴﺎن ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮدﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺊ إﱃ اﻷﺳﻮأ وﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻫﻲ أﺳﺎس‬
‫اﻟﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎ ﻧﻔﺴﻪ‪ .‬إن ﻛﻞ ﻗﻮة ﻣﺒﺎدﺋﻨﺎ وإﺟﺮاءاﺗﻨﺎ ﺳﺘﻜﻮن ﻛﺎﻓﻴﺔ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺔ‬
‫‪٨٦‬‬
‫إﻳﻀﺎﺣﺎﺗﻨﺎ ﻣﻊ أﻧﻬﺎ ﻣﻨﺎﻗﻀﺔ ﺎﻣﺎً ﻟﻠﻤﻨﻬﺞ اﻟﻀﺎﺋﻊ و اﳌﻀﻴﻊ ﻟﻸﺣﻮال اﻹ ﺟﺘ ﻋﻴﺔ‬
‫اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪.‬‬
‫و ﺳﻴﻔﻀﺢ ﻓﻼﺳﻔﺘﻨﺎ ﻛﻞ ﻣﺴﺎوئ اﻟﺪﻳﺎﻧﺎت اﻷﻣﻤﻴﺔ ﻏ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ و ﻟﻜﻦ ﻟﻦ‬
‫ﻳﺤﻜﻢ أﺣﺪ أﺑﺪا ً ﻋﲆ دﻳﺎﻧﺘﻨﺎ ﻣﻦ و ﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮﻫﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ و ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أﺣﺪ أن‬
‫ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻧﺎﻓﺬة إ ﻻ ﺷﻌﺒﻨﺎ اﻟﺨﺎص اﻟﺬي ﻟﻦ ﻳﺨﺎﻃﺮ ﺑﻜﺸﻒ أﴎارﻫﺎ‪.‬‬
‫وﻟﻘﺪ ﻧﴩﻧﺎ ﰲ ﻛﻞ اﻟﺪول اﻟﻜﱪى ذات اﻟﺰ ﻋﺎﻣﺔ أدﺑﺎً ﻣﺮﻳﻀﺎً ﻗﺬرا ً ﻳﻐﺜﻰ اﻟﻨﻔﻮس‬
‫و ﺳﻨﺴﺘﻤﺮ ﻓﱰة ﻗﺼ ة ﺑﻌﺪ اﻻﻋﱰاف ﺑﺤﻜﻤﻨﺎ ﻋﲆ ﺗﺸﺠﻴﻊ ﺳﻴﻄﺮة ﻣﺜﻞ ﻫﺬا‬
‫اﻷدب ﻧﺸ ﺑﻮﺿﻮح إﱃ إﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻣﻊ اﻟﺘﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﻧﺼﺪرﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻔﻨﺎ‬
‫اﳌﺤﻤﻮد و ﺳﻴﻘﻮم ﻋﻠ ؤﻧﺎ اﻟﺬﻳﻦ رﺑﻮا ﻟﻐﺮض ﻗﻴﺎدة اﻷﻣﻤﻴ ﺑﺈﻟﻘﺎء ﺧﻄﺐ ورﺳﻢ‬
‫ﺧﻄﻂ و ﺗﺴﻮﻳﺪ ﻣﺬﻛﺮات ﻣﺘﻮﺳﻠ ﺑﺬﻟﻚ إﱃ أن ﺗﺆﺛﺮ ﻋﲆ ﻋﻘﻮل رﺟﺎل و ﺗﺠﺬﺑﻬﻢ‬
‫ﻧﺤﻮ اﳌﻌﺮﻓﺔ و اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﻧﺮﻳﺪﻫﺎ‪.‬‬
‫وﺟﺎء ﰲ اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮل اﻟﺨــﺎﻣﺲ ﻋﴩ‪ ) :‬ﺳﻨﻌﻤﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ وﺳﻌﻨﺎ ﻋﲆ ﻣﻨﻊ‬
‫اﳌﺆاﻣﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﺪﺑﺮ ﺿـﺪﻧﺎ ﺣ ﻧﺤـﺼﻞ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎ ً ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﺘﻮﺳﻠ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻌﺪد‬
‫ﻣﻦ اﻹ ﻧﻘـﻼﺑﺎت اﻟﺴـﻴﺎﺳـﻴﺔ اﳌﻔـﺎﺟﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻨﻨﻈﻤﻬﺎ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺤـﺪث ﰲ وﻗـﺖ‬
‫واﺣـﺪ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻗﻄـﺎر و ﺳﻨﻘﺒﺾ ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﴪﻋﺔ ﻋﻨﺪ إﻋـﻼن ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ‬
‫رﺳــﻤﻴﺎً وإﻋﻼن أن ﺣـﻜﻮﻣﺔ اﻷﻣﻤﻴ ﻋﺎﺟﺰة ﺎﻣﺎً ﻋﻦ ﺣﻜﻢ اﻟﺸﻌﻮب و ﻗـﺪ‬
‫ﺗﻨﻘﴤ ﻓﱰة ﻃـﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟـﺰﻣﻦ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻫﺬا و ر ﺎ ﺘﺪ ﻫﺬه اﻟﻔـﱰة‬
‫ﻗﺮﻧﺎ ً ﻛﺎﻣﻼً و ﻟ ﻧﺼﻞ إﱃ ﻣﻨﻊ اﳌﺆاﻣﺮات ﺿﺪﻧﺎ ﺣ ﺑﻠﻮﻏﻨﺎ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺳﻨﻨﻔﺬ‬
‫ﺣﻜﻢ اﻹﻋﺪام ﺑﻼ رﺣﻤﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺸﻬﺮ أﺳﻠﺤﺔ ﺿﺪﻧﺎ و ﺿﺪ اﺳـــﺘﻘﺮار‬
‫ﺳﻠﻄﺘﻨﺎ‪.‬‬
‫إن ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺟ ﻋﺔ ﴎﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺳﻴﻜﻮن ﻋﻘﺎﺑﻪ اﳌﻮت و أﻣﺎ اﻟﺠ ﻋﺎت اﻟﴪﻳﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﻘﻮم ﰲ اﻟﺤﺎﴐ وﻧﺤﻦ ﻧﻌﺮﻓﻬﺎ واﻟﺘﻲ ﺗﺨﺪم أﻏﺮاﺿﻨﺎ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺳﻨﺤﻠﻬﺎ وﻧﻨﻔﻲ أﻋﻀﺎءﻫﺎ‬
‫‪٨٧‬‬
‫إﱃ ﺟﻬﺎت ﻧﺎﺋﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎ وﺑﻬﺬا اﻷﺳﻠﻮب ﻧﻔﺴﻪ ﺳﻨﺘﴫف ﻣﻊ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻦ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴ اﻷﺣﺮار و اﻷﻣﻤﻴ ﻏ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺮﻓﻮن أﻛ ﻣﻦ اﻟﺤﺪ اﳌﻨﺎﺳﺐ‬
‫ﻟﺴﻼﻣﺘﻨﺎ و ﻛﺬﻟﻚ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴ اﻟﺬﻳﻦ ر ﺎ ﻳﻌﻔﻮ ﻋﻨﻬﻢ ﻟﺴﺒﺐ أو ﻵﺧﺮ ﺳﻨﺒﻘﻴﻬﻢ ﰲ‬
‫ﺧﻮف داﺋﻢ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﻲ وﺳﻨﺼﺪر ﻗﺎﻧﻮﻧﺎً ﻳﻘﴤ ﻋﲆ ﻛﻞ اﻷﻋﻀﺎء اﻟﺴﺎﺑﻘ ﰲ‬
‫اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻟﴪﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﻲ ﰲ أورﺑﺎ ﺣﻴﺚ ﺳﻴﻘﻮم ﻣﺮﻛﺰ ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ‪ .‬و ﺳﺘﻜﻮن ﻗﺮارات‬
‫ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ ﻧﻬﺎﺋﻴﺔ و ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻷﺣﺪ اﻟﺤﻖ ﰲ اﳌﻌﺎرﺿﺔ‪.‬‬
‫و ﻟ ﻧﺮد ﻛﻞ اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻷﻣﻤﻴﺔ ﻋﲆ أﻋﻘﺎﺑﻬﺎ و ﺴﺤﻬﺎ ـ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت‬
‫اﻟﺘﻲ ﻏﺮﺳﻨﺎ ﰲ ﻧﻔﻮﺳﻬﺎ اﻹﺧﺘﻼﻓﺎت وﻧﺰﻋﺔ اﳌﻌﺎر ﺿﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﳌﻌﺎرﺿﺔ ـ ﺳﻨﺘﺨﺬ‬
‫ﻣﻌﻬﺎ إﺟﺮاءات ﻻ رﺣﻤﺔ ﻓﻴﻬﺎ و ﺜﻞ ﻫﺬه اﻹﺟﺮاءات ﺳﺘﻌﺮف اﻷﻣﻢ أن ﺳﻠﻄﺘﻨﺎ ﻻ‬
‫ﻜﻦ اﻟﺘﻌﺪي ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻳﺠﺐ أﻻ ﻧﻌﺘﺪ ﺑﻜ ة اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﻨﻀﺤﻲ ﺑﻬﻢ ﻟﻠﻮﺻﻮل‬
‫إﱃ اﻟﻨﺠﺎح ﰲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ‪.‬‬
‫إن اﻟﻮﺻﻮل إﱃ اﻟﻨﺠﺎح وإن ﺗﻮﺻﻠﻨﺎ إﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟﺘﻀﺤﻴﺎت اﳌﺘﻌﺪدة ﻫﻮ و اﺟﺐ‬
‫ﻛﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺗﺘﺤﻘﻖ أن ﴍط و ﺟﻮدﻫﺎ ﻟﻴﺲ ﻛﺎﻣﻨﺎً ﰲ اﻻﻣﺘﻴﺎزات اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ‬
‫ﻓﺤﺴﺐ ﺑﻞ ﰲ ﺗﻨﻔﻴﺬ واﺟﺒﺎﺗﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ‪ ،‬و اﻟﴩط اﻷﺳﺎﳼ ﰲ اﺳﺘﻘﺮارﻫﺎ ﻳﻜﻤﻦ ﰲ‬
‫ﺗﻘﻮﻳﺔ ﻫﻴﺒﺔ ﺳﻠﻄﺎﻧﻬﺎ و ﻫﺬه اﻟﻬﻴﺒﺔ ﻻ ﻜﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻴﻬﺎ إﻻ ﺑﻘﻮة ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻏ‬
‫ﻣﺘﺄرﺟﺤﺔ وﻫﻲ اﻟﻘﻮة اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو ﻣﻘﺪﺳﺔ ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻚ ﻟﻬﺎ ﺣﺮﻣﺔ و ﻣﺤﺎﻃﺔ ﺑﻘﻮة ﺑﺎﻃﻨﻴﺔ‬
‫ﻟﺘﻜﻮن ﻣﺜﻼً ﻣﻦ ﻗﻀﺎء ﷲ و ﻗﺪره‪.‬‬
‫ﻫﻜــﺬا ﺣﺘﻰ اﻟﻮﻗـﺖ اﻟﺤﺎﺿـﺮ ﻛﺎﻧﺖ اﻷوﺗﻘـﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺮوﺳــﻴﺔ ﻫﻲ‬
‫ﻋـﺪوﻧﺎ اﻟﻮﺣـﻴﺪ ﺑﺎﺳــﺘﺜﻨﺎء اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﺒﺎﺑﻮﻳﺔ اﳌﻘﺪﺳـﺔ أذﻛـﺮوا أن إﻳﻄـﺎﻟﻴﺎ‬
‫ﻋﻨـﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘــﺪﻓـﻖ ﺑﺎﻟــﺪم ﺲ ﺷــﻌﺮة واﺣﺪة ﻣﻦ رأس ﺳﻮﻻ و ﻗـﺪ‬
‫ﻛـﺎن اﻟﺮﺟــﻞ اﻟﺬي ﺟــﻌﻞ دﻣﻬﺎ ﻳﻨﻔﺠــﺮ ﻫﻮ ﻣﻨﺎ و ﻗﺪ ﻧﺸﺄ ﻋﻦ ﺟــﱪوت‬
‫ﺷــﺨﺼﻴﺔ ﺳــﻮﻻ أن ﺻﺎر إﻟﻬﺎ ً ﰲ أﻋ اﻟﺸﻌﺐ و ﻗﺪ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻋﻮدﺗﻪ ﺑﻼ ﺧﻮف إﱃ‬
‫‪٨٨‬‬
‫إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﻣﻘﺪﺳﺎ ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻚ ﻟﻪ ﺣﺮﻣﺔ ﻓﺎﻟﺸﻌﺐ ﻟﻦ ﻳﴬ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﻳﺴﺤﺮه ﺑﺸﺠﺎﻋﺘﻪ‬
‫و ﻗﻮة ﻋﻘﻠﻪ‪.‬‬
‫وإﱃ أن ﻳﺄ اﻟﻴﻮم اﻟﺬي ﻧﺼﻞ ﻓﻴﻪ إﱃ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺳﻨﺤﺎول أن ﻧﻀﺎﻋﻒ‬
‫ﺧﻼﻳﺎ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴ اﻷﺣﺮار ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎ و ﻧﺠﺬب إﻟﻴﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺼ‬
‫ﻣﻌﺮوﻓﺎ ً ﺑﺄﻧﻪ ذو روح ﻋﺎﻣﺔ وﻫﺬه اﻟﺨﻼﻳﺎ ﺳﺘﻜﻮن أﻓﻀﻞ ﻣﻜﺎن ﻟﻠﺪﻋﺎﻳﺔ وﺳﻮف‬
‫ﻧﺮﻛﺰ ﻫﺬه اﻟﺨﻼﻳﺎ ﺗﺤﺖ ﻗﻴﺎدة واﺣﺪة ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻟﻨﺎ و ﺣﺪﻧﺎ وﺳﺘﺘﺄﻟﻒ ﻫﺬه‬
‫اﻟﻘﻴﺎدة ﻣﻦ ﻋﻠ ﺋﻨﺎ وﺳﻴﻜﻮن ﻟﻬﺬه اﻟﺨﻼ ﻳﺎ أﻳﻀﺎً ﻣﻤﺜﻠﻮﻫﺎ اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﻮن‬
‫ﺗﺤﺠﺐ اﳌﻜﺎن اﻟﺬي ﺗﻘﻴﻢ ﻓﻴﻪ ﻗﺎدﺗﻨﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ و ﺳﻴﻜﻮن ﻟﻬﺬه اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﺤﻖ ﰲ‬
‫ﺗﻌﻴ ﻣﻦ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻨﻬﺎ و ﰲ رﺳﻢ ﻧﻈﺎم اﻟﻴﻮم وﺳﻨﻀﻊ اﻟﺤﺒﺎﺋﻞ و اﳌﺼﺎﻳﺪ ﰲ‬
‫ﻫﺬه اﻟﺨﻼﻳﺎ ﻟﻜﻞ اﻻﺷﱰا وﻃﺒﻘﺎت اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺜﻮرﻳﺔ وإن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺨﻄﻂ‬
‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﴪﻳﺔ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻟﻨﺎ و ﺳﻨﻬﺬﺑﻬﺎ و ﻧﻌﺪﻫﺎ ﻟﻠﺘﻨﻔﻴﺬ ﺣﺎﳌﺎ ﺗﺘﺸﻜﻞ‪ .‬و ﻛﻞ‬
‫اﻟﻮﻛﻼء ﰲ اﻟﺒﻮﻟﻴﺲ اﻟﴪي اﻟﺪوﱄ ﺳﻴﻜﻮﻧﻮن أﻋﻀﺎء ﰲ ﻫﺬه اﻟﺨﻼﻳﺎ و ﻟﺨﺪﻣﺎت‬
‫اﻟﺒﻮﻟﻴﺲ أﻫﻤﻴﺔ ﻋﻈﻤﻰ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻷﻧﻬﻢ ﻗﺎدرون ﻋﲆ أن ﻳﻠﻘﻮا ﺳﺘﺎرا ً ﻋﲆ‬
‫ﻣﴩوﻋﺎﺗﻨﺎ و أن ﻳﺴﺘﻨﺒﻄﻮا ﺗﻔﺴ ات ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ ﻟﻠﻀﺠﺮ واﻟﺴﺨﻂ ﺑ اﻟﻄﻮاﺋﻒ‬
‫و أن ﻳﻌﺎﻗﺒﻮا أﻳﻀﺎ اؤﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻓﻀﻮن اﻟﺨﻀﻮع ﻟﻨﺎ‪.‬‬
‫و ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﺧﻠﻮن ﰲ اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻟﴪﻳﺔ ﻣﻐﺎﻣﺮون ﻳﺮﻏﺒﻮن أي‬
‫ﻳﺸﻘﻮا ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة ﺑﺄي ﻛﻴﻔﻴﺔ و ﻟﻴﺴﻮا ﻣﻴﺎﻟ إﱃ اﻟﺠﺪ و اﻟﻌﻨﺎء‪ .‬و ﺜﻞ‬
‫ﻫﺆﻻء اﻟﻨﺎس ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺘﺎﺑﻊ ﺗﻨﻔﻴﺬ أﻏﺮاﺿﻨﺎ و أن ﻧﺠﻌﻠﻬﻢ‬
‫ﻳﺪﻓﻌﻮن ﺟﻬﺎزﻧﺎ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ‪.‬‬
‫و ﺣﻴﻨ ﻳﻌﺎ اﻟﻌﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﻖ ﻓﻠﻦ ﻳﺪل ﻫﺬا إﻻ ﻋﲆ إﻧﻪ ﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﴬوري‬
‫ﻟﻨﺎ أن ﻧﻘﻠﻘﻪ ﻫﻜﺬا ﻧﺤﻄﻢ ﺻﻼﺑﺘﻪ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ و ﺣﻴﻨ ﺗﺒﺪأ اﳌﺆاﻣﺮات‬

‫‪٨٩‬‬
‫ﺧﻼﻟﻪ ﻓﺈن ﺑﺪءﻫﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن واﺣﺪا ً ﻣﻦ أﺷﺪ وﻛﻼﺋﻨﺎ إﺧﻼﺻﺎ ً ﻳﻘﻮم ﻋﲆ رأس ﻫﺬه‬
‫اﳌﺆاﻣﺮة وﻟﻴﺲ إﻻ ﻃﺒﻴﻌﻴﺎ ً أﻧﻨﺎ ﻛﺸﻌﺐ واﺣﺪ ﻳﻮ ﺟﻪ اﳌﴩوﻋﺎت اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و ﻧﺤﻦ‬
‫ﻧﻌﺮف اﻟﻬﺪف اﻵﺧ ﻟﻜﻞ ﻋﻤﻞ ﻋﲆ ﺣ أن اﻷﻣﻤﻴ ﻏ اﻟﻴﻬﻮد ﺟﺎﻫﻠﻮن‬
‫ﻌﻈﻢ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن و ﻟﻮ رؤﻳﺔ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻌﺎﺟﻠﺔ ﳌﺎ‬
‫ﻫﻢ ﻓﺎﻋﻠﻮن و ﻫﻢ ﻋﺎﻣﺔ ﻻ ﻳﻔﻜﺮون إﻻ ﰲ اﳌﻨﺎﻓﻊ اﻟﻮﻗﺘﻴﺔ اﻟﻌﺎﺟﻠﺔ وﻳﻜﺘﻔﻮن‬
‫ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ ﻏﺮﺿﻬﻢ ﺣ ﻳﺮﴇ ﻏﺮورﻫﻢ و ﻻ ﻳﻠﺘﻔﺘﻮن إﱃ أن اﻟﻔﻜﺮة اﻷﺻﻠﻴﺔ‬
‫ﺗﻜﻦ ﻓﻜﺮﺗﻬﻢ ﺑﻞ ﻛﻨﺎ ﻧﺤﻦ أﻧﻔﺴﻨﺎ اﻟﺬﻳﻦ أوﺣﻴﻨﺎ إﻟﻴﻬﻢ ﺑﻬﺎ‪.‬‬
‫اﻷﻣﻤﻴﻮن ﻛﺜ و اﻟﱰدد ﻋﲆ اﻟﺨﻼﻳﺎ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻋﻦ ﻓﻀﻮل ﻣﺤﺾ ٍ أو ﻋﲆ‬
‫أﻣﻞ ﰲ ﻧﻴﻞ ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﻄﻴﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺮي ﻓﻴﻬﺎ وﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻐﺸﺎﻫﺎ أﻳﻀﺎ ً‬
‫ﻷﻧﻪ ﻗﺎدر ﻋﲆ اﻟ ﺛﺮة ﺑﺄﻓﻜﺎره اﻟﺤﻤﻘﺎء أﻣﺎم اﳌﺤﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ واﻷﻣﻤﻴﻮن‬
‫ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ ﻋﻮاﻃﻒ اﻟﻨﺠﺎح و ﺗﻬﻠﻴﻼت اﻻﺳﺘﺤﺴﺎن و ﻧﺤﻦ ﻧﻮزﻋﻬﺎ ﺟﺰاﻓﺎ ً ﺑﻼ‬
‫ﺗﺤﻔﻆ وﻟﻘﺪ ﻧﱰﻛﻬﻢ ﻳﻈﻔﺮون ﺑﻨﺠﺎﺣﻬﻢ ﻟ ﻧﻮﺟﻬﻬﻢ ﻟﺨﺪﻣﺔ ﻣﺼﺎﻟﺤﻨﺎ و ﻛﺬﻟﻚ‬
‫ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﺘﻤﻠﻜﻬﻢ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﻐﺮور و ﻣﻦ ﻳﺘﴩﺑﻮن ﺑﺄﻓﻜﺎرﻧﺎ ﻋﻦ ﻏﻔﻠﺔ واﺛﻘ‬
‫ﺑﺼﺪق ﻋﺼﻤﺘﻬﻢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ وﺑﺄﻧﻬﻢ و ﺣﺪﻫﻢ أﺻﺤﺎب اﻵراء ﻏ ﺧﺎﺿﻌ ﻓﻴ‬
‫ﻳﺮون ﻟﺘﺄﺛ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪.‬‬
‫و أﻧﺘﻢ ﻻ ﺗﺘﺼﻮرون ﻛﻴﻒ ﻳﺴﻬﻞ دﻓﻊ أﻣﻬﺮ اﻷﻣﻤ إﱃ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻀﺤﻜﺔ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺴﺬاﺟﺔ و اﻟﻐﻔﻠﺔ ﺑﺈﺛﺎرة ﻏﺮوره وإﻋﺠﺎﺑﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ و ﻛﻴﻒ ﻳﺴﻬﻞ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ‬
‫أﺧﺮى أن ﻧﺜﺒﻂ ﺷﺠﺎﻋﺘﻪ وﻋﺰ ﺘﻪ ﺑﺄﻫﻮن ﺧﻴﺒﺔ و ﻟﻮ ﺑﺎﻟﺴﻜﻮت ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻋﻦ‬
‫ﺗﻬﻠﻴﻼت اﻹ ﺳﺘﺤﺴـﺎن ﻟﻪ وﺑﺬﻟﻚ ﻧﺪﻓﻌــﻪ إﱃ ﺣــﺎﻟﺔ ﺧﻀــﻮع ذﻟﻴﻞ ﻛﺬل اﻟﻌﺒﺪ‬
‫إذ ﻧﺼﺪه ﻋﻦ اﻷﻣﻞ ﰲ ﻧﺠﺎح ﺟﺪﻳﺪ‪ .‬و ﻘﺪار ﻣﺎ ﻳﺤﺘﻘﺮ ﺷﻌﺒﻨﺎ اﻟﻨﺠﺎح وﻳﻘﴫ‬
‫ﺗﻄﻠـﻌﻪ ﻋﲆ رؤﻳﺔ ﺧﻄﺘﻪ ﻣﺘﺤـﻘﻘﺔ ﻳﺤﺐ اﻷﻣﻤﻴﻮن اﻟﻨﺠﺎح وﻳﻜﻮﻧﻮن‬
‫ﻣﺴﺘﻌﺪﻳﻦ ﻟﻠﺘﻀﺤﻴـﺔ ﺑﻜﻞ ﳾء ﻣﻦ أﺟــﻞ ذﻟﻚ‪ .‬إن ﻫﺬه اﻟﻈــﺎﻫﺮة ﰲ أﺧــﻼق‬
‫‪٩٠‬‬
‫اﻷﻣﻤﻴ ﺗﺠﻌﻞ ﻋﻤﻠﻨﺎ ﻣﻌﻬﻢ أﻳﴪ ﻛﺜ ا ً ﻟﻨﺎ‪ .‬إن اؤﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻬﺮون ﻛﺄﻧﻬﻢ‬
‫اﻟﻨﻤﻮر ﻫﻢ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻛﺎﻷﻏﻨﺎم ﻏﺒﺎوة ورؤوﺳﻬﻢ ﻣﻤﻠﻮءة ﺑﺎﻟﻔﺮاغ‪.‬‬
‫ﺳﻨﱰﻛﻬﻢ ﻳﺮﻛﺒﻮن ﰲ أﺣﻼﻣﻬﻢ ﻋﲆ ﺣﺼﺎن اﻵﻣﺎل اﻟﻌﻘﻴﻤﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﻄﻴﻢ‬
‫اﻟﻔﺮدﻳﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻷﻓﻜﺎر اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﺒﺪأ اﻟﺠ ﻋﻴﺔ‪ .‬إﻧﻬﻢ ﻳﻔﻬﻤﻮا ﺑﻌﺪ وﻟﻦ‬
‫ﻳﻔﻬﻤﻮا أن ﻫﺬا اﻟﻌﺎ اﻟﻮﺣﴚ ﻣﻨﺎﻗﺾ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻷﺳﺎﳼ اﻟﺬي ﻫﻮ ﻣﻨﺬ‬
‫ﺑﺪأ اﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﻗﺪ ﺧﻠﻖ ﻛﻞ ﻛﺎﺋﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﺎً ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﺪاه ﻟ ﺗﻜﻮن ﻟﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ‬
‫ﻓﺮدﻳﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ‪ .‬أﻟﻴﺴﺖ ﺣﻘﻴﻖ أﻧّﺎ ﻛﻨﺎ ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﲆ دﻓﻊ اﻷﻣﻤﻴ إﱃ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه‬
‫اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﱪﻫﻦ ﺑﻮﺿﻮح ﻗﻮي ﻋﲆ ﺗﺼﻮرﻫﻢ اﻟﻀﻴﻖ ﻟﻠﺤﻴﺎة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‬
‫إذا ﻣﺎ ﻗﻮرﻧﻮا ﺑﻨﺎ ؟ و ﻫﻨﺎ ﻳﻜﻤﻦ اﻷﻣﻞ اﻷﻛﱪ ﰲ ﻧﺠﺎﺣﻨﺎ‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻛﺎن اﺑﻌﺪ ﻧﻈﺮ ﺣﻜ ﺋﻨﺎ اﻟﻘﺪﻣﺎء ﺣﻴﻨ أﺧﱪوﻧﺎ إﻧﻪ ﻟﻠﻮﺻﻮل ﻏﺎﻳﺔ‬
‫ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺣﻘﺎً ﻳﺠﺐ أﻻ ﻧﺘﻮﻗﻒ ﻟﺤﻈﺔ أﻣﺎم اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ و ﻻ ﻧﻌﺘﺪ ﺑﻌﺪد اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ اﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﻳﺠﺐ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﻬﻢ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﱃ اﻟﻐﺎﻳﺔ‪ .‬إﻧﻨﺎ ﻟﻦ ﻧﻌﺘﺪ ﻗﻂ ﺑﺎﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﻣﻦ ذرﻳﺔ‬
‫أوﻟﺌﻚ اﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﻣﻦ اﻷﻣﻤﻴ ﻏ اﻟﻴﻬﻮد وﻣﻊ أﻧﻨﺎ ﺿﺤﻴﻨﺎ ﺑﻜﺜ ٍ ﻣﻦ ﺷﻌﺒﻨﺎ ذاﺗﻪ‬
‫ﻓﻘﺪ ﺑﻮأﻧﺎه اﻵن ﻣﻘﺎﻣﺎً ﰲ اﻟﻌﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻴﺤﻠﻢ ﺑﺎﻟﻮﺻﻮل إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪ .‬إن‬
‫ﺿﺤﺎﻳﺎﻧﺎ و ﻫﻢ ﻗﻠﻴﻞ ﻧﺴﺒﻴﺎً ﻗﺪ ﺻﺎﻧﻮا ﺷﻌﺒﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺪﻣﺎر وإن ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﻻﺑﺪ أن‬
‫ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺣﺘ ً ﺑﺎﳌﻮت و اﻷﻓﻀﻞ أن ﺗﻌﺠﻞ ﺑﻬﺬه اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﱃ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻮﻗﻮن‬
‫ﻏﺮﺿﻨﺎ ﻻ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺪﻣﻮﻧﻪ‪.‬‬
‫إﻧﻨﺎ ﺳــﻨﻘﺪم اﳌﺎﺳـــﻮن اﻷﺣـﺮار إﱃ اﳌـﻮت ﺑﺄﺳـﻠﻮب ﻻ ﻳﺴـﺘﻄﻴﻊ ﻣﻌﻪ‬
‫أﺣـﺪ اﻷﺧﻮة أن ﻳﺮﺗـﺎب أد رﻳـﺒﺔ ﰲ اﻟﺤــﻘﻴﻘﺔ ﺑﻞ اﻟﻀـﺤﺎﻳﺎ أﻧﻔﺴـﻬﻢ أﻳﻀـﺎً ﻻ‬
‫ﻳﺮﺗـﺎﺑﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﺳـﻠﻔﺎً ‪ .‬إﻧـﻬﻢ ﺟـﻤﻴﻌﺎً ﻳـﻤﻮﺗﻮن ﺣـ ﻳـﻜﻮن ذﻟﻚ ﺿـﺮورﻳﺎً ﻣـﻮﺗﺎً‬
‫ﻃـﺒﻴﻌﻴﺎً ﰲ اﻟﻈـﺎﻫﺮ ﺣﺘﻰ اﻷﺧـﻮة و ﻫﻢ ﻳﻌـﺮﻓﻮن اﻟﺤـﻘـﺎﺋﻖ ﻟﻦ ﻳﺠــﺮؤا ﻋﲆ‬
‫اﻹ ﺣـﺘﺠﺎج ﻋﻠﻴـﻬﺎ‪ .‬و ﺜـﻞ ﻫـﺬه اﻟﻮﺳــﺎﺋﻞ ﻧﺴــﺘﺄﺻﻞ ﺟــﺬور اﻹ ﺣﺘﺠﺎج‬

‫‪٩١‬‬
‫ﻧﻔﺴـﻬﺎ ﺿﺪ أواﻣﺮﻧﺎ ﰲ اﳌﺠﺎل اﻟﺬي ﻳﻬﺘﻢ ﺑﻪ اﳌﺎﺳﻮن اﻷﺣﺮار ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺒﴩ ﺬﻫﺐ‬
‫اﻟﺘﺤﺮر ﻟﺪى اﻷﻣﻤﻴ وﰲ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻷﺧﺮى ﻧﺤﻔﻆ ﺷﻌﺒﻨﺎ ﰲ ﺧﻀﻮع ﻛﺎﻣﻞ‪.‬‬
‫وﺑﺘﺄﺛ ﻧﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻮاﻧ اﻷﻣﻤﻴ ﻣﻄﺎﻋﺔ ﺑﺄﻗﻞ ﻣﺎ ﻜﻦ و ﻟﻘﺪ ﻗﻮﺿﺖ ﻫﻴﺒﺔ‬
‫ﻗﻮاﻧﻴﻨﻬﻢ ﺑﺎﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﺤﺮرﻳﺔ اﻟﺘﻲ أذﻋﻨﺎﻫﺎ ﰲ أوﺳﺎﻃﻬﻢ وإن أﻋﻈﻢ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ‬
‫ﺧﻄﻮرة ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ أم أﺧﻼﻗﻴﺔ إ ﺎ ﺗﻘﺮر ﰲ دور اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ ﻧﴩﻋﻬﺎ ﻓﺎﻷﻣﻤﻲ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺎﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻳﻨﻈﺮ ﰲ اﻷﻣﻮر ﺑﺄي ﺿﻮء ﻧﺨﺘﺎره ﻧﺤﻦ‬
‫ﻟﻌﺮﺿﻬﺎ و ﻫﺬا ﻣﺎ اﻧﺠﺰﻧﺎه ﻣﺘﻮﺳﻠ ﺑﻮﻛﻼﺋﻨﺎ وﺑﺄﻧﺎس ﻳﺒﺪو إﻧﻪ ﻻ ﺻﻠﺔ ﻟﻨﺎ ﺑﻬﻢ‬
‫ﻛﺎﻟﺼﺤﺎﻓﺔ و وﺳﺎﺋﻞ أﺧﺮى ﺑﻞ إن أﻋﻀﺎء ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ وﻏ ﻫﻢ ﻣﻦ أﻛﺎﺑﺮ‬
‫اﳌﻮﻇﻔ ﻳﺘﺒﻌﻮن ﻧﺼﺎﺋﺤﻨﺎ إﺗﺒﺎﻋﺎ ً أﻋﻤﻰ‪ .‬وﻋﻘﻞ اﻷﻣﻤﻲ ﻟﻜﻮﻧﻪ ذا ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺑﻬﻴﻤﻴﺔ‬
‫ﻣﺤﻀﺔ ﻏ ﻗﺎدر ﻋﲆ ﺗﺤﻠﻴﻞ أي ﳾء وﻣﻼﺣﻈﺘﻪ ﻓﻀﻼً ﻋﻦ اﻟﺘﻜﻬﻦ ﺎ ﻗﺪ ﻳﺆدي‬
‫إﻟﻴﻪ اﻣﺘﺪاد ﺣﺎل ﻣﻦ اﻷﺣﻮال إذا و ﺿﻊ ﰲ ﺿﻮء ﻣﻌ ‪.‬‬
‫و ﻫﺬا اﻹﺧﺘـﻼف اﻟﺘـﺎم ﰲ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺑﻴﻨﻨﺎ وﺑ اﻷﻣﻤﻴ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻜﻦ‬
‫أن ﻳﺮﻳﻨﺎ ﺳــﻬﻮﻟﺔ آﻳﺔ اﺧﺘﻴﺎرﻧﺎ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﷲ و أﻧﻨﺎ ذوو ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻣﻤﺘﺎزة ﻓﻮق‬
‫ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺒﺸــﺮﻳﺔ ﺣ ﻧﻘﺎرن ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ اﻟﻔﻄــﺮي اﻟﺒﻬﻴﻤﻲ ﻋﻨﺪ اﻷﻣﻤﻴ ‪ .‬إﻧﻬﻢ‬
‫ﻳﻌﺎﻳﻨﻮن اﻟﺤــﻘﺎﺋﻖ ﻓﻘﻂ وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺘﻨﺒﺌﻮن ﺑﻬﺎ و ﻫﻢ ﻋﺎﺟﺰون ﻋﻦ اﺑﺘﻜﺎر أي‬
‫ﳾء ور ﺎ ﻧﺴــﺘﺜﻨﻲ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻷﺷــﻴﺎء اﳌﺎدﻳﺔ‪ .‬و ﻣﻦ ﻛﻞ ﻫﺬا ﻓﻴﻪ ﺟﻬﺮة ﻣﺘﻤﻨ‬
‫اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻨﻔﻌﺔ ﺣﻜﻤﻨﺎ ﻓﺴـﻨﻘﺪم ﻛﻞ اﻟﻘـﻮاﻧ و ﺳـﺘﻜﻮن ﻛﻞ‬
‫ﻗـﻮاﻧﻴﻨﻨﺎ ﻗﺼـ ة وواﺿـﺤﺔ وﻣـﻮﺟﺰة وﻏ ﻣﺤﺘـﺎﺟﺔ إﱃ ﺗﻔﺴـ ﺣﺘﻰ ﻳﻜـﻮن‬
‫ﻛﻞ إﻧﺴـﺎن ﻗﺎدر ﻋﲆ ﻓــﻬﻤﻬﺎ ﺑﺎﻃﻨﺎ ً وﻇــﺎﻫﺮا ً وﺳـﺘﻜﻮن اﻟﺴــﻤﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴـﺔ‬
‫ﻓﻴـﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﻄﺎﻋﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺴـﻠﻄﺔ وإن ﻫﺬا اﻟﺘــﻮﻓ ﻟﻠﺴـﻠﻄﺔ ﺳـ ﺗﻔﻊ إﱃ‬
‫ﻗـﻤﺔ ﻋـﺎﻟـﻴﺔ ﺟـﺪاً و ﺣـﻴﻨﺌﺬ ٍ ﺳـﺘﺘﻮﻗﻒ ﻛﻞ أﻧـﻮاع إﺳــﺎءة إﺳـﺘﻌ ل اﻟﺴـﻠﻄﺔ‬
‫ﻷن ﻛﻞ إﻧﺴـﺎن ﺳـﻴﻜﻮن ﻣﺴـﺌﻮ ﻻً أﻣﺎم اﻟﺴـﻠﻄﺔ اﻟﻌـﻠﻴﺎ اﻟﻮﺣـﻴﺪة أي ﺳـﻠﻄﺔ‬
‫‪٩٢‬‬
‫اﻟﺤـﺎﻛﻢ وإن ﺳﻮء اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻨﺎس ﻣﺎﻋﺪا اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻋﻘﺎﺑﻪ‬
‫ﺑﺎﻟﻎ اﻟﴫاﻣﺔ إﱃ ﺣﺪ أن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺳﻴﻔﻘﺪون اﻟﺮﻏﺒﺔ ﰲ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺳﻠﻄﺘﻬﻢ ﻟﻬﺬا‬
‫اﻻﻋﺘﺒﺎر‪.‬‬
‫وﺳ اﻗﺐ ﺑﺪﻗﻪ ﻛﻞ ﺧﻄﻮة ﺗﺘﺨﺬﻫﺎ ﻫﻴﺌﺘﻨﺎ اﻹدارﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻴﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ‬
‫ﻋﻤﻞ ﺟﻬﺎز اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﺣ ﺗﺼ اﻹدارة ﺑﻄﻴﺌﺔ ﺳﻨﺒﻌﺚ اﻟﻔﻮﴇ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن‬
‫وﻟﻦ ﻳﺒﻘﻰ ﻨﺠﺎة ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺎب أي ﻋﻤﻞ ٍ ﻏ ﻗﺎﻧﻮ و ﻻ أي ﺳﻮء إﺳﺘﻌ ل ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ‬
‫و ﺳﺘﺰول أﻋ ل اﻟﺨﻔﺎء و اﻟﺘﻘﺼ اﳌﺘﻌﻤﺪ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﳌﻮﻇﻔ ﰲ اﻹدارة ﺑﻌﺪ أن‬
‫ﻳﺮوا أﻣﺜﻠﺔ اﻟﻌﻘﺎب‪.‬‬
‫ﺳﺘﺴﺘﻠﺰم ﻋﻈﻤﺔ ﺳﻠﻄﺘﻨﺎ ﺗﻮﻗﻴﻊ ﻋﻘﻮﺑﺎت ﺗﻨﺎﺳﺒﻬﺎ أي ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت‬
‫ﺳﺘﻜﻮن ﺻﺎرﻣﺔ وﻟﻮ ﻋﻨﺪ أد ﴍوع ﰲ اﻻﻋﺘﺪاء ﻋﲆ ﻫﻴﺒﺔ ﺳﻠﻄﺘﻨﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ‬
‫ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻟﻠﻤﻌﺘﺪي أو ﻟﻐ ه و اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﻳﻌﺬب ﺟﺰاء أﺧﻄﺎﺋﻪ و ﻟﻮ‬
‫ﺑﴫاﻣﺔ ﺑﺎﻟﻐﻪ إ ﺎ ﻫﻮ ﺟﻨﺪي ﻮت ﰲ ﻣﻌﱰك اﻹدارة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺴﻠﻄﺔ و اﳌﺒﺪأ‬
‫و اﻟﻘﺎﻧﻮن و ﻛﻠﻬﺎ ﻻ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺄي اﻧﺤﺮاف ﻋﻦ اﻟﴫاط اﻟﻌﺎم ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺼﺎﻟﺢ‬
‫ﺷﺨﺼﻴﺔ و ﻟﻮ وﻗﻊ ﻣﻦ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻗﺪوة اﻟﺸﻌﺐ و ﻗﺎدﺗﻪ‪ .‬ﻓﻤﺜﻼً ﺳﻴﻌﺮف‬
‫ﻗﻀﺎﺗﻨﺎ أﻧﻬﻢ ﺑﺎﻟﴩوع ﰲ إﻇﻬﺎر ﺗﺴﺎﻣﺤﻬﻢ ﻳﻌﺘﺪون ﻋﲆ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻟﺬي‬
‫ﴍع ﻟﺘﻮﻗﻴﻊ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻋﲆ اﻟﺮﺟﺎل ﺟﺰاء ﺟﺮا ﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﱰﻓﻮﻧﻬﺎ و ﻳﴩع ﻟ‬
‫ﻜﻦ اﻟﻘﺎﴈ ﻣﻦ إﻇﻬﺎر ﺣﻠﻤﻪ‪ .‬ﻫﺬه اﻟﺨﺼﻠﺔ اﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻈﻬﺮ إﻻ ﰲ‬
‫اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻻ ﰲ ﻣﻘﺪرة اﻟﻘﺎﴈ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﲆ أﺳﺲ‬
‫اﻟﱰﺑﻴﺔ ﻟﻠﻨﻮع اﻟﺒﴩي‪ .‬وﻟﻦ ﻳﺨﺪم أﻋﻀﺎء اﻟﻘﺎﻧﻮن ﰲ اﳌﺤﺎﻛﻢ ﺑﻌﺪ ﺳﻦ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ‬
‫و اﻟﺴﺒﻌ ﻟﻠﺴﺒﺒ اﻵﺗﻴ ‪:‬‬
‫‪ -١‬إن اﻟﺸﻴﻮخ أﻋﻈﻢ إﴏارا ً وﺟﻤﻮدا ً ﰲ ﺴﻜﻬﻢ ﺑﺎﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﻳﺪرﻛﻮﻧﻬﺎ‬
‫ﺳﻠﻔﺎ وأﻗﻞ ُ اﻗﺘﺪارا ً ﻋﲆ ﻃﺎﻋﺔ اﻟﻨﻈﻢ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ‪.‬‬
‫‪٩٣‬‬
‫‪ -٢‬إن ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻹﺟﺮاء ﺳﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ إﺣﺪاث ﺗﻐﻴ ات ﻋﺪة ﰲ اﻟﻬﻴﺌﺔ‬
‫اﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ و ﺳﻴﻜﻮﻧﻮن ﺧﺎﺿﻌ ﻷي ﺿﻐﻂ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻨﺎ ﻓﺈن أي إﻧﺴﺎن ﻳﺮﻏﺐ ﰲ‬
‫اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﻨﺼﺒﻪ ﺳﻴﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﻳﻀﻤﻨﻪ أن ﻳﻄﻴﻌﻨﺎ ﻃﺎﻋﺔ ﻋﻤﻴﺎء وﻋﲆ‬
‫اﻟﻌﻤﻮم ﺳﻨﺨﺘﺎر ﻗﻀﺎﺗﻨﺎ ﻣﻦ ﺑ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻬﻤﻮن أن واﺟﺒﻬﻢ ﻫﻮ اﻟﻌﻘﺎب‬
‫و ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻟﻘﺎﻧﻮن وﻟﻴﺲ اﻻﺳﺘﻐﺮاق ﰲ اﻷﺣﻼم وﻣﺬﻫﺐ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ اﻟﺬي ﻗﺪ‬
‫ﻳﻨﻜﺐ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم اﻟﱰﺑﻮي ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﻛ ﻳﻔﻌﻞ اﻟﻘﻀﺎة اﻷﻣﻤﻴﻮن اﻵن‪.‬‬
‫أن ﻧﻈﺎم ﺗﻐﻴ اﳌﻮﻇﻔ ﺳﻴﺴﺎﻋﺪﻧﺎ أﻳﻀﺎ ً ﰲ ﺗﺪﻣ أي ﻧﻮع ﻣﻦ اﻻﺗﺤﺎد ﻜﻦ أن‬
‫ﻳﺆﻟﻔﻮه ﻓﻴ ﺑﻴﻨﻬﻢ و ﻟﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮا إﻻ ﳌﺼﻠﺤﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺘﻮﻗﻒ ﺣﻈﻮﻇﻬﻢ‬
‫وﻣﺼﺎﺋﺮﻫﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﺳﻴﺒﻠﻎ ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﻨﺎﺷﺊ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎة أﻧﻬﻢ ﺳﻴﻤﻨﻌﻮن‬
‫ﺑﺪاﻫﺔ ﻛﻞ ﻋﻤﻞ ﻗﺪ ﻳﴬ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑ رﻋﺎﻳﺎﻧﺎ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺒﻌﺾ‪.‬‬
‫إن ﻗﻀﺎة اﻷﻣﻤﻴ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ ﻣﱰﺧﺼﻮن ﻣﻊ ﻛﻞ ﺻﻨﻮف اﳌﺠﺮﻣ‬
‫إذ ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﻢ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻟﻮاﺟﺒﻬﻢ وﻟﺴﺒﺐ ﺑﺴﻴﻂ أﻳﻀﺎً ﻫﻮ أن اﻟﺤﻜﺎم‬
‫اﻷﻣﻤﻴ ﺣﻴﻨ ﻳﺮﺷﺤﻮن رﻋﺎﻳﺎﻫﻢ ﳌﻨﺎﺻﺐ ﺧﻄ ة ﻻ ﻳﺘﻌﺒﻮن أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻟ‬
‫ﻳﻮﺿﺤﻮا ﻟﻬﻢ ﺧﻄﻮرة ﻫﺬه اﳌﻨﺎﺻﺐ و اﻟﻐﺮض اﻟﺬي ﻣﻦ أﺟﻠﻪ أﻧﺸﺌﺖ ﻓﻬﻢ‬
‫ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻛﺎﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﺣ ﺗﺮﺳﻞ ﺟﺮاءﻫﺎ اﻟﺴﺎذﺟﺔ ﺑﻐﻴﺔ اﻻﻓﱰاس وﻫﻜﺬا ﺗﺴﻘﻂ‬
‫ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻷﻣﻤﻴ إﺑﺘﺪاءا ً ﻋﲆ أﻳﺪي اﻟﻘﺎ ﺑﺄﻣﻮرﻫﺎ‪ .‬إﻧﻨﺎ ﺳﻨﺘﺨﺬ ﻧﻬﺠﺎ ً أدﺑﻴﺎ ً‬
‫واﺣﺪا ً ﻣﺴﺘﻨﺒﻄﺎ ً ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺬي ﺗﻌﺎرف ﻋﻠﻴﻪ اﻷﻣﻤﻴﻮن و ﺳﻨﺴﺘﺨﺪﻣﻪ ﰲ‬
‫إﺻﻼح ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ و ﺳﻨﺴﺘﺄﺻﻞ ﻛﻞ اﳌﻴﻮل اﻟﺘﺤﺮﻳﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻫﻴﺌﺔ ﺧﻄ ة ﻋﲆ‬
‫ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ ﻟﻠﺪﻋﺎﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺳﻴﻜﻮﻧﻮن رﻋﺎﻳﺎﻧﺎ وﺳﺘﻜﻮن‬
‫اﳌﻨﺎﺻﺐ اﻟﺨﻄ ة ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ ﺑﻼ اﺳﺘﺜﻨﺎء ﻟﺮﻋﺎﻳﺎﻧﺎ اﻟﺬﻳﻦ رﺑﻴﻨﺎﻫﻢ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ‬
‫ﻟﻺدارة‪.‬‬

‫‪٩٤‬‬
‫و إذا ﻟﻮﺣﻆ أن إﺧﺮاﺟﻨﺎ ﻣﻮﻇﻔﻴﻨﺎ ﻗﺒﻞ اﻷوان ﻗﻲ ﻗﺎ ﺔ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪﻳ ﻗﺪ‬
‫ﻳﺜﺒﺖ إﻧﻪ ﻳﻜﺒﺪ ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ ﻧﻔﻘﺎت ﺑﺎﻫﻈﺔ إذن ﻓﺠﻮاﺑﻨﺎ أﻧﻨﺎ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﳾء‬
‫ﺳﻨﺤﺎول أن ﻧﺠﺪ ﻣﺸﺎﻏﻞ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻬﺆﻻء اﳌﻮﻇﻔ ﻟﺘﻌﺮﻳﻀﻬﻢ ﻋﻦ ﻣﻨﺎﺻﺒﻬﻢ ﰲ‬
‫ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أو ﺟﻮاﺑﻨﺎ أﻳﻀﺎ ً أن ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ ﺳﺘﻜﻮن ﻣﺴﺘﺤﻮذة ﻋﲆ ﻛﻞ اﻟﻌﺎ‬
‫ﻓﻠﻦ ﻧﺄﺑﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﻔﻘﺎت وﺳﺘﻜﻮن أوﺗﻘﺮاﻃﻴﺘﻨﺎ ﻣﻜﻴﻨﺔ ﰲ ﻛﻞ أﻋ ﻟﻨﺎ‬
‫و ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎن ﻛﻞ ﻗﺮار ﺳﻴﺘﺨﺬه أﻣﺮﻧﺎ اﻟﻌﺎﱄ ﺳﻴﻘﺒﻞ ﺑﺎﻹ ﺟﻼل و اﻟﻄﺎﻋﺔ دون ﻗﻴﺪ‬
‫و ﻻ ﴍط‪ .‬ﺳﻨﺴﺘﻨﻜﺮ ﻛﻞ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺬﻣﺮ و اﻟﺴﺨﻂ و ﺳﻨﻌﺎﻗﺐ ﻋﲆ ﻛﻞ إﺷﺎرة‬
‫ﺗﺪل ﻋﲆ اﻟﺒﻄﺮ ﻋﻘﺎﺑﺎ ً ﺑﺎﻟﻐﺎ ً ﰲ ﴏاﻣﺘﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺨﺬه اﻵﺧﺮون ﻋﱪة و ﺳﻨﻠﻐﻲ ﺣﻖ‬
‫اﻻﺳﺘﺌﻨﺎف ﰲ اﻷﺣﻜﺎم و ﻧﻘﴫه ﻋﲆ ﻣﺼﻠﺤﺘﻨﺎ ﻓﺤﺴﺐ واﻟﺴﺒﺐ ﰲ ﻫﺬا اﻹﻟﻐﺎء‬
‫ﻫﻮ إﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻻ ﻧﺴﻤﺢ ﺑﺄن ﺗﻨﻤﻮ ﺑ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻓﻜﺮة أن ﻗﻀﺎﺗﻨﺎ‬
‫ﻳﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﺨﻄﺌﻮا ﻓﻴ ﻳﺤﻜﻤﻮن‪ .‬وإذا ﺻﺪر ﺣﻜﻢ ﻳﺴﺘﻠﺰم إﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ‬
‫ﻓﺴﻨﻌﺰل اﻟﻘﺎﴈ اﻟﺬي أﺻﺪره ﻓﻮرا ً و ﻧﻌﺎﻗﺒﻪ ﺟﻬﺮا ً ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺘﻜﺮر ﻣﺜﻞ ﻫﺬا‬
‫اﻟﺨﻄﺄ ﻓﻴ ﺑﻌﺪ‪.‬‬
‫ﺳﻨﻜﺮر ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ و ﻫﻮ أن أﺣﺪ ﻣﺒﺎدﺋﻨﺎ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻫﻮ ﻣﺮاﻗﺒﺔ‬
‫اﳌﻮﻇﻔ اﻹدارﻳ و ﻫﺬا ﻋﲆ اﻟﺨﺼﻮص ﻹرﺿﺎء اﻷﻣﺔ ﻓﺈن ﻟﻬﺎ اﻟﺤﻖ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﰲ‬
‫اﻹﴏار ﻋﲆ أن ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﻮﻇﻔﻮن إدارﻳﻮن ﺻﺎﻟﺤﻮن‪.‬‬
‫إن ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ ﺳﺘﺠﻌﻞ ﻣﻈﻬﺮ اﻟﻨﻘﺎء اﻷﺑﻮي ﰲ ﺷﺨﺺ ﻣﻠﻜﻨﺎ وﺳﺘﻌﺘﱪه‬
‫أﻣﺘﻨﺎ ورﻋﺎﻳﺎه ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ وﻣﻌﺎﻣﻼﺗﻬﻢ أﻳﻀﺎً ﻟﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻘﻮم ﺑﺄي‬
‫ﳾء ﻳﻐ ﻋﻨﺎﻳﺘﻪ و ﺗﻮﺟﻴﻬﻪ‪ .‬إﻧﻬﻢ ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮا أن ﻳﻌﻴﺸﻮا ﰲ ﺳﻼم إﻻ ﺑﻪ‬
‫و ﺳﻴﻌﱰﻓﻮن ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺑﻪ ﻋﲆ إﻧﻪ ﺣﺎﻛﻤﻬﻢ اﻷوﺗﻘﺮاﻃﻲ اﳌﻄﻠﻖ‪.‬‬

‫‪٩٥‬‬
‫و ﺳﻴﻜﻮن ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر ﻫﺬا اﻟﺸﻌﻮر اﻟﻌﻤﻴﻖ ﺑﺘﻮﻗ ه ﺗﻮﻗ اً ﻳﻘﺎرب اﻟﻌﺒﺎدة‬
‫وﺑﺨﺎﺻﺔ ﺣ ﻳﻘﺘﻨﻌﻮن ﺑﺄن ﻣﻮﻇﻔﻴﻪ ﻳﻨﻔﺬون أواﻣﺮه ﺗﻨﻔﻴﺬاً أﻋﻤﻰ وإﻧﻪ وﺣﺪه‬
‫اﳌﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ إﻧﻬﻢ ﺳﻴﻔﺮﺣﻮن ﺑﺄن ﻳﺮوﻧﺎ ﻧﻨﻈﻢ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻛ ﻟﻮ ﻛﻨﺎ آﺑﺎء ً‬
‫ﺣﺮﻳﺼ ﻋﲆ ﺗﺮﺑﻴﺔ أﻃﻔﺎﻟﻬﻢ ﻋﲆ اﻟﺸﻌﻮر اﳌﺮﻫﻒ اﻟﺮﻗﻴﻖ ﺑﺎﻟﻮاﺟﺐ و اﻟﻄﺎﻋﺔ‪.‬‬
‫وﺗﻌﺘﱪ ﺳﻴﺎﺳﺘﻨﺎ اﻟﴪﻳﺔ ﰲ اﻟﻌﺎ ﻛﻞ اﻷﻣﻢ أﻃﻔﺎل وإن ﺣﻜﻮﻣﺎﺗﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ‬
‫و ﻜﻨﻜﻢ أن ﺗﺮوا ﺑﺄﻧﻔﺴﻜﻢ إﻧﺎ ﻧﻘﻴﻢ اﺳﺘﺒﺪادﻧﺎ ﻟﻠﺤﻖ وﻋﲆ اﻟﻮاﺟﺐ ﻓﺎن ﺣﻖ‬
‫اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﰲ اﻹﴏار ﻋﲆ أن ﻳﺆدي اﻟﻨﺎس واﺟﺒﻬﻢ ﻫﻮ ﰲ ذاﺗﻪ ﻓﺮض ﻋﲆ‬
‫اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﺬي ﻫﻮأب ٌ ﻟﺮﻋﺎﻳﺎه وﻫﻮ ﺣﻖ ﻣﻨﺤﺘﻪ ﻟﻪ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻷﻧﻪ ﻳﻘﻮد اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﰲ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺬي ﴍﻋﺘﻪ ﺣﻘﻮق اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ أي اﻻﺗﺠﺎه ﻧﺤﻮ اﻟﻄﺎﻋﺔ‪.‬‬
‫إن ﻛﻞ ﻣﺨﻠﻮق ﰲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎ ﺧﺎﺿﻊ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ وإن ﺗﻜﻦ ﺳﻠﻄﺔ إﻧﺴﺎن‬
‫ﻓﻬﻲ ﺳﻠﻄﺔ ﻇﺮوف أو ﺳﻠﻄﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻬﻲ ﻣﻬ ﻳﻜﻦ اﻟﺤﺎل ﺳﻠﻄﺔ‬
‫ﳾء أﻋﻈﻢ ﻣﻨﻪ ﻗﻮة إذن ﻓﻠﻨﻜﻦ اﻟﴚء اﻷﻋﻈﻢ ﻗﻮة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬
‫وﻳﺠﺐ أن ﻧﻀﺤﻲ دون ﺗﺮدد ﺜﻞ ﻫﺆﻻء اﻷﻓﺮاد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﺪون ﻋﲆ اﻟﻨﻈﺎم‬
‫اﻟﻘﺎﺋﻢ ﺟﺮاء اﻋﺘﺪاﺋﻬﻢ ﻷن ﺣﻞ اﳌﺸﻜﻠﺔ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ اﻟﻜﱪى ﻫﻮ ﰲ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ اﳌﺜﲆ‪.‬‬
‫وﻳﻮم ﻳﻀﻊ ﻣﻠﻚ إﴎاﺋﻴﻞ ﻋﲆ رأﺳﻪ اﻟﺘﺎج اﻟﺬي أﻫﺪﺗﻪ ﻟﻪ ﻛﻞ أورﺑﺎ ﺳﻴﺼ‬
‫اﻟﺒﻄﺮﻳﻚ اﳌﻘﺪس ﻟﻜﻞ اﻟﻌﺎ ‪ .‬وإن ﻋﺪد اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ اﻟﺬي ﺳﻴﻀﻄﺮ ﻣﻠﻜﻨﺎ ﻟﻠﺘﻀﺤﻴﺔ‬
‫ﺑﻬﻢ ﻟﻦ ﻳﺘﺠﺎوز ﻋﺪد اؤﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﺿﺤﻰ ﺑﻬﻢ اﳌﻠﻮك اﻷﻣﻤﻴﻮن ﰲ ﻃﻠﺒﻬﻢ‬
‫اﻟﻌﻈﻤﺔ وﰲ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﺒﻌﺾ‪ .‬وﺳﻴﻜﻮن ﻣﻠﻜﻨﺎ ﻋﲆ إﺗﺼﺎل وﺛﻴﻖ ﺑﺎﻟﻨﺎس‬
‫و ﺳﻴﻠﻘﻲ ﺧﻄﺒﺎ ً ﻓﻮق اﳌﻨﺎﺑﺮ و ﻫﺬه اﻟﺨﻄﺐ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﺳﺘﺬاع ﻓﻮرا ً ﻋﲆ اﻟﻌﺎ ‪.‬‬

‫‪٩٦‬‬
‫و ﺟﺎء ﰲ اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮل اﻟﺴﺎدس ﻋﴩ‪) :‬و رﻏﺒﺔ ﰲ ﺗﺪﻣ أي ﻧﻮع ﻣﻦ‬
‫اﳌﴩوﻋﺎت ﻏ ﻣﴩوﻋﻨﺎ ﺳﻨﺒﺪأ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠ ﻋﻲ ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺘﻪ اﻟﺘﻤﻬﻴﺪﻳﺔ أي إﻧﻨﺎ‬
‫ﻧﻐ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت و ﻧﻌﻴﺪ إﻧﺸﺎءﻫﺎ ﺣﺴﺐ ﺧﻄﻄﻨﺎ‪ .‬و ﺳﻴﻜﻮن رؤﺳﺎء اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت‬
‫و أﺳﺎﺗﺬﺗﻬﺎ ﻣﻌﺪﻳﻦ إﻋﺪادا ً ﺧﺎﺻﺎ ً وﺳﻴﻠﺘﻪ ﺑﺮاﻣﺞ ﻋﻤﻞ ﴎي ﻣﺘﻘﻦ وﺳﻴﻬﺬﺑﻮن‬
‫وﻳﺸﻜﻠﻮن ﺑﺤﺴﺒﻪ و ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮا اﻻﻧﺤﺮاف ﻋﻨﻪ ﺑﻐ ﻋﻘﺎب وﺳ ﺷﺤﻮن‬
‫ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ وﻳﻜﻮﻧﻮن ﻣﻌﺘﻤﺪﻳﻦ ﻛﻞ اﻻﻋﺘ د ﻋﲆ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ وﺳﻨﺤﺬف ﻣﻦ‬
‫ﻓﻬﺮﺳﻨﺎ ﻛﻞ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﳌﺪ ﻣﺜﻠﻪ ﰲ ذﻟﻚ ﻣﺜﻞ أي ﻣﻮﺿﻮع ﺳﻴﺎﳼ آﺧﺮ‬
‫و ﻟﻦ ﻧﺨﺘﺎر ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﻠﻮم أﻻ رﺟﺎﻻً ﻓﻠﻴﻠ ﻣﻦ اﳌﺪرﺑ ﳌﻮاﻫﺒﻬﻢ اﳌﻤﺘﺎزة و ﻟﻦ‬
‫ﻧﺴﻤﺢ ﻟﻠﺠﺎﻣﻌﺎت أن ﺗﺨﺮج ﻟﻠﻌﺎ ﻓﺘﻴﺎﻧﺎ ً ﺧﴬ اﻟﺜﻴﺎب‪ ،‬ذوي أﻓﻜﺎر إﺻﻼﺣﻴﺔ‬
‫ﻟﺪﺳﺘﻮر ﺟﺪﻳﺪ ﻛﺄ ﺎ ﻫﺬه اﻹﺻﻼﺣﺎت ﻣﻬﺎزل أوﻣﺂس ٍ ‪ .‬و ﻟﻦ ﻧﺴﻤﺢ ﻟﻠﺠﺎﻣﻌﺎت‬
‫أﻳﻀﺎ ﺑﺄن ﺗﺨﺮج ﻓﺘﻴﺎﻧﺎ ً ذوي اﻫﺘ م ﻣﻦ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺎﳌﺴﺎﺋﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ‬
‫ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺣﺘﻰ آﺑﺎؤﻫﻢ أن ﻳﻔﻬﻤﻮﻫﺎ‪.‬‬
‫إن اﳌﻌﺮﻓﺔ اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑ أﻛﺪاس اﻟﻨﺎس ﻫﻲ ﻣﻨﺒﻊ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﻄﻮﺑﺎوﻳﺔ‬
‫و ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻠﻬﻢ رﻋﺎﻳﺎ ﻓﺎﺳﺪﻳﻦ و ﻫﺬا ﻣﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﺗﺮوه ﺑﺄﻧﻔﺴﻜﻢ‬
‫ﰲ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﱰﺑﻮي ﻟﻸﻣﻤﻴ ﻏ اﻟﻴﻬﻮد‪ ،‬و ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻘﺪم ﻛﻞ ﻫﺬه اﳌﺒﺎدئ ﰲ‬
‫ﻧﻈﺎﻣﻬﻢ اﻟﱰﺑﻮي ﻧﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﺤﻄﻴﻢ ﺑﻨﻴﺎﻧﻬﻢ اﻹ ﺟﺘ ﻋﻲ ﺑﻨﺠﺎح ﻛ ﻓﻌﻠﻨﺎ‬
‫و ﺣ ﻧﺴﺘﺤﻮذ ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺳﻨﺒﻌﺪ ﻣﻦ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﱰﺑﻴﺔ ﻛﻞ اﳌﻮاد اﻟﺘﻲ ﺴﺦ‬
‫ﻋﻘﻮل اﻟﺸﺒﺎب وﺳﻨﺼﻨﻊ ﻣﻨﻬﻢ أﻃﻔﺎﻻً ﻃﻴﺒ ﻳﺤﺒﻮن ﺣﺎﻛﻤﻬﻢ وﻳﺘﺒﻴﻨﻮن ﰲ‬
‫ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ اﻟﺪﻋﺎﻣﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﺴﻼم و اﳌﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ .‬و ﺳﻨﻘﻮم ﺑﺪراﺳﺔ‬
‫ﻣﺸﻜﻼت اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺎت وﺑﺪراﺳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻘﺪﻳﻢ اﻟﺬي ﻳﺸﺘﻤﻞ‬
‫ﻋﲆ ﻣﺜﻞ ٍ ﺳــﻴﺌﺔ أﻛ ﻣﻦ إﺷﺘ ﻟﻪ ﻋﲆ ﻣ ُﺜﻞ ﺣﺴـﻨﺔ و ﺳﻨﻤﺤﻰ ﻣﻦ ذاﻛﺮة اﻹﻧﺴﺎن‬

‫‪٩٧‬‬
 ‫اﻟﻌﺼﻮر اﳌﺎﺿﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﺷﺆﻣﺎ ً ﻋﻠﻴﻨﺎ و ﻻ ﻧﱰك إﻻ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ‬
‫أﺧﻄﺎء اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﰲ أﻟﻮان ﻗﺎ ﺔ ﻓﺎﺿﺤﺔ وﻳﻜﻮن ﰲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺑﺮاﻣﺠﻨﺎ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ‬
‫اﳌﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻲ ﺸﻜﻼت اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ و اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻻﺟﺘ ﻋﻲ وﺗﴫﻓﺎت‬
‫ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﻣﻊ ﻏ ه و ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺨﻄﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻦ اﻟﻐﺎرة ﻋﲆ اﻟﻨ ذج اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‬
‫اﻟﺴﻴﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺪي وﺗﺴﺒﺐ اﻟﴩ و ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻬﻬﺎ ﻣﻦ اﳌﺴﺎﺋﻞ اﻷﺧﺮى ذات اﻟﻄﺎﺑﻊ‬
‫اﻟﻔﻄﺮي‪ .‬ﻫﺬه اﻟﱪاﻣﺞ ﺳﺘﻜﻮن ﻣﺮﺗﺒﺔ و ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻘﺎت و اﻟﻄﻮاﺋﻒ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ‬
‫و ﺳﻴﺒﻘﻰ ﺗﻌﻠﻴﻤﻬﺎ ﻣﻨﻔﺼﻼً ﻋﻦ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻟﺒﻌﺾ ﺑﺪﻗﺔ‪ .‬وإﻧﻪ ﻷﻋﻈﻢ ﺧﻄﻮرة أن ﻧﺤﺮص‬
‫ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم ذاﺗﻪ‪ .‬و ﺳﻴﻔﺮض ﻋﲆ ﻛﻞ ﻃﺒﻘﺔ أو ﻓﺌﺔ أن ﺗﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﺣﺴﺐ‬
‫ﻣﺮﻛﺰﻫﺎ وﻋﻤﻠﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻ ‪ .‬إن اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎرﺿﺔ ﻗﺪ ﻋﺮﻓﺖ دا ﺎً وﺳﺘﻌﺮف دا ﺎ ً‬
‫ﻛﻴﻒ ﺗﻨﻔﺬ إﱃ ﻃﺒﻘﺔ أﻋﲆ وﻟﻜﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻫﺬا اﻟﻐﺮض اﻹﺳﺘﺜﻨﺎ ﺎﻣﺎً ﻻ ﻳﻠﻴﻖ أن‬
‫ﻧﺨﻠﻂ ﺑ اﻟﻄﻮاﺋﻒ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ و ﻧﺴﻤﺢ ﳌﺜﻞ ﻫﺆﻻء اﻟﺮﺟﺎل ﺑﺎﻟﻨﻔﺎذ إﱃ اﻟﻄﺒﻘﺎت‬
‫اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻻ ﻟﺴﺒﺐ إﻻ أﻧﻬﻢ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﻳﺤﺘﻠﻮا ﻣﺮاﻛﺰ ﻣﻦ وﻟﺪوا ﻟﻴﺤﺘﻠﻮﻫﺎ و أﻧﺘﻢ‬
‫ﺗﻌﺮﻓﻮن ﺑﺄﻧﻔﺴﻜﻢ ﻛﻴﻒ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﺷﺆﻣﺎً ﻋﲆ اﻷﻣﻤﻴ إذ رﺿﺨﻮا ﻟﻠﻔﻜﺮة ذات‬
‫اﻟﺤ ﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﴤ ﺑﻌﺪم اﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﺑ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻹﺟﺘ ﻋﻴﺔ‪.‬‬
‫وﻟ ﻳﻨﺎل ﻣﻠﻜﻨﺎ ﻣﻜﺎﻧﺔ ّ وﻃﻴﺪة ﰲ ﻗﻠﻮب رﻋﺎﻳﺎه ﻳﺘﺤﺘﻢ أﺛﻨﺎء ﺣﻜﻤﻪ أن ﺗﺘﻌﻠﻢ‬
‫اﻷﻣﺔ ﺳﻮاء ﰲ اﳌﺪارس أو اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻌﺎﻣﺔ أﻫﻤﻴﺔ ﻧﺸﺎﻃﻪ و ﻓﺎﺋﺪة ﻣﴩوﻋﺎﺗﻪ‪.‬‬
‫إﻧﻨﺎ ﺳـﻨﻤﺤﻮ ﻛﻞ أﻧـﻮاع اﻟﺘـﻌﻠﻴﻢ اﻟﺨـﺎص وأﺛـﻨﺎء اﻟﻌـﻄﻼت ﺳـﻴﻜﻮن‬
‫ﻟﻠﻄــﻼب و آﺑـﺎؤﻫﻢ اﻟﺤـﻖ ﰲ ﺣﻀـﻮر إﺟـﺘ ﻋﺎت ﰲ ﻛﻠـﻴﺎﺗﻬﻢ ﻛ ﻟﻮ ﻛـﺎﻧﺖ‬
‫ﻫـﺬه اﻟﻜـﻠﻴﺎت أﻧـﺪﻳﺔ وﺳـﻴﻠﻘﻲ اﻷﺳــﺎﺗﺬة اﻟﻜـﺒﺎر ﰲ ﻫـﺬه اﻹ ﺟـﺘ ﻋﺎت‬
‫أﺣﺎدﻳﺚ ﺗـﺒﺪو و ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻣﺴــﺎﺋﻞ ﺣــﺮة ﰲ ﻣﺴــﺎﺋﻞ ﻣﻌـﺎﻣﻼت اﻟﻨــﺎس ﺑﻌﻀـﻬﻢ‬
‫ﻣﻊ ﺑﻌـﺾ وﰲ اﻟﻘــﻮاﻧ وأﺧﻄـﺎء اﻟﻨـﺎس ﰲ اﻟﻔـﻬﻢ و ﻫـﺬا ﻧـﺘﻴﺠﺔ ﺗﺼــﻮرات‬
‫زاﺋــﻔﺔ ﻋﲆ اﻟﻌـﻤﻮم ﳌـﺮﻛﺰ اﻟﻨـﺎس اﻹ ﺟـﺘ ﻋﻲ‪ .‬و أﺧـ ا ً ﻳﻌـﻄﻮن دروﺳـﺎً ﰲ‬
‫‪٩٨‬‬
‫اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﴩ ﺑﻌﺪ ﻋﲆ اﻟﻌﺎ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت‬
‫ﺳﻨﺠﻌﻠﻬﺎ ﻋﻘﺎﺋﺪ إ ﺎن ﻣﺘﺨﺬﻳﻦ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺴﺘﻨﺪا ً ﻋﲆ ﺻﺪق إ ﺎﻧﻨﺎ و دﻳﻨﻨﺎ‪.‬‬
‫و ﺣﻴﻨ ﺗﻨﺘﻬﻲ رﺣﻠﺘﻨﺎ ﺧﻼل ﺑﺮاﻣﺠﻨﺎ ﺳﻨﻜﻮن ﻗﺪ ﻓﺮﻏﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻛﻞ‬
‫ﺧﻄﻄﻨﺎ ﰲ اﻟﺤﺎﴐ واﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻋﻨﺪﺋﺬ ﺳﻨﺘﻠﻮا ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺧﻄﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت‬
‫اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة و ﻧﺤﻦ ﻧﻌﺮف ﻣﻦ ﺗﺠﺎرب ﻗﺮون ﻛﺜ ة إن اﻟﺮﺟﺎل ﻳﻌﻴﺸﻮن‬
‫وﻳﻬﺘﺪون ﺑﺄﻓﻜﺎر‪ .‬وإن اﻟﺸﻌﺐ إ ﺎ ﻳﻠﻘﻦ ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﱰﺑﻴﺔ ﻋﱪ‬
‫اﻟﻌﺼﻮر ﻛﻠﻬﺎ و ﻟﻜﻦ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﴐورﻳﺔ وإﻧﻨﺎ ﺑﺎﻟﱰﺑﻴﺔ اﻟﻨﻈﺎﻣﻴﺔ ﺳ اﻗﺐ‬
‫ﻣﺎ ﻗﺪ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻻﺳﺘﻘﻼل اﻟﻔﻜﺮي اﻟﺬي ﺳﻨﺴﺘﻐﻠﻪ إﺳﺘﻐﻼﻻً ﺗﺎﻣﺎ ً ﻟﻐﺎﻳﺎﺗﻨﺎ‬
‫اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻨﺬ زﻣﺎن ﻣﴣ وﻟﻘﺪ وﺿﻌﻨﺎ ﻗﺒﻞ إﺧﻀﺎع ﻋﻘﻮ ل اﻟﻨﺎس ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻲ ﻧﻈﺎم‬
‫اﻟﱰﺑﻴﺔ اﻟﱪﻫﺎﻧﻴﺔ أي اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ اﻟﺬي ﻓﺮض ﻓﻴﻪ أن ﻳﺠﻌﻞ اﻷﻣﻤﻴ ﻏ‬
‫ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﲆ اﻟﺘﻔﻜ ﺑﺈﺳﺘﻘﻼل وﺑﺬﻟﻚ ﺳﻴﻨﻈﺮون ﻛﺎﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت اﻟﻄﻴﻌﺔ ﺑﺮﻫﺎﻧﺎ ً‬
‫ﻋﲆ ﻛﻞ ﻓﻜﺮة ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﻤﺴﻜﻮا ﺑﻬﺎ وإن واﺣﺪا ً ﻣﻦ أﺣﺴﻦ وﻛﻼﺋﻨﺎ ﰲ ﻓﺮﻧﺴﺎ‬
‫وﻫﻮ ﺑﻮري واﺿﻊ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﱰﺑﻴﺔ اﻟﱪﻫﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫و ﺟﺎء ﰲ اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮل اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﴩ‪) :‬إن اﺣﱰاف اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻨﺎس ﻳﺸﺒﻮن‬
‫ﺑﺎردﻳﻦ ﻗﺴﺎة ﻋﻨﻴﺪﻳﻦ وﻳﺠﺮدﻫﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺒﺎدﺋﻬﻢ وﻳﺤﻤﻠﻬﻢ ﻋﲆ أن‬
‫ﻳﻨﻈﺮوا إﱃ اﻟﺤﻴﺎة ﻧﻈﺮة ﻏ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﻞ ﻫﻲ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻣﺤﻀﺔ‪ ،‬إﻧﻬﻢ ﺻﺎروا‬
‫ﻣﻌﺘﺎدﻳﻦ ﻋﲆ رؤﻳﺔ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻇﺎﻫﺮة ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ إﱃ ﻣﺎ ﻜﻦ ﻛﺴﺒﺔ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺪﻓﺎع ﻻ ﻣﻦ و ﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ إﱃ اﻷﺛﺮ اﻟﺬي ﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﳌﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺪﻓﺎع ﰲ‬
‫اﻟﺴﻌﺎدة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻼ ﻣﺤﺎﻣﻲ ﻳﺮﻓﺾ أﺑﺪا ً اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ أي ﻗﻀﻴﺔ‪ ،‬إﻧﻪ ﻳﺤﺎول‬
‫اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﱪاءة ﺑﻜﻞ اﻷ ﺎن وﺑﺎﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﻨﻘﻂ اﻻﺣﺘﻴﺎﻟﻴﺔ اﻟﺼﻐ ة ﰲ‬
‫اﻟﺘﴩﻳﻊ وﺑﻬﺬه اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺳﻴﻔﺴﺪ ذﻣﺔ اﳌﺤﻜﻤﺔ‪ .‬و ﻟﺬﻟﻚ ﺳﻨﺤﺪد ﻧﻄﺎق ﻋﻤﻞ‬
‫‪٩٩‬‬
‫ﻫﺬه اﳌﻬﻨﺔ‪ ،‬و ﺳﻨﻀﻊ اﳌﺤﺎﻣ ﻋﲆ ﻗﺪم اﳌﺴﺎواة ﻣﻊ اﳌﻮﻇﻔ اﳌﻨﻔﺬﻳﻦ‪.‬‬
‫واﳌﺤﺎﻣﻮن ﻣﺜﻠﻬﻢ ﻣﺜﻞ اﻟﻘﻀﺎة ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻟﻬﻢ اﻟﺤﻖ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻋﻤﻼﺋﻬﻢ وﻟﻦ‬
‫ﻳﺘﺴﻠﻤﻮا ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺬﻛﺮات إﻻ ﺣﻴﻨ ﻳﻌﻴﻨﻮﻧﻬﺎ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﳌﺤﻜﻤﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ‬
‫و ﺳﻴﺪرﺟﻮن ﻣﺬﻛﺮات ﻋﻤﻼﺋﻬﻢ ﺑﻌﺪ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﻗﺪ ﺣﻘﻘﺖ ﻣﻌﻬﻢ‬
‫ﻣﺆﺳﺴ دﻓﺎﻋﻬﻢ ﻋﻦ ﻣﻮﻛﻠﻴﻬﻢ ﻋﲆ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ وﺳﻴﻜﻮن أﺟﺮﻫﻢ‬
‫ﻣﺤﺪودا ً دون اﻋﺘﺒﺎر ﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺪﻓﺎع ﻧﺎﺟﺤﺎ ً أم ﻏ ﻧﺎﺟﺢ ﺳﻴﻜﻮﻧﻮن ﻣﻐﺮرﻳﻦ‬
‫ﺑﺴﻄﺎء ﳌﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻣﻌﺎدﻟ اﻟﻨﺎﺋﺐ اﻟﻌﺎم اﻟﺬي ﻳﺴﻜﻮن ﻣﻘﺮرا ً ﳌﺼﻠﺤﺔ‬
‫اﻟﻨﻴﺎﺑﺔ‪ .‬و ﻫﻜﺬا ﺳﻨﺨﺘﴫ اﻹﺟﺮاءات اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ إﺧﺘﺼﺎرا ً ﻳﺴﺘﺨﻠﺺ اﻹ ﻋﺘﺒﺎر‬
‫وﺑﻬﺬه اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺳﻨﺼﻞ أﻳﻀﺎ ً إﱃ دﻓﺎع ﻏ ﻣﺘﻌﺼﺐ و ﻻ ﻣﻨﻘﺎد إﱃ اﳌﻨﺎﻓﻊ‬
‫اﳌﺎدﻳﺔ ﺑﻞ ﻫﻮ ﻧﺎﺷﺊ ﻋﻦ اﻗﺘﻨﺎع اﳌﺤﺎﻣﻲ اﻟﺸﺨﴢ ﻛ ﺳﺘﻔﻴﺪ ﻫﺬه اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ‬
‫أﻳﻀﺎ ً ﰲ وﺿﻊ ﺣﺪ ِ ﻷي رﺷﻮة أو ﻓﺴﺎد ﻜﻦ أن ﻳﻘﻊ اﻟﻴﻮم ﰲ اﳌﺤﺎﻛﻢ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ‬
‫ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻼد‪ .‬و ﻗﺪ ﻋﻨﻴﻨﺎ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺑﺎﻟﺤﻂ ﻣﻦ ﻛﺮاﻣﺔ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ‬
‫اﻷﻣﻤﻴ ﻏ اﻟﻴﻬﻮد ﰲ أﻋ اﻟﻨﺎس وﺑﺬﻟﻚ ﻧﺠﺤﻨﺎ ﰲ اﻹﴐار ﺑﺮﺳﺎﻟﺘﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن‬
‫ﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻋﻘﺒﺔ ﻛﺄداء ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻨﺎ وإن ﻧﻔﻮذ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ ﻋﲆ اﻟﻨﺎس‬
‫ﻟﻴﺘﻀﺎﺋﻞ ﻳﻮﻣﺎً ﺑﻌﺪ ﻳﻮم‪ .‬ﻓﺎﻟﻴﻮم ﺗﺴﻮد ﺣﺮﻳﺔ ُ اﻟﻌﻘﻴﺪة ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن و ﻟﻦ ﻳﻄﻮل‬
‫اﻟﻮﻗﺖ إﻻ ﺳﻨﻮات ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﻨﻬﺎر اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﺑﺪدا ً إﻧﻬﻴﺎرا ً ﺗﺎﻣﺎً وﺳﻴﺒﻘﻲ ﻣﺎ ﻫﻮ‬
‫أﻳﴪ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻟﻠﺘﴫف ﻣﻊ اﻟﺪﻳﺎﻧﺎت اﻷﺧﺮ ى ﻋﲆ أن ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ أﻣﺮ‬
‫ﺳﺎﺑﻖ ﺟﺪا ً ﻷواﻧﻪ‪ .‬ﺳﻨﻘﴫ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ و ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻬﻢ ﻋﲆ ﺟﺎﻧﺐ ﺻﻐ ا ً ﺟﺪا ً ﻣﻦ‬
‫اﻟﺤﻴﺎة وﺳـﻴﻜﻮن ﺗـﺄﺛ ه وﺑﻴـﻼً ﺳـــﻴﺌﺎ ً ﻋﲆ اﻟﻨــﺎس ﺣﺘﻰ إن ﺗﻌـﺎﻟﻴﻤﻬﻢ‬
‫ﺳـﻴﻜﻮن ﻟﻬﺎ أﺛـﺮ ﻣﻨﺎﻗـﺾ ﻟﻸﺛﺮ اﻟﺬي ﺟﺮت اﻟﻌﺎدة أن ﻳﻜﻮن‪ .‬و ﺣﻴﻨ ﻳﺤ ﻟﻨﺎ‬
‫اﻟﻮﻗﺖ أن ﻧﺤﻄﻢ اﻟﺒـﻼط اﻟﺒـﺎﺑﻮي ﺗﺤـﻄﻴ ً ﺗـﺎﻣﺎً ﻓﺈن ﻳـﺪاً ﻣﺠـﻬﻮﻟﺔ ﻣﺸـ ة إﱃ‬
‫اﻟﻔـﺎﺗﻴﻜﺎن ﺳـﺘﻌﻄﻲ إﺷـﺎرة اﻟﻬﺠﻮم‪ .‬و ﺣ ﻳﻘﺬف اﻟﻨﺎس أﺛﻨﺎء ﻫﻴﺠﺎﻧﻬﻢ‬

‫‪١٠٠‬‬
‫ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﻋﲆ اﻟﻔﺎﺗﻴﻜﺎن ﺳﻨﻈﻬﺮ ﻧﺤﻦ ﻛﺤ ة ﻟﻪ ﻟﻮﻗﻒ اﳌﺬاﺑﺢ و ﺑﻬﺬا اﻟﻌﻤﻞ‬
‫ﺳﻨﻨﻔﺬ إﱃ ﻗﻠﺐ ﻫﺬا اﻟﺒﻼط و ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻟﻘﻮة ﻋﲆ وﺟﻪ اﻷرض أن ﺗﺨﺮﺟﻨﺎ‬
‫ﻣﻨﻪ ﺣ ﻧﻜﻮن ﻗﺪ دﻣﺮﻧﺎ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺒﺎﺑﻮﻳﺔ‪ .‬وإن ﻣﻠﻚ إﴎاﺋﻴﻞ ﺳﻴﻜﻮن ﻫﻮ اﻟﺒﺎﺑﺎ‬
‫اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﻌﺎ أﺟﻤﻊ وﺑﻄﺮﻳﺮك اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ‪.‬‬
‫و ﻟﻦ ﻧﻬﺎﺟﻢ اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ اﻟﻘﺎ ﺔ اﻵن ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻢ إﻋﺎدة ﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﺸﺒﺎب ﻋﻦ‬
‫ﻃﺮﻳﻖ ﻋﻘﺎﺋﺪ ﻣﺆﻗﺘﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺛﻢ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻋﻘﻴﺪﺗﻨﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻞ ﺳﻨﺤﺎرﺑﻬﺎ ﻋﻦ‬
‫ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻨﻘﺪ وﺑﻨﴩ اﻟﺨﻼﻓﺎت ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﺎﻹﺟ ل ﺳﺘﻔﻀﺢ ﺻﺤﺎﻓﺘﻨﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت‬
‫و اﻟﻬﻴﺌﺎت اﻷﻣﻤﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ وﻏ ﻫﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻛﻞ أﻧﻮاع اﳌﻘﺎﻻت اﻟﺒﺬﻳﺌﺔ ﻟﻨﺨﺰﻳﻬﺎ‬
‫و ﻧﺤﻂ ﻣﻦ ﻗﺪرﻫﺎ إﱃ ﻣﺪى ﺑﻌﻴﺪ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻌﻪ إﻻ أﻣﺘﻨﺎ اﻟﺤﻜﻴﻤﺔ‪.‬‬
‫إن ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ ﺳﺘﺸﺒﻪ اﻹﻟﻪ اﻟﻬﻨﺪي ﻓﺸﻨﻮ و ﻛﻞ ﻳﺪ ﻣﻦ أﻳﺎدﻳﻬﺎ اﳌﺎﺋﺔ ﺳﺘﻘﺒﺾ‬
‫ﻋﲆ ﻟﻮﻟﺐ ﰲ اﻟﺠﻬﺎز اﻻﺟﺘ ﻋﻲ ﻟﻠﺪوﻟﺔ‪ .‬إﻧﻨﺎ ﺳﻨﻌﺮف ﻛﻞ ﳾء ﺑﺪون ﻣﺴﺎﻋﺪة‬
‫اﻟﺒﻮﻟﻴﺲ اﻟﺮﺳﻤﻲ اﻟﺬي ﺑﻠﻎ ﻣﻦ إﻓﺴﺎدﻧﺎ إﻳﺎه إﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﻔﻊ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ إﻻ ﰲ أن‬
‫ﻳﺤﺠﺒﻬﺎ ﻋﻦ رؤﻳﺔ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ وﺳﻴﺴﺘﻤﻴﻞ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﻨﺎ ﻓﺮﻳﻘﺎً ﺛﺎﻟﺜﺎً ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺐ‬
‫ﳌﺮاﻗﺒﺔ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﺘﺒﻘﻲ ﻣﻦ إﺣﺴﺎس ﺧﺎﻟﺺ ﺑﺎﻟﻮاﺟﺐ و ﻣﻦ ﻣﺒﺪأ اﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ‬
‫اﻹ ﺧﺘﻴﺎرﻳﺔ‪.‬‬
‫وﻳﻮﻣﺌﺬ ٍ ﻟﻦ ﻳﻌﺘﱪ اﻟﺘﺠﺴﺲ ﻋﻤﻼً ﺷﺎﺋﻨﺎً ﺑﻞ ﻋﲆ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺳﻴﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ‬
‫ﻛﺄﻧﻪ ﻋﻤﻞ ﻣﺤﻤﻮد و ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺔ اﻷﺧﺮى ﺳﻴﻌﺎﻗﺐ ﻣﻘﺪﻣﻮ اﻟﺒﻼﻏﺎت اﻟﻜﺎذﺑﺔ ﻋﻘﺎﺑﺎً‬
‫ﺻﺎرﻣﺎً ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻒ أﺻﺤﺎب اﻟﺒﻼﻏﺎت ﻋﻦ إﺳﺘﻌ ل ﺣﺼﺎﻧﺘﻬﻢ اﺳﺘﻌ ﻻً ﺳﻴﺌﺎً‪.‬‬
‫وﺳﻨﺨﺘﺎر وﻛﻼءﻧﺎ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﻌﻠﻴﺎ و اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﲆ اﻟﺴﻮاء و ﺳﻨﺘﺨﺬﻫﻢ ﻣﻦ ﺑ اﻹدارﻳ‬
‫و اﳌﺤﺮرﻳﻦ و اﻟﻄﺎﺑﻌ وﺑﺎﻋﺔ اﻟﺼﺤﻒ و اﻟﻜﺘﺐ و اﻟﻜﺘﺒﺔ و اﻟﻌ ل و اﻟﺤﻮذﻳﺔ و اﻟﺨــﺪم‬
‫و أﻣﺜﺎﻟﻬﻢ و ﻫﺬه اﻟﻘﻮة اﻟﺒﻮﻟﻴﺴﻴﺔ ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﺳﻠﻄﺔ ﺗﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ وﻟﻦ‬

‫‪١٠١‬‬
‫ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﺣﻖ اﺗﺨﺎذ إﺟﺮاءات ﺣﺴﺐ رﻏﺒﺘﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻬﻲ ﻣﻘﻴﺪة‪ .‬وﺳﻨﺤﴫ‬
‫واﺟﺐ اﻟﺒﻮﻟﻴﺲ اﻟﺬي ﻻ ﻧﻔﻮذ ﻟﻪ اﻧﺤﺼﺎرا ً ﺗﺎﻣﺎ ً ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ﻛﺸﻬﻮد ﰲ ﺗﻘﺪﻳﻢ‬
‫ﺑﻼﻏﺎت و ﺳﺘﻌﺘﻤﺪ ﰲ ﻓﺤﺺ ﺑﻼﻏﺎﺗﻬﻢ و ﻣﻀﺒﻮﻃﺎﺗﻬﻢ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻋﲆ ﻓﺮﻗﺔ ﻣﻦ‬
‫ﻣﻔﺘﺸ ﻣﺴﺌﻮ ﻟ ‪ .‬وﻳﺠﺮي ﻓﺤﺺ ﻣﻀﺒﻮﻃﺎﺗﻬﻢ اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻋﲆ ﻳﺪ اﻟﺠﻨﺪرﻣﺔ‬
‫وﺑﻮﻟﻴﺲ اﳌﺪﻳﻨﺔ وإذا ﺣﺪث ﺗﻘﺼ ﰲ ﺗﺒﻠﻴﻎ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷﻣﻮر اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‬
‫ﻓﺎن اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺒﻠﻴﻐﻬﺎ ﺳﻴﻌﺎﻗﺐ ﺑﺘﻬﻤﺔ اﻹﺧﻔﺎء اﻟﻌﻤﺪ ﻟﻠﺠﺮ ﺔ‬
‫إذا ﻛﺎن ﻣﻤﻜﻨﺎ ً إﺛﺒﺎت إﻧﻪ ﻣﺠﺮم ﺜﻞ ﻫﺬا اﻹﺧﻔﺎء‪ .‬وﻋﲆ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ‬
‫ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﴫف إﺧﻮاﻧﻨﺎ اﻵن أي أن ﻳﴩﻋﻮا ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﻹﺑﻼغ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﳌﺨﺘﺼﺔ‬
‫ﻋﻦ ﻛﻞ اﳌﺘﻨﻜﺮﻳﻦ ﻟﻠﻌﻘﻴﺪة وﻋﻦ ﻛﻞ اﻷﻋ ل اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺎﻟﻒ ﻗﺎﻧﻮﻧﻨﺎ وﻫﻜﺬا ﻳﻜﻮن‬
‫و اﺟﺐ ر ﻋﺎﻳﺎﻧﺎ ﰲ ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ أن ﻳﺨﺪﻣﻮا ﺣﺎﻛﻤﻬﻢ ﺑﺈﺗﺒﺎع اﻷﺳﻠﻮب اﻟﺴﺎﺑﻖ‬
‫اﻟﺬﻛﺮ‪ .‬إن ﺗﻨﻈﻴ ً ﻛﻬﺬا ﺳﻴﺴﺘﺄﺻﻞ ﻛﻞ إﺳﺘﻌ ل ﺳﻴﺊ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ و اﻷﻧﻮاع‬
‫اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﺮﺷﻮة واﻟﻔﺴﺎد إﻧﻪ ﺳﻴﺠﺮف ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻛﻞ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﻟﻮﺛﻨﺎ ﺑﻬﺎ‬
‫ﺣﻴﺎة اﻻﻣﻤﻴ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻧﻈﺮﺗﻨﺎ ﰲ اﻟﺤﻘﻮق اﻟﺒﴩﻳﺔ اﻟﺮاﻗﻴﺔ‪ ،‬و ﻛﻴﻒ اﺳﺘﻄﻌﻨﺎ‬
‫أن ﻧﺤﻘﻖ ﻫﺪﻓﻨﺎ ﻟﺨﻠﻖ اﻟﻔﻮﴇ ﰲ اﻟﻬﻴﺌﺎت اﻹدارﻳﺔ ﻟﻼﻣﻤﻴ أﻻ ﺑﺒﻌﺾ أﻣﺜﺎل‬
‫ﻫﺬه اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ‪.‬‬
‫وﻣﻦ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ اﻟﺨﻄ ة اﻟﺘﻲ ﺗﺆدي إﱃ إﻓﺴﺎد ﻫﻴﺌﺎﺗﻬﻢ أن‬
‫ﻧﺨﴪ وﻛﻼء ذوي ﻣﺮاﻛﺰ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻳﻠﻮﺛﻮن ﻏ ﻫﻢ ﺧﻼل ﻧﺸﺎﻃﻬﻢ اﻟﻬﺪام ﺑﺎن‬
‫ﻳﻜﺸﻔﻮا وﻳﻨﻤﻮا ﻣﻴﻮﻟﻬﻢ اﻟﻔﺎﺳﺪة اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻛﺎﳌﻴﻞ إﱃ إﺳﺎءة اﺳﺘﻌ ل اﻟﺴﻠﻄﺔ‬
‫و اﻻﻧﻄﻼق ﰲ اﺳﺘﻌ ل اﻟﺮﺷﻮة‪.‬‬
‫وﻣ ﺟﺎء ﰲ اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮل اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﴩ‪) :‬ﺣ ﻳﺘﺎح ﻟﻨﺎ اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻨﺘﺨﺬ إﺟﺮاءات‬
‫ﺑﻮﻟﻴﺴـﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺄ ن ﻧﻔﺮض ﻗﻬﺮا ً ﻧﻈﺎم )اﻛﻬﺮاﻧﺎ( ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺳﻨﺜ اﺿﻄﺮﺑﺎت ﺑﻜﻤﻴﺔ ﺑ‬

‫‪١٠٢‬‬
‫اﻟﺸﻌﺐ أو ﻧﻐﺮﻳﻪ ﺑﺈﻇﻬﺎر اﻟﺴﺨﻂ اﳌﻌﻄﻞ و ﻫﺬا ﻳﺤﺪث ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺨﻄﺒﺎء و اﻟﺒﻠﻐﺎء‬
‫وإن ﻫﺆﻻء اﻟﺨﻄﺒﺎء ﺳﻴﺠﺪون ﻛﺜ ا ً ﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎع ﻣﺴﺘﻐﻠ ﺧﺪﻣﻨﺎ ﻣﻦ ﺑﻮﻟﻴﺲ‬
‫اﻷﻣﻤﻴ و ﳌﺎ ﻛﺎن اﳌﺘﺂﻣﺮون ﻣﺪﻓﻮﻋ ﺑﺤﺒﻬﻢ ﻟﻬﺬا اﻟﻔﻦ ‪ -‬ﻓﻦ اﻟﺘﺂﻣﺮ ‪ -‬وﺣﺒﻬﻢ‬
‫اﻟ ﺛﺮة ﻓﻠﻦ ﺴﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻧﺮاﻫﻢ ﻋﲆ أﻫﺒﺔ اﳌﴤ ﰲ اﻟﻌﻤﻞ و ﺳﻨﻘﺘﴫ ﻋﲆ أن‬
‫ﻧﻘﺪم ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻜﻼم ﻋﻨﴫا ً إﺧﺒﺎرﻳﺎ ً ‪ ،‬وﻳﺠﺐ أن ﻧﺬﻛﺮ أن اﻟﺴﻠﻄﺔ‬
‫ﻧﻔﻘﺪ ﻫﻴﺒﺘﻬﺎ ﰲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﺗﻜﺸﻒ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺆاﻣﺮة ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺿﺪﻫﺎ ﻓﻤﺜﻞ ﻫﺬا‬
‫اﻹﻛﺘﺸﺎف ﻳﻮﺣﻰ إﱃ اﻷذﻫﺎن أن ﺗﺆﻣﻦ ﺑﻀﻌﻒ اﻟﺴﻠﻄﺔ و ﺎ ﻫﻮ أﺷﺪ ﺧﻄﺮاً‬
‫ﻣﻦ ذﻟﻚ وﻫﻮ اﻹ ﻋﱰاف ﺑﺄﺧﻄﺎﺋﻬﺎ‪ .‬ﻳﺠﺐ أن ﻧﻌﺮف أﻧﻨﺎ دﻣﺮﻧﺎ ﻫﻴﺒﺔ اﻷﻣﻤﻴ‬
‫اﻟﺤﺎﻛﻤ ﻣﺘﻮﺳﻠ ﺑﻌﺪد ﻣﻦ اﻻﻏﺘﻴﺎﻻت اﻟﻔﺮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ أﻧﺠﺰﻫﺎ وﻛﻼؤﻧﺎ وﻫﻢ‬
‫ﺧﺮﻓﺎن ﻗﻄﻴﻌﻨﺎ اﻟﻌﻤﻴﺎن اﻟﺬﻳﻦ ﻜﻦ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ إﻏﺮاءﻫﻢ ﺑﺄي ﺟﺮ ﺔ ﻣﺎ داﻣﺖ‬
‫ﻫﺬه اﻟﺠﺮ ﺔ ذات ﻃﺎﺑﻊ ﺳﻴﺎﳼ‪.‬‬
‫أﻧﻨﺎ ﺳـﻨﻜﺮه اﻟﺤﺎﻛﻤ ﻋﲆ اﻻﻋﱰاف ﺑﻀﻌﻔﻬﻢ ﺑﺄن ﻳﺘﺨﺬوا ﻋﻼﻧﻴﺔ إﺟﺮاءات‬
‫ﺑﻮﻟﻴﺴــﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ وﺑﻬﺬا ﺳﻨﺰﻋﺰع ﻫﻴﺒﺔ ﺳﻠﻄﺘﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ‪ .‬إن ﻣﻠﻜﻨﺎ ﺳﻴﻜﻮن‬
‫ﻣﺤﺮوﺳﺎً ﺑﺤﺮس ﴎي ﺟﺪا ً إذ ﻟﻦ ﻳﺴﻤﺢ ﻹﻧﺴﺎن أن ﻳﻈﻦ ﺑﺈﻣﻜﺎن ﻗﻴﺎم ﻣﺆاﻣﺮ ة ﺿﺪ‬
‫ﺣﺎﻛﻤﻨﺎ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻫﻮ أن ﻳﺪﻣﺮﻧﺎ ﻓﻴﻀﻄﺮ ﺧﺎﺋﻔﺎً إﱃ إﺧﻔﺎء ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻓﺈذا‬
‫ﺳﻤﺤﻨﺎ ﺑﻘﻴﺎم ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﻛ ﻫﻲ ﺳﺎﺋﺪة ﺑ اﻷﻣﻤﻴ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺑﻬﺬا ﺳﻨﻮﻗﻊ ﺻﻚ‬
‫اﳌﻮت ﳌﻠﻜﻨﺎ‪ ،‬إن ﻳﻜﻦ ﻣﻮﺗﻪ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻤﻮت دوﻟﺘﻪ‪ .‬وﺑﺎﳌﻼﺣﻈﺔ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ‬
‫ﻟﻠﻤﻈﺎﻫﺮ ﺳﻴﺴﺘﺨﺪم ﻣﻠﻜﻨﺎ ﺳﻠﻄﺘﻪ ﳌﺼﻠﺤﺔ اﻷﻣﺔ ﻓﺤﺴﺐ ﻻ ﳌﺼﻠﺤﺘﻪ ﻫﻮ و ﻻ‬
‫ﳌﺼﻠﺤﺔ دوﻟﺘﻪ وﺑﺎﻟﺘﺰاﻣﻪ ﻫﺬا اﻷدب ﺳﻴﺤﻤﺪه رﻋﺎﻳﺎه وﻳﻔﺪوﻧﻪ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ‪ ،‬إﻧﻬﻢ‬
‫ﺑﺬﻟﻚ ﻳﻔﺪون ﺳﻠﻄﺔ اﳌﻠﻚ ﻣﺪرﻛ أن ﺳﻌﺎدة اﻷﻣﺔ ﻣﻨﻮﻃﺔ ﺑﻬﺬه اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻷﻧﻬﺎ‬
‫ﻋ د اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻌﺎم‪ .‬وأن ﺣﺮاﺳﺔ اﳌﻠﻚ ﺟﻬﺮا ً ﺗﺴﺎوي اﻻﻋﱰاف ﺑﻀﻌﻒ ﻗﻮﺗﻪ‪ .‬وإن‬
‫ﺣﺎﻛﻤﻨﺎ ﺳﻴﻜﻮن دا ﺎً وﺳﻂ ﺷﻌﺒﻪ و ﺳﻴﻈﻬﺮ ﻣﺤﻔﻮﻓﺎ ﺑﺎﻟﺠﻤﻬﻮر اﻟﻜﺜﻴﻒ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل‬

‫‪١٠٣‬‬
‫واﻟﻨﺴﺎء وﻳﺘﺠﻤﻌﻮن ﺑﺎﳌﺼﺎدﻓﺔ دا ﺎً ﺣﺴﺐ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﰲ اﻗﺮب اﻟﺼﻔﻮف إﻟﻴﻪ‬
‫ﻣﺒﻌﺪﻳﻦ ﻋﻨﻪ اﻟﺮﻋﺎع ﺑﺤﺠﺔ ﺣﻔﻆ اﻟﻨﻈﺎم ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻨﻈﺎم ﻓﺤﺴﺐ‪ .‬و ﻫﺬا اﳌﺜﻞ‬
‫ﺳﻴﻌﻠﻢ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺿﺒﻂ اﻟﻨﻔﺲ وإذا وﺟﺪ ﺻﺎﺣﺐ ﻣﻠﺘﻤﺲ ﺑ اﻟﻨﺎس و ﻫﻮ‬
‫ﻳﺤﺎول أن ﻳﺴﻠﻢ ﻟﻠﻤﻠﻚ ﻣﻠﺘﻤﺴﻪ وﻳﻨﺪﻓﻊ ﺧﻼل اﻟﻐﻮﻏﺎء ﻓﺎن اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﰲ‬
‫اﻟﺼﻔﻮف اﻷوﱃ ﺳﻴﺄﺧﺬون ﻣﻠﺘﻤﺴﻪ و ﻫﻢ ﺳﻴﻌﺮﺿﻮﻧﻪ ﻋﲆ اﳌﻠﻚ ﰲ ﺣﻀﻮر‬
‫ﺻﺎﺣﺐ اﳌﻠﺘﻤﺲ ﻟ ﻳﻌﺮف ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ إن ﻛﻞ اﳌﻠﺘﻤﺴﺎت ﺗﺼﻞ إﱃ‬
‫اﳌﻠﻚ وإﻧﻪ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﴫف ﻛﻞ اﻷﻣﻮر‪ .‬وﻟ ﺗﺒﻘﻲ ﻫﻴﺒﺔ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻳﺠﺐ أن‬
‫ﺗﺒﻠﻎ ﻣﻨﺰﻟﺘﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺔ إﱃ ﺣﺪ أن ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻨﺎس أن ﻳﻘﻮﻟﻮا ﻓﻴ ﺑ أﻧﻔﺴﻬﻢ‬
‫ﻟﻮ أن اﳌﻠﻚ ﻳﻌﺮف ﻫﺬا أو ﺣﻴﻨ ﻳﻌﺮف اﳌﻠﻚ ﻫﺬا إن اﻟﺼﻮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻴﻂ‬
‫ﺑﺎﳌﻠﻚ ﺗﺘﻼﳾ ﺠﺮد أن ﻳﺮى ﺣﺮﺳﺎ ً ﻣﻦ اﻟﺒﻮﻟﻴﺲ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ً ﺣﻮﻟﻪ ﻓﺤ ﻳﺴﺘﺨﺪم‬
‫ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺤﺮس ﻓﻠﻴﺲ ﻋﲆ إي ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ اﻻﻏﺘﻴﺎل إﻻ أن ﻳﺠﺮب ﻗﺪرا ً ﻣﻌﻴﻨﺎ ً ﻣﻦ‬
‫اﻟﻮﻗﺎﺣﺔ و اﻟﻄﻴﺶ ﻳﺘﺼﻮر ﻧﻔﺴﻪ أﻗﻮى ﻣﻦ اﻟﺤﺮس ﻓﻴﺤﻘﻖ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻘﺪرﺗﻪ‬
‫و ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ إﻻ أن ﻳﱰﻗﺐ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻬﺠﻮم‬
‫ﻋﲆ اﻟﻘﻮة اﳌﺬﻛﻮرة‪ .‬إﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﻨﺼﺢ اﻷﻣﻤﻴ ﻏ اﻟﻴﻬﻮد ﺑﻬﺬا اﳌﺬﻫﺐ وأﻧﺘﻢ‬
‫ﺗﺴﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﺗﺮوا ﺑﺄﻧﻔﺴﻜﻢ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ أدىإﻟﻴﻬﺎ اﺗﺨﺎذ اﻟﺤﺮ س اﻟﻌﻠﻨﻲ‪.‬‬

‫إن ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ ﺳﺘﻌﺘﻘﻞ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻜﻦ أن ﺗﺘﻮﻫﻢ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺠﺮاﺋﻢ‬

‫اﻟﺴـﻴﺎﺳــﻴﺔ ﺳـﻮاء ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺘـﻮﻫﻢ ﺻـﻮاﺑﺎ ً أم ﻻ إذ ﻟﻴـﺲ أﻣـﺮا ً ﻣﺮﻏـﻮﺑﺎ ً ﻓﻴﻪ‬
‫أن ﻳﻌﻄﻰ رﺟﻼً ﻓﺮﺻﺔ اﻟﻬﺮب ﻣﻊ ﻗﻴﺎم ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺸــﺒﻬﺎت ﺧـﻮﻓﺎً ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ‬
‫ﰲ اﻟﺤـﻜﻢ‪ .‬و ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻈـﻬﺮ ﻋﻄـﻔﻨﺎ ﻋﲆ ﻫـﺆﻻء اﳌﺠــﺮﻣ و ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﻤﻜﻨﺎ ً‬
‫ﰲ ﺣــﺎﻻت ﻣﻌـﻴﻨﺔ إذ ﻧﻌﺘـﺪ ﺑﺎﻟﻈـﺮوف اﳌﺨــﻔﻔﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﺼــﺮف ﰲ اﻟﺠـﻨـﺢ‬
‫اﻹﺟـﺮاﻣﻴﺔ اﻟﻌــﺎدﻳﺔ وﻟﻜﻦ ﻻ ﻧﱰﺧـﺺ أو ﻧﺘﺴـﺎﻫﻞ ﻣﻊ اﻟﺠـﺮ ﺔ اﻟﺴــﻴﺎﺳـﻴﺔ‬

‫‪١٠٤‬‬
‫أي ﻻ ﻧﱰﺧﺺ ﻣﻊ اﻟﺮﺟﺎل ﺣﻴﻨ ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻣﻨﻐﻤﺴ ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻦ ﻳﻔﻬﻤﻬﺎ إﻻ‬
‫اﳌﻠﻚ وإﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﻖ إﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻛﻞ اﻟﺤﺎﻛﻤ ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﲆ ﻓﻬﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ‪.‬‬
‫و ﺟﺎء ﰲ اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮل اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ‪) :‬إﻧﻨﺎ ﺳﻨﺤﺮم ﻋﲆ اﻷﻓﺮاد أن ﻳﺼ وا‬
‫ﻣﻨﻐﻤﺴ ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ و ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ أﺧﺮى ﺳﻨﺸﺠﻊ ﻛﻞ ﻧﻮع ﻟﺘﺒﻠﻴﻎ اﻻﻗﱰاﺣﺎت‬
‫أو ﻋﺮﺿﻬﺎ ﻣﺎداﻣﺖ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺗﺤﺴ اﻟﺤﻴﺎة اﻹﺟﺘ ﻋﻴﺔ و اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ‬
‫اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ وﺑﻬﺬه اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﺳﻨﻌﺮف أﺧﻄﺎء ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ و اﳌﺜﻞ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﺮﻋﺎﻳﺎﻧﺎ و ﺳﻨﺠﻴﺐ‬
‫ﻋﲆ ﻫﺬه اﻻﻗﱰاﺣﺎت إﻣﺎ ﺑﻘﺒﻮﻟﻬﺎ أو ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﺣﺠﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﺗﺪﺣﻀﻬﺎ إذا ﺗﻜﻦ‬
‫ﻣﻘﻨﻌﺔ ﻟﻠﺘﺪﻟﻴﻞ ﻋﲆ أﻧﻬﺎ ﻣﺴﺘﺤﻴﻠﺔ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ و ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻋﲆ ﺗﺼﻮر ﻗﺎﴏ اﻟﻨﻈﺮ ﰲ‬
‫اﻷﻣﻮر‪.‬‬
‫إن اﻟﺜﻮرة ﻟﻴﺴﺖ أﻛ ﻣﻦ ﻧﺒﺎح ﻛﻠﺐ ﻋﲆ ﻓﻴﻞ‪ ،‬ﻓﻔﻲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﳌﻨﻈﻤﺔ ﺗﻨﻈﻴ ً‬
‫ﺣﺴﻨﺎً ﻣﻦ و ﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻹﺟﺘ ﻋﻴﺔ ﻻ ﻣﻦ و ﺟﻬﺔ ﺑﻮﻟﻴﺴﻬﺎ ﻳﻨﺒﺢ اﻟﻜﻠﺐ ﻋﲆ اﻟﻔﻴﻞ‬
‫ﻣﻦ ﻏ أن ﻳﺤﻘﻖ ﻗﺪرﺗﻪ و ﻟﻴﺲ ﻋﲆ اﻟﻔﻴﻞ إﻻ أن ﻳﻈﻬﺮ ﻗﻮﺗﻪ ﺜﻞ واﺣﺪ ﻣﺘﻘﻦ‬
‫ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻒ اﻟﻜﻼب ﻋﻦ اﻟﻨﺒﺎح وﺗﴩع ﰲ اﻟﺒﺼﺒﺼﺔ ﺑﺄذﻧﺎﺑﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮى اﻟﻔﻴﻞ‪ .‬و ﻟ‬
‫ﻧﻨﺰع ﻣﻦ اﳌﺠﺮم اﻟﺴﻴﺎﳼ ﺷﺠﺎﻋﺘﻪ ﺳﻨﻀﻌﻪ ﰲ ﻣﺮاﺗﺐ اﳌﺠﺮﻣ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﺤﻴﺚ‬
‫ﻳﺴﺘﻮي ﻣﻊ اﻟﻠﺼﻮص و اﻟﻘﺘﻠﺔ واﻷﻧﻮاع اﻷﺧﺮى ﻣﻦ اﻷﴍار اﳌﻨﺒﻮذﻳﻦ اﳌﻜﺮوﻫ ‪.‬‬
‫وﻋﻨﺪﺋﺬ ٍ ﻳﻨﻈﺮ اﳌﺠﺘﻤﻊ إﱃ اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﺿﻮء ذاﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺠﺮاﺋﻢ‬
‫اﻟﻌﺎدﻳﺔ وﺳﻴﺼﻤﻬﺎ وﺻﻤﺔ اﻟﻌﺎر و اﻟﺨﺰي اﻟﺘﻲ ﻳﺼﻢ ﺑﻬﺎ اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﻌﺎدﻳﺔ ﻣﻦ ﻏ‬
‫ﺗﻔﺮﻳﻖ‪ .‬وﻟﻘﺪ ﺑﺬﻟﻨﺎ أﻗﴡ ﺟﻬﺪﻧﺎ ﻟﺼﺪ اﻷﻣﻢ ﻋﻦ إﺧﺘﺒﺎر ﻫﺬا اﳌﺬﻫﺐ اﻟﻔﺮﻳﺪ ﰲ‬
‫ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﺴـﻴﺎﺳﻴﺔ و ﻟ ﻧﺼـﻞ إﱃ ﻫﺬه اﻟﻐﺎﻳﺔ إﺳﺘﺨﺪﻣﻨﺎ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ‬
‫و اﻟﺨﻄﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ و ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﳌﺪرﺳﻴﺔ اﳌﻤﺤﺼﺔ وأوﺣﻴﻨﺎ إﻟﻴﻬﻢ ﺑﻔـﻜﺮة أن‬
‫اﻟﻘﺎﺗﻞ اﻟﺴـﻴﺎﳼ ﻣﺠـﺮم واﳌﻘـﺘﻮل إ ﺎ ﻫﻮ ﺷـﻬﻴﺪ ﻷﻧﻪ ﻣـﺎت ﻣﻦ أﺟـﻞ ﻓﻜـﺮة‬

‫‪١٠٥‬‬
‫اﻟﺴـﻌﺎدة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وإن ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻹﻋﻼن ﻗﺪ ﺿﺎﻋﻒ ﻋﺪد اﳌﺘﻤﺮدﻳﻦ ﻓﺎﻧﻔﺘﺤﺖ‬
‫ﻃﺒﻘﺎت وﻛﻼﺋﻨﺎ ﺑﺎﻵﻻف ﻣﻦ اﻷﻣﻤﻴ ‪.‬‬
‫وﺟﺎء ﰲ اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮل اﻟﻌﴩﻳﻦ‪) :‬ﺳﻨﺘﻜﻠﻢ اﻟﻴﻮم ﰲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﻨﺎ اﳌﺎﱄ اﻟﺬي‬
‫ﺗﺮﻛﺘﻪ إﱃ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺗﻘﺮﻳﺮي ﻷﻧﻪ أﺷﺪ اﳌﺴﺎﺋﻞ ﻋﴪا ً و ﻷﻧﻪ ﻳﻜﻮن اﳌﻘﻄﻊ اﻟﻨﻬﺎ ﰲ‬
‫ﺧﻄﻄﻨﺎ وﻗﺒﻞ أن أ ُﻧﺎﻗﺶ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ﺳﺄذﻛﺮﻛﻢ ﺎ أﴍت إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ و أﻋﻨﻲ‬
‫ﺑﺬﻟﻚ أن ﺳﻴﺎﺳﺘﻨﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﺘﻮﻗﻔﺔ ﻋﲆ ﻣﺴﺄﻟﺔ أرﻗﺎم‪ .‬ﺣ ﻧﺼﻞ إﱃ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﺎن‬
‫ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ اﻷوﺗﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺼﻠﺤﺘﻨﺎ اﻟﺬاﺗﻴﺔ ﺳﺘﺘﺠﻨﺐ ﻓﺮض ﴐاﺋﺐ ﺛﻘﻴﻠﺔ‬
‫ﻋﲆ اﻟﺠﻤﻬﻮر و ﺳﻨﺘﺬﻛﺮ دا ﺎً ذﻟﻚ اﻟﺪور اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻠﻌﺒﻪ وأﻋﻨﻲ ﺑﻪ دور‬
‫اﻟﺤﺎﻣﻲ اﻷﺑﻮي‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﻣﺎ دام ﺗﻨﻈــﻴﻢ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻛﻤﻴﺎت ﻛﺒ ة ﻣﻦ اﳌﺎل ﻓﻤﻦ‬
‫اﻟﴬوري أن ﺗﺘﻬﻴﺄ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻴﻪ و ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺤﺎول‬
‫وﺑﺤﺮ ص ﻋﻈﻴﻢ ﺑﺤﺚ ﻫﺬه اﳌﺴﺄﻟﺔ و أن ﻧﺮى ﺑﺄن ﻋﺐء اﻟﴬاﺋﺐ ﻣﻮزع ﺑﺎﻟﻘﺴﻂ‪.‬‬
‫وﺑﺤﻴﻠﺔ وﻓﻖ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺳﻴﻜﻮن ﺣﺎﻛﻤﻨﺎ ﻣﺎﻟﻜﺎ ً ﻟﻜﻞ أﻣﻼك اﻟﺪوﻟﺔ )و ﻫﺬا‬
‫ﻳﻮﺿﻊ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ( وﺳﻴﻜﻮن ﻗﺎدرا ً ﻋﲆ زﻳﺎدة ﻣﻘﺎدﻳﺮ اﳌﺎل اﻟﺘﻲ‬
‫ر ﺎ ﺗﻜﻮن ﴐورﻳﺔ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺗﺪاول اﻟﻌﻤﻠﺔ ﰲ اﻟﺒﻼد و ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺳﻴﻜﻮن ﻓﺮض‬
‫ﴐاﺋﺐ ﺗﺼﺎﻋﺪﻳﺔ ﻋﲆ اﻷﻣﻼك ﻫﻮ ﺧ وﺳﻴﻠﺔ ﳌﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ‪.‬‬
‫وﻫﻜﺬا ﺗﺪﻓﻊ اﻟﴬاﺋﺐ دون أن ﺗﺮﻫﻖ اﻟﻨﺎس و دون أن ﻳﻔﻠﺴﻮا وإن اﻟﻜﻤﻴﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻔﺮض ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﴬاﺋﺐ ﺳﺘﺘﻮﻗﻒ ﻋﲆ ﻛﻞ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﻓﺮدﻳﺔ‪.‬‬
‫وﻳﺠﺐ أن ﻳﻔﻬﻢ اﻷﻏﻨﻴﺎء أن واﺟﺒﻬﻢ ﻫﻮ اﻟﺘﺨﲇ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ ﺛﺮوﺗﻬﻢ‬
‫اﻟﺰاﺋﺪة ﻷن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﻀﻤﻦ ﻟﻬﻢ ﺗﺄﻣ ﺣﻴﺎة ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ أﻣﻼﻛﻬﻢ و ﻨﺤﻬﻢ ﺣﻖ ﻛﺴﺐ‬
‫اﳌﺎل ﺑﻮﺳـﺎﺋﻞ ﻧﺰﻳﻬﺔ و أﻧﺎ أﻗﻮل ﻧﺰﻳﻬﺔ ﻷن إدارة اﻷﻣﻼك ﺳﺘﻤﻨﻊ اﻟﴪﻗﺔ ﻋﲆ أﺳﺲ‬

‫‪١٠٦‬‬
‫ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ‪ .‬ﻫﺬا اﻹﺻﻼح اﻻﺟﺘ ﻋﻲ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﰲ ﻃﻠﻴﻌﺔ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﻨﺎ ﻛ أن اﻟﻀ ن‬
‫اﻷﺳﺎﳼ ﻟﻠﺴﻼم ﻟﻦ ﻳﺤﺘﻤﻞ اﻟﺘﺄﺧ ‪.‬‬
‫إن ﻓﺮض اﻟﴬاﺋﺐ ﻋﲆ اﻟﻔﻘﺮاء ﻫﻮ أﺻﻞ ﻛﻞ اﻟﺜﻮرات و ﻫﻮ ﻳﻌﻮد دا ﺎ ً‬
‫ﺑﺨﺴﺎﺋﺮ ﻛﺒ ة ﻋﲆ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ و ﺣ ﺗﺤﺎول اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ زﻳﺎدة اﻟﴬاﺋﺐ ﻋﲆ‬
‫اﻟﻔﻘﺮاء ﺗﻔﻘﺪ ﻓﺮﺻﺔ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﻷﻏﻨﻴﺎء‪ .‬إن ﻓﺮض اﻟﴬاﺋﺐ ﻋﲆ رؤوس‬
‫اﻷﻣﻮال ﻳﻘﻠﻞ ﻣﻦ زﻳﺎدة اﻟ وة ﰲ اﻷﻳﺪي اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻤﺤﻨﺎ ﻟﻬﺎ ﺑﺘﻜﺪﻳﺴﻪ‬
‫ﻣﻌﺮﺿ ﻋﻨﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻌﻤﻞ ﻛﻤﻌﺎدل ﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻷﻣﻤﻴ وﻣﺎﻟﻴﺘﻬﻢ‪ .‬إن اﻟﴬاﺋﺐ‬
‫اﻟﺘﺼﺎﻋﺪﻳﺔ اﳌﻔﺮوﺿﺔ ﻋﲆ ﻧﺼﻴﺐ اﻟﻔﺮد ﺳﺘﺠﻨﻲ دﺧﻼً أﻛﱪ ﻣﻦ ﻧﻈﺎم اﻟﴬاﺋﺐ‬
‫اﻟﺤﺎﴐ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻮي ﻓﻴﻪ ﻛﻞ اﻟﻨﺎس وﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ ﴐوري‬
‫ﻟﻨﺎ ﻷﻧﻪ ﻳﺨﻠﻖ اﻟﻨﻘﻤﺔ و اﻟﺴﺨﻂ ﺑ اﻷﻣﻤﻴ ‪.‬‬
‫إن ﻗﻮة ﻣﻠﻜﻨﺎ ﺳﺘﻘﻮم ﻋﲆ أﺳﺎس ﺣﻘﻴﻘﻲ إﻧﻪ ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻠﻜﺎ ً ﻓﻴﻪ ﺿ ن‬
‫ﻟﻠﺘﻮازن اﻟﺪوﱄ واﻟﺴﻼم اﻟﺪاﺋﻢ ﻟﻠﻌﺎ و ﺳﻴﻜﻮن ﻋﲆ رؤوس اﻷﻣﻮال أن ﺗﺘﺨﲆ‬
‫ﻋﻦ ﺛﺮوﺗﻬﺎ ﻟﺘﺤﻔﻆ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ‪ .‬إن اﻟﻨﻔﻘﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺪﻓﻌﻬﺎ‬
‫ﻣﻦ ﻫﻢ أﻗﺪر ﻋﲆ دﻓﻌﻬﺎ وﻣﻦ ﺗﺰداد ﻟﺪﻳﻬﻢ اﻷﻣﻮال وﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻹﺟﺮاء ﺳﻴﻮﻗﻒ‬
‫اﻟﺤﻘﺪ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﻔﻘ ة ﻋﲆ اﻷﻏﻨﻴﺎء ﻫﻢ ﺣ ة اﻟﺴﻼم و اﻟﺴﻌﺎدة‬
‫ﻷن اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﻔﻘ ة ﺳﺘﻔﻬﻢ أن اﻷﻏﻨﻴﺎء ﻳﻨﻔﻘﻮن ﻋﲆ وﺳﺎﺋﻞ إﻋﺪادﻫﺎ ﻟﻠﻤﻨﺎﻓﻊ‬
‫اﻹﺟﺘ ﻋﻴﺔ‪ .‬وﻟ ﻻ ﺗﺒﺎﻟﻎ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﺬﻛﻴﺔ أي داﻓﻌﺔ اﻟﴬاﺋﺐ ﰲ اﻟﺸﻜﻮى ﻣﻦ‬
‫ﻧﻈﺎم اﻟﴬاﺋﺐ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﺳﻨﻘﺪم ﻟﻬﺎ ﻛﺸﻮﻓﺎ ً ﺗﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﺗﻮﺿﺢ ﻃﺮﻳﻘﺔ أﻧﻔﺎق‬
‫أﻣﻮاﻟﻬﻢ و ﻧﺴﺘﺜﻨﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﴬورة اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺬي ﻳﻨﻔﻖ ﻋﲆ ﺣﺎﺟﺎت اﳌﻠﻚ‬
‫اﻟﺨﺎﺻﺔ وﻣﻄﺎﻟﺐ اﻹدارة‪.‬‬

‫‪١٠٧‬‬
‫و ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻟﻠﻤﻠﻚ ﻣﻠﻚ ﺷﺨﴢ ﻷن ﻛﻞ ﳾء ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻠﻜﺎ ً ﻟﻪ‬
‫وإذا ﺳﻤﺢ ﻟﻠﻤﻠﻚ ﺣﻴﺎزة ﻣﻠﻚ ﺧﺎص ﻟﻪ ﻓﺴﻴﻈﻬﺮ ﻛ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻞ أﻣﻼك‬
‫اﻟﺪوﻟﺔ ﻏ ﻣﻤﻠﻮﻛﺔ ﻟﻪ‪ .‬و أﻗﺎرب اﳌﻠﻚ ـ وﻳﺴﺘﺜﻨﻲ و ارث اﳌﻠﻚ اﻟﺬي ﺳﺘﺘﺤﻤﻞ‬
‫اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻧﻔﻘﺎﺗﻪ ـ ﺳﻴﻜﻮن ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻛﻠﻬﻢ أن ﻳﻌﻤﻠﻮا ﻣﻮﻇﻔ ﺣﻜﻮﻣﻴ أو أن‬
‫ﻳﻌﻤﻠﻮا ﻋﻤﻼً آﺧﺮ ﻟﻴﻨﺎﻟﻮا ﺣﻖ اﻣﺘﻼك اﻟ وة و ﻟﻦ ﻳﺆﻫﻠﻬﻢ اﻣﺘﻴﺎزﻫﻢ أﻧﻬﻢ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺪم اﳌﻠ ﻷن ﻳﻌﻴﺸﻮا ﻋﺎﻟﺔ ﻋﲆ ﻧﻔﻘﺔ اﻟﺪوﻟﺔ‪.‬‬
‫وﺳﺘﻜﻮن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﴐاﺋﺐ دﻣﻐﺔ ﺗﺼﺎﻋﺪﻳﺔ ﻋﲆ اﳌﺒﻴﻌﺎت و اﳌﺸﱰوات‬
‫ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﴐاﺋﺐ اﻟﱰﻛﺎت وإن أي اﻧﺘﻘﺎل ﻟﻠﻤﻠﻜﻴﺔ ﺑﻐ اﻟﺪﻣﻐﺔ اﳌﻄﻠﻮﺑﺔ‬
‫ﺳﻴﻌﺘﱪ ﻏ ﻗﺎﻧﻮ و ﺳﻴﺠﱪ اﳌﺎﻟﻚ اﻟﺴﺎﺑﻖ أن ﻳﺪﻓﻊ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻪ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻣﺌﻮﻳﺔ ﻣﻦ‬
‫ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺒﻴﻊ وﻳﺠﺐ أن ﺗﺴﻠﻢ ﻣﺴﺘﻨﺪات اﳌﻠﻜﻴﺔ اﳌﺤﻮﻟﺔ أﺳﺒﻮﻋﻴﺎ ً إﱃ ﻣﺮاﻗﺒﻲ‬
‫اﻟﴬاﺋﺐ اﳌﺤﻠﻴ ﻣﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺒﻼغ ﻋﻦ اﻹ ﺳﻢ و اﻟﻠﻘﺐ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ اﳌﺎﻟﻜ اﻟﺠﺪﻳﺪ‬
‫و اﻟﺴﺎﺑﻖ و اﻟﻌﻨﻮان اﻟﺜﺎﺑﺖ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬ أﻳﻀﺎً أن ﻫﺬا اﻹﺟﺮاء ﺳﻴﻜﻮن ﴐورﻳﺎ ً ﻣﻦ‬
‫أﺟﻞ اﳌﻌﺎﻣﻼت اﳌﺎﻟﻴﺔ ﺣ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﲆ ﻣﻘﺪار ﻣﻌ أﻋﻨﻲ ﺣ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﲆ ﻣﻘﺪار‬
‫ﻳﻌﺎدل ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﻨﻔﻘﺎت اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ اﻟﴬورﻳﺔ اﻷوﻟﻴﺔ و ﺳﻴﻜﻮن ﺑﻴﻊ اﻷﺷﻴﺎء‬
‫اﻟﴬورﻳﺔ ﻣﺪﻓﻮﻋﺎ ً ﺑﴬﻳﺒﺔ دﻣﻐﺔ ﻣﺤﺪدة ﻋﺎدﻳﺔ‪ .‬وﻳﻜﻔﻲ أن ﺗﺤﺴﺒﻮا أﻧﺘﻢ ﻛﻢ‬
‫ﺿﻌﻔﺎ ً ﻳﻜﻮن زﻳﺎدة ﻋﲆ ﻣﻘﺪار ﻫﺬه اﻟﴬاﺋﺐ ﰲ دﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫إن اﻟﺪوﻟﺔ ﻻﺑﺪ ﻟﻬﺎ أن ﺗﺤﺘﻔﻆ ﺑﺎﺣﺘﻴﺎﻃﻲ ﻘﺪار ﻣﻌ ﻣﻦ رأس اﳌﺎل‬
‫وإذا زاد اﻟﺪﺧﻞ ﻣﻦ اﻟﴬاﺋﺐ ﻋﲆ اﳌﺒﻠﻎ اﳌﺤﺪد ﻓﺴﱰد اﻟﺪﺧﻮل اﻟﻔﺎﺋﻀﺔ إﱃ‬
‫اﻟﺘﺪاول و ﻫﺬه اﳌﺒﺎﻟﻎ اﻟﻔﺎﺋﻀﺔ ﺳﺘﻨﻔﻖ ﻋﲆ ﺗﻨﻈﻴﻢ أﻧﻮاع ﺷﺘﻲ ﻣﻦ اﻷﻋ ل‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺳﻴﻮﻛﻞ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﻫﺬه اﻷﻋ ل إﱃ ﻫﻴﺌﺔ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ ﺳﺘﻜﻮن‬
‫ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻟﻄﺒﻘﺎت ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ارﺗﺒﺎﻃﺎ ً وﺛﻴﻘﺎً ﺼﺎﻟﺢ ﻣﻠﻜﻬﻢ و ﺳ ﺻﺪ ﻛﺬﻟﻚ ﺟﺰء ﻣﻦ‬
‫اﳌﺎل اﻟﻔﺎﺋﺾ ﻟﻠﻤﻜﺂﻓﺎت ﻋﲆ اﻹ ﺧﱰاﻋﺎت واﻹ ﻧﺘﺎﺟﺎت‪.‬‬
‫‪١٠٨‬‬
‫و ﻣﻦ أﻟﺰم اﻟﴬورات ﻋﺪم اﻟﺴ ح ﻟﻠﻌﻤﻠﺔ ﺑﺄن ﺗﻮﺿﻊ دون ﻧﺸﺎط ﰲ ﺑﻨﻚ‬
‫اﻟﺪوﻟﺔ إذا ﺟﺎوزت ﻣﺒﻠﻐﺎً ﻣﻌﻴﻨﺎً ر ﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﻘﺼﺪ ﻣﻨﻪ ﻏﺮﺿﺎً ﺧﺎﺻﺎً إذ أن اﻟﻌﻤﻠﺔ‬
‫وﺟﺪت ﻟﻠﺘﺪاول وإن أي ﺗﻜﺪﻳﺲ ﻟﻠ ل ذو أﺛﺮ ﺣﻴﻮي ﰲ أﻣﻮر اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﲆ اﻟﺪوام‬
‫ﻷن اﳌﺎل ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻤﻞ اﻟﺰﻳﺖ ﰲ ﺟﻬﺎز اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻠﻮ ﺻﺎر اﻟﺰﻳﺖ ﻋﺎﺋﻘﺎً إذن ﻟﺘﻮﻗﻒ‬
‫ﻋﻤﻞ اﻟﺠﻬﺎز‪.‬‬
‫و ﻣﺎ و ﻗﻊ ﻣﻦ ﺟﺮاء إﺳﺘﺒﺪال اﻟﺴﻨﺪات ﺑﺠﺰء ﻛﺒ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻠﺔ ﻗﺪ ﺧﻠﻖ اﻵن‬
‫ﺗﻀﺨ ً ﻳﺸﺒﻪ ﻣﺎ وﺻﻔﻨﺎه ﺎﻣﺎً وﻧﺘﺎﺋﺞ ﻫﺬه اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻗﺪ ﺻﺎرت واﺿﺤﺔ وﺿﻮﺣﺎً‬
‫ﻛﺎﻣﻼً ﻛﺎﻓﻴﺎً‪.‬‬
‫وﺳﻨﻨﺸﺊ ﻫﻴﺌﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎﺳﺒﺔ ﻜﻦ اﳌﻠﻚ ﻣﻦ أن ﻳﺘﻠﻘﻲ ﰲ أي وﻗﺖ ﺣﺴﺎﺑﺎً‬
‫ﻛﺎﻣﻼً ﻟﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ وﺳﺘﺤﻔﻆ ﻛﻞ اﻟﺘﻘﺮﻳﺮات ﺑﺪﻗﺔ و ﺣﺰم إﱃ ﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣﺎ ﻋﺪا‬
‫ﺗﻘﺮﻳﺮات اﻟﺸﻬﺮ اﻟﺠﺎري و اﳌﺘﻘﺪم‪.‬‬
‫و اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﻟﻪ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﰲ ﴎﻗﺔ ﺑﻨﻚ اﻟﺪوﻟﺔ ﺳﻴﻜﻮن‬
‫ﻫﻮ ﻣﺎﻟﻜﻪ و أﻋﻨﻲ ﺑﻪ اﳌﻠﻚ و ﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﺳﺘﻘﻒ ﺳﻴﻄﺮﺗﻪ ﻋﲆ ﻛﻞ إﺣﺘ ل ﻟﻺﴎاف‬
‫أو اﻟﻨﻔﻘﺔ ﻏ اﻟﴬورﻳﺔ‪ ،‬و أن اﳌﻘﺎﺑﻼت اﻟﺘﻲ ﻠﻴﻬﺎ أدب اﻟﺴﻠﻮك و ﻫﻲ ﻣﻀﻴﻌﺔ‬
‫ﻟﻮﻗﺖ اﳌﻠﻚ اﻟﺜﻤ ﺳﺘﻜﻮن ﻣﻌﺪوﻣﺔ ﻟ ﺗﺘﺎح ﻟﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﻋﻈﻤﻰ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﰲ ﺷﺌﻮن‬
‫اﻟﺪوﻟﺔ و ﻟﻦ ﻳﻜﻮن اﳌﻠﻚ ﰲ ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ ﻣﺤﺎﻃﺎً ﺑﺎﻟﺤﺎﺷﻴﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻮاﺟﺪون ﻋﺎدة ﰲ‬
‫ﺧﺪﻣﺔ اﳌﻠﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻷﺑﻬﺔ و ﻻ ﻳﻬﺘﻤﻮن إﻻ ﺑﺄﻣﻮرﻫﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﺒﺘﻌﺪﻳﻦ ﺟﺎﻧﺒﺎً ﻋﻦ‬
‫اﻟﻌﻤﻞ ﻟﺴﻌﺎدة اﻟﺪوﻟﺔ‪.‬‬
‫إن اﻷزﻣـﺎت اﻹﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ دﺑﺮﻧﺎﻫﺎ ﺑﻨﺠﺎح ﺑﺎﻫﺮ ﰲ اﻟﺒﻼد اﻷﻣﻤﻴﺔ ﻗﺪ أﻧﺠﺰت ﻋﻦ‬
‫ﻃﺮﻳﻖ ﺳﺤﺐ اﻟﻌﻤﻠﺔ اﳌﺘﺪاوﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺪاول ﻓﱰاﻛﻤﺖ ﺛﺮوات ﺿﺨﻤﺔ و ﺳﺤﺐ اﳌﺎل ﻣﻦ‬
‫اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺘﻲ اﺿﻄﺮت ﺑﺪورﻫﺎ إﱃ اﻻﺳﺘﻨﺠﺎد ُ ﻼك ﻫﺬه اﻟ وة ﻹﺻﺪار ﻗﺮوض وﻗﺪ‬

‫‪١٠٩‬‬
‫وﺿﻌﺖ ﻫﺬه اﻟﻘﺮوض ﻋﲆ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت أﻋﺒﺎء ﺛﻘﻴﻠﺔ اﺿﻄﺮﺗﻬﺎ إﱃ دﻓﻊ ﻓﻮاﺋﺪ‬
‫اﳌﻘﱰض ﻣﻜﺒﻠﺔ ﺑﺬﻟﻚ أﻳﺪﻳﻬﺎ‪.‬‬

‫إن ﺗﺮﻛﻴﺰ اﻹﻧﺘﺎج ﰲ أﻳﺪي اﻟﺮأﺳ ﻟﻴﺔ ﻗﺪ إﻣﺘﺺ ﻗﻮة اﻟﻨﺎس اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ‬
‫ﺣﺘﻰ ﺟﻔﺖ وإﻣﺘﺺ ﻣﻌﻬﺎ أﻳﻀﺎً ﺛﺮوة اﻟﺪوﻟﺔ‪ ،‬و اﻟﻌﻤﻠﺔ اﳌﺘﺪاوﻟﺔ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ‬
‫اﻟﺤﺎﴐ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻔﻲ ﻄﺎﻟﺐ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ إذ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﺎﻓﻴﺔ‬
‫ﻟﻺﺣﺎﻃﺔ ﺑﻬﻢ وإرﺿﺎﺋﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ ً ‪ .‬و أن إﺻﺪار اﻟﻌﻤﻠﺔ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺴﺎﻳﺮ ﻮ‬
‫اﻟﺴﻜﺎن وﻳﺠﺐ أن ﻳﻌﺪ اﻷﻃﻔﺎل ﻣﺴﺘﻬﻠ ﻋﻤﻠﺔ ﻣﻨﺬ أول ﻳﻮم ﻳﻮﻟﺪون ﻓﻴﻪ و أن‬
‫ﺗﻨﻘﻴﺢ اﻟﻌﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺣ ﻵﺧﺮ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺣﻴﻮﻳﺔ ﻟﻠﻌﺎ أﺟﻤﻊ و أﻇﻨﻜﻢ ﺗﻌﺮﻓﻮن إن‬
‫اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺟﻠﺒﺖ اﻟﺪﻣﺎر ﻟﻠﺪول اﻟﺘﻲ ﺳﺎرت ﺟﻬﺪﻧﺎ ﻟﺘﻜﺪﻳﺴﻬﺎ‬
‫و ﺳﺤﺒﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺪاول وإن ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ ﺳﺘﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﻋﻤﻠﺔ ﻗﺎ ﺔ ﻋﲆ ﻗﻮة اﻟﻌﻤﻞ ﰲ‬
‫اﻟﺒﻼد وﺳﺘﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﻮرق أو ﺣﺘﻰ ﻣﻦ اﻟﺨﺸﺐ‪ .‬ﺳﻨﺼﺪر ﻋﻤﻠﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﻓﺮد‬
‫ﻣﻦ رﻋﺎﻳﺎﻧﺎ ﻣﻀﻴﻔ إﱃ ﻫﺬا اﳌﻘﺪار ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻣﻴﻼد ﻃﻔﻞ و ﻣﻨﻘﺼ ﻣﻨﻪ ﻋﻨﺪ‬
‫وﻓﺎة ﻛﻞ ﺷﺨﺺ‪ .‬و ﺳﺘﻘﻮم ﻋﲆ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت ﺣﻜﻮﻣﺎت ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ و ﻣﻜﺎﺗﺐ‬
‫إﻗﻠﻴﻤﻴﺔ رﻳﻔﻴﺔ وﻟ ﻻ ﺗﺤﺪث ﻣ ﻃﻼت ﰲ دﻓﻊ اﻷﺟﻮر اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﳌﺴﺘﺤﻘﺔ‬
‫ﻳﺼﺪر اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻧﻔﺴﻪ أواﻣﺮ ﻋﻦ ﻣﺪة دﻓﻊ ﻫﺬه اﳌﺒﺎﻟﻎ‪ .‬وﺑﻬﺬا ﺗﻨﺘﻬﻲ اﳌﺤﺎﺑﺎة‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻣﻦ وزارات اﳌﺎﻟﻴﺔ ﻧﺤﻮ ﻫﻴﺌﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ‪ .‬و ﺳﻮف ﻧﺤﻔﻆ‬
‫ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻟﺪﺧﻞ و اﻟﺨﺮج ﻣﻌﺎ ً ﻟ ﻜﻦ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻷﺧﺮى‪.‬‬

‫و اﻟﺨﻄﻂ اﻟﺘﻲ ﺳـﻨﺘﺨﺬﻫﺎ ﻹﺻﻼح اﳌﺆﺳــﺴﺎت اﳌﺎﻟﻴﺔ اﻷﻣﻤﻴﺔ ﺳﺘﻘﻮم ﺑﺄﺳﻠﻮب ﻻ ﻜﻦ‬
‫أن ﻳﻼﺣﻈﻮه وﺳـﻨﺸـ إﱃ ﴐورات اﻹﺻـﻼﺣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻄﻠﺒﻬﺎ اﻟﺤـﺎﻟﺔ اﻟﻔﻮﺿـﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ‬

‫‪١١٠‬‬
‫ﺑﻠﻐﺘﻬﺎ اﳌﺎﻟﻴﺎت اﻷﻣﻤﻴﺔ‪ .‬وﺳﻨﺒ أن اﻟﺴﺒﺐ اﻷول ﻟﻬﺬه اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺴﻴﺌﺔ اﳌﺎﻟﻴﺔ‬
‫ﻳﻜﻤﻦ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻧﻬﻢ ﻳﺒﺪؤون اﻟﺴﻨﺔ اﳌﺎﻟﻴﺔ ﺑﻌﻤﻞ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺗﻘﺮﻳﺒﻲ ﻟﻠﻤﻴﺰاﻧﻴﺔ‬
‫اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ وإن ﻣﻘﺪارﻫﺎ ﻳﺰداد ﺳﻨﺔ ﻓﺴﻨﺔ ﻟﻠﺴﺒﺐ اﻟﺘﺎﱃ ﻫﻮ أن اﳌﻴﺰاﻧﻴﺔ‬
‫اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻣﺘﺄﺧﺮة ﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻧﺼﻒ اﻟﺴﻨﺔ وﻋﻨﺪﺋﺬ ٍ ﺗﻘﻮم‬
‫ﻣﻴﺰاﻧﻴﺔ ﻣﻨﻘﺤﺔ ﻳﻨﻔﻖ ﻣﺎﻟﻬﺎ ﻋﺎﻣﺔ ﰲ ﺛﻼث أﺷﻬﺮ وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﺼﻮت ﳌﻴﺰاﻧﻴﺔ‬
‫ﺟﺪﻳﺪة وﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺴﻨﺔ ﺗﻘﺮر ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺣﺴﺎﺑﺎت اﳌﻴﺰاﻧﻴﺔ‪ .‬إن اﳌﻴﺰاﻧﻴﺔ ﻟﺴﻨﺔ‬
‫واﺣﺪة ﺗﻘﻮم ﻋﲆ ﺟﻤﻠﺔ اﻟﻨﻔﻘﺔ اﳌﺘﺼﻠﺔ ﰲ ﺳﻨﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ وﻋﲆ ذﻟﻚ ﻓﻬﻨﺎﻟﻚ ﻋﺠﺰ‬
‫ﰲ ﻛﻞ ﺳﻨﺔ ﻧﺤﻮ ﺧﻤﺴ ﺑﺎﳌﺎﺋﺔ ﻋﻦ اﳌﺒﻠﻎ اﻹ ﺳﻤﻲ ﻓﺘﺘﻀﺎﻋﻒ اﳌﻴﺰاﻧﻴﺔ اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ‬
‫ﺑﻌﺪ ﻋﴩ ﺳﻨﻮات ﺛﻼﺛﺔ أﺿﻌﺎف وﺑﻔﻀﻞ ﻫﺬا اﻹﺟﺮاء اﻟﺬي إﺗﺒﻌﺘﻪ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت‬
‫اﻷ ﻣﻤﻴﺔ اﻟﻐﺎﻓﻠﺔ إﺳﺘﻨﻔﺬت أﻣﻮاﻟﻬﻢ اﻹ ﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﻠﺖ ﻣﻮاﻋﻴﺪ اﻟﺪﻳﻮن‬
‫و أﻓﺎﻗﺖ ﺑﻨﻮك دوﻟﺘﻬﻢ و ﺟﺬﺑﺘﻬﻢ إﱃ ﺣﺎﻓﺔ اﻹﻓﻼس‪ .‬و ﺳﻮف ﺗﻔﻬﻤﻮن ﴎﻳﻌﺎ ً إن‬
‫ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻟﻸﻣﻮر اﳌﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻏﺮﻳﻨﺎ اﻻﻣﻤﻴ ﺑﺈﺗﺒﺎﻋﻬﺎ ﻻ ﻜﻦ أن‬
‫ﺗﻜﻮن ﻣﻼ ﺔ ﻟﺤﻜﻮﻣﺘﻨﺎ‪.‬‬
‫إن ﻛﻞ ﻗﺮض ﻳﱪﻫﻦ ﻋﲆ ﺿﻌﻒ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ وﺧﻴﺒﺘﻬﺎ ﰲ ﻓﻬﻢ اﻟﺤﻘﻮق اﻟﺘﻲ‬
‫ﻟﻬﺎ وإن ﻛﻞ دﻳﻦ ﻛﺄﻧﻪ ﺳﻴﻒ ))د ﻮ ﻛﻠﻴﺲ(( ﻳﻌﻠﻖ ﻋﲆ رؤوس اﻟﺤﺎﻛﻤ‬
‫اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺄﺗﻮن إﱃ أﺻﺤﺎب اﻟﺒﻨﻮك ﻣﻨﺎ و ﻗﺒﻌﺎﺗﻬﻢ ﰲ أﻳﺪﻳﻬﻢ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ دﻓﻊ ﻣﺒﺎﻟﻎ‬
‫ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﺒﺎﴍة ﻋﻦ اﻷﻣﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﴬاﺋﺐ اﻟﻮﻗﺘﻴﺔ‪ .‬إن اﻟﻘﺮوض اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻣﺜﻞ‬
‫اﻟﻌﻠﻖ اﻟﺬي ﻻ ﻜﻦ ﻓﺼﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﻊ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﻪ أو‬
‫ﺣﺘﻰ ﺗﺘﺪﺑﺮ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟ ﺗﻄﺮﺣﻪ ﻋﻨﻬﺎ وﻟﻜﻦ ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻷ ﻣﻤﻴ ﻻ ﺗﺮﻏﺐ ﰲ‬
‫أن ﺗﻄﺮح ﻋﻨﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻖ ﺑﻞ ﻫﻲ ﻋﲆ ﻋﻜﺲ ذﻟﻚ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﺪده وﺑﻌﺪ‬
‫ذﻟﻚ ﻳﻜﺘﺐ ﻋﲆ دوﻟﺘﻬﻢ أن ﻮت ﻗﺼﺎﺻﺎ ً ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﻔﻘﺪ اﻟﺪم ﻓ ذا ﻳﻜﻮن‬
‫اﻟﻘﺮض اﻟﺨﺎرﺟﻲ إﻻ إﻧﻪ ﻋﻠﻘﺔ؟ و ﻫﻮ إﺻﺪار أوراق ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ ﺗﻮﺟﺐ دﻓﻊ ﻓﺎﺋﺪة‬
‫‪١١١‬‬
‫ﺗﺒﻠﻎ ﻧﺴﺒﺔ ﻣﺌﻮﻳﺔ ﻣﻦ اﳌﺒﻠﻎ اﻟﻜﲇ ﻟﻠ ل اﳌﻘﱰض ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻘﺮض ﺑﻔﺎﺋﺪة ﺗﺒﻠﻎ‬
‫ﺧﻤﺴﺔ ﰲ اﳌﺎﺋﺔ ﻓﻔﻲ ﻋﴩﻳﻦ ﺳﻨﺔ ﺗﻜﻮن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻗﺪ دﻓﻌﺖ ﺑﻼ ﴐورة ﻣﺒﻠﻐﺎً‬
‫ﻳﻌﺎدل اﻟﻘﺮض اﻟﻜﲇ ﻟ ﺗﻐﻄﻲ اﻟﻨﺴﺒﺔ اﳌﺌﻮﻳﺔ وﰲ أرﺑﻌ ﺳﻨﺔ ﺗﻜﻮن ﻗﺪ دﻓﻌﺖ‬
‫ﺿﻌﻔ وﰲ ﺳﺘ ﺳﻨﺔ ﺗﻜﻮن دﻓﻌﺖ ﺛﻼﺛﺔ أﺿﻌﺎف اﻟﻘﺮض وﻟﻜﻦ اﻟﻘﺮوض ﺳﺘﺒﻘﻲ‬
‫ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻛﺄﻧﻬﺎ دﻳﻦ ﻳﺴﺪد‪.‬‬
‫و ﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻹ ﺣﺼﺎﺋﻴﺎت أن ﻫﺬه اﻟﻘﺮوض ﺗﺤﺖ ﻧﻈﺎم اﻟﴬاﺋﺐ‬
‫اﻟﺤﺎﴐة ﻋﺎم )‪١٩٠١‬م( ﺗﺴﺘﻨﻔﺬ آﺧﺮ اﳌﻠﻴ ت اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻣﻦ داﻓﻊ اﻟﴬاﺋﺐ اﻟﻔﻘ‬
‫ﺗﺪﻓﻊ ﻓﻮاﺋﺪ ﻟﻠﺮأﺳ ﻟﻴ اﻷﺟﺎﻧﺐ اﻟﺬﻳﻦ اﻗﱰﺿﺖ اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻨﻬﻢ اﳌﺎل ﺑﺪﻻً ﻣﻦ‬
‫ﺟﻤﻊ اﻟﻜﻤﻴﺔ اﻟﴬورﻳﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﺔ ﻣﺠﺮدة ﻣﻦ اﻟﻔﻮاﺋﺪ ﰲ ﺻﻮرة ﴐاﺋﺐ‪ .‬و ﻗﺪ‬
‫اﻛﺘﻔﻲ اﻷﻏﻨﻴﺎء ﻃﺎﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﺮوض داﺧﻠﻴﺔ ﺑﺄن ﻳﻨﻘﻠﻮا اﳌﺎل ﻣﻦ أﻛﻴﺎس اﻟﻔﻘﺮاء‬
‫إﱃ أﻛﻴﺎس اﻷﻏﻨﻴﺎء و ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ أن رﺷﻮﻧﺎ أﻧﺎﺳﺎً ﻻزﻣ ﻻﺳﺘﺒﺪال اﻟﻘﺮوض اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﺮوض اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﺗﺪﻓﻘﺖ ﻛﻞ ﺛﺮوات اﻟﺪوﻟﺔ إﱃ ﺧﺰاﺋﻨﻨﺎ وﺑﺪأ ﻛﻞ اﻷﻣﻤﻴﻮن‬
‫ﻳﺪﻓﻌﻮن ﻟﻨﺎ ﻣﺎﻻً ﻳﻘﻞ ﻋﻦ اﻟﺨﺮاج اﳌﻄﻠﻮب‪.‬‬
‫و اﻟﺤﻜﺎم ﻣﻦ ﺟﺮاء إﻫ ﻟﻬﻢ وﺑﺴﺒﺐ ﻓﺴﺎد وزراﺋﻬﻢ أو ﺟﻬﻠﻬﻢ ﺟﺮوا‬
‫ﺑﻼدﻫﻢ ﻟﻼﺳﺘﺪاﻧﺔ ﻣﻦ ﺑﻨﻮﻛﻨﺎ ﺣﺘﻰ إﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﺗﺄدﻳﺔ ﻫﺬه اﻟﺪﻳﻮن‬
‫وﻳﺠﺐ أن ﺗﺪرﻛﻮا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺘﺤﺘﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻌﺎﻧﻴﻪ ﻣﻦ اﻵﻻم ﻟ ﺗﺘﻬﻴﺄ اﻷﻣﻮر ﻋﲆ‬
‫ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة‪ .‬ﺳﻨﺤﺘﺎط ﰲ ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ ﺣﻴﻄﺔ ﻛﺒ ة ﻻ ﻳﺤﺪث ﺗﻀﺨﻢ ﻣﺎﱄ وﻋﲆ‬
‫ذﻟﻚ ﻟﻦ ﻧﻜﻮن ﻧﺤﻦ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ إﱃ ﻗﺮوض ﻟﻠﺪوﻟﺔ إﻻ ﻗﺮﺿﺎً واﺣﺪا ً ذا ﻓﺎﺋﺪة ﻗﺪرﻫﺎ‬
‫‪ ٪ ١‬ﺗﻜﻮن ﺳﻨﺪات ﻋﲆ اﻟﺨﺰﻳﻨﺔ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻌﺮض دﻓﻊ اﻟﻨﺴﺒﺔ اﳌﺌﻮﻳﺔ ﻷن ﺘﺼﻬﺎ‬
‫اﻟﻌﻠﻖ‪.‬‬
‫و ﺳﻨﻌﻄﻲ اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﺣﻖ إﺻﺪار اﻟﺴﻨﺪات اﺳﺘﺜﻨﺎء ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﴩﻛﺎت ﻟﻦ‬
‫ﺗﺠﺪ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﰲ دﻓﻊ اﻟﻨﺴﺒﺔ اﳌﺌﻮﻳﺔ ﻣﻦ أرﺑﺎﺣﻬﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻘﱰض اﳌﺎل ﻟﻠﻤﴩوﻋﺎت‬
‫‪١١٢‬‬
 ‫اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ و ﻟﻜﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺠﻨﻲ ﻓﻮاﺋﺪ ﻣﻦ اﳌﺎل اﳌﻘﱰض ﻷﻧﻬﺎ‬
‫إ ﺎ ﺗﻘﱰض دا ﺎ ً ﻟﺘﻨﻔﻖ ﻣﺎ أﺧﺬت ﻣﻦ اﻟﻘﺮوض‪ .‬وﺳﺘﺸﱰ ى اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت أﻳﻀﺎ ً‬
‫أﺳﻬ ً ﺗﺠﺎرﻳﺔ ﻓﺘﺼ ﻟﻬﺬا داﺋﻨﺔ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻣﺪﻳﻨﺔ وﻣﺴﺪدة ﻟﻠﺨﺮاج ﻛ‬
‫ﻫﻲ اﻵن‪ .‬وإن إﺟﺮاء ﻛﻬﺬا ﺳﻴﻀﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻠﱰاﺧﻲ و اﻟﻜﺴﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﺎ ﻣﻘﻴﺪﻳﻦ‬
‫ﻟﻨﺎ ﻃﺎﳌﺎ ﻛﺎن اﻷﻣﻤﻴﻮن ﻏ اﻟﻴﻬﻮد ﻣﺴﺘﻘﻠ و ﺳﻴﺼ ان ﺑﻐﻴﻀ ﰲ ﺣﻜﻮﻣﺘﻨﺎ‪.‬‬
‫وﻳﻜﻔﻲ ﻟﻠﺘﺪﻟﻴﻞ ﻋﲆ ﻓﺮاغ ﻋﻘﻮل اﻷﻣﻤﻴ اﳌﻄﻠﻘﺔ اﻟﺒﻬﻴﻤﻴﺔ ﺣﻘﺎ ً ﺣﻴﻨ‬
‫إﻗﱰﺿﻮا اﳌﺎل ﻣﻨﺎ ﺑﻔﺎﺋﺪة ﺧﺎﺑﻮا ﰲ إدراك أن ﻛﻞ ﻣﺒﻠﻎ ﻣﻘﱰض ﻫﻜﺬا ﻣﻀﺎﻓﺎ ً إﻟﻴﻪ‬
‫ﻓﺎﺋﺪﺗﻪ ﻻ ﻣﻔﺮ ﻣﻦ أن ﻳﺨﺮج ﻣﻦ ﻣﻮارد اﻟﺒﻼد و ﻛﺎن أﻳﴪ ﻟﻬﻢ ﻟﻮ أﻧﻬﻢ أﺧﺬوا‬
‫اﳌﺎل ﻣﻦ ﺷﻌﺒﻬﻢ ﻣﺒﺎﴍة دون اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ دﻓﻊ ﻓﺎﺋﺪة و ﻫﺬا ﻳﱪﻫﻦ ﻋﲆ‬
‫ﻋﺒﻘﺮﻳﺘﻨﺎ وﻋﲆ ﻋﻘﻴﺪة أﻧﻨﺎ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺬي إﺧﺘﺎره ﷲ وإﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﻨﻜﺔ و اﻟﺪراﻳﺔ‬
‫أﻧﻨﺎ ﻧﻌﺮض ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﻘﺮوض ﻋﲆ اﻷﻣﻤﻴ ﰲ ﺿﻮء ﻳﻈﻨﻮن ﻣﻌﻪ أﻧﻬﻢ وﺟﺪوا ﻓﻴﻪ‬
‫اﻟﺮﺑﺢ أﻳﻀﺎ ً و أن ﺗﻘﺪﻳﺮاﺗﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﺳﻨﻌﺪﻫﺎ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻳﺄ اﻟﻮﻗﺖ اﳌﻨﺎﺳﺐ واﻟﺘﻲ‬
‫ﺳﺘﻜﻮن ﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻗﺮون و اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺎ ﺤﺼﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن اﻷﻣﻤﻴﻮن‬
‫ﻳﺤﻜﻤﻮن‪ .‬إن ﺗﻘﺪﻳﺮاﺗﻨﺎ ﻫﺬه ﺳﺘﻜﻮن ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﰲ وﺿﻮﺣﻬﺎ اﻟﻌﺠﻴﺐ ﻋﻦ‬
‫اﻟﻘﺪﻳﺮات اﻟﺘﻲ ﺻﻨﻌﻬﺎ اﻷﻣﻤﻴﻮن‪ ،‬و ﺳﻨﱪﻫﻦ ﻟﻠﻌﺎ ﻛﻴﻒ أن ﺧﻄﻄﻨﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪة‬
‫ﻧﺎﺟﺤﺔ ﻧﺎﺟﻌﺔ‪ .‬إن ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻂ ﺳﺘﻘﴤ ﻋﲆ اﳌﺴﺎوئ اﻟﺘﻲ ﴏﻧﺎ ﺑﺄﻣﺜﺎﻟﻬﺎ ﺳﺎدة‬
‫اﻻﻣﻤﻴ واﻟﺘﻲ ﻻ ﻜﻦ أن ﻧﺴﻤﺢ ﺑﻬﺎ ﰲ ﺣﻜﻤﻨﺎ و ﺳ ﺗﺐ ﻧﻈﺎم ﻣﻴﺰاﻧﻴﺘﻨﺎ أي‬
‫اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻜﻮن اﳌﻠﻚ ﻧﻔﺴﻪ أو أﺷﺪ اﻟﻜﺘﺒﺔ ﺧﻤﻮﻻً ﰲ ﻣﻘﺎم ﻻ ﻳﻼﺣﻆ‬
‫ﻓﻴﻪ إﺧﺘﻼﺳﻪ ﻷﺻﻐﺮ ﺟﺰء ﻣﻦ اﳌﺎل و ﻻ إﺳﺘﻌ ﻟﻪ إﻳﺎه ﰲ ﻏﺮض آﺧﺮ ﻏ اﻟﻐﺮض‬
‫اﳌﻮﺿﻮع ﻟﻪ ﰲ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ اﻷول ﰲ اﳌﻴﺰاﻧﻴﺔ‪.‬‬

‫‪١١٣‬‬
‫و ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎح إﻻ ﺑﺨﻄﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ إﺣﻜﺎﻣﺎً ﺗﺎﻣﺎً ‪ .‬ﺣﺘﻰ اﻟﻔﺮﺳﺎن‬
‫و اﻷﺑﻄﺎل ﻳﻬﻠﻜﻮن إذا ﻫﻢ ﺗﺒﻌﻮا ﻃﺮﻳﻘﺎً ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن إﱃ أﻳﻦ ﻳﻘﻮدﻫﻢ أو إذا ﺑﺪأوا‬
‫رﺣﻼﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﻏ أن ﻳﺘﺄﻫﺒﻮا اﻷﻫﺒﺔ اﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻬﺎ‪.‬‬
‫إن ﻣﻠﻮك اﻻﻣﻤﻴ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺎﻋﺪﻧﺎﻫﻢ ﻧﻐﺮﻳﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺨﲇ ﻋﻦ واﺟﺒﺎﺗﻬﻢ ﰲ‬
‫اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻮﻛﺎﻻت ﻋﻦ اﻷﻣﺔ و اﻟﻮﻻﺋﻢ و اﻷﺑﻬﺔ و اﳌﻼﻫﻲ اﻷﺧﺮى‪ ،‬ﻫﺆﻻء‬
‫اﳌﻠﻮك ﻳﻜﻮﻧﻮ ا إﻻ ﺣﺠﺒﺎً ﻹﺧﻔﺎء ﻣﻜﺎﺋﺪﻧﺎ ودﺳﺎﺋﺴﻨﺎ‪.‬‬
‫إن ﻗﺮارات اﳌﻨﺪوﺑ اﻟﺬﻳﻦ أ ُﻋﺘﻴﺪ إرﺳﺎﻟﻬﻢ ﻟﺘﻤﺜﻴﻞ اﳌﻠﻚ ﰲ واﺟﺒﺎﺗﻪ‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻗﺪ ﺻﻨﻌﺖ ﺑﺄﻳﺪي وﻛﻼﺋﻨﺎ‪ .‬و ﻗﺪ إﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﺘﻘﺮﻳﺮات ﰲ ﻛﻞ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ‬
‫ﺗﺒﻬﺞ ﻋﻘﻮل اﳌﻠﻮك اﻟﻘﺼ ة اﻟﻨﻈﺮ ﻛ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ ﻣﴩوﻋﺎت ﻋﻦ اﻹﻗﺘﺼﺎد‬
‫ﰲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ‪ .‬ﻛﻴﻒ اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا أن ﻳﻘﺘﺼﺪوا ﺑﴬاﺋﺐ ﺟﺪﻳﺪة ﻫﺬا ﻣﺎ اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا أن‬
‫ﻳﺴﺄﻟﻮا ﻋﻨﻪ ﻗﺮاء ﺗﻘﺮﻳﺮاﺗﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﻜﺘﺒﻮﻧﻬﺎ ﻋﻦ اﳌﻬﺎم اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻬﺎ وﻟﻜﻨﻬﻢ‬
‫ﻳﺴﺄﻟﻮا ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻌﻼً‪.‬‬
‫وأﻧﺘﻢ أﻧﻔﺴﻜﻢ ﺗﻌﺮﻓﻮن أي ﻣﺪي ﻣﻦ اﻹ ﺧﺘﻼل اﻟﺬي ﺑﻠﻐﻮه ﺑﺈﻫ ﻟﻬﻢ‬
‫اﻟﺬا ‪ ،‬ﻓﻘﺪ إﻧﺘﻬﻮا إﱃ اﻹﻓﻼس رﻏﻢ ﻛﻞ اﳌﺠﻬﻮدات اﻟﺸﺎﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺒﺬﻟﻬﺎ رﻋﺎﻳﺎﻫﻢ‬
‫اﻟﺘﻌﺴﺎء((‪...‬‬
‫إن اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻌﺪ اﻟﻘﺮاءة اﳌﺘﺄﻧﻴﺔ اﻟﻮاﻋﻴﺔ اﳌﺮﻛﺰة ﻟﻬﺬه اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮﻻت اﻟﺨﻄ ة‬
‫ﻻﺑﺪ أن ﻳﺼﺎب ﺑﺎﻟﺪﻫﺸﺔ اﳌﻤﺰوﺟﺔ ﺑﺎﻹ ﺿﻄﺮاب و اﻟﺤ ة و ﻻﺑﺪ ﻟﻸﺳﺌﻠﺔ أن ﺗﺘﻮاﺛﺐ‬
‫و ﻫﻲ ﻓﻮارة ﻋﲆ ﻋﻘﻠﻪ ﺗﻄﻠﺐ ﰲ إﻟﺤﺎح اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﻃﻌﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ و ﻻﺑﺪ ﻟﻺﻧﺴﺎن أن‬
‫ﻳﱰﻳﺚ ﻛﺜ ا ً ﻗﺒﻞ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻜﻮن اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻔﻮﻳﺔ وإرﺗﺠﺎﻟﻴﺔ ﻓﺎﻷﻣﺮ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ‬
‫اﻟﺨﻄﻮرة ﺑﻞ ﻫﻮ اﳌﺸﻜﻠﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﻜﱪى اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ اﻟﺠﻨﺲ اﻟﺒﴩي اﻟﻴﻮم ﰲ‬
‫ﻣﴪح اﻷﺣﺪاث اﻟﺤﻴﺔ ﰲ ﻛﻞ اﻟﻌﺎ ﻗﺎﻃﺒﺔ ﻣﻦ ﻏ اﺳﺘﺜﻨﺎء أﺑﺪا ً ‪.‬‬

‫‪١١٤‬‬
‫و أول ﻣﺎ ﻳﺘﺒﺎدر إﱃ اﻟﺬﻫﻦ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال‪ :‬إﱃ أﻳﻦ وﺻﻞ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﻴﻮم ﺑﻌﺪ‬
‫ﻫﺬا اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ اﻟﺠﻬﻨﻤﻲ اﻟﺪﻗﻴﻖ اﳌﺪﻣﺮ؟ وﰲ اﻋﺘﻘﺎدي أن اﻟﻮاﻗﻊ اﳌﺬﻫﻞ اﻟﺬي‬
‫ﺗﻌﻴﺸﻪ ﺷﻌﻮب اﻷرض ﻛﻠﻬﺎ ﺑﻌﺪ أن اﻧﻔﺮدت أﻣﺮﻳﻜﺎ ﺑﺎﻟﻨﻔﻮذ اﻟﻌﺎﳌﻲ وﺗﺼﺪﻳﻬﺎ‬
‫ﻟﻔﺮض ﻧﻈﺎﻣﻬﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻹدارة اﻟﻌﺎ أﺟﻤﻊ وﻫﻲ ﻗﻄﻌﺎً ﺗﺤﺖ ﺳﻴﻄﺮة اﻟﻴﻬﻮد‬
‫ﻳﺸﻜﻞ إﺟﺎﺑﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻻ ﺗﺤﺘﻤﻞ اﻟﺸﻚ واﻹرﺗﻴﺎب‪ ،‬و ﻫﻞ ﺗﺠﺪي اﳌﻐﺎﻟﻄﺔ إذا‬
‫اﺻﻄﺪﻣﺖ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ اﳌﺮﻳﺮ؟‪.‬‬
‫إن ﺗﺤﻠﻴﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺟﺎء ﰲ ﻫﺬه اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮﻻت اﻟﺨﻄ ة ﻗﺪ ﻳﺤﺘﺎج إﱃ ﻣﺆﻟﻒ‬
‫ﺿﺨﻢ ﻣﺘﻌﺪد اﻷﺟﺰاء ﻟﻴﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻣﺤﺘﻮﻳﺎﺗﻬﺎ اﻟﺨﻄ ة ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‬
‫و اﻹﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ و اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ و اﻹﺟﺘ ﻋﻴﺔ ﺛﻢ ﻳﴩح ﺑﻌﻤﻖ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﳌﻌﻘﺪة اﻟﺤﺎﻗﺪة‬
‫اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ وﻋﻬﺎ وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮي اﻟﺘﻄﻠﻌﺎت واﳌﻄﺎﻣﻊ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺣﺪود‬
‫ﻟﻬﺎ وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ اﳌﺆاﻣﺮات اﻟﴩﻳﺮة ﺿﺪ اﻟﻌﺎ أﺟﻤﻊ و ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ راﺑﻌﺔ دﻗﺔ‬
‫اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ وإﺣﻜﺎﻣﻪ ﺑﺬﻛﺎء ﺧﺎرق و ﺗﻨﻔﻴﺬه ﻘﺪرة ﻓﺎﺋﻘﺔ ﺣﻄﻤﺖ اﳌﺜﻞ اﻟﻌﻠﻴﺎ‬
‫ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وإﺷﺎﻋﺔ اﻟﻔﻮﴇ و اﻟﻔﺴﺎد واﻟﺨﺮاب ﰲ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎ ﻣﻦ ﻏ إﺳﺘﺜﻨﺎء‪.‬‬
‫وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳﻘﻒ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺬﻫﻮﻻً ﻣﺘﺤ ا ً وﻳﺴﺄل ﰲ ﺣﺰن ﻋﻤﻴﻖ ﻫﻞ ﺗﺮك ﻫﺆﻻء‬
‫ﻋﻤﻼً ﴍﻳﺮا ً ﻣﺪﻣﺮا ً ﻟﻠﺸﻴﻄﺎن ﻧﻔﺴﻪ أم ﻓﺎﻗﻮه ﻋﻤﻠﻴﺎً ﺣﺘﻰ وﻗﻒ ﺧﺎﺷﻌﺎً ﻳﻌﱰف ﻟﻬﻢ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﻴﺎدة و اﻟﺮﻳﺎدة واﻹﺑﺪاع ﰲ ﺗﺪﻣ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﻜﻞ ﴍاﺳﺔ و ﺣﻘﺪ ﻟﻌ ؟ و ﻣﺎذا‬
‫ﻳﻜﻮن ﺣﺎل اﻟﻌﺎ أﺟﻤﻊ ﻟﻮ اﺳﺘﻌﻤﻞ ﻫﺆﻻء ﻫﺬا اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ اﳌﺤﻜﻢ اﻟﺬﻛﺎء اﻟﺨﻼق‬
‫اﻟﻌﻈﻴﻢ ﰲ اﻟﺨ اﻟﻌﻤﻴﻢ ﻟﻜﻞ ﺑﻨﻲ اﻹﻧﺴﺎن؟ و ﻣﺎ دﻣﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب‬
‫اﳌﺨﺘﴫ أن ﻧﺘﻨﺎول ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮﻻت ﺑﺎﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﺪﻗﻴﻖ اﻟﺸﺎﻣﻞ ﻓﻼ أﻗﻞ إذا‬
‫ﻣﻦ أن ﻧﻌﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻌﻠﻴﻘﺎً ﻣﺨﺘﴫا ً ﻳﺘﻨﺎول اﻷﻫﻢ ﻣ ﺗﺮﻣﻲ إﻟﻴﻪ وﻟﻴﺲ ذﻟﻚ ﺑﻌﻤﻖ‬
‫ﻳﻐﻮص ﰲ اﻟﺨﻔﺎﻳﺎ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ وإ ﺎ ﻫﻲ ﻣﻼﺣﻈﺎت ﻋﺎﺑﺮة وإﻟﻴﻚ اﻵ ‪:‬‬
‫‪ .١‬ﺗﱪﻫﻦ ﻫﺬه اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮﻻت ﺎ ﻻ ﻳﺪع ﻣﺠـﺎﻻً ﻟﻠﺸــــﻚ ﻋﲆ أن اﻟﻴﻬﻮد ﻇــﻠﻮا‬
‫‪١١٥‬‬
‫ﻗﺮوﻧﺎ ً ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻳﻀﻌﻮن ﺧﻄﻄﻬﻢ اﳌﺤﻜﻤﺔ ﰲ ﴎﻳﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻣﺎ‬
‫ﻳﺮﻳﺪون ﰲ ﺻﱪ ٍ ﻳﺪﻋﻮ إﱃ اﻟﺪﻫﺸﺔ و اﻟﻌﺠﺐ و اﻹﻋﺠﺎب أﻳﻀﺎً ‪.‬‬
‫‪ .٢‬و ﺗﺪل ﻫﺬه اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮﻻت ﰲ وﺿﻮح ﺗﺎم ﻋﲆ أن اﻟﻴﻬﻮد ﻳﻨﻔﺬون ﻣﺎ‬
‫وﺿﻌﻮه ﰲ ﺗﺮﻳﺚ و أﻧﺎة و ﺻﱪ‪ ،‬ﻳﺘﴪﻋﻮا ﻗﻂ و ﻳﺒﺎﻟﻮا ﺑﺎﳌﺘﺎﻋﺐ‬
‫و اﳌﺼﺎﻋﺐ واﻟﻌﻘﺒﺎت أﺑﺪا ً و ﻗﺪﻣﻮا ﻣﻦ اﻟﺘﻀﺤﻴﺎت اﳌﺎﻟﻴﺔ و اﻟﺒﴩﻳﺔ‬
‫و اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺑﺪون ﺗﺤﻔﻆ أو ﺗﺮدد ﻏ ﻣﺒﺎﻟ ﺑﺤﺠﻢ اﻟﺘﻀﺤﻴﺎت اﳌﺬﻫﻠﺔ‬
‫وﺑﺬﻟﻚ ﺳﻴﻄﺮوا ﻋﲆ أزﻣﺔ اﻟﻨﺠﺎح ﺑﻞ اﻟﺘﻔﻮق ﰲ اﻟﻨﺠﺎح ووأﺻﻠﻮا اﳌﺸﻮار‬
‫اﻟﺠﺒﺎر ﰲ ﻗﻮة وإﻗﺘﺪار و ﺗﺮﻫﺒﻬﻢ اﳌﻘﺎوﻣﺔ و ﻳﺴﻜﺮﻫﻢ اﻟﻨﴫ و ﻛﺎﻧﺖ‬
‫اﻟﻐﺎﻳﺔ اﳌﺮﻣﻮﻗﺔ ﻫﻲ اﻟﻮﻗﻮد اﳌﺸﺘﻌﻞ اﻟﺪاﻓﻊ ﻟﻠﺴ إﱃ اﻹﻣﺎم‪.‬‬
‫‪ .٣‬ﻟﻘﺪ ﻧﺠﺢ ﻫﺬا اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ اﻟﺠﺒﺎر ﻧﺠﺎﺣﺎ ﻣﺆﻛﺪاً واﻗﻌﻴﺎ ً و ﻻ ﻳﻜﻮن إﻧﻜﺎره‬
‫إﻻ ﴐﺑﺎ ً ﻣﻦ اﻟﺒﻠﻪ و اﻟﻐﻔﻠﺔ و ﺳﻮء اﻟﺘﻔﻜ أو اﻟﻌﺠﺰ اﻟﻌﻘﲇ و ﻗﺪ أﺻﺒﺤﺖ‬
‫ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ اﻷﻣﻮر ﰲ ﻛﻞ اﻟﺪﻧﻴﺎ إﻣﺎ ﰲ أﻳﺪﻳﻬﻢ ﺑﻼ ﻣﻨﺎزع أو ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻨﻔﻮذﻫﻢ‬
‫ﺧﻀﻮﻋﺎً ﺗﺎﻣﺎً أو ﻳﺮﻋﺒﻬﺎ اﻟﺨﻮف ﻓﻼ ﺗﻘﺪر ﻋﲆ اﳌﻌﺎرﺿﺔ و ﻧﺎدرا ً ﻣﺎ ﺗﺠﺪ‬
‫اﳌﻌﺎرﺿﺔ اﻟﺠﺮﻳﺌﺔ ﰲ ﺣ س و ﺗﺤﺪي‪.‬‬
‫‪ .٤‬و ﻻﺑﺪ أن ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺗﻌﺪﻳﻼت ﴐورﻳﺔ ﻟﻠﺨﻄﻂ ﻣﺎ داﻣﺖ ﻗﺪ اﻛﺘﺸﻔﺖ‬
‫و ﺗﻠﻘﺘﻬﺎ اﻷﻳﺪي وإن ﺣﻜ ء ﺻﻬﻴﻮن ﻣﻦ اﻟﺤﺼﺎﻓﺔ و اﻟﺬﻛﺎء ﺑﺤﻴﺚ ﻻ‬
‫ﺗﻔﻮت ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻫﺬه اﳌﺴﺄﻟﺔ و ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺪري ﺣﺘﻰ اﻵن ﺑﺎﻟﺬي وﺿﻌﻮه أو‬
‫اﻟﺘﻐﻴ ات اﻟﺘﻲ أﺣﺪﺛﻮﻫﺎ ﰲ ﻣﺨﻄﻄﻬﻢ اﻟﺮﻫﻴﺐ‪.‬‬
‫‪ .٥‬ﺑﺮﻫﻦ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﺎ ﻻ ﻳﺪع ﻣﺠﺎﻻً ﻟﻠﺸﻚ أن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺴـﺮﻳﺔ ﻣﻦ‬

‫‪١١٦‬‬
‫وﺿﻊ اﻟﻴﻬﻮد ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻢ اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ و ﻗﻴﺎداﺗﻬﺎ ﰲ أﻳﺪﻳﻬﻢ‬
‫و ﻛﻞ ﻓﺮوﻋﻬﺎ ﺑﺎﻷﺳ ء اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺗﺼﺐ ﰲ ﻧﻔﺲ اﳌﺼﺐ و ﺗﻘﺎد ﺑﺤﻨﻜﺔ‬
‫ﺑﺎﻫﺮة و ﻻ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﳌﺆاﻣﺮة اﳌﺪﻣﺮة اﻟﺨﻄ ة ﺿﺪ اﻟﻌﺎ أﺟﻤﻊ و ﻻ ﺗﺤﺲ‬
‫ﺑﺎﻟﺨﻴﺎﻧﺔ اﻟﻌﻈﻤﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ وإ ﺎ ﺗﺴ ﻣﻌﺼﻮﺑﺔ اﻟﻌﻴﻨ ﻛﺄﻧﻬﺎ‬
‫ﺳﻜﺮى‪.‬‬
‫‪ .٦‬ﻫﺬه اﻟﻘﻠﺔ اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد أﺟﻤﻌ ﰲ اﻟﻌﺎ ‪ ،‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﻋﺪاد اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ‬
‫ﻟﺴﻜﺎن اﻟﻌﺎ ﻛﻠﻬﻢ‪ ،‬ﻗﺪ ﺳﻴﻄﺮت ﺑﻘﺪرة ﻓﺎﺋﻘﺔ ﻋﲆ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺳﻴﻄﺮة‬
‫ﻣﺮﻛﺰة ﻋﲆ أﺳﺲ ﻗﻮ ﺔ راﺳﺨﺔ أوﻟﻬﺎ اﳌﺎل ﻓﻘﺪ اﻣﺘﻠﻜﺖ أزﻣﺔ اﻹﻗﺘﺼﺎد‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻲ و ﻫﻲ ﺗﻘﻮده ﻬﺎرة ﺣﺴﺒ ﺗﺮﻳﺪ ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻪ ﺑﺬﻛﺎء ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ‬
‫اﳌﺨﻄﻂ اﻹﺟﺮاﻣﻲ ﺑﺤﺴﺎب ﺻﺤﻴﺢ و ﺛﺎﻧﻴﻬﺎ اﻹﻋﻼم اﳌﺆﺛﺮ اﳌﻮﺟﻪ ﻟﺨﺪﻣﺔ‬
‫اﳌﺨﻄﻂ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺎﻫﺮة ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻹﺑﺪاع اﻟﺨﻼق واﻟﺘﻔﻮق اﻟﻔﻜﺮي‬
‫وﺳﻼﻣﺔ اﻷﺳﻠﻮب و ﺛﺎﻟﺜﻬﺎ ﴍاء اﻟﺬﻣﻢ ﳌﺼﻠﺤﺔ اﳌﺨﻄﻂ ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ‬
‫اﻟﺮﺟﺎل و اﻟﻨﺴﺎء ﰲ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﻘﻴﺎدة وﻣﺼﺪر اﻟﻘﺮار ﻋﺒﻴﺪاً أذﻻء ﻳﻔﻌﻠﻮن ﻣﺎ‬
‫ﻳﺆﻣﺮون وﻳﻄﻴﻌﻮن و ﻻ ﻳﻌﱰﺿﻮن وﻳﻨﻔﺬون ﺑﺪﻗﺔ ﻣﻦ ﻏ ﺗﺮدد أو ﺗﻬﺎون‬
‫ﰲ ﻛﻞ ﺑﻼد اﻟﻌﺎ ‪.‬‬
‫‪ .٧‬ﻛﻞ اﻻﻧﻘﻼﺑﺎت اﻟﺜﻮرﻳﺔ ﺑﻞ ﻛﻞ اﳌﺒﺎدئ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ و ﻛﻞ اﻹﺿﻄﺮاﺑﺎت‬
‫اﻟﻌ ﻟﻴﺔ أو اﻟﻄﻼﺑﻴﺔ أو اﳌﻬﻨﻴﺔ إ ﺎ ﻣﻦ وﺿﻊ ﻫﺬا اﳌﺨﻄﻂ اﻟﺠﺒﺎر و ﻛﻞ‬
‫ﻫﺬه اﻟﺘﻐ ات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ اﻟﺤﻜﻢ إ ﺎ ﻫﻲ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد و ﻛﻞ اﻟﺤﺮوب‬
‫اﻟﻄﺎﺣﻨﺔ اﳌﺤﺪودة أو اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ إ ﺎ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺗﺪﺑ اﻟﻴﻬﻮد و ﻛﻞ ﻫﺬا ﻇﺎﻫﺮ‬
‫ﰲ اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮﻻت ﻻ ﻳﺤﺘﺎج ﻟﴩح أو ﺑﻴﺎن‪.‬‬
‫‪ .٨‬ﻛﻞ ﻫﺬه اﳌﻔﺎﺳﺪ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ اﻹﻧﺴــﺎن ﻛﺎﻟﺤﻴﻮان و ﻧﺰﻋﺖ ﻣﻨﻪ اﻟﻄﻬﺎرة‬

‫‪١١٧‬‬
‫و اﻟﻌﻔﺔ واﳌﺜﻞ اﻟﻌﻠﻴﺎ إ ﺎ ﻣﻦ ﻧﺘﺎج ﻫﺬا اﳌﺨﻄﻂ اﻟﺨﻄ اﻟﺬي وﺻﻞ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﺎ إﱃ اﻟﻔﻮﴇ اﻟﺒﻐﻴﻀﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﻼﺷﺖ اﻷﺧﻼق وإذا ﺗﻼﺷﺖ أﺧﻼق‬
‫اﻹﻧﺴﺎن ﺳﻬﻞ أن ﻳﻘﺎد إﱃ ﺣﻴﺚ ﻳﺮاد ﻟﻪ‪.‬‬
‫‪ .٩‬ﻫﺬا اﻹﻟﺤﺎد اﻟﻘﺬر وﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻌﻨﻔﻮان و ﻗﺴﻮة و اﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻣﻦ‬
‫رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ و اﺣﺘﻘﺎرﻫﻢ ﺑﺸﺪة وإﻣﻌﺎن وإﴏار و ﺗﻌﻤﺪ إ ﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻫﺬه‬
‫اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮﻻت اﻟﺠﺒﺎرة وﻫﺬه اﻟﻜﺘﺐ اﻹﻟﺤﺎدﻳﺔ اﻟﺒﺎﻫﺘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻐﺎﻟﻂ ﰲ‬
‫ﻗﺤﺔ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ و ﻛﺬﻟﻚ اﳌﺠﻼت واﻟﺠﺮاﺋﺪ و اﻟﻨﻮادي و اﻟﻔﺮق اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻛﻠﻬﺎ‬
‫ﺗﻨﺒﻊ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد وﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻇﺎﻫﺮ ﰲ اﳌﺨﻄﻂ اﻟﺮﻫﻴﺐ‪.‬‬
‫إذا ﻛﺎن ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﻘﺪم ﺣﻘﻴﻘﺔ واﻗﻌﻴﺔ ﺗﻨﻀﺢ ﺑﻬﺎ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮم ﻓ‬ ‫‪.١٠‬‬
‫ﻫﻮ ﻣﻮﻗﻒ اﻷﻣﻢ إزاء ﻫﺬا اﳌﺨﻄﻂ اﻟﺨﻄ ؟ و ﻫﻞ درس اﻟﻌﻘﻼء ﻣﻦ‬
‫اﻷﻣﻢ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ دراﺳﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺗﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺤﺎرﺑﺘﻪ و اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻪ؟‬
‫و ﻫﻞ ﻜﻦ أن ﻧﻌﺘﻘﺪ أن ﻛﻞ اﻟﻌﻠ ء و اﻟﺮؤﺳﺎء ﰲ اﻟﻌﺎ ﻫﻢ ﻋﺒﻴﺪ‬
‫اﻟﻴﻬﻮد؟ وﻫﻞ ﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن أﺑﻨﺎء اﻷﻣﻢ ﻛﻠﻬﻢ ﺧﻮﻧﺔ ﻟﺸﻌﻮﺑﻬﻢ ﻗﺪ‬
‫ﺑﺎﻋﻮﻫﺎ ﻟﻠﻴﻬﻮد؟ أﻧﺎ ﻻ اﺳﺘﻄﻴﻊ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﲆ ﻫﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ!‬

‫‪١١٨‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ‬

‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ‬

‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻣﺒﺎدئ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻣﻦ أول ﻳﻮم ٍ أﻧﺸﺌﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﺤﺮﻳﺔ‬

‫و اﳌﺴﺎواة و اﻹﺧﺎء‪ .‬و ﺗﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﻜﻠ ت ﻣﻘﺼﻮدة ﻟﺬاﺗﻬﺎ وإ ﺎ ﻫﻲ ﻃﺮﻳﻖ‬
‫ﻹﺑﻌﺎد اﻷدﻳﺎن ﻛﻠﻬﺎ و اﻟﺘﺤﻠﻞ ﻣﻨﻬﺎ وإﺳﺘﻌ ل ﻫﺬه اﻟﻜﻠ ت ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻷن‬
‫اﻟﻴﻬﻮد اﻟﺬﻳﻦ أﺳﺴﻮا اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻬﻢ ﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻣﺒﺎدﺋﻬﻢ اﻷﺻﻴﻠﺔ‬
‫ﻛ ﺟﺎء ﰲ ﺑﺮوﺗﻮ ﻛﻮﻻت ﺣﻜ ء ﺻﻬﻴﻮن اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ‪ .‬وﻣ ﻳﺆﻛﺪ‬
‫ذﻟﻚ ﴏﻳﺤﺎ ً دون ﻟﺒﺲ ﻣﺎ ذﺧﺮت ﺑﻪ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ‪.‬‬
‫ﻗﺎل ﺣ ام ‪) :‬ﳌﺎ رأﻳﺖ رﺟﺎل ﻳﺴﻮع و أﺗﺒﺎﻋﻬﻢ ﻳﻜ ون وﻳﺠﺘﻬﺪون ﰲ‬
‫ﺗﻀﻠﻴﻞ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻴﻬﻮدي ﺑﺘﻌﺎﻟﻴﻤﻬﻢ ﻣﺜﻠﺖ ُ أﻣﺎم اﳌﻠﻚ ﻫ دوس أﻛﺮﻳﺒﺎ‬
‫وإﻗﱰﺣﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﴎﻳﺔ ﻣﺒﺪؤﻫﺎ ﻣﺤﺎﺳﺒﺔ أوﻟﺌﻚ اﳌﻘﺒﻠ ﻋﲆ‬
‫اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ وإن ﻳﺒﺬل ﻛﻞ ﻣﺎﻋﺰ و ﻫﺎن ﻣﻦ أﺟﻞ إﺣﺒﺎط ﻣﺴﺎﻋﻴﻬﻢ اﻟﻔﺎﺳﺪة‬
‫وإﺑﺎدﺗﻬﻢ إذا أﻣﻜــﻨﻨﺎ ذﻟﻚ‪ .‬ﻳﻘﻮل ﺣ ام إن اﳌﻠﻚ ﻗﺪ واﻓﻖ ﻋﲆ اﻹ ﻗﱰاح‬
‫وإﺟﺘﻤﻊ ﺴﺘﺸﺎرﻳﻪ ﻟﺮﺳﻢ اﻟﺨﻄﺔ(‪ .‬وﻫﺬا ﻫﻮ أول ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻟﻠ ﺳﻮﻧﻴﺔ و ﻗﺪ‬
‫ﻣﻀﺖ اﻷﻋــﻮام و اﻟﺼـﺮاع ﻳﺤﺘﺪم ﺑ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﺟﺎء اﻹﺳﻼم‬
‫و ﻓﺘﺤﺖ اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ ﺟﺒﻬﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺿﺪ اﻹﺳﻼم و اﻟﻘﻀــﺎء ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬و ﻣﻀـﺖ‬
‫اﻟﻘﺮون ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ واﻟﺼـﺮاع اﻟﺠﺒﺎر ﻗـﺎﺋﻢ ﻣﺤــﺘﺪم و اﳌﻌﺮﻛﺔ ﺗﻬﺪأ ﻗﻂ وإﺗﺨـﺬ‬
‫اﻟﺼـﺮاع ﺿﺪ اﳌﺴـﻴﺤﻴﺔ ﻗﺪ أﺷـﻜﺎﻻً ﻛﺜ ة و ﻗﺪ ﻛﺎن ﻗﺎﺳـﻴﺎً وﻋــﻨﻴﻔﺎ ً ‪ ،‬و ﻛﺬﻟﻚ‬
‫ﺿﺪ اﻹﺳـﻼم ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻘـﻮة واﻟﴩاﺳــﺔ و اﻟﻌـﻨﻒ‪ .‬ﻓﻤﻨﺬ ﻗـﺎﻣﺖ ﻫﺬه اﻟﺠـﻤﻌﻴﺔ‬
‫اﻟﺴـــــــﺮﻳﺔ ﰲ ﻋﺎم ‪٤٣‬م و ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم ﻗﴣ اﻟﻴـﻬــﻮد ﻋﲆ ﻋﺸــﺮات اﻵﻻف‬

‫‪١١٩‬‬
‫ﻣﻦ ﻧﺼﺎرى أورﺷﻠﻴﻢ ‪ .‬وﰲ ﻋﺎم ‪ ٧٠‬م ﺗﺰﻋﻢ اﻟﺤﺎﺧﺎم أﻛﻴﺒﺎ ﺛﻮرة ﻗﺘﻠﺖ ﻣﺌﺘﺎ أﻟﻒ‬
‫ﻣﻦ اﳌﺴﻴﺤﻴ ‪ ،‬وﰲ ﻋﺎم ‪١١٥‬م ﻗﺘﻞ اﻟﻴﻬﻮد ﺑﻘﻴﺎدة اﻟﺤﺎﺧﺎم ﺑﺎرﻛﻮﺧﻴﺎ ﻋﴩات‬
‫اﻷﻟﻮف ﻣﻦ ﻧﺼﺎرى ﻓﻠﺴﻄ ‪ ،‬وﰲ ﻋﺎم ‪١٥٥‬م ﻗﺘﻞ اﻹﻣﱪاﻃﻮر اﻟﺮوﻣﺎ ﺟﻤﻴﻊ‬
‫اﻟﻨﺼﺎرى ﰲ روﻣﺎ ﺑﻨﺎءا ً ﻋﲆ دﺳﺎﺋﺲ اﻟﺤﺎﺧﺎم ﻳﻬﻮذا‪ ،‬وﰲ ﻋﺎم ‪٢١٤‬م ﻗﺘﻞ اﻟﻴﻬﻮد‬
‫أﻟﻒ ﻣﺴﻴﺤﻲ ﰲ روﻣﺎ وﻋﴩات اﻵﻻف ﰲ ﻗﱪص وﺑﻘﻴﺖ ﺟﻤﻌﻴﺔ اﻟﻘﻮة اﻟﺨﻔﻴﺔ‬
‫ﺗﻌﻤﻞ ﺿﺪ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﴎا ً ‪.‬‬
‫وﻗﺪ ﻏ زﻋ ء اﻟﻴﻬﻮد اﻟﺨﻄﺔ ﰲ اﻟﺨﺮب ﺿﺪ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺎﻛﺮة‪.‬‬
‫و اﻟﻴﻬﻮد ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻳﺠﻴﺪون اﳌﻜﺮ و اﻟﺨﺪاع ﺣﺘﻰ ﻗﻴﻞ إن ﷲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺴﻢ اﳌﻜﺮ‬
‫ﺑ اﻟﺒﴩ أﻋﻄﻰ اﻟﻴﻬﻮد ﺗﺴﻌﺔ وﺗﺴﻌ ﺟﺰءاً وأﻋﻄﻰ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻨﺎس ﺟﺰءا ً واﺣﺪا ً‬
‫وﻫﺬا اﻟﻜﻼم وإن ﺑﺪأ ﻣﺒﺎﻟﻐﺎً ﻓﻴﻪ إﻻ أن واﻗﻊ اﻟﺤﻴﺎة ﻳﺆﻛﺪ ﻴﺰ اﻟﻴﻬﻮد ﺑﺎﳌﻜﺮ ﺑﻼ‬
‫رﻳﺐ وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺨﻄﺔ اﳌﺎﻛﺮة اﻟﺠﻬﻨﻤﻴﺔ ﺗﻘﴣ ﺑﺄن ﻳﻌﺪ ﻧﻔﺮ ٌ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد‬
‫ﻳﺪﺧﻠﻮن ﰲ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﻟﻬﺪﻣﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ و ﻗﺪ ﻧﻔﺬت ﻫﺬه اﻟﺨﻄﺔ ﺣﺘﻰ وﺻﻞ‬
‫ﺑﻌﻀﻬﻢ إﱃ ﻣﻨﺎﺻﺐ ﻛﺒ ة ﺟﺪاً ﰲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ و أﺷﺎﻋﻮا ﻛﺜ ا ﻣﻦ اﻵراء‬
‫اﻹﻟﺤﺎدﻳﺔ وﻛﺎﻧﻮا اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺮﺋﻴﴘ ﰲ ﺗﻔﺮق اﳌﺴﻴﺤﻴ وإﺷﻌﺎل اﻟﻌﺪاء ﺑﻴﻨﻬﻢ‬
‫ﺑﺸﻜﻞ رﻫﻴﺐ ﻗﴣ ﻋﲆ اﳌﻼﻳ ﻣﻦ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ و اﻟﱪوﺗﺴﺘﺎﻧﺖ و ﻗﺪ ﻗﺴﻤﻮا‬
‫اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ إﱃ ﻋﴩات اﻟﻔﺮق ﺠﻬﻮدﻫﻢ اﻟﺠﺒﺎر اﳌﺨﻄﻂ‪.‬‬
‫و ﻗﺪ أﺛــﺒﺖ اﻟﺘﺎرﻳﺦ أن اﻟﻴﻬـﻮد ﻛﺎﻧﻮا وراء اﳌــﺬاﺑﺢ اﻟﺒﺸـﻌﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫وﻗــﻌﺖ ﺑ اﻟﻴﻌــﺎﻗﺒﺔ واﻟﻨﺴــﺎﻃﺮة ﺣﺘﻰ أن ﻛﺎن ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻦ أﺗﺒﺎع‬
‫اﻟﻜﻨﻴﺴﺘ ﻳﻌﻤﻞ ﺟﺎﻫﺪا ً ﻹﺑــﺎدة اﻟﻜﻨﻴﺴــﺔ اﻷﺧﺮى‪ .‬و ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ أﺻﺎﺑﻊ‬
‫اﻟﻴﻬﻮد واﺿﺤﺔ ﳌﺎ و ﻗﻊ ﺑ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ و اﻟﱪوﺗﺴـﺘﺎﻧﺖ ﺣ أﺳــﺲ ﻣﺎرﺗﻦ ﻟﻮﺛﺮ‬
‫ﻣﻨﻈـﻤﺔ اﻟﺮﻳﺘـﻮرم اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ وإﻋــﺘﻨﻖ اﳌﺴـﻴﺤﻴﺔ ﻇـﺎﻫـﺮاً و أﻗــﺎم ﰲ‬
‫اﻟﻔـﺎﺗﻴﻜﺎن ﻋـﺪة ﺳﻨﻮات ﻋﻜﻒ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﲆ ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻹﻧﺠــﻴﻞ إﱃ اﻷﳌـﺎﻧﻴﺔ ﺣﺘﻰ‬
‫‪١٢٠‬‬
 ‫أﺗﻴﺤﺖ ﻟﻪ اﻟﻔﺮﺻﺔ و أﻋﻠﻦ اﻟﺤﺮب ﻋﲆ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ﻣ ﻋﻤﻖ‬
‫اﻹﻧﺸﻘﺎق ﻋﲆ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ وﻗﺪ ﺛﺎرت اﻟﺤﺮوب ﻋﲆ إﺛﺮ ذﻟﻚ ﻣ أدى إﱃ ﻫﻼك‬
‫اﻷﻟﻮف ﻣﻦ اﳌﺴﻴﺤﻴ اﻷﺑﺮﻳﺎء ﻧﺘﻴﺠﺔ ﳌﺆاﻣﺮة اﻟﻴﻬﻮد اﳌﺪﻣﺮة‪ .‬وﻟﻘﺪ ﺑﺬل اﻟﻴﻬﻮد‬
‫ﺟﻬﺪا ً ﺟﺒﺎرا ً ﰲ ﻫﺪم اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﺑﻜﻞ اﻟﻄﺮق و اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ وإﺳﺘﺨﺪﻣﻮا اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬
‫إﺳﺘﺨﺪاﻣﺎ ً ﻛﺎﻣﻼً ﰲ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﺨﻄﻄﻬﻢ اﳌﺎﻛﺮ اﻟﺨﻄ اﳌﺪﻣﺮ و ﻳﻨﺘﺒﻪ إﻟﻴﻬﻢ أﺣﺪ‬
‫و ﻫﻢ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻗﺮوﻧﺎ ً ﻃﻮﻳﻠﺔ و ﻣ ﻳﺜ اﻟﺪﻫﺸﺔ أﻧﻬﻢ ﻳﺒﺎﴍوا اﻟﺤﺮب ﺟﻬﺎرا ً‬
‫ﻧﻬﺎرا ً و ﻳﻌﻤﻞ اﻟﻴﻬﻮد ﻗﻂ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ وإ ﺎ ﻛﺎن اﳌﺴﻴﺤﻴﻮن أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻫﻢ اﻷداة‬
‫اﻟﻄﻴﻌﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺨﺪﻣﻮﻫﺎ ﰲ ﺗﻘﻮﻳﺾ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ وإن دل ﻫﺬا ﻋﲆ ﳾء ﻓﺈ ﺎ‬
‫ﻳﺪل ﻋﲆ اﻟﺬﻛﺎء اﳌﻔﺮط و اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ اﻟﺠﺒﺎر‪ .‬و ﻟﻜﻦ ﰲ اﻟﻌﴫ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺣﺪث‬
‫ﺗﺤﻮل ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﻓﻘﺪ أدرك اﻟﻴﻬﻮد أن اﻟﴫاع ﺿﺪ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ و اﻹﺳﻼم‬
‫ﻣﻌﺎ ً ﻳﺒﺪد اﻟﻄﺎﻗﺎت وﻳﺠﻬﺪ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ وﻳﻘﻠﻞ ﻓﺮص اﻹﻧﺘﺼﺎر وﻳﺒﻌﺪ اﻟﺸﻘﺔ دون‬
‫اﻟﻬﺪف اﳌﺤﺪد و ﳌﺎ وﺿﺢ ﻟﻬﻢ ذﻟﻚ ﺎ ﻻ ﻳﺪع ﻣﺠﺎﻻً ﻟﻠﺸﻚ ﻋﻤﺪوا إﱃ ﺗﻐﻴ‬
‫اﳌﺨﻄﻂ ﻟﻴﻮاﻛﺐ اﳌﺮﺣﻠﺔ وﻳﻘﴣ ﻋﲆ اﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎت وﻳﻘﺎرب اﻟﺸﻘﺔ ﺑﻴﻨﻬﻢ وﺑ‬
‫اﻟﻬﺪف اﳌﻨﺸﻮد و ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ أﻋﻠﻨﻮا اﻟﻬﺪﻧﺔ ﺑﻴﻨﻬﻢ وﺑ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ و ﻗﺮﺑﻮا ﻣﻦ‬
‫اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ﺣﺘﻰ أﺻﺪرت ﺑﺮاءة اﻟﻴﻬﻮد ﻣﻦ دم اﳌﺴﻴﺢ وﺗﻘﺮﺑﻮا ﻣﻦ‬
‫اﻟﱪوﺗﺴـﺘﺎﻧﺖ ﰲ إﻧﺠـﻠﱰا وأﳌﺎﻧﻴﺎ و اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ و أوﺣﻮا إﱃ‬
‫اﻟﻐﺮب ﺑﻮاﺳــﻄﺔ اﳌﺎﺳــﻮن أن ﻫﻨﺎك ﻋﺪوا ﻣﺸﱰﻛﺎ ً ﻟﻠﻴﻬﻮدﻳﺔ و اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ وﻫﻮ‬
‫اﻹﺳﻼم وﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﻌﺎوﻧﺎ ﻣﻌــﺎً ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻀﺎءا ً ﻣﱪﻣﺎً ﻷن اﻟﺸﻌﻮب‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺪأت ﺗﺴـﺘﻴﻘﻆ ﻓﺈذا ﺗﺠـﻤﻌﺖ وإﺗﺤﺪت ﺳﺘﺰﺣﻒ ﺑﺤﻀﺎرﺗﻬﺎ‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ و ﺗﻘﴤ ﻋﲆ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ و أﺷﻌﻠﻮا اﻟﺤ س ﰲ أذﻫﺎن اﻟﻐﺮﺑﻴ‬
‫و ﻧﴩوا اﻟﺤـﻘﺪ ﰲ ﻗﻠـﻮﺑﻬﻢ و أﻋـﺪوا ﻟﻬﻢ اﻟﺨـﻄﻂ ﻟﻠﻘﻀـﺎء اﻟﻜـــﺎﻣﻞ ﻋﲆ‬
‫اﻹﺳﻼم ﺣﺘﻰ أﺻـﺒﺤﺖ أﻣﺮﻳﻜﺎ و دو ل اﻟﻐﺮب ﺗﺒﺎﴍ اﻟﺤﺮب ﺟﻬﺮة ﺿﺪ اﻹﺳــﻼم‬
‫‪١٢١‬‬
‫و اﳌﺴﻠﻤ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ و اﻟﻴﻬﻮد ﻳﺒﺎﴍون اﳌﻮﻗﻒ وﻳﺤﺮﺻﻮن ﻋﲆ‬
‫إﺷﻌﺎل اﻟﻨﺎر و ﻛﻠ ﺧﺒﺖ زادوﻫﺎ ﺣﻄﺒﺎً ﻓﺈﻟﺘﻬﺒﺖ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ‪ .‬وﺑﺬﻟﻚ اﺳﺘﺨﺪﻣﻮا‬
‫اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﺿﺪ اﻹﺳﻼم ﻓﺈذا ﻗﻀﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻔﺮﻏﻮا ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺨﻠﻮا‬
‫ﻟﻬﻢ اﻟﺠﻮ ﻓﻴﺤﻘﻘﻮا ﺣﻠﻤﻬﻢ اﻷزﱄ ﺑﺈﻋﺎدة دﻳﻨﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن دﻳﻦ اﻟﻌﺎ أﺟﻤﻊ‬
‫ﻛ ﻗﺎل دزراﺋﻴﲇ ‪ )) :‬ﻻ ﻳﻜﻮن إﻻ دﻳﻦ إﴎاﺋﻴﻞ ﺑﻌﺪ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ‬
‫و اﻹﺳﻼم((‪ .‬وﻫﻢ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن ﰲ ذﻟﻚ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻠﻮا إﱃ أﻫﺪاﻓﻬﻢ ﻌﺎوﻧﺔ‬
‫اﳌﺴﻴﺤﻴ و اﳌﺴﻠﻤ اﻟﺬﻳﻦ إﻧﺪرﺟﻮا ﺗﺤﺖ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﴪﻳﺔ اﻟﺠﻬﻨﻤﻴﺔ اﻟﺠﺒﺎرة‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻃﻠﻖ ﻟﻬﺎ اﻟﻴﻬﻮد ﺷﻌﺎرا ً ﻣﺆﺛﺮا ً ﻫﻮ ) اﻟﺤﺮﻳﺔ و اﻹﺧﺎء و اﳌﺴﺎواة(‬
‫ﻟﻴﺠﺬﺑﻮا إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻨﺎس و ﻗﺪ أﻓﻠﺤﻮا ﰲ ذﻟﻚ ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻻ ﻳﻌﻨﻮن ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺎر‬
‫إﻃﻼﻗﺎً ﻗﺎل ﻫ ﺗﺰل‪ ) :‬ﻟﻘﺪ ردد اﻟﻌﻤﻴﺎن ﻫﺬه اﻟﻜﻠ ت ﺣﺮﻳﺔ‪ ..‬ﻣﺴﺎواة‪ ..‬إﺧﺎء‪..‬ﻏ‬
‫ﻋﺎﳌ أﻧﻨﺎ ﻧﻘﺼﺪ ﺑﻬﺎ اﻟﻔﻮﴇ و اﻟﻬﺪم و اﻟﺸﺠﺎر ﺑ اﻟﺠ ﻋﺎت اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ‬
‫و اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ إذ أﻧﻨﺎ ﻗﺬﻓﻨﺎ ﰲ ﻛﻞ أﻗﻄﺎر اﻟﻌﻤﻴﺎن أن اﻟﺤﺮﻳﺔ ﻫﻲ ﻋﻤﻞ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺠﻴﺰه‬
‫اﻟﴩاﺋﻊ(‪.‬‬
‫و ﻣ أﺛﺒﺘﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﺸﻜﻞ ﻗﺎﻃﻊ إﻧﻪ ﰲ ﻋﺎم ‪١٧١٧‬م أﻋﺎدت اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ أو‬
‫اﻟﻘﻮة اﻟﺨﻔﻴﺔ اﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ورﻣﻮ زﻫﺎ وﻏ وا ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ أن‬
‫ﺗﻨﺎﺳﺐ اﻟﱪوﺗﺴﺘﺎﻧﺖ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ و أﳌﺎﻧﻴﺎ و أﻣﺮﻳﻜﺎ و ﻗﺪ وﺟﺪت اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬
‫ﰲ اﻟﱪوﺗﺴﺘﺎﻧﺖ ﺧ ﻋﻮن ﻟﻬﺎ ﰲ ﺣﺮﺑﻬﺎ ﺿﺪ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ و ﻗﺪ ﺛﺒﺖ أن اﻟﻔﺮﻳﻘ ﻗﺪ‬
‫ﺗﺒﺎدﻻ اﻟﺨﺪﻣﺎت و اﳌﺎﺳﻮن ﻳﺴﺎﻋﺪون اﻟﱪوﺗﺴﺘﺎﻧﺖ ﻹذﻛﺎء ﻧﺎر اﻟﺤﺮب ﺑ اﻟﻔﺮق‬
‫اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ وﻳﺪﻓﻌﻮﻧﻬﻢ ﻟﺬﻟﻚ و اﻟﱪوﺗﺴﺘﺎﻧﺖ ﻳﻨﺨﺮﻃﻮن ﰲ اﳌﺤﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬
‫ﻟﻼﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﻧﺸﺎﻃﻬﻢ اﻟﴪي وﻣﺆاﻣﺮاﺗﻬﻢ و دﺳﺎﺋﺴﻬﻢ ﺑﻴﻨ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﻢ‬
‫اﳌﺎﺳﻮن ﰲ ﺗﺤﻘﻴﻖ أﻫﺪاﻓﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﻏ أن ﻳﺸﻌﺮوا ﺑﺬﻟﻚ‪.‬‬
‫إن اﳌﺴـﻠﻤ ﻳﻌﻠﻤﻮن ﻛﻞ ﻫﺬا ﻋﻠ ً ﺗﻔﺼـﻴﻠﻴﺎً وﻳﺤﺴـﻮن ﺑﺄﺛﺮ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ و ﻟﻜﻨﻬﻢ‬
‫‪١٢٢‬‬
‫ﻛﺎﳌﺨﺪرﻳﻦ ﻻ ﻳﺘﺤﺮﻛﻮن ﺿﺪ ﻫﺬا اﳌﺨﻄﻂ اﻟﺠﻬﻨﻤﻲ اﳌﺪﻣﺮ ﺑﺎﻟﺬات دون ﻏ ﻫﻢ‬
‫ﰲ ﻫﺬه اﳌﺮﺣﻠﺔ ﻓﻬﻞ ﻳﺼﺢ اﻟﻘﻮل ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻛﺎﻟﺨﺮاف ﺗﻘﺎد إﱃ اﳌﺬﺑﺢ و ﻻ ﺗﺒﺪي‬
‫ﺣﺮاﻛﺎً؟ ﻓ ذا ﻳﻨﺘﻈﺮون و ﻫﻢ ﻣﺴﺘﻬﺪﻓﻮن؟ أﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻬﻢ أن ﻳﻌﺪوا أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻟﻬﺬه‬
‫اﻟﺤﺮب وﻳﺪاﻓﻌﻮا ﻋﻦ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻋﲆ أﻗﻞ ﺗﻘﺪﻳﺮ؟ إن اﳌﺮاﻗﺐ ﻟﻠﻮﻗﻒ ﺗﺘﻤﻠﻜﻪ‬
‫اﻟﺤ ة و اﻟﺪﻫﺸﺔ و ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻌﻠﻞ ﻫﺬا اﳌﻮﻗﻒ اﻟﻌﺠﻴﺐ‪ .‬إن اﳌﺴﻠﻤ‬
‫ﻠﻜﻮن أﺻﻮل اﻟ وة ﰲ اﻟﻌﺎ و ﻗﺪ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﺪدﻫﻢ ﻋﲆ ﺛﻠﺚ اﻟﻌﺎ اﻟﻴﻮم و ﻫﻢ ﻗﻮة‬
‫ﺑﴩﻳﺔ و ﻗﻮة إﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺛﻢ إن ﻣﻮﻗﻌﻬﻢ ﰲ ﺧﺮﻳﻄﺔ اﻟﻌﺎ ﻣﻮﻗﻌﺎً ﻳﻘﺘﴣ اﻟﻬﻴﻤﻨﺔ‬
‫ﻋﲆ اﻟﻌﺎ أﺟﻤﻊ ﻓﻠ ذا ﻻ ﻳﺘﺤﺪون وﻳﻌﻤﻠﻮن وﻳﺪاﻓﻌﻮن ﻋﻦ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ؟ و ﻣﻦ‬
‫ﻋﺠﺐ أن ﰲ اﻟﻌﺎ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻴﻮم رﺟﺎل ﻳﺸﺎر إﻟﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﺒﻨﺎن ﰲ ﻗﻮة اﻟﺘﻔﻜ‬
‫و ﺳﻼﻣﺔ اﻟﻌﻘﻮل و اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ و اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ و اﻟﻔﻬﻢ اﻟﻌﻤﻴﻖ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﺘﻄﻠﺒﻪ‬
‫اﳌﺮﺣﻠﺔ وإن اﻟﺸﻌﻮب رﻓﻌﺖ رؤوﺳﻬﺎ ﺗﺮﻧﻮا ﳌﻦ ﻳﻘﻮدﻫﺎ إﱃ اﳌﻌﺮﻛﺔ اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ!!!‬

‫‪١٢٣‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﺎﴍ‬
‫اﻹﺧﻄﺒﻮط اﳌﺮﻋﺐ‬
‫ﻳﻜﻦ اﻹﺧﻄﺒﻮط اﳌﺮﻋﺐ ﺳﻮى اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﴪﻳﺔ اﳌﺨﻴﻔﺔ ﻓﻘﺪ‬
‫ﻧﴩت أذرﻋﻬﺎ اﻟﻌﺎﺗﻴﺔ ﰲ ﻛﻞ ﺟﺴﻢ اﻟﻌﺎ وراﺣﺖ ﺘﺺ دﻣﻪ و ﺗﻔﻘﺪه اﻟﺤﻴﺎة‬
‫و ﻫﻮ ﻻ ﻳﺤﺲ اﻵﻻم و ﻻ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺨﻄﺮ اﳌﺆدي إﱃ اﳌﻮت ﻣﻦ أذرع اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬
‫و اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ و ﻻ ﻋﱪة ﺑﻘﻮل اﻟﺸﻴﻮﻋﻴ أﻧﻬﻢ أﻋﺪاء اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﺑﺮﻫﻨﺖ‬
‫اﻷﺣﺪاث و اﻟﻮاﻗﻊ أن اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ذراع ﻣﻦ أذرع اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ وﺿﻌﻬﺎ اﻟﻴﻬﻮد ﻟﺨﺪﻣﺔ‬
‫أﻏﺮاﺿﻬﻢ‪ .‬ﻳﻘﻮل اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﻮن ﺗﻀﻠﻴﻼً ﻟﻠﻨﺎس وذرا ً ﻟﻠﺮﻣﺎد ﰲ اﻟﻌﻴﻮن أن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬
‫ﻫﻲ اﻟﺼﻮرة اﳌﺘﻔﺴﺨﺔ ﻟﻠﱪﺟﻮازﻳﺔ و ﻟﻜﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ راﻓﻘﺖ ﻛﻞ اﻟﺜﻮرات ﰲ‬
‫اﻟﻌﺎ ﺗﻮاﻛﺐ اﻟﺜﻮرة اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ و ﺗﺴﺎﻳﺮﻫﺎ ﺑﻞ ﺗﺆﻳﺪﻫﺎ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﻼ ﺗﺤﻔﻆ و ﻗﺪ‬
‫ﻗﺎل اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﻮن أن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﺮادﻳﻜﺎﻟﻴﺔ ﺳﻮف ﻳﺆﻳﺪاﻧﻨﺎ ﻳﻮم ﻳﺮون‬
‫أﻧﻨﺎ ﻧﺸﺎرﻛﻬ ﰲ إﺷﻌﺎل اﻟﻠﻬﺐ و ﻟﻘﺪ ﺗﻢ ﻫﺬا اﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﻷﻧﻪ ﺗﻘﻢ ﺛﻮرة ﻣ‬
‫ﻳﺘﻐﻨﻰ ﺑﻪ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﻮن وﻳﻔﺨﺮون ﺑﺎﻧﺠﺎزﻫﺎ إﻻ و ﻛﺎن ﻟﻠ ﺳﻮﻧﻴﺔ و اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻴﺪ‬
‫اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ ﺗﻌﻀﻴﺪ ذﻟﻚ و اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﻮن ﻳﺪرﻛﻮن ذﻟﻚ إدراﻛﺎ ً ﺻﺤﻴﺤﺎ ً‪ .‬ﺛﻢ إن واﺿﻊ‬
‫اﳌﺎرﻛﺴﻴﺔ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ إ ﺎ ﻫﻮ ﻣﺎرﻛﺲ و ﻫﻮ ﻳﻬﻮدي ﻗﺢ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻘﻮل اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﻮن‬
‫أﻧﻬﻢ أﻋﺪاء اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ؟ إن اﳌﺘﺄﻣﻞ اﻟﻮاﻋﻲ ﰲ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻳﻜﺸﻒ ﺑﺠﻼء ﻫﻮﻳﺔ‬
‫اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﻟﻴﺴﺖ أﻛ ﻣﻦ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺟﺎدة ﻣﻀﻠﻠﺔ ﻹ ﺣﺘﻮاء أﻛﱪ ﻋﺪد ﻣﻤﻜﻦ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺒﴩ ﺗﺤﺖ ﻟﻮاء اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ و اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻷن اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ إ ﺎ ﻫﻲ ذراع‬
‫ﻟﻺﺧﻄﺒﻮط اﳌﺮﻋﺐ‪.‬‬

‫‪١٢٤‬‬
 ‫و ﻗﺪ أﺛﺒﺖ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺎ ﻻ ﻳﺪع ﻣﺠﺎﻻً ﻟﻠﺸﻚ إﻃﻼﻗﺎً أن اﳌﺤﻔﻞ اﻷﻣﺮﻳ‬
‫اﳌﺎﺳﻮ اﻟﺬي ﻳﺪﻳﺮ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﰲ ﻛﻞ اﻟﻌﺎ و ﻛﻞ أﻋﻀﺎﺋﻪ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﻴﻬﻮد‬
‫وزﻋ ﺋﻬﻢ اﳌﺮﻣﻮﻗ ﻋﻘﺪ ﻣﺆ ﺮاً ﻓﻴﻪ ﻣﻦ أﻛﺎﺑﺮ اﻟﻌﻠ ء وزﻋ ء اﻟﻴﻬﻮد ﺧﻤﺴﺔ‬
‫ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﳌﻼﻳ ﻗﺮروا ﰲ ﻫﺬا اﳌﺆ ﺮ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ روﺳﻴﺎ ﻗﻀﺎءا ً ﻣﱪﻣﺎً ورﺻﺪ‬
‫ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر و اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﻠﻴﻮن ﻳﻬﻮدي ﻹﺛﺎرة اﻟﺜﻮرة ﰲ روﺳﻴﺎ وﻫﺆﻻء‬
‫اﻟﺨﻤﺴﺔ ﻫﻢ إﺳﺤﺎق ﻫﻮﺗﻴﻤﺮ‪ ،‬ﺷﺴﱰ‪ ،‬و ﻟﻴﻔﻲ‪ ،‬ورون‪ ،‬وﺷﻴﻒ و ﻛﺎن اﳌﺎل‬
‫ﻣﺮﺻﻮدا ً ﻟﻠﺪﻋﺎﻳﺔ وإﺛﺎرة اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ وذﻟﻚ أﺛﺮ اﳌﺬاﺑﺢ اﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﺿﺪ‬
‫اﻟﻴﻬﻮد ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ‪.‬‬
‫و ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺜﻮرة و ﺳﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻴﻬﻮد ﻣﻦ أول ﻳﻮم و ﻳﻜﻦ ﰲ ﻣﺠﻠﺲ‬
‫اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﺎﱄ ﺳﻮى اﻟﻴﻬﻮد أو ﻣﻦ ﺗﺰوج ﻣﻦ ﻳﻬﻮدﻳﺔ و ﻫﻢ ﻗﻠﺔ ﺛﻢ ﺟﺎء اﻟﺘﺸﻜﻴﻞ‬
‫اﻟﺜﺎ وأﻳﻀﺎ ً أﻏﻠﺒﻴﺘﻪ أﻋﻀﺎء ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﺎﱃ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد‪ ،‬وﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻏ‬
‫اﻟﻴﻬﻮد و ﻟﻜﻦ زوﺟﺎﺗﻬﻢ ﻳﻬﻮدﻳﺎت و ﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎ ذﻟﻚ ﰲ ﻓﺼﻞ ﺳﺎﺑﻖ و ﻜﻦ اﻟﺮﺟﻮع‬
‫إﻟﻴﻪ وﻫﻮ اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﻘﺎﻃﻊ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻘﺒﻞ اﻟﺸﻚ ﺑﺤﺎل ٍ ﻣﻦ اﻷﺣﻮال ﻋﲆ أن‬
‫اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻫﻲ اﳌﻮﻟﻮد اﻟﺬي ﺨﻀﺖ ﻋﻨﻪ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و أن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﺑﻨﺖ‬
‫اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ و ﻛﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻏ ﻫﺬا ﻳﻜﻮن ﴐﺑﺎ ً ﻣﻦ اﳌﻐﺎﻟﻄﺔ اﻟﻔﺠﺔ‪.‬‬
‫و ﻗﺪ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮة اﻷوﱃ ﻏ اﻟﻔﺎﺣﺼﺔ أن اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﺗﺤﺎرب اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ‬
‫و ﻟﻜﻦ ﻋـﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﺄﻣﻞ ﺑﻮﻋـﻲ ﺗﺎم و ﺗﻔـﻜ ﻣـﺮﻛﺰ ﻧﺠـﺪ أن اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ ﺗﻨﻈﻴﻢ‬
‫ﴐوري ﻳﻌﻨﻰ اﻟﻮﺳـﻂ ﺑﺎﻟﻨﺴـﺒﺔ ﻟﻠﺸـﻴﻮﻋﻴﺔ و اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪ .‬ﻓﺎﳌﻨﻈ ت‬
‫اﻟﺜﻼث ﺗﺪﻋﻮ إﱃ اﻹﻟﺤﺎد وﻟﻜﻦ ﻛﻞ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺑﻨﺪ ٍ ﻫﺎم ﻣﻦ‬
‫ﺑﻨﻮد اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻟﻠﻴﻬﻮد ﻓﺎﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﺟﺎﻫﺪة ﻟﺘﺪﻋﻴﻢ دوﻟﺔ‬
‫إﺳــﺮاﺋﻴﻞ ﰲ ﻓﻠﺴــﻄ و ﻛﻞ ﻣﺨــﻄﻄـﺎﺗﻬﻢ اﻟﺒﻌــﻴﺪة و اﻟﻘـﺮﻳﺒﺔ ﺗـﻌـــﻤﻞ ﻣﻦ‬

‫‪١٢٥‬‬
‫أﺟﻞ ذﻟﻚ و اﻟﺸــﻴﻮﻋﻴﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﺟﺎﻫﺪة ﻻﺳﺘﻴﻌﺎب ﻛﻞ اﻟﻄﺒﻌﺎت اﻟﻔﻘ ة ﻹﻗﺎﻣﺔ‬
‫ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻋﺎﳌﻴﺔ ﻣﻮﺣﺪة ﻫﻲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻌﻲ اﻟﻴﻬﻮد إﻟﻴﻬﺎ ﻟﺤﻜﻢ اﻟﻌﺎ ﻛﻠﻪ‪،‬‬
‫و اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺗﻬﻴﺊ اﻟﺠﻮ ﻋﺎﳌﻴﺎً ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ إﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ أو ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ أو إﺟﺘ ﻋﻴﺔ‬
‫ﻟﺤﻜﻢ اﻟﻌﺎ أﺟﻤﻊ و ﻧﴩ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻴﻬﻮدي ﻟﻴﻜﻮن دﻳﻦ اﻟﻌﺎ ﻛﻠﻪ ﺑﻌﺪ ﻫﺪم‬
‫اﻷدﻳﺎن ﺑﻜﻞ اﻟﻄﺮق و ﻛﻞ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ و ﻫﻜﺬا ﺗﻈﻬﺮ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬
‫و اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ و اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ وﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﺗﺮي اﻟﺮو اﺑﻂ اﳌﺘﻴﻨﺔ ﺑ ﻫﺬه اﻟﺘﻨﻈﻴ ت‬
‫اﻟﴪﻳﺔ رﻏﻢ اﻟﺼﻮر اﻟﺨﻼﺑﺔ اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﻏﺸﺎء ﺗﺘﺴﱰ وراءه ﻜﺮ ﻛﺜﻴﻒ‪،‬‬
‫و اﻟﻬﺪف اﻵﺧ ﻟﻬﺬه اﻟﺘﻨﻈﻴ ت اﻟﺜﻼث ﻫﻮ إﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ إﴎاﺋﻴﻞ اﻟﻜﱪى و ﻓﺮض‬
‫اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻴﻬﻮدي ﻋﲆ اﻟﻌﺎ أﺟﻤﻊ و ﻓﺮض اﻟﻨﻈﻢ و اﻟﴩاﺋﻊ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﻋﲆ اﻟﻌﺎ ﻛﻠﻪ‬
‫وﻣﺤﻮ اﻷدﻳﺎن ﺧﺼﻮﺻﺎً اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ واﻹﺳﻼم و ﻗﻴﺎم اﻟﻴﻬﻮد ﺷﻌﺐ ﷲ اﳌﺨﺘﺎر ﺑﺤﻜﻢ‬
‫اﻟﻌﺎ وإدارﺗﻪ و ﺣﴫ ﻛﻞ اﻷﻋ ل اﻟﺮﻓﻴﻌﺔ ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ إﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ أو ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ أو‬
‫ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ أو إﺟﺘ ﻋﻴﺔ ﺑﺄﻳﺪي اﻟﻌﻨﴫ اﻟﻴﻬﻮدي و ﺣﺪه‪ .‬وﻋﲆ ﺑﻘﻴﺔ ﺷﻌﻮب اﻷرض‬
‫ﻣﻦ اﻷﻣﻤﻴ ﻏ اﻟﻴﻬﻮد أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻋ ﻻً ﻳﺨﺪﻣﻮن اﻟﻴﻬﻮد ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻌﻮد ﻷﻣﺔ‬
‫اﻟﻴﻬﻮد ﻣﺠﺪﻫﺎ اﻟﺤﻀﺎري اﳌﺰﻋﻮم اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ اﻹﴎاﺋﻴﻠﻴﺔ اﻟﻌﻈﻤﻲ ﻫﻲ اﻟﻮﴆ‬
‫اﻷﻣ و اﻟﻮارث اﻟﻮﺣﻴﺪ و اﻟﺮاﺋﺪ اﻵﺧ ﻟﻠﺤﻀﺎرة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ و ﻫﻲ ﰲ زﻋﻤﻬﻢ ﻣﺸﻴﺌﺔ‬
‫ﷲ ﻟﺸﻌﺒﺔ اﳌﺨﺘﺎر و اﳌﺠﺪ ﻹﻟﻪ إﴎاﺋﻴﻞ !!‬
‫ﺗﻘﻮل داﺋﺮة اﳌﻌﺎرف اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ‪) :‬إن اﻟﻴﻬﻮد ﻳﺘﻄﻠﻌﻮن إﱃ اﻓﺘﺪاء إﴎاﺋﻴﻞ‬
‫و اﺟﺘ ع ﺷﻌﺒﻬﻢ ﰲ ﻓﻠﺴﻄ وإﻗﺎﻣﺔ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ وإﻋﺎدة ﻫﻴﻜﻞ ﺳﻠﻴ ن‬
‫وإﻗﺎﻣﺔ ﻋﺮش داؤد ﰲ اﻟﻘﺪس ﺛﺎﻧﻴﺔ و ﻋﻠﻴﻪ أﻣ ﻣﻦ ﻧﺴﻞ داؤد(‪ .‬و ﺗﻘﻮل اﳌﻌﺎرف‬
‫اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ‪ ) :‬ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻴﻬﻮد أن ﻳﺠﻤﻌﻮا أﻣﺮﻫﻢ و أن ﻳﻘﺪﻣﻮا إﱃ اﻟﻘﺪس و أن ﻳﺘﻐﻠﺒﻮا‬
‫ﻋﲆ اﻷﻋﺪاء‪ ،‬و أن ﻳﻌﻴﺪوا اﻟﻌﺒﺎدة إﱃ ﻫﻴﻜﻞ ﺳﻠﻴ ن ﻣﻜﺎن اﳌﺴﺠﺪ اﻷﻗﴡ وأن‬
‫ﻳﻘﻴﻤﻮا ﻣﻠﻜﻬﻢ ﻫﻨﺎك(‪.‬‬

‫‪١٢٦‬‬
‫ﻓﺎﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ واﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﻨﴫﻳﺔ واﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺨﻔﻴﺔ ﺗﺼﺐ ﰲ‬
‫ﺑﺤﺮ واﺣﺪ‪ .‬و اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻗﺪ ﺔ ﻗﺪم اﻟﺘﻮراة اﳌﺤﺮﻓﺔ وﻗﺪ ورد ذﻛﺮﻫﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﺮارا ً‬
‫و اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻗﺪ ﺔ ﻫﻲ اﻷﺧﺮى ﻋﲆ ﺣﺴﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ وارﺗﺒﺎط اﻟﺜﻼﺛﺔ أﻣﺮ ﻣﺤﻘﻖ‪..‬‬
‫ﻳﻘﻮل اﻟﻌﺎ اﻻﺟﺘ ﻋﻲ اﻟﻔﺮﻧﴘ اﳌﺸﻬﻮر ﻣﺎرﻛﻴﻮرس دي ‪ :‬إﻧﻪ )اﻻﻧﻘﻼب ﰲ‬
‫ﻓﺮﻧﺴﺎ( ﻻ ﻜﻦ ﻴﻴﺰ أﺛﺮ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ و اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و اﻟﻠﺘﺎن اﺗﺤﺪﺗﺎ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻔﻜﺮة‬
‫و ﺗﻘﺪﻣﺘﺎ ﻳﺪا ً ﺑﻴﺪ ﺗﺤﺖ ﻟﻮاء ﻧﻔﺲ اﻟﺮاﻳﺔ أﺛﻨﺎء اﻟﻬﺰات اﻹﺟﺘ ﻋﻴﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫أﺻﺒﺤﺖ رﻣﺰا ً ﻟﻨﻬﺎﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺬي اﻧﺘﻬﻲ ﺑﺤﻜﻢ اﻟﺠﻼد‪ .‬ﻓﻼ ﺷﻚ إن ﺑﻌﺾ‬
‫اﳌﺤﺎﻓﻈ وأﻳﻀﺎ ً اﳌﺘﺪﻳﻨ ﻗﺪ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﰲ ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﺑﻐ ﻋﻠﻢ زاﻋﻤ أﻧﻬﻢ‬
‫ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻌﻤﻞ ﺣﺴﻦ ﻓﻬﻨﺎﻟﻚ ﻳﻮﺟﺪ ﺧﻄﺄ ﻫﺎم ﻳﺘﻜﺮر أﻣﺎم ﻧﺎﻇﺮﻧﺎ اﻟﻴﻮم وﻫﻮ‬
‫اﻟﺤﺮﻳﺔ اﳌﻔﺮﻃﺔ و اﳌﺴﺎواة اﻟﻠﺘﺎن ﺗﺘﻨﺎﻓﻴﺎن ﻣﻊ اﻵداب اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﻘﻠﻴﺪا ً ﻟﺰﻋ ء‬
‫اﻟﺜﻮرة اﳌﺰﻳﻔ ‪ .‬و ﻻ ﻜﻦ إﻧﻜﺎر ﻫﺬه اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺣﺘﻰ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد أﻧﻔﺴﻬﻢ‬
‫ﺑﺎﻟﺬات‪ .‬و اﻟﻴﻬﻮد ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﻬﺬه اﻟﺴﻤﻮم اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪﻣﻮﻧﻬﺎ ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺘﺄﺛ‬
‫اﻷﻧﻜﻠﻮﻣﺎ وﻳﺠﺮﻋﻮﻧﻬﺎ ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﻴﻮم ﺑﺘﺄﺛ اﻷﻣﺮﻳﻜﺎﻧﻴﺰم ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻔﻮﴇ‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ و اﻋﺘﺒﺎرا ً ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻗﻮﻳﺖ اﻟﺮواﺑﻂ ﺑ اﻟﻴﻬﻮد و اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ وﻗﺪ‬
‫ﻗﺎﻣﺖ ﻫﺎﺗﺎن اﻟﻘﻮﺗﺎن ﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﻴﻼء ﻋﲆ اﻟﻌﺎ ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ‬
‫وﻫﺬه اﻟﺮواﺑﻂ اﳌﻮﺟﻮدة ﺑ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮﺗ ﻟﻴﺴﺖ ﺮة اﻟﺘﻘﺎرب اﳌﺸﱰك أو‬
‫ﳌﺠﺮد اﳌﻨﺎﻓﻊ اﳌﺸﱰﻛﺔ ﺑﻴﻨﻬ ﺑﻞ إﻧﻬﺎ ﻧﺎﺷﺌﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﻘﺎرب اﻟﻔﻜﺮي اﳌﻮﺟﻮد‬
‫ﺑﻴﻨﻬ ﻋﲆ اﻷﻛ ﺣﻴﺚ ﺗﻮﺟﺪ ﻟﻜﻠﻴﻬ ﻣﺒﺎدئ ﻣﺸﱰ ﻛﺔ و ﺗﻘﻮﻣﺎن ﺑﻜﺎﻓﺔ أﻋ ﻟﻬﻢ‬
‫اﻟﻬﺪاﻣﺔ ﺗﺤﺖ ﻗﻨﺎع اﻟﻜﻠ ت اﳌﻌﺴﻮﻟﺔ اﻟﺠﺬاﺑﺔ ﻣﺜﻞ )اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ‬
‫و اﳌﺴــﺎواة و اﻟﺤـﺮﻳﺔ( ﻟﻴﺼــﻠﻮا إﱃ ﻧﻔﺲ اﻟﻨﺘﻴﺠـﺔ اﻟﺴــﻴﺎﺳـﻴﺔ اﻻﺷـﱰاﻛﻴﺔ‬
‫و ﻣﻨﻬﺎ إﱃ اﻟﺪ ﻘــﺮاﻃﻴﺔ وﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠـﺔ إﱃ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ‪ .‬ﻟﻜﻞ ﻫﺬه اﳌﺒﺎدئ‬
‫إﺣﺴـﺎﺳﺎت ﻣﺸـﱰﻛﺔ أﻳﻀﺎ ً ﻟﺒﻐﻀﻬﻢ ﻟﻠـﺪﻳﻦ و ﻣﻌﺎداﺗﻬﻢ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ واﳌﻘﺪﺳـﺎت‬

‫‪١٢٧‬‬
‫و اﻟﻨﻈﺎم و ﻟﻬﻢ ﺟﺒﻬﺔ ﻋﺪاﺋﻴﺔ ﺿﺪ اﻷﺻﺎﻟﺔ و اﳌﻔﺎﺧﺮ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ و ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن‬
‫وﻣﺰاﻳﺎه وﰲ ﻛﻠﻴﻬ ـ أي ﰲ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ و اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ـ روح اﻟﻌﺼﻴﺎن و اﻟﻔﻮﺿﻮﻳﺔ‬
‫و ﻫﻲ ﻋﺎﻣﻞ ﰲ ﻛﻞ ﺣﺮﻛﺎﺗﻬ و وﺳﺎﺋﻠﻬ (‪ .‬و ﺗﻘﻮل اﻟﺠﺮﻳﺪة اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﳌﺪﻋﻮة‬
‫)ﻓ اﴎاﺋﻠﻴﺖ(‪) :‬إن روح اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻋﲆ اﻷﺳﺲ و اﳌﻌﺘﻘﺪات‬
‫اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﻴﻬﻮد إﻧﻬﺎ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ً ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻠﻐﺔ و اﻟﻔﻜﺮة إذ أن‬
‫اﻵﻣﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﻐﺬﻳﻬﺎ ﻫﻲ ﻧﻔﺲ اﻵﻣﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﻨ ﻃﺮﻳﻖ إﴎاﺋﻴﻞ اﻟﺸﺎﺋﻚ و ﺗﻌﻄﻲ‬
‫ﻟﻬﺎ اﻟﻘﻮة اﻟﺪاﻓﻌﺔ دا ﺎ ً ﻟﻠﺘﻘﺪم ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻄﺮﻳﻖ و ﺗﻘﻮدﻫﺎ ﻟﻠﻨﴫ ﰲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ‬
‫ﻋﲆ اﻷﻣﻤﻴ (‪.‬‬
‫واﳌﺘﺄﻣﻞ ﻟﻬﺬه اﻟﻨﺼﻮص ﺑﻮﻋﻲ وﺗﻔﻜ ﻳﻌﻠﻢ ﻋﻠ ً ﻳﻘﻴﻨﻴﺎ ً أن اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ اﻟﻘﻮة اﻟﺤﻔﻴﺔ و اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ و اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ إ ﺎ‬
‫ﻫﻲ أﺳ ء ﻣﺘﻌﺪدة ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻌﻨﻲ ﺷﻴﺌﺎ ً واﺣﺪا ً ﻟﻴﺲ ﻏ ‪.‬‬

‫‪١٢٨‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ‬

‫ﺷﺠﺮة اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺗﺘﻔﺮع‬

‫ﻣﻀﺖ ﻗﺮون ﻛﺜ ة ﻋﲆ ﻏﺮس ﻫﺬه اﻟﺸﺠﺮة اﳌﺴ ة ﺑﺎﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺣﺘﻰ‬

‫أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻴﻮم ﻋﻤﻼﻗﺔ ﺿﺨﻤﺔ ﻟﻬﺎ ﻓﺮوﻋﻬﺎ ﻗﻮﻳﺔ ﻣﻤﺘﺪة ﺗﺤﻤﻞ اﻷوراق اﳌﺨﴬة‬
‫و اﻟﺰﻫﻮر اﻟﻴﺎﻧﻌﺔ و اﻟﺜ ر اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ اﻟﺘﻲ أﻇﻠﺖ اﻟﻌﺎ أﺟﻤﻊ ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﺜ ر‬
‫اﻟﻴﺎﻧﻌﺔ اﻟﺸﻬﻴﺔ ﰲ ﻣﻈﻬﺮﻫﺎ ﺗﻨﻀﺞ ﺑﺎﻟﺴﻢ اﻟﻘﺎﺗﻞ اﻟﺬي ﻳﻘﴤ ﻋﲆ ﺣﻴﺎة اﻷﻣﻢ‬
‫ﻋﲆ ﻣﴪح اﻷرض‪ .‬واﻟﻔﺮوع ﻛﺜ ة ﺟﺪاً و ﻟﻜﻦ أﻫﻤﻬﺎ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻧﺴﻠﻂ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫اﻟﻀﻮء وﻛﻠﻬﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻹ ﺳﺘﻴﻼء ﻋﲆ اﻟﻌﺎ ﳌﺼﻠﺤﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‬
‫ﺑﻄﺮق ﺷﺘﻰ وأﺳﺎﻟﻴﺐ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﻬﺪف اﻟﻮاﺣﺪ ﰲ ﺗﺨﻄﻴﻂ ﻣﻨﻈﻢ ﻣﺤﻜﻢ‬
‫ورﻏﻢ ذﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻗﺎﺑﻞ دا ﺎً ﻟﻠﺘﻌﺪﻳﻞ و اﻟﺘﻐﻴ ﰲ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻟﻜﻦ اﻟﺜﻮاﺑﺖ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ‬
‫اﻟﺘﻐﻴ و ﻻ ﺗﺨﻀﻊ ﻗﻂ ﻟﻠﺘﻌﺪﻳﻞ ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻨﺤﺔ إﻟﻪ إﴎاﺋﻴﻞ ﻟﺸﺒﻌﻪ اﳌﺨﺘﺎر ﻛ‬
‫ﻳﺰﻋﻤﻮن‪.‬‬
‫اﳌﺠﻤﻊ اﻟﻨﻮرا ‪:‬‬
‫ﻓﻤﻦ اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ إﻣﺘﺪت اﻟﻔــﺮوع اﻟﻀﺨﻤﺔ اﻟﺤــﻴﺔ ﺗﻨﻀـﺢ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎة‬
‫و ﻣﻨﻬﺎ اﳌﺠﻤﻊ اﻟﻨﻮرا وﻫﻮ ﻣﺠﻤﻊ ﺧﻄ ﻳﻌﺘﱪ ﻣﺮﻛﺰا ً ﻣﻦ ﻣﺮاﻛﺰ ﺗﻮﺟﻴﻪ‬
‫اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪار ﻛﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﺑﻮاﺳﻄﺘﻬﺎ ﺑﻞ إن اﻟﻌﺎ ﻛﻠﻪ‬
‫ﻳﺪار ﺑﻮاﺳﻄﺘﻬﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ً وﻋﻘﺎﺋﺪﻳﺎ ً وإﺟﺘ ﻋﻴﺎ ً وإﻗﺘﺼﺎدﻳﺎ ً‪ .‬و ﻗﺪ إﻧﺒﺜﻖ ﻫﺬا اﳌﺠﻤﻊ‬
‫ﻣﻦ ﻣﺆ ﺮ اﺟﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﻋﺪد ﻣﻦ اﳌﺮاﺑ ﻣﻠﻮك اﳌﺎل و اﻟﺤﺎﺧﺎﻣﺎت اﻟﻜﺒﺎر‬
‫و اﳌـﺪﻳﺮﻳﻦ اﳌﻤـﺘﺎزﻳﻦ واﻟﺤـﻜ ء اﳌﺸـﻬﻮد ﻟﻬﻢ ﺑﺴـﻤﻮ اﻟﻌﻘـﻞ وﻋﻈﻤﺔ‬

‫‪١٢٩‬‬
‫اﻟﺘﻔﻜ وﻗﺮروا أن ﻳﺆﺳﺴﻮا ﻣﺠﻤﻌﺎ ً ﴎﻳﺎً ﻳﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﺗﺤﻘﻴﻖ أﻏﺮاﺿﻬﻢ و أﺳﻤﻮه‬
‫اﳌﺠﻤﻊ اﻟﻨﻮرا وإﻧﺘﺨﺒﻮا ﻟﻪ ﻣﺠﻠﺴﺎ ً أﻋﲆ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﴩ ﻋﻀﻮاً و ﻫﻢ ﻳﺸﻜﻠﻮن‬
‫اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﳌﺠﻠﺲ اﻟﺜﻼﺛﺔ و اﻟﺜﻼﺛ وﻳﺪﻋﻲ رؤوس اﳌﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮرا‬
‫اﻟﻴﻬﻮدي ﻣ ُ ﻼَك اﳌﻌﺮﻓﺔ وﻳﺘﻌﻠﻖ ﻋﻤﻠﻬﻢ ﺑﺸﺌﻮن اﻟﺪﻳﻦ واﻟﻌﻘﺎﺋﺪ واﻹ ﺣﺘﻔﺎﻻت‬
‫اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ و اﻟﻄﻘﻮس‪ .‬وﻣ ﻳﺪل ﻋﲆ ﺧﻄﻮرة ﻫﺆﻻء ﺗﻐﻠﻐﻠﻬﻢ ﰲ اﻟﺸﺌﻮن اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‬
‫و ﺗﻮﺟﻴﻬﻬﻢ ﻟﻬﺎ ﻓﺈن أﻋﻀﺎء ﻫﺬا اﳌﺠﻤﻊ اﻟﻨﻮرا ﻫﻤﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﺣﻤﻮا اﻟﻌﻘﻴﺪة‬
‫اﻹﻟﺤﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﴩت ﻋﺎم ‪١٨٤٨‬م ﰲ اﻟﺒﻴﺎن اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ اﻟﺬي ﻛﺘﺒﻪ ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛﺲ‬
‫وﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﺎرﻛﺲ ﺣﺎﺧﺎﻣﺎ ً ﻳﻬﻮدﻳﺎ ً و ﻟﻜﻨﻪ أﻧﻔﺼﻞ رﺳﻤﻴﺎ ً ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻚ اﻟﻜﻬﻨﻮ‬
‫اﻷﻋﲆ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﻴﻨﺖ ﻟﻪ ﻣﻬﻤﺔ ﻛﱪى أﻣﺮ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬﻫﺎ‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ إﺳﺘﻜﻤﻞ اﻟﻨﻮارﻧﻴﻮن اﻟﺸﻜﻠﻴﺎت اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﻟﻘﻴﺎم ﻣﺠﻤﻌﻬﻢ ﻓﻜﺮوا‬
‫ﰲ اﳌﻜﺎن اﳌﻨﺎﺳﺐ ﻟﻴﻜﻮن ﻣﻘﺮا ً دا ﺎً ﻟﻬﻢ و ﻗﺪ إﺳﺘﻘﺮ رأﻳﻬﻢ ﻋﲆ أن ﻳﻜﻮن‬
‫ﻣﺤﻔﻞ اﻟﴩق اﻷﻛﱪ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻧﻘﻮﻟﺪ ﺷﺘﺎت ﻣﺮﻛﺰا ً ﻟﺘﻐﻠﻐﻞ اﳌﻨﻈﻤﺔ ﰲ ﻗﻠﺐ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻷورﺑﻴﺔ ﻟﺘﻜﻮن اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﺨﻼﻳﺎ اﻟﺨﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻘﻮم ﺑﺘﻨﻈﻴﻢ‬
‫اﳌﺤﺎﻓﻞ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﰲ اﻟﻌﺎ و ﺗﻘﻮم ﻋﻨﺪﺋﺬ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ ﻣﻬﺎﻣﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﺳﺘﺎر اﻷﻋ ل‬
‫اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ و اﻟﺤﻔﻼت اﻹﺟﺘ ﻋﻴﺔ وﻏ ذﻟﻚ و ﺗﻘﻮم ﺳﻴﺎﺳﺔ اﳌﺠﻤﻊ اﻟﻨﻮرا ﻋﲆ‬
‫اﻹﺗﺼﺎل ﺑﺬوي اﻟﻨﻔﻮذ ﻣﻦ اﻷورﺑﻴ ﻣﻦ ﻏ اﻟﻴﻬﻮد ﻹﺧﻀﺎﻋﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺞ‬
‫ﻟﻠﻄﺮق اﳌﺘﺒﻌﺔ ﻟﺪي اﳌﺎﺳﻮن ﻟﻺﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﻧﻔﻮذﻫﻢ و ﺟﻌﻠﻬﻢ أﻟﻌﻮﺑﺔ ﰲ أﻳﺪي‬
‫اﻟﻨﻮراﻧﻴ وﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ ﻳﺤﻘﻘﻮن أﻫﺪاﻓﻬﻢ ﰲ إدارة ﺷﺌﻮن اﻟﻌﺎ ﳌﺼﻠﺤﺔ‬
‫اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﱪﻧﺎﻣﺞ اﻟﺘﺨﺮﻳﺒﻲ ﻟﻬﺬا اﳌﺠﻤﻊ اﻟﻨﻮرا ﻓﺎﻧﻪ ﻳﻘﻮم ﻋﲆ أﺳﺎس اﻟﺪﻋﻮة إﱃ‬
‫اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﻳﻬﺪف اﻟﻨﻮراﻧﻴﻮن ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺪﻋﻮة إﱃ اﻟﺘﺴﱰ و راءﻫﺎ ﻟﺘﺪﻣ ﻛﻞ اﻟﻘــــﻴﻢ‬

‫‪١٣٠‬‬
‫و إﺷﺎﻋﺔ اﻟﻔﻮﴇ و ﻧﴩ اﻟﻔﺴﺎد و ﺗﻄﻮﻳﻊ ﻛﻞ اﻷﻣﻤﻴ ﻟﺨﺪﻣﺔ اﻷﻫﺪاف اﻟﻌﻠﻴﺎ‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻘﻖ ﺳﻴﻄﺮة اﻟﻴﻬﻮد ﻋﲆ ﻛﻞ اﳌﻘﺪرات ﰲ اﻟﻌﺎ اﺟﻤﻊ‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﺪﻋﻮة إﱃ اﻟﺤﺮوب ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ اﳌﺤﺪودة ﰲ ﻧﻄﺎق ﺿﻴﻖ أو‬
‫اﻟﻜﱪى اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻤﻞ اﻟﻌﺎ أﺟﻤﻊ ﻓﻬﻲ اﻟﺒﻀﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺮع ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻴﻬﻮد وﻫﻢ‬
‫ﻳﺮوﺟﻮن ﻟﻬﺎ ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺒﻬﻢ اﳌﺎﻛﺮة و ﻟﻬﻢ ﰲ ذﻟﻚ ﺗﺎرﻳﺦ ﻃﻮﻳﻞ )ﻛﻠ أوﻗﺪوا ﻧﺎراً‬
‫ﻟﻠﺤﺮب أﻃﻔﺄﻫﺎ ﷲ(‪ .‬وﻟﻘﺪ ذﻛﺮت اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮﻻت ﻫﺬه اﻟﺪﻋﻮة ﻹﻳﻘﺎظ روح‬
‫اﻟﺤﺮب ﺑ اﻷﻣﻢ و ﻗﺪ ﺟﻌﻞ اﻟﻨﻮراﻧﻴﻮن ﻫﺬه اﻟﺪﻋﻮة ﻣﻦ أﻫﻢ واﺟﺒﺎﺗﻬﻢ‬
‫وذﻟﻚ ﻛﻤﻘﺪﻣﺔ ﻹ ﻧﻬﺎك اﻷﻣﻢ و ﺗﺪﻣ ﻫﺎ ﻟﺘﺴﻬﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻫﺬا‬
‫دﻟﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﳌﺴﺠﻠﺔ ﰲ اﻟﱪوﺗﻮﻛﻮﻻت )ﺳﻨﺪﻓﻊ اﻟﺒﺒﻐﺎوات ﻟﻈﻠﻢ اﻟﻨﺎس‬
‫ﺛﻢ ﻧﻌﺪﻣﻬﻢ ﻳﺮى اﻟﻨﺎس أﻧﻨﺎ أﻧﻘﺬﻧﺎﻫﻢ و ﻻ ﺲ ﻗﻮاﻧ اﻟﺠﻮﻳﻴﻢ ﺑﻞ‬
‫ﻧﻔﴪﻫﺎ ﺗﻔﺎﺳ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ(‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﺪﻋﻮة إﱃ إﻟﻐﺎء اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻓﻬﻲ دﻋﻮة ﻣﺎﺳﻮﻧﻴﺔ أﺻﻴﻠﺔ ﺗﺪﻋﻢ‬
‫اﻟﺤﺮﻛﺎت اﳌﺸﺒﻮﻫﺔ و ﺗﻐﺬي اﻟﺜﻮرات و اﻹﻧﺘﻔﺎﺿﺎت و اﻟﺘﻤﺮد و اﻟﻨﻮراﻧﻴﻮن‬
‫ﻳﴬﺑﻮن ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف ﴐﺑﺎً ﻣﻮﻗﻌﺎ ً وﻳﺪﻓﻌﻮﻧﻪ دﻓﻌﺎ ً ﻗﻮﻳﺎ ً و ﻗﺪ دﻋﺖ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أﺑﻨﺎءﻫﺎ أن ﻻ ﻳﺘﻌﺎوﻧﻮا ﻣﻊ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻛﻠﻬﺎ ﰲ اﻟﻌﺎ و أن‬
‫ﻳﻌﻤﻠﻮا ﺑﺠﺪ ﻹزاﻟﺘﻬﺎ ﻟﺘﺤﻞ ﻣﺤﻠﻬﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﻮاﺣﺪة‬
‫و اﻟﻨﻮراﻧﻴﻮن ﻳﻌﻤﻠﻮن ﺑﺸﺪة ﻟﺘﺤﻴﻖ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف و ﺗﻘﻮﻳﺔ ﻫﺬه اﻟﺪﻋﻮة ودﻋﻤﻬﺎ‬
‫ﺑﻜﻞ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻣﻦ وراء اﻟﺴﺘﺎر‪.‬‬
‫أﻣﺎ إﻟﻐﺎء اﻟﻘﻮﻣﻴﺎت و اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻓﺎﻧﻪ ﻫﺪف ﻣﻬﻢ ﻟﺪى اﻟﻨﻮراﻧﻴ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮن‬
‫ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻪ ﺑﺼﻮر ﺷﺘﻰ و أﺳﺎﻟﻴﺐ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‪ ،‬و اﻟﻬﺪف اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﺷﺘﻌﺎل اﻟﺤﺮوب‬
‫ﺑ اﻷﻣﻢ ﻷﻧﻪ ﰲ ﻧﻈﺮﻫﻢ واﺟﺐ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻨﻘﻠﺐ اﻟﻌﺎ إﱃ ﻣﻌﺴﻜﺮات ﻳﻘﺘﻞ‬

‫‪١٣١‬‬
 ‫ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎً و ﻫﺬا اﳌﺨﻄﻂ اﻟﻨﻮرا ﻧﺠﺢ ﻧﺠﺎﺣﺎً ﻋﻈﻤﻴﺎً ﰲ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻋﱪ اﻟﺴﻨ‬
‫اﳌﺘﻮاﻟﻴﺔ ﺑ اﻷﻣﻢ ﰲ اﻷرض‪ .‬ﻓﻤﺜﻼً دﻣﺮت ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﺜﻮرة ﻋﺎر ﻣﺔ و أوﻗﻌﺖ اﻟﺤﺮب ﺑ‬
‫روﺳﻴﺎ و اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻋﺎم ‪١٦٠٥‬م و ﻗﺎم اﻟﻄﻠﺒﺔ ﻈﺎﻫﺮة ﺳﻠﻤﻴﺔ ﰲ روﺳﻴﺎ و ﻣﺎ إن و ﺻﻠﺖ‬
‫أﻣﺎم ﻗﴫ اﻟﻘﻴﴫ ﺣﺘﻰ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺤﺮاس اﻟﻨﻮراﻧﻴﻮن اﻟﻨﺎر و ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﺰرة رﻫﻴﺒﺔ‬
‫و اﺳﺘﻐﻠﺖ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻟﺘﻜﻮن و ﻗﻮدا ً ﻟﺜﻮرة أﺧﺮى ﻗﻀﺖ ﻋﲆ اﳌﻼﻳ ‪ .‬و ﻫﻜﺬا ﻟﻮ ﺗﺄﻣﻠﻨﺎ‬
‫ﻣﺎ وﻗﻊ ﰲ اﻟﻌﺎ ﻣﻦ أﺣﺪاث ﺷﺘﻰ وﺑﺤﺜﻨﺎ ﻋﻦ اﳌﺤﺮك اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻬﺎ ﻟﻮﺟﺪﻧﺎ ﻳﺪ‬
‫اﻟﻨﻮراﻧﻴ ﺗﻠﻌﺐ ﰲ اﻟﺨﻔﺎء وﺗﺤﺮﻳﻚ اﻷﺣﺪاث اﻟﺪاﻣﻴﺔ‪.‬‬

‫ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺑﻨﺎي ﺑﺮث أو أﺑﻨﺎء اﻟﻌﻬﺪ‪:‬‬

‫ﻫﺬه اﳌﻨﻈﻤﺔ ﻓﺮع ﻣﻦ اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌــﺎﳌﻴﺔ ﻗﺪ أﺳــﺴﻬﺎ ﰲ ﻋﺎم ‪١٨٤٣‬‬

‫م أﳌﺎ ﻳﻬﻮدي ﺴــﺎﻋﺪة اﻟﻴﻬــﻮد اﳌﻬــﺎﺟﺮﻳﻦ إﱃ أﻣــﺮﻳﻜﺎ و ﻟﻜﻨـﻬﺎ ﺗﺨـﺘﻠﻒ‬
‫ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻷم ﰲ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻀﻢ ﰲ ﻣﺤﺎﻓﻠﻬﺎ ﺳﻮى اﻟﻴﻬﻮد ﻓﻘﻂ وﻣﻘﺮﻫﺎ‬
‫اﻟﺮﺋﻴﴘ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك‪ .‬وﻣﻨﻬﺎ اﻧﺘﴩت إﱃ ﺑﻘﻴﺔ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎ ‪ .‬وﻣﻦ أﺳﺲ ﻫﺬه‬
‫اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻀﻢ ﰲ ﻣﺤﺎﻓﻠﻬﺎ )اﻟﺠﻨﺘﺎﻳﻞ اﻟﻜﻔﺎر( أي أﺑﻨﺎء اﻷﻣﻢ اﻷﺧﺮى ﻏ‬
‫اﻟﻴﻬﻮد وﻟﻬﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻓﺮوع ﰲ ﻛﻞ ﻣﻦ أﻣﺮﻳﻜﺎ و ﻓﺮﻧﺴﺎ وأﳌﺎﻧﻴﺎ وﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ و ﻛﻞ‬
‫أوروﺑﺎ وﰲ آﺳﻴﺎ وأﺳﱰاﻟﻴﺎ و أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪.‬‬
‫و ﻗﺪ ﺛــﺒﺖ أن اﻷﻫــﺪاف اﻟﺤــﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻬــﺬه اﻟﺠــﻤﻌﻴﺔ اﻟﺨــﻄ ة ﻫﻲ‬
‫دﻋـﻢ اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌــﺎﳌﻴﺔ وﻣﺴــﺎﻧﺪﺗﻬﺎ ﰲ ﺟــﻤﻴﻊ ﺧـﻄﻄﻬﺎ ﻣﻦ أﺟـﻞ‬
‫اﻟﻬـﻴﻤﻨﺔ اﻟﻴﻬــﻮدﻳﺔ ﻋﲆ ﻛﻞ اﻟﻌــﺎ و ﺗــﺄﻣ ﻣﻨﺎﻓــﻌﻬﻢ وإﻋﻼء ﺷﺄﻧﻬﻢ‬
‫و ﺗﻜــﺎﻣﻞ ﻋــﺮﻗﻬﻢ ﻓـﻜﺮﻳﺎ ً وروﺣـﻴﺎً‪ ،‬و ﺗـﺰﻋﻢ ﻫـﺬه اﻟﺠـﻤﻌﻴﺔ أﻧﻬﺎ ﺟﻤﻌــﻴﺔ‬

‫‪١٣٢‬‬
‫ﺧـ ﻳﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ و ﻫﻮ ﺛﻮب ﻳﺨﻔﻲ وراءه ﻏ ذﻟﻚ‪ .‬و ﻗﺪ أﻓﺘﺘﺢ ﰲ ﻋﺎم ‪١٨٨٣‬م‬
‫اﳌﺤﻔﻞ اﻷول ﻟﻬﺎ ﰲ ﺑﺎرﻳﺲ وﺑﺮ ﻟ و ﺗﻄﻮر ﻣﺤﻔﻞ ﺑﺮﻟ ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻐﺖ ﻓﺮوﻋﻪ‬
‫ﺎﻧ ﻓﺮﻋﺎ ً وﻗﺪ أﺳﻬﻤﺖ ﺑﻨﺎي ﺑﺮث ﰲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺜﻮرات و اﻟﺤﺮوب اﻟﺘﻲ وﻗﻌﺖ‬
‫ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ و اﻟﻘﺮون اﻟﻌﴩﻳﻦ و ﻗﺪ ﻧﻔﺜﺖ ﴍورﻫﺎ وﻏﺮﺳﺖ ﺑﺬور‬
‫اﻟﴩ اﻟﺼﻬﻴﻮ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ‪١٨٦٥‬م ﻣ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﰲ ﻋﺎم ‪١٨٨٨‬م ﺗﺒﻨﻲ ﻟﻬﺎ ﻣﺤﻔﻼً ﰲ‬
‫ﻓﻠﺴﻄ ﻷول ﻣﺮة و ﻗﺪ أﺳﺴﺖ ﺑﻌﺾ اﳌﺴﺘﻌﻤﺮات اﻟﺼﻐ ة وﺑﺬﻟﻚ و ﺿﻌﺖ‬
‫ﻧﻮاة اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻴﻬﻮدي اﻟﻘﻮﻣﻲ اﳌﻨﺘﻈﺮ‪.‬‬
‫و ﻻ ﺗﺰال ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺑﻨﺎي ﺑﺮث ﻗﻮة ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﻋﺎﳌﻴﺔ و ﺳﻼﺣﺎ ً ﻣﺎﺿﻴﺎ ً ﺧﻄﺮا ً ﰲ‬
‫ﻳﺪ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻟﻠﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ اﻟﻌﺎ وﻳﻜﻔﻲ أن ﺗﻌﻠﻢ أﻳﻬﺎ‬
‫اﻟﻘﺎرئ اﻟﻜﺮﻳﻢ أن رﺋﻴﺲ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻓﻴﻠﻴﺐ ﻛﻠﻮزﻳﻨﻚ ﻗﺪ ﻋ ﰲ ﻋﻬﺪ‬
‫اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻳﺰﻧﻬﺎور رﺋﻴﺴﺎ ً ﻟﻠﻮﻓﺪ اﻷﻣﺮﻳ ﻟﺪى اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة‪.‬‬
‫وﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻧﱪﻫﻦ ﻋﲆ ﺗﻐﻠﻐﻠﻬﺎ ﺑ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ وإﺣﺘﻮاﺋﻬﺎ‬
‫ﻟﻬﻢ ﻻﺑﺪ أن ﻧﺬﻛﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺬي أدﱄ ﺑﻪ ﻓﻮﺳﱰ داﻻس ﰲ ﻣﺤﻔﻞ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ‬
‫اﻷﻋﻈﻢ ﺑﺘﺎرﻳﺦ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ‪١٩٦٥‬م واﻟﺬي ﻗﺎل ﻓﻴﻪ إ)ن ّ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻐﺮب ﻗﺎﻣﺖ ﰲ‬
‫أﺳﺎﺳﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﰲ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻟﻺ ﻧﺴﺎﻧﻴﺔ و ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺠﺐ أن‬
‫ﺗﺪرك اﻟﺪول اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ إﻧﻪ ﻳﺘﺤﺘﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻌﺰم أﻛﻴﺪ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ‬
‫اﳌﺪﻧﻴﺔ ﰲ ﻣﻌﻘﻠﻬﺎ اﻟﺤﺎﱄ إﴎاﺋﻴﻞ(‪.‬‬

‫اﻟﻜﺘﺎﺷﻴــﺔ‪:‬‬

‫ﻟﻘﺪ أﺛﺒﺖ اﻟﺘﺎرﻳﺦ إﺛﺒﺎﺗﺎً ﻗﺎﻃﻌﺎً أن اﻟﻴﻬﻮد و راء ﻛﻞ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﴎﻳﺔ و أﻧﻬﻢ ﻣﺸﱰﻛﻮن‬
‫ﰲ ﺗﺄﺳـﻴﺴﻬﺎ ووﺿـﻊ أﻫﺪاﻓﻬﺎ و ﻣﺒﺎدﺋﻬﺎ ﻓﺈن ﻧﺠــﺤﺖ اﻟﺠــﻤﻌﻴﺔ أو ﻓﺸـﻠﺖ ﻓﺈن ﻳــﺪ‬
‫‪١٣٣‬‬
‫اﻟﻴﻬﻮد ﺗﻜﻮن ﻇﺎﻫﺮة ﻻ ﺗﺨﻔﻲ أﺑﺪا ً و ذﻟﻚ ﰲ ﻛﻞ ﺑﻠﺪ ﻣﻦ ﺑﻠﺪان اﻟﺪﻧﻴﺎ‬
‫ﺑﺄﺟﻤﻌﻬﺎ‪ .‬وﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﻜﺘﺎﺷﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻟﺘﻲ أوﺟﺪﻫﺎ اﻟﻴﻬﻮد ﰲ‬
‫ﺗﺮﻛﻴﺎ و ﻗﺪ ﻇﻬﺮت ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺻﻮﻓﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﻏ و ذﻟﻚ‬
‫ﺣﺴﺐ ﺗﺨﻄﻴﻂ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ و اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺪﻣ اﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ‬
‫و ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻣﺮﺑﻮﻃﺔ ﺑﺎﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﰲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻓﻬﻲ ﺗﺒﴩ ﺑﺎﻷﻓﻜﺎر‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻹﻟﺤﺎدﻳﺔ وﻳﻨﺪرج ﺗﺤﺖ ﻟﻮاﺋﻬﺎ اﳌﺠﺮﻣﻮن و اﳌﻠﺤﺪون و اﻟﺤﺎﻗﺪون ﻋﲆ‬
‫اﻟﺪول‪ .‬و ﻗﺪ ﻛﺎن ﻟﻬﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻷﺛﺮ اﻟﻌﻤﻴﻖ ﰲ زﻋﺰﻋﺔ ﺣﻜﻢ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻋﺒﺪ‬
‫اﻟﺤﻤﻴﺪ اﻟﺜﺎ و ﻗﺪ ﺧﻠﻘﺖ ﻟﻪ اﳌﺘﺎﻋﺐ ﺧﺼﻮﺻﺎ ً ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺎوﻟﻮا اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ‬
‫اﻟﺤﻜﻢ ﰲ أﻟﺒﺎﻧﻴﺎ‪ .‬و ﻟﻘﺪ رﻛﺰ اﻟﻴﻬﻮد و ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص أﻳﺎم اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ‬
‫ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻋﲆ ﺗﺪﻣ اﻟﺨﻼﻓﺔ و ﺗﺪﻣ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻷﻧﻪ رﻓﺾ‬
‫ﻋﺮﺿﻬﻢ ﺑﺄن ﻨﺤﻬﻢ ﻓﻠﺴﻄ ﻓﺄﺳﺴﻮا ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻋﺪة ﺟﻤﻌﻴﺎت ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﳌﺎﺳﻮن‬
‫ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ واﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ و ﻗﺪ ﻧﺠﺤﻮا ﰲ‬
‫ذﻟﻚ ﻧﺠﺎﺣﺎ ً ﻛﺒ ا ً ﻓﺪﻣﺮوا اﻟﺴﻠﻄﺎن واﻟﺨﻼﻓﺔ ﻣﻌﺎً و أوﺟﺪوا ﺣﻜ ً ﻳﻠﺒﻲ ﻣﻄﺎﻟﺒﻬﻢ‬
‫وﻳﺴ ﻋﲆ ﻣﻨﻬﺠﻬﻢ و ﻻ ﻳﻌﺎرض ﰲ ﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻬﻢ و ﺗﻌﺎوﻧﺖ اﳌﺤﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻣﻊ‬
‫ﻣﺎﺳﻮن ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺗﻌﺎوﻧﺎ ً وﺛﻴﻘﺎً ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻘﻖ ﻣﺮادﻫﻢ و ﻛﺎﻧﺖ ﴐﺑﺔ ﻗﺎﺿﻴﺔ أﻟﻴﻤﺔ‬
‫ﻟﻺﺳﻼم و اﳌﺴﻠﻤ و ﻻ ﻳﺰال اﳌﺴﻠﻤﻮن ﻳﻌﺎﻧﻮن ﻣﻦ أﺛﺮ ﻫﺬه اﻟﴬﺑﺔ و ﻳﺘﻢ‬
‫ﺷﻔﺎؤﻫﻢ ﻣﻦ ﻣﻀﺎﻋﻔﺎﺗﻬﺎ ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم‪.‬‬

‫اﻟﺒﻬﺎﺋﻴـــــﺔ‪:‬‬

‫ﻟﻘﺪ أﺳﺴﺖ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﰲ إﻳﺮان ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺒﻬﺎﺋﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﻄﻴﻢ‬
‫اﻹﺳﻼم و اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻪ وﺗﻘﺮﻳﺐ اﻟﻔﺮس ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد ﺷﻴﺌﺎً ﻓﺸﻴﺌﺎً ﺣﺘﻰ ﺗﺰول‬

‫‪١٣٤‬‬
‫اﻟﻌﺪاﺋﻴﺔ اﳌﺘﻮارﺛﺔ ﰲ اﻟﻨﻔﻮس‪ .‬ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ‪١٨٤٨‬م أﺳﺲ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ رﺟﻞ ﻓﺎرﳼ‬
‫ﻳﺪﻋﻰ ﺑﻬﺎء وﻫﻮ ﻳﺪ ّﻋﻲ إﻧﻪ اﻹﻣﺎم اﳌﺴﺘﻮر اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻠﻤﻪ وﻳﻨﻘﻞ رأﻳﻪ و ﺳﻤﻰ‬
‫ﻓﺮﻗﺘﻪ أو ﺟﻤﻌﻴﺘﻪ اﻟﺒﺎﺑﻴﺔ ﺛﻢ ﻏ وا ﻫﺬااﻹ ﺳﻢ وﺳﻤﻮﻫﺎ اﻟﺒﻬﺎﺋﻴﺔ وﻟﻬﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ‬
‫ﻣﺆﻟﻔﺎت ﻛﺜ ة و ﻫﻲ ﺗﺤﺎرب اﻟﻮﺣﺪاﻧﻴﺔ واﻟﺘﻮﺣﻴﺪ وﺗﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﺠﺴﻴ ً و ﺗﺮى‬
‫اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﳌﺤﻤﺪﻳﺔ إﻧﺘﻬﺖ ﰲ ﻋﺎم ‪١٢٦‬ﻫـ وﻳﺮى ﻟﻠﺼﻼة و اﻟﺼﻴﺎم و اﻟﺤﺞ و اﻟﺰﻛﺎة‬
‫و اﻟﺠﻬﺎد واﻟﻘﻴﺎﻣﺔ اﻟﻜﱪ ى ﻣﻌﺎ ﺧ ُ ﻔﻴﺖ ﻋﲆ ﻣﺤﻤﺪ و ﻋﲆ أﺻﺤﺎﺑﻪ وﻋﲆ اﻷ ﺔ‬
‫اﳌﺠﺘﻬﺪﻳﻦ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻇﻬﺮت ﻟﺰﻋ ء اﻟﺒﻬﺎﺋﻴﺔ ﻓﺄدرﻛﻮﻫﺎ و ﻓﻬﻤﻮا ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ‪.‬‬
‫وﻗﺪ إﻟﺘﻘﺖ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻣﻊ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﰲ ﻫﺪﻓ ﺟﻮﻫﺮﻳ ‪ :‬أوﻟﻬ‬
‫اﻟﺤﺮب اﻟﺸﻌﻮاء ﻋﲆ اﻟﺒﺎﺑﻮﻳﺔ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ و ﺛﺎﻧﻴﻬ اﻟﺤﺮص اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻋﲆ إﻗﺎﻣﺔ‬
‫ﻫﻴﻜﻞ ﺳﻠﻴ ن ﰲ اﻟﻘﺪس ﻣﻜﺎن اﳌﺴﺠﺪ اﻷﻗﴡ‪ .‬و اﻟﺘﻘﺖ ﻣﻊ ﺷﻬﻮد ﻳﻬﻮه ﰲ‬
‫ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻫﺪاف اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ‪.‬‬
‫و ﻣﻦ ﻣﺒﺎدئ اﻟﺪﻋﻮة اﻟﺒﻬﺎﺋﻴﺔ ﻣﺎ ﻳﲇ‪:‬‬
‫‪ -‬ﺗﻮﺣﻴﺪ اﻷدﻳﺎن ﻛﻠﻬﺎ ﰲ دﻳﻦ واﺣﺪ‪ .‬و ﻣ ﺟﺎء ﰲ ذﻟﻚ ﰲ ﻛﺘﺐ اﻟﺒﻬﺎﺋﻴ ‪:‬‬
‫)إن ﺣﴬة ﻋﺒﺪاﻟﺒﻬﺎء ﻣ ُﺠﺪ ّ ﰲ ﺗﻐﻴ دﻳﺎﻧﺔ آﺳﻴﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻮﺣﺪ ﺑ‬
‫اﳌﺴﻠﻤ و اﻟﻨﺼﺎرى و اﻟﻴﻬﻮد وﻳﺠﻤﻌﻬﻢ ﻛﻠﻬﻢ ﻋﲆ أﺻﻮل ﻧﻮاﻣﻴﺲ‬
‫ﻣﻮﳻ(‪.‬‬
‫‪) -‬إن ﻋﻤﻞ ﻣﻮﳻ ﻻ ﻳﺴﺎوﻳﻪ ﺳﻮاه ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺪﻧﻴﺎ( ) إن ﻣﺠﻲء ﺑﻬﺎء ﷲ‬
‫ﺗﻌﻤ ﻷورﺷﻠﻴﻢ ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﺮﻓﺄ ﺣﻴﻔﺎ أﻟﻮﻓﺎً ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل و اﻟﻨﺴﺎء(‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺟﺎءت اﻟﺒﻬﺎﺋﻴﺔ ﺑﺠﺪﻳﺪ ﰲ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ و ﻟﻜﻨﻪ ﻗﺪﻳﻢ ﰲ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ اﻟﻴﻬﻮدي‬

‫‪١٣٥‬‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻲ ﻷن اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻷدﻳﺎن وﺧﺼﻮﺻﺎً اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ واﻹﺳﻼم ﻫﺪف أﺻﻴﻞ‬
‫ﻋﻨﺪ اﻟﻴﻬﻮد و ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺒﻬﺎﺋﻴﺔ وﺳﻴﻠﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻬﺪم اﻹﺳﻼم‬
‫ﺧﺎﺻﺔ وﺑﻘﻴﺔ اﻷدﻳﺎن ﻋﺎﻣﺔ و ﻛﻮن ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ودﻋﻮﺗﻬﺎ ﺧﻄﺔ ﻳﻬﻮدﻳﺔ‬
‫و ﻓﺮع ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻻ ﻳﺤﺘﺎج إﱃ ﻛﺒ ﻋﻨﺎء ﻟﻴﻜﺘﺸﻒ‪.‬‬
‫إن ﻣﻮﻗﻒ زﻋﻴﻢ اﻟﺒﻬﺎﺋﻴﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد ﻳﺪل دﻻﻟﺔ واﺿﺤﺔ ﻋﲆ‬
‫ﺻﻠﺘﻪ اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺑﺎﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻓﻘﺪ أﻗﺎم ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺪاﻓﻌﺎً‬
‫ﻣﺴﺘﻤﻴﺘﺎ ً ﻋﻦ اﻟﻴﻬﻮد ﺛﻢ اﺗﻔﻖ ﻣﻊ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻋﲆ ﻧﺴﺦ ﻓﺮﻳﻀﺔ اﻟﺠﻬﺎد‬
‫وإزاﻟﺘﻬﺎ ﰲ ﻧﻔﺲ اﳌﺴﻠﻢ ﺛﻢ ﺟﻌﻞ ﻋﻘﻴﺪﺗﻪ ﻣﺜﻞ ﻋﻘﻴﺪة اﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ وﻫﻲ أن‬
‫اﻟﺠﻨﺔ إ ﺎ ﻫﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻛ ل ﰲ اﻟﺤﻴﺎة وﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ ﻗﻴﺎم دوﻟﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ و أن اﻟﻨﺎر ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻘﺺ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ أي ﺣﻜﻢ اﻷﻣﻤﻴ ﻗﺒﻞ دوﻟﺔ اﻟﻴﻬﻮد‪.‬‬
‫و ﻗﺪ أﻋﻠﻦ اﻟﺒﻬﺎء اﻟﺤﺮب ﻋﲆ اﻹﺳﻼم و ﻧﺴﺦ اﻟﴩﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ و ﻛﻞ ﻫﺬا‬
‫وزﻳﺎدة ﺟﺎء ﰲ ﻛﺘﺎب اﻟﺒﻬﺎء )ﻣﻔﺎوﺿﺎت ﻋﺒﺪ اﻟﺒﻬﺎء(‪ ،‬وﺟﺎء ﻓﻴﻪ‪ ) :‬ﻳﺒﻖ‬
‫ﻟﺘﻠﻚ اﻟﴩﻳﻌﺔ ﺣﻜﻢ( أي ﴍﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼم‪ .‬إن اﻟﺒﻬﺎﺋﻴﺔ ﻗﺎﻣﺖ أﺳﺎﺳﺎً ﻟﺨﺪﻣﺔ‬
‫اﻟﻴﻬﻮد و ﻗﺪ إﺑﺘﻜﺮت أﺳﻠﻮﺑﺎ ً ﺟﺪﻳﺪا ً ﻳﻔﻮق اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﳌﺨﻠﺼﺔ ﰲ اﻟﺪﻋﻮة ﳌﺎ‬
‫ﻳﺪﻋﻮن ﻟﻪ و ﻗﺪ أﻗﺒﻠﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺗﺄﺳﻴﺴﻬﺎ و ﺣﻤﻠﻮا راﻳﺘﻬﺎ و ﻛ وا ﺳﻮادﻫﺎ‬
‫و أﻗﺎﻣﻮا ﻟﻬﺎ اﳌﺤﺎﻓﻞ اﻟﺨﺎﺻﺔ و ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺎﻟﺪﻋﻮة ﻟﻬﺎ و ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﺣﺘﻰ اﻵن‬
‫ﻳﺪﻋﻮن ﻟﻬﺎ ﰲ ﻧﺸﺎط و وﻓﺎء‪.‬‬
‫و ﻳﺸــﺒﻪ ذﻟﻚ إﱃ ﺣﺪ ﻛﺒ اﻟﺘﺄﻳﻴﺪ اﳌﻜﺸــﻮف و اﻹرﺗﻴــﺎح اﻟﺸـﺪﻳﺪ‬
‫و اﻟﺰﻳــﺎرات اﳌﺸـــﺒﻮﻫﺔ و اﳌﺘــﻮاﺗﺮة ﻟﺤــﺮﻛﺔ اﻟﺤــﺰب اﻟﺠﻤﻬــﻮري ﰲ‬
‫اﻟﺴــﻮدان اﻟﺬي ﺗﺰﻋﻤــﻪ ﻣﺤــﻤﻮد ﻣﺤــﻤﺪ ﻃــﻪ اﻟﺬي ﺗﺸــﺒﻪ ﻣﺒﺎدﺋﻪ‬
‫ﻣﺒــﺎدئ اﻟﺒﻬــﺎﺋﻴﺔ ﰲ ﻛﺜ ﻣﻦ اﻟﻮﺟـﻮه و ﻗﺪ ﻛﺘﺐ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻴﻮخ اﻷﺟﻼء‬
‫‪١٣٦‬‬
‫ﻛﺘﺎﺑﺎ ً ﻳﻜﺸﻒ ﻓﻴﻪ ﻫﺬه اﳌ رﺳﺎت‪ .‬وﰲ إﻋﺘﻘﺎدﻧﺎ ﺣﺴﺐ اﻟﻮاﻗﻊ اﳌﻠﻤﻮس أن‬
‫ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ أﻳﻀﺎ ً ﻣﻦ وﺿﻊ اﻟﻴﻬﻮد ﰲ اﻟﺴﻮدان و ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﻜﻮن وﺛﻴﻘﺔ اﻟﺼﻠﺔ‬
‫ﺑﺎﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻷن اﳌﺎﺳﻮن ﻗﺪ أﻳﺪوﻫﺎ ﺑﻼ ﺗﺤﻔﻆ وراﺣﻮا ﻳﺪاﻓﻌﻮن ﻋﻨﻬﺎ ﰲ‬
‫ﺣ س‪ ،‬وﻫﻢ ﻻ ﻳﻔﻌﻠﻮن ذﻟﻚ إﻋﺘﺒﺎﻃﺎ ً و ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﻜﺸﻒ اﻷﻳﺎم ﰲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ‬
‫ﺧﻴﻮط اﻹﺗﺼﺎل ﺑﺎﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺗﺮﻛﻴﺎ اﻟﻔــﺘﺎة‪:‬‬
‫إن ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺗﺮﻛﻴﺎ اﻟﻔﺘﺎة ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻜﻮن ﰲ أول اﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﺿﺒﺎط ﰲ اﻟﺠﻴﺶ‬
‫اﻟﱰ و ﺑﻌﺾ اﳌﺪﻧﻴ اﻟﺬﻳﻦ أﺣﺰﻧﻬﻢ ﻣﺎ ﺣﻞ ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜ ﻧﻴﺔ وإﻧﺘﺸﺎر اﻟﻈﻠﻢ‬
‫وإﺿﻄﺮاب اﻷﺣﻮال و ﻗﺪ إﻧﺘﻬﺰت اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻓﺄﻳﺪﺗﻬﻢ ﺗﺄﻳﻴﺪا ً ﻛﺎﻣﻼً‬
‫و ﺟﻌﻠﺖ ﺗﺒﴩ ﺒﺎدﺋﻬﻢ وإﺣﺘﻮﺗﻬﻢ وﺿﻤﺘﻬﻢ ﺑ ﺟﻨﺎﺣﻴﻬﺎ وراﺣﺖ ﺗﻘﻨﻌﻬﻢ‬
‫ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺒﻐﺾ اﻟﻈﻠﻢ أﻳﻀﺎ ً و ﺗﻜﺮه اﻹﺳﺘﺒﺪاد‪ .‬و ﳌﺎ ﻛﺎن ﻫﺆﻻء اﻟﻀﺒﺎط ﰲ ﺣﺎﺟﺔ‬
‫إﱃ اﳌﺎل ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺎ ﻋﺰﻣﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻘﺪ ﺑﺬﻟﺖ ﻟﻬﻢ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﳌﺎل ﺑﺴﺨﺎء‬
‫و ﺳﺎﻋﺪ ﻋﲆ ذﻟﻚ أوﻟﺌﻚ اﻟﻴﻬﻮد اﳌﻨﺘﴩون ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻌﻬﺪ و اﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﻌﻮن ﻟﺘﺪﻣﻲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜ ﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ رﻓﻀﺖ اﻹ ﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﳌﺎ ﻃﻠﺒﻮه ﻓﻠ‬
‫رأوا ﻗﻮة اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ وإﻧﺘﻈﺎم اﻟﻀﺒﺎط ﻓﻴﻬﺎ وأن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻗﺪ روﺿﺘﻬﻢ وﺿﻤﺘﻬﻢ‬
‫إﱃ ﺻﻔﻮﻓﻬﺎ ﺑﺬﻟﻮا اﳌﺎل ﺑﺴﺨﺎء وراح اﻟﻴﻬﻮد و اﳌﺎﺳﻮن ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻋﲆ ﺗﺄﻳﻴﺪﻫﻢ‬
‫ﰲ اﻟﺨﺎرج ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺤﺖ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﰲ ﻓﺮﻧﺴﺎ و اﻳﻄﺎﻟﻴﺎ و ﻏ ﻫﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻘﻮة‬
‫ﻹﻧﺠﺎح اﳌﺨﻄﻂ وإﻣﺪاده ﺑﺎﳌﺎل و اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ و ﻣﺪه ﺑﺎﳌﻌﻠﻮﻣﺎت واﻷﴎار و ﻣﴤ‬
‫اﻟﺤﺎل ﰲ اﻟﺨﻔﺎء إﱃ أن ﺗﻢ اﻹﻧﻘﻼب اﳌﺮﺟﻮ‪ .‬وﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ رﻓﻌﺖ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬
‫رأﺳﻬﺎ وﻋــﺰت اﻟﻨﺠــﺎح و اﻟﻔــﻮز ﻟﻬﺎ و ﺻـﻮرت ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺗﺮﻛﻴﺎ اﻟﻔﺘﺎة ﺑﺄﻧﻬﺎ‬
‫ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻣﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻣﺤﻀﺔ‪ .‬وﻳﻘﻮل اﻟﺸـﻴﺦ رﺷـﻴﺪ رﺿﺎ‪) :‬إن اﻹﻧﻘـﻼب اﻟﻌﺜ‬
‫‪١٣٧‬‬
‫ﺟﺎء ﺑﺘﺪﺑ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺗﺮﻛﻴﺎ اﻟﻔﺘﺎة ﰲ ﺳﺎﻟﻮﻧﻴﻚ و ﻣﻨﺎﺳﱰ وإﻧﻪ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ اﻟﺠﻴﺶ‬
‫اﻟﻌﺜ وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ أﻫﺪاف ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ ﺛﻢ‬
‫ﺗﺘﺤﻮل ﺑﻌﺪ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف إﱃ ﺗﺤﻘﻴﻖ أﻫﺪاف اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻷ ُم اﻟﺘﻲ‬
‫أﻧﺸﺌﺖ ﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ و ﻗﺪ ﺣﻘﻘﺖ ﻣﺎ أرادت ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺨﻴﺎﻧﺎت‬
‫واﳌﺆ اﻣﺮات و ﺗﻬﺎوت اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ و أﻗﻴﻤﺖ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ دوﻟﺔ ﻋﻠ ﻧﻴﺔ ﻣﻠﺤﺪة‪.‬‬
‫إن ﻓﻜﺮة ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺗﺮﻛﻴﺎ اﻟﻔﺘﺎة ﻧﺒﻌﺖ أﺻﻼً ﰲ اﳌﺤﻔﻞ اﳌﺎﺳﻮ ﰲ ﺳﺎﻟﻮﻧﻴﻚ اﻟﺘﺎﺑﻊ‬
‫ﻹدارة اﻟﴩق اﻷﻋﻈﻢ اﻹﻳﻄﺎﱃ اﻟﺬي ﻓﺮض ﻓﻴ ﺑﻌﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻛ ل أﺗﺎﺗﻮرك‬
‫رﺋﻴﺴﺎ ً ﻟﻠﺪوﻟﺔ‪.‬‬
‫إن ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺗﺮﻛﻴﺎ اﻟﻔﺘﺎة ﻫﻲ ﻣﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻻ ﺷﻚ ﰲ ذﻟﻚ ﻓﻔﻲ ﻋﺎم‬
‫‪١٩٠٠‬م ﻗﺮر ﻣﺤﻔﻞ اﻟﴩق اﻷﻋﻈﻢ اﻟﻔﺮﻧﴘ إزاﺣﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ‬
‫ﻟﺮﻓﻀﻪ ﻣﻄﺎﻟﺐ اﻟﻴﻬﻮد ﰲ ﻓﻠﺴﻄ و ﺑﺪأ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻊ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ رﺑﻄﺖ‬
‫ﻛﻔﺎﺣﻬﺎ ﻣﻊ ﻣﺤﻔﻞ اﻟﴩق اﻷﻋﻈﻢ اﻹﻳﻄﺎﱄ واﳌﺤﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ‪ .‬و ﻗﺪ‬
‫ﻧﴩت ﺟﺮﻳﺪة ﺑﺎرﻳﺴﻴﺔ أﺳﺌﻠﺔ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ ﻣﺮاﺳﻠﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻧﺠﺎح اﻹﻧﻘﻼب وﻗﺪ أﺟﺎب‬
‫ﻋﲆ اﻷﺳﺌﻠﺔ ﻋﻀﻮ ﺗﺮ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ و ﻫﻮ ﻋﻀﻮ أﻳﻀﺎ ً ﰲ اﳌﺤﻔﻞ اﳌﺎﺳﻮ‬
‫ﰲ ﺳﺎﻟﻮﻧﻴﻚ وإﻟﻴﻚ اﻟﺤﺪﻳﺚ‪ ) :‬ﻟﻘﺪ و ﺟﺪﻧﺎ ﺳﻨﺪا ً ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ ً ﻣﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﻓﺎﳌﺤﻔﻼ ن اﻻﻳﻄﺎﱄ و اﻟﻔﺮﻧﴘ ﻗﺪﻣﺎ ﻟﻨﺎ ﺧﺪﻣﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ و وﻓﺮا‬
‫ﻟﻨﺎ اﳌﻼﺟﺊ اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺎ ﻧﺠﺘﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻧﻨﻈﻢ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻛ أﻧﻨﺎ اﺧﱰﻧﺎ‬
‫ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺮﻓﺎق ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﳌﺤﻔﻠ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﺳﺎﻋﺪا ﻟﺠﻨﺘﻨﺎ ﻣﺜﻞ ﻏﺮﺑﺎل ﻧﻈﺮا ً ﳌﺎ‬
‫ﻛﺎﻧﺎ ﻳﺒﺪﻳﺎﻧﻪ ﻣﻦ دﻗﺔ اﻹﺳﺘﻔﺴﺎر ﻋﻦ اﻷﻓﺮاد و ﻛﺎن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﴪي ﻳﺠﺮي ﰲ‬
‫ﺳﺎﻟﻮﻧﻴﻚ و أﻏﻠﺐ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﻳﻬﻮد اﻟﺪو ﺔ و ﻗﻠ ﺗﺜﺎر اﻟﺸﻜﻮك ﰲ‬
‫اﻟﻘﺴﻄﻨﻴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻓﻴﻨﺎ‪ ،‬ﻳﻀﺎف إﱃ ذﻟﻚ اﻟﺸﻔﺎﻋﺔ اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻓﻘﺪ وﻋﺪ‬
‫ﻣﺤﻔﻞ اﻟﴩق اﻷﻋﻈﻢ اﻹﻳﻄﺎﱄ ﺑﻀ ن ذﻟﻚ(‪.‬‬
‫‪١٣٨‬‬
‫إن ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺗﺮﻛﻴﺎ اﻟﻔﺘﺎة ﻣﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻟﺤ ً ودﻣﺎ ً وأﺑﺎ ً وﺟﺪا ً ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺤﺖ‬
‫اﻟﺼﻠﺔ ﻋﻠﻨﻴﺔ و وﺛﻴﻘﺔ ﺑ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ وﺑ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﻧﺠﺎح اﻟﺜﻮرة‬
‫و اﻹﻧﻘﻼب و ﻗﺪ ﻧﻔﺬت ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻗﺒﻞ اﻹﻧﻘﻼب ﺗﺨﻄﻴﻂ اﳌﺎﺳﻮن‬
‫ﺑﺮﻣﺘﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻬﻴﺌﺔ اﻟﺠﻮ ﻟﻺ ﻧﻘﻼب وﻣﻦ ذﻟﻚ اﻷﻣﺮ اﻟﺴﻠﻄﺎ ﺑﺘﱰﻳﻚ ﻛﻞ‬
‫اﻟﺸﻌﻮب و اﻟﻌﺪاء ﰲ داﺧﻞ اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﻌﺜ ﻧﻴﺔ ﺎ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻌﺮب ﻣ أدى‬
‫إﱃ اﻟﺘﻔﻜﻚ و اﻟﺘﻔﺮق و اﻟﻌﺪاء ﰲ داﺧﻞ اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ و ﻣﻬﺪ ذﻟﻚ إﱃ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ‬
‫اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ رﻣﺰا ً ﻟﻠﻮﺣﺪة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺟﻤﻌﻴﺔ اﻻﺗﺤﺎد و اﻟﱰﻗﻲ‪:‬‬
‫ﻗﺎﻣﺖ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﳌﺸﺒﻮﻫﺔ ﰲ ﺑﺎدئ اﻷﻣﺮ ﰲ ﻗﻠﺐ اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ‬
‫اﻟﻌﺜ ﻧﻴﺔ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳﺎﻟﻮﻧﻴﻚ و ﻗﺪ ﻛﺎن أﻋﻀﺎؤﻫﺎ ﻛﻠﻬﻢ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد ﻓﻬﻲ‬
‫ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﴏﻓﺔ و أﻏﻠﺒﻴﺔ ﺳﻜﺎن ﻫﺬه اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﻮاﻓﺪﻳﻦ ﻣﻦ‬
‫أﺳﺒﺎﻧﻴﺎ‪ ،‬و اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺎﻋﺪوا اﻷﺳﺒﺎن ﻣﺴﺎﻋﺪة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋﲆ اﻟﻘﻀﺎء اﻟﺘﺎم ﻋﲆ‬
‫اﳌﺴﻠﻤ ودوﻟﺔ اﻷﻧﺪﻟﺲ‪ .‬و ﻗﺪ ﻛﺎن ﻟﻠﻴﻬﻮد ﰲ ﺣﻜﻢ اﳌﺴﻠﻤ ﻣﻜﺎﻧﺔ و ﺣﻘﻮق‬
‫ﻣﺮﻋﻴﺔ وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺧﺎﻧﻮا اﳌﺴﻠﻤ ﻷن ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﻢ ﻟﻦ ﺗﺘﻐ أﺑﺪا ً‬
‫و ﻟﻜﻦ اﻷﺳﺒﺎن اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺮﻓﻮﻫﻢ ﺟﻴﺪا ً ورأوا ﺑﺄﻋﻴﻨﻬﻢ ﺟﺰاﺋﻬﻢ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤ‬
‫إﺿﻄﻬﺪوﻫﻢ ﺑﻌﺪ ﺟﻼء اﳌﺴﻠﻤ ﻓﻄﺮدوﻫﻢ إﱃ ﺗﺮﻛﻴﺎ أو أﻏﻠﺒﻬﻢ وﺑﻌﻀﻬﻢ‬
‫ذﻫﺐ إﱃ ﺑﻼد أﺧﺮى ﻣﻦ ﺑﻼد اﳌﺴﻠﻤ و ﻗﺒﻠﻬﻢ اﳌﺴﻠﻤﻮن و ﻳﺤﺎﺳﺒﻮﻫﻢ‬
‫إﻃﻼﻗﺎ ً ﻋﲆ ﺧﻴﺎﻧﺘﻬﻢ و ﻗﺒﻠﺘﻬﻢ ﺗﺮﻛﻴﺎ وﻣﻨﺤﺘﻬﻢ ﺣﻘﻮﻗﺎ ً وإﻣﺘﻴﺎزات و أﻋﻄﺘﻬﻢ‬
‫ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳــﺎﻟﻮﻧﻴﻚ ﻓﺴــﻜﻨﻬﺎ أﻏﻠـﺒﻬﻢ ﻟﻜﻦ ﺗﻔــﺎرﻗﻬﻢ ﻃـﺒﻴﻌﺔ اﻟﺨﻴﺎﻧﺔ و ﺟﺰاء‬
‫اﻟﺴــﻮء ﻋﲆ اﻹﺣﺴـﺎن اﻟﺬي ﻳﻘﺪم إﻟﻴﻬﻢ ﻓﺮاﺣـﻮا ﻳﺘﺂ ﻣــﺮون ﻋﲆ اﻟـﺪوﻟﺔ‬
‫و ﻟـ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺠﻴﺪون اﳌــﻜـﺮ واﻟﺨــﺪاع و اﻟﺘﺴــﱰ ﻓﻘﺪ أﻋـﻠﻨﻮا اﻹﺳــﻼم‬

‫‪١٣٩‬‬
‫ﺟـﻤﻴﻌﺎً ﺣﺘﻰ ﻳﺴﻜﺘﻮا اﻷﺻﻮات اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﺗﺮﺗﻔﻊ ﺑﺎﻟﺸﻚ ﰲ أﻋ ﻟﻬﻢ و ﻧﻮاﻳﺎﻫﻢ‬
‫و ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺾ اﻷﺗﺮاك اﻟﻌﻘﻼء اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﺗﻨﻄﲇ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺨﺪﻋﺔ أﻃﻠﻘﻮا ﻋﻠﻴﻬﻢ‬
‫اﻟﺪو ﺔ و ﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﺗﺮﻛﻴﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ )ﻣﺮﺗﺪ زﻧﺪﻳﻖ ﻣﻠﺤﺪ ﻛﺎذب أي ﻛﺎذب ﻓﻴ‬
‫ﻳﺪﻋﻴﻪ(‪ .‬و ﻗﺪ أدرك ﻫﺆﻻء اﻟﻘﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﱰ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ وﻟﻜﻦ إﻧﺨﺪع‬
‫اﻷﻛ ون وراﺟﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﳌﺎﻛﺮة ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﺬﻳﻦ ﺮﺳﻮا ﻃﻮل ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ‬
‫ﺑﺎﻟﻨﻔﺎق و اﻟﻜﺬب و اﳌﻜﺮ ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ دﻳﺪﻧﻬﻢ و ﺷﻌﺎرﻫﻢ و ﻣﻴﺰﺗﻬﻢ ﺑ‬
‫أﻣﻢ اﻷرض ﻗﺎﻃﺒﺔ و ﻫﺬا ﻻ ﻳﺤﺘﺎج إﱃ ﺑﻴﺎن أو ﺗﻮﺿﻴﺢ ﻷن اﻷﺣﺪاث اﳌﻌﺎﺷﺔ‬
‫ﺗﺆﻛﺪه ﻛﻞ ﻳﻮم‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻘﻄﺖ اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ اﻷﻧﺪﻟﺲ ﻋﺎم ‪١٤٩٢‬م ﻋﲆ ﻳﺪ‬
‫اﻷﺳﺒﺎن و اﺿﻄﻬﺪوا اﻟﻴﻬﻮد ﻫﺎﺟﺮ ﻓﺮﻳﻖ ﻣﻨﻬﻢ إﱃ ﺗﺮﻛﻴﺎ ورﺣﺒﺖ ﺑﻬﻢ ﺗﺮﻛﻴﺎ‬
‫و أﻋﻄﺘﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻮق ﻓﻮق ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪون وإدﻋﻮا اﻟﺪﺧﻮل ﰲ اﻹﺳﻼم وﻋﻤﻠﻮا ﺿﺪ‬
‫اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻲ أﻛﺮﻣﺘﻬﻢ و ﻣﻜﻨﺖ ﻟﻬﻢ ﰲ ﺳﺎﻟﻮﻧﻴﻚ ﺣﺘﻰ ﻏﺪوا ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ‬
‫ﻓﺄﻓﺴﺪوا اﻟﺪوﻟﺔ ﺟﺰاء ﻣﺎ ﻗﺪم ﻟﻬﻢ ﻣﻦ إﺣﺴﺎن‪ .‬وﻗﺪ إدﻋﻰ أﺣﺪﻫﻢ إﻧﻪ ﻧﺒﻲ وإﻧﻪ‬
‫اﳌﺴﻴﺢ اﳌﻨﺘﻈﺮ وﺗﺒﻌﻪ ﻛﺜ ﻣﻨﻬﻢ‪ .‬و ﻫﻮ ﻣﺨﻄﻂ ﻣﺮﺳﻮم‪ .‬و ﻗﺪ إﻗﱰن ﻫﺆﻻء ﺑﻜﻞ‬
‫اﻟﺠﺮاﺋﻢ و اﳌﺼﺎﺋﺐ اﻟﺘﻲ ﻧﺨﺮت ﰲ ﺟﺴﻢ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ و ﳌﺎ ﻗﻀﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ‬
‫ﻧﻬﺎﻳﺔ اﳌﻄﺎف وﻟﻮا ﻛ ل أﺗﺎﺗﻮرك وﻋﺼﺎﺑﺘﻪ ـ و ﻫﻢ ﺻﻨﺎﺋﻌﻬﻢ ـ زﻣﺎم اﻷﻣﻮر ﰲ ﻋﺎم‬
‫‪١٩٠٩‬م ﺑﻌﺪ ﻋﺰل اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻋﺎﺷﺖ ﻫﺬه اﻟﻔﺌﺔ ﺑﻮﺟﻬ و ﻫﻮ أﻣﺮ ﻳﺠﻴﺪه اﻟﻴﻬﻮد وﻳﻌﻤﻠﻮن ﺑﻪ دا ﺎً‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪون إﺧﱰاق اﻟﻐ و ﺗﺪﻣ ﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ﻓﻬﻢ ﻛﺎﳌﺴﻠﻤ ﺎﻣﺎً ﻳﺼﻠﻮن‬
‫وﻳﺤﺠﻮن ﺑﻴﺖ ﷲ اﻟﺤﺮام و ﻻ ﻳﺪﻋﻮن ﺷﻴﺌﺎً ﻣﻦ ﻣﺒﺎدئ اﻹﺳﻼم إﻻ ﻓﻌﻠﻮه ﰲ‬
‫اﻟﻈﺎﻫﺮ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﺪﻋﻮن ﻗﻮﻻً ﻟﻘﺎﺋﻞ ﰲ أﻧﻬﻢ ﻣﺴﻠﻤﻮن‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﻮﺟـﻪ اﻵﺧـﺮ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻘـﺮأون اﻟﺘﻠﻤـﻮد واﻟﺘـﻮراة وﻳﺮﺗﻠﻮن ﺑﺎﻟﻌﱪﻳﺔ وﻳﺄﻛﻠﻮن‬

‫‪١٤٠‬‬
‫اﻟﻔﻄ وﻳﻘﻴﻤﻮن ﰲ أوﻛﺎرﻫﻢ أﻋﻴﺎدﻫﻢ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﻣﺜﻞ ﻋﻴﺪ اﻟﻨﻮر وﻋﻴﺪ اﻟﺤﺎﻓﻮﻛﺎ‬
‫وﻳﺆدون ﻛﻞ اﻟﺸﻌﺎﺋﺮ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﰲ ﺣﺮص وإﺧﻼص و ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮن إﻃﻼﻗﺎً ﺑﺪﻳﻦ ﻏ‬
‫اﻟﻴﻬﻮد‪.‬‬
‫و اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﻘﺎﻃﻊ و اﻟﱪﻫﺎن اﻟﺴﺎﻃﻊ و اﻟﺤﺠﺔ اﻟﺒﺎﻫﺮة ﻋﲆ أﻧﻬﻢ ﻳﻌﻴﺸﻮن‬
‫ﺑﻮﺟﻬ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺤﻄﻤﻮا اﻷدﻳﺎن ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ﻣﺎ ذﻛﺮه إﺳﺤﺎق ﺑﻦ رﰲ‬
‫اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻹﴎاﺋﻴﻞ ﰲ ﻛﺘﺎب ﻧﴩه ﺣﺪﻳﺜﺎ ً ﻧﻘﺘﻄﻒ ﻣﻨﻪ اﻵ ‪ ) :‬إن ﻳﻬﻮد‬
‫ﻛﺜ ون و ﻛﺜ ون ﺟﺪاً ﻳﻌﻴﺸﻮن ﺑ اﻟﺸﻌﻮب ﺑﻄﺒﻴﻌﺘ ‪ :‬إﺣﺪاﻫ ﻇﺎﻫﺮة وﻫﻲ‬
‫إﻋﺘﻨﺎق دﻳﻦ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺸﻮن وﺳﻄﻪ إﻋﺘﻨﺎﻗﺎ ً ﺟ ﻋﻴﺎ ً وﻇﺎﻫﺮﻳﺎ ً و اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ‬
‫اﻷﺧﺮى ﺑﺎﻃﻨﻴﺔ و ﻫﻲ إﺧﻼص ﻋﻤﻴﻖ ﻟﻠﻴﻬﻮدﻳﺔ واﻹﻧﻌﺰاﻟﻴﺔ ﺣﻔﺎﻇﺎ ً ﻋﲆ اﻟﺠﻨﺲ‬
‫اﻟﻴﻬﻮدي وﻃﺒﺎﺋﻊ اﻟﻴﻬﻮد‪ .‬وﻳﻨﻔﺬون اﻟﻮﺻﺎﻳﺎ اﳌﻘﺪﺳﺔ ﻻ ﺗﺘﺰاوﺟﻮا إﻻ ﻓﻴ ﺑﻴﻨﻜﻢ‬
‫و ﻻ ﺗﺄﺧﺬوا ﻣﻦ ﻋﺎدات اﻵﺧﺮﻳﻦ إﻻ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﻌﻤﻲ ﻋﻴﻮﻧﻬﻢ ﻋﻦ‬
‫اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ وﻧﺤﺎﻓﻆ ﻋﲆ اﻹﺳﻼ م اﳌﺰدوج‪ .‬ﻟﻘﺪ ﺣﻘﻘﺖ ﻫﺬه اﻻزدواﺟﻴﺔ اﻻﻧﺘﻬﺎزﻳﺔ‬
‫ﻟﻠﻴﻬﻮد ﻛﻠ أرادوا‪ ،‬وﻳﺼﻌﺐ اﻹﳌﺎم ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺬه‬
‫اﻻزدواﺟﻴﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻮﺿﺢ أ ﻮذﺟﺎ ً ﻣﻦ ﻣﻜﺎﺳﺐ إزدواﺟﻴﺔ ﻳﻬﻮد اﻟﺪو ﺔ‬
‫ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ وﻧﻘﻴﺲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻧﻔﺲ اﻷﺷﺒﺎه ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ‪ .‬ﻟﻘﺪ أوﺻﻠﺘﻬﻢ ﻫﺬه‬
‫اﻹزدواﺟﻴﺔ إﱃ ﻣﺮاﻛﺰ ﺣﺴﺎﺳﺔ ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜ ﻧﻴﺔ وﻗﺪ أﺳﺴﻮا ﺣﺰب ﺗﺮﻛﻴﺎ‬
‫اﻟﻔﺘﺎة ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺪﻓﻌﻮا اﻟﻌﺮب ﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﺣﺰب اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻔﺘﺎة ﺗﻨﻔﻴﺬا ً‬
‫ﻟﻠﻤﺨﻄﻂ اﻟﻴﻬﻮدي اﻟﺪو ﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺮﻣﻲ إﱃ ﺷﻄﺮ اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ إﱃ‬
‫ﻗﻮﻣﻴﺔ ﺗﺮﻛﻴﺔ و ﻗﻮﻣﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ وﻗﺪ ﻧﺠﺤﻮا ﰲ ذﻟﻚ أي ﻧﺠﺎح ﺣﺘﻰ ﻗﻀﻮا أﺧ اً ﻋﲆ‬
‫اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪.‬‬
‫واﳌﺘﺄﻣﻞ ﻟﻬﺬا اﳌﺨﻄﻂ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﻌﺪ أﻋ ل اﻟﻔﻜﺮ واﻟﺪراﺳﺔ اﳌﺘﺄﻧﻴﺔ أن ﻳﺤﺼﻞ‬
‫ﻋﲆ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﳌﺪﻫﺸﺔ وﻳﻜﺸﻒ ﺧﻔﺎﻳﺎ اﻷﺣﺪاث اﻟﺘﻲ ﺣﺎر اﻟﻨﺎس ﰲ ﺗﻌﻠﻴﻠﻬﺎ ﻋﲆ‬
‫‪١٤١‬‬
‫ﺣﺴﺐ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ و اﳌﻼﺑﺴﺎت اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ‪ .‬ﻓ ﻣﻦ ﺣﺰب وﻃﻨﻲ أو ﺟﻤﻌﻴﺔ دﻳﻨﻴﺔ‬
‫ﻇﻬﺮت ﻋﲆ اﳌﴪح ﰲ ﻛﻞ دول اﻹﺳﻼ م ﻗﺎﻃﺒﺔ و ﻛﺎن ﻟﻬﺎ أﺛﺮ ﺑﺎرز إﻻ اﺧﱰﻗﻬﺎ‬
‫اﻟﻴﻬﻮد ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ أو ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ أو أي ﻓﺮع ﻣﻦ ﻓﺮوﻋﻬﺎ اﳌﺘﻌﺪدة وﻋﻤﻠﻮا‬
‫ﰲ ﻫﺪوء ﻋﲆ ﺗﺪﻣ ﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ وﺣﻮروا وﻏ وا ﻣﻦ اﳌﺒﺎدئ ﻟﺘﺘﺠﻪ ﰲ‬
‫اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺬي ﻳﺆدي ﳌﺎ ﻳﺮﻳﺪون‪ .‬وﻗﺪ ﻟﻌﺐ ﻫﺬا اﳌﺨﻄﻂ دورا ً رﺋﻴﺴﻴﺎ ً ﺧﻄ ا ً‬
‫و أدى ﻟﻠﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺧﺪﻣﺎت ﻓﺎﺋﻘﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ أﻛ ﻣ ﺗﺆدﻳﻪ اﻟﺤﺮوب ﺑﺎﻫﻈﺔ‬
‫اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ و ﻻ ﻳﺰال اﻟﻌﺎ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻛﻠﻪ ﻳﻐﻂ ﰲ ﻧﻮم ﻋﻤﻴﻖ ﻻ ﻳﻨﺘﺒﻪ ﻟﻬﺬا‬
‫اﳌﺨﻄﻂ ﺑﺎﻟﺬات و ﻻ ﻳﺪري ﺷﻴﺌﺎ ً ﻋ ﻳﺮاد ﺑﻪ وﻳﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﻘﺸﻮر وﻳﺠﺮي وراء‬
‫اﻟﴪاب و ﴚ ﻣﻐﻤﺾ اﻟﻌﻴﻨ ﺻﻮب اﻟﻬﺎوﻳﺔ اﻟﺴﺤﻴﻘﺔ و ﻫﻮ ﻣﻊ ذﻟﻚ أﺻﻢ ﻻ‬
‫ﻳﺴﻤﻊ اﻟﺼﻴﺤﺎت اﻟﺪواﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺬر و ﺗﻜﺸﻒ اﳌﺆاﻣﺮة و ﺗﺒﴫ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻘﻮﻳﻢ‬
‫و ﻻ ﻜﻦ أﺑﺪا ً أن ﻳﻜﻮن اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻛﺎﻟﻘﻄﻴﻊ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت ﻷﻧﻪ أﺳﻮأ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺑﻜﺜ ‪.‬‬

‫ﺟﻤـﺎﻋﺔ اﻟﺮوﺗﺎري‪:‬‬

‫وﻫﻲ ﺟ ﻋﺔ ﺗﻔﺮﻋﺖ ﻋﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﺟﻨﺒﺎً إﱃ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ أﻣﻬﺎ‬

‫و ﺗﻨﻔﺬ ﻛﻞ ﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻬﺎ و ﺗﺴﻬﻢ ﺑﺠﻬﺪ ﻣﻘﺪر ﰲ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ أو اﻟﻘﻮة‬
‫اﻟﺨﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ ﻓﻌﻼً اﻟﻌﺎ ﻛﻠﻪ اﻟﻴﻮم ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺷﻌﺐ ﷲ اﳌﺨﺘﺎر‪.‬‬
‫و ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺗﺘﻈﺎﻫﺮ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻹﻧﺴﺎ وﺗﺘﺤﻤﺲ ﻟﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻏﺮﻳﺐ و ذﻟﻚ ﻣﺜﻞ‬
‫أ ُﻣﻬﺎ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻈﺎﻫﺮ أﻳﻀﺎً ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻹﻧﺴﺎ و ﺗﺪﻋﻲ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺰاول ﻏ ه ﻣﻦ‬
‫اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت و ﺗﻀﻊ اﻟﺮوﺗﺎري ﻧﺼـﺐ أﻋﻴﻨﻬﺎ ﺗﺤﺴ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻃﻮاﺋﻒ اﻷﻣـﺔ‬

‫‪١٤٢‬‬
‫وﺗﻬﺘﻒ ﻞء ﺻﻮﺗﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﺤﴫ ﻛﻞ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﰲ اﳌﺴﺎﺋﻞ اﻹﺟﺘ ﻋﻴﺔ و اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ‬
‫و اﻹﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻻ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺴﻮى ذﻟﻚ و ﻫﺬا اﻟﻘﻮل ﺧﺪاع و ﻮﻳﻪ ﺗﻜﺸﻔﻪ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ‬
‫اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ﻓﻼ ﻋﱪ ة ﺑﺎﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻌﺬﺑﺔ و اﻟﻌﺒﺎرات اﻟﺤﻠﻮة و اﻟﻘﻮل اﻟﻔﺎرغ وإ ﺎ‬
‫اﻟﻌﱪة ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﻣﺤﻚ اﻷﺣﺪاث‪.‬‬
‫و ﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮوﺗﺎري ﺟﻤﻌﻴﺔ ﴎﻳﺔ ذات ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻫﺪاﻣﺔ ﺗﺨﻔﻲ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪه‬
‫و ﺗﻌﻤﻞ ﻟﻪ و ﺗﻈﻬﺮ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺮﻳﺪه و ﻻ ﺗﻌﻤﻞ ﻟﻪ ﻓﺈﻧﻬﺎ إﺟﺘﻬﺪت أن ﺗﻨﴩ أﻓﻜﺎرﻫﺎ‬
‫اﳌﺮﻳﺒﺔ ﰲ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎ وأﻧﺸﺄت ﻟﻬﺎ اﻟﻨﻮادي ﰲ ﻛﻞ ﻋﻮاﺻﻢ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ً‬
‫و ﻗﺪ ﻋﻤﻠﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻋﲆ إﺟﺘﺬاب اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺒﺎرزة ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴ‬
‫ﺧﺎﺻﺔ و اﻟﻌﻠ ء و رﺟﺎل اﳌﺎل و اﻹﻗﺘﺼﺎد وﺣﺘﻰ ﺑﻌﺾ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ ﻏ أﻧﻬﻢ‬
‫ﻳﺸﱰﻃﻮن ﻓﻴﻬﻢ ﺗﺤﻘﻖ اﻟﻐﻔﻠﺔ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪوا ﻣﻦ اﳌﻐﻔﻞ اﻟﻨﺎﻓﻊ ﻋﲆ‬
‫ﺣﺪ ﺗﻌﺒ ﻫﻢ وﰲ ﻧﻮادﻳﻬﻢ ﻳﻘﻴﻤﻮن اﻟﺤﻔﻼت ﰲ ﻓﱰات ﻣﺘﻘﺎرﺑﺔ ﻛﻠ دﻋﺖ‬
‫اﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ ذﻟﻚ و ﻫﻨﺎ ﻳﺘﻬﻴﺄ اﻟﺠﻮ ﻟﻠﻴﻬﻮد ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺤﺼﻠﻮا ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪوﻧﻪ‬
‫ﻟﺘﻨﻔﺬ ﺑﻪ اﻟﺠﺎﺳﻮﺳﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ إﱃ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ‪ .‬وﰲ ﻫﺬه اﻟﻨﻮادي ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻘﺎرب ﺑ‬
‫اﻷدﻳﺎن وإﻟﻐﺎء اﻟﺨﻼﻓﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ و ﺗﺄﻛﻴﺪ اﻷﺧﻮة و ذﻟﻚ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻜﻮن‬
‫اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺻﻔﺎ ً واﺣﺪا ً ﻣﺘﺠﺎﻧﺴﺎ ً ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﺪﻣﺔ ﻛﻞ اﻷﻏﺮاض اﳌﻄﻠﻮﺑﺔ ﺑﺘﻌﺎون ﺗﺎم‬
‫وإﺧﻼص أﻛﻴﺪ‪.‬‬
‫وﻗﺪ إﻧﻄﻠﺖ ﻋﲆ ﻛﺒﺎر اﳌﺴﺌﻮﻟ ﺧﺪﻋﺔ اﻟﺮوﺗﺎري و ﺗﻈﺎﻫﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ‬
‫أﺟﻞ ﺗﻘﺪم اﻟﺒﻼد اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻓﻴﻬﺎ‪ .‬و ﻗﺪ ﺳﻤﻌﺖ ﺑﻨﻔﴘ ﰲ ﻳﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم ﻣﻦ‬
‫اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺴــﻴﺪ‪ /‬إﺳــ ﻋﻴﻞ اﻷزﻫـﺮي ﻗـﻮﻟﻪ إﻧﻨـﺎ ﻧﻌـﻠﻖ آﻣـﺎﻻً ﻛـﺒ ة ﻋﲆ‬
‫اﻹﺟﺘ ع اﻟﺴــﻨﻮي ﻟﻠﺮوﺗــﺎري ﰲ اﳌﺴـﺎﻋﺪة ﻋﲆ ﺗﻨﻔـﻴﺬ اﳌﺸـﺎرﻳﻊ اﻟﺤـﻴﻮﻳﺔ‬
‫ﻟﻠﺒـﻼد‪ .‬و ﻛﻨﺖ ﻳـﻮﻣﻬﺎ أﺟـﻬﻞ ــﺎﻣﺎً اﻟﺼــﻠﺔ اﻟﻮﺛـﻴﻘﺔ ﺑ اﻟﺮوﺗــﺎري‬
‫و اﳌﺎﺳـﻮﻧﻴﺔ‪ ،‬و ﻛﻨﺖ ﻳﻮﻣﺎ آﺧﺮ ﰲ ﺧﻠﻮة ﻻ ﺗﻀﻢ ﺳـﻮي اﻟﺴـﻴﺪ ﺣﺴـﻦ ﻋـﻮض ﷲ‬
‫‪١٤٣‬‬
‫و اﻟﺸـﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ اﺣﻤﺪ اﳌﺮﴈ و اﻟﺴﻴﺪ ﻳﺤﻲ اﻟﻔﻀﲇ ﰲ ﻣﻨﺰل ﺣﺴﻦ ﻋﻮض ﷲ‬
‫ﺑﺤﻲ اﻟﺒﻮﺳﺘﺔ ﺑﺎﻣﺪرﻣﺎن ﻳﻘﻮل اﻟﺸﻴﺦ اﳌﺮﴈ‪ :‬إن ﺟ ﻋﺔ اﻟﺮوﺗﺎري ﻳﻨﻔﺬوا ﻣﺎ‬
‫وﻋﺪوا ﺑﻪ ﺣﺘﻰ اﻵن وﰲ إﻋﺘﻘﺎدي أن ﻻ ﻧﺜﻖ ﺑﻬﻢ و ﻻ ﻧﻌﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ آﻣﺎﻻً‪ .‬و ﻗﺪ‬
‫أﻣﻦ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﺣﺴﻦ وﻳﺤﻲ و أﺷﺎرك ﰲ اﻟﺤﻮار ﻷﻧﻨﻲ ﻻ أﻋﺮف ﻋﻦ اﻟﻮﻋﺪ و ﻻ‬
‫اﳌﻮﻋﻮد و ﻟﻜﻨﻲ أذﻛﺮ ﺎﻣﺎ ً ﻣﺎ ﺣﺼﻞ‪.‬‬
‫إن اﳌﺴﻠﻤ ﻳﻔﻄﻨﻮا ﻟﺨﻄﺮ اﻟﺮوﺗﺎري وإ ﺎ ﻓﻄﻦ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﻔﺎﺗﻴﻜﺎن ﺑﻌﺪ‬
‫أن ﺗﺤﻘﻘﻮا ﻣﻦ ﺧﻄﺮ اﻟﺮوﺗﺎري ﻓﻘﺪ ﺻﺪر ﻣﺮﺳﻮم ﻣﻦ اﳌﺠﻠﺲ اﻷﻋﲆ اﳌﻘﺪس‬
‫ﺑﺘﺎرﻳﺦ ‪ ١٢‬دﻳﺴﻤﱪ ‪١٩٥٠‬م ﻗﺮر ﻓﻴﻪ اﻟﻜﺮادﻟﺔ ﻣﺎ ﻳﺄ ‪:‬‬
‫)دﻓﺎﻋﺎ ً ﻋﻦ اﻟﻌﻘﻴﺪة و اﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﺮﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻹﻧﺘﺴﺎب إﱃ‬
‫اﻟﻬﻴﺌﺔ اﳌﺴ ة ﺑﻨﺎدي اﻟﺮوﺗﺎري أو اﻹ ﺷﱰاك ﰲ إﺟﺘ ﻋﺎﺗﻬﺎ و ﻋﲆ ﻏ رﺟﺎل‬
‫اﻟﺪﻳﻦ أن ﻳﺮاﻋﻮا اﳌﺮﺳﻮم ر ﻗﻢ ‪ ٦٨٤‬ﻋﻦ اﳌﺤﺎﻓﻞ و اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻟﴪﻳﺔ اﳌﺤﺮﻣﺔ‬
‫و اﳌﺸﺘﺒﻪ ﻓﻴﻬﺎ(‪ .‬و ﻫﺬا اﳌﻨﺸﻮر ﻣﻦ اﻟﻔﺎﺗﻴﻜﺎن واﺿﺢ وﺿﻮح اﻟﺸﻤﺲ ﰲ ﻧﺼﻒ‬
‫اﻟﻨﻬﺎر ﻻ ﻳﺤﺘﺎج إﱃ ﴍح و ﻻ إﱃ ﺑﻴﺎن و ﻫﻮ اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﻘﺎﻃﻊ ﻋﲆ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺮوﺗﺎري‬
‫اﳌﺨﺮﺑﺔ‪.‬‬
‫وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻧﺪرك إدراﻛﺎ ً ﻛﺎﻣﻼً ﻻ ﻣﺠﺎل ﻓﻴﻪ إﱃ اﻟﺸﻚ و ﻻ اﻟﱰدد أن‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺗﻔﻨﻨﺖ ﰲ إﺗﺨﺎذ ﻓﺮوع ﻛﺜ ة و ﻟﻬﺎ أﺳﺎﻟﻴﺐ ﺧﺎدﻋﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ‬
‫أن ﺗﻌﺎوﻧﻬﺎ ﰲ ﻣﻬﺎﻣﻬﺎ اﻟﺨﻄﺮة وﻗﺪ ﻧﺠﺤﺖ ﰲ ذﻟﻚ ﻧﺠﺎﺣﺎ ً ﻛﺒ ا ً ‪ .‬ﻓﺈن أﻓﺮاد‬
‫اﻟﺒﴩ إذا ﻳﻘﻌﻮا ﰲ ﺷﺒﺎك اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ إذ اﻧﺘﺎﺑﻬﻢ اﻟﺸﻚ ﻟﻜ ة ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻋﻨﻬﺎ ﻻ ﺑﺪ‬
‫أن ﻳﻘﻌﻮا ﰲ ﻣﺼﻴﺪة و اﺣﺪ ﻣﻦ ﻓﺮوﻋﻬﺎ اﳌﻨﺘﴩة ﰲ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎ ﺑﺼﻮرة‬
‫ﻇﺎﻫﺮﻳﺔ ﺑﺮاﻗﺔ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺆدي ﻧﻔﺲ اﻟﻐﺮض اﳌﻄﻠﻮب‪.‬‬

‫‪١٤٤‬‬
 ‫ﺷﻬﻮد ﻳﻬــــﻮه‪:‬‬
‫ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻧﺸﺄت ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﺛﻢ إﻧﺘﴩت ﰲ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً و ﻫﻲ‬
‫ﻓﺮع ﻣﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻣﻦ ﻏ ﺷﻚ ﰲ ذﻟﻚ و ﻫﻲ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﺗﺪﺛﺮت‬
‫ﺑﺜﻮب ﻣﺴﻴﺤﻲ وإدﻋﺖ أﻧﻬﺎ ﻣﺴﻴﺤﻴﺔ و ﻟﻜﻦ ﻣﺒﺎدﺋﻬﺎ ﻻ ﺖ إﱃ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﺑﺼﻠﺔ‬
‫إو ﺎ ﻫﻲ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﺣﺮب ٌ ﺷﻌﻮاء ﻃﺎﺣﻨﺔ ﻋﲆ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ و ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺗﻌﺘﱪ‬
‫ﻣﻦ أﺧﻄﺮ اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت و ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ اﻷﺻﻠﻴﺔ ﺧﺪاع اﻟﺒﺴﻄﺎء ﻣﻦ اﳌﺴﻴﺤﻴ ﰲ اﻟﻌﺎ‬
‫وإدﺧﺎل اﻟﺘﻮراة و ﻻ ﳾء ﺳﻮاه ﰲ ﻧﻔﻮس اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﺒﺢ رﺟﻮع اﻟﻴﻬﻮد إﱃ‬
‫ارض اﳌﻴﻌﺎد ﻋﻘﻴﺪة ﻣﺴﻴﺤﻴﺔ راﺳﺨﺔ‪.‬‬
‫و ﻗﺪ ﺗﺄﺳﺴﺖ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﰲ وﻻﻳﺔ ﺑﻨﺴﻠﻔﺎﻧﻴﺎ ﰲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻋﺎم ‪١٨٤٨‬م ﺛﻢ‬
‫إﻧﺘﻘﻠﺖ إﱃ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﻋﺎﺻﻤﺔ اﻟﻴﻬﻮد ﻋﺎم ‪١٩٠٩‬م وﰲ ﻧﻴﻮﻳﻮرك إﺷﺘﺪ ﻋﻮدﻫﺎ‬
‫و ﻗﻮي ﺳﺎﻋﺪﻫﺎ و ﴍﻋﺖ ﺗﺮﺳﻞ اﳌﺒﴩﻳﻦ إﱃ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎ ﻛﺎﻓﺔ و ﻗﺪ أﺳﺴﺖ ﺑﻮﺣﻲ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ وﻫﻲ اﻟﺘﻲ و ﺿﻌﺖ ﺧﻄﻄﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ و ﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪ ﻋﲆ إﺑﺮازﻫﺎ‬
‫وإﻋﻼﻧﻬﺎ ﰲ اﻟﻮﺟﻮد اﳌﺎﺳﻮن‪ ،‬إذ ﺗﺒﻨﻮﻫﺎ وراﺣﻮا ﻳﺪﻋﻮن إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻨﺸﺎط و ﺣ س‬
‫وﺑﺪأت ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺗﺒﺎﴍ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ اﻟﺨﻄ ﻣﺮة ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺪﻳﻦ اﳌﺴﻴﺤﻲ وإﺻﻼﺣﻪ‬
‫ورده إﱃ أﺻﻮﻟﻪ و اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻋﲆ اﻟﺘﻮراة‪ ،‬و ﻣﺮة أﺧﺮي ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﺤﺮﻳﺔ و اﻟﺮأﺳ ﻟﻴﺔ‬
‫اﻟﺠﺸﻌﺔ و اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﺟﺘ ﻋﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ اﺳﺘﻐﻞ اﻟﻴﻬﻮد ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﺗﻜﻮن ﻟﻬﻢ ﺑﻮﻗﺎً وﻋﻴﻮﻧﺎً وإذاﻧﺎً‬
‫و ﺣﻔﻈﻮا ﴎﻫﺎ ﻗﺮوﻧﺎً ﻃﻮﻳﻠﺔ وﻟﻜﻦ أﺧﻄﺄ واﺣﺪ ﻣﻦ أﺗﺒﺎﻋﻬﺎ ﻓﻜﺘﺐ ﻋﻦ ﻏﺎﻳﺘﻬﺎ‬
‫اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ‪ .‬ﻓﺎﻧﻜﺸﻒ ﴎﻫﺎ و ﺷﺎع أﻣﺮﻫﺎ وإﻧﺘﺒﻪ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻟﻪ‪ .‬ورﻏﻢ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺛﺎﺑﺮت‬
‫ﻋﲆ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﺑﺠﺪ وإﺟﺘﻬﺎد وﻧﺸﺎط ﻣﻨﻘﻄﻊ اﻟﻨﻈ ﰲ ﻣﻬﺪﻫﺎ وأﻳﻀﺎً ﰲ ﺳﻮاه ﻣﻦ‬
‫اﻟﺒﻠﺪان و ﻻ ﻳﺜﻨﻴﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﺘ دي ﰲ ﺿﻼﻟﻬﺎ وﻏﻴﻬﺎ إﻋﺪام اﻟﺰﻋ ء اﻟﺒﺎرزﻳﻦ ﰲ ﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ‬
‫و ﻻ زاﻟﺖ ﺗﻨﻔﺚ ﺳﻤﻮﻣﻬﺎ ﰲ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎ إﱃ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا‪.‬‬

‫‪١٤٥‬‬
‫و ﻣﻦ اﻟﻨﺎدر ﺟﺪا ً أن ﻳﺪع اﻟﻴﻬﻮدي دﻳﻨﻪ وﻳﻌﺘﻨﻖ ﺳﻮاه ﻣﻦ اﻷدﻳﺎن‬
‫ﻓﺎﻟﻴﻬﻮدي ﻳﻬﻮدي وإن زﻋﻢ إﻧﻪ ﻣﺴﻴﺤﻲ أو ﻣﺴﻠﻢ و ﻗﺪ ﺑﺮﻫﻨﺖ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﺎ ﻻ ﻳﺪع‬
‫ﻣﺠﺎﻻً ﻟﻠﺸﻚ إﻃﻼﻗﺎ ً ﻋﲆ أن اﻟﻴﻬﻮدي ﻻ ﻳﺪﻳﻦ ﻗﻂ إﻻ ﻟﻠﺘﻠﻤﻮد و اﳌﻨﺸﺄ و اﻟﺠ ارا‬
‫و اﻟﻜﺎﺑﺎﻻ و اﻟﺘﻮراة ﺳﻮاء ﺗﻜﻠﻢ ﺑﺎﻟﻌﱪﻳﺔ أو أي ﻟﻐﺔ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ و ﺳﻮاء زﻋﻢ إﻧﻪ ﻣﺴﻴﺤﻲ‬
‫أو ﻣﺴﻠﻢ أو ﻳﺪﻳﻦ ﺑﺄي دﻳﻦ آﺧﺮ‪ .‬وإذا رأﻳﺖ ﰲ ﻳﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم اﻟﻴﻬﻮدي ﻳﺰﻋﻢ إﻧﻪ‬
‫ﻳﻔﺎرق دﻳﻨﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻌﺘﻨﻖ دﻳﻨﺎً آﺧﺮ ﻓﺎﻋﻠﻢ أن ﻟﺪﻳﺔ ﺧﻄﺔ ﴎﻳﺔ ﻳﺮﻳﺪ أن‬
‫ﻳﺒﺎﴍﻫﺎ ﰲ أﻣﺎن وإذا اﻋﺘﻘﺪت ﺻﺪﻗﺔ ﻓﻴ ﻳﺰﻋﻢ ﻓﺄﻧﺖ إﻧﺴﺎن ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻘﺪر ﻛﺒ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻐﻔﻠﺔ أو اﻟﺒﻠﻪ‪.‬‬
‫و ﻣﺒﺎدئ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺠﻬﻨﻤﻴﺔ اﻟﺨﻄﺮة ﺗﻔﻀﺢ ﻧﻮاﻳﺎﻫﺎ وﺗﻜﺸﻒ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ‬
‫و ﺗﺪل ﻋﲆ أﺻﻠﻬﺎ اﳌﺘﺴﱰ ﺑﺴﻮاه وﰲ ﻫﺬه اﳌﺒﺎدئ اﻟﺪﻟﻴﻞ اﻟﻘﺎﻃﻊ ﻋﲆ إرﺗﺒﺎﻃﻬﺎ‬
‫اﻟﻮﺛﻴﻖ ﺑﺎﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻷم إﺑﻨﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ و ﻻ ﺑﺪ أن ﻧﺬﻛﺮ ﺑﻌﻀﺎً ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻴ ﻳﲇ‪:‬‬
‫‪ .١‬ﻋﺪم إﻧﻔﺎق اﻷﻣﻮال ﻋﲆ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ و اﳌﻌﺎﺑﺪ وﻋﺪم اﻟﺬﻫﺎب إﱃ اﳌﺪارس‬
‫و اﳌﻌﺎﻫﺪ اﻟﺘﻲ أﻧﺸﺄﺗﻬﺎ اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ﰲ اﻟﺒﻼد‪.‬‬
‫‪ .٢‬ﻋﺪم اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﺄﺳ ء اﻷﻋﻀﺎء ﰲ اﻟﺠ ﻋﺔ و اﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﺤﻔﻆ أﺳ ء ﻧﺎﴍي‬
‫ﻣﻄﺒﻮﻋﺎﺗﻬﻢ‪ .‬و اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ أن ﻛﺘﺒﻬﻢ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﲆ ﻋﴩات اﻷﻟﻮف و ﻛﺬﻟﻚ‬
‫اﻟﻨﴩات ﰲ ﻛﻞ ﻋﺎم‪.‬‬
‫‪ .٣‬ﴎﻳﺔ ﻣﺼﺎدر اﻷ ﻣﻮال اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪﻫﻢ ﻋﲆ ﻣﻬﻤﺘﻬﻢ‪.‬‬
‫‪ .٤‬إﻟﻐﺎء اﻟﻌﻄﻠﺔ ﰲ أﻳﺎم اﻵﺣﺎد‪.‬‬
‫‪ .٥‬اﻟﺘﻈﺎﻫﺮ ﺑﻌﺪم ﻣﻌﺎداة اﻟﻄﻮاﺋﻒ اﻷﺧﺮ ى‪.‬‬
‫و ﻋﻨﺪ اﻟﺘﺄﻣﻞ اﻟﻮاﻋﻲ ﻳﺪرك اﻹﻧﺴـﺎن ﺑﻐ ﻋﻨﺎء راﺋﺤﺔ اﻟﻴـﻬﻮد ﰲ ﻛﻞ ﻓﻘـﺮة ﻣﻦ‬

‫‪١٤٦‬‬
‫ﻓﻘﺮات ﻫﺬه اﳌﺒﺎدئ‪ .‬أﻣﺎ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ‪ ،‬و اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻘﻲ ﺿﻮءاً ﻛﺎﺷﻔﺎً ﻗﻮﻳﺎً ﻋﲆ‬
‫أﺻﻠﻬﺎ وﻧﺴﺒﻬﺎ و ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ زﻳﺎدة ﻋﲆ ﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﻓﻘﺪ أﺟﻤﻠﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺎﺣﺜ ﰲ أﻣﺮﻫﺎ‬
‫ﻓﻴ ﻳﲇ‪:‬ـ‬
‫‪ .١‬أﻧﻬﻢ ﻳﻨﻜﺮون روﺣﺎﻧﻴﺔ اﻟﻨﻔﺲ و ﺧﻠﻮدﻫﺎ‪.‬‬
‫‪ .٢‬أﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺨﻀﻌﻮن ﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺒﻼد اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻓﻴﻬﺎ و ﻻ ﻳﻌﱰﻓﻮن ﺑﺪﺳﺘﻮرﻫﺎ‬
‫و ﻗﻮاﻧﻴﻨﻬﺎ‪.‬‬
‫‪ .٣‬أﻧﻬﻢ ﻳﻌﺘﻘﺪون أﻧﻬﻢ ﺳﻔﺮاء ﷲ ﰲ اﻷرض ﻳﺤﻜﻤﻬﺎ إﺑﻠﻴﺲ وأﻋﻮاﻧﻪ ﻓﻼ‬
‫ﻳﻠﺰﻣﻬﻢ إذا ً أداء أي ﺧﺪﻣﺔ وﻃﻨﻴﺔ ﰲ أي ﺑﻠﺪ‪.‬‬
‫‪ .٤‬اﻹﺳﻼم أﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﺒﻮذﻳﺔ و اﻷدﻳﺎن اﻟﻮﺛﻨﻴﺔ‪.‬‬
‫‪ .٥‬اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ زاﺋﻔﺔ و اﻟﺒﺎﺑﺎ ﺷﻴﺦ دﺟﺎل و أﴎار اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻟﺸﻴﻄﺎن‪.‬‬
‫‪ .٦‬ﻻﺑﺪ ﻣﻦ أن ﺗﺪﻣﺮ اﳌ ﻟﻚ ﰲ اﻟﻌﺎ وإﻗﺎﻣﺔ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫‪ .٧‬اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﷲ و ﻫﻢ ﻧﺴﻞ ﻧﺒﻲ ﻣﺮﺳﻞ ﻣﺒﺎرك ﻣﻦ ﷲ ‪.‬‬
‫إن ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺷﻬﻮد ﻳﻬﻮه ﻋﺮﻳﻘﺔ ﰲ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ وﻣﺘﻌﺎوﻧﺔ ﻣﻊ أ ُﻣﻬﺎ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و اﻷدﻟﺔ‬
‫ﻋﲆ ذﻟﻚ واﺿﺤﺔ ﻟﻠﻌﻴﺎن وإﻧﻜﺎر ذﻟﻚ ﴐب ﻣﻦ اﳌﻐﺎﻟﻄﺔ اﻟﻔﺠﺔ و اﻟﺠﺪل اﻟﻌﻘﻴﻢ‪.‬‬
‫و ﻣ ﻳﺰﻳﺪ أﻣﺮ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ وﺿﻮﺣﺎ وﻳﻜﺸﻒ ﺧﺒﺎﻳﺎﻫﺎ ﻫﺬه اﻷدﻟﺔ اﻟﻘﺎﻃﻌﺔ ﻓﻴ‬
‫ﻳﲇ‪:‬ـ‬
‫‪ .١‬ﺗﺮدﻳﺪﻫﻢ ﻗﺼﺔ اﻟﻨﺒﻮءات و اﻟﻌﻬﻮد واﻟﺘﻮﺟﻴﻬﺎت اﻟﺤﺎﴐة ﻋﲆ أﺳﺴﻬﺎ‪.‬‬
‫‪ .٢‬ﺳﻌﻴﻬﻢ اﻟﺤﺜﻴﺚ ﻹزاﻟﺔ اﻟﺤﺪود و اﻟﺠﻨﺴﻴﺎت ﳌﺎ ﻳﻨﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ‪.‬‬
‫‪ .٣‬اﻟﺘﺤﺮﻳﺾ اﻟﺨﻔﻲ ﻋﲆ ﻛﻞ دوﻟﺔ إذ أن ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻋﻨﺪﻫﻢ أﻧﻬﺎ ﻣﻦ‬
‫إﺑﻠﻴﺲ‪.‬‬

‫‪١٤٧‬‬
‫‪ .٤‬اﻟﻴﻬﻮد ﰲ ﺟﻤﻌﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﴪﻳﺔ ﻣﺜﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻳﺮﻓﻌﻮن ﻣﻦ ﺷﺄن اﻟﻌﻬﺪ‬
‫اﻟﻘﺪﻳﻢ وﻳﻮﺟﻬﻮن اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻼذع ﻟﻠﻤﺴﻴﺤﻴﺔ و اﻹﺳﻼم ﺧﺎﺻﺔ و ﺳﺎﺋﺮ اﻷدﻳﺎن‬
‫وﻳﺜ ون زوﺑﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﻬﺎت ﺣﻮل اﻹﻧﺠﻴﻞ و اﻟﻘﺮآن ﻬﻴﺪا ً ﻟﻠﻮﻗﺖ اﻟﺬي‬
‫أﺷﺎر إﻟﻴﻪ ﺑﻬﺎ اﻟﺪﻳﻦ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮل‪) :‬ﺳﻴﺄ اﻟﻴﻮم اﻟﺬي ﻻ ﻳﺠﺪ ﻓﻴﻪ اﻟﻨﺎس‬
‫ﻛﺘﺎﺑﺎ ً ﻳﻨﻘﺬﻫﻢ إﻻ ﻧﻮاﻣﻴﺲ ﻣﻮﳻ(‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﻘﺪ ﺗﻌﺮﺿﻨﺎ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﻟﺒﻌﺾ ﻓﺮوع اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ أو أﻫﻢ ﻓﺮوﻋﻬﺎ‬
‫ﻓﻴ ﻇﻬﺮ و ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻓﺮوﻋﺎ ً ﺧﻔﻴﺔ ﻳﻄﻠﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ أﺣﺪ ﺑﻌﺪ‪ .‬إﻻ أن ﺻﻮرة‬
‫واﺿﺤﺔ ﻗﺪ رﺳﻤﻨﺎﻫﺎ ﻟﻠ ﺳﻮﻧﻴﺔ و ﻟﻔﺮوﻋﻬﺎ و ﻻﺑﺪ أن ﻳﺠﺪ اﻟﻘﺎرئ إﻧﻪ ﺣﺼﻞ ﻋﲆ‬
‫ﻋﻼﻣﺎت ﻣﻤﻴﺰة ﻣﺘﻰ إ ﻧﻄﺒﻘﺖ ﻋﲆ أي ﺟ ﻋﺔ أو ﺗﻨﻈﻴﻢ أو ﺣﺰب ﻓﻬﻲ ﺣﻔﻴﺪة‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺼﻞ ﻧﺴﺒﻬﺎ ﺑﺎﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪ .‬و ﻻﺑﺪ أن ﻧﺪرك أن أي ﺗﻨﻈﻴﻢ‬
‫ﺗﻔﺮع ﻣﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﻟﻮ اﻛﺘﺸﻒ وﻇﻬﺮت ﺧﺒﺎﻳﺎه ﻳﺨﺘﻔﻲ ﻣﺆﻗﺘﺎ وﻳﻈﻬﺮ ﺑﺎﺳﻢ‬
‫ﺟﺪﻳﺪ اﻋﺘ داً ﻋﲆ ﻏﺒﺎء اﻟﺸﻌﻮب و ﻧﺴﻴﺎﻧﻬﻢ‪ .‬و ﻫﻨﺎ ﻻﺑﺪ أن ﻧﺘﻘﺪم ﻟﻜﻞ ﻗﺎرئ‬
‫ﺑﻬﺬا اﻟﺴﺆال‪ :‬إﱃ ﻣﺘﻰ ﺗﻌﻤﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺣﺮة ﻃﻠﻴﻘﺔ و ﺗﻘﻮد ﻓﺮوﻋﻬﺎ ﺑﻘﻮة ﻫﺎدرة‬
‫ﻧﺤﻮ ﺗﺤﻘﻴﻖ أﻫﺪاف اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﳌﺪﻣﺮة ﻟﻜﻞ ﺷﻌﻮب اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ ﻏ‬
‫إﺳﺘﺜﻨﺎء؟‪.‬‬
‫إن اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ﻟﻦ ﺗﻜﻮن إﻃﻼﻗﺎ ً إﻻ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻼء اﻟﺬﻳﻦ ﻫﺒﻮا‬
‫ﻣﻦ ﻧﻮم ﺛﻘﻴﻞ وﻗﺮروا ﰲ ﺣﺰم ﺻﺎدق أن ﻳﺪاﻓﻌﻮا ﻋﻦ ﺣﻘﻮق ﺷﻌﻮﺑﻬﻢ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة‬
‫و ﺣﻄﻤﻮا اﻟﻘﻴﻮد و اﻷﻏﻼل وﺗﺤﺮروا ﻣﻦ اﻟﺮق و اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ ﺛﻢ أﴏوا وﺑﻌﺰم‬
‫و ﺗﺼﻤﻴﻢ ﻋﲆ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ و اﻟﻔﺪاء ﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻌﺰة و اﻟﴩف و اﻟﻜﺮاﻣﺔ و آﻣﻨﻮا أن‬
‫اﳌﻌﺮﻛﺔ ﻣﻘﺪﺳﺔ و أن اﻟﺸﻬﺎدة ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺒﺎدة و أن اﻟﺤﻘﻮق ﻻ ﻨﺢ وإ ﺎ ﺗﺆﺧﺬ ﻗﴪا ً‬
‫ﰲ ﺟﻬﺎد ﻋﻨﻴﻒ و ﺗﻌﺐ أﻟﻴﻢ‪...‬‬

‫‪١٤٨‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎ ﻋﴩ‬
‫ﻣﺎذا ﻓﻌﻞ اﻟﻴﻬﻮد ﺑﺎﻹﺳﻼم و اﳌﺴﻠﻤ‬
‫ﻣﻨﺬ ﻓﺠﺮ اﻹﺳﻼم ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻫﺎﺟﺮ اﻟﺮﺳﻮل ﺻﲆ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ و ﺳﻠﻢ إﱃ اﳌﺪﻳﻨﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﻋﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻳ ب و اﻟﻴﻬﻮد ﺣﻮﻟﻬﺎ ﰲ ﺣﺼﻮﻧﻬﻢ اﳌﻨﻴﻌﺔ‬
‫ﻳﺴﺘﻘﺒﻠﻮا ﻫﺬه اﻟﻬﺠﺮة ﺑﺎﻟﱰﺣﺎب و ﳌﺎ رأوﻫﺎ ﻧﺎﺟﺤﺔ ﺗﻨﺘﴩ و ﺗﺰﻳﺪ ﰲ ﻗﻮة و ﺛﺒﺎت‬
‫ﺣﻘﺪوا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﻘﺪا ً أﺳﻮداً رﻫﻴﺒﺎ ً و ﻧﺎﺻﺒﻮﻫﺎ اﻟﻌﺪاء واﻟﺒﻐﻀﺎء وراﺣﻮا ﻳﺪﺑﺮون‬
‫اﳌﺆاﻣﺮات ﰲ اﻟﺨﻔﺎء ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻘﻀﻮا ﻋﲆ اﻹﺳﻼم ﻗﻀﺎءا ً ﻣﱪﻣﺎً ﻳﻌﻨﻲ اﻹﺑﺎدة‬
‫و اﻟﻔﻨﺎء اﻟﺘﺎم وإﺳﺘﺌﺼﺎل اﻟﺪﻋﻮة ﻣﻦ ﺟﺬورﻫﺎ إﱃ اﻷﺑﺪ‪ .‬ﻷﻧﻬﻢ رأوا أن ﻫﺬه‬
‫اﳌﺒﺎدئ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﺮاﺋﻌﺔ وﻫﺬه اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻹﺟﺘ ﻋﻴﺔ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ وﻫﺬه اﻟﺤﺮﻳﺔ‬
‫اﻟﺨﺎﻟﺼﺔ اﻟﺼﺎدﻗﺔ إ ﺎ ﺗﺮﻣﻲ إﱃ ﻣﺴﺎواة اﻟﺒﴩ و ﺗﺤﺮﻳﺮﻫﻢ وإذا ﺗﺤﻘﻖ ﻫﺬا ﻓﻼ‬
‫ﻣﻜﺎن ﻟﺸﻌﺐ ﷲ اﳌﺨﺘﺎر إﻻ ﰲ ﻏ ر اﻟﺸﻌﻮب ﻣﻦ ﻏ ﻣﻴﺰات ﻳﺮﺗﻔﻊ ﺑﻬﺎ ﻋﲆ‬
‫اﻟﻨﺎس‪ .‬و ﳌﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺆﻣﻨﻮن إ ﺎﻧﺎ ً ﻗﺎﻃﻌﺎ ً أن ﷲ ﰲ اﻟﺘﻮراة اﻟﺘﻲ ﻧﺰﻟﺖ ﻋﲆ ﻣﻮﳼ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم ﻣﻨﺤﻬﻢ اﻹ ﻣﺘﻴﺎز ﻋﲆ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺒﴩ و ﺳ ﻫﻢ ﺷﻌﺒﻪ اﳌﺨﺘﺎر ﻓﺈن ﻛﻞ‬
‫ﺗﻌﻠﻴﻢ ﻳﻨﺴﺦ ﻫﺬا اﻟﺤﻖ ﻫﻮ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺑﺎﻃﻞ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻟﺸﻴﻄﺎن وﻋﻠﻴﻬﻢ أن‬
‫ﻳﺤﺎرﺑﻮه ﺣﺮﺑﺎ ً ﻻ ﻫﻮادة ﻓﻴﻬﺎ و ﻻ ﻟ ‪ .‬و ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺘﺎرﻳﺦ أﻋﻠﻨﻮﻫﺎ ﺣﺮﺑﺎً ﺷﻌﻮاء‬
‫ﻃﺎﺣﻨﺔ ﻋﲆ اﻹﺳﻼم و اﳌﺴﻠﻤ و ﺗﻔﻨﻨﻮا ﰲ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﳌﺪﻣﺮة و ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻨﺠﺤﻮن ﰲ‬
‫ﻣﻌﺎرﻛﻬﻢ اﻟﺪا ﺔ ﻣﺮة وﻳﺨﴪون ﻣﺮة أﺧﺮى و اﻟﺤﺮب ﻗﺎ ﺔ ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم و ﻣﺎ‬
‫ﻫﺪأت اﳌﻌﺎرك ﻣﻨﺬ أن ﺑﺪأت و ﻗﺪ أدرك اﳌﺴﻠﻤﻮن ﻣﻦ أول ﻳﻮم ﻋﺪاء اﻟﻴﻬﻮد‬
‫وﻣﺆاﻣﺮاﺗﻬﻢ و ﻧﻮاﻳﺎﻫﻢ اﻟﴩﻳﺮة اﻟﺤﺎﻗﺪة و ﻗﺪ ﻧﺒﻬﻬﻢ ﷲ ﻟﻬﺬا اﻟﻌﺪاء اﳌﺴﺘﺤﻜﻢ‬
‫ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮل‪:‬‬

‫‪١٤٩‬‬
 ‫ﻳﻦ َ َ ﻛُﻮا و َ ﻟَﺘ َﺠ ِ ﺪ أ ََنﻗﱠْﺮ َﺑ َﻬ ُﻢ ْ‬
‫ﻟَﺘ َ)ﺠ ِ ﺪ َ نأ ﱠ َﺷ َ ﺪاﻟ ﱠﻨ ﱠﺎس ِﻋ َ ﺪ َاو َ ﻟ ِةًﻠﱠﺬ ِ ﻳﻦ َآﻣ َ ﻨ اُﻮاﻟْﻴ َ ﻬ ُﻮود ََاﻟأﱠﺬ َِﴍ ْ‬
‫ﻣ َﻮ َ د ﱠةﻟً ِﻠﱠﺬ ِ ﻳﻦ َ آﻣ َ ﻨ اُﻮاﻟﱠﺬ ِ ﻳﻦ َ ﻗَﺎﻟ ﻧُﻮاَﺼإ ِ َﻧ ﱠﺎﺎر َى ٰ ذَ ٰﻟ ِﻚ َ ﺑِﺄ َن ﱠﻣ ِ ﻨ ْﻬ ﻗُﻢ ِْﺴ ﱢ ﻴﺴ ِ و ََر ُﻫ ْﺒ َﺎﻧ ًﺎ‬
‫و َأ َﻧﱠﻬ ﻳُﻢ ْﻻَﺴ َ ْ ﺘ َﻜْﱪ ِ ُون َ ( ]ﺳﻮرة اﳌﺎﺋﺪة ‪ .[٨٢ :‬وﻗﺪ ﻓﻬﻢ اﻟﺮﻋﻴﻞ اﻷول ﻣﻦ اﳌﺴﻠﻤ‬
‫ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻴﻬﻮد وﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪون ﻓﺪاﻓﻌﻮا ﻋﻦ اﻹﺳﻼم دﻓﺎﻋﺎً ﻣﺴﺘﻤﻴﺘﺎ ً وأﺧﺬوا اﻟﺤﻴﻄﺔ‬
‫و اﻟﺤﺬر ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد وﺧﺎﺿﻮا ﺿﺪﻫﻢ ﻣﻌﺎرك ﻃﺎﺣﻨﺔ ﰲ ﺳﺎﺣﺔ اﻟﺤﺮب وﰲ ﻣﻴﺪان‬
‫اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ و اﻹﺷﺎﻋﺎت و ﺗﺤﺮﻳﺾ اﻵﺧﺮﻳﻦ واﻧﺘﴫوا ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻧﴫا ً ﺗﺎﻣﺎ ً‪ ،‬و ﻟﻜﻦ اﻟﻴﻬﻮد‬
‫ﳌﺎ رأوا ﻫﺬه اﻟﻘﻮة اﻟﻔﺘﻴﺔ ﻻ ﻳﻘﻒ أﻣﺎﻣﻬﺎ ﳾء ﻛﺄﻧﻬﺎ اﻟﺴﻴﻞ اﳌﻨﺤﺪر ﻣﻦ اﻟﺠﺒﺎل‬
‫ﻳﻜﺘﺴﺢ ﻛﻞ ﳾء أﻣﺎﻣﻪ وﻳﻐﻤﺮه ﰲ اﻷﻋ ق وإﱃ اﻷﺑﺪ ﻋﺪﻟﻮا ﻣﻦ اﳌﻮاﺟﻬﺔ‬
‫وإﻋﺘﻤﺪوا ﻋﲆ اﻟﴪﻳﺔ و اﻟﺨﻔﺎء ﻓﻨﺠﺤﻮا ﻧﺠﺎﺣﺎ ً ﻛﺒ ا ً ﰲ ﻫﺬا اﳌﻴﺪان و ﻫﻮ‬
‫ﻣﻴﺪاﻧﻬﻢ اﻟﺬي ﺗﻔﺮدوا ﺑﻪ ﻋﲆ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻨﺎس و ﻳﻨﺘﺒﻪ ﻟﻬﺬا اﳌﻴﺪان اﳌﺴﻠﻤﻮن‬
‫ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم‪ ،‬و ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ﺗﻮاﻟﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻬﺰاﺋﻢ ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺤﻮا اﻟﻴﻮم ﰲ‬
‫ﻣﻮاﻃﻦ اﻟﻀﻌﻒ و اﻟﺨﻮر و اﻟﺨﻮف وﻗﺪ ﺟﻤﺪوا أﻳﻀﺎً ﻋﲆ اﻟﻔﻬﻢ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺣﻴﺚ‬
‫ﻗﺪ أﺷﺎرت آﻳﺔ اﻟﻘﺮآن ﻋﲆ أن اﻟﻨﺼﺎرى ﻫﻢ أﻗﺮب إﱃ اﳌﺴﻠﻤ و ﻳﻨﺘﺒﻬﻮا أن‬
‫اﻟﻨﺼﺎرى ﻳﺼﺒﺤﻮا ﻧﺼﺎر ى ﻛﺎﻷواﺋﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﺎرى ﻋﻨﺪ ﻧﺰول اﻟﻘﺮآن وإ ﺎ ﺗﻐ وا‬
‫و ﺗﺒﺪﻟﻮا وإﻧﺤﺮﻓﻮا ﻋﻦ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ اﻷوﱃ وﺻﺎروا إﻣﺎ ﻣﺎدﻳ ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮن إﻻ‬
‫ﺑﺎﳌﻨﻔﻌﺔ وإﻣﺎ وﻗﻌﻮا ﺗﺤﺖ ﺳﻴﻄﺮة اﻟﻴﻬﻮد ﺳﻴﻄﺮة ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﺄﺻﺒﺤﻮا‬
‫ﻣﺴﺘﻌﻤﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻏ أن ﻳﺸﻌﺮوا و ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ﻓﻬﻢ ﻣﺜﻞ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﻴﻮم ﰲ‬
‫اﻟﻌﺪاء و اﻟﺒﻐﻀﺎء‪ .‬و ﻗﺪ ﺗﻮﱃ اﻟﻴﻬﻮد ﻛ ﻛﺎﻧﻮا دا ﺎ ً اﳌﺆاﻣﺮات و اﻟﺨﻄﻂ اﳌﺪﻣﺮة‬
‫و ﺗﺮﻛﻮا ﻣﻬﻤﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻟﻠﻤﺴﻴﺤﻴ ‪ .‬وﻳﻘﻮم اﳌﺴﻴﺤﻴﻮن اﻟﻴﻮم ﺑﺎﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﰲ ﻧﺸﺎط‬
‫وإﺧﻼص‪.‬‬
‫و ﻻﺑﺪ ﻟﻨﺎ أن ﻧﻌﺮض ﻟﻠﻘﺎرئ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻌﻀﺎً ﻣﻦ اﳌﺆاﻣﺮات اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻬﺎ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ و اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺿﺪ اﻹﺳﻼم واﳌﺴﻠﻤ ﻗﺪ ﺎً واﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ اﳌﺎﺳﻮن ﺑﺘﻮﺟﻴﻪ‬

‫‪١٥٠‬‬
‫اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺑﻌﺪﺋﺬ ٍ ﻟ ي اﻟﻘﺎرئ اﻟﻜﺮﻳﻢ اﻵﺛﺎر اﳌﺮﻋﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻔﺘﻬﺎ‬
‫اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﰲ ﺟﺴﻢ اﻹﺳﻼم‪ ،‬وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ ﺣﺎﻓﺰا ً ﻟﻺ ﻧﺘﺒﺎه إﱃ‬
‫اﻟﺨﻄﺮ واﻟﺼﺤﻮة ﻣﻦ اﻟﻜﺒﻮة و اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ و اﻟﻌﻘﻴﺪة‬
‫وإﻻ ﻓﺈﱃ أﻳﻦ اﳌﺼ ؟ وإﻟﻴﻚ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﺪاث اﻟﻜﱪى ﻣﺨﺘﴫة ﻓﻴ ﻳﲇ‪:‬‬
‫اﻟﺤﺮب ﻋﲆ اﻹﺳﻼم ﰲ ﻣﻬــــــــﺪه‪:‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺣﺎرب اﻟﻴﻬﻮد رﺳﻮل اﻟﺪﻋﻮة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﻓﺠﺮ اﻹ ﺳﻼم و ﺗﺂﻣﺮوا ﻋﲆ‬
‫ﻗﺘﻠﻪ ﻓﺄﺟﻼﻫﻢ ﻋﻦ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺣﺴ ً ﻟﴩﻫﻢ وﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن ﻫﺬا ﻋﱪة ﻹ ﺧﻮاﻧﻬﻢ‬
‫ﻓﻴﻤﺘﻨﻌﻮا ﻋﻦ اﻟﻌﺪاوة‪ .‬و ﻟﻜﻨﻬﻢ ﺎدوا وﺣﺮﺿﻮا ﻗﺮﻳﺸﺎ ً و ﻣﻌﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﻗﺒﺎﺋﻞ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻌﺮب و ﻛﺎﻧﺖ ﻏﺰوة اﻟﺨﻨﺪق و ﻓﺸﻠﻮا و ﺣﻜﻢ اﳌﺴﻠﻤﻮن ﺑﺈﺑﺎدﺗﻬﻢ ﺟﺰاء اﻟﺨﻴﺎﻧﺔ‬
‫و ﻧﻘﺾ اﻟﻌﻬﺪ و ﻟﻮﻻ وﻗﺎﻳﺔ ﷲ ﻟﺪﺧﻞ اﻟﻴﻬﻮد و اﳌﴩﻛﻮن ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻗﺮﻳﻈﺔ‬
‫و أﺑﺎدوا اﳌﺴﻠﻤ ﻋﻦ ﺑﻜﺮة أﺑﻴﻬﻢ‪ .‬ﻓﺘﺤﺮك ﻳﻬﻮد ﺧﻴﱪ وراﺣﻮا ﻳﺪﺑﺮون اﳌﺆاﻣﺮات‬
‫ﻓﺰﺣﻒ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﳌﺴﻠﻤﻮن ﺑﻘﻴﺎدة اﻟﺮﺳﻮل ﺻﲆ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ و ﺳﻠﻢ و ﻛﺎﻧﺖ ﻏﺰوة‬
‫ﺧﻴﱪ و ﳌﺎ إﻧﺘﴫ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﳌﺴﻠﻤﻮن أ ﺑﻘﻮا ﻏ اﳌﺤﺎرﺑ ﰲ أرض ﺧﻴﱪ ﻟﻴﻌﻤﻠﻮا‬
‫ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻔﺲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻋﲆ أن ﻳﺪﻓﻌﻮا ﻧﺼﻒ اﻟﺜ ر ﻟﺒﻴﺖ ﻣﺎل‬
‫اﳌﺴﻠﻤ ‪ ،‬و ﻗﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻤﻠﻮن ﺿﺪ اﻹﺳﻼم ﰲ ﺧﻔﺎء ﺣﺘﻰ ﻓﻄﻦ ﻟﻬﻢ ﻋﻤﺮ رﴈ‬
‫ﷲ ﻋﻨﻪ ﰲ أﻳﺎم وﻻﻳﺘﻪ ﻓﺄﺟﻼﻫﻢ أﺟﻤﻌ ‪ .‬وﻟﻜﻦ اﻟﻴﻬﻮد إﺷﺘﺪ ﻏﻀﺒﻬﻢ و ﺛﺎر‬
‫ﺣﻘﺪﻫﻢ و ﳌﺎ ﻓﺸﻠﻮا ﰲ اﳌﻮاﺟﻬﺔ وﺿﻌﻮا ﻣﺨﻄﻄﺎً ﻣﺤﻜ ً ﳌﺤﺎرﺑﺔ اﻹﺳﻼم ﴎا ً ﰲ‬
‫اﻟﺨﻔﺎء ودﻓﻌﻮا ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻹ ﺧﱰاق ﺻﻔﻮف اﳌﺴﻠﻤ ﺑﺈﻋﻼ ن إﺳﻼﻣﻬﻢ و اﻟﻌﻤﻞ‬
‫ﻟﺘﺪﻣ اﻹﺳﻼم ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ﻓﻜﺎﻧﺖ اﳌﺆاﻣﺮات اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﺿﺤﻴﺘﻬﺎ ﻋﻤﺮ رﴈ ﷲ‬
‫ﻋﻨﻪ ﺛﻢ اﻟﻔﺘﻨﺔ اﻟﻜﱪى اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﺿﺤﻴﺘﻬﺎ ﻋﺜ ن رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ و اﻟﻔﺘﻨﺔ اﻟﻜﱪى‬
‫اﻟﺘﻲ إﺷﺘﻌﻠﺖ و ﺗﺄﺟﺠﺖ و ﺗﻔﺎﻗﻤﺖ وأدت إﱃ اﻟﺤﺮوب اﻟﻄﺎﺣﻨﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﻘﺘﻞ ﻋﺜ ن‬

‫‪١٥١‬‬
‫رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ ﻗﺎدﻫﺎ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ﺳﺒﺄ اﻟﻴﻬﻮدي اﻟﻴ و اﻟﺘﻲ ﺑﻘﻴﺖ آﺛﺎرﻫﺎ ﺣﺘﻰ‬
‫اﻟﻴﻮم ﺑ اﳌﺴﻠﻤ و ﻳﻨﺘﺒﻬﻮا إﱃ ﻛﻴﺪ اﻟﻴﻬﻮد‪ .‬وﻣﻀﺖ ﺣﻠﻘﺎت اﳌﺆاﻣﺮات‬
‫اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﳌﺪﻣﺮة ﺗﺄﺧﺬ ﺑﺮﻗﺎب ﺑﻌﻀﻬﺎ وﻣﻦ أ ﺑﺮزﻫﺎ ﻣﺎ ﻳﲇ‪:‬ـ‬

‫اﻟﻘﻀــــﺎء ﻋﲆ اﻟﺨﻼﻓـﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴـﺔ‪-:‬‬

‫ﻳﺴﻌﻰ اﻟﻴﻬﻮد دا ﺎً وﺑﺈﺳﺘﻤﺮار ﻟﻠﻘﻀﺎء اﳌﱪم ﻋﲆ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻮﺟﻮد ﻷﻧﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻊ اﻟﺼﻒ اﻹﺳﻼﻣﻲ و ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﲆ اﻟﻘﻮة اﻟﻀﺎرﺑﺔ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤ‬
‫ﻓﴬﺑﻮا اﻟﻮﺣﺪة أوﻻً وﻧﴩوا اﻟﺨﻼف وﻓﺮﻗﻮا اﻟﺠ ﻋﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ إﱃ أﺣﺰاب‬
‫ﻣﺘﻄﺎﺣﻨﺔ وﻓ ِ ﺮق ﻣﺘﻌﺎدﻳﺔ وﺷ ِ ﻴﻊ ﻣﺘﺨﺎﺻﻤﺔ وﺑﺬروا اﻟﻔ ﺛﻢ أوﻗﺪوا ﻧﺎر اﻟﺤﺮب‬
‫ﻓﺼﺎر ﺑﺄﺳﻬﻢ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺷﺪﻳﺪ‪ ،‬وﰲ ﺻﱪ ﻣﺘﻮاﺻﻞ وﺟﻬﺪ ﺟﻬﻴﺪ راﺣﻮا ﻳﺤﻜﻤﻮن اﻟﺨﻄﺔ‬
‫ﻟﻠﻬﺪف اﻷﺻﻴﻞ ﻓﺠﺮﺑﻮا أوﻻً ﺧﻄﺘﻬﻢ ﰲ اﻷﻧﺪﻟﺲ وﻧﺠﺤﻮا ﰲ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻟﺨﻼﻓﺔ‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻫﻨﺎك ﻓﻮﺣﺪوا اﻟﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﴩق ﺣﺘﻰ ﺳﻨﺤﺖ ﻟﻬﻢ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﺑﻌﺪ أن‬
‫ﻣﻬﺪوا ﻟﻬﺎ ﻛﺜ ا ً ﰲ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻟﻌﺜ ﻧﻴﺔ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻓﺈﻧﺘﻬﺰوﻫﺎ ﺑﺘﺨﻄﻴﻂ ﻣﻜ و‬
‫ﻳﱰددوا ﰲ ﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﴬﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﻀﺖ ﻋﲆ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ و أﺻﺒﺢ‬
‫اﳌﺴﻠﻤﻮن ﺑﻌﺪﻫﺎ ﴍاذم ﻣﺘﻔﺮﻗ وو اﺻﻠﻮا أﻳﻀﺎً اﻟﺤﺮب اﻟﺨﻔﻴﺔ اﻟﻌﺎرﻣﺔ ﻓﺰرﻋﻮا‬
‫ﺑﻴﻨﻬﻢ اﻟﻌﺪاوة و اﻟﺤﺮوب ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺠﺘﻤﻌﻮا ﻣﺮة أﺧﺮى ﺗﺤﺖ ﻟﻮاء واﺣﺪ ﻓﻴﺘﺤﺪوا‬
‫وﻳﺴﺘﻌﻴﺪوا ﻗﻮﺗﻬﻢ وﰲ ذﻟﻚ ﺧﻄﺮ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻋﲆ أﻫﺪاف اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ وﻟﻦ‬
‫ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻴﻬﻮد ﻣﻬ ﻛﻠﻔﻬﻢ اﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﺟﻬﺪ ٍ وﻣﺎل ٍ و ﻗﺪ ﻓﻌﻠﻮا و ﻛﺎﻧﺖ‬
‫اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ أداة ﻃﻴﻌﺔ ﻣﻔﻴﺪة ﰲ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﳌﺨﻄﻂ اﻟﺠﺒﺎر‪.‬‬
‫وﺑﻌﺪ ﻛﻔﺎح ﻃﻮﻳﻞ ﺗﻨﻘﻠﻮا ﻣﻦ ﻓﺸﻞ إﱃ ﻓﺸﻞ ـ رﻏﻢ أﻧﻬﻢ ﻧﺎﻟﻮا ﻧﺠﺎﺣﺎ ً‬

‫‪١٥٢‬‬
 ‫ﻣﺤﺪودا ً ﰲ ﻛﻞ ﺧﻄﻮة ـ ﺣﺘﻰ و ﺻﻠﻮا إﱃ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻓﺴﻠﻤﻮا‬
‫اﻟﻘﻴﺎدة ﻟﻴﻬﻮد اﻟﺪو ﺔ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺑﻌﺪ أن ﻃُ ﺮدوا ﻣﻦ أﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻷﻧﻬﻢ ﻧﺠﺤﻮا ﰲ‬
‫اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻟﺨﻼﻓﺔ ﻫﻨﺎك ﻓﻠﻬﻢ ﺗﺠﺎرب ﻣﻔﻴﺪة ﰲ اﻷﻣﺮ و ﺗﺴﻠﻢ ﻳﻬﻮد اﻟﺪو ﺔ‬
‫اﻟﻘﻴﺎدة و ﻣﻦ وراﺋﻬﻢ ﻛﻞ ﻳﻬﻮد اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺧﺼﻮﺻﺎً ﻳﻬﻮد أوروﺑﺎ ﺛﻢ اﻟﻌﻮن ﻏ‬
‫اﳌﺤﺪود ﻣﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪ .‬وﺑﺪأ اﳌﺸﻮار اﻟﺨﻄ اﻟﺬي ﺗﻜﻠﻞ ﺑﺎﻟﻨﴫ اﳌﺆزر‬
‫ﺣﻴﺚ ﻗﻀﻮا ﻋﲆ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ و ﻳﻠﺘﻔﺖ ﻳﻬﻮد اﻟﺪو ﺔ إﱃ‬
‫اﳌﻌﺎﻣﻠﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻋ ُ ﻮﻣﻠﻮا ﺑﻬﺎ و ﻟﻜﻦ ردوا اﻹﺣﺴﺎن ﺑﺎﻹﺳﺎءة وﻫﺬا دا ﺎً‬
‫ﻃﺒﻊ اﻟﻴﻬﻮد‪ ،‬ﻳﺴﻴﺌﻮن ﳌﻦ أﺣﺴﻦ إﻟﻴﻬﻢ ﻋﲆ ﻣﺪى اﻟﺘﺎرﻳﺦ و ﻻ ﻳﻬﻢ ﻣﻦ اﻷﻣﺮ إﻻ‬
‫ﻣﺼﻠﺤﺘﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ و ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﻌﺎﻣﺔ و ﻛﺎﻧﺖ ﺧﻄﻮات ﻳﻬﻮد اﻟﺪو ﺔ‬
‫ﻣﻨﻈﻤﺔ وﻣﺮﺗﺒﺔ ﻛ ﻳﲇ‪:‬‬
‫‪ .١‬أﻋﻠﻨﻮا اﻹﺳﻼم ﻣﺠﺘﻤﻌ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﻬﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﴐب اﻟﺨﻼﻓﺔ ﰲ‬
‫ﻣﻌﻘﻠﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ وإﻧﻄﲆ اﻷﻣﺮ ﻋﲆ اﻷﺗﺮاك‪.‬‬
‫‪ .٢‬وﺑﻌﺪ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻮة ﺗﻐﻠﻐﻠﻮا ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ و اﻋﺘﻠﻮا أﻛﱪ اﳌﻨﺎﺻﺐ اﻟﺨﻄ ة‬
‫وإذا ﺗﻌﺬر ﻋﻠﻴﻬﻢ اﳌﻨﺼﺐ دﻓﻌﻮا إﻟﻴﻪ أﺣﺪ اﻷﺗﺮاك ﻣﻦ اﳌﺎﺳﻮن اﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﻳﺄ ﺮون ﺑﺄﻣﺮﻫﻢ و أﺻﺒﺤﻮا ﺣﺎﺷﻴﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﻬﻪ ﳌﺎ ﻳﺮﻳﺪون‪.‬‬
‫‪ .٣‬ﺛﻢ ﺑﺪأوا ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﰲ ﻧﴩ اﻟﻔﺴﺎد ﻣﻨﺬ أن ﺗﻮﱃ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﺮاد‬
‫اﻟﺜﺎ و ﳌﺎ ﺟﺎء ﺑﻌﺪه اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻔﺎﺗﺢ ﰲ ﻋﺎم ‪١٤٨١‬م ورأي ﻓﻴﻪ‬
‫اﻟﻴﻬﻮد ﺧﻄﺮا ً ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ ً ﻋﲆ ﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻬﻢ إﻏﺘﺎﻟﻪ ﻃﺒﻴﺒﻪ اﻟﻴﻬﻮدي ﻳﻌﻘﻮب‬
‫ﺑﺎﺷﺎ وإﺳﺘﻤﺮت ﻣﺆاﻣﺮات اﻟﻴﻬﻮد اﻟﺪو ﺔ ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜ ﻧﻴﺔ أرﺑﻌ ﺋﻪ‬
‫ﻋﺎم ﺣﺘﻰ إﻧﺘﻬﺖ ﺑﺰوال اﻟﺨﻼﻓﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻮد و اﺗﺨﺬ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ‬
‫اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪:‬‬
‫‪ .١‬ﺗﺴﻠﻴﻢ اﻟﺮاﻳﺔ ﻟﻴﻬﻮد اﻟﺪو ﺔ اﻟﺬﻳﻦ أﻋﻠﻨﻮا اﻹﺳﻼم ﻟﻴﺴﻬﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ‬

‫‪١٥٣‬‬
‫اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻟﺨﻼﻓﺔ ﻓﺘﻐﻠﻐﻠﻮا ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ و ﻧﴩوا اﻟﻔﺴﺎد وﺑﺎﴍوا‬
‫اﻟﺘﺨﺮﻳﺐ وإﺳﺘﻮﻟﻮا ﻋﲆ ﻛﺜ ﻣﻦ اﳌﻨﺎﺻﺐ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ‪.‬‬
‫‪ .٢‬ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﻢ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﰲ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﳌﺎ ﻗﻀﻮا ﻋﲆ‬
‫اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ اﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻓﻮﺿﻌﻮا ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ‬
‫وإﺳﺘﻌﺎﻧﻮا ﺑﺎﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ اﻟﺤﺎﻗﺪة ﻋﲆ اﻹﺳﻼم ﻛ أﻋﺪوﻫﺎ ﻣﻦ ذﻟﻚ‬
‫و ﻓﻌﻼً و ﺟﺪوا ﻣﻨﻬﺎ اﳌﺴﺎﻋﺪات اﻟﻘﻴﻤﺔ و ﻛﺎﻧﺖ ذات أﺛﺮ ﻓﻌﺎل‪.‬‬
‫‪ .٣‬إن اﻟﻴﻬﻮد ﻫﻢ ﻣﻠﻮك اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﰲ اﻟﻌﺎ و ﺳﻼﻃ اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت و ﻻ ﻜﻦ‬
‫ﻗﻂ أن ﻳﺠﺮي ﻣﻌﻬﻢ ﰲ ﺣﻠﺒﺔ اﻟﺴﺒﺎق أﺣﺪ ﰲ ﻫﺬا اﳌﻴﺪان واﻟﺘﺎرﻳﺦ‬
‫ﻳﺸﻬﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻜﻞ دﻋﺎﻳﺔ ﻳﺼﻮﻏﻬﺎ اﻟﻜﺬب وﻳﺤﻜﻤﻬﺎ اﻹﺧﺘﻼف إ ﺎ ﻫﻲ‬
‫ﻣﻦ وﺿﻊ اﻟﻴﻬﻮد ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ‪ .‬ﻓﻘﺪ ﻧﴩوا اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ اﻟﺮﻫﻴﺒﺔ ﺑﱰﻛﻴﺰ وﻃﻴﺪ‬
‫ﺿﺪ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜ ﻧﻴﺔ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ وﻗﺪ ﻗﻠﺒﻮا اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻓﺄﺑﺮزوا‬
‫اﳌﺴﺎوئ وﻃﻤﺴﻮا اﳌﺤﺎﺳﻦ و ﻗﺪ ﻧﺠﺤﺖ اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﰲ ذاك اﻟﻮﻗﺖ ﰲ‬
‫اﻟﻌﺎ أﺟﻤﻊ ﺧﺼﻮﺻﺎً ﰲ أوروﺑﺎ و ﺻﺎر ﻣﻦ اﳌﺴﻠﻢ ﺑﻪ ﻋﺎﳌﻴﺎ ً ﺣﺘﻰ ﺑ‬
‫اﳌﺴﻠﻤ اﳌﻨﺪرﺟ ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ ﺗﺼﻮر ﻣﺪﺣﺖ ﺑﺎﺷﺎ اﻟﻴﻬﻮدي اﳌﺎﻛﺮ‬
‫ﺑﻄﻼً ﻣﻦ أﺑﻄﺎل اﻟﻌﺎ و ﺳﻤﺘﻪ )أﺑﻮ اﻷﺣﺮار( وﻫﻮ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ﻳﻬﻮدي‬
‫ﻣﺎﻛﺮ ﻣﺘﺂﻣﺮ ﻋﲆ اﻹﺳﻼم و اﳌﺴﻠﻤ و ﻧﺠﺤﺖ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ و اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﰲ ﻣﺆاﻣﺮاﺗﻬﻢ اﻟﺨﺴﻴﺴﺔ ﰲ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪.‬‬

‫‪١٥٤‬‬
‫‪ .٤‬ﻧﴩوا اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت و ﺧﺎﺻﺔ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻨﺪت ﻛﻞ ﻗﻮاﺗﻬﺎ ﰲ‬
‫إﺧﻼص ﻣﻨﻘﻄﻊ اﻟﻨﻈ ﻹﻧﺠﺎح اﳌﺨﻄﻂ اﻟﻴﻬﻮدي ﰲ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ‬
‫اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻟﻌﺜ ﻧﻴﺔ وإﺳﺘﺨﺪﻣﻮا اﳌﺤﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﰲ ﻓﺮﻧﺴﺎ وإﻳﻄﺎﻟﻴﺎ‬
‫ﻟﻨﴩ اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ اﻟﻜﺎذﺑﺔ ﺿﺪ اﻷﺗﺮاك ﻋﺎﻣﺔ و اﻟﺨﻠﻔﺎء ﺧﺎﺻﺔ وأﺧﺺ ﻣﻦ‬
‫ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺬات اﻟﺴﻠﻄﺎن اﻟﻌﺜ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ اﻟﺜﺎ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻋﺪو‬
‫اﻟﻴﻬﻮد وﻋﺪوا ً ﻟﻠ ﺳﻮﻧﻴﺔ‪ .‬و أﺳﺲ اﻟﻴﻬﻮد و اﳌﺎﺳﻮن ﺟﻤﻌﻴﺎت ﻛﺜ ة ﰲ‬
‫دار اﻟﺨﻼﻓﺔ ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ اﳌﻬﻢ‪ .‬ﻣﻦ أوﻟﻬﺎ و أﻛﱪﻫﺎ ﺟﻤﻌﻴﺔ اﻹﺗﺤﺎد‬
‫و اﻟﱰﻗﻲ و ﻗﺪ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ اﻷﺛﺮ اﻷﻛﱪ ﰲ اﻟﻘﻀﺎء اﻟﻨﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺨﻼﻓﺔ ﰲ‬
‫ﺗﺮﻛﻴﺎ‪ .‬وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻧﻔﺬت ﺑﺪﻗﺔ و ﻣﻬﺎرة اﻹﻧﻘﻼب ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻋﺒﺪ‬
‫اﻟﺤﻤﻴﺪ اﻟﺜﺎ ﻋﺎم ‪١٩٠٨‬م وﺑﺬﻟﻚ ﻧﻘﻠﺖ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ إﱃ أﻳﺪى‬
‫ﻳﻬﻮد اﻟﺪو ﺔ و أﺗﺒﺎﻋﻬﻢ ﻣﻦ اﻷﺗﺮاك اﳌﺎﺳﻮن‪ .‬و ﻗﺪ ﻧﺠﺤﺖ ﺧﻄﺔ‬
‫اﻟﻴﻬﻮد اﳌﺎﺳﻮن ﰲ ﻋﺰل اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ اﻟﺜﺎ وﺗﻨﺼﻴﺐ‬
‫اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻟﻴﻜﻮن ﺳﻠﻄﺎﻧﺎ ً إﺳﻤﻴﺎً ﻻ ﻳﺒﺎﴍ ﺳﻠﻄﺘﻪ‬
‫ﺑﺎﳌﺮ ة‪.‬‬
‫وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أﺧــﺬت اﳌﺆاﻣــﺮات ﺗﺄﺧـﺬ ﻃـﺮﻳﻘﻬﺎ إﱃ اﻟﺘﻨﻔـﻴﺬ ﻋﲆ أﻳـﺪي‬
‫اﻟﻴﻬـﻮد و اﳌﺎﺳـﻮن ﻣﻦ اﻷﺗـﺮاك ﻓﺈﻧﺪﻟﻌﺖ اﻟﺜـﻮرات ﰲ اﻟﺒﻠـﻘﺎن و أﻟﺒـﺎﻧﻴﺎ ﺛﻢ‬
‫ﺳـﻠﺨﺖ اﻟﺒﻮﺳـﻨﺔ واﻟﻬﺮﺳـﻚ واﻟﻨﻤﺴـﺎ ﻣﻦ اﻹﻣﱪاﻃــﻮرﻳﺔ اﻟﻌﺜـ ﻧﻴﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ‬
‫ﺛﻼﺛﺔ و ﺧﻤﺴ ﻣﻠﻴﻮﻧﺎً ﻣﻦ اﻟﻔﺮﻧﻜــﺎت أﺧـﺬت ﻃـﺮﻳﻘﻬﺎ ﰲ ﻳﺴـﺮ إﱃ ﺟـﻴﻮب‬
‫اﻟﻴﻬـﻮد و اﳌﺎﺳـﻮن ﺛﻢ ﺑﻌـﺪ ﻓﱰة ﻗﺼـ ة ﺿـﺎﻋﺖ ﻣﻦ اﻟـﺪوﻟﺔ ﻣـﺮاﻛﺶ ﻋﺎم‬
‫‪١٩١٢‬م و ﻳﺘﺤـﺮك اﳌﺴــﺌﻮﻟﻮن ﻛـــﺄﻧﻬﻢ ﺟــﺎؤو ا ﻟﺘﺼــﻔﻴﺔ اﻹﻣﱪاﻃــــﻮرﻳﺔ‬

‫‪١٥٥‬‬
‫اﻟﻌﺜ ﻧﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﻏ ‪ ،‬و ﻟﻜﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻼ ﻣﻮارﺑﺔ‪ .‬وراﺣﺖ‬
‫ﺗﻨﺴﻠﺦ اﻟﻮاﺣﺪة ﺗﻠﻮ اﻷﺧﺮى وﻛﺄ ّ ن اﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﺷﻴﺌﺎ ً ﺑﺎﳌﺮة‪ .‬و ﻛ‬
‫ﻧﺠﺤﺖ اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ اﻟﻜﺎذﺑﺔ ﰲ إﻟﺼﺎق اﻟﺮذاﺋﻞ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺎن اﳌﺠﺎﻫﺪ اﳌﺨﻠﺺ‬
‫ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ اﻟﺜﺎ ﻓﻘﺪ ﻧﺠﺤﺖ ﰲ إﺿﻔﺎء ﺟﻤﻴﻊ ﺻﻮر اﻟﺒﻄﻮﻟﻴﺔ ﻋﲆ‬
‫ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻛ ل و ﻗﺪ أﺑﺮزوه ﺑﺼﻮرة رائﻋﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻟﻴﺴﻬﻞ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻘﻴﺎم‬
‫ﺑﺎﳌﻬﻤﺔ ﺧ ﻗﻴﺎم‪ .‬وﺑﻌﺪ إﻧﺘﺼﺎر اﻟﺤﻠﻔﺎء ﰲ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻷوﱄ ﻋﺎم‬
‫‪١٩١٨‬م ﺳﻬﻠﺖ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ و اﳌﺎﺳﻮن إﻧﺘﺼﺎر ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻛ ل ﻋﲆ‬
‫اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻴﻮﻧﺎ اﻟﺬي دﺧﻞ اﻷﻧﺎﺿﻮل وإﺣﺘﻞ أزﻣ ﻷن ﺟﻴﻮش اﻟﺤﻠﻔﺎء‬
‫ﺗﺮﻛﺖ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻴﻮﻧﺎ ﺑﺪون ﻣﺴﺎﻋﺪة ﻷن اﻟﻴﻬﻮد و اﳌﺎﺳﻮن أرادوا ذﻟﻚ‪،‬‬
‫ﻓﻤﺼﻄﻔﻰ ﻛ ل ﻛﺎن اﻟﺠﻮاد اﻟﺮاﺑﺢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺨﻄﻂ اﻟﻴﻬﻮدي اﻟﻌﺎﳌﻲ‬
‫و ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻴﻮش اﻟﺤﻠﻔﺎء ﻋﲆ ﺑﻌﺪ ﺧﻄﻮات ﻣﻦ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻴﻮﻧﺎ وﺗﺮﻛﺘﻪ‬
‫ﻳﻼﻗﻲ ﻣﺼ ه‪ .‬و ﻣ ﻳﺪل دﻻﻟﺔ واﺿﺤﺔ ﻋﲆ ﻏﻔﻠﺔ اﻟﺸﻌﻮب و ﻋﺪم وﻋﻴﻬﺎ‪،‬‬
‫إن ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻛ ل ﻧﺠﺢ ﰲ ﺣﺸﺪ اﻟﻘﻮي اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﱰﻛﻴﺔ ﺣﻮﻟﻪ ﺑﺈﺳﻢ‬
‫اﻹﺳﻼم وﻫﻮ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻋﺪى أﻋﺪاء اﻹﺳﻼم ﻷﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ إﺳﺘﺘﺐ ﻟﻪ اﻷﻣﺮ‬
‫و ﺻﺎر ﻛ ﻟﻘﺒﻮه أﺗﺎﺗﻮرك أي أﺑﺎ اﻟﱰك ﴍع ﻓﻮرا ً ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ اﻟﺨﻄﺔ اﻟﺠﻬﻨﻤﻴﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ رﺳﻤﺖ ﻟﻪ ﳌﺤﺎرﺑﺔ اﻹﺳﻼم واﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎً‪.‬‬
‫و ﻗﺪ ﺳﻠﻚ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﺔ اﻟﺠﻬﻨﻤﻴﺔ اﻟﺘﺪرج ﰲ ﻣﻜﺮ وﺧﺪاع‬
‫و أﺣﺪاث ﻣﻔﺘﻌﻠﺔ و دﻋﺎﻳﺔ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﻣﺆﺛﺮة‪ .‬ﻓﻔﻲ أول ﻧﻮﻓﻤﱪ ﻋﺎم‬
‫‪١٩٢٢‬ﻣﺨﻠﻊ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ وﺣﻴﺪ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺴﺎدس ﻣﻦ اﻟﺨﻼﻓﺔ وﺑﻮﻳﻊ ﻋﺒﺪ‬
‫اﳌﺠﻴﺪ ﺑﺪﻻً ﻋﻨﻪ وﰲ أﻏﺴﻄﺲ ﻋﺎم ‪١٩٢٣‬م أﻧﺸﺎ ﺣﺰب اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺠﻤﻬﻮري‬
‫وﻛﺎن أﻏﻠﺐ أﻋﻀﺎؤه ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﺪو ﺔ و اﳌﺎﺳﻮن وﰲ ‪ ٢٠‬أﻛﺘﻮﺑﺮ ﻋﺎم‬
‫‪١٩٢٣‬م أﻋﻠﻦ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﱰ ﻛﻴﺔ و اﻧﺘﺨﺒﺖ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻣﺼﻄﻔﻰ‬
‫ﻛ ل رﺋﻴﺴﺎً ﻟﻠﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ‪.‬‬
‫‪١٥٦‬‬
‫وﰲ ﻣﺎرس ‪١٩٢٤‬م أ ُﻟﻐﻴﺖ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺧﻨﺠﺮا ً ﰲ ﺻﺪر‬
‫أﻋﺪاء اﻹﺳﻼم و ﻣﺮﻛﺰا ً ﻳﻠﺘﻒ ﺣﻮﻟﻪ اﳌﺴﻠﻤﻮن و أداة ﻗﻮﻳﺔ ﻟﻮﺣﺪة اﻟﺼﻒ اﻹﺳﻼﻣﻲ‬
‫و ﺑﺬﻟﻚ ﻧﺠﺢ أﺧ ا ً اﻟﻴﻬﻮد ﰲ ﻣﺨﻄﻄﻬﻢ اﻟﺬي ﻣﺮت ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻘﺮون ﻓ ذا ﻓﻌﻞ‬
‫اﳌﺴﻠﻤﻮن إزاء ﻫﺬا اﻟﺤﺎدث اﻟﺠﻠﻞ؟ ﻳﻔﻌﻠﻮا أي ﳾء ﻷﻧﻬﻢ ﻣﺨﺪرون وﻳﻐﻄﻮن‬
‫ﰲ ﻧﻮم ﻋﻤﻴﻖ‪ .‬ﻏ أن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺣﺮﻛﺎت ﻣﺤﺪودة ﺗﻨﺎدي ﰲ ﻓﱰات ﻣﺘﺒﺎﻋﺪة‬
‫ﺑﺼﻴﺤﺎت ﻣﻜﺒﻮﺗﺔ إﱃ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬واﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﳌﺮﺻﺎد و ﻗﺪ‬
‫ﻛﺎن اﻟﻌﺎ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻛﻠﻪ ﺑﻌﺪ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻳﺨﻴﻢ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺠﻬﻞ‬
‫و ﺗﺘﻨﺎزﻋﻪ اﻷﻏﺮاض و اﳌﻄﺎﻣﻊ وﻳﻌﻴﺶ ﰲ دواﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻐﺎﺋﺮ و ﻻ ﻳﺪري ﻣﻦ أﻣﺮه‬
‫أي ﳾء ﻓﺠﺜﻢ ﻋﲆ ﺻﺪره اﻹﺳﺘﻌ ر و ﺻﺎر ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﻴﺪ اﳌﻄﻴﻌ و ﻻ‬
‫ﻋﱪة ﺑﺎﻟﺘﻤﺮد اﳌﺤﺪود ﰲ ﻓﱰات ﻣﺘﻘﻄﻌﺔ و ﻣﺤﺪودة و ﻗﺪ ﺑﺪأ اﻟﻴﻮم ﻳﺘﻤﻠﻤﻞ ﻋﲆ‬
‫ﻓﺮاش اﻟﻨﻮم و ﺗﻜﺘﻤﻞ اﻟﺼﺤﻮة ﺑﻌﺪ‪ ،‬ﻓ ذا ﻳﺤﺪث ﺑﻌﺪ أن ﺗﻜﺘﻤﻞ ﺻﺤﻮﺗﻪ؟‬
‫اﻟﺪﻋﻮة إﱃ اﻟﻘﻮﻣﻴـــﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴــــــﺔ‪:‬‬
‫ﻫﺬه اﻟﺪﻋﻮة ﻧﺒﻌﺖ ﻣﻦ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ وﺑﺘﺨﻄﻴﻂ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ و اﻟﻘﻮة‬
‫اﻟﺨﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ اﻟﻌﺎ اﻟﻴﻮم و اﻟﻐﺮض اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺰل اﻟﻌﺮب ﻋﻦ اﻟﺸﻌﻮب‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﻋﺰل اﻟﺸﻌﻮب اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺮب ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻢ ﺑﻴﻨﻬ اﻟﺨﻼف‬
‫و اﻟﺘﺒﺎﻏﺾ و اﻟﺠﻔﻮة و ﺗﺼﺒﺢ اﻟﻘﻮة اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ اﻟﺠﺒﺎرة ﺗﻨﺨﺮ ﰲ ﺟﺴﻤﻬﺎ اﻟﻀﻌﻴﻒ‬
‫و اﳌﻨﻬﺎر‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﺧــﺪﻣﺖ ﻫﺬه اﻟﺪﻋـﻮة اﳌﻐـﺮﺿﺔ اﳌﺨـﻄﻂ اﻟﻴﻬـــﻮدي ﰲ‬

‫اﻟﻘﻀـﺎء ﻋﲆ اﻟﺨـﻼﻓﺔ اﻹﺳـــﻼﻣﻴﺔ ﰲ ﺗـﺮﻛﻴﺎ ﺧـــﺪﻣﺔ ﻋﻈـﻴﻤﺔ و ﻗﺪ دﻓـﻌﺖ‬
‫اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣـﻴﺔ و اﻟﻴﻬــﻮدﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣــﻴﺔ اﻷﺧــﺮى‪ ،‬ﺑﻌﺾ اﻟﻜــﺘﺎب ﻣﻦ‬
‫اﻟﻌـﺮب و أﻏﻠــﺒﻴﺘﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻨــﺼﺎرى و أﻗﻠــﻬﻢ ﻣﻦ اﳌﺴــﻠﻤ اﳌﺎﺳــﻮن أن‬

‫‪١٥٧‬‬
‫ﻳﺮﻛﺰوا وﺑﺸﻜﻞ ﻗﻮي ﻋﲆ ﻓﺴﺎد اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ و اﻟﺨﻠﻔﺎء و أﻋﻈﻢ اﻟﺬﻳﻦ‬
‫اﻧﺘﴩوا ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ ﻗﺪ أﺑﺮزوا اﳌﺴﺎوئ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ و زادوا ﻋﻠﻴﻬﺎ إﺿﻌﺎﻓﺎ ً ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ‪.‬‬
‫و ﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪ اﳌﺎﺳﻮن ﻋﲆ ﻧﴩ ذﻟﻚ ﻋﲆ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ‪ .‬وﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﻛﺎﻧﻮا‬
‫ﻳﺪﻋﻮن ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺐ ﻣﺆﺛﺮة ﺗﺮﺗﻜﺰ ﻋﲆ اﻟﻌﻮاﻃﻒ و ﺗﺜ اﻟﺠ ﻫ إﱃ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ‬
‫اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻣﻀﻮا ﻳﻨﺎدون ﺑﺘﺤﺮﻳﺮ اﻟﻌﺮب و ﻓﺼﻠﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ و‬
‫ﻳﻨﺴﻮا أن ﻳﻌﺰزوا ذﻟﻚ ﺎ ﺳﺎد ﰲ اﻟﺪول اﻷورﺑﻴﺔ ﻣﻦ دﻋﻮة إﱃ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ و ﻗﺪ‬
‫ﻛﺎن ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ اﻻﺗﺠﺎه ﺑﺎﻷﻧﻈﺎر إﱃ أوروﺑﺎ وﺗﻘﺪﻣﻬﺎ و أن ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻓﻴﻬﺎ ﻻ‬
‫ﻳﻜﻮن إﻻ ﺣﻘﺎً وﺻﺤﻴﺤﺎ ً وﺗﻘﺪﻣﺎ ً و ﺣﺮﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺪﻋﻮة ﻟﺬﻟﻚ ﰲ‬
‫اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ وﻫﻮ ﻋﴫ اﻟﻈﻠ ت ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ اﳌﺴﻠﻤ ‪ .‬وﻣﴣ اﻟﺠﻤﻬﻮر‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻳﺴ ﰲ اﳌﺨﻄﻂ و ﻫﻮ أﻋﻤﻰ اﻟﺒﺼ ة و اﻟﺒﴫ و ﻗﺪ اﻋﱰف ﻣﺆرﺧﻮ‬
‫اﻟﻌﺮب ﻣﻦ اﻟﻨﺼﺎرى ﰲ ﺳﻮرﻳﺎ و ﻟﺒﻨﺎن ﺑﺄن اﻟﺮواد اﻷواﺋﻞ ﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﻛﺎﻧﻮا ﻧﺼﺎرى و أﻧﻬﻢ ﺗﻌﺎوﻧﻮا ﻣﻊ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻷورﺑﻴﺔ و ﻓﺮوﻋﻬﺎ وﻣﺤﺎﻓﻠﻬﺎ ﰲ اﻟﴩق‬
‫اﻟﻌﺮ ‪.‬‬
‫إن اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌــﺮﺑﻴﺔ ﻣﻮﺟﻬـﺔ ﺑﻌﻨﻒ إﱃ ﻣﺒﺎدئ اﻹﺳــﻼم و أﺻﻮﻟﻪ ﻓﻘﺪ‬
‫ﻗﺮر اﻹﺳــﻼم ﻣﻦ أول ﻳﻮم ﻣﺒﺪأ اﳌﺴــﺎواة ﺑ اﻷﺟﻨﺎس ﺟﻤﻌﻴﺎ ً و وﺿﻊ ﻟﺬﻟﻚ‬
‫ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮ اﻟﻘﻮي‪ ) :‬اﻟﻨﺎس ﺳﻮاﺳﻴﺔ ﻛﺄﺳﻨﺎن اﳌﺸﻂ ﻻ ﻓﻀﻞ ﻟﻌﺮ ﻋﲆ‬
‫ﻋﺠﻤﻲ و ﻻ أﺣﻤﺮ ﻋﲆ أﺳﻮد إﻻ ﺑﺎﻟﺘﻘﻮى إن أﻛﺮﻣﻜﻢ ﻋﻨﺪ ﷲ أﺗﻘﺎﻛﻢ(‪ .‬ﻓﻼ‬
‫ﻋﻨﴫﻳﺔ ﰲ اﻹﺳﻼم إﻃﻼﻗﺎً ﻓﺎﻟﻮزن ﰲ اﻹﺳﻼم ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ و ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﺠﻨﺲ أو اﻟﻌﻨﴫ‬
‫و اﻟﺘﻘﻮﻳﻢ ﻟﻸﻓﺮاد و اﻟﺠ ﻋﺎت ﺎ ﻳﺤﺴﻨﻮن ﻻ ﺑﺎﻷﻧﺴﺎب‪ .‬وﰲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﱰﻛﻴﺔ‬
‫اﻧﺼﻬﺮ ﻛﻞ اﳌﺴﻠﻤ ﺗﺤﺖ ﻟﻮاء اﻟﺨﻼﻓﺔ و ﻗﺪﻣﻮا اﻟﻄﺎﻋﺔ اﻟﺘﺎﻣﺔ ﻟﻠﺨﻠﻴﻔﺔ و‬
‫ﻳﺠﺪوا ﰲ ذﻟﻚ أي أﻣﺮ ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻐ ذﻟﻚ ﺣﺘﻰ أﺛ ّ ﺮ ﻳﻬﻮد اﻟﺪو ﺔ و اﳌﺎﺳﻮن ﻋﲆ‬
‫ﻣﻘﺮ اﻟﺨﻼﻓﺔ و وﺿﻌﻮا ﻣﻦ أﺟـﻞ اﻟﺘﺨـﺮﻳﺐ وﺑﺬر اﻟﺸــﺮ ﻣﺒــﺪأ ﺗﱰﻳﻚ اﻟﻨـﺎس‬

‫‪١٥٨‬‬
‫ﻓﻬﺒﺖ اﻟﻔﺘﻨﺔ اﻟﻌﻤﻴﺎء و أوﻗﺪ ﻧﺎرﻫﺎ اﳌﺎﺳﻮن و اﻟﻴﻬﻮد ﻓﺘﻠﻘﻔﻬﺎ اﻟﺠ ﻫ اﻟﺠﺎﻫﻠﺔ‬
‫ﺎ ﻳﺮاد ﺑﻬﺎ و ﺻﺎﺣﺖ ﺑﻬﺎ اﻟﺠﻤﻮع اﻟﻬﺎدرة‪ ،‬و ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺪﻋﻮة اﻟﻠﺌﻴﻤﺔ‬
‫اﻟﻌﻨﴫﻳﺔ ﻫﻲ اﻷﺳﺎس اﻟﺬي ﻧﴩ ﻛﻞ اﻟﺪﻋﻮات اﻟﻌﻨﴫﻳﺔ وراﺣﺖ ﻛﻞ‬
‫اﻟﺠ ﻋﺎت ﰲ ﻛﻞ ﺑﻠﺪ ﺗﻨﺎدي ﺑﻘﻮﻣﻴﺘﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻔﺮﻗﺖ اﻟﻜﻠﻤﺔ و ﺗﺒﺪدت اﻟﺠﻬﻮد‬
‫وﻋﻢ اﻟﻀﻌﻒ و ﺗﻨﻘﻠﺖ اﻟﺸﻌﻮب اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺊ إﱃ اﻷﺳﻮأ و ﻻ زاﻟﺖ ﺣﺘﻰ‬
‫اﻟﻴﻮم ﺗﺮزح ﺗﺤﺖ ﻫﺬا اﳌﺨﻄﻂ اﳌﺪﻣﺮ و ﻻ زاﻟﺖ ﺗﺪاﻓﻊ ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﺿﻌﻔﻬﺎ‬
‫و أﺳﺎس ﻣﺬﻟﺘﻬﺎ و ﻫﻮاﻧﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺠﻴﺐ‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأت اﻟﺪﻋﻮة إﱃ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﰲ ﻗﻠﺐ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻣﻘﺮ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬
‫ﻧﻔﺴﻬﺎ و ﻧﺎدي اﻷﺗﺮاك اﳌﺎﺳﻮن ﰲ ﻗﻮة ﻫﺎدرة ﺑﺎﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻄﻮراﻧﻴﺔ اﻟﱰﻛﻴﺔ و ﻧﺎدوا‬
‫ﺑﺘﱰﻳﻚ اﻟﺸﻌﻮب ﻛﻠﻬﺎ اﳌﻨﺪرﺟﺔ ﺗﺤﺖ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﱰﻛﻴﺔ ﻫﺒﺖ ﻛﻞ اﻟﺸﻌﻮب‬
‫ﺗﺪﻓﻌﻬﺎ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺗﺪﻋﻮ ﺑﻘﻮﻣﻴﺎﺗﻬﺎ و ﻗﺪ ﻛﺎن ﻟﻠﺴﻔﺎرات دور ﻛﺒ ﰲ ﻫﺬه‬
‫اﻟﺪﻋﻮات ﺧﺼﻮﺻﺎ ً اﻟﺴﻔﺎرة اﻻﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ و اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ و اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ اﺳﻄﻨﺒﻮل وﻗﺪ‬
‫ﻫﺪﻣﺖ ﻫﺬه اﻟﻨﻌﺮة اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﻨﴫﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺸﺖ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺨﻼﻓﺔ‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ أو ﺳﺎﻋﺪت ﻣﺴﺎﻋﺪة ﻛﺒ ة ﰲ ذﻟﻚ و ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺨﻼﻓﺔ ﻫﻲ اﻟﺤﺼﻦ‬
‫اﳌﻨﻴﻊ اﻟﺬي ﻛﻦ ﻋﲆ ﺿﻌﻔﻪ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻳﺤﻤﻲ اﻟﺸﻌﻮب اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ‬
‫وﻳﺪﻓﻊ ﻋﻨﻬﺎ ﻛﻞ اﻟﺪول اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ وﻏ ﻫﺎ‪ .‬و ﻣﺎ ﻛﺎن ذﻟﻚ إﻻ ﺗﺨﻄﻴﻄﺎ ً ﻣﺎﺳﻮﻧﻴﺎ ً‬
‫ﻳﻬﻮدﻳﺎ ً إﺳﺘﻐﻞ ﻏﻔﻠﺔ اﻟﺸﻌﻮب اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻳﻮﻣﺌﺬ ٍ و ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻓﻬﻤﺖ اﻟﺸﻌﻮب‬
‫اﻟﻴﻮم ﺑﻌﺪ ﻣﴣ ﻗﺮن أو ﻳﺰﻳﺪ اﻟﺴﺒﺐ اﳌﺪﻣﺮ ﻟﻬﺎ ؟‬
‫اﻟﺤــــــــــــــــﺮوب اﻟﺼﻠﻴﺒﻴــــــــــﺔ‪:‬‬
‫ﺗﻘﻢ اﻟﺤــﺮوب اﻟﺼــﻠﻴﺒﻴﺔ إﻻ ﺑﺘﺤﺮﻳﺾ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد ﺛﻢ ﺑﺎﻟﻴﻬﻮد اﻟﺬﻳﻦ إﺧﱰﻗﻮا‬

‫‪١٥٩‬‬
‫ﻧﻈﺎم اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ و أﻋﻠﻨﻮا اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﻧﻔﺎﻗﺎ ً ﻣﻦ ﻏ إﻗﺘﻨﺎع إ ﺎ ﻟﻐﺮض‬
‫ﻣﺒﻴﺖ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﺪﻣﺔ ﺟﻨﺴﻬﻢ ﺑﺈﺧﻼص ﻣﻨﻘﻄﻊ اﻟﻨﻈ ﻛ إﻧﻬﻢ‬
‫إﺧﱰﻗﻮا أﻳﻀﺎ ً اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻷرﺛﻮذﻛﺴﻴﺔ اﻟﺮوﺳﻴﺔ ﻟﻨﻔﺲ اﻷﻏﺮاض اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ‪.‬‬
‫و اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻗﺪ ﺧﺎﻓﺖ ﻣﻦ ﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤ ﺑﺄن‬
‫اﳌﺴﻴﺤﻴ أﻗﺮب إﻟﻴﻬﻢ ﻋﲆ أي ﺣﺎل ﻣﻦ اﻷﺣﻮال‪ .‬ﻓﻌﻤﻠﻮا ﺑﺠﺪ و ﺟﻬﺪ و ﺗﺮﻛﻴﺰ‬
‫ﻟﻴﺴﺒﻘﻮا اﳌﺴﻠﻤ إﱃ اﳌﺴﻴﺤﻴ وﻳﺆﺛﺮوا ﻋﻠﻴﻬﻢ و ﻧﻔﺜﻮا ﰲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ اﻟﺤﻘﺪ‬
‫و اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ و اﻟﺒﻐﻀﺎء ﻋﲆ اﳌﺴﻠﻤ وﻳﺮﻛﺰوا ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻋﲆ اﻟﺘﺨﻮﻳﻒ ﻣﻦ‬
‫زﺣﻒ اﻹﺳﻼم واﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻟﻜﻨﻴﺴﺘ ﺧﺼﻮﺻﺎ ً وإن ﻣﺒﺎدئ اﻹﺳﻼم ﺗﺤﻤﻞ‬
‫اﻟﺤﺮﻳﺔ و اﳌﺴﺎواة و اﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻹﺧﺎء و ﻫﻲ اﳌﺒﺎدئ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻄﻠﻊ إﻟﻴﻬﺎ‬
‫اﻟﺠﻤﻴﻊ‪ .‬و ﳌﺎ ﺗﻢ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻻﺧﱰاق ﺣﻤﻞ اﻟﻴﻬﻮد اﳌﺘﻨﴫﻳﻦ ﻟﻮاء اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﺿﺪ‬
‫اﻹﺳﻼم و اﳌﺴﻠﻤ ﻓﻮﺟﺪوا آ ذاﻧﺎ ً ﺻﺎﻏﻴﺔ وﻗﻠﻮﺑﺎ ً ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ وﻋﻘﻮﻻً ﻣﻬﻴﺄةً ﻷن‬
‫اﻟﺤﺮوب ﰲ اﻷﻧﺪﻟﺲ ﺿﺪ اﳌﺴﻴﺤﻴ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ اﻷﺛﺮ اﻟﻔﻈﻴﻊ ﰲ ﻧﻔﻮس ﻛﻞ‬
‫اﻷوروﺑﻴ ‪ ،‬ﺛﻢ اﻟﺠﻬﻞ اﻟﺘﺎم ﺑﺪﻋﻮى اﻹﺳﻼم‪ .‬و ﻗﺪ ﻛﺎن ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﺬﻳﻦ‬
‫وﺻﻠﻮا إﱃ ﻣﻨﺎﺻﺐ ذات أﺛﺮ ﰲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺘ ﻓﻌﻞ ﻗﻮي ﰲ إزﻛﺎء ﻧﺎر اﻟﺤﺮوب‬
‫اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ ﺑﺪﻋﻮة ﺣ ﻳﺔ اﻟﺤﺠﺎج إﱃ ﺑﻴﺖ اﳌﻘﺪس اﻟﺬي ﻛﺎن ﺗﺤﺖ ﺣﻜﻢ‬
‫اﳌﺴﻠﻤ و ﻛﺎن اﻟﻬﺪف إﻗﺎﻣﺔ ﺣﻜﻢ ﻣﺴﻴﺤﻲ ﰲ ﺑﻴﺖ اﳌﻘﺪس‪ .‬وﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن‬
‫اﻟﻴﻬﻮد دا ﺎً وراء اﻟﺘﺨﺮﻳﺐ و اﻟﻔﺴﺎد وإﺛﺎرة اﻹﺿﻄﺮاﺑﺎت و اﻟﺤﺮوب وأﻧﻬﻢ أﻛ‬
‫ﻧﺸﺎﻃﺎ ً ﰲ إﺛﺎرة اﻷﺣﻘﺎد و اﻟﻀــﻐﺎﺋﻦ واﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ ﺑ ﺷﻌﻮب اﻷرض ﻗﺎﻃﺒﺔ و أﻧﻬﻢ‬
‫ﻻ ﻳﺘﻮرﻋﻮن إﻃــﻼﻗﺎ ً ﻋﻦ اﻟﺰج ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﰲ اﻟﻮﺻــﻮل إﱃ أﻫــﺪاﻓﻬﻢ ﺑﻴﻨ ﺗﺮاﻫﻢ‬
‫ﻻ ﻳﻌﱰﻓﻮن ﺑﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﻷدﻳــﺎن وﻳﻌــﺘﱪوﻧﻬﺎ ﻛــﻠﻬﺎ ﻣﻦ وﺣـﻲ اﻟﺸــﻴﻄﺎن‬
‫اﻟﺮﺟﻴﻢ و ﻟــﻴﺲ ﻫﻨﺎك دﻳﻦ ﻋﲆ اﻟﺤــﻖ ﺳـــﻮي اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ‪ .‬و اﻟﺤﺮوب اﻟﺼــﻠﻴﺒﻴﺔ‬

‫‪١٦٠‬‬
‫اﳌﻘﺪﺳﺔ ﻛ زﻋﻤﻮا ﺗﻜﻦ ﺳﻮي ﻣﺆاﻣﺮة دﺑﺮت ﺑﺈﺣﻜﺎم ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﺬي ﻻ‬
‫ﻳﺘﺤﻤﻠﻮن أن ﻳﻌﻴﺶ اﻟﻌﺎ ﰲ إﺳﺘﻘﺮار ﻳﺴﻮده اﻟﻮﺋﺎم واﻹﺗﻔﺎق و اﻟﺴﻼم و ﻗﺪ ﻛﺎن‬
‫رأي اﻟﻴﻬﻮد دا ﺎ ً أن ﻟﻴﺲ ﻟﺴﻮاﻫﻢ اﻟﺤﻖ ﰲ اﻟﻌﻴﺶ اﻟﻬﻨﻲء و ﻛﻞ ﺷﻌﻮب اﻷرض‬
‫ﺧﺪام ﻟﻠﻴﻬﻮد ﺷﻌﺐ ﷲ اﳌﺨﺘﺎر‪.‬‬
‫و ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺎﴐة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﺰدﻫﺮة و اﻟﺸﻌﻮب اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﰲ‬
‫ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺤﺮوب اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔو ﻛﺎن اﳌﺴﻠﻤﻮن ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ أﺳﺎﺗﺬة اﻟﻌﺎ أﺟﻤﻊ ﰲ‬
‫اﻟﻌﻠﻮم واﻟﺤﻀﺎرة وﻟﻜﻦ اﻟﺤﻘﺪ اﻟﻴﻬﻮدي ﻛﺎن ﻳﺘﺎﺑﻊ اﳌﺴﻠﻤ ﻣﻨﺬ ﻓﺠﺮ اﻟﺪﻋﻮة‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﻳﻌﻤﻞ ﺑﺠﺪ ﻟﺘﻘﻮﻳﺾ أرﻛﺎن اﻹﺳﻼم ﻋﻤﻞ ﻋﲆ إزﻛﺎء ﻧﺎر اﻟﺤﻘﺪ ﺑ‬
‫اﳌﺴﻴﺤﻴ ﻟﴬب اﻹﺳﻼم ﻷﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﻌﺠﺒﻬﻢ إﻃﻼﻗﺎ ً ﺗﻔﻮق اﳌﺴﻠﻤ و وﺣﺪﺗﻬﻢ إذ‬
‫ذﻟﻚ ﻳﺸﻜﻞ ﻋﻘﺒﺔ ﻛﺎداء ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﺨﻄﻄﻬﻢ اﻟﺠﻬﻨﻤﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﻜﻢ‬
‫اﻟﻌﺎ أﺟﻤﻊ ﺑﺸﻌﺐ ﷲ اﳌﺨﺘﺎر وﳌﺎ ﺗﻢ ﻟﻬﻢ ﻣﺎ أرادوه ﻣﻦ دﻓﻊ اﳌﺴﻴﺤﻴ‬
‫ﻟﻠﺤﺮب ﺿﺪ اﳌﺴﻠﻤ ﺗﻨﻔﺴﻮا اﻟﺼﻌﺪاء و واﺻﻠﻮا اﻟﺘﺤﺮﻳﺾ و اﻹﺛﺎرة و ﻗﺪ ﺑﺪأت‬
‫اﻟﺤﺮوب اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ ﰲ ﻋﺎم ‪١٠٩٥‬م ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ً ﺣﺘﻰ ﻋﺎم ‪١٢٧١‬م أي ﰲ ﻣﺪى ﻗﺮﻧ‬
‫ﻛﺎﻣﻠ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ً و ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻤﻼت ﺎن ﺣﻤﻼت ﺻﻠﻴﺒﻴﺔ ﻧﺠﺢ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻧﺠﺎﺣﺎ ً‬
‫ﻣﺤﺪودا ً وﺗﺤﻄﻢ أﻛ ﻫﺎ ﻋﲆ ﻗﻮة اﻟﻮﺣﺪة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ و ﻳﺘﺤﻘﻖ اﻟﻬﺪف ﰲ‬
‫إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﻜﻢ اﳌﺴﻴﺤﻲ ﰲ ﻓﻠﺴﻄ ﻛ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺮﻳﺪون‪.‬‬
‫و ﺑﻌﺪ اﻟﺘـﺄﻣﻞ اﻟﻮاﻋـﻲ ﰲ ﻫـﺬه اﻟﺤـﺮوب اﳌﺪﻣـﺮة ﻳﺘﻀـﺢ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﺑﺘﺪﺑ اﻟﻴﻬـﻮد و ﻣﻦ أﺟـﻞ ﺗﺤـﻘﻴﻖ أﻣﺮﻳﻦ اﻷول ﺗﻘﺴـﻴﻢ أوروﺑﺎ إﱃ‬
‫ﻣﻌﺴـﻜﺮﻳﻦ ﻣﺘﻨـﺎﺣﺮﻳﻦ‪ :‬اﻷول ﻣﻊ اﻟﻴﻬـﻮد و اﻟﺜـﺎ ﺿـﺪﻫﻢ وﻗﺪ ﻧﺠﺤـﻮا ﰲ‬
‫ذﻟﻚ ــﺎﻣﺎ ً ﻓﺸـﻐﻞ اﻟﻴﻬـﻮد اﻟﻘﻮم ﺑﺄﻧﻔﺴـﻬﻢ وأراﺣﻮا أﻧﻔﺴـﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻌـﻨﺎء‬
‫و اﻟﺜﺎ ﺿـﺮب اﻟﻌـﺪوﻳﻦ اﻟﻠﺪودﻳﻦ اﳌﺴـﻠﻤ و اﳌﺴـﻴﺤﻴ ﺑﺒﻌﻀـﻬﻢ‬

‫‪١٦١‬‬
 ‫ﳌﺼــﻠﺤﺔ اﳌﺨﻄﻂ اﻟﻴﻬﻮدي و ﻗﺪ ﻧﺠﺤﻮا أﻳﻀﺎً ﰲ ذﻟﻚ ﻧﺠﺎﺣﺎً ﻏ ﻛﺎﻣﻞ و ﻟﻜﻨﻪ‬
‫ﻳﺼﻠﺢ أن ﻳﻜﻮن أﺳﺎﺳﺎ ً ﻟﺠﻬﺪ ﻣﺘﻮاﺻﻞ ﻳﺜﻤﺮ ﰲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ وﻗﺪ ﻓﻌﻠﻮا‪ .‬و ﻗﺪ ﻧﺘﺞ‬
‫ﻋﻦ ذﻟﻚ أﻳﻀﺎً ﻧﺠﺎح ﻳﻜﻦ ﻣﻨﻈﻮرا ً و ﻟﻜﻨﻪ أﺻﺒﺢ رﺑﺤﺎ ً ﻋﻈﻴ ً و ﻫﻮ أن اﻟﻴﻬﻮد‬
‫ﻗﺪ ﺟﻨﻮا ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺤﺮب اﻟﻄﺎﺣﻨﺔ ﺛﺮاءا ً ﻓﺎﺣﺸﺎ ً و ﻣﺎﻻً وﻓ ا ً ﻟﻔﺖ ﻫﺬا ﻧﻈﺮﻫﻢ‬
‫إﱃ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻛﱪى ﻓﺈﺳﺘﻐﻠﻮا اﻟﺤﺮوب اﻟﺘﻲ دﺑﺮوﻫﺎ ﰲ اﻟﺨﻔﺎء ﻟﻠ اء و ﺟﻤﻊ اﳌﺎل‬
‫و اﺳﺘﺜﻤﺮوا ذﻟﻚ اﺳﺘﺜ را ً ﺑﺬﻛﺎء وﻣﻘﺪرة‪.‬‬
‫وﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻴﻬﻮد ﰲ أوروﺑﺎ أﺑﺎن اﻟﺤﺮب اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ ﻣﻀﻄﻬﺪﻳﻦ ﰲ ﻛﻞ‬
‫اﻷوﺳﺎط و ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ وزﻋ ء اﻟﺪول اﻷورﺑﻴﺔ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻣﺘﺤﺪﻳﻦ ﺿﺪ‬
‫اﻟﻴﻬﻮد ﻣ ﺟﻌﻞ اﻟﻴﻬﻮد ﻳﻔﻜﺮون ﺑﺠﺪ ﰲ ﺗﻐﻴ ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ ﻟﺼﺎﻟﺤﻬﻢ و ﻗﺪ‬
‫ﻜﻨﻮا ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻓﻴ ﺑﻌﺪ ﺣﺘﻰ ﻏﺪوا اﻵن ﻣﺴﺘﻌﻤﺮﻳﻦ ﻷوروﺑﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ وﻣﺎ ﻋﺎد‬
‫اﻻﺿﻄﻬﺎد ﻣﻮﺟﻮدا ً ﺑﻞ أﺻﺒﺤﺖ ﻟﻬﻢ اﻟﺴﻴﺎدة ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ اﳌﻌﺎش‪ .‬و ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ورؤﺳﺎء اﻟﺪول اﻷورﺑﻴﺔ ﻳﺼﺪرون اﳌﺮاﺳﻴﻢ ﺿﺪ اﻟﻴﻬﻮد ﻟﻠﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﺮﺑﺎ‬
‫اﻟﻔﺎﺣﺶ اﻟﺬي ﻛﺎن اﻟﻴﻬﻮد ﺎرﺳﻮﻧﻪ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﲆ أﻛﱪ ﻗﺪر ﻣﻦ اﳌﺎل ﻋﻦ‬
‫ﻃﺮﻳﻖ اﳌ رﺳﺎت ﻏ اﳌﴩوﻋﺔ و ﻏ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ إﻣﺘﺎزوا ﺑﻬﺎ‪ .‬و ﻟﻘﺪ أﺻﺪر‬
‫ﻣﻨﺪوﺑﺎ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ﰲ ﻣﺆ ﺮﻫﻢ اﳌﺴﻜﻮ اﻟﺬي ﻋﻘﺪ ﰲ ﻋﺎم ‪١٢١٥‬م‬
‫ﻣﺮاﺳﻴﻢ ﺗﻘﴤ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻴﻬﻮد ﰲ أﺣﻴﺎﺋﻬﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻛ ﻣﻨﻊ اﻟﻴﻮد إﻃﻼﻗﺎ ً‬
‫ﻣﻦ إﺳﺘﺨﺪام اﳌﺴﻴﺤﻴ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻛﺄﺟﺮ اء أو ﺗﻮﻛﻴﻠﻬﻢ ﰲ ﻣﻌﺎﻣﻼﺗﻬﻢ‪ .‬و ﻟﻘﺪ ﻛﺎن‬
‫اﻟﺪاﻓﻊ ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻨﻊ اﻟﻴﻬﻮد ﻣﻦ إﺗﺨﺎذ اﳌﺴﻴﺤﻴ واﺟﻬﺔ ﰲ أﻋ ﻟﻬﻢ اﳌﺸﺒﻮﻫﺔ‬
‫و اﻟﺘﺴﱰ ﻣﻦ وراﺋﻬﻢ وﺑﺬﻟﻚ ﺘﺼﻮا ﻏﻀﺐ اﻟﺠ ﻫ ‪.‬‬

‫‪١٦٢‬‬
 ‫اﳌﺆاﻣﺮة اﻟﺴﺒﺌﻴــــﺔ‪:‬‬
‫ﻟﻘﺪ دﺧﻞ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ﺳﺒﺄ ﰲ اﻹﺳﻼم ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻌﻤﻞ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ﰲ‬
‫ﺗﺪﻣ اﻹ ﺳﻼم واﳌﺴﻠﻤ و ذﻟﻚ ﺑﻌﺪ أن درس اﻹﺳﻼم دراﺳﺔ ﻣﺴﺘﻔﻴﻀﺔ ﻣﺮﻛﺰة‬
‫و درس ﻃﺒﺎﺋﻊ اﳌﺴﻠﻤ و ﻧﻔﺴﻴﺎﺗﻬﻢ دراﺳﺔ ﻣﻄﻮﻟﺔ ﺗﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ودرس اﻟﻮاﻗﻊ‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻈﺮوف دراﺳﺔ ﻧﻘﺪ و ﻣﻘﺎرﻧﺔ و ﺠﺮد دﺧﻮﻟﻪ ﰲ اﻹﺳﻼم أﻇﻬﺮ‬
‫اﻟﺨﺸﻮع واﻟﺘﻘﻮى و اﻹ ﺎن اﻟﻘﻮي و اﳌﺒﺎﻟﻐﺔ ﰲ اﻟﻄﺎﻋﺔ واﻹ ﻧﻘﻴﺎد ﺣﺘﻰ إﻟﺘﻒ ﺣﻮﻟﻪ‬
‫ﻧﻔﺮ ٌ ﻣﻦ اﻟﺒﺴﻄﺎء و اﻟﻐﻮﻏﺎء واﻟﺮ ِﺟﺮ ِﺟﺔ وﺑﻌﺾ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﺬي ﺳﺒﻘﻮه إﱃ إﻋﺘﻨﺎق‬
‫اﻹﺳﻼم ﻣﻦ أﺟﻞ ﻧﻔﺲ اﻟﻐﺮض اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ إﺑﻦ ﺳﺒﺄ ﻣﻦ أﺟﻠﻪ‪ .‬و ﻟﻘﺪ و ﺟﺪ اﻟﺴﺒﻴﻞ‬
‫إﱃﻏﺎﻳﺘﻪ ﺳﻬﻼً ﻣﻴﴪا ً ﻏ ﻣ ُﻌﻘﺪ ﻓﺒﺎﴍ ﻋﻤﻠﻪ ﺑﻨﺸﺎط وإﻧﺪﻓﺎع و أﻋﺘﻤﺪ ﻋﲆ ﻧﻘﺎط‬
‫اﻟﻀﻌﻒ ﰲ دوﻟﺔ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﺮاﺷﺪ ﻋﺜ ن ﺑﻦ ﻋﻔﺎن رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ و أﺛﺎر ﺣﻮﻟﻪ‬
‫اﻟﺸﺒﻬﺎت و روج اﻹﺷﺎﻋﺎت اﻟﻔﺎﺟﺮة ﻋﲆ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ و ﺧﺺ أﻫﻠﻪ و أﻗﺎرﺑﻪ ﺑﺎﻟﻨﻘﺪ‬
‫اﻟﻼذع وأﻟﺼﻖ ﺑﻬﻢ اﻟﺘﻬﻢ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺛﻢ ﻣﴣ ﻳﺒﴩ ﺑﺬﻟﻚ ﰲ ﻛﻞ ﺑﻠﺪ ﻣﻦ ﺑﻼد‬
‫اﻹﺳﻼم ﺑﻬﻤﺔ ﻻ ﺗﻌﺮف اﻟﻜﻠﻞ واﳌﻠﻞ وﻣﺎ ﺑﺎر ح ﻣﻜﺎﻧﺎً إﻻ ﺑﻌﺪ أن اﺳﺘﻮﺛﻖ أن ﻓﺌﺔ‬
‫ﻏ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻗﺪ إﻣﺘﻸت ﻏﻴﻈﺎً ﻋﲆ ﺗﴫﻓﺎت اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﺮاﺷﺪ وأﻧﻬﻢ ﻗﺪ إرﺗﺒﻄﻮا‬
‫ﺑﺒﻌﺾ و اﻋﺘﻤﻠﺖ اﻟﺜﻮرة ﰲ اﻟﻘﻠﻮب و ﳌﺎ ﻃﺎف ﻳﻨﻔﺚ ﺳﻤﻮﻣﻪ اﻟﻬﺪاﻣﺔ و أﺳﺲ‬
‫ﺑﺬﻟﻚ ﺣﺰﺑﺎً ﺛﻮرﻳﺎً ﰲ ﻛﻞ ﺑﻠﺪة ﻛﺎﺗﺒﻬﻢ أن ﻳﺘﻼﻗﻮا ﰲ اﳌﻮﺳﻢ ﻓﻮﻓﺪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺜﻮار ﻣﻦ‬
‫ﻛﻞ اﻟﺒﻼد و ﺑﻌﺪ إﻧﴫاف اﻟﻨﺎس ﻣﻦ أداء ﺷﻌ ة اﻟﺤﺞ ﺧﻔﻮا إﱃ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﰲ ﴎﻳﺔ‬
‫ﺗﺎﻣﺔ وﳌﺎ وﺻﻠﻮﻫﺎ واﺟﻬﻮا اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺎ أﻋﺪه ﻟﻬﻢ اﺑﻦ ﺳﺒﺄ اﻟﻴﻬﻮدي ﻣﻦ اﳌﺨﺎﻟﻔﺎت‬
‫ﻋﲆ ﺣﺴﺐ ﻓﻬﻤﻪ ﻟﻺﺳﻼم و ﻓﺎوﺿﻬﻢ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺑﺼﱪ و ﺳﺎﻳﺮﻫﻢ ﺑﺴﻼﻣﺔ ﺿﻤ‬
‫و ﺟﺎﻣﻠﻬﻢ ﺑﻠ ورد ﻋﲆ ﺷﺒﻬﺎﺗﻬﻢ ردا ً ﺻﺎدﻗﺎً وأﺟﺎب ﺑﻌﺾ ﻣﻄﺎﻟﺒﻬﻢ وﺻﺐ ﻋﲆ‬
‫اﻟﺜﻮرة اﻟﺠﺎﻣﺤﺔ ﻣﺎء ﺑﺎردا ً ﺣﺘﻰ أﺻﺎب ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺮﺟﻮع إﱃ اﻟﻌﻘﻞ و اﻟﺮﴇ ﻋﻦ‬
‫اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ و ﻟﻜﻦ اﺑﻦ ﺳــﺒﺄ ﳌﻲ ﻳﻴﺄس ﻓﻌﻤﻞ ﻋﲆ إﻓﺸـﺎل اﻷﻣﺮ ﻓﺮﺟﻊ اﻟﺜـﻮار ﰲ‬

‫‪١٦٣‬‬
‫ﻫﻴﺎج وﻏﻀﺐ و ﺣﺎﴏوا دار اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ وﻃﻠﺒﻮا ﻣﻨﻪ اﻟﺘﻨﺎزل ﻋﻦ اﻟﺨﻼﻓﺔ و ﳌﺎ رﻓﺾ‬
‫ذﻟﻚ ﺗﺴﻮروا ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺪار وﻗﺘﻠﻮه وﻫﻮ ﻳﺮﺗﻞ اﻟﻘﺮآن وﰲ اﻟﺤﺎل دﻋﺎﻫﻢ ﳌﺒﺎﻳﻌﺔ ﻋﲇ‬
‫ﻓﺒﺎﻳﻌﻮه ﻋﲆ اﻟﻔﻮر و ﺗﺤﺖ ﺿﻐﻄﻪ ﺑﺎﻳﻌﻪ اﻵﺧﺮون و ﻋﻤﻞ اﺑﻦ ﺳﺒﺄ ﻋﲆ ﺗﻔﺘﻴﺖ‬
‫اﻟﻮﺣﺪة و ﺑﺬر اﻟﺸﻘﺎق وراح ﺑﻌﺾ اﻟﻴﻬﻮد ﻣﻦ أﺗﺒﺎﻋﻪ ﻳﺸﻜﻜﻮن ﰲ ﺻﺤﺔ اﻟﺒﻴﻌﺔ‬
‫وﻳﺤﺮﺿﻮن ﻛﺒﺎر اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻓﺎﻧﺸﻘﻮا و ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺮب اﻟﺠﻤﻞ اﻟﺘﻲ ﻗﺎدت اﻟﻨﺎس ﻓﻴﻬﺎ‬
‫ﻋﺎﺋﺸﺔ وﻃﻠﺤﺔ و اﻟﺰﺑ )رﴈ ﷲ ﻋﻨﻬﻢ( وﳌﺎ ﻟﺤﻖ ﺑﻬﻢ ﻋﲇ )رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ(‬
‫ورﻓﻀﻮا اﻹﻧﺼﻴﺎع ﻟﻪ ﺣﺎرﺑﻬﻢ ﻓﻘﺘﻞ ﻃﻠﺤﺔ و اﻟﺰﺑ و أﴎت ﻋﺎﺋﺸﺔ و ﺮد ﻣﻌﺎوﻳﺔ‬
‫)رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ( و ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺮب ﺻﻔ اﻟﺘﻲ ﻓﻨﻲ ﻓﻴﻬﺎ اﻵﻻف ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻧﺒ و أﺿﻌﻔﺖ‬
‫اﻟﻘﻮة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ و ﺨﻀﺖ ﻋﻨﻬﺎ اﻹﻧﺸﻘﺎﻗﺎت اﻟﺨﻄ ة ﰲ اﻟﺼﻒ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻜﺎن‬
‫اﻟﺨﻮارج ﺿﺪ ﻋﲆ )رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ( و ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﻴﻌﺔ ﰲ ﺻﻔﻪ و وﻫﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﲇ‬
‫وﻗﻮي ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻌﺎوﻳﺔ وإﻧﺘﻬﻰ اﻷﻣﺮ ﺑﺈﻧﺘﺼﺎر ﻣﻌﺎوﻳﺔ ﻏ أن ﺑﺬرة اﻟﻌﺪاوة ﻗﺪ‬
‫أ ﺮت ووﻗﻒ اﻟﺨﻮارج ﻳﺤﺎرﺑﻮﻧﻪ ﰲ ﺣ س ﻣﻨﻘﻄﻊ اﻟﻨﻈ وﻳﺸﻐﻠﻮﻧﻪ ﺑﺤﺮب‬
‫أﻫﻠﻴﺔ أﺿﻌﻔﺖ إ ﺎن اﻟﻨﺎس ﻓﺎﻧﴫﻓﻮا ﻋﻦ اﻟﺠﻬﺎد و ﻳﻔﺪ إﺟﺒﺎرﻫﻢ ﻋﻠﻴﻪ وﻟﻬﺬا‬
‫اﺗﺨﺬ ﻣﻌﺎوﻳﺔ )رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ ( و ﻷول ﻣﺮة اﻟﺠﻴﺶ اﳌﺮﺗﺰق و ﻛﺎن ذﻟﻚ أﻛﱪ ﻋﻮاﻣﻞ‬
‫اﻟﺘﺪﻫﻮر وراﺣﺖ اﳌﻌﺎرﺿﺔ اﻟﺸﻴﻌﻴﺔ ﺗﻘﺾ ﻣﻀﺠﻊ ﻣﻌﺎوﻳﺔ رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ و ﻫﻲ‬
‫ﺗﺴﺘﻔﺤﻞ ﻛﻞ ﻳﻮم وﺑﺎت اﻟﻌﺎ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﺸﻐﻮﻻً ﺑﺎﻟﺤﺮوب اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ و اﻷﺣﺰاب‬
‫اﳌﺘﻨﺎﺣﺮة‪ .‬و ﻗﺒﻞ أن ﻳﻘﴣ اﻟﺨﻮارج ﻋﲆ ﻋﲇ )رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ( دﻋﺎ إﺑﻦ ﺳﺒﺄ اﻟﻨﺎس‬
‫إﱃ ﻋﺒﺎدة ﻋﲇ وأﺟﺎﺑﻪ إﱃ ذﻟﻚ ﺣﻔﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد اﳌﺴﺘﱰﻳﻦ ﺑﺎﻹﺳﻼم وﺑﻌﺾ‬
‫اﻟﺒﺴﻄﺎء اﻷﻏﺮار و وﻗﻒ ﻋﲇ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﻮﻗﻔﺎً ﺣﺎزﻣﺎً و ﺣﺮﻗﻬﻢ ﺑﺎﻟﻨﺎر إﻻ أن اﻟﻔﺘﻨﺔ‬
‫اﻟﻜﱪى ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ إﺳﺘﻌﺮت و ﻻ ﺳﺒﻴﻞ إﱃ إﻃﻔﺎﺋﻬﺎ ﻓﻤﻀﺖ ﺗﻠﺘﻬﻢ ﰲ ﺑﻂء ﻛﻞ‬
‫اﳌﻘﻮﻣﺎت و اﳌﻘﺪﺳﺎت و ﻻ ﻳﺰال اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻳﻌﻴﺶ إﱃ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا ﰲ آﺛﺎرﻫﺎ‬
‫اﻟﻠﻌﻴﻨﺔ اﳌﺪﻣﺮة‪.‬‬

‫‪١٦٤‬‬
 ‫ﺟ ﻋﺔ اﻟﻘﺮاﻣــــــــﻄﺔ‪:‬‬
‫ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﻀﻐﻂ واﻹ ﺣﱰاز ﰲ اﻟﻴﻤﻦ ﻣﻦ ﻣﻜﺮ اﻟﻴﻬﻮد وﻣﺮاﻗﺒﺔ‬
‫أﻣﺮﻫﻢ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻟﴪﻳﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﰲ اﻟﺨﻔﺎء ﻋﻤﻼً ﻣﺘﻮ اﺻﻼً ﺑﺪون ﻛﻠﻞ أو‬
‫ﻣﻠﻞ ﻓﺤﺮﻛﺔ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ﺳﺒﺄ اﻟﻴﻬﻮدي اﻟﻴﻤﻨﻲ ﺟﺎءت ﻣﻦ ﻳﻬﻮد اﻟﻴﻤﻦ ﺑﺘﺨﻄﻴﻂ‬
‫ﻣﺤﻜﻢ و أﻫﺪاف ﻣﻌﻴﻨﺔ وإﺳﺘﻘﺒﻠﻪ اﻟﻴﻬﻮد ﰲ اﻟﺒﻼد اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻷﺧﺮ ى ﺑﻜﻞ‬
‫ﺗﺮﺣﺎب وﻋﻤﻠﻮا ﺗﺤﺖ إﻣﺮﺗﻪ ﺑﻜﻞ إﺧﻼص و ﻧﺠﺤﻮا ﻧﺠﺎﺣﺎ ً ﻣﻨﻘﻄﻊ اﻟﻨﻈ ﰲ ذﻟﻚ‬
‫اﻟﻮﻗﺖ و ﻻ ﺗﺰال ﺑﺬور اﻟﻔ و اﻟﴩ اﻟﺘﻲ ﻏﺮﺳﻮﻫﺎ ﺗﻌﻢ أرﺟﺎء اﻟﻌﺎ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻦ‬
‫ﺗﻔﺮق و ﺗﴩذم و إﺧﺘﻼﻓﺎت ﺣﺎدة وﻋﺪاوات وﺑﻐﻀﺎء ﻣﺘﺤﻜﻤﺔ ﰲ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﻣﻮر‬
‫و ﻳﻜﺘﻒ ﻳﻬﻮد اﻟﻴﻤﻦ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻘﺪر اﻟﻜﺒ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎح اﻟﺬي ﺑﺪد اﻟﻘﻮة‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﻓﺮق ﺷﻤﻞ اﳌﺴﻠﻤ ﻓﺤﺎﻛﻮا ﻣﺆاﻣﺮة أﺧﺮى رﻫﻴﺒﺔ ﻫﻲ دﻋﻮة‬
‫اﻟﻘﺮاﻣﻄﺔ‪.‬‬
‫ﻟﺒﺴﺖ دﻋﻮة اﻟﻘﺮاﻣﻄﺔ ﺛﻮب اﻟﺸﻴﻌﺔ اﻹﺳ ﻋﻴﻠﻴﺔ ﺗﺒﴩ ﺒﺎدئ ﺟﺪﻳﺪة‬
‫ﻻ ﺖ ﺑﺼﻠﺔ ﳌﺤﺒﺔ آل اﻟﺒﻴﺖ و ﻻ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺴﺒﺐ و ﻟﻮ ﻛﺎن واﻫﻴﺎ ً ﺒﺎدئ اﻹﺳﻼم‬
‫اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ وإ ﺎ ﻫﻲ ﻣﺒﺎدئ ﺗﺸﺒﻪ إﱃ ﺣﺪ ﻛﺒ ﻣﺒﺎدئ اﳌﺎﺳﻮن ﻣﻦ ﺟﻬﺔ وﻣﺒﺎدئ‬
‫اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺔ اﻷﺧﺮى و ﻻ ﻧﻌﺪو اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﺑﺪا ً إن ﻗﻠﻨﺎ إن ﻣﺒﺎدئ‬
‫اﻟﻘﺮاﻣﻄﺔ ﻫﻲ ﻧﻔﺲ ﻣﺒﺎدئ اﳌﺎﺳﻮن و اﻟﻴﻬﻮد ﺑﺼﻴﺎﻏﺔ ﺟﺪﻳﺪة وأﺳﻠﻮب ﻣﻐﺎﻳﺮ‬
‫و أن ﻣﺒﺎدئ اﻟﻘﺮاﻣﻄﺔ ﰲ ﺟﻤﻠﺘﻬﺎ و ﺗﻔﺼﻴﻼﺗﻬﺎ ﻫﻲ ﺣﺮب ﺷﻌﻮاء ﻋﲆ اﻹﺳﻼم‬
‫وﴐﺑﺔ ﻣﻮﺟﻬﺔ إﱃ ﻣﻘﺪﺳﺎت اﳌﺴﻠﻤ ﺑﺘﺨﻄﻴﻂ ﻳﻬﻮدي ﻣﺎﻛﺮ وﻟﻘﺪ ﻋﺎ‬
‫اﳌﺴﻠﻤﻮن ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺪﻋﻮة اﻟﻬﺪاﻣﺔ اﳌﺪﻣﺮة ﻋﻨﺎء ﺷﺪﻳﺪا ً و ﻻﻗﻮا ﻋﲆ أﻳﺪي‬
‫أﺗﺒﺎﻋﻬﺎ اﻟﻘﺘﻞ و اﻟﻨﻬﺐ واﻹ ﻋﺘﺪاء ﻋﲆ اﻟﻜﻌﺒﺔ ذاﺗﻬﺎ اﻋﺘﺪاءا ً ﺟﺮﻳﺌﺎ ً رﻫﻴﺒﺎ ً‬
‫ﻳﺤﺪث ﻣﺜﻠﻪ ﻗﻂ‪.‬‬

‫‪١٦٥‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺪﻋﻮة اﻟﻘﺮﻣﻄﻴﺔ اﻹﺳ ﻋﻴﻠﻴﺔ اﻟﺸﻴﻌﻴﺔ ﻇﺎﻫﺮﻳﺎ ً ﻋﲆ ﺧﺪاع‬
‫اﻟﺠ ﻫ وإﺳﺘﻐﻼل ﻋﺎﻃﻔﺘﻬﻢ ﻧﺤﻮ ﻣﺤﺒﺔ آل اﻟﺒﻴﺖ و ﻟﻜﻨﻬﺎ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺗﻨﻈﻴﻢ‬
‫ﴎي ﻣﺎﺳﻮ ﻳﻬﻮدي ﻳﻬﺪف إﱃ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﴐﺑﺔ ﻗﺎﺿﻴﺔ إﱃ اﻹﺳﻼم ﻟﻴﺲ ﻏ ‪.‬‬
‫ﻓﺤﺮﻛﺔ اﻟﻘﺮاﻣﻄﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﻌﺴﻜﺮي اﻟﴪي و ﺗﻌﺘﻤﺪ أﻳﻀﺎً ﻋﲆ‬
‫ﻋﻨﴫ اﳌﺎل وﻫﻲ ﺗﺪﻋﻮ إﱃ اﻹﺧﺎء ﺑ ﺳﺎﺋﺮ اﻷدﻳﺎن و اﻹﺧﺎء اﻹﻧﺴﺎ اﻟﻌﺎم‬
‫و اﻷﻣﺮ إﱃ ﻫﻨﺎ ﻳﻈﻬﺮ إرﺗﺒﺎﻃﻬﺎ اﻟﻮﺛﻴﻖ ﺑﺎﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪.‬‬
‫و ﻟﻘﺪ ﺳــﻴﻄﺮت اﻟﺸــﻜﻮك ﻋﲆ أذﻫـﺎن اﻟﻌﻘﻼء ﰲ ﺣـﻘﻴﻘﺔ ﻫﺬه‬
‫اﳌﻌـﺮﻛﺔ و ﺧـﺎض اﻟﻜـﺜ ون ﺑﺎﺳـﺘﻨﺒﺎﻃﺎﺗﻬﻢ و ﻛﺎﻧﺖ اﻵراء ﰲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ ﺗﺴـ ﰲ‬
‫ﻃـﺮﻳﻖ اﻟﺨـﻄﺄ و ﻻ ﺖ إﱃ اﻟﺤـﻘﻴﻘﺔ ﺑﺼـﻠﺔ واﻟﺤـﻘﻴﻘﺔ اﻟﻘﺎﻃـﻌﺔ أن ﻫﺬه‬
‫اﻟﺤﺮﻛﺔ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺳـﺮي ﻳﻬـﻮدي واﺿﺢ اﳌﻌﺎ ﻻ ﻳﺸﻚ ﰲ ذﻟﻚ ﺑﺎﺣﺚ ﻟﺒﻴﺐ‬
‫إﻃﻼﻗﺎ ً‪ ،‬وإذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻣﻦ وﺿﻊ اﻟﻴﻬﻮد ﺎ ﻻ ﻳﺪع‬
‫ﻣﺠﺎﻻً ﻟﻠﺸﻚ ﻓﺈن اﻟﻘﺮاﻣﻄﺔ ﺗﺸﺒﻪ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﺷﺒﻬﺎ ً ﻛﺎﻣﻼً ﰲ ﻛﻞ ﺟﻮاﻧﺒﻬﺎ‪ ،‬و ﻗﺪ‬
‫ﻃﺒﻖ اﻟﻘﺮاﻣﻄﺔ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺑﺤﺬاﻓ ﻫﺎ ﻓﻘﺪ ﻓﺮض ﺣﻤﺪان اﻟﻘﺮﻣﻄﻲ‬
‫اﻟﴬاﺋﺐ ﻋﲆ أﺗﺒﺎﻋﻪ وﺟﻤﻊ اﳌﺎل و ﻛﺎن ﻳﻌﻄﻲ اﻟﻔﻘﺮاء ﻋﻄﺎءاً ﺟﺰﻳﻼً و ﻛﺎن‬
‫ﻳﻌﺪﻫﻢ ﺑﺄن ﺗﻜﻮن ﻟﻬﻢ اﻟﺨ ات اﻟﺘﻲ ﻳﻨﻌﻢ ﺑﻬﺎ اﻷﻏﻨﻴﺎء و اﻟﺤﻜﺎم ﰲ ﻣﺴﺎواة‬
‫ﻛﺎﻣﻠﺔ‪ .‬و ﻛﻞ ﻣﺒﺎدئ اﻟﻘﺮاﻣــﻄﺔ ﺗﻨﺎدي ﺑﺎﳌﺎدة و ﻻ ﺗﻬﺘﻢ أﺑـﺪاً ﺑﺎﻟـﻤﺒﺎدئ‬
‫اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ و اﻟﺨـﻠﻴﻘﻴﺔ‪ .‬وﻗﺪ ﻧﺎدت اﻟﺸـﻴﻮﻋﻴﺔ أن اﻟﻨـﺎس ﻻ ﻳﺴﺒﺐ ﺑﻴﻨﻬﻢ اﻟﺸﺠﺎر‬
‫و ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﺮﻣﻄـ ﻴﺔ ﺗﻨﺎدي ﺑﻨﻔﺲ اﳌﺒــﺪأ ﻗـﺪ ﺎ ً ﻳﻘﻮﻟﻮن‪) :‬ﻻ ﻳﺠـﻮز ﻷﺣـﺪ‬
‫أن ﻳﺤﺠﺐ إﻣــﺮأﺗﻪ ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻪ وﻳﻌﻠﻠﻮن ذﻟﻚ إن ﻣﺎ ﻳﻘـﻊ ﻣﻦ اﳌﺨـﺎﻟﻔﺎت‬
‫و اﻟﺒﻐﻀﺎء إ ﺎ ﻫﻮ ﺑﺴـﺒﺐ اﻟﻨﺴـﺎء و اﻷﻣﻮال(‪ .‬ﻓﺎﻟﺤـﺮﻛﺔ اﻟﻘـﺪ ﺔ اﻟﻘـﺮﻣﻄﻴﺔ‬
‫و اﻟﺤـﺮﻛﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺸـﻴﻮﻋﻴﺔ ﺗﺴـ ان ﻋﲆ ﻧﻬﺞ ٍ واﺣـﺪ ٍ و ﰲ إﻃـﺎر ﻣﺨﻄﻂ‬
‫ﻣﺪروس ﻓﺈذا ﺗﻐــ ات اﻷﺳـ ء ﻓﻬﺬا ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀــﻴﻪ واﻗــﻊ اﻟﺤـﺎل و ﻫﻮ ﻻ ــﺲ‬

‫‪١٦٦‬‬
 ‫ﺟﻮﻫﺮ اﳌﻮﺿﻮع‪.‬‬
‫و ﻗﺪ أﻏﺎر اﻟﻘﺮاﻣﻄﺔ ﻋﲆ ﻣﻜﺔ وﻗﺘﻠﻮا اﻟﺤﺠﺎج ﰲ اﳌﻮﺳﻢ وﻧﺰﻋﻮا اﻟﺤﺠﺮ‬
‫اﻷﺳﻮد ﻣﻦ رﻛﻦ اﻟﻜﻌﺒﺔ وﺣﻤﻠﻮه ﻣﻌﻬﻢ وﻏ وا ﻃﻘﻮس اﻟﻌﺒﺎدة و ﻛﺬﻟﻚ اﻟﻌﻘﻴﺪة‬
‫و أﺑﺎﺣﻮا اﳌﺤﺮﻣﺎت و ﻧﴩوا اﻟﻔﺴﺎد و اﻟﻀﻼل و أﺷﺎﻋﻮا اﻟﻔﻮﴇ و اﻹﺿﻄﺮاب‬
‫وﻫﺪﻣﻮا اﻟﻌﺪاﻟﺔ ورﻓﻌﻮا راﻳﺔ اﻟﻈﻠﻢ و أﻏﺮوا اﻟﻔﻘﺮاء ﺑﺎﻷﻏﻨﻴﺎء و أﺷﻌﻠﻮا ﻧﺎر اﻟﻔﺘﻨﺔ‬
‫ﺑ اﳌﺴﻠﻤ وﻗﺪ ﻓﺮﺣﺖ ﺑﺬﻟﻚ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻷﻧﻪ ﻣﺨﻄﻂ ﻣﻦ‬
‫وﺿﻌﻬﻢ وﺑﻌﻨﺎﻳﺘﻬﻢ و ﻗﺪ ﻧﺠﺤﻮا ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﰲ ﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﴬﺑﺎت اﳌﺆﳌﺔ إﱃ اﻹﺳﻼم‬
‫و اﳌﺴﻠﻤ ﻓﻘﺘﻠﻮا ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب و ﻋﺜ ن ﺑﻦ ﻋﻔﺎن وﻋﲆ ﺑﻦ أ ﻃﺎﻟﺐ‬
‫وﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ )رﴈ ﷲ ﻋﻨﻬﻢ(‪ .‬و ﻫﻜﺬا ﻣﺤﺎوﻻﺗﻬﻢ اﻟﺨﻄﺮة ﺗﺘﻮﻗﻒ‬
‫ﻗﻂ ﻟﻬﺪم اﻟﻮﺣﺪة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬و اﻟﻴﻮم ﺑﺪت ﺻﺤﻮة ﺗﺤﺎول اﻻﺟﺘ ع ورأب اﻟﺼﺪع‬
‫و ﻗﺪ اﺳﺘﻬﺪﻓﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻨﻮ ﺣﺎد ﻷﻧﻬﻢ ﻇﻨﻮا أﻧﻬﻢ ﻗﺪ ﻗﻀﻮا ﻋﲆ اﻹﺳﻼم ﺎﻣﺎً‬
‫وﻫﺬه اﻷﺷﺒﺎح ﺗﺘﺤﺮك و ﻗﺪ ﺗﻘﺮر ﻣﺼ ﻫﺎ اﳌﺤﺘﻮم ﻓﻠ رأوا اﻟﺤﻴﺎة ﺗﺪب ﻣﻦ‬
‫ﺟﺪﻳﺪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺠﺴﺪ ﻓﻘﺪوا أﻋﺼﺎﺑﻬﻢ و ﺛﺎروا ﰲ ﻋﻨﻒ ﻳﴪﻋﻮن ﻣﻦ أﺟﻞ أن‬
‫ﺗﺘﻮ اﱃ ﴐﺑﺎﺗﻬﻢ ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺴﺘﻔﺤﻞ اﻷﻣﺮ وﻳﺮﻓﺮف ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺨﻄﺮ‬
‫اﻟﺪاﻫﻢ‪.‬‬
‫إن اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﳌﻨﻔﺬة ﻟﻠﺨﻄﻂ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﰲ ﻛﻞ أرﺟﺎء اﻟﻌﺎ ﻧﺸﻴﻄﺔ ﺗﺒﺬل‬
‫اﻟﺠﻬﻮد اﳌﺘﻮاﺻﻠﺔ ﰲ ﴎﻳﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﺿﺪ اﻹﺳﻼم و اﳌﺴﻠﻤ ‪ ،‬و ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﻬﺰ ﺔ ﰲ‬
‫ﻳﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم‪ ،‬و ﻛﻞ ﻳﻮم ﺗﺨﱰع أﺳﻠﻮﺑﺎً ﺟﺪﻳﺪا ً و أﺳ ء ﺟﺪﻳﺪة و ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة‬
‫و ﻛﻠﻬﺎ ﺗﺼﺐ ﰲ ﻣﺠﺮى واﺣﺪ ﻫﻮ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻹﺳﻼم‪ ،‬و أﻫﻞ اﻹﺳﻼم و اﳌﺴﻠﻤﻮن ﻻ‬
‫ﻳﺸﻌﺮون و ﻻ ﻳﻬﺘﻤﻮن و ﻻ ﻳﺤﺴﻮن ﺑﺎﳌﺆاﻣﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎك ﻹﻓﻨﺎﺋﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻮد‬
‫ﻓﻤﺘﻰ ﻳﺼﺤﻮن وﻳﺘﺤﺪون وﻳﻌﻤﻠﻮن وﻳﺪاﻓﻌﻮن ﻋﻦ أﻧﻔﺴﻬﻢ و ﻣﻘﺪﺳﺎﺗﻬﻢ‬
‫ودﻳﻨﻬﻢ؟‪.‬‬
‫‪١٦٧‬‬
‫وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ إﻋﱰاف اﳌﺎﺳﻮن ﺑﺠﺮا ﻬﻢ ﺿﺪ اﳌﺴﻠﻤ ﻻ ﻳﺰال‬
‫اﳌﺴﻠﻤﻮن ﻳﻐﻄﻮن ﰲ ﻧﻮم ﻋﻤﻴﻖ ﻓﻬﻞ ﺳﻤﻌﻮا اﻹ ﻋﱰاف اﻟﴫﻳﺢ ﻣﻦ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف‬
‫اﳌﺎﺳﻮ اﳌﺸﻬﻮر ﺷﺎرﻳﺒﺎ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮل ﰲ ﺣﻔﻞ أﻗﻴﻢ ﰲ ﻣﺤﻔﻞ ﻣﺎﺳﻮ ‪) :‬أﻧﻈﺮوا‬
‫إﱃ إﺧﻮاﻧﻜﻢ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴ اﻟﺴﺎﻟﻮﻧﻴﻜﻴ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﻗﻠﺒﺖ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻌﺜ ﰲ آﺧﺮ ﻋﻬﺪ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ دون أن ﺗﺴﻴﻞ ﻧﻘﻄﺔ‬
‫دم واﺣﺪة ﻣﻦ أﺣﺪ ﻓﺒﻤﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺐ اﳌﺎﺳﻮ ﺗﻔﺨﺮ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ وﻳﻌﻈﻢ ﻣﻦ‬
‫ﺷﺄن و ﺳﺎﺋﻠﻬﺎ اﻟﺴﻠﻤﻴﺔ اﻟﺴﻠﻴﻤﺔ( ﻓ ذا ﻓﻌﻞ اﳌﺴﻠﻤﻮن ﰲ ﻣﺸﺎرق اﻷرض‬
‫و ﻣﻐﺎرﺑﻬﺎ إزاء ﻫﺬا اﻻﻋﱰاف اﻟﴫﻳﺢ و ﻛﺄﻧﻪ ﺗﺤﺪي ﻟﻜﻞ ﻣﺴﻠﻢ و ﻫﻮ إﺳﺘﺨﻔﺎف‬
‫ﺑﺎﳌﺴﻠﻤ ؟‬
‫إن اﳌﺎﺳﻮن ﻳﴫﺣﻮن ﻏ ﻣﺒﺎﻟ أﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا اﻟﺴﺒﺐ ﰲ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ‬
‫اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻷن اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ ﻛﺎن ﻋﺪوا ً ﻟﺪودا ً ﻟﻠ ﺳﻮﻧﻴﺔ ورﻓﺾ‬
‫اﳌﻮاﻓﻘﺔ ﻋﲆ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻟﻠﻴﻬﻮد ﰲ ﻓﻠﺴﻄ وﻗﺪ ﺑﺎت واﺿﺤﺎ ً أﻧﻬﻢ ﻳﺮﻳﺪون‬
‫ﺗﺤﻄﻴﻢ اﻹﺳﻼم و ﻫﻢ ﻏ ﻣﻜﱰﺛ ﺑﺎﳌﺴﻠﻤ وﻗﺪ ﻣﻀﻮا ﻗُﺪﻣﺎً ﺣﺘﻰ إﻧﺘﺰﻋﻮا وﻋﺪ‬
‫ﺑﻠﻔﻮر و أﻗﺎﻣﻮا اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﻴﻬﻮدي ﰲ ﻓﻠﺴﻄ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻜﻮن اﳌﺮﻛﺰ ﰲ‬
‫ﻗﻠﺐ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﺤﻜﻢ اﻟﻴﻬﻮد ﻟﻠﻌﺎ أﺟﻤﻊ و ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﺳﺎﺋﺮﻳﻦ ﰲ ﺧﻄﻰ ﺛﺎﺑﺘﺔ‬
‫ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ اﳌﺨﻄﻂ ﺑﺎﻷﻓﻌﺎل ﻻ ﺑﺎﻷﻗﻮال و ﻻ ﻳﺰال اﳌﺴﻠﻤﻮن ﻳﺼﻴﺤﻮن ﺑﺎﻷﻗﻮال دون‬
‫اﻷﻓﻌﺎل ﻓ ذا ﰲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻋﲆ ﺣﺴﺐ واﻗﻊ اﻟﺤﺎل؟‪.‬‬
‫وﻋــــــــــﺪ ﺑﻠﻔﻮر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ‪:‬‬
‫و ﻫﺬه ﺛﺎﻟﺜﺔ اﻷﺛﺎﰲ ﻓﻘﺪ ﺳﻌﻲ اﻟﻴﻬﻮد ﺳﻌﻴﺎ ً ﺣﺜﻴﺜﺎً ﺟﺎدا ً ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﺴﺘﻮﻟﻮا‬
‫ﻋﲆ ﻓﻠﺴــﻄ وﻳﻘــﻴﻤﻮا وﻃﻨﺎ ً ﻗـﻮﻣﻴﺎ ً و ﻗﺪ ﺑـﺪأت ﻣﺴـﺎﻋﻴﻬﻢ ﰲ أواﺋـﻞ اﻟﻘﺮن‬

‫‪١٦٨‬‬
‫اﻟﻌﴩﻳﻦ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً و ﻛﺎن أول اﻟﺨﻄﻮات أن اﺗﺼﻞ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ‬
‫ﻣﻨﺪوب اﻟﻴﻬﻮد ﻗﺮة ﺻﻮاه وﻋﺮض ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻄﺎن أن اﻟﻴﻬﻮد ﺳﻴﻌﺮﺿﻮن ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻠﻴﻮن ﻟ ة ذﻫﺐ ﺑﻘﺮض ﻃﻮﻳﻞ اﻷﻣﺪ وﺑﺪون رﺑﺎ ﺛﻢ ﻳﺘﻌﻬﺪ اﻟﻴﻬﻮد ﺑﺒﻨﺎء‬
‫أﺳﻄﻮل وﺑﻨﺎء أﻋﻈﻢ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﰲ اﻟﻘﺪس و ﺻﺪ ﻏﺎرة اﻟﺼﻠﻴﺒﻴ ﻟﻜﻦ اﻟﺴﻠﻄﺎن‬
‫رﻓﺾ ﻫﺬا اﻟﻌﺮض اﻟﺴﺨﻲ و ﻗﺎل ﳌﻨﺪوب اﻟﻴﻬﻮد ﻗﺮة ﺻﻮاه ﻗﻮﻟﺘﻪ اﳌﺸﻬﻮرة ‪) :‬‬
‫أﻏﺮب ﻋﻦ وﺟﻬﻲ أﻳﻬﺎ اﻟﺨﻨﺰﻳﺮ أﻧﺎ ﻻ اﺳﺘﻄﻴﻊ أن أﺑﻴﻊ ﺷﱪاً واﺣﺪا ً ﻣﻦ أرض‬
‫ﻓﻠﺴﻄ ﻷﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻠ ﺑﻞ ﻫﻲ ﻣﻠﻚ اﳌﺴﻠﻤ أﺧﺬوﻫﺎ ﺑﺪﻣﺎﺋﻬﻢ و ﻟﻦ‬
‫ﻳﻌﻄﻮﻫﺎ إﻻ ﺑﺪﻣﺎﺋﻬﻢ‪ .‬ﻏ أ أﻋﻠﻢ أﻧﻜﻢ ﺳﺘﺄﺧﺬوﻧﻬﺎ ﻟﻜﻦ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ إﻻ‬
‫ﻋﲆ أﺷﻼﺋﻨﺎ( رﺣﻢ ﷲ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ ﻳﺴﺎوم و ﻳﻘﺒﻞ اﻟﺨﻴﺎﻧﺔ‬
‫و أرﺳﻠﻬﺎ داوﻳﺔ ﺗﺮن ﰲ ﺻﻔﺤﺎت اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺨﺎﻟﺪة وﻫﻲ ﺗﺼﻔﻊ ﻛﻠ ذﻛﺮت وﺟﻮه‬
‫اﻟﺨﻮﻧﺔ و اﳌﺴﺎوﻣ و اﳌﺘﻘﺎﻋﺴ ‪.‬‬
‫وﻗﺪ ﻗﺎل ﻫﺮﺗﺰل اﻟﺼﻬﻴﻮ اﳌﺘﻌﺼﺐ ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ رﻓﻌﻪ ﰲ أﻛﺘﻮﺑﺮ ‪١٢٠٩‬م‬
‫ﻟﻠﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻋﲆ إﺛﺮ زﻳﺎرﺗﻪ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ ‪ ) :‬أﻗﺮر ﻣﻦ ﺿﻮء‬
‫ﺣﺪﻳﺜﻲ ﻣﻊ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ إﻧﻪ ﻻ ﻜﻦ أن ﻧﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ إﻻ إذا‬
‫ﺗﻐ ت ﺣﺎﻟﺘﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﺪﺧﻮﻟﻬﺎ ﺣﺮب أو و ﻗﻮﻋﻬﺎ ﰲ ﻣﺸﺎﻛﻞ دوﻟﻴﺔ وأﻋﺘﻘﺪ‬
‫إﻧﻪ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻛﺴﺐ ﻋﻄﻒ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﻋﲆ اﳌﺴﺄﻟﺔ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ(‬
‫و اﻟﻮاﻗﻊ ﻳﻘﺮر أن ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﻗﺪ و ﺿﻊ ﰲ ﺣﻴﺰ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ‪ .‬و ﻗﺪ إﺗﺠﻬﺖ أﻧﻈﺎر‬
‫اﻟﺼﻬﺎﻳﻨﺔ إﱃ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻔﺸﻞ ﻣﻊ ﺗﺮﻛﻴﺎ وﻟﻌﻞ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴ ﻳﻌﻄﻔﻮن ﻋﲆ‬
‫ﻫﺬه اﻷﻗﻠﻴﺔ اﳌﴩدة ﰲ أرﺟﺎء اﳌﻌﻤﻮرة‪ .‬و ﻟﻘﺪ وﻃﺪ زﻋ ء اﻟﺼﻬﺎﻳﻨﺔ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﻢ‬
‫ﻣﻊ اﻟﺰﻋ ء اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴ ‪.‬‬
‫وﰲ ﻋﺎم ‪١٩١٤‬م ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻷوﱄ وﺳﻨﺤﺖ اﻟﻔﺮﺻﺔ اﻟﺬﻫﺒﻴﺔ‬

‫‪١٦٩‬‬
‫ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ أﻃ ع اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ و اﺣﺘﺎﺟﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ إﱃ اﻟﻘﺮوض وﺑﺬل اﻟﺼﻬﺎﻳﻨﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﺎ‬
‫ﺗﺮﻳﺪ و ﻟﻜﻨﻬﻢ ﺿﻐﻄﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ وﳌﺎ زاد اﻟﻀﻐﻂ آﺧ ا ً ﺧﻀﻌﺖ اﻹدارة اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﻟﻀﻐﻄﻬﻢ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ أن ﺗﺪﺧﻞ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺤﺮب ﺑﺠﺎﻧﺐ اﻟﺤﻠﻔﺎء و ﻗﺪ ﺗﺄﺧﺮ دﺧﻮل‬
‫أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﳌﺴﺎوﻣﺎت اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻋﺎم ‪١٩١٧‬م ورﻓﻊ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﻘﻴﻮد‬
‫اﳌﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﺮﺿﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺤﻠﻔﺎء ﻳﻌﻘﻮب ﺷﻴﻒ ﰲ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻛﻮﻫﻼ ـ ﻫﻮب ﰲ‬
‫ﻳﻨﻮﻳﻮرك و ﻗﺪ واﻓﻖ اﻟﺼﻬﺎﻳﻨﺔ ﻋﲆ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﴩﻃ ﻓﺄﻣﺮ ﻳﻌﻘﻮب ﺷﻴﻒ إﺑﻨﻪ‬
‫ورﺗﻴﻤﺮ ﺑﺈرﺳﺎل ﺑﺮﻗﻴﺔ إﱃ اﻟﺴﻴﺪة ارﻧﺴﺖ ﻛﺎﺷﻞ ﻳﻘﻮل ﻓﻴﻬﺎ )ﺑﺴﺒﺐ اﻷﻋ ل‬
‫اﻵﺧ ة اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﰲ أﳌﺎﻧﻴﺎ و اﻟﺘﻄﻮرات ﰲ روﺳﻴﺎ ﻟﻦ ﻧﺴﺘﻤﺮ ﰲ ﺣﻈﺮ اﻷﻣﻮال ﻋﻦ‬
‫ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﺤﻠﻔﺎء(‪.‬‬
‫و ﰲ ﻋﺎم ‪١٩١٧‬م أﻋﻠﻨﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻋﻦ إرﺳﺎل آرﺛﺮ ﺟﻴﻤﺲ ﺑﻠﻔﻮر‬
‫وزﻳﺮ ﺧﺎرﺟﻴﺘﻬﺎ إﱃ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﻺﺗﺼﺎل ﻤﺜﲇ اﳌﺼﺎرف اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‬
‫رﺳﻤﻴﺎً ﺑﺄن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺳﺘﺘﺒﻨﻰ ﻣﺸﺎرﻳﻌﻬﻢ اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ‬
‫ﺗﻌﻬﺪﻫﻢ ﺑﺈدﺧﺎل أﻣﺮﻳﻜﺎ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺤﻠﻔﺎء و ﻫﻜﺬا أدﺧﻠﺖ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺤﺮب‬
‫و ﻫﺒﻄﺖ اﻟﻜﺘﺎﺋﺐ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻷوﱄ ﰲ ﻓﺮﻧﺴﺎ وﰲ ﻧﻔﺲ ﻫﺬه اﻟﺴﻨﺔ ﻛﺘﺐ اﻟﻠﻮرد‬
‫روﺗﺸﻴﻠﺪ إﱃ ﺑﻠﻔﻮر ﻣﺎ ﻳﲇ‪:‬‬
‫ﻋﺰﻳﺰي اﻟﺴﻴﺪ ﺑﻠﻔﻮر‬
‫آ ﺧ ا ً أﺻﺒﺢ ﺑﺈﻣﻜﺎ أن أرﺳﻞ ﻟﻚ اﻟﺼﻴﻐﺔ اﻟﺘﻲ ﻃﻠﺒﺘﻬﺎ ﻓﺈذا ﺗﻠﻘﻴﺖ رداً‬
‫إﻳﺠﺎﺑﻴﺎً ﻣﻦ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺠﻼﻟﺔ و ﻣﻨﻜﻢ ﺷﺨﺼﻴﺎً ﺳﺄﻗﻮم ﺑﺈﺑﻼغ ذﻟﻚ إﱃ اﻹﺗﺤﺎد‬
‫اﻟﺼﻬﻴﻮ ﰲ إﺟﺘ ع ﺧﺎص ﺳﻮف ﻳﺪﻋﻰ إﻟﻴﻪ ﻟﻬﺬا اﻟﻐﺮض ﺧﺼﻴﺼﺎً و ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻨﺺ‪:‬‬
‫‪ .١‬ﺗﻘﺒﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺠﻼﻟﺔ ﺒﺪأ وﺟﻮب إﻋﺎدة ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻓﻠﺴﻄ ﻛﻮﻃﻦ‬
‫ﻗﻮﻣﻲ ﻟﻠﻴﻬﻮد‪.‬‬
‫‪١٧٠‬‬
‫‪ .٢‬ﺳﻮف ﺗﺒﺬل ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺠﻼﻟﺔ ﻛﻞ ﻃﺎﻗﺎﺗﻬﺎ ﻟﺘﺄﻣ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ‬
‫ﻫﺬا اﻟﻬﺪف و ﺳﻮف ﻧﺘﻨﺎﻗﺶ ﻓﻴ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻄﺮق واﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ‬
‫ﻳﺘﻄﻠﺒﻬﺎ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف ﻣﻊ اﳌﻨﻈﻤﺔ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫وﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف إﺳﺘﻮﻃﻦ واﻳﺰﻣﻦ إﻧﻜﻠﱰا وإﻧﻀﻢ إﻟﻴﻪ ﺑﻌﺾ‬
‫اﻟﻘﻴﺎدﻳ ﻣﻦ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻹ ﺎم رﺳﺎﻟﺔ ﺳﻠﻔﻬﻢ ﻫﺮﺗﺰل و ﻗﺪ‬
‫ﺳﺎﻋﺪﻫﻢ ﻋﲆ ذﻟﻚ أﻳﻀﺎً ﻣﺎ ﻗﻴﻞ أن واﻳﺰﻣﻦ إﺑﺘﻜﺮ ﻣﺎدة ﻣﺘﻔﺠﺮة و وﺿﻌﻬﺎ ﺗﺤﺖ‬
‫ﺗﴫف اﻟﺤﻠﻔﺎء ﻣﻘﺎﺑﻞ إﺻﺪار وﻋﺪ ﺑﻠﻔﻮر إﱃ اﻟﻠﻮرد روﺗﺸﻴﻠﺪ أﺣﺪ زﻋ ء اﻟﻠﺠﻨﺔ‬
‫اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫و ﻫـــــﺬا ﻫﻮ ﻧـــﺺ وﻋﺪ ﺑﻠــﻔﻮر‪:‬‬
‫)ﺑﺎﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺣﻜـﻮﻣﺔ ﺟـﻼﻟﺔ اﳌـﻠﻚ ﻳﴪ ﺟـﺪا ً أن أﺑﻠـﻐﻜﻢ ﺑﺄن‬
‫ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺟﻼﻟﺘﻪ ﺗﻨﻈﺮ ﺑﻌ اﻟﻌﻄـﻒ إﱃ ﺗﺄﺳﻴﺲ وﻃﻦ ﻗﻮﻣﻲ ﻟﻠﺸـﻌﺐ‬
‫اﻟﻴﻬـﻮدي ﰲ ﻓﻠﺴﻄ و ﺳﺘﺒﺬل ﺟﻬﺪﻫﺎ ﻟﺘﺴﻬﻴﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬه اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻊ اﻟﺒﻴﺎن‬
‫اﻟﺠﲇ ﺑﺄن ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﳾء ﻳﴬ اﻟﺤﻘﻮق اﳌﺪﻧﻴﺔ و اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ‬
‫اﻟﻄﻮاﺋﻒ ﻏ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﳌﻘﻴﻤﺔ ﺣﺎﻟﻴﺎ ً ﰲ ﻓﻠﺴﻄ و ﻻ اﻟﺤﻘﻮق و اﳌﺮﻛﺰ اﻟﺴﻴﺎﳼ‬
‫اﻟﺬي ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ اﻟﻴﻬﻮد ﰲ اﻟﺒﻠﺪان اﻷﺧﺮى( إن اﻻﻧﺠﻠﻴﺰ دﻓﻌﻮا ﻓﻠﺴﻄ ﻨﺎ ً‬
‫ﳌﺼﺎﻟﺤﻬﻢ و ﺧﺪﻣﺔ أﻏﺮاﺿﻬﻢ وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻈﺮوف اﻟﺪوﻟﻴﺔ أﻛﱪ ﻣﺴﺎﻋﺪ‬
‫ﻟﻠﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﰲ إﻧﺠﺎح ﻣﺨﻄﻄﻬﻢ اﻟﺨﻄ و ﻫﻮ ﻫﺪﻓﻬﻢ اﻟﻜﺒ و ﻗﺪ روي‬
‫اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺗﺎﻳﻠﺮ ﻣﺆرخ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ أن رﺟﻼً رﺳــﻤﻴﺎ ً ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ً ﺻــﺪﻳﻘﺎً‬
‫ﻟﻮاﻳﺰﻣﻦ ﻗﺪ إﺧﺘﴫ ﻟﻪ اﻟﺘﺨــﻄﻴﻂ اﻟﺼﻬﻴﻮ ﻟﻠﺤﺼــﻮل ﻋﲆ وﻋــﺪ ﺑﻠﻔــﻮر‬
‫ﻓﻘﺎل‪ ) :‬إن ﻣﻦ أﻓﻀــﻞ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻟﻠﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳــﻴﺔ اﻟﻨﺎﺟــﺤﺔ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ أوﺟـــﺪ ﺑﻬﺎ‬
‫اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺣﺎﻳﻴﻢ واﻳﺰﻣﻦ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻘـﻮﻣﻲ ﻟﻠﻴﻬـﻮد ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻌﺐء اﻟﺬي ﻛﺮس ﻟﻪ‬

‫‪١٧١‬‬
‫ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ﻧﻘﻞ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ إﱃ ﻟﻨﺪن واﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻋﻮن ﺑﺮﻳﻄﺎ ﰲ‬
‫ﻓﻠﺴﻄ أﺻﻌﺐ ﻣﻦ ﻋﺐء أي ﺳﻴﺎﳼ آﺧﺮ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺳﻴﻲ اﻟﺪول اﻟﺼﻐﺮ ى ﻓﻘﺪ‬
‫أﺧﱪ ﻣﺮة إﻧﻪ ﻗﺎم ﺑﺄﻟﻔﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﱃ وﻋﺪ ﺑﻠﻔﻮر( ﺛﻢ ﻗﺎل ﺗﺎﻳﻠﺮ )وﻗﺪ‬
‫ﻛﻴﻒ و اﻳﺰﻣﻦ ﻧﻘﺎﺷﻪ ﺑﺤﺬق ﻻ ﻳﺨﻄﺊ ﺑﺤﺴﺐ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻜﻞ ﺳﻴﺎﳼ ﻓﺈذا‬
‫ﺗﺤﺪث إﱃ اﻷﻣﺮﻳﻜﺎن إﺳﺘﻌﻤﻞ اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻹﻧﺠﻴﻠﻴﺔ و ﻗﺪ أﻳﻘﻆ ﻓﻴﻬﻢ اﻟﺼﻮت‬
‫اﻟﻌﺎﻃﻔﻲ اﻟﻌﻤﻴﻖ وﻣﻊ ﻏ ﻫﻢ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺘﺤﺪث إﻟﻴﻬﻢ ﺑﻠﻐﺔ اﳌﺼﺎﻟﺢ ﻟﻴﺲ ﻏ ( ﻟﻘﺪ‬
‫ﻛﺴﺒﺖ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻫﺬه اﻟﺠﻮﻟﺔ ﺑﺤﻨﻜﺔ و دﻫﺎء و ذﻛﺎء ﺣﺎزت ﻋﲆ أﻫﻢ‬
‫أﻫﺪاﻓﻬﺎ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ‪:‬‬
‫‪ ‬إﺳﺘﻌ ر ﻳﻬﻮدي ﻣﻨﻈﻢ ﻟﻔﻠﺴﻄ وﻋﲆ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ‪.‬‬
‫‪ ‬اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﺣﻖ ﴍﻋﻲ ﻣﻌﱰف ﺑﻪ دوﻟﻴﺎ ً ﻟﻬﺬا اﻹ ﺳﺘﻌ ر‪.‬‬
‫‪ ‬إﻧﺸﺎء ﻣﻨﻈﻤﺔ دا ﺔ ﺗﻮﺣﺪ اﻟﻴﻬﻮد ﻣﻦ أﺟﻞ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف‪.‬‬
‫و ﻗﺪ إﻧﴫف اﻟﺼﻬﺎﻳﻨﺔ ﺑﻌﺪ أن ﺣﺼﻠﻮا ﻋﲆ وﻋﺪ ﺑﻠﻔﻮر إﱃ ﻛﺴﺐ ﺗﺄﻳﻴﺪ اﻟﺪول‬
‫اﻷﺧﺮ ى ﻟﻬﺬا اﻟﻬﺪف و ﻣﺎ ﻣﴣ ﻋﺎم ‪١٩١٨‬م ﺣﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﲆ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﻛﻞ‬
‫ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ و أﻣﺮﻳﻜﺎ و اﻳﻄﺎﻟﻴﺎ و اﻟﻴﺎﺑﺎن وﺑﺬﻟﻚ ﺻﺎر وﻋﺪ ﺑﻠﻔﻮر وﻋﺪا ً ﻋﺎﳌﻴﺎً ﺛﻢ ﻣﺎذا؟‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻓﺢ اﻟﺼﻬﺎﻳﻨﺔ ﻛﻔﺎﺣﺎً ﻋﺒﻘﺮﻳﺎً ﺧﻼﻗﺎً ﰲ ﻣﺆ ﺮ اﻟﺼﻠﺢ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‬
‫اﻷوﱄ اﻟﺬي إﻧﻌﻘﺪ ﰲ ﻳﻨﺎﻳﺮ ‪١٩١٩‬م ﰲ ﺑﺎرﻳﺲ وأﻧﺖ أﻳﻬﺎ اﻟﻘﺎرئ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻻ ﻳﺴﻌﻚ‬
‫أﺑﺪا ً أﻻ أن ﻨﺢ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ إﻋﺠﺎﺑﻚ اﻟﻌﻤﻴﻖ ﺑﺎﻟﻘﺪرة اﻟﻔﺬة اﻟﺘﻲ‬
‫أﻇﻬﺮوﻫﺎ ﰲ ﻫﺬا اﳌﺆ ﺮ و ﻻ ﺑﺪ ﻟﻚ أن ﺗﻘﺎرن اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ اﻟﺬرﻳﻊ اﻟﺬي ﻣﻨﻲ ﺑﻪ‬
‫اﳌﺴـﻠﻤﻮن و ﻫﻢ ﰲ ﺷـﺮﻓﺔ اﳌﺸــﺎﻫﺪة ﻻ ﻳﺘﺤﺮﻛﻮن‪ .‬إن ﻛﺴــﺐ اﻟﺤـﻘﻮق ﻻ‬
‫ﻳﻜﻮن ﺑﺎﳌﺸـﺎﻫﺪة اﻟﺒﺎﻫﺘﺔ وإ ﺎ ﻳﻜﻮن ﺑﺎﻟﻜﻔﺎح اﳌﺮﻳﺮ‪ .‬و ﳌﺎ اﻧﺘﻬﻰ اﳌﺆ ﺮ‬
‫وﻏﺎدرﺗﻬﻢ اﻟﻘﺎﻓﻠﺔ ﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺎر راﺣﻮا ﻳﺘﺒﺎﻛﻮن وﻳﻮﻟﻮﻟﻮن وﻳﻨﺪﻣﻮن وإﱃ‬

‫‪١٧٢‬‬
‫اﻟﻴﻮم‪ ،‬وإﻧﺤﴫ اﻟﻜﻔﺎح ﰲ اﻹ ﺣﺘﺠﺎج اﻟﻘﻮﱄ و اﻟﱰاﺷﻖ ﺑﺎﻷﻟﻔﺎظ ﻷن ﺑﻌﺾ اﻟﺪول‬
‫ﺗﺼﱪ ﻋﲆ ﻣﻮاﺻﻠﺔ اﻟﻜﻔﺎح ﻓﺮﺿﻴﺖ ﻣﻦ اﻟﻐﻨﻴﻤﺔ ﺑﺎﻹﻳﺎب‪ ،‬وأﻫﻞ اﻟﺤﻖ‬
‫اﻟﴩﻋﻲ ﰲ ﻗﻠﺐ ﻓﻠﺴﻄ إﻋﺘﻤﺪوا ﻋﲆ ﻛﻔﺎح اﻵﺧﺮﻳﻦ إﻻ آﺧ ا ً ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ذﻫﺒﻮا‬
‫ﻳﻨﺎﺿﻠﻮن ﺑﺒﺴﺎﻟﺔ ﺑﻌﺪ أن ﻓﺎت اﻷوان و ﻫﺎﻫﻲ ﻗﻀﻴﺘﻬﻢ أوﻻً و ﻗﻀﻴﺔ اﳌﺴﻠﻤ‬
‫ﺛﺎﻧﻴﺎً ﺗﺤﺘﺎج إﱃ اﻟﻮﺣﺪة و اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ واﻹﻋﺪاد و اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ اﻟﴪي ﻣﻦ أﺟﻞ ﻫﺠﻤﺔ‬
‫ﺟﺒﺎرة ﺗﻌﻴﺪ اﻟﺤﻘﻮق ﻷﺻﺤﺎﺑﻬﺎ و ﺤﻮ اﻟﻌﺎر ﻣﻦ و ﺟﻮه اﳌﺴﻠﻤ ‪ ،‬وﻻﺑﺪ ﻟﻨﺎ أن‬
‫ﻧﻌﺮض ﻧﺒﺬة ﻳﺴ ة ﳌﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﰲ ﻣﺆ ﺮ اﻟﺼﻠﺢ ﺑﻌﺪ وﻗﻒ اﻟﺤﺮب‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻷوﱃ ﻷن اﳌﺴﻠﻢ إذا ﻳﻌﺮف ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻋﺪوه اﻟﺬي ﻳﺼﺎرﻋﻪ ﻟﻦ ﻳﻨﺘﴫ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ أﺑﺪا ً ‪ .‬ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ اﻟﺤﺘﻤﻲ ﻳﻔﺮض ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺪرس اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ و ﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻬﺎ‬
‫دراﺳﺔ واﻋﻴﺔ و ﻧﻘﻒ ﻋﲆ دﻗﺎﺋﻖ إﻧﺘﺼﺎراﺗﻬﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ‪ ،‬ﻟﻨﺤﺎرﺑﻬﺎ ﺑﻨﻔﺲ اﻷﺳﻠﺤﺔ إن‬
‫أردﻧﺎ اﻹﻧﺘﺼﺎر وﻟﻴﺲ ﰲ اﻷﻣﺮ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ‪ .‬أﻣﺎ إذا ﴎﻧﺎ ﻋﲆ ﻧﻔﺲ اﻟﻨﻤﻂ اﻟﺬي‬
‫ﺟﺮﺑﻨﺎه ﻣﻦ ﻗﺒﻞ وذﻗﻨﺎ ﺎره اﻟﺤﻨﻈﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻨﻴﻨﺎﻫﺎ ﻓﻘﻞ ﻋﲆ اﻟﺤﻘﻮق اﻟﺴﻼم‬
‫وﻣﻦ اﻟﺨ ﻟﻨﺎ أن ﻮت وﻧﻔﻨﻰ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﺬل و اﻟﻌﺎر وإﻟﻴﻚ ﻣﺎ ﺣﺪث ﰲ‬
‫ﻣﺆ ﺮ اﻟﺼﻠﺢ ﺑﺈﺧﺘﺼﺎر‪:‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺑﺬﻟﺖ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﺟﻬﺪا ً ﺟﺒﺎرا ً ﰲ ﻣﺆ ﺮ اﻟﺼﻠﺢ ﰲ ﺑﺎرﻳﺲ ﰲ ﻳﻨﺎﻳﺮ‬
‫ﻋﺎم ‪١٩١٩‬م ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺻﻴﻐﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻟﻮﻋﺪ ﺑﻠﻔﻮر و ﻗﺪ أﴏوا ﻋﲆ أن‬
‫ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺻﻚ اﻹﻧﺘﺪاب اﻟﱪﻳﻄﺎ ﻋﲆ ﻓﻠﺴﻄ ﺗﴫﻳﺢ ﺑﻠﻔﻮر ووﻋﺪه ﺑﻘﻴﺎم‬
‫وﻃﻦ ٍ ﻳﻬﻮدي ﻗﻮﻳﻢ وأن ﻳﻜﻮن ﻫﺪﻓﺎ ً اﻹﻧﺘﺪاب اﻟﱪﻳﻄﺎ إﻗﺎﻣﺔ ﻫﺬا اﻟﻮﻃﻦ و أن‬
‫ﻳﺘﻄﻮر إﱃ ﻛﻮﻣﻨﻮﻟﺚ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻳﺸﻤﻞ ﻛﻞ ﻓﻠﺴﻄ وﻟﻴـﺲ ﺟﺰءا ً ﻣﻨﻬﺎ و ﻗﺪ‬
‫ﻧﺠﺤﺖ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﰲ ﺟﻌﻞ ﺻﻚ ﻣﻌﺎﻫﺪة ﺳـﻴﻔﺮ ﺑ ﺗﺮﻛﻴﺎ وﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻳﻨﻄـﻮي‬
‫أﻳﻀـﺎً ﻋﲆ وﻋﺪ ﺑﻠﻔـﻮر و ﻛﺬﻟﻚ ﻧﺠﺤﺖ أﻳﻀﺎً ﰲ ﺗﻀﻤ ﺻﻚ اﻹﻧﺘﺪاب ﻣﻨﺢ‬
‫اﻟﻴﻬﻮد ﺣﻖ إﻧﺸﺎء ﻣﺆﺳـﺴﺎت ذات ﺣﻜـﻢ ذا و ﻗﺪ إﻟﺘﺰﻣﺖ اﻟﺴـــﻠﻄﺔ‬
‫‪١٧٣‬‬
‫اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺑﺘﺴﻬﻴﻞ اﻟﻬﺠﺮة اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ و ﺳﻦ اﻟﻘﻮاﻧ ﻹﻧﺸﺎء وﻛﺎﻟﺔ ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﺗﺴﺎﻋﺪ‬
‫اﻹدارة اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ‪ .‬ﺛﻢ ﻋﻤﺪ واﻳﺰﻣﻦ و ﻣﻌﻪ ﻗﻴﺎدة اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻓﻴ ﺑﻌﺪ إﱃ‬
‫ﺗﺮﻛﻴﺰ ﻋﻨﺎﴏ اﻹدارة اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﻓﻠﺴﻄ وﺟﻌﻠﻬﺎ ﻋﻨﺎﴏ ﻣﺰدوﺟﺔ إﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ‬
‫وﻳﻬﻮدﻳﺔ وﻟﻘﺪ ﺣﻘﻘﻮا ﰲ ذﻟﻚ ﻧﺠﺎﺣﺎً ﻋﻈﻴ ً و ﻗﺪ إﻗﱰح اﻟﺼﻬﺎﻳﻨﺔ أن ﻳﻜﻮن‬
‫اﳌﻨﺪوب اﻟﺴﺎﻣﻲ اﻟﱪﻳﻄﺎ ﻫﻮ ﻫﺮﺑﺮت ﺻﻤﻮﺋﻴﻞ و ﻗﺪ ﻛﺎن ﺻﺪﻳﻘﻬﻢ وﻳﻘﺎل إﻧﻪ‬
‫ﻋﻀﻮ ﰲ اﳌﺤﻔﻞ اﳌﺎﺳﻮ ﺛﻢ ﺟﺎء اﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﻞ ﻓﺮوﻛﻴﺶ ﺑﺎﻗﱰاح واﻳﺰﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻷﻧﻪ‬
‫ﻛﺎن ﻳﻬﻮدﻳﺎً ﻷب ٍ ﴍﻗﻲ و ﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﻟﻪ أن إﻧﻀﻢ إﱃ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺷﻮ ﻓﻴﻔﻲ زﻳﻮن‬
‫اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ‪ .‬و اﻟﻴﻬﻮد ﻋﻨﺪﻫﻢ أن اﻟﻴﻬﻮدي ﻫﻮ ﻣﻦ وﻟﺪ ﻣﻦ أم ﻳﻬﻮدﻳﺔ و ﻻ ﻳﻌﺘﱪون‬
‫ﻣﻦ وﻟﺪ ﻣﻦ أب ﻳﻬﻮدي وأم ﻟﻴﺴﺖ ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﻳﻬﻮدﻳﺎً‪ .‬وﺑﻬﺬا اﻟﺘﻜﺘﻴﻚ اﻟﺠﻬﻨﻤﻲ‬
‫اﳌﺘﻮاﺻﻞ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺗﻢ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﺎأ ُ ﻗﺮ ﰲ ﻣﺆ ﺮ ﺑﺎل ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎً و ﺣﻘﻘﺖ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ‬
‫اﻟﺤﻠﻢ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻛﺎﻟﺨﻴﺎل ﰲ واﻗﻊ اﻟﺤﻴﺎة اﳌﻌﺎش و ﻗﺪ ﻗﺎل ﻫﺮ ﺗﺰل ﺑﻌﺪ اﳌﺆ ﺮ‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻲ ﰲ ﻣﺬﻛﺮاﺗﻪ ‪ ):‬ﻟﻮ أردت أن اﺧﺘﴫ ﻣﺆ ﺮ ﺑﺎل ﰲ ﺟﻤﻠﺔ واﺣﺪة ﻟﻘﻠﺖ ﻟﻘﺪ‬
‫أﺳﺲ ﻣﺆ ﺮ ﺑﺎل اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ وﻟﻮ ﻗﻠﺖ اﻟﻴﻮم ﻫﺬا اﻟﻘﻮل ﻟﻘﺎﺑﻠﻨﻲ اﻟﻌﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﻀﺤﻚ واﻟﺴﺨﺮﻳﺔ و ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻹ ﺣﺘ ل أو ﺑﻌﺪ ﺧﻤﺴ‬
‫ﺳﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺳ ى ﻛﻞ اﻟﻨﺎس ﻫﺬه اﻟﺪوﻟﺔ ﰲ ﻣﴪح اﻟﺤﻴﺎة ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎﺛﻠﺔ(‪.‬‬
‫و ﻟﻘﺪ رأي اﻟﻨﺎس اﻟﻴﻮم ﻫﺬه اﻟﺪوﻟﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎﺛﻠﺔ و ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺟﻬﺪ وﺑﺬل‬
‫وﻋﻤﻞ ﻣﺴﺘﻤﺮ‪ .‬ﻓﻬﻞ ﺗﺰال ﻫﺬه اﻟﺪوﻟﺔ و ﺗﺮﺟﻊ اﻟﺤﻘﻮق ﻷﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﻤﻨﻲ أم‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ و اﻟﺠﻬﺪ و اﻟﻌﺮق و اﻟﺪم؟‪.‬‬
‫ﰲ إﺷــﺎرة ﻋﺎﺑــﺮة ﺗﻌﺮﺿـﻨﺎ ﻟﻜـﱪى اﻷﺣــﺪاث اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻬﺎ‬
‫اﳌﺎﺳــﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟــﻤﻴﺔ ﻣﻊ أ ُﻣــﻬﺎ اﻟﻴــﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌـﺎﳌﻴﺔ ﺿــﺪ اﻹﺳـــﻼم و اﻟﻠﺒﻴﺐ‬
‫ﺑﺎﻹﺷــﺎرة ﻳﻔــﻬﻢ و ﻗﺪ ﻛــﻨﺖ أرﺟــﻮ أن أﺟــﺪ ﻛــﻔﺎﺣﺎً ﻣﻨﻈـ ً و دﻓﺎﻋـﺎً‬
‫ﺻـﺎدﻗﺎ ً و وﺣـﺪة ﻣﺘﺂﻟــﻔﺔ ﻣﻦ اﳌﺴــﻠﻤ ﺗﻘــــﺎوم ﻫﺬا اﻟﻌـﺪوان ﺣﺘﻰ‬

‫‪١٧٤‬‬
 ‫ﺗﺪﻣﺮه و ﺗﻨﺠﻮ ﻣﻦ ﴍوره وﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ أﺟﺪ ﺳﻮى اﻹ ﺳﺘﺴﻼم اﳌﺨﺰي‬
‫و اﻟﺨﻴﺎﻧﺎت اﻟﺒﺸﻌﺔ و اﻟﺒﻜﺎء و اﻟﻌﻮﻳﻞ و اﻷﻣﺎ اﻟﺒﺎﻫﺘﺔ و ﺣﺼﺎد اﻷﻋﺎﺻ‬
‫و ﻗﺒﻀﺎت اﻟﻬﻮاء اﻟﻔﺎرﻏﺔ و اﻻﺳﺘﺨﺬاء و اﻟﺘﺴﻮل ﻟﺮد اﻟﺤﻘﻮق و ﻣﻦ أﻋﺠﺐ‬
‫اﻟﻌﺠﺐ أﻧﻨﺎ إذا أﻣﻌﻨﺎ اﻟﻨﻈﺮ ﰲ إﺧﻼص اﻟﺒﻌﺾ وﻣﺒﺎﴍة اﳌﻌﺮﻛﺔ ﰲ ﺟﺪﻳﺔ‬
‫وﺑﻄﻮﻟﺔ ﻧﻘﻒ أﻣﺎ ﻣﺘﻔﺮ ﺟ أو ﻣﺴﺘﻬﺰﺋ وإذا ﺗﺨﺎذل ﺑﻄﻞ ﺑﻌﺪ أن ﻗﺪم‬
‫ﺗﻀﺤﻴﺎت ﻛﺒ ة وﺟﻬﻨﺎ إﻟﻴﻪ ﻛﻞ أﺳﻠﺤﺔ اﻟﻨﻘﺪ و ﺣﺎرﺑﻨﺎه و ﻗﺎﻃﻌﻨﺎه ـ وﻣﺎ‬
‫ﻧﺠﻨﻲ ﻣﻦ وراء ذﻟﻚ ﺷﻴﺌﺎ ـ و اﻧﴫﻓﻨﺎ ﻣﻦ اﳌﻌﺮﻛﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ و اﺷﺘﻐﻠﻨﺎ ﺑﻪ ﺑﺪﻻً‬
‫ﻣﻦ أن ﻧﺠﻤﻊ ﺻﻔﻮﻓﻨﺎ و ﻧﻌﺪ أﻧﻔﺴﻨﺎ و ﻧﺪﻋﻪ و ﺣﺎﻟﻪ و ﻧﻘﺒﻞ ﻋﲆ اﻟﺠﻬﺎد ﺑﺤﺰم‬
‫و ﻗﻮة وﺑﺴﺎﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻬﻞ ﺗﻌﻠﻤﻨﺎ ﻣﻦ دروس ﻣﻀﺖ وأﺻﻠﺤﻨﺎ ﺣﺎﻟﻨﺎ ﳌﻮاﺟﻬﺔ‬
‫اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ أم ﻣﺎزﻟﻨﺎ ﻋﲆ ﺣﺎﻟﻨﺎ؟‬

‫‪١٧٥‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﴩ‬

‫ﺧﺮاﻓﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‪ :‬دوﻟﺔ إﴎاﺋﻴﻞ اﻟﻴﻮم‬

‫ﻗﺎﻣﺖ دوﻟﺔ إﴎاﺋﻴﻞ ﰲ ارض ﻓﻠﺴﻄ و أﺻﺒﺤﺖ ﺣﻘﻴﻘﺔ واﻗﻌﻴﺔ‬

‫ﻣﺤﺴﻮﺳﺔ و ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﻹﻧﻜﺎر ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻮد و ﻟﻜﻨﻪ وﺟﻮد ﻳﺸﺒﻪ إﱃ ﺣﺪ ﻛﺒ‬
‫اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺨﺮاﰲ اﻟﺨﻴﺎﱄ ﰲ ﻛﺘﺐ اﻷﻗﺪﻣ وإذا ﻧﻈﺮ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﳌﺘﻌﻤﻖ ﻫﺬا‬
‫اﻟﻮﺟﻮد ﺑﺪأ ﻟﻪ ﻛﺄﻧ ّﻪ ﻃﻴﻒ ﻋﺎﺑﺮ ﻻﺑﺪ أن ﻳﺰول ﻷن أﺳﺒﺎب زواﻟﻪ ﻗﻮﻳﺔ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ‬
‫اﻟﻨﻘﺾ ﺑﺤﺎل ٍ ﻣﻦ اﻷﺣﻮال‪ .‬وإذا ﻗﻠﻨﺎ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻮد اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻻ وﺟﻮد‬
‫ﻟﻜﺎن ﻫﺬا ﺗﻌﺒ ا ً ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ ً ﻳﻨﻔﺬ إﱃ ﻛﺒﺪ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻦ أوﺳﻊ اﻷﺑﻮاب‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻗﻄﻌﺖ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺠﺒﺎرة أو اﻟﻘﻮة اﻟﺨﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻴﻄﺮ‬
‫ﻋﲆ اﻟﻌﺎ أﺟﻤﻊ و ﺗﺴﺨﺮ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺳﻴﻄﺮﺗﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ رﺑﻴﺒﺘﻬﺎ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻗﻄﻌﺖ ﺷﻮﻃﺎ ً ﻛﺒ ا ً ﰲ ﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻣﻲ إﱃ ﺣﻜﻢ اﻟﻌﺎ ﻓﺠﺎءت إﴎاﺋﻴﻞ‬
‫ﻣﻮﻟﻮداً ﻏ ﴍﻋﻲ ﺨﺾ ﻋﻨﻪ اﻟﻌﺎ ﻣﻦ ﺳﻔﺎح ﻣﻘﻴﺖ و ﻛﺎن ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺘﺂﻣﺮ‬
‫اﻟﺪوﱄ ﻋﲆ ﺣﻖ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻌﺮ اﻟﺬي ﻃﺮد ﻣﻦ أرﺿﻪ ﻟﻴﺤﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻴﻬﻮد ﻗﴪا ً‬
‫وﻇﻠ ً وﺗﻠﻔﻴﻘﺎ ً ﻛﺎذﺑﺎ ً ﻣ ُﺴﺨﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ وأ ُﻳﺪت ﻓﻴﻪ اﻟﱰﻫﺎت واﻷﺑﺎﻃﻴﻞ‪.‬‬
‫ﻟﻜﻦ أﺣﻼم اﻟﺸﻌﺐ اﳌﺨﺘﺎر اﻟﻴﻬﻮدي ﻋﲆ ﺣﺪ زﻋﻤﻬﻢ أﻛﱪ ﻣﻦ إﴎاﺋﻴﻞ وأﻛﱪ ﻣﻦ‬
‫ﻓﻠﺴﻄ و ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻳﻘﻮل اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻏﻮﻟﺪﻣﺎن ‪ ) :‬ﻳﺨﱰ اﻟﻴﻬﻮد ﻓﻠﺴﻄ‬
‫ﳌﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﺘﻮرا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻢ ﻓﺤﺴﺐ و ﻻ ﻷن ﻣﻴﺎه اﻟﺒﺤﺮ اﳌﻴﺖ ﺗﻌﻄﻲ ﺳـــﻨﻮﻳﺎً‬

‫‪١٧٦‬‬
‫ﺑﻔﻀﻞ اﻟﺘﺒﺨﺮ ﻣﺎ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﺛﻼﺛﺔ أﻟﻒ ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﻣﻦ اﳌﻌﺎدن و أﺷﺒﺎه اﳌﻌﺎدن‪،‬‬
‫و ﻟﻴﺲ أﻳﻀﺎ ً ﻷن اﳌﺨﺰون ﰲ أرض ﻓﻠﺴﻄ ﻣﻦ اﻟﺒﱰول ﻳﻌﺎدل ﻋﴩﻳﻦ ﻣﺮة‬
‫ﻣﺨﺰون اﻷﻣﺮﻳﻜﺘ ﻣﺠﺘﻤﻌﺘ ‪ ،‬ﺑﻞ ﻷن ﻓﻠﺴﻄ ﻫﻲ ﻣﻠﺘﻘﻰ ﻃﺮق أوروﺑﺎ و آﺳﻴﺎ‬
‫و أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ و ﻷن ﻓﻠﺴﻄ ﺗﺸﻜﻞ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻧﻘﻄﺔ إرﺗﻜﺎز ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﻗﻮى اﻟﻌﺎ‬
‫وﻷﻧﻬﺎ اﳌﺮﻛﺰ اﻹ ﺳﱰاﺗﻴﺠﻲ اﻟﻌﺴﻜﺮي ﻟﻠﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ اﻟﻌﺎ أﺟﻤﻊ(‪.‬‬
‫إن أﺣﻼم اﻟﻴﻬﻮد ﻻ ﺗﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﺣﺪ ﻣﻘﺪرﺗﻬﻢ وإن ﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻬﻢ ﺗﻬﻴﻤﻦ ﻋﲆ‬
‫ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ﻓﻬﻢ ﻳﻌﺘﻘﺪون أﻧﻬﻢ ﻓﻮق اﻟﺒﴩ‪ .‬و ﻛﻞ اﻟﺒﴩ ﻳﺴﻤﻮﻧﻬﻢ )ﻏﻮﻳﻴﻢ( ﻷﻧﻬﻢ‬
‫ﺷﻌﺐ ﷲ اﳌﺨﺘﺎر و ﻗﺪ ﺧﻠﻘﻮا ﻟﻴﻜﻮﻧﻮا ﺳﺎدة اﻟﻌﺎ و ﺧﻠﻖ اﻟﺒﴩ ﻟﻴﻜﻮﻧﻮا ﻋﺒﻴﺪا ً‬
‫ﻟﻬﻢ‪ .‬ﺛﻢ إن ﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻬﻢ ﺗﺒﻴﺢ ﻟﻬﻢ إﺗﺒﺎع أﻗﺬر اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ أﻫﺪاﻓﻬﻢ ﻣ ﻻ‬
‫ﻳﻘﺮه دﻳﻦ ﺳ وي أو ﻓﻠﺴﻔﺔ أرﺿﻴﺔ أو ﻣﺒﺪأ أﺧﻼﻗﻲ‪ .‬وإن ﻗﺘﻞ أي ﻓﺮد أو‬
‫ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أو ﺣﺘﻰ أ ُﻣﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪون إ ﺎ ﻫﻮ ﻋﺒﺎدة‬
‫وﻗﺮﺑﺔ ﻳﺘﻘﺮﺑﻮن ﺑﻬﺎ إﻟﻴﻪ ﺣﺘﻰ و ﻟﻮ ﻛﺎن ﰲ ﻳﻮم ﻋﻴﺪ ﻨﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﻌﻤﻞ‪ .‬وﻣﻦ أﺟﻞ‬
‫ذﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻳﺒ أن اﻟﺨﺬﻻن و اﻟﻔﺸﻞ ﻛﺎﻧﺎ ﻣﻼزﻣ ﻟﻬﻢ ﰲ ﻛﻞ ﻣﺤﺎوﻻﺗﻬﻢ‬
‫ﻣﻨﺬ اﻟﺴﺒﻲ اﻟﺒﺎﺑﲇ ﻟﻬﻢ و ذﻟﻚ أﻧﻬﻢ ﻛﻠ ﻗﺎﻣﺖ ﻟﻬﻢ ﻗﺎ ﺔ ﻇﻬﺮ ﺳﻠﻮﻛﻬﻢ اﻟﺸ‬
‫ﻋﲆ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ﻓﻴﺘﺤﻮل إﺷﻔﺎق اﻟﻨﺎس إﱃ ﻧﻘﻤﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ وﻳﺘﺬﻛﺮون ﻣﺨﺎزﻳﻬﻢ ﻋﱪ‬
‫اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻓﺘﺪﻣﺮ ﻣﻜﺎﺳﺒﻬﻢ و ﺗﺼ ﺧﺴﺎﺋﺮ‪.‬‬
‫ﻟﻘــﺪ ﻛﺎن و ﺟــﻮد إﺳــﺮاﺋﻴﻞ ﰲ واﻗـﻊ اﻟﺤــﻴﺎة ﻣﻦ أﺟــﻞ ﻇــﺮوف‬
‫ﻣﻌــﻴﻨﺔ ﺟــﻌﻠﺖ اﻟــﺪول اﻟﻜــﱪى اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘــﻔﻖ ﻋﲆ أﻣــﺮ ﻗـﺪ إﺗﻔــﻘﺖ ﻋﲆ‬
‫إﻳﺠــﺎد إﺳــﺮاﺋﻴﻞ‪ .‬وإن ﻛﺜ ا ً ﻣﻦ زﻋــ ء اﻟﻌﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﻢ ﻣﺼــﻠﺤﺔ ﻣﻊ‬
‫اﻟﺼﻬــﻴﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌــﺎﳌﻴﺔ وإن ﻓﻜﺮة اﻟﺸــﻔﻘﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺳــﺎﺋﺪة ﰲ اﻟﻌﺎ ﻳﻮﻣﺌﺬ‬
‫ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺪﻋﺎﻳﺔ اﻹﴎاﺋﻴﻠﻴﺔ اﳌـﺮﻛﺰة و ﻗـﺪ إﺳــﺘﻐﻞ اﻟﻴﻬـﻮد ﻣﺎ ﺣــﻞ ﺑﻬﻢ ﻋﲆ ﻳﺪ‬

‫‪١٧٧‬‬
‫اﻟﻨﺎزﻳﺔ إﺳﺘﻐﻼﻻً ﻛﺒ ا ً‪ .‬و ﻗﺪ ﺟﻨﺖ إﴎاﺋﻴﻞ ﻣﻦ ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﻨﺎزﻳﺔ ﺿﺪﻫﻢ أﻣﻮاﻻً ﻻ‬
‫ﺗﺰال ﺗﺘﺪﻓﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ اﻷﳌﺎن ﻛﺘﻌﻮﻳﻀﺎت ﻋﻦ ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﺤﺮب‪ .‬و رﻏﻢ ﻛﻞ‬
‫ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﻘﻮة اﻹﴎاﺋﻴﻠﻴﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺰال ﺗﻌﻴﺶ ﻋﲆ اﳌﺴﺎﻋﺪات وﻟﻮ إﻧﻘﻄﻌﺖ‬
‫ﻋﻨﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﳌﺴﺎﻋﺪات ﻹﻧﻬﺎرت ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﻬﺎ و ﻓﻘﺪت ﻛﻞ ﻣﻘﻮﻣﺎت وﺟﻮدﻫﺎ‬
‫ﻟﻜﻦ اﻟﻨﻔﻮذ اﻟﻴﻬﻮدي ﺻ م اﻷﻣﺎن و اﻷﻣﻮال اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﰲ ﻛﻞ اﻟﻌﺎ ﻫﻲ‬
‫إﺣﺘﻴﺎﻃﻲ إﴎاﺋﻴﻞ‪ .‬ﺛﻢ إن ﻛﱪﻳﺎت دول اﻟﻌﺎ ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﺻﻐﺎر اﻟﺪول ﺗﺤﺖ‬
‫ﺳﻴﻄﺮة اﻹﴎاﺋﻴﻠﻴ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ و ﻟﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺘﻤﺮد ﻋﲆ اﻟﻨﻔﻮذ اﻟﻘﻮي ﻟﻠﻴﻬﻮد‬
‫وﻫﺬا أﻣﺮ ﻻ ﻳﻨﻜﺮه ﺳﻮى اﻷ ﻏﺒﻴﺎء واﳌﻐﻔﻠ ‪.‬‬
‫إن إﴎاﺋﻴﻞ ﺗﺤﻤﻞ ﻓﻌﻼً دﻣﺎرﻫﺎ و ﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﺳﻠﻮﻛﻬﺎ ﻟﻠﻌﻴﺎن و ﻣﺜﺎل ﺻﻐ‬
‫ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ و ﻫﻮﻳﺘﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﻌﺾ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﻌﺮ ﺑﺎﺣﺘﺠﺎز اﻟﻔﺮﻳﻖ‬
‫اﻟﺮﻳﺎﴈ اﻹﴎاﺋﻴﲇ ﻟﻸﻟﻌﺎب اﻷوﳌﺒﻴﺔ ﻋﺎم ‪١٩٧٢‬م ﰲ ﻣﻴﻮﻧﺦ ﰲ أﳌﺎﻧﻴﺎ وﻃﺎﻟﺒﻮا‬
‫ﺑﺎﻹﻓﺮاج ﻋﻦ زﻣﻼء ﻟﻬﻢ ﻣﻌﺘﻘﻠ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺗﺮك أﻋﻀﺎء اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻹﴎاﺋﻴﲇ‪ .‬دﺑﺮت‬
‫إﴎاﺋﻴﻞ ﻣﺬﺑﺤﺔ ﻣﺮوﻋﺔ ﻟﻬﻢ و ﻗﺎم ﺟﻴﺸﻬﺎ ﻳﻮم اﻟﺴﺒﺖ اﻟﺬي ﺳﺒﻖ ﻋﻴﺪ اﻟﻐﻔﺮان‬
‫ﻋﺎم ‪١٩٧٢‬م ﺑﺎﻟﻬﺠﻮم ﻋﲆ ﻟﺒﻨﺎن و ﻗﺘﻞ ﻣﺌﺎت اﻷﻃﻔﺎل و اﻷﺑﺮﻳﺎء ﻣﻊ إﻧﻪ ﻳﺤﺮم‬
‫ﺣﺴﺐ ﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻬﻢ‪ .‬إن‬ ‫اﻟﻌﻤﻞ ﻳﻮم اﻟﺴﺒﺖ ﻟﻜﻦ ﻗﺘﻞ ﻏ اﻟﻴﻬﻮد ﻓﻴﻪ ﻗﺮ‬
‫اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ اﻟﺘﻠﻤﻮدﻳﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ وﻋﺪم أﺣﻘﻴﺔ اﻟﻴﻬﻮد ﰲ أرض ﻓﻠﺴﻄ و ﻗﻠﺔ ﻋﺪد‬
‫اﻟﻴﻬﻮد ﺑﺎﻟﻨﺴـﺒﺔ ﻟﻠﻌﺮب أﺻﺤﺎب اﻟﺤﻖ اﻟﴩﻋﻲ ﰲ ﻓﻠﺴﻄ و ﻛﻮن اﻟﺪوﻟﺔ‬
‫اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ إ ﺎ ﻗﺎﻣﺖ و ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﻘﻮم ﻋﲆ اﳌﺴﺎﻋﺪات اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ‪ .‬و ﺷﻔﻘﺔ اﻟﻌﺎ‬
‫ﻋﲆ اﳌﻨﺒﻮذﻳﻦ اﻟﻴﻬﻮد‪ ،‬ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﻮاﻣﻞ ﺗﻬﺪد ﺑﻘﺎء إﴎاﺋﻴﻞ و ﻟﻜﻦ إذا ﺗﺪارﻛﺖ‬
‫إﴎاﺋﻴﻞ ﺑﻌﺾ ﻫﺬه اﻟﺴﻠﺒﻴﺎت ﺧﺼﻮﺻﺎً اﻻﺳﺘﻐﻨﺎء ﻋﻦ اﳌﺴﺎﻋﺪات اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻟﺼﻌﺐ‬
‫اﻧﻬﻴﺎرﻫﺎ و ﻟـﺒﺎت اﻟﻮاﺟــﺐ اﻟﺤــﺘﻤﻲ ﻋﲆ اﻟﻌـﺮب أن ﻳﺘﺤــﺪوا و أن ﻳﻌﺘﻤـــﺪوا ﻋﲆ‬

‫‪١٧٨‬‬
 ‫أﻧﻔﺴﻬﻢ وأن ﻳﺼﻨﻌﻮا أدوات اﻟﺤﺮب وﻣﺎ أ ُﺧﺬ ﺑﺎﻟﻘﻮة ﻟﻦ ﻳﺴﱰد أﻻ ﺑﺎﻟﻘﻮة ﻛ‬
‫ﻗﻴﻞ إن إﴎاﺋﻴﻞ ﺗﺮﻓﻊ ﺷﻌﺎر ﻋﲆ ّ و ﻋﲆ أﻋﺪا و ﻫﻲ ﻗﻮﻟﺔ ﻧﻄﻖ ﺑﻬﺎ و ﻧﻔﺬﻫﺎ‬
‫ﻳﻬﻮدي ﰲ اﻟﻌﴫ اﻟﻘﺪﻳﻢ و ﻻ ﻣﺎﻧﻊ ﻟﺪي إﴎاﺋﻴﻞ أن ﺗﺠﺮ اﻟﻌﺎ إﱃ ﺣﺮب ﻛﻮﻧﻴﺔ‬
‫ﻻ ﺗﺒﻘﻲ و ﻻ ﺗﺬر و ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺘﺤﺎﳽ ﺑﻘﺪر اﻹﻣﻜﺎن أن ﺗﺠﺮ اﻟﻌﺎ إﱃ ﺣﺮب ﻓﻴﻬﺎ‬
‫دﻣﺎرﻫﺎ و ﻟﻜﻦ ﺑ ﻏﻴﻮم اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺗﻈﻬﺮ وﻣﻀﺔ ﻧﻮر ﻫﻲ أن اﻟﺘﻮازن اﻟﺪوﱄ ﻜﻦ‬
‫أن ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻠﻌﺮب ﺑﺘﺼﻔﻴﺔ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻬﻢ ﻣﻊ إﴎاﺋﻴﻞ‪.‬‬
‫ﻧﻬﺎﻳــــــــــﺔ دوﻟــــــــــــــﺔ إﴎاﺋﻴﻞ‪:‬‬
‫إن ﻗﻮة اﻟﻌﺮب أﺻﺤﺎب اﻟﺤﻖ اﻟﴩﻋﻲ ﰲ أرض ﻓﻠﺴﻄ و وﺣﺪﺗﻬﻢ ﻛﺄﻣﺔ‬
‫ذات ﻛﻴﺎن ﻣﻤﻴﺰ أﻛﱪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺗﺼﻮر ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺄﻣﻞ اﻟﻮاﻋﻲ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ اﳌﻌﺎش ورﻏﻢ‬
‫ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﻀﻴﺎع اﻟﺴﺎﺋﺪ اﻟﻴﻮم‪ ،‬ﻣ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺘﻔﻮق إﱃ ﺟﺎﻧﺒﻬﻢ ﻓﻮر‬
‫إﺳﺘﻐﻼﻟﻬﻢ ﻟﻄﺎﻗﺎﺗﻬﻢ اﳌﺒﻌ ة اﻵن‪ ،‬ﻓﻠﺪى اﻟﻌﺮب ﻣﻦ اﻟﻌﻠ ء و اﳌﻬﻨﺪﺳ‬
‫و اﻷﻃﺒﺎء و اﳌﺨﱰﻋ و اﻟﻀﺒﺎط اﳌﺘﺨﺼﺼ اﳌﻤﺘﺎزﻳﻦ وﻏ ذﻟﻚ أﺿﻌﺎف ﻣﺎ ﻋﻨﺪ‬
‫اﻟﻴﻬﻮد وﻟﻠﻌﺮب ﺛﺮوة ﻫﺎﺋﻠﺔ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﲆ ﻛﻞ ﺛﺮوات اﻟﻌﺎ و ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬و ﻟﻠﻌﺮب‬
‫أﻋﺪاد ﻛﺒ ة ﻣﻦ اﻟﺒﴩ ﻻ ﺗﻘﻒ أﻣﺎﻣﻬﺎ ﻋﺪدﻳﺔ اﻟﻴﻬﻮد‪ ،‬و ﻟﻠﻌﺮب ﻣﻮﻗﻊ ﺟﻐﺮاﰲ‬
‫ﻳﺤﻴﻂ ﺑﺈﴎاﺋﻴﻞ و ﻜﻦ أن ﻳﺨﻨﻘﻬﺎ ﺎﻣﺎ ً ‪ .‬ﻳﺘﻤﺘﻊ اﻟﻌﺮب ﺑﺎﻟﻌﺎﻃﻔﺔ اﳌﺸﺒﻮﺑﺔ‬
‫و اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﺳﻼح ذو ﺣﺪﻳﻦ ﻓﻜ ﻳﺘﺼﻒ أﺻﺤﺎب اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﺑﺎﻟﺘﴪع وﻃﻴﺒﺔ‬
‫اﻟﻘﻠﺐ و اﻟﺤﺐ اﻟﻔﻮار و ر ﺎ اﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ﰲ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ اﻷﻣﻮر ﻓﻬﻢ أﻳﻀﺎ ً ﻳﺠﻮدون‬
‫ﺑﺄرواﺣﻬﻢ رﺧﻴﺼﺔ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﻣﺎ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﻪ وﻳﺜﻮرون ﻟﻜﺮاﻣﺘﻬﻢ اﻟﺘﻲ أﻋﺘﺪي‬
‫ﻋﻠﻴﻬﺎ‪.‬‬
‫إن اﺗﺤــﺎد اﻷﻣـﺔ اﻟﻌـﺮﺑﻴﺔ و ﺗﻮﺣـﻴﺪ ﺟﻴﻮﺷﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ و ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻜﻔﺎءة ﰲ ﻛﻞ ﺑﻠﺪ‬

‫‪١٧٩‬‬
‫ﻋﺮ ﻋﲆ اﻟﻮﻻءات اﳌﺤﻠﻴﺔ و أﻳﻀﺎ ً ﺗﻮﻇﻴﻒ ﻃﺎﻗﺎت اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻤﻌﺮﻛﺔ‬
‫اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻳﺤﻮل ﺣﺘ ً واﻗﻊ اﻟﻬﺰ ﺔ اﻟﻴﻮم إﱃ ﻧﴫ ﻣﺆزر وﻳﺘﺤﻮل إﺳﺘﺠﺪاء‬
‫اﻟﺴﻼ ح إﱃ ﺗﺼﻨﻴﻌﻪ و اﻟﺒﻜﺎء ﺣﻮل أروﻗﺔ ﻫﻴﺌﺔ اﻷﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة إﱃ ﻓﺮض اﻟﴩوط‬
‫اﻟﻌﺎدﻟﺔ ﻋﲆ ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣﻦ‪ .‬إن ﻛﻞ ﻫﺬا ﻣﻤﻜﻦ ﺟﺪا ً وﻏ ه ﻛﺜ وإن اﻟﻨﺠﺎح‬
‫ﻳﻘﻮد إﱃ ﻧﺠﺎح أﻛﱪ و اﻟﻨﴫ ﻳﻘﻮد إﱃ ﻧﴫ أﻋﻈﻢ و اﻷﻣﺔ إذا وﺟﺪت ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ‬
‫إﻧﺪﻓﻌﺖ ﻓﻴﻪ ﻛﺎﻟﺴﻴﻞ اﻟﻌﺮم ﻳﻜﺘﺴﺢ ﻛﻞ ﳾء أﻣﺎﻣﻪ ﰲ ﻗﻮة و ﺟﱪوت‪ .‬ﻗﺪ ﻳﻜﻮن‬
‫ﻫﺬا ﺣﻠ ً أو ﻫﻮ ﻛﺎﻟﺤﻠﻢ و ﻟﻜﻨﻪ ﺳﻴﺼﺒﺢ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﻣﺤﺎل وﻳﻮﻣﺌﺬ ﻳﺘﻨﻔﺲ اﻟﻌﺎ‬
‫اﻟﺼﻌﺪاء وﻳﺪﻋﻮ ﷲ ﺑﺈﺧﻼص ﳌﻦ أوﺟﺪوا إﴎاﺋﻴﻞ و ﺟﻤﻌﻮا اﻟﻴﻬﻮد ﰲ ﻓﻠﺴﻄ‬
‫وﻫﻴﺄوا ﻟﻠﻌﺮب أن ﻳﺴﺘﺄﺻﻠﻮا اﻟﴩور ﻣﻦ ﺟﺴﻢ اﻟﻌﺎ وﻳﻮﻣﻬﺎ ﻳﺮﻓﻊ اﻟﻌﺮ‬
‫ﺧﺎﺻﺔ و اﳌﺴﻠﻢ ﻋﺎﻣﺔ رأﺳﻪ وﻳﺸﻤﺦ أﻧﻔﻪ ﺑﻌﺪ أن ﻣﺮﻏﻬﺎ اﻟﻴﻬﻮد ﰲ اﻟﱰاب‬
‫وﻳﻮﻣﻬﺎ ﻳﻘﴤ اﻷﺣﺮار ﺑﴬﺑﺎﺗﻬﻢ اﳌﻮﺟﻬﺔ ﻋﲆ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﴪي و اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت‬
‫اﻟﺨﻔﻴﺔ و اﳌﺆاﻣﺮات اﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ و اﻟﺨﻄﻂ اﻟﺠﻬﻨﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺒﺎﴍوﻧﻬﺎ ﰲ ﺣﻘﺪ‬
‫ﺿﺪ ﻛﻞ ﺑﻨﻲ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﻣﴪح اﻷرض اﳌﻌﻤﻮرة وﻳﻮﻣﺌﺬ أﻳﻀﺎً ﻳﺒﺪأ ﻋﻬﺪ ﺟﺪﻳﺪ‬
‫ﻳﺴﻮده اﻟﺤﺐ و اﻹﺧﺎء و اﻟﻌﺪل و اﳌﺴﺎواة‪.‬‬

‫‪١٨٠‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﴩ‬
‫اﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳﻮن أﺧﻄﺮ اﻟﻴﻬﻮد‬
‫أﻋﺘﻘﺪ أن ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺘﺼﺪر ﻫﺬا اﻟﻌﻨﻮان أوﻻً ﻛﺘﻤﻬﻴﺪ ﻟﻪ‬
‫ﺛﻢ ﻧﻌﺮج ﻋﲆ ﻫﺬا اﳌﻮﺿﻮع و ﻧﻜﺘﺐ ﻓﻴﻪ ﺑﺈﺧﺘﺼﺎر ﺷﺪﻳﺪ و ﻟﻌﻠﻪ ﻳﻜﻮن ﻋﻮﻧﺎً‬
‫ﻟﻠﺒﺎﺣﺚ ﻓﻴﺘﻘﴢ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﻨﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫إن أﺣﺪا ً ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻋﻦ ﻗﺎدة اﻟﻴﺪ اﻟﺨﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ اﻟﻌﺎ‬
‫وﻋﻦ اﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳ اﻟﻘﺘﻠﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴ وﻋﻦ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻜﻤﻮن ﺑﻬﺎ اﻟﻌﺎ‬
‫وﻳﺬﻟﻮن ﺑﻬﺎ اﻟﺸﻌﻮب ﺛﻢ إن اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎول ﻫﺬه اﳌﻮاﺿﻴﻊ ﺗﻈﻬﺮ و ﺗﺨﺘﻔﻲ‬
‫ﴎﻳﻌﺎ ً ﻛﺄ ﺎ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻳﺪ ﺗﱰﺑﺺ ﺑﺬﻟﻚ وﺗﺒﻄﺶ ﺑﻬﺎ ﻓﻮرا ً و ﺗﺨﻔﻴﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﻌﻴﻮن؛‬
‫ﻣﺜﻞ ﻛﺘﺎب )اﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳﻮن( ﻟﺠﻮن رﻳﻔﺰ و ﻛﺘﺎب )اﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳﻮن( ﻟﺪ ﺎﳾ وﻫﺬا‬
‫اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ ﻋﲆ ﻧﺪرﺗﻪ وإﺧﺘﻔﺎﺋﻪ ﴎﻳﻌﺎً ﻻ ﻳﺼﻮر اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺴﻴﺎﳼ اﻟﻬﺎم‬
‫ﻣﻦ ﺣﻴﺎة ﻫﺬه اﻷﴎة اﻟﻔﺎﺳﺪة اﻟﺮﻫﻴﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻚ أن ﻳﻨﺴﺐ إﻟﻴﻬﺎ ﻋﲆ اﻷﻗﻞ‬
‫ﻧﺼﻒ اﻟﺪﻣﺎء اﻟﺘﻲ ﺳﻔﻜﺖ و اﻟﻜﻮارث اﻟﺘﻲ ﺣﻠﺖ ﺑﺄوروﺑﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم‬
‫‪١٧٧٠‬م و ﻣﻦ أﺣﺴﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ أﻟﻔﺖ ﰲ اﳌﻮﺿﻮع أﻳﻀﺎً ﻛﺘﺎب اﻟﻴﻬﻮدي‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻲ اﳌﺸﻜﻠﺔ اﻷوﱄ اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﻌﺎ ﻟﻠﻤﻠﻴﻮﻧ اﻟﻌﺎﳌﻲ ﻫ ي ﻓﻮرد و‬
‫ﻳﺘﻌﺮض ﻓﻮرد إﻻ ﻟﻴﻬﻮد اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ و أﺷﺎر إﺷﺎرة ﺧﻔﻴﻔﺔ‬
‫ﻟﺴﻴﻄﺮﺗﻬﻢ ﻋﲆ اﻟﻌﺎ ﻛ إن ﻓﻮرد ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻠﺪور اﻟﺸﻴﻄﺎ اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﻪ‬
‫اﻟﻴﻬﻮد ﺧﻼل اﳌﺎﺋﺔ و ﺧﻤﺴ ﻋﺎﻣﺎ ً اﳌﺎﺿﻴﺔ و ﻫﻮ دور ﺧﻄ ﺑ اﻟﺤﻜﺎم‬
‫اﳌﻌﺎﴏﻳﻦ ﻟﻬﻢ وإن أﻓﻠﺤﻮا ﰲ إﺧﻔﺎﺋﻪ إﱃ ﺣﺪ ﻛﺒ ‪.‬‬

‫‪١٨١‬‬
 ‫و ﻛﺘﺎب اﻟﺴـﻴﺪة ﻧﺴـﺘﺎ وﻳﺴـﱰ اﻟﻠﻨﺪﻧﻴﺔ ﻣﻦ أﻓﻀـﻞ اﻟﻜـﺘﺐ ﰲ اﳌﻮﺿﻮع‬
‫ﺑﻞ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﻓﻘﺪ أﻟَﻔﺖ اﻟﺜﻮرة اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ‪ ،‬و اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻣﺆاﻣﺮة ﻋﲆ‬
‫اﻟﺤﻀﺎرة‪ .‬و اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻟﴪﻳﺔ‪ .‬ﻓﺎﻟﺴﻴﺪة وﻳﺴﱰ ﻣﻦ ﺑ اﳌﺆرﺧ ﻋﻠﻢ ﻣﻦ‬
‫اﻹﻋﻼم و ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺸﺠﺎﻋﺔ وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻧﺎدرﺗ ‪ .‬و ﻛﺘﺎب داﻓﻊ اﻟﻌﻠﻖ اﻟﻌﺎﳌﻲ اﻟﺬي‬
‫ﺻﺪر ﻋﻦ اﳌﻮرﻧﻨﻎ ﺑﻮﺳﺖ اﻟﻠﻨﺪﻧﻴﺔ ﻫﻮ ذو ﻓﺎﺋﺪة ﻋﻈﻤﻰ‪ .‬و ﻛﺘﺎب‬
‫)اﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳﻮن( ﺑﻘﻠﻢ ﻣﺎري ﻫﻮﺑﺎرت‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺼﺤﻒ ﻓﺎﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳﻮن ﻳﺴﻴﻄﺮون‬
‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺳﻴﻄﺮة ﺗﺎﻣﺔ وﻟﻬﺬا ﻓﻬﻲ ﺗﺤﺠﺐ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻋﻦ ﻗﺮاﺋﻬﺎ‪ .‬و أﻣﺎ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ‬
‫ورﺟﺎل اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ و أﺳﺎﺗﺬة اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت و ﻣﺸﺎﻫ اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻳﺮﺗﻌﺪون‬
‫ﺧﻮﻓﺎً أن ﺣﺎوﻟﻮا اﻟﻨﻄﻖ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ وﻗﺪ ﻗﺎل ﻟﻮ ﺛﺮوب ﺳـﺘﻮدارد‪) :‬إن ﺷـﻴﺌﺎ ً ﻗﺪ‬
‫ﺣـﺪث ﻳﻌـﺮض ﺣـﻀﺎرﺗﻨﺎ اﳌﺴـﻴﺤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﺖ ‪ ١٩٠٠‬ﻋﺎم ﺧﻄﺮ ﻛﺒ ( وﻫﻮ ﻻ‬
‫ﻳﻔﺴـﺮ ﻫﺬا اﻟﺨـﻄﺮ وﺑﺎﻹﺿـﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ ﻓﺈن ‪ ٪ ٩٩‬ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن‬
‫ﺷﻴﺌﺎ ً ﻋﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻓﻀﻼً ﻋﻦ أﴎارﻫﺎ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻔﻬﻤﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻋﻈ ء‬
‫اﻟﺤﻜﺎم‪ .‬وﻳﻘﻮل اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻛﻠﻴ ﻳﻜﻞ رﺋﻴﺲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ‪) :‬ﻫﻨﺎﻟﻚ‬
‫‪ ٪ ٩٦‬ﻣﻦ ﺷﻌﺐ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة دون اﳌﺴـﺘﻮى اﳌﻘﺒﻮل ﻟﻘـﻴﺎس اﻟﺬﻛﺎء ﺑﻴﻨ‬
‫ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺳـﻮي أرﺑﻌﺔ ﻣـﻼﻳﻦ ﻓﻘﻂ ﻓـﻮق ﻫﺬا اﳌﺴﺘﻮى( و ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻌـﱰف‬
‫وﻳﻜﺲ وزﻳﺮ اﻟﺤـﺮﺑﻴﺔ ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤـﺪة ﺑﺄن ﻣﺴـﺘﻮي اﻟﻜﻮﻧﻐـﺮس اﻵن ﰲ‬
‫ﺗﺪن ٍ ﻳﺸــﻬﺪه ﰲ أي وﻗـﺖ ﻣﴣ‪ .‬و ﻗﺪ ﻗـﺮر أﻳﻀﺎً اﻟﺴــﻨﺎﺗﻮر ﺑﻮرا اﻟﻨﺘﻴﺠـﺔ‬
‫ذاﺗﻬﺎ ﺣـﻴﺚ ﻳﻘﻮل‪) :‬ﻓﺸـﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮن ﻓﺸــﻼً ذرﻳﻌﺎ ً ﰲ اﻟﻘﻴﺎم ﻬﺎﻣﻬﻢ(‪ .‬وإذا‬
‫أراد اﻟﻘﺎرئ اﻟﻜــﺮﻳﻢ إﺛﺒﺎت ﺳــﻴﻄﺮة اﻟﻴﻬﻮد اﻟﻌـﺎﳌﻴﺔ و اﻟﺘﻲ أﻃﻠـﻘﻮ ا ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻴـﺪ‬
‫اﻟﺨــﻔﻴﺔ ﻓﺈﻟﻴﻚ أﻗــﻮال ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺎدة اﻟﺴــﻴﺎﺳﻴ اﳌﺸـﻬﻮرﻳﻦ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﺘﺐ‬
‫دزراﺋﻴﲇ ﻋﺎم ‪١٨٤٤‬م ‪ :‬ﻳ)) ُ ﺤﻜﻢ اﻟﻌـﺎ ﺑﺄﺷﺨﺎص ﻣﺨــﺘﻠﻔ إﺧـﺘﻼﻓﺎ ً ﺷـﺪﻳﺪا ً‬
‫ﻋﻤﻦ ﻳﺘﺨﻴﻠﻬﻢ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮن ﺑﻮاﻃﻦ اﻷﻣﻮر(( وﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﻳﻬﻮدي‬

‫‪١٨٢‬‬
‫دﻓﻌﻪ اﻟﻴﻬﻮد إﱃ ﻛﺮﳼ اﻟﺤﻜﻢ ﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻟﻴﻨﻔﺬ ر ﻏﺒﺎﺗﻬﻢ وﻳﺤﻘﻖ أﻫﺪاﻓﻬﻢ‪.‬‬
‫و ﻗﺎل اﳌﺴﺘﺸﺎر اﻷﳌﺎ ﺑﺴ رك‪) :‬إن ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻗﻮة ﻏ ﻣﺮﺋﻴﺔ و ﻳﺸﺨﺼﻬﺎ‬
‫و ﺳ ﻫﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺴﱪ ﻏﻮره( وﺑﺴ رك ﻧﻔﺴﻪ أوﺻﻠﻪ اﻟﻴﻬﻮد إﱃ ﻛﺮﳼ اﻟﺤﻜﻢ ﻷن‬
‫ﺗﺨﻄﻴﻄﻬﻢ اﻷول ﻛﺎن ﻳﺮﻣﻲ إﱃ أن ﻳﺠﻌﻠﻮا أﳌﺎﻧﻴﺎ أﻗﻮى دوﻟﺔ وﻳﺤﻜﻤﻮا اﻟﻌﺎ‬
‫ﻣﻦ وراء ﻫﺬه اﻟﻘﻮة‪ .‬و ﻗﺎل ﻻﻣﺎرﺗ ‪):‬إن ﰲ اﻟﻌﺎ اﻟﻴﻮم ﻗﻮة ﺧﻔﻴﺔ( و ﻗﺎل‬
‫ﻣﺎزﻳﻨﻲ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﺑﺮﻳﺪﻧﺴﺘ ‪ ) :‬إﻧﻨﺎ ﻧﺮﻏﺐ ﰲ ﻗﻬﺮ ﻛﻞ ﺧﻄﺮ ﺑﻴﺪ أن ﻫﻨﺎك ﺧﻄﺮ‬
‫ﻏ ﻣﺮ ﻟﻪ وﻃﺄﺗﻪ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻣﻦ أﻳﻦ ﻳﺄ ؟ و أﻳﻦ ﻫﻮ؟ ﻻ أﺣﺪ ﻳﻌﻠﻢ أو ﻋﲆ‬
‫اﻷﻗﻞ ﻻ أﺣﺪ ﻳﻔﺼﺢ ﻋﻨﻪ‪ .‬إﻧﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﴎﻳﺔ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺗﺨﻔﻲ ﺣﺘﻰ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻧﺤﻦ‬
‫اﻟﻌﺮﻳﻘ ﰲ أﻋ ل اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻟﴪﻳﺔ( وﻳﻘﻮل‪ :‬أي ﻣﻌﺘﻮﻫ أو ﻣﺠﺮﻣ أوﻟﺌﻚ‬
‫اﳌﺴﻴﺤﻴ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺒﻠﻮن ﺣﻜﻢ اﳌﻠﻮك اﳌﺴﻴﺤﻴ ﺧﺪﻣﺔ ﻟﻠﻴﻬﻮد‪ .‬وﻳﻘﻮل ﺟﻮرج‬
‫دﻟﻮن ‪ ) :‬ان ﻣﻦ وراء اﳌﺎﺳﻮن اﻟﻌﺎدﻳ و ﻣﻦ ﻏ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﻢ ﻳﻌﻘﺪ إﺟﺘ ع ﴎي‬
‫ﻣﻐﻠﻒ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻮﺟﻪ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴ ﻟﺘﺨﺮﻳﺐ اﻟﻌﺎ و ﺗﺨﺮﻳﺐ أﻧﻔﺴﻬﻢ أﻳﻀﺎً ﻓﻤﻦ‬
‫ﻫﻮ رﺋﻴﺲ ﻫﺬا اﻹ ﺟﺘ ع؟ و ﻣﻦ ﻫﻢ أﻋﻀﺎؤه؟ إﻧﻬﻢ اﻟﻴﺪ اﻟﺨﻔﻴﺔ(‪ .‬وﻳﻌﻠﻖ‬
‫دزراﺋﻴﲇ ﻋﲆ ﺛﻮرة ‪١٨٤٨‬م ﻗﺎﺋﻼً ‪):‬إن ﻫﺬه اﻟﺜﻮرة اﳌﺠﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻄﻂ اﻵن ﰲ‬
‫أﳌﺎﻧﻴﺎ و اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺮف اﻟﻜﺜ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻌﺪ‪ .‬ﺗﺘﻄﻮر ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺘﻜﺮون‬
‫ﻛﺮاﳼ اﻷﺳﺘﺎذﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻷﳌﺎﻧﻴﺔ(‪ .‬و ﻫﺬا إ ﻋﱰاف ﻳﻬﻮدي ﺧﺎﻟﺺ ﻷن‬
‫اﻟﺮﺟﻞ ﻳﻬﻮدي دﻣﺎ ً وﻟﺤ ً ‪.‬‬

‫‪١٨٣‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﴩ‬

‫ﺳﻘﻄﺖ أوروﺑﺎ ﰲ ﻳﺪ اﻟﻴﻬﻮد‬

‫أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻴﻮم ﻛﻞ أوروﺑﺎ ﻣﺴﺘﻌﻤﺮة ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ ﻳﺴﻮس اﻟﻴﻬﻮد ﻛﻞ‬

‫أﻣﻮرﻫﺎ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ واﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ وﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ رأي ﺗﻨﻔﺮد ﺑﻪ ﻋﻦ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎﺗﻬﻢ ﻷن وراء‬
‫ﻛﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﺣﻜﻮﻣﺎﺗﻬﺎ اﳌﺎﺳﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻔﺬون أواﻣﺮ اﻟﻴﻬﻮد ﺑﺎﻟﺤﺮف‬
‫اﻟﻮاﺣﺪ‪ .‬ﻗﺎل اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف اﻷﳌﺎ اﳌﺸﻬﻮر ﻧﺘﺸﻪ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ إﻧﺒﻼج اﻟﻔﺠﺮ‪) :‬ﺳﻴﻜﻮن‬
‫ﻣﺼ اﻟﻴﻬﻮد أﺣﺪ اﳌﺸﺎﻫﺪ اﻟﺘﻲ ﺳﻴﺪﻋﻮ اﻟﻘﺮ ن اﻟﻘﺎدم ))أي اﻟﻘﺮن اﻟﻌﴩﻳﻦ((‬
‫اﻟﺒﴩﻳﺔ ﳌﺸﺎﻫﺪﺗﻬﺎ‪ .‬ﻟﻘﺪ ﺳﺒﻖ اﻟﺴﻴﻒ اﻟﻌﺬل وﻋﱪ اﻟﻴﻬﻮد ﻧﻬﺮ روﺑﻴﻜﻮن ))ﻧﻬﺮ‬
‫روﺑﻴﻜﻮن ﰲ ﺷ ل إ ﻳﻄﺎﻟﻴﺎ و ﻛﺎن ﺜﻞ ﺣﺪود اﻹﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ و اﻟﻮﻻﻳﺎت‬
‫اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻬﺎ و ﻗﺪ ﻋﱪه ﻳﻮﻟﻴﻮس ﻗﻴﴫ ﻋﺎم ‪٤٩‬م ﻗﺒﻞ اﳌﻴﻼد إﱃ إﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﻓﺄﺷﻌﻞ‬
‫اﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﺳﻴﺪ روﻣﺎ(( ﻓﺈﻣﺎ أن ﻳﺼﺒﺤﻮا ﺳﺎدة أوروﺑﺎ أو‬
‫ﻳﻔﻘﺪوﻫﺎ‪ .‬ﻓﻬﻢ اﻵن ﰲ وﺿﻊ ﻣﺸﺎﺑﻪ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﺬي واﺟﻬﻮه ﰲ ﻣﴫ ﻗﺒﻞ ﻗﺮون‬
‫ﻓﻔﻘﺪوﻫﺎ و ر ﺎ ﺗﺴﻘﻂ أوروﺑﺎ ﰲ أﻳﺪﻳﻬﻢ ﻛﻔﺎﻛﻬﺔ ﻧﺎﺿﺠﺔ إذا ﻳﺤﺎوﻟﻮا أن‬
‫ﻳﻘﺒﻀﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻨﻬﻢ‪ .‬و ﻗﺎل اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺟﻮن ﻫﺮ ﻛﻠ ك‪) :‬ﻛﺎن ﻓﻬﻢ اﻟﻴﻬﻮد أﻛ ﻣ‬
‫ﻳﻨﺒﻐﻲ و ﻗﺪ ﺳﻬﻠﺖ ﻟﻬﻢ ﺣﺮب اﻟﺒﻮﻳﺮ وﺿﻊ ﻳﺪﻫﻢ ﻋﲆ اﳌﻮرد اﻟﺮﺋﻴﴘ ﻟﻠﺬﻫﺐ‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻲ ﺛﻢ ﺟﺎءة ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ و ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺜﻮرة اﻟﺒﻠﺸﻔﻴﺔ ﰲ‬
‫روﺳــﻴﺎ ﺛﺎﻟﺜﺔ اﻷﺛﺎﰲ وﺗﺒﻊ ذﻟﻚ ﺳـﻴﻄﺮﺗﻬﻢ ﻋﲆ ﻫﻨﻐﺎرﻳﺎ ﺗﺤﺖ ﻗﻴﺎدة ﺑﻴﻼﻛﻮن‬
‫اﻟﺘﻲ إﺳــﺘﻤﺮت ﻣﺎﺋــﺔ ﻳﻮم ﺛﻢ ﺟــﺎء دور ﺑﻠﻐــﺎرﻳﺎ و ﻫـﻨﺎ ﺑﺪأ اﻟﻌـﺎ ﻳﺴــﺘﻴﻘﻆ‬

‫‪١٨٤‬‬
‫و ﺗﻨﺒﻪ اﻟﺒﴩ ﳌﺼ ﻫﻢ ﻓﻴﺠﺐ أن ﻳﻔﻘﺪ اﻟﻴﻬﻮد أوروﺑﺎ ﻣﺜﻠ ﻓﻘﺪوا ﻣﴫ ﻟﻘﺮون‬
‫ﺧﻠﺖ و ﺗﺒﺪأ رﺣﻠﺘﻬﻢ إﱃ ﺻﻬﻴﻮن ﻣﺮة أﺧﺮى ﻓﻬﻢ ﺻﻬﻴﻮﻧﻴﻮن ﰲ ﻫﺬه اﳌﺮة أﻳﻀﺎً‬
‫ﻛ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻮم ﻫﺠﺮﺗﻬﻢ ﻋﻦ ﻣﴫ(‪ .‬ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻘﻮل ﻣﻦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺟﻮن ﻫﺮ‬
‫ﻛﻠ ك أﻣﻼً و أﻣﻨﻴﺔ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻛ ﺗﺤﻘﻘﺖ ﰲ ﻣﴫ ﻗﺒﻞ ﻗﺮون وإ ﺎ‬
‫وﻗﻌﺖ أوروﺑﺎ ﺗﺤﺖ ﺳﻴﻄﺮﺗﻬﻢ و أﺻﺒﺤﻮا ﺳﺎدﺗﻬﺎ اﻟﻔﻌﻠﻴ و اﻟﻮاﻗﻊ اﳌﻌﺎش اﻟﻴﻮم‬
‫ﻳﱪﻫﻦ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﺎ ﻻ ﻳﺪع ﻣﺠﺎﻻً ﻟﻠﺸﻚ‪ .‬و ﻗﺪ ﻗﺎل اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﺴﻼﰲ ﻏﺮﻳﻘﻮري‬
‫ﺑﻮﺳﺘﻮﻟﻴﺶ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺑﺮوﺗﻮ ﻛﻮﻻت ﺻﻬﻴﻮن‪) :‬إن اﻷﻓﻌﻰ اﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ ﻗﺪ‬
‫أﺣﺎﻃﺖ ﺑﺄوروﺑﺎ ﻓﺮأﺳﻬﺎ ﰲ أوروﺑﺎ و ﻧﻈﺮﻫﺎ إﱃ اﻟﻘﺴﻄﻨﻄﻴﻨﻴﺔ‪ .‬و ﻗﺪ ﻃﺮد‬
‫اﻟﺒﻄﺮﻳﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻌﺪ إﻗﺎﻣﺔ أﻟﻒ ﻋﺎم و ﻳﻜﻦ ﻧﺠﺎح ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ ﻷن‬
‫ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻳﺤﻜﻤﻬﺎ اﻟﻌﺜ ﻧﻴﻮن وإ ﺎ ﻳﻌﻮد اﻟﻔﻀﻞ ﰲ ﻧﺠﺎﺣﻬﻢ إﱃ دﻛﺘﺎﺗﻮر ﺗﺮﻛﻴﺎ‬
‫اﻟﻔﻌﲇ ﻣﺼﻄﻔﻲ ﻛ ل اﻟﻴﻬﻮدي اﳌﻐﻮﱄ(‪ .‬و ﻛ ﺳﻘﻄﺖ أوروﺑﺎ ﰲ ﻳﺪ اﻟﻴﻬﻮد‬
‫ﻟﻘﻤﺔ ﺳﺎﺋﻐﺔ و ﻫﻀﻤﺖ ﺎﻣﺎ ً ﻓﻐﺮ اﻟﻮﺣﺶ اﻟﻴﻬــﻮدي ﻓﻤﻪ ﻹﺑﺘﻼع أﻣﺮﻳﻜﺎ‬
‫وزﺣﻒ إﻟﻴﻬﺎ ﻛﺎﻟﺴﻴﻞ اﻟﻬﺎدر وﻏﻤﺮﻫﺎ ﺛﻢ إﺑﺘﻠﻌﻬﺎ ﰲ ﺳـﻬﻮﻟﺔ وﻳﴪ‪ .‬ﻳﻘﻮل‬
‫ﺷ ﻳﺐ ﺳﺒ ﻳﺪوﻓﻴﺘﺶ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻌﺎ اﻟﺨﻔﻴﺔ ‪) :‬إن أﻣﺮﻳﻜﺎ ﰲ ﺧﻄﺮ‬
‫ﻛﺒ و ﻫﻲ ﺗﻮاﺟﻪ ﻛﺎرﺛﺔ ﻣﺆﻛـﺪة إﻻ إذا ﻧﻈـﺮت إﱃ اﻟﻴﻬـﻮد ﻣﻦ ﺧـﻼل اﻟﺼـﻮرة‬
‫اﻟﺘﻲ وﺻـﻔﻬﻢ ﺑﻬﺎ اﳌﺴـﻴﺢ‪ .‬إن أﺳـﻮأ أﻧﻮاع اﻟﻴﻬـﻮد اﳌﻐـﻮل و ﻫﻢ ﻳﺘـﺪﻓﻘﻮن إﱃ‬
‫اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤـﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﻴﻞ ﻧﻬﺎر ﰲ ﻛﺘﻞ ﺑﺸـﺮﻳﺔ ﻣﺘﺘـﺎﺑﻌﺔ وإن اﳌـﻜﺎﺗﺐ‬
‫اﻟﻴﻬـﻮدﻳﺔ ﺗﺰور ﻟﻬﻢ ﺟـﻮازات ﺳــﻔﺮ ﻓﺎﳌﻬــﺎﺟﺮون إﱃ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﻗﻠـ ﻳﻜﻮﻧﻮن‬
‫ﻣﻦ ﻏ اﻟﻴﻬـﻮد و ﻫﻢ ﻳﺘﻈـﺎﻫﺮون ﺑﺄﻧﻬﻢ ﺑﻮﻟﻨﺪﻳﻮن أو روس أو إﻳﺮﻟﻨﺪﻳﻮن وإن‬
‫اﻟﻴـﺪ اﻟﺨـﻔﻴﺔ و ﻫﻲ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻌـﺎ اﻟﻔﻌـﻠﻴﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﺗﺴﺎﻋﺪ اﻟﻴﻬﻮد أو‬
‫ﻋﻤــﻼﺋﻬﻢ و ﻫﻢ ﻳﻌـﻤﻠﻮن ﺿﺪ ﺗﻌـﺎﻟﻴﻢ اﳌﺴﻴﺢ ﰲ أﻣـﺮﻳﻜﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﻌﻘـﻼﻧﻴ‬
‫اﻟﺬﻳﻦ أﺳــﺲ ﻣﺪرﺳــﺘﻬﻢ اﻟﻔﻜـﺮﻳﺔ اﻟﻴﻬﻮدي اﺳﺒﻴﺘﻨﻮزا وﻳﻌﺘﱪ ﻓﻀﺤـﻬﻢ‬

‫‪١٨٥‬‬
‫وإﻇﻬﺎر ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﻢ ﻣﻦ اﻷ ﻣﻮر اﻟﺨﻄ ة و ﻟﻴﺲ ﺑﻐﺮﻳﺐ أن ﻳﺨﻔﻲ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ‬
‫و أﺳﺎﺗﺬة اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت وﻣﺸﺎﻫ اﻟﻜﺘﺎب و اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻮن اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺨﻮف‬
‫و اﻟﺬي ﻳﻈﻬﺮ أن آﻻف اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺘﺒﻮا ﺗﺎرﻳﺦ اﳌﺎﺋﺔ و ﺧﻤﺴ ﻋﺎﻣﺎً اﳌﺎﺿﻴﺔ‬
‫ﻣﺼﺎﺑﻮن ﺑﺎﻟﻌﻤﻰ ﻓﻬﻢ ﻟﻴﺴﻮا إﻻ إﺧﺒﺎرﻳ ﻣﻦ اﻟﻄﺮاز اﻷول ﻷﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﻐﻮﺻﻮن‬
‫ﰲ ﺧﻠﻔﻴﺎت اﻷﺣﺪاث ﺑﻞ ﻳﻨﻈﺮون إﱃ ﻇﻮاﻫﺮ اﻷﺷﻴﺎء و ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ﺟﺎءت‬
‫اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ ﻋﺮﺿﻮﻫﺎ ﻣﻴﺘﺔ ﻻ ﺣﺮاك ﻓﻴﻬﺎ و ﻻ ﺿﻤ ﻓ ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ؟ إﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا‬
‫ﻳﺮﺗﺸﻮن أو ﻳﺨﺎﻓﻮن اﻟﻴﻬﻮد ﺣﺴﺒ ذﻛﺮ ذﻟﻚ اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺟﻮن و اﳌﺆرخ ﺳﻴﴪوﻻ‬
‫أو ر ﺎ ﻛﺎن اﻟﺠﻬﻞ ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ وﻣﻬ إﺧﺘﻠﻔﺖ اﻷﺳﺒﺎب ﻓﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ واﺣﺪة ﻫﻲ‬
‫أن اﻟﻘﺮاء ﻳﺨﺮﺟﻮن ﺑﻨﻈﺮة ﺧﺎﻃﺌﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ و اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ(‪.‬‬

‫ﻣﻦ ﻫﻢ اﻟﺮوﺗﺸﻴـــــــــﻠﺪﻳﻮن‪:‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻃـﺎﻟﺖ اﳌﻘـﺪﻣﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﴚء و ﻟﻜـﻦ ﻛﺎن ﻻﺑـﺪ ﻣﻨﻬﺎ و ﺣـﺎن ﻟﻨﺎ أن‬
‫ﻧﺘﻜﻠﻢ ﺑﺈﺧـﺘﺼﺎر ﻣﻀـﻐﻮط ﻋﻦ ﻫـﺆﻻء اﻟﻴﻬـﻮد اﻟﺨﻄـﺮﻳﻦ ﺟـﺪاً اﻟﺬﻳﻦ ﻏ وا‬
‫وﺟـﻪ اﻟﺤـﻴﺎة ﰲ اﻟﻌﺼـﻮر اﻵﺧـ ة وﻃﺒﻌﻮا اﻟﺘـﺎرﻳﺦ اﻹﻧﺴـﺎ ﻛﻠـﻪ ﺎ ﺧـﻄﻄﻮه‬
‫ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺟـﻤﻴﻌﻬﺎ ﺗﺪار ﺑﻬﻢ و ــﴚ ﰲ رﻛﺎﺑــﻬﻢ ﻃﺎﺋﻌﺔ أو‬
‫ﻣﻘﻬﻮرة‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺑﺪأ ﻋﴫ اﻟﻮرﺗﺸﻴﻠﺪﻳﻮن ﰲ ﻋﺎم ‪١٨٢٠‬م‪ ،‬و ﰲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ‬
‫أﺻﺒﺢ ﻣﻌﺮوﻓﺎً أن ﻗﻮة اﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳ ﻫﻲ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﰲ أوروﺑﺎ وأن ﻣﺆﺳﺲ أ ُﴎة‬
‫اﻷﺑﺎﻃﺮة اﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳ ﻫ اﻟﻴﻬﻮد اﻣﺸﻴﻞ ﻣﺜ وزوﺟﺘﻪ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﻏﻮﺗﺎﺷﻨﺎﺑ ﰲ‬
‫ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻓﺮاﻧﻜﻔﻮرت ﺑﺄﳌﺎﻧﻴﺎ و ﻛﺎن ﺷﻌﺎرﻫﻢ درع أﺣﻤﺮ و ﻫﻮ ﰲ اﻟﻠﻐﺔ اﻷﳌﺎﻧﻴﺔ ﻳﺴﻤﻲ‬
‫روﺗﺸﻴﻠﺪ‪ .‬وﻗـﺪ إﺷﺘﻬﺮت ﻫﺬه اﻷﴎة ﻓﻴ ﺑﻌﺪ ﺑﻬﺬا اﻟﺸﻌﺎر وﻗﺪ ﺗﺨﺮج اﻣﺸﻴﻞ ﻫـﺬا‬

‫‪١٨٦‬‬
‫ﺣﺎﺧﺎﻣﺎً وﺗﻠﻘﻰ ﰲ اﳌﺪرﺳﺔ اﳌﻌﺪة ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺮاﻫﻴﺔ ﺗﻠﻤﻮدﻳﺔ ﻣﺸﺘﻌﻠﺔ ﺿﺪ ﻛﻞ اﻷدﻳﺎن‬
‫ﺛﻢ أ ُرﺳﻞ إﱃ ﻣﴫف أوﺑﻨﻬﺎﻳﻢ اﻟﻴﻬﻮدي ﰲ ﻫﺎﻧﻮﻓﺮ وﺑﻘﻲ ﺑﻪ ﺛﻼث ﺳﻨﻮات ﺑﺘﻌﻠﻴﻢ‬
‫اﳌﻬﻨﺔ وﰲ ﻫﺬا اﻟﴫف ﺗﻌﺮف ﻋﲆ اﻟﻘﺎﺋﺪ ﻓﻮن اﺳﺘﻮرف و ﻛﺎن أﻗﺮب رﺟﻞ إﱃ‬
‫ﻓﺮﻳﺪرك اﻟﺜﺎ وﰲ ﻋﺎم ‪١٧٧٠‬م ﻋﺎد أﻣﺸﻴﻞ إﱃ ﻓﺮاﻧﻜﻔﻮرت وﺗﺰو ج ﻣﻦ ﻏﻮﺗﺎﺷﺘﺎﺑ‬
‫و أ ﺮ ﻫﺬا اﻟﺰواج ﺧﻤﺴﺔ ذﻛﻮر وﺧﻤﺲ ﺑﻨﺎت‪.‬‬

‫و ﻗﺎم ﻓﻮن أﺳﺘﻮرف ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ أﻣﺸﻴﻞ إﱃ ﻓﺮﻳﺪرك اﻟﺜﺎ ﻟﻴﺨﺪﻣﻪ ﻷن ﺛﺮوة‬

‫ﻓﺮﻳﺪرﻳﻚ ﺗﻘﺪر ﺑ ‪ ٧٠‬إﱃ ‪١٠٠‬ﻣﻠﻴﻮن ﻓﻠﻮرﻳﻨﺎ وﻫﻲ ﺛﺮوة ﻳﺴﻤﻊ ﺜﻠﻬﺎ ﰲ‬
‫ﺗﻠﻚ اﻷﻳﺎم‪ .‬وﻗﺪ ﻛﺎن ﻓﺮﻳﺪرﻳﻚ ﺟﺸﻌﺎ ً وﺑﺨﻴﻼً و ﻻ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻤﻲ‬
‫ﺛﺮوﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻔﻬﺎ ﻟﻪ واﻟﺪه و ﻟﻴﺎم اﻟﺨﺎﻣﺲ ﺷﻘﻴﻖ ﻣﻠﻚ اﻟﺴﻮﻳﺪ‪ .‬و ﻗﺪ ﻛﺎن‬
‫ﻓﺮﻳﺪرﻳﻚ ﻣﺤﺘﺎﺟﺎً إﱃرﺟﻞ ٍ إﻗﺘﺼﺎدي ذي ﺧﱪة ٍ واﺳﻌﺔ ﻳﺪﻳﺮ ﻟﻪ ﺛﺮوﺗﻪ و ﻻ ﻳﻬﺘﻢ‬
‫ﺑﺎﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻓﻠ أﺧﱪه اﻟﻘﺎﺋﺪ أن اﻣﺸﻴﻞ ذو ﺧﱪة واﺳﻌﺔ وﻣﻌﺪوم اﻟﻀﻤ ﻃﻠﺒﻪ‬
‫وإﺳﺘﺨﺪﻣﻪ‪ ،‬وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺟﻤﻊ أﻣﺸﻴﻞ ﺛﺮوة ﻃﺎﺋﻠﺔ و ﺗﺤﻜﻢ ﺑﻬﺎ ﺗﺤﻜ ً ذﻛﻴﺎ ً ﰲ‬
‫أوروﺑﺎ وﻗﺪ وزع أوﻻده اﻟﺨﻤﺴﺔ ﻋﲆ اﻟﻌﻮاﺻﻢ اﻷورﺑﻴﺔ اﻟﻬﺎﻣﺔ و ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ‬
‫وﻓﺮﻧﺴﺎ و أﳌﺎﻧﻴﺎ و اﻳﻄﺎﻟﻴﺎ و اﻟﻨﻤﺴﺎ (( و ﻛﺎﻧﻮا أذﻛﻴﺎء و ﻻ ﺿﻤ ﻟﻬﻢ ﻓﻘﺒﻀﻮا ﻋﲆ‬
‫أزﻣﺔ اﻹﻗﺘﺼﺎد ﺑﻴﺪ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺪ‪ .‬و ﳌﺎ ﺣﴬت أﻣﺸﻴﻞ اﻟﻮﻓﺎة دﻋﺎ ﺟﻤﻴﻊ أﺑﻨﺎﺋﻪ إﱃ‬
‫ﻓﺮاﻧﻜﻔﻮرت و ﳌﺎ ﺣﴬوا ﻗﺮأ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺷﻴﺌﺎ ً ﻣﻦ اﻟﺘﻠﻤﻮد ﺛﻢ ﻗﺎل ﻟﻬﻢ ‪ ) :‬ﺗﺬﻛﺮوا ﻳﺎ‬
‫أﺑﻨﺎ إن اﻷرض ﻛﻠﻬﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻣﻠﻜﺎ ً ﻟﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﻴﻬﻮد وإن ﻏ اﻟﻴﻬﻮد‬
‫ﺣﴩات ﻳﺠﺐ أن ﻻ ﻠﻜﻮا ﺷﻴﺌﺎ ً (‪ .‬ﺛﻢ ﴍح ﻟﻬﻢ ﻓﻜﺮﺗﻪ ﺑﺪﻗﺔ و أﻣﺮﻫﻢ أن‬
‫ﻳﻘﺴــﻤﻮا أﻣﺎﻣﻪ أن ﻳﻨﻔﺬوﻫﺎ وأن ﻻ ﻳﻨﻔﺮد أﺣﺪﻫﻢ ﺑﻌﻤﻞ دون اﻵﺧﺮﻳﻦ وﻋﲆ‬
‫أن ﻳﻌﻤﻠﻮا ﻣﺘــﺮاﺑﻄـ ﻣﺠـﺘﻤﻌ و ﳌﺎ ﻣـﺎت أﻋــﺎدوا اﻟﻘﺴــﻢ ذاﺗـﻪ ﻋﲆ‬
‫ﻗـــﱪه و ﻗﺒﻞ ﻣـﻮت أ ﻣﺸـﻴﻞ ﻣﻨـﺢ أﺣـﺪ أﺣـﻔﺎده و ﻫﻮ )ﺗﺸـﻮﻳﻨﱪغ( اﻟﻮﻻﻳـﺎت‬

‫‪١٨٧‬‬
‫اﳌﺘﺤﺪة و اﺗﺨﺬ )ﺑﻴﻠﻮﻧﺖ( إﺳ ً ﻟﻪ و ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ اﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳﻮن ﻧﻔﺲ اﻻﺳﻢ ﰲ‬
‫اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة‪ .‬ﻟﻘﺪ ﻛﻮن أ ﻣﺸﻴﻞ إﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ ﻋﻈﻴﻤﻪ ﻟﻠﺮﺑﺎ و ﺗﺠﺎرة اﻟﺬﻫﺐ‬
‫اﺳﺘﻤﺮت أﻛ ﻣﻦ إﻣﱪاﻃﻮرﻳﺎت ﺷﺎرﳌﺎن و ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن و اﻟﺮوﻣﺎ ﻧﻮﻳ وإﺳﺘﻮﱃ ﺑﻬﺎ‬
‫ﻋﲆ اﻟﻌﺎ ‪ .‬وﰲ اﺟﺘ ع ﴎي وﺿﺢ اﻣﺸﻴﻞ وزوﺟﺘﻪ و أوﻻده وﺑﻨﺎﺗﻪ ﻛﻴﻒ‬
‫ﻳﻘﺘﻠﻮن و ﻛﻴﻒ ﻳﻜﺴﺒﻮن اﻷﻣﻮال ﺑﻨﻬﺐ اﻟﻨﺎس و ﺳﻠﺒﻬﻢ و ﻋﻠﻤﻬﻢ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﻴﻞ‬
‫اﻟﻘﺒﻼﻧﻴﺔ ) و ﻫﻲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻳﻬﻮدﻳﻪ دﻳﻨﻴﺔ ﴎﻳﺔ ﺗﻀﻤﻨﺖ أﺣﺒﺎر اﻟﻴﻬﻮد وﺑﻌﺾ‬
‫ﻧﺼﺎرى اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻮﺳﻄﻰ اﻟﺬﻳﻦ وﻗﻌﻮا ﰲ أﺣﻀﺎن اﻟﻴﻬﻮد و ﺗﻘﻮم ﻫﺬه اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ‬
‫ﻋﲆ ﺗﻔﺴ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ﺗﻔﺴ ا ً ﺻﻮﻓﻴﺎ ً ( و ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻧﺠﺎح ﻫﺆﻻء اﻟﻴﻬﻮد ﰲ‬
‫ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻳﺮﺟﻊ إﱃ اﻟﻔﻮﴇ واﻹ ﺿﻄﺮاب واﻟﺤﺮوب اﻟﺘﻲ ﺳﺎدت اﻟﻌﺎ ﻳﻮﻣﺌﺬ ٍ ‪.‬‬
‫و ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻫﻮ اﻟﺬي ﺳﺒﺐ ﻫﺬه اﻟﻔﻮﴇ و اﻟﺤﺮوب؟ إﻧﻬﻢ اﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳﻮن‬
‫أﻧﻔﺴﻬﻢ‪ .‬و ﻗﺪ ﻛﺎن ﻷﻣﺸﻴﻞ أ ُﺧﺖ واﺣﺪة إﺳﻤﻬﺎ ﻏﻮﺗﻴﺶ ﺗﺰوﺟﺖ ﻣﻦ ﺳﺎﳌﻮن‬
‫داﻧﻴﻴﻞ ﻏﻮﻟﺪ ﺗﺸﻤﻴﺪت وﻟﻪ أﺧﻮان ﺳﺎﳌﻮن و ﻣﻮﻳﺴﺖ وﻗﺪ ﻛﻮﻧﻮا أﴎة ﻏﻮﻟﺪ‬
‫ﺗﺸﻤﻴﺪت اﻟﺘﻲ دﻋﻤﺖ اﻟﻘﻮة اﻟﺨﻔﻴﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ اﻟﻌﺎ ‪.‬‬

‫وﻛﺎن اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺜﺎ ﻟﻠﻮرﺗﺸﻴﻠﺪﻳ ﺟﻴﻼً ﻋﺒﻘﺮﻳﺎ ً ﺗﺴﻠﻢ اﻟﻠﻮاء اﳌﻨﺘﴫ ﺑﻘﻮة‬
‫وﻋﻨﻔﻮان و ﺑﺴﻂ ﻧﻔﻮذه ﻋﲆ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﰲ ﻣﻬﺎرة ﻓﺎﺋﻘﺔ وإﺣﻜﺎم دﻗﻴﻖ‪ .‬و ﳌﺎ ﻋﺎد‬
‫ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ورﻓﺾ اﻹﺳﻜﻨﺪر ﻣﻠﻚ روﺳﻴﺎ أن ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻨﺎﺑﻠﻴﻮن ﺑﺴﻔﻚ دﻣﺎء اﻷورﺑﻴ‬
‫ﻣﺮة أﺧﺮى وﻇﻬﺮ اﻟﺤﻠﻒ اﻟﺠﺪﻳﺪ و أﻋﻠﻨﺖ اﻟﺤــﺮب ﻗﺎم اﻟﺮوﺗﺸــﻴﻠﺪﻳﻮن ﺑﺘﻤﻮﻳﻞ‬
‫ﻛﻞ اﻟﻘــﻮى اﳌﺘﺼـﺎرﻋﺔ ﻷن اﻟﻜﻞ ﺑﻌﺪ اﻟﺤــﺮب ﻻﺑــﺪ أن ﻳﻜﻮن ﺧــﺎﴎا ً و ﻫﻢ‬
‫دا ﺎً راﺑﺤــﻮن ﻓﻠﻴﻨﺘﴫ أﻳــﻬ أو ﻓﻠﻴﺨــﴪ أﻳﻬ ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺳﻮاء ﺛﻢ‬
‫وﻗﻌﺖ ﻣﻌﺮﻛﺔ واﺗﺮﻟﻮ و ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻐﺰا ً ﻣﺤ ا ً ﻟﻠﺨــﺎﴎ و اﻟﺮاﺑﺢ وﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻛﺎن‬
‫اﻟﺮاﺑﺢ اﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳ و ﻛﺎن اﳌﺨﻄﻂ ﻟﻨﴫ ﻫﺆﻻء و ﺧﺴـﺎرة أوﻟﺌﻚ ﻫﻢ و ﺣﺪﻫﻢ‬

‫‪١٨٨‬‬
 ‫ﻷن اﻟﻘﺎﺋﺪ ﺳﻮﻟﺖ ﻛﺎن ﻳﻬﻮدﻳﺎً وﻗﺪ ﻧﻔﺬ ﻣﺎ أﻣﺮ ه ﺑﻪ اﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳﻮن ﻓﻬﺰم ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن‬
‫وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ﻛﺎن ﻗﺪ رﻗﻲ ﺳﻮﻟﺖ إﱃ رﺗﺒﺔ ﻣﺎرﺷﺎل وﻋﻴﻨﻪ دوﻗﺎ ً‬
‫ﻟﺪي أﳌﺎﻧﻴﺎ و أﻏﺪق ﻋﻠﻴﻪ اﳌﻼﻳ ﻓﻘﺪ ﺧﺎن ﺳﻮﻟﺖ إﻣﱪاﻃﻮره اﻟﻜﺮﻳﻢ و ﻫﻲ‬
‫ﺧﺼﻠﺔ اﻟﻴﻬﻮد ﻻ ﻳﻨﻔﻜﻮن ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺤﺎل ﻣﻦ اﻷﺣﻮال وﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ﺻﻨﻌﻪ‬
‫اﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳﻮن ﻟﺸﻦ اﻟﺤﺮوب و ﺗﺤﻄﻴﻢ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻛ ﺻﻨﻌﻮا ﻣﻦ ﺑﻌﺪه ﺑﺴ رك‬
‫و ﳌﺎ ﺑﺪل ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن أﻫﺪاﻓﻪ اﻛﺘﺸﻒ اﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳﻮن إﻧﻪ أﺻﺒﺢ ﻣﺴﻴﺤﻴﺎ ً أﻛ ﻣ‬
‫ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻓﺪﻣﺮو ه‪.‬‬
‫وﻗﺪ إﺳﺘﻮﱃ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺜﺎ ﻟﻠﺮﺗﺸﻴﻠﺪﻳ ﻋﲆ اﻹﻗﺘﺼﺎد اﻷورو ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺮﻛﺔ‬
‫واﺗﺮﻟﻮ ﺎﻣﺎ ً ‪ .‬و ﻣﻦ ﻠﻚ اﳌﺎل ﻳﺪﻳﺮ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻛ ﻳﺮﻳﺪ وﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ‬
‫أﺻﺒﺤﺖ أوروﺑﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﻗﺒﻀﺔ اﻟﺮوﺗﺸﻠﺪﻳ اﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ‪ ،‬وﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم ﻓﺎن‬
‫اﻟﺴﻴﺎدة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ أوروﺑﺎ ﻟﻠﻴﻬﻮد دون ﺳﻮاﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺒﴩ‪ .‬وﺑﻌﺪ ﻫﺰ ﺔ‬
‫ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن وﻗّﻊ اﻻﺳﻜﻨﺪر اﻷول ﻋﻦ روﺳﻴﺎ و اﻟﻬﺎﺑﺴﺒﻮرغ ﻋﻦ اﻟﻨﻤﺴﺎ و اﻟﻬﺮﻫﻴﻨﺰ‬
‫وﻟﱪت ﻋﻦ أﳌﺎﻧﻴﺎ ﺣﻠﻔﺎ ً ﻣﻘﺪﺳﺎ ً ﻋﺎم ‪١٨١٥‬م و ﻗﺪ أﻗﺮوا ﻓﻴﻪ ﺑﺎﳌﺴﻴﺢ ﻗﺎﺋﺪا ً أﻋﲆ‪،‬‬
‫و ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ دون ﻏ ه اﻟﺬي ﺟﻌﻞ اﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳ ﻳﻮﺟﻬﻮن ﺟﻬﻮدﻫﻢ‬
‫ﻟﴬب ﻫﺆﻻء ﻣ أدى إﱃ ﺳﻘﻮط اﻷﴎ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﰲ ﻋﺎﻣﻲ ‪١٩١٧‬م و ‪١٩١٨‬م‪،‬‬
‫و ﻗﺪ دﻣﺮ اﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳﻮن ﺣﻠﻒ إﻧﺠﻠﱰا وروﺳﻴﺎ ﺗﺪﻣ ا ً ﺗﺎﻣﺎ ً ﺑﺨﻄﻂ ﻏﺎﻳﺔ ﰲ‬
‫اﳌﻬﺎرة واﻟﺬﻛﺎء رﻏﻢ اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﻫﺪﻓﻬﻢ ﻫﺬا‪ .‬و اﳌﺘﺄﻣﻞ ﰲ‬
‫اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻠﻜﻬﺎ ﻫﺆﻻء اﻟﻴﻬﻮد ﻟﺘﺪﻣ ﻫﺬا اﻟﺤﻠﻒ ﻳﻌﺠﺐ ﺑﻬﻢ أﺷﺪ‬
‫اﻹ ﻋﺠﺎب ر ﻏﻢ أﻧﻬﺎ ﻃﺮق ﺷﻴﻄﺎﻧﻴﺔ‪ .‬وﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮط ﻧﺎﺑﻠﻴﻮن ﺗﺮﺑﻊ اﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳﻮن‬
‫ﻋﲆ ﻋﺮش أوروﺑﺎ ﺑﻼ ﻣﻨﺎزع ﻓﻔﻲ ﻋﺎم ‪١٨١٥‬م ﻗﻠﺪ إﻣﱪاﻃﻮر اﻟﻨﻤﺴﺎ ﻛﻞ‬
‫اﻟﺮوﺗﺸـﻴﻠﺪﻳ أوﺳــﻤﺔ ﻣﻦ درﺟــﺔ ﻓﺎرس وﰲ ‪ ٢٢‬ﺗﺸــﺮﻳﻦ اﻷول أﻧﻌﻢ‬
‫إﻣﱪاﻃﻮر اﻟﻨﻤﺴﺎ ﻋﲆ أﺧﻮة روﺗﺸﻴﻠﺪ ﺑﻠﻘﺐ ﺑﺎرون ورﺷــﺢ اﻣﺸﻴﻞ ﻷرﺑﻌﺔ‬
‫‪١٨٩‬‬
‫ﻗﻨﺎﺻﻞ ﻋﺎﻣ ﻟﻠﻨﻤﺴﺎ‪ .‬و ذﻟﻚ ﻳﺪل ﻋﲆ ﻗﻮة ﻫﺆﻻء اﻟﻴﻬﻮد‪ .‬وﰲ ﻫﺬه اﻟﺴﻨﺔ‬
‫‪١٨١٥‬م‪ ،‬ﺗﺄﺳﺴﺖ أﴎة اﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳﻦ ﰲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﲆ أﺳﺲ أﻛ ﺻﻼﺑﺔ و ﻗﻮة‬
‫و أﺻﺒﺢ اﻟﻌﺎ ﻳﺤﻜﻢ ﺑﻬﺬه اﻷﴎة ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻘﻮة اﻟﺨﻔﻴﺔ ﺗﺤﻜﻢ‬
‫أﳌﺎﻧﻴﺎ و اﻟﻨﻤﺴﺎ وإﻧﺠﻠﱰا و ﻓﺮﻧﺴﺎ وإ ﻳﻄﺎﻟﻴﺎ و اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة‪ ،‬و ﻗﺪ أﻛﺪ اﻟﺪﻛﺘﻮر‬
‫اوﺳﻜﺎر ﻟﻴﻒ اﻟﻴﻬﻮدي أن اﻟﻴﻬﻮد دﺑﺮوا ﻫﺬه اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ و ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﺮوب‬
‫اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ و ﻣﺎ ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺳﻔﻚ اﻟﺪﻣﺎء ﰲ ﻣﺠﺎﻟﺴﻬﻢ اﻟﴪﻳﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ وﰲ‬
‫اﳌﺤﺎﻓﻞ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻳﺮﻫﺎ اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﰲ ﺑﺎرﻳﺲ‪.‬‬
‫وﻗﺪ أﻋﺪ اﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳﻮن دزراﺋﻴﲇ ﻟﺤﻜﻢ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ وﺣﻜﻤﻬﺎ ﻓﻌﻼً‬
‫ﳌﺼﻠﺤﺔ اﻟﻴﻬﻮد ﻛ أﻋﺪوا ﺑﺴ رك ﻟﺤﻜﻢ أﳌﺎﻧﻴﺎ ﳌﺼﻠﺤﺔ اﻟﻴﻬﻮد وﺣﻜﻤﻬﺎ ﻓﻌﻼً‬
‫أﻣﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺤﻜﻤﻮﻧﻬﺎ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ وراء ﺣﺠﺎب و ﻗﺪ ﺣﻜﻤﻮا اﻟﻨﻤﺴﺎ‬
‫ﺑﺎﳌﺎل و اﻟﺪﻳﻮن‪ .‬وﰲ ﻛﺘﺎب ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻌﺎ اﻟﺨﻔﻴﺔ ﳌﺆﻟﻔﻪ ﺳﺒ ﻳﺪوﻓﻴﺘﺶ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ‬
‫ﻣﺬﻫﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳ و اﻷﻋﻀﺎء اﻟﻴﻬﻮد اﻟﺜﻼ ﺎﺋﺔ اﳌﻨﺘﺨﺒ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﻜﻤﻮن‬
‫اﻟﻌﺎ أﺟﻤﻊ وﻳﺨﻀﻌﻮن ﻛﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﰲ اﻟﻌﺎ ﳌﺎ ﻳﺮﻳﺪون وﻳﻘﻀﻮن ﺑﻌﻨﻒ‬
‫ﻋﲆ ﻛﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺗﻘﻒ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ أﺣﺪ ﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻬﻢ‪ .‬وأﻋﺘﻘﺪ ﺟﺎزﻣﺎ ً ﺑﺄﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﻫﺬا‬
‫اﻟﻌﺮض اﻟﴪﻳﻊ اﳌﺨﺘﴫ ﻓﻴﻪ‪ ،‬أن رﻏﺒﺔ ﻋﺎرﻣﺔ ﺗﺪﻋﻮ ﻛﻞ ﻗﺎرئ إﱃ أن ﻳﻔﻜﺮ‬
‫ﺑﺠﺪﻳﺔ ﰲ اﻟﺨﻄﺮ اﻟﻴﻬﻮدي و أن ﻏﺮﻳﺰة اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ ﻗﺪ ﺗﻬﻴﺄت ﻟﺘﺪﻓﻊ‬
‫اﻟﺨﻄﺮ اﳌﺪﻣﺮ ﻷن اﻻﺳﺘﺴﻼم ﻟﻠﺨﻄﺮ ﴐب ﻣﻦ اﻹﻧﺘﺤﺎر أو ﻫﻮ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺠ‬
‫اﳌﺬل‪ .‬و أﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﻨﺎس إذا ﻓﻜﺮوا ﺑﺮوﻳﺔ ﻻﺑﺪ أن ﻳﺼﻠﻮا إﱃ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻘﻮن ﺑﻬﺎ اﻟﺨﻄﺮ اﳌﺤﺪق ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ ﺛﻢ إن اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺠﻬﻨﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺳﻠﻜﻬﺎ ﻫﺆﻻء اﻟﻴﻬﻮد ﰲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻬﻢ ﻋﱪ ﻗﺮون وﺑﺼﱪ وﺟﻬﺪ ﺟﻬﻴﺪ ﻻﺑﺪ‬
‫أن ﺗﻜﻮن درﺳﺎ ً ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ ً ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻪ اﻟﻨﺎس ﰲ اﻟﺨﻼص ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﴩ اﻟﻮﺑﻴﻞ‪.‬‬

‫‪١٩٠‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس ﻋﴩ‬
‫ﻣﻌﺮﻛـــــــﺔ ﻫﺮﻣﺠﺪ ّون‬
‫ﻫﺬه اﳌﻌﺮﻛﺔ ﻫﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻮءات اﻟﻘﺪ ﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﺎءت ﺑﻬﺎ اﻷﺳﻔﺎر اﻟﺘﻲ‬
‫ﺑﴩ ﺑﻬﺎ اﻷﻧﺒﻴﺎء و ﻫﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺗﺤﺪث ﰲ آﺧﺮ اﻟﺰﻣﺎن ﺗﻘﴤ ﻋﲆ أﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﻴﻬﻮد‬
‫ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺰﻣﺎن‪ ،‬ﺗﻨﺘﴫ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﻮى اﻟﺨ ﻋﲆ ﻗﻮى اﻟﴩ وﻗﺪ إﺳﺘﻐﻠﻬﺎ اﻟﻴﻬﻮد‬
‫إﺳﺘﻐﻼﻻً ﺑﺸﻌﺎ ً ﻷن اﻟﻴﻬﻮد ﻳﻌﺘﻘﺪون أن اﳌﺴﻴﺢ اﻟﺬي ذﻛﺮ ﰲ ﻫﺬه اﳌﻌﺮﻛﺔ‬
‫ﻳﺒﻌﺚ ﺣﺘﻰ اﻵن و ﻫﻮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺒﻌﺚ ﻳﻘﻒ ﰲ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻴﻬﻮد وﻳﻨﴫﻫﻢ ﻋﲆ‬
‫اﻟﻨﺎس أﺟﻤﻌ ‪ ،‬ﺑﻴﻨ ﻳﻌﺘﻘﺪ اﳌﺴﻴﺤﻴﻮن أن اﳌﺴﻴﺢ ﻗﺪ ﺟﺎء وإﻧﻬﻢ ﺷﻌﺒﻪ‬
‫اﳌﺆﻣﻨﻮن ﺑﻪ وإﻧﻪ ﺳﻴﻘﻒ ﺿﺪ أﻋﺪاﺋﻬﻢ أﺟﻤﻌ ‪ ،‬و اﳌﺴﻠﻤﻮن ﻳﻌﺘﻘﺪون أن‬
‫إﺑﺎدة اﻟﻴﻬﻮد ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﺤﺪث ﰲ آﺧﺮ اﻟﺰﻣﺎن ﻋﲆ أﻳﺪي اﳌﺴﻠﻤ ﻛ أﺧﱪت‬
‫اﻟﻨﺒﻮءة ﺑﺬﻟﻚ‪ .‬ﻓﺎﻟﻜﻞ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺄن ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻓﺎﺻﻠﺔ ﻻﺷﻚ واﻗﻌﺔ وإن اﺧﺘﻠﻔﺖ‬
‫اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ و ﻛﻞ ﻓﺮﻳﻖ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺪﻳﺎﻧﺎت اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻓﴪﻫﺎ ﳌﺼﻠﺤﺘﻪ وﻟﻜﻦ اﻟﺠﺪﻳﺪ‬
‫ﰲ اﻷﻣﺮ أن اﻟﻴﻬﻮد ﺟﻌﻠﻮا ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻼﺣﺎ ً ﻣﺎﺿﻴﺎ ً ﻣﺆﺛﺮا ً ﻟﺠﺬب اﳌﺴﻴﺤﻴ إﱃ‬
‫ﺟﺎﻧﺒﻬﻢ‪ ،‬و ﻗﺪ ﺣﺼﻠﻮا ﻓﻌﻼً ﻋﲆ ﺗﺄﻳﻴﺪﻫﻢ ﺗﺄﻳﻴﺪا ً دﻳﻨﻴﺎ ً ﻣﻦ أﻋ ق اﻟﻘﻠﻮب ﺑﻌﺪ‬
‫اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﰲ ﻛﻞ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‪ .‬ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺢ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮن ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺬﻟﻚ‬
‫و ﻣﻦ أﺟﻠﻪ ﻳﻘﺪﻣﻮن اﻟﺪﻋﻢ واﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﻟﻠﻴﻬﻮد دوﻣﺎ ً‪ .‬و ﻣﺎرس اﳌﺴﻴﺤﻴﻮن ﻋﺎﻣﺔ‬
‫و اﻷﻣﺮﻳﻜﺎن ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻘﻴﺪة اﻟﻴﻬﻮد اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺎﻣﺎ ً ﻋﻦ ﻋﻘﻴﺪﺗﻬﻢ ﻓﺈن اﻟﻴﻬﻮد‬
‫ﻗﺪ دﻟﺴﻮا ﻋﻠﻴﻬﻢ أﺟﻤﻌ ﰲ ذﻛﺎء ﻗﻮي و ﺗﺨﻄﻴﻂ ﻣﺎﻛﺮ وإ ﺎ إﻧﺪﻓﻌﻮا ﺑﻐ روﻳﺔ‬
‫وﺑﺬﻟﻚ وﻗﻌﻮا ﰲ ﺷﺒﺎك اﻟﻴﻬﻮد و ﺻﺎروا ﺻﻴﺪا ً ﻴﻨﺎ ً ﻗﺪ ﺘﻊ ﺑﻪ اﻟﻴﻬﻮد وﺑﺮﻫﻦ‬
‫اﳌﺴﻴﺤﻴﻮن ﻋﺎﻣﺔ ﻋﲆ ﻏﻔﻠﺔ ﻛﺒ ة أدت ﺑﻬﻢ إﱃ ﻫﻴﻤﻨﺔ اﻟﻴﻬﻮد ﻋﻠﻴﻬﻢ و ﻗﻴﺎدﺗﻬﻢ‬
‫ﻟﻬﻢ ﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪون‪.‬‬

‫‪١٩١‬‬
‫و اﻟﻴﻬﻮد ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ وﰲ ﻛﻞ ﻣﻮاﻗﻔﻬﻢ و ﻛﻞ ﺗﺎرﻳﺨﻬﻢ ﻗﻮم ﻳﺤﺴﻨﻮن‬
‫اﻟﺘﻐﻴ و اﻟﺘﺒﺪﻳﻞ و اﻟﺘﺤﻮﻳﺮ وﻗﻠﺐ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ و ﻻ ﻳﺘﻮرﻋﻮن ﻋﻦ اﻟﻜﺬب واﻹ ﺣﺘﻴﺎل‬
‫ﻣﺎ دام ذﻟﻚ ﻳﻮﺻﻠﻬﻢ إﱃ ﻣﺂرﺑﻬﻢ‪ .‬و ﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﺎ ﻻ ﻳﺪع ﻣﺠﺎﻻً ﻟﻠﺸﻚ أﺑﺪا ً أﻧﻬﻢ‬
‫ﺣﻮروا وﺑﺪﻟﻮا ﰲ اﻟﺘﻮراة ﻧﻔﺴﻬﺎ و ﻫﻲ ﻛﺘﺎب أﻧﺰل ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﷲ ﻓﻜﻴﻒ ﺑﺨﻼﻓﻪ؟‬
‫و ﻟﻜﻦ اﻟﴚء اﳌﺤ ﺣﻘﺎً أن اﳌﺴﻠﻤ ﻗﺪ وﻗﻔﻮا ﻣﺘﻔﺮﺟ ﻳﻨﻈﺮون إﱃ ﺗﺄﺛ‬
‫اﻟﺪﻋﺎﻳﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺠﺤﺖ ﰲ ﺟﻌﻞ اﳌﺴﻴﺤﻴ إﱃ ﺟﺎﻧﺒﻬﻢ ﻳﺆﻳﺪوﻧﻬﻢ‬
‫ﺿﺪﻫﻢ و ﻛﺄن اﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﻌﻨﻴﻬﻢ ﰲ ﻛﺜ ٍ أو ﻗﻠﻴﻞ و ﻫﻢ ﻠﻜﻮن أﺻﻞ اﳌﺎل اﻟﺬي‬
‫ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻪ اﻟﻴﻬﻮد ﳌﺼﻠﺤﺘﻬﻢ ﻓﻠ ذا ﻻ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﺿﺪ اﻟﺒﻬﺘﺎن ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻠﻮا إﱃ‬
‫ﺟﻌﻞ اﳌﺴﻴﺤﻴ إﱃ ﺟﺎﻧﺒﻬﻢ و ﻫﻢ أﻗﺮب إﻟﻴﻬﻢ ! إﻧﻪ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﺮﻳﺐ إن دل ﻋﲆ‬
‫ﳾء ﻓﺈ ﺎ ﻳﺪل ﻋﲆ اﻻﺳﺘﺨﻔﺎف ﺑﺄﺧﻄﺮ اﻷﻣﻮر‪.‬‬

‫‪١٩٢‬‬
 ‫اﻟﺨﺎﺗــــــــﻤﺔ‬
‫اﻟﺤﻤﺪ و ﻻ ﻧﻌﺒﺪ إﻻ إﻳﺎه و ﻟﻮ ﻛﺮه اﻟﻜﺎﻓﺮون و اﻟﺼﻼة و اﻟﺴﻼم ﻋﲆ‬
‫أﻓﻀﻞ ﺧﻠﻖ ﷲ وﻋﲆ آﻟﻪ و أﺻﺤﺎﺑﻪ أﺟﻤﻌ ‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﺑﻌﺪ‬
‫ﻓﻘﺪ ﺗﻢ ﻣﺎ أردﻧﺎه ﻣﺨﺘﴫا ً اﺧﺘﺼﺎرا ً ﻏ ﻣﺨﻞ إن ﺷﺎء ﷲ و ﻧﺴﺄل ﷲ أن‬
‫ﻳﻜﻮن ﺣﺎﻓﺰاً ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﺠﺎد ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﲆ ﺟﺬور اﻟﴩ اﻟﻔﺴﺎد وﻋﻮاﻣﻞ اﻟﺘﺨﺮﻳﺐ‬
‫و اﻟﻬﺪم و اﻟﺘﺤﺮر اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻌﻨﴫﻳﺔ اﳌﺘﻌﺼﺒﺔ اﻟﻔﺎﺟﺮة‪ .‬ﻓﻘﺪ ﺑﻠﻎ‬
‫اﻟﺴﻴﻞ اﻟﺰ وﻃﻔﺢ اﻟﻜﻴﻞ وإﺑﺘﻠﻊ اﻟﻄُﻮﻓﺎن ﻛﻞ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة‪ ،‬و ﻧﺎم‬
‫اﻟﻌﺎ ﻋﻦ اﻟﺬﺋﺎب اﻟﺠﺎﺋﻌﺔ ﻓﺮاﺣﺖ ﺗﻠﺘﻬﻢ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﰲ ﺟﺸﻊ ﺑﺸﻊ ﻣﻘﻴﺖ و ﻣﺎ‬
‫ﻳﻨﻔﻊ اﻟﺒﻜﺎء ﺑﺤﺮﻗﺔ و ﻧﺪم و ﻣﺎ ﻳﻔﻴﺪ اﻟﺼﻴﺎح و اﻟﻌﻮﻳﻞ وﻣﺎ ﻳﺠﺪي اﻹ ﺣﺘﺠﺎج‬
‫و اﻟﺘﻮﺟﻊ وإ ﺎ ﻫﻮ اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻴﺲ ﻏ و اﻟﻌﻤﻞ اﳌﻨﻈﻢ اﳌﺪروس ﻫﻮ اﻟﻄﺮﻳﻖ‬
‫اﳌﺴﺘﻘﻴﻢ‪ .‬و اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﺎد اﳌﺼﺤﻮب ﺑﺎﻟﺼﱪ و اﻟﺘﺄ ﻫﻮ اﻟﺼﻮاب‪ ،‬و اﻟﻌﻤﻞ‬
‫اﻟﺠ ﻋﻲ اﳌﺆﺳﺲ اﳌﻜﺘﻮم ﻫﻮ اﻟﺨﻼص‪ ،‬و اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺨﺎﻟﺺ ﻣﻊ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ‬
‫و اﳌﺎل ﻫﻮ ﺳﺒﻴﻞ اﻷﺑﻄﺎل‪ ،‬وﻟﻦ ﻳﺜﻤﺮ أي ﳾء إزاء اﻟﺨﻄﺮ اﻟﺪاﻫﻢ ﺳﻮى اﻟﻌﻤﻞ‬
‫و ﻻ ﻋﻤﻞ ﻷﻣﺔ ﻏﺎﻓﻠﺔ ﻋﻦ ﺣﻘﻮﻗﻬﺎ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة ﺗﻐﻂ ﰲ ﻧﻮم ﻋﻤﻴﻖ‪ ،‬إن ﰲ ﻫﺬا‬
‫اﻟﻜﺘﺎب ﻋﲆ اﺧﺘﺼﺎره ﻋﱪة ﳌﻦ ﻳﻌﺘﱪ وﻋﻈﺎت ﻣﺆﺛﺮة ﳌﻦ ﻳﺘﻌﻆ و ﺻﻴﺤﺔ ﺣﻖ‬
‫داوﻳﺔ ﺗﻮﻗﻆ اﻟﻬﻤﻢ ﻓﺤﻲ ﻋﲆ اﻟﻌﻤﻞ وﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﺨﻼص ﻣﻦ ﻓﻴﻀﺎن اﻟﺒﺎﻃﻞ‬
‫اﳌﺪﻣﺮ ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺟﻤﻌﺎء‪.‬‬
‫و ﻣﻦ أﺟــﻞ أن ﻳﻜﻮن اﻟﻌﻤﻞ ﺻﺤــﻴﺤﺎً ﻣﺆﺳـﺴﺎً ﻋﲆ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻦ أن ﻳﺪﱄ ﺑﺪﻟﻮه‬
‫وﻳﻌﱪ ﻋﻦ ﻣﺎ ﰲ ﺿﻤ ه وﻳﺒﺪي رأﻳﻪ وﻳﺴــﺠﻞ إﻗـﱰاﺣﺎﺗﻪ و ﻋﲆ اﻟﺠﻤﻴﻊ أن ﺤﺼﻮا أو‬

‫‪١٩٣‬‬
‫ﻳﻐﺮﺑﻠﻮا ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻠﻮا إﱃ اﻟﺨﻄﺔ اﳌﺜﲇ ﻓﺘﻮﺿﻊ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ اﻟﻔﻮري و ﻻ ﻣﺠﺎل‬
‫ﻟﻠﺘﺄﺧ و اﻟﺘﺄ و ﻻ ﻣﺠﺎل ﻟﻠﱰﻳﺚ و اﻟﱰدد ﻓﺈن اﻟﻘﻴﺪ أوﺷﻚ أن ﻳﻀﻴﻖ اﻟﺨﻨﺎق‬
‫و اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻻ ﺗﺮﺣﻢ‪ .‬وﻋﲆ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ أن ﻳﺪﱃ ﺑﺪﻟﻮه واﺿﻌ ﻧﺼﺐ أﻋﻴﻨﻨﺎ‬
‫ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﳾء ﻫﺬه اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﺨﺎﻟﺪة )إﺳﺘﻌﻴﻨﻮا ﻋﲆ ﻗﻀﺎء ﺣﻮاﺋﺠﻜﻢ ﺑﺎﻟﻜﺘ ن(‪.‬‬
‫إن ﻣﺼﺪر اﳌﺎل اﻟﻌﺎﳌﻲ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ ﺳﻼﺣﺎً ﺿﺪﻧﺎ ﻫﻮ ﰲ ﺑﻼد اﳌﺴﻠﻤ و ﻫﻮ‬
‫ﰲ ﻗﺒﻀﺔ أﻋﺪاﺋﻬﻢ ﻳﻮﺟﻬﻮﻧﻪ ﻟﺘﺪﻣ اﳌﺴﻠﻤ ‪ .‬ﻓﻼ ﺑﺪ إذن ﻣﻦ ﺗﺤﺮﻳﺮ أﻣﻮال‬
‫اﳌﺴﻠﻤ ‪ .‬ﻓﻬﺬه ﻫﻲ اﻟﺨﻄﻮة اﻷوﱄ ﰲ ﺳﻠﻢ اﻹﻧﻌﺘﺎق ﻣﻦ آ ﺳﺎر اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﺳﻼح اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺸﻬﺮ ﻋﺎﻟﻴﺎً ﻋﱪ اﻟﻬﻴﺌﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﳌﺘﺨﺼﺼﺔ‬
‫اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﺎﺣﻲ اﻟﺤﻴﺎة ﻟﺒﻨﺎء اﻷﻣﺔ‪ .‬و اﻟﻌﻠﻢ ﻫﻮ اﻷﺳﺎس اﻟﻘﺪﻳﻢ واﳌﺘ اﻟﺬي‬
‫ﺗﺒﻨﻰ ﻋﻠﻴﻪ اﻷﻣﻢ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻨﻬﺎر ﰲ أول ﻋﺘﺒﺎت اﻟﺤﻴﺎة‪.‬‬
‫ﻓﻤﻦ ﺗﺄﻣﻞ ﺣﺎل اﳌﺴﻠﻤ اﻟﻴﻮم وواﻗﻊ ﻣﺎ و ﺻﻠﺖ إﻟﻴﻪ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﰲ‬
‫ﻣﺨﻄﻄﻬﺎ اﻟﻌﺎﳌﻲ ﻳﺼﺎب ﺑﺎﻟﺪﻫﺸﺔ و اﻟﺤ ة ﻣﻦ ﺗﻨﺎﻗﺾ ﻣﺜﺎﺑﺮة اﻟﻴﻬﻮد ﰲ ﺗﻨﻔﻴﺬ‬
‫ﻫﺬا اﻟﺨﻄﻂ وﻋﺠﺰ اﻵﺧﺮﻳﻦ و ﺧﺎﺻﺔ اﳌﺴﻠﻤ ﻋﻦ ﻣﺠﺎﺑﻬﺔ ﻫﺬا اﻟﺒﺎﻃﻞ‪ .‬و ﻟﻜﻦ ﻻ‬
‫ﺗﻠﺒﺚ دﻫﺸﺘﻪ أن ﺗﺰول ﺣﻴﻨ ﻳﺘﻠﻤﺲ ﻏﻴﺎب ﺳﻼﺣﻲ اﻟﻌﺎ و اﳌﺎل‪ ،‬ﻣﻊ ﻋﺠﺰ‬
‫اﻟﻘﺎدرﻳﻦ‪.‬‬
‫و ﻻ أود ﰲ ﻫﺬه اﻟﺨــﺎ ﺔ أن أﻃـﺮح أﻓﻜــﺎرا ً ﺧﺎوﻳﺔ ﻻ ﺗﺠـﺪ ﻃــﺮﻳﻘﻬﺎ‬
‫ﻟﻠﺘﻄــﺒﻴﻖ ﺑﻞ إ أﻋﺘﻘﺪ اﻋﺘﻘﺎدا ً ﺟــﺎزﻣﺎً أن ﻣﺎ ﻃﺮﺣـﺘﻪ ﰲ ﻫـﺬا اﻟﻜﺘـﺎب ﻻ‬
‫ﻳﺤـﻴﻂ ﺑﻜﻞ ﳾء و ﻻ ﻫﻮ ﺣـﻖ ﻣﻘـﺪس ﻻ ﻳﺄﺗﻴـﻪ اﻟﺒﺎﻃـﻞ ﻣﻦ ﺑ ﻳﺪﻳـﻪ و ﻻ ﻣﻦ‬
‫ﺧﻠﻔﻪ و ﻟﻜﻨـﻪ و أي ﺗﻜﻤﻠﺔ آراء واﻟﺒﺎب ﻣﻔﺘﻮح ﻋﲆ ﻣﺼـﺮاﻋﻴﻪ ﻟﻜﻞ ﻣﻔـﻜﺮ ﺣﺮ‬
‫ﻳﺮﺟـﻮ ﻷﻣﺘــﻪ اﻟﺨـ وﻳﺴـﻌﻰ ﺑﺼـﺪق وإﺧـﻼص ﻟﺮﻓﻌـﺘﻬﺎ و ﺗﻘـﺪﻣﻬﺎ‪ ،‬ﻛﻤـﺎ إﻧﻨﻲ‬
‫أﻋــﺘﻘـﺪ أن ﻛـﻞ رأي ﻟﻪ ﺟـﻮاﻧﺐ ﺳــﻠﺒﻴﺔ أو ﻫﻮ ﺧـﻄﺄ أﺻـﻼً أو ﰲ ﺑﻌـﺾ‬

‫‪١٩٤‬‬
‫أﺟـﺰاﺋﻪ ﻓﺎﻟﻌﺼﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ ﻣﺴﺘﺤﻴﻠﺔ و اﻟﺨﻄﺄ وارد و أﺻﻼح اﻷﺧﻄﺎء ﻣﻦ‬
‫اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﺘﻌﺎون ﻋﲆ اﻟﱪ واﻟﺘﻘﻮى وﻋﲆ اﻟﺨ واﻹﺻﻼح‪ ،‬إن أرﻳﺪ إﻻ‬
‫ﺑﺎﻹﺻﻼح ﻣﺎ اﺳﺘﻄﻌﺖ و ﻣﺎ ﺗﻮﻓﻴﻘﻲ إﻻ ﺑﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻮﻛﻠﺖ وإﻟﻴﻪ أﻧﻴﺐ‪.‬‬
‫و ﺳﺘﻈﻞ ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر ﺧﺎوﻳﺔ ﻣﻴﺘﺔ إﻻ أن ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻻ ﺗﻈﻬﺮ إﻻ ﰲ ﻣﺤﻚ‬
‫اﻟﻌﻤﻞ و اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ وﻟﻴﺴﺖ اﻟﻌﱪة إﻃﻼﻗﺎً ﺑﺴﻤﻮ اﻟﻔﻜﺮة وإ ﺎ اﻟﻌﱪة ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺑﺄن‬
‫ﺗﺼﺒﺢ ﺻﻮرة ﻣﺠﺴﻤﺔ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ اﳌﻌﺎش و ﰲ إﻋﺘﻘﺎدي إن ﻓﻜﺮة ﺣﻘ ة ﺗﺠﺪ‬
‫ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﰲ واﻗﻊ اﻟﺤﻴﺎة ﻋﻤﻼً ﺧ ﻣﻦ أﻋﻈﻢ اﻷﻓﻜﺎر ﺗﺘﻨﺎﻗﻠﻬﺎ اﻷﻗﻼم ﰲ أﻛﱪ‬
‫اﳌﺮاﺟﻊ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺬﺧﺮ ﺑﻬﺎ اﳌﻜﺘﺒﺎت‪.‬‬
‫و إﻧﻨﻲ اﻋﺘﻘﺪ ﺟﺎزﻣﺎً إن ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻀﺨﻢ اﻟﺠﺒﺎر اﻟﺬي ﻳﻌﻨﻲ ﺣﻴﺎة‬
‫أ ُﻣﺔ ﻟﻦ ﻳﻘﻮم ﺑﻪ أﻣﺜﺎﱃ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻮخ اﻟﺬﻳﻦ ﺿﻌﻔﺖ ﻗﻮاﻫﻢ وﺑﺮدت أﻓﻜﺎرﻫﻢ و ﻗﻞ‬
‫ﻧﺸﺎﻃﻬﻢ و ﺗﻨﺎزﻋﺘﻬﻢ اﻷﻣﺮاض وﺧﻴ ّ ﻢ اﻟﻌﺠﺰ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻷن ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ أول ﻣﺎ ﻳﺘﻄﻠﺐ‬
‫اﻟﻨﺸﺎط اﻟﻜﺎﻣﻞ و اﻟﺮوح اﳌﻌﻨﻮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ واﻟﺼﺤﺔ اﻟﺘﺎﻣﺔ و اﻟﻘﻮة اﻟﺠﺴﻤﻴﺔ ﻣﻊ‬
‫اﻟﻘﻮة اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ و ﻫﺬا ﻻ ﻳﺘﻮﻓﺮ إﻻ ﰲ اﻟﺸﺒﺎب وﺑﻌﺾ اﻟﻜﻬﻮل‪ ،‬وﻣﺎ ﺣﻤﻞ ﻟﻮاء‬
‫اﻟﺘﻐﻴ و اﻟﻨﴫ ﻋﱪ ﺣﻘﺐ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﻧﺴﺎ إﻻ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺜﺎﺋﺮ اﳌﻨﺪﻓﻊ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ‬
‫اﻟﻜﻬﻮل اﻷﻗﻮﻳﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﺜﻠﻮن ﻋﺠﻠﺔ اﻟﻘﻴﺎدة وﻳﺤﻔﻈﻮن اﻟﺘﻮازن ﻣﻦ اﻹﻧﺪﻓﺎع‬
‫ﻓﺎﳌﺴﺌﻮﻟﻴﺔ إ ﺎ ﻫﻲ ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ اﻟﺸﺒﺎب ﰲ اﳌﻘﺎم اﻷول ﻳﻌﺎوﻧﻬﻢ ﺑﻌﺾ اﻟﻜﻬﻮل‬
‫و ﻟﻴﺲ ﻟﻠﺸﻴﻮخ ﻣﻜﺎن ﰲ اﳌﻌﺮﻛﺔ ﻓﻌﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﺮاﻗﺒﻮا اﳌﻮﻗﻒ و ﻻ ﻳﺒﺨﻠﻮا ﺑﺎﻟﺮأي أو‬
‫اﻟﺘﻮﺟﻴﻪ إذا ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻳﺤﺘﺎج إﱃ رأﻳﻬﻢ ﰲ ﺑﻌﺾ اﳌﻮاﻗﻒ و ﻻ ﻳﺤﺘﺎج‬
‫إﱃ ﻋﻤﻠﻬﻢ ﻷﻧﻪ ﻋﻤﻞ ﻋﺎﺟﺰ ﻻ ﻳﻔﻴﺪ و ﻗﺪ ﻗﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ‪:‬‬
‫ﺑﺮأي ﻧﺼﻴﺢ أو ﻣﺸﻮرة ﺣﺎزم‬ ‫إذا ﺑﻠﻎ اﻟﺮأي اﳌﺸﻮرة ﻓﺴﺘﻌﻦ‬
‫ﻓﺈن اﻟﺨﻮاﰲ ﻗﻮة ﻟﻠﻘـــــﻮادم‬ ‫وﻻ ﺗﺠﻌﻞ اﻟﺸﻮر ى ﻋﻠﻴﻚ ﻏﻀﺎﺿﺔ‬

‫‪١٩٥‬‬
‫وﰲ اﻋﺘﻘﺎدي إن اﻟﺸﻴﻮخ ﻳﻌﻄﻠﻮن اﻟﺴ اﻟﺤﺜﻴﺚ وﻳﻘﻔﻮن ﺣﺠﺮ ﻋ ة ﰲ‬
‫ﺑﻠﻮغ اﻷﻫﺪاف ﰲ أﻗﴫ ﻓﱰة وإن ﻟﻜﻞ ﺟﻴﻞ ﻓﱰة وﻗﺪ ﻣﻀﺖ ﻓﱰة اﻟﺸﻴﻮخ و ﻫﻢ‬
‫ﻳﻌﻴﺸﻮن ﰲ ﻓﱰة ﺟﻴﻞ أﻋﻘﺐ ﺟﻴﻠﻬﻢ وﻣﻦ اﳌﺴﺘﺤﻴﻞ أن ﺗﻔﺮض ﻧﻔﺴﻚ ﻋﲆ‬
‫ﺟﻴﻞ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺟﻴﻠﻚ ﰲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﻮال و ﻧﺤﻦ ﻧﺮﴈ ﻣﻘﺘﻨﻌ أن رﺳﺎﻟﺘﻨﺎ ﻗﺪ‬
‫ﻣﻀﺖ و أن ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺆﻳﺪ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ‪.‬‬
‫وﰲ إﻋﺘﻘﺎدي إﻋﺘﻘﺎدا ً راﺳﺨﺎ ً ﻻ ﻳﺘﺰﺣﺰح و ﻻ ﻴﻞ أن ﻛﻞ رأي ﻣﻬﻢ ﻛﺎن‬
‫ﻧﺎﺿﺠﺎ ً ﻋﻨﺪ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺧﺎﻟﻴﺎ ً ﻣﻦ اﻟﻌﻴﻮن و اﻷﺧﻄﺎء ﻫﻮ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻛﺬﻟﻚ‬
‫ﻋﻨﺪ اﻵﺧﺮﻳﻦ ور ﺎ ﻳﺤﺘﻤﻞ اﻟﺨﻄﺄ ﰲ ﺑﻌﻀﻪ أو ﰲ ﻛﻠﻪ وﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ ﻗﺎﻟﻮا‬
‫ﺑﺤﻖ و ﺻﺪق وإ ﺎن إن ﻛﻞ ﻛﺘﺎب ﻳﺤﺘﻮي ﻋﲆ ﺑﻌﺾ اﻷﺧﻄﺎء أو أﻏﻠﺐ اﻷﺧﻄﺎء‬
‫و ﻣﻦ اﳌﺴﺘﺤﻴﻞ أن ﻳﻜﻮن ﺧﺎﻟﻴﺎً ﺎﻣﺎ ً ﻣﻦ اﻷﺧﻄﺎء إﻻ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻛﺘﺎب ﷲ‬
‫ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻨﺰه ﻋﻦ اﻟﺨﻄﺄ و ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ إ ﺎ ﻫﻮ اﻟﺼﻮاب واﻟﺤﻖ وﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ‬
‫أﻋﺮض رأﻳﻲ وأﻧﺎ أؤﻣﻦ ﺑﻪ و أﻋﺘﻘﺪ إﻧﻪ اﻟﺼﻮاب ﻛﻞ اﻟﺼﻮاب و ﻟﻜﻦ إذا ﺗﺘﺒﻌﻪ‬
‫اﻵﺧﺮون و وﺟﺪوا ﻓﻴﻪ ﺑﻌﺾ اﻷﺧﻄﺎء أو ﻛﻞ اﻟﺨﻄﺄ ﻓﻼ ﻳﺰﻋﺠﻨﻲ ذﻟﻚ وإذا‬
‫إﻗﺘﻨﻌﺖ ﺎ أوردوه ﻣﻦ ﺣﺠﺞ ﺷﻜﺮﺗﻬﻢ ﻣﻦ أﻋ ق ﻗﻠﺒﻲ و أﺿﻔﺖ إﱃ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎ‬
‫ﺷﻴﺌﺎ ً ﺟﺪﻳﺪا ً ورأﻳﺖ ذﻟﻚ ﻗﻤﺔ اﻟﺘﻌﺎون‪.‬‬
‫و إﱃ ﻫﻨﺎ أﻣﺴﻚ اﻟﻘﻠﻢ ﻋﻦ اﻻﺳﱰﺳﺎل وأﺗﻮﻗﻒ ﻣﻦ ﻏ ﺗﻌﺐ أو ﻛﻼل‬
‫ﻋﻦ اﻟﺘﻔﻜ و اﳌﻘﺎرﻧﺔ ﰲ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ اﻟﺨﻄ ﰲ إﻋﺘﻘﺎدي‪ ،‬و أﺳﺄل ﷲ اﻟﻌﻮن‬
‫و اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ وﻣﺎ أردت إﻻ اﻟﺨ وﷲ و اﳌﺴﺘﻌﺎن‪.‬‬

‫‪١٩٦‬‬
 ‫ﺛﺒﺖ اﳌﺮاﺟﻊ‬
‫‪ /١‬ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻌﺎ اﻟﺨﻔﻴﺔ‪ ،‬ﳌﺆﻟﻔﻪ ﺛ ب ﺳﺒ ﻳﺪوﻓﻴﺘﺶ‪ ،‬ﻃﺒﻊ دار اﻟﻨﻔﺎﺋﺲ‬
‫ﺑ وت‪.‬‬
‫‪ /٢‬اﻟﻴﻬﻮدي اﻟﻌﺎﳌﻲ اﳌﺸﻜﻠﺔ اﻷوﱃ اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﻌﺎ ‪ ،‬اﳌﺆﻟﻒ اﳌﻠﻴﻮﻧ اﻟﻌﺎﳌﻲ‬
‫اﻟﺸﻬ ﻫ ي ﻓﻮرد‪ .‬ﻣﻦ ﻣﻨﺸﻮرات دار اﻵﻓﺎق اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑ وت‪.‬‬
‫‪ /٣‬اﻟﻨﺒﻮءة واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ‪ ،‬اﻹ ﻧﺠﻴﻠﻴﻮن اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﻮن ﰲ اﻟﻄﺮﻳﻖ إﱃ اﻟﺤﺮب اﻟﻨﻮوﻳﺔ‪،‬‬
‫ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻏﺮﻳﺲ ﻫﺎﻟﺴﻞ‪ ،‬ﻃﺒﻊ دار ﻫﺎﻳﻞ اﻟﺨﺮﻃﻮم ـ اﻟﺴﻮدان‪.‬‬
‫‪ /٤‬اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎ اﳌﺠﻬﻮل‪ ،‬دراﺳﺔ ﰲ اﻷﴎار اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﻟﻠﻴﻬﻮدﻳﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪ ،‬ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺻﺎﺑﺮ ﻃﻌﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻃﺒﻊ دار اﻟﺠﻴﻞ ﺑ وت‪.‬‬
‫‪ /٥‬اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﰲ اﳌﻴﺰان‪ ،‬ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺳﻌﻮد ﺑﻦ ﻋﲆ اﻟﺼﻘﺮ ي‪ ،‬ﻃﺒﻊ ﻣﻄﺒﻌﺔ اﻟﻔﺮزدق‬
‫اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﺑﺎﻟﺮﻳﺎض‪ ،‬اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ‪.‬‬
‫‪ /٦‬اﳌﻘﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﺬﻛﺮات ))اﳌﺆﻟﻒ((‪.‬‬

‫‪١٩٧‬‬
 ‫اﻟﻔﻬــــــــــﺮس‬
‫اﻹﻫــــــــــــــــــــــــﺪاء ‪............................................................................................‬‬
‫اﳌﻘـــــــــــــﺪﻣﺔ ‪١ ........................................................................................................‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول )اﻟﺒﺤﺚ وراء اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت(‪٤ ............................ .............................................‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎ )اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ(‪٣٠ ..................................................................................... .......‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ )أﻧﻮاع اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ(‪٤٢ .......................................................................‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ )ﻣﻨﺢ اﻟﺪرﺟﺎت اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ(‪٥٤ .....................................................................‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ )ﻣﺎذا ﺗﺮﻳﺪ اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ(‪٥٧ ................................. .......................................‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس )ﻣﺎ ﻫﻲ اﻷﻫﺪاف اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠ ﺳﻮﻧﻴﺔ(‪٦٦ ..............................................‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ )ﺻﻮر اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ(‪٧٤ ....................................................................‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ )ﺑ ﺮﺗﻮﻛﻮﻻت ﺣﻜ ء ﺻﻬﻴﻮن(‪٨٠ ................................................................‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺘﺎﺳﻊ )اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ و اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ(‪١١٩ .......................................................... .............‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻌﺎﴍ )اﻹﺧﻄﺒﻮط اﳌﺮﻋﺐ(‪١٢٤ ........................................... ...............................‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺤﺎدي ﻋﴩ )ﺷﺠﺮة اﳌﺎﺳﻮﻧﻴﺔ ﺗﺘﻔﺮع(‪١٢٩ ........................................................ ...‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎ ﻋﴩ)ﻣﺎذا ﻓﻌﻞ اﻟﻴﻬﻮد ﺑﺎﻹﺳﻼم و اﳌﺴﻠﻤ (‪١٤٩ ............................................‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﴩ )ﺧﺮاﻓﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‪ :‬دوﻟﺔ إﴎاﺋﻴﻞ اﻟﻴﻮم(‪١٧٦ ............................................‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﴩ)اﻟﺮوﺗﺸﻴﻠﺪﻳﻮن أﺧﻄﺮ اﻟﻴﻬﻮد(‪١٨١ ........................... ...............................‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﴩ )ﺳﻘﻮط أوروﺑﺎ ﰲ ﻳﺪ اﻟﻴﻬﻮد(‪١٨٤ ...................................................‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس ﻋﴩ)ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻫﺮﻣﺠﺪون(‪١٩١ .................................................................‬‬
‫اﻟﺨـــــــــــــــﺎ ﺔ ‪١٩٣ .................................................................................................‬‬
‫ﺛﺒﺖ اﳌﺮاﺟﻊ ‪١٩٧ ..........................................................................................................‬‬
 ‫ﺍﻟﻄﺎﺑﻌﻮﻥ‬

‫ﺷﺮﻛﺔ ﻣﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻟﻠﻌﻤﻠﺔ ﺍﶈﺪﻭﺩﺓ‬

‫)اﻟﻨﺴﺨﺔ اﻟﻮرﻗــﻴﺔ(‬
 ‫اﻟﻌـــﻼﻣﺔ اﳌﺆﻟﻒ ﰲ ﺳــــﻄﻮر‪:‬‬
‫‪ ‬وﻟﺪ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﳌﺆﻟﻒ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻔﺎﺿﻞ اﻟﴩﻳﻒ اﻟﺘﻘﻼوي ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ‬
‫أم درﻣﺎن ﺑﺎﻟﺴﻮدان ﰲ ﻋﺎم ‪١٣٣٥‬ﻫـ اﳌﻮاﻓﻖ ﻋﺎم ‪١٩١٨‬ﻣـ‪.‬‬
‫‪ ‬ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻌﻠﻢ ﰲ اﳌﻌﻬﺪ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﺑﺄم درﻣﺎن و ﻋﲆ أﺷﻬﺮ ﻋﻠ ء‬
‫ﻋﴫه ﺧﺎر ج اﳌﻌﻬﺪ ﻛ درس اﻟﻘﺮآن و ﻋﻠﻮﻣﻪ ﻋﲆ أﺷﻬﺮ أﻫﻞ‬
‫زﻣﺎﻧﻪ‪.‬‬
‫‪ ‬إﺷﺘﻐﻞ ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺲ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ‪١٩٣٦‬م و ﻫﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ أﺧﺘ ﻓﻴﻬﺎ أول رﺋﻴﺲ ﻟﺠ ﻋﺔ‬
‫أﻧﺼﺎر اﻟﺴﻨﺔ اﳌﺤﻤﺪﻳﺔ ﺑﺎﻟﺴﻮدان‪ ،‬و ﻛﺎن ﻣﻦ أواﺋﻞ اﳌﺆﺳﺴ ﻟﻬﺎ‪ ،‬وﻋﻤﻞ ﰲ ﻛﻞ ﻣﺮاﺣﻞ‬
‫اﻟﺘﺪرﻳﺲ‪.‬‬
‫‪ ‬ﺣﺎرب ﰲ ﺣ س ﰲ ﻛﻞ اﳌﻴﺎدﻳﻦ ﻣﻨﺬ ﻓﺠﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ وﻟﻪ ﻣﻮاﻗﻒ ﻣﺸﻬﻮ رة ﺿﺪ اﻹﺳﺘﻌ ر‬
‫و اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ و اﻟﺒﺪع و اﳌﺬاﻫﺐ اﳌﺴﺘﻮردة واﻟﻔﻠﺴﻔﺎت اﻟﺒﺎﻃﻠﺔ وﻋﺎ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ذﻟﻚ ﻛﺜ ا ً ﻣﻦ‬
‫اﳌﺘﺎﻋﺐ‪.‬‬
‫‪ ‬ﺟﺰء ﻛﺒ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ و ﺧﺼﺎﻟﻪ اﻟﺤﻤﻴﺪة ذﻛﺮﻫﺎ اﳌﺆﻟﻒ ﺑ ﺳﻄﻮر ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻜﻦ ﻟﻠﻘﺎرئ‬
‫أن ﻳﻄﻠﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪.‬‬
‫‪ ‬إﻧﴫف ﻟﻠﺘﺄﻟﻴﻒ و ﺗﻨﻘﻴﺢ ﻣﺎ أﻟﻔﻪ ﺑﻌﺪ ﺗﻘﺎﻋﺪه ﻋﻦ اﻟﺘﺪرﻳﺲ‪ .‬ﻟﻪ ﻛﺘﺐ ﻛﺜ ة ﺗﻨﴩ أﻫﻤﻬﺎ‬
‫ﺧﻤﺴﺔ ﻛﺘﺐ ﻋﻦ أرﻛﺎن اﻹﺳﻼم وأرﺑﻌﺔ ﻛﺘﺐ ﰲ اﳌﻌﺎﻣﻼت‪ ،‬و ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ‪ -‬ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺗﺎرﻳﺦ وﻻ‬
‫رﻗﻢ إﻳﺪاع ‪ -‬اﻟﺬي ﻳﱰﺻﺪ ﻟﻪ اﳌﺎﺳﻮن وﻳﺤﺎرﺑﻮﻧﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻻ ﻫﻮادة ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺘﻰ أن أﻏﻠﺐ ﺟ ﻋﺔ‬
‫أﻧﺼﺎر اﻟﺴﻨﺔ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻧﻪ ﻓﻀ ﻼً ﻋﻦ ﻏ ﻫﻢ‪.‬‬
‫‪ ‬و ﻗﺪ ﻧﻈﻢ أوﻗﺎﺗﻪ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ﰲ ﺗﺪرﻳﺲ اﻟﺤﺪﻳﺚ و ﻣﺼﻄﻠﺤﻪ و اﻟﺘﻔﺴ و اﻟﺴ ة و اﻟﺘﺎرﻳﺦ‬
‫و اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ و اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ‪ ،‬وﻫﻮ ﻳﺤﺎرب ﰲ ﻓﺘﻮة اﻟﺸﺒﺎب ﺧﻄﺎﺑﺔ ً وﺗﺪرﻳﺴﺎ ً ‪ ،‬و ﺗﻀﻢ‬
‫ﺣﻠﻘﺘﻪ اﻷﻓﺮﻳﻘﻴ و اﻟﺴﻮداﻧﻴ وﺗﺸﺒﻪ ﻣﺮﻛﺰا ً إﺳﻼﻣﻴﺎ ً ﻣﺼﻐﺮا ً ‪ ،‬و ﺗﺨﺮج ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺎدة ﻳﺤﻤﻠﻮن‬
‫اﻟﺪﻋﻮة ﰲ ﺗﺸﺎد وﻣﺎﱄ و ﻧﻴﺠ ﻳﺎ وإرﻳﱰﻳﺎ و اﻟﺼﻮﻣﺎل و ﻏ ﻫﺎ‪ .‬و ﻫﻮ ﰲ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻣﺪرﺳﺔ ﺧﺎﺻﺔ‬
‫ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﻟﻬﺎ أﺳﻠﻮﺑﻬﺎ اﳌﻔﺮد و اﳌﻨﺘﺞ‪.‬‬
‫‪ ‬ﺗﻮﰲ رﺣﻤﻪ ﷲ ﰲ ﻳﻮم اﻷرﺑﻌﺎء اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﴩ ﻣﻦ رﺑﻴﻊ اﻷول ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ‪١٤٣٠‬ﻫـ اﳌﻮاﻓﻖ اﻟﺤﺎدي‬
‫ﻋﴩ ﻣﻦ ﻣﺎرس ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ‪٢٠٠٩‬م أﺳﺄل ﷲ ﻋﺰ و ﺟﻞ أن ﻳﺘﻘﺒﻠﻪ وﻳﺴﻜﻨﻪ ﻓﺴﻴﺢ ﺟﻨﺎﺗﻪ ﻣﻊ‬
‫اﻟﻨﺒﻴ و اﻟﺼﺪﻳﻘ و اﻟﺸﻬﺪاء و اﻟﺼﺎﻟﺤ و ﺣﺴﻦ أؤﻟﺌﻚ رﻓﻴﻘﺎ إﻧﻪ وﱄ ذﻟﻚ واﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻴﻪ‪.‬‬