Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 43

‫َ َّ َ ّ ‪ٞ‬‬

‫َ‬
‫ك‬ ‫ش‬ ‫ِ‬ ‫ٱلل‬ ‫ف‬‫ِ‬ ‫أ‬
‫َّ َ َ َ ۡ‬ ‫َ‬
‫فا ِط ِر ٱلسمٰو ٰ ِ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬
‫[إبراهيم‪]١٠ :‬‬
‫ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﻘﻮق ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‬

‫ﻋﻤــﺎن‬
‫ﻣﺴـﻘﻂ ـ ﺳـﻠﻄﻨﺔ ُ‬

‫اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﱃ‬
‫‪ ١٤٤٢‬ﻫـ ـ ‪٢٠٢١‬م‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫تتشــرف الكلمة الطيبة المتخصصــة في النتاج‬


‫العلمي لســماحة العالمة الجليل الوالد الشيخ‬
‫أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة ُعمان‬
‫@‪‎AhmedHAlKhalili‬‬

‫بتقديم هــذه الطبعة التفاعليــة الخاصة بأجهزة‬


‫القيم‪،‬‬
‫الحاسوب واألجهزة الذكية من هذا المقال ّ‬
‫فما على القارئ سوى الضغط على العنوان في‬
‫تلقائيا إلــى الموضوع‪ ،‬والعودة‬
‫ً‬ ‫الفهرس ليصل‬
‫للفهرس مجد ًدا بالضغط على كلمة‪ :‬المحتويات‬
‫الموجودة أسفل كل صفحة‪.‬‬

‫تنبيه‪:‬‬
‫‪Adobe Acrobat Reader‬‬ ‫يجب تحميل تطبيق‬
‫لالستفادة من الميزة التفاعلية‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪3‬‬


‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫المحتويـات‬

‫· مقـدمــة ������������������������������������������������������������������������������������ ‪6‬‬


‫· أبرز القضايا اليقينية عند ذوي األلباب ���������������������� ‪7‬‬
‫· المالحدة بين المكابرة والحيرة ������������������������������������� ‪9‬‬
‫· العلـم واإليمـان ������������������������������������������������������������������� ‪10‬‬
‫· اهلل يتجلى في عصر العلم ����������������������������������������������� ‪13‬‬
‫· أنموذج تجارب العلماء في بطالن المصادفة ��������������� ‪19‬‬
‫· كل ذرة في الكون مكتب ٌة علمية واسعة �������������������� ‪23‬‬
‫· اعترافات المالحدة ������������������������������������������������������������� ‪25‬‬
‫· التفكير الفطري عند األطفال ����������������������������������������� ‪29‬‬
‫· عبث المالحدة وتفسيراتهم المادية ��������������������������� ‪38‬‬
‫· اهلل غالب على أمره ������������������������������������������������������������ ‪42‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪4‬‬


‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫الحمد هلل الذي تجلى وجوده في كل ذرة من‬


‫الوجود‪ ،‬وشــهدت بوحدانيته كل جزيئة من أي‬
‫موجود‪ ،‬فالكون كله آياته وشهوده‪ ،‬تعرب ألسنة‬
‫حاله وشواهد أحواله بتكذيب جاحده‪ ،‬وأنه قد‬
‫خســئ جحوده‪ ،‬والصالة والسالم على من دعا‬
‫إلى اهلل تعالــى بأعظم البينات وأبلــغ البراهين‬
‫الساطعات سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وكل‬
‫من سار على دربه‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪5‬‬


‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫· مقـدمــة‪:‬‬
‫فإن أجلــى حقيقة في الوجود شــهود الحق‬
‫سبحانه وتعالى الذي يتجلى شهوده في مفردات‬
‫الكائنات؛ وإن بلغت في الدقة منتهاها‪ ،‬فما من‬
‫شــيء في تضاعيف الكون وطوايــا الوجود إال‬
‫وهو يضج بأنه لم يكــن ليوجد لوال وجود من‬
‫هو واجــب الوجود لذاته‪ ،‬الــذي افتقر إليه كل‬
‫موجود‪ ،‬وأعلن بلســان حاله ببوار وضالل من‬
‫كل من عمي عن هذه الحقيقة وجادل فيها‪ ،‬ألنه‬
‫تعام عن مشــاهد الوجود وتصامــم عن أصواته‬
‫الصادعة بحجة الحق المسبحة بحمد من أخرج‬
‫كل كائن من العدم إلى الوجود‪ ﴿ ،‬ﮒ ﮓ ﮔ‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ﴾‬
‫اإلسراء‪ ،٤٤ :‬فكيف يخفى على لبيب هذا التسبيح؛‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪6‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫الذي تتعالى في أطباق الوجود صيحاته المتوالية‬


‫في جزيئات لحظاته‪ ،‬منذ نشــر اهلل الوجود إلى‬
‫أن يطويه؟!‪.‬‬

‫· أبرز القضايا اليقينية عند ذوي األلباب‪:‬‬


‫وإذا كان في العصور الغابرة التي كانت فيها‬
‫معظم الحقائق العلمية فــي طوايا الخفاء‪ ،‬وكان‬
‫أكثر الناس يعيشون عيشــة بدائية في تصوراتهم‬
‫وتصرفاتهم كانت قضية وجود اهلل تعالى مسلمة‬
‫عند جميع العقالء بالفطرة‪ ،‬حتى أن أعرابيا سئل‬
‫بماذا عرفت ربك؟ فأجاب بفطرته‪« :‬البعرة تدل‬
‫على البعير واألثر يدل على المسير‪ ،‬أال يدل هذا‬
‫الكون علــى اللطيــف الخبيــر؟»؛ فكيف بهذا‬
‫العصر الــذي خرجت فيــه طوايــا الحقائق من‬
‫خفائها وتجلت للناظرين‪ ،‬وســبر العلم غوامض‬
‫الكون فجالها حتى ُشوهدت رأي العين‪ ،‬وبحث‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪7‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫عن الممكن والمستحيل فميز بينهما بما ال يدع‬


‫مجاال لالرتياب‪ ،‬وغــدا تقدم العلم والبحث في‬
‫أي مجــال داعيا إلى عمق اإليمــان باهلل‪ ،‬وقطع‬
‫دابر الشــكوك عن هذه القضيــة‪ ،‬التي هي أبرز‬
‫القضايــا اليقينية عنــد ذوي األلبــاب‪ ،‬وتعمق‬
‫العلماء في دراســة برمجيات دقائــق الكائنات‬
‫فأحصــوا حروفهــا بلغاتهــا الكاشــفة ألعماق‬
‫الحقيقة‪ ،‬فأسفر وجهها عن الحق اليقين‪ ،‬وتعزز‬
‫بذلك اإليمان وخار به اإللحاد‪ ،‬ولم يعد بيده ما‬
‫يتمسك به ولو كان أوهى الخيوط‪.‬‬
‫فقد اكتســح تيار اإليمان الجــارف بطوفان‬
‫براهينــه جميــع شــبهات اإللحــاد‪ ،‬وإنما هي‬
‫المكابرة التي تجعــل من أصيب بدائها العضال‬
‫يجحد بزوغ الشــمس وقت الظهيرة من غير أن‬
‫يحجبها قتر وال سحاب‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪8‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫· المالحدة بين المكابرة والحيرة‪:‬‬


‫وقد بلغ بهم إنكار بدهيــات العقول وجاليا‬
‫الحقائق إلى إنكار وجود العالم نفســه‪ ،‬والزعم‬
‫بأنه ال يعدو أن يكون وهما‪ ،‬كما زعم ذلك السير‬
‫جميس جنــز الذي بلغ بــه الخبــل والعناد في‬
‫المكابرة والحيــرة في الواقع إلــى أن يزعم أن‬
‫الكــون ليس له وجــود وإنما هو وهــم‪ ،‬وليت‬
‫شعري؛ إن كان وهما كما يزعم فمن هو الواهم؟!‬
‫فإنه يترتب علــى قوله أن ال يكــون للوهم وال‬
‫للواهم وجود‪ ،‬وأن يكون هو بنفسه غير موجود‬
‫وأن تكون جميع تصوراته ال وجود لها‪.‬‬
‫وما أعظم هــذه المكابرة في إنــكار الواقع‬
‫وطمس الحقيقة فإنــه يترتب على قوله هذا أن‬
‫ال يكــون وجود لألجــرام الفلكية وال لســنة‬
‫الجاذبية وال للحياة وال للموت وال لإلنســان‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪9‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫وال لغيره‪ ،‬وهل هناك مكابرة أعظم من هذه أو‬


‫خبل أبلغ منه؟! وال أريد االسترسال في إبطال‬
‫هذه الترهات‪ ،‬فإن بطالنها أظهر من أن يحتاج‬
‫إلى دليل‪ ،‬وإنما أؤكــد أن هذا الخبل ليس هو‬
‫ناشئا إال عن مكابرة اإليمان‪ ،‬فما من فرق بين‬
‫هذه المكابرة ومكابرة مــن يجحد وجود اهلل‪،‬‬
‫مــع أن حقائق الوجود بأســرها شــاهدة على‬
‫وجوده‪ ،‬فما من شاهد وال مشهود إال وهو دال‬
‫على شهوده!‪.‬‬

‫· العلـم واإليمـان‪:‬‬
‫وإذا كان هذا الحائر بدهشــته مــن براهين‬
‫وجود اهلل تعالــى مما انطوت عليــه تضاعيف‬
‫الوجود حرص في االسترســال على المكابرة‬
‫حتى أنكر كل شــيء وعزاه إلى الوهم‪ ،‬فأبطل‬
‫بذلك مــا تــدل عليــه العلــوم الطبيعية على‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪10‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫اختالف أنواعها ما تشــهد به مشاهد الكائنات‬


‫في جميــع أطوارها؛ فإن العجــب كل العجب‬
‫ممن يعتــرف بمعطيات العلــوم ويقر بما تدل‬
‫عليه من الحقائق المادية‪ ،‬ولكنه يظل غارقا في‬
‫وهمه‪ ،‬سادرا في عماه وضالله‪ ،‬منكرا ما تدل‬
‫ِ‬
‫عليه مــن افتقارها إلى َم ْن أخرجهــا م َن العدم‬
‫وم ّن عليها بالوجود‪ ،‬مع عدم إمكان االنفكاك‬ ‫َ‬
‫بين داللــة العلوم علــى حقائــق المعلومات‬
‫ودالالتها على من أوجدها وأتقن صنعها وأبدع‬
‫تركيبها وأحكم نظامها‪.‬‬
‫وقد ظل المالحدة حقبــة من الزمن منكرين‬
‫لحدوث الكون مصرين على أزليته‪ ،‬حتى برزت‬
‫الحقيقــة التي أخرســتهم‪ ،‬وهي ثبــوت اطراد‬
‫تناقص الحرارة الديناميكية المؤدي إلى انحالل‬
‫الكون وزواله‪ ،‬فثبت بذلــك بما ال يدع مجاال‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪11‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫للشــك أن وجــوده بدأ منــذ عهد فــي تأريخ‬


‫الوجود‪ ،‬ولو كان أســبق مــن ذلك لكان وصل‬
‫إلــى نهايته منذ زمن ســحيق‪ ،‬فهو بــدأ ببداية‬
‫وســينتهي إلى نهاية‪ ،‬وكان ثبوت هذه الحقيقة‬
‫ضربة قاصمة لإللحاد‪ ،‬ولكن المالحدة ظلوا في‬
‫مكابرتهم وعنادهم زاعمين أنــه ال يوجد دليل‬
‫علمي علــى أن وجــوده يتوقف علــى موجد‪،‬‬
‫وباســتنطاق العلم والرجوع إلى ما ســطره من‬
‫الحقائــق علــى صفحــات كل ذرة مــن ذرات‬
‫الوجود يتبين بأن دعوى وجود الكون من تلقاء‬
‫نفسه من غير إرادة وتنفيذ ممن لم يسبق وجوده‬
‫عدم هــي دعوى منهارة من أساســها‪ ،‬ليس لها‬
‫نصيــب مــن الصحة ولــو بنســبة ذرة في هذا‬
‫الكون‪ ،‬ولنســمع في ذلك ما يجيبنا به صوت‬
‫العلم الهادر‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪12‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫· اهلل يتجلى في عصر العلم‪:‬‬

‫كل العلماء الذين أسلســوا قيــاد عقولهم‬


‫للبحث العلمي ولــم يكابــروا حقائق العلم‬
‫وبراهين العقل شــهدوا بأن العلم شاهد عدل‬
‫على وجود اهلل الذي خلق هذا الوجود‪ ،‬فقبل‬
‫أكثر من ثلثي قرن من الزمن طُ ِر َح ســؤال في‬
‫بعض الصحف األمريكية عــن إمكان وجود‬
‫الكون بدون مكون؟ فأجاب باســتحالة ذلك‬
‫ثالثون عالما من الوالية المتحدة األمريكية‪،‬‬
‫لكل منهــم تخصصــه العلمــي وميدانه في‬
‫البحث‪ ،‬وقد جمعت إجابتهم مرتبة في كتاب‬
‫بعنوان‪« :‬اهلل يتجلــى في عصر العلم» ودونك‬
‫أســماءهم وعناوين إجاباتهــم وتخصصاتهم‬
‫العلمية‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪13‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫‪ .1‬فرانك أللن عالــم الطبيعة البيولوجية‪ ،‬وعنوان‬


‫جوابه‪( :‬نشأة العالم هل هو مصادفة أو قصد؟)‪.‬‬
‫‪ .2‬روبرت موريس بيدج‪ ،‬وعنــوان جوابه‪:‬‬
‫(اختبار شامل)‪.‬‬
‫‪ .3‬ماريت ستانلي كونجدن‪ ،‬وعنوان جوابه‪:‬‬
‫(درس من شجيرة الورد)‪.‬‬
‫‪ .4‬جون كليفالند كوثــران‪ ،‬وعنوان جوابه‪:‬‬
‫(النتيجة الحتمية)‪.‬‬
‫‪ .5‬إدوارد لوثر كيل‪ ،‬وعنــوان جوابه‪( :‬فلننظر‬
‫إلى الحقائق دون ميل أو تحيز)‪.‬‬
‫‪ .6‬وولتر أوســكار لندبرج‪ ،‬وعنــوان جوابه‪:‬‬
‫(استخدام األسلوب العلمي)‪.‬‬
‫‪ .7‬بول كليرانس ابرســولد‪ ،‬وعنوان جوابه‪:‬‬
‫(األدلة الطبيعية على وجود اهلل)‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪14‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫‪ .8‬جورج ايرل دافيز‪ ،‬وعنوان جوابه‪( :‬الكشوف‬


‫العلمية تثبت وجود اهلل)‪.‬‬
‫‪ .9‬توماس دافيز باركس‪ ،‬وعنوان جوابه‪( :‬الماء‬
‫يروي لك القصة)‪.‬‬
‫‪ .10‬جون وليم كلوتوس‪ ،‬وعنــوان جوابه‪( :‬اهلل‬
‫والكون المعقد)‪.‬‬
‫‪ .11‬ايرفنج وليــام‪ ،‬وعنوان جوابــه‪( :‬المادية‬
‫وحدها ال تكفي)‪.‬‬
‫‪ .12‬رسل لويل مكستر‪ ،‬وعنوان جوابه‪( :‬الحائر‬
‫الصغير يفكر)‪.‬‬
‫‪ .13‬لورنــس كولتون ووكر‪ ،‬وعنــوان جوابه‪:‬‬
‫(حقائق من سجل الغابات)‪.‬‬
‫‪ .14‬وولتر إدوارد الميرتــس‪ ،‬وعنوان جوابه‪:‬‬
‫(ما وعاه ابن صاحب البستان)‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪15‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫‪ .15‬رسل تشــارلز آرتســت‪ ،‬وعنوان جوابه‪:‬‬


‫(الخاليا الحية تؤدي رسالتها)‪.‬‬
‫‪ .16‬جورج هربرت بلونــت‪ ،‬وعنوان جوابه‪:‬‬
‫(منطق اإليمان)‪.‬‬
‫‪ .17‬دونالــد روبــرت كار‪ ،‬وعنــوان جوابه‪:‬‬
‫(موجهات جيولوجية)‪.‬‬
‫‪ .18‬كلودم هاتا واي‪ ،‬وعنوان جوابه‪( :‬المبدع‬
‫األعظم)‪.‬‬
‫‪ .19‬أدوين فاست‪ ،‬وعنوان جوابه‪( :‬نظرة إلى‬
‫ما وراء القوانين الطبيعية)‪.‬‬
‫‪ .20‬جون أزولف بوهلر‪ ،‬وعنوان جوابه‪( :‬اهلل‬
‫والقوانين الكيماوية)‪.‬‬
‫‪ .21‬ألبرت ما كومب ونشستر‪ ،‬وعنوان جوابه‪:‬‬
‫(العلوم تدعم إيماني باهلل)‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪16‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫‪ .22‬ايرل تشتر ريكس‪ ،‬وعنوان جوابه‪( :‬الكون‬


‫تحت سيطرة مركزية)‪.‬‬
‫‪ .23‬مالكولم وينســر االبن‪ ،‬وعنــوان جوابه‪:‬‬
‫(صحة الدين)‪.‬‬
‫‪ .24‬ديل ســوارتزن دروبــر‪ ،‬وعنــوان جوابه‪:‬‬
‫(عجائب التربة)‪.‬‬
‫‪ .25‬لسترجون زمرمان ـ إخصائي التربة وفسيولوجيا‬
‫النبات ـ ‪ ،‬وعنوان جوابه‪( :‬التربة والنباتات)‪.‬‬
‫‪ .26‬روبــرت هورتون كاميــرون ـ أخصائي في‬
‫الرياضيات ـ ‪ ،‬وعنوان جوابه‪( :‬اإلنسان ذاته‬
‫هو الدليل)‪.‬‬
‫‪ .27‬وايــن أولــت ـ مختــص فــي الكيمياء‬
‫الجيولوجية ـ ‪ ،‬وعنــوان جوابه‪( :‬التوافق‬
‫بين العلوم)‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪17‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫‪ .28‬بول إرنســت أدولف ـ طبيــب وجراح ـ ‪،‬‬


‫وعنوان جوابه‪( :‬اهلل والعالج الطبي)‪.‬‬
‫‪ .29‬سيســل هامان ـ عالم بيولوجي ـ ‪ ،‬وعنوان‬
‫جوابه‪( :‬الزهر وطيور بالتيمور)‪.‬‬
‫‪ .30‬أندرو كونواي إيغي ـ عالم فســيولوجي ـ‬
‫وعنوان جوابه‪( :‬وجود اهلل حقيقة مطلقة)‪.‬‬
‫ولم يكن هؤالء أول من راد البحث في هذا‪،‬‬
‫فقد ســبقهم باحثــون رادوا الحقائــق العلمية‬
‫وفتحوا خزائــن المعارف الطبيعيــة‪ ،‬فوجدوها‬
‫شــاهدة على وجــود اهلل ســبحانه‪ ،‬وكانت لهم‬
‫تجارب محت تصــور كل احتمــال ألن يكون‬
‫الخلق حصل بغير خالق‪ ،‬ولو في أدق األشــياء‬
‫وأبســطها‪ ،‬وقد أدركوا اســتحالة أن تكون ذرة‬
‫واحدة تكونت بنفسها من غير إرادة قادر حكيم‬
‫يقول للشيء (كن) فيكون‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪18‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫· أنموذج تجارب العلماء في بطالن المصادفة‪:‬‬


‫وقد قام العالم الفيزيائي السويسري تشارلز‬
‫أوجين غاي بتجربة في إمكان تكوين جزيء‬
‫بروتينــي واحد بما يعبرون عنــه بالمصادفة‪،‬‬
‫فوجد ذلك يستحيل بجميع المقاييس العلمية‪،‬‬
‫وال احتمال له إال بنسبة ‪ 1‬إلى رقم ‪ 10‬مضروبا‬
‫بنفسه ‪ 160‬مرة‪ ،‬ومع ذلك فإنه يتوقف احتمال‬
‫ذلــك على كــون كمية المــادة ـ التــي تلزم‬
‫لحدوث هذا التفاعل بطريقة المصادفة لينتج‬
‫عنه جزيء واحــد ـ أكثر مما يتســع له هذا‬
‫الكــون جميعا بمالييــن المــرات‪ ،‬ويتطلب‬
‫تكوين هــذا الجــزيء على ســطح األرض‬
‫وحدها عما يســمى بطريق المصادفة باليين‬
‫ال تحصــى مــن الســنوات قدرهــا العالــم‬
‫السويســري بأنها ‪ 10‬مضروبة في نفسها ‪243‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪19‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫مرة من الســنين‪ ،‬وهذا كله في تكون جزيء‬


‫بروتيني واحــد‪ ،‬فما بالك بما تشــتمل عليه‬
‫الخلية من مكونات‪ ،‬وما يســري فيها من سر‬
‫الحياة‪ ،‬الذي وقفــت دون الحوم حول حماه‬
‫جميع مدارك البشر‪ ،‬ناهيك بهذه الخاليا التي‬
‫تتجاوز ماليين الماليين في الجســم الواحد‪،‬‬
‫وهي تتجدد في جسم اإلنســان مثال في كل‬
‫ثانية‪ ،‬بحيث تذهــب فيهــا ‪ 125‬مليون خلية‬
‫وتحل محلها غيرها بهذا القدر‪.‬‬
‫والتجربة التي قام بها الرياضي السويســري‬
‫المذكور اختار فيها لدراسته أبسط الذرات من‬
‫العضويات التي يمكن أن تشــترك في تركيب‬
‫خليــة واحدة مــن خاليــا الكائنــات العامرة‬
‫للوجــود‪ ،‬وقد اجتهــد في تبســيطها‪ ،‬فمع أ ّن‬
‫الوزن الذري ألبســط اآلحيات هــو (‪)34500‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪20‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫اعتبر الذرات ‪( 2000‬ألفي ذرة)‪ ،‬وقام بتبســيط‬


‫آخر لها فاعتبــر أ ّن الذرات هــي نوعان فقط‪،‬‬
‫بينما هي في الحالة العادية أربعة جواهر على‬
‫األقل وهي الفحم والهيدروجين واألكســجين‬
‫واآلزوت‪ ،‬باإلضافــة إلــى الكبريت والنحاس‬
‫والفوســفور وغيرها من العناصر‪ ،‬وقام بتبسيط‬
‫ثالث هو اعتبار الوزن الذري ‪ 10‬وسطية‪ ،‬مع أن‬
‫الفحم ‪ ،12‬واألكسجين ‪.16‬‬

‫ولم تكن دراســته فــي خلق الــذرة ـ أي‬


‫إخراجها من العدم إلى الوجود ـ وإنما هي في‬
‫تركب أجزائها؛ هل يمكن أن يكون ذلك بدون‬
‫تصميم؟! وكان مما تضمنته دراســته أنه على‬
‫تقدير إمكان ذلــك‪ ،‬فهو يتوقــف على ثالثة‬
‫عناصر‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪21‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫أولها‪ :‬المادة التي يتوقف عليها نجاح ذلك‪:‬‬


‫وهي يجب أن تكون كتلة حجم كرتها ال يمكن‬
‫أن يقطعــه الضــوء إال في عدد من الســنين رقمه‬
‫(‪ )164 10 × 1‬وهــو رقــم ال تتوصــل إليــه العقول‬
‫وال تحصيــه الرياضيات إال بمجــرد التخيل‪ ،‬ألنه‬
‫يفوق جميع تصورات البشر‪ ،‬وحساباتهم الخيالية‪.‬‬

‫ثانيها‪ :‬الزمن‪:‬‬
‫فإن ذلك لو قدر الستغرق من الزمن باليين‬
‫السنين (‪ )243 10 × 1‬وهو فوق ما يتصور من عمر‬
‫الكون بأضعاف تتجاوز جميع الحسابات‪.‬‬

‫ثالثها‪ :‬الطاقة‪:‬‬
‫بحيــث يصل الضــخ الحروري فــي الثانية‬
‫الواحدة ‪ 500‬مليون تريليون هزة‪ ،‬ومع كل ذلك‬
‫فإن احتمال هذا اإلمكان فــي تركب هذه الذرة‬
‫ال يتجاوز (‪.)321 10 × 2/1‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪22‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫ٌ‬
‫· كل ذرة في الكون مكتبة علمية واسعة‪:‬‬
‫وإذا كان هذا بالنظــر إلى ذرة واحدة هي من‬
‫أبســط الذرات وأدقها فكيف يتصور وجود أي‬
‫نوع من أنواع المخلوقــات تلقائيا من غير تقدير‬
‫ممن أحــاط بكل هــذه الدقائق علما ووســعها‬
‫خبرة‪ ،‬فتجلــت له الخفايا منهــا كالجاليا‪ ،‬وهو‬
‫محيــط بــكل شــيء قــدرة؟! وكيــف بهــذه‬
‫المخلوقــات كلها التــي علمنا عنهــا والتي لم‬
‫نعلم؟! بل كيف بهذا الكون الذي حار اإلنسان‬
‫فيــه‪ ،‬وال تــكاد تمضي فتــرة مــن الزمن حتى‬
‫يكتشــف اإلنســان من أبعــاده ما يزيــده يقينا‬
‫بجهلــه؟! إذ في كل مــرة يتم فيها االكتشــاف‬
‫يتضح أن ما اكتشف سابقا ال يعد إال شيئا ضئيال‬
‫بجانب ما تم اكتشــافه الحقا‪ ،‬وحسب اطالعي‬
‫منذ بضع سنوات كان تقدير ما اكتشف منه تصل‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪23‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫أبعاده إلى ‪ 180‬مليار سنة ضوئية‪ ،‬والسنة الضوئية‬


‫تقــدر بـ (‪ )9.461‬تريليون كيلومت��ر أو (‪)5.878‬‬
‫تريليون ميل‪ ،‬ومــا يدرينا ما هــي األبعاد التي‬
‫ستكتشــف الحقا‪ ،‬فإن هذا كله يثبــت أن علم‬
‫اإلنسان ومداركه محدودة بمحدودية مخلوقيته‪،‬‬
‫وصدق اهلل تعالــى القائل‪ ﴿ :‬ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬
‫ﯻ ﯼ﴾ اإلسراء‪.٨٥ :‬‬
‫وإذا كانت دراسة العالم الفيزيائي السويسري‬
‫في أدق الذرات وأبســطها‪ ،‬وليست في إمكان‬
‫خروجها من العدم وإنمــا هي في إمكان تركب‬
‫وحداتها وترتبها‪ ،‬فكيــف بهذا الكون المحكم‪،‬‬
‫الذي أتقن اهلل تعالى صنعه ووحد نظامه‪ ،‬وأبدع‬
‫مظهره ومخبره؟! كيف يصدق ذو عقل دعاوى‬
‫المالحدة الفارغة أنه خرج بنفسه من العدم إلى‬
‫الوجود‪ ،‬وانتظم بهذا الترتيب حتى كان بأبعاده‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪24‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫المترامية وحــدة متكاملة كالجســد الواحد في‬


‫ترتب أعضائه وتكاملها؟!‬

‫وهو مع ذلــك مبرمج بكيفيــة تحار منها‬


‫العقول‪ ،‬فــكل ذرة منه مكتبة علمية واســعة‬
‫تحار منها ألباب البشــر‪ ،‬فهل يمكن أن تكون‬
‫الطبيعــة العميــاء الصماء الجهــول هي التي‬
‫فعلت ذلك كله؟‬

‫· اعترافات المالحدة‪:‬‬
‫وقد وجدنا من هو من أشد المالحدة عنادا‪،‬‬
‫وأسوئهم وقاحة‪ ،‬وأجرئهم على مغالطة الحقائق‬
‫ومكابــرة العقول‪ ،‬يعترف بحيرتــه عندما واجه‬
‫هــذه الحقائــق‪ ،‬فنجد أحــد فرســان اإللحاد‬
‫المعانديــن في عصرنا هــذا ريتشــارد دوكينز‬
‫يعترف في كتابه صانع الساعات األعمى بحيرته‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪25‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫من نظام الخاليا العصبية التــي تقدر بالباليين‬


‫ونظامها الرتيب‪ ،‬فيقول في ذلك‪:‬‬
‫«والمشكلة هي مشــكلة التصميم المركب‪،‬‬
‫إ ّن الكمبيوتر الذي أكتــب عليه هذه الكلمات‬
‫له قدرة على اختــزال المعلومات ولما يقرب‬
‫من ‪ 64‬كيلوبايــت‪( ،‬البايت الواحد يســتخدم‬
‫الختزان كل حــرف واحد من النــص)‪ ،‬وقد‬
‫إنتاجا‬
‫ً‬ ‫صمم هــذا الكمبيوتر بوعــي وأنتــج‬
‫متعمدا‪ ،‬أما المخ الذي تفهــم به كلماتي فهو‬
‫ً‬
‫نظــام مــن بضــع عشــرات المالييــن مــن‬
‫الكيلوعصبات (‪ ،)kilo neurones‬وفي كثير من‬
‫هذه الباليين من الخاليــا العصبية يوجد لكل‬
‫خلية ما يزيد عن ألف ســلك كهربي‪ ،‬يصلها‬
‫بعصبات أخرى‪ ،‬وفوق ذلك فإ ّنه على مستوى‬
‫الوراثيــات الجزيئية تحــوي كل خلية واحدة‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪26‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫قدرا‬
‫فيما يزيد عن تريليون خلية في الجســم ً‬
‫من المعلومــات المرقومــة في شــفرة دقيقة‬
‫يســاوي ما يحتويه كل الكمبيوتر الذي لدي‪،‬‬
‫وتركب الكائنات الحية يضارعه الكفاءة الرائعة‬
‫لتصميمها الظاهر‪ ،‬وإذا كان هناك أي شــخص‬
‫ال يوافق أ ّن هذا الكم مــن التصميم المركب‬
‫مطالبا بتفسير‪ ،‬فإني أقر باليأس منه»‪.‬‬
‫ً‬ ‫يصبح‬
‫وإذا كان ذلك بالنظر إلى دماغ إنســان واحد‬
‫فكيف بأدمغة البشــر جميعا فــي كل عصر من‬
‫العصــور؟‪ ،‬وكيف بمــا تحتويه أجســامهم من‬
‫الخاليا التي تقدر بعشرات أو مئات المليارات‪،‬‬
‫وكل خليــة منهــا يوجــد فيهــا ما يزيــد على‬
‫‪ 3‬مليارات حرف من المعلومات والبرمجيات‪،‬‬
‫بحيث لو طبعت في نسخة ورقية لمألت عشرة‬
‫آالف مجلد‪ ،‬كل مجلد منها ألف صفحة‪ ،‬ذلك‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪27‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫ما احتوته خلية واحدة من اإلنسان‪ ،‬فكيف بهذه‬


‫الكائنات الحية بأســرها؟ وكيف بهــذا الكون‬
‫الواسع وما احتواه في تضاعيفه من أسرار الخلق‬
‫وغوامض الطبيعة‪ ،‬التي يكتشــف العلم في كل‬
‫حين زاوية منها تزعزع ثقة العلماء بما اكتشفوه‬
‫ســابقا من أرقام أصبحت ال تســاوي شيئا مما‬
‫اكتشفوه الحقا؟!‬
‫وهذا يجعلهم ينكســون رؤســهم أمام هذه‬
‫المعجزة الباهرة‪ ،‬وفي كل ذلك تصديق لوعد اهلل‬
‫أن يريهم من آياته ما يدهــش عقولهم ويعرفهم‬
‫بأقدارهم‪ ،‬كما فــي قوله تعالى‪ ﴿ :‬ﭨ ﭩ‬
‫ﭪ ﭫ ﴾ األنبيــاء‪ ،٣٧ :‬وقوله‪ ﴿ :‬ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ ﴾ النمل‪ ،٩٣ :‬وقوله‪﴿ :‬ﯮ‬
‫ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ﴾‬
‫فصلت‪.٥٣ :‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪28‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫· التفكير الفطري عند األطفال‪:‬‬


‫ومع هذا كله كم نســمع من أصوات يرددها‬
‫أقزام المالحدة األدعيــاء الذين بلغ بهم الغرور‬
‫أن يتصور كل منهم أنه أعظم من رضوى وأكبر‬
‫من طور ســيناء‪ ،‬وهو ال يســاوي ذرة من غبار‬
‫األرض‪ ،‬زاعمين أنه ال صلة لإليمان بالعلم‪ ،‬وال‬
‫رابطة بين الوحي واالكتشــافات العلمية‪ ،‬وذلك‬
‫راجع إلى جهلهم وغرورهم‪ ،‬وكونهم لم يحوموا‬
‫حول حمى العلم‪.‬‬
‫فتلك أصــوات رادة العلم الذيــن أفنوا فيه‬
‫أعمارهم‪ ،‬واســتنفدوا فــي اكتشــافه طاقاتهم‪،‬‬
‫فعرفوا قوة صلته باإليمان‪ ،‬وداللته على ضرورة‬
‫الدين‪ ،‬وأن اإليمان باهلل تعالى فطرة يولد عليها‬
‫كل إنســان مصداقا لقوله تعالى‪﴿ :‬ﯔ ﯕ‬
‫ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪29‬‬


‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫ولقولــه ژ ‪« :‬ما من مولود‬ ‫الروم‪،٣٠ :‬‬ ‫ﯫ ﯬ﴾‬
‫إال يولد على الفطــرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه‬
‫أو يمجسانه»‪.‬‬
‫ومع إقصاء الدين واإليمان عن حياة اإلنسان‬
‫في المجتمع الغربي المادي الغارق في اإللحاد‬
‫واإلباحية‪ ،‬فقد ثبت أن األطفال هنالك ينشأون‬
‫على فطرة اإليمــان حتى ينحرف بهــم التعليم‬
‫الذي يتلقونه عن نهجه‪ ،‬وقد أكد ذلك كثير من‬
‫الباحثين فــي الغرب وخصص لذلــك الدكتور‬
‫جستون باريت مؤلفا خاصا سماه فطرية اإليمان‬
‫وذلك من واقع تخصصه في علم اإلدراك الديني‬
‫حيــث قــام بتجميع أشــهر األبحــاث العلمية‬
‫التجريبية التي تم إجراؤها منذ قرابة عشرين سنة‬
‫إلى اليوم علــى أطفال من عمر ‪ 9‬شــهور إلى‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪30‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫بضع سنوات‪ ،‬يســتعرض نتائجها المذهلة التي‬


‫تؤكد علــى والدة كل األطفال باألدوات العقلية‬
‫التي تمكنهم من اإليمان بخالق متميز عن البشر‬
‫ذي قدرة عظيمة‪ ،‬وكيفية تحليل طريقة األطفال‬
‫فــي التفكير وإيضاح طريقة اســتنباطهم لوجود‬
‫الخالق من أبســط البدهيات العقلية مثل عالقة‬
‫(السببية) في األشياء‪.‬‬
‫ومما قاله في كتابــه هذا‪« :‬إ ّن األفكار الدينية‬
‫جدا عــن األفكار المدعــاة أو الخيال‪،‬‬
‫مختلفة ً‬
‫فمنذ بدأت بإلقاء محاضرات عامة عن المعارف‬
‫التي بني هذا الكتــاب عليها‪ ،‬وأنا أتلقى الكثير‬
‫من التقارير من أنــاس يخبرونني فيها عن مدى‬
‫ســهولة اعتنــاق أطفالهــم للديــن‪ ،‬وعن مدى‬
‫صدهم عن اإليمان بــاهلل‪ ،‬فقد أخبرتني‬
‫صعوبة ّ‬
‫زميلة عمل ســابقة عــن بناتها الثــاث‪ ،‬وتبلغ‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪31‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫أكبرهن الثامنة من عمرها‪ ،‬تقول‪( :‬أنا مســيحية‬


‫ولكــن زوجي ملحــد‪ ،‬وقد قررنــا أن ال ندفع‬
‫أوالدنا في أي اتجاه‪ ،‬لكن هذا ال يبدو أنه مهم‪،‬‬
‫فالبنــات الثالث جميعهن يؤمن بــاهلل‪ ،‬وبدرجة‬
‫عميقــة‪ ،‬بــل إ ّن أكبرهن تشــاجرت مــع أبيها‬
‫وأخبرتــه أنــه مخطــيء باعتقــاده أ ّن اهلل غير‬
‫موجود)‪.‬‬
‫كما أبــدت أ ٌّم ملحــدة من أوكســفورد في‬
‫انجلتــرا ذهولها عندمــا اكتشــفت أ ّن طفلها ذا‬
‫الســنوات الخمس لديه إيمان راسخ باهلل‪ ،‬رغم‬
‫كل جهودها للعكس‪.‬‬
‫ووافق والــدان غير مؤمنين مــن انديانا بعد‬
‫تردد على إرسال طفلتهما‪ ،‬وهي في سن الروضة‬
‫إلى رحلة تنظمها مدرسة الكتاب المقدس‪ ،‬وقد‬
‫عادت الطفلة إلى المنزل من هذه الرحلة مبدية‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪32‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫رغبة عارمة لالستمرار في التعرف على اهلل‪ ،‬كما‬


‫اكتشــف زميل دنماركي أ ّن طفلتــه الصغيرة قد‬
‫تلقت صدفة حالة من اإليمــان باهلل‪ ،‬وذلك في‬
‫أحد أشــد المجتمعــات العلمانية على ســطح‬
‫األرض‪ ،‬إ َّن هذه القصص والكثير غيرها ليست‬
‫هي األســباب التي تدعونــي إلى القــول بأ ّن‬
‫األطفال يولــدون مؤمنين‪ ،‬لكنها تقــول إ َّن ما‬
‫يجري هنا هو شــيء مختلف عن المصادفة أو‬
‫التلقيــن‪ ،‬فلمــاذا يكون مــن الســهل أن ندفع‬
‫األطفال ليؤمنوا ويقتنعوا بنــوع من اآللهة أكثر‬
‫من المعتقدات األخرى‪ ،‬كاالعتقاد بفوائد نبات‬
‫ً‬
‫مثــا‪ ،‬أو أ ّن عمتهم الكبرى ليســت‬ ‫البروكلي‬
‫مرعبة ح ًّقا‪ ،‬أو االعتقاد بعدم وجود إله»‪.‬‬
‫وذكر بعــد ذلك أ ّن آبــاء االطفــال الصغار‬
‫والمراهقين منهم على وجه الخصوص يعلمون‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪33‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫أنهــم ال يســتطيعون ببســاطة برمجــة معتقد‬


‫غالبا‬
‫أطفالهم‪ ،‬فهم يســتطيعون تلقينهم‪ ،‬لكنهم ً‬
‫يفشــلون‪ ،‬وذكر عن الممثلــة الكوميدية جوليا‬
‫سويني (‪ )Julia Sweeney‬أنها حاولت تربية ابنتها‬
‫صعبا‪ ،‬وقال بعد‬
‫ً‬ ‫لتكون ملحدة لكن األمر بــدا‬
‫ذلك‪« :‬إ ّن المحاوالت المســتمرة لتلقين ابنتها‬
‫اإللحــاد باهلل واجهت صعوبات حقيقية بســبب‬
‫الميل الفطــري لألطفال نحو اإليمــان الديني‪،‬‬
‫فاألطفال ال يتقبلون كل األفكار على حد سواء»‪.‬‬
‫وقال في موضع آخر‪« :‬يتقبل األطفال بسهولة‬
‫أ ّن اهلل خالــق العالــم الطبيعــي مــن الجبــال‬
‫والبحيرات إلى األشــجار والفيلة‪ ،‬وتشهد هذه‬
‫الحقيقــة بالتأكيد علــى قابلية األطفــال لقبول‬
‫كائنات ذات قوة وقدرة تفوق البشر‪ ،‬يؤثر تفاعل‬
‫األطفال المبكر مع األشياء الفيزيائية عليهم‪ ،‬من‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪34‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫خالل التجربة المباشــرة فيدركــون أ ّن قدرتهم‬


‫الخاصة على تحريك األشياء‪ ،‬وتغيير البيئة لها‬
‫محــددات‪ ،‬فاألبــواب التي يريــدون فتحها ال‬
‫تتزحزح وأختهم الصغيرة ثقيلة بعض الشــيء‪،‬‬
‫فال يمكنهــم رفعها وحملها‪ ،‬ويســتدل األطفال‬
‫بالتأكيــد أ ّن الذي خلق الجبال لــه قدرة خارقة‬
‫صحيحا‪ ،‬ربما ولكننا لســنا‬
‫ً‬ ‫عموما‪ ،‬أليس ذلك‬
‫ً‬
‫مضطرين‪ ،‬لحســن الحظ أن نسلم بهذا الموقف‬
‫دون دليل مستقل»‪.‬‬
‫أيضا‪« :‬كنت أعرف طفلة أذهلت أهلها‬ ‫وقال ً‬
‫مرة وهي بعمــر الثانية عندما قالــت إنها رأت‬
‫مالئكة في غرفتها‪ ،‬وفي الزاوية العليا على وجه‬
‫الدقة‪ ،‬وفي عمر الثالثة وفي حالة غضب شديد‬
‫مــن أهلها دخلــت الطفلــة ذاتها إلــى غرفتها‬
‫وأغلقت الباب بعنف وبدأت تتمتم بعنف‪ ،‬كنت‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪35‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫هناك وشهدت هذا الموقف‪ ،‬وعندما فتح أهلها‬


‫الباب وطلبوا منها أن تفسر هذا التصرف الغريب‬
‫الذي قامــت به‪ ،‬جاوبت على الفــور‪( :‬لم أكن‬
‫أتكلم معكم‪ ،‬كنت أتكلم مع اهلل)‪.‬‬
‫كما نشــرت أم الطفل بِن الذي عمره ثالث‬
‫سنوات على الفيسبوك ما يلي‪( :‬أقتبس من قول‬
‫بن البارحــة‪ :‬تتكلــم حيوانات المــاء مع اهلل‪،‬‬
‫وتتكلم الديناصورات السابحة مع اهلل‪ ،‬وكذلك‬
‫يجــب أ ّن نكون كلنــا على تواصــل) تال ذلك‬
‫بالطبع بعد عدة دقائــق كالم تقليدي لطفل في‬
‫عمر الثالثــة‪ ،‬إذ قــال أريد أن أذهــب للمتجر‬
‫ألعابا»‪.‬‬
‫ً‬ ‫وأشتري‬
‫وبعد أن قطع شوطً ا في االستشهاد بكثير من‬
‫الشــواهد‪ ،‬من تجاربه الخاصة فــي تعامله مع‬
‫األطفال وأهليهم‪ ،‬قال‪« :‬عرضت في خريف عام‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪36‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫‪ 2006‬أمام مأل من الحضور فــي كلية فرانكلين‬


‫بعضا من‬
‫ً‬ ‫ومارشال في النكسنتر (بنســيلفانيا)‬
‫أفــكار هــذا الكتاب‪ ،‬وأثناء جلســة المناقشــة‬
‫الحيوية بعد المحاضرة الرســمية‪ ،‬بدا الجمهور‬
‫مهتما على األخص بمفهوم أ ّن أسس اإليمان أو‬‫ً‬
‫فطريا أثناء سنوات ما‬
‫ً‬ ‫حتى اإليمان نفسه ينشــأ‬
‫قبل المدرســة‪ ،‬ولما أكدت على هذا التفســير‬
‫قريبا من صفوف‬
‫للدليل الحالي بادر رجل كان ً‬
‫المقدمة بالسؤال المباشر‪( :‬أال يعني أن اإليمان‬
‫باإلله أمر صبياني؟) فأصابت الجمهور المهذب‬
‫وتهجميا‪،‬‬
‫ً‬ ‫وقحا‪ ،‬بل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ســؤال‬ ‫دهشة مما اعتبروه‬
‫وجيها»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫سؤال‬ ‫ولكنه كان‬
‫ومــا كان طرح هذا الســؤال ممن طرحه إال‬
‫للعقدة النفســية التي رانت علــى قلوب الذين‬
‫كفروا بــاهلل‪ ،‬فضاقت صدورهم مــن اإليمان به‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪37‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫تعالى‪ ،‬حتى عــدوا منطق الفطرة وصوت العقل‬


‫الدالين على أ ّن اإليمان به من ضرورات الحياة‬
‫هذيانا ال يصدر إال من أطفال قصر‪ ،‬أو من كان‬
‫ً‬
‫مثلهم فــي ضيق أفق التفكير‪ ،‬ومــا هو إال كما‬
‫أخبــر اهلل تعالى عن نفــوس هــؤالء المريضة‬
‫الخائبة في قولــه‪ ﴿ :‬ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬
‫ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﴾ الزمر‪.٤٥ :‬‬

‫· عبث المالحدة وتفسيراتهم المادية‪:‬‬


‫وقد أذهــل هذا الواقع غــاة المالحدة في‬
‫المجتمع الغربي ولم يجدوا إال أن يصفوا هذا‬
‫التفكير الفطري بأنه يعود إلى سذاجة الطفولة‪،‬‬
‫وما ذلك إال بســبب إظالم عقولهم وانطماس‬
‫بصائرهم بما تراكــم عليها من حجب اإللحاد‬
‫والكفر‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪38‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫وقــد أثبتت دراســات أكادميــة ـ في بعض‬


‫الجامعات الغربية تضافرت عليها جهود باحثين‬
‫متعمقين من جهات شــتى ـ أ ّن اإليمان بوجود‬
‫اهلل تعالــى وأنــه رب الوجود وخالقــه‪ ،‬ومبدئه‬
‫ومعيده‪ ،‬وأنه غاية كل ســاع وأمل كل ملهوف؛‬
‫فطر ٌة مركوزة في طباع الخلــق‪ ،‬يولد عليها كل‬
‫مولود‪ ،‬وينشأ عليها كل ناشئ‪ ،‬حتى تنحرف به‬
‫التربية عن هذا النهج الفطري المستقيم‪.‬‬
‫وهذا ما عجز عن إنكاره المالحدة أنفسهم‪،‬‬
‫ألن تلــك حقيقة أثبتتهــا دراســاتهم‪ ،‬فقد ذكر‬
‫د‪ .‬هشــام عزمي أنــه‪« :‬ال ينكر معظــم علماء‬
‫المالحــدة ـ إن لم يكــن كلهم ـ وجــود فطرة‬
‫نظرا لتضافر األدلة‬
‫اإليمان باهلل داخل اإلنســان‪ً ،‬‬
‫قديما وحدي ًثا على هذه الحقيقة‪ ،‬ففي بحث كبير‬
‫ً‬
‫تحــت إشــراف جامعة أوكســفورد عمــل فيه‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪39‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫‪ 57‬باح ًثا في عشرين دولة على مدار ‪ 3‬سنوات‪،‬‬


‫وتكلف ‪ 1.9‬مليون جنيه اســترليني‪ ،‬وتم نشــر‬
‫نتائجه في عــام ‪2011‬م‪ ،‬ثبت أ ّن األطفال الصغار‬
‫يولدون ولديهم فطرة اإليمان بوجود اهلل والحياة‬
‫بعد الموت»‪.‬‬
‫ثم أضاف إلى ذلك‪« :‬فقضيــة وجود الفطرة‬
‫فــي حــد ذاتهــا ال ينكرهــا المالحــدة‪ ،‬وال‬
‫يســتطيعون إنكارها‪ ،‬بعد حســمها من علمائهم‬
‫وكبرائهم أنفسهم‪ ،‬لكنهم يسعون إليجاد تفسير‬
‫مادي لها يتفق مع إنكار وجود اهلل»‪.‬‬
‫ثم ضــرب العديد من األمثلــة لمحاوالتهم‬
‫الفاشلة من أجل الخروج بهذه النتيجة ـ التي ال‬
‫مراء فيها ـ عن نهجها الصحيح‪ ،‬وتفســير ذلك‬
‫ماديا بجعل اإليمان بــاهلل واليوم اآلخر‬
‫تفســيرا ً‬
‫ً‬
‫نتيجة لتفاعالت معينة في دماغ اإلنسان‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪40‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫وهذا كله يؤكد أن حجة اهلل تعالى قائمة على‬


‫الناس جميعــا بما فطرهم عليه مــن دينه الحق‬
‫الذي جــاء به النبيــون عليهم الســام‪ ،‬وليس‬
‫االنحراف عن ذلك إال استجابة لهوى النفوس‪،‬‬
‫واستئســارا لمكائد الشــيطان وعمى عن الحق‬
‫والحقيقة‪ ،‬وهو ما دل عليه قوله ژ فيما يحكيه‬
‫إن ربــي أمرني أن أعلمكم‬ ‫عن ربه تعالى‪« :‬أال ّ‬
‫ما جهلتم مما علمني يومي هذا‪ ،‬كل مال نحلته‬
‫عبدً ا حالل‪ ،‬وإني خلقت عبــادي حنفاء كلهم‪،‬‬
‫وإنهم أتتهم الشــياطين فاجتالتهــم عن دينهم‪،‬‬
‫وحرمت عليهم مــا أحللت لهــم‪ ،‬وأمرتهم أن‬
‫يشركوا بي ما لم أنزل به سلطا ًنا‪ّ ،‬‬
‫وإن اهلل نظر‬
‫إلى أهل األرض فمقتهــم عربهم وعجمهم‪ ،‬إال‬
‫بقايــا من أهــل الكتــاب‪ ،‬وقال‪ :‬إنمــا بعثتك‬
‫ألبتليــك وأبتلي بك‪ ،‬وأنزلــت عليك كتا ًبا ال‬
‫نائما ويقظا ًنا»‪.‬‬
‫يغسله الماء تقرؤه ً‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪41‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫قــال اإلمــام النــووي‪« :‬أمــا قولــه تعالى‪:‬‬


‫(ال يغســله الماء) فمعناه محفــوظ في الصدور‬
‫ال يتطرق إليه الذهاب بل يبقى على مر األزمان‪،‬‬
‫وأما قوله تعالــى‪( :‬تقرؤه نائمــا ويقظان) فقال‬
‫العلماء معنــاه‪ :‬يكون محفوظا لــك في حالتي‬
‫النوم واليقظة وقيل تقرؤه في يسر وسهولة»‪.‬‬

‫· اهلل غالب على أمره‪:‬‬


‫ولم تكن نتائج هذه الدراســات التي قام بها‬
‫هؤالء الباحثون إال تهيئة لظهــور الحق وانتصار‬
‫رســاالت اهلل تعالى على الجاحدين والمعاندين‬
‫تصديقــا لقوله تعالــى‪ ﴿ :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ﴾‬
‫الصافــات‪ ١٧١ :‬ـ ‪ ،١٧٣‬وكل داعية يدعــو إلى اهلل على‬
‫بصيرة من أمره وإخالص لربه هو من جنده الذين‬
‫كتب اهلل لهم الغلبة‪ ،‬وقد وعد اهلل سبحانه بأن يظهر‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪42‬‬
‫َّ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ َ ّ ‪َ ٞ‬‬ ‫َ‬
‫ت وٱل ِ‬
‫ۡرض‬ ‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫أ ِف ٱللِ شك فاط ِِر ٱلسمو ِ‬

‫دينه الحق على كل دين‪﴿ ،‬ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬


‫ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ‬
‫ﭮ﴾ التوبة‪ ،٣٣ :‬وجميع محاوالت الملحدين‬
‫وأذنابهم األذلين للحيلولة دون نجاح ذلك ستبوء‬
‫بالفشــل الذريع‪ ،‬واإلخفاق الفاضح‪ ،‬فإن هذا هو‬
‫وعد اهلل الذي ال تبديــل لكلماته‪ ﴿ ،‬ﭑ ﭒ‬
‫ﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚﭛﭜﭝ‬
‫ﭞ ﭟ ﴾ التوبة‪.٣٢ :‬‬
‫فليخسأ الملحدون فإن اهلل غالب على أمره‪،‬‬
‫ﰑﰒ‬ ‫﴿ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ‬
‫ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﴾‬
‫المجادلة‪ ٢٠ :‬ـ ‪.٢١‬‬

‫‪ 13‬ذي القعدة ‪1442‬هـ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪43‬‬

You might also like