Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 25

‫‪1‬‬

‫نيكولو ميكافيلي‬

‫‪ ‬موسوعة ستانفورد للفلسفة‬


‫ترجمة‪ :‬محمد رضا‬

‫الغرب؛‬
‫ي‬ ‫كافيل يف الفكر‬
‫ي‬ ‫"األمي"‪ ،‬يف السلطة والكفائة‪ ،‬واألخالق والدين والسياسة‪ ،‬ومكانة مي‬
‫ر‬ ‫ميكافيل وفلسفته يف كتاب‬
‫ي‬ ‫نيكولو‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫ه للنسخة المؤرشفة يف الموسوعة عل هذا‬ ‫نص ميجم لد‪ ، .‬ومنشور عل (موسوعة ستانفورد للفلسفة)‪ .‬ننوه بأن اليجمة ي‬
‫ا‬ ‫ر‬
‫األخية بعض التحديث أو التعديل من فينة‬
‫ر‬ ‫والت قد تختلف قليًل عن النسخة الدارجة للمقالة‪ ،‬حيث أنه قد يطرأ عل‬ ‫الرابط‪ ،‬ي‬
‫نخص بالشكر محرري موسوعة ستانفورد‪ ،‬وعل رأسهم د‪ .‬إدوارد زالتا‪ ،‬عل تعاونهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫وختاما‪،‬‬ ‫ألخرى منذ تتمة هذه راليجمة‪.‬‬
‫والنش عل مجلة حكمة‪.‬‬ ‫واعتمادهم رلليجمة ر‬

‫‪1‬‬
‫‪Nederman, Cary, "Niccolò Machiavelli", The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Summer 2019 Edition), Edward N.‬‬
‫‪Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/sum2019/entries/machiavelli/>.‬‬
‫دلاذا مكيافيللى؟ ردبا يتبادر ىذ السؤال بشكل تلقائى و مربر لذىن من يطالع مدخل عنو يف موسوعة للفلسفة‪ .‬ابلتأكيد‬
‫أيضا يف‬
‫أساسا ‪ ،‬ولكن ً‬
‫‪ ،‬دلكيافيللى إسهامات يف عدد كبري من النقاشات اذلامة يف الفكر الغرىب ـ يف النظرية السياسية ً‬
‫أبدا‬
‫التاريخ والتأريخ ‪ ،‬واألدب اإليطاىل ‪ ،‬ومبادئ احلرب والدبلوماسية‪ .‬ولكن يبدو أن مكيافيلى نفسو مل يعترب نفسو ً‬
‫أيضا ال تتفق مؤىالتو بسهولة مع‬
‫فيلسوف ـ‪.‬بل أنو غالبًا ما رفض علنًا التحقيق الفلسفى ابعتباره غري ذى مغزى ـ‪ ، .‬و ً‬
‫الصور ادلعتادة للفلسفة األكادديية‪ .‬فكتاابتو غري منهجية بشكل معروف وتبعث على اجلنون ‪ ،‬وغري متناسقة ومتناقضة‬
‫احياان مع نفسها‪ .‬دييل إىل استخدام التجربة وضرب األمثلة بدال من التحليل ادلنطقى الدقيق‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬ىناك‬
‫اسباب كثرية العتبار ميكيافيلى من بني أعظم الفالسفة السياسيني ‪ ،‬بعض ىذه األسباب خيص كتاابتو‪ .‬خبالف إغراء‬
‫التأكيد على برصباتيتو السياسية ‪ ،‬يدور نقاش علمى زلتدم حول مدى وجود فلسفة متماسكة واصيلة تتناول ادلوضوعات‬
‫الىت هتم الفالسفة يف القلب من فكره‪.‬‬

‫عالوة على ذلك ‪ ،‬وجد مفكرين الحقني والذين يعتربون بشكل واضح فالسفة من الطراز الرفيع انفسهم مضطرين‬
‫التعامل مع أفكاره ‪ ،‬سواء لالعًتاض عليها او درلها يف تعاليمهم اخلاصة‪ .‬حىت لو كان مكيافيلى يكتب على ىامش‬
‫الفلسفة ‪ ،‬فإن أتثري أتمالتو الواسع انتشر ودام‪ .‬مصطلحات مثل " مكيافيللي ‪ [ : machiavellian‬النسبة إىل‬
‫ميكيافيلى او وصف شخص أبنو ميكيافيلى ـ ادلًتجم] " أو " ميكيافيلية ‪ " machiavellism‬وجدت صدى واسع‬
‫بني الفالسفة ادلهتمني بنطاق واسع من الظواىر األخالقية والسياسية والسيكولوجية ‪ ،‬بغض النظر عن ما إذا كان‬
‫مكيافيللى نفسو اخًتع ىذه ادلصطلح ( ادلكيافيللية ) ‪ ،‬أو كان ىو نفسو " مكيافيليًا" ابدلعٌت ادلتداول ادلنسوب إليو‪.‬‬
‫يعد نقد مكيافيللي للمخططات الفلسفية الطوابوية ( مثلما عند أفالطون) دبثابة ربد كبري لتقليد فلسفى كامل ‪ ،‬و‬
‫أخريا ‪ ،‬فإن جيل جديد من ادلنظرين السياسيني شلن‬ ‫بطريقة تلفت النظر وتتطلب االستجابة والوضع يف االعتبار‪ .‬و ً‬
‫يُطلق عليهم " الرومان اجلدد " مثل فيليب بيتيت ‪ ، ]Philip Pettit [1997‬وكوينتني سكينر ‪Quentin‬‬
‫‪ ]Skinner [1998‬وموريزو فريوىل ‪ )]]Maurizio Viroli [1999 [2002‬وجدوا إذلاما يف نسخة‬
‫مكيافيللى من النزعة اجلمهورية ‪ /‬اجلمهورانية ‪ .republicanism‬لذلك يستحق مكيافيلىى مكاان على الطاولة يف أى‬
‫حبث شامل للفلسفة السياسية‪.‬‬

‫‪ .1‬سرية شخصية‪.‬‬
‫‪ .2‬األمري‪ :‬حتليل السلطة‬
‫‪ .3‬السلطة والكفاءة واحلظ‪.‬‬
‫‪ .4‬األخالق والدين والسياسة‬
‫‪ .5‬الدولة واألمري‪ :‬اللغة وادلفاهيم‬
‫‪ .6‬ادلقاالت حول ليفي [ تيتوس ليفيوس]‪ :‬احلرية والصراع‬
‫‪ .7‬احلرية الشعبية واخلطابة الشعبية‬
‫‪ .8‬شخصية القادة اجلمهوريني‬
‫‪ .9‬مكانة مكيافيللي يف الفكر الغريب‬
‫‪ ‬ادلراجع‬
‫‪ ‬األدبيات األساسية مرتمجة‪.‬‬
‫‪ ‬األدبيات الثانوية‬
‫‪ ‬األدوات األكادميية‬
‫‪ ‬مصادر أخرى على االنرتنت‪.‬‬
‫‪ ‬مداخل ذات صلة‪.‬‬

‫‪ .1‬سريته شخصية‪.‬‬

‫ال يعرف إال القليل نسبيًا عن حياة مكيافيللي ادلبكرة ابدلقارنة مع العديد من الشخصيات اذلامة من عصر النهضة‬
‫اإليطالية‪( .‬يعتمد اجلزء التاىل على الكتاابت الىت كتبها كل من كابوىن ‪Capponi 2010 ٠٢٠٢‬؛فيفانىت ‪٠٢٠٢‬‬
‫‪ ;Vivanti 2013‬سيلنزا ‪ .)Celenza 2015 ٠٢٠٢‬ولد مكيافيللي يف ‪ ٢‬مايو ‪ ٠٦٤١‬يف فلورنسا وتتلمذ يف‬
‫سن مبكرة على ادلدرس الالتيٌت ادلرموق ابولو دا رونسيغليون‪ Paolo da Ronciglione. .‬من ادلفًتض انو التحق‬
‫تعليما انسانيًا‪ ( humanist‬النزعة اإلنسانية او‬
‫جبامعة فلورنسا ‪ ،‬وتكشف لنا نظرة خاطفة على مدونتو عن أنو تلقى ً‬
‫اذليومانية رلموعة من الدراسات واألفكار ال ىت تنطلق وهتتم ابإلنسان ازدىرت يف ايطاليا يف عصر النهضة واستمر أتثريىا‬
‫شلتازا‪ .‬نبدأ يف احلصول على صورة كاملة ودقيقة حلياتو فقط مع دخولو للخدمة العامة مع تعيينو يف‬
‫فيما بعد ـ ادلًتجم] ً‬
‫عاما التالية ‪ ،‬اخنرط مكيافيللى يف‬
‫‪ ٠٦١١‬كمستشار اثن جلمهورية فلورنسا ‪ .Chancellor‬خالل األربعة عشر ً‬
‫موجات من النشاط الدبلوماسى ابسم فلورنسا ‪ ،‬حيث سافر إىل ادلراكز اإليطالية يف إيطاليا والديوان ادللكى الفرنسى ‪،‬‬
‫والديوان اإلمرباطوري دلاكسميليان [ األول]‪ .‬يشهد عدد كبري من الرسائل والربقيات والكتاابت العرضية على مهامو‬
‫أيضا على موىبتو احلادة يف ربليل الشخصيات وادلؤسسات‪.‬‬
‫السياسية كما تشهد ً‬

‫كانت فلورنسا زبضع حلكومة صبهورية منذ ‪ ، ٠٦١٦‬عندما مت طرد أسرة آل مديتشى ادلهيمنة وأنصارىم من السلطة‪.‬‬
‫خالل تلك ادلدة ‪ ،‬إزدىر مكيافيللى ربت رعاية بيريو سودريٌت ‪،‬الذى كان يتوىل منصب جونفالونيري ( ادلدير األعلى‬
‫مدى احلياة) لفلورنسا‪:gonfaloniere[ .‬منصب رفيع يف احلكومات البلدية يف أيطاليا العصر الوسيط وعصر النهضة‬
‫ومعناىا احلرىف ‪ :‬حامل الراية أو حامل اللواء ـ ادلًتجم] على أية حال ‪ ،‬ىف ‪ ٠٢٠٠‬ىزم آل مديتشى دبساعدة القوات‬
‫البابوية القوات ادلسلحة للجمهورية وحلوا احلكومة‪ .‬كان مكيافييلى ضحية مباشرة لتغيري النظام‪ :‬حيث خضع لشكل‬
‫وعذب لعدة‬
‫من أشكال النفى الداخلى ‪ ،‬وعندما اٌشتبو ( ابخلطأ ) يف التآمر ضد آل ميدتشى سنة ‪ُ ، ٠٢٠٢‬سجن ُ‬
‫أسابيع‪ .‬ااتح لو تقاعده فيما بعد يف مزرعتو خارج فلورنسا الفرصة والدافع لالنتقال إىل النشاط األدىب‪.‬‬

‫أخريا إىل واحد من اكثر الكتاابت ارتباطًا ابمسو ‪ :‬األمري‬


‫كانت أوىل كتاابتو الىت كتبت بشكل أتملى أكثر وربولت ً‬
‫‪ .The Prince‬والذى ُكتب يف هناية ‪ ( ٠٢٠٢‬وردبا يف بداية ‪ ، )٠٢٠٦‬ولكن نُشر رمسيا يف عام ‪ ، ٠٢٢٠‬أتلف‬
‫كتاب " األمري" على يد مؤلف كان يضع نُصب عينيو استعادة وضعو يف الشئون السياسية لفلورنسا‪ ( .‬كان قد مت رد‬
‫اعتبار العديد من أقرانو يف احلكومة اجلمهورية وعادوا للخدمة ربت آل ميدتشى)‪ .‬قد كتبو لتقدديو إىل جوليانو دى‬
‫ميدتشى ‪ ( ،‬والذى ردبا امنت لذلك) و ت تغري اإلىداء بعد وفاة جوليانو ‪ ،‬إىل لورنزو دى ميدتشى الذى من شبو ادلؤكد‬
‫انو مل يقرأه عندما وصل بني يديو ‪.٠٢٠٤‬‬

‫شعرا ومسرحيات ونثرا قصريا ‪ ،‬كتب‬ ‫ويف الوقت نفسو ‪ ،‬أدى تقاعد ميكيافيلى القسرى إىل أنشطة ادبية أخرى‪ .‬كتب ً‬
‫دراسة عن فن احلرب ( نشرت عام ‪ )٠٢٠٠‬وكتب سلطوطات يف السري والتاريخ‪.‬واألىم من ذلك ‪ ،‬أن ميكيافيلى ألف‬
‫يف تلك الفًتة كتاب " ادلقاالت عن الكتب العشرة األوىل لتيتوس ليفى" وىو مسامهتو االخرى الكربى يف األفكار‬
‫السياسية ‪ ،‬عبارة عن عرض دلبادئ احلكومة اجلمهورية على ىيئة تعليق على عمل ادلؤرخ الشهري للجمهورية‬
‫الرومانية‪.‬وعلى عكس األمري استغرق كتابة ادلقاالت فًتة طويلة ( بدأ ردبا يف عام ‪ ٠٢٠٦‬أو ‪ ٠٢٠٢‬واكتمل يف عام‬
‫‪ ٠٢٠١‬أو عام ‪ ، ٠٢٠١‬وأيضا مل ينشر إال بعد وفاتو يف عام ‪ .)٠١٢٠‬ردبا يكون الكتاب قد تشكل من خالل‬
‫صحبة آخرين من الشخصيات الفكرية والسياسية الفلورنسية الرائدة ربت رعاية كوزديو‬
‫مناقشات ودية حضرىا ميكيافيلى ُ‬
‫روتشيالى‪.‬‬

‫يف أواخر حياتو ‪ ،‬بدأ ميكيافيللى يف العودة للعمل لصاحل عائلة ميديتشى ‪ ،‬ردبا كنتيجة دلساعدة بعض اصدقائو النافذين‬
‫يكف عن اإلحلاح عليهم للتدخل‪ .‬يف عام ‪ ٠٢٠٢‬كلفو الكاردينال " جوليو دى ميدتشى بتأليف اتريخ‬ ‫الذين مل ّ‬
‫لفلورنسا ‪ ،‬وىى ادلهمة الىت اكتملت سنة ‪ ٠٢٠٢‬وقدمت إىل الكاردينال الذى اعتلى العرش البابوى يف روما ربت اسم‬
‫كليمنت السابع‪ .‬كانت ىناك عدة مهام أخرى من جانب حكومة ميدتشى ‪ ،‬إال أن ميكيافيلى توىف ‪ ٠٠‬يونيو ‪٠٢٠١‬‬
‫سباما‪.‬‬
‫وقبل أن يرد إليو اعتباره ً‬

‫‪ .2‬األمري ‪ :‬حتليل السلطة‪.‬‬

‫كانت ىناك نظرة شائعة بني الفالسفة السياسني أن شبة عالقة بني اخلري األخالقى وشرعية السلطة‪ .‬اعتقد العديد من‬
‫ادلؤلفني ( خصوصا الذين كتبوا كتب"مرااي األمراء ‪ /‬األداب السلطانية " أو كتب النصائح ادللكية خالل العصور‬
‫سباما من‬
‫مشروعا فقط إذا كان احلاكم يتمتع بشخصية فاضلة ً‬ ‫ً‬ ‫الوسطى وعصر النهضة ) أن استخدام القوة السياسية‬
‫الناحية األخالقية‪ .‬وىكذا كان يتم نصح احلكام إذا ما أرادوا النجاح ‪ ،‬لو كانوا يرغبون يف عهد طويل وسلمى ومن مث‬
‫سبرير السلطة إىل ذريتهم ‪ ،‬فيجب عليهم االلتزام ابدلعايري التقليلدية للصالح األخالقى‪ .‬دبعٌت ما ‪ ،‬كان يعتقد ان احلاكم‬
‫اجليد ىو الذى يفعل اخلري‪ ،‬ويكتسبون احلق يف الطاعة واالحًتام بقدر ما يظهرون انفسهم كفضالء وأخالقيني ( ‪see‬‬
‫‪.)Briggs and Nederman forthcoming‬‬

‫ينتقد مكيافيللى ابلتفصيل يف كتابو الشهري " األمري " تلك النظرة األخالقية للسلطة‪ .‬ابلنسبة دلكيافيللى ليس شبة أساس‬
‫أخالقى ديكن ان نفرق بو بني ادلمارسات الشرعية والغري شرعية للقوة‪ .‬ولكن ‪ ،‬السلطة والقوة يستواين ابلضرورة ‪ ،‬كل‬
‫خريا‪ ..‬وىكذا‬
‫من ديتلك القوة لو احلق ان يقود ‪ ،‬ولكن اخلري ال يضمن القوة والشخص الفاضل ليس شليزا بفضل كونو ً‬
‫ويف تضاد مباشر مع النظرية االخالقية للسلطة يقول مكيافيللى " ان اذلم الواحد للحاكم السياسى ىو اكتساب القوة‬
‫واحلفاظ عليها ( على الرغم من أنو يتكلم عن " احلفاظ على الدولة " أكثر من حديثو عن القوة ) هبذا ادلعٌت ينتقد‬
‫مكيافيللى بشدة مفهوم السلطة رلادال أبن مفهوم احلقوق الشرعية للحاكم ال تضيف شيئًا إىل االمتالك الفعلى للقوة ‪.‬‬
‫سباما بناءً على خربتو ادلباشرة يف حكومة فلورنسا ـ ان اخلري واحلق ليسا كافيني‬ ‫ىذا الدرس الذى وعاه كاتب أدرك ً‬
‫لالحتفاظ ابدلنصب‪ .‬وابلتاىل يسعى مكيافيلى لتعلم وتعليم قواعد القوة السياسية‪ .‬ابلنسبة دليكيافيلى ربدد القوة ابمتياز‬
‫النشاط السياسى ‪ ،‬وعلى ذلك من الضرورى للحاكم الناجح أن يعرف كيف ديكن استخدامها‪ .‬فقط عن طريق‬
‫االستخدام ادلالئم للقوة ‪ ،‬سيتم ضبل األفراد على اخلضوع ‪ ،‬وسيكون احلاكم قادر على احلفاظ على الدولة يف أمن‬
‫وأمان‪.‬‬

‫جهودا حثيثة الستبعاد قضااي السلطة والشرعية من االعتبار عند مناقشة صناعة القرار‬‫ً‬ ‫سبثل نظرية مكيافيللى إذن‬
‫السياسى وإطالق األحكام السياسية‪ .‬وال يتجلى ذلك بصورة اكثر وضوحا من معاجلتو للعالقة بني القانون والقوة أكثر‬
‫معا األساس ادلزدوج للنظام السياسى جيد‬ ‫من أى مكان آخر‪.‬يقر مكيافيللى ان القوانني وواألسلحة اجليدة تشكالن ً‬
‫التنظيم‪ .‬ولكنو يضيف على الفور انو دبا ان اإلكراه خيلق الشرعية ‪ ،‬فإن تركيزه سينصب على القوة‪ .‬حيث يقول " طادلا‬
‫ان القوانني اجليدة ربتاج إىل اسلحة جيدة ‪ ،‬فإىن لن اضع القوانني يف االعتبار ولكن سأربدث عن األسلحة" ( ‪Prince‬‬
‫‪ .)CW 47‬بعبارة أخرى ‪ ،‬تستند شرعية القانون ابلكامل على التهديد ابستخدام القوة ‪،‬السلطة بدون قوة شلتنعة‬
‫ابلنسبة دلكيافيللي‪ .‬وابلتاىل يستنتج مكيافيللى أن اخلوف دائما أفضل من حيث التأثري يف األفراد ‪ ،‬كما أن العنف‬
‫واخلداع يتفوقان على الشرعية يف السيطرة عليهم‪ .‬يالحظ مكيافيللى انو ديكن للمرء أن يقول عن البشر بصفة عامة أهنم‬
‫‪ ،‬جاحدون ‪ ،‬غري سللصني ‪ ،‬وغري مأمونني ‪ ،‬ومضللني ‪ ،‬جبناء ساعة اخلطر ‪ ،‬ومتلهفني على الربح‪.‬احلب رابط من‬
‫االلتزامات تكسرىا تلك ادلخلوقات البائسة مىت وجدت ذلك مناسبًا دلصاحلها ‪ ،‬بينما يتملكهم اخلوف سر ًيعا عن طريق‬
‫الفزع من العقاب الذى ال مفر منو‪)Prince CW 62; translation revised( .‬‬
‫كنتيجة لذلك ‪ ،‬ال ديكن القول لدى أن مكيافيللى نظرية لاللتزام منفصلة عن فرض القوة ‪ ،‬خيضع الناس فقط ربت‬
‫وطأة اخلوف من عواقب العصيان ‪ ،‬سواء كانت تلك العواقب فقدان االمتيازات أو فقدان احلياة نفسها‪ .‬وابلطبع ‪ ،‬القوة‬
‫وحدىا ال ديكن أن تلزم أحد ‪ ،‬طادلا أن االلتزام يفًتض انو ال ديكن للمرء ان يفعل العكس‪.‬‬

‫يف نفس الوقت ‪ ،‬يهاجم ادلنظور ادلكيافيللى مباشرة مفهوم أتسيس السلطة بشكل مستقل عن رلرد امتالك القوة‪ .‬ابلنسبة‬
‫دلكيافيللى ‪ ،‬الناس رلربون على االنصياع اجملرد لسلطات الدولة العليا‪ .‬االكراه ىو ماجيعل الناس ربًتم السلطات العليا‬
‫للدولة‪ .‬الناس رلربون على االحًتام اجملرد للقوة القاىرة للدولة‪ .‬لو كنت اظن أىن ال جيب ان اخضع لقانون ما ‪ ،‬فما‬
‫سيحملٌت ح ًقا على اخلضوع لو ىو اخلوف من قوة الدولة أو ادلمارسة الفعلية ذلذه القوة‪ .‬فقط القوة ىى الىت ستحسم‬
‫أمر تنفيذ الرؤى ادلتعارضة حول ما جيب على أن افعلو ‪ ،‬ساختار العصيان فقط إذا كنت امتلك القوة دلقاومة مطالبات‬
‫سلطات الدولة أو لدى االستعداد اربمل عواقب سبيز الدولة ابلقوة القسرية‪ .‬صممت حجة مكيافيللي يف " األمري"‬
‫لتوضح أن السياسة ال ديكن تعري فها بشكل متماسك إال يف إطار القوة القسرية‪ ،‬السلطة كحق يف القيادة ليس ذلا وجود‬
‫مستقل‪ .‬يدعم ميكيافيللى ذلك ابإلشارة إىل احلقائق ادللحوظة للشئون السياسية واحلياة العامة ‪ ،‬كما يدعمها ابحلجج‬
‫الىت تكشف الطبيعة األاننية للسلوك البشرى‪ .‬ابلنسبة دليكيافيلى ال معٌت للحديث عن مطالبة ابلسلطة واحلق يف القيادة‬
‫دون إمتالك قوة سياسية متفوقة‪ .‬فاحلاكم الذى يعتاش على احلقوق وحدىا سيذبل وديوت حبقوقو ‪ ،‬فمن ادلرجح انو يف‬
‫خضم الصراع السياسي العنيف سينجح أولئك الذين يفضلون القوة على السلطة‪ .‬بدون استثناء ‪ ،‬لن يتم القبول‬
‫أمرا ال مفر منو‪ .‬تتنوع طرق ربقيق اخلضوع ‪،‬‬
‫بسلطات الدولة وقوانينها دون أن تكون مدعومة ابلقوة جلعل اخلضوع ذلا ً‬
‫وتعتمد بشكل كبري على البصرية الىت يبديها األمري‪ .‬وابلتاىل ‪ ،‬حيتاج احلاكم الناجح إىل تدريب خاص‪.‬‬

‫‪.3‬القوة والكفاءة ‪ virtù‬واحلظ ‪.fortune‬‬

‫سباما من أى أتثري اخالقى خارجى ‪ ،‬ومدركة سباما ألسس‬ ‫يقدم مكيافيللى إىل قرائو رؤية للحكم للسياسى زبلصت ً‬
‫السياسة يف ادلمارسة العملية القوة‪ .‬جيسد مفهوم "الكفاءة ‪ /‬الرباعة‪ /‬ادلهارة ‪ " virtù‬رؤية مكيافيللى لسياسة القوة‬
‫كأفضل ما يكون‪ .‬بينما تًتجم الكلمة اإليطالية عادة لإلصلليزية إىل " فضيلة ‪ ، "virtue‬وتشري عادة إىل اخلري األخالقى‬
‫سباما حني يتكلم عن "كفاءة األمري ‪the virtù of the‬‬ ‫‪ ،‬فمن الواضح أن مكيافيللى ‪.‬يستخدمها استخدام سلتلف ً‬
‫خصوصا للداللة على رلموعة من السمات الشخصية الضروروية لألمري لكى‬ ‫ً‬ ‫‪ prince‬يوظف مكيافيللى ىذا ادلفهوم‬
‫حيقق " احلفاظ على الدولة " و " فعل أشياء عظيمة " وىم معيارا القوة لديو‪ .‬وابلتاىل من الواضح انو ليس شبة عالقة بني‬
‫الفضائل التقليدية‪ conventional virtues‬والكفاءة ادلكيافيلية‪ .Machiavellian virtù‬ويتبدى معٌت أن‬
‫كفؤا لدى مكيافيللى يف استحسانو أن يكون لدى األمري قبل كل ش " تصرفًا مرًان"‪ .‬طب ًقا دلكيافيللى‬ ‫يكون األمري ً‬
‫فاحلكام ادلناسب للمنصب ‪ ،‬ىو ذلك القادر‪ /‬ة على تغيري سلوكو من اخلري للشر والعكس كلما املت الظروف واحلظ‬
‫‪.)fortune . ( (Prince CW 66; see Nederman and Bogiaris 2018‬‬
‫وليس من قبيل الصدفة ان يستخدم مكيافيلى ادلفهوم يف كتاب " فن احلرب " لوصف الرباعة االسًتاتيجية للقائد‬
‫العسكرى الذى يتكيف مع ظروف يف ميدان ادلعركة كلما تغري ادلوقف‪ .‬يرى ميكيافيلى ميدان السياسة كساحة ادلعركة‬
‫ولكن يف نطاق سلتلف‪ .‬وعلى ذلك فاالمري مثلو مثل القائد العسكرى حيتاج أن حيوز " الكفاءة ‪ " virtù‬الىت سبكنو من‬
‫ان يعرف اى اسًتاتيجيات وتكتيكات مالئمة للظروف ادلختلفة‪ .‬وابلتاىل ‪ ،‬ينتهى احلال دبفهوم " الكفاءة ‪" virtù‬‬
‫ليكون متصال بشدة دبفهوم القوة عند مكيافيللى‪ .‬احلاكم الكفؤ ىو الذى يتقن استخدام القوة ‪ ،‬يف الواقع فإن امتالك "‬
‫الكفاءة ‪ " virtù‬ىو يف احلقيقة اتقان كافة القواعد ادلرتبطة ابلتطبيق الفعال للقوة‪ .‬سبث" الكفاءة ‪" virtù‬ة ابلنسبة‬
‫لسياسات القوة ‪ ،‬ما سبثلو الفضيلة ابلنسبة للمفكرين الذين يفًتضون أن اخلري األخالقى ٍ‬
‫كاف لشرعية احلاكم ‪ ،‬إنو لُب‬
‫النجاح السياسي‪.‬‬

‫ما ىو الرابط ادلفاىيمي بني " " الكفاءة ‪ " " virtù‬وادلمارسة الفعالة للسلطة لدى مكيافيللى؟ تكمن اإلجابة يف‬
‫مفهوم مركزى آخر لدى مكيافيللى " احلظ‪ ( "Fortuna‬والذى يًتجم [ من اإليطالية إىل اإلصلليزية] عادة إىل "‬
‫ثروة‪ .)" fortune‬احلظ‪ :‬ىو عدو النظام السياسي ‪ ،‬التهديد ادلطلق ألمن وسالمة الدولة‪ .‬ال زال استخدام‬
‫حل مرض‪ .‬يكفى القول ان ‪ ،‬كما كان احلال مع مصطلح‬ ‫مكيافييللى ذلذا ادلفهوم زلل جدل واسع دون الوصول إىل ٍ‬
‫الكفاءة ‪ ،‬استخدم مكيافيللى مصطلح احلظ استخدام متمايز للغاية‪ .‬حيثما تتعامل التمثيالت التقليدية دلفهوم " احلظ "‬
‫كش زلمود ‪ ،‬سواء كانت متقلبة أو ذات طبيع ة آذلية ‪ ،‬تعد مصدرا للخري البشرى كما الشرور ‪ ،‬ولكن ادلفهوم عند‬
‫مكيافيللى دائما نذير شؤم ‪ ،‬ومصدر ال ىوادة فيو للبؤس البشرى واحلزن والكوارث‪ .‬يف حني أن احلظ البشرى قد يكون‬
‫مسؤوال عن النجاح الذى حيققو البشر ‪ ،‬فال ديكن ألى شخص التصرف بفعالية حني تعانده اآلذلة‪.‬‬

‫ادلناقشة األكثر شهرة دلفهوم احلظ عند ميكيافيللى موجود يف الفصل (‪ )٠٢‬من كتاب األمري ‪ ،‬حيث يفًتض تشاىبني‬
‫لفهم ادلوقف اإلنساىن إبزاء احلوادث‪ .‬يف البداية ‪ ،‬يؤكد أن احلظ‬

‫يشبو واحد من األهنار ادلدمرة ‪ ،‬والذى يف حالة الغضب حيول اذلضاب إىل حبريات ‪ ،‬ويسقط األشجار‬
‫واألبنية ‪ ،‬وأيخذ قي طريقو قطعة من ارض ينقلها إىل مكان آخر ‪ ،‬والكل يهرب قبل الفيضان ‪ ،‬والكل‬
‫يستسلم لغضبو ‪ ،‬وال رلال لصده‪.‬‬

‫ومع ذلك ‪ ،‬فإن صخب النهر اجلامح ال يعٌت ان غاراتو خارج التحكم البشرى‪ ،‬من ادلمكن أخذ االحتياطيات لتجنب‬
‫آاثر العناصر الطبيعية قبل سقوط ادلطر‪ .‬يالحظ ميكيافيلى أن الش نفسو ينطبق على احلظ‪.‬‬
‫إهنا تظهر قوهتا حينما ال تستعد الكفاءة ‪ " virtù‬واحلكمة دلقاومتها ‪ ،‬وتوجو عنفها إىل حيث تعلم انو ال توجد‬
‫سدود رلهزة دلنعها (‪ )Prince CW 90‬ديكن مقاومة قوى احلظ عن طريق البشر ‪ ،‬ولكن فقط يف حالة استعداد "‬
‫الكفاءة واحلكمة " لوصوذلا احملتوم‪ .‬يعزز مكيافيللى ارتباط " احلظ" ابلقوى العمياء للطبيعة موضحا أن النجاح السياسى‬
‫حذرا"‬
‫يعتمد على تقدير مبادئ عمل "قوة احلظ"‪ .‬علمتو ذبربتو اخلاصة أن " من األفضل ان تكون متهورا على أن تكون ً‬
‫ابعتبار أن " إذلة احلظ" أمرأة ومن الضرورى أن تبادرىا وهتاصبها ألبقائها ربت السيطرة‪.‬‬

‫بعبارة أخرى ‪ ،‬تتطلب " قوة احلظ" استجابة عنيفة من أولئك الذين يريدون السيطرة عليها‪ " .‬إهنا غالبا تستسلم للرجال‬
‫الذين يتصرفون بشجاعة أفضل من أولئك الذين يتصرفون بروية" ‪ ،‬ويستطرد مكيافيللى "إهنا مثل ادلرأة صديقة للشباب ‪،‬‬
‫حذرا وأكثر ضباسة ولديهم جرأة اكرب للسيطرة عليها"‪ .‬يتتطلب السلوك الوحشى " للحظ" رد فعل عدوانية‪،‬‬ ‫ألهنم أقل ً‬
‫طادلا كانت هتيمن على الرجال الذين يسلكون بشكل ذبنىب او انسحاىب أو سلنث‪ . ”effeminate‬ليسيطروا عليها‪.‬‬
‫تشري مالحظات مكيافيللى إىل عدة استنتاجات عن " قوة احلظ" ومكاهنا يف عادلو الفكرى‪ .‬يف كل عملو النظرى ‪،‬‬
‫يتصور " احلظ" مصدر أوىل للعنف ( خصوصا ادلوجو ضد االنسانية ) ‪ ،‬وكقوة ال عقالنية‪ .‬وابلتاىل ‪ ،‬يدرك مكيافيللى‬
‫أن رد الفعل العنيف على تقلبات " احلظ" ىو وحده الكفيل ابلنصر عليها‪ .‬وىو الش الذى تقدمو " الكفاءة ‪"virtu‬‬
‫‪ :‬القدرة على االستجابة للحظ يف أى وقت وأبى طريقة ضرورية‪.‬‬

‫‪ .4‬األخالق والدين والسياسة‬

‫اسعا بني قرائو منذ القرن السادس عشر ‪ ،‬حيث جرى وصفو أبنو‬ ‫أاثرت اللبنات األساسية ألفكار مكيافيلى جدال و ً‬
‫أيضا) دعوا‬
‫مبعوث الشيطان ‪ ،‬ولكن أيضا سبت قرائتو وتطبيق تعليماتو من زاوية متعاطفة من قبل ُكتّاب ( وسياسيني ً‬
‫دلذىب " منطق الدولة ‪ .)]reason of state” (Meinecke 1924 [1957‬مثلت اذباىات مكيافيللى‬
‫ذباه األخالق التقليدية وادلعايري الدينية للسلوك البشرية ادلصدر الرئيسى للخالف ‪ ،‬خصوصا فيما يتعلق بكتابو " األمري "‬
‫‪ .‬ابلنسبة لكثريين مثل تدريس الكتاب " تروجيًا ضد االخالق‪ " immoralism‬أو على االقل " بتنحية األخالق‬
‫جانبًا‪ [ . amoralism‬ادلصطلحني ‪ amoralism ،immoralism‬جرت العادة على ترصبتهم ب " ال أخالقى‬
‫" ولكن األوىل تعٌت تناول أمر ما دون وضع األخالق يف االعتبار ‪ ،‬بينما تعترب الثانية حجاج ضد ادلعايري األخالقية‬
‫نفسها ـ ادلًتجم] أحد اكثر القراءات قسوة والىت ترى ان مكيافيللى ىو " معلم الشر" شلثلة يف كلمات ليو شًتاوس‬
‫الشهرية ‪ ، 10–5 :1591‬على أساس أنو ينصح القادة بتجنب القيم العامة للعدالة والرضبة واالعتدال واحلكمة وحب‬
‫شعوهبم ‪ ،‬وبدال من ذلك استخدام القسوة والعنف واخلوف واخلداع‪ .‬ترى مدرسة فكرية اكثر اعتداال ‪ ،‬ارتبطت ابسم‬
‫بينيدتو كروتشو ‪ )1529‬أن مكيافيللى كان ببساطة "واقعى " أو برصباتى" يدعو إىل تعليق األخالق الشائعة يف ادلسائل‬
‫السياسية‪ .‬ليس ىناك مكان للقيم األخالقية يف بعض القرارات الىت يتوجب على القادة السياسيني ازباذىا ‪, ،‬والتفكري‬
‫خالف ذلك دبثابة " خطأ تصنيف " من الدرجة األوىل ‪ .‬ردبا النسخة ادلخففة من االطروحة الال اخالقية ىى تلك الىت‬
‫طرحها كويننت سكينر (‪ ، )1591‬الذى زعم أن ديكن اعتبار ارتكاب احلكام لألفعال الشريرة دبثابة " اخليار األخري‬
‫ادلتاح" “‪ .last best” option‬ابلًتكيز على ادعاء مكيافيللى يف " األمري " " أن رئيس الدولة " جيب على ان يكون‬
‫مستعدا الرتكاب الشر مىت توجب عليو ذلك (‪Prince CW 58‬‬ ‫ً‬ ‫خريا مىت استطاع ذلك ‪ ،‬ولكنو جيب ان يكون‬
‫جيادل سكينر أن مكيافيللى يفضل االتساق مع الفضيلة األخالقية مىت تساوت االمور األخرى ‪..ceteris paribus‬‬
‫كذلك يكمن الالاكًتاث ابدلخاوف األخالقية يف االدعاء الذى شاع يف النصف األول من القرن العشرين ‪ ،‬ان‬
‫مكيافيللى يتخذ موق ًفا علميًا ـ حيث يكون دبنزلة " جاليليو السياسة" ـ حني دييز بني " حقائق " احلياة السياسية و" قيم "‬
‫احلكم األخالقى (‪ )[Olschki 1945; Cassirer 1946; Prezzolini 1954 [1967‬وابلتاىل جيرى‬
‫عموما‪ .‬جوىر " العلم " ادلكيافيللى " ليس التمييز بني األشكال العادلة وغري العادلة‬ ‫وضعو يف سياق الثورة العلمية ً‬
‫للحكومة ولكن لشرح كيف ديكن للسياسيني نشر القوة دلصلحتهم اخلاصة‪ .‬وبذلك يرتقى مكيافيللي إىل مكانة "‬
‫موسس العلوم السياسية احلديثة ‪ ،‬إبزاء رؤية ارسطو الكالسيكية احململة ابدلعايري يف العلم السياسى ادلرتكز على الفضيلة‪.‬‬
‫مؤخرا ‪ ،‬تراجعت رؤية ميكيافيللى كعامل ـ إىل حد كبري ‪ ،‬على الرغم من أن ىناك وجاىة ألطروحة معدلة منها‪e.g., ( .‬‬
‫‪.)Dyer and Nederman 2016‬‬

‫مل جيد قراء آخرون عيبا يف النزعة الضد اخالقية يف افكار على اإلطالق‪ .‬قدديا كان جان جاك روسو يعتقد أن الدرس‬
‫احلقيقى لكتاب " األمري " ىو تعليم الناس كيف يتصرف األمراء وابلتاىل فضح النزعة الضد أخالقية الكامنة يف صلب‬
‫مؤخرا‪ .‬يعلن بعض الباحثني مثل جاريت‬
‫حكم الرجل الواحد بدال من االحتفاء بو‪ .‬مت نشر عدة صور من تلك األطروحة ً‬
‫ماتينجلى ‪ ,)Garrett Mattingly (1958‬ان مكيافيللى دبثابة الناقد األعظم ‪ ،‬الذى اشار إىل نقاط ضعف‬
‫األمراء ومستشاريهم‪ .‬ومت االستشهاد أبن ميكيافيللى كتب كوميداي الذعة على ادلسارح الشعبية فيما بعد كدليل على‬
‫حسو الساخر القوى‪ .‬وعلى ذلك ‪ ،‬ال ينبغى أن أنخذ ما يقولو مكيافيلى عن السلوك األخالقى على ظاىره ‪ ،‬ولكن‬
‫نفهم مالحظاتو على أهنا تعليق ساخر للغاية يف الشئون العامة ‪ .‬وبدال من ذلك ‪ ،‬تؤكد مارى ديتز (‪ )1511‬أن اجندة‬
‫مكيافيللى كانت مدفوعة برغبة يف اإليقاع ابألمري ‪ ،‬عن طريق عرض نصائح ملغومة صممت بعناية السقاطو لو اتبعها‬
‫احلاكم جبدية ( مثل تسليح ادلواطنني )‪.‬‬

‫يوجد طيف من األراء الشبيهة فيما يتعلق بتوجو مكيافيللى ذباه الدين عموما ‪ ،‬وخصوصا ادلسيحية‪ .‬مل يكن مكيافيللى‬
‫صدي ًقا دلؤسسات الكنيسة ادلسيحية كما يعرفها‪ .‬يوضح كتابو " ادلقاالت " أن ادلسيحية التقليدية تستنزف من البشر‬
‫احليوية ادلطلوبة دلمارسة احلياة ادلدنية‪ )CW 228–229, 330–331(.‬ويتحدث " األمري " بقدر متساو من‬
‫اإلزدراء واإلعجاب عن حالة الكنسية والبااب يف عصره‪ .)CW 29, 44–46, 65, 91–92( .‬استند العديد من‬
‫معاداي بشدة للمسيحية ‪ ،‬مفضال عليها األداين ادلدنية الوثينة‬
‫الباحثني إىل تلك األدلة للقول أن مكيافيللى نفسو كان ً‬
‫للمجتمعات القددية مثل روما والىت اعتربىا اكثر مناسبة دلدينة تتمتع " ابلكفاءة"‪ .‬يرى انتوىن ابريل ‪Anthony‬‬
‫‪ )Parel (1992‬أ‪ )Anthony Parel (1992‬أن الرؤية الكونية لدى مكيافيللى واحملكومة حبركة النجوم ‪،‬‬
‫وذبانس األمزجة ‪ ،‬ربمل يف جوىرىا صبغة وثنية وضد مسيحية ابلضرورة ‪ .‬ابلنسبة آلخرين ‪ ،‬أفضل ما يوصف بو‬
‫ِ‬
‫متفان‬ ‫تقليداي ‪ ،‬ولكنو غري متحمس ‪ ،‬مستعد دلمارسة التدين اخلارجى ‪ ،‬ولكنو ليس‬ ‫مكيافيللى ‪ ،‬انو رجل متدين تدينًا‬
‫ً‬
‫روحا دلبادئ اإلديان ادلسيحى‪ .‬حاولت بعض األصوات ادلعارضة ‪ ،‬أبرزىا (سيباستيان دى جراتسيا (‪)1515‬‬ ‫ال عقالً وال ً‬
‫وما رتسيو فريوىل (‪ )]2010[ 2001‬إنقاذ مسعة ميكيافيللى من اعتباره معاداي او غري مكًتث للمسيحية‪ .‬يوضح‬
‫ج راتسيا أن ىناك موضوعات من الكتاب ادلقدس تسرى يف كتاابت مكيافيللى ‪ ،‬حيث يوجد تصور مركزى لكون منظم‬
‫وقائم على فكرة األلوىة ‪ ،‬وأن كل القوى األخرى مثل ( اجلنة ‪ ،‬احلظ‪ ،‬وأشباىها ) تعمل يف إطار إرادة وخطة اإللو‪.‬‬
‫طابعا منهجيًا حني ابرزت أن مفاىيم مركزية‬
‫توسعت كارى نيدرمان (‪ )95–21 :2005‬يف رؤية جراتسيا ومنحتها ً‬
‫يف الالىوت ادلسيحى مثل النعمة وحرية اإلرادة تشكل عناصر مهمة يف البُنية ادلفاىيمية لدى مكيافيللى‪ .‬ابدلقابل يضع‬
‫فريوىل يف االعتبار اإلذباىات التارخيية ذباه الدين ادلسيحى كما ذبلت يف صبهورية فلورنسا على أايم مكيافيللى‪.‬‬

‫‪ .5‬الدولة واألمري‪ :‬اللغة وادلفاهيم‬

‫نُسب إىل مكيافيللى صياغة " ادلفهوم احلديث " للدولة ألول مرة ( آخرىا عند سكينر *‪ ، )1591‬كما يفهم على‬
‫نطاق واسع ابدلعٌت الفيربى كشكل غري شخصى من احلكم الذى حيتكر السلطة القسرية يف داخل حدود أقليم معني‪.‬‬
‫ابلتأكيد مصطلح دولة ‪ lo stato‬يتعلق بوضوح يف كتاابت مكيافيللى وخصوصا كتاب األمري ابكتساب وشلارسة‬
‫السلطة ابلقوة القسرية‪ ،‬شلا جيعل معناىا متميزا عن ادلفهوم الالتيٌت "دولة ‪ ( status‬والىت تعٌت حالة ‪ ،‬ظرف‬
‫‪ ) condition or station‬الىت اشتقت منو‪ .‬ابإلضافة إىل ذلك ‪ ،‬يستشهد ابحثون بتأثري ميكيافيللى على‬
‫ادلناقشات احلديثة ادلبكرةالىت أحاطت ب " منطق الدولة ‪ - "reason of state‬وىو ادلذىب القائل أبن مصلحة‬
‫الدولة نفسها فوق أى اعتبارات أخرى سواء كانت تلك األعتبارات أخالقية أو متعلقة دبصلحة ادلواطنني ‪ -‬للداللة على‬
‫أن معاصرى مكيافيللى تعاملوا معو كمنظر للدولة‪ .)]Meineke 1924 [1957(.‬جرى استدعاء اسم مكيافيللى‬
‫ومذىبو لتربير مذىب أولوية مصلحة الدولة يف عصر احلكم ادلطلق‪.‬‬

‫حىت وإن كانت قراءة متأنية ألستخدام مكيافيللى للمفهوم " الدولة ‪ " lo stato‬يف كتاب األمري ويف أى مكان آخر‬
‫ال تدعم ىذا التفسري كما أوضح ىارىف مانزفيلد ‪ .)Harvey(1996‬يبقى مفهوم " الدولة" عند مكيافيللى إراث‬
‫شخصيًا‪ ،‬امتالك أكثر سباشيا مع مفهوم القرون الوسطى عن " ادلِلكية ‪ " dominium‬كأساس للحكم‪ ( .‬ادلِلكية ‪:‬‬
‫‪ Dominium‬مصطلح التيٌت من ادلمكن ترصبتو بنفس القوة ك" ملكية خاصة ‪ ،‬أو " ُملك سياسي ) وىو ما يعٌت‬
‫أن الدولة حرفيًا شللوكة ألى أمري يسيطر عليها‪ .‬عالوة على ذلك ‪ ،‬فإن مسات احلكم زلددة ابلسمات والصفات‬
‫الشخصية للحاكم ‪ ،‬وابلتاىل ‪ ،‬يؤكد مكيافيللى على " الكفاءة ‪ virtù‬كأمر ال غٌت عنو لنجاح األمري‪ .‬تلك اجلوانب‬
‫من استعماالت مصطلح الدولة ‪ lo stato‬يف كتاب األمري زبفف من آاثر " احلداثة ‪ modernity‬يف أفكاره‪ .‬وكما‬
‫يستنتج مانسفيلد ‪ ،‬فإن مكيافيللى يف أفضل األحوال شخصية انتقالية يف العملية الىت تبلورت فيها اللغة يف احلديث عن‬
‫الدولة يف أوراب يف أوائل احلداثة‪.‬‬

‫عامل آخر جيب وضعو يف االعتبار عند تقييم التطبيق العام لنظرية مكيافيللى يف " األمري " تنبثق عن ادلوقف نفسو اىل‬
‫يعمل فيو االمري الذى يتمتع ابلكفاءة ‪ virtù‬وىو احلاكم الذى مل يصل إىل السلطة عن طريق الوراثة األسرية وال عن‬
‫طريق الدعم الشعىب ‪ ،‬ولكن ابالستناد فقط دلبادرتو ومهارتو وموىبتو و‪ /‬أو قوتو ( كل الكلمات االصلليزية الىت ردبا‬
‫تعادل كلمة ‪ ، virtù‬حسب سياق النص)‪ .‬وابلتاىل اليتسٌت لألمري أن يعتمد على بنية من الشرعية موجودة مسبقا ‪،‬‬
‫كما سبق وأشران‪ .‬فألجل احلفاظ على الدولة ال ديكنو إال االستناد فقط على معني من مساتو الشخصية لتوجيو لستخدام‬
‫القوة وادلطالبة ابحلكم‪ .‬وذلك موقف زلفوف ابدلخاطر ‪،‬طادلا كان مكيافيللى يصر على ان احلظ ومؤامرات الرجال ذبعل‬
‫األمري ُعرضو ابستمرار لفقدان دولتو‪ .‬فكرة النظام الدستورى ادلستقر والذى يعكس جوىر الفكر السياسى احلديث (‬
‫وكذلك ادلمارسة) ليس لو مكان يف مفهوم مكيافيللى عن احلكومة األمريية‪.‬‬

‫يف الواقع ‪ ،‬جيدر ابدلرء أن يتسائل ‪ ،‬إن كان مكيافيللى ‪ ،‬على كل واقعيتو ادلزعومة ‪ ،‬اعتقد فعال يف امكانية وجود األمري‬
‫الذي يتمتع ابل" الكفاءة " الكاملة‪ virtù.‬أحياان يبدو أنو يتصورأن لألمري الناجح نفسية ( سيكولوجيا) سلتلفة‬
‫سباما عن ادلعروفة عن البشرية حىت اآلن‪.‬‬
‫ً‬

‫حيث أن ىذا األمري مستعد لتغيري سلوكو حسب رايح احلظ وحسب ما تضطره الظروف ‪ ،‬ال‬
‫ينحرف عن السلوك القومي مىت كان شلكنا ولكنو قادر على ارتكاب األخطاء مىت كان ذلك‬
‫ضرورًاي‪)MP 62(.‬‬

‫سبثل ىذه ادلرونة جوىر النصيحة " العملية " الىت يعرضها مكيافيللى للحاكم الذى يسعى للحفاظ عن الدولة ‪ :‬ال‬
‫تستبعد وسيلة للتصرف من احلسبان ‪ ،‬لكن كن جاىزا ألى فعل تتطلبو الظروف السياسية‪ ، .‬ومع ذلك ‪ ،‬فيبدو أن‬
‫ميكيافيلى نفسو كان لديو شكوك عميقة حول ما إذا كان البشر يتمتعون ابلقدرة النفسية الالزمة لتلك التصرفات‬
‫ادلرنة بداخلهم‪ .‬على العكس من العدد الكبري لألمثلة التارخيية ‪،‬الىت أتى على ذكرىا مكيافيللي يف " األمري " مل يشري‬
‫إىل حاكم واحد حاز الصفات العديدة للكفاءة ‪ ، virtù‬الىت يعتربىا ضروروية للسيطرة الكاملة على " احلظ‪fortune‬‬
‫‪ .‬بدال من ذلك ‪ ،‬دراسات احلالة الىت اجراىا للحكام الناجحني كانت تشري بشكل متكرر إىل احلالة الىت تناسبت فيها‬
‫مساهتم مع أزمنتهم ‪ ،‬ولكن قوام تصرفاهتم كان سيقود لسقوطهم يف حالة تغريت الظروف ( كما يف حالة البااب يويليوس‬
‫الثاىن)‪ .)Prince CW 92(.‬حىت االمرباطور الروماىن سيفريوس ‪ ،‬والذى امتدح مكيافيللى تكتيكاتو ألجل توظيفو‬
‫" سبل العمل الضرورية للصعود للسلطة ) ال ديكن تقليده بشكل مطلق‪ .‬تقييم مكيافيللى ألمكانية أتسيس نوع مرن‬
‫جدا ‪ ،‬وسبيل إىل الصياغة بشكل مشروط ‪ ،‬وعلى أسس شخصية " لو كان من ادلمكن تغيري‬ ‫جديد من الشخصية حذر ً‬
‫انجحا دائما" " األمري ‪ :‬ترصبة منقحة )( ‪Prince CW 91,‬‬ ‫طبيعة ادلرء ‪ ،‬ليناسب األزمنة والظروف ‪ ،‬فسيكون ً‬
‫‪ .)translation revised‬تدفعنا تلك ادلالحظات للتساؤل إن كانت نصيحة مكيافيللى لألمراء ان يغريوا تصرفاهتم‬
‫حسب مقتضى الظروف كانت نصيحة " عملية " ( حىت يف رأيو ) كما كان يؤكد؟‬

‫‪ .6‬ادلقاالت حول ليفي‪ :‬احلرية والصراع‬

‫بينما يعترب كتاب " األمري " بدون شك اكثر أعمال مكيافيللى قراءة على نطاق واسع ‪ ،‬فإن " ادلقاالت حول الكتب‬
‫وخصوصا ميولو‬
‫ً‬ ‫العشرة األوىل لتيتوس ليفى "ردبا تعرب بصدق أكرب عن معتقدات والتزامات مكيافيللى السياسية‬
‫اجلمهورية‪ .‬تعتمد ادلقاالت ابلتأكيد على ذات ادلخزون اللُغوى وادلفاىيمي الىت يستند إليو األمري ‪ ،‬لكن األول يقودان إىل‬
‫استنتاجات سلتلفة بشكل كبري ‪ ،‬ويعتربىا بعض العلماء مناقضة لألخري‪ ..‬خصوصا وعرب العملني دييز مكيافيلى بوضوح‬
‫وابستمرار بني شكلني للنظام " السياسى " أو " ادلدىن " صورة تعرب عن احلد األدىن وصورة مفاىيمية كاملة لو ‪.‬‬
‫وابلتاىل يؤسس تراتبية دلستوايت من الغاايت داخل سرديتو العامة للحياة اجملتمعية‪ .‬يف نظام احلد االدىن ‪ ،‬يعيش األفراد‬
‫أبمان ( يعيش أبمان ‪ ، )vivere sicuro:‬ربت حكم حكومة قوية تتحكم يف تطلعات كل من النبالء والشعب ‪،‬‬
‫ولكن يف توازن مع آليات قانونية ومؤسسية أخرى‪ .‬بينما يف نظام دستورى كامل ‪ ،‬فإن ىدف النظام السياسى ىو حرية‬
‫اجملتمع (‪ :vivere libero‬العيش أحرار) ‪ ،‬ويتم إنشاءه ابدلسامهة الفعالة لكل من النبالء والشعب ( واخلالف‬
‫بينهم)‪ .‬يرى كويننت سكينر ‪ ، 212–115 ,2002‬أن احلرية تشكل قيمة ترسخ نظرية مكيافيللى السياسية ‪ ،‬وتشكل‬
‫معيارا يقيم من خاللو أشكاال سلتلفة من األنظمة‪ .‬فقط من خالل اجلمهورية ‪ ،‬والىت يفضلها مكيافيللى بشكل واضح ‪،‬‬ ‫ً‬
‫ديكن ربقيق ىذا اذلدف‪.‬‬

‫يستند مكيافيللى يف ىذا ادلوقف ألسس عملية ومبدأية‪ .‬خالل عملو كمستشار ودبلوماسى يف صبهورية فلورنسا ‪،‬‬
‫اكتسب مكيافيللى خربة واسعة بطريقة العمل الداخلية للحكومة الفرنسية ‪ ،‬والىت أصبحت منوذجو للنظام " اآلمن " (‬
‫اىتماما‬
‫ً‬ ‫ولكن ليس احلر)‪ .‬وأن كان مكيافيللى قد أدىل دبالحظات قليلة على احلكومة الفرنسية يف " االمري " إال أنو أوىل‬
‫كبريا بفرنسا يف " ادلقاالت"‪.‬‬
‫ً‬

‫دلاذا مدح مكيافيللى بشدة ( انىيك عن التحليل) ملكية وراثية يف عمل من ادلفروض ان يعزز تفوق اجلمهورايت؟ تكمن‬
‫اإلجابة يف ىدف مكيافيللى يف ادلقابلة بني أفضل سيناريو للنظام ادللكى مع مؤسسات وتنظيم اجلمهورية‪.‬فبالنسبة‬
‫دلكيافيللى حىت أفضل ادللكيات تفتقر إىل بعض الصفات الواضحة يف النظم اجلمهورية جيدة التنظيم ا والىت ذبعل من‬
‫النظام األخري اكثر جاذبية من األول‪.‬‬
‫يؤكد مكيافيللى أن الفضيلة العظمى للملكية الفرنسية وملكها ىى االخالص للقانون‪ .‬يوضح مكيافيللى أن " ملك‬
‫فرنسا خيضع للقوانني اكثر من أى ملكية أخرى نعرفها يف عصران" ( ادلقاالت ‪ :‬ترصبة منقحة ) ( ‪Discourses CW‬‬
‫‪ .)314, translation revised‬يشري مكيافيلى إىل وظيفة الربدلان لتفسري ذلك الوضع‪ .‬حيث يقرر أن‬

‫" يعيش ملك فرنسا ربت القوانني والنظم أكثر من أى ملكية أخرى"‪.‬تتعهد الربدلاانت تلك القوانني‬
‫والنظم ‪ ،‬ال سيما يف ابريس ‪ ،‬حيث جيرى ذبديد القوانني والنظم يف كل مرة تتخذ إجراءًا ضد أمري ادلملكة أو‬
‫تصدر حكما تدين فيو ادللك‪ .‬وحىت اآلن حافظت على نفسها ك َقيّم دؤوب ضد النبالء‪Discourses ( .‬‬
‫‪ )CW 422, translation revised‬ادلقاالت ‪ :‬ترصبة منقحة‪.‬‬

‫إعجااب عميقا للتنظيمات ادلؤسساتية احملققة يف فرنسا‪.‬‬


‫ً‬ ‫تشري تلك ادلقاطع من " ادلقاالت " إىل أن مكيافيللى كان يكن‬
‫خصوصا وان سلطات ملك فرنسا والنبالء والىت من شأهنا أن تقمع السكان ‪ ،‬تظل خاضعة لرقابة قوانني ادلملكة اليت‬ ‫ً‬
‫ترعاىا سلطة الربدلان ادلستقلة‪ .‬وابلتاىل ‪ ،‬يتم القضاء على فرص االستبداد مطلق العنان بشكل كبري ‪ ،‬شلا جيعل ادللكية‬
‫معتدلة و " متحضرة"‪.‬‬

‫ولكن حىت ىذا النظام ‪ ،‬بغض النظر عن حسن النتظيم واخلضوع للقانون ‪ ،‬يبقى غري متوافق مع " العيش حبرية ‪vivere‬‬
‫‪ .libero‬حني يناقش ميكيافيللى قدرة ادللك على تلبية رغبة الناس يف احلرية ‪ ،‬يعلق مكيافيللى قائال‬
‫" انو فيما يتعلق ابلرغبة الشعبية يف استعادة احلرية ‪ ،‬فإن األمري الذى ال ديلك إرضائهم ‪ ،‬البد لو ان‬
‫ديحص األسباب الىت ذبعلهم يرغبون يف العيش كأحرار‪.)Discourses CW 237(.‬‬

‫ويستنتج األمري أن قلة من األفراد ىى الىت ترغب يف احلرية ألهنا ببساطة تطمح لقيادة اآلخرين ‪ ،‬وىؤالء قلة من حيث‬
‫العدد حبيث ديكن بسهولة القضاء عليهم أو شرائهم دبنحهم اإلمتيازات‪ .‬وعلى العكس ‪ ،‬فإن الغالبية العظمى من الناس‬
‫زبلط ما بني احلرية واألمن ويتصورون أهنما متطابقني ‪ " ،‬ولكن كل اآلخرين ‪ ،‬األغلبية ‪ ،‬يرغبون يف احلرية للعيش أبمان‬
‫(‪ . vivere sicuro)” (Discourses CW 237‬وطادلا كان ادللك ال يستطيع ان دينح احلرية للجماىري‬
‫فبإمكانو أن يوفر ذلم األمن الذى يتوقون لو‪.‬‬

‫طادلا أن األغلبية ‪ ،‬الذين يرضيهم فقط العيش أبمان (‪ ، )vivere sicuro‬من السهل إرضائهم ‪ ،‬عن طريق وضع‬
‫النظم والقوانني الىت تكفل إىل جانب سلطة ادللك ‪ ،‬توفري األمن للجميع‪ .‬مىت حقق ادللك ذلك ‪ ،‬يرى الناس اهنم ال‬
‫يستطيعون كسر القوانني ‪ ،‬ويقنعون ابلعيش أبمان وبقناعة‪.)vivere sicuro)(Discourses CW 237(.‬‬

‫مث يطبق مكيافيللى تلك ادلبادئ النظرية على حالة فرنسا ‪ ،‬ويالحظ أن‬
‫أن الناس يعيشون أبمان (‪ ، )vivere sicuro‬ألن ادللك مقيد بقوانني مطلقة والىت تكفل األمان للجميع وليس ألى‬
‫سبب آخر‪)Discourses CW 237(( .‬‬

‫مرغواب إال أنو ال جيب اخللط بينو وبني‬


‫ً‬ ‫يضمن النظام الفرنسى القائم على سيادة القانون األمن ‪ ،‬ولكن األمن وإن ظل‬
‫احلرية‪ .‬ىذا ىو أقصى أفق للنظام ادللكى ‪ :‬ال تستطيع احلكومة ادللكية اجليدة أن تقدم لشعبها أفضل من حكومة ىادئة‬
‫ومنظمة‪.‬‬

‫يرى مكيافيللى ان نتيجة حتمية ذلكذا عيش أبمان ىو نزع سالح الشعب‪ .‬يعلق مكيافيللى قائال انو بغض النظر عن‬
‫عظمة شللكتو فإن ملك فرنسا يعيش رىن للمرتزقة األجانب‪.‬‬

‫"يتأتى كل ذلك من نزع سالح شعبو ‪ ،‬وتفضيلو ادلصلحة اآلنية ادلتمثلة يف قدرتو على هنب الناس وذبنب األخطار‬
‫ادلتخيلة بدال من تلك احلقيقية‪ ،‬بدال من القيام أبشياء تطمئن الشعب وذبعل أحواذلم سعيدة بشكل دائم‪ .‬ىذا اخللل‬
‫وإن انتج بعض األوقات اذلادئة ‪ ،‬إال أنو سيكون سببًا يف عواقب وخيمة وأضرار وخراب ال ديكن‬
‫إصالحو‪.)Discourses CW 410(".‬‬

‫الدولة الىت ذبعل من األمن أولوية ال ديكن ذلا أن تسمح بتسليح الشعب خوفًا من استخدامو يف مواجهة النبالء ‪ (،‬او‬
‫حىت ضد التاج‪ ).‬ولكن يف نفس الوقت ‪ ،‬نظام كهذا يضعف بشكل ال ديكن إصالحو ‪ ،‬ألنو يعتمد على األجانب‬
‫للقتال جبانبو‪ .‬وهبذا ادلعٌت ‪ ،‬فإن احلكومة الىت تستهدف " العيش اآلمن‪ " vivere sicuro‬تنتج شعبًا سلبيا وعاجزا‬
‫كنتيجة حتمية‪ .‬ال ديكن جملتمع كهذا حبكم التعريف ان يكون حرا وفقا للمعٌت ادلكيافيللى عن العيش حبرية ‪vivere‬‬
‫‪ libero‬وابلتاىل ال يكون رلتمعا سياسيا او مدنيا ابلكامل ولكنو ابلكاد يكون كذلك‪.‬‬

‫يعود مكيافيللى للتوكيد على زلدودية احلكومة ادللكية يف مناقشات إضافية دلسألة " نزع سالح الشعب وأتثريه " يف‬
‫كتاب فن احلرب‪ .‬إلجابة السؤال إن كان جيش من ادلواطنني أفضل من اجليش ادللكى ‪ ،‬يصر مكيافيللى أن حرية‬
‫الدولة رىن ابالستعداد العسكرى لرعاايىا‪ .‬مقرا أبن " ملك [فرنسا] نزع سالح شعبو ليقودىم بسهولة أكرب" ‪ ،‬ال زال‬
‫مكيافيلى يصر على أن " ىذه السياسة زبلق خلال يف ىذه ادلملكة ‪ ،‬ألن الفشل يف ىذه ادلسألة ىو السبب الذى‬
‫جيعل منها ضعيفة"(‪ .)Art CW 584, 586–587‬يرى مكيافلللى ان ااي كانت ادلنافع الىت ذبنيها الدولة من‬
‫إنكار الدور العسكرى لشعبها فهى أقل أمهية من غياب احلرية ‪ ،‬والذى يصاحب نزع السالح ابلضرورة‪ .‬وليست ادلشكلة‬
‫فقط ان حاكم امة غري مسلحة ىو رىينة للمقاتلني األجانب‪ .‬يرى مكيافيللى أن األكثر أمهية أن ميليشيا مسلحة من‬
‫ادلواطنني تظل الضم انة األخرية أن ال احلاكم وال أى مغتصب سيطغى على الشعب ‪" ،‬لذلك ظلت روما حرة‬
‫ألربعة قرون وكانت مسلحة ‪ ،‬وكذلك سبارطة دلدة شبانية قرون ‪ ،‬مدن أخرى ظلت غري مسلحة وحرة دلدة تقل عن أربعة‬
‫قرون"(‪ .)Art CW 585‬يثق مكيافيللى أن ادلواطنني سيقاتلون دائما ألجل حريتهم ضد القهر الداخلى واخلارجى‬
‫على حد سواء‪ .‬يف الواقع ‪ ،‬ذلك ابلضبط السبب الذى جعل ادللوك الفرنسيني يًتكون الشعب غري مسلح سعيًا منهم‬
‫لضمان األمن العام والنظام ‪ ،‬والذى يعٌت ابلنسبة ذلم القضاء على أيو فرصة لرعايهم حلمل السالح‪ .‬ال ديكن للنظام‬
‫الفرنسى ان يسمح دبا يعت ربه مكيافيللى الوسائل األساسية لتحقيق احلرية ‪ ،‬ألن يضع األمن فوق أى اعتبار آخر (‬
‫أيضا‪).‬‬
‫للشعب وللحاكم ً‬

‫مسألة نزع السالح ىى ِ‬


‫ذبل الختالف أكرب بني نظم احلد االدىن الدستورية مثل فرنسا ‪ ،‬واجملتمعات السياسية ابلكامل‬
‫مثل اجلمهورية الرومانية ‪ ،‬وىو حالة الطبقات يف اجملتمع‪ .‬طب ًقا دلالحظات مكيافيللى نفسو ‪ ،‬الشعب يف فرنسا خاضع‬
‫سباما مثل روما ‪ ،‬فإن احلرية أمر‬
‫ابلكامل والنبالء مستقلون إىل حد كبري حىت عن ادللك‪ .‬على العكس يف صبهورية متطورة ً‬
‫ابلغ األمهية ‪ ،‬لكل من الشعب والنبالء دور فعال ( واحياان متصادم ) يف حكم أنفسهم‪McCormick 2011; (.‬‬
‫‪ .)Holman 2018‬يف نظر مكيافيللى ‪ ،‬حرية الكل تعتمد على حرية أجزائو‪ .‬يالحظ يف مناقشة شهرية ذلذا األمر‬
‫يف كتاب ادلقاالت "‬

‫" ابلنسبة ىل ىؤالء الذين يدينون الشقاق بني النبالء والعامة ‪ ،‬يدينون الش نفسو الذى كفل احتفاظ روما ابحلرية‪"...‬‬
‫ال يدرك ىؤال ء أن يف كل صبهورية صنفان من الناس ‪ ،‬الشعب ‪ ،‬والرجال العظماء ‪ ،‬وكل التشريعات الىت تدعم احلرية‬
‫نتاجا لشقاقهم " (‪.)Discourses CW 202–203‬‬
‫ً‬

‫يدرك مكيافيللى انو يتبٌت رأاي سلتل ًفا ‪ ،‬حيث عادة ما القى اللوم على الفصائل ادلتحاربة يف اهنيار روما ‪ ،‬والىت مزقتها يف‬
‫هناية ادلطاف‪ .‬ولكن يتمسك مكيافيللى أبن الصراع نفسو ىو الذى انتج " توتر خالقًا" كان معينًا حلرية روما‪ .‬تلك "‬
‫النزاعات الىت يدينها الكثريون بشكل غري مباشر " انتجت مباشرة القوانني العادلة لروما ‪ ،‬والسلوك الفاضل‬
‫دلواطنيها‪ .)Discourses CW 202(.‬وابلتاىل‪ ،‬جيب النظر إىل الصراعات بني الشعب والشيوخ على أهنا متاعب‬
‫من الضرورى ربملها ألجل عظمة روما‪ )Discourses CW 211(( .‬يرى مكيافيلللى أن النماذج اجلمهورية‬
‫نظما راكدة أو‬
‫صلاحا‪ ،‬انتجت ً‬ ‫األخرى ( مثل تلك اىل أقامتها اسبارطة ‪ ،‬او البندقية ) انتجت نظم سياسية اضعف وأقل ً‬
‫عرضة للتحلل عند تغري الظروف‪.‬‬

‫‪ .7‬احلرية الشعبية والتعبري الشعىب‪.‬‬


‫أظهر مكيافيللى ثقة خاصة يف قدرة الناس على ادلسامهة يف توطيد احلرية اجملتمعية‪ .‬يف ادلقاالت ‪ ،‬يعطى للجماىري‬
‫كفاءة كبرية للحكم والتصرف ألجل الصاحل العام يف أوضاع عدة ‪ ،‬ويقارن صراحة بني " احلكمة واالستقرار " عند‬
‫ادلواطنني العاديني ‪ ،‬وبني التقدير غري السليم عند األمري‪ .‬يصرح مكيافيلّى ببساطة أن " الشعب أكثر حكمة واستقر ًارا‬
‫تعبريا تعسفيا عن تفضيل شخصى من‬ ‫وقدرة على احلكم من األمري" ‪ .)Discourses CW 316(.‬ومل يكن ذلك ً‬
‫اىتماما ‪ ،‬وأكثر إرادة للدفاع عن احلرية من األمري أو‬ ‫ً‬ ‫جانب مكيافيللى‪ .‬حيث يتمسك أبن الشعب أكثر‬
‫النبالء‪ .)Discourses CW 204–205(.‬بينما خيلط االمراء والنبالء بني حريتهم وقدرهتم على السيطرة‬
‫اىتماما حبماية انفسهم من الظلم ‪ ،‬ويعتربون أنفسهم أحر ًارا عندما ال يتعرضون‬‫ً‬ ‫والتحكم يف اتباعهم ‪ ،‬فإن اجلماىري أكثر‬
‫لالستغالل من قِبل من ىم أقوى منهم ‪ ،‬أو يكونون ربت هتديد ىذا االستغالل‪.)Discourses CW 203(.‬‬
‫ابدلقابل ‪ ،‬عندما خيشى ادلواطنني العاديني من ظهور الظلم ‪ ،‬فإهنم أكثر ميال لالعًتاض والدفاع عن احلرية العامة‪ .‬وىذا‬
‫الدور الفعال للشعب ‪ ،‬الضرورى للحفاظ على احلرية العامة احليوية ‪ ،‬مناقض بشكل أساسى للًتاتبية اذلرمية القائمة على‬
‫االخضاع واحلكم الىت تقوم عليها رلتمعات " العيش أبمان‪ " vivere sicuro‬ادللكية‪ .‬حيث أن الشروط األولية‬
‫للعيش احلر ‪ vivere libero‬ال تعطى األولوية لألمن وىو اذلدف األساسى للنظم ادللكية الدستورية‪.‬‬
‫أ حد األسباب الرئيسية العتبار أن األمن واحلرية متعارضني ابلنسبة دلكيافييلى وإعطاء األفضلية لألخرية ‪ ،‬قد يكون‬
‫السمة " اخلطابية " يف نزعتو اجلمهورية‪ .‬يعترب مكيافيللى بوضوح أن اخلطابة ىى الوسيلة ادلالئمة حلل النزاع يف اجملال‬
‫اجلمهورى العام ‪ ،‬و على طول كتاب ادلقاالت ‪ ،‬فإن اجلدل اعترب الوسيلة األفضل للشعب لتحديد مسار العمل االفضل‬
‫والقادة األكثر أىلية‪ .‬يف تقليد اخلطابة الكالسيكية ‪ ،‬والىت من الواضح اهنا كانت مألوفة دلكيافيللى ‪ ،‬تربط التحدث‬
‫العام ابجلدل ‪ :‬حيث تعترب التطبيق ادلالئم للخطابة يف رلاالت القضاء اجلنائى ‪ ،‬واألنواع التداولية للخطابة والىت تعترب‬
‫بيئة خصومة ‪ ،‬حبيث يسعى كل متكلم إىل اقناع صبهوره بصحة موقفو وخطأ موقف خصومو‪ .‬تناول اخلطباء اإليطاليني‬
‫ادلتأخرين يف العصور الوسطى ومنظرى البالغة ىذا ادلوضوع وأكدوا ان جوىر ىذا الفن ىو " اخلصومة " ‪( lite‬‬
‫أيضا اصرار مكيافيللى على الصراع كشرط أوىل للحرية ميولو اخلطابية‪ .‬وعلى العكس تستبعد‬ ‫الصراع)‪ .‬وىكذا يعكس ً‬
‫أماان ـ مثل فرنسا ‪ ،‬اخلطاب العام وتقيده ‪ ،‬شلا جيعلها يف وضع غري‬ ‫النظم ادللكية ‪ ،‬حىت اكثر النظم ادللكية الدستورية ً‬
‫جيد‪ .‬من األسهل دبكان أقناع حاكم فرد بعمل كارثى ا و غري مفهوم من اقناع شعب مكون من سلتلف ادلشارب‪ .‬يفضى‬
‫ضجيج النقاش العام غري اليقيٌت يف هناية ادلطاف إىل قر ًارا خيدم الصاحل العام أفضل من نقاش مغلق يف الديوان ادللكى‪.‬‬
‫ويرتبط ىذا إبدعائو يف كتاب ادلقاالت ابن العناصر الشعبية يف اجملتمع ىى أفضل حارس للحرية ادلدنية كما أهنا أفضل‬
‫وسيلة لصناعة قرار خيدم الصاحل العام‪ .‬ديتدح مكيافيللى دور الشعب يف ضباية اجلمهورية ‪ ،‬لثقتو يف التأثريات التنويرية‬
‫للتعبري العام يف عموم ادلواطنني‪ .‬يف بداية ادلقاالت األوىل يالحظ مكيافيلى أن البعض يعًتض على احلرايت الواسعة الىت‬
‫سبتع هبا الشعب الروماىن للتجمع واالحتجاج واالعًتاض ‪veto‬على القوانني والسياسات‪ .‬ولكنو يرد أبن الرومان كانوا‬
‫قادرين على‬
‫حفظ احلرية والنظام بفضل قدرهتم على سبييز الصاحل العام عندما يعرض عليهم‪.‬‬
‫عندما يشعر ادلواطنون الرومان العاديني خطئا أبن قانون ما أو مؤسسة قد جرى تصميمو لظلمهم ‪ ،‬ديكن اقناعهم أهنم‬
‫سلطئني عن طريق اجلمعيات‪ ، assemblies‬والىت من خالذلا ديكن لرجال ذوى أتثري اقناعهم أهنم خيدعون أنفسهم‪.‬‬
‫وكما يقول توىل ‪ ،‬فإن الناس ‪ ،‬على الرغم من أهنم قد يكونوا جاىلني ‪،‬فأنو ديكنهم استيعاب احلقيقة ‪ ،‬وديكنهم‬
‫االستسالم للحق بسهولة حينما خيربىم من ىو أىل الثقة ابحلقيقة‪.‬‬

‫تؤكد اإلشارة إىل شيشرون ( أحد القالئل يف كتاب " ادلقاالت" ) أن مكيافيللى كان يضع يف اعتباره مسة رئيسية‬
‫للجمهورانية الكالسيكية ‪ :‬كفاءة الناس يف الرد على كلمات اخلطيب ادلوىوب ودعمو عندما يتحدث حبق عن الرفاه‬
‫العام‪.‬‬

‫يعود مكيافيللى إىل ىذا األمر ويتناولو بتوسع عند هناية " ادلقال األول" من كتاب " ادلقاالت" ‪ .‬جيادل مكيافيللى يف‬
‫جيدا ‪ ،‬وابلتاىل " حكماءو‬
‫الفصل ادلخصص إلثبات أفضلية احلكومة العامة على احلكومة األمريية ‪ ،‬أبن الناس منظمون ً‬
‫مستشهدا ابلعبارة "‬
‫ً‬ ‫مستقرون ‪ ،‬وشلتنون " ‪ ،‬طادلا وجدت مساحة للتعبري العام والتداول حول اجملتمع‪ .‬يصر مكيافيللى‬
‫صوت الشعب ىو صوت اإللو" على أن ‪:‬‬

‫"أن الرأى العام دقيق بشكل ملحوظ يف تنبؤاتو‪ .‬يقول مكيافيللى فيما يتعلق بقدرة اجلماىري على احلكم ‪ ،‬أنو حني‬
‫تسمع اجلماىري خطيبان على نفس ال قدر من ادلهارة ‪ ،‬يدافعان عن رؤى سلتلفة ‪ ،‬من النادر أن يعجزوا عن الوصول إىل‬
‫الرؤية األفضل أو تقدير وجو احلق فيما يسمعونو‪Discourses CW 316(".‬‬

‫أيضا‬
‫وليست اجلماىري فقط أبقدر على سبييز افضل مسارات العمل حني يعرض اخلطباء عليهم مسارات سلتلفة ‪ ،‬ولكنهم ً‬
‫مؤىلون بشكل أفضل من األمري الزباذ القرارات وف ًقا لرؤية مكيافيللى‪ .‬على سبيل ادلثال‪،‬‬
‫" من الصعب إقناع اجلماىري أنو من األفضل تعيني أشخاص فاسدون ذوى عادات فاسدة أو شائنة ‪ ،‬ولكن ديكن لألمري‬
‫وألسباب سلتلفة أن يفعل ذلك‪)Discourses CW 316(( ".‬‬

‫وابدلثل ‪ ،‬ديكن اذا ابتعد الناس عن ادلسار القانوىن ‪،‬ديكن اقناعهم بسهولة ابستعادة النظام‪:‬‬
‫ديكن إقناع اجلماىري ادلضطربة وغري ادلنضبطة ابلعودة إىل جادة الصواب إذا تكلم معهم رجل صاحل‪ .‬ولكن ال ديكن‬
‫التحدث إىل أمري شرير ‪ ،‬احلل الوحيد ىو السالح‪ .‬تكفى الكلمات لعالج اخللل عند الناس‪Discourses (( .‬‬
‫‪)CW 317‬‬
‫عموما ‪ ،‬فإن اجلمهورايت احملكومة ابلكلمات واإلقناع ‪ ،‬من ادلرجح‬
‫صارخا بني اجلمهورية وادللكية ‪ً .‬‬
‫رسم مكيافيللى تباينًا ً‬
‫ان ربقق اخلري العام دلواطنيها ‪ ،‬وحىت لو حدث خطأ ما ‪ ،‬فإن الباب مفتوح دائما للجوء إىل اخلطابة‪ .‬ولكن النظم غري‬
‫اجلمهورية تعتمد يف هناي ة ادلطاف على القوة القسرية وال رلال للتصحيح إال ابلوسائل العنيفة ‪ ،‬بسبب افتقادىا للمارسات‬
‫اخلطابية‪.‬‬

‫‪ .8‬شخصية القادة اجلمهوريني‬

‫تستند حجو مكيافيلى دلصلحة النظم اجلمهورية ‪ ،‬إىل موقفو ادلتشكك من إمكانية أن حيوز فرد واحد " الكفاءة‬
‫أبدا‪ .‬كنتيجة للتناقض بني احلاجة إىل ادلرونة وثبات‬
‫‪ " virtù‬وابلتاىل يلمح أن األمارة ادلستقرة حبق قد ال تكون شلكنة ً‬
‫الشخصية احلتمى لألمري ‪ ،‬يبدو أن ىناك قيود عملية متأصلة يف حكم الفرد‪ .‬يستنتج القارئ بسهولة أن حكم الفرد‬
‫ىش ومضطرب يف جوىره بسبب أن السلوك البشر متجذر يف شخصية اثبتة وراسخة‪ .‬يقدم مكيافيللى يف كتاب‬
‫ادلقاالت مسألة سيكولوجية ‪ ،‬أن حقائق الطبيعة البشرية ترجح أفضلية النظام اجلمهور ى على النظام األمريى ‪ ،‬طادلا‬
‫كانت " اجلمهورايت قادرة على التكيف مع الظروف ادلختلفة ابدلقارنة مع النظام األمريى بسبب التنوع ادلوجود يف‬
‫ادلواطنني"(‪.)Discourses CW 253‬‬

‫يوضح مكيافيللى ذلك ابإلشارة إىل تطور االسًتاتيجية العسكرية الرومانية يف مواجهة ىانيبال‪ .‬بعد تواىل االنتصارات‬
‫قائدا حذرا ومتحفظ لن يدفع ابجليش يف عمل‬ ‫األولية للقائد القرطاجى يف إيطاليا ‪ ،‬كانت ظروف الرومان تتطلب ً‬
‫عسكرى عدواىن ليس مستعد لو‪ .‬وىى القيادة الىت سبثلت يف فابيوس ماكسيموس ‪" ،‬اجلنرال الذى مكنو حذره وبطئو من‬
‫صد العدو‪ .‬ومل يكن من ادلرجح أن يالقى ظروفًا أفضل من تلك مالئمة لطبيعتو‪ ".‬وعندما تطلب األمر اذلجوم من‬
‫الرومان ‪ ،‬ربول الرومان إىل قيادة سكوبيو ‪ ،‬والذى كانت صفاتو الشخصية أكثر مالئمة لظروف وقتو‪" .‬مل يكن بوسع‬
‫فابيوس أو سكوبيو اذلرب من " عادتو وطرقو"" (‪ ،)Discourses CW 452‬ولكن يف احلقيقة يشري مكيافيللى‬
‫إىل أن قدرة روما على اختيار ادلناسب منهما داللة على قوة متأصلة يف النظام اجلمهوري‪.‬‬

‫قادرا على تغيري طباعو لتالئم الظروف‪ .‬ولكنو ألنو‬


‫لو كان فابيوس مل ًكا لروما ‪ ،‬فردبا خسر احلرب بسهولة ‪ ،‬ألنو مل يكن ً‬
‫ولد يف صبهورية دلواطنني ذوى طباع متعددة يتصرفون بطرق سلتلفة ‪ ،‬كان لدى اجلمهورية القدرة على االستعانة بفابيوس‬
‫مىت كانت الظروف تتطلب ذلك ‪ ،‬واالستعانة بسكوبيو يف وقت ادلالئم للظفر ابلنصر" ( ‪Discourses CW‬‬
‫‪)452‬‬
‫يتطلب تبدل احلوادث ادلرونة يف االستجابة ‪ ،‬وطادلا كان من غري ادلمكن أن تتغري الشخصية البشرية عرب الزمن‪ ،‬فإن‬
‫اجلمهورية تقدم بدائل سلتلفة ‪ :‬أانس سلتلفون يف السمات يناسبون ادلتطلبات ادلختلفة‪ .‬خاصية التنوع يف النظم ادلدنية ‪،‬‬
‫تلك الىت شجبها أسالف مكييافيللى كانت ابلنسبة لو نقطة تفوق على اإلمارات‪.‬‬
‫ولكن ذلك ال يعٌت أن ثقة مكيافيللى يف قدرة النظم اجلمهورية على معاجلة أوجو القصور السياسي يف الشخصية البشرية‬
‫كانت راسخة‪ .‬ففى النهاية ‪ ،‬ال يقدم مكيافيللى اى مؤشر حقيقى لكيفية سبكن اجلمهورايت من ربديد وتولية القادة‬
‫الذين تالئم صفاهتم الظروف‪ .‬مسألة مالحظة ىذا التنوع يف اجلمهورايت ‪ ،‬ذلو أمر سلتلف عن إثبات انو ميزة ضرورية‬
‫نوعا من التعميم التجريىب ‪ ،‬بيد أنو ترك األسس‬ ‫وأساسية للنظم اجلمهورية‪ .‬يف أفضل األحوال يقدم لنا مكيافيللى ً‬
‫النظرية دون سبحيص‪ .‬ويشري مكيافيللى يف " ادلقاالت " أن للجمهورايت حدودىا ىى األخرى يف ربقيق ادلرونة يف‬
‫االستجابة الالزمة لتحقيق احلظ‪ .‬فكما ىو احلال مع األفراد ‪ ،‬الذين يكون من الصعب ( إن مل يكن مستحيالً) لتغيري‬
‫مساهتم الشخصية ‪،‬‬
‫"كذلك ادلؤسسات يف اجلمهورايت ال تتغري عرب الزمن ‪ ،‬ولكن أيتى التغيري بطيئًا ‪ ،‬ويكون من ادلؤمل‬
‫أكثر تغيريىم ‪ ،‬طادلا كان جيب االنتظار حىت تكون اجلمهورية يف حالة اضطراب‪ ،‬وىكذا ليس من‬
‫الكاىف الزعم أبن األفراد فقط ىم ادلطالبون ابلتغيري‪".‬‬
‫((‪)Discourses CW 453‬‬

‫إذا كانت نقطة ضعف اإلمارات ىو البنية الثابتة للشخصية البشرية ‪ ،‬فإن نقطة ضعف اجلمهورايت ىو تكريس‬
‫االستدامة دلؤسسات مضى زماهنا‪ .‬مل يناقش مكيافيللى يف كتاب " ادلقاالت " ‪ ،‬إن كان لديو أمل يف إنشاء مؤسسات‬
‫صبهورية أكثر استجابة ‪ ،‬بشكل أكرب من تطلب ادلرونة يف شخص األمراء‪.‬‬

‫على الرغم من ان مكيافيللى متمسك دبوقفو ادلناصر للنظام اجلمهوري‪ .‬ولكن كيف لنا ان نالئم ذلك مع تصرحياتو يف "‬
‫األمري" ؟ من ادلغ ِر ان نرفض كتاب " األمري " ابعتباره يعرب بشكل حقيقى عن آراء وتفضيالت مكيافيللى احلقيقية ‪،‬‬
‫خصوصا انو كتب يف مدة قصرية هبدف تقدمي نصحيتو السياسية لسادة ميتدتشى العائدين للسلطة يف فلورنسا‪ ( .‬يف‬
‫مقابل الفًتة الطويلة الىت استغرقها أتليف " ادلقاالت") ‪ .‬على الرغم من أن مكيافيللى مل يتنصل أبدا من " األمري " ‪،‬‬
‫وابلفعل كان يشري إليو يف ادلقاالت بطريقة تظهر األخري على انو رديف لألول‪ .‬على الرغم من أن ىناك جدالً كبريا ما إذا‬
‫كان مكيافيللى ح ًقا صديقا لألمراء والطغاة أم للجمهورايت ‪ ،‬وابلتاىل جيب علينا ان نتجاىل جانب من كتاابتو ونعتربه‬
‫ىامشى أو اثنوى ‪ ،‬فهذه األسئلة تبدو غري قابلة للحل‪ .‬يرى مارك ىوليونج أن كل الرؤيتان ادلكيافيلليتان " جيب ان‬
‫يوضعا يف مكانتني متساويتني ‪ ،‬ابعتبار ان كل منهما يتمتع ببعض من ادلعقولية‪.‬‬

‫‪ .9‬مكانة مكيافيللى يف األفكار الغربية‬


‫ما الذى ديكن اعتباره " حديث " أو " أصيل " يف افكار مكيافيللى؟* ما ىى مكانة مكيافيللى يف اتريخ األفكار‬
‫منوا مذىال‬
‫الغربية؟ منت الكتاابت الىت تناقش ىذا السؤال ‪ ،‬خصوصا فيما يتعلق ابلعالقة بني " األمري " و " ادلقاالت" ً‬
‫ح ًقا‪ .‬على سبيل ادلثال ‪ ،‬تتبع جون بوكوك ‪ john pocock )1599( ،‬انتشار األفكار اجلمهورية ادلكيافيللية يف‬
‫ما امساه " العامل االطلنطى" ‪ ،‬وخصوصا أتثريه على األفكار الىت اذلمت واضعى الدستور األمريكى‪ .‬جيادل بول راىو [‬
‫‪ ، ]paul rahe 2008‬عن رلموعة سلتلفة من التأثريات ‪ ،‬ولكن ذات طابع فكرى وبشكل سلتلف بشكل زللوظ عن‬
‫بوكوك‪ .‬ابلنسبة لبوكوك ‪ ،‬فإن النزعة اجلمهورية لدى مكيافيللى نوع من اإلنسانية ادلدنية ذبد جذورىا يف العصور‬
‫القددية ‪ ،‬ابلنسبة لراىو ‪ ،‬نزعة مكيافيللى اجلمهورية جديدة وحديثة كليًا‪ .‬يقدر ادلفكرين ادلعروفني ب" الرومان اجلدد"‬
‫وأبرزىم ( بيتيت ‪ ،‬سكينر وفريوىل) مكيافيللى كمصدر دلبدأىم عن " احلرية ابعتبارىا ال‪-‬ىيمنة ‪ ،‬بينما جرى استخدام‬
‫افكار مكيافيللى للدفاع عن ادلبادئ والقيم الدديوقراطية‪ .‬وابدلثل جرى اعتبار مسائل أخرى مثل أخالق مكيافيللى‬
‫السياسية ‪ ،‬ومفهوم الدولة عنده ‪ ،‬ورؤاه الدينية والكثري من مسات عملو كأساس شليز ألصالة مسامهتو‪..‬‬

‫ومع ذلك ‪ ،‬فالقليل من االستنتاجات الىت جرى اعتبارىا راسخة علميًا‪ ( .‬احلالة الراىنة غري ادلستقرة يف األحباث حول‬
‫مكيافيللى سبثلت بشكل جيد يف كتاب [ مكيافيلّى احلرية والصراع ] جونستون وآخرين ‪Johnston et al.‬‬
‫‪.).2017‬أحد التفسريات ادلنطقية حلالة العجز عن حل معضلة " األصالة وادلعاصرة " عند مكيافيللى أن مكيافيللى كان‬
‫عال ًقا بشكل ما بني التقليد واالبتكار ‪ ،‬بني العصور القددية‪ via antiqua‬واحلداثة‪( via moderna‬حسب تعبري‬
‫جانيت كودلان ‪ ، )٠١١٢‬بطريقة ولدت توترات مفاىيمية داخل أفكاره ككل ‪ ،‬وحىت داخل كل نص على حدا‪ .‬مسح‬
‫ىذا العموض التارخيى للباحثني بطرح رؤى مقنعة على نفس القدر إلدعاءات متناقضة حول وضعيتو األساسية دون أن‬
‫ىل لعنق مذىبو‪ .‬زبتلف ىذه النقطة عن الطرح الذى يقولو بعض الباحثني أن مكيافيللى كان غري‬ ‫يبدو األمر على انو ّ‬
‫مدفوعا أبجندة زللية (‪ .)Celenza 2015‬بدال‬ ‫ً‬ ‫متسق ( أنظر سكينر ‪ ، )Skinner 1978‬أو أنو كان ببساطة‬
‫من ذلك ‪ ،‬ديكن أن نعزو ادلالمح البارزة للتباين يف اطروحة مكيافيللى السياسية إىل التناقض بني الظرف التارخيى‬
‫واألمكاانت الفكرية‪ .‬ما جيعل مكيافيللى مثريا للقلق ومفكر زلفز يف نفس الوقت ‪ ،‬انو يف زلاولتو للخروج ابستنتاجات‬
‫ربديدا‪ .‬وعلى الرغم من‬
‫ضمن مالمح مهمة من تلك األعراف الىت كان يتحداىا ً‬ ‫سلتلفة عن توقعات صبهوره ‪ ،‬ال زال يُ ّ‬
‫أتكيده ادلتضمن على أصالتو اخلاصة ‪ ( ،‬على سبيل ادلثال ‪ )Prince CW 10, 57–58 :‬فإنو اىتمامو الدقيق‬
‫ابلتقاليد ادلوجودة مسب ًقأ تعٌت انو مل يكن إبمكانو اذلروب من حدوده الفكرية‪ .‬وابلتاىل ‪ ،‬ال يفًتض ان يصنف مكيافيللى‬
‫ببساطة على انو إما " قدمي " أو " حديث " لكنو ديكن ان يكون دبنزلة بني ادلنزلتني‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

‫المراجع‬
Primary Literature in Translation
 [CW] Machiavelli: The Chief Works and Others, Alan H. Gilbert (trans.), 3 volumes,
continuous pagination, Durham, NC: Duke University Press, 1965.
o The Prince (in Volume 1, pp. 10–96)
o Discourses on the First Decade of Titus Livius (in Volume 1, pp. 175–532)
o The Art of War (in Volume 2, pp. 561–726)
 [MP] The Prince, Quentin Skinner and Russell Price (eds.), (Cambridge Texts in the
History of Political Thought), Cambridge: Cambridge University Press, 1988.
 [MF] Machiavelli and His Friends: Their Personal Correspondence, James B. Atkinson
and David Sices (eds.), Dekalb, IL: Northern Illinois University Press, 1996.

Secondary Literature
 Anglo, Sydney, 2005, Machiavelli: The First Century, (Oxford-Warburg Studies),
Oxford: Oxford University Press.
 Baluch, Faisal, 2018, “Machiavelli as Philosopher”, The Review of Politics, 80(2): 289–
300. doi:10.1017/S0034670517001097
 Benner, Erica, 2009, Machiavelli's Ethics, Princeton: Princeton University Press.
 –––, 2013, Machiavelli‟s Prince: A New Reading, Oxford: Oxford University Press.
doi:10.1093/acprof:oso/9780199653638.001.0001
 Briggs, Charles F. and Cary J. Nederman, forthcoming, “Mirrors of Princes in the
Christian Occident (12 -15 Century)”, in A Companion to the “Mirrors of Princes”
th th

Literature, Noëlle-Laetitia Perret and Stéphane Péquignot (eds.), Leiden: Brill.


 Capponi, Niccolò, 2010, An Unlikely Prince: The Life and Times of Machiavelli,
Cambridge, MA: Da Capo Press.
 Cassirer, Ernst, 1946, The Myth of the State, New Haven, CT: Yale University Press.
 Celenza, Christopher S., 2015, Machiavelli: A Portrait, Cambridge, MA : Harvard
University Press.
 Coleman, Janet, 1995, “Machiavelli's Via Moderna: Medieval and Renaissance
Attitudes to History”, Niccolò Machiavelli's The Prince: New Interdisciplinary Essays,
Martin Coyle (ed.), Manchester, UK: Manchester University Press, 40–64.
 Croce, Benedetto, 1925, Elementi di politica, Bari: Laterza & Figli.

Copyright 2020 © ‫حكمة‬ 21


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

 Dietz, Mary G., 1986, “Trapping the Prince: Machiavelli and the Politics of
Deception”, American Political Science Review, 80(3): 777–799.
doi:10.2307/1960538
 Dyer, Megan K. and Cary J. Nederman, 2016, “Machiavelli against Method: Paul
Feyerabend‟s Anti-Rationalism and Machiavellian Political „Science‟”, History of
European Ideas, 42(3): 430–445. doi:10.1080/01916599.2015.1118335
 Femia, Joseph V., 2004, Machiavelli Revisited, Cardiff, Wales: University of Wales
Press.
 Fischer, Markus, 2000, Well-Ordered License: On the Unity of Machiavelli's Thought,
Lanham, MD: Lexington Books.
 Grazia, Sebastian de, 1989, Machiavelli in Hell, Princeton: Princeton University Press.
 Holman, Christopher, 2018, Machiavelli and the Politics of Democratic Innovation,
Toronto: University of Toronto Press.
 Hörnqvist, Mikael, 2004, Machiavelli and Empire, Cambridge: Cambridge University
Press. doi:10.1017/CBO9780511490576
 Hulliung, Mark, 1983, Citizen Machiavelli, Princeton, NJ: Princeton University Press.
 Johnston, David, Nadia Urbanati, and Camila Vergara (eds.), 2017, Machiavelli on
Liberty and Conflict, Chicago: University of Chicago Press.
 Mansfield, Harvey C., 1996, Machiavelli's Virtue, Chicago: University of Chicago
Press.
 Mattingly, Garrett, 1958, “Machiavelli's Prince: Political Science or Political
Satire?”, The American Scholar, 27(4): 482–491.
 McCormick, John P., 2011, Machiavellian Democracy, Chicago: University of Chicago
Press.
 Meinecke, Friedrich, 1924 [1957], Die Idee der Staatsräson in der neueren
Geschichte, München-Berlin: Druck und Verlag von R. Oldenbourg. Translated
as Machiavellism: The Doctrine of Raison d'Etat and Its Place in Modern History,
Douglas Scott (trans.), New Haven, CT: Yale University Press.
 Najemy, John M. (ed.), 2010, The Cambridge Companion to Machiavelli, Cambridge:
Cambridge University Press. doi:10.1017/CCOL9780521861250
 Nederman, Cary J., 2009, Machiavelli, Oxford: Oneworld.
 Nederman, Cary J. and Guillaume Bogiaris, 2018, “Niccolò Machiavelli”, in The
History of Evil in the Early Modern Age: 1450–1700 CE, Daniel M. Robinson, Chad
Meister, and Charles Taliaferro (eds.), (The History of Evil, 3), London: Routledge,
53–68.

Copyright 2020 © ‫حكمة‬ 22


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

 Olschki, Leonardo, 1945, Machiavelli the Scientist, Berkeley, CA: Gillick Press.
 Parel, Anthony J., 1992, The Machiavellian Cosmos, New Haven, CT: Yale University
Press.
 Patapan, Haig, 2006, Machiavelli in Love: The Modern Politics of Love and Fear,
Lanham, MD: Lexington Books.
 Pettit, Philip, 1997, Republicanism: A Theory of Freedom and Government, Oxford:
Oxford University Press. doi:10.1093/0198296428.001.0001.
 Pitkin, Hanna Fenichel, 1984, Fortune is a Woman: Gender and Politics in the
Thought of Niccolò Machiavelli, Berkeley, CA: University of California Press.
 Prezzolini, Giuseppa, 1954 [1967], Machiavelli anticristo, Rome: Gherardo Casini
Editore; translated as Machiavelli, Gioconda Savini (trans.), New York: Farrar, Straus
and Giroux.
 Pocock, John, 1975, The Machiavellian Moment: Florentine Political Thought and the
Atlantic Republican Tradition, Princeton: Princeton University Press.
 Rahe, Paul A., 2008, Against Throne and Altar: Machiavelli and Political Theory under
the English Republic, Cambridge: Cambridge University Press.
doi:10.1017/CBO9780511509650
 Skinner, Quentin, 1978, The Foundations of Modern Political Thought, Volume I: The
Renaissance, Cambridge: Cambridge University Press.
 –––, 1998, Liberty before Liberalism, Cambridge: Cambridge University Press.
doi:10.1017/CBO9781139197175
 –––, 2002, Visions of Politics, Volume II: Renaissance Virtues, Cambridge: Cambridge
University Press.
 Sorensen, Kim A., 2006, Discourses on Strauss: Revelation and Reason in Leo Strauss
and His Critical Study of Machiavelli, Notre Dame, IN: University of Notre Dame
Press.
 Strauss, Leo, 1958, Thoughts on Machiavelli, Glencoe, IL: The Free Press.
 Vatter, Miguel E., 2000, Between Form and Event: Machiavelli's Theory of Political
Freedom, Dordrecht: Springer Netherlands. Second edition, New York: Fordham
University Press, 2014.
 –––, 2013, Machiavelli's „The Prince‟: A Reader's Guide, London: Bloomsbury.
 Viroli, Maurizio, 1998, Machiavelli, Oxford: Oxford University Press.
doi:10.1093/acprof:oso/9780198780885.001.0001
 –––, 1999 [2002], Repubblicanesimo, Roma-Bari: Laterza. Translated
as Republicanism, Anthony Shugaar (trans.), New York: Hill and Wang

Copyright 2020 © ‫حكمة‬ 23


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

 –––, 2006 [2010], Dio di Machiavelli e il problema morale dell'Italia, Roma-Bari:


Laterza. Translated as Machiavelli‟s God, Antony Shugaar (trans.), Princeton, NJ:
Princeton University Press, 2010.
 –––, 2014, Redeeming the Prince: The Meaning of Machiavelli's Masterpiece,
Princeton: Princeton University Press.
 Vivanti, Corrado, 2013 Niccolò Machiavelli: An Intellectual Biography, Princeton:
Princeton University Press.
 Von Vacano, Diego A., 2007, The Art of Power: Machiavelli, Nietzsche, and the
Making of Aesthetic Political Theory, Lanham, MD: Lexington Books.
 Wood, Neal, 1967, “Machiavelli‟s Concept of Virtù Reconsidered”, Political Studies,
15(2): 159–172. doi:10.1111/j.1467-9248.1967.tb01842.x
 Zuckert, Catherine H., 2017, Machiavelli‟s Politics, Chicago: University of Chicago
Press.
 –––, 2018, “Machiavelli: A Socratic?”, Perspectives on Political Science, 47(1): 27–37.
doi:10.1080/10457097.2017.1385358
‫أدوات أكاديمية‬
How to cite this entry.

Preview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society.

Look up this entry topic at the Indiana Philosophy Ontology Project (InPhO).

Enhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database.

‫مصادر أخرى على اإلنترنث‬

 The Prince, translation by W.K. Marriott, London: J.M. Dent, 1908.


o available at Medieval Sourcebook, Fordham University.
o available at Project Gutenberg
 English translations of Machiavelli's other works at Project Gutenberg
o The Art of War
o Discourses on the First Decade of Titus Livius
o History of Florence and the Affairs of Italy from the Earliest Times to
the Death of Lorenzo the Magnificent
 Italian Translations of Machiavelli's works, at IntraText CT.
‫مقاالت ذات صلة‬

Copyright 2020 © ‫حكمة‬ 24


‫ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ‬

civic humanism | republicanism | sovereignty


Copyright © 2019 by
Cary Nederman <nederman@polisci.tamu.edu>
Open access to the SEP is made possible by a world-wide funding initiative.
Please Read How You Can Help Keep the Encyclopedia Free

Copyright 2020 © ‫حكمة‬ 25

You might also like