Professional Documents
Culture Documents
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر باب القياس القياس في النفي
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر باب القياس القياس في النفي
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر باب القياس القياس في النفي
روضة الناظر
وجنة املناظر
تأليف:
موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي
620 0 541هـ
إعداد:
الطالبة /رزكا أماليا إسكندر
https://t.me/waalhiqnibisshalihin
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 2
3 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
تقريب
روضة الناظر
وجنة املناظر
تأليف:
موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي
620 0 541هـ
إعداد:
رزكا أماليا إسكندر
متن روضة الناظر الذي ل يوجد يف العرض التقديمي للدكتور حسن الشنقيطي
حفظه اهلل.
5 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
وهناك اتجاه آخر يرى أن حكم الفرع ليس هو حكم األصل ،وإنما هو مثله ،ولذلك عرفه القرافي بأنه:
إثبات مثل حكم معلوم ملعلوم آخر ألجل اشتباههما في علة الحكم عند املثبت.
فقوله« :مثل حكم معلوم» يدل على أنه مثله ال عينه.
وقوله« :عند املثبت» ليشمل القياس الصحيح والفاسد؛ ألن علة القياس قد تكون منصوصة ،وقد
تكون مستنبطة ،فتختلف فيها وجهة نظر العلماء،
كما اختلفوا في علة الربا في األمور الستة الواردة في حديث عبادة بن الصامت ،هل هي الكيل ،أو
الطعم ،أو الوزن ،أو االقتيات؟
ً
صحيحا، ًّ
شرعيا فإذا قلنا :إن كل مجتهد مصيب ،كان ذلك ً
قياسا
ً
فاسدا ،ومع وإذا قلنا :إن املجتهد يصيب ويخطئ ،كان املصيب ً
واحدا ،وغيره مخطئ .فيكون قياسه
ذلك فهو داخل في التعريف.
انظر :اإلحكام لآلمدي»«١٨٣ /٣شرح مختصر الروضة»«٢٢٠ /٣وما بعدها»
مناقشة تعريف القياس باالجتهاد
▪ وقيل :هو الجتهاد[ ،وأثر ذلك عن اإلمام الشافعي] إتحاف ذوي البصائر .٢6/7
oوهو خطأ،
▪ فإن الجتهاد قد يكون بالنظر يف العمومات وسائر طرق األدلة ،وليس بقياس.
أي :عرف علماء الشرع ،وحاصل الرد على هذا التعريف :أن لفظ «القياس» ينبئ عن
معنى التقدير واالعتبار ،واالجتهاد ال ينبئ عن ذلك ،وهذا نقض للتعريف من جهة
اللفظ.
▪ ثم ل ينبئ يف العرف إل عن بذل المجهود ،إذ من حمل خردلة ل يقال :اجتهد،
وقد يكون القياس جل ًّيا ل يحتاج إلى استفراغ الوسع وبذل الجهد.
أركان القياس
ول بد يف كل قياس من:
[ ]1أصل،
[ ]2وفرع،
[ ]3وعلة،
7 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
[ ]4وحكم.
إطالق القياس على مقدمتي النتيجة
***فأما إطالق القياس على المقدمتين اللتين يحصل منهما نتيجة :فليس بصحيح؛
▪ ألن القياس يستدعي أمرين يضاف أحدهما إلى اآلخر ،ويقدر به ،فهو اسم إضايف بين
شيئين على ما ذكرناه يف اللغة*** .
ً ً
ونستطيع أن نستخلص من هذه التعريفات تعريفا شامال للعلة بأنها :هي الوصف الظاهر املنضبط
الذي يناسب الحكم بتحقيق مصلحة الناس ،إما بجلب منفعة أو دفع مضرة.
[انظر :املعتمد " ،"7٠4 /٢فواتح الرحموت " ،"٢6٠ /٢نهاية السول " ،"٣9 /٣إرشاد الفحول " ١57 /٢وما بعدها"].
أصًل.
وهو :أن ينص الشارع على حكم يف محل ،ول يتعرض لمناطه ً
▪ كتحريمه شرب الخمر ،والربا يف الب ،فيستنبط المناط بالرأي والنظر،
مسكرا ،فيقيس عليه النبيذ،
ً حرم الخمر ،لكونه
oفيقولّ :
9 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
اعترض على تعريف ابن قدامة والطوفي على تخريج املناط اعتراضين هما:
-١أنه تعرض للعلة املستنبطة دون الثابتة بالنص أو اإليماء أو اإلجماع.
-٢أنه ذكر مسلكا واحدا من مسالك العلة على كثرتها.
أجب جوابين يصوبان ما ذهب إليه الطوفي وابن قدامة:
-١أنهما ذكرا العلة املستنبطة والسبر والتقسيم على سبيل املثال ال الحصر.
-٢أنهما إنما عرفا تخريج املناط التام بعيد الغوص ،وذلك باإليماء والسبر والتقسيم وهما أبعد في
املسالك.
-2تنقيح املناط
ونقحت الش يء:التنقيح في اللغة :التخليص والتهذيب ،يقالَ :ن َّق ْح ُت العظم :إذا استخرجت مخهّ ،
خلصت جيده من رديئه .انظر :املصباح املنير مادة "نقح".
وأما في االصطًلح :فهو إلغاء بعض األوصاف التي أضاف الشارع الحكم إليها لعدم صًلحيتها لًلعتبار
في العلة .انظر :شرح الطوفي ""٢٣7 /٣
وهو :أن يضيف الشارع الحكم إلى سببه ،فيقرتن به أوصاف ل مدخل لها يف اإلضافة ،فيجب
حذفها عن العتبار ،ليتسع الحكم.
مثاله
َعت؟ " قال :وقعت
هلكت يا رسول اهلل .قالَ " :ما َصن َ ُ ▪ ومثاله :قول األعرابي الذي قال:
على أهلي يف هنار رمضان .قالَ " :أعْتِ ْق َر َقب ًة".
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 10
oفنقول :كونه أعراب ًّيا :ل أثر له ،فيلحق به "الرتكي" و"العجمي" ،لعلمنا أن مناط
الحكم :وقاع مكلف ،ل وقاع األعرابي ،إذ التكاليف تعم األشخاص ،على ما مضى
يف باب العموم.
oويلحق به :من أفطر بوقاع يف رمضان آخر؛ لعلمنا أن المناط :حرمة رمضان ،ل حرمة
ذلك الرمضان.
oوكون الموطوءة منكوحة :ل أثر له ،فإن الزنا أشد يف هتك الحرمة.
▪ فهذه إلحاقات معلومة تبنى على مناط الحكم ،بحذف ما علم بعادة الشرع يف
مصادره وموارده وأحكامه :أنه ل مدخل له يف التأثير.
وقد يكون بعض األوصاف مظنونًا ،فيقع الخًلف فيه كالوقاع،
▪ إذ يمكن أن يقال :مناط الكفارة :كونه مفسدً ا للصوم المحرتم ،والجماع آلة اإلفساد ،كما
أن السيف آلة للقتل الموجب للقصاص ،وليس هو من المناط ،كذا ههنا.
يعني :أنه قد تكون علة الحكم ظنية ،فتختلف فيها األنظار ،مثل :هل العلة في الكفارة خصوص
الجماع في نهار رمضان ،أو عموم إفساد الصوم ،كاألكل والشرب؟ خًلف بين العلماء:
-١فأبو حنيفة ومالك يرون أن األكل والشرب كالجماع في وجوب الكفارة ،بل هما أولى من الجماع؛
ألنهما مادة الجماع وسببه املقوي عليه ،ووسيلته املتوصل بها إليه ،إذ الجائع ال يستطيعه،
والشبعان ينشط له ،فكان إيجاب الكفارة باألكل والشرب من باب :سد الذرائع ،وحسم مواد
الفساد.
-٢والشافعي وأحمد يقوالن :ال كفارة إال بخصوص الجماع ،ألن النفس ال تنزجر عنه عند هيجان
الشهوة بمجرد الوازع الديني ،فاحتيج فيه إلى زيادة في الوازع وهي الكفارة.
[انظر :شرح الطوفي ".]"٢4٠ /٣
▪ ويمكن أن يقال :الجماع مما ل تنزجر النفس عنه عند هيجان الشهوة بمجرد وازع الدين،
فيحتاج إلى كفارة وازعة ،بخًلف األكل.
11 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
oوالمقصود :أن هذا نظر يف تنقيح المناط بعد معرفته بالنص ،ل بالستنباط،
حكمه :وقد أقر به أكثر منكري القياس.
وأجراه أبو حنيفة يف الكفارات ،مع أنه ل قياس فيها عنده.
يعني :مع أن أبا حنيفة وأصحابه ال يرون القياس في الكفارات ،إال أنهم خالفوا أصلهم في
هذه املسالة ،وأجروا القياس فيها.
ٱلن َع ِّمﵞ [المائدة ]95 :فنقول" :المثل واجب ،والبقرة مثل ،فتكون هي الواجب".
َّ
ً
متعمدا]. مثل حمار الوحش .في كفارة قتل املحرم للصيد
• ومنه الجتهاد يف القبلة فنقول :وجوب التوجه إلى القبلة معلوم بالنص ،أما أن هذه جهة
القبلة :فيعلم بالجتهاد.
• وكذلك تعيين اإلمام[ ،يعني :أن نصب اإلمام والوالي والقاض ي واجب ،لكن تعيين فًلن أو فًلن
من الناس لهذه املناصب موكول إلى اجتهاد أهل الحل والعقد في ذلك].
• والعدل ،أي :أن حكم القاض ي بالصدق واجب ،وهو أمر معلوم بالنص ،وقول العدل صدق
معلوم بالظن ،وأمارات العدالة ال تعلم إال بالظن.
• ومقدار الكفاية يف النفقات ونحوه .أي :أن قدر الكفاية في نفقة الزوجات واألقارب ونحوهم
واجب متفق عليه ،أما كون قدر الكفاية بالوزن أو الكيل كذا ،فيدرك باالجتهاد والظن.
oفليعب عن هذا بتحقيق المناط ،إذ كان معلو ًما ،لكن تعذر معرفة وجوده يف آحاد
الصور ،فاستدل عليه بأمارات.
أي :أن مناط الحكم معلوم بنص أو إجماع ،فًل حاجة على استنباطه أو االجتهاد فيه لكن تعذر
معرفة وجوده في الصور التي يراد إثبات الحكم فيها ،فاستدل عليه بأمارات ظنية ،تسمى تحقيق
املناط .انظر :املستصفى» 4٨6 /٣وما بعدها « ،شرح مختصر الروضة»."٢٣5-٢٣4 /٣
النوع الثاني من تحقيق املناط
• الثاين :ما عرف علة الحكم فيه بنص أو إجماع ،فيبين المجتهد وجودها يف الفرع باجتهاده.
وافات»، ِ َجس؛ إِن ََّها مِ َن ال َّط َّوافين عليكم وال َّط
• مثاله :قول النبي ﷺ يف الهر« :إِن ََّها َل ْي َس ْت بِن ٍ
الفأ َر ِة
ات من ْ واف يف الح َشر ِ
َ َ
هاد ِه وجود ال َّط ِ
ُ َ
المجتهدُ باجتِ ِ
ِ جعل ال َّطوافَ ع َّلةً ،ف ُي َب ِّي ُن *** َ
هار ِة*** باله ِّر يف ال َّط َ ح َق َها ِوغيرِها؛ لي ْل ِ
ُ
حكمه
القياس.
َ أقر ِبه جماع ٌة ِم َّمن ُينْكِ ُر ***[حكم النوع الثاين] :فهذا ٌ ِ
قياس جل ٌّي قد َّ
قياسا؛
ك ً فليس ذلِ َ ِ ِ
تحقيق المناطَ : األو ُل من
َّوع َّ
وأما الن ُ
َّ
والقياس ُمخت َلفٌ فيه، َّفق ِ
عليه، فإن هذا مت ٌ
َّ •
ُ
13 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
ِ
كفاية ك ُِّل ِ
وقدر ِ
عدالة األشخاص َّنصيص على
ألن الت ٍ
شريعة؛ َّ ِ
ضرورة ك ُِّل • وهذا من
َ
ٍ
شخص ال يوجدُ ***.
يف مظنة الجواز ،فأما التعبد به (أهل الظاهر والنظام) عقال وشر ًعا
بالقياس ً
شر ًعا :فواجب( ،بعض وقد أومأ إليه أحمد فقال: (عامة الفقهاء والمتكلمين)
الشافعية وطائفة من "يجتنب المتكلم يف الفقه لقول أحمد :رحمه اهلل" :ل
الدلة
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 14
[دليل ثان] :أن العقل يدل على العلل الشرعية ويدركها ،إذ مناسبة الحكم عقلية مصلحية،
يقتضي العقل تحصيلها وورود الشرع بها ،كالعلل العقلية.
[ ]3وألننا نستفيد بالقياس ظنًّا غال ًبا يف إثبات الحكم ،والعمل بالظن الراجح متعين***.
الدليل على جوازالتعبد بالقياس عقال
[ ]١أن عدم العمل به يفض ي إلى خلو كثير من الحوادث عن األحكام لقلة النصوص وكون الصور ال
نهاية لها.
[ ]٢ومنها :أن العقل يدرك حكم العلل الشرعية إذ مناسبتها للحكم عقلية مصلحية يدرك العقل
طلب تحصيلها وورود الشرع بها.
ً ً
[ ]٣ومنها :أننا نستفيد بالقياس ظنا غالبا ،والعمل بالظن الراجح متعين.
15 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
[ ]4ومنها :إجماع الصحابة رض ي هللا عنهم على الحكم بالرأي في الوقائع الخالية من النص،
كقياسهم العهد على العقد في اإلمامة العظمى،
وكاجتهادهم في مسألة الجد واألخوة ،وتمثيلهم في ذلك بالغصنين (علي) والخليجين (مثل زيد
بجدولين تفرعا من نهر).
وكقولهم في املشركة.
وكقول أبي بكر رض ي هللا عنه في الكًللة :أقول فيها برأيي.
وكقول عمر رحمه هللا ألبي موس ى األشعري " :اعرف األشباه واألمثال وقس األمور برأيك ".
وكقولهم في السكران :إذا سكر هذى ،وإذا هذى افترى فحدوه حد الفرية.
وكقول معاذ للنبي ﷺ أنه يجتهد حيث ال كتاب وال سنة ،فصوبه النبي ﷺ.
ً
وأمثال هذا كثيرة جدا ،أن لم تتواتر آحادها حصل بمجموعها العلم الضروري أنهم كانوا
يجتهدون فيما ال نص فيه.
[ ]5وقد استدل على إثبات القياس بقوله تعالى{ :فاعتبروا يا أولي األبصار} ،وحقيقة االعتبار:
مقايسة الش يء بغيره ،كقولهم( :اعتبر الدينار بالصنجة) وهذا االعتبار هو القياس.
[ ]6وقوله ﷺ( :الحمد هلل الذي وفق رسو َل رسول هللا ملا يرض ي رسول هللا).
[ ]7وقوله ﷺ( :إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر).
[ ]٨وقوله ﷺ( :أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان ينفعه؟ قالت :نعم .قال :فدين هللا أحق أن
يقض ى) .فهو تنبيه على قياس دين هللا على دين املخلوق.
[ ]9وقوله ﷺ لعمر حين سأله عن القبلة للصائم( :أرأيت لو تمضمضت) فهو قياس للقبلة على
ً
املضمضة بجامع أن الكل مقدمة الفطر ،وأمثال هذا كثيرة جدا.
(تنبيه)
هذه األدلة التي ذكر منها ما هو أعم من محل النزاع؛ ألن مطلق االجتهاد أعم من القياس ،ومنها ما يدل
على محل النزاع؛ كقصة معاذ ،فإنه صرح فيها بأن اجتهاده في ما ال نص فيه ،وذلك أنما يكون
باإللحاق باملنصوص وكحديث الدين واملضمضة.
ومن أصرح األدلة على إثبات القياس :ما ثبت في الصحيحين من قصة الذي ولد له ولد أسود يخالف
لونه لون أمه وأبيه فقاسه ﷺ على أوالد اإلبل الحمر يكون فيها األورق ،وقال فيه عليه الصًلة
والسًلم :فلعله نزعه عرق .والقصة صحيحة مشهورة.
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 16
وقوله{ :وأشهدوا ذوي عدل منكم} فًل نقول :أربعة عدول مسكوت عنها بل نقول :إن اآلية التي []٣
نصت على قبول شهادة العدلين دالة على قبول شهادة أربعة عدول.
ً
ونقول :إن قوله تعالى{ :إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما} []4
ال نقول كما يقول ابن حزم اآلية ساكتة عن إحراق مال اليتيم وإغراقه ألنها نصت على حرمة
أكله فقط ،بل نقول :إن اآلية التي نهت عن أكله دلت على حرمة إغراقه وإحراقه بالنار؛ ألن
الجميع إتًلف.
وما ورد عن النبي ﷺ من النهي عن البول في املاء الراكد ،يقول ابن حزم :لو بال في قارورة وصبها []5
في املاء لم يكن هذا من املكروه؛ ألن النبي لم ينه عن هذا ،وإنما قال :ال يبولن أحدكم في املاء
الدائم ثم يغتسل فيه ،ولم يقل :ال يبولن أحدكم في إناء ثم يصبه فيهُ ،أيعقل أن الشرع الكريم
ً
يمنع من أن يبول إنسان بقطرات قليلة ،ثم يجوز له أن يمأل عشرات القوارير بوال ثم يصبها في
املاء وإن هذا جائز.
ً
وأيضا في الحديث :ال يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان ،فألحق به الفقهاء إن كان في حزن []6
شديد مفرط يذهل عقله ،أو فرح شديد مفرط يدهش عقله أو في عطش شديد مفرط يدهش
عقله أو في جوع شديد يدهش عقله ،ونحو ذلك من مشوشات الفكر التي هي أعظم من
الغضب،
ُأيعقل أن يقال للقاض ي :احكم بين الناس وأنت في غاية تشويش الفكر بالجوع والعطش
املفرطين أو الحزن والسرور املفرطين ،أو الحقن والحقب املفرطين (والحقن :مدافعة البول،
والحقب :مدافعة الغائط)،
لذا قال العلماء :ال يجوز للقاض ي أن يحكم وهو مشوش الفكر.
فنعلم أن قول ابن حزم :أنهم جاؤوا بتشريع جديد أنه كذب؛ وإن حديث :ال يقضين أحدكم بين
ً ً
اثنين وهو عضبان يدل على أن من كان فكره مشوشا تشويشا أشد من الغضب ،أولى باملنع من
هذا الحكم،
وكذلك نهيه ﷺ عن التضحية بالشاة العوراء ،ال نقول :إن العلماء ملا نهوا عن التضحية بالشاة []7
العمياء فقد شرعوا .هذا مما ال يقوله عاقل.
وكذلك قال هللا{ :والذين يرمون املحصنات} ولم يصرح في اآلية إال أن يكون القاذف ذكر []٨
ً
واملقذوفة أنثى ،فلو قذفت أنثى ذكرا أو قذف رجل رجًل فًل مؤاخذة فيه ألن هللا إنما نص على
قذف الذكور باإلناث ألنه قال{ :والذين يرمون املحصنات}
وملا أراد ابن حزم هنا أن يدخل الجميع في عموم املحصنات قال :املحصنات نعت للفروج،
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 18
والذين يرمون الفروج املحصنات فيشمل الذكور واإلناث يرد عليه أن املحصنات في القرآن
لم تأت قط للفروج وإنما جاءت للنساء،
وكيف يأتي ذلك في قوله{ :إن الذين يرمون املحصنات الغافًلت املؤمنات} ،وهل يمكن أن
تكون الفروج غافًلت مؤمنات .هذا مما ال يعقل.
ً
[ ]9وكذلك نص هللا جل وعًل على أن املبتوتة إذا نكحت زوجا غير زوجها األول فطلقها الزوج األخير
بعد أن دخل بها فإنه يجوز لألول أن ينكحها؛ ألنها حلت بنكاح الثاني ،وهللا إنما صرح في هذه
السورة بنص واحد وهو أن يكون الزوج الذي حللها إنما طلقها ألنه قال في تطليق األول{ ،فإن
ً
طلقها فًل تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره}.
ثم قال في تطليق الزوج الذي حللها{ ،فإن طلقها فًل جناح عليهما} أي :على الزوجة التي كانت
ً ً
حراما والزوج الذي كانت حراما عليه {أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود هللا}،
فنص على طًلق املحلل خاصة ،أرأيتم لو حللها وجامعها مائة مرة حتى حلت وكانت كماء املزن ثم
مات قبل أن يطلقها أو فسخ حاكم عقدهما بموجب آخر كاإلعسار بنفقة أو غير ذلك من
أسباب الفسخ ،أيقول مسلم هذه ال تحل لألول ،ألن هللا ما نص إال على قوله {فإن طلقها} فإن
ً
مات لم تحل؛ ألن املوت ليس بطًلق ،هذا مما ال يقوله عاقل .وأمثال ذلك كثيرة جدا.
فنحن نقول :إن هذا الذي يقول ابن حزم إن الوحي سكت عنه ،لم يسكت الوحي عنه ،وإنما أشار إليه
لتنبيهه ببعضه على بعضه؛
فالغضب يدل على تشويش الفكر واملحصنات ال فرق بين املحصنات واملحصنين،
وقوله{ :فإن طلقها} ال فرق بين ما لو طلقها أو مات عنها فبعد أن جامعها وفارقها تحل لألول؛
سواء كان الفراق بالطًلق املنصوص في القرآن أو بسبب آخر كاملوت والفسخ وهذا مما ال ينازعَ
فيه وإن نازع فيه ابن حزم.
ومن أشد ما حمل به األئمة رحمهم هللا مسألة حديث تحريم ربا الفضل ألن النبي ﷺ ثبت عنه في
األحاديث الصحيحة أنه قال:
ً
الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والتمر بالتمر وامللح بامللح مثًل بمثل فمن زاد أو استزاد
فقد أربى.
فابن حزم يقول :ليس في الدنيا حديث يحرم فيه ربا الفضل إال هذا ،ويقول :الدليل على أنهم
مشرعون وأن أقوالهم كلها كاذبة.
19 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
إن بعضهم كالشافعي يقول :علة الربا في البر الطعم ،ويقيس كل مطعوم على البر ،فيقول كل
ً
املطعومات؛ كالفواكه كالتفاح وغيره من الفواكه يحرم فيه الربا قياسا على البر بجامع الطعم
ً
وأبو حنيفة وأحمد يقوالن :علة الربا الكيل ،ويقوالن :كل مكيل يحرم فيه الربا قياسا على البر
فيحرمان الربا في النورة واالشنان وكل مكيل.
فيقول فيه ابن حزم :هذا يقول العلة الطعم ويلحق أشياء ،وهذا يقول العلة الكيل ويلحق أشياء
أخرى.
ً
ونحن نضرب مثًل لهذه املسألة ،ونقول :إن األئمة رض ي هللا عنهم أبا حنيفة وأحمد والشافعي رحمهم
هللا الذين سخر ابن حزم من قياساتهم هم أولى بظواهر النصوص من ابن حزم،
ً
ونقول البن حزم مثًل :أنت قلت إنك مع النصوص في الظاهر وقلت:
ألم تعلموا أني ظاهري وأني ... ...على ما بدا حتى يقوم دليل
فهذا اإلمام الشافعي الذي قال :إن علة الربا في البر الطعم استدل بحديث ثابت في صحيح
مسلم وهو حديث معمر بن عبد هللا رض ي هللا عنه الثابت في صحيح مسلم قال :كنت أسمع
ً
رسول هللا ﷺ يقول :الطعام بالطعام مثًل بمثل .الحديث .فاإلمام الشافعي فيما سخر منه ابن
حزم أقرب لظاهر نصوص الوحي من ابن حزم،
وكذلك اإلمام أبو حنيفة وأحمد بن حنبل رحمهما هللا تعالى اللذان قاال :إن علة الربا في البر
الكيل استدال كذلك بالحديث الصحيح ،أن النبي ﷺ ملا بين املكيًلت وبين أن الربا حرام فيها
قال :وكذلك امليزان( .خ-م)
والتحقيق أن املوزونات مثل املكيًلت ،فجعل معرفة القدر علة للربا
وفي حديث حيان بن عبيد هللا الذي أخرجه الحاكم في مستدركه ،وقال :أنه صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه عن أبي سعيد الخدري ملا ذكر الستة التي يحرم فيها الربا قال عن رسول هللا ﷺ
وكذلك كل ما يكال ويوزن.
وهذا الحديث حاول ابن حزم تضعيفه من ثًلث جهات وهذا الحديث ناقشناه في الكتاب الذي كتبنا
على القرآن مناقشة وافية،
والتحقيق أن حيان بن عبيد هللا ليس بمجروح وإن زعم هو أن أبا مجلز الذي روى عنه الحديث لم
يلق ابن عباس أنه كذب وأنه أدرك ابن عباس وأبا سعيد الخدري رحمهما هللا.
والحديث ال يقل عن درجة القبول بوجه من الوجوه عند املناقشة الصحيحة.
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 20
وليس قصدنا في هذا الكًلم أن نتكلم عن ابن حزم؛ ألنه فحل من فحول العلماء إال أن له زالت وال
يخلو أحد من خطأ؛ ومقصودنا :أن نبين ملن نظر في كتب ابن حزم أن الغلط معه في حمًلته على
ً ً
األئمة أنهم أولى بالصواب منه وأكثر علما وورعا.
وقد ثبت عن النبي ﷺ في أحاديث ثابتة متعددة في الصحيحين أنه سأله رجل مرة وامرأة مرة عن دين
يقضيانه عن ميت لهما- ،مرة تقول :مات أبي ،ومرة تقول :أمي وكذلك الرجل ،فقال النبي ﷺ أرأيت لو
كان على أمك دين فقضيته أكان ينفعه؟ قالت :نعم .قال :فدين هللا أحق أن يقض ى
فهو تنبيه منه ﷺ على قياس َدين هللا على َدين اآلدمي بجامع أن الكل حق مطالب به اإلنسان وأنه
يقض ي عنه بدفعه ملستحقه .وأمثال ذلك كثيرة.
ومن أصرح القيسة :ما ثبت في الصحيحين :أن النبي ﷺ جاءه رجل ،كان الرجل أبيض وامرأة بيضاء
ً ً
فولدت له غًلما أسود فأصاب الرجل فزعا من سواد الغًلم ،وظن أنها زنت برجل أسود وجاءت بهذا
ً
الغًلم فجاء إلى النبي ﷺ منزعجا وأخبره بأنها جاءت بولد أسود وكان يريد أن يًلعنها وينفي عنه الولد
ً
باللعان زعما أن هذا الولد من زان أسود وأنه ليس ولده ألنه هو أبيض وزوجته بيضاء
فقال له النبي ﷺ :هل لك من إبل؟ قال :نعم .قال :ما ألوانها؟ قال حمر .قال هل فيها من أورق
الو ْرقة ،والورقة لونا حمام الحرم] يعني سواد مع بياض يكون في اإلبل. [واألورق املتصف بلون ُ
قال الرجل :إن فيها ألورق .قال :ومن أين جاءتها تلك الورقة؟ آباؤها حمر وأمهاتها حمر فمن أين
ً ً
جاءتها تلك الورقة؟ قال :لعل عرقا نزعها .قال له وهذا الولد لعل عرقا نزعه.
فاقتنع األعرابي؛ وهذا إلحاق نظير بنظير.
والقياس منه قياس صحيح كاألقيسة التي ذكرنا ومنه قياس فاسد ،والقرآن ذكر بعض األقيسة
الفاسدة وبعض األقيسة الصحيحة.
ومن األقيسة الصحيحة في القرآن قوله تعالى{ :إن مثل عيس ى عند هللا كمثل آدم خلقه من تراب ثم
قال له :كن فيكون}.
ملا قال اليهود :إن عيس ى ال يمكن أن تلده مريم إال من رجل زنا بها ،فقالوا لها{ :يا أخت هارون ما كان
ً
أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا}.
وهذا الولد البد أن يكون له والد ،وهذا الوالد رجل فجرت معه وزنيت به ،فقاس لهم هللا جل وعًل
هذا الولد على آدم بجامع أن آدم خلق ولم يكن له أم وال أب ،فالذي خلق آدم ولم يكن أب وال أم فهو
قادر على أن يخلق عيس ى من أم ولم يكن له أب ،كما خلق حواء من ضلع رجل،
ً
أما القياس الفاسد الذي يكون مخالفا للنصوص :كقياس إبليس لعنه هللا،
21 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
وكاألقيسة املخالفة للنصوص وكأقيسة الشبه املبنية على الفساد :فإن الكفار جاؤوا بقياس الشبه
ً ً
كثيرا باطًل ومثله باطل
كما قالوا في يوسف عليه وعلى نبينا الصًلة والسًلم{ :إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل} فأثبتوا
السرقة على أخ يوسف ،ألن يوسف قد سرق قبله واألخ شبيه باألخ فيلزم من مشابهتهما أن يكونا
متشابهين في األفعال وأن هذا سرق كما سرق ذلك.
وثبت في صحيح البخاري عن الحسن البصري مضمونه ومعناه أنه كان يقول :لوال أنه من كتاب هللا
أشفقت على املجتهدين ،وهي قوله تعالى{ :وداوود وسليمان إذ يحكمان في الحرث} ألن هللا جل وعًل
صرح في اآلية بأنهما حكما ،حيث قال :إنه يحكمان بألف االثنين الواقعة على داوود وسليمان،
ً
ثم قال{ :ففهمناها سليمان} ولم يذكر شيئا عن داوود فعلمنا أن داوود لم يفهمها ألنه لو فهمها ملا
اقتصر على ذكره ولم يكن لًلقتصار على ذكر سليمان فائدة
ً
ولو كان هذا وحيا من هللا ملا فهمها أحدهما دون اآلخر؛ ألن الوحي أمر الزم للجميع ،ودل على أنهما
اجتهدا ،وأن داوود لم يصب في اجتهاده وأن سليمان أصاب في اجتهاده ،وهللا أثنى على كل منهما ولم
ً ً
يؤنب داوود بل قال بعده{ :وكًل آتينا حكما وعلما}.
وقد ثبت في الصحيحين ما يستأنس به ألنه ثبت في الصحيحين :أن داوود عليه السًلم في زمانه جاءته
امرأتان نفستا وجاء الذئب واختطف ولد واحدة منهما وكانت التي اختطف ولدها هي الكبرى وبقي ولد
ً
الصغرى ،فقالت الكبرى :هذا ولدي واختصمتا وتحاكمتا إلى داوود فقض ى به للكبرى اجتهادا منه
ألمارات ظهرت له أو لش يء في شرعه يقتض ي ظاهره ذلك االجتهاد.
المنصوص عليه.
• وقياسهم العهد على العقد ،إذ عهد أبو بكر إلى عمر -رضي اهلل عنهما -ولم يرد فيه نص،
قياسا لتعيين اإلمام على تعيين األمة[ .أي :أن األصل في اختيار اإلمام أن يكون بالبيعة،
لكن ً
كما حدث ألبي بكر إال أن أبا بكر عهد إلى عمر بالخًلفةً ،
قياسا للعهد من اإلمام على
تعيين األمة بعقد البيعة ،وعهد أبي بكر إلى عمر ثابت في التاريخ الصحيح].
• ومن ذلك :موافقتهم أبا بكر يف قتال مانعي الزكاة باالجتهاد[ .معناه :أن أبا بكر قاس
الزكاة على الصًلة في قتال املمتنع منها ،بجامع كونهما عبادتين من أركان اإلسًلم ،وقال في ذلك:
ً
إجماعا على صحة "ألقاتلن من فرق بين الصًلة والزكاة" ووافقه الصحابة على ذلك ،فكان ّ
القياس].
• وكتابة المصحف بعد طول التوقف فيه.
• وجمع عثمان له على ترتيب واحد.
• واتفاقهم على االجتهاد يف مسألة "الجد واإلخوة" على وجوه مختلفة ،مع قطعهم أنه ال
نص فيها.
المشركة [وهي :أن يوجد في املسألة زوج وأم ،وإخوة ألم ،اثنان أو أكثر ،وإخوة أشقاء
ّ • وقولهم يف
فللزوج النصف ،ولألم السدس ،ولإلخوة ألم الثلث ،وال ش يء لإلخوة األشقاء؛ ألنهم عصبة...
فشرك بينهم ،ولذلك سميت باملشركة ،وعدل عمر عن رأيه وعمل على التشريك بينهم ،فيما ّ
بعد]
• ومن ذلك :قول أبي بكر يف الكاللة" :أقول فيها برأيي ،فإن يكن صوا ًبا فمن اهلل ،وإن
يكن خطأ فمني ومن الشيطان ،واهلل ورسوله بريئان منه .الكاللة :ما عدا الوالد والولد".
ً
• ونحوه عن ابن مسعود يف قضية َب ْروع بنت واشق [فيمن تزوج ولم يسم صداقا حتى مات:
ً ً
شهرا ،أو قال :مرات ،قال :فإني أقول فيها :إن لها صداقا كصداق نسائها ،ال وكس وال شطط،
وإن لها امليراث ،وعليها العدة ،فإن يك ً
صوابا فمن هللا ،وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان ،وهللا
ورسوله بريئان].
• ومنه :حكم الصديق يف التسوية بين الناس يف العطاء ،كقوله" :إنما أسلموا هلل
23 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
وأجورهم عليه ،وإنما الدنيا بالغ" ،ولما انتهت النوبة إلى عمر فصل بينهم وقال" :ال
كرها".
أجعل من ترك داره وماله وهاجر إلى اهلل ورسوله كمن أسلم ً
• ومنه :عهد عمر إلى أبي موسى" :اعرف األمثال واألشباه ،وقس األمور برأيك.
• وقال علي " :اجتمع رأيي ورأي عمر يف أمهات األوالد أن ال ُيبعن ،وأنا اآلن أرى
بيعهن".
• وقال عثمان لعمر" :إن نتبع رأيك فرأي رشيد ،وإن نتبع رأي من قبلك فنعم ذو الرأي
كان".
• ومنه :قولهم ،يف السكران" :إذا سكر هذي ،وإذا هذي أفترى ،فحدوه حد المفتري" ،وهذا
التفات منهم إلى أن مظنة الشيء تنزل منزلته.
• وقال معاذ للنبي ﷺ" :أجتهد رأيي" فصوبه.
oفهذا وأمثاله -مما ال يدخل تحت الحصر -مشهور ،إن لم تتواتر آحاده :حصل
بمجموعة العلم الضروري :أنهم كانوا يقولون بالرأي،
oوما من وقت إال وقد قيل فيه بالرأي ،ومن لم يقل ،فألنه أغناه غيره عن االجتهاد ،وما
أنكر على القائل به ،فكان إجما ًعا***
• وقال علي " :لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعاله".
جهاال
ً • وقال ابن مسعود" : ،قراؤكم وصلحاؤكم يذهبون ،ويتخذ الناس رؤساء
فيقيسون ما لم يكن بما كان".3
كثيرا مما أحله".
كثيرا مما حرم اهلل ،وحرمتم ً
• وقولهم" :إن حكمتم بالرأي أحللتم ً
اس ك َم َبيۡ َن َّ
ٱلن ِّ
َ ۡ ُ
• وقول ابن عباس" :إن اهلل لم يجعل ألحد أن يحكم برأيه ،وقال لنبيه :ﵟل ِّتح
َٓ ََ ٰ َ
ك َّ ُ
ٱّللُۚ ﵞ [النساء ]105 :ولم يقل :بما رأيت". بِّما أرى
جواب ٍ
ثان:
أهًل لًلجتهاد والرأي ،ويرجع إلى محض
أهنم ذموا الرأي الصادر عن الجاهل الذي ليس ً
الستحسان ،ووضع الشرع بالرأي،
oبدليل أن الذين نقل عنهم هذا هم الذين نقل عنهم القول بالرأي والجتهاد .فًل بد من
دفع هذا التعارض ،وهذا إنما يكون بحمل الذم على الرأي الفاسد الذي لم تكتمل شروطه،
أو املخالف للنص ،أو الصادر من الجاهل.
• والقائلون بالقياس مقرون بإبطال أنواع من القياس،
قياسا ،فكذلك الفروع.
oكقياس أهل الظاهر ،إذ قالوا :األصول ل تثبت ً
▪ فإ ًذا :إن بطل القياس ،فليبطل قياسهم.
أي :ومما يؤيد ما قلناه من دفع التعارض السابق :أن القائلين بحجية القياس مقرون ومعترفون
بفساد بعض األقيسة ،مثل :قياس أهل الظاهر ،حيث قالوا :ال يجوز القياس في األصول ،فمنعوا
القياس في الفروعً ،
قياسا على األصول.
فرد الجمهور هذا القياس وقالوا للظاهرية :إنكم أبطلتم القياس من أساسه ،فكيف تقيسون الفروع
على األصول ،فأنتم بذلك تبطلون القياس بالقياس؟!
***قلنا:
مقصورا على ما ذكروه،
ً لم يكن اجتهاد الصحابة
• بل قد حكموا بأحكام ال تصح إال بالقياس،
قياسا للعهد على العقد بالبيعة،
oكعهد أبي بكر إلى عمرً ،
oوقياس الزكاة على الصالة،
oوقياس عمر الشاهد على القاذف يف حد أبي بكرة،
oوإلحاق السكر بالقذف ألنه مظنته.
قياسا:
• وقد اشتهر اختالفهم يف الجد ً
oفقال ابن عباس" :أال يتقي اهلل زيد ،يجعل ابن االبن ابنًا ،وال يجعل أب األب أ ًبا"،
فأنكر ترك قياس األبوة على البنوة ،مع افتراقهما يف األحكام.
أيضا ،فالمدلى به
oوصرح من سوى بينهما بأن األخ يدلي باألب ،والجد يدلي به ً
واحد ،واإلدالء مختلف وصرحوا بالتشبيه بالغصنين ،والخليجين.
• ومن فتّش عن اختالفهم يف الفرائض وغيرها؛ عرف ضرورة سلوكهم التشبيه
والمقايسة ،وأنهم لم يقتصروا على تحقيق المناط يف إثبات األحكام ،بل استعملوا ذلك
يف بقية طرق االجتهاد***.
الدليل الثاني
َۡ َ َۡ ُ ْ َ ُ
يأ ْولِّي ٱلأبۡ َصٰ ِّرﵞ [الحشر.]2 :
***وقد استدل على إثبات القياس بقوله تعالى :ﵟفٱعتبِّروا َٰٓ
• المراد به :االعتبار بحال من عصى أمر اهلل ،وخالف رسله ،لينزجر،
َ َ َ ُۡ َ
• ولذلك ال يحسن أن يصرح بالقياس ههنا فيقول ﵟيخ ِّربُون ُب ُيوت ُهم بِّأيۡدِّي ِّه ۡم َوأيۡدِّي
قلنا:
• اللفظ عام،
• وإنما لم يحسن التصريح بالقياس ههنا ،ألنه يخرج عن عمومه المذكور يف اآلية ،إذ ليس
حالنا فر ًعا لحالهم***
الدليل الثالث
***دليل آخر:
ِ
لم تَجدْ ؟ " قال :بسنة رسول قول النبي ﷺ لمعاذ" :بِ َم َت ْقضي؟ " قال :بكتاب اهلل .قال" :فإن ْ
ول رس ِ ِ ِ ِ
ول اهلل لم تَجدْ ؟ " قال أجتهد رأيي ،قال" :ا ْل َح ْمدُ ل َّله ا َّلذي َو َّف َق َر ُس َ َ ُ
اهلل ﷺ قالَ " :فإن ْ
ﷺ لما يرضي رسول اهلل ﷺ".
قالوا:
[ ]1هذا الحديث يرويه الحارث بن عمرو عن رجال من أهل حمص ،والحارث ،والرجال
مجهولون .قاله الترمذي.
[ ]2ثم إن هذا الحديث ليس بصريح يف القياس ،إذ يحتمل أنه يجتهد يف تحقيق المناط.
قلنا:
[ ]1قد رواه عبادة بن ن َُس ّي عن عبد الرحمن بن َغنْم عن معاذ.
مرسال.
ً oثم الحديث تلقته األمة بالقبول ،فال يضره كونه
[ ]2والثاين :ال يصح؛ ألنه بين أنه يجتهد فيما ليس فيه كتاب وال سنة***
الدليل الرابع
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 28
اب َف َل ُه َأ ْج َر ِ
انَ ،وإِ ْن َأخْ َط َأ َف َل ُه ِ
اجت ََهد َف َأ َص َ
***خبر آخر :قول النبي ﷺ " :إذا َحك ََم ا ْل َحاك ُم َف ْ
َأ ْج ٌر" .رواه مسلم
• ويتجه عليه أنه :يجتهد يف تحقيق المناط ،دون تخريجه***
الدليل الخامس
***خبر آخر:
يك َد ْي ٌن َف َق َض ْيتِه َأ َ
كان َينْ َف ُع ُه"؟ قالت :نعم. َان ع َلى َأبِ ِ ِ
قول النبي ﷺ للخثعميةَ " :أ َر َأ ْيت َل ْو ك َ َ
قالَ " :فدَ ْي ُن اهللِ َأ َح ُّق َأ ْن ُي ْق َضى" فهو تنبيه على قياس دين اهلل على دين الخلق*** .
الدليل السادس
***وقوله لعمر ،حين سأله عن قبلة الصائمَ " :أ َر َأ ْي َ
ت َل ْو ت ََم ْض َم ْض َ
ت؟ "
فهو قياس للقبلة على المضمضة ،بجامع أنها مقدمة الفطر ،وال يفطر***
الدليل السابع
***وروى أبو عبيد أن النبي ﷺ قال" :إنِّي َأ ْق ِضي بينَكُم بالر ْأي فِيما َلم ين ِْز ْل ِ
فيه َو ْح ٌي" .وإذا َ ْ َ َ ْ ْ َّ
كان يحكم بينهم باجتهاده :فلغيره الحكم برأيه إذا غلب على ظنهم*** .
ُ ۡ َ َّ َ ُ ُ ْ ۡ ۡ َ ۡ َ َّ ُ َّ َ َ َ ْ
ام ُنوا مِّنكم وٱلذ
ِّين أوتوا ٱلعِّل َم استنابط دواعي الجتهاد ،لـ ﵟيرفعِّ ٱّلل ٱلذِّين ء
ََ َ
درجٰ ٖۚ
تﵞ [المجادلة.]11 :
الدليل العقلي الرابع
وقولهم" :كيف يثبت الحكم يف الفرع بطريق غير طريق األصل"؟
قلنا:
• ليس من ضرورة كون الفرع تاب ًعا لألصل أن يساويه يف طريق الحكم؛
oفإن الضروريات والمحسوسات أصل للنظريات ،ول يلزم تساويهما يف الطريق ،وإن
تساويا يف الحكم.
الدليل العقلي الخامس
سالما؛ لسواده"
ً وأما إذا قال" :أعتقت
فالفرق بينه وبين أحكام الشرع من حيث اإلجمال والتفصيل.
املناقشة اإلجمالية
• أما اإلجمال:
سالما.
ً oفإنه لو قال ،مع هذا" :فقيسوا عليه كل أسود" لم يتعد العتق
oولو قال الشارع" :حرمت الخمر لشدّ هتا ،فقيسوا عليه كل مشتد" :للزمت التسوية،
▪ فكيف يقاس أحدهما على اآلخر ،مع العرتاف بالفرق؟
املناقشة التفصيلية
الوجه الول
• ***وأما التفصيل:
وزواال على اللفظ ،دون اإلرادات
ً حصوال
ً oفألن اهلل -تعالى -علق الحكم يف األمالك
المجردة.
33 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
االعتراض
فإن قيل:
• فلعل الشرع علل الحكم بخاصية المحل،
oفتكون العلة يف تحريم الخمر :شدة الخمر ،ويف تحريم الربا بطعم الب ،ل بالشدة
المجردة[ .ول بالطعم المجرد].
• وهلل أسرار يف األعيان :فقد حرم الخنزير والدم والميتة لخواص ل يطلع عليها،
oفلم يبعد أن يكون لشدة الخمر من الخاصية ما ليس لشدة النبيذ ،فبماذا يقع األمن عن
هذا؟
الجواب عنه
قلنا:
• قد نعلم ضرورة سقوط اعتبار خاصية المحل
تاع ِه» يعلم أن المرأة يف معناه.
احب المتاع َأح ُّق بِم ِ
َ َ
ِ
oكقولهَ « :أ ُّي َما َر ُج ٍل َأ ْف َل َس َف َص ُ َ
oوقولهَ « :م ْن أ ْعت ََق ِش ْركًا َل ُه فِي َع ْب ٍد ُق ِّو َم َع َل ْي ِه ا ْل َباقِي» فاألمة يف معناه
▪ عرفنا بتص ّفح أحكام العتق ،والبيع ،وبمجموع أمارات وتكريرات ،وقرائن :أنه ل
مدخل للذكورية يف العتق والبيع.
• وقد يظن ذلك ظنًّا يسكن إليه.
oوقد عرفنا أن الصحابة عولوا على الظن ،فعلمنا أهنم فهموا من رسول اهلل ﷺ قط ًعا،
إلحاق الظن بالقطع.
oوقد اختلف الصحابة يف مسائل ،فلو كانت قطعية :لما اختلفوا فيها ،فعلمنا أن الظن
كالعلم.
oفإن انتفى العلم والظن :فًل يجوز اإلقدام على القياس.
35 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
(النظام)
الدلة
• إذ ل يتناول قوله" :حرمت الخمر حرمت
• إذ ل فرق يف اللغة بين قولهّ " :
لشدهتا" من حيث الوضع إل تحريمها حرمت كل
الخمر لشدهتا" وبينّ " :
خاصة ،ولو لم يرد التعبد بالقياس: مشتد" (يريد أن اإللحاق حاصل من جهة
لقتصرنا عليه ،كما لو قال" :أعتقت اللفظ الشامل للفرع عموما معنويا ،ال من
جهة القياس.)...
غانما لسواده"
ً
خًلصة الرد :أننا ال نسلم باستواء الصيغتين،
فإن قوله« :حرمت كل مشتد» يفيد العموم مناقشة دليل القول الول
لعليته ،أما قوله« :حرمت الخمر لشدتها» فًل ويتجه عليه :ما ذكره نفاة القياس ،واهلل أعلم
يفيد إال تحريم الخمر خاصة ،ولوال القياس ملا (وهي األدلة التي استندوا إليها ً
سابقا).
حرم كل مشتد ،كما لو قيل« :أعتقت ً
غانما
لسواده» فيختص العتق بغانم «والنص على
العلة ال يوجب العموم اللفظي .انظر :شرح
الطوفي»."٣46 /٣
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 36
ً
الثاني :هو ما كان املسكوت عنه فيه مساويا للمنطوق مع القطع بنفي الفارق.
من أمثلته:
-١إلحاق إحراق مال اليتيم وإغراقه بأكله في الحرمة وذلك في قوله تعالى{ :إن الذين يأكلون أموال
اليتامى ظلما}.
_٢إلحاق صب البول في املاء بالبول فيه .املذكور في حديث( :ال يبولن أحدكم في املاء الدائم الذي ال
يجري ثم يغتسل فيه) الحديث.
الثالث :هو ما كان املسكوت عنه فيه أولى مع نفي الفارق بالظن الغالب.
من أمثلته:
39 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
ً
-١إلحاق شهادة الكافر بشهادة الفاسق في الرد فيقول تعالى{ :وال تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم
الفاسقون}.
الحتمال الفرق بأن الكافر يحترز عن الكذب لدينه في زعمه والفاسق متهم في دينه،
-٢إلحاق العمياء بالعوراء في منع التضحية املنصوص في الحديث.
فالعمياء أولى بالحكم املذكور من العوراء ،ولكن نفي الفارق مظنون ظنا غالبا مزاحما لليقين ،وليس
ً
قطعيا كما قاله غير واحد،
ً
ووجه ذلك أن الغالب على الظن أن علة منع التضحية بالعوراء هي كون العور نقصا في ثمنها ،والعمياء
أحرى بذلك من العوراء
ولكن هناك احتمال آخر ،وهو أن تكون العلة هي :أن العور مظنة الهزال ألن العوراء ناقصة البصر إذ
ال ترى إال ما قابل عينها املبصرة ونقص بصرها املذكور مظنة لنقص رعيها ،ونقص رعيها مظنة لهزالها،
وهذه العلة املحتملة ليست موجودة في العمياء ألن من يعلفها يختار لها أجود العلف ،وذلك مظنة
السمن.
ملحوظة :ال يلزم من كون املسكوت عنه أولى بالحكم من املنطوق أن يكون قطعيا خًلفا ملا ذكره
ً
املؤلف رحمه هللا ،وأنه ال يلزم أيضا من كونه مساويا أن يكون نفي الفارق ظنيا خًلفا لظاهر كًلمه.
الرابع :هو ما كان املسكوت عنه فيه مساويا للمنطوق به مع كون نفي الفارق مظنونا ال مقطوعا
ومن أمثلته:
-١إلحاق األمة بالعبد في سراية العتق املنصوص عليه في العبد في الحديث الصحيح
فالغالب على الظن أنه ال فرق في سراية العتق بين األمة والعبد ألن الذكورة واألنوثة بالنسبة إلى العتق
وصفان طرديان ال يعلق بواحد منهما حكم من أحكام العتق.
وهناك احتمال آخر هو الذي منع كون نفي الفارق قطعيا ،وهو احتمال أن يكون الشارع إنما نص
على العبد في قوله( :من أعتق شركا له في عبد) الحديث لخصوصية في العبد ال توجد في األمة ،وهي أن
العبد إذا أعتق يزاول من مناصب الرجال ما ال تزاوله األنثى ولو حرة.
وقد اختلف يف تسمية هذا قياسا (سبق في باب داللة املفهوم أن بعضهم يسميه ً
قياسا ًّ
جليا، ً
وبعضهم يسميه مفهوم موافقة ،والبعض يطلق عليه داللة النص ،وقلنا :إن ذلك راجع إلى
االصطًلح ،وال مشاحة فيه).
وما عدا هذا من األقيسة :فمظنون.
طرق اإللحاق
ويف الجملة ،فاإللحاق له طريقان:
-2اإللحاق بذكرالجامع -1اإللحاق بنفي الفارق
الثاين :أن يتعرض للجامع فيبينه ،ويبين أحدهما:
وجوده يف الفرع. • أنه ل فارق إل كذا ،وهذه مقدمة
قياسا.
وهذا المتفق على تسميته ً [صغرى].
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 42
[الصورة الثانية]:
وكذلك إن ُذكر المفعول له ،فهو صريح يف التعليل؛
• ألنه يذكر للعلة والعذر،
َّ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ
كقوله تعالى :ﵟلأمسكتم خشية ٱل ِّإنف ِّ ٖۚ
اق ﵞ [اإلسراء،]100 : o
ۡ َ َ َّ َ َ َ َ َۡ ُ َ َ
َ
oﵟيجعلون أصٰبِّع ُه ۡم ف ِّ ٓي َءاذان ِّ ِّهم م َِّن ٱلصوٰع ِِّّق حذ َر ٱل َم ۡو ِّ ٖۚ
تﵞ [البقرة.]19 :
▪ وما جرى هذا المجرى من صيغ التعليل.
[احتراز]:
فإن قام دليل على أنه لم يقصد التعليل نحو :أن يضاف إلى ما ل يصلح علة :فيكون مجازً ا،
أردت"،
ُ • كما لو قيل" :لم فعلت هذا"؟ قال" :ألين
oفهذا استعمال اللفظ يف غير محله.
[الصورة الثالثة]:
فأما لفظة " ّ
إن"
• مثل قوله ،عليه السًلم ،لما ألقى الروثة« :إِنَّها ِر ْجس»،
َجس ،إِنَّها مِ َن ال َّط َّوافِي َن َع َلي ُك ْم»،
• وقال ،يف الهرة« :إِنَّها َل ْي َس ْت بِن ٍ
• و « َل ُتنْ َك ُح ا ْل َم ْر َأ ُة َع َلى ع ََّمتِها َو َل َع َلى َخا َلتِ َها؛ إِ َّن ُك ْم إِ ْن َف َع ْلت ُْم َذل ِ َك َق َط ْعت ُْم َأ ْر َحا َم ُك ْم».
إن" حرف الفاء :فهو آكد ،نحو قوله ،عليه السًلمَ « :ل ُت َق ِّر ُبو ُه طِي ًبا فإِ َّن ُه ُي ْب َع ُث فإن انضم إلى " ّ
ُم َل ِّب ًيا».
[الخالف فيها]:
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 44
ع ﵞ [الجمعة.]9 :
َ َ ُ ْ َۡ ۡ َ
وذروا ٱلبي ُۚ
oفإنه يعلم منه التعليل للنهي عن البيع بكونه مان ًعا من السعي إلى الجمعة؛ إذ لو قدرنا
النهي عن البيع مطل ًقا من غير رابطة الجمعة يكون خب ًطا يف الكًلم[ .الخبط :هو السير
على غير جادة ،أو طريق واضحة .تاج العروس مادة "خبط"].
• وكذا قوله « :ل يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان».
oتنبيه على التعليل بالغضب ،إذ النهي عن القضاء مطل ًقا من غير هذه الرابطة ل يكون
منتظما.
ً
النوع السادس :اقتران الحكم بوصف مناسب
النوع السادس :ذكر الحكم مقرونًا بوصف مناسب ،فيدل على التعليل به؛
َْ َُ َ ۡ ُ
ٱلسارِّقة فٱق َط ُع ٓوا أيۡد َِّي ُه َما ﵞ [المائدة.]38 :
ٱلسارق َو َّ
ِّ
• كقوله تعالى :ﵟ َو َّ
َ َّ ۡ ُ َ َ َّ ۡ َ
• وﵟإِّن ٱلأبۡ َر َار ل ِّفي نعِّيم َ ١٣وِإن ٱلف َّج َار ل ِّفي َج ِّحيمﵞ [االنفطار ،]14-13 :أي :لبهم وفجورهم،
فإنه يسبق إلى األفهام التعليل به،
[أمثلته]:
• كاإلجماع على تأثير "الصغر" يف الولية[ .أي :والية اإلجبار على البكر الصغيرة ،وعلى
الصغير في املال أو النكاح ،فيقول الحنفي في الثيب الصغيرة :صغيرة ،فتجبر على النكاحً ،
قياسا
49 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
على البكر الصغيرة ،واالبن الصغير ،ويدعى أن العلة في األصل :الصغر باإلجماع ،وقد تحققت في
الفرع].
• وكاإلجماع على أن علة منع القاضي من القضاء وهو غضبان:
▪ اشتغال قلبه عن الفكر والنظر يف الدليل والحكم ،وتغير طبعه عن السكون والتلبث
لًلجتهاد.
• وكتأثير تلف المال تحت اليد العادية يف الضمان؛ أي :املعتدية .وتوضيحه :أن تلف املال تحت
ً
إجماعا ،فيلحق به تلف العين في يد السارق ،وإن قطع اليد العادية علة للضمان على الغاصب
بها؛ ألن يده عادية ،فضمن ما تلف فيها كالغاصب ،الشتراكهما في الوصف الجامع وهو التلف
تحت اليد العادية .انظر :شرح الطوفي "."٣77-٣76 /٣
▪ فإنه يؤثر يف الغصب إجماعًا ،فقيس السارق -وإن ُقطع -على الغاضب ،لتفاقهما يف
العلة المؤثرة يف محل الوفاق إجماعًا.
املنع من املطالبة بتأثيرالعلة في الصل والفرع
فًل تصح المطالبة بتأثير العلة يف األصل ،لًلتفاق عليها.
وإن طولب بتأثيرها يف الفرع ،فجوابه أن يقال:
• القياس لتعدية حكم العلة من موضع إلى موضع ،وما من تعدية إل ويتوجه عليها هذا
السؤال ،فًل يفتح هذا الباب.
أمثلة ملا يطلب به املعترض
• بل يكلف المعرتض الفرق ،أو التنبيه على مثار خيار الفرق( .أي :الفرق الذي يتخيله
املناظر)،
واملعنى :يقال له :قد بينت أن العلة مؤثرة في األصل باالتفاق ،وبينت وجودها في الفرع ،فتم
القياس ،فإن كان عندك ما تبين به عدم تأثيرها فهاته.
األخوة من األبوين أثرت يف التقديم يف الميراث إجماعًا ،فلتؤثر يف
ّ oوكذلك لو قال:
التقديم يف النكاح.
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 50
oأو قال :الصغر أثر يف ثبوت الولية على البكر :فكذلك على الثيب (أي إذا كانت
صغيرة).
oكالحاجة مع البيع،
oوالشكر مع النعمة،
▪ فيدل ذلك على التعليل به،
ً
ومعنى ذلك :أن كون الوصف املناسب منشأ للحكمة املطلوبة من الحكم ليس شرطا ،بل املعتبر:
ثبوت املصلحة عقيبه ،وهو أعم من أن يكون منشأ لها أو ال ،وهو رأي جمهور العلماء.
وهذا يصدق على ثًلث صور:
الصورة األولى :أن يكون الوصف منشأ للحكمة املطلوبة من الحكم،
كقولنا :السفر منشأ املشقة املبيحة للترخص ،والزنا منشأ املفسدة ،وهي :تضييع األنساب
وإلحاق العار ،وانتهاك الحرمات ،فهذه األوصاف ينشأ عنها الحكمة التي ثبتت هذه األوصاف
ألجلها.
ً ً
الصورة الثانية :أن يكون الوصف معرفا للحكمة ودليًل عليها،
كقولنا :النكاح أو البيع الصادر ممن هو أهل لذلك يناسب الصحة ،أي :يدل على الحاجة التي
سببا لتحصيل االنتفاع بواسطة الصحة ،كما أن النكاح سبب لًلستمتاع اقتضت جعل البيع ً
بالزوجة.
الصورة الثالثة :أن يظهر عند الوصف ،ولم ينشأ عنه ،ولم يدل عليه،
كشكر النعمة املناسب للزيادة منها ،فالشكر هو الوصف املناسب ،وزيادة النعمة :هي الحكمة،
الحكم .انظر :شرح مختصر الروضة ""٣٨7-٣٨6 /٣ ووجوب الشكر هو ُ
[ ]2ومًلئم،
[ ]3وغريب.
[ ]4مرسل.
تحصيل :املراد بالجنس في هذا املبحث :القدر املشترك بين أفراد مختلفة حقائقها ،واملراد بالنوع:
القدر املشترك بين أفراد متفقة حقائقها.
أقسام املؤثر:
الول :ما دل نص أو اجماع على تأثير عين الوصف في عين الحكم ،ومثاله :نفي الفارق.
الثاني :ما دل نص أو اجماع على تأثير عين الوصف في جنس الحكم ،ومثاله :األخوة من األب واألم
فإنه مؤثر بالنص في التقديم في امليراث .فقياس عليه والية النكاح.
واملالئم :ما دل نص أو اجماع على تأثير جنس الوصف في عين الحكم فيه ،ومثاله :لو لم يرد دليل على
الجمع في الحضر ملشقة املطر ونحوه بأن الدليل دل على اعتبار جنس املشقة في عين الحكم الذي هو
الجمع كتأثير مشقة السفر في الجمع.
والغريب :ما دل نص أو إجماع على تأثير جنس الوصف في جنس الحكم فيه ،ومثل له بتأثير جنس
املصالح في جنس األحكام .ومثاله :اعتبار جنس املشقة املشتركة بين الحائض واملسافر في جنس
التخفيف؛ فإن عين مشقة الحائض ليست عين مشقة املسافر بل من جنسها ،وعين التخفيف عن
املسافر بإسقاط الركعتين الزائدتين ليس عين التخفيف عن الحائض بإسقاط أصل الصًلة بل من
جنسها
واملرسل :ما لم يقم دليل خاص على اعتبار مناسبته ،وال على إهدارها.
أقسام املؤثر
***وهو قسمان:
• أحدهما :أن يظهر أثر عينه يف عين ذلك الحكم ،فهو الذي يقال :إنه يف معنى األصل.
يقر به منكرو القياس؛ إذ ال يبقى بين الفرع واألصل مباينة إال تعدد المحل،
oوربما ّ
▪ كقولنا" :إذا ثبت أن الكيل علة يف تحريم الربا يف البر ،فالزبيب ملحق به".
▪ ويكون هذا كظهور أثر الوقاع يف إيجاب الكفارة على األعرابي ،فالتركي
والهندي يف معناه.
• الرتبة الثانية :أن يظهر أثر عينه يف جنس ذلك الحكم:
oكظهور أثر األخوة من األبوين يف التقديم يف الميراث ،فيقاس عليه والية النكاح ،فإن
الوالية يف النكاح ليست هي عين الميراث ،لكن بينهما مجانسة.
النوع الثاني :املالئم
النوع الثاين :المالئم:
وهو :ما ظهر تأثير جنسه يف عين الحكم.
• كظهور أثر المشقة يف إسقاط الصالة عن الحائض ،فإنه ظهر تأثير جنس الحرج يف إسقاط
قضاء الصالة ،كتأثير مشقة السفر يف إسقاط الركعتين الساقطتين بالقصر.
النوع الثالث :الغريب
النوع الثالث ،الغريب:
وهو :ما ظهر تأثير جنسه يف جنس ذلك الحكم.
كتأثير جنس المصالح يف جنس األحكام*** .
55 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
تعريف آخرللمالئم
*** وقيل :بل المالئم :ما ظهر تأثير جنسه يف جنس الحكم،
• كتأثير المشقة يف التخفيف.
تعريف آخرللغريب
والغريب :الذي لم يظهر تأثيره ،وال مالئمته لجنس تصرفات الشرع،
مسكرا ،ويف معناه :كل مسكر ،ولم يظهر أثر السكر يف
ً • كقولنا :الخمر إنما حرم لكونه
موضع آخر ،لكنه مناسب اقترن الحكم به.
• وقولنا :المبتوتة يف مرض الموت ترث؛ ألن الزوج قصد الفرار من الميراث ،فعورض
قياسا على القاتل -لما استعجل الميراث -عورض بنقيض قصده ،فإنا لم
بنقيض قصدهً ،
نر الشارع التفت إلى مثل هذا يف موضع آخر ،فتبقى مناسبة مجردة غريبة*** .
الدلة
57 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
الصحابة -رضي اهلل عنهم -يف • إذ يحتمل أن يكون الحكم ثبت تعبدً ا،
كل قياس كون العلة معلومة األهلية ،وكل ذي ناب من السباع ،مع إباحة
• ويحتمل أن يكون لمعنى آخر مناسب ،لم يظهر لنا • .والثاين :أن المطلوب غلبة
الظن ،وقد حصل ،فإن إثبات • "ويحتمل أن يكون حكم الشرع بتحريم الخمر
*** وهذا االحتمال راجح على احتمال التحكم بما رددنا به مذهب منكري القياس ،كما يف
المؤثر،
• فإن العلة إذا أضيف إليها الحكم يف محل :احتمل اختصاصها به وبه اعتصم نفاة القياس.
• لكن قيل لهمُ :علم من الصحابة اتباع العلل ،وا ّطراح التعبد ،3مهما أمكن،
oفكذا ههنا ،وال فرق.
وقولهم" :يحتمل أن ثم مناس ًبا آخر،
• فهو وهم محض".
oغلبة الظن يف كل موضع تستند إلى مثل هذا الوهم ويعتمد انتفاء الظهور يف معنى آخر
لو ظهر لبطل الظن.
oولو فتح هذا الباب لم يستقم قياس ،فإن المؤثر إنما يغلب على الظن ،لعدم ظهور
الفرق ،ولعدم ظهور معارض.
oوصيغ العموم والظواهر إنما تغلب على الظن بشرط :انتفاء قرينة مخصصة ،لو
ظهرت لزال الظن ،وإذا لم تظهر جاز التعويل عليه
oولم يظهر لنا من الصحابة إال اتباع الرأي األغلب ،ولم يضبطوا أجناسه ،ولم يميزوا
جنسا عن جنس ،فمهما سلمتم غلبة الظن :وجب اتباعه.
ً
وقولهم" :هذا وهم":
• ال يصح؛
oفإن الوهم ميل النفس من غير سبب ،والظن :ميلها بسبب ،وهذا الفرق بينهما.
معذورا ،ومن بناه على الوهم ُس ِّفه.
ً ▪ ومن بنى أمره يف المعامالت على الظن :كان
▪ ولو تصرف يف مال اليتيم بالظن :لم يضمن ،ولو تصرف بالوهم ضمن.
oوقد بينا الظن ههنا فيجب البناء عليه .واهلل أعلم*** .
59 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
فهذا املسلك متأسس على ثًلثة أمور على ما درج عليه املؤلف:
األول :اإلجماع على كون حكم األصل معلًل.
ً ً ً
الثاني :كون التقسيم حاصرا لجميع ما يعلل به ،وذلك إما بموافقة الخصم أو عدم إبدائه وصفا زائدا
سواء أقر بالعجز عن ذلك ،أو ادعاه وامتنع عن ذكره.
الثالث :إبطال ما سوى ذلك الوصف ،ولهذا اإلبطال طريقان:
األولى :وجود الحكم بدون الوصف الذي يبطله املستدل بالسبر ،فيظهر أنه غير العلة لوجود الحكم
دونه ،ومثاله قول الشافعي املعلل تحريم الربا في البر بالطعم أن وصف الكيل واالقتيات ،واالدخار
لغو؛ بدليل وجود الحكم الذي هو منع الربا في ملء الكف من البر مع أنه ال يكال وليس فيه قوت
لقلته ،فيتعين وصف الطعم.
ومثل له الشنقيطي بقول الحنبلي والشافعي مثًل :يصح أمان العبد ألنه صادر عن عاقل مسلم غير
ً
متهم فيصلح قياسا على الحر .فيقول الحنفي مثًل :بقي وصف آخر هو الحرية لم يوجد في الفرع
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 60
فيبطل القياس ،فيقول املستدل :وصف الحرية لغو هنا بدليل االتفاق على صحة أمان العبد املأذون
له.
ً
الثانية :أن يكون الوصف طرديا لم يعهد من الشارع االلتفات إليه في إثبات األحكام؛ أما بالنسبة إلى
جميع األحكام كالطول والقصر ،أو إلى بعضها كالذكورة واألنوثة بالنسبة إلى العتق ألنهما يعتبران في
غير العتق كالشهادة وامليراث.
ً ً
الثاني :اعلم أن املعترض إذا أبدى وصفا زائدا على األوصاف التي حصرها املستدل ،فإن السبر يبطل
لبطًلن أحد ركنيه :وهو الحصر ،ومحل هذا ما لم يبين املستدل أن الوصف الزائد الذي أبداه
املعترض طردي ال دخل له في التعليل ،فانه يكون وجوده وعدمه سواء فيستقيم حصر املستدل
بالسبر وال يبطل دليله.
جالسا ،فدخل رجل فقام عند دخوله ،ثم جلس عند خروجه،
ً رجًل
oفإننا لو رأينا ً
وتكرر منه ،غلب على ظننا :أن العلة يف قيامه :دخوله.
• واحتمال شيء آخر ل ينفي الظن ،ول يمنع من التمسك بما ظنناه علة ،ما لم يظهر األمر
معارضا.
ً اآلخر ،فيكون
• والنقض برائحة الخمر :غير لزم ،فإن صًلحية الشيء للتعليل ل يلزم أن يعلل به ،إذ قد
يمتنع ذلك ،لمعارضة ما هو أولى منه.
[القول األول] :ذهب القاضي وبعض الشافعية إلى صحته ،لشبهه بما ذكرنا ،وتغليبه على
الظن.
[القول الثاين] :ومنع منه بعضهم .واهلل أعلم
ثم للمعترض يف إفساده المعارضة بوصف مطرد يختص باألصل فال يجد إلى التقصي عنه
طري ًقا.
ومثال ذلك :قولهم ،يف الخل :مائع ال يصاد من جنسه السمك ،وال تبنى عليه القناطر ،فال تزال
به النجاسة كالمرق.
ثانيا :سالمة العلة عن علة تفسدها
وكذلك لو استدل على صحتها بسالمتها عن علة تفسدها ،لم يصح؛ لما ذكرنا.
فإن قيل :دليل صحتها :انتفاء المفسد.
قلنا :بل دليل الفساد :انتفاء المصحح ،وال فرق بين الكالمين***1
الدلة
القول الول
• فإن تحصيل المصلحة على وجه يتضمن فوات مثلها أو أكبر منها ليس من شأن العقالء،
oلعدم الفائدة على تقدير التساوي،
oوكثرة الضرر على تقدير الرجحان،
▪ فال يكون مناس ًبا ،إذ المناسب :ما إذا عرض على العقول السليمة تلقته بالقبول.
69 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
الصحة والحرمة.
oوعلى تقدير رجحان المصلحة :يلزم انتفاء الحرمة.
oوعلى تقدير رجحان المفسدة :يلزم انتفاء المصلحة.
▪ فال يجتمع الحكمان م ًعا ،1ومع ذلك اجتمعا.
▪ فدل على بطالن ما ذكروه.2
[ ]5ثم لو قدرنا توقف المناسبة على رجحان المصلحة ،فدليل الرجحان :أنا لم نجد يف محل
الوفاق مناس ًبا سوى ما ذكرناه.
معقوال.
ً oفلو قدرنا الرجحان :يكون الحكم ثابتًا
oوعلى تقدير عدمه :يكون تعبدً ا.
oواحتمال التعبد أبعد وأندر،
▪ فيكون احتمال الرجحان أظهر.
oومثال ذلك :تعليلنا وجوب القصاص على المشتركين يف القتل بحكمة الردع والزجر؛
كي ال يفضي إسقاطه إلى فتح باب الدماء .فيعارض الخصم بضرر إيجاب القتل
الكامل على من لم يصدر منه ذلك .فيكون جوابه :ما ذكرناه ،1واهلل أعلم
قياس الشبه
واختلف يف تفسيره .،ثم يف :أنه حجة
القيسة أربعة أنواع:
األول :قياس العلة ،وهو الجمع بين األصل والفرع بوصف مناسب وهو الذي تقدم أول الباب.
الثاني :قياس الشبه :وهو الذي معنا.
71 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
الثالث :قياس الداللة ،وهو الجميع بين األصل والفرع بدليل العلة ال بها ،وسيأتي.
الرابع :قياس الطرد :وهو الجمع بين األصل والفرع بوصف غير مناسب وال موهم املناسبة ،كقياس
ًّ
الخل على املرق أو الدهن في عدم إزالة النجاسة ،بجامع أن كًل منهما ال تبنى عليه القناطر وال تصاد
منه األسماك ،وال تجري فيه السفن ،وسيأتي بيانه ً
قريبا
فأما تفسيره:
املراد بقياس الشبه
القول الثاين :الجمع بين األصل والفرع القول األول :هو أن يتردد الفرع بين أصلين:
بوصف يوهم اشتماله على حكمة الحكم: حاظر ومبيح ،ويكون شبهه بأحدهما أكثر
من جلب المصلحة ،أو دفع المفسدة. (القاضي يعقوب)
بيانه
القول الول
• نحو :أن يشبه المبيح يف ثًلثة أوصاف ويشبه الحاظر يف أربعة ،فنلحقه بأشبههما به.
• ومثاله :تردد العبد بين الحر وبين البهيمة يف أنه يملك.
oفمن لم يملكه قال :حيوان يجوز بيعه ،ورهنه ،وهبته ،وإجارته ،وإرثه ،أشبه الدابة.
oومن يم ّلكه قال :يثاب ويتعاقب ،وينكح ويطلق ،ويكلف ،أشبه الحر.
شبها.
▪ فيلحق بما هو أكثرهما ً
القول الثاني
• *** وذلك أن األوصاف تنقسم ثالثة أقسام:
[ ]1قسم يعلم اشتماله على المناسبة لوقوفنا عليها بنور البصيرة ،كمناسبة الشدة للتحريم.3
أصال ،لعدم الوقوف عليها بعد البحث التام ،مع إِ ْل ِفنَا من
[ ]2وقسم ال يتوهم فيه مناسبة ً
الشارع :أنه ال يلتفت إليه يف حكم ما ،كالطول والقصر ،والسواد والبياض ،4وكون المائع
ال تبنى عليه القناطر
[ ]3وقسم ثالث -بين القسمين األولين -وهو :ما يتوهم اشتماله على مصلحة الحكم ،ويظن
أنه مظنتها وقالبها من غير اطالع على عين المصلحة ،مع عهدنا ،اعتبار الشارع له يف بعض
مسحا،
األحكام ،كالجمع بين مسح الرأس ومسح الخف يف نفي التكرار ،بوصف كونه ً
أصال يف الطهارة ،فهذا قياس
والجمع بينه وبين األعضاء المغسولة يف التكرار ،بكونه ً
الشبه.
▪ فالقسم األول :قياس العلة ،وهو صحيح.
▪ والقسام الثاين :باطل.
▪ والثالث :الشبه .وهو مختلف فيه.
oوكل قياس فهو مشتمل على شبه وا ّطراد.
▪ لكن قياس العلة عرف بأشبه صفاته وأقواها.
▪ وقياس الشبه كان أشرف صفاته المشابهة ،فعرف به
▪ وكذلك القياس الطردي عرف بخاصيته ،وهو :االطراد؛ إذ لم يكن له ما يعرف به
سواه.
▪ وكل وصف ظهر كونه منا ًطا للحكم فاتباعه من قبيل قياس العلة ،ال من قبيل قياس
الشبه*** .
73 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
قياس الداللة
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 74
وهو :أن يجمع بين الفرع واألصل بدليل العلة ،ليدل اشرتاكهما فيه على اشرتاكهما يف العلة،
ظاهرا.
ً فيلزم اشرتاكهما يف الحكم
والصحيح أنه هو الجمع بين الفرع واألصل بًلزم من لوازم علة األصل مثل:
مثال القياس بًلزم العلة :قياس النبيذ على الخمر بجامع الرائحة املشتدة ،فهي الزمة لإلسكار.
فاألصل :الخمر ،والفرع :النبيذ ،والعلة :اإلسكار ،والجامع هنا :الرائحة.
مثال القياس بجامع بأثر من آثار العلة أن يقال :القتل باملثقل يوجب القصاص كالقتل باملحدد،
بجامع اإلثم ،وهو أثر العلة التي هي :القتل العمد العدوان.
فاألصل :القتل باملحدد ،والفرع :القتل باملثقل ،والعلة :القتل العمد العدوان ،والجامع هنا :اإلثم.
مثال القياس بجامع االشتراك في حكم العلة ،أن يقال :تقطع الجماعة بالواحد كما يقتلون به،
بجامع وجوب الدية عليهم في ذلك ،حيث كان غير عمد.
فاألصل :قتل الجماعة بالواحد ،والفرع :قطعهم به ،والعلة :التعاون ،والجامع هنا :االشتراك في الدية
تنبيه :وترتيبها من حيث القوة :أعًلها :دليل العلة ،ثم الزم العلة ،ثم أثرها ،ثم حكمها.
مثاله
ومثاله:
• قولنا ،يف جواز إجبار البكر :جاز تزويجها وهي ساكتة ،فجاز وهي ساخطة كالصغيرة؛
oفإن إباحة تزويجها مع السكوت ،يدل على عدم اعتبار رضاها ،إذ لو اعتب ،لعتب
دليله وهو النطق .أما السكوت :فمحتمل مرتدد ،وإذا لم يعتب رضاها أبيح تزويجها
حال السخط.
فاألصل :جواز تزويج الصغيرة وهي ساخطة ،والفرع :تزويج البكر وهي ساخطة ،والعلة :عدم اعتبار
رض ى الصغيرة ،والجامع هنا :عدم اعتبار دليل الرض ى وهو النطق.
• وكذا قولنا ،يف منع إجبار العبد على النكاح :ل يجب على إبقائه ،فًل يجب على ابتدائه
كالحر،
75 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
oفإن عدم اإلجبار على اإلبقاء يدل على خلوص حقه يف النكاح ،وذلك يقتضي المنع
من اإلجبار يف البتداء.
فاألصل :عدم إجبار الحر على النكاح ،والفرع :عدم إجبار العبد على النكاح ،والعلةُ :خ ُلوص ّ
حقه في
ّ
النكاح ،والجامع هنا :ال يجبران على الطًلق.
وإنما اشترط ثبوت األصل بالنص؛ ألنه يلحق به الفرع ،ويبنى عليه ،وما ال ثبوت له ال يتصور بناء غيره
عليه.
مختلفا فيه كان من حق الخصم أن ينازع في القياسً وأما اشتراط كونه ً
متفقا عليه؛ فألنه إذا كان
بعدم التسليم بحكم األصل.
ً ً ً
وقد علل املصنف لشرط كون األصل ثابتا بالنص أو متفقا عليه بقوله" :فإن كان مختلفا فيه إلخ"
ً منصوصا وال ً
ً
متفقا عليه ال يصح التمسك به لعدم أولويته ،فكونه أصًل يقاس ومعناه :أن الذي ليس
عليه ليس بأولى من أن يكون فرعاً.
الثاين ،فإنه إنما يعرف كون الجامع علة :بشهادة األصل له ،واعتبار الشرع له بإثبات
الحكم على وفقه.
▪ ول يعرف اعتبار الشرع للوصف إل أن يقرتن الحكم به عر ًيا عما يصلح أن يكون
علة ،أو جز ًءا من أجزائها،
▪ فإنه متى اقرتن بوصفين يصلح التعليل هبما مجتمعين ،أو بكل واحد منهما
منفر ًدا ،احتمل أن يكون ثبوت الحكم هبما جمي ًعا ،أو بأحدهما غير معين،
صحيحا.
ً ً
سؤال فالتعيين تحكم .ولذلك كانت المعارضة يف األصل
القول الثاني
أصًل يف نفسه ،فجاز القياس عليه كالمنصوص.
• ألنه لما ثبت صار ً
ولعله أراد :ما ثبت بالقياس ،واتفق عليه الخصمان.
ً
مخرجا فقال" :ولعله أراد ما ثبت وملا كان املصنف ال يرى ذلك ،كما سيأتي فقد حاول أن يوجد له
ً ً
صحيحا جدال؛ ألنه يشترط في القياس أن بالقياس واتفق عليه الخصمان" فإن القياس حينئذ يكون
يكون حكم األصل ً
ثابتا بنص أو اتفاق الخصمين ،وقد حصل الثاني.
وتأويل املصنف هذا محل نظر؛ فإنه إن أراد توضيح مذهبه فذلك له ،وإن أراد أن هذا هو رأي
القائلين بذلك فهذا غير مسلم؛ ألن أصحاب هذا املذهب لم يصرحوا بش يء من ذلك.
هل يشترط في الصل املقيس عليه أن يجمع عليه كل أمة أو يكفي اتفاق
الخصمين؟
القول الثاين :يشترط (من شرطه :أن القول األول :ال يشترط (فإنه ال يعتبر كون األصل
يكون متف ًقا عليه بين األمة). متفقا عليه بين األمة إذا كان متفقا عليه بين
(قوم) الخصمين).
الدلة
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 78
فإنه إذا لم يكن مجم ًعا عليه فللخصم وهذا ل يصح لوجهين (جواب للقول الثاين)
أن يعلل الحكم يف األصل بمعنى أحدهما :أن كل واحد من المتناظرين مق ِّلد ،فليس
مختص به ل يتعدى إلى الفرع. له منع حكم ثبت مذه ًبا إلمامه؛ لعجزه عن تقريره،
• فإن ساعده المستدل على التعليل • فإنه ل يتيقن مأخذ إمامه يف الحكم ،ولو عرف
به :انقطع القياس؛ لعدم المعنى يف ذلك فًل يلزم من عجزه عن تقريره فساده ،إذ
الفرع. من المحتمل :أن يكون لقصوره؛ فإن إمامه
• وإن لم يساعده :منع الحكم يف أكمل منه ،وقد اعتقد صحته.
وسموه:
األصل ،فبطل القياسّ ، • ويحتمل :أن إمامه لم يثبت الحكم يف الفرع؛
القياس المركب. لوجود مانع عنده ،أو لفوات شرط.
oومثاله :قياسنا العبد على فًل يجوز له منع حكم ثبت يقينًا؛ بناء على فساد
المكاتب. ً
احتمال. مأخذه
oفنقول :العبد منقوص بالرق، oوحاصل هذا :أنه ل يخلو :إما أن يمنع على
فًل يقتل به الحر كالمكاتب. مذهب إمامه ،أو على خًلفه.
oفيقول المخالف :العلة يف ▪ فاألول باطل ،لعلمنا أنه على خًلفه.
المكاتب :أنه ل ُيعلم هل ▪ والثاين باطل؛ فإنه تصدى لتقرير
المستحق لدمه الوارث ،أو مذهبه ،فتجب مؤاخذته به .ثم لو صح
السيد؟ هذا :لما تمكن أحد الخصمين من
▪ فإن سلمتم ذلك :امتنع حكما على مذهبه غير
ً إلزام خصمه
قياس العبد عليه؛ ألن مجمع عليه؛ ألنه ل يعجز عن منعه.
مستحقه معلوم.
▪ وإن منعتم :منعنا الحكم
79 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
يف المكاتب ،فذهب الثاين :أنا لو حصرنا القياس يف أصل مجمع عليه بين
األصل ،فبطل القياس. األمة :أفضى إلى خلو كثير من الوقائع عن
األحكام ،لقلة القواطع ،وندرة مثل هذا القياس.
هل يجوزالقياس على الصل املنصوص عليه إذا كان مختلفا فيه بين
الخصمين؟
فإن كان الحكم منصوصا عليه:
القول الثاين :ال يجوز (ل يجوز القياس القول األول :يجوز (جاز الستناد إليه يف القياس
على المختلف فيه بحال) وإن كان مختل ًفا فيه بين الخصمين ،بشرط أن يكون
(قوم) النص غير متناول للفرع)
الدلة
• ألنه يفضي إلى نقل الكًلم من منصوصا عليه،
ً ً
متناول للفرع :كان • فإنه إذا كان
مسألة إلى مسألة ،وبناء الخًلف فًل يسرتوح إلى القياس على وجه ل يجد ُبدًّ ا
على الخًلف ،وليس أحدهما من السرتواح إلى النص ،فيكون تطويل طريق
أولى من اآلخر. بغير فائدة ،فليصطلح على رده.
ولنا:
أن حكم األصل أحد أركان الدليل ،فيجب أن
يتمكن من إثباته بالدليل ،كبقية أركانه؛ فإنه ليس من
شرط ما ُيفتقر إليه يف إثبات الحكم :أن يكون متف ًقا
عليه ،بل يكفي أن يكون ثابتًا بدليل يغلب على
الظن ،فيجب أن يكتفي بذلك يف األصل؛ إذ الفرق
تح ّكم.
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 80
[الدليل الثاين]:
وألن القياس :تعدية الحكم بتعدي علته ،فإذا أثبت يف الفرع غير حكم األصل :لم يكن ذلك
تعدية ،بل ابتداء حكم.
صورمخالفة حكم الفرع لحكم الصل
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 82
▪ وكذلك لو أراد إثبات أصل القياس ،وأصل خب الواحد بالقياس :لم يجز ،لما
ذكرناه .في شروط األصل ،حيث قال في شروطه" :أن يكون ً
ثابتا بنص أو اتفاق من
الخصمين … ثم قال :ولو أراد إثبات حكم األصل بالقياس على محل آخر لم يجز … "
• فإن كان لغو ًّيا:
oففي إثباته بالقياس خًلف ذكرناه فيما مضى.
• الثاين :أن التعدية ليست شر ًطا يف العلة • الثاين :أن األصل أن ل يعمل
المنصوص عليها ،ول يف العقلية ،وهما آكد، بالظن؛ ألنه جهل ورجم بالظن،
فكذلك المستنبطة. وإنما جوز يف العلة المتعدية،
• الثالث :أن الشارع لو نص على جمع القاتلين ضرورة العمل هبا ،والعلة القاصرة
ظلما بوجوب القصاص :ل يمنعنا أن نظن أن
ً ل عمل هبا ،فتبقى على األصل.
الباعث حكمة الردع والزجر ،وإن لم يتعد إلى • الثالث :أن القاصرة ل فائدة فيها
غير قاتل :فإن الحكمة ل تختلف باستيعاب [لعدم تعديها] ،وما ل فائدة فيه ل
النص لجميع الحوادث أو اقتصاره على يرد الشرع به.
البعض. oدليل المقدمة األولى :أن فائدة
العلة :تعدية الحكم ،والقاصرة خًلصته :أن الشارع لو نص على وجوب القصاص على
ً
وعدوانا ،فإن ذلك ال يمنعنا أن جميع القاتلين ً
ظلما
ل تتعدى.
نظن أن الباعث على ذلك هو الردع والزجر ،حتى ولو
▪ ودليل أن فائدهتا التعدي :لم يتعد ذلك القصاص إلى غير القاتل؛ ألن الحكمة
ً
مستوعبا الشرعية تستنبط من النص ،حتى ولو كان أن الحكم ثابت يف محل
لجميع الحوادث ،فًل فرق بين النص على الجميع ،أو
النص بالنص ،لكونه
االقتصار على البعض ،والنتيجة عدم الفرق بين
املنصوصة واملستنبطة. مقطوعًا به ،والقياس
مظنون ،ول يثبت
المقطوع بالمظنون .إذا
ثبت هذا :تعين اعتبارها يف
غير محل النص،
والقاصرة ل يمكن فيها
ذلك.
87 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
[المناقشة الثانية]
الثاين :أننا ل نعني بالعلة إل باعث الشرع على الحكم ،وثبوته بالنص ل يمنعنا أن نظن أن
الباعث عليه حكمته التي يف ضمنه،
• كما أن تنصيصه على رخص السفر ل يمنعنا أن نظن أن حكمته :دفع مشقته.
• وكذلك المسح على الخفين :معلل بدفع المشقة الًلحقة بنزع الخف ،وإن لم يقس عليه
غيره ،ول يسقط هذا الظن باستيعاب مجاري الحكم،
• ولما نص على أن كل مسكر حرام ،لم يمنعنا أن نظن أن باعث الشرع على التحريم:
السكر.
oول َيسقط هذا الظن باستيعاب مجاري الحكم.
oول حجر علينا يف أن نصدق فنقول :إنما ظننا كذا ،مهما ظننا كذا ،ول مانع من هذا
الظن.
▪ وأكثر المواعظ ظنية،
▪ وطباع اآلدميين خلقت مطيعة للظنون.
▪ وأكثر بواعث الناس على أعمالهم وعقائدهم الظنون.
الدلة
القول الول
حكى أبو حفص البمكي يف كون ذلك شر ًطا لصحتها وجهين:
أحدهما :هو شرط،
• فمتى تخلف الحكم عنها مع وجودها:
oاستدللنا على أهنا ليست بعلة إن كانت مستنبطة.
منصوصا عليها.
ً oأو على أهنا بعض العلة إن كانت
القول الثالث القول الثاني
وفرق قوم بين العلة المنصوص عليها،
ّ والوجه اآلخر :تبقى حجة فيما عدا المحل
وبين المستنبطة ،وجعل نقض المستنبطة المخصوص ،كالعموم إذا خص.
مبطًل لها.
ً لوجهين:
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 92
وإن كانت ثابتة بنص أو إجماع فًل يقدح أحدهما :أن علل الشرع أمارات ،واألمارة ل
ذلك فيها؛ توجب وجود حكمها معها أبدً ا ،بل يكفي كونه
معها يف األغلب األكثر.
أدلة القول الثالث على عدم إبطال العلة • كالغيم الرطب يف الشتاء ،أمارة على المطر،
غير المستنبطة بالنقض • وكون مركوب القاضي على باب األمير،
[ ]1ألن كوهنا علة عرف بدليل متأكد أمارة على أنه عنده،
قوي ،وتخلف الحكم يحتمل أن oوقد يجوز أن ل يكون عنده ،فلو لم يكن
يكون لفوات شرط ،أو وجود مانع، عنده يف مرة ،لم يمنع ذلك من رأي تلك
فًل يرتك الدليل القوي لمطلق اإلمارة أن يظن وجود ما هو أمارة عليه.
الحتمال. الثاين :أن ثبوت الحكم على وفق المعنى
[ ]2وألن ظن ثبوت العلة من النص، المناسب يف موضع دليل على أنه العلة ،بدليل أنه
وظن انتفاء العلة من انتفاء الحكم يكتفى بذلك ،فإن لم يظهر أمر سواه.
مستفاد بالنظر ،والظنون الحاصلة • وتخلف الحكم:
بالنصوص أقوى من الظنون oيحتمل أن يكون لمعارض من فوات
الحاصلة بالستنباط. شرط ،أو وجود مانع.
oويحتمل :أن يكون لعدم العلة،
أدلة القول الثالث على إبطال العلة ▪ فًل يرتك الدليل المغلب على الظن
المستنبطة بالنقض ألمر محتمل مرتدد.
وإن كان ثبوت العلة بالستنباط :بطلت
بالنقض؛ اعتراض على القول الثاين:
[ ]1ألن ثبوت الحكم على وفق المعنى، فإن قيل:
93 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
إن دل على اعتبار الشارع له يف • نفي الحكم لمعارض نفي للحكم مع وجود
موضع ،فتخلف الحكم عنه يدل سببه ،وهو خًلف األصل،
على أن الشرع ألغاه. • ونفيه لعدم العلة موافق لألصل ،إذ هو نفي
[ ]2وقول القائل" :إنني أعتبه إل يف الحكم؛ لنتفاء دليله ،فيكون أولى.
موضع أعرض الشرع عنه" ليس الجواب عنه:
بأولى ممن قال" :أعرض عنه إل يف قلنا:
موضع اعتبه الشرع بالتنصيص • هو مخالف لألصل من جهة أخرى ،وهو :أن
على الحكم". فيه نفي العلة مع قيام دليلها ،واألصل توفير
[ ]3ثم إن ُج ِّوز وجود العلة مع انتفاء المقتضى [الحكم] على المقتضي [العلة]
الحكم من غير مانع ،ول تخلف فيتساويان،
شرط ،فليجز ذلك يف محل النزاع. • ودليل العلة ظاهر ،والظاهر ل يعارض
بالمحتمل المرتدد.
▪ والمستنبطة إنما يثبت كوهنا أمارة باقرتان الحكم هبا ،فتخلفه عنها ينفي أهنا أمارة.
واهلل أعلم.
أمثلته
• كإيجاب الدية على العاقلة دون الجاين ،مع أن جناية الشخص علة وجوب الضمان عليه.
المصراة ،مع أن علة إيجاب المثل يف المثليات :تماثل
ّ • وإيجاب صاع تمر من لبن
األجزاء[ .التصرية :جمع اللبن في ضرع الحيوان إليهام الناس أنها حلوب ،وقد حرم اإلسًلم ذلك
ملا فيه من التدليس على املشتري].
حكمه :فهذه العلة معلومة قط ًعا ،فًل تنتقض هبذه الصورة ،ول يكلف المستدل الحرتاز عنها.
اعتراض
فإن قيل :فلم ل ينعطف قيد على العلة يكون وص ًفا من أوصافها يندفع به النقض؟
• فنقول يف مسألة "المصراة" :العلة يف وجوب المثل :تماثل األجزاء مع قيد اإلضافة إلى
97 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
المصراة،
ّ غير
• ويكون التماثل المطلق بعض العلة.
نقضا،
• وعلى هذا يكون تخلف الحكم يف "المصراة" لعدم العلة ،فًل يكون ً
oفليجب على المعلل ذلك.
الجواب عنه
الصل اللغوي الذي استعيرمنه لفظ العلة:
الوجه الول :العلة بمعنى الباعث (اختياراملؤلف)
قلنا :بل العلة :مطلق التماثل،
فإن العلة:
• إما أن تكون سميت علة استعارة من البواعث ،فإن الباعث على الفعل يسمى علة الفعل.
(مثاله):
عدوي ،ومنع
فقيرا آخر وقال :ألنه ِّ
فقيرا شيئًا لفقره ،وعلل بأنه فقير ،ثم منع ً
oفمن أعطى ً
آخر وقال :هو معتزلي ،فإن الباقي على الستقامة التي يقتضيها أصل الفطرة :ل يستبعد
متناقضا.
ً ذلك ،ول نعده
oويجوز أن يقول :أعطيته لفقره ،إذ الباعث هو الفقر ،وقد ل تحضره عند اإلعطاء العداوة
والعتزال وانتفاؤهما ،ولو كانا جزءين من الباعث لم ينبعث إل عند حضورهما يف ذهنه،
وقد انبعث ولم يخطر بباله إل مجرد الفقر.
بيان مو افقة التعليل بمطلق املماثلة للوجه الول
▪ كذلك مجرد التماثل علة؛ ألنه الذي يبعثنا على إيجاب المثل يف ضمانه ،ول تحضرنا
أصًل ،عن تلك الحالة.
مسألة "المصراة" ً
▪ ويقبح يف مثل هذا أن يكلف الحرتاز عنه فيقول :تماثل يف غير المصراة.
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 98
القول الثاين :ال يجوز أن يكون العدم سببا إلثبات حكم القول األول :يجوز أن تكون العلة
(بعض الشافعية) نفي صفة أو اسم أو حكم
(أبو الخطاب ،أصحاب أحمد)
الدلة
مشتمًل على معنى يثبت
ً • ألن السبب ل بد أن يكون • كقولهم :ليس بمكيل ول
الحكم ،رعاية له. موزون [أي :فًل يحرم فيه
• والمعنى إما تحصيل مصلحة ،أو نفي مفسدة، التفاضل]،
oوالعدم ل يحصل به شيء من ذلك. • ليس برتاب [أي :فًل يصح التيمم
به]،
• ل يجوز بيعه فًل يجوز رهنه.
(االعتراض األول على القول الثاين):
فلئن قلتم :إنه تحصل به الحكمة،
قلنا :بل يجوز التعليل بالعدم:
مضرا
• فإن ما كان ناف ًعا ،فعدمه مضر ،وما كان ً
[ ]1فإن علل الشرع أمارات على
فعدمه يلزمه منه منفعة،
الحكم ،ول يشرتط فيها أن
• ويكفي يف مظنة الحكم أن يلزم منها الحكمة ،ول
تكون منشأ للحكمة ،ول مظنة
يشرتط أن يكون منشأ لها.
لها .وعند ذلك ل يمتنع أن
قلنا :ل ننكر ذلك،
ينصب الشارع العدم أمارة :إذا
حكما يف حق كل أحد،
ً • لكن ل يناسب
كان ظاهرة معلو ًما.
oبل إعدام النافع يناسب عقوبة يف حق من وجد
oولو قال الشارع :اعلموا أن ما
زجرا له،
منه اإلعدامً ،
ل ينتفع به ل يجوز بيعه ،وأن
حكما ناف ًعا يف حق من
ً oوإعدام المضر يناسب
ما ل يجوز بيعه ل يجوز
وجد منه إعدامه ،ح ًّثا له على تعاطي مثله.
103 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
• فالمناسبة يف الموضعين انتسبت إلى اإلعدام ،وهو رهنه :فما المانع من هذا
أمر وجودي ،ل إلى العدم. وأشباهه؟
[ ]2وقد تقرر بين الفقهاء :أن انتفاء
(اعتراض على الجواب السابق): الشرط عًلمة على عدم
فلئن قلتم :إن عدم األمر النافع للشخص يناسب ثبوت المشروط ،فإنه ينتفي بانتفائه.
حكم نافع له ،جبًا لحاله. وإذا جاز ذلك يف النفي :ففي
قلنا :عنه جوابان: اإلثبات مثله،
أحدهما :منع المناسبة؛ oفإنه لو قال الشارع "ما ل
فإنه ل يخلو: مضرة فيه من الحيوان فمباح
• إما أن تثبت المناسبة بالنسبة إلى اهلل -عز وجل- لكم أكله" و"ما لم يذكر اسم
• أو إلى غيره. اهلل عليه فحرام عليكم أكله"
oويف الجملة: لم يمتنع ذلك.
َ
ً
معقول ▪ شرع الجائز [العقوبة] إنما يكون oوقد قال اهلل تعالى :ﵟ َولا
َ ۡ ُ ُ ْ َّ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َّ
على من وجد منه الضرر [على من وجد منه ٱس ُم ٱّللِّ تأكلوا مِّما لم يذك ِّر
َ
اإلضرار]. َعل ۡيهِّ ﵞ [األنعام ]121 :وهذا
▪ وأما شرعه يف حق غيره :فإنه عدول على تعليق لتحريم األكل على عدم
مذاق القياس ،ومقتضى الحكمة ،كإيجاب اسم اهلل.
ضمان فرس زيد على عمرو ،إذا تلف بآفة [ ]3وألن النفي صلح أن يكون علة
سماوية. للنفي ،فيلزم منه أن يصلح
oفإن قيل :يناسب الثواب بالنسبة إلى اهلل -عز التعليل به لإلثبات؛ ألن كل
وجل -فهو عود إلى الوجود[ .إلى األمر الوجودي ال حكم له ضد ،فالحل ضده:
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 104
َ َ َّ
ﵟوأن ليۡ َس الثاين :أنه ل يمكن اعتباره؛ لقوله تعالى:
َّ ۡ
لِّل ِّإ َ ٰ
نس ِّن إِّلا َما َس َع ٰيﵞ [النجم .]39 :وإثبات الحكم له
لمنفعته من غير سعيه مخالف للعموم [أي :عموم اآلية].
• يتناول ما له ،دون ما عليه ،فليست عامة ،فًل يصح الستدلل هبا على عموم التعليل
بالنفي.
• على أن اآلية إنما أريد هبا الثواب يف اآلخرة ،دون أحكام الدنيا ،بدليل أن:
oفقر القريب صلح علة إليجاب النفقة له.
oوعدم المال يف حق المسكين جعله مصر ًفا للزكاة .وأمثال هذا يكثر .واهلل أعلم
وضح الطوفي مذاهب العلماء في املسألة فقال" :قال اآلمدي :اتفقوا على جواز تعليل الحكم بعلل في
كل صورة بعلة،
ً
واختلفوا في الحكم الواحد بالشخص في صورة واحدة ،هل يعلل بعلتين معا؟
فمنع من ذلك :القاض ي أبو بكر ،وإمام الحرمينّ ،
وجوزه :آخرون.
وفصل الغزالي بجواز ذلك في العلل املنصوصة دون املستنبطة.
قال اآلمدي :واملختار منعه.
دليل اختباراملؤلف
• ألن العلة الشرعية أمارة ،فًل يمتنع نصب عًلمتين على شيء واحد.
oولذلك من لمس ،وبال يف وقت واحد :انتقض وضوؤه هبما.
oمن أرضعتها أختك ،وزوجة أخيك ،فجمع لبنهما وانتهى على حلقها دفعة واحدة:
حرمت عليك؛ ألنك خالها وعمها.
▪ ول يحال على أحدهما دون اآلخر.
▪ ول يمكن أن يقال :تحريمان ،وحكمان؛ ألن التحريم له حد واحد وحقيقة
واحدة ،ويستحيل اجتماع مثلين.
االعتراض الول والجواب عنه
فإن قيل:
فإذا ذكر المعرتض علة أخرى يف األصل ،فلم يعارض علة المستدل ،لم يقبل هذا العرتاض،
إذا أمكن الجمع بين علتين.
قلنا:
• إن كانت علة المستدل مؤثرة :لم تبطل بذلك،
oكما ذكرناه من األمثلة،
107 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 108
oكما يقال :ثبت التحريم يف الخمر لعلة الشدة ،وهي موجودة يف النبيذ ،فيضم النبيذ
إلى الخمر يف التحريم ،ولم نغير من الخمر شيئًا.
• ونحن يف "الكفارة" لم نبين أن الحكم ثبت للجماع ،ولم نعلق به ،وإنما علقنا الحكم
بإفساد الصوم ،فنتعرف الحكم الوارد شرعًا أين ورد ،وكيف ورد؟ وكذا أنتم لم تع ّلقوا
الحكم بالزنا.
وهبذا يظهر الفرق -للمنصف -بين تعليل الحكم ،وتعليل السببية،
• فإن تعليل الحكم تعدية له عن محله ،مع تقريره يف محله.
• ويف السببية إذا قلنا :علق الشرع الرجم بالزنا لعلة كذا ،فألحقنا به غير الزنا :تناقض آخر
الكًلم وأوله؛
oألن الزنا إن كان منا ًطا من حيث إنه "زنا" فألحقنا به ما ليس بزنا :أخرجنا الزنا عن
كونه علة ومنا ًطا ،فإنا نتب ّين باآلخرة :أن الزنا لم يكن هو السبب ،بل معنى أعم منه
وهو :إيًلج فرج يف فرج محرم ،فكيف يعلل كونه منا ًطا بما يخرج به عن كونه منا ًطا،
والتعليل تقرير ل تغيير.
محًل
تعليًل أن لو بقي الزنا سب ًبا ،وانضم إليه سبب آخر ،كما بقي الخمر ًّ
ً oوإنما يكون
للتحريم ،وانضم إليه محل آخر ،وذلك غير جار يف األسباب.
قلنا:
• هذا الطريق جار لنا يف "الًلئط" و"النباش" وهو نوع إلحاق لغير المنصوص
بالمنصوص ،بفهم العلة التي هي مناط الحكم ،فيرجع النزاع إلى السم ،ول فائدة فيه.
• أو يقول :هذا بعينه جار يف األحكام،
خمرا ل أثر له ،والمؤثر إنما هو
oفإن الخمر لما حرم لعلة الشدة :بينا أن وصف كونه ً
111 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
مزيًل للعقل.
كونه مشتدً ا ً
oكما تبينا أن المؤثر يف الحد :إيًلج فرج يف فرج محرم.
oوكما جعلتم الموجب للكفارة يف الجماع :كونه مفسدً ا للصوم.
▪ فالقياس يف كل موضع :توسعة محل الحكم ،بحذف األوصاف غير المؤثرة.
أمثلته:
• كما يف قوله عليه السًلمَ " :ل ي ْق ِضي ال َق ِ
اضي َب ْي َن ا ْثنَ ْي ِن ُ
وه َو غ َْض َبان" .إنما جعل الغضب َ
سب ًبا؛ ألنه يدهش العقل ،ويمنع من استيفاء الفكر ،وهو موجود يف "الجوع والعطش"
المفرطين ،فنقيسه عليه.
• وكقولنا :الصبي يو ّلى عليه لحكمة ،وهي :عجزه عن النظر لنفسه ،فينصب "الجنون"
قياسا على "الصغر" لهذه الحكمة.
سب ًباً ،
قلنا :الحاجة إلى الزجر هي العلة؛ لكون القتل سب ًبا ،دون نفس الزجر ،والحاجة سابقة وإن
تأخر الزجر،
• كما يقال :خرج األمير للقاء زيد ،ولقاء زيد بعد خروجه ،لكن الحاجة إلى اللقاء علة باعثة
على الخروج سابقة عليه ،وإنما المتأخر نفس اللقاء.
• كذلك ههنا :الحاجة إلى العصمة هي الباعثة ،وهي متقدمة.
oوكذلك الحكم بمقدار معلوم يف الصًلة عقلت علته ،فجرى فيه القياس
و"الزكاة" و"المياه" ل يعلمه إل اهلل - كبقية األحكام.
سبحانه -فلم يجز اإلقدام عليه بالقياس.
[ ]2وألن الحد يدرأ بالشبهة ،والقياس ل يخلو من
الشبهة.
[ ]1طارئ،
• كباءة الذمة من الدَّ ين.
oفهو حكم شرعي يجري فيه قياس العلة ،وقياس الدللة،
▪ كاإلثبات.
[ ]2ونفي أصلي :وهو البقاء على ما كان قبل ورود الشرع،
• كانتفاء صًلة سادسة،
oفهو منفي باستصحاب موجب العقل.
▪ فًل يجري فيه قياس العلة؛ ألنه ل موجب له قبل ورود السمع ،فليس بحكم
شرعي حتى تطلب له علة شرعية ،بل هو نفي حكم الشرع ول علة له ،إنما
العلة لما يتجدد.
▪ لكن يجري فيه قياس الدللة ،وهو :أن يستدل بانتفاء حكم شيء على انتفائه
عن مثله ،ويكون ذلك ضم دليل إلى دليل ،هو :استصحاب الحال ،واهلل
أعلم.
واهلل أعلم وصلى اهلل وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
115 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
تلخيص
القياس
• لغة :التقدير. تعريف
• في الشرع: القياس
[ ]١حمل فرع على أصل في حكم بجامع بينهما.
[ ]٢حكمك على الفرع بمثل ما حكمت به في األصل ،الشتراكهما في العلة التي
اقتضت ذلك في األصل.
[ ]٣حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما ،أو نفيه عنهما ،بجامع بينهما
من إثبات حكم أو صفة لهما ،أو نفيهما عنهما (غير مسلم).
• القياس بمعنى االجتهاد غيرمسلم؛
[ ]١ألن االجتهاد قد يكون بالنظر في العمومات وسائر طرق األدلة،
[ ]٢ال ينبئ في العرف إال عن بذل املجهود.
تعريف العلة • العلة :مناط الحكم ،وسميت علة؛ ألنها غيرت حال املحل.
وقيل :إنها مأخوذة من العلل بعد النهل ،وهو معاودة الشرب مرة بعد مرة؛ ألن واملناط
املجتهد في استخراجها يعاود النظر مرة بعد مرة (الشوكاني).
• من معاني العلة في االصطالح الشرعي :أنها املعرفة للحكم ،وقيل :أنها املؤثرة في
الحكم بجعل هللا تعالى ،وقيل :أنها الباعث على التشريع ،وقيل :هي املؤثرة في
الحكم بذاتها ،ال بجعل هللا تعالى (تعريف املعتزلة وهو مرفوض).
• تعريف العلة تعريفا شامال :هي الوصف الظاهر املنضبط الذي يناسب
الحكم بتحقيق مصلحة الناس ،إما بجلب منفعة أو دفع مضرة.
• املناط :ما نيط به الحكم ،أي :علق به ،وهو العلة التي رتب عليها الحكم في
األصل ،ومنه :ذات أنواط.
أضرب االجتهاد في العلة
• لغة :االستخراج واالستنباط. -1تخريج
ً املناط
• اصطالحا :أن ينص الشارع على حكم في محل ،وال يتعرض ملناطه أصًل،
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 116
أو :عبارة عن إضافة حكم -لم يتعرض الشرع لعلته -إلى وصف مناسب في نظر
املجتهد بالسبر والتقسيم.
• مثاله :تحريمه شرب الخمر ،والربا في البر.
• حكمه :وهذا هو االجتهاد القياس ي الذي وقع الخًلف فيه.
• لغة :التخليص والتهذيب. -2تنقيح
• اصطالحا :فهو إلغاء بعض األوصاف التي أضاف الشارع الحكم إليها لعدم املناط
صًلحيتها لًلعتبار في العلة.
أو :أن يضيف الشارع الحكم إلى سببه ،فيقترن به أوصاف ال مدخل لها في
اإلضافة ،فيجب حذفها عن االعتبار ،ليتسع الحكم.
• مثاله :حديث األعرابي الذي وقع على امرأته في نهار رمضان.
• حكمه :أقر به أكثر منكري القياس ،فليس قياسا.
• وهو نوعان: -3تحقيق
ً
منصوصا عليها ،ويجتهد في ً
[ ]١أن تكون القاعدة الكلية متفقا عليها ،أو املناط
تحقيقها في الفرع.
حكمه :ال خًلف في جوازه.
مثاله :تحقيق املثلية في البقر ،االجتهاد في القبلة ،تعيين اإلمام.
[ ]٢ما عرف علة الحكم فيه بنص أو إجماع ،فيبين املجتهد وجودها في الفرع
باجتهاده.
ٌ
َ
القياس. أقر به جماعة م َّمن ُي ْنك ُر ٌ
قياس جل ٌّي قد َّ حكمه:
َْ َ ََ
مثاله :إلحاق الحشرات من الفأرة وغيرها بالهر في الطهارة لعلة الطواف.
فصل في إثبات القياس على منكريه
[ ]١يجوز تعبد بالقياس عقًل وشرعا (عامة الفقهاء واملتكلمين). القوال
[ ]٢ال يجوز ذلك عقًل وشرعا (أهل الظاهر والنظام). ونسبتها
[ ]٣يجوز عقًل وواجب شرعا (بعض الشافعية وطائفة من املتكلمين).
الدليل على جوازالتعبد بالقياس
[ ]١أن عدم العمل به يفض ي إلى خلو كثير من الحوادث عن األحكام. عقال
[ ]٢أن العقل يدرك حكم العلل الشرعية.
117 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
ً ً
[ ]٣أننا نستفيد بالقياس ظنا غالبا ،والعمل بالظن الراجح متعين.
إجماع الصحابة رض ي هللا عنهم على الحكم بالرأي في الوقائع الخالية من []١ شرعا
النص.
{فاعتبروا يا أولي األبصار} ،وحقيقة االعتبار :مقايسة الش يء بغيره. []٢
وقوله ﷺ( :الحمد هلل الذي وفق رسو َل رسول هللا ملا يرض ي رسول هللا). []٣
وقوله ﷺ( :إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر). []4
وقوله ﷺ( :أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان ينفعه؟ قالت :نعم .قال: []5
فدين هللا أحق أن يقض ى).
وقوله ﷺ لعمر حين سأله عن القبلة للصائم( :أرأيت لو تمضمضت). []6
قصة الذي ولد له ولد أسود يخالف لونه لون أمه وأبيه فقاسه ﷺ على أوالد []7
اإلبل الحمر يكون فيها األورق.
دليل املانعين من التعبد بالقياس
قطعا ،فكيف ترفع بالقياس املظنون.براءة الذمة باألصل معلومة ً []١ عقال
[ ]٢كيف يتصرف بالقياس في شرع مبناه على التحكم والتعبد ،والفرق بين
املتماثًلت ،والجمع بين املختلفات.
[ ]٣أن الرسول هللا ﷺ قد أوتي جوامع الكلم ،فًل يليق به أن يترك الوجيز املفهم إلى
الطويل املوهم.
[ ]4الحكم ثبت في األصل بالنص؛ فكيف يثبت الحكم فيه بطريق سوى طريق
األصل؟
ً
[ ]5غاية العلة :أن يكون منصوصا عليها ،وذلك ال يوجب اإللحاق.
أدلة ابن حزم: نقال
َ ْ ُ
[{ ]١اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم} قال ابن حزم :والقياس لم ينزل من ربنا.
[{ ]٢قل إن ضللت فإنما أضل على نفس ي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي} قال ابن
حزم :فالهدى إنما يكون بالوحي خاصة.
ْ
[{ ]٣وأن احكم بينهم بما أنزل هللا} قال ابن حزم :والقياس لم ُين َزل من هللا.
[{ ]4إن الظن ال يغني من الحق شيئا} قال ابن حزم :والقياس ال يفيد إال الظن.
ْ َ َ ُ َ َ َ ٌ َ َ َ َّ َ َ َ َ َ ٌ َ َ َ َ َ َ ُ َ
نه ف ُه َو َعف ٌو] هللا في كتابه فهو حًلل ،وما حرم فهو حرام ،وما سكت ع [[َ ]5ما َأ َح َّل ُ
(طب)
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 118
دليل آخر:
َ ُ ّ ٗ َٰ َ َ َٰ َ ۡ َ ۡ َ
[َّ { ]6ما ف َّرطنا في ٱلكتب من ش ۡيء} [األنعام ،]٣٨ :وقوله{ :ت ۡبينا لك ّل ش ۡيء} [النحل:
،]٨9فما ليس في القرآن ليس بمشروع ،فيبقى على النفي األصلي.
َ َّ َ
[{ ]7ف ُر ُّد ُوه إلى ٱّلل َوٱ َّلر ُسول} [النساء ،]59 :وأنتم تردونه إلى الرأي.
اإللحاق بالعلة املنصوصة لفظي أو قياس ي؟
القول الثاني :قياس ي (اختياراملؤلف). القول الول :لفظي (النظام).
إذ ال يتناول قوله" :حرمت الخمر لشدتها" من حيث إذ ال فرق في اللغة بين قوله:
الوضع إال تحريمها خاصة ،ولو لم يرد التعبد بالقياس: "حرمت الخمر لشدتها" وبين: ّ
القتصرنا عليه ،كما لو قال" :أعتقت ً
غانما لسواده". "حرمت كل مشتد"ّ
وكيف يصح هذا وهلل تعالى -أن ينصب شدة الخمر-
خاصة -؟ ،ويكون فائدة التعليل :زوال التحريم عند زوال
الشدة.
أقسام إلحاق املسكوت باملنطوق
قياس نفي الفارق. []١ أنواع
قياس العلة. []٢ القياس
قياس الداللة. []٣
قياس الشبه. []4
• ونفي الفارق أربعة أقسام: املقطوع
[ ]١ما كان املسكوت عنه فيه أولى بالحكم من املنطوق مع القطع بنفي الفارق،
مثاله :إلحاق أربعة عدول بالعدلين في قبول الشهادة في قوله تعالى:
{وأشهدوا ذوي عدل منكم}.
ً
[ ]٢ما كان املسكوت عنه فيه مساويا للمنطوق مع القطع بنفي الفارق،
مثاله :إلحاق إحراق مال اليتيم وإغراقه بأكله في الحرمة وذلك في قوله
تعالى{ :إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما}.
[ ]٣ما كان املسكوت عنه فيه أولى مع نفي الفارق بالظن الغالب،
مثاله :إلحاق شهادة الكافر بشهادة الفاسق في الرد فيقول تعالى{ :وال
ً
تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون}.
119 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
[ ]4ما كان املسكوت عنه فيه مساويا للمنطوق به مع كون نفي الفارق مظنونا،
مثاله :إلحاق األمة بالعبد في سراية العتق املنصوص عليه في العبد في
الحديث الصحيح.
• نفي الفارق داخل في تنقيح املناط.
• وقد اختلف في تسمية هذا ً
قياسا.
ما عدا هذا من األقيسة (ما عدا نفي الفارق). املظنون
طرق اإللحاق
• يحتاج إلى املقدمتين: -1بنفي
[ ]١أنه ال فارق إال كذا، الفارق
[ ]٢وال مدخل لهذا الفارق في التأثير.
• إنما يحسن إذا ظهر التقارب بين الفرع واألصل ،فًل يحتاج إلى التعرض للجامع
لكثرة ما فيه من االجتماع.
• أن يتعرض للجامع فيبينه ،ويبين وجوده في الفرع. -2بذكر
• يحتاج إلى املقدمتين: الجامع
ً
[ ]١أن السكر-مثًل -علة التحريم في الخمر.
[ ]٢أنه موجود في النيبذ.
• وهذا املتفق على تسميته ً
قياسا.
أدلة ثبوت
• املقدمة الثانية يجوز أن تثبت: املقدمة
بالحس ،ودليل العقل ،والعرف ،وأدلة الشرع. الثنية
• وأما األولى :فًل تثبت إال بدليل شرعي. املقدمة
مسالك العلة :النص ،أو إجماع ،أو استنباط. الولى
-1إثبات العلة بأدلة نقلية
• وهو الذي يدل على التعليل داللة صريحة دون احتمال لغيره ،مثل :لعلة كذا ،أو -1النص
لسبب كذا ،أو ألجل كذا ،ولكي. القاطع
َّ َ َ َ َ ُ َ
• مثال :كقوله تعالى{ :كي ال َيكون ُدولة} [الحشر ،]7 :وقول النبي ﷺ« :إنما ُجع َل
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 120
• حكم ،ثم ينقسم إلى :إيجاب ،وندب ،وتحريم ،وإباحة ،وكراهية ،ثم عبادة ،وغير مراتب
عبادة ،ثم :صًلة وغيرها. الحكم
• أنه وصف يناط الحكم بجنسه ،ثم كونه مصلحة ،ثم كونه مصلحة خاصة، مراتب
كالردع ،أو سد الحاجة. الوصف
َّ
السبر لغة :االختبار؛ • -2السبر
• أما في االصطًلح فيعني أمرين: والتقسيم
أحدهما :حصر أوصاف املحل ،وهو املعبر عنه بالتقسيم.
ً
ثانيهما :إبطال ما ليس صالحا للتعليل فيتعين الوصف الباقي (السبر).
• هذا املسلك متأسس على ثًلثة أمور على ما درج عليه املؤلف:
[ ]١كون حكم األصل معلًل.
ً
[ ]٢كون التقسيم حاصرا لجميع ما يعلل به ،وذلك إما بموافقة الخصم أو
ً ً
عدم إبدائه وصفا زائدا.
[ ]٣إبطال ما سوى ذلك الوصف،
وجود الحكم بدون الوصف الذي يبطله املستدل بالسبر.
ً
أن يكون الوصف طرديا لم يعهد من الشارع االلتفات إليه في إثبات
األحكام.
• وهو :أن يوجد الحكم بوجودها ،ويعدم بعدمها. -3الدوران
• مثاله :وجود التحريم بوجود الشدة في الخمر ،وعدمه لعدمها.
قياس الشبه
• هو :أن يتردد الفرع بين أصلين :حاظر ومبيح ،ويكون شبهه بأحدهما أكثر. تعريفه
• مثاله: ومثاله
تردد العبد بين الحر وبين البهيمة في أنه يملك.
" املذي" :فإنه متردد بين البول واملني.
قياس الداللة
• هو الجمع بين الفرع واألصل بًلزم من لوازم علة األصل. تعريفه
• مثال: ومثاله
123 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
القياس بًلزم العلة :قياس النبيذ على الخمر بجامع الرائحة املشتدة ،فهي
الزمة لإلسكار.
القياس بجامع بأثر :القتل باملثقل يوجب القصاص كالقتل باملحدد،
بجامع اإلثم.
القياس بجامع االشتراك في حكم العلة :تقطع الجماعة بالواحد كما
• يشترط فيه :أن تكون علة األصل موجودة فيه ،فإن تعدية الحكم فرع تعدي -3الفرع
العلة.
• هل يشترط في الفرع أن يتقدم الصل عليه؟ هل يشترط
[ ]١يشترط ذلك وال بد. في الفرع أن
ألن الحكم يحدث بحدوث العلة ،فكيف تتأخر عنه؟! يتقدم
[ ]٢يشترط لقياس العلة فقط. الصل
يجوز قياس الوضوء على التيمم مع تأخره عنه؛ فإن الدليل يجوز عليه؟
تأخره عن املدلول.
ً
مقطوعا به في الفرع ،بل يكفي فيه غلبة • وال يشترط ً
أيضا :أن يكون وجود العلة
الظن.
• صورالعلة التي يجوزالتعليل بها: -4العلة
ًّ
شرعيا ،كالحرام. حكماً
ً
وصفا عارضا ،كالشدة في الخمر. ً
وصفا الزما ،كالصغر والنقدية.
أفعال املكلفين .كالقتل والسرقة.
مركبا من أوصاف كثيرة، ً
مجردا ،أو ً ً
ووصفا
نفياً ،
وإثباتا. ً
موجودة في محل الحكم ،كتحريم نكاح األمة ،لعلة رق الولد.
هل من شرط العلة أن تكون متعدية؟
كتعليل الربا في األثمان بالثمنية.
القول الثاني :ال يشترط ذلك ،بل القول الول :يشترط أن تكون متعدية
يصح التعليل بالعلة القاصرة (أصحاب أحمد ،والحنفية)
(أصحاب الشافعي وبعض املتكلمين
وأبو الخطاب)
[ ]١أن التعدية فرع صحة العلة ،فًل [ ]١أن علل الشرع أمارات ،والقاصرة ليست أمارة على
ً
يجوز أن تكون شرطا ،فإنه ش يء.
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 126
يفض ي إلى اشتراط تقدم ما [ ]٢أن األصل أن ال يعمل بالظن؛ ألنه جهل ورجم بالظن،
يشترط تأخره. وإنما جوز في العلة املتعدية ،ضرورة العمل بها،
ً
[ ]٢أن التعدية ليست شرطا في العلة والعلة القاصرة ال عمل بها ،فتبقى على األصل.
املنصوص عليها ،وال في العقلية، [ ]٣أن القاصرة ال فائدة فيها ،وما ال فائدة فيه ال يرد
وهما آكد ،فكذلك املستنبطة. الشرع به.
الجواب :فيها فائدتين؛ قصر الحكم على محلها ]٣[ ،إن الحكمة ال تختلف باستيعاب
النص لجميع الحوادث أو معرفة باعث الشرع وحكمته.
اقتصاره على البعض.
هل اطراد شرط لصحة العلة؟
وهو :استمرار حكمها في جميع محالها.
مثل :وجود التحريم حيث وجد اإلسكار.
القول الثالث :التفريق بين العلة القول الثاني :ليس شرطا القول الول :هو
املنصوص عليها وبين املستنبطة لصحة العلة شرط
(قوم) (أبو الخطاب ،مالك، (القاض ي أبو يعلى،
والحنفية ،وبعض بعض الشافعية)
الشافعية)
عدم إبطال العلة غيراملستنبطة [ ]١أن علل الشرع أمارات، فمتى تخلف الحكم
بالنقض: واألمارة ال توجب وجود عنها مع وجودها:
[ ]١ال يترك الدليل القوي ملطلق حكمها معها أب ًدا ،بل أنها ليست بعلة
االحتمال. يكفي كونه معها في إن كانت
[ ]٢الظنون الحاصلة بالنصوص أقوى األغلب األكثر. مستنبطة.
من الظنون الحاصلة باالستنباط. أنها بعض العلة [ ]٢أن ثبوت الحكم على
وفق املعنى املناسب في إن كانت
إبطال العلة املستنبطة بالنقض: موضع دليل على أنه ً
منصوصا عليها.
[ ]١ألن ثبوت الحكم على وفق املعنى ،إن العلة ،بدليل أنه يكتفى
دل على اعتبار الشارع له في موضع، بذلك ،فإن لم يظهر أمر
فتخلف الحكم عنه يدل على أن سواه.
الشرع ألغاه. وتخلف الحكم يحتمل:
127 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
• مثال :علة رق الولد :رق األم" ،ثم املغرور بحرية جارية ولده :حر ،لعلة :الغرور، -2ملعارضة
ً
تقديرا. أيضا ،وال يفسد العلة؛ ألن الحكم ههنا كالحاصلنقضا ً• حكمه :ال يرد ً علة أخرى
• مثال :كقولنا" :السرقة علة القطع" وقد وجدت في "النباش" فيقطع". -3لعدم
فيقال :تبطل بسرقة ما دون النصاب ،وبسرقة الصبي ،أو بسرقة من غير املحل أو
الجرز، لفوات
• حكمه :فهذا ال يفسد العلة، شرط
• واألليق تكليف املناظر جمع هذه الشروط في دليله.
• فأما تخلف الحكم لغير أحد هذه األضرب الثًلثة :فهو الذي تنتقض العلة به،
وفيه من االختًلف ما قد مض ى.
القياس على املستثنى من قاعدة القياس
• مثاله: -1ما عقل
استثناء العرايا للحاجة .ال يبعد أن نقيس العنب على الرطب ،إذا تبين أنه معناه
في معناه.
ّ
"املصراة" مستثنى من قاعدة الضمان باملثل. إيجاب صاع من تمر في لبن
نقيس عليه :ما لو ّرد "املصراة" بعيب آخر.
إباحة أكل امليتة عند الضرور ،يقاس عليه :بقية املحرمات ،إذا اضطر
إليها.
• حكمه :يصح أن يقاس عليه ما وجدت فيه العلة.
• مثاله :كتخصيصه بعض األشخاص بحكم. -2ما ال
كتخصيصه أبا بردة بجذعة من املعز. يعقل معناه
وتخصيصه خزيمة بشهادته وحده.
• حكمه :لم يقس عليه.
هل يجوزأن تكون العلة أمرا عدميا؟
كقولهم :ليس بمكيل وال موزون.
القول الثاني :ال يجوزأن يكون العدم القول الول :يجوزأن تكون العلة نفي صفة أو اسم أو
سببا إلثبات حكم حكم
(بعض الشافعية) (أبو الخطاب ،أصحاب أحمد)
129 تقريب روضة الناظر وجنة المناظر
ً
[ ]١إن علل الشرع أمارات على الحكم ،وال يشترط فيها أن ألن السبب ال بد أن يكون مشتمًل على
معنى يثبت الحكم ،رعاية له، تكون منشأ للحكمة ،وال مظنة لها .وعند ذلك ال
يمتنع أن ينصب الشارع العدم أمارة :إذا كان ظاهرة واملعنى إما تحصيل مصلحة ،أو نفي
مفسدة، ً
معلوما.
والعدم ال يحصل به ش يء من ذلك. [ ]٢أن انتفاء الشرط عًلمة على عدم املشروط ،فإنه
ينتفي بانتفائه .وإذا جاز ذلك في النفي :ففي اإلثبات
مثله،
[ ]٣ألن النفي صلح أن يكون علة للنفي ،فيلزم منه أن
يصلح التعليل به لإلثبات؛ ألن كل حكم له ضد،
تعليل الحكم الواحد بعلتين
• يجوز تعليل الحكم بعلتين. اختيار
• دليل :ألن العلة الشرعية أمارة ،فًل يمتنع نصب عًلمتين على ش يء واحد. املؤلف
• مثال :من ملس ،وبال في وقت واحد :انتقض وضوؤه بهما.
هل يجوزإجراء القياس في السباب؟
سببا لوجوب الرجم لعلة كذا ،وهو موجود في اللواط ،فيجعل ً
سببا ،وإن كان ال مثل :نصب الزنا ً
يسمى زنا.
القول الثاني :ال يجوز القول الول :يجوزإجراء
(اآلخرون) القياس في السباب
[ ]١أن نصب األسباب حكم [ ]١الحكم يتبع السبب دون حكمته؛ فإن الحكمة :ثمرة ،وليست
علة. شرعي ،فيمكن أن تعقل
علته ،ويتعدى إلى سبب [ ]٢ألن القياس في األسباب يعتبر فيه التساوي في الحكمة ،وهذا
أمر استأثر هللا -سبحانه وتعالى -بعلمه. آخر.
إمكان القياس في السباب من منهجين:
[ ]١تنقيح املناط ،قياس الًلئط على الزاني ،كقياس األكل على الجماع في الكفارة ،فإنا تعرفنا أن
قطعا ،مشتهى ً
طبعا. وصف كونه "زنا" ال يؤثر ،بل املؤثر :كونه إيًلج فرج في فرج محرم ً
تقريب روضة الناظر وجنة المناظر 130
واهلل أعلم وصلى اهلل وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين