القضية الاجتماعية في المسرح المصري (سعد الدين وهبة نموذجا)

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 17

‫القضية االجتماعية في المسرح المصري (سعد الدين وهبة نموذجا )‬

‫تعرض مجتمعنا المصرى والعربى لهزات كثيرة‪ ،‬وهى تعد دون شك مجاًال‬
‫للتغيير‪ ،‬إذ " اختل التوازن داخل النسق‪ ،‬وبفعل عوامل داخلية أو خارجية‪ ،‬أى‬
‫من داخل النسق‪ ،‬مثل ظهور اختراعات أو تغيرات فى التركيب السكانى‪ ،‬أو من‬
‫خارج النسق‪ ،‬أى من جانب نسق الشخصية (أثر الشخصيات القيادية) أو نسق‬
‫الطبيعة (ظهور ثروات جديدة) أو حدوث نكبات طبيعية‪ ،‬أو بسبب االحتكاك‬
‫الثقافى لمجتمعات أخرى "‪.‬‬
‫وهو ما تحقق فى مجتمعنا المصرى‪ ،‬إذ حدثت الهزة االقتصادية الكبرى المسماة‬
‫باالنفتاح االقتصادى‪ ،‬وانقلب كثير من الموازين‪ ،‬وتراجعت بعض القيم‪ ،‬مما أثر‬
‫سلبًا على بنية مجتمعنا‪ ،‬وهو ما يتعارض مع قيم حرب أكتوبر النبيلة التى سعت‬
‫إلى غرس كثير من القيم اإليجابية‪ ،‬وسعت كذلك إلى محو ما أصاب مجتمعاتنا‬
‫العربية فى أعقاب هزيمة ‪1967‬م ‪.‬‬
‫إن كثيرًا من األعمال المسرحية العربية تعد مادة صالحة للتحليل والتمحيص‬
‫بهدف استخراج كثير من القيم اإليجابية أو السلبية فى مجتمعنا العربى‪ ،‬وحيث‬
‫إننا على دراية تامة بأن المسرح يأتى واحدًا من وسائل االتصال الجماهيرى‬
‫الهامة‪ -‬إن أردنا له وظيفة حقيقية وجادة – التى تسهم فى تنمية وعى المواطن‬
‫العربى ووجدانه حتى يحصن فى استشراف المرحلة القادمة‪ ،‬فنقوم بعض التردى‬
‫فى مجتمعاتنا العربية بعد أن نراها مجسدة أمامنا بين مؤلفات الكاتب المسرحى‬
‫أو على خشبة المسرح‪ ،‬وهى كاشفة لنا أبعاد الزيف والخداع الذى يحول بيينا‬
‫وبين مواجهته من أجل التغيير‪.‬‬
‫تحدث إريك بنتلى عن إبسن حين كتب مسرحياته االجتماعية التى تحدثت عما‬
‫بهذا المجتمع األوروبى من زيف وخداع ونفاق وكذب‪ ،‬بقوله ‪ :‬إن إبسن فضح‬
‫أوروبا فى أعماله المسرحية‪ ،‬وهو يقصد من وراء ذلك دعوته إلى تغيير أحوال‬
‫هذا المجتمع بعد كشفه وفضحه‪ ،‬وهو ما يجعلنا نفترض ذلك عند بعض كتاب‬
‫مسرحنا المصرى والعربى‪ ،‬إذ سعى بعضهم – كما سيتضح عند التحليل – إلى‬
‫فضح مجتمعنا العربى من خالل أعمالهم المسرحية دون خوف أو مهادنة‪ ،‬من‬
‫أجل التأكيد على أن ثورة ‪ 1952‬م بقدر ما كان لها من غاية شريفة بقدر ما‬
‫خلفت وراءها كثيرًَا من القضايا االجتماعية التى كانت بحاجة إلى رصد‪ ،‬وكذا‬
‫الحال بالنسبة إلى حرب ‪ 1973‬مـ واالنفتاح االقتصادى‪ ،‬فبقدر ما كان لالنفتاح‬
‫االقتصادى الذى أعقبها مساوئ جمة فى اإلقالل من قيمة هذه الحرب‪ ،‬واإلطاحة‬
‫بما حققته من مكاسب عسكرية ليتفرغ الجميع إلى حصد ثمار االنفتاح‬
‫االقتصادى‪ ،‬ويتجاهل الجميع ما أحدثته حرب أكتوبر من تغييرات كثيرة سعت‬
‫جميعها إلى بناء إنسان مصرى بناء سويًا‪ ،‬بقدر ما كان لها – أى حرب ‪1973‬م‬
‫– من مزايا جمة حصدتها منطقتنا العربية جمعاء‪.‬‬
‫ويتفق رأى جون دوفينيو مع ما أصاب مجتمعنا العربى فى أعقاب حرب أكتوبر‬
‫فى أنه " يستحيل على المسرح التعبير عن التجربة االجتماعية لمجتمع ما‬
‫بأسرها‪ ،‬بل توجد مجتمعات أخذ المسرح فيها موقف الضد بعنف تجاه معتقدات‬
‫الحياة الجماعية‪ ،‬ومثالى على بعض األشكال الدرامية التى جابهت األوضاع‬
‫االجتماعية الثابتة هو المدرسة الكالسيكية الفرنسية فى القرن السابع عشر التى‬
‫أخذت اتجاهًَا ضد التيار السائد فى تلك الفترة‪ ،‬فطرحت معاييرها فى جو من‬
‫الجدل والمعاداة "‪.‬‬
‫وهو ما نراه يتحقق فى مرحلة ما بعد حرب ‪1973‬م‪ ،‬إال أنه مع ذلك يتحقق فى‬
‫مرحلة ما بعد ثورة ‪1952‬م‪ ،‬إذ جاء المسرح متوافقا من حيث أشكاله الدرامية‬
‫مع ما أصاب المجتمع من تغيير فرض على المسرح القضايا االجتماعية‬
‫والسياسية دون أن يحدث االنفصال‪.‬‬
‫إن التنوع الشديد فى التجارب االجتماعية يترتب عليه تنوع فى التعبير الدارمى‬
‫عنها‪ ،‬وذلك من خالل ما يطرحه المجتمع‪ ،‬وهو ما يتفق مع مقولة جوز فيتس‬
‫فى أنه إذا كان المسرح منغرسًا فى الحياة االجتماعية بعمق فإن معنى هذا‬
‫الغرس واتجاهه يتنوعان وفقًا ألنماط المجتمعات ومستويات الواقع‪.‬‬
‫وهو ما يتبلور فى أعمال كتاب مسرحنا المصرى والعربى‪ ،‬إذ ظهرت مسرحيات‬
‫اجتماعية أبدعها كتاب أمثال نعمان عاشور ومحمد عنانى وعلى سالم وسعد‬
‫الدين وهبة وسمير سرحان وعبد العزيز حمودة وفوزى فهمى ونبيل بدران‪،‬‬
‫صورت – من خالل أعمالهم – ما يعترى هذه المجتمعات من تحريات وتطورات‬
‫يترتب عليها وجود حركة مع أو ضد ‪ ،‬وأعنى بها من هم يحافظون على قيم‬
‫الماضى وتقاليده أو ضدها‪ ،‬ويسعون إلى اإلطاحة بها ‪ ،‬وهو ما يلخصه لنا نبيل‬
‫السمالوطى بقوله ‪ " :‬يوجد داخل كل تجمع بشرى منظم‪ ،‬سواء كان ذلك المجتمع‬
‫جماعة أو مجتمعا‪ ،‬محليًا أو عامًا‪ ،‬نوعان من العمليات والقوى االجتماعية‪،‬‬
‫النوع األول يتمثل فى تلك العمليات التى تحاول الحفاظ على االستمرار البنائى‬
‫للنسق االجتماعى‪ ،‬أو الجماعة‪ ،‬أما النوع الثانى فإنه يتمثل فى تلك العمليات التى‬
‫تحاول تغيير بعض العالقات أو القيم أو النظم السائدة داخل الجماعة"‪.‬‬
‫القضية االجتماعية فى مسرح سعد الدين وهبة ‪:‬‬
‫إن التحوالت االجتماعية والسياسية التى أحدثتها ثورة ‪1952‬م كان لها اآلثار‬
‫الجمة على طبيعة أعمال كتاب المسرح المصرى‪ ،‬إذ جاءت أعمالهم معبرة عن‬
‫هذا الواقع الجديد بما عكسته من صور التعبير عن الحياة االجتماعية الجديدة‬
‫والتحوالت السياسية التى مرت بها بالدنا‪ ،‬مما دفع كثيرًا من كتاب المسرح إلى‬
‫تسجيل كثير من القضايا التى شغلت اهتمامهم‪ ،‬وجاءت القضية الوطنية فى طيات‬
‫مسرحيات كثير من أعمال كتاب المسرح المصرى الذين سعوا إلى تسجيل كثير‬
‫من القضايا الوطنية‪ ،‬جاء أولها متمثًال فى العدوان الثالثى على مصر عام‬
‫‪1956‬م‪ ،‬وظهرت كاستجابة للحدث الوطنى ثالث مسرحيات من فصل واحد‬
‫عرضت فى موسم ‪ 1956‬و ‪ 1957‬م‪ ،‬والقت إقباًال واسعًا‪ ،‬وهى ‪ " :‬عفاريت‬
‫الجبانة " لنعمان عاشور و "صوت مصر" أللفريد فرج و " مش ها نسلم " لمحمد‬
‫عبد الرحمن خليل‪.‬‬
‫وهكذا سجل كثير من الكتاب كفاح الشعب المصرى ضد العدوان الثالثى‪ ،‬معتمدين‬
‫فى مضامين مسرحياتهم على إبراز القضية المصرية‪ ،‬ليس فقد فى مصر‬
‫وحسب‪ ،‬بل شمل إهتمام الكتاب عرض القضية الوطنية فى بلدان عربية أخرى‪،‬‬
‫كما تمثل هذا فى مسرحية " مأساة جميلة " لعبد الرحمن الشرقاوى‪ ،‬التى ترصد‬
‫سعى شعب الجزائر إلى تحرير أرضه‪.‬‬
‫إن اهتمام كتاب مسرحنا المصرى لم يقتصر على تناول أبعاد القضية الوطنية‬
‫التحريرية وحسب‪ ،‬بل امتد إلى رصد آفاق التغييرات االجتماعية فى الريف‬
‫والمدينة‪ ،‬وظهرت أعمال مسرحية فى مرحلة ما بعد قيام الثورة تقترب من‬
‫القضية االجتماعية‪ ،‬وبالفعل احتلت " القضية االجتماعية مكان الصدارة بين‬
‫القضايا المطروحة فى الواقع وعلى منصة المسرح "‪.‬‬
‫وعليه نستطيع القول إن قضايا تحرير اإلنسان من الفقر والقضاء على الظلم‬
‫وتحقيق العدالة االجتماعية ومحاولة تحقيق الغد اآلمل‪ ،‬هى جوانب هامة أبرزتها‬
‫أعمال كتاب المسرح الذين ركزوا بشكل أساسى على القضية‪.‬‬
‫وقد سعى هؤالء الكتاب فى كثير من أعمالهم إلى طرح هذه المضامين فى إطار‬
‫الدراما الواقعية‪ ،‬وإن اتخذوا صيغًا عديدة‪ ،‬منها ما عرف بصيغة الدراما الواقعية‬
‫اإلجتماعية‪ ،‬وأخرى عرفت بصيغة الدراما الواقعية االجتماعية االنتقادية‪،‬‬
‫وبعضها عرف بالدراما الواقعية السياسية‪.‬‬
‫ومهما تعددت صيغها إال أنها جميعًا سعت إلى تحقيق قدر من التوافق‪ ،‬خاصة‬
‫فيما يتعلق بأسلوب رسم الشخصيات أو اللغة المستخدمة التى جاءت فى أغلبها‬
‫عامية أو قريبة مما سماها توفيق الحكيم باللغة الثالثة‪.‬‬
‫اتخذت القضية االجتماعية فى مسرح كتاب مرحلة الستينات والسبعينات العديد‬
‫من المحاور التى تصب جميعها فى إطار القضية االجتماعية‪ ،‬فبعضهم ركز على‬
‫قضية الصراع الطبقى كما عند سعد الدين وهبة فى ‪ :‬المحروسة والسبنسة‬
‫وكوبرى الناموس وكفر البطيخ وأحذية الدكتور طه حسين‪ ،‬وعند نعمان عاشور‬
‫فى ‪ :‬وابور الطحين‪ ،‬والناس اللى تحت‪ ،‬والناس اللى فوق‪ ،‬وغيرها من أعمال‬
‫كتاب مسرحنا المصرى‪.‬‬
‫المحروسة والقضية االجتماعية فى مسرح الستينيات‪:‬‬
‫سعى سعد الدين وهبة فى الكثير من أعماله المسرحية إلى ضرورة الثورة على‬
‫القيم البالية السلبية‪ ،‬وسعى إلى ضرورة تحقيق قيم إيجابية‪ ،‬قيم تنادى بضرورة‬
‫التغيير والقضاء على سلبيات الماضى‪.‬‬
‫على أن هذا المنهج قد تحقق – بشكل مباشر – فى أعماله األولى منذ مسرحيته‬
‫األولى " المحروسة " وصوًال إلى " سكة السالمة " ‪ 1967‬م‪.‬‬
‫يلح سعد الدين وهبة على ضرورة التغيير‪ ،‬إلى أن نصل إلى مسرحيته " أحذية‬
‫الدكتور طه حسين " تلك المسرحية التى تطرح كثيرًا من القيم السلبية التى‬
‫أصابت مجتمعنا المصرى فى أعقاب االنفتاح االقتصادى‪ ،‬إال أنه ال ينادى‬
‫بضرورة الثورة بشكل مباشر كما فعل فى أعماله السابقة‪ ،‬بل نجده يعرض هذه‬
‫السلبيات وما وصلنا إليه فى حال‪ ،‬دون أن يتحرك‪ ،‬وبشكل واضح‪ ،‬نحو التغيير‬
‫كما فعل فى مسرحياته السابقة‪.‬‬
‫اهتم سعد الدين وهبة من خالل مسرحياته‪ :‬كفر البطيخ والمحروسة والسبنسة‬
‫وسكة السالمة‪ ،‬برصد أبعاد القضية االجتماعية التى تمركزت حول محاولة‬
‫إظهار جوانب الظلم االجتماعى الواقع على فئات الشعب المصرى‪ ،‬سواء‬
‫الفالحون أو أبناء المدينة‪.‬‬
‫ومن خالل هذه المسرحيات التى تركز على إبراز القضية اإلجتماعية " يصور‬
‫إنسانية اإلنسان الضائعة فى عوالم النفاق واالستغالل الطبقى ممثلة فى ‪" :‬‬
‫المحروسة‪ ،‬و كوبرى الناموس‪ ،‬وسكة السالمة ‪ ،‬وبير السلم "‪.‬‬
‫فها هو فى مسرحيته " المحروسة " يعرض الظلم والفساد الذى استشرى فى‬
‫ريف مصر من خالل عدد من الشخصيات النمطية الجاهزة‪ ،‬حيث تعرض كل‬
‫شخصية حكايتها الصغيرة فتنمو أبعاد الحكاية إلى أن تكتمل الجزئيات فى مشهد‬
‫واحد كبير يمثل المسرحية ككل‪ ،‬فمنذ بداية المسرحية يعرض المؤلف أطراف‬
‫قضيته االجتماعية‪ ،‬وهى الشخصيات الحاكمة المستبدة كل العصور الذى يتلون‬
‫ويتصرف دون معاناة‪ ،‬ومفتش الصحة المنافق‪ ،‬والخواجة الخبيث‪ ،‬هذا إلى‬
‫جانب بعض الشخصيات المغلوبة على أمرها‪ ،‬مثل‪ :‬عبد الحميد وأخوه اللذان‬
‫يعدان نموذجين للفالح المصرى قبل الثورة‪ ،‬وأم عباس قارئة الفنجان وصانعة‬
‫األحجبة وبائعة المناديل‪ ،‬ووكيل النيابة الذى يمثل العدل ومحاولة إنصاف‬
‫المظلومين ضد الظالمين‪ ،‬وكذا عبده مدرس اإللزامى‪ ،‬إلى جانب غيرهم من‬
‫الشخصيات‪.‬‬
‫يتحدث عبده اإللزامى الثائر على كل شئ ‪ ،‬الرافض للظلم الواقع عليه من قبل‬
‫مفتش التربية والتعليم الذى ال يرحمه ويطلب منه الكثير من الهدايا‪ ،‬سواء‬
‫الزبدة والبيض أو أى شئ‪ ،‬ويعلن عبده أفندى عجزه عن مجاراة هذا النفاق ألنه‬
‫عاجز عن تحقيق طلبات المفتش‪.‬‬
‫منصور ‪ :‬يعنى أربع برايز كانوا حايضلعوك ؟‬
‫عبده ‪ :‬أيوه يضلعونى‪ ،‬ثم حتى لو كانوا ما يضلعونيش ‪ ..‬أجيب له ليه ؟ طلب‬
‫الزبدة ‪ ،‬قلنا رطلين موش حاجة‪ ،‬يا عبده الست عاوزة رطلين حلوين‪ .‬جبناهم‪.‬‬
‫قلنا الفلوس يمكن بكرة‪ ،‬يمكن بعده‪ ،‬وادى وش الضيف‪ ،‬فات ييجى جمعة‪،‬‬
‫وبعدين يا عبده (يقلد المفتش) شم النسيم إمتى ؟ يوم ثمانية يا حضرة المفتش‪،‬‬
‫يا عبده شم النسيم قرب‪ ،‬كل عام وجنابك بخير يا سعادة المفتش‪ ،‬يا عبده شم‬
‫النسيم الجمعة الجاية ‪ .‬أهًال وسهًال يا حضرة المفتش‪ ،‬كل ده وال إنى هنا "‪.‬‬
‫ويستمر عبده مدرس اإللزامى فى عرض قضيته التى أرقته‪ ،‬ويعلن رفضه فى‬
‫تحقيق مطالب المفتش‪ ،‬وأنه سوف يرفع شكوى إلى المسئولين‪ ،‬ووصل به األمر‬
‫إلى أكثر من الوزير والوزارة ‪ ،‬إنه قرر أن يرسل شكواه إلى الملك الصالح‪،‬‬
‫وبالفعل يرسل عبده شكوى إلى الملك‪ ،‬ويجعل األوبرج عنوان رسالته‪ ،‬وبالفعل‬
‫يأتيه الرد بالرفد ‪:‬‬
‫الحكيمباشى ‪ :‬الرد ‪ ...‬الرد جه كمان ؟‬
‫عبده ‪ :‬وحياتك فى ثالث ساعات ‪ ...‬الجواب راح فى تالث تيام‪ ،‬والرد جه فى‬
‫تالت ساعات‪.‬‬
‫الحكيمباشى ‪ :‬وكان أيه الرد ؟‬
‫عبده ‪ :‬حاجة بسيطة ‪ ..‬يوم فى سجن المديرية ‪ ...‬وترحيل على مصر فى ديوان‬
‫درجة أولى عمر أبويا ما ركبه ‪ ،‬ويوم تحقيق فى القلم السياسى‪ ،‬وجمعة فى‬
‫سجن األجانب‪ ،‬وبعدين إفراج وقرار الفصل "‪.‬‬
‫شخصية أخرى من شخصيات المسرحية تعكس لنا جانبًا من جوانب القضية‬
‫اإلجتماعية فى هذه المسرحية‪ ،‬وأقصد بها زوجة المأمور التى تعيش حياة الدجل‬
‫واألحجبة والسحر وقراءة الفنجان‪ ،‬وكل ما تفكر فيه هو أنها صاحبة هذه‬
‫المحروسة‪ ،‬وأن زوجها هو رجل المحروسة األول‪ ،‬والبد أن يعلم الجميع ذلك‪،‬‬
‫وأن زوجة هو رجل المحروسة األول‪ ،‬والبد أن يعلم الجميع ذلك‪ ،‬وأن زوجة‬
‫وكيل النيابة البد أن تعلم ذلك‪ ،‬ويدور الصدام بينهما طوال المسرحية من أجل‬
‫سيطرة كل واحدة منهما على مقاليد األمور ليجتمع حولها النساء‪ ،‬ويقررن بأنها‬
‫هى سيدة المحروسة‪:‬‬
‫حرم المأمور ‪ :‬أنا عايزاها تقعد فى بيتها زى الكلب‪ ،‬ال حد يدخل لها وال حد‬
‫يخرج لها‪.‬‬
‫أم عباس ‪ :‬من بكرة وحياتك ما حد حايعتب عندها ‪ ...‬وأبقى قولى أم عباس‬
‫قالت لى‪.‬‬
‫حرم المأمور ‪ :‬قال بنت العفاريت عاملة ست على ‪ ...‬إلهى يستتوكى فى‬
‫التراب ‪ ..‬قال تدخل السيما وتتجعص فى اللوج وتحط رجل على رجل ‪ ..‬ويقولوا‬
‫لها مرات المأمور عايزة اللوج‪ ،‬تقوم تقول تيجى تقعد معايا‪.‬‬
‫أم عباس ‪ :‬يا ستى ما هو آخر زمن ‪ ...‬ما عدش حد عارف األصول‪.‬‬
‫حرم المأمور ‪ :‬اللى موش عارف األصول نعرفه‪ ،‬إنما أنت يعنى مطمنة على‬
‫المية؟‪.‬‬
‫وهكذا نتعرف على جوانب شخصية حرم المأمور المتغطرسة وسعيها للحصول‬
‫على الهدايا من الفالحين واألعيان بأى وسيلة ‪:‬‬
‫المأمور ‪ :‬طولى بالك ‪ ...‬والنبى حتفرقيه وتبقى تقولى جوزى المأمور قال ‪..‬‬
‫مين اللى بعت الفاكهة دى ؟‬
‫حرم المأمور ‪ :‬جماعة الهباشة بعتوا لنا قفصين موز وقفص تفاح ‪ ...‬نسيت‬
‫أقول لك عديلة هانم عايزة خدامة‪.‬‬
‫المأمور ‪ :‬خدامة ! ‪ ..‬أنا بقيت جايب لها ييجى عشرة فى شهر واحد وما‬
‫ينفعوش ‪ ..‬دى طويلة ‪ ..‬دى قصيرة ‪ ..‬دى عرجة ‪ ..‬دى عوجة ‪.‬‬
‫حرم المأمور ‪( :‬مقاطعة) ‪ ..‬ال موش لها‪ ،‬دى لواحدة صاحبتها‪.‬‬
‫المأمور ‪ :‬نجيب يا ستى ‪ ..‬حاضر ‪.‬‬
‫حرم المأمور ‪ :‬والزبدة ؟‬
‫المأمور ‪ :‬أنا موصى عليها ‪ ...‬نص قنطار موش كده ؟ كلها يومين والعمدة‬
‫يكون لمهم‪.‬‬
‫المأمور ‪ :‬هو طبعًا عنده تفتيش الخاصة ‪ ..‬والفالحين هناك جناحتهم مكسورة‪.‬‬
‫حرم المأمور ‪ :‬ده راجل صاللى ‪ ...‬القنطار اللى جابه لخالى طلع ناقص رطلين‬
‫وهكذا يتضح الظلم االجتماعى الواقع على الفالحين من قبل المأمور وزوجته‪،‬‬
‫وبمساعدة العمدة يأخذون رزق الفالحين من أجل إطعام المأمور وأسرته‪ ،‬وخال‬
‫زوجته ومعارفه‪ ،‬بل أكثر من ذلك تتباهى زوجة المأمور بمكانة زوجها‪ ،‬وتسعى‬
‫إلى أن تزوج ابنتها نادية من الضابط سعيد الذى يرفض هذه الزيجة‪ ،‬كما تتباهى‬
‫بأنها سوف تحتف هذا العام بالمولد النبوى‪ ،‬وتمر التشريفة من أمام منزلها‬
‫إعالنًا عن مكانتها االجتماعية التى ال تدانيها مكانة أية أمرأة أخرى‪ ،‬خاصة‬
‫زوجة وكيل النيابة‪ ،‬إال أن هذا ال يحدث‪:‬‬
‫حرم المأمور ‪ :‬اتفضلوا بقا يا ستات فى البلكونة ‪ ..‬باين التشريفة قربت‪.‬‬
‫(تقوم نبوية وأم عبد الواحد‪ ،‬وتقوم حرم المأمور فتقف حسنية وفوزية ونادية)‪.‬‬
‫حرم المأمور ‪ :‬اتفضلوا ‪.‬‬
‫(تدخل الخادمة الهثة ‪ ..‬يتوقف الجميع)‬
‫الخادمة ‪ :‬التشريفة عند بيت وكيل النيابة ‪ ...‬والزغاريط طالعة من البيت‪.‬‬
‫ويشترك فى هذا الظلم االجتماعى المأمور وزوجته ومعه بعض من أعوانه‪،‬‬
‫وكذلك الخواجة المنافق الخبيث‪ ،‬ومعه الطبيب المنافق الذى ينسحب من الساحة‬
‫إذا استشعر الخطر‪ ،‬ثم يعو بعد أن تهدأ األجواء‪ ،‬أما عن العمدة فتتضح مالمح‬
‫شخصيته وجوانبها‪ ،‬فهو الرجل الذى ال يعرف إال الظلم والرشوة والفساد‪ ،‬وبعد‬
‫أن تقع جريمة قتل يكون هو القاتل فيها‪ ،‬يتحايل ليزج بإنسان مظلوم ألنه رفض‬
‫أن يبيع أرضهن ومن خالل هذا الموقف تتبلور لنا أبعاد هذه الشخصية‪.‬‬
‫المعاون ‪( :‬بإنزعاج) ‪ :‬خير يا سعادة البيه ؟‬
‫المأمور ‪ :‬خير إزاى ! ‪ ..‬اسمع ‪ ..‬إشارة من عند عمدة المحروسة ‪ ..‬حضر إلينا‬
‫بالدوار المدعو عبد الحميد غزال شقيق المتهم األول واعترف لنا بأنه هو الذى‬
‫قتل محفوظ‪ ،‬وصار إرساله مقبوضًا عليه للنيابة‪.‬‬
‫المعاون ‪ :‬يا نهار أسود ‪.‬‬
‫المأمور ‪ :‬اتنين متهمين معترفين على قتل واحد ؟ أدى عمدة المحروسة اهلل‬
‫يخرب بيته ‪ ..‬اتنين متهمين معترفين ‪ ..‬رحنا فى داهية يا حضرة المعاون ‪.‬‬
‫بعد فشل عمدة المحروسة فى الزج بعبد الحميد فى السجن‪ ،‬وبعد أن أرشد على‬
‫السالح المزيف‪ ،‬وبعد أن أحضر الشهود وبرأته النيابة‪ ،‬ال يجد أمامه إال أن يلفق‬
‫التهمة إلى عبد الحميد ليزج به هو وأخوه فى لمان طره ‪.‬‬
‫يسود الظلم والقهر أجواء المسرحية‪ ،‬فالعمدة والمأمور والمعاون وأعوانهم‬
‫يظلمون‪ ،‬ووكيل النيابة يحافظ على العدل ويتصدى لظلم المأمور والعمدة الواقع‬
‫على الفالحين‪ ،‬والضابط سعيد يقف إلى جوار وكيل النيابة‪ ،‬وتنتهى القضية‬
‫االجتماعية هنا بزوال الظلم عن المحروسة‪ ،‬وذلك بعد أن نقلوا المأمور إلى‬
‫خارجها‪ ،‬إال أن وكيل النيابة الذى تكاتف عليه الجميع نقل أيضًا‪ ،‬وكذلك الضابط‬
‫سعيد ينقل إلى نقطة الزاوية داخل المركز‪.‬‬
‫تتبلور جوانب القضية التى تعكس الظلم االجتماعى الواضح فى استغالل السادة‬
‫لمالكى األراضى الزراعية من صغار الفالحين‪ ،‬ومحاولة إجبارهم على التنازل‬
‫عن أراضيهم بالقوة وإال يزج بهم فى السجون‪ ،‬هذا ما فعله بعض الفالحين‬
‫الذين رفضوا بيع أراضيهم للشركة‪:‬‬
‫عبد الحميد ‪ :‬فضل كام راجل فى البلد ما رضيوش يبيعوا أرضهم ‪ ...‬حنفى‬
‫وعوضين ومبروك ومحفوظ وأنا وأخويا عبد المجيد‪.‬‬
‫الضابط ‪ :‬انتو ما بعتوش ؟‬
‫عبد المجيد ‪ :‬نبيع إزاى يا سعادة البيه ! ‪ ...‬ده حتى بياخدوا الفدان بالتراب ‪...‬‬
‫وبعد الواحد ما كان صاحب ملك يالقى نفسه ثانى يوم نفر عندهم‪.‬‬
‫وهكذا يعلم الضابط سعيد أبعاد الموضوع من عبد المجيد ‪ ،‬ولماذا يصر العمدة‬
‫على الزج بهما فى السجن‪ ،‬وبالفعل ينجح المأمور والعمدة والمعاون فى ضياع‬
‫جهود الخير واالنتصار عليهم انتصار الظلم والقوة والسطان‪:‬‬
‫المعاون ‪ :‬وزير الداخلية أصدر قرار باعتقالهم فى جبل الطور ‪ ..‬اللى كلمنى كان‬
‫علشان كده‪.‬‬
‫عبد الحميد وعبد المجيد ‪ :‬جبل الطور ؟!‬
‫المعاون ‪( :‬جرس) يا نمرة واحد ‪.‬‬
‫(يدخل عسكرى)‪.‬‬
‫المعاون ‪ :‬حط الحديد فى أيديهم ‪ ...‬وخلى بالك دول خطرين ‪ ...‬رايحين‬
‫الطور ‪ ..‬تصبح على خير يا سعيد أفندى‪.‬‬
‫(يتقدم العسكرى فيضع يده على الشقيقين‪ ،‬وأثناء ذلك يسدل الستار)‪.‬‬
‫ويرفض وكيل النيابة هذا الظلم ويتصدى له‪ ،‬وكذلك الضابط سعيد‪ ،‬إال أن المؤلف‬
‫يقوى من أبعاد الظلم االجتماعى بأن يجعل صوت الظلم ينتصر لقدرتهم وامتالكهم‬
‫مقاليد السلطة والقوة‪.‬‬
‫إن هذه المسرحية وغيرها من أعماله المسرحية التى تصور القضية االجتماعية‪،‬‬
‫والتى كتبها فى مرحلة الستينيات " تجسد لنا مجموعة من النماذج البشرية‬
‫تتنوع استجابتهم لألحداث المحيطة بهم‪ ،‬وتختلف مواقعهم باختالف أوضاعهم‬
‫الطبقية واالجتماعية‪.‬‬
‫إن مسرحية المحروسة تعد نموذجًا ألعمال سعد الدين وهبة التى كتبها فى‬
‫مرحلة الستينيات‪ ،‬والتى ركزت جميعًا‪ ،‬وبشكل مباشر‪ ،‬على رصد القضية‬
‫االجتماعية‪ ،‬وما أصاب مجتمعنا من تغيير‪ ،‬إذ اعتمد على رصد التطورات‬
‫والتغييرات التى حدثت فى المجتمع عقب ثورة ‪1952‬م‪ -‬كما سبق الذكر –‬
‫ساعيًا من خالل مسرحيات هذه المرحلة إلى رصد الواقع االجتماعى بصراعاته‪،‬‬
‫ورصد التحوالت االجتماعية على المستويين المادى والقيمى‪ ،‬ويشمل هذا الرصد‬
‫الريف والمدينة معًا‪ ،‬وطرق حياة الطبقات المختلفة‪.‬‬
‫هذا إلى جانب تركيزه الواضح على رصد الصراع الطبقى بين القديم والجديد‬
‫محاوًال من خالل كل ذلك أن يحرر اإلنسان من الفقر والظلم واالستغالل كل هذا‬
‫يؤكد‪ ،‬وبشكل مباشر‪ ،‬أن مسرحه فى هذه المرحلة لم يكتف قط بالكشف عن‬
‫مساوئ الواقع االجتماعى‪ ،‬ولم يحفل بتقديم الحلول‪ ،‬وإنما اكتفى بالتعرية‬
‫واإلدانة‪ ،‬وترك هذه أثره على نهايات المسرحيات‪ ،‬فأضفى عليه جوًا من الهدوء‬
‫النسبى على الرغم من قتامة الواقع‪.‬‬
‫إن سعد الدين وهبة – وكما سيتضح فيما بعد – تأثر كثيرًا فى مسرحه‪ ،‬وفى‬
‫أسلوب معالجته لقضاياه االجتماعية‪ ،‬بمسرح هنريك إبسن وبرنارد شو‬
‫وتشيخوف‪ ،‬وهو ما جعل الدكتور سمير سرحان يصف مسرحياته ومسرحيات‬
‫نعمان عاشور بقوله " إن هذه المسرحيات جمعت بين أسلوب المسرح الواقعى‬
‫االجتماعى الحديث من خالل بناء واقعى يعتمد على العرض فاألزمة فاالنفراج‪،‬‬
‫ومن خالل موضوع معاصر وشخصيات معاصرة‪.‬‬
‫اإلطار الدرامى لمسرحية " المحروسة "‪.‬‬
‫يعد مسرح سعد الدين وهبة مسرحًا واقعيًا من حيث الشكل والمضمون‪ ،‬يعكس‬
‫فى مراحل متتالية صيغًا عديدة‪ ،‬فنراه فى أعماله المسرحية األولى يركز على‬
‫الدراما الواقعية بصيغتها االنتقادية‪ ،‬كما تمثل هذا فى مسرحياته ‪ :‬كفر البطيخ‬
‫والمحروسة والسبنسة ‪ ،‬ففى مسرحيته " المحروسة " محل التحليل ‪ ،‬يسعى‬
‫المؤلف لكى يعرى الواقع االجتماعى الذى تحياه القرية المصرية‪ ،‬وكذا المدينة‪،‬‬
‫معتمدًا فى ذلك على استخدام تكنيك مسرح القضية الذى " ظهر فى فرنسا فى‬
‫النصف الثانى من القرن الماضى‪ ،‬واستخدم شكًال متطورًا على يد إبسن فى‬
‫مسرحه االجتماعى"‪.‬‬
‫ويترتب على استخدام هذا التكنيك أن يركز المؤلف على القضية االجتماعية‬
‫ويسعى من خالل استخدام تكنيك المناقشة إلى تقليب " القضية االجتماعية على‬
‫وجوهها المختلفة دون اعتبار لتطور الحدث الدرامى من خالل أفعال الشخصية‬
‫وليس أقوالها "‪.‬‬
‫وتكنيك القضية يعتمد على عرض القضية ومناقشتها من جميع جوانبها فى‬
‫محاولة منق بل الشخصيات أن تتخذ كل شخصية موقفًا حيال القضية المطروحة‬
‫يترتب عليه بطبيعة الحال أن تكون مع أو ضد ‪ ،‬وهو ما يخلق حالة من المعارك‬
‫الجدلية‪ ،‬ويحدث فى بعض األحيان حالة من الكوميديا الفكرية والحركية‪ ،‬وهو ما‬
‫نجده يحدث فى مسرح برنارد شو وتشيخوف‪.‬‬
‫على أننا نرى أن البناء الواقعى فى مسرح سعد الدين وهبة الواقعى االجتماعى‬
‫قد لجأ فى بعض عناصره الفنية‪ ،‬وخاصة فيما يتعلق بمالمح بناء شخصياته –‬
‫على سبيل المثال – إلى استخدام شخصيات نمطية ال تتمتع بأى مالمح ذاتية أو‬
‫نفسية خاصة بها حيث ال نجد البطل وكذا الشخصيات المتفردة‪ ،‬فالبطل يفقد‬
‫مكانته فى المسرحية االجتماعية‪ ،‬ويصبح المجموع هو البطل‪.‬‬
‫فكل شخصية تمثل نموذجًا ينتمى إلى شريحة اجتماعية معينة‪ ،‬وهو ما جعل‬
‫النقاد يصفون شخصيات سعد الدين وهبة‪ ،‬وكذا نعمان عاشور‪ ،‬بأنها " شخصيات‬
‫جاهزة ثابتة تتوزع أدوار الخير والشر فيما بينها‪ ،‬كما أنها ال تخلو من شخصية‬
‫المضحك الساخر‪ ،‬ومن خالل هذه الشخصيات النمطية قدم سعد الدين وهبة‬
‫مسرحه مسرح حالة عامة – على نحو ما رأينا من قبل فى مسرح نعمان‬
‫عاشور – رسم من خاللها الكاتب صورة لمجتمعنا الماضى بما فيه من ظلم‬
‫وفساد‪.‬‬
‫فكل شخصية من شخصيات المسرحية‪ :‬الشيخ منصور وعبده المدرس والعمدة‬
‫ووكيل النيابة وضابط الشرطة وباقى الشخصيات ال تتنوع‪ ،‬ولكنها تقدم ذلك‬
‫النمط الذى يجعلنا ننشغل بقضيته وال ننشغل به هو‪.‬‬
‫جانب آخر تعكسه المسرحية‪ ،‬وهو ما يتمثل فى لغة الحوار الواقعى الذى جاء‬
‫قريبًا جدًا من لغة الحياة اليومية‪ ،‬إال أنه مع ذلك لم يسهم فى تطور الحدث‬
‫الدرامى أو إظهار جوانب تفرد كل شخصية‪ ،‬بل وجدنا أنفسنا من خالل حوار‬
‫الشخصيات‪ ،‬وكأن كل شخصية انشغلت بتقديم نفسها دون االهتمام بالشخصية‬
‫األخرى " فكل فالح يروى لنا حكايته وقضيته‪ ،‬وتلقى األسئلة تلو األسئلة‪ ،‬وتأتى‬
‫اإلجابات دون أن نرى أهمية لألسئلة التى تطرح‪ ،‬فال تدفع تطور الحدث الدرامى‬
‫بقدر ما تعرقله‪ ،‬كذلك فإن حرص المؤلف على تقليد طبائع ومالمح وإفيهات‬
‫حوار الفالحين مما شغله عن ضرورة أن يراعى درامية الحوار‪ ،‬وليس نمطيته‬
‫ووجوده‪ ،‬كما هو فى الحياة‪.‬‬
‫جانب آخر وأخير أود أن أوضحه فى أعمال سعد الدين وهبة عامة اتضح فى‬
‫هذه المسرحية‪ ،‬وهو ظهور روح الفكاهة مما يجعلنا نجد أنفسنا أمام أعمال‬
‫مسرحية تذكرنا بأعمال تشيخوف وبرنارد شو‪ ،‬إال أنها تعكس فى ظاهرها المرح‬
‫والفكاهة‪ ،‬إال أنها تتضمن فى بواطنها روح المرارة والحزن‪.‬‬
‫أحذية الدكتور طه حسين والقضية االجتماعية فى مسرح السبعينات‪:‬‬
‫يعتقد بعض النقاد والدارسين أن المسرح المصرى فى السبعينات لم يكن كتب‬
‫سعد الدين وهبة عددًا من مسرحيات الفصل الواحد فى مرحلة السبعينات وبدايات‬
‫الثمانينيات تمحورت جميعها أو أغلبها على وجه التحديد حول رصد التحوالت‬
‫التى أصابت مجتمعنا المصرى موزعة بين مسرحيات تعكس القضية االجتماعية‪،‬‬
‫وأخرى تعكس القضية السياسية‪.‬‬
‫إال أن " الثيمات األساسية اجتماعية فى تركيباتها الشكلية‪ ،‬بينما تمتد على أبعاد‬
‫مختلفة من أعماقها أعصاب سياسية قوية‪ ،‬وهذه الواقعية السياسية معالجة‬
‫عالجًا مسرحيًا فنيًا مما يذكرنا بمسرح برنارد شو ‪ :‬السياسى المناور‪ ،‬والناقد‬
‫الساخر‪ ،‬والفنان الهادف‪.‬‬
‫ومما سبق نستطيع القول إن مسرحية " أحذية الدكتور طه حسين " التى كتبها‬
‫سعد الدين وهبة فى عام ‪1977‬م ‪ ،‬ورصد من خاللها التحوالت االجتماعية‬
‫والثقافية واالقتصادية التى أصابت بنية المجتمع المصرى فى مرحلة ما بعد‬
‫السبعينيات إنما تعد مرآة صادقة بها نجح المؤلف فى رصد القضية االجتماعية‬
‫التى تراجع فيها الصراع الطبقى المتمثل فى اإلقطاعى بالمفهوم التقليدى‬
‫والفالح‪ ،‬والعامل فى المصنع‪ ،‬وطرحت نموذجًا جديدًا بين طبقة االنفتاحيين بكل‬
‫فئاتهم وبين جميع طوائف الشعب بمن فيهم من مثقفين ومفكرين وعمال وزراع‪.‬‬
‫وهنا تتكشف لنا مقدرة سعد الدين وهبة فى االقتراب من قضايا المجتمع‬
‫المصرى ورصدها معتمدًا فى ذلك على الرأى الذى يقول ‪ :‬إنه البد على الكاتب‬
‫المسرحى إن أراد الصدق أن " يستوحى مادة مسرحياته ومضمونها الدرامى من‬
‫ظروف المجتمع الذى يعيش داخله‪ ،‬ويتأثر بأحواله ومالبساته أثناء قيامه بعملية‬
‫الخلق الفنى‪ ،‬إذ أن الكاتب هو الضمير الواعى لمجتمعه‪.‬‬
‫والبد أن يبلور وجدانه‪ ،‬ويضع يده على نقاط الضعف والقوة‪ ،‬ويرى ما ال يراه‬
‫الشخص العادى‪.‬‬
‫يطرح سعد الدين وهبة فى هذه المسرحية " أحذية الدكتور طه حسين" قضية‬
‫اجتماعية تأخذ أبعادًا جديدة‪ ،‬حيث إنه ال يقدم – كما سبق وذكرت – الصراع‬
‫الطبقى أو الظلم االجتماعى المباشر الواقع على الفالح أو العامل‪ ،‬وال يسعى إلى‬
‫تحقيق العدالة االجتماعية بشكل مباشر كما هو حال أعماله المسرحية السابقة‪،‬‬
‫بل نجده فى هذه المرحلة يعرض لما أصاب المجتمع المصرى فى مرحلة‬
‫السبعيينات‪ ،‬فقد اشترى الحاج رمضان هذا الدكان منذ حرب سنة ‪1956‬م‪ ،‬وهو‬
‫يعمل به بقاًال منذ عشرين سنة‪ ،‬واليوم يفكر فى بيع المحل بعد أن أدرك أن‬
‫البقالة لم تعد تدر عليه الريح‪.‬‬
‫وتتفتح أبعاد القضية وتتضح عندما نعلم أن سعيد‪ ،‬كاتب وشاعر وقصاص أراد‬
‫أن يشترى هذا الدكان ويحوله إلى مكتبة‪ ،‬وبعد أن ينصحه الحاج رمضان بالبحث‬
‫عن عمل آخر‪ ،‬كما يتضح فى الحوار التالى‪:‬‬
‫الحاج ‪ :‬مكتبة أيه يا أستاذ بس ‪ ...‬مش تشوف شغالنه توكل عيش وال يعنى‬
‫حضرتك مش شايف الناس ماشية إزاى ‪.‬‬
‫غير أن سعيد يصر على تحقيق حلم حياته فى مكتبة يقرأ فيها‪ ،‬ويبيع فيها الكتب‬
‫التى يقدر عليها‪ ،‬بينما على النقيض نجد الحاج يقرر بعد أن يبيع الدكان أن‬
‫يشارك فى نايت كلوب ليحقق الربح والمكسب السريع‪ ،‬ويرى أنه بحاجة إلى‬
‫الفرفشة فى ظل ظهور النفط وتغير كثير من أوضاع المجتمع‪ ،‬لذا يقرر ذلك‬
‫صراحة‪:‬‬
‫الحاج ‪ :‬آه لو عرفت مكاسب النايت كلوب دى ‪..‬‬
‫سعيد ‪ :‬فعًال أنا باسمع أنها بتكسب كثير قوى‪.‬‬
‫الحاج ‪ :‬زمان كانوا أبهاتنا يقولوا ع القطن الدهب األبيض‪ ،‬دلوقت فيه الدهب‬
‫األسود‪.‬‬
‫سعيد ‪ :‬أسود ‪.‬‬
‫الحاج ‪ :‬أمال ‪ ...‬الجاز يا أستاذ‪.‬‬
‫سعيد ‪ :‬آه ‪ ...‬البترول‪.‬‬
‫الحاج ‪ :‬أمال ‪ ...‬أنا تعبت خالص وقرفت من باكو شاى ‪ ...‬خمسين درهم جبنة‬
‫بيضة ‪ ...‬بشلن زيتون واتوصى ‪ .‬خالص من حقى أشوف الورق أبو مدنة وأبو‬
‫كبش أو سبع‪ ،‬وكل أنواع الورق اللى يساوى ‪.‬‬
‫ومما سبق نستطيع أن نتلمس التغيير الذى أصاب مجتمعنا المصرى فى أعقاب‬
‫االنفتاح االقتصادى‪ ،‬حيث يتابع المسرح رصد حركة التغيير‪ ،‬فالمسرح هو "‬
‫النموذج الفنى للمجتمع الذى تحركه ديناميات التحول من ثقافة إلى أخرى‬
‫واالنتقال من المحافظة إلى التفتح والصراع بين طبقة تجر أذيال هزيمتها وأخرى‬
‫تستشرف واقعها الجديد‪.‬‬
‫إن الحاج رمضان استجاب لموجات التغيير التى مر بها المجتمع‪ ،‬وأصر على‬
‫ضرورة االنتقال والتدرج من طبقة العاملين والبقالين وأصحاب المهن البسيطة‬
‫إلى أصحاب المهن التى تدر عليهم الربح دون جهد أو علم‪ ،‬فمجال الفن ال يحتاج‬
‫إلى شئ أكثر من وجود المال الذى يزداد ويتضخم دون جهد ‪.‬‬
‫ومن ناحية ثانية يبدأ سعد الدين وهبة فى تجسيد الجانب األخر من قضيته‬
‫االجتماعية التى يعرضها فى هذه المسرحية‪ ،‬وأقصد بها تراجع قيمة العلم‬
‫والعلماء والمثقفين‪ ،‬إنها أمور ال تدر على اإلنسان الربح‪ ،‬بل أكثر من ذلك هى‬
‫مضيعة للمال كما يتضح فى هذا الحوار الذى يدور بين الحاج رمضان وسعيد ‪:‬‬
‫الحاج ‪ :‬بس فك كده واسمع كالمى شوف حاجة تانية غير المكتبات دى علشان‬
‫ما تندمش‪.‬‬
‫سعيد ‪ :‬واهلل يا معلم أنا طول عمرى باحلم بالحكاية دى ‪ ..‬أنا فاضل لى خمس‬
‫سنين خدمة فى الحكومة‪ ،‬سويت معاشى واستبدلت جزء منه‪ ،‬وخالص عاوز‬
‫أكمل حياتى فى مكتبة هادية كده‪ ،‬وأبيع كتب‪ ،‬وأقرأ ‪ ،‬وأعيش وسط الكتب‪.‬‬
‫إن الحاج رمضان وبمقاييسه االقتصادية الجديدة ورؤيته لمكانة الثقافة فى‬
‫المجتمع يشفق على سعيد من ضياع ماله فى مشروع لن يكسب منه‪ ،‬وتنتهى‬
‫القضية بأن يساوم الحاج رمضان سعيد ويبلغه أن راقصة عرضت عليه ضعف‬
‫المبلغ الذى عرضه‪ ،‬وبالفعل يتراجع سعيد أمام طوفان المال المتدفق من‬
‫الراقصة‪ ،‬ويقرر عدم شراء المحل‪ ،‬وعندها يقول الحاج ‪:‬‬
‫الحاج ‪ :‬مش قلت لحضرتك راجل ذوق معتبر إنما حكاية الكتب ‪ ...‬اسمع يا شيخ‬
‫ربنا الزم أراد بيك خير ‪ ...‬يمكن كنت حتضيع القرشين فى تجارة مش نافعة‪.‬‬
‫ويدور حوار بين سعيد وكيكى الفنانة يعلم منه ما آلت إليه أحوال الفن والثقافة‬
‫فى المجتمع‪:‬‬
‫سعيد ‪ :‬حضرتك بتشتغلى فى الفن ‪ ...‬إيه اللى بخليكى تفتحى محل جزم‪.‬‬
‫كيكى ‪ :‬هو ممنوع‪.‬‬
‫سعيد ‪ :‬ال ‪ ...‬مش ممنوع‪ ،‬إنما يعنى تفتحى كازينو نايت كلوب ‪ ...‬حاجة زى‬
‫دى‪..‬‬
‫كيكى ‪ :‬لو كانت مش بتكسب ما كنتش تبقى كثير كده ‪.‬‬
‫سعيد ‪ :‬هى ظاهرة أنا مش فاهمها أبدًا‪.‬‬
‫كيكى ‪ :‬جرب‪.‬‬
‫سعيد ‪ :‬أجرب أيه‪.‬‬
‫كيكى ‪ :‬سيبك م الكتب واشتغل فى الجزم وحنشوف ‪.‬‬
‫وهكذا ينجح سعد الدين وهبة فى رصد تراجع الكثير من القيم اإليجابية الخاصة‬
‫بمجتمعنا‪ ،‬القيم الثقافية واالجتماعية التى تراجعت أمام قيمة االنفتاح والكسب‬
‫دون االهتمام بما آلت إليه أحوال المجتمع‪ ،‬إن القضية هنا ال تعد قضية إجتماعية‬
‫شخصية‪ ،‬بل هى قضية المجتمع ككل‪ ،‬وبذلك يحقق سعد الدين وهبة مقولة إريك‬
‫بنتلى بأن " الكاتب الدرامى فى أعمق معانيه أقل اهتمامًا بالفرد منه بالمجتمع‪،‬‬
‫وقد قال كارل ماركس ‪ " :‬إن اإلنسان هو مجموع عالقاته باآلخرين " وبهذا تكون‬
‫روح الكاتب المسرحى أصًال ماركسية‪ ،‬وأن يتناول المجتمع على نحو العائلة بدًال‬
‫من الطبقة‪ ،‬فبدًال من أن يرسم المسرحى صورًا شخصية سكونية كما يفعل‬
‫الرسام فإنه يقدم حركية العالقات اإلنسانية "‪.‬‬
‫إن سعد الدين وهبة يقرر فى هذه المسرحية أن الغلبة أصبحت لهذه الطبقة‬
‫االجتماعية الجديدة التى تملكت زمام األمور ومقاليدها‪ ،‬وبالفعل ينقاد هذا المثقف‬
‫والقصاص والمؤلف لكى يقر بهذه الحقيقة‪ ،‬ويقبل أن يعمل مدير دعاية لها‪،‬‬
‫ويقبل أن يسمى محل األحذية هذا باسم الدكتور طه حسين‪ ،‬بل يفكر لها فى فتح‬
‫أجنحة داخل المحل ليبيع فيها شباشب وقباقيب للحكيم والعقاد‪ ،‬ويتضح هذا فى‬
‫الحوار التالى‪:‬‬
‫سعيد ‪ :‬يا سالم ‪ ..‬أيه األفكار العظيمة دى ‪ ..‬تصورى ‪ ..‬إنتى بتعملى انقالب‬
‫حقيقى ثورة كيكى‪ :‬فى الجزم‪.‬‬
‫سعيد ‪ :‬فى الجزم وفى األدب وفى الفن وفى كل حاجة‪ ،‬أحذية الدكتور طه حسين‬
‫وشباشب توفيق الحكيم شئ ما حصلش ‪...‬‬
‫كيكى ‪ :‬ما قلت لك مدير الدعاية بتاع المحل ‪ ..‬وما رضيتش‪.‬‬
‫سعيد ‪ :‬يا مدام الموقف اتغير دلوقت خالص‪ ،‬إذا كانت أحذية طه حسين‬
‫وشباشيب توفيق الحكيم اشتغل قوى ‪...‬‬
‫كيكى ‪ :‬وحتعمل فى الكتب بتاعتك أيه ‪...‬‬
‫سعيد ‪ :‬حرميها فى النيل ‪...‬‬
‫كيكى ‪ :‬خسارة ‪ ...‬هاتها نلف فيها الجزم ‪...‬‬
‫سعيد ‪ :‬معقول برضه ‪...‬‬
‫إن ما أصاب المجتمع المصرى من تغيير فى قيمه ومبادئه لهو أمر انعكس على‬
‫طبيعة األعمال المسرحية التى عرضت لهذا التحول‪ ،‬فجاءت القضية االجتماعية‬
‫فى هذه المسرحية خير برهان على رصد هذه التحوالت االجتماعية والثقافية‬
‫واالقتصادية مما ترتب عليه تراجع طبقة ووصول طبقة جديدة بقيم جديدة إلى‬
‫أعلى الهرم اإلجتماعى‪ ،‬وهو ما يأتى متفقًا مع مقولة أرنولد هاوزر من أن "‬
‫العصور الكبرى للتراجيديا هى تلك التى تحدث فيها قالقل اجتماعية‪ ،‬وتفقد فيها‬
‫طبقة حاكمة سلطتها ونفوذها فجأة "‪.‬‬
‫اإلطار الدرامى لمسرحية أحذية الدكتور طه حسين‬
‫لم يختلف تكنيك الكتابة عند سعد الدين وهبة فى هذه المسرحية عن مسرحياته‬
‫األخرى‪ ،‬فها هو يستمر فى نهج المسرحية الواقعية التى تقدم قضية اجتماعية‬
‫تأخذ الشخصيات على عاتقها مهمة تفنيد جوانبها وتحليل أبعادها ومناقشتها من‬
‫خالل االعتماد على شخصيات مسرحية نمطية كثيرًا ما استعان بمثلها فى جميع‬
‫مسرحياته السابقة‪ ،‬وكذا الحوا القريب جدًا من الواقع المعيشى الذى يغرق نفسه‬
‫فى بعض األحيان باستخدام جمل مغرقة فى السوقية من أجل الوصول إلى هدفه‪،‬‬
‫وهو االقتراب من واقع المجتمع‪.‬‬
‫إال أننا ال ننسى أن سعد الدين وهبة هنا لم يسع من خالل مسرحيته هذه‪ ،‬وبعد‬
‫أن فند أبعاد القضية اإلجتماعية‪ ،‬إلى الثورة على الواقع االجتماعى بغية تغييره‪،‬‬
‫بل هو يقر الواقع االجتماعى ليظهر كما لو أنه قد يئس من محاولة التغيير‬
‫والتبديل إلى الغد األفضل‪ ،‬فيجعل الراقصة تنتصر بقيمها على سعيد وأمثاله من‬
‫المثقفين الساعين إلى المحافظة على بقاء قيم المجتمع المختلفة من أجل الغد‪.‬‬
‫جانب آخر أود أن أوضحه يتعلق بروح الفكاهة التى سيطرت عليه فى مسرحياته‬
‫األولى سرعان ما تتراجع هنا وتقل مساحتها‪ ،‬حيث سيطرت عليه وعلى أعماله‬
‫روح الحزن والضيق مما وصلت إليه أحوال مجتمعنا المصرى‪ ،‬وكذا الحال فى‬
‫مسرحنا‪ ،‬وهو يصر على العودة بالكوميديا إلى دورها وهدفها الذى سعى إلى‬
‫تحقيقه فى مسرحياته األولى‪ ،‬والتى سعت إلى استبقاء قدر من التقدير واالحترام‬
‫من قبل الجمهور المثقف للكوميديا فهو هنا يعرض قضية فى أسلوب جاد وحاد‬
‫يجعلنا ال نستشعر ونتفاعل مع روح الفكاهة التى تظهر فى حوار شخصياته‪.‬‬

You might also like