Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 36

‫نظرية النحو التحويلي عند تشومسكي‬

‫نظرية النحو التحويمي عند تشومسكي‬


‫مقاربة تأصيمية‬
‫إعداد‪ .‬أماني عبد العزيز الداود‬
‫األستاذ المساعد بكمية اآلداب والعموم اإلنسانية ‪-‬جامعة الممك عبد العزيز‬
‫المستخمص‬
‫وبعد‪،‬فإن ىذا البحث يتناول "النحوالتحويمي"‪،‬وىوعبارةعن طريقة جديدة لدراسة‬
‫المغة‪،‬وتحميميا‪ ،‬انبثقت عن نظرية لغوية غربية ظيرت في القرن العشرين‪،‬تعرف بالنظرية‬
‫التوليدية التحويمية لــ"تشومسكي"‬
‫وقد القت ىذه النظرية اىتمام العمماءالعرب المحدثون‪،‬واعجابيم بيا ومناداتيم بتطبيقيا‬
‫عمى الدرس المغوي العربي ومن ىنا برزت أىمية دراسة ىذه النظرية‪ ،‬وماتضمنتو من‬
‫قواعدتحويمية‪،‬في محاولة لمكشف عن الجوانب التحويمية في النحو العربي‪ ،‬و الوقوف عمى‬
‫بعض أعمال المحدثين الذين حاولوا تطبيق ىذه النظرية عمى المغة العربية لتقويم بعض‬
‫سد خمل في‬ ‫تمك الجيودمن حيث إسياميا فيحل مشكالت عانى منيا دارس والنحو ‪ ،‬أو ّ‬
‫النحو العربي‪ ،‬كما يتجو ىذا البحث إلى تحديد جوانب الجدة في ىذه النظرية بالنسبة‬
‫لمدرس العربي بصفة عامة‪،‬والدرس النحوي بصفة خاصة ‪ ،‬و يتطرق إلى ما تضمنتو ىذه‬
‫النظرية من عيوب وأفكار قد التتفق وطبيعة المغة العربية وخصوصيتيا‪.‬‬
‫وانتيى ىذا البحث إلى نتائج من أىميا‪ :‬أن بعض المحاوالت التي طبقت النظرية لمتؤت‬
‫بديال عن الدراسة التقميدية ‪،‬وانيا التعد وأن تكون محاوالت لم‬ ‫ثمارىا المرجوة‪،‬ولمتقدم ً‬
‫لمتخل من العيوب العممية‪،‬خاصو تمك التي التتفق‬ ‫ُ‬ ‫ية‬‫ر‬ ‫النظ‬ ‫ىذه‬ ‫أن‬ ‫يقيضميا االكتمال‪،‬ومنيا‬
‫مع طبيعة المغة العربية‪،‬كم ساواتيابين الفصحى والعامية‪،‬وعدم اىتماميابالصواب والخطأ‬
‫‪،‬كما التصمح النظرية ألن تكون بديالً عن نظرية العامل‪،‬ألنيا لم ترق إلى نظرية العامل‬
‫من حيث السيولة‪ ،‬والشمول‪.‬‬
‫وأ ّكد البحث من ناحية أخرى عمى وجود أصول نظرية‪،‬وأخرى تطبيقية لمنحو التحويمي في‬
‫الدرس العربي‪ ،‬ظير ذلك من خالل نصوص العمماء‪ ،‬ودراساتيم العممية لمغة‪ ،‬كما أ ّكد‬
‫جديدا‪،‬واّنما توفرت في المغة‬
‫ً‬ ‫لمتكنبدعا‬
‫ً‬ ‫البحث عمى أن قواعد التحويل التي قدمتيا النظرية‬
‫والدرس النحوي‪،‬وفطنميا النحاة‪،‬وتنبو واألثرىا‪.‬‬
‫أن األصول الفكرية والتصورات العقمية التي تضمنتيا ىذه النظرية‪ ،‬مثل‪ :‬المقدرة‬
‫المغوية عند االنسان‪ ،‬والبنية العميقة‪ ،‬والسطحية‪،‬والعناية بالعالقات القائمة بين الكممات في‬
‫التركيب‪ ،‬كانت معروفو عند النحاة‪ ،‬والجديد يتمثل في تقديم تسميات ومصطمحات ليا‪.‬‬
‫منيجا في‬
‫ً‬ ‫أن ىذه نظرية حققت الذيوع والنجاح؛ألنيا منحت الدرس المغوي الغربي‬
‫دراسة المغة يعتمد عمى التحميل‪ ،‬ويقوم عمى العقل‪،‬وىذا ما كان مفقودا عندىم ‪،‬أما الدرس‬
‫العربي فمم تكن الحاجو فيو ماسة لتمك النظرية‪،‬ومن ثم فإن منيج النحاة المتقدمين ىو‬
‫أنسب المناىج لدراسة المغة؛ ألنيا صانت المغة العربية من التبديل والتحريف‪،‬وأقامت ألسنة‬
‫الناطقين بيا‪،‬فأصبحت بذلك ظاىرة فذة اليشبيو اشيء من لغات العالم‪.‬‬

‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬ ‫‪751‬‬


‫د‪ /‬أماني عبد العزيز الداود‬
‫المقدمة‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم عمى أشرف األنبياء والمرسمين نبينا محمد‪،‬‬
‫وعمى آلو وصحبو أجمعين‪ ،‬ومن تبعيم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫وبعد‪ ،‬فإن ىذا البحث يتناول موضوع "النحو التحويمي"‪ ،‬وىو عبارة عن منيج أو‬
‫طريقة جديدة لدراسة المغة‪ ،‬وتحميمي ا‪ ،‬وفيميا‪ ،‬توصل إليو الغرب من خالل نظرية لغوية‬
‫ظيرت في النصف األول من القرن العشرين‪ ،‬تعرف بـ"النظرية التوليدية التحويمية" وتُعد‬
‫ىذه النظرية من أىم النظريات الغربية الحديثة التي شغمت الباحثين المغويين في مشارق‬
‫األرض ومغاربيا‪ ،‬وشاعت وانتشرت في األوساط العممية‪،‬وارتبط بيذا الشيوع اسم‬
‫تشومسكي صاحب النظرية ومخترعيا‪.‬‬
‫وما أن ظيرت ىذه النظرية حتى تمقفيا العمماء العرب المحدثون‪ ،‬وسجموا إعجابيم‬
‫بيا‪ ،‬وعبروا عن شدة الحاجة إلييا؛ لما تشتمل عميو من طرق جديدة ومبتكرة في التحميل‬
‫جديدا‬
‫ً‬ ‫فتحا‬
‫فعدوا ىذه النظرية ً‬ ‫المغوي‪ ،‬ولما تضمنتو من أسس ومبادئ ميمة لدراسة المغة‪ُّ ،‬‬
‫في عمم المغة وذىبوا إلى أن النحو العربي افتقد إلى جوانب كثيرة مما اشتممت عميو‬
‫النظرية‪.‬‬
‫ومن ىنا انبثقت أىمية دراسة ىذه النظرية وما تضمنتو من أسس وقواعد تحويمية‪،‬‬
‫في محاولة لمتوصل إلى إجابات عن عدة تساؤالت‪ ،‬منيا ما يمي‪:‬‬
‫ىل كان النحو العربي يفتقد الجوانب التحويمية التي تعرض ليا النحو التحويمي؟‬ ‫ٔ‪-‬‬
‫ىل مثمت أعمال المحدثين الذين حاولوا تطبيق ىذه النظرية عمى المغة العربية‪ ،‬ىل‬ ‫ٕ‪-‬‬
‫موجودا في النحو العربي؟ أو أسيمت في حل معضالت عانى‬ ‫ً‬ ‫سدا ٍ‬
‫لخمل كان‬ ‫مثمت ِّ‬
‫منيا دارسو النحو؟‬
‫ما الجديد الذي قدمتو ىذه النظرية؟ وىل ىو جديد حقِّا عمى الدرس العربي بصفة‬ ‫ٖ‪-‬‬
‫عامة‪ ،‬والدرس النحوي بصفة خاصة؟ أو أن التراث العربي عرف أىم أسس النظرية‬
‫وجوانبيا التحويمية؟‬
‫أفكار قد ال تتفق‬
‫عيوبا و ًا‬
‫ً‬ ‫ٗ‪ -‬ىل كانت ىذه النظرية ً‬
‫خموا من العيوب؟ أو أنيا تضمنت‬
‫وطبيعة المغة العربية وخصوصيتيا؟‬
‫ولإلجابة عن ىذه التساؤالت‪ ،‬وحسبما تقتضي طبيعة البحث فقد قسم إلى مقدمة‬
‫ومبحثين وخاتمة‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النظرية التوليدية التحويمية ‪ ،‬وفيو ستة مطالب‪:‬‬
‫صاحب النظرية‪.‬‬ ‫ٔ‪-‬‬

‫‪751‬‬ ‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬


‫نظرية النحو التحويلي عند تشومسكي‬
‫نشأة النظرية‪.‬‬ ‫ٕ‪-‬‬
‫أىدافيا‪.‬‬ ‫ٖ‪-‬‬
‫أسسيا‪.‬‬ ‫ٗ‪-‬‬
‫عناصر التحويل‪.‬‬ ‫٘‪-‬‬
‫عيوب النظرية‪.‬‬ ‫‪-ٙ‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظرية التوليدية التحويمية في التراث العربي ‪ ،‬وفيو أربعة مطالب‪:‬‬
‫في النحو العربي‪.‬‬ ‫ٔ‪-‬‬
‫ٕ‪ -‬في البالغة العربية‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬عند ابن خمدون‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬كتب ألفت في النظرية‪.‬‬
‫بقي أن نشير إلى أن ىذه النظرية تم تناوليا في أبحاث عربية كثيرة‪ ،‬فمن الباحثين من‬
‫عرف بيا‪ ،‬ومنيم من حاول تطبيقيا عمى المغة العربية‪ ،‬ومنيم من قارن بين نحو العربية‬
‫والنحو التحويمي‪.‬‬
‫وقد كان منيم من يرجع إلى كتاب تشومسكي نفسو‪ ،‬ويترجم عنو باجتياده‪ ،‬ومنيم‬
‫من يرجع إلى الكتاب بعد ترجمتو من قبل األستاذ حممي خميل‪.‬‬
‫وتباينا في المصطمحات ‪،‬‬
‫ً‬ ‫لذا‪ ،‬فإننا نجد عند من كتب عن النظرية اختالفًا‬
‫والممسميات والمدلوالت واحدة‪ ،‬كما نجد عندىم تضارًبا في اآلراء‪ ،‬واختالفًا غير يسير في‬
‫تحديد أفكار تشومسكي‪ ،‬وتفسير ألفاظو‪ ،‬ألنو – أي تشومسكي – كان يعتمد عمى‬
‫مصطمحات غامضة وعامة في كثير من األحيان‪.‬‬
‫وكان ىذا من صعوبات البحث التي كانت تتطمب قراءة ألكثر من مرجع لموقوف‬
‫عمى أوضح اآلراء وأصوبيا‪.‬‬

‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬ ‫‪751‬‬


‫د‪ /‬أماني عبد العزيز الداود‬

‫المبحث األول‪ :‬النظرية التوليدية التحويمية‬


‫صاحب النظرية‪.‬‬ ‫أوالً‪:‬‬
‫نشأتها‪.‬‬ ‫ثانيا‪:‬‬
‫ً‬
‫أهدافها‪.‬‬ ‫ثالثًا‪:‬‬
‫أسسها‪.‬‬ ‫ابعا‪:‬‬
‫رً‬
‫عناصر التحويل‪.‬‬ ‫خامسا‪:‬‬
‫ً‬
‫عيوب النظرية‪.‬‬ ‫سادسا‪:‬‬
‫ً‬

‫‪761‬‬ ‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬


‫نظرية النحو التحويلي عند تشومسكي‬
‫يتناول ىذا المبحث "النظرية التوليدية التحويمية" التي يقوم عمييا النحو التحويمي‪ ،‬وفيو‬
‫محاولة إللقاء الضوء عمى ىذه النظرية والتعريف بيا‪ ،‬والكشف عن أىم أسسيا‪ ،‬ومبادئيا‪،‬‬
‫حتى تتّضح معالم ىذه النظرية‪ ،‬وتبرز الجوانب التي تعنى بيا‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬صاحب النظرية‪:‬‬
‫ىو ناعومتشومسكي‪ ،‬من أصل أوروبي شرقي‪ ،‬ولد سنة ‪ٜٕٔٛ‬م في والية بنسمفانيا‪،‬‬
‫وفييا درس المرحمة الجامعية األولى‪ ،‬ثم حصل عمى درجة الماجستير من الجامعة نفسيا‬
‫سنة ٔ٘‪ ٜٔ‬م ببحث قدمو عن المغة العبرية الحديثة‪ ،‬ثم حصل عمى درجة دكتوراة سنة‬
‫٘٘‪ٜٔ‬م من الجامعة نفسيا‪ ،‬ببحث يحمل عنوان "البنية المنطقية لمنظرية المغوية"(ٔ)‪.‬‬
‫روافد رفدت النظرية‪:‬‬
‫كان ىناك روافد رفدت ىذه النظرية‪ ،‬وأثرت في تكوينيا‪ ،‬ومن ذلك ما يمي‪:‬‬
‫متخصصا في العبرية األندلسية‬
‫ً‬ ‫أيضا‪،‬‬
‫لغويا ً‬
‫تأثر تشومسكي بأبيو وليام الذي كان ً‬ ‫ٔ‪-‬‬
‫ولو كتاب عن أحد نحاة العبرية في األندلس؛ ومعروف أن جيود النحاة الييود في‬
‫العبرية آنذاك كانت تدور في النسق المنيجي لمتحميل عند نحاة العربية‪ ،‬وليذا فثمة‬
‫مكونات من النظرية العربية في التحميل النحوي اتخذت مكانيا في نسق النظرية‬
‫العامة لمغة‪ ،‬والتحميل المغوي عند تشومسكي(ٕ)‪.‬‬
‫أيضا بأستاذه "ىاريس" أستاذ عمم المغة والدراسات السامية‪ ،‬وقد قربو منو‬ ‫ً‬ ‫تأثر‬ ‫ٕ‪-‬‬
‫وأطمعو عمى أفكاره‪ ،‬وأزال ما بينيما من عالقة رسمية تربط الطالب عادة بأستاذه(ٖ)‪.‬‬
‫تأثر بعموم مختمفة‪ ،‬أىميا‪ :‬الرياضيات والفمسفة‪ ،‬والمنطق الصوري‪ ،‬إذ تشير‬ ‫ٖ‪-‬‬
‫المصادر إلى أن تشومسكي تجاوز إطار الدراسة المتاحة‪ ،‬واختار منذ وقت مبكر‬
‫في دراستو الجامعية أن يتمقى مقررات كثيرة في الرياضيات والفمسفة إلى جانب‬
‫مقررات عمم المغة والمغات السامية‪ ،‬ويتيح نظام المقررات‪ ،‬والساعات المكتبية لكل‬
‫طالب درجة عالية من المرونة في اختيار مكونات دراستو‪ ،‬بيدف تحقيق تكامل‬

‫(‪ٌٕ )7‬ظر ِذّ‪ٛ‬د ف‪ ًّٙ‬دجبزي‪ ،‬اٌجذث اٌٍغ‪ٛ‬ي‪ ،‬ص‪ٚ ،17‬خًٍٍ عّبٌرح‪ ،‬فً ٔذ‪ ٛ‬اٌٍغخ ‪ٚ‬رراوٍج‪ٙ‬ب‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫(‪ِ )5‬ذّ‪ٛ‬د ف‪ ًّٙ‬دجبزي‪ ،‬اٌجذث اٌٍغ‪ٛ‬ي‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫(‪ )3‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.17‬‬

‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬ ‫‪767‬‬


‫د‪ /‬أماني عبد العزيز الداود‬
‫اتجاىا‬
‫ً‬ ‫المعرفة وتضافر التخصصات‪ ،‬وأثمر ىذا االختيار في فكر تشومسكي‬
‫اضحا نحو الدقّة في اإلجراءات‪ ،‬وسعي إلى البحث عن االطراد في القوانين عمى‬
‫و ً‬
‫نحو ما يعرف في الرياضيات(ٔ)‪.‬‬
‫عموما‪ ،‬وفي نظرية المغة‬
‫ً‬ ‫كما أفاد تشومسكي من جيود الفالسفة في مناىج البحث‬
‫عمى وجو الخصوص‪ ،‬ونجد في كثير من كتاباتو انطالقًا من فكر ديكارت في المغة(ٕ)‪.‬‬
‫ظروف نشأة النظرية‪.‬ا‪:‬ثانيا‬
‫ظل المنيج الوصفي سائداً لدى الباحثين المغويين باعتباره الوسيمة العممية الصحيحة‬
‫(ٖ)‬
‫ظا في‬‫تقدما ممحو ً‬
‫لدراسة الظواىر المغوية كما ىي ‪ ،‬ثم شيد عمم المغة مع ىذا المنيج ً‬
‫أمريكا عمى يد بمومفيد عام (‪ٔٛٛٚ‬م – ‪ٜٜٔٗ‬م) الذي كان ينظر إلى المغة عمى أنيا نتاج‬
‫آلي واستجابة كالمية لحافز مسموكي ظاىر(ٗ)‪.‬‬
‫ومن ثم فإنيم – أصحاب المنيج الوصفي ينظرون إل المغة عمى أنيا تراكيب شكمية‬
‫يسعون إلى تجريدىا من المعنى‪ ،‬ومن العقل "ألنيا ىي العناصر المحسوسة الموجودة‪،‬‬
‫عمميا‪ ،‬أما االعتماد عمى الحدس والتخمين فيذا ال عالقة لمباحث‬
‫ال ً‬ ‫التي يمكن تحميميا تحمي ً‬
‫المغوي فيو‪ ،‬فميدان المغوي ىو ما يراه من رموز حسية مادية منطوقة‪ ،‬ألن ىذا ىو ما‬
‫يمكن أن يدرس دراسة عممية‪ ،‬أما األفكار والصور وغيرىا من أمور غير ظاىرة‪ ،‬فيذه‬
‫تتجو بالباحث المغوي نحو تفسيرات لمظواىر المغوية عبر فرضيات فمسفية مضممة"(٘)‪.‬‬
‫ورغم ما يحممو من نقاط ضعف ظل المنيج الوصفي سائداً النصف األول من ىذا‬
‫القرن حتى عام ‪ٜٔ٘ٚ‬م‪ ،‬حيث بدأت ثورة عنيفة في الدرس المغوي حيث أصدر تشومسكي‬
‫ٍ‬
‫عندئذ أصبح تشومسكي زعيم‬ ‫كتابو األول (‪" )Syntactic Structures‬التراكيب النحوية"‪،‬‬
‫ذعا‪،‬‬
‫نقدا ال ً‬
‫لممدرسة المغوية في الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وتج أر عمى نقد مدرسة بمومفيمد ً‬

‫(‪ )7‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.55‬‬


‫(‪ )5‬خًٍٍ عّبٌرح‪ ،‬فً ٔذ‪ ٛ‬اٌٍغخ ‪ٚ‬رراوٍج‪ٙ‬ب‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫(‪ )3‬عجذٖ اٌراجذً‪ ،‬إٌذ‪ ٛ‬اٌعرثً ‪ٚ‬اٌذرش اٌذذٌث‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫(‪ )1‬خًٍٍ عّبٌرح‪ ،‬فً ٔذ‪ ٛ‬اٌٍغخ ‪ٚ‬رراوٍج‪ٙ‬ب‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )5‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.16‬‬

‫‪765‬‬ ‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬


‫نظرية النحو التحويلي عند تشومسكي‬
‫أفكار‬
‫ًا‬ ‫توجو إلى أىم األسس التي تقوم عمييا‪ ،‬وأنشأ عمى أنقاض ذلك مدرسة التي تحمل‬
‫حد ما مع أفكار بمومفيمد(ٔ)‪.‬‬
‫متناقضة إلى ّ‬
‫ولعل أبرز جيات االختالف ومواطن النقد ىو أن المنيج الوصفي في دراستو لمغة‬
‫ّ‬
‫يرى أن اإلنسان يفترق عن الحيوان بقدرتو عمى المغة التي ىي من أىم الجوانب الحيوية‬
‫في النشاط اإلنساني‪ ،‬وليس من المعقول في رأي تشومسكي أن تكون ليا ىذه األىمية‪ ،‬ثم‬
‫مجرد تراكيب شكمية يسعى الوصفيون إلى تجريدىا من العقل والمعنى في‬
‫تتحول إلى ّ‬
‫الوصف السطحي الذي صوره دي سوسير؛ ألن تشومسكي يرى أن الدراسة المغوية ينبغي‬
‫أن تعين عمى فيم الطبيعة البشرية(ٕ)‪.‬‬
‫أهداف النظرية‪:‬‬ ‫ثالثًا‪:‬‬
‫إن الحكم عمى العمل مرتبط بمعرفة مقاصده وأىدافو‪ ،‬إذ إن لألىداف أثر بالغ‬
‫األىمية في تحديد المنيج‪ ،‬وطرق التحميل‪ ،‬واألسس التي تقوم عمييا النظرية‪ ،‬كما أن ليا‬
‫أثر في تقويم النظرية والحكم عمييا‪ ،‬ومن أىم أىداف النظرية ما يمي‪:‬‬
‫تتوجو ىذه النظرية "إلى تحميل مقدرة المتكمم عمى إنتاج الجمل التي لم يسمعيا من‬ ‫ٔ‪-‬‬
‫قياسا عمى قوانين النحو في المغة‬
‫قبل‪ ،‬وفيميا‪ ،‬وادراك الصواب من غير الصواب‪ً ،‬‬
‫التي يتكمميا"(ٖ)‪.‬‬
‫كما تتوجو "إلى وضع القواعد التي تحدد كيفية إنتاج المغة التي ىي ميدان البحث‬ ‫ٕ‪-‬‬
‫المغوي"(ٗ)‪.‬‬
‫ولعل أىم ما يميزىا أنيا تسعى إلى إقامة نظرية عامة لمغة‪ ،‬تصدر عن اتجاه‬ ‫ّ‬ ‫ٖ‪-‬‬
‫عقمي‪ ،‬وىذه النظرية تقوم في جوىرىا عمى ما يمكن تسميتو بـ"ال نيائية المغة" ألنو‬
‫تتكون من مجموعة محدودة من األصوات‪ ،‬ومن مجموعة محدودة‬ ‫يرى أن كل لغة ّ‬
‫من الرموز الكتابية‪ ،‬ومع ذلك فإنيا تنتج أو تولد جمالً ال نياية ليا(٘)‪.‬‬

‫(‪ )7‬عجذٖ اٌراجذً‪ ،‬إٌذ‪ ٛ‬اٌعرثً‪ ،‬ص‪.777-711‬‬


‫(‪ )5‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.775‬‬
‫(‪ )3‬خًٍٍ عّبٌرح‪ ،‬فً ٔذ‪ ٛ‬اٌٍغخ ‪ٚ‬رراوٍج‪ٙ‬ب‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫(‪ )1‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫(‪ )5‬عجذٖ اٌراجذً‪ ،‬إٌذ‪ ٛ‬اٌعرثً ‪ٚ‬اٌذرش اٌذذٌث‪ ،‬ص‪.771‬‬

‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬ ‫‪763‬‬


‫د‪ /‬أماني عبد العزيز الداود‬
‫يرى تشومسكي أن من أىداف الباحث "أن يعمل عمى الوصول إلى ما يسميو‬ ‫ٗ‪-‬‬
‫"حدس المتكمم" لموصول إلى معنى التركيب المغوي‪ .‬وليس كما يرى الوصفيون‬
‫البنيانيون في اعتمادىم عمى الوصف الموضوعي الشكمي لمتركيب الجممي"(ٔ)‪.‬‬
‫أسس النظرية التوليدية التحويمية‪:‬‬ ‫ابعا‪:‬‬
‫رً‬
‫تقوم نظرية تشومسكي التي ضمنيا كتابو عمى أصول فكرية وافتراضات عقمية‪،‬‬
‫أىميا ما يمي‪:‬‬
‫فكرة الفطرية المغوية في ذىن اإلنسان‪ ،‬متخ ًذا إياىا من المقابمة بين اإلنسان وغيره‬ ‫ٔ‪-‬‬
‫من الحيوانات‪ ،‬فاإلنسان غير السوي – فضالً عن الذكي القادر – يستطيع إنتاج‬
‫الجمل والتعبير عما في نفسو‪ ،‬في حين أن أذكى الحيوانات ال يستطيع ذلك‪،‬‬
‫واستدل عمى ذلك بتدرج الطفل الصغير في الكالم وانتقالو في تعمم المغة‪ ،‬إذ ما إن‬
‫عما في نفسو بعدد‬
‫قادر عمى التعبير ّ‬
‫يصل الطفل إلى سن السابعة مثالً حتى يكون ًا‬
‫أيضا عمى إدراك السميم من‬
‫وقادر ً‬
‫ًا‬ ‫كبير من الجمل التي لم يكن قد سمعيا من قبل‪.‬‬
‫الجمل التي يسمعيا من غير السميم‪ .‬وتمثل ىذه الفطرية المغوية حجر األساس الذي‬
‫تعتمد عميو النظرية(ٕ)‪.‬‬
‫قادت الفرضية السابقة تشومسكي إلى فرضية أخرى ترتبت عمييا‪ .‬وىي أن ىذه‬ ‫ٕ‪-‬‬
‫النظرية الذىنية قائمة عمى عدد من الكميات النحوية‪ ،‬أو القواعد الكمية‪ ،‬التي تقوم‬
‫بضبط الجمل المنتجة وتنظيميا بقواعد وقوانين لغوية عامة‪ ،‬تخضع ليا الجمل التي‬
‫ينتجيا المتكمم‪ ،‬ويختار ما يتصل بمغتو من قوالب وقواعد من بين األطر الكمية‬
‫العامة في ذىنو‪ ،‬والتي ىي كمية شمولية عالمية متساوية عند بني البشر‪ ،‬تكون في‬
‫اإلنسان منذ والدتو‪ ،‬فيي فطرية‪ ،‬يقوم اإلنسان بممئيا بالتعابير المغوية من المجتمع‬
‫الذي يعيش فيو‪ ،‬فتنضج وتقوى بالتدريج‪ ،‬وكمما اكتسب اإلنسان ما يمأل بو ىذه‬
‫الكميات الفطرية ازداد النحو الداخمي التنظيمي لمقواعد الكمية في ذىنو‪ ،‬وىي تمك‬

‫(‪ )7‬خًٍٍ عّبٌرح‪ ،‬فً ٔذ‪ ٛ‬اٌٍغخ ‪ٚ‬رراوٍج‪ٙ‬ب‪ ،‬ص‪.51‬‬


‫(‪ )5‬خًٍٍ عّبٌرح‪ ،‬فً ٔذ‪ ٛ‬اٌٍغخ ‪ٚ‬رراوٍج‪ٙ‬ب‪ ،‬ص‪56-55‬؟‬

‫‪761‬‬ ‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬


‫نظرية النحو التحويلي عند تشومسكي‬
‫المسؤولة عن بن اء الجمل وتركيبيا في لغتو‪ ،‬فتتكون لديو القدرة عمى توليد الجمل‬
‫وبنائيا مضبوطة بقواعد تسمى القواعد التوليدية(ٔ)‪.‬‬
‫إذًا بالقواعد النحوية المسؤولة عن بناء الجمل وتراكيبيا فطرية ذىنية كمية عالمية ‪،‬‬
‫وىي التي تقوم بضبط الجمل بعد توليدىا لتجعميا جمالً نحوية أو غير نحوية ‪،‬مثال‬
‫ذلك‪:‬‬
‫طبشورة كتب‬ ‫سبورة‬ ‫المدرس‬
‫ىذه الجممة عمى مفيوم تشومسكي غير نحوية‬
‫كتب المدرس بالطبشورة عمى السبورة‪.‬‬
‫ىذه جممة نحوية‪ ،‬فاألولى جممة بال معنى وال انتظام في مفرداتيا طبقًا لقواعد‬
‫النحو(ٕ)‪.‬‬
‫الكفاية واألداء‪ :‬وىما فرضيتان ترتبتا عمى فطرية المغة وشموليتيا فالكفاية تعني‬ ‫ٖ‪-‬‬
‫امتالك المتكمم والسامع القدرة عمى إنتاج عدد ىائل من الجمل من عدد محدود من‬
‫الفونيمات الصوتية‪ ،‬والقدرة عمى الحكم بصحة الجمل التي يسمعيا من وجية نظر‬
‫نحوية تركيبية‪ ،‬ثم القدرة عمى الربط بين األصوات المنتجة وتجمعيا في مورفيمات‬
‫تنتظم في جمل‪ ،‬والقدرة عمى ربطيا بمعنى لغوي معين‪ ،‬ذلك كمو يتم بعمميات ذىنية‬
‫داخمية‪ ،‬يتم التنسيق بينيا بما يسمى "قواعد إنتاج المغة" وىي قواعد كامنة في‬
‫الذىن‪.‬‬
‫أما األداء فيو األداء المغوي الفعمي أو ىو الجمل المنتجة التي تبدو في فونيمات‬
‫‪،‬ومورفيمات تنتظم في تراكيب جممية خاضعة لمقواعد المغوية الكامنة (الكفاية)‪،‬‬
‫والمسؤولة عن تنظيم ىذه الفونيمات ‪،‬والمورفيمات في تراكيب‪.‬‬
‫فاألداء ىو الوجو الظاىر المنطوق لممعرفة الضمنية الكامنة بالمغة وعدم التطابق‬
‫بين الكفاية واألداء ينتج عنو االنحراف الخطأ(ٖ)‪.‬‬

‫(‪ )7‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.56‬‬


‫(‪ )5‬خًٍٍ عّبٌرح‪ ،‬فً ٔذ‪ ٛ‬اٌٍغخ ‪ٚ‬رراوٍج‪ٙ‬ب‪ ،‬ص‪.51‬‬
‫(‪ )3‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.51‬‬

‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬ ‫‪765‬‬


‫د‪ /‬أماني عبد العزيز الداود‬
‫فرضيتان أخريان ىما‪ :‬البنية العميقة‪ ،‬والبنية السطحية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫"وارتبط بالفرضتين السابقتين‬ ‫ٗ‪-‬‬
‫أما البنية العميقة فيي األساس الذىني المجرد لمعنى معين يوجد في الذىن ‪،‬‬
‫وتجسيدا‬
‫ً‬ ‫رمز لذلك المعنى‬
‫ويرتبط بتركيب جممي أصولي‪ ،‬يكون ىذا التركيب ًا‬
‫لو"(ٔ)‪.‬‬
‫ثيقا بالقواعد التحويمية في‬
‫طا و ً‬
‫أما البنية السطحية فيي الكالم المنطوق المرتبط ارتبا ً‬
‫ّ‬
‫المغة‪ ،‬فبيا يتم انتظام الكممات في جمل يعبر بيا المتكمم عن عالقة ذىنية‬
‫مجردة(ٕ)‪.‬‬
‫ويسوق تشومسكي ىذا المثال لتوضيح الفكرة‪:‬‬
‫اهلل الذي ال يرى خمق العالم المرئي‪.‬‬
‫ٍ‬
‫لمعان ذىنية مجردة يمكن تمثيميا بالجمل‬ ‫فيذه جممة تحويمية‪ ،‬وىي البنية السطحية‬
‫النواة التالية‪:‬‬
‫اهلل ال يرى‪ ،‬العالم مرئي‪ ،‬خمق اهلل العالم(ٖ)‪.‬‬
‫فيتم ربطيا ببعضيا‪ ،‬أو يتم تحويميا‪ ،‬لتظير في الجممة التحويمية الكبرى السابقة‪،‬‬
‫ويتم ىذا التحويل بواسطة عناصر سنتعرض ليا فيما بعد‪.‬‬
‫أن مصطمح النحو أو القواعد عند تشومسكيفيو ال يعني القواعد المعيارية التي‬ ‫٘‪-‬‬
‫نجدىا عند النحاة القدماء‪ ،‬أو الدراسة الوصفية‪ ،‬كما نجدىا عند المغويين المحدثين‪،‬‬
‫وانما ىي قواعد لغوية تقوم عمى أساس تجريدي نظري‪ ،‬أطمق عمييا اسم القواعد‬
‫التحويمية التوليدية‪ ،‬وىي مجموعة من التصورات الذىنية التي تمكننا من إنتاج‬
‫لغويا فقط‪ ،‬وتتكون ىذه القواعد من مكونات ثالثة تعرفيا كل لغة‪،‬‬
‫الجمل الصحيحة ً‬
‫ىي المكون النحوي‪ ،‬المكون الداللي‪ ،‬المكون الصوتي(ٗ)‪.‬‬

‫(‪ )7‬خًٍٍ عّبٌرح‪ ،‬فً ٔذ‪ ٛ‬اٌٍغخ ‪ٚ‬رراوٍج‪ٙ‬ب‪ ،‬ص‪.51‬‬


‫(‪ )5‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.51‬‬
‫(‪ )3‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.61‬‬
‫(‪ )1‬ورٌُ دطبَ اٌذٌٓ‪ ،‬أط‪ٛ‬ي رراثٍخ فً عٍُ اٌٍغخ‪ ،‬ص‪.513‬‬

‫‪766‬‬ ‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬


‫نظرية النحو التحويلي عند تشومسكي‬
‫ويترتب عمى مفيوم النحو عند تشومسكي "أن القبول النحوي لجممة ما ال يتوقف‬
‫عمى المعنى المعجمي لعناصر الجممة‪ ،‬ولكنو يرتكن إلى نظام عميق يمتمكو المتكمم‬
‫وبو يستطيع أن يميز جممة من أخرى"(ٔ)‪.‬‬
‫وبناء عمى ما سبق يتضح أن ليذه النظرية جانبين رئيسين تيتم بدراستيما‪ ،‬وىما‪:‬‬
‫ً‬
‫الجانب التوليدي‪ :‬وييتم بتجديد الطاقات التعبيرية الكامنة في المغة الموجودة عند‬ ‫ٔ‪-‬‬
‫المتكممين بيا‪ ،‬والتي تمكنيم من توليد ما ال نياية لو من التراكيب المغوية من جية‪،‬‬
‫كما تمكنيم من فيم الجمل والتراكيب التي لم يسمعوا بيا من قبل من جية أخرى‪،‬‬
‫ومن ىنا ُسمي بالنحو التوليدي ألنو يدرس قواعد توليد الجمل عند المتكمم‪ ،‬أي‬
‫قدراتو الذىنية وامكاناتو عمى توليد الجمل وفيميا‪.‬‬
‫‪ -2‬الجانب التحويمي‪ :‬وييتم ببيان طبيعة العالقات الكامنة بين الكممات أو الصيغ‬
‫الصرفية داخل التراكيب أو الجمل‪ ،‬كما ييتم بالعناصر التي تدخل الجممة لمربط بين‬
‫أجزائيا‪ ،‬ولتحويل الجممة النواة إلى تحويمية(ٕ)‪ ،‬ومن ىنا سمي بـ(النحو التحويمي)‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬عناصر التحويل‪:‬‬
‫استعمل تشومسكي غير طريقة في التحميل المغوي‪ ،‬ولكنو كان ال يجد مبتغاه في‬
‫بعضيا ‪ ،‬فيعرض عنيا إلى طريقة أخرى(ٖ)‪ ،‬حتى استقر عمى الطريقة الثالثة والتي تقوم‬
‫عمى أن الفكرة الذىنية الداخمية‪ ،‬وىي العنصر الرئيس في ذىن المتكمم ترتبط بالعناصر‬
‫والمكونات الرئيسية التي من بينيا المعنى الداللي والمعجمي أو تترابط ىذه بواسطة عنصر‬
‫من عناصر المكون التحويمي لتخرج جممة منطوقة بأصوات ورموز لغوية‪ ،‬وفي وضعيا‬
‫األخير‪.‬‬
‫أما عناصر التحويل الرئيسية‪ ،‬فعناصر تدخل الجممة لمربط بين أجزائيا ولتحويل‬
‫الجممة النواة إلى تحويمية‪ .:‬وتبقى الجممة في معناىا كما ىي‪ ،‬تستوي قبل دخول عناصر‬

‫(‪ )7‬عجذٖ اٌراجذً‪ ،‬إٌذ‪ ٛ‬اٌعرثً ‪ٚ‬اٌذرش اٌذذٌث‪ ،‬ص‪.776‬‬


‫(‪ )5‬ورٌُ دطبَ اٌذٌٓ‪ ،‬أط‪ٛ‬ي رراثٍخ فً عٍُ اٌٍغخ‪ ،‬ص‪.511‬‬
‫(‪ٌٕ )3‬ظر خًٍٍ عّبٌرح‪ٔ،‬ذ‪ ٛ‬اٌٍغخ ‪ٚ‬رراوٍج‪ٙ‬ب‪ ،‬ص‪.65-67‬‬

‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬ ‫‪761‬‬


‫د‪ /‬أماني عبد العزيز الداود‬
‫تعبر عن بنية عميقة واحدة قائمة عمى الترابط‬
‫التحويل وبعد أن دخمتيا‪ ،‬ألنيا في الحالتين‪ّ ،‬‬
‫بين المعاني الذىنية في الجمل النواة(ٔ)‪ ،‬وأىم عناصر التحويل‪:‬‬
‫‪ -1‬الترتيب‪:‬‬
‫نموذجا لبقية العناصر‪.‬‬
‫ً‬ ‫وتقف عند الترتيب وقفة يسيرة حتى يمثل‬
‫وضوحا‪ ،‬وىو كما يعرفو عمايرة‪:‬‬
‫ً‬ ‫ُيعد الترتيب من أبرز عناصر التحويل‪ ،‬وأكثرىا‬
‫مغير بذلك نمط الجممة‪ ،‬وناقالً معناىا إلى‬
‫"نقل مورفيم من موقع أصل لو إلى موقع جديد ًا‬
‫معنى جديد تربطو بالمعنى األول رابطة واضحة"(ٕ)‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪:‬‬
‫جممة‪( :‬أ) أكرم خالد عميِّا‪ ،‬ىي جممة توليدية فعمية ال تركيز فييا عمى أي جزء من‬
‫أجزاء المعنى‪ ،‬وىدفيا نقل الخبر من صورتو الذىنية في ذىن المتكمم إلى صورة‬
‫(فونولوجية) منطوقة‪ ،‬تقع عمى سمع السامع فيدرك المطموب منيا‪ ،‬وىو اإلخبار ال غير‪.‬‬
‫ولكن إذا قصد المتكمم نقل الخبر بتركيز عمى جزء من أجزائو ‪،‬وإلظيار عنايتو‬
‫واىتمامو بو‪ ،‬فإنو يقدم ذاك الجزء‪ ،‬فيدرك السامع المعنى الجديد‪.‬‬
‫خالد أكرم عميِّا‪.‬‬
‫فيقول (ب) ٌ‬
‫(ج) عميِّا أكرم خالد‪.‬‬
‫وان قصد المتكمم من الجممة (ب) أو الجممة (ج) ما يقصده من الجممة التوليدية (أ)‬
‫فإنو قد أخطأ جادة الصواب‪ ،‬وعبر بغير ما كان عميو أن يعبر بو(ٖ)‪.‬‬
‫وقد أشار سيبويو إلى ىذه القاعدة حيث قال‪" :‬والعرب إن أرادت العناية بشيء‬
‫قدمتو"(ٗ)‪.‬‬
‫فالجممة (أ) جممة توليدية فعمية جاءت طبقًا لنمط من أنماط الجممة الفعمية في المغة‬
‫العربية‪.‬‬

‫(‪ )7‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.66‬‬


‫(‪ )5‬فً ٔذ‪ ٛ‬اٌٍغخ ‪ٚ‬رراوٍج‪ٙ‬ب‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫(‪ )3‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )1‬اٌىزبة‪.31/7 :‬‬

‫‪761‬‬ ‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬


‫نظرية النحو التحويلي عند تشومسكي‬
‫أما الجممتان (ب) و (ج) فيما جممتان تحويميتان فعميتان‪ ،‬كان التحويل فييما‬
‫باستخدام عنصر الترتيب‪ ،‬لمتركيز في أوالىما عمى محدث الحدث‪ ،‬وفي الثانية عمى من‬
‫وقع لو الحدث‪.‬‬
‫وقد أجاز نحاة البصرة والكوفة أن تسمى الجممة (ج) جممة فعمية‪ ،‬ولكن نحاة‬
‫مقدم‪ ،‬وذلك لمتماثل في الحالة‬
‫البصرة رفضوا أن تسمى الجممة (ب) جممة فعمية فاعميا ّ‬
‫قياسا عمى أن الكممة‬
‫المقدم‪ ،‬واالسم الواقع في صدر الجممة (المبتدأ) ً‬
‫اإلعرابية بين الفاعل ّ‬
‫اسما ال يتغير بتغير موقع المفعول بو‪.‬‬
‫في النمط الجممي تأخذ ً‬
‫ويذىب عمايرة إلى أن الفاعل وىو المحدث لمحدث الذي وقع عميو المفعول بو‪ ،‬ىو‬
‫تقاء لما جاء عن أىل الكوفة‪.‬‬
‫تأخر‪ ،‬وذلك ار ً‬
‫تقدم أو ّ‬
‫الفاعل ّ‬
‫وأن ىذا التغيير إنما حصل لغرض يريده المتكمم في معنى الجممة وليس في مبناىا‬
‫الشكمي الظاىر ‪ ،‬وعمى ىذا فالجممتان (ب) و (ج) جممتان تحويمتان فعميتان مؤكدتان(ٔ)‪.‬‬
‫ونقول‪ :‬إن ىذا وان كان مقبوالً من حيث المعنى ‪ ،‬ولكنو يخالف أصالً اتّفق عميو‬
‫ظا عمى األصل‪ ،‬غيروا‬ ‫المقدم فاعل في المعنى‪ ،‬ولكن حفا ً‬
‫نحاة البصرة‪ ،‬وىم لم ينكروا أن ّ‬
‫الموقع اإلعرابي ألنو يختص بالمبتدأ‪ ،‬ولم يتغير المعنى‪.‬‬
‫‪ -2‬الزيادة‪:‬‬
‫ويقصدر بيا عند التحويميين ما ُيضاف إلى الجممة النواة من كممات يعبر بيا النحاة‬
‫بالفضالت أو التيمات أو غير ذلك‪ ،‬وذلك لتحقيق زيادة في المعنى ‪ ،‬فكل زيادة في المبنى‬
‫تعني زيادة في المعنى(ٕ)‪.‬‬
‫(باسما) لنبين حال محمد عندما حضر‪.‬‬
‫ً‬ ‫ومثال ذلك‪ :‬نقول‪ :‬حضر محمد ثم نضيف‬
‫‪ -3‬الحذف‪:‬‬
‫نقيضا لمزيادة عنصر من عناصر التحويل‬ ‫ً‬ ‫عنصر من عناصر التحويل‬
‫ًا‬ ‫ويقصد بو‬
‫‪ ،‬فكما أن الزيادة ىي أية زيادة عمى الجممة التوليدية النواة؛ لتحويميا إلى جممة تحويمية‬
‫لغرض في المعنى‪ ،‬فإن الحذف يعني‪ :‬أي نقص في الجممة النواة التوليدية االسمية أو‬

‫(‪ )7‬فً ٔذ‪ ٛ‬اٌٍغخ ‪ٚ‬رراوٍج‪ٙ‬ب‪ ،‬ص‪.11‬‬


‫(‪ )5‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.16‬‬

‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬ ‫‪761‬‬


‫د‪ /‬أماني عبد العزيز الداود‬
‫الفعمية لغرض في المعنى‪ ،‬وتبقى الجممة تحمل معنى يحسن السكوت عميو‪ ،‬وتحمل اسميا‬
‫قبل التحويل‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬إذا سأل أحدىم قائالً‪ :‬من حضر؟‬
‫تكون اإلجابة‪ :‬خالد‪.‬‬
‫(خالد) جممة ولكن ُحذف منيا ركن من أركانيا وىو (حضر)‪.‬‬
‫فيي جميمة تحويمية(ٔ)‪.‬‬
‫‪ -4‬التبعية‪:‬‬
‫ومثالو‪ :‬الطالبان مجتيد‪.‬‬
‫فتصبح الطالبان ‪ +‬مجتيد ‪ +‬ان لتتبع الثانية األولى في عددىا فتنسجم معيا‪.‬‬
‫وىكذا في‪ :‬قابمت الطالبين المجتيدي الصادقين(ٕ)‪.‬‬
‫‪ -5‬الحركة اإلعرابية‪:‬‬
‫ويتفرد عمايرة باإلشارة إلى ىذا العنصر(ٖ)‪ ،‬وىذا ناجم عن تطبيقو لمنظرية عمى‬
‫ا لمغة العربية‪ ،‬التي تعد الحركة اإلعرابية فييا من الدالئل عمى المعاني‪ ،‬وقرينة من القرائن‬
‫التي تحدد المعنى‪ ،‬وفي ذلك يقول ابن يعيش‪" :‬اإلعراب ىو اإلبانة من المعاني باختالف‬
‫أواخر الكمم لتعاقب العوامل في أوليا"(ٗ)‪.‬‬
‫ويتناول عمايرة الحركة اإلعرابية لعنصر من عناصر التحويل في الجممة التوليدية‬
‫مطبقًا ذلك عمى األبواب النحوية التالية‪ :‬اإلغراء‪ ،‬والتحذير‪ ،‬واالختصاص‪ ،‬وأسماء‬
‫األفعال‪ ،‬وكم االستفيامية والخبرية‪ ،‬واالسم المنصوب بعد واو المعية‪ ،‬والفعل المضارع‬
‫المنصوب بعد الواو‪.‬‬
‫ونعرض ىنا مثاالً لذلك‪ ،‬وىو (باب التحذير)‪.‬‬
‫يقول عمايرة‪" :‬يرى النحاة أن الناصب في التحذير واإلغراء‪ ...‬ىو عامل محذوف‬
‫متعديا تقديره (احذر) األسد‪.‬‬
‫ً‬ ‫يقدرونو مرة فعالً‬
‫اعتمادا‬
‫ً‬ ‫جممة تحويمية لجممة توليدية ىي‪ :‬ىذا األسد‪ ،‬ثم جرى عمييا تحويل بالحذف‬
‫عمى اإلشارة أو عمى السياق‪ ...‬فبقيت كممة (األسد) في حالة الرفع لتُشير إلى جممة خبرية‬

‫(‪ )7‬خًٍٍ عّبٌرح‪ ،‬فً ٔذ‪ ٛ‬اٌٍغخ ‪ٚ‬رراوٍج‪ٙ‬ب‪ ،‬ص‪.735-731‬‬


‫(‪ )5‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.61‬‬
‫(‪ )3‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.711‬‬
‫(‪ )1‬أظر شرح اٌّفظً‪.15/7 :‬‬

‫‪711‬‬ ‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬


‫نظرية النحو التحويلي عند تشومسكي‬
‫ال يقصد منيا المتكمم غير اإلخبار بما جاء فييا من معنى‪ ،‬ولكن المتكمم عندما أراد أن‬
‫يعبر عن معنى جديد كان عميو أن يغير في أحد أجزاء ىذه الكممة الجممة‪ ..‬فكان ال بد‬
‫من إجراء التغيير في فونيم الحركة‪ ،‬فتستبدل الفتحة بالضمة وينتقل المعنى من اإلخبار‬
‫إلى التحذير‪.‬‬
‫فالفتحة ىي العنصر الذي حول الجممة من باب إلى باب ومن معنى إلى معنى جديد‪،‬‬
‫عامل محذوف ال يجوز‬ ‫ٍ‬ ‫فيي ركن في الكممة تشير إلى المعنى وليست نتيجة لعمل‬
‫إظياره(ٔ)‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬عيوب النظرية‪:‬‬
‫ً‬
‫خموا من العيوب‪ ،‬إذ وجو إلييا بعض النقد‪ ،‬ولوحظ عمييا‬
‫لم تكن نظرية تشومسكي ً‬
‫بعض العيوب‪ ،‬ومن ىذه العيوب ما يمي‪:‬‬
‫االعتماد عمى الحدس‪ :‬إذ إن الحدس في ىذه النظرية ىو الوسيمة الميمة في معرفة‬ ‫ٔ‪-‬‬
‫تحويل التركيب من البنية العميقة إلى البنية السطحية‪ ،‬ولكن الحدس ال يخضع في‬
‫الغالب لقواعد محددة كما أن بعض العمماء يرون أن الحدسات شيء غير عممي‪،‬‬
‫(ٕ)‬
‫وال تخضع لممالحظة المباشرة‪ ،‬باإلضافة إلى أنيا متغيرة وغير جديرة بالثقة‪.‬‬
‫االعتماد عمى االستبطان‪ ،‬إذ عاب العالم المغوي (ساميسون) عمى ىذه النظرية‬ ‫ٕ‪-‬‬
‫استخداميا لالستبطان باعتباره دليالً في التنظير العممي‪ ،‬ذلك ألن ىذه النظرية‬
‫تحاول أن تنفذ إلى التراكيب العميقة "لذا يرى بعض الكتاب أن في االستطاعة أن‬
‫نستبطن أشجار التركيب السطحي ومكوناتو المرتبطة بجممنا‪ ،‬لكننا ال نستطيع أن‬
‫(ٖ)‬
‫نستبطن تراكيبيا العميقة‪.‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫صعوبة تطبيق المستويات األربعة لمقواعد التحويمية‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬االختالف حول الباطن والظاىر‪ ،‬حيث من الصعوبة معرفة أي التراكيب أصيل‪،‬‬
‫(ٗ)‬
‫و ّأييا مشتق‪.‬‬
‫عيوبا‪ ،‬وجوانب نقص‪ ،‬وىذه‬
‫ً‬ ‫وأرى أن ىذه النظرية اشتممت عمى أمور يمكن أن ُّ‬
‫تعد‬
‫األمور ىي‪:‬‬

‫(‪ )7‬فً ٔذ‪ ٛ‬اٌٍغخ ‪ٚ‬رراوٍج‪ٙ‬ب‪ ،‬ص‪.765-767‬‬


‫(‪ )5‬عجذهللا جبد اٌىرٌُ‪ ،‬اٌذرش إٌذ‪ٛ‬ي فً اٌمرْ اٌعشرٌٓ‪ ،‬ص‪.511‬‬
‫(‪ )3‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.511‬‬
‫(‪ )1‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.511‬‬

‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬ ‫‪717‬‬


‫د‪ /‬أماني عبد العزيز الداود‬
‫أن ىذه النظرية ال تحقق أىدافاً تربوية أو تعميمية‪ ،‬فيي ال تقدم إلى معمم المغة‬ ‫ٔ‪-‬‬
‫شيئا‪ ،‬وال تمده بالقواعد المعيارية التي تساعده في تدريس المغة‪ ،‬ألنيا ال تيتم بذلك‬
‫ً‬
‫وال تسعى إليو‪.‬‬
‫أن ىذه النظرية تساوي بين المغات وترفض المفاضمة بينيما‪ ،‬يقول تشومسكي في‬ ‫ٕ‪-‬‬
‫كتابو‪" :‬نظرية تشومسكي المغوية" يقول‪" :‬ومما ىو جدير بالذكر أن الميجات‬
‫انتظاما من المغة الفصحى‪ ،‬بل ال‬
‫ً‬ ‫االجتماعية أو اإلقميمية ألي لغة ليست أقل‬
‫كثير من الناس يعتقدون أن المغة‬ ‫ينبغي وصفيا بأنيا صورة مشوىة منيا‪ ..‬إن ًا‬
‫الفصحى التي تعمم في المدارس ىي وحدىا الخميقة بالدراسة العممية والمنيجية‪،‬‬
‫والحقيقة غير ذلك‪ ،‬ألن جميع الميجات تتساوى في نظر عمم المغة من ىذه‬
‫الناحية"(ٔ)‪.‬‬
‫وىذا أمر يرفضو العقل والواقع‪ ،‬فال يمكن أن توضع كل المغات عمى قدم المساواة‪،‬‬
‫ال سيما ما يخص العربية‪ ،‬فال يمكن أن تستوي الفصحى مع العامية‪ ،‬وان اشتركتا‬
‫عما في النفس‪ ،‬لكنيما تختمفان في الفصاحة ودرجة البيان والجودة‪.‬‬ ‫في اإلبانة ّ‬
‫كما أن الواقع يشيد بأن بعض المغات تطاوعك أكثر من األخرى‪ ،‬وتخدمك بصورة‬
‫أفضل كوسيمة اتصال‪ ،‬كما أن ىناك ثالث وجيات نظر ال بد من أخذىا في‬
‫االعتبار‪ ،‬وىي قائمة عمى أساس العوامل التاريخية والجغرافية ‪ ،‬واالجتماعية ‪،‬‬
‫فبعض المغات تحيط بيا أحداث تاريخية أىم من بعضيا اآلخر‪ ،‬كما أن لغة‬
‫طا يتمتع بالييبة والمكانة دون األنماطاألخرى(ٕ)‪.‬‬
‫المثقفين تُعد نم ً‬
‫وفي تمك التسوية‪ ،‬ورفض المفاضمة دعوة ضمنية إلى العامية ؛ ألنو يدعو ضمنا‬
‫إلى دراستيا فيي جديرة وخميقة بذلك ‪ ،‬ألن المغة في نظره ىي ما يتكممو الناس في‬
‫الواقع ‪ ،‬ال ما ينبغي أن يتكمموه‪.‬‬
‫أن ىذه النظرية تصدر عن اتجاه عالمي يسعى إلى توحيد لغات البشر‪ ،‬إذا إن‬ ‫ٖ‪-‬‬
‫معنيا بمغات البشر‪ ،‬ووضع ضوابط ليا‪ ،‬وقواعد كمية عالمية‬
‫ً‬ ‫صاحبيا كان‬
‫تحكميا(ٖ)‪.‬‬

‫(‪ )7‬ج‪ٌٍٔٛ ٌٓٛ‬س‪ٔ ،‬ظرٌخ رش‪ِٛ‬طىً اٌٍغ‪ٌٛ‬خ‪ ،‬ص‪.17‬‬


‫(‪ )5‬ضٍٍّبْ اٌعبٌذ‪ ،‬أضص عٍُ اٌٍغخ اٌعبَ‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫(‪ِّ )3‬ذ‪ٚ‬ح عجذ اٌردّٓ‪ ،‬أط‪ٛ‬ي اٌزذ‪ ًٌٛ‬فً إٌذ‪ ٛ‬اٌعرثً‪ ،‬ص‪.3‬‬

‫‪715‬‬ ‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬


‫نظرية النحو التحويلي عند تشومسكي‬
‫وان كان الحديث عن القواعد الفطرية التي يولد بيا البشر وتمكنيم من الكالم‪ ،‬فيذا‬
‫السعي إلى جمع البشر عمى لغة موحدة فيذا مرفوض‪ ،‬ألن لكل شعب‬ ‫مقبول أما ّ‬
‫لغتو وحضارتو وخصائصو‪.‬‬
‫يقول محمد محمد حسي ن عن الدعوة إلى العالمية‪" :‬وىي تصدر عن مبدأ فاسد‬
‫سنة اهلل في خمقو أو يتجاىميا‪ ،‬ألنيا تدعو إلى توحيد أمم األرض‪ ،‬التي‬ ‫يجيل ّ‬
‫(ٔ)‬
‫وشعوبا وقبائل" ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُمما‬
‫اقتضت إرادة اهلل وحكمتو أن يكونوا أ ً‬
‫نابعا من واقعيا‬
‫من أجل ذلك االختالف والتباين "كانت شرعة كل أمة ومنياجيا ً‬
‫نابعا من‬
‫الذي طبعت عميو‪ ،..‬ولذلك كانت قواعد كل لغة وفق نظميا وأساليبيا ً‬
‫واقعيا‪ ،‬وال ينطبق عمييا من القواعد‪ ،‬والقوانين‪ ،‬والنظم ما ينطبق عمى غيرىا‪.)ٕ("...‬‬
‫يترتب عمى أسس ىذه النظرية‪ ،‬ومفيوم القواعد عند صاحبيا‪ ،‬وىي قواعد التوليد‬ ‫ٗ‪-‬‬
‫وبناء عمى طبيعة المغة التي انبثقت منيا ىذه النظرية وىي المغة‬ ‫ً‬ ‫والتحويل‪،‬‬
‫اإلنجميزية‪ ،‬يترتب عمى ذلك كمو‪ ،‬أن كل ما كان مفيماً من الجمل فيصح أن يكون‬
‫معيار لمحكم بصحة الجمل‪ ،‬واّنما‬
‫ًا‬ ‫كالما‪ ،‬ألن ىذه النظرية ال تتّخذ الصواب والخطأ‬
‫ً‬
‫قدرة المتكمم عمى إنتاج الجمل‪ ،‬وقدرة السامع عمى فيميا‪ ،‬وان خالفت قواعد المغة‬
‫العربية التي تنظر إلى ضبط الجممة‪ ،‬أي‪ :‬أن اإلفيام ىو معيار الصحة‪ ،‬وان‬
‫خالفت الجممة في قواعدىا وضبط قواعد المغة العربية‪.‬‬
‫وىذا ال يتناسب وطبيعة المغة العربية ألن ليا قواعدىا في ضبط الجممة‪ ،‬والرتبة‬
‫محفوظة‪ ،‬وغير ذلك من القواعد التي ال يصح الخروج عمييا وان كان الكالم‬
‫مفيوما‪.‬‬
‫ً‬
‫كما أن من عيوب ىذه النظرية فيما أرى أن تشومسكي كان يعتمد عمى مصطمحات‬ ‫٘‪-‬‬
‫عامة وغامضة‪ ،‬بعضيا موجود في نظريات العمماء الذين سبقوه في الدرس المغوي‪،‬‬
‫ٍ‬
‫جديدة‪ ،‬دون أن يشير إلى التعريف الجديد الذي يحدد ما‬ ‫ٍ‬
‫معان‬ ‫ولكنو يذىب بيا إلى‬
‫يريده ىو بو‪ ،‬ىذا من جانب‪ ،‬ومن جانب آخر نجد أنو يعرض فكرة ثم يقمع عنيا‬
‫إلى غيرىا‪ ،‬وبسرعة غير متوقعة‪ ،‬فأفكاره متبدلة تارة‪ ،‬متتابعة تارة أخرى"(ٖ)‪.‬‬

‫(‪ِ )7‬مبالد فً األدة ‪ٚ‬اٌٍغخ‪ ،‬ص‪.11‬‬


‫(‪ )5‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.61‬‬
‫(‪ )3‬فً ٔذ‪ ٛ‬اٌٍغخ ‪ٚ‬رراوٍج‪ٙ‬ب‪ ،‬ص‪.61‬‬

‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬ ‫‪713‬‬


‫د‪ /‬أماني عبد العزيز الداود‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظرية التوليدية التحويمية في التراث العربي‬

‫في النحو العربي‪.‬‬ ‫أوالً‪:‬‬


‫في البالغة العربية‪.‬‬ ‫ثانيا‪:‬‬
‫ً‬
‫عند ابن خمدون‪.‬‬ ‫ثالثًا‪:‬‬

‫‪711‬‬ ‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬


‫نظرية النحو التحويلي عند تشومسكي‬
‫في النحو العربي‪:‬‬ ‫أوالً‪:‬‬
‫إن المنصف المتأمل لما خمفو النحاة من تراث نحوي عظيم وجيد عممي بارز‪ ،‬يجد‬
‫أصوالً وقواعد تتشابو إلى ٍّ‬
‫حد كبير مع أسس النحو التحويمي ومبادئو‪.‬‬
‫وىذا التشابو وااللتقاء تطمعنا عميو إما نصوص من كالم النحاة أو تطبيقاتيم‪.‬‬
‫النصوص‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫قد ال يسعفنا الوقت لتتبع نصوص النحاة‪ ،‬وتحميميا لمكشف عن الجوانب التحويمية‬
‫نصوصا تحمل الفكر التحويمي‬
‫ً‬ ‫وأسس النظرية‪ ،‬وال نعدم مع ضيق الوقت أن نجد‬
‫التوليدي‪ ،‬وتدل عمى وعي النحاة بأصول ىي من أصول النحو التحويمي‪ ،‬ومن‬
‫أمثمة ذلك ما جاء عن ىذين العالمين الجميمين‪:‬‬
‫الخميل بن أحمد الفراىيدي‪:‬‬ ‫ٔ‪-‬‬
‫إن ما وجده العمماء في المغة أثناء تقعيد القواعد من ترابط في الحدوث بين‬
‫العالمات اإلعرابية وأن ـواع الكمم واط ـراء ذلك‪ ،‬دفعيـم إلى التماس سبب لوجــود ىــذا‬
‫اعتباطيا‪ ،‬وانما صادر‬
‫ً‬ ‫الترابط‪ ،‬وفي ىذا إشارة إلى إدراكيم أن ذلك الترابط لم يكن‬
‫عن وعي من متكممي المغة وناجم عن قواعد كمية تنتظم الكمم‪ ،‬ويصدر عنيا‬
‫العربي كالمو‪ ،‬وفي ذلك يقول الخميل مقولتو المشيورة‪" :‬إن العرب نطقت عمى‬
‫سجيتيا وطباعيا‪ ،‬وعرفت مواقع كالميا‪ ،‬وقام في عقوليا عممو‪ ،‬وان لم ينقل ذلك‬
‫عنيا‪ ،‬واعتممت أنا بما عندي أن عمة لما عممتو منو‪ ،‬فإن أكن أصبت فيو الذي‬
‫التمست"(ٔ)‪.‬‬
‫وفي قول الخميل "نطقت عمى سجيتيا وطباعيا" وقولو "عرفت مواقع كالميا‪ ،‬وقولو‪:‬‬
‫"قام في عقوليا عممو" ما يدل عمى وعي بوجود القواعد الكمية في الذىن‪.‬‬
‫ابن جني‪:‬‬ ‫ٕ‪-‬‬
‫مر فيما سبق أن الفكرة الجوىرية التي يقوم عمييا النحو التحويمي ىي الكشف عن‬ ‫قد ّ‬
‫العالقات القائمة بين الكممات في التركيب النحوي‪ ،‬وىذه عينيا الفكرة التي أشار إلييا ابن‬

‫(‪ )7‬اٌسجبجً‪ ،‬اإلٌضبح فً عًٍ إٌذ‪ ،ٛ‬ص‪.66-65‬‬

‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬ ‫‪715‬‬


‫د‪ /‬أماني عبد العزيز الداود‬
‫جني في حديثو عن الداللة المعنوية‪ ،‬إذ ىي المعنى الذي تكتسبو الكممة من التركيب‪،‬‬
‫وليس المعنى المعجمي‪.‬‬
‫يقول ابن جني في باب الداللة المفظية والصناعية والمعنوية‪" :‬اعمم أن كل واحد من ىذه‬
‫الدالئل معتد مراعى مؤثر‪ ،‬إالّ أنيا في القوة والضعف عمى ثالث مراتب‪ :‬فأقواىن الداللة‬
‫المفظية‪ ،‬ثم تمييا الصناعية‪ ،‬ثم تمييا المعنوية‪ ...‬وانما كانت الداللة الصناعيةأقوى من‬
‫المعنوية من قبل أنيا وان لم تكن لفظا فإنيا صورة يحمميا المفظ‪ ،‬ويخرج عمييا‪ ،‬ويستقر‬
‫عمى المثال المعزم بيا‪ ،‬فمما كانت كذلك لحقت بحكمو وجرت مجرى المفظ المنطوق بو‪.‬‬
‫فدخال بذلك في باب المعموم بالمشاىدة‪ .‬وأما المعنى فإنما داللتو الحقة معموم االستدالل‪،‬‬
‫االتراك حين تسمع‪ :‬ضرب‪ ،‬قد عرفت حدثو‪ ،‬وزمانو‪ ،‬ثم تنظر فيما بعد‪ ،‬فتقول‪ :‬ىذا‬
‫ٍ‬
‫حينئذ إلى أن تعمم‬ ‫فعل‪ ،‬وال بد لو من فاعل‪ ،‬فميت شعري من ىو؟ وما ىو؟ فتبحث‬
‫الفاعل من ىو؟ وما حالو؟ من موضع آخر‪ ،‬ال من مسموع ضرب‪ ،‬أال ترى أنو يصمح‬
‫أن يكون فاعمو كل مذكر يصح منو الفعل‪ ،‬مجمالً غير مفصل‪.)ٔ( "...‬‬
‫ب‪ -‬تطبيقات النحاة‪:‬‬
‫ظيرت في تطبيقات النحاة وأعماليم بعض الظواىر‪ ،‬وبرزت فييا بعض الجوانب التي‬
‫تمتقي إلى حد كبير مع النحو التحويمي وتتشابو معو‪ ،‬ومن ىذه الظواىر مايمي‪:‬‬
‫قواعد الزيادة‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫يشير التحويميون إلى أن ىناك تركيبات نظمية تدخل فييا كممات ال تدل عمى معنى في‬
‫العمق‪ ،‬وانما تفيد وظيفة تركيبة‪ ،‬ويمثمون لذلك بكممات من نحو (‪.)ٕ(")it, there‬‬
‫وقد كانت الزيادة من الظواىر المغوية التي تناوليا نحاة العربية‪ ،‬وأشاروا إلى أن ما يزاد في‬
‫الكالم ال يضيف معنى‪ ،‬وانما ىي زيادة قد تضيف فائدة تركيبية كالتوكيد أو الربط أو غير‬
‫ذلك(ٖ)‪.‬‬
‫ومن أمثمة ذلك‪:‬‬

‫(‪ )7‬اٌخظبئض‪.11-11/3 :‬‬


‫(‪ )5‬عجذٖ اٌراجذً‪ ،‬إٌذ‪ ٛ‬اٌعرثً ‪ٚ‬اٌذرش اٌذذٌث‪ ،‬ص‪.755‬‬
‫(‪ )3‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.753‬‬

‫‪716‬‬ ‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬


‫نظرية النحو التحويلي عند تشومسكي‬
‫تسميتيم الحروف الجر الزائدة بيذا االسم‪.‬‬
‫يقول سيبويو في صدد زيادة الباء‪" :‬ىذا باب ما تجريو عمى الموضع ال عمى االسم الذي‬
‫ال‪ ،‬وما زيد بأخيك وال صاحبك‪ ،‬الوجو فيو الجر‪،‬‬
‫قبمو‪ ،‬وذلك قولك‪ :‬ليس زيد بجبان وال بخي ً‬
‫ألنك تريد ان تشرك بين الخبرين‪ ،‬وليس ينقض إجراؤه عميو المعنى‪ ،‬فأن يكون آخره عمى‬
‫أولو أولى ليكون حاليما في الباء سواء كحاليما في غير الباء مع قربو منو‪ ...‬ألن الباء‬
‫نصبا‪ ،‬أال تراىم‬
‫دخمت عمى شيء لو لم تدخل عميو لم يخل بالمعنى ولم يحتج الييا ولكان ً‬
‫يقولون‪ :‬حسبك ىذا فال يتغير المعنى"(ٔ)‪.‬‬
‫وصنيعيم ىذا يمتقي مع النحو التحويمي في أمرين‪:‬‬
‫أن تسميتيا زائدة ناجم عن إدراك كونيا ال تضيف معنى عمى المعنى األساس أو‬ ‫ٔ‪-‬‬
‫العميق‪.‬‬
‫إضافيا‪ ،‬أي أن دخوليا يحول الجممة العميقة إلى جممة تحويمية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أنيا تفيد معنى‬ ‫ٕ‪-‬‬
‫ويقول سيبويو في ضمير الفصل‪" :‬واعمم أن ما كان فصالً ال يغير ما بعده عن حالو التي‬
‫ُنز َل ِإلَْي َك ِمن‬
‫ين أُوتُوا اْل ِعْم َم الَِّذي أ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫كان عمييا قبل أن يذكر‪ ...‬قال اهلل عز وجل‪َ ( :‬وَي َرى الذ َ‬
‫يز اْل َح ِم ِيد)(سورة سبأ‪ )ٙ:‬فصارت (ىو) ىاىنا‬ ‫صر ِ‬
‫اط اْل َع ِز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ق َوَي ْيدي إِلَ ٰى َ‬
‫ِّك ُىو اْل َح َّ‬
‫َّرب َ َ‬
‫لغوا في أنيا ال تغير ما بعدىا عن حالو قبل أن تتذكر"(ٕ)‪.‬‬
‫وأخواتيا بمنزلة ما إذا كانت ً‬
‫وفي كالم سيبويو السابق إدراك لمبنية العميقة ‪ ،‬وفيم لما تفيده عناصر التحويل‪.‬‬
‫‪ -2‬الحذف‪:‬‬
‫(ٖ)‬
‫ويقصد بيا عند النحاة‪" :‬حذف العامل مع‬ ‫"وىي ظاىرة مشتركة في المغات اإلنسانية"‬
‫بقاء أثره اإلعرابي‪ ،‬أو إسقاط صيغ داخل التركيب في بعض المواقف المغوية‪ ...،‬وىذه‬
‫نحويا لسالمة التراكيب‪ ،‬وتطبيقًا لمقواعد‪ ،‬ثم ىي موجودة ويمكن أن‬
‫الصيغ يفترض وجودىا ً‬
‫(ٗ)‬
‫تكون موجودة في مواقف لغوية مختمفة"‪.‬‬
‫والطريقة التي يقدميا المنيج التحويمي في تفسير ظاىرة الحذف‪ ،‬ىي‪:‬‬

‫(‪ )7‬اٌىزبة‪.31-35/7 :‬‬


‫(‪ )5‬اٌطبثك‪.311/7 :‬‬
‫(‪ )3‬عجذٖ اٌراجذً‪ ،‬إٌذ‪ ٛ‬اٌعرثً ‪ٚ‬اٌذرش اٌذذٌث‪ ،‬ص‪.711‬‬
‫(‪ )1‬عجذهللا جبد اٌىرٌُ‪ ،‬اٌذرش إٌذ‪ٛ‬ي‪ ،‬ص‪.557‬‬

‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬ ‫‪711‬‬


‫د‪ /‬أماني عبد العزيز الداود‬
‫‪Richard is as stubborn as our father is‬‬
‫يقول التحويميون إن (‪ )our father is‬مأخوذة من بنية عميقة ىي ( ‪our father is‬‬
‫‪ ) stubborn‬وذلك بقاعدة تحويمية‪ ،‬تحذف الصفة المكررة التي ىي (‪ )stubborn‬وقد‬
‫اىتم النحاة بيذه الظاىرة‪ ،‬ورصدىا ووضع القواعد ليا‪ ،‬بناء عمى إدراك االستعمال‬
‫العربي‪ ،‬وليس عمى مجرد التقدير المتعسف‪ ،‬فمادة (ح ذ ف) ذكرت في كتاب سيبويو‬
‫حوالي (ثماننمائة وثالث مرات)‪ ،‬وكذلك خصص صاحب إعراب القرآن المنسوب لمزجاج‬
‫بابا في الخصائص‬
‫بابا لمحذف من بين أبوابو (التسعين) وعقد لو ابن جني ً‬
‫خمسة عشر ً‬
‫سماه "شجاعة العربية"‪ ..‬وابن ىشام في المغني الباب الخامس‪ ،‬والسيوطي في اإلتقان‪،‬‬
‫وغيرىم كثير من النحاة والعمماء"(ٔ)‪.‬‬
‫ومما يبين إدراك النحاة لمبنية العميقة والبنية السطحية قول سيبويو‪" :‬واعمم أنو ليس كل‬
‫حرف يظير بعده الفعل يحذف فيو الفعل‪ ،‬ولكنك تضمر بعدما أضمرت فيو العرب من‬
‫الحروف والمواضع‪ ،‬وتظير ما أظيروا‪ ،‬وتجري ىذه األشياء التي ىي عمى ما يستخفون‬
‫بمنزلة ما يحذفون من نفس الكالم‪ ،‬ومما ىو في الكالم عمى ما أجروا‪.)ٕ( "...‬‬
‫ويقول ابن جني‪" :‬أنو ال ينكر أن يكون في كالميم أصول غير ممفوظ بيا إالّ أنيا مع ذلك‬
‫مقدرة‪ ،‬وىذا واسع في كالميم كثير"(ٖ)‪ ،‬وىذا يؤكد عمى أنو "ال يستنكر االعتداد بما لم‬
‫ّ‬
‫يخرج إلى المفظ‪ ،‬ألن الدليل إذا قام عمى شيء في حكم الممفوظ بو‪ ،‬وان لم يجر عمى‬
‫ألسنتيم استعمالو"(ٗ)‪.‬‬
‫إن في كالم ابن جني السابق إشارة إلى البنية العميقة التي تقدر رغم وجود الحذف في‬
‫البنية السطحية‪.‬‬
‫والمحذوفات كثيرة عند العرب وأمثمتيا غزيرة في كتب النحو العربي‪ ،‬ومن أمثمتيا‪:‬‬
‫حذف المبتدأ والخبر‪.‬‬

‫(‪ )7‬عجذهللا جبد اٌىرٌُ‪ ،‬اٌذرش إٌذ‪ٛ‬ي‪ ،‬ص‪.557‬‬


‫(‪ )5‬اٌىزبة‪.731/7 :‬‬
‫(‪ )3‬إٌّظف‪.311/7 :‬‬
‫(‪ )1‬اٌخظبئض‪.13/5 :‬‬

‫‪711‬‬ ‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬


‫نظرية النحو التحويلي عند تشومسكي‬
‫مضمرا‪ ،‬ويكون المبني عميو‬
‫ً‬ ‫يقول سيبويو عن حذف المبتدأ‪" :‬ىذا باب يكون المبتدأ فيو‬
‫مظيرا‪ ،‬وذلك أنك رأيت صورة شخص فصار آية لك عمى معرفة الشخص‪ ،‬فقمت‪ :‬عبداهلل‬ ‫ً‬
‫ربي‪ ،‬كأنك قمت‪ ... :‬ىذا عبداهلل‪.)ٔ( "...‬‬
‫(ٕ)‬
‫ففي جواب االستفيام في قولنا‪( :‬من عندكم؟) تقول‪:‬‬ ‫أما حذف الخبر "فمعروف جيد"‬
‫محمد‪ ،‬وىو ما يقصده التحويميون الجدد‪ ( :‬أ‪+‬ب‪+‬ب)" (ٖ)‪.‬‬
‫أيضا حذف المفعول‪ ،‬وحذف المضاف‪.‬‬
‫ومن أمثمتو ً‬
‫‪ -3‬قضية األصمية والفرعية‪:‬‬
‫تمك القضية من أىم القضايا التي شغل بيا النحو العربي‪ ،‬فتقرر عند النحاة ‪ :‬أن الفكرة‬
‫أصل‪ ،‬والمعرفة فرع‪ ،‬وأن المفرد أصل لمجمع‪ ،‬وأن المذكر أصل لممؤنث(ٗ)‪.‬‬
‫ووضعوا ليذه القضية الضوابط‪ ،‬ومنيا قوليم‪ :‬الفرع البد ـن يكون فيو األصل‪ ،‬وقد‬
‫يستعمل الفرع وان لم يستعمل األصل‪ ،‬ثم ال يخرج األصمبذلك عن كونو أصالً وال الفرع‬
‫عن كونو فرًعا"(٘)‪.‬‬
‫يقول سيبويو‪" :‬وانما كان المؤنث بيذه المنزلة‪ ،‬ولم يكن كالمذكر‪ ،‬ألن األشياء كميا أصميا‬
‫تمكنا‪،‬‬
‫التذكير‪ ،‬ثم تختص بعد‪ ،‬فكل مؤنث شيء‪ ،‬والشيء يذكر‪،‬فالتذكير أول وىو أشد ً‬
‫تمكنا من المعرفة‪ ،‬ألن األشياء ّإنما تكون نكرة‪ ،‬ثم تعرف‪.)ٙ( "...‬‬
‫كما أن الفكرة أشد ً‬
‫والمذكر والنكرة كالىما بال عالمة‪ ،‬بينما المؤنث والمعرفة ليما عالمة‪،‬لذا كان األول‬
‫منيماأصل والثاني فرع‪.‬‬
‫ويمتقي ىذا الفكر والتصنيف مع المنيج التحويمي الذي يستند عمى قضيةاألصمية والفرعية‬
‫في فيم البنية العميقة وتحوليا إلى بنيةسطحية‪ ،‬ومن امثمة ذلك عندىم بحثيم لأللفاظ ذات‬

‫(‪ )7‬اٌىزبة‪.511/7 :‬‬


‫(‪ِ )5‬ذّذ ثٓ ٌسٌذ اٌّجرد‪ ،‬اٌّمزضت‪.17/5 :‬‬
‫(‪ )3‬عجذهللا جبد اٌىرٌُ‪ ،‬اٌذرش إٌذ‪ٛ‬ي‪ ،‬ص‪.553‬‬
‫(‪ )1‬عجذهللا جبد اٌىرٌُ‪ ،‬اٌذرش إٌذ‪ٛ‬ي‪ ،‬ص‪.711‬‬
‫(‪ )5‬اثٓ األٔجبري‪ ،‬اإلٔظبف فً ِطبئً اٌخالف‪.531/7 :‬‬
‫(‪ )6‬اٌىزبة‪.751/7 :‬‬

‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬ ‫‪711‬‬


‫د‪ /‬أماني عبد العزيز الداود‬
‫العالمة (‪ )Marked‬وتمك التي بال عالمة (‪ )Unmarked‬وقررواأناأللفاظ غير المعممة‬
‫تجردا‪ ،‬ومن ثم اقرب إلى البنية العميقة(ٔ)‪.‬‬
‫ىي األصل وىي أكثر استعماالً وأكثر ً‬
‫غالبا ‪،‬وتتردد‬
‫فاألصمعند التحويميين ىو البنية العميقة‪ ،‬والفرع ىو البنية السطحية‪ ،‬وىذا ً‬
‫كثير من المصطمحات في كالم النحاة‪ ،‬مثل‪:‬أصمو كذا وقياسو كذا أو ىو عمى تقدير كذا‪،‬‬
‫فكل ذلك ما ىو إالّ رجوع إلى األصل أو البنيةاألساسية ‪ ،‬وىو ما يبحث فيو‬
‫النحاةالتوليديون الجدد ‪ ،‬وأتباعيم في مشارق األرض ومغاربيا‪.‬‬
‫‪ -4‬قضية العامل‪:‬‬
‫تعد نظرية العامل من أقوىاألسس التي سيطرت عمى تفكير النحاة‪ ،‬وحددت مناىجيم في‬
‫تناول الظواىر المغوية‪ ،‬ويمتقي فكر النحاة ‪ ،‬وما انبثق من دراسة عن ىذا الفكر مع المنيج‬
‫التحويمي في نقاط منيا ما يمي‪:‬‬
‫أن مصطمح العامل انبثق عند النحاة من خالل تفسيرىمموجود الترابط في الحدوث‬ ‫ٔ‪-‬‬
‫بين العالمات اإلعرابيةبمبدأ فمسفي يقوم عمى أساس من التأثير والتأثر بين‬
‫شيئين‪،‬وانبثاق األثر بينيما كنتيجةلمتأثير والتأثر"(ٕ)‪.‬‬
‫والنحو عند التحويميين منصرف إلى دراسةالبنية العميقة التي تقتضي فيم العالقات ال‬
‫باعتبارىا وظائف عمى المستوى التركيبي‪ ،‬ولكن باعتبارىا عالقات لمتأثير والتأثر في‬
‫التصورات العميقة‪.‬‬
‫يقول عبده الراجحي في ىذا الصدد‪" :‬والحقأن قضية العامل في أساسيا صحيحة في‬
‫كثير عن الصورة‬
‫التحميل المغوي‪ ،‬وقد عادت اآلن فيالمنيج التحويمي عمى صورةال تبتعد ًا‬
‫التي جاءت في النحو العربي"(ٖ)‪.‬‬
‫كما أن التحميل النحوي عند التحويميين يتجو إلى تصنيف العناصر النظمية وفقًا لوقوعيا‬
‫ابتداء‪.‬‬
‫ً‬ ‫تحت تاثير عوامل معينو‪ ،‬ينبغي عمى الدارس أن يعرفيا‬

‫(‪ )7‬عجذٖ اٌراجذً‪ ،‬إٌذ‪ ٛ‬اٌعرثً ‪ٚ‬اٌذرش اٌذذٌث‪ ،‬ص‪.711‬‬


‫(‪ )5‬عجذاٌ‪ٙ‬بدي اٌفضًٍ‪ ،‬دراضبد فً اإلعراة‪ ،‬ص‪.57‬‬
‫(‪ )3‬إٌذ‪ ٛ‬اٌعرثً ‪ٚ‬اٌذرش اٌذذٌث‪ ،‬ص‪.711‬‬

‫‪711‬‬ ‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬


‫نظرية النحو التحويلي عند تشومسكي‬
‫التقدير‪ ،‬حيث يعد وجود التقدير من أىم آثار ىذه النظرية وقد القت قضية التقدير‬ ‫ٕ‪-‬‬
‫ومؤكدا في التحميل‬
‫ً‬ ‫مقرر‬
‫ًا‬ ‫شيئا‬
‫نقدا عنيفًا من الوصفيين ‪ ،‬ثم عادت اآلن لتكون ً‬
‫ً‬
‫النحوي عند التحويميين‪ ،‬إذ يرون أن ىناك قواعد نظميةكمية‪ ،‬يمكن أن تفيم عمى‬
‫ضوئيا الظواىر المشتركة في المغات‪ ،‬ومنيا ظواىر الحذف‪ ،‬والزيادة ‪،‬وتغيير‬
‫الترتيب(ٔ)‪.‬‬
‫إذن العامل ىو محاولة تفسيرية لوجود اإلعراب وحدوث التغييرات ‪ ،‬وتقديم تفسير‬
‫لتحول الجمل وتغييرىا‪ ،‬وىذا ما تميز بو النحو العربي‪ ،‬وافتقده النحو الوصفي‪ ،‬ثم‬
‫عاد المنيج التحويمي ليستند عميو كأساس في التحميل المغوي‪.‬‬
‫ومن ىنا نرى أن النحو العربي جمع بين االىتمام باالستعمال المغوي‪ ،‬وتقديم العمل‬
‫والتفسيرات التي تكشف عن ما وراء االستعمال من قواعد وأسس‪ ،‬فمم يكن كالنحو‬
‫الوصفي يكتفيبوصف االستعمال المغوي دون محاولة تعميمو‪.‬‬
‫‪ -5‬يبدأتشومسكي تحميمو بالجممة كأساس في عممية التحويل‪ ،‬ويعرج منيا إلى‬
‫المعاني من جية‪ ،‬ثم إلى األصوات من جيةأخرى‪.‬‬
‫وىذا االتجاه يتفق واتجاه النحويين المسممين لمدرس النحوي الذي تأصل عند‬
‫سيبويو‪ ،‬ومن جاء بعده في التحميل المغوي الذي يبدأ أعمى مستوى الجممة‪ ،‬فالكممة‬
‫ثم األصوات(ٕ)‪.‬‬
‫‪ -6‬الترتيب‪:‬‬
‫"يعد الترتيب من أبرز عناصر التحويل وىو من الخصائص الكمية الميمة في‬
‫المغات اإلنسانية ذلك أن لكممغة ترتيبيا الخاص‪ ،‬ولكن الميم ىو معرفة الترتيب في‬
‫البنية العميقةأوال‪ ،‬ثم نبحث عن القوانين التي تحكم تحول ىذا الترتيب إلى‬
‫(ٖ)‬
‫أنماطمختمفة في الكالم الفعمي عمى السطح"‪.‬‬

‫(‪ )7‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.711‬‬


‫(‪ )5‬ورٌُ دطبَ اٌذٌٓ‪ ،‬أط‪ٛ‬ي رراثٍخ فً عٍُ اٌٍغخ‪ ،‬ص‪.61‬‬
‫(‪ )3‬عجذٖ اٌراجذً‪ ،‬إٌذ‪ ٛ‬اٌعرثً ‪ٚ‬اٌذرش اٌذذٌث‪ ،‬ص‪.751‬‬

‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬ ‫‪717‬‬


‫د‪ /‬أماني عبد العزيز الداود‬
‫وقد ُعني العرب القدماء بيذا العنصر عناية بالغة‪،‬فبحثوا قضية التقديم والتأخير وتأثيرىا‬
‫عمى داللة الجممة‪ ،‬واألحكام المترتبة عمى ذلك‪.‬‬
‫وقد أشار سيبويو إلى أىمية التقديم والتأخير وأثره عمى المعنى‪ ،‬يقول‪":‬فإن قدمت‬
‫يدا عبداهلل‪،‬‬
‫المفعول‪ ،‬وأخرت الفاعل‪،‬جرى المفظ كماجرى في األول‪ ،‬وذلك قولك‪ :‬ضرب ز ً‬
‫مقدما‪ ،‬ولم ترد أن تشغل الفعل بأول منو‪ ،‬وان كان‬
‫ً‬ ‫مؤخر ما أردت بو‬
‫ًا‬ ‫ألنكإنماأردت بو‬
‫ّ‬
‫جميعا ييمانيم ويعنيانيم"(ٔ)‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّإنما يقدمون الذي بيانو أىم ليم‪ ،‬وىم ببيانو أعنىو‘ن كان‬
‫ويربط الجرجاني بين الترتيب والمعنى‪،‬فيقول‪:‬إن الكممات تقتفي في نظميا آثار المعاني‪،‬‬
‫وترتيبيا عمى حسب ترتيب المعاني في النفس"(ٕ)‪.‬‬
‫وفيما سبق داللة واضحة عمى أن التقديم والتأخير عند عممائنا "كان يحدث ألمر يتعمق‬
‫بالبنية الداخمية المرتبطة بالمعنى في ذىن المتكمم"(ٖ)‪.‬‬
‫‪ -7‬العناية بالمعنى‪:‬‬
‫اتضح مما سبق أن ال منيج التحويمي يعنى بجانب المعنى‪ ،‬ويركز عمى العالقات‬
‫القائمة بين األلفاظ في التراكيب النحوية‪ ،‬ويتجو إلى تحميميا‪.‬‬
‫وقد كان ىذا األمر من األسباب التي دعت إلى االستعانة بالمنيج التحويمي في إعادة‬
‫تبويب النحو وتدريسو‪ ،‬ومن النقد الذي وجو إلى النحو العربي أنو نحو ييتم بالشكل أكثر‬
‫عددا من المصطمحات التي أخذت‬
‫من المضمون‪ ،‬يقول عمايرة‪" :‬وضع النحاة القدماء ً‬
‫تمثل أبو ًابانحوية‪ ،‬وقد كان ىدفيم من ىذه األبواب والمصطمحات وصف أساليبالمغة وما‬
‫ٍ‬
‫معان‪ ،‬ولكنيا انحرفت فيما بعد إلى جزء واحد ممااىتم بو النحاة‬ ‫تضمنتو ىذه األساليب من‬
‫وىو الحركةاإلعرابية‪ ،‬وتفنن النحاة في إعطاء المبررات ليذه الحركة‪،‬فوضعوانظرية‬
‫العامل‪ ...‬فكان اىتمام النحاةبالمصطمح النحوي تبرير الحركةأكثر من اىتماميم بالمعنى‪،‬‬
‫فأصبح ىذا االىتمام عند النحاة المتأخرين ىدفًا يسعون اليو‪ ...‬وربما كان ىذا ىو الذي‬

‫(‪ )7‬اٌىزبة‪.31/7 :‬‬


‫(‪ )5‬دالئً اإلعجبز‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )3‬خًٍٍ عّبٌرح‪ ،‬فً ٔذ‪ ٛ‬اٌٍغخ ‪ٚ‬رراوٍج‪ٙ‬ب‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫‪715‬‬ ‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬


‫نظرية النحو التحويلي عند تشومسكي‬
‫دفع عبد القاىر الج رجاني إلى إعادة النظر في النحو الذي ىو عنده التعميق والنظم‪ ،‬والذي‬
‫يضم عنده كذلك المعنى باإلضافة إلى سالمة المبنى(ٔ)‪.‬‬
‫ونقول إن العرب اعتنوا لدرجو فائقة بالمعنى‪ ،‬وأبمغ ما يدل عمى ذلك قول ابن جني‪":‬إن‬
‫العرب كانت تعنى بألفاظيا فتصمحيا وتيذبيا وتراعييا وتالحظأحكاميا بالشعر‬
‫قدر في نفوسيا"(ٕ)‪.‬‬
‫تارةوبالخطبتارةً أخرى‪ ...‬فإن المعاني عندىا أقوى وأكرم عمييا‪ ،‬وأفخم ًا‬
‫وقد اىتم النحاة بالمعنى‪ ،‬ألن النحو ىو "صناعة عممية يعرف بيا أحال كالم العرب من‬
‫جية ما يصح وما يفسد في التأليف ليعرف الصحيح من الفاسد"(ٖ)‪.‬‬
‫وقد أثّرت العناية بالمعنى في دراسة النحاة لمغة مثل سيبويو‪ ،‬فسيبويو حين حمل "إال"‬
‫عمى معنى لكن‪ ،‬ال لشيء‪ ،‬إالّ لصحة المعنى(ٗ)‪.‬‬
‫لذا كان المعنى وال يزال محور الدراسات النحوية وموضوع عمم التجويد ووحول الجممة‬
‫والمعنى‪ ،‬ألنك تؤدي في الجممة معنى من المعاني التي ال سبيل إلى إفادتيا إالّ بضم كممة‬
‫إلى كممة وبناء لفظة عمى لفظة"(٘)‪.‬‬
‫حتى عناية النحاة بالحركة اإلعرابية كانت من منطمق كونيا دالة عمى المعنى وقرينة‬
‫مؤدية لمكشف عن المعنى وتحديده‪ ،‬لذلك عرف اإلعراب "اإلبانة عن المعاني باختالف‬
‫أواخر الكمم لتعاقب العوامل في أوليا"(‪.)ٙ‬‬
‫كما ربط النحاة العرب بين التركيب ومما يعدلو من تحويل‪ ،‬وبين البنية السطحية وتغيراتيا‪،‬‬
‫(‪)ٚ‬‬
‫ومن ذلك ما رواه ابن األنباري عن الكندي المتفمسف أنو قال لممبرد النحوي‪... :‬‬
‫ومما يؤكد قوة المعاني عمى المباني أن أساليب كثيرة لم تمتزم بقواعد النحاة ولم يجد النحاة‬
‫من وجو لقبول تمك األساليب في نظرىم إالّ بحمميا عمى المعنى‪ ،‬فرد الجمل عمى المعنى‬

‫(‪ )7‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.33‬‬


‫(‪ )5‬اٌخظبئض‪.531/7 :‬‬
‫(‪ )3‬اٌطٍ‪ٛ‬طً‪ ،‬االلزراح فً أط‪ٛ‬ي إٌذ‪ ،ٛ‬ص‪.37‬‬
‫(‪ )1‬اٌىزبة‪.363/7 :‬‬
‫(‪ )5‬اٌجرجبًٔ‪ ،‬دالئً اإلعجبز‪ ،‬ص‪.35‬‬
‫(‪ )6‬اثٓ ٌعٍش‪ ،‬شرح اٌّفظً‪.15/7 :‬‬
‫(‪ )1‬عجذهللا جبد اٌىرٌُ‪ ،‬اٌذرش إٌذ‪ٛ‬ي فً اٌمرْ اٌعشرٌٓ‪ ،‬ص‪.511‬‬

‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬ ‫‪713‬‬


‫د‪ /‬أماني عبد العزيز الداود‬
‫مصطمح يكثر دورانو في قضايا النحو العربي‪ ،‬وتمك األساليب المخالفة لم تمبث أن ثبتت‬
‫أقداميا حتى أصبحت من سنن العرب(ٔ)‪.‬‬
‫ثم إن الحكم عمى األبواب النحوية بأنيا لم تراع جانب المعنى‪ ،‬حكم غير عممي وال يشمل‬
‫كل األبواب النحوية‪ ،‬إذ كثير من تمك األبواب كان ليا عناوين وأسماء مستمدة من‬
‫العالقات القائمة من الكممات في التركيب ومن المعاني الوظيفية مثل باب‪ ،‬المفاعل‪،‬‬
‫المفعول لو‪ ،‬التمييز‪ ،‬الحال‪ ،‬المفعول فيو المفعول ألجمو‪.‬‬
‫كما تقرر عند النحاة أن اإلعراب فرع المعنى‪.‬‬
‫كل ذلك يدل عمى أن قضية المعنى لم تكن بمعزل عن الدرس النحوي‪ ،‬واّنما اعتمد عمييا‬
‫والزمتو في مسيرتو‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬في البالغة العربية‪:‬‬
‫ً‬
‫سيما الجرجاني يجد عنده نظرات وآراء تتفق مع‬ ‫إن الناظر إلى جيود البالغيين ال ّ‬
‫معطيات عمم دراسة التراكيب‪ ،‬وتقترب مع المنيج التحويمي اقترًابا ممحوظًا‪.‬‬
‫عمميا يتمثّل في‬
‫ً‬ ‫إنجاز‬
‫ًا‬ ‫قدم‬
‫وقد أشار بعض الباحثين إلى أن عبدالقاىر الجرجاني ّ‬
‫نظرية "النظم" التي تؤكد عمى دور قواعد النحو في تحويل وتوليد ما ال نياية لو من‬
‫التراكيب(ٕ)‪.‬‬
‫يستعمل عبد القاىر مصطمحي النظم والتعميق ليشير إلى العالقة التي تربط بين‬
‫شيئا غير توخي‬
‫أجزاء التركيب وتفي بمقصد المتكمم وتبرز المعاني‪ ،‬يقول‪" :‬إن النظم ليس ً‬
‫معاني النحو فيما بين الكمم‪ ،‬وأنك ترتب المعاني أوالً في نفسك‪ ،‬ثم تحذو عمى ترتيبيا‬
‫(ٖ)‬
‫عمما ال يعترضو شك‪ ،‬أن ال نظم في‬
‫األلفاظ في نطقك" ويقول في موضع آخر‪":‬عممت ً‬
‫الكمم وال ترتيب‪ ،‬حتى ُيعمّق بعضيا‪ ،‬ويبنى بعضيا عمى بعض‪ ،‬وتجعل ىذه بسبب تمك‪..‬‬
‫واذا كان كذلك فبتنا ننظر إلى التعميق فييا والبناء‪ ،‬ما محصولو‪ ..‬محصولو أن تعمد إلى‬
‫خبر عن اآلخر‪..‬‬
‫اسم فتجعمو فاعالً لفعل أو مفعوالً‪ ،‬أو تعمد إلى اسمين فتجعل أحدىما ًا‬

‫(‪ )7‬عجذهللا جبد اٌىرٌُ‪ ،‬اٌذرش إٌذ‪ٛ‬ي ص‪.515‬‬


‫(‪ٌٕ ) 5‬ظر‪ :‬أط‪ٛ‬ي ررارجٍخ فً عٍُ اٌٍغخ ٌىرٌُ دطبَ اٌذٌٓ‪ٚ ،‬عٍُ اٌٍغخ ٌّذّ‪ٛ‬د ف‪ ًّٙ‬دجبزي‪.‬‬
‫(‪ )3‬دالئً اإلعجبز‪ ،‬ص‪.331‬‬

‫‪711‬‬ ‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬


‫نظرية النحو التحويلي عند تشومسكي‬
‫استفياما فتدخل عميو الحروف‬
‫ً‬ ‫نفيا أو‬
‫أو تتوخى في كالم ىو اإلثبات معنى أن يصير ً‬
‫الموضوعة لذلك"(ٔ)‪.‬‬
‫وتعتمد نظرية النظم عند عبدالقاىر عمى نفس األساس الذي اعتمد عميو نظرية‬
‫تشومسكي في التحويل والتوليد‪ ،‬فالنظم عند عبدالقاىر يتوقف عمى معاني النحو "فاعمم أن‬
‫مدار النظم عمى معاني النحو" وعمى الوج وه والفروق التي من شأنيا أن تكون فيو‪ ،‬فاعمم‬
‫أن الفروق والوجوه كثيرة ليس ليا غاية تقف عندىا واعمم أن المزية ليست بواجبة ليا في‬
‫نفسيا‪ ،‬ولكن تعرض بسبب المعاني واألغراض التي يوضع ليا الكالم‪ ،‬ثم يحسب موقع‬
‫بعضيا من بعض"(ٕ)‪.‬‬
‫ومفيوم النحو عند تشومسكي ال يعني قواعد الصحة والخطأ ‪ ،‬وانما ىي قواعد‬
‫لغوية تمكننا من عمميات التحويل والتوليد‪ ،‬كما نجد مفيوم النحو عند عبدالقاىر يتجاوز‬
‫قواعد الصح والخطأ وقواعد اإلعراب إلى "المعاني النحوية" وىو بذلك يعطي مصطمح‬
‫النحو عناية بالمعنى كما فعل تشومسكي(ٖ)‪.‬‬
‫كما نص تشومسكي عمى أىمية المعنى ودوره في تشكيل التراكيب ألن التحميل‬
‫المغوي الذي ييمل المعنى يكون مثل وصف تركيب السفن دون أن نشير إلى البحر عمى‬
‫حد تعبيره‪ ،‬فالمعنى جزء متمم لمنحو في عممية التحميل(ٗ)‪.‬‬
‫والمتأمل لنصوص عبدالقاىر السابقة الواردة في كتابو دالئل اإلعجاز واألبواب التي‬
‫عقدىا وأ سسيا يجد أن عبدالقاىر يرى أن النظم ىو توخي معاني النحو التي يعقد ليا‬
‫أبواب الكتاب مثل التقديم والتأخير‪ ،‬والحذف واإلضافة‪ ،‬والفصل والوصل‪ ،‬والتعريف‬
‫والتنكير‪.‬‬
‫وىي جزء من عناصر التحويل أو الطاقات التحويمية ‪ ،‬وىي جزء من النحو‪ ،‬وىي‬
‫القواعد التحويمية التي تحدث عنيا تشومسكي‪.‬‬

‫(‪ )7‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.717‬‬


‫(‪ )5‬اٌذالئً‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫(‪ )3‬ورٌُ دطبَ اٌذٌٓ‪ ،‬أط‪ٛ‬ي رراثٍخ فً عٍُ اٌٍغخ‪ ،‬ص‪.553‬‬
‫(‪ )1‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.551‬‬

‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬ ‫‪715‬‬


‫د‪ /‬أماني عبد العزيز الداود‬
‫ومن ذلك حديثو في ىذه التراكيب‪ :‬عبداهلل قائم‪ ،‬إن عبداهلل قائم‪ ،‬إن عبداهلل لقائم‪،‬‬
‫فيعني التركيب األول مجرد اإلخبار عن قيام عبداهلل‪ ،‬ويعني التركيب الثاني الجواب عن‬
‫سؤال السائل‪ ،‬ويعني التركيب الثالث الجواب عن إنكار المنكر"(ٔ)‪.‬‬
‫عمر يوم الجمعة‬
‫كما نجد عبدالقاىر يشير لمبنية السطحية‪":‬واذا قمت ضرب زيد ًا‬
‫تأديبا لو‪ ،‬فإنك تحصل من مجموع ىذه الكمم عمى مفيوم ىو معنى واحد ال‬ ‫شديدا ً‬
‫ً‬ ‫ضرًبا‬
‫ٍ‬
‫معان كما يتوىمو الناس‪ ،‬وذلك ألنك لم تأت بيذه الكمم لتفيد أنفس معانييا‪ ،‬وانما‬ ‫عدة‬
‫جئت بيا لتفيد وجوه التعميق التي بين الفعل الذي ىو ضرب وبين ما عمل فيو واألحكام‬
‫التي ىي محصول التعميق"(ٕ)‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تعريف الممكة المسانية‪:‬‬
‫الممكة في نظر ابن خمدون صفة راسخة في النفس تمكن اإلنسان من القيام‬
‫باألعمال العائدة إلييا‪ ،‬واإلنسان مييأ الكتساب الممكات‪.‬‬
‫أما المغة فيي في نظر ابن خمدون ممكة كالمية أو ممكة في المسان‪ ،‬يقول‪" :‬واعمم‬
‫أن المغات تحميا ممكات شبيية بالصناعة إذ ىي ممكات في المسان"(ٖ)‪ .‬وىذه الممكة‬
‫ممكنا شأن سائر‬
‫ً‬ ‫مر كان تعمميا‬
‫تكتسب‪" :‬إالّ أن المغات لما كانت ممكات كما ّ‬
‫الممكات"(ٗ)‪.‬‬
‫أيضا‪" :‬فالمتكمم من العرب حين كانت ممكة المغة العربية موجودة فييم يسمع‬
‫ويقول ً‬
‫كالم أىل جيمو‪ ،‬وأساليبيم‪ ،‬ومخاطباتيم‪ ،‬وكيفية تعبيرىم عن مقاصدىم‪ ،‬كما يسمح الصبي‬
‫استعمال المفردات في معانييا‪ ،‬فيمقنيا أوالً‪ ،‬ثم يسمع التراكيب بعدىا فيمقنيا كذلك‪ ،‬ثم‬
‫يتجدد في كل لحظة ومن كل متكمم‪ ،‬واستعمالو يتكرر إلى أن يصير‬
‫اليزال سماعيم لذلك ّ‬
‫ذلك ممكو‪ ،‬وصفة راسخة‪ ،‬ويكون كأحدىم"(٘)‪.‬‬

‫(‪ )7‬اٌذالئً‪ ،‬ص‪.515‬‬


‫(‪ )5‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.513‬‬
‫(‪ )3‬اٌّمذِخ‪ ،‬ص‪.7117‬‬
‫(‪ )1‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.7111‬‬
‫(‪ )5‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.7117‬‬

‫‪716‬‬ ‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬


‫نظرية النحو التحويلي عند تشومسكي‬
‫وىنا يظير تشابيًا بين ممكة المسان عند ابن خمدون والنظرية التوليدية التحويمية إذ‬
‫تسمي النظرية القدرة عمى إنتاج الجمل وتفيميا في عممية تكمم المغة بـ "الكفاية المغوية"‬
‫وىذه الكفاية قد انطبع عمييا اإلنسان منذ طفولتو‪ ،‬وخالل مراحل اكتسابو لمغة(ٔ)‪.‬‬
‫قواعد الممكة المسانية‪:‬‬
‫وفي كالمو إشارة ميمة لقواعد الممكة‪ ،‬فيقول فييا‪" :‬وىذه الممكة كما تقدم إنما‬
‫تحصل بممارسة كالم العرب وتكرره عمى السمع والتفطن لخواص تركيبو‪ ،‬وليست تحصل‬
‫بمعرفة القوانين العممية في ذلك التي استنبطيا أىل صناعة البيان‪ ،‬فإن ىذه القوانين ّإنما‬
‫عمما بذلك المسان‪ ،‬وال تفيد حصول الممكة بالفعل في محميا"(ٕ)‪.‬‬
‫تفيد ً‬
‫يشير ابن خمدون إلى قواعد ممكة المسان وأنيا غير القواعد المستنبطة‪ ،‬قواعد الممكة‬
‫ىي التي تتيح لمتكمم المغة صياغة جمل لغتو عمى نحو أصولي‪ ،‬وقضية استنباط قواعد‬
‫ممكة المسان ىي المسألة األساسية في النحو التحويمي التوليدي‪.‬‬
‫مر ما مفاده أن قواعد الكفاية المغوية ىي قواعد عممية تصف عممية التكمم ‪،‬‬ ‫وقد ّ‬
‫تفسر واقع المغة ‪ ،‬وآلية التكمم عند اإلنسان‪ ،‬وىي قائمة في الكفاية المغوية‬
‫وتفسرىا‪ ،‬فيي ّ‬
‫لدى متكمم المغة‪ ،‬وعمى المغوي العمل عمى اكتشافيا واإللمام بيا(ٖ)‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬عند ابن خمدون‬
‫إن القراءة المتأنية لمقدمة ابن خمدون تمك المقدمة التي تستحق لو كتبت بماء‬
‫الذىب‪ ،‬يجد أنيا تكشف عن أصول فكرية لنظرية النحو التحويمي‪ ،‬وفييا جذور عميقة‬
‫ألسس تمك النظرية‪ ،‬إذ تضمنت مقدمتو آراء لغوية متعمقة ومتطورة‪ ،‬تجدر اإلشارة إلييا‪،‬‬
‫ومقارنتيا بآراء تشومسكي‪ ،‬وبيان الصمة بينيما‪.‬‬
‫وذلك أن آراء ابن خمدون في الجانب المغوي ال تقل أىمية عن آرائو في الجانب‬
‫االجتماعي والسياسي‪ ،‬فابن خمدون قد انفرد عن غيره بالنظر إلى المغة عمى أنيا ممكة‬

‫(‪ٍِ )7‬شبي زورٌب‪ ،‬اٌٍّىخ اٌٍطبٍٔخ فً ِمذِخ اثٓ خٍذ‪ ،ْٚ‬ص‪.31‬‬


‫(‪ )5‬اٌّمذِخ‪ ،‬ص‪.7116‬‬
‫(‪ٍِ )3‬شبي زورٌب‪ ،‬اٌٍّّىخ اٌٍطبٍٔخ فً ِمذِخ اثٓ خٍذ‪ ،ْٚ‬ص‪.11‬‬

‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬ ‫‪711‬‬


‫د‪ /‬أماني عبد العزيز الداود‬
‫لسانية‪ ،‬و"مفيوم الممكة المسانية" كما يتوسع فيو ابن خمدون‪ ،‬مفيوم حي معاصر يقارب‬
‫مفيوم الكفاية المغوية الذي يركز اىتمامو عميو األمريكي تشومسكي في نظريتو‪.‬‬
‫وتمتقي آراء ابن خمدون مع نظريةتشومسكي في نقاط من أبرزىا ما يمي‪:‬‬
‫الممكة المسانية‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫يميز ابن خمدون بين الممكة المسانية وصناعة العربية‪ ،‬فممممكة المسانية مفيوم مغاير‬
‫لمفيوم صناعة العربية‪ ،‬كما يقول صراحة‪" :‬ومن ىنا يعمم أن تمك الممكة ىي غير صناعة‬
‫العربية‪ ،‬و أنيامستغنية عنيا بالجممة"(ٔ)‪.‬‬
‫ويقول‪" :‬ذلك أن صناعةالعربية ىي معرفة قوانين ىذه الممكة‪ ،‬ومقاييسيا خاصو‪،‬‬
‫فيو عمم بكيفيو‪ ،‬وليس نفسو الكيفية "(ٕ)‪.‬‬
‫إذنصن اعة العربيةناجحة عن المعرفة بقوانين الممكة المسانية‪ ،‬ومتكمم المغة ينتج‬
‫جمل لغتو بالعودة إلى قوانين الممكةالمسانية‪ ،‬وبالتالي فإن صناعة العربية أو إنتاج الكالم‬
‫(ٖ)‬
‫قائم عمى الممكةالمسانية وااللتزام بقوانينيا‪ ،‬وليس ىو الممكة المسانية‪.‬‬
‫وىذا التمييز بين الممكة المسانية وصناعة العربيةيقارب التميز الذي تركز عميو‬
‫اىتماميا نظريةتشومسكي‪ ،‬والقائم بين الكفاية المغوية واألداء الكالمي‪.‬‬
‫ابعا‪ :‬كتب ألفت في النظرية‪:‬‬
‫رً‬
‫كثير من الباحثين تناول ىذه النظرية‪ ،‬وحاول تطبيقيا عمى المغة‬
‫مر فيما سبق أن ًا‬ ‫ّ‬
‫العربية‪ ،‬فمنيم من رأى أن طريقتيا في التحميل يمكن أن تعين عمى تيسير النحو‪،‬‬
‫وتصنيفو‪ ،‬وفق المعاني التي أىمميا النحويون في تصنيف األبواب النحوية وترتيبيا ‪،‬‬
‫يعا‪:‬‬
‫عرضا سر ً‬
‫ً‬ ‫وسنعرض بعض ىذه الكتب‬
‫ٔ‪ -‬قواعد تحويمية لمغة العربية‪ ،‬لمدكتور محمد عمي الخولي‪ ،‬طبع في عام ٕٓٗٔىـ‪،‬‬
‫وفيو محاولة لوضع قواعد تحويميةالمغة العربية وبالمغة العربية‪ ،‬واشتمل عمى تعريف‬
‫بالنظرية التحويمية وأنماط قوانينيا المختمفة(ٗ)‪.‬‬

‫(‪ )7‬اٌّمذِخ‪ ،‬ص‪.7113‬‬


‫(‪ )5‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.7117‬‬
‫(‪ٍِ )3‬شبي زورٌب‪ ،‬اٌٍّّىخ اٌٍطبٍٔخ فً ِمذِخ اثٓ خٍذ‪ ،ْٚ‬ص‪.51‬‬
‫(‪ )1‬ل‪ٛ‬اعذ رذ‪ٌٍٍٛ‬خ‪ ،‬ص‪.571‬‬

‫‪711‬‬ ‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬


‫نظرية النحو التحويلي عند تشومسكي‬
‫شيئا من الصعوبة والتعقيد‪ ،‬كما أنو أشار في آخر كتابو‬
‫و ترى الباحثة في تطبيقاتو ً‬
‫تفسر جميع جمل‬
‫إلى أن ىذه القواعد التي أوردىا ليست شاممةجامعة‪،‬بمعنى أنيا ال ّ‬
‫المغة العربية‪ ،‬كما أنيا قابمة لمتعديل ولمزيد من االقتراحات‪.‬‬
‫نوه إلى "أن ىذه القواعد التحويمية ليست بديالً عن القواعد التقميدية‪ ،‬أو أفضل‬
‫كما ّ‬
‫معا"(ٔ)‪.‬‬
‫منيا‪ ،‬إذ إن لكل منيما مزاياه‪ ،‬ومن الممكن االستفادة منيما ً‬
‫أما عن إدخاليا مجال التدريس فيقول‪" :‬و عن ادخال القواعد التحويمية لمغة العربية‬
‫إلى قاعات الدرس بالمرحمة الثانوية ينبغي أن يكون ذلك عمي نطاق ضيق‪،‬‬
‫وبجرعات محدودة مناسبة ‪،‬ولسنا نعني بإدخال القواعد التحويمية لمغة العربية إلى‬
‫قاعات الدرس إحالل القواعد التحويمية محل القواعد التقميدية‪ ،‬وىو كل ما نعنيو ىو‬
‫أن تواكب كل منيما اآلخر‪ ،‬فميست القواعد التحويمية بديال عن القواعد التقميدية‬
‫وانما ىي مكممة ليا"(ٕ)‪.‬‬
‫و ىذا الكتاب رقم انو نشر منذ عام ٕٓٗٔىـإالّ انو لم يحدث اي صدى‪،‬ولم يؤتي‬
‫ولعل ىذا دليالً عمى عدم‬
‫ّ‬ ‫حيز التنفيذ‪،‬والتدريس‪،‬‬
‫المرجوة‪ ،‬ولم تدخل تطبيقاتو ّ‬
‫ّ‬ ‫ثماره‬
‫كفايتيا‪.‬‬
‫الخاتمة‬
‫انتيى ىذا البحث عن نتائج عامو وأخرى خاصو يمكن أن نوجزىا فيما يمي‪:‬‬
‫إن ىذه نظرية حققت ما حققتو من ذيوع ونجاح وشيرة ألنيا منحت الدرس المغوي‬ ‫ٔ‪-‬‬
‫منيجا في دراسةالمغة يعتمد عمى التحميل‪ ،‬ويقوم عمى العقل‪ ،‬وييتم بالمعنى‬
‫ً‬ ‫الغربي‬
‫فوجد فيو عمماء المغةالغربيون بغيتيم‪ ،‬وحمت مشكالت كانت عندىم‪ ،‬أما الدرس‬
‫العربي فمم تكن الحاجو فييماسة لتمك النظرية‪ ،‬ألن مناىجو لم تكن تخمو مما قامت‬
‫عميو النظرية واألسس‪.‬‬

‫(‪ )7‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.571‬‬


‫(‪ )5‬اٌطبثك‪ ،‬ص‪.575‬‬

‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬ ‫‪711‬‬


‫د‪ /‬أماني عبد العزيز الداود‬
‫تخل من‬
‫أن ىذه النظريةرغم نجاحيا ‪ ،‬وكثرة المشيدين بيا‪ ،‬والمتبعين ليا‪ ،‬لم ُ‬ ‫ٕ‪-‬‬
‫العيوب العممية‪ ،‬خاصو تمك التي ال تتفق مع طبيعةالمغة العربية‪ ،‬كمساواتيا بين‬
‫الفصحى والعامية‪ ،‬وعدم اىتماميا بالصواب والخطأ‪.‬‬
‫أ ّكد البحث عمى وجود أصولنظرية‪ ،‬واخرى تطبيقية لمنحو التحويمي في الدرس‬ ‫ٖ‪-‬‬
‫العربي‪ ،‬ظير ذلك من خالل نصوص العمماء‪ ،‬ودراساتيم العممية لمغة‪.‬‬
‫جديدا‪ ،‬واّنما‬
‫ً‬ ‫بدعا‬
‫أ ّكد البحث عمى أن قواعد التحويل التي قدمتيا النظريةلم تكن ً‬ ‫ٗ‪-‬‬
‫توفرت في المغة والدرس النحوي‪ ،‬وفطن ليا النحاة المتقدمون ‪ ،‬وتنبيوا ألثرىا‪.‬‬
‫مر – جانبين‪ ،‬أحدىما‪ :‬نظري‪ ،‬واآلخر‪ :‬تطبيقي‪ ،‬وفي‬‫تتضمن ىذه النظرية كما ّ‬ ‫٘‪-‬‬
‫الجانب النظري تضمنتأصوالً فكرية وتصورات عقمية‪ ،‬مثل‪ :‬المقدرة المغوية عند‬
‫االنسان‪ ،‬والبنية العميقة‪ ،‬والسطحية‪ ،‬وان كانا يعزى الييا شيء جديد فيو تقديم‬
‫مر أن تقدير المحذوف‬
‫تسميات ومصطمحات ألمور كانت معروفو عند النحاة‪ ،‬فقد ّ‬
‫ما ىو إالّ تصور لمبنية العميقة‪.‬‬
‫أبرزت الدراسة مكانة الجرجاني في ميدان النحو التحويمي التوليدي‪ ،‬وأظيرت أن‬ ‫‪-ٙ‬‬
‫عمميا في مجال النحو التحويمي‪ ،‬ألن دراستو‬‫ً‬ ‫انجاز‬
‫ًا‬ ‫دراستو البالغية كانت تمثل‬
‫البالغيةاشتممت عمى الفكرة الجوىرية لمنحو التحويمي وىي العنايةبالعالقات القائمة‬
‫بين الكممات في التركيب‪ ،‬وىو عينو النظم عند الجرجاني‪.‬‬
‫ظير من خالل البحث أن النحو العربي جمع بين االىتمام باالستعمال المغوي‪،‬‬ ‫‪-ٚ‬‬
‫واالىتمام بتقديم العمل والتفسيرات الخفية التي تكشف ما وراء االستعمال من قواعد‬
‫وأسس فمم يكن كالنحو الوصفي يكتفي بوصف االستعمال المغوي دون محاولة‬
‫تعميمو‪.‬‬
‫ال عن نظرية‬
‫ظير من خالل البحث أن ىذه النظرية ال تصمح أن تكون بدي ً‬ ‫‪-ٛ‬‬
‫العامل‪ ،‬ألن ىذه النظرية لم ترق إلى نظرية العامل من حيث السيولة‪ ،‬والشمول‪.‬‬
‫اظير البحث أن الحاجة ال تدعو إلى إصالح قواعد النحو ومناىجو‪ ،‬ألنيا أنسب‬ ‫‪-ٜ‬‬
‫المناىج لدراسةالمغة‪ ،‬وأدل أمر عمى صالحية قواعد النحو ومناىجو أن ىذه القواعد‬

‫‪711‬‬ ‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬


‫نظرية النحو التحويلي عند تشومسكي‬
‫صانت المغة العربية من التبديل والتحريف‪ ،‬واقامت ألسنة الناطقين بيا عمى سننيا‪،‬‬
‫فأصبحت بذلك ظاىرة فذة ال يشبييا شيء من لغات العالم‪.‬‬
‫أشار الباحث إلى أن الكتب التي طبقت النظرية لم تؤت ثمارىا المرجوة‪ ،‬ولم تقدم‬ ‫ٓٔ‪-‬‬
‫بديال عن الدراسةالتقميدية‪ ،‬وانيا ال تعدو أن تكون محاوالت لم يقيض ليا االكتمال‬
‫ً‬
‫أتباعا‪.‬‬
‫ولم تجد صدى و ً‬
‫قائمة المصادر والمراجع ‪:‬‬
‫‪-7‬اثٓ األٔجبري‪ ،‬أث‪ ٛ‬اٌجروبد عجذ اٌردّٓ ثٓ ِذّذ ( ‪٘511‬ـ) ‪،‬اإلٔظبف فً ِطبئً‬
‫اٌخالف(‪ ،) َ7167‬رذمٍك ِذّذ ِذً اٌذٌٓ عجذ اٌذٍّذ‪ ،‬ط‪( 1‬اٌمب٘رح‪ِ :‬طجعخ اٌطعبدح)‪.‬‬
‫‪-5‬رش‪ِٛ‬ىً‪ٔ ،‬ع‪ ، َٛ‬ج‪ٛ‬أت ِٓ ٔظرٌخ إٌذ‪ ،ٛ‬ررجّخ – د‪ِ .‬ررضى ج‪ٛ‬اد ثبلر –ِذٌرٌخ‬
‫ِطجعخ اٌجبِعخ – جبِعخ اٌّ‪ٛ‬طً – ‪.َ7115‬‬
‫‪-3‬اٌجرجبًٔ ‪ ،‬عجذ اٌمب٘ر ثٓ عجذ اٌردّٓ ‪ ،‬دالئً اإلعجبز ‪،‬رذمٍك ‪ِ :‬ذّ‪ٛ‬د شبور(ِىزجخ‬
‫اٌخبٔجً‪ِ ،‬طجعخ اٌّذًٔ )‬
‫‪-1‬جبد اٌىرٌُ‪ ،‬عجذهللا ‪ ،‬اٌذرش إٌذ‪ٛ‬ي فً اٌمرْ اٌعشرٌٓ ‪(،‬اٌمب٘رح‪ِ :‬ىزجخ‬
‫اَداة )‪.َ5111‬‬
‫اثٓ جًٕ ‪ ،‬أث‪ ٛ‬اٌفزخ عثّبْ(‪٘315‬ـ)‬
‫‪-5‬اٌخظبئض‪ ،‬رذمٍك‪ِ :‬ذّذ إٌجبر‪.‬‬
‫‪-6‬إٌّظف‪ ،‬رذمٍك‪ :‬إثراٍُ٘ ِظطفى ‪ٚ‬عجذ هللا أٍِٓ (ِظر‪ِ :‬طجعخ ِظطفى اٌجبثً‬
‫اٌذٍجً‪. )َ7151 ،‬‬
‫‪-1‬اٌسجبجً ‪ ،‬أث‪ ٛ‬اٌمبضُ عجذ اٌردّٓ ثٓ إضذبق( ‪٘331‬ـ) ‪،‬اإلٌضبح فً عًٍ إٌذ‪،ٛ‬‬
‫رذمٍك‪ِ :‬بزْ اٌّجبرن‪ ،‬ط‪( ،3‬ثٍر‪ٚ‬د‪ :‬دار إٌفبئص‪. )َ7111 ،‬‬
‫دجبزي ‪ِ ،‬ذّ‪ٛ‬د ف‪ًّٙ‬‬
‫‪-1‬اٌجذث اٌٍغ‪ٛ‬ي ‪(،‬اٌمب٘رح ‪ِ :‬ىزجخ غرٌت)‬
‫‪ِ-71‬ذخً إٌى عٍُ اٌٍغخ ‪،‬ط‪( 5‬دار اٌثمبفخ ٌٍٕشر ‪ٚ‬اٌز‪ٛ‬زٌع ) ‪.َ7111‬‬
‫‪-77‬دطبَ اٌذٌٓ‪ ،‬ورٌُ أط‪ٛ‬ي رراثٍخ فً عٍُ اٌٍغخ ‪ِ(،‬ظر‪ِ:‬ىزجخ االٔجٍ‪ ٛ‬اٌّظرٌخ) ط‪،5‬‬
‫‪َ7115‬‬
‫‪-75‬دطٍٓ‪ِ ،‬ذّذ ِذّذ (‪ِ ، )َ7111‬مبالد فً اٌٍغخ ‪ٚ‬األدة‪ (،‬ثٍر‪ٚ‬د ‪ِ :‬ؤضطخ‬
‫اٌرضبٌخ ) ‪.‬‬
‫‪-73‬اٌخ‪ِ ، ًٌٛ‬ذّذ عًٍ ‪ ،‬ل‪ٛ‬اعذ رذ‪ٌٍٍٛ‬خ ٌٍغخ اٌعرثٍخ‪( ، ،‬اٌرٌبع ‪:‬دار اٌّرٌخ )‬
‫‪.َ7117‬‬
‫‪-71‬اٌراجذً‪ ،‬عجذٖ ‪ ،‬إٌذ‪ ٛ‬اٌعرثً ‪ٚ‬اٌذرش اٌذذٌث ‪(،‬ثٍر‪ٚ‬د ‪:‬دار إٌ‪ٙ‬ضخ‬
‫اٌعرثٍخ)‪.َ7116‬‬
‫‪-75‬زورٌب‪ٍِ ،‬شبي ‪ ،‬اٌٍّّىخ اٌٍطبٍٔخ فً ِمذِخ اثٓ خٍذ‪ (، ْٚ‬ثٍر‪ٚ‬د‪ :‬اٌّؤضطخ اٌجبِعٍخ‬
‫ٌٍذراضبد ‪ٚ‬إٌشر ‪ٚ‬اٌز‪ٛ‬زٌع )‪.َ7116‬‬

‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬ ‫‪717‬‬


‫د‪ /‬أماني عبد العزيز الداود‬
‫‪-76‬ضٍج‪ ،ٌٗٛ‬أث‪ ٛ‬ثشر عّر‪ ٚ‬ثٓ عثّبْ ثٓ لٕجر(‪٘711‬ـ)‪ ، :‬اٌىزبة‪ ،‬رذمٍك عجذ اٌطالَ‬
‫٘بر‪( ،ْٚ‬ثٍر‪ٚ‬د‪ :‬دار اٌجًٍ ‪.)َ7117،‬‬
‫‪ -71‬اٌطٍ‪ٛ‬طً ‪ ،‬جالي اٌذٌٓ عجذاٌردّٓ (‪٘177‬ـ) ‪ ،‬االلزراح فً عٍُ أط‪ٛ‬ي إٌذ‪،ٛ‬‬
‫رذمٍك‪ِ :‬ذّذ ِذطٓ اٌشبفعً‪( ،‬ثٍر‪ٚ‬د‪ :‬دار اٌىزت اٌعٍٍّخ‪. )َ7111 ،‬‬
‫‪ -71‬عجذ اٌردّٓ‪ِّ ،‬ذ‪ٚ‬ح ‪ ،‬أط‪ٛ‬ي اٌزذ‪ ًٌٛ‬فً ٔذ‪ ٛ‬اٌعرثٍخ ‪ِ (،‬ىزجخ اٌٍّه ف‪ٙ‬ذ اٌ‪ٛ‬طٍٕخ)‬
‫‪.َ7111‬‬
‫‪-71‬عّبٌرح‪ ،‬خًٍٍ أدّذ ‪ ،‬فً ٔذ‪ ٛ‬اٌٍغخ ‪ٚ‬رراوٍج‪ٙ‬ب ِٕ‪ٙ‬ج ‪ٚ‬رطجٍك ‪(،‬جذح ‪ :‬عبٌُ‬
‫اٌّعرفخ)‪.َ7111‬‬
‫‪-51‬اٌعبٌذ‪ ،‬ضٍٍّبْ ‪ ،‬أضص عٍُ اٌٍغخ اٌعبَ ‪ٚ‬رطجٍمبر‪ٙ‬ب عٍى اٌٍغخ اٌعرثٍخ ‪ِ -‬ذبضرح أٌمٍذ‬
‫ثٕبدي ِىخ اٌثمبفً فً ٌ‪ َٛ‬اٌثالثبء ‪٘ 7153 / 5 / 51‬ـ ‪.‬‬
‫‪-57‬اٌفضًٍ ‪ ،‬عجذاٌ‪ٙ‬بدي ‪ ،‬دراضبد فً اإلعراة‪ِ( ،‬ىزجخ ر‪ٙ‬بِخ )‪.َ7111‬‬
‫‪ٌٍٔٛ-55‬س‪ ،‬ج‪ٔ ، ٌٓٛ‬ظرٌخ رش‪ِٛ‬طىً اٌٍغ‪ٌٛ‬خ ‪ ،‬ررجّخ ‪ :‬دًٍّ خًٍٍ‪ِ ( ،‬ظر ‪:‬دار‬
‫اٌّعرفخ اٌجبِعٍخ) ‪.َ7115‬‬
‫‪-53‬اٌّجرد‪ ،‬أث‪ ٛ‬اٌعجبش ِذّذ ثٓ ٌسٌذ (‪٘515‬ـ) ‪ ،‬اٌّمزضت ‪ ،‬رذمٍك‪ِ :‬ذّذ عجذ اٌخبٌك‬
‫عضٍّخ (اٌمب٘رح‪ :‬اٌّجٍص األعٍى ٌٍشئ‪ ْٛ‬اإلضالٍِخ) ‪.َ7165‬‬
‫‪-51‬اثٓ ٌعٍش‪ِٛ ،‬فك اٌذٌٓ ٌعٍش ثٓ عًٍ (‪٘613‬ـ)‪ ،‬شرح اٌّفظً ‪ ( ،‬ثٍر‪ٚ‬د‪:‬عبٌُ‬
‫اٌىزت)‬

‫‪715‬‬ ‫مجمة بحوث كمية اآلداب‬

You might also like