Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 76

‫**واقع عمالة األطفال في الجزائر**‬

‫زرنيــــــــــــــــــــــــــز سلمــــــــــــــــــــى‬

‫جامعة باجي مختار – عنابة ‪ -‬الجزائر‬

‫قسم علم االجتماع ‪ -‬تخصص علم اجتماع الصحة‬

‫‪E-mail: zernizselma@gmail.com‬‬

‫‪Phone Number: 07.97.35.91.74‬‬

‫ملخص‪:‬‬

‫تعد األسرة هي الخلية األساسية في المجتمع وأهم جماعاته األولية‪ ،‬إل أنها غالبا ما تتعرض إلى‬

‫التصدع والتفكك‪ ،‬والذي يخلف اثأ ار سلبية تنعكس على كل أفراد األسرة والطفل بشكل خاص‪ ،‬وقد يعرضهم‬

‫هذا التفكك للعوز والجوع والحرمان من الموارد الضرورية لنموهم نموا سليما ولتغطية متطلباتهم األساسية‬

‫في الحياة‪ ،‬األمر الذي يدفعهم للخروج الى سوق العمل‪ .‬حيث برزت هاته الظاهرة بشكل واضح ومثير‬

‫لالهتمام في اآلونة األخيرة داخل المجتمع الجزائري‪ ،‬وهذا ما نشاهده في شوارعنا المدينة من أطفال يتسولون‪،‬‬

‫يبيعون بعض السلع البسيطة‪ ،‬مثل‪ :‬أوراق الديول‪ ،‬المعدنوس‪ ،‬الشخشوخة‪ ،‬سماعات األذن‪ ،‬أكياس الحنة‬

‫ونقوشاتها وبعض المالبس الداخلية الرجالية‪ ،‬كما يمسحون زجاج السيارات‪.‬‬

‫وللوقوف على مدى اتساع وخطورة هذه الظاهرة وانتشارها في المجتمع الجزائري‪ ،‬انطلقنا من‬

‫اإلحصائيات الدالة والمتباينة التي سجلت في الحقبة األخيرة وبعض حالت عمالة األطفال التي تجسد‬

‫الظاهرة وعرض بعض العوامل واألسباب التي أدت بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى تفشيها في الجزائر‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬التفكك األسري ‪ -‬عمالة الطفل‪.‬‬


RESUME:
La famille est la cellule primaire de la société et le groupe primaire le plus important,

tout en étant souvent sujette à la rupture et la désintégration, ce qui a des répercussions négatives

affectant tous les membres de la famille et en particulier l'enfant, l'obligeant ainsi à intégrer le

marché du travail. Ce phénomène s’est répandu récemment d’une manière flagrante dans la

société algérienne, d’où l’apparition de nombreux enfants qui mendient, vendent différents

produits sans grandes valeurs et essuient les vitres des voitures dans la rue. Ainsi et dans le but de

prendre connaissance de l’étendue de la propagation du phénomène du travail des enfants de la

rue, nous nous basons sur les statistiques récentes et quelques cas d’enfants vivant et travaillant

dans la rue, tout en présentant certains facteurs et causes qui influent directement ou

indirectement sur la propagation de ce phénomène en Algérie.

Mots-clés: Désintégration familiale, travail des enfants.

Summary:

The family is the primary unit of society and the most important primary group, while

often being subject to rupture and disintegration, which has negative repercussions which affect

all members of the and particularly the child driving him to enter job market. This phenomenon

has widely spread in the Algerian society, leading manifestly to the apparition of many children

begging, selling many different objects in the street, as well as washing car window.

Therefore, and in order to study the wide spread of the phenomenon of child labor in the street,

we concentrated on recent statistics and few case studies of children living and working in the

street, as well as presenting certain factors and causes that may influence the spread of the

phenomenon in Algeria.

Keywords: Family disintegration - child labor.

:‫مقدمة‬
‫تعد األسرة الخلية األولى في جسم المجتمع والوسط الطبيعي الذي يترعرع ويحيا فيه الفرد‪ .‬فهي عبارة عن‬

‫وحدة حية مكونة من مجموعة أفراد متفاعلين‪ .‬ولكي تنجح األسرة في قيامها بوظائفها وحقيق أهدافها‪ ،‬لبد‬

‫في سبيل ذلك أن توفر أكبر قدر من الحنان والعطف لكي يستمر الستقرار ويسود روح التعاطف والمحبة‪.‬‬

‫ولكن في حالة فشل أي فرد من أفراد األسرة عن القيام بدوره الذي يحدد الوظيفة المناط بها في األسرة‪،‬‬

‫والقيام بمسؤوليات تلك الوظيفة‪ ،‬فإن هذا ينعكس سلبا على األدوار الجتماعية لألب واألم واألبناء‪ ،‬فيحدث‬

‫عندئذ النهيار والتفكك األسري‪.‬‬

‫ويبقى الطفل دائما هو أول الضحايا وآخرها‪ ،‬فيعيش تمزقا عاطفيا وينموا بداخله إحساس عميق بالخوف‬

‫والقلق ناتجا عن الضطراب الكبير في أوضاع األسرة‪ ،‬اضافة الى الحرمان وعدم إشباع احتياجاتهم المادية‬

‫وعدم القدرة على إشباع مقومات الحياة األساسية‪ .‬وهذا ما ساهم في انتشار ظاهرة عمالة األطفال التي‬

‫اخذت تتوسع وتنتشر خاصة في السنوات األخيرة‪ ،‬وذلك لتعقد العصر الحالي وصعوبته وتعدد مشاكله‬

‫وازدياد متطلباته‪ .‬حيث أصبح الطفل وفي كثير من بلدان العالم خاصة البلدان النامية يمثل مصد ار من‬

‫مصادر دخل األسرة‪ ،‬متجاهلين بذلك اثارها السلبية ألنها تحمل الطفل أعباء ثقيلة تهدد سالمته وصحته‬

‫ورفاهيته وتنتهك حقوقه في طفولة آمنة‪.‬‬

‫• اإلشكالية‪:‬‬

‫األسرة هي الخلية األساسية في المجتمع وأهم جماعاته األولية‪ ،‬تعد اللبنة األولى لتشكيل شخصية‬

‫الطفل‬

‫وتلقينه المبادئ األولية الجتماعية‪ .‬فاألسرة تلعب دو ار هاما في تنشئة الطفل خاصة في السنوات األولى‬

‫وذلك من خالل تدريبه على أنماط معينة من السلوك‪ ،‬فنجده غالبا يقلد أبوية في السلوك والعادات‪ .‬كما أنها‬

‫تعمل على تلقينه القيم الجتماعية والجمالية واألخالقية من عادات وتقاليد وتربية ودين وفن‪ ،‬كما تهدف‬

‫إلى تعليم الطفل مهارات ضرورية تتفق و ظروف مجتمعه‪ .‬ولقد أشار "اوجبرن – ‪ "W. Ogburn‬إلى‬
‫وظائفها » وافترض ان لها وظائف أساسية تقوم بها سواء داخل كيانها أو في المجتمع بشكل عام‪ ،‬فهي‬

‫تقوم بتربية الصغار‪ ،‬تنمية التجاه الديني عندهم‪،‬‬

‫تقديم الحماية والرعاية والخدمات األساسية‪ .‬وعلى الرغم من انه يمكن حماية ورعاية الطفل عن طريق‬

‫المؤسسات الجتماعية األخرى إل أن حماية ورعاية األسرة تعد أكثر فعالية وذلك لن األسرة تجمع ما بين‬

‫الستجابة الشخصية الحميمية والرعاية الجتماعية المتماسكة‪،‬إضافة إلى كونها أولى واهم مؤسسات التنشئة‬

‫الجتماعية التي خبرها الطفل منذ نعومة أظافره إلى أن يكبر وتكتمل مقومات شخصيته »‪.i‬‬

‫إل أن األسرة غالبا ما تتعرض لمشاكل نتيجة لتصادم المواقف والتعارض في التجاهات وال ـ ــتي‬

‫تؤدي إلى التصدع والتفكك األسري وال ـ ــذي يصف ــه "أحمد يحي عبد الحميد" بأنه » انهيار الوحدة األسرية‬

‫وتحلل أو تمزق نسيج‬

‫األدوار الجتماعية‪ ،‬عندما يخفق فرد أو أكثر من أفرادها في القيام بالدور المناط به على نحو سليم‪،‬‬

‫وبمعنى آخر هو رفض التعاون بين أفراد األسرة و سيادة عمليات التنافس و الصراع بين أفرادها » ‪.ii‬‬

‫وإن للتفكك األسري اثا ار سلبية تنعكس على كل أفراد األسرة والطفل بشكل خاص‪ ،‬إذ يكون هذا األخير‬

‫عرضة لحالت ألالستقرار النفسي والجتماعي في ظل غياب سلطة ضابطة توفر الرعاية والتوجيه أو غياب‬

‫صدر حنون يوفر العطف والحنان أو كالهما معا هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى قد يعرضهم هذا التفكك‬

‫للعوز والجوع والحرمان من الموارد الضرورية لنموهم نموا سليما ولتغطية متطلباتهم األساسية في الحياة‪.‬‬

‫وبما أن التفكك األسري هو ظاهرة اجتماعية‪ ،‬وأن الظواهر الجتماعية في كثير من األحيان تكون‬

‫مترابطة وتؤثر وتتأثر يبعضها البعض‪،‬وكما يقول "دوركايم ‪ "E. Durkheim -‬أن الظاهرة الجتماعية‬

‫ل يمكن أن تفسر إل بظاهرة أخرى‪ ،‬فان ظاهرة التفكك األسري تترتب عنها ظاهرة أخرى تساويها أو تفوقها‬

‫في الخطورة أل وهي ظاهرة عمالة األطفال‪ .‬حيث برزت هاته الظاهرة بشكل واضح ومثير لالهتمام في‬

‫اآلونة األخيرة داخل المجتمع الجزائري كظاهرة مقلقة وبدرجة كبيرة في اغلب المدن الكبرى وهذا ما نشاهده‬

‫في شوارعنا اليوم من أطفال يتسولون‪ ،‬يبيعون سلع خفيفة كأوراق الديول‪ ،‬المعدنوس‪ ،‬الشخشوخة‪ ،‬سماعات‬
‫األذن‪ ،‬أكياس الحنة ونقوشاتها وبعض المالبس الداخلية الرجالية‪ ،...‬يمسحون زجاج السيارات‪ ،‬ينظفون‬

‫الشوارع ويعملون في ورش صناعية وما شـ ـ ـ ـ ـ ــابه ذلك‪ .‬فبالرغم من قيام الجزائر بإبرام اتفاقيات مع‬

‫المنظمات والهيئات الدولية لمحاربة الظاهرة والحد منها‪ ،‬وقيامها بسن قوانين تمنع استغالل األطفال خاصة‬

‫في األعمال الخطيرة‪ ،‬إل أن هاته الظاهرة ل تزال تزداد يوما بعد يوم‪ ،‬وهي تحطم حياة الماليين من‬

‫األطفال من خالل اآلثار السلبية لها سواء على الجانب الصحي أو النفسي أو الجتماعي‪ .‬فبقاء األطفال‬

‫خارج منازلهم لفترة طويلة يفتح لهم المجال للتعامل مع أصناف مختلفة من البشر‪ ،‬قد يؤدي ذلك إلى‬

‫تعلمهم بعض السلوكيات المشينة كالتدخين وتداول األلفاظ البذيئة‪ ،‬كما يسهل استدراجهم والتحرش بهم‬

‫واستغاللهم جنسياً‪ ،‬كما أن غالبية هؤلء األطفال يعانون من القلق والكتئاب والخوف نتيجة اإلحساس‬

‫بالقسوة والستغالل‪ ،‬وعدم السماح لهم بممارسة أي نشاط ترفيهي آخر غير العمل‪ .‬وان الحرمان من التعليم‬

‫يلعب دو اًر كبي اًر في إحساس هؤلء بالقهر الجتماعي وانعدام العدالة الجتماعية بينهم وبين من يماثلونهم‬

‫في العمر‪ ،‬وان هذا اآلمر قد يتطور ليصل إلى درجة النحراف والجنوح‪.‬‬

‫وبناءا على ما سبق ونظ ار لنتشار ظاهرة عمالة األطفال في المجتمع الجزائري‪ ،‬رأينا انه من الضروري‬

‫تسليط الضوء على أسباب وعوامل تفشيها‪ .‬وسعيا لمناقشة هذا الموضوع‪ ،‬يجدر بنا التطرق الى تحديد‬

‫المنهج المستخدم ومجتمع الدراسة والمفاهيم األساسية للدراسة‪.‬‬

‫• المنهج المستخدم ومجتمع الدراسة‪:‬‬

‫من المتعارف عليه ان طبيعة البحث او الدراسة هي التي تحدد نوع المنهج وأدواته‪ ،‬وانطالقا من إشكالية‬

‫البحث تبين لنا ان انسب منهج لهذه الدراسة هو دراسة الحالة‪ ،‬الذي يشمل مجموعة اإلجراءات البحثية التي‬

‫تتقاعل لوصف الظاهرة كما توجد عليه في الواقع‪ .‬ولقد تم اعتماد هذا المنهج قصد الوقوف على ظاهرة‬

‫التفكك األسري داخل المجتمع الجزائري وتحديد أنواعها وتوضيح بعض المشكالت األسرية وحالة عدم‬

‫الستقرار التي تؤدي الى حدوثها هذا من جهة‪ ،‬وتبيان مدى انعكاسها على خروج الطفل للعمل في سن‬
‫مبكرة من جهة أخرى‪ .‬واشتمل مجتمع الدراسة على عينة من ذكور تتراوح أعمارهم ما بين ‪ 09‬الى ‪14‬‬

‫سنة‪.‬‬

‫• تحديد المفاهيم األساسية‪ :‬بني هذا البحث على مجموعة من المفاهيم تركزت حول التفكك السري‬

‫وعمالة األطفال وما ارتبط بهما من مفاهيم ثانوية والتي تمت معالجتها كالتالي‪:‬‬

‫* مفهوم التفكك األسري‪:‬‬

‫« يشير التفكك الى فشل وحدة النظام وانهيار تكامله سواء لدى الفرد او الجماعة او المنظمة‪.‬‬

‫وتسبق هذه المرحلة عادة مرحلة النحالل‪.‬لذلك يراد بظاهرة التفكك انهيار وحدة اجتماعية و تداعي بنائها‬

‫و اختالل وظائفها‬

‫وتدهور نظامها سواء كانت هذه الوحدة شخص أم جماعة أم مؤسسة أم أمة بأسرها‪ ،‬و هو عكس‬

‫الترابط‬

‫والتماسك »‪.iii‬‬

‫لقد اختلفت وتعددت تسميات هذا المصطلح‪ » ،‬فالبعض يسميه "بالتفكك األسري ‪Social‬‬

‫‪ "disintegration‬الذي ينتج عن وفاة أحد الوالدين أو كليهما‪ ،‬أو الهجر أو الطالق أو الغياب لمدة‬

‫‪ "Fracturation de la famille‬وهو ما ينشأ نتيجة‬ ‫‪-‬‬ ‫طويلة األجل‪ ،‬وهناك من يسميه "التصدع األسري‬

‫موت أحد الوالدين أو الطالق‪ .‬إضافة الى من يسميه ب ــ‪" :‬األسر المحطمة ‪ "Familles brisées -‬نتيجة‬

‫حدوث الطالق أو النزاعات والمشاجرات المستمرة‪ ،‬أو نتيجة وفاة أحد الوالدين أو كليهما وكذلك الغياب‬

‫الطويل ألحدهما أو كيلهما‪ .‬في حين انه هناك فريق أخر يسميه بالعائلة المترامية ‪Par la famille‬‬

‫‪ ،"tentaculaire‬وهي العائلة التي تنشأ في ظل وفاة أحد الوالدين أو كليهما أو نتيجة حصول الطالق‬ ‫‪-‬‬

‫بين الوالدين »‪.iv‬‬


‫مما سبق‪ ،‬يبدوا أن كل المساهمات التي حاولت وضع تحديد مفهوم واضح ودقيق لمصطلح‬

‫التفكك األسري‪ ،‬جاءت متفقة على عناصر ونقاط معينة يمكن النطالق منها في صياغة التعريف‬

‫اإلجرائي القائل بأن التفكك األسري هو « ذلك الخلل أو النحالل الذي قد يصيب العالقات والروابط‬

‫القائمة بين الوالدين‪ ،‬او بينهما وبين أبنائهما نتيجة عجز احد هاته األطراف الثالثة عن القيام بالدور‬

‫الذي يتوجب عليهم القيام به‪ ،‬سواء كان ذلك بشكل إرادي او غير إرادي »‪.v‬‬

‫* مفهوم عمل األطفال‪:‬‬

‫« ان العمل هو ما يقوم به اإلنسان من نشاط إنتاجي في وظيفة أو مهنة أو حرفة ‪،‬وهو يمثل‬

‫أي نوع من أنواع العمل بدني او عقلي او عمل اآللة او القوى الطبيعية »‪.vi‬‬

‫تعددت التسميات حول مصطلح عمل األطفال فهناك من يسميه استغالل األطفال وآخرون‬

‫يطلقون عليه استعباد األطفال ألنه حسب وجهة نظرهم هو ذلك النشاط الذي يشغل وقت الطفل ويمتص‬

‫طاقاته ويعرض صحته الجسمية والنفسية والجتماعية للخطر ‪ ،‬إضافة إلى تسميات أخرى‪ :‬عمالة‬

‫األطفال واألطفال العاملين‪.‬‬

‫غير انه هناك من ميز بين نوعين من عمالة األطفال وصنفها الى مفهوم سلبي وأخر ايجابي‪:‬‬

‫سلبيا‪ ،‬تعني عمالة االطفال‪ « :‬العمل الذي يضع أعباء ثقيلة على الطفل‪ ،‬العمل الذي يهدد سالمته‬

‫وصحته ورفاهيته‪ ،‬العمل الذي يستفيد من ضعف الطفل وعدم قدرته عن الدفاع عن حقوقه‪ ،‬العمل الذي‬

‫يستخدم وجود األطفال ول يساهم في تنمينهم‪ ،‬العمل الذي يعيق تعليم الطفل وتدريبه ويغير حياته‬

‫ومستقبله »‪.7‬‬

‫بينما ايجابيا‪ ،‬فهي‪ « :‬كافة األعمال التطوعية واألعمال المأجورة التي يقوم بها الطفل‪ ،‬والمناسبة‬

‫لعمره وقدراته‪ ،‬ويمكن القول ان يكون لها أثار ايجابية على نموه العقلي والجسمي والذهني‪ ،‬وخاصة اذا‬

‫قام بها الطفل باستمتاع‬


‫وحافظ خاللها على حقوقه األساسية ألنه من خالل العمل يتعلم الطفل المسؤولية والتعاون والتسامح‬

‫والتطوع مع اآلخرين »‪.vii‬‬

‫من خالل ما سبق نالحظ ان كل هذه التعريفات السابقة تصب في معنى واحد وعليه يمكن‬

‫صياغة التعريف اإلجرائي التالي‪ « :‬عمالة األطفال هم األطفال اللذين يبدؤون العمل في سن‬

‫مبكرة‪،‬وبأعمال ل تتناسب مع أعمارهم ول قدراتهم العقلية والجسدية وانتهاك ابسط حقوقهم المتعلقة بالعلم‬

‫والنماء والراحة نتيجة ظروفهم القتصادية الصعبة التي أجبرتهم على العمل لقاء أجور يومية او أسبوعية‬

‫»‪.viii‬‬

‫• الدراسات السابقة‪:‬‬

‫* الدراسة األولى‪ :‬دراسة ل ـ "إبتسام ظريف" بعنوان‪ :‬األسرة وعمالة األطفال‪.‬‬

‫وكانت فرضية الدراسة على النحو التالي‪ :‬يمكن أن تؤدي الظروف السيئة التي تعيشها األسرة إلى خروج‬

‫األطفال للعمل‪.‬‬

‫‪ -‬مجاالت الدراسة‪ :‬بالنسبة للمجال البشري تم اختيار ‪ 50‬طفل تتراوح أعمارهم بين ‪ 9‬سنوات و‪16‬‬

‫سنة‪ ،‬اما المجال الجغرافي فأجريت الدراسة الميدانية بولية سطيف‪.‬‬

‫‪ -‬المنهج المستخدم‪ :‬المنهج الوصفي‪ ،‬أما األدوات المستخدمة فهي الستمارة – المقابلة – المالحظة‪.‬‬

‫‪ -‬النتائج المتوصل لها‪ :‬توصلت هذه الدراسة انه » بالنسبة لحالت التفكك األسر ي‪ ،‬فقد عبر ‪10‬‬

‫‪%‬من المبحوثين عن وجود طالق بين الوالدين و‪% 14‬عن حالة وفاة األب و‪ % 04‬وفاة األم‪ .‬وان‬

‫معظم المبحوثين يسكنون في مساكن تقليدية وذلك بنسبة ‪ ،% 42‬وعبر ‪% 36‬عن وجود غرفتين فقط‬

‫في منازلهم‪ ،‬إضافة الى ان معظم األطفال المبحوثين ينتمون إلى أسر ذات الحجم الكبير وقد قدرت‬
‫نسبتهم بـ ـ ـ ‪ .% 22‬أ ما بالنسبة للظروف اإلقتصادية فلقد أفادت الدراسة أن نسبة األطفال العاملين‬

‫‪% 55.32‬هم أبناء متقاعدين و‪ % 66.91‬أمهاتهم ل تعمل »‪.ix‬‬

‫* الدراسة الثانية‪ :‬دراسة لـ‪" :‬عبد العزيز صالي" بعنوان‪ :‬ظاهرة عمل األحداث وعالقتها بالظروف‬

‫االقتصادية واالجتماعية لألسرة‪.‬‬

‫‪ -‬وكانت فرضية الدراسة على النحو التالي‪ :‬توجد عالقة بين عمل األحداث والظروف االقتصادية‬

‫واالجتماعية لألسرة‪.‬‬

‫‪ -‬مجاالت الدراسة‪ :‬احتوى المجال البشري على ‪ 120‬مبحوث تتراوح أعمارهم بين ‪ 8‬إلى ‪ 16‬سنة‪،‬‬

‫اما المجال الجغرافي فقد تم إجراء الدراسة الميدانية "بسوق بوفاريك" البليدة‪.‬‬

‫‪ -‬المنهج المستخدم‪ :‬المنهج الوصفي اما األدوات المستخدمة فهي الستمارة والمقابلة‪.‬‬

‫‪ -‬النائج المتوصل لها‪ :‬من أهم النتائج المستخلصة ان » أكبر نسبة من األطفال العاملين بين الفئة‪:‬‬

‫‪13 -11‬‬

‫وبلغت نسبتهم ‪ ، %50.47‬أما اولياء األطفال العاملين أغلبهم عمال بسطاء وذلك بنسبة ‪ %5.37‬وتليها‬

‫مباشرة فئة البطالين التي شكلت نسبة ‪ % 5.22‬باإلضافة إلى حالت التقاعد والتي بلغت نسبة‬

‫‪.%07.50‬اما حالة التصدع األسرى شكلت نسب حالة وفاة األب ‪.x» %10‬‬

‫• تعقيب على الدراسات السابقة‪ :‬ركزت كلتا الدراستين السابقتين على ظاهرة عمالة الطفال وعالقتها‬

‫بظروف السرة المختلفة ‪ ،‬واستعملتا نفس مجتمع الدراسة وهو فئة الطفال اللذين ينتمون لسر متماسكة‬

‫واسر متفككة ايضا‪ ،‬ولكن اختلفتا في مكان وزمان ‪ .‬حيث كانت دراسة "إبتسام ظريف" بولية سطيف‬

‫في حين دراسة "عبد العزيز صالي" بسوق بوفاريك" البليدة‪ .‬كما استعملتا نفس المنهج والدوات مع‬
‫اضافة اداة المالحظة في دراسة "إبتسام ظريف"‪ .‬اما بالنسبة لدراستنا الحالية فهنالك تشابه شبه تام مع‬

‫هاتين الدراستين من حيث مجتمع الدراسة وهو فئة الطفال‪ ،‬اما الختالف اننا نحن بصدد دراسة عمالة‬

‫الطفال ضمن السر المتفككة فقط‪ .‬والختالف‬

‫الثاني هو المجال المكان الذي نحن بصدد اجراء دراستنا فيه وهو سوق الحطاب والطروقات الفرعية‬

‫المجاورة له‪ .‬اما الختالف الثالث هو المنهج المسعمل وهو منهج دراسة الحالة‪.‬‬

‫• المقاربات النظرية‪ :‬وفيما يلي سوف نتناول التفكك األسري في ضوء المداخل النظرية السوسيولوجية‪:‬‬

‫* نظرية الصراع‪ :‬ينظر الكثير من أصحاب نظرية الصراع إلى األسرة باعتبارها تنظيما اجتماعيا‪.‬‬

‫حيث رأى كل من "انجلز ‪ "F. Engels -‬و "كارل ماركس ‪ "C. Marx -‬ان األسرة مجتمع طبقي‬

‫مصغر‪ ،‬تقوم فيه طبقة الرجال بقمع طبقة أخرى النساء وأن الزواج هو أول أشكال الصدام الطبقي فيه‬

‫تؤسس سعادة ‪،‬أحد الجماعات على بؤس وقمع جماعة األخرى ‪.‬يري إنجلز أن النزعات والخالفات‬

‫األسرية بين الزوجة والزوج واألب واألبناء ‪ ،‬واألبناء وبعضهم أمر طبيعي ناتج عن عدم المساواة في‬

‫الحقوق والواجبات ومن هذه الرؤية أطلق تعميمه المشهور بأنه ل توجد أسرة خالية من النزاعات والخالفات‬

‫األسرية وحتى إذا حدث فترة غابت فيها المشاحنات األسرية فإن ذلك ل يعبر عن سعادة وهناء األسرة‬

‫بل أنها حالة طارئة ومؤقتة تعقبها مشاحنات قادمة‪ .‬كما أن هذا التجاه ل ينظر إلي النزاعات والمشاجرات‬

‫األسرية علي أنها تعبر عن سلبيات تقوض كيان األسرة‪ ،‬بل لها إيجابيات تعود علي بنيته‪ .‬وجعلوا مفهوم‬

‫الصراع يشمل صراع كل األنواع التي تعانى من الستغالل‪.‬وشبهوا الرجل بطبقة رأس المال (البرجوازية‬

‫المسيطرة ‪ )Bourgeoisie dominante -‬والمرأة بطبقة العمال (البروليتاريا ‪ )Proletariat -‬في‬

‫الصراع الناشئ بينهما‪ .‬أن نظام األسرة في رأي هذا لتجاه وجد في المجتمع استجابة لعتبارات رأسمالية‬

‫بحتة قوامها المحافظة علي استمرار سيطرة األفراد علي الملكية‪ .‬وعلي ذلك يشير ماركس في كتاباته‬

‫المبكرة إلي الزواج علي أنه شكل من أشكال الملكية الخاصة‪.‬‬


‫* االتجاه التفاعلي الرمزي‪ :‬ظهر هذا التجاه وتبلورت مسلماته ما بين ‪ 1890‬و‪ 1910‬على يدي‬

‫"تشارلز كولي‪ "- C. Cooley‬و"جبريل تارد ‪ "G. Tarde -‬و"وليام توماس ‪ "W. Thomas -‬بأمريكا‬

‫وكتابات "جورج سيمل ‪ "G. Simmel -‬و"ماكس فيبر ‪ "M. Weber -‬في ألمانيا‪ ،‬وقد تطور هذ التجاه‬

‫في ميدان علم الجتماع وعلم النفس‬

‫وساد استخدامه في مجال األسرة‪ » .‬ويركز اتجاه التفاعلية الرمزية على دراسة األسرة‪ ،‬ويمكن لممثلي‬

‫النظرية التفاعلية دراسة األسرة عن طريق التعرف علي كيفية ارتباط الزواج والزوجات واآلباء واألبناء‬

‫وكيفية ارتباطهم بالمجتمع الخارجي‪ .‬وارتكزت دراستهم على فهم وتفسير السلوك البشرى الممارس من‬

‫قبل الفرد في إطار محيطه الجتماعي‪ .‬وينطلق هذا التجاه من افتراض مؤداه أن اإلنسان كائن اجتماعي‬

‫نتيجة إخضاعه لمؤثرات عملية التفاعل الجتماعية في محيطه الجتماعي ‪ .‬وعلى ذلك ينظر هذا‬

‫التجاه الى األسرة على إنها وحدة من الشخصيات المتفاعلة‪ ،‬ومن هنا فان تكيف األبوين مع األحداث‬

‫المستجدة يؤهلهما لكتساب دورهما كأبوين‪ ،‬وان فشل احدهما في هذه المهمة األسرية يؤدى إلى تصدع‬

‫بنيان األسرة‪ ،‬وكما أن نجاح الزوجين في عالقتهما باآلخر داخل األسرة مرهون بدرجة إشباع كل منهما‬

‫لآلخر‪ ،‬وعلى ذلك ينظر هذا التجاه لألسرة على أنها خلية اجتماعية تقوم بتطبيع الوليد بالسلوك‬

‫الجتماعي »‪.xi‬‬

‫• الحاالت المعبرة عن عمالة االطفال‪:‬‬

‫‪ -‬الحالة‪" :01‬محمد" البالغ من العمر ‪ 14‬سنة‪ ،‬يعيش في اسرة متفككة نتيجة وفاة والدة في حادث‬

‫مرور‪ .‬تتكون عائلته من والدته واخوته الثالث القل منه سنا واللذين يزاولون دراستهم عاديا‪ ،‬ترك‬

‫الدراسة في مستوى الخامسة ابتدائي‪ ،‬فقد رغبته في الدراسة بسبب الوضع المادي المزري لعائلته‪.‬‬

‫وهو يعمل حاليا كبائع لوراق الديول التي تصنعها والدته واحيانا بائع معدنوس بسوق الحطاب‬

‫بمدينة عنابة‪ .‬يساهم محمد بكل دخله في مصروف المنزل‪ .‬أما احتياجاته و أخواته فتتكفل بها‬
‫والدته والتي تعمل هي الخرى على بيع الشخشوخة‪ .‬يتعرض محمد احيانا الى مناوشات مع الطفال‬

‫الخرين وكل يريد جذب زبون الخر‪ ،‬ويتعرض للمضايقة باستمرار من األطفال األكبر سنا واللذين‬

‫يبيعون سماعات األذن خاصة ينظرون له نظرة سخرية ويضايقونه أحيانا‪ .‬وأحيانا أخرى يتعرض‬

‫للسرقة منهم‪ .‬من خالل عمله اليومي في هذا المكان اصيب محمد بمرض‬

‫جلدي (البهاق) نتيجة الجراثيم والتعرض ألشعة الشمس إضافة للضعف الشديد بسبب سوء التغذية‪.‬‬

‫ورغم هذه الظروف يفضل محمد عدم العودة للمدرسة والكتفاء بالتسجيل في إحدى مراكز التكوين‬

‫المهني كما فعل أحد أصدقائه‪.‬‬

‫‪ -‬الحالة ‪" :02‬عادل" صاحب ‪ 09‬سنة‪ ،‬يدرس في السنة الرابعة ابتدائي‪ .‬يعيش في اسرة متكونة من‬

‫والدته واخوته الخمسة بعد طالق والديه‪.‬يعمل عادل على بيع المناديل الورقية والكياس البالستيكية‬

‫امام مدخل سوق الحطاب خالل عطلته السبوعية‪ ،‬اما باقي ايام السبوع فهو يالزم مقعده الدراسي‪.‬‬

‫رغم صغر سنه يمارس عمله بكل ارياحية ألن اخاه الكبر سنا يعمل داخل سوق الحطاب بائعا‬

‫للمعدنوس‪ .‬يعتمد عادل على البتسامة الجميلة واللطف الزائد الذي يعد تذكرة العبور التي يستخدمها‬

‫لجلب قلوب المارة والزبائن‪ ،‬مستعينا بصيحات التوسل لبيع سلعته‪ .‬يعطي ما يجنيه من مال لولدته‬

‫والتي تعطيه مصروفه اليومي منها‪ .‬أصبحت المشاجرات في حياة عادل أمر عادي يمارسها إما‬

‫مع األطفال من سنه أو مع عدد من الشبان الكبار ممن يبيعون نفس السلعة أو بشأن مكان البيع‬

‫متحامي بأخاه الكبر سنا منه‪ .‬ان هذه الوضاع جعلته اكثر تمسكا بالمدرسة التي يرى فيها المالذ‬

‫الوحيد لتغيير واقعه الجتماعي‪.‬‬

‫‪ -‬الحالة ‪" :03‬سفيان" البالغ من العمر ‪ 12‬سنة ‪ ،‬فقد والدته وهو في سن ‪ 07‬سنوات بسبب مرض‬

‫السرطان‪ ،‬يعيش حاليا مع جدته وأخواله بعد أن تزوج والده بامرأة أخرى‪ .‬يدرس في السنة األولى‬

‫متوسط‪ ،‬ويعمل كبائع متجول أمام مدخل سوق الحطاب خارج أوقات الدراسة لبيع أكياس الحنة‬

‫ونقوشاتها وبعض المالبس الداخلية الرجالية رفقة جدته‪ .‬ليست له أي أطماع مادية غير الكتفاه‬
‫بأخذ مبلغ بخيس من جدته لشراء سندويتس شاورما او بيتزا‪ .‬وبالرغم من صغر سنه‪ ،‬إل انه يكتسب‬

‫مهارة في بيع كل ما بحوزته من سلع‪ ،‬وسالحه الوحيد لذلك هو صيحات وعبارات التوسل المستهدفة‬

‫والملفتة لالنتباه حتى يبيع سلعه تلك‪ .‬في حين تكتفي جدته بالمراقبة وجمع‬ ‫لشعور المارة‬

‫المال‪.‬وبالرغم من هذه الظروف الصعبة التي يمر بها‪ ،‬إل انه ل يمانع في القيام بذلك كرد جميل‬

‫لجدته التي آوته وعوضته حنان أمه المتوفاة‪.‬يظل "سفيان" متمسك بدراسته لتحقيق حلم والدته‪.‬‬

‫مناقشـة النتائج‪ :‬من خالل الحالت التي تم عرضها‪ ،‬يتضح ان الطفل الجزائري يعيش ظروف‬ ‫•‬

‫صعبة ومؤلمة‪ ،‬وهذا ماتعكسه شوارع مدينة عنابة التي أصبحت مليئة بالطفال الباعة المتجولين‪ .‬ومن‬

‫خالل دراستنا توصلنا الى النتائج التالية‪:‬‬

‫‪ -‬إن من اهم الدوافع وراء عمل هؤلء األطفال هو الظروف القتصادية الصعبة (الفقر) الذي تعاني‬

‫منه معظم األسر الجزائرية‪ ،‬رغم كل ما تبذله الدولة من اهتمام خاص بالطفولة من مجانية التعليم‪،‬‬

‫إجبارية التعليم األساسي‪ ،‬وتقديم مساعدات مالية للمعوزين من األطفال المتمدرسين‪.‬‬

‫‪ -‬ويعتبر ضعف التحصيل المدرسي من ابرز السباب ايضا وراء خروج األطفال للعمل والذي سبب‬

‫لهم لهم الطرد من المدرسة نتيجة الفشل المدرسي أو نتيجة للمشاكل المستمرة مع المعلمين او نتيجة‬

‫‪ -‬ومن‬ ‫للغيابات المتكررة‪.‬‬

‫العوامل الخرى ايضا التي تعزز استفحال هذه الظاهرة لدى األطفال وهو غياب أحد الوالدين اما‬

‫بالموت او الطالق‪.‬‬

‫‪ -‬يعيش هؤلء األطفال العاملين في الشوارع في أسر متفككة و يقطنون منازل ل تتوفر أدنى‬

‫‪ -‬يتعرض هؤلء الطفال يوميا للعديد من‬ ‫الضروريات الحياة‪.‬‬

‫المخاطر والتعب واإلجهاد‪ ،‬ورغم ذلك يستمرون في العمل وذلك من أجل مساعدة األهل‪.‬‬
‫‪ -‬يبيع هؤلء الطفال أكياس الحنة ونقوشاتها وبعض المالبس الداخلية الرجالية‪ ،‬المناديل الورقية‬
‫والكياس البالستيكية وأوراق الديول والمعدنوس‪.‬‬

‫االضطرابات النفسية والسلوكية – العوامل‪ ،‬األسباب‪ ،‬التشخيص وطرق العالج‬

‫أ‪.‬د‪ /‬أنيسة بريغت عسوس‬


‫‪anissa_assous@yahoo.com‬‬

‫قسم علم االجتماع ‪ -‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية واالجتماعية‬


‫جامعة باجي مختار ‪ -‬عنابة‪.‬‬
‫ملخص‪:‬‬
‫إن وجود تناقضات في نظام القيم والمعايير االجتماعية المتمثلة في ترعرع الطفل في جو متسلط يغيب‬
‫فيه مبدأ الحوار الهادئ وتأثير الثقافة السائدة في المجتمع الذي يهمل استخدام الكحول والمخدرات من قبل‬
‫األب أو الزوج‪ ،‬يساعد على إحداث اضطراب في نفس الطفل وسلوكه‪ .‬وتكون نتيجة ذلك إقتداء الطفل‬
‫المراهق بعادات أبيه السيئة والمخالفة لألعراف والدين اإلسالمي‪ ،‬مما يؤدي به إلى االنعزالية واالغتراب‬
‫وفقدان الثقة بالذات إلى حد االنفعال الحاد والعدوانية‪.‬‬
‫ففي هذا البحث‪ ،‬نحاول الكشف عن األسباب والعوامل التي تؤدي إلى نشأة االضطرابات النفسية‬
‫والسلوكية لدى الطفل‪ ،‬الذي يعاني يوميا من إدمان أبيه على الكحول والمخدرات‪ ،‬وكذلك تسليط الضوء‬
‫على مدى تأثير هذه الحاالت النفسية والسلوكية المرضية على شخصيته في سن المراهقة والرشد‪ ،‬فضال‬
‫عن اقتراحنا لبعض طرق التشخيص والعالج لهذه الحاالت‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬االضطراب النفسي والسلوكي ‪ -‬السلوك ‪ -‬العنف ‪ -‬الشخصية ‪ -‬التشخيص ‪ -‬العالج‪.‬‬

‫‪Psychological and behavioral disorders – Factors and causes‬‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪This article focuses mainly on the psycho sociological factors that‬‬
‫‪could explain the phenomenon of psychological and behavioral disorders‬‬
‫‪observed in adolescents. As such, it emphasizes the devastating‬‬
‫‪consequences that alcohol as well as physical or moral parental abuse‬‬
‫‪has on the personality development and behavior of their adolescents.‬‬
‫‪Many theories and empirical works on the subject have shown that children‬‬
‫‪of alcoholic parents suffer psychological problems which lead to the distortion‬‬
‫‪of their own view of themselves and others around them.‬‬
‫‪As well, theories have also proven that, although, abused children have learned‬‬
‫‪how painful and frustrating abuse is; they nevertheless internalize it as an‬‬
‫‪effective tool.‬‬
‫‪In this research, we try to reveal the causes and factors that lead to the‬‬
‫‪emergence of mental and behavioral disorders in a child, as well as give some‬‬
‫‪suggestions for some methods of diagnosis and treatment of these cases.‬‬

‫‪Key words: Psychological and behavioral disorders - Behavior - Violence - Personality -‬‬
‫‪Diagnosis - Treatment.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫ما دامت النفس هي إحدى مركبات األطفال‪ ،‬فإنها معرضة كسائر مركباته لمختلف العلل واإلصابات‬
‫واألمراض واالضطرابات النفسية والسلوكية التي هي وليدة مؤثرات خارجية وعوامل مختلفة‪ .‬حيث‬
‫أكدت العديد من الدراسات والبحوث الميدانية أن هناك عالقة قوية بين األشكال المتنوعة لالضطراب‬
‫النفسي والسلوكي الحاد والمعقد في سن البلوغ والعوامل الحيوية والنفسية واالجتماعية‪ ،‬كتعرض األطفال‬
‫لالعتداء (الجسدي أو المعنوي) خالل السنوات األولى من النمو‬
‫;‪(P.M Lewinsoha, 1974; A.T Becker & al, 1988; E.H Xasem, 1990; R.A Baron, 1998‬‬
‫‪Biederman & al, 2001; E.C Klohnen & al, 2003…).‬‬
‫ففي هذا البحث‪ ،‬نحاول الكشف عن األسباب والعوامل التي تؤدي إلى نشأة االضطرابات النفسية‬
‫والسلوكية لدى الطفل‪ ،‬الذي يعاني يوميا من إدمان أبيه على الكحول والمخدرات‪ ،‬وكذلك تسليط الضوء‬
‫على مدى تأثير هذه الحاالت النفسية والسلوكية المرضية على شخصيته في سن المراهقة والرشد‪ ،‬فضال‬
‫عن اقتراحنا لبعض طرق التشخيص والعالج لمشكالت االضطرابات النفسية والسلوكية‪.‬‬
‫‪ -I‬إشكالية البحث‪:‬‬
‫يالحظ المعلمون أو أبناء الجيران بعض التغييرات في مزاج وسلوك الطفل في السنوات األولى من سن‬
‫المراهقة‪ ،‬كإصابته بعناد زائد وعدوانية وعدم التكيف والتفاعل داخل أو خارج القسم أو شرود الذهن وعدم‬
‫التركيز أثناء الدروس عامة وإهمال الواجبات المدرسية أو إظهار سلوكات عنيفة مع معلميه أو أقرأنه أو‬
‫مراقبيه في المدرسة‪ .‬وهذه االضطرابات النفسية والسلوكية التي ترتبط بمراحل الطفولة والمراهقة‪ ،‬تتطلب‬
‫تشخيصا وعالجا وتضافر جهود كل من الطبيب النفسي ومستشار التربية وولي الطفل ومعلميه‪.‬‬
‫إن تعاطي اآلباء الكحول والمخدرات‪ ،‬فضالال عن الضالغوط الحياتية واألسالرية والحرمان المعنوي يمثل‬
‫واقعا قويا إلظهار اضالالالالطرابات نفسالالالالية وسالالالاللوكية عند األطفال عامة‪ ،‬ألنهم يحسالالالالوا بأن أنماط حياتهم‬
‫المضالطربة تهدد قيمتهم االجتماعية بصالفة مسالتمرة‪ ،‬وهذا اإلحسالاس يؤدي بهم إلى اغتنام أي فرصالة لفرض‬
‫وجودهم في المجتمع الواسع والحصول على الدفء العاطفي لتحقيق ذاتهم‪.‬‬
‫فمشكلة االضطرابات النفسية والسلوكية لدى األطفال عامة والمراهقين على وجه الخصوص‪ ،‬هي مشكلة‬
‫ذات أبعاد نفسية وأسرية واجتماعية ترتبط بضغوط نفسية واقتصادية وضعف التنشئة االجتماعية وسوء‬
‫التالوازن والتكيف االجتماعي‪ .‬حيث أوضحت نتائج الدراسات والبحوث الميدانية في مجاالت التنشئة‬
‫االجتماعية وعلم النفس المرضي وعلم نفس الشواذ دور مشكالت الطفل في الصغر بسبب إدمان ولى‬
‫أمره على المواد الكحولية والمخدرة وسوء المعاملة في نشأة االضطرابات النفسية واالنحرافات السلوكية‬
‫في مراحل مراهقته ورشده ‪(Gelles Richard J, 1972; P.M Lewinsoha, 1974; Dorothey Dean,‬‬
‫‪1979; Cassem E. H. 1990; Katherine Schlaerth, 1994; Barlow D. H & Durand, 1995; E.C.‬‬
‫‪Klohnen & al, 2003; John W. Santrock, 2003…).‬‬

‫وبناء على ما سبق‪ ،‬ونظرا النتشار ظاهرة تعاطي اآلباء الكحول والمخدرات وسوء معاملة أطفالهم‪،‬‬
‫فإنه من األهمية بمكان تسليط الضوء على العوامل واألسباب التي تؤدي إلى خلق اضطرابات في نفس‬
‫وسلوك المراهق ونمو شخصيته‪.‬‬
‫وفي سعينا لمناقشة هالالذا الموضالالوع‪ ،‬يجالالدر بنالالا التطالالرق إلالالى تحديالالد المفالالاهيم األساسالالية للدراسالالة والمالالنهج‬
‫المستخدم ومجتمع الدراسة وأهم النظريالالات والدراسالالات المفسالالرة لالضالالطرابات النفسالالية والسالاللوكية‪ .‬كمالالا‬
‫نلخص بعض الحاالت التي تعرضت لألذى الجسدي والمعنوي‪ ،‬ونناقش أهم النتائج التي تبين مدى انعكاس‬
‫تلك الممارسات العنيفة على نفس وسلوك الطفل ونمو شخصيته‪ .‬وفي اآلخير‪ ،‬نقتالالرأ أيضالالا بعالالض طالالرق‬
‫التشخيص والعالج لمشكالت االضطرابات النفسية والسلوكية‪.‬‬

‫‪ -II‬تحديد المفاهيم األساسية‪:‬‬


‫مفهوم علم النفس‪:‬‬
‫يفيد التحليل اللغوي لكلمة علم النفس )‪ ،(Psychology‬بأنها مكونة من مقطعين ‪& Ology‬‬
‫‪ .Psyche‬وكلمة ‪ Psyche‬تحمل ثالث معان هي الروأ ‪ ،Spirit or Soul‬والعقل البشري‬
‫‪ Human mind‬وتوظيف العقل ‪ .Mind functioning‬وبينما تمثل الروأ العناصر الخالدة في‬
‫الفرد تارة والطبيعة العقلية أو األخالقية أو االنفعالية للفرد تارة أخرى‪ ،‬فإن كلمة ‪ ،Ology‬تعني‬
‫الدراسة العلمية (‪.)1‬‬
‫تختلف آراء العلماء اختالفا ً كبيرا ً حول مصطلح علم النفس‪ .‬حيث يرجع التعريف األكثر شيوعا‪،‬‬
‫للعالم إيزنك (‪ )Eysenck, 2001‬الذي يقول بأن علم النفس هو‪" :‬الدراسة العلمية للسلوك"‪ .‬بينما‬
‫يرى البعض أن علم النفس هو‪ " :‬دراسة اإلنسان دراسة علمية تستند إلى التجارب والمالحظات الدقيقة‬
‫لتصرفاته وسلوكه" )‪.(2‬‬
‫فمن جهة‪ ،‬يعرف يوسف مراد هذا المصطلح بأنه‪" :‬العلم الذي يدرس اإلنسان من حيث هو كائن‬
‫حي يرغب‪ ...‬ويحس‪ ...‬ويدرك‪ ...‬وينفعل‪ ...‬ويتذكر‪ ...‬ويتعلم‪ ...‬ويتخيل‪ ...‬ويفكر‪ ...‬ويعبر‪ ...‬ويريد‪...‬‬
‫ويفعل )‪.(3‬‬
‫ويعرفه الباحث جاريت )‪ H. E Garrett, (1950‬بأنه‪" :‬الجهد الذي يبذله العالم في سبيل إقامة منهج‬
‫علمي دقيق لجمع بيانات ومعلومات وصياغة قوانين عن السلوك اإلنساني الحركي والفعلي على حد‬
‫سواء" )‪ .(4‬بينما يقول هليجارد )‪ ،E. Hilgard (1990‬بأن السلوك هو‪" :‬علم يدرس سلوك الكائن‬
‫الحي وخبرته" (نفس المرجع)‪ .‬حيث يعتبر محمد عودة الريماوى السلوك بأنه‪" :‬األفعال المالحظة‬
‫للفرد أو الجماعة" )‪.(5‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن علم النفس حسب )‪ Baron (1998‬هو‪":‬علم أكثر من مجرد جمع الحقائق‬
‫الهامة‪ .‬إنه يزودك بطريقة جديدة للتفكير في مشاعرك وأفكارك وأفعالك‪ ،‬إضافة إلى مشاعر وأفكار‬
‫وأفعال‬
‫‪.‬‬
‫)‪(6‬‬
‫اآلخرين"‬
‫وبينما يربط )‪ N. Mann (1996‬بين اإلنسان وبيئته قائال بأن علم النفس هو‪" :‬العلم الذي يهتم ويدرس‬
‫عمليات التوافق العامة ‪ Adjustment‬للكائن في بيئته" (‪ ،)7‬فإن وودورث )‪R. Woodworth (1992‬‬
‫‪ S‬يعتبره‪" :‬العلم الذي يمكننا من استخدام المعطيات السلوكية من فهم العمليات الداخلية التي تقود الناس أو‬
‫أفراد الكائنات الحية األخرى ليتصرفوا بالطريقة التي تصرفوا بها" )‪.(8‬‬
‫في الواقع‪ ،‬توجد اتجاهات مختلفة في النظر إلى اإلنسان‪ .‬فبينما يرى أصحاب االتجاه اإلنساني‬
‫‪( Humanistic approach‬نيتشه ‪ ،(1977) F. Nietzsche‬كيركيجارد ‪(1943) S.‬‬
‫‪ Kierkegaard‬وسارتر‪ (1945) J. P Sartre‬أن اإلنسان‪" :‬يختار بإرادته الحرة ويقرر أفعاله‪،‬‬
‫وبالتالي فهو مسؤول عنها‪ ،‬وال يستطيع إزاء أفعاله أن يلوم البيئة أو أباه أو الظروف المحيطة به" ‪.‬‬
‫)‪(9‬‬

‫يدرس علماء النفس المنشغلون في ميدان علم النفس االجتماعي والشخصية‪" :‬عالقات الفرد االجتماعية‬
‫وتأثير سلوكه بالعوامل االجتماعية المختلفة‪ ،‬كما يعالج تأثير اآلباء واإلخوة ورفاق اللعب وزمالء‬
‫الدراسة على شخصية الفرد وعلى سلوكه واتجاهاته" )‪.(10‬‬
‫أما أصحاب االتجاه السلوكي ‪ ،Behavioral approach‬فهم يحاولون‪" :‬تفسير سلوك الفرد عن‬
‫طريق ما يجري خارج الجسم من أحداث بيئية" )‪ .(11‬حيث كان واطسن )‪ ،J. Watson (1913‬عالم‬
‫النفس األمريكي‪ ،‬أول من اختلف مع أصحاب االتجاه العصبي البيولوجي ‪Neurobiological‬‬
‫‪ ، Approach‬الذين ركزوا اهتمامهم حول أفعال الفرد الباطنية بقوله أن‪" :‬السلوك الظاهر هو الذي‬
‫يجب أن يهتم به عالم النفس بدل اهتمامه بأفعال اإلنسان الداخلية" (‪.(12‬‬
‫أما علماء النفس التطوري ‪ Developmental psychology‬فهم يهتمون‪" :‬بظاهرة سلوكية‬
‫معينة أو فترة نمو الفرد بحد ذاتها لمعرفة خصائصها النمائية" )‪.(13‬‬
‫وبناء على ما سبق ‪ ،‬يمكن أن نستخلص من التعريفات السابقة واالتجاهات المختلفة‪ ،‬أن علم النفس هو‬
‫العلم الذي يدرس السلوك والخبرة اإلنسانية مركزا أساسا على دراسة السلوك الظاهر من خالل الفهم‬
‫‪ Understanding‬والضبط ‪ Control‬والتنبؤ ‪.Prediction‬‬
‫مفهوم االضطراب النفسي‪:‬‬
‫يدعى اضطراب النفس تركيبة الشخصية الحادة التي تفتقد إلى الليونة أو أن صاحبها يعاني‬
‫سه‪ .‬وما دام‬ ‫من االضطراب النفسي‪ .‬فاالضطراب النفسي إذن هو ذلك النوع من العلة الذي يُصيبُ الفرد نف َ‬
‫االضطراب أو المرض النفسي يصيب النفس‪ ،‬فهو يُظهر الشخص في صورة شاذة غير مألوفة تتغَير معها‬
‫خوف شديدٌ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫قلق أو حز ٌن أو‬ ‫ً‬
‫طباعُه وعاداتُه فيُصيبُه ٌ‬
‫أثر ُه في‬
‫يظهر ُ‬
‫ُ‬ ‫إن األمراض النفسية (ال ُعصابية)‪ ،‬هي تلك األمراض التي تؤثر في شخصية الفرد تأثيرا‬
‫نشاطه الحيوي‪ ،‬وقد تظهر أحيانا بعض عوارضًها على شكل تغيُر في طريقته المعيشية أو طريقة احتكاكه‬
‫بغيره من الكائنات الحية‪ ،‬وهي نتيجة لتغيُر ُجزئي أو كلي في نفسية الطفل التي هي القًوى الخفية فيه )‪.(14‬‬
‫الفرق بين االضطراب النفسي واالضطراب العقلي‪:‬‬
‫أن االضطرابات النفسية والعقلية متقاربة والفوارق بينهما هي أنه في حالة األمراض أو اإلضرابات‬
‫يعرف ما يحيط به‪ ،‬له ذاكرة وتفكير سليمين‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫النفسية (العُصابية)‪ ،‬نجد الطفل ال يزال محتفظا ً بشخصيته"؛‬
‫يشعر بحالته المرضية ويسعى للبحث عن عالج يخلًصه منها‪ .‬أما مريض العقل (الذُهاني)‪ ،‬فهو على النقيض‬
‫ال يحتفظ بشخصيته ويظهر في هيئات مختلفة لشخصية واحدة‪ ،‬جاهال ما يحيط به وتتأثر ذاكرتُه ويتغير‬
‫تفكيرهُ‪ ،‬معتَل اإلحساس والشعور؛ يضحك ويبكي بدون سبب قد يسيء إلى نفسه أو أقرب الناس إليه وال‬ ‫ُ‬
‫يشعر بخطورة مرضه وال يسعى للعالج‪.‬‬
‫كما أن الطفل المضطرب نفسيا الذي يشكو من أن تنقلب حالتُهُ إلى حالة عقلية لن يصاب باضطراب عقلي‪،‬‬
‫صر النفسي‪.(15) Neurosis Anxiety‬‬ ‫لكنه يُصاب بحالة قلق شديد يسمى بال َح َ‬
‫مفهوم العنف‪:‬‬
‫يعرف )‪ (Richard J. Gelles, Murray and A. Strauss, 1979: 554‬العنف بأنه‪ ،‬ذلك الفعل‬
‫الذي يقوم به اإلنسان بقصد إيقاع األلم الجسدي بشخص آخر‪ .‬ويشمل األلم الجسدي الخفيف‪ ،‬مثل ما يحدث‬
‫في الصفع غير المؤدي إلى القتل‪ .‬ويرجع سبب وجود قصد إحداث األلم إلى وجود عوامل كثيرة تمتد إلى‬
‫القلق على أمن الطفل (عندما يُُ ضرب لخروجه عن الطريق)‪ ،‬مما يجعل هذا األخير يحمل الشعور‬
‫بالحقد نحو اآلخر‪ .‬حيث يحتوي التعريف على العناصر التالية‪ :‬الفعل‪ -‬القصد‪ -‬األلم الجسدي‪ .‬من الواضح‬
‫أن هذا التعريف يركز على األلم الجسدي متجاهال اآلثار األخرى التي قد يحدثها الفعل‪ .‬وال تقتصر صورة‬
‫العنف على الضرب واألذى الجسدي فقط‪ ،‬بل هناك صور عديدة للعنف تؤدي إلى النتيجة ذاتها المتمثلة‬
‫في‪:‬‬
‫أوال‪ :‬زعزعة أمن األسرة وتهديد استقرارها‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬إلحاق الضرر النفسي والجسدي بالطفل‪ .‬ويتخذ هذا الضرر أشكاال عدة منها‪:‬‬
‫* العنف الجسدي ‪ :‬ويتمثل في الضرب المبرأ والمتكرر ألتفه األسباب دون مراعاة أي من الجوانب‬
‫الشرعية أو اإلنسانية‪.‬‬
‫* العنف النفسي ‪ :‬ويكون ذلك بممارسة ضغوط نفسية والسب والشتم واإلهانة والتحقير الدائمين‪ ،‬أو‬
‫الحرمان من المصروف اليومي واقتناء األشياء الضرورية‪.‬‬
‫* العنف العاطفي ‪ :‬ويتمثل في تصحر المشاعر وجفاف العواطف والقسوة في المعاملة في مواضع المحبة‬
‫والتعاطف والحرمان من الكلمة الطيبة والعشرة اللطيفة‪.‬‬
‫* العنف التعسفي ‪ :‬ويحدث ذلك بالمنع من الحقوق والحاجات كالحرمان من المصروف اليومي وزيارة‬
‫األصدقاء السيما أبناء الجيران‪ ،‬أو المنع من الخروج من البيت واللعب مع جماعة الرفاق‪ ،‬أو الحرمان من‬
‫الوظيفة أو الدراسة‪ ،‬أو باالستيالء على راتب الطفل العامل‪.‬‬

‫* العنف غير المباشر على الطفل‪:‬‬


‫حيث يتم استخدام العنف كذلك‪ ،‬بطريقة غير مباشرة على الطفل عن طريق إثارة الذعر والخوف في‬
‫كل أرجاء المنزل بالصراخ والغضب والتهديد ألتفه األسباب‪ ،‬وبتحطيم األواني أو بضرب الطفل على‬
‫مرأى ومسمع من الضيوف أو الجيران أو األشخاص الغرباء بهدف استفزازه وإثارته‪.‬‬
‫;‪(Dollard & al.,1939; Freud, 1940; Miller, 1941; Berkowitz, 1962; Bandura, 1971‬‬
‫‪Kaplan,1972; Farrington, 1975…).‬‬
‫مفهوم الشخصية‪:‬‬
‫تعرف الشخصية عند أجبرت وينكوف (‪ (O. Winkoff‬على أنها "التكامل النفسي واالجتماعي للسلوك‬
‫عند الكائن اإلنساني الذي تعبر عنه عادات الفعل والشعور واالتجاهات واآلراء والقيم‪ .‬وتشتمل أيضا على‬
‫كل نواحي السلوك" )‪ .(16‬أما عند لند برج (‪ ،)Lundburg‬فتشير الشخصية إلى "العادات واالتجاهات‬
‫والسمات االجتماعية األخرى التي تميز سلوك فرد معين وكذلك تدل الشخصية على أنساق السلوك التي‬
‫تكتسب من خالل عمليات التعلم والتفاعل االجتماعي" )‪ .(17‬وتشير السمات في هذا السياق‪ ،‬إلى تعبيرات‬
‫ظاهرة كالعدوانية أو الغضب أو الحزن أو تعبيرات سطحية كاحمرار وجه الطفل أو غلقه الباب بقوة عند‬
‫وجوده في موقف ما للتعبير عن استعداده لالستجابة بشعور ما‪.‬‬
‫مفهوم السلوك‪:‬‬
‫يعنى السلوك ‪ Behavior‬في بحثنا‪ ،‬كل ما يقوم به الطفل من ردود أفعال ناشئة عن تأثير متبادل بينه‬
‫وبين بيئته‪ .‬ويتضمن األفعال الجسمانية الظاهرة كالتمرد مثال والعصيان والبكاء والصراخ واألفعال الباطنية‬
‫كالشعور باالكتئاب واإلحباط والرغبة في االنتقام ;‪; A. Bandura, 1986‬أ‪.‬د عبد الرحمن عدس وأ‪.‬د‬
‫محي الدين توق‪1997 ،‬؛‬
‫‪http://Plato.stanford.edu/entries/behaviorism/#1.retrived, December 22, 2003).‬‬
‫وال تكفى اإلشارة إلى التأثيرات البيئية لتفسير سلوكنا تفسيرا ً كامالً‪ ،‬فكل فرد يكون مزودا بخصائص مختلفة‬
‫تؤثر في كيفية سلوكه‪ .‬وكما رأينا‪ ،‬فإن السلوك يعتبر جزءا ال يتجزأ من الشخصية‪.‬‬
‫المنهج المستخدم ومجتمع الدراسة‪:‬‬
‫نظرا لكون موضوع الدراسة المطروأ هنا يتناول قضية اجتماعية ملحوظة‪ ،‬فإن ذلك يفرض استخدام‬
‫دراسة الحالة كأداة ومنهج‪ .‬حيث تعتبر أنسب الطرق لمعالجة هذا الموضوع‪.‬‬
‫و بما أن موضوع الدراسة يدور حول "االضطرابات النفسية والسلوكية"‪ ،‬فإن مجتمع الدراسة أشتمل على‬
‫عينة من ذكور وإناث السنة أولى وثانية ثانوي الذين يقطنون بمدينة عنابة ويعانون من مشكالت‬
‫االضطرابات النفسية واالنحرافات السلوكية‪.‬‬
‫بعد تحديد المفاهيم األساسية التي تضمنها البحث وكذا المنهج المستخدم ومجتمع الدراسة‪ ،‬سنعرج على‬
‫بعض المداخل النظرية والدراسات التطبيقية التحليلية‪ ،‬التي تناولت موضوع االضطرابات النفسية‬
‫والسلوكية لدى األطفال عامة والمراهقين على وجه الخصوص‪.‬‬

‫‪ -III‬المقاربات النظرية والدراسات ذات العالقة باالضطرابات النفسية والسلوكية‪:‬‬


‫❖ المقاربات النظرية‪:‬‬
‫ال توجد نظرية واحدة في موضوع االضطرابات النفسية والسلوكية لدى األطفال‪ ،‬بل هناك مقاربات‬
‫نظرية عديدة تهتم كل واحدة منها باتجاه معين للتحليل والبحث في مدى تأثير الجو األسري على سلوك‬
‫األحداث‪ .‬ومن بين هذه النظريات‪ ،‬نذكر‪ :‬نظرية التحليل النفسي‪ ،‬نظرية نمو الشخصية‪ ،‬نظرية التعلم‬
‫االجتماعي ونظرية النمو العقلي‪.‬‬
‫‪ .1‬نظرية التحليل النفسي‪Psychoanalysis Theory :‬‬
‫لقد ازداد توجّه اهتمام الباحثين والمختصين في مجال تربية األطفال واالعتناء بصحتهم الجسدية‬
‫والنفسية وإمكانية إصابتهم بعلل واضطرابات نفسية وسلوكية‪ ،‬نتيجة النظريات والدراسات التحليلية‬
‫والتطبيقية التي أطلقها “سيغموند فرويد” ‪ ،Sigmund Freud‬وأتباعه مثل “أدلر‪”Alfred Adler‬‬
‫و”يونغ ‪ .”Carl Gustav Jung‬حيث طور (‪ Sigmund Freud, (1940‬طريقه لمعالجة‬
‫االضطرابات الوجدانية سُميت بالتحليل النفسي ‪ .Psychoanalysis‬وتعتمد هذه الطريقة على‬
‫االفتراض الذي مفاده أن معظم السلوك البشري يتأثر بدوافع ال يكون الفرد واعا بها‪.‬‬
‫فمن جهة‪ ،‬يرى فرويد أن األحداث الممارسة خالل فترة الطفولة يكون لها تأثيرا عميقا على الطفل بعد‬
‫بلوغه‪ .‬وتماشيا مع ذلك‪ ،‬قسم فرويد الشخصية إلى ثالثة أجزاء ‪ .‬الالشعور (‪ )ID‬واألنا (‪ )Ego‬واألنا‬
‫األعلى (‪ .)Superego‬ويتعلق الالشعور بالدوافع الجنسية والعدوانية التي أطلق عليها فرويد اسم‬
‫الغرائز (‪ .)Instincts‬حيث يهتم الالشعور بإشباع الحاجات الملحة مثل اللذة وتجنب األلم‪ .‬أما "ألنا"‬
‫فيتكون لكبح نزوات الالشعور )‪ .(Sentiment Impulses‬وفي الوقت الذي يبنى فيه الالشعور على‬
‫اللذة‪ ،‬فإن األنا ينبني على الواقع‪ .‬أي أن األنا يؤثر على الالشعور ويساعده على التكيف مع مطالب‬
‫الواقع‪.‬‬
‫أما األنا األعلى)‪ (Superego‬فهو ذلك الجزء من الشخصية الذي يتعلق بأتباع السلوك المناسب‬
‫والصحيح‪ ،‬ويهدف إلى المدأ والتمجيد‪ .‬فهو يشبه مفهوم الضمير ويجعل الطفل يحس بالذنب وتأنيب‬
‫الضمير عندما يقوم بسلوك غير مقبول‪ .‬و يكون األنا دائما في وضع يحافظ على التوازن بين الحاجات‬
‫التي تبحث عن اللذة في الالشعور وأوامر أمتثال السلوك الصادرة عن األنا األعلى‪.‬‬
‫وبما أن إمكانية تقدير صحة الطفل النفسية تتطلب اإلحاطة التامة بسلوكه ومظاهر حياته الفكرية‬
‫والعاطفية واألسرية واالجتماعية‪ ،‬وبما أن البحث في االضطرابات النفسية وعملية التطبّع السلوكي تبدأ‬
‫من الطفولة‪ ،‬فقد حصر فرويد اهتمامه بتشخيص وتقدير العوامل المؤثرة في الكيان النفسي عامة‬
‫(كالذكاء والخيال والذاكرة واألحاسيس واإلرادة والطموأ‪ )...‬والحياة النفسية لدى الطفل من مرحلة‬
‫الطفولة حتى سن البلوغ‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن فرويد في حديثه عن التنشئة االجتماعية يقول أن عملية التدريب مهمة إلى‬
‫درجة كبيرة بالنسبة لألطفال وأن لتعرضهم لمعاملة مرنة أو معاملة قاسية آثارا على شخصية‬
‫األطفال‪ .‬وأن النمو األخالقي ال يمكن فصله عن نمو الشخصية بصفة عامة‪ ،‬بل يمكن اعتباره أساس‬
‫نمو الشخصية في حد ذاته‪ .‬وعلى الرغم من رفض العلماء المعاصرين للعديد من أفكار فرويد‪ ،‬فإن‬
‫مساهمته بالنسبة لتطور علم النفس معتبرة ‪(S. Freud, 1940; Glueck & Glueck, 1950; C.H.‬‬
‫‪Cooley, 1956; Peck & Havighurst, 1960; Hertherington & Brackbill, 1963…).‬‬
‫نظرية نمو الشخصية‪Personality Development Theory :‬‬
‫في الوقت الذي يعزو فيه الكثير من العلماء تطور هذه النظرية إلى فرويد‪ ،‬فإن نظرية نمو الشخصية‬
‫عند )‪ )Eric Erickson‬انطلقت من المنظور الفرويدي ( الذي هو أستاذه)‪ .‬ولكنه رفض التركيز على‬
‫الجانب النفسي الجنسي (‪ )psychosexual emphasis‬الذي ربطه فرويد بنمو شخصية الطفل من‬
‫خالل مناقشته لعقدة أوديب (‪ .)Oedipus complex‬كما رفض ‪ Erickson‬فكرة فرويد التي مفادها‪،‬‬
‫أن األزمات إذا لم تحل فإنها تؤدي إلى مشكالت عُصبية‪.‬‬
‫لقد أهتم ‪ Erickson‬باألزمات ذات العالقة بالجانب االجتماعي (‪ )Social‬بدال من الجانب الجنسي‬
‫(‪ .)Sexual‬حيث طور ثمانية مراحل تبرز النمو العاطفي للطفل الذي يمتد من الوالدة إلى سن الرشد‬
‫(‪ Erickson )1950‬مفترضا وجود سلسلة من الصراعات النفسية التي تنشأ خالل مراحل التفاعل‬
‫االجتماعي بين الطفل الذي هو بصدد النمو واألفراد الموجودين من حوله (‪ .)1963‬حيث يرى أن‬
‫التفاعالت االجتماعية المبكرة للطفل تكون ُمنصبة على الحصول على العناية من قبل األم‪.‬‬
‫تكون الشخصية عند الطفل يمتدان من لحظة‬ ‫كما يرى ‪ Erickson‬أن التنشئة االجتماعية وعملية ُ‬
‫الوالدة حتى سن الرشد‪ .‬في حين أن فرويد يحدد نمو الشخصية من فترة الوالدة إلى النضج الجنسي‪.‬‬
‫كما يربط (‪ Erickson (1959‬مفهوم الذات مع نوعية عملية التنشئة االجتماعية‪ .‬بمعنى أن الطفل‬
‫يكونها اآلخرون حوله‪ ،‬وذلك من خالل تفاعله اليومي مع أعضاء‬ ‫يكون فكرة حول الصورة الحقيقية التي ً‬
‫المجتمع‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإن هذه الصورة تساعده في عملية بناء صورة حول نفسه‪ .‬فإذا عامله اآلخرون باهتمام‬
‫قوي وعطف‪ ،‬فإنه يشعر بنفسه كفرد محبوب وجذاب وشخص مهم‪ .‬وبانتباهه (‪ )Being attentive‬لما‬
‫يعتقد اآلخرون بخصوصه‪ ،‬فإنه يكون الحكم القيمي الضروري لتوجيهه الذاتي‪ .‬وعندما يكبر يصبح‬
‫واعيا ً بأن هذه الشخصية المختلفة تميزه عن اآلخرين‪ .‬وعلى العموم‪ ،‬فإن الطفل ال يحس بأنه مندمج‬
‫اجتماعيا ً أو مرفوض فقط‪ ،‬ولكنه يصبح كذلك قادرا ً على التمييز بين الثناء واللوم )‪.(18‬‬

‫وبناء على ما سبق‪ ،‬يمكن القول بأن هذه المواقف المعممة التي جاء بها علماء النفس االجتماعي‪،‬‬
‫ال من تقديمها على شكل قضايا قائمة تُعبر عن واقع قابل‬‫قد تم تقديمها على شكل اعتقادات فلسفية بد ً‬
‫لالختبار‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬ال يقدم ‪ Erickson‬أية دليل بأن األفراد يواجهون واجبات موحدة خالل‬
‫مراحل مختلفة من حياتهم‪ .‬كما أنه ال يواجه بالتحديد االفتراضات التي ُمؤداها لماذا يستجيب الشخص‬
‫لهذه التحديات المفترضة بطريقة أو بأخرى)‪.(19‬‬

‫نظرية التعلم االجتماعي‪Social Learning Theory :‬‬


‫في وصفه لنمو الشخصية البشرية‪ ،‬الحظ ‪ Charles Horton Cooley‬بأن األطفال الصغار في‬
‫معاملتهم مع هؤالء الكبار سواء كانوا أمهات أو أباء أو معلمين‪ ،‬كانوا يقلدون بعناية فائقة كل جوانب‬
‫السلوك الذي يمارسه اآلخرون‪.‬‬
‫كما أنه تيقن بأنه‪ ،‬إذا كان األطفال يعتقدون أن اآلخرين يجدونهم أذكياء (‪ )Bright‬ويقظين‪ ،‬فإنهم‬
‫يشعرون باالعتزاز‪ .‬أما إذا كانوا يظنون بأن اآلخرين يجدونهم غير بارعين (‪ )Clumsy‬وبطيئي التعلم‪،‬‬
‫فإنهم يشعرون بالخجل‪ .‬حيث يؤول األطفال االستجابات نحوهم ويستعملونها لتكوين الشعور حول‬
‫أنفسهم‪.‬‬
‫إن العملية المسماة )‪ (The looking-glass process‬التي تبدأ أثناء الطفولة تستمر طيلة حياة األطفال‪.‬‬
‫حيث يعتقد ‪ ،Cooley‬بأنه من دون عملية التفاعل هذه‪ ،‬فإن عملية الشعور بالذات تكون غير‬
‫ممكنة )‪.(20‬‬
‫ففي الوقت الذي تؤكد فيه بعض الدراسات بأن شعور الطفل باالنتماء واألمن وقبوله من قبل المجتمع‬
‫وكذلك التربية الحسنة هي بمثابة عوامل مهمة بالنسبة لنمو شخصيته ونموه البيولوجي ( ‪Erickson‬‬
‫‪ ،)1959; Harlow 1978‬فإن دراسات أخرى بينت‪ ،‬بأن تجاربه العاطفية واإلساءة له فيزيقيا ً أثناء‬
‫طفولته لها آثار سلبية على الناحية االجتماعية لشخصيته ونموه بصفة عامة ‪(Mac Coby & levy,‬‬
‫…‪.)1957; Maslow, 1977; Sullivan, 1978‬‬
‫وعندما يكون الطفل بصدد النمو‪ ،‬فإن تفاعله مع اآلخرين يساعده على امتصاص اتجاهات وقيم أفراد‬
‫الجماعة التي يتفاعل معها‪ .‬وهنا تبلغ الذات نموها الكامل في نفس الوقت الذي تصبح فيه اتجاهات‬
‫المجتمع الصغير جزءا من شخصيته حيث يقوم بتوجيه تصرفاته ويرشد سلوكه‬
‫)‪.Coser, L. A )1967‬‬
‫وعلى عكس تنبؤات علماء النفس‪ ،‬فإن )‪ A. Bandura (1973‬يفرق بين الطرق التي من خاللها يتعلم‬
‫الطفل األفعال األخالقية‪ ،‬وكذلك األسباب التي تجعل األفراد يقومون بهذه األفعال نتيجة لذلك‪ .‬ويمكن‬
‫تلخيص حجة ‪ ،Bandura‬في كون الطفل يتعلم ما هو مثاب عليه وما هو معاقب عليه‪ ،‬وتكون أفعاله‬
‫المستقبلية مسيرة من خالل توقعاته للثواب أو العقاب‪ .‬وفي حقيقة األمر‪ ،‬فإن معظم ما يتعلم فعله‪ ،‬يكون‬
‫عن طريق مشاهدة اآلخرين ومالحظة نتائج أفعالهم‪ .‬كما أن األطفال يختلفون بالنسبة للدرجة التي تمكنهم‬
‫‪.‬‬
‫)‪(21‬‬
‫من التعلم من نموذج ما‬

‫وأخيرا ً يمكن القول أنه‪ ،‬في الوقت الذي تشرأ فيه نظرية التعلم االجتماعي كيف يتعلم الفرد األفعال‬
‫األخالقية‪ ،‬فإن نظرية الشخصية تبحث في ماذا يتعلم الفرد خالل فترة تربيته األخالقية‪ .‬كما أن نظرية‬
‫عملية التعلم االجتماعي تهتم بصفة أساسية بالعملية في حد ذاتها‪ .‬بينما نظرية الشخصية تبحث في‬
‫المحتوى‪ ،‬وبذلك تكونان مكملتين لبعضهما‪.‬‬

‫‪ .2‬نظرية النمو العقلي‪Mental Development Theory :‬‬


‫بالنسبة لعلماء االجتماع‪ ،‬فإن قيمة عمل بياجي ‪ Piaget‬في مجال النمو العقلي‪ ،‬تكمن في تركيزه‬
‫على التفاعل االجتماعي كأساس الكتساب المواقف واالتجاهات األخالقية‪ ،‬إال أن عملية التنشئة ليست‬
‫دائما ناجحة بصفة تامة‪ .‬حيث أن كل األفراد يظهرون اختالفات مزاجية ابتداء من وقت الوالدة‪ ،‬وكل‬
‫فرد يتعلم من أوضاع معينة بطريقته الخاصة‪ .‬وتكون نتيجة ذلك‪ ،‬عددا ال متناه من النماذج الشخصية‬
‫بين مجموعة األفراد المتفاعلين الذين يتكون منهم المجتمع‪.‬‬
‫وخالل الثالثين سنة من القرن الماضي‪ ،‬فإن العلماء االجتماعيين درسوا النمو األخالقي من خالل‬
‫االعتماد على عمليات جرد المعلومات المتعلقة بالقواعد األخالقية المتعلقة باألطفال (‪.)Ethical Rules‬‬
‫وبعد ‪ 1930‬عُرف التعلم بأنه‪ ،‬تغير في السلوك بعد التعرض لتجربة أو خبرة‪.‬‬
‫فإذا تصرف الطفل طبقا للقواعد األخالقية لجماعته‪ ،‬فإن التعلم األخالقي يكون قد حدث بالضرورة‪.‬‬
‫وتنحصر المشكلة في كيفية تحليل العمليات والميكانيزمات التي من خاللها يتعلم الطفل كيف يتصرف‬
‫أخالقيا وكيف يستمر في فعل ذلك مع مرور الوقت‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬فإن منظري التعلم ال يفرقون بين‬
‫السلوك األخالقي وأي نوع آخر من السلوك ‪.(Hartshorne and May; Bandura, Mitchell,‬‬
‫… ‪.)Baumrind & Others‬‬
‫‪ .3‬نظرية التطور االجتماعي‪Social Progress Theory :‬‬
‫من وجه ة نظر التطورية االجتماعية‪ ،‬إن استقاللية الطفل تعني االنصياع الذاتي للقواعد وقيم ثقافة‬
‫الفرد بغض النظر عن آمال السلطات والرفاق‪ .‬وتماشيا ً مع ذلك‪ ،‬فإن االستقاللية يكمن بلوغها في‬
‫المراهقة من خالل دمالج (‪ )Incorporation‬الدروس المستقاة من التجربة االجتماعية السابقة في‬
‫أيديولوجية أخالق دينية‪ ،‬سياسية‪ ،‬إنسانية أو علمية ذات نظره عالمية‪.‬‬
‫وبمعنى أدق حسب )‪ ،Diana Baumrind (1971‬يبدو أن االستقاللية تنتج عن الوالدين اللذين‬
‫يتصفان بالدفء والشدة (سلطويين) واللذين يمثالن كذلك نماذج ناضجة من االستقاللية‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬فإنه‬
‫على الرغم من وجود اختالفات فردية بين األطفال‪ ،‬فإن عملية التنشئة تشمل (‪ )Involves‬عملية إدماج‬
‫الطفل في ثقافة لها متطلبات محددة عليه وتوقعات محددة من قبل الطفل‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن األسرة تنجب من‬
‫خالل عملية التنشئة أشخاصا ً كبارا ً يتصفون بالمسؤولية والصحة والقوة ومهيئين لتحمل مسؤوليات‬
‫والديهم في المؤسسات االجتماعية واالقتصادية وكذلك قادرين على والدة جيل جديد من خالل بناء‬
‫أسرهم الخاصة بهم‪.‬‬
‫إن لمرحلة الطفولة أهمية كبرى في توافق الطفل وبناء شخصيته في المستقبل‪ .‬حيث أدرك علماء‬
‫االجتماع وعلماء النفس المرضي وعلماء الصحة النفسية أهمية دراسة مشكالت الطفل وعالجها في سن‬
‫مبكرة قبل أن تستفحل وتؤدي إلى انحرافات نفسية وضعف في الصحة النفسية في مراحل العمر‬
‫التالية & ‪(Piaget, 1964; Hogan, 1969, 1975; Baumrind,1971; Stayton, Hogan‬‬
‫…‪.)Ainsworth, 1971; Hogan, 1975; Enriquez, 1984‬‬
‫❖ الدراسات السابقة‪:‬‬
‫لقد تم التأكيد امبريقيا ً‪ ،‬بأن المعاملة السيئة لألطفال خالل أعمار مبكرة من حياتهم تنتج عنها خسائر‬
‫معتبرة قد تؤثر على الحياة المستقبلية للطفل مع تشويه نموه النفسي والعاطفي والعقلي‪ .‬فبعض الباحثين‬
‫يرون (‪ )Garbarino & al, 1991 ; Ney & al, 1994‬أن المشكالت التي يسببها تعرض األطفال‬
‫للعنف ال تؤثر على صحتهم الجسدية وسالمتهم فحسب‪ ،‬ولكنها كذلك تؤثر على تكيفهم النفسي وعالقاتهم‬
‫االجتماعية وتحصيلهم األكاديمي‪.‬‬
‫كما يرى ‪ ،Garbarino & al‬أن أثر التعرض للعنف يؤثر على نظرة األطفال للعالم ونظرتهم ألنفسهم‪،‬‬
‫وكذلك أفكارهم حول المعنى والمغزى من الحياة وتوقعاتهم بالنسبة لسعادتهم المستقبلية ونموهم العقلي‪.‬‬
‫ويضيف نفس الباحثون أن أثر العنف يتجاوز مرحلة التعرض المباشرة ( ‪(The immediate‬‬
‫‪ ، aftermath‬وفي بعض األحيان يحدث بعد سنوات من ذلك‪ ،‬حيث يؤثر على األشخاص في كبرهم‪.‬‬
‫كما يرى باحثون آخرون ‪(Finkelhor, 1986; Lewis, 1992; Rossman Brown and‬‬
‫‪ ،)and Rosenberg, 1998‬أن سوء المعاملة باإلضافة إلى النتائج النفسية الواسعة المرتبطة بسوء‬
‫المعاملة الجسدية والجنسية لألطفال‪ ،‬مثل القلق والكآبة والسلوك االنتحاري تزيد من تعرض المراهقين‬
‫أكثر للخطر والسلوك الهروبي المتمثل في الهروب من البيت‪ .‬وهذه السلوكات تزيد بدورها من إمكانية‬
‫حدوث أنواع أخرى من المشكالت الصحية والنفسية‪.‬‬
‫أما الكاتبان ‪ ،R.M. Youssef & H.Y. Atta‬فإنهما يضيفان في كتابهما ‪(Child abuse‬‬
‫‪ )and neglect: its perception by those who work with children,‬بأن األطفال الذين‬
‫تعرضوا لإلساءة تكون لديهم مشكالت دراسية تتمثل في صعوبة تعلمهم ومشاكل لها عالقة بسلوكهم‬
‫العام‪ .‬حيث يتصفون بالكآبة والعزلة أو يكونون عدوانيين جدا ً أو مشاغبين‪.‬‬
‫وهذا السلوك عادة ما يندرج تحت ما يسمى بانحراف األحداث الذي عادة ما يبدأ على شكل الهروب من‬
‫البيت وينتهي بالطفل إلى التورط في جرائم األحداث الخطيرة مثل السرقة‪ ،‬اقتحام البيوت‪ ،‬والسطو‬
‫(‪ )Burglary‬واالعتداء )‪.(agression‬‬
‫كما اتضح من دراسة ميدانية أجراها عدلي السمري بالقاهرة‪ ،‬تحت عنوان "العنف في األسرة‪،‬‬
‫تأديب مشروع أم انتهاك محظور (‪ ،")2001‬والتي شملت عينة عمديه قوامها ‪ 200‬أسرة‪ ،‬أن األوالد‬
‫الذين يشاهدون العنف بين األبوين من المحتمل أن يمارسوا العنف مستقبال بصورة أكبر من األوالد الذين‬
‫كانوا هدفا لعنف األبوين‪ .‬ولكن األوالد الذين كانوا هدفا للعنف من األبوين من المحتمل أن يصبحوا أكثر‬
‫عنفا عندما يكبرون أكثر من األوالد الذين كانوا مجرد مشاهدين للعنف بين الزوجين )‪.(22‬‬
‫صرأ )‪ Sears, Mac Coby & Levy (1957‬من خالل دراستهم‪ ،‬أن درجة تحكم اآلباء كانت‬ ‫كما ّ‬
‫ً‬
‫التمدرس في الحاالت التي نادرا ما ال يعاقب فيها الوالدان‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫عالية ومرتبطة سلبا بعدوانية أطفال ما قبل سن‬
‫السلوكات العدوانية ألطفالهم‪ .‬لذلك‪ ،‬فإنهم يرون بكل بساطة‪ ،‬بأن معاقبة العدوانية يمكن أن تعطي نتائج‬
‫عكسية‪ ،‬ألنه بالمعاقبة‪ ،‬يكون الوالدان بصدد نمذجة العدوانية (تكوين نموذج عدواني)‪.‬‬
‫وتعزيزا ً لهذه النتائج‪ ،‬فإن مراجعة األدبيات التي قام بها ‪Oliver, 1993; Kaufman and Ziegler,‬‬
‫‪ ،1987‬تقترأ بأن ثلث األطفال ضحايا سوء المعاملة تقريبا يصبحون آباء يمارسون سوء المعاملة واإلهمال‬
‫ضد أطفالهم‪ .‬حيث يذكر الباحثان‪ ،‬بأن هناك ‪ % 30‬من األشخاص الذين تعرضوا لسوء المعاملة الجسدية‬
‫ال أصبحوا يسيئون معاملة أطفالهم عند كبرهم‪ .‬وهذا مقابل ‪ %5‬فقط‬ ‫والجنسية واإلهمال عندما كانوا أطفا ً‬
‫من الذين لم يتعرضوا لسوء المعاملة في صغرهم‪.‬‬
‫وبعد استعراض أهم النظريات والدراسات ذات العالقة باالضطرابات النفسية والسلوكية لدى األطفال‬
‫عامة والمراهقين خاصة‪ .‬وبناء على ما تمت مناقشته آنفا‪ ،‬فإنه من األهمية بمكان تقديم دراسة الحاالت التي‬
‫تمت معالجتها في العمل الميداني‪.‬‬
‫‪ -V‬نماذج للسلوك المنحرف‪:‬‬
‫لقد تم اختيار سبع حاالت بإتباع مبدأ المعاينة القصدية ضمن مجموعة تالميذ السنة األولى والسنة الثانية‬
‫من التعليم الثانوي (بثانوية وادي القبة‪ ،‬بمدينة عنابة) الذين يتسمون بالعدوانية أو ضعف التحصيل الدراسي‬
‫أو ظهور مشاعر االنسحاب والتقوقع أو التشاؤم واليأس والحزن‪ ،‬وذلك حسب وجهة نظر هيئة التدريس أو‬
‫مستشار التربية‪.‬‬
‫وبعد انتقاء أفراد عينة الدراسة من مجتمع يتكون من عشرين تلميذا وتلميذة يتميزون بعدم االستقرار األسري‬
‫وعدم احترام القوانين الداخلية للمؤسسة أو يتسمون باألعراض المذكورة أعاله‪ ،‬تم اختيار األطفال‪ :‬أمين‪،‬‬
‫وسليم‪ ،‬وفاطمة‪ ،‬وياسر وسامية‪.‬‬
‫❖ أدوات جمع البيانات‪:‬‬
‫اعتمدنا في هذه الدراسة بشكل أساسي على جدول صمم لجمع البيانات لعينة األطفال‪ .‬وقد تضمن الجدول‬
‫مجموعة من التساؤالت‪ ،‬بحيث غطى كل تساؤل منها عنصرا من عناصر الموضوع كما يلي‪:‬‬
‫✓ البيانات الشخصية واالجتماعية للطفل وأسرته‪.‬‬
‫✓ بيانات حول العالقات األسرية‪.‬‬
‫✓ بيانات حول تحصيل الطفل المدرسي وحالته الصحية والنفسية والسلوكية‪.‬‬
‫✓ بيانات حول ردود أفعال الطفل عندما يقوم ولي أمره بتصرفات عنيفة معه‪.‬‬
‫✓ بيانات حول عالقة الطفل بوالديه‪ ،‬وزمالئه ومعلميه‪.‬‬
‫وقد أتاحت لنا المقابلة الفرصة لمالحظة سلوك هذه الحاالت‪ ،‬وهي تتفاعل مع المعلم والزمالء‪ .‬كما أنه‬
‫من األهمية بمكان أن نوضح كذلك‪ ،‬أن البيانات قد سجلت بطريقة فورية أثناء عملية مقابلة كل مفردة على‬
‫حدا بواسطة مسجلة الصوت‪.‬‬
‫❖ نتائج العمل الميداني‬
‫إ ن الدراسات الوصفية للحالة المعاشة ودراسة الحالة والشهادات المباشرة حول سوء المعاملة تعطي‬
‫صورة حقيقية عن اآلثار التي يخلفها العقاب الجسدي والعقاب المعنوي على نفس وسلوك الطفل ونمو‬
‫شخصيته‪.‬‬
‫‪ -1‬حالة أمين ‪ :‬تتألف أسرة أمين من أربعة أطفال‪ ،‬وهو الطفل األصغر‪ .‬سنه سبعة عشر سنة وهو تلميذ في‬
‫السنة الثانية ثانوي‪ .‬يرجع السبب في سلوك أبي أمين العنيف إلى إدمانه على الحبوب المخدرة‪ .‬فكلما تنقصه‬
‫المادة المخدرة‪ ،‬ينشب شجار حاد بينه وبين زوجته‪ ،‬فينهال عليها ضربا‪ .‬عندئذ‪ ،‬يعلو صراخها من األلم‪.‬‬
‫أصبح أمين مضطربا‪ ،‬ألنه يخاف على أمن وسالمة أمه‪ .‬فهو يخشى إصابتها كالعادة بجروأ بالغة‬
‫الخطورة‪ .‬ينعزل في غرفته خوفا من االصطدام بأبيه وإثارة غضبه ببكائه‪ .‬فعادة ما ينتاب أمين الشعور‬
‫بالحزن واليأس‪ ،‬كما ضعف تحصيله الدراسي‪ .‬فضال عن سوء عالقته بمعلميه وأقرانه في الفصل‪ ،‬يتشاجر‬
‫أمين دوما مع أبناء الجيران الذين يطلقون على أبيه أسماء قبيحة تسبب له إحراجا‪.‬‬
‫اتضح من خالل اتصال المعلم بأمه‪ ،‬أن والد أمين ينهال على ابنه ضربا وشتما كلما تدخل للدفاع عنها‪ .‬هذه‬
‫الظروف جعلت أمين ال يشارك في القسم وال يحاول االنتباه‪ .‬كما يتوقع له الطرد النهائي في نهاية السنة‪.‬‬
‫‪ -2‬حالة سليم ‪ :‬يدرس سليم في السنة األولى ثانوي وهو في السادسة عشر من العمر‪ .‬تحصيله ضعيف جدا‪،‬‬
‫ولكن المعلمين يتعاطفون معه ألن أمه متوفية وأبوه عنيف وعصبي‪ .‬يعرف الجميع أن أب سليم يتعاطى‬
‫الكحول وأنه يميل إلى الصراأ والشجار مع الجيران‪ .‬أصبح سليم يتعمد الغياب عن الدراسة‪ ،‬إذ أنه ال‬
‫يستوعب أية مادة ويمضي وقته مع رفاق السوء‪.‬‬
‫يتعاطى سليم الكحول والمخدرات ولما ينقصه المال لشراء هذه المواد التي تسمح له بنسيان همومه‬
‫واالسترخاء بعض الوقت‪ ،‬يقوم بأفعال النشل والسرقة مع شلة الرفاق‪ .‬كما يكثر سليم الشجار مع المنحرفين‬
‫أمثاله وأطفال الشوارع ألتفه األسباب‪.‬‬
‫يعامله والده بقسوة‪ ،‬كما يعاقبه بالضرب والسب والشتم واإلهانة ألتفه األسباب على مرأى من إخوته وأطفال‬
‫الجيران‪ .‬وال يسمح له بالدخول إلي البيت لمدة أسابيع‪ .‬دخل سليم السجن عدة مرات بسبب السرقة واالعتداء‬
‫علي الغير‪ .‬يشعر سليم بالدونية والكآبة والحزن الشديد‪ ،‬ويتحلى بالسلوك االنتحاري‪.‬‬
‫‪ -3‬حالة فاطمة‪ :‬تدرس فاطمة بالسنة أولى‪ ،‬حيث بدأت معاناتها بعد انفصال والديها‪ ،‬وأصبح والدها يتعاط‬
‫المسكرات والمخدرات والعقاقير المخدرة (مثل‪ :‬المهدئات‪ ،‬المنومات‪ ،‬المنشطات والشراب المنعش‬
‫والمقوي) للهروب من مشاكله الشخصية وتسكين القلق الزائد الذي ينتابه في كل األوقات والتوتر واالكتئاب‪،‬‬
‫حيث بات اإلدمان نمطا ً سلوكيا ً عاديا ً في حياة والدها‪ ،‬فازدادت الضغوط النفسية عليها‪ .‬فصارت مكلفة‬
‫بأعباء المنزل من غسيل وطهي‪ ،‬كما أنخفض تحصيلها الدراسي‪ .‬كانت فاطمة في السادسة عشر من عمرها‪،‬‬
‫لما أصبحت بمثابة "الخادمة" في البيت‪.‬‬
‫لكن هذا الوضع لم يكن كاف إلرضاء والدها الذي كان يستفزها في كل األوقات ويضربها ألتفه األسباب‬
‫ويقارنها بوالدتها الفاشلة وعديمة الشخصية‪ .‬ترى فاطمة نفسها أقل قيمة وذكاء وجاذبية من البنات في سنها‪،‬‬
‫فأصبحت تعاني من العصبية وسهولة االنفعال‪ .‬حاولت االنتحار أكثر من مرة‪ ،‬لكن تم إنقاذها في كل محاولة‪.‬‬
‫وال ينفك يراود فاطمة الشعور بالغضب الداخلي‪ ،‬فينتابها اإلحساس بالنفور والكراهية تجاه والدها سيئ‬
‫الطباع‪ ،‬العنيف والمدمن على المسكرات والمخدرات‪.‬‬

‫‪ -4‬حالة ياسر‪ :‬ياسر تلميذ في الخامسة عشر من عمره‪ ،‬وهو الولد األصغر في العائلة وله ثالث أخوات‪.‬‬
‫أبو ياسر عصبي ومتشدد‪ ،‬كما انه مدمن على المواد الكحولية والمشروبات الروحية مثل‪ :‬البيرة أو‬
‫الويسكي التي هي أشد تأثيرا ً من المخدرات‪ .‬يقول ياسر أن أبيه يعاني من غياب متكرر من العمل‪،‬‬
‫ويعتدي بالضرب على والدته أو أخوته وهو في حالة سكر‪ ،‬فضال عن مشاكل مالية بسبب شراء‬
‫المشروبات الكحولية بشكل يومي‪ .‬يتناول والده الشرب منفردا بشكل متكرر وخالل النهار‪ ،‬كما تعود‬
‫قيادة السيارة في حالة السكر‪ .‬لذا ال يجد ياسر راحته إال خارج بيت أهله‪ .‬حيث يذهب إلي بيت جده‪،‬‬
‫كلما أتيحت له الفرصة ليدرس ويمارس الكمبيوتر بإفراط‪.‬‬
‫حذرت الخاالت أمه من انحراف ابنها عن طريق التحدث مع البنات عبر اإلنترنيت والهاتف النقال واإلفراط‬
‫في مشاهدة األفالم الخليعة‪ ،‬خاصة وأن جدته مسنة وال تستطيع مراقبة كل حركاته‪ .‬ازداد وزن ياسر كثيرا‪،‬‬
‫ألنه يمضي وقتا طويال أمام شاشة التلفزيون أو الكمبيوتر وهو يتناول الطعام‪ .‬يعاني ياسر من حرمان‬
‫عاطفي؛ حيث يشعر بأنه غير مرغوب فيه من قبل والده‪ ،‬كما يقول أنه يريد أن يكون قبيحا وغبيا‪ ،‬وانتهي‬
‫به الحال إلى تعاطي الكحول والمخدرات مع رفاق السوء‪.‬‬
‫‪ -5‬حالة سامية ‪ :‬إن سامية في السنة الثانية ثانوي وعمرها سبعة عشر عاما‪ .‬تعيش في أسرة تتكون من‬
‫ثالثة بنات وذكر‪ .‬إنها البنت الثانية وتحصيلها الدراسي ممتاز‪ .‬يعمل أبوها في شركة مرموقة في الجنوب‬
‫الجزائري‪ .‬تحمل أمها الجنسية التونسية‪ ،‬لكنها ماكثة في البيت‪ .‬وألن زوجته وبناته جميالت‪ ،‬فإن الزوج‬
‫يغار عليهن إلي درجة اإلفراط في تناول الكحول عند رجوعه إلي المنزل أثناء العطلة الشهرية‪ ،‬حيث يراقب‬
‫أي تغير في البيت‪ .‬وإذا الحظ أي شيء مشبوه‪ ،‬ينتابه الشعور بالغضب الشديد‪ ،‬فيعلو صوته ويحطم األواني‪،‬‬
‫متهما زوجته بالخيانة‪.‬‬
‫أصبحت سامية تتمني عدم رجوعه بتاتا إلي البيت بسبب الخوف والذعر والفزع الذي يثيره في كل مرة‪.‬‬
‫وبعد استعراض بعض النماذج ألنواع االضطرابات النفسية والسلوكية المرضية‪ ،‬يجدر بنا مناقشة نتائج‬
‫الدراسة الميدانية‪.‬‬
‫‪ -IV‬مناقشة نتائج العمل الميداني‪:‬‬
‫فبينما الحظنا وجود نوع من االضطراب والتوتر والشعور بالحزن الشديد واليأس واإلحباط والكآبة‬
‫والدونية عند جميع أفراد العينة‪ ،‬فإن كل من فاطمة وسليم يشعران بالنقص إلى حد العدوانية ألتفه األسباب‬
‫أو الشعور بالرغبة في االنتقام أو االنتحار‪ .‬وبينما يشعر كل من سامية وأمين بالرغبة في الهروب من الجو‬
‫األسري السيئ‪ ،‬حيث أنهما مهددان باالنحراف‪ ،‬فإن كل من ياسر وسليم وفاطمة يتسمون باضطراب نفسي‬
‫شديد‪ ،‬األمر الذي يؤدي بهم إلي اإلفراط في األكل أو مشاهدة األفالم المخلة بالحياء‪ .‬أما أمين وسليم فيفضالن‬
‫االختالط برفاق السوء للهروب من األجواء األسرية المضطربة‪.‬‬
‫ومن ثم يتبين من الحاالت السابقة‪ ،‬أن الطفل الذي يعيش في أجواء متوترة وسلبية‪ ،‬ينتابه الشعور بالدونية‬
‫وفقدان الثقة في النفس وعدم الرضا فيصيبه اإلحساس بالخوف والغضب الداخلي والحزن الشديد‪ .‬فهناك‬
‫احتمال كبير أن يُه ًمل دراسته إلى حد الرسوب المدرسي‪ .‬كما أنه من المحتمل جدا ً أن يصبح سلوكه إنسحابيا‬
‫أو هروبيا أو انتحاريا أو انحرافيا‪.‬‬

‫والجدول الموالي يبين بوضوأ األعراض النفسية والسلوكية المرضية التي تعاني منها كل مفردة من‬
‫مفردات عينة الدراسة‪:‬‬
‫الجدول رقم ‪ :01‬األعراض النفسية والسلوكية المرضية لدى مفردات عينة الدراسة‪:‬‬
‫التكرار النسبي‬ ‫سامية‬ ‫ياسر‬ ‫سليم فاطمة‬ ‫أمين‬ ‫العناصر المشتركة‬
‫‪.100‬‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫السلوك الهروبي‪ ،‬أالنسحابي‪،‬‬
‫االنتحاري أو أالنحرافي‬
‫‪.100‬‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫الشعور بالخوف من المستقبل‪،‬‬
‫الغضب الداخلي أو الحزن الشديد‬
‫‪.80‬‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫ضعف التحصيل الدراسي أو‬
‫الرسوب المدرسي‬
‫‪.100‬‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫فقدان الثقة في النفس‪ ،‬الشعور‬
‫بالدونية وعدم الرضا‬
‫‪.40‬‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫االختالط برفاق السوء‪ ،‬اإلدمان‬
‫على الكحول أو المخدرات‬
‫‪.40‬‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫اإلفراط في مشاهدة األفالم الجنسية‬
‫‪.20‬‬ ‫✓‬ ‫اإلفراط في األكل أو فقدان الشهية‬
‫‪.80‬‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫✓‬ ‫االنزواء واالنعزال‬
‫وبناء علي تقديرنا لصحة الطفل النفسية باالعتماد على دراسة سلوكه ومظاهر حياته العاطفية واألسرية واالجتماعية‪،‬‬
‫و بعد تعرفنا على أشكال االضطرابات النفسية واالنحرافات السلوكية التي تعاني منها كل حالة‪ ،‬يمكن القول أن األسباب‬
‫والعوامل التي تدفع الطفل في سن المراهقة إلى الشعور باإلحباط والكآبة‪ ،‬أو الغضب والحزن أو غيرها من األعراض‬
‫المرضية المختلفة ترجع إلى التشدد في التعامل معه في مراحل الطفولة والمراهقة‪.‬‬
‫ومهما كانت هذه األسباب مرتبطة بشخصية ولي أمر الطفل العنيفة أو سوء المعاملة أو عنف عاطفي أو غير ذلك من‬
‫شعور بالنقص والدونية والحرمان واالستغالل من طرف الوالدين‪ ،‬فالنتيجة واحدة‪ .‬إن كل تلميذ أو تلميذة في عينة‬
‫الدراسة‪ ،‬تعيش في أجواء سلبية ومضطربة يغيب فيها مبد أ اللين والعطف والمودة والحوار والتواصل‪ .‬فجميع مفردات‬
‫العينة مهما اختلفت معاناتهم وظروفهم المعيشية يعانون من اضطرابات نفسية وسلوكية واضطراب في نمو شخصيتهم‪.‬‬
‫فالعوامل المتمثلة في القسوة والتعصب واإلساءة الجسدية والمعنوية أو العنف العاطفي أو التعسفي تجعل الطفل ي َمر بحالة‬
‫اكتئاب شديد وغضب داخلي وعصبية مفرطة‪ ،‬فينتابه اإلحساس بالقلق واليأس والكآبة والخوف الشديد من المستقبل الذي‬
‫يصبح غامضا ومخيفا بالنسبة إليه‪ .‬فتكون أمنيته الوحيدة هي االبتعاد عن هذه األجواء السيئة‪.‬‬
‫هذه الظروف المعيشية الخالية من عالقات الحب والعطف واالستقرار تؤدي بحياة األطفال إلى حرمانهم من أبسط‬
‫الحقوق‪ .‬أي العيش في مكان آمن وهادئ ومستقر‪ .‬وفي هذه الظروف ال ُمزرية‪ ،‬تتمزق نفسيتهم‪ ،‬فبينما يضطر البعض‬
‫إلى االختالط برفاق السوء أو الهروب للشارع بحثا عن السكينة والراحة النفسية الضرورية لبقائهم‪ ،‬فالبعض اآلخر‬
‫يفضل نسيان الهموم والمعانات باالنزواء في مكان هادئ يوفر لهم الراحة النفسية والطمأنينة‪.‬‬
‫فعادة ما تكون البيئة المحيطة بشخص المتعاطي مشجعة على التعاطي‪ .‬ومن الدراسات األسرية التي أجريت على‬
‫عائالت مدمني الخمر‪ ،‬وجد أن نسبة كبيرة من أبناء المتعاطين ينتهي بهم الحال إلى التعاطي مثل أبائهم‪ .‬وهذا ما‬
‫نالحظه بالنسبة للحاالت المتمثلة في شخص ياسر وأمين وسليم‪ ،‬ولكن بالنسبة لفاطمة وسامية‪ ،‬يبدو واضحا أن المجتمع‬
‫الجزائري المسلم والمحافظ‪ ،‬الذي ترعرعتا فيه كال الحالتين‪ ،‬فضال عن التنشئة االجتماعية واألسرية التي تحمي البنت‬
‫من االنحراف‪ ،‬قد أثرت كثيرا فيهما‪ ،‬حيث أدي ذلك إلى تفاديهما الوقوع في هذا النوع من االنحراف الذي يقع فيه‬
‫الذكور بنسبة اكبر من اإلناث في مجتمعنا على وجه الخصوص‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬فقد يحتاج المراهق الذي يعاني من بعض االضطرابات النفسية والسلوكية إلى الدعم والرعاية االجتماعية‬
‫للوصول إلى البرامج التعليمية التي تالئم احتياجاته‪ ،‬حيث يتم تحديد وتشخيص المرض النفسي والسلوكي‪ ،‬فيما يلي‪:‬‬

‫الفحص البدني‪ :‬حيث يشخص الطبيب األمراض أو األعراض التي تتسبب في وجود بعض االضطرابات‬ ‫•‬
‫السلوكية‪.‬‬
‫الفحوصات المختبرية‪ :‬وتشمل اختبارات الكحول والمخدرات‪.‬‬ ‫•‬

‫التقييم نفسي (العُصابي)‪ :‬حيث تعالج أعراض المراهق وأفكاره ومشاعره وأنماطه السلوكية‪.‬‬ ‫•‬

‫أما العالج المناسب لمشكالت االضطرابات النفسية والضعف في الصحة النفسية والصدمات العاطفية والنتائج‬
‫النفسية الواسعة المرتبطة باإلهمال وسوء المعاملة الجسدية أو المعنوية أو الجنسية واالنحرافات العقلية والسلوكية‬
‫المختلفة لدى األطفال عامة والمراهقين على وجه الخصوص‪ ،‬مثل انفصام الشخصية أوالعدوانية أو ضعف التحصيل‬
‫الدراسي أو ظهور مشاعر االنسحاب والتقوقع أو التشاؤم واليأس والدونية والكآبة والحزن الشديد‪ ،‬والتحلي بالسلوك‬
‫سا‪ ،‬مساعد الطبيب‪ ،‬معال ًجا نفسيًّا (وهو‬
‫ممار ً‬
‫ِّ‬ ‫ممرضًا‬
‫االنتحاري‪ ،‬فإنه يستدعي فريق عالج‪ ،‬يتضمن‪ :‬طبيب العائلة‪ّ ِّ ،‬‬
‫َّ‬
‫طبيب متخصص في تشخيص المرض النفسي وعالجه)‪ ،‬صيدليا‪ ،‬موظفا اجتماعيا وكذلك ولي أمر المراهق‪ .‬واألدوية‬
‫النفسية‪ ،‬على الرغم من أنها ال تشفي المرض العقلي‪ ،‬فإنها غالبًا ما تحسن األعراض النفسية بشكل ملحوظ‪ ،‬كما تجعل‬
‫العالج النفسي أكثر فعاليةً‪ .‬وتشمل معظم األدوية النفسية‪:‬‬

‫ُمضادَّات االكتئاب‪ :‬التي تُستخدم لعالج االكتئاب والقلق‪ ،‬كما تساعد كذلك على تحسين أعراض الحزن‪ ،‬واليأس‪،‬‬ ‫•‬
‫وقلة النشاط وصعوبة التركيز‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫األدوية المضادَّة للقلق‪ :‬وتُستخدم لعالج اضطراب القلق العام أو اضطراب الهلع‪ .‬كما تساعد أيضًا في الحد من‬ ‫•‬
‫الهياج واألرق‪ .‬ويُنصح استخدام هذا النوع من األدوية على المدى القصير فقط لتفادي اإلعتمادية‪.‬‬
‫األدوية المثبتة للمزاج‪ :‬حيث يشيع استخدام هذه األدوية لعالج االضطرابات الثنائية القطب‪ ،‬التي تنطوي على‬ ‫•‬
‫نوبات متبادلة من الهوس واالكتئاب‪.‬‬
‫األدوية المضادة للذهان‪ :‬التي عادة ً ما تُستخدم لعالج االضطرابات الذهانية‪ ،‬مثل الفصام‪.‬‬ ‫•‬

‫ويستخدم العالج النفسي‪ ،‬الذي يُقدَّم عادة بشكل شخصي أو جماعي‪ ،‬لتعلم مهارات التعامل مع الحالة النفسية‬
‫والمزاجية وطريقة التعامل مع الضغوط اليومية‪ ،‬وكذا التحكم في اضطرابات التفكير النفسيّة واالضطرابات العاطفيّة‬
‫المتكرر عبر الجمجمة‪ ،‬وتحفيز الدماغ‬
‫ِّ ّ‬ ‫والسلوكية‪ .‬كما أن هناك عالجات بالشحنات الكهربائية‪ ،‬والتحفيز المغناطيسي‬
‫المتطورة‪ ،‬إقامة بالمستشفى مدة‬
‫ّ‬ ‫العميق والعصب الال ُمب َهم‪ ،‬حيث تتطلب هذه العالجات التي تستخدم فقط في المراحل‬
‫قصيرة أو عالج مكثف في العيادة الخارجية‪.‬‬

‫عادة ما تنتج األمراض النفسيّة عن ضغوط العمل أو المشاكل في العالقات األسرية واالجتماعيّة واضطراب في‬
‫كالتعرض لالعتداء الجسدي أو الجنسي‪ ،‬أو صدمة‬
‫ّ‬ ‫نمو الشخصية‪ .‬كما تنتج األمراض النفسية كذلك جراء صدمة قوية‬
‫عزيز‪ .‬إذ تظهر على المراهق اضطرابات الشخصيّة‪ ،‬حيث تكون شخصيّته غير متوازنة‪ ،‬أو مظاهر‬ ‫ٍ‬ ‫شخص‬
‫ٍ‬ ‫وفاة‬
‫سلوكيّة غير معتادة‪ ،‬كظهور نوع من الشره بدون شعور بالجوع‪ ،‬أو االهتمام بالحمية إلنقاص الوزن بشكل مبالغ فيه‪.‬‬
‫ففي هذه الحالة‪ ،‬يكون العالج المعرفي السلوكي بتحسّين صورة المراهق تجاه نفسه وأسرته والرفاق حوله‪ ،‬إضافة الى‬
‫كيفية تجنّبه األجواء المتوترة والمضطربة‪ ،‬التي قد تؤثِّّر في صحتّه النفسية أو السلوكية‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫لقد تبين من دراسة الحالة والدراسات والبحوث النظرية والميدانية واألدبيات التي عالجت موضوع االضطرابات النفسية‬
‫والسلوكية المرتبطة بتعرض الطفل للعنف العاطفي أو المعنوي أو التعسفي وسوء المعاملة‪ ،‬أن الطفل أو المراهق الذي يمر‬
‫بحالة نفسية أو اضطراب عاطفي بسبب إحباط وتوتر وقلق أو اكتئاب نتيجة ظروف أسرية أو عاطفية‪ ،‬قد يسقط تلك التربية‬
‫الخاطئة التي ترعرع فيها في صغره على أفراد أسرته في البيت وأصدقائه في الحي والمدرسة‪.‬‬
‫أما بخصوص نتائج دراسة الحالة ألبناء متعاطي الكحول والمخدرات من المراهقين موضوع البحث‪ ،‬فقد وجدت‬
‫العوامل التالية‪ :‬العصبية وسهولة االنفعال‪ ،‬معدالت األداء الدراسي أدنى‪ ،‬اضطرابات نفسية وسلوكية‪ ،‬انخفاض الدعم‬
‫العاطفي من اآلباء‪ ،‬ضعف القدرة على مالحظة سلوكيات األبناء وكذلك احتمال كبير أن ينقاد أبناء متعاطي المخدرات إلى‬
‫االنحراف والدفع بهم إلى طريق الفساد‪.‬‬

‫وأخيرا‪ ،‬وبخصوص تشخيص األمراض النفسية والسلوكية‪ ،‬فعادة ما يتضمن الفحوصات البدنية أو المختبرية‪ ،‬إضافة‬
‫الى التقييم نفسي‪ .‬وتشمل معظم األدوية النفسية ُمضادَّات االكتئاب‪ ،‬أدوية مضادَّة للقلق‪ ،‬أدوية مثبتة للمزاج وأدوية مضادة‬
‫للذهان‪ .‬حيث تستخدم هذه الطرق العالجية لتعلم مهارات التعامل مع الحالة النفسية والمزاجية وطريقة التعامل مع الضغوط‬
‫اليومية‪ ،‬وكذا التحكم في اضطرابات التفكير النفسيّة واالضطرابات العاطفيّة والسلوكية‪.‬‬
‫الهوامش‪:‬‬
‫‪.)www.sntp.net( .1‬‬
‫‪ .2‬د‪ .‬أحمد فائق‪ ،2003 ،‬ص‪.35‬‬
‫‪ .3‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫‪ .4‬نفس المرجع‪.‬‬
‫‪ .5‬أ‪.‬د محمد عودة الريماوى‪ ،2004 ،‬ص‪.27‬‬
‫‪Baron, 1998, P3 .6‬‬
‫‪ .7‬د‪ .‬أحمد فائق‪ ،2003 ،‬ص‪.40‬‬
‫‪ .8‬أ‪.‬د محمد عودة الريماوى‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪ .9‬أ‪.‬د عبد الرحمن عدس وأ‪.‬د محي الدين توق‪ ،1997 ،‬ص‪.35‬‬
‫‪ .10‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫‪ .11‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪ .12‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪ .13‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫‪27‬‬
‫ دار الصحابة للطباعة‬،‫ األبعاد النظرية والخبرات الميدانية‬:‫ علم االجتماع الطبي‬،‫عبد هللا لؤلؤ‬.‫ د‬، ‫ على المكاوي‬.14
.1991 ،‫والنشر‬
.‫ نفس المرجع‬.15
.374‫ ص‬،1988 ،‫ إسكندرية‬،‫ دار المعرفة الجامعية‬،4‫ ط‬،‫ مدخل إلى علم االجتماع‬:‫ محمد عاطف غيث‬.16
.‫ نفس المرجع‬.17
‫ دار النشر بالمركز العربي للدراسات‬،‫ األسرة العربية ودورها في الوقاية من الجريمة واالنحراف‬،‫ خوج عبد السالم‬.18
.92‫ ص‬،‫م‬1409 ،‫األمنية والتدريب بالرياض‬
19- Harry F. Harlow, in Lloyd and Mack Pease, Sociology and social life, 6th Ed, D. Van Nostrand
Company, NY, 1979, PP140-142.
20- Peter l. Berger, Invitation to Sociology: A humanistic perspective, NY, Doubleday, 1963, P121.
21- Lloyd /Mack/ Pease, P145.
،2001 ،‫ القاهرة‬،‫ دار المعرفة الجامعية‬،‫ العنف في األسرة – تأديب مشروع أم انتهاك محظور‬،‫ عدلى السمرى‬.‫ د‬-22
.197‫ص‬
:‫المراجع‬
.2003 ،‫ القاهرة‬،‫ مكتبة األنجلو المصرية‬،‫ مدخل عام لعلم النفس‬،‫ أحمد فائق‬.1
،‫ المركز العربي للدراسات األمنية والتدريب‬:‫ الرياض‬،‫ اآلثار االجتماعية لتعاطي المخدرات‬،‫ عبد اللطيف‬،‫ أحمد‬.2
.1992
،‫ اإلسكندرية‬،‫ دار المعرفة الجامعية‬،‫ علم النفس العام – األسس – المبادئ واألصول‬،‫ أحمد محمد عبد الخالق وآخرون‬.3
.2005
.1996 ،‫ دار الثقافة للنشر‬:‫ عمان‬،‫ المخدرات والمجتمع‬،‫ صالح‬،‫ السعد‬.4
،‫ المخدرات وآثارها النفسية واالجتماعية واالقتصادية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية‬،‫ خالد حمد‬،‫ المهندي‬.5
.2013 .‫ مركز المعلومات الجنائية لمكافحة المخدرات لمجلس التعاون لدول الخليج العربية‬:‫قطر‬
.1996 ،‫ المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‬:‫ الكويت‬،‫ المخدرات والمجتمع نظرة تكاملية‬،‫ مصطفى‬،‫ سويف‬.6
.2005 ،1‫ ط‬،‫ دار العلم والثقافة‬:‫ القاهرة‬،‫ مشكلة تعاطي المواد النفسية المخدرة‬،‫ وفيق‬،‫ صفوت مختار‬.7
.1997 ،‫ عمان‬،4‫ ط‬،‫ دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‬،‫ المدخل إلى علم النفس‬،‫ عبد الرحمن عدسد ومحي الدين توق‬.8
.2004 ،‫ عمان‬،‫ دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‬،‫ علم النفس العام‬،‫ محمد عودة الريماوي وآخرون‬.9
.1999 ،‫ دار المعارف‬:‫ القاهرة‬،‫ إدمان المخدرات رؤية علمية واجتماعية‬،‫ ناجي‬،‫ محمد هالل‬.10
Bibliography:
1. Alfred Adler (1930), L'enfant difficile. Technique de la psychologie individuelle comparée.
Traduction française de l'Allemand par le Dr. Herbert Schaffer, 1949. Paris : Éditions Payot, 1962, 214
pages.
2. Bandura A .(1986). Social foundation of thought and action. A social cognitive theory, Englewood
cliffs, NJ Prince-hall.
3. Baron, Robert A. (1998). Psychology 4th ed. Allyn & Bacon, Boston.
4. Barlow D. H & Durand V. M )1995(. Abnormal psychology, An integrative approach, Brooks/Cole,
New York.
5. Baumrind, D, 1973, in M.E. Lamb, Social and personality development, by Holt, Rinehart and
Winston, USA, 1978, P54.
6. Beatrice and John Whiting (1963 – 1975), Six cultures: studies of child rearing in M. E. Lamb,
social and Personality development, Holt Rinehart and Winston, USA, 1978, P165.
7. Beck A. T (1976). Cognitive theory of emotional disorders, New America Library, New York.
8. Beck A. T (1979). Cognitive theory of depression, Guiford Press, New York.
9. Beck A. T & clerk D. A (1988). Anxiety and depression – An information processing perspective,
Anxiety research1, 26-36.
10. Bender David and Bruno Leone, series editors, child abuse – opposing viewpoints, Green haven
Press, Inc, San Diego, Ca, 1994, P115.
11. Biederman J., Fara One S., Mick E. (2001).Attention deficit hyperactivity disorders and problems in
peer relations: Prediction from childhood to adolescence, Psychiatry, 40: 1285.
12. Carl Gustav Jung, Psychologie et alchimie, Paris, Buchet Chastel, coll. « Documents »,
2004 (ISBN 978-2283020357).
13. Cassem E. H. (1990). Depression and Anxiety secondary to medical Illness. Psychiatry Clin North
Am 13. 597.
14. Cooley, C H, Human nature and social order, Glencoe, ill: The Free Press, 1956.
28
15. Cooley C, Child maltreatment: Testing the social isolation hypothesis, Child abuse and neglect,
1996, 20(3): 241 – 54.
16. Coser, L.A. The Functions of social conflicts, New York: Free Press, “Violence and the social
structure.” Science and Psychoanalysis 6:30-42, 1956, 1963. Reprinted in S. Endleman (ed.), Violence
in the streets. Chicago: Quadrangle Paperbacks, 1970.
17. Coser, L.A. Continuities in the study of social conflicts. New York: Free Press, 1967.
18. Dorothey Dean, Emotional abuse of children, Child today, San Diego, Ca, July – August, 1979,
PP18-21.
19. Elaine Landau, Many factors contribute to child abuse in D. bender and B. Leone, Series Ed,
Green Hav Press, Inc, P115, 1994.
20. Enriquez M, Aux carrefours de la haine, Paris, Epi, 1984.
21. Fontana and Moolman, A violent society causes child abuse in David bender & Bruno Leone, child
abuse, Green haven press, San Diego, 1994, P101 .
22. Gayla Margolin, The effects of family and community violence on children, Annual Review of
Psychology: the effects of family and community, 2001, PP1–32.
23. Gelles Richard J, The violent home, Beverly Hills, London: Sage Publications, 1972 .
24. Katherine Schlaerth, Discourage corporal punishment in David Bender and Bruno Leone, child
abuse, green Haven Press, San Diego, 1994, P252.
25. Klohnen, E.C & Lou Shanhong (2003). Journal of personality & social psychology. Vol. 85. No.4.
26. M.E. Lamb and Diana Baumrind, Socialization and personality development in the preschool
years in M.E. Lamb, Social and personality development, By holt, Rinehart & Winston, USA, 1978,
PP209-212.
27. Lewinsoha P.M. (1974). A behavioral approach to depression, in R. J. Friedman & Mm. Katz (Eds).
28. Santrock john w. (2003). Psychology7, Mc Graw. Hill Companies. Inc. Boston.
29. Sigmund Freud (trad. Serge Jankélévitch), Cinq leçons sur la psychanalyse : Contributions à
l'histoire du mouvement psychanalytique, Payot, coll. « Petite bibliothèque Payot », 1966 (ISBN 2-
228-88126-0), p. 69-149.
30. Warre R. & Zgourides G.D. (1991). Anxiety disorders: Rational-Emotive.
Perspective, Pergamon Press, New York.
(www.sntp.net

،‫ يقضي هؤلء الطفال وقتهم متنقلين هربا من مطاردات الشرطة وهم بذلك متعرضين للخوف والتهديد الدائم‬-

‫ امراض جلدية نتيجة التعرض للشمس والجراثيم وغبار‬،‫وتظهر عليهم مالمح الضعف الشديد بسبب سوء التغذية‬

.‫السيارات وحتى تدخين السجائر‬

‫ احذية مثقوبة معبرة عن انحدارهم من عائالت بسيطة وفقيرة‬،‫ يرتدي هؤلء الطفال مالبس بالية واحيانا ممزقة‬-

.‫ودافعهم لذلك هو تحسيبن وضعهم المعيشي والمادي‬

29
‫‪ -‬تخلى هؤلء الطفال عن اللعب ومارسوا اعمال الكبار سعيا وراء لقمة العيش‪ ،‬سالحهم الوحيد لذلك هو صيحات‬

‫وعبارات التوسل المستهدفة لشعور المارة والملفتة لالنتباه حتى يبيعوا سلعهم تلك‪.‬‬

‫خــــــــــاتمة‪:‬‬

‫لقد كان الهدف من هذه الدراسة هو محاولة الكشف عن العالقة الموجودة بين ظاهرتي التفكك األسري وعمالة‬

‫األطفال واللتان كان لهما الدور الكبير في انتهاك حق الطفل في العيش الكريم الحياة السعيدة‪ ،‬وذلك بمعرفة العوامل‬

‫التي تتحكم فيها تسيرها من خالل التقرب من هؤلء األطفال ومعرفة خصائصهم الفردية الجتماعية‪.‬‬

‫فعمالة األطفال واقع اجتماعي ق ـ ـ ـ ـ ــائم في مجتمعنا الجزائري نظ ار للصعوبات والنقائص التي يواجهها أفراد المجتمع‬

‫اليوم على جميع األصعدة الجتماعية والقتصادية والتعليمية التي ساهمت بدرجات متفاوتة في وجود هذه المشكلة‪.‬‬

‫فمن خالل دراستنا‪ ،‬استطعنا أن نقف على بعض العوامل التي تعمل على إفراز هذه الظاهرة والتي بدت متشابكة‪،‬‬

‫حيث يرتبط النفسي فيها بالجتماعي والثقافي بالقتصادي‪ ،‬ويجتمع الكل ليدعم بعضه البعض‪ ،‬ليعطينا في نهاية‬

‫المطاف صورة مختلفة تماما عن صورة ومميزات المجتمع الجزائري وخصائصه الثقافية والتاريخية‪ .‬حيث تبين لنا‪،‬‬

‫أن األطفال العاملين أصبحوا يشكلون شريحة عريضة في مجتمعنا الجزائري‪ ،‬األمر الذي يتطلب اهتماما خاصا‬

‫وتفكي ار عميقا إليجاد حلول للمشكل إما على المدى القريب أو المدى البعيد‪ ،‬وهذا بتجنيد كل القوى الفاعلة في‬

‫المجتمع التي يكون هدفها على األقل محاولة الحد من هذه الظاهرة‪.‬‬

‫قائمة الهوامش‪:‬‬

‫‪ -1‬زينب حميدة بقادة‪ ،‬أثر الوسط الجتماعي في جنوح الحداث‪ ،‬دراسة ميدانية لدور األسرة و المدرسة والحي في‬

‫جنوح األحداث في الجزائر‪ ،‬اطروحة دكتوراه‪ ،‬قسم علم الجتماع ‪ ،‬تخصص علم اجتماع الجنائي‪،2008/2007 ،‬‬

‫ص‪.45‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ -2‬الديو ليلي‪ ،‬التفكك السري واثره على البناء النفسي والشخصي للطفل (مقاربة سوسيو نفسية)‪ ،‬مجلة العلوم‬

‫النسانية والجتماعية‪ ،‬عدد ‪ ،30‬جوان ‪.46 ،2013‬‬

‫‪ -3‬الديو ليلي‪ ،‬مرجع نفسه‪ ،‬ص‪.45‬‬

‫‪ -4‬حماد حنان ‪ ،‬التفكك السري وعالقته بالتحصيل الدراسي لدى تالميذ الطور البتدائي‪،‬مذكرة لنيل شهادة ماستر‪،‬‬

‫علم النفس المدرسي‪ ،‬جامعة البويرة‪ ،2015/2014 ،‬ص‪.33‬‬

‫‪ -5‬الديو ليلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.46‬‬

‫‪ -6‬احمد بدوي زكي ‪،‬معجم مصطلحات العلوم الجتماعية – انجليزي – فرنسي ‪ -‬عربي‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون‪،‬‬

‫لبنان‪.1982 ،‬‬

‫‪ - 7‬جميل الدرباشي واخرون‪ ،‬عمالة الطفال في القوانين والنظمة الدولية (مشروع حماية الطفال من العبودية)‪،‬‬

‫المركز الفلسطيني لالتصال والسياسات التنموية‪ ،2012 ،‬ص‪.10‬‬

‫‪ -8‬سميرة عبد الحسين كاظم ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.154‬‬

‫‪ -9‬ابتسام ظريف‪،‬األسرة وعمالة األطفال‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬قسم علم اإلجتماع‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬الجزائر‪- 2005 ،‬‬
‫‪ ،2006‬ص‪.15‬‬

‫‪ -10‬عبد العزيز صالي‪ ،‬ظاهرة عمل األحداث وعالقتها بالظروف اإلقتصادية واإلجتماعية لألسرة‪ ،‬مذكرة ماجستير‪،‬‬
‫قسم علم اإلجتماع‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2002 - 2001 ،‬ص‪.22‬‬

‫‪ -11‬محمود عبد العليم محمد‪ ،‬التجاهات النظرية المفسرة للنزاع السري‪،‬تم تصفح الموقع بتاريخ‪،2020/02/16 :‬‬
‫على الرابط اللكتروني‪www.ahewar.org :‬‬

‫قائمة المراجع‪:‬‬

‫‪ -1‬المراجع باللغة العربية‪:‬‬

‫* فئة القواميس والمعاجم‪:‬‬

‫‪ -01‬قاموس مجاني الطالب‪ ،‬دار المجاني ش‪.‬م‪.‬ل‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.2011 ،7‬‬

‫دار اسامة للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪.2004 ،1‬‬


‫‪ -02‬صالح شلهوب‪ ،‬قاموس الكشاف – عربي ‪ -‬عربي‪31 ،‬‬
‫‪ -03‬احمد بدوي زكي ‪،‬معجم مصطلحات العلوم الجتماعية – انجليزي‪ -‬فرنسي‪ -‬عربي‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون‪ ،‬لبنان‪،‬‬

‫‪.1982‬‬

‫* فئة الكتب‪:‬‬

‫‪ -01‬أحمد محمد موسى‪ :‬أطفال الشوارع المشكلة وطرق العالج‪ ،‬المكتبة العصرية للنشر والتوزيع‪ ،‬المنصورة‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.2009‬‬

‫‪ -02‬جميل الدرباشي واخرون‪ ،‬عمالة الطفال في القوانين والنظمة الدولية (مشروع حماية الطفال من العبودية)‪،‬‬

‫المركز الفلسطيني لالتصال والسياسات التنموية‪.2012 ،‬‬

‫* فئة المذكرات‪:‬‬

‫‪ -01‬زينب حميدة بقادة‪ ،‬أثر الوسط الجتماعي في جنوح الحداث‪ ،‬دراسة ميدانية لدور األسرة و المدرسة والحي في‬

‫جنوح األحداث في الجزائر‪ ،‬اطروحة دكتوراه‪ ،‬قسم علم الجتماع‪ ،‬تخصص علم اجتماع الجنائي‪.2008/2007 ،‬‬

‫‪ -02‬حماد حنان‪ ،‬التفكك السري وعالقته بالتحصيل الدراسي لدى تالميذ الطور البتدائي‪،‬مذكرة لنيل شهادة ماستر‪،‬‬

‫علم النفس المدرسي‪ ،‬جامعة البويرة‪.2015/2014 ،‬‬

‫* فئة المجالت‪:‬‬

‫‪ -01‬الديو ليلي‪ ،‬التفكك السري وأثره على البناء النفسي والشخصي للطفل (مقاربة سوسيو ‪ -‬نفسية)‪ ،‬مجلة العلوم‬

‫النسانية والجتماعية‪ ،‬عدد ‪ ،30‬جوان‪.2013‬‬

‫‪ -2‬المراجع باللغة االجنبية‪:‬‬

‫‪1- Sigrid beffert, Ces ouvriers aux dents de lait, Syros jeunesse, Paris, 2001.‬‬
‫‪2- Actualite.el-annabi.com, Algérie : Enfants de la rue, ces chiffres qui font peur, 4 juin, 2006.‬‬

‫‪3- El Khabar, Nassim, L’Algérie compte prés de 35 millions d’habitants, www.algerie-‬‬


‫‪dz.com17/06/2008.‬‬

‫‪4- Huda Omer Yahia, An educational institute for partial vagrant children, proposal introduced to NGOS,‬‬
‫‪Sudan, 1994.‬‬

‫‪5- La tribune, 600000 enfants à la rue, 30/09/2006.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪6- L’expression, secours, 06/04/2008.‬‬

‫‪7- Fondation nationale pour la promotion de la santé et le développement de la recherche.‬‬

‫‪8- La ligue nationale de la défense des droits de l’homme.‬‬

‫محتوى مادة المشكالت االجتماعية‬

‫‪.‬الحضرية والتحضر‪ :‬التمييز بين المدينة والريف – التمدُن – الدينامية الحضرية – التضامن العضوي والتضامن اآللي‬

‫‪.‬تاريخ المدن‪ :‬ازدهار الثورة الصناعية ‪ -‬افتقاد للهوية المحلية ‪ -‬االغتراب ‪ -‬االنهيار االجتماعي‪ -‬التخطيط الحضري‬

‫حياة المدنية‪ :‬انهيار التحفظات والضوابط االجتماعية – انهيار العالقات بين األشخاص ‪ -‬العزلة االجتماعية ‪ -‬المنافسة االقتصادية ‪ -‬تقسيم‬
‫‪.‬العمل ‪ -‬االضطرابات الشخصية‬

‫‪.‬المشكالت الحضرية‪ :‬مشكلة نقص التخطيط والتنسيق – اإلسكان ‪ -‬االنحراف والجريمة ‪ -‬النقل ‪ -‬ضبط السكان‬

‫‪.‬الحضرية والتحضر‪ :‬التمييز بين المدينة والريف – التمدُن – الدينامية الحضرية – التضامن العضوي والتضامن اآللي‬

‫‪.‬النظريات المفسرة لالنحراف والتغير االجتماعي‬

‫التغير االجتماعي والتنشئة الخاطئة‪ :‬التحضر ‪ -‬التحالديث ‪ -‬العولمة ‪ -‬الفساد األخالقي‬

‫‪33‬‬
.‫عنف الرجل ضد المرأة وانعكاساته على سلوك الطفل وشخصيته‬

‫ أنيسـة بريغت عسـوس‬/‫د‬.‫أ‬

‫ كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية واالجتماعية‬- ‫قسـم علـم االجتماع‬

.‫ عنابة‬-‫جامعة باجي مختار‬

Short CV:

Dr. Anissa Brighet Assous (Sociology of the family)

BLS + Master’s degree - Boston University - USA

Doctorate of Science - Badji Mokhtar University - Algeria

Published Works: Algeria (Annaba - Skikda – Djelfa – Guelma - Tebessa) - The Netherlands - Kuwait - Lebanon -
Libya - Nigeria - Egypt - Republic of Macedonia - Texas.

Domain of interest: The Algerian Child, woman and family - Child abuse, Abuse as an educational tool - The impact of
parental education on the child - Social change and female delinquency - Delinquency - Crime - Theories explaining
violence and the development of child personality - Doctors and patients' relationship in Algerian hospitals - Child
physical and mental health and sport – Children of war - Homeless children in Algeria…

Mobile Number: 06 76 06 30 02

Email address: anissa_assous@yahoo.com

Résumé :

34
‫‪Cet article traite de la question de la violence conjugale. Il se penche notamment sur les facteurs psychosociologiques‬‬
‫‪et économiques qui pourraient expliquer ce phénomène. Ainsi, il met l’accent sur les conséquences dévastatrices que‬‬
‫‪l’abus physique ou moral a sur le développement de la personnalité et le comportement des enfants.‬‬

‫‪Aussi, il démontre que les enfants témoins de disputes familiales violentes et fréquentes à un jeune âge, deviennent‬‬
‫‪des parents agressifs avec leurs propres familles à l’âge adulte.‬‬

‫‪Mots clés: Violence conjugale - Facteurs psychosociologiques et économiques.‬‬

‫ملخـص‪:‬‬

‫تتناول هذه الورقة إنعكاس عنف الرجل ضد المرأة على سلوك الطفل وشخصيته‪ .‬حيث نوضح أن تعرض المرأة‬

‫يوميا إلى انتهاكات عديدة من قبل زوجها وإستخدام الزوج مبدأ الصراخ والقسوة معها وإثارة الذعر والخوف باستمرار فى‬

‫كل أرجاء البيت له أثار نفسية وسلوكية طويلة المدى على سلوك الطفل وشخصيته‪.‬‬

‫كما توضح هذه الورقة أن لعنف الرجل ضد المرأة أثار سلبية خطيرة على نمو الطفل النفسى‪ ،‬األمر الذي يؤدى‬

‫بهذا األخير الى الشعور باإلكتئاب والخوف من المستقبل واإلضطراب السلوكى والتوتر والحقد ضد أبيه مدة طويلة من‬

‫عمره‪.‬‬

‫كما توضح الورقة أن الدراسات الميدانية بعيدة المدى‪ ،‬قد أثبتت أن األطفال الذين يشاهدون آباءهم يضربون‬

‫أمهاتهم باستمرار وبعنف في الصغر‪ ،‬يصبحون أشخاصا عنيفين مع أقرانهم وزمالئهم فى الحى والمدرسة ومع أسرهم في‬

‫الكبر‪.‬‬

‫مقدمـة‪:‬‬

‫أصبحت قضية العنف والسلوك العدواني في السنوات األخيرة أكثر وحشية وانتشا ار حيث تفرعت إلى عنف‬

‫مدرسي‪ ،‬وعنف أسري‪ ،‬وعنف إعالمي‪ ،‬وعنف عقائدي‪ ،‬وعنف جماهيري وآخر سياسي‪ .‬وهذه األنواع كلها تدخل ضمن‬

‫العنف الجتماعي‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫وظاهرة عنف الرجل ضد المرأة ليست وليدة الساعة كما يريد أن يربطها البعض بتحرر المرأة أو بخروجها إلى العمل‪،‬‬

‫بل هي من أقدم الظواهر الجتماعية‪.‬‬

‫حيث نجد المرأة في العالم عامة وفي الجزائر خاصة تتعرض يوميا إلى سوء المعاملة من قبل زوجها‪ .‬وتنتج عن هذه‬

‫الظاهرة أثار وأعراض فيزيولوجية تتمثل فى شعور األطفال باإلضطراب السلوكى والتوتر وعدم الطمأنينة واإلحساس بعدم‬

‫اإلرتياح لوجود إباءهم في البيت‪ .‬كما تسفر عن ت دمير للروح والنفس مثل اإلحباط وفقدان الثقة في النفس وفي اآلخرين‬

‫وتدمير شخصية األطفال الذين يشاهدون آباءهم يسيئون باستمرار إلى أمهاتهم‪ .‬حيث يؤدي ذلك بهم إلى أن يصبحوا‬

‫عنيفين مع أقرانهم في الحي والمدرسة ويسقطون تلك التربية الخاطئة والمشوهة على أسرهم في الكبر‪.‬‬

‫مشكلة البحث‪:‬‬

‫ل يتوقف العنف ضد المرأة عند العقاب الجسدي بل يتعداه إلى السب والشتم والهانة أمام أفراد األسرة أو الجيران‪.‬‬

‫حيث أن الرجال في مجتمعنا العربي وفي الجزائر على وجه الخصوص يستخدمون العنف ضد النساء لغرض أساسي‬

‫وهو تأديبهن والسيطرة عليهن جسديا ومعنويا‪.‬‬

‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬فإن العنف الممارس ضد النساء يعتبره الرجال وسيلة ناجحة للتحكم فيهن وذلك عند فشلهم في‬

‫التواصل معهن بالعتماد على طرق أخرى مثل التصال والنقاش والحوار‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإن العنف الموجه ضد المرأة‬

‫يصبح قيمة مقبولة في المجتمع الجزائري طالما ل يؤدي إلى عجز جسدي أو موت‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬فإن النتيجة التي تطرح نفسها تتمثل في أن لجوء الرجال إلى العنف في التعامل مع النساء قد يخلق جيال‬

‫عنيفا‪ .‬حيث يصبح األطفال يقلدون آباءهم في استعمال العنف عند توفر المواقف المناسبة وذلك بالتفنن في استعمال‬

‫تقنيات العنف من ضرب وشتم الخ‪ ...‬إما ضد إخوتهم في البيت أو أقرانهم في الحي والمدرسة‪.‬‬

‫فبالنسبة لتأثير العنف على األبناء‪ ،‬يمكن القول إن األبناء الذين يعيشون في جو مشحون بالصراخ والضرب‬

‫والعنف‪ ،‬سيتأثرون سلبا‪ ،‬حيث نجد تحصيلهم الدراسي ضعيفا ونلمس ضعف شخصيتهم وميلهم إلى النطواء‪ ،‬وعدم‬
‫‪36‬‬
‫المشاركة في إبداء الرأي‪ .‬وقد تصل األمور في بعض الحالت إلى هروب بعض األطفال من تلك األجواء المنزلية‬

‫العنيفة للبحث عن رفاق يقضون معهم وقتهم‪ ،‬وغالبا ما يكونون غير سويين‪ ،‬وبالتالي فإن اآلباء هم وحدهم من أجبروا‬

‫هؤلء األبناء على النحراف وربما ارتكاب جرائم مستقبال‪.‬‬

‫وبناء على ما سبق ونظ ار لنتشار ظاهرة عنف الرجل ضد المرأة‪ ،‬سنحاول في هذا البحث تقصي خطورة هذا الواقع‬

‫المؤلم والكشف عن مدى وجود عالقة بين سوء معاملة الرجال لزوجاتهم بشخصية األبناء وسلوكهم لحقا‪ .‬ومن خالل ما‬

‫نتوصل إليه نجعل اآلباء بصفة عامة واعين بمدى خطورة ترعرع األطفال في جو مشحون بالقوة والعنف وتأثير ذلك‬

‫على سلوكهم وشخصيتهم في ومراحل نموهم المختلفة‪.‬‬

‫وفــي ســعينا لمناقشــة هــذا الموضــوع‪ ،‬يجــدر بنــا التطــرق إلــى تحديــد المفــاهيم األساســية للد ارســة وأهــم النظريــات المفس ـرة‬

‫للسلوك العنيف وعوامل ممارسة العنف ضد المرأة ومدى تعرض النســاء الجزائريــات للعنــف‪ .‬كمــا نتطــرق للد ارســات التــي‬

‫لهــا عالقــة ب ثــار مشــاهدة العنــف بــين الــزوجين واإلج ـراءات الميدانيــة‪ ،‬ثــم نلخــص بعــض الحــالت التــي تعرضــت للعنــف‬

‫األسري التــي تبــين مــدى انعكــاس تلــك الممارســات العنيفــة علــي ســلوك الطفــل‪ .‬وأخيـ ار نقــدم أهــم عوامــل عــدم رفــع الزوجــة‬

‫قضية أمام العدالة‪.‬‬

‫‪ -I‬تعريف مفهوم العنف‪:‬‬

‫يشير لفظ العنف في اللغة العربية إلى الخرق باألمر وقلة الرفق‪ .‬كما يعني‪:‬‬

‫"التعبير واللوم والتوبيخ والتفريغ‪ ،‬ويتضمن أيضا أنواعا كثيرة من األذى‪ ،‬الغتصاب للمرأة والشدة والقسوة" (ابن منظور‪،‬‬

‫ص‪.)207‬‬

‫كما يعني العنف‪" :‬الفعل الخشن الفظ الذي يهدف إلى الضغط وإرغام اآلخرين" (خليل‪ ،‬أ‪.‬خ‪ ،‬ص‪.)138‬‬

‫‪37‬‬
‫ويعرف "سعد المغربي"‪ ،‬المختص في علم الجتماع العنف بأنه‪" :‬استجابة تتميز بصيغة انفعالية شديدة قد تنطوي على‬

‫انخفاض في مستوى البصيرة والتفكير‪ .‬والعنف ل يرتبط بالضـرورة ّ‬


‫بالشـر والتدميـر‪ ،‬فقد يقـال أن فـالن يحب بعنف أو‬

‫يكره بعنف أو يعاقب بعنف" (أحمد جمال ماضي أبو العزائم‪ ،‬ص‪.)101‬‬

‫كما يعرف العالم النفساني "عبد الرحمان العيسوي" العنف بأنه‪" :‬ممارسة القوة فوق إرادة الناس ويعني هذا إثارة الفزع‬

‫والهلع والخوف في الناس" (عبد الرحمن العيسوي‪ ،‬ص‪.)89‬‬

‫في حين يرى "اسنارد ‪ "Issnarde‬العنف بأنه‪" :‬كغيره من أشكال السلوك هو نتاج مأزق عالئقي بحيث يصيب تدمير‬

‫ذات الشخص في نفس الوقت الذي ينصب فيه على اآلخر إلبادته فتشكل العدوانية طريقة معينة للدخول في عالقة مع‬

‫اآلخر" (اسنارد‪ ،‬ص‪.)300‬‬

‫كما أن العنف برأي "سيد عويس" هو‪" :‬سلوك عدواني‪ ،‬أو هو وليد الشعور بالعداوة قد يوجه ضد الطبيعة أو يوجه من‬

‫أفراد إلى أفراد أو من أفراد إلى جماعات منتظمة أو من جماعات منتظمة إلى جماعات أخرى منتظمة " (أحمد جمال‬

‫ماضي أبو العزائم‪ ،‬ص‪.(102‬‬

‫والعنف من وجهة نظر القانون حسب ما عبر عنه "حارث سليمان الفاروقي" هو‪" :‬قوة مادية ومراغمة بدنية‬

‫واستعمال القوة بغير حق" (‪.)1‬‬

‫ومن جهته يدعو "مصطفى حجازي" أن العنف هو‪ " :‬لغة التخاطب األخيرة الممكنة مع الواقع واآلخرين‪ ،‬حيث يحس‬

‫المرء بالعجز على إيصال صوته بوسائل الحوار العادي وحين تترسخ القاعدة لديه بالفشل في إقناعهم بالعتراف بكيانه‬

‫وقيمته " (‪.(2‬‬

‫كما يعرف الدكتور"مصطفى عمر التير" العنف في كتابه‪ :‬العنف األسري « الستعمال غير القانوني لوسائل القسر‬

‫المادي والبدني ابتغاء تحقيق غايات شخصية أو اجتماعية‪ ،‬على أنه في جوانبه النفسية يحمل معنى التوتر واإلنفجار‬

‫تسهم في تأجيجها داخل الفرد والجماعة عوامل كثيرة‪»...‬‬


‫‪38‬‬
‫كما يتفق علماء النفس والجتماع واألطباء النفسانيون أن الغضب من الدوافع الغريزية الموجودة في طبيعة‬

‫معين ‪(Dollard & al.,1939; Miller, 1941; Berkowitz,‬‬ ‫اإلنسان وأن التصرف العنيف سببه الشعور بالغضب من موقف‬

‫‪1962; Farrington, 1975; Kaplan.1972; Freud, 1940; Bandura, 1971… ).‬‬

‫الرد السريع المصحوب بعصبية‪ ،‬أو لحظات غضب متفاوتة‪ ،‬أو انفعال داخلي متبوع‬
‫ومن ثم‪ ،‬فإن العنف هو ّ‬

‫باعتداء لفظي أو جسدي على اآلخر نتيجة ضغوط حياتية أو موقف ما‪.‬‬

‫من خالل التعاريف السابقة‪ ،‬يتضح أن العنف ضد المرأة يتمثل في الضرب المبرح والمتكرر والذي قد يترك أث ار‬

‫ويشوه‬ ‫ماديا في جسم المرأة كالكسر أو اإلعاقة‪ .‬وقد يكون على الوجه أو الرأس أو أي مكان آخر من الجسم‪ ،‬حيث ّ‬
‫يقبح ّ‬

‫الشكل‪ .‬كما تحدث األداة المستخدمة من طرف الرجل ضد المرأة كاليد الغليظة والقوية‪ ،‬أو العصا‪ ،‬أو الحزام‪ ،‬أو أي أداة‬

‫تكون أمامه أث ار مؤذيا‪.‬‬

‫كما يتضح من التعاريف السابقة أن العنف ضد المرأة يتمثل في الضرب أمام األبناء أو اآلخرين أو الحرق بالسيجارة أو‬

‫األذى بسالح أبيض يؤدي إلى أضرار بالغة وجروح خطيرة تستدعي عالجا طبيا يستغرق بضعة أيام‪.‬‬

‫كما يتبين أن العنف ضد المرأة هو الضرب المبرح الذي يصل إلى العاهات المستديمة وأحيانا إلى الموت أو النتحار‪.‬‬

‫إل أن هذه التعاريف قد ركزت على استخدام القوة البدنية ولم تتطرق إلى الصور األخرى للعنف ضد المرأة‪ .‬حيث أن‬

‫العنف ل يقتصر على الضرب واألذى الجسدي‪ ،‬بل هناك صور عديدة له تؤدي إلى أضرار نفسية تؤدي بدورها إلى‬

‫زعزعة أمن األسرة وتهديد استقرارها‪ ،‬وقد تؤدي في النهاي ة إلى تفكك األسرة وتشرد األطفال‪ .‬وتتمثل هذه الصور في‬

‫اآلتي‪:‬‬

‫▪ العنـف النفسـي‪ :‬ويتمثل ذلك في ممارسة ضغوط نفسية كالتهديد بالطالق أو الطرد‪ ،‬أو الزواج من امرأة أخرى‪،‬‬

‫حادة‪ .‬ويكون أيضا باإلهانة‬


‫أو الخيانة الزوجية التي تولّد الشك والغيرة والقلق وبالتالي تخلق خالفات أسرية ّ‬

‫والتحقير والتهديد بالحرمان من األبناء الذي يخلق حالة اكتئاب واضطراب حاد عند المرأة وعند أطفالها‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫الطيبة والعشرة اللطيفة‬
‫ّ‬ ‫▪ العنـف العاطفـي‪ :‬ويتمثل في جفاف العواطف‪ ،‬والقسوة في المعاملة والحرمان من الكلمة‬

‫مدة طويلة‪ ،‬وعدم اإلهتمام بالزوجة وحرمانها من الحماية والرعاية والتغذية ومن الحقوق الشرعية‪ .‬وهدا النوع‬
‫ّ‬

‫يمس مشاعر األطفال‪.‬‬


‫َ‬

‫▪ العنـف التعسفـي‪ :‬كالحرمان من اإلنجاب وزيارة األهل ل سيما الوالدين قد يزيد أحيانا عن سنة‪ .‬ومنع الزوج‬

‫خروج الزوجة من البيت نهائيا وعدم فتح باب البيت ألحد أثناء غيابـه‪ .‬وكذلك حرمانها من الوظيفة حتى في‬

‫حالة عدم قدرته على اإلنفاق عليها وتلبيـة حاجاتها الضرورية أو الستيالء على راتبها إذا كانت تعمل خارج‬

‫البيت‪.‬‬

‫▪ العنف غير المباشر على الزوجة‪ :‬ويكون هذا األخير عن طريق إثارة الذعر والخوف في أرجاء المنزل بالصراخ‬

‫والسب والشتم والهيجان ألتفه األسباب‪ ،‬وبتحطيم األواني أو بضرب األبناء على مسمع من األم بهدف استفزازها‬

‫وإثارتها‪.‬‬

‫يمر بها الزوج التي تحدث بسبب عوامل‬


‫▪ العنف المبني على المعاناة‪ :‬وهذا النوع جزء من الحالة النفسية التي قد ّ‬

‫مختلفة منها‪ :‬إحباطات العمل والتوتر والقلق وحالة الكتئاب التفاعلي نتيجة ظروف صحية أو اجتماعية أو‬

‫اقتصادية‪ .‬وهذا النوع من العنف يكون عادة مؤقتا حيث ينتهي مع زوال الظروف الداعية له‪.‬‬

‫▪ العنف مع عدم إسعاف الضحية‪ :‬وهو أن يرى الزوج زوجته تنزف دما ول يحاول إسعافها أو أنها فعال بحاجة‬

‫إلى مراجعة الطبيب ورغم ذلك يتركها تتألم ويغادر البيت متجاهال ألمها‪.‬‬

‫▪ العنف السلبي‪ :‬وهو إيذاء الغير من دون هدف أى أن الرجل يؤذى زوجته ليس لتأديبها ولكن من أجل إيقاع‬

‫الضرر بها والنتقام فقط‪.‬‬

‫‪ -II‬مدى تعرض النساء للعنف‪:‬‬

‫‪40‬‬
‫توصلت دراسة نيكول بيري «‪ »Nicole Berry‬وزيرة حقوق المرأة في فرنسا إلى أن أعداد النساء اللواتي تعرضن‬

‫للعنف من قبل أزواجهن في فرنسا إلى مليون ونصف مليون امرأة‪ ،‬أي ما يعادل امرأة لكل عشر نساء حسب وسائل‬

‫اإلعالم‪.‬‬

‫كما أشارت دراسة أجريت في أمريكا عام ‪ 1987‬إلى أن ‪ %79‬من األزواج يضربون زوجاتهم ضربا مبرحا كثي ار ما‬

‫يؤدي إلى ترك عاهات وأحيانا إلى الموت والنتحار‪.‬‬

‫وفي ألمانيا ذكرت دراسة أن ما ل يقل عن مائة ألف امرأة تتعرضن سنويا ألعمال العنف الجسدي أو النفسي التي‬

‫يمارسها األزواج عليهن‪.‬‬

‫أما المسح الشامل الذي نشرت نتائجه دولة كندا عام ‪ 1993‬فقد أظهر أن‪ %92 :‬من النساء المتزوجات أو اللواتي‬

‫تربطهن عالقة عاطفية برجال قد تعرضن إلى العنف الجسدي أو الجنسي‪ .‬كما تبين دراسة أخرى أن نصف النساء في‬

‫نوفاسكوتيا تعرضن إلى العنف على األقل مرة واحدة منذ سن السادسة عشر‪ .‬كما أن ‪ %32‬من النساء المتزوجات‬

‫تعرضن لألذى من قبل أزواجهن‪ .‬ومن بين ‪ 929‬حالة عنف أسري سجلتها الشرطة من مسح شامل لسنة ‪%92 ،1992‬‬

‫كانت تخص النساء اللواتي تعرضن إلى فعل العنف‪ .‬وما بين ‪ 1974‬و‪ %39 ،1992‬من النساء في نوفاسكوتيا متن‬

‫بسبب األضرار البليغة نتيجة الضرب المبرح‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمرأة التونسية‪ ،‬فحسب دراسة ميدانية لعام ‪ 1991‬حول العنف الزوجي أن ‪ %51.8‬من النساء اللواتي يتعرضن‬

‫للعنف من قبل أزواجهن يلجأن إلى العائلة بينما تتجه ‪ %3.9‬منهن إلى مراكز الشرطة و‪ %3.5‬منهن يتجهن إلى المحاكم‬

‫و‪ %4.1‬إلى المرشدات الجتماعيات )‪.)4‬‬

‫وقد جاء تصنيف العنف الذي تتعرض له المرأة الجزائرية خالل السداسي األخير من سنة ‪ 2001‬حسب مصالح‬

‫الشرطة‪ .‬حيث تعرضت ‪ 1780‬امرأة للعنف الجسدي و‪ 5‬امرأة للعنف الجنسي و‪ 247‬امرأة لسوء المعاملة و‪ 13‬امرأة‬

‫للتحرش الجنسي وامرأتان للقتل العمدي‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫وحسب المقال الصحفي الصادر يوم األحد ‪ 2002/2/3‬باليومية الجزائرية "الخبر" أكدت آخر اإلحصائيات الخاصة أن‬

‫العنف الممارس ضد المرأة في الجزائر مس ‪ 1234‬امرأة‪ .‬أما بالنسبة لسنة ‪ 2003‬فقد كشف تقرير الشرطة القضائية أن‬

‫‪ 1889‬ام أر تعرضن خالل الثالثي الثاني لمختلف أنواع العنف‪ .‬كما تم إحصاء ‪ 7‬قتيالت علما أن العنف الجسدي يأتي‬

‫في المقدمة بإحصاء ‪ 833‬امرأة‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بسنة ‪ ،2004‬فقد سجلت جريد "الخبر" أن ‪ 1389‬امرأة تعرضن لعنف الرجل خالل ثالثة أشهر‪.‬‬

‫كما أكدت أرقام رصدت على مستوى مستشفى مصطفى باشا الجامعي بالجزائر العاصمة أن أكثر من ‪ 9000‬ام أر يترددن‬

‫سنويا على المستشفى طلبا للعالج من آثار الضرب الذي يتمثل في جروح عمدية وانتفاخ على مستوى الوجه والعينين مع‬

‫تسجيل حالت كسور وجروح )‪.)5‬‬

‫بينما الكثير من دول أوربا وأمريكا تصرح سنويا بأن العديد من النساء يتعرضن إلى العنف‪،‬‬

‫فإن الكثير من الدول العربية واإلسالمية ل تقدر خطورة هذه الظاهرة‪ ،‬وبالتالي فإنها لم تعط الهتمام‬

‫الكافي من حيث الدراسات العلمية النظرية والميدانية والتعداد اإلحصائي والسهر على تطبيق القوانين‬

‫لمعاقبة الزوج العنيف وحماية الزوجة واألطفال من العتداء‪.‬‬

‫‪ -III‬النظريات المفسرة للسلوك العنيف‪.‬‬

‫‪ -1‬التفسير البيولوجي للسلوك العنيف‪.‬‬

‫• نظرية األصول البيولوجية‪:‬‬

‫)…‪.)Lombroso, 1876; Vold and Bernard, 1986; Rafter, 1992‬‬ ‫تقوم هذه النظرية على أن العنف يرجع إلى أصول غريزية‬

‫وفي هذا الصدد يشير "فرويد و أتباعه" ‪ Freud & al, 1940‬إلى وجود صفات وراثية تأثر في السلوك‬

‫‪42‬‬
‫العنيف لدى اإلنسان (‪ .)11‬وأن لإلنسان طاقة تنبع من غريزة المقاتلة تتولد تلقائيا داخله بصورة مستمرة وبمعدل ثابت وتتراكم‬

‫بشكل منتظم مع مرور الزمن )‪.(6‬‬

‫• النظرية الفيزيولوجية‪:‬‬

‫هذه النظرية تنسب إلى الهرمونات )األندروجين‪ (Androgène‬بأنها السبب المباشر لوقوع العنف بدرجة أكبر لدى الذكور منه‬

‫عند اإلناث (‪.)7‬‬

‫‪ -2‬التفسير النفسي للسلوك العنيف‪.‬‬

‫• نظرية التحليل النفسي‪:‬‬

‫لقد أعطى فرويد وأتباعه )‪ (1940‬أهمية كبرى للغريزة كتفسير للسلوك العدواني‪ ،‬حيث يصنفها إلى غرائز الذات وغرائز الجنس‪.‬‬

‫غرائز الذات‪ :‬وهدفها المحافظة على األنا لإلبقاء على الحياة‪ .‬فالنرجسية (أو عشق الذات) والسادية (أي السلوك العدواني‬

‫لتدمير الغير) والمازوشية (أي الفعل العدواني لهدم الذات) هي أجزاء من غرائز الذات‪.‬‬

‫الغرائز الجنسية ‪ :‬وهدفها هو إشباع الحاجة الجنسية‪ .‬فكل من غرائز الذات أو غرائز الجنس تفسر عنف اإلنسان ضد‬

‫غيره‪.‬‬

‫و قد ركز علماء النفس على أهمية العالقات التي تربط أفراد األسرة وأثرها على سلوك وشخصية الطفل‪ .‬حيث أن السلوك‬

‫العدواني هو نتيجة الصدع األسري‪ ،‬والتربية القاصرة‪ ،‬والجو األسري التعيس‪ ،‬والشقاق العائلي‪ ،‬وخبرات الطفولة المبكرة‬

‫المتمثلة في الصد األموي (أي رفض األم ا بنها وعدم تقبله) والنفصال عن األم خالل السنوات الخمس األولى من حياة‬

‫)…‪.(Mead,1936; Erikson, 1960‬‬ ‫الطفل والحرمان العاطفي المبكر والعنف الممارس ضده‬

‫• نظرية اإلحباط‪:‬‬

‫‪43‬‬
‫حسب هذه النظرية يصبح الفرد عنيف نتيجة اإلحباط وأن الظروف الخارجية التي تحدث اإلحباط كالفشل في العمل أو‬

‫;‪.(Dollard and al., 1940‬‬ ‫اإلكتئاب التفاعلي نتيجة ظروف صحية أو إجتماعية أو إقتصادية هي التي تفجر العدوان‪.‬‬

‫)…‪Sears and levine, 1941; Block and Martin, 1955‬‬

‫ويوجد نوعان من اإلحباط‪ :‬اإلحباط األولي أو ما يعرف بالحرمان ويتسم بزيادة التوتر وعدم اإلشباع الشخصي الناجمين‬

‫عن غياب الموقف واإلحباط الثانوي أو ما يعرف بالنقص والذي يظهر عند وجود موانع في الطريق المؤدي إلى إشباع‬

‫الحاجة‪ .‬ويصاحب الشعور باإلحباط انفعالت مثل‪ :‬الغضب‪ ،‬واإلثارة‪ ،‬والسلوكات الوسواسية والهيستيرية‪.‬‬

‫‪ -3‬التفسير االجتماعي للسلوك العنيف‪.‬‬

‫• نظرية الضبط االجتماعي‪:‬‬

‫يشمل الضبط اإلجتماعي عمليات التربية األسرية والتطبيع اإلجتماعي الذي ينتج عن عملية التنشئة اإلجتماعية باإلضافة‬

‫المجتمع ;‪(Linden and Hacklen,1973; Burkett & white, 1974; Congar, 1976; stark and al., 1980‬‬ ‫إلى إحترام قوانين‬

‫‪.)Elliott & al., 1985; Gottfredson and Hirschi, 1990...‬‬

‫وقد ركز علماء الجتماع على ستة وسائل للضبط اإلجتماعي لكونها تؤثر في تنظيم سلوك الفرد وتصرفاته الجتماعية‬

‫هي‪ :‬التربية‪ ،‬الرأي العام‪ ،‬العادات الجتماعية‪ ،‬القانون‪ ،‬القيم الجتماعية‪ ،‬والدين‪ .‬وإن كانت هذه الوسائل فعالة‪ ،‬فإن‬

‫الدين حسب رأي العلماء هو من أقوى عوامل تحقيق التوافق في السلوك الجتماعي‪.‬‬

‫• نظرية التعلم االجتماعي‪:‬‬

‫يرى أصحاب هذه النظرية أن العنف هو سلوك يكتسبه الفرد عن طريق التعلم الناتج عن عملية اتصال وتفاعل مع‬

‫أشخاص آخرين مثل أفراد األسرة‪ ،‬والمدرسة‪ ،‬والحي وتحدد األساليب التي يمكن من خاللها أن يكتسب الفرد‬

‫السلوك العدواني في الخبرات والتجارب التي تدعم السلوك العدواني والموقف التفاعلي والتقليد حيث يتقمص الطفل‬

‫شخصية الفرد الذي مارس عليه العنف في الصغر ويصبح هو نفسه عنيفا مع إقرانه وأسرته‪.‬‬

‫• نظرية الشخصية‪:‬‬
‫‪44‬‬
‫لقد ساهمت هذه النظرية إلى حد كبير في تفسير السلوك العنيف حيث ربط أصحاب هذه النظرية بين العوامل المهيئة‬

‫للشخصية والعنف‪ .‬فالفرد الذي يحمل شخصية عنيفة‪ ،‬قد يتصرف بعنف أو يتمرد نتيجة لمشاعر اإلحباط الناجمة‬

‫من الظروف الجتماعية والقتصادية والنفسية‪.‬‬

‫نقد‪:‬‬

‫إن التفسير البيولوجي ليس له قدرة تنبئية ول تفسيرية لظاهرة العنف‪ .‬حيث ل يوجد أي عنصر بيولوجي أو‬

‫فيزيولوجي مسؤول بشكل خاص عن السلوك العنيف‪ .‬فإذا كان السلوك العنيف ينبع من غزيرة اإلنسان وله صفة‬

‫وراثية‪ ،‬فكيف نفسر وجود أفراد عنيفين وأفراد متسامحين في أسرة واحدة‪ .‬ومنه‪ ،‬فإن التفسير البيولوجي الذي هو غير‬

‫قابل لالختبار ميدانيا‪ ،‬هو غير قادر على تفسير ظاهرة العنف‪ .‬وبالنسبة للتحليل النفسي فعلم النفس وحده ل يستطيع‬

‫أن يعمم ظاهرة العنف‪ .‬فالعوامل السيكولوجية تظهر في ظروف إجتماعية وإقتصادية وثقافية ‪ .‬فال يمكن للتفسير‬

‫السيكولوجي مثال أن يذهب إلى أن المجتمع كله قد أصيب بحالة إحباط أو نوع من السادية أو النرجسية تدفعه إلى‬

‫القيام بأفعال العنف‪.‬‬

‫أما نظرية اإلحباط‪ ،‬فقد تعرضت أيضا إلى قدر من النقد وهو أنه ليس بالضرورة أن يكون السلوك العدواني هو‬

‫نتاج لإلحباط‪ ،‬ألنه غالبا ما تتدخل عوامل صحية أو إجتماعية أو إقتصادية أو أخرى‪.‬‬

‫كما ل ننسى‪ ،‬أن العنف الناتج لإلحباط يزول عادة مع زوال الحالة النفسية‪ ،‬وبالتالي فإنه مؤقت أو ل يحدث إل‬

‫مع ظهور الظروف الداعية له‪ .‬وإن الكثير من المواقف المحبطة في حياة الفرد مثل الشقاء‪ ،‬والبؤس‪ ،‬والفشل‪ ،‬والفقر‪،‬‬

‫والوقوع في الخطأ‪ ،‬وخيبة األمل ل تستثير سلوكا عدوانيا‪.‬‬

‫على عكس التفسير البيولوجي والسيكولوجي‪ ،‬فإن التفسير الجتماعي يأخد بعين العتبار ترابط وتداخل العوامل‬

‫الجتماعية والقتصادية والنفسية والصحية‪ .‬ومنه فإن له قدرة تنبئية كما هو قابل لإلختبار ميدانيا‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫وبناء على ذلك‪ ،‬فكل من نظرية الضبط الجتماعي ونظرية التعلم الجتماعي ونظرية الشخصية قادرة على‬

‫تفسير ظاهرة العنف‪.‬‬

‫أسباب حدوث العنف ضد النساء‪:‬‬

‫أما عن أسباب حدوث ظاهرة العنف ضد المرأة‪ ،‬فقد لخصتها الدراسات الميدانية في عوامل‬

‫بيئية وتربوية وعوامل نفسية واجتماعية واقتصادية‪ .‬فقد أثبتت الدراسات والبحوث حول العنف األسري أن أغلب األزواج‬

‫الذين يلجأون إلى استخدام القوة والعنف‪ ،‬نشأوا في بيئة انعدمت فيها معاني التفاهم‪ ،‬والمودة والتسامح‪ ،‬وحل مكانها‬

‫الصراخ ألتفه األسباب‪ ،‬والسيطرة في البيت‪ ،‬والحتقار‪ ،‬والضرب‪ ،‬والتهديد والتخويف مع أعز أشخاص لديهم مثل‬

‫زوجاتهم وأبنائهم‪.‬‬

‫‪(Wasserman,1967; Steele and Pollack,1974; Kempe et al., 1962; Gay and Tongue,1967; Adel Samari, 2001; Fontana‬‬
‫‪& Gayla Margolin, 2000; Iness Angelino, 1997; Elaine Landau, 1994...) .‬‬

‫كما أن الطفل الذي يترعرع في جو يسوده العنف ويتلقى تربية قاسية في الصغر‪ ،‬حيث يتعامل معه ولي أمره‬

‫بالتشدد والعقاب النفسي أو الجسدي‪ ،‬سوف يستعمل نفس األسلوب مع أقرانه وزمالئه‬

‫في المدرسة والحي‪ ،‬كما يسقط تلك التربية الخاطئة والمشوهة على زوجته وأبنائه عند الكبر‪.‬‬

‫;‪(Good., 1969; Bardux et al., 1961; Palmer, 1962; Guttmacher, 1960; Barbara, 1971; King, 1975, Button, 1973‬‬
‫;‪Bach-y-rita and Veno, 1974; Burt, 1978; singer,1971; Elmer,1979; Owens and Strams,1975; Pfouts et al., 1981‬‬
‫‪Pierre Verdier,1997…).‬‬

‫كما أن بعض األخطاء التربوية في الصغر تؤثر في تكوين الشخصية المرضية نذكر منها‪:‬‬

‫الصدمات النفسية الحادة‪ :‬التي تصيب الطفل في صغره والتي تجعله يشك دائما في اآلخر أو في نفسه حيث يصعب عليه‬

‫الرتباط باآلخر خوفا من عدم التطابق والتفاهم والخوف من ردود أفعال اآلخرين عند وقوع أي سوء تفاهم في المدرسة أو‬

‫الشارع أو مكان العمل‪ ،‬كما أن الطفل الذي شاهد أباه وهو يؤذي أمه أمام أعينه في الصغر‪ ،‬قد يلجأ إلى استخدام نفس‬

‫‪46‬‬
‫الكبر ;‪(Dollard et al., 1939; Freud, 1940 ; Miller, 1941; BerKowitz, 1962; Erich From, 1973‬‬ ‫األسلوب مع زوجته وأطفاله في‬

‫‪Fethi Asaid, 1975; Farrington, Abderrahim,‬‬ ‫)‪1982...‬‬

‫كما أن عدم النضج العاطفي واإلنساني يكون سببا في حدوث العنف‪ .‬فترى الزوج مثال حاد الطباع وصعب اإلرضاء‬

‫حيث يغلب على تعامله مع زوجته وأطفاله الجفوة وأسلوب القسوة والتشدد‪ .‬وإذا لم تتم العناية الطبية به نفسيا لتجاوز أثار‬

‫كرد فعل سريع عند اإلحساس بالشك أو‬


‫مثل هذه الصدمات النفسية فقد تنشأ لديه قابلية التعامل مع اآلخر بشكل انفعالي ّ‬

‫الغيرة أو النقص والحاجة إلى ّرد اعتباره أمام اآلخرين بفعل العنف‪.‬‬

‫النشأة في أسرة تنعدم الثقة بين أفرادها ‪ :‬ويتربى أبناؤها على مبدأ الشك والتكذيب‪،‬‬ ‫•‬

‫فينشأون نشأة مضطربة تفقدهم الثقة في اآلخر‪ .‬فالرجل الضطهادي مثال يشك دائما في صدق ووفاء زوجته وفي‬

‫الغش في كل حركة من حركاتها وبذلك يكون العيش معه أو حتى الختالط به صعب‬
‫تصرفاتها حيث يرى الخبث و ّ‬

‫للغاية‪.‬‬

‫‪(Khouj and Abdussallam, 1409; Mufson and Kranz, 1994; Youssouf and Atta, 1998; Adel Samar, 2001...).‬‬

‫التربية على حب الذات واألنانية وعدم احترام مشاعر اآلخرين‪ :‬فالرجل النرجسي ل‬ ‫•‬

‫يحب إل نفسه فيحتقر زوجته ويحمل الفكرة أن المرأة إنسانة غبية وضعيفة الشخصية ول تستقيم ول تخرج عن طاعته‬

‫ول تتعالى عليه إل بالضرب والقهر وبذلك تكون الحياة معه ّ‬


‫مرة المذاق‪.‬‬

‫‪(Bem, 1970; Kelly and Thibault, 1969; Kaplan,1972; Kelly,1971…).‬‬

‫العزلة النفسية واالجتماعية‪ :‬التي قد تكون سببا في تمحور الفرد حول ذاته‪ .‬فالرجل‬ ‫•‬

‫الذي نشأ في جو تسوده العزلة سيفرض النمط ذاته على أسرته وبالتالي يصعب عليه السماح لزوجته وأطفاله بفراقه‬

‫أو السفر بعيدا عنه‪ .‬كما أنه ل يسمح لزوجته بزيارة األهل ول سيما الوالدين إل في المناسبات الدينية واألعياد لفترة‬

‫قصيرة جدا وبرفقة األطفال لكي ل تكون ّ‬


‫حرة في تنقلها من مكان إلى آخر لزيارة أخواتها المتزوجين‪.‬‬

‫‪(Harlow and Zimmerman, 1959; Cohen,1955; Cloward and Ohlin, 1959; Harlow and Harlow, 1962; 1962; Richard‬‬
‫‪Farson, 1994; Fontana and Moolman, 1994; Elaine Landau, 1994...).‬‬

‫‪47‬‬
‫التربية على عدم تقدير الذات واآلخرين‪ ،‬وعدم التحكم في ضبط النفس‪ :‬إذ نجد هذا‬ ‫•‬

‫النوع من الرجال ذوي انفعال حاد ل سيما إذا كانوا يعانون من ضغوط مالية أو وظيفية أو إجتماعية أو نفسية حيث‬

‫تكون ردود أفعالهم في المواقف الصعبة بالعنف والعصبية‪.‬‬

‫& ‪(Bach -y- Rita, G. lion, J.R, Climent, C.E., andErvin, 1971; Goode, 1971; O’brien, 1971; Strauss, 1974; Brown‬‬
‫‪Finkelhor, 1986; Lewis, 1992; Rossman & Rosenberg, 1998; Gottfredson & Hirshi, 1990…).‬‬

‫أما عن األسباب المختلفة لسلوك العنف‪ ،‬فتتلخص في الحالة النفسية التي تنتاب الزوج نتيجة ظروف مختلفة قد تكون‬

‫صحية أو ثقافية أو اجتماعية أو نفسية‪.‬‬


‫ّ‬ ‫اقتصادية أو‬

‫انعكاس عنف الرجل ضد المرأة على سلوك الطفل وشخصيته‪:‬‬

‫إن عنف الرجل ضد المرأة له آثار نفسية وسلوكية وخيمة على شخصية وسلوك الطفل الذي يشاهد أباه يعامل أمه بعنف‪.‬‬

‫كما أن لسلوك الرجل القاسي ضد زوجته أثار طويلة المدى على تصرفه فى البيت ومع األخرين‪ .‬حيث يفقد الطفل الثقة‬

‫فى أبيه وفى الألخرين حوله‪ .‬كما يزول تقديره ألبيه ويولد عنده الشعور بعدم اإلستقرار وتتغير أحالمه إلى كوابيس‬

‫ويصبح نومه مضطرب‪ .‬كما أنه يشعر بالتوتر والقلق والخوف حتى بعد حدوث الطالق بين والديه‪ .‬كما أنه يشعر‬

‫مودة مع زمالئه الذين يعيشون حياة أسرية سعيدة‪.‬‬


‫باإلستسالم وعدم القدرة على بناء عالقة َ‬

‫إن الكثير من األطفال (أي ما بين ‪ 30‬إلى ‪ %40‬منهم) يتعرضون بأنفسهم إلى أفعال العنف من قبل أبائهم من جهة‬

‫ومن قبل أمهاتهم من جهة أخرى‪ .‬فلما يتمادى الزوج في عنفه ضد زوجته‪ ،‬فإن هذه األخيرة تعتبر إبنها مسؤول بالدرجة‬

‫األولى عن إستمرار همومها ومعاناتها ن ظ ار لكونها ل تستطيع المغادرة وتركه من ورائها‪ .‬فوجود الطفل فى سن مبكرة‬

‫يكون فى حاجة ماسة إلى رعاية ورقابة كال الوالدين‪ .‬وهذا يجعل طلب الطالق أم ار صعبا للغاية وتكون عملية إيجادها‬

‫مخرجا لوضعيتها المزرية مستحيال وبذلك تزيد قسوتها مع إبنها كنتيجة لذلك‪.‬‬

‫كما أن األطفال الذين كنوا شاهدين على أحداث العنف في البيت يشعرون بالكتئاب والضطراب السلوكي والقلق والتوتر‬

‫واإلحساس بعدم اإلرتياح لوجود األب فى البيت‪ .‬كما أن البعض منهم يهربون من البيت ألنهم يشعرون بعدم الطمأنينة‬

‫‪48‬‬
‫واإلرتياح وذلك ليمضوا معظم وقتهم في الشارع أين يجدون اإلستقرار النفسى ولكنهم يتعرضون فى نفس الوقت لالنحراف‬

‫وأفعال السوء‪.‬‬

‫بينت الدراسات الميدانية بعيدة المدى أن معظم األطفال الذين يشاهدون أفعال العنف ضد أمهاتهم في‬
‫فقد ّ‬

‫الصغر يصبحون بأنفسهم عنيفين مع أقرانهم وزمالئهم فى الحى والمدرسة ويسقطون تلك التربية الخاطئة على أسرهم‬

‫عند الكبر‪.‬‬

‫وهذا ما يؤكده الدكتور "عمر عسوس" في مقاله "مظاهر انتهاك اتفاقية حقوق الطفل في ظل ظاهرة العولمة"‪ :‬كما أن‬

‫العنف يحطم ثقة األطفال بأنفسهم ويجعلهم يستهينون بقدرتهم على أن يكونوا آباء صالحين عندما يتزوجون في المستقبل‪.‬‬

‫كما أن تعرض األطفال للعنف يجعلهم معرضين لخطر اإلحباط ومن ثم القيام بالنتحار في حياتهم الالحقة )‪.(8‬‬

‫كما تترتب عن عنف الرجل ضد المرأة على مسمع األطفال آثار خطيرة بالنسبة لنموهم النفسي والبدني األمر الذي يؤدي‬

‫الدراسي وعدم تركيزهم داخل القسم فضال عن تمردهم في البيت وفي المدرسة‬
‫في كثير من الحالت إلى ضعف تحصيلهم ّ‬

‫وعدم تكيّفهم اجتماعيا والشعور بالكراهية والحقد ضد أبائهم لمدة زمنية طويلة من عمرهم‪.‬‬

‫كما أن األطفال ل يستطيعون اإلدلء بأعمال عنف أبيهم ضد أمهم خوفا من استهزاء أصحابهم في المدرسة أو في‬

‫الحي‪ .‬حيث يشعرون بالخجل والنقص فتنتابهم حالة نفسية حادة ّ‬


‫تعكر حياتهم اليومية‪.‬‬

‫على الرغم من أن العنف ضد المرأة يشكل فعال ظاهرة في بالدنا حيث تسجل المستشفيات يوميا حدوث حالت‬

‫كثيرة جدا إل أنه ل تتوفر لدينا بيانات وأرقام وإحصاءات دقيقة ّتدل على ذلك‪ .‬ورغم أن القانون الجزائري يحمي المرأة‬

‫من العنف بموجب المادة ‪ 264‬رقم ‪ 04-82‬المؤرخة في ‪ 1982/02/13‬التي تنص على أن كل من أحدث عمدا‬

‫جروحا للغير أو ضربة أو ارتكب أي عمل آخر من أعمال العنف أو العتداء يعاقب بالحبس من شهرين إلى خمس‬

‫سنوات أو بغرامة من ‪ 500‬د‪.‬ج إلى ‪ 10000‬د‪.‬ج‪ .‬وإذا نتج عن هذه األنواع من العنف مفضي إلى عجز كلي عن‬

‫العمل لمدة تزيد عن خمسة عشر يوما‪ .‬وإذا ترتب عن أعمال العنف فقد أو بتر أحد األعضاء أو الحرمان من استعماله‬

‫‪49‬‬
‫أو فقد البصر أو فقد إبصار إحدى العينين أو أية عاهة مستديمة أخرى‪ ،‬يعاقب الجاني بالسجن المؤقت من خمسة‬

‫إلى عشر سنوات‪ .‬وإذا أفضى الضرب أو الجرح الذي ارتكبه عمدا إلى الوفاة دون قصد إحداثها‪ ،‬فيعاقب الجاني بالسجن‬

‫المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة‪ .‬ورغم ذلك‪ ،‬فإن غالبية النساء يمتنعن عن اإلدلء بما يتعرضن له من عنف‪.‬‬

‫وبينما نجد عددا قليال من النساء يطلبن الطالق بعد تعرضهن لألذى من قبل الزوج العنيف‪ ،‬فإن الكثير منهن ل يذهبن‬

‫إلى الشرطة لرفع قضية ضد أزواجهن‪ .‬وتكمن عوامل عدم تقديم الشكوى وطلب الطالق في‪ :‬األمـل أن يتغير الزوج‬

‫ليصبح دائما هادئ وحنون‪ ،‬الحـب ألن معظم النساء تزوجن برجال من اختيارهن ويصفن حياتهن قبل العتداء بأنها‬

‫المودة والتفاهم‪ ،‬الخـوف على مستقبل أطفالها بعد الطالق‪ ،‬الشعور بالخجل واللوم عند تعرضهن‬
‫مبنية على الحب و ّ‬

‫للعنف‪ ،‬البعد الجغرافي‪ ،‬ألن الزوجة التي تعيش بعيدة عن أهلها وأقاربها وأصدقائها تشعر بالوحدة والضعف وتكون غير‬

‫قادرة على أخذ استقالليتها المادية والمعنوية وأخيرا‪ ،‬عدم قدرة الزوجة على رعاية األطفال بعد الطالق‪.‬‬

‫فباإلضافة إلى المعانات القتصادية ‪,‬فالزوجة التي تقرر النفصال عن زوجها لإلقامة مع أطفالها في منزل مستقبل‪،‬‬

‫تواجه مشاكل اجتماعية وأخالقية تجعل حياتها مرة‪ .‬فالمرأة المطلقة في الدول العربية واإلسالمية‪ ،‬شخص من الدرجة‬

‫الثالثة حيث يتعامل معها المجتمع باإلذلل والتحقير والشفقة‪ .‬فبمجرد طلبها الطالق‪ ،‬تصبح المرأة وأطفالها عرضة للقيل‬

‫والقال وأيضا لكل أنواع الستغالل من قبل أفراد المجتمع‪.‬‬

‫خـاتـمـة‪:‬‬

‫نستخلص مما سبق أن عنف الرجل ضد المرأة تكمن خطورته في كون استخدام الرجل مبدأ الصراخ والقسوة مع‬

‫الزوجة وإثارة الذعر والخوف باستمرار في كل أرجاء البيت قد يؤدي إلى تفكك األسرة وتشرد األطفال‪ .‬كما أن ممارسة‬

‫الطيبة مدة طويلة لها آثار‬


‫ّ‬ ‫العنف الجسدي على الزوجة والضغوط النفسية ضدها كاإلهانة والشتم وحرمانها من العشرة‬

‫نفسية وسلوكية وخيمة على شخصية وسلوك الطفال‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫كما يجدر بالذكر أن مشاهدة الطفل أبيه بصدد إستخدام القوة والعنف ضد أمه في الصغر‪ ،‬تجعله يلجأ إلى نفس األسلوب‬

‫مع أقرانه وزمالئه في الحي والمدرسة كما يسقط تلك التربية الخاطئة على زوجته وأبنائه عند الكبر‪.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫)‪ - (1‬حارث سليمان الفاروقي‪ ،‬المعجم القانوني‪ ،‬مكتبة بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،1980 ،‬ص‪. 07‬‬

‫)‪ -(2‬مصطفى حجازي‪" ،‬التخلف الجتماعي مدخل إلى سيكولوجية اإلنسان المتهور"‪ ،‬معهد اإلنماء‬

‫العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،1997 ،‬ص‪.253‬‬

‫)‪Internet site: www.google.ae – (3‬‬

‫المرأة‬ ‫)‪ -(4‬جريدة الخبر الصادر يوم ‪ ،2004 /4/14‬مقال صحفي لصاحبه (ص‪.‬ب)‪ ،‬بعنوان وضعية‬

‫في الجزائر"‪ ،‬ص‪.13‬‬

‫)‪ -(5‬عبد الرحمان عيسوي "سيكولوجيا الجنوح"‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت ‪،1984‬‬

‫ص‪.36‬‬

‫)‪ -(6‬عزت سيد إسماعيل‪" ،‬سيكولوجيا اإلرهاب وجرائم العنف"‪ ،‬منشورات ذات السالسل‪ ،‬ط ‪.1988 ،1‬‬

‫)‪ -(7‬عبد الرحمان عيسوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.90‬‬

‫(‪ -)8‬د‪.‬عمرعسوس "مظاهر انتهاك اتفاقية حقوق الطفل في ظل ظاهرة العولمة"‪ ،‬جمعية الجتماعيين‪،‬العولمة وحقوق‬

‫وبرامج الطفل في اإلمارات‪ .‬بحوث ندوة الطفل والعولمة التي نظمتها جمعية لجتماعيين‪، ،‬اإلمارات‬

‫العربية‪،‬الشارقة‪.2003 ،‬‬

‫المراجـع‪:‬‬

‫‪51‬‬
‫العولمة وحقوق‬،‫ جمعية الجتماعيين‬،"‫عمر عسوس "مظاهر انتهاك اتفاقية حقوق الطفل في ظل ظاهرة العولمة‬.‫ د‬-

،‫ الشارقة‬،‫العربية‬ ‫ اإلمارات‬،‫ بحوث ندوة الطفل والعولمة التي نظمتها جمعية لجتماعيين‬.‫وبرامج الطفل في اإلمارات‬

.2003

‫ قراءات في مظاهر النحراف الجتماعي المعهد‬- ‫ الوجه اآلخر للسلوك‬-‫مصطفى عمر التير‬.‫ د‬-

.1990 ،‫ الطبعة األولى‬،‫اإلنماء العربي‬

،‫ دار المعرفة الجامعية‬،‫ تأديب مشروع أم انتهاك محظور‬- ‫ العنف في األسرة‬-‫عدلي السمري‬.‫ د‬-

.2001 ،‫القاهرة‬

BIBLIOGRAPHIE:

- C .H.U, Les femmes battues, études rétrospectives, service de médecine légale – C.H.U. Ibn Rochd –
Annaba, 1996.

- David Bender &Bruno leone, Drug abuse, Green haven Press, Inc, 1994.

- Ines Angelino, L’enfant, la famille, la maltraitance, Dunod, Paris, 1997.

- Maria Roy, Battered Women, a psychological study of domestic violence,

Van Nostrand Reinhold Ltd, 1977.

- Nawel Elsaadawi , The hidden face of eve , Zed press , London ,1980.

- R.M. Youssef and H.Y. Atta, child abuse and neglect, its perception by

those who work with children,Vol 4, issue 2, 1998.

- Sally E. Palmer, Ralph A. Brown, Naomi I. Rae, Grant, and M. Joanne Laughlin, Responding to children’s
disclosure of familial abuse: what survivors tell us, Vol LXX VIII, n°2, Mars/April, 1999.

-William McCord and Arline McCord, American social problems-challengers to existence, the C.V Mosby
company, Saint Louis, 1977.

52 .
Schizophrenia

If you are affected by schizophrenia you may view the world differently than those around you. You
may hear, see, smell or feel things that are not experienced by others (hallucinations).

You may also find that you have confusing and frightening thoughts, such as believing that people are
reading your mind, controlling your thoughts or planning to harm you. These thoughts may make you feel
anxious and you may find that they become so disordered that they scare you, or those around you.

However, although schizophrenia can be upsetting and frightening, this does not mean that your life has to
come to a stop. Approximately 1% of people will develop schizophrenia at some point during their life,
meaning you are not alone in having the condition. Just like anybody else who has a long-term or recurring
illness, you can learn to manage your condition and live the life that matters to you.

Schizophrenia typically first onsets during adolescence and early adulthood, but it does sometimes appear
for the first time in people aged over 40. Both men and women can develop schizophrenia, with symptoms
in men tending to appear at a younger age.

53
Approches sociologiques de la délinquance

La délinquance est ici considérée comme un tout : crimes, délits, toutes sortes de crimes, toutes sortes de
délits, tous les comportements illégaux. En effet, la sociologie criminelle semble (mais en fait elle est plus large que
cela) s'occuper surtout des crimes et souvent par délinquance, on pense généralement aux vols ou aux viols en
oubliant la grande délinquance (ce qui coûte le plus cher sur de nombreux plans à la société), dite en "col blanc", la
délinquance financière. Dans le mouvement général des idées sur la délinquance, les divers auteurs passent des
préoccupations liées à l'urbanisation croissante et aux "désordres sociaux" à des approches plus critiques sur la
constitution des normes et des règles sociales. Les études se concentrent souvent sur un seul aspect de la délinquance,
très peu aborde l'ensemble du phénomène et rarement font une approche critique des délinquances en fonction du
système social, le lien entre injustices sociales et existence de ces crimes et délits. Toute la sociologie de la
délinquance, comme toute la sociologie criminelle (mais moins pour cette dernière, plus focalisée sur la personnalité
criminelle), est partagée entre deux conceptions : les délinquances sont plutôt dues à l'environnement social ou plutôt
dues aux caractères des acteurs sociaux. Cela rejoint la grande distance entre une sociologie dite holiste (consiste à
expliquer les faits sociaux par d’autres faits sociaux, dont les individus ne sont que des vecteurs passifs) et une
sociologie dite individualiste ou interactionniste (qui met en avant les droits et les responsabilités de l'individu)...

Dans l'histoire de la naissance de la sociologie de la délinquance et de la justice pénale, Jacques FAGET


met l'accent sur la difficulté pour une pensée positiviste (celle héritée d'Auguste COMTE) d'aborder un domaine où
semblait régner l'irrationnel. Quelques médecins, juristes, démographes ou réformateurs sociaux tentèrent de mettre
en œuvre une approche rationnelle du crime. Ils ne le firent que de manière peu systématique dans une démarche se
préoccupant de considérations sociales plus générales. On peut cependant qualifier leurs approches de pré
sociologiques dans leur façon de souligner l'importance des causes sociales sur la criminalité et de se démarquer
des discours dominants sur les facteurs innés.

L'approche culturaliste de la délinquance provient de recherches au sein de l'Ecole de Chicago, sans que
l'on puisse affirmer que cette école est une école culturaliste. Car elle ne se réfère pas aux travaux anthropologiques
culturalistes et ne prend pas la culture pour objet d'étude principal. En fait, les premiers chercheurs se penchent
essentiellement sur les conditions et les effets de la désorganisation sociale qui affecte le développement des
grands centres urbains. Les thèmes abordés, immigration, relations ethniques, assimilation, socialisation, ont une
dimension culturelle.
William Isaac THOMAS (1863-1947) et Florian Witold ZNANIECKI (1882-1958) écrivent une somme de 5
tomes (Le paysan polonais en Europe et en Amérique, 1927, traduit en France en 1998 et publié par Nathan) qui
lance la notion de désorganisation sociale, à propos des problèmes multiples d'une population d'immigrants à
Chicago entre 1918 et 1920. L'expression désorganisation sociale permet aux sociologues de rompre avec les notions
54
en vogue de problèmes sociaux ou pathologie sociale. Elle recouvre toutes les problématiques relatives à la
pauvreté, la criminalité, l'usage des drogues, la prostitution, le jeu, le suicide, les maladies mentales, les
ruptures familiales, la corruption politique, les désordres perpétrés par les foules, la violence dans les émeutes.
Robert PARK (1864-1944) et ses collaborateurs (dont E BURGESS) précisent cette notion de désorganisation sociale
dès 1925 (The City, The University Press). Elle résulte d'une interprétation des changements sociaux dus au
développement de la grande industrie et aux transformations des formes de contrôle social qui en découlent. Alors
que celui-ci s'exerce, dans les communautés rurales, de façon spontanée et directe dans le cadre de relations primaires
(famille, communauté), il repose dans les villes sur les principes abstraits mis en œuvre par des institutions formelles
comme les Eglises, l'école, les tribunaux pour enfants, les associations de parents d'élèves, les clubs de jeunes... Cet
affaiblissement des contraintes et des inhibitions des groupes primaires est "largement responsable de la croissance
de l'immoralité et du crime dans les grandes villes", notamment dans les populations d'immigration récente qui
rencontrent des difficultés d'adaptation.
A la suite des analyses d’E. BURGESS, découpant la ville en cercle concentrique, Frédéric TRASHER (1892-
1970) tente de localiser géographiquement la délinquance juvénile (The Gang. A study of 1313, Gangs in Chicago,
University of Chicago Press, 1927). Il constate l'existence de cinq strates urbaines organisées sous la forme de cercles
concentriques. Au centre sont installés les commerces, les bureaux, les banques, peuplé le jour, vide la nuit, entouré
d'une zone d'habitat délabré et précaire, où il note l'existence d'enclaves ethniques. A sa périphérie, un espace
rassemble les travailleurs des classes moyennes et de la classe ouvrière aisée, et parmi eux, les immigrants qui ont
réussi leur intégration. Plus loin se trouve une zone résidentielle occupée par les classes bourgeoises entourée par
une banlieue encore non urbanisée. La criminalité s'observe dans l'espace "interstitiel" situé entre le quartier des
affaires et l'espace résidentiel des travailleurs. C'est là que se rassemblent les immigrants récents, dans cette ceinture
de pauvreté. Ces gangs constituent une réponse à la désorganisation sociale, à rebours certainement de certains
qui peuvent l'analyser comme en étant la cause. Le gang "offre un substitut à ce que la société ne parvient pas à
donner (...), il comble un manque et offre un échappatoire" à la misère. La délinquance dans se contexte est
analysée comme le produit d'une logique incontrôlée des forces de l'environnement, un mode de survie dans un
contexte difficile.
Clifford SHAW, ancien contrôleur judiciaire et de probation et Henry Mac KAY, statisticien, développent
ensuite un programme de recherches sur la délinquance juvénile et de l'effet des réponses pénales de la société. Ils
mettent en évidence trois facteurs qui favorisent la délinquance : le statut économique précaire des habitants,
la mobilité de la population et l'hétérogénéité de cette population avec une forte proportion d'immigrants. Ils
montrent également les effets pervers des réponses pénales. Ils se font les apôtres, au lieu d'un renforcement de la
répression, encore populaire dans les classes dirigeantes, de réponses à la délinquance orientées vers une meilleure
organisation de la communauté, la réhabilitation des quartiers et le développement d'une politique de prévention
s'appuyant sur la communauté.
Ces travaux sont très critiqués, notamment par Williams WHYTE (1914-2000) (Street Corner Society, la
Découverte, 1995, traduction d'une édition de 1943), qui s'attaque à la notion de désorganisation. S'appuyant sur
l'observation participante d'un quartier italien pauvre de Boston, il estime que de nombreux quartiers pauvres sont
structurés par un système très dense d'obligations réciproques, même si ce type d'organisation déroge au type le plus
55
répandu dans la société. D'autres changements sociaux et démographiques par ailleurs, dans les années 1930 semblent
invalider certaines propositions de Clifford SHAW et Henry Mac KAY. En effet, les zones délinquantes deviennent
de moins en moins des zones de résidence d'immigrants récents, ce que ces derniers auteurs reconnaissent par la
suite (dans la deuxième édition de leur ouvrage, en 1968). Mais ils continuent de penser que les populations les plus
criminogènes sont toujours les dernières arrivées. Par la suite, les études combinent le facteur économique avec la
désorganisation sociale.
Ainsi Edwin SUTHERLAND (1883-1950), formule des réserves (The Professional Thief, The University
Chicago Press, 1937; Principles of Criminology, 1924) sur la manière dont sont conduites les enquêtes, car ils ne
prennent en compte que la délinquance enregistrée, laissant de côté tous les comportements délinquants non repérés
ou non enregistrés. Il s'aperçoit dans ses propres enquêtes, entre 1930 et 1935 notamment, que la criminalité se
rencontre dans toutes les classes sociales, mais que certaines d'entre elles bénéficient d'une protection sociale
face à l'intervention du système répressif du fait de leur statut social élevé. Du coup, il est amené à formuler la
théorie de l'association différentielle qui marque la sociologie américaine pendant un bon quart de siècle.
Cette théorie comporte neuf points:
- Le comportement criminel est appris, autrement dit, il n'est pas héréditaire;
- Le comportement criminel est appris au contact d'autres personnes par un processus de communication verbale
ou par l'exemple (Influence de TARDE);
- Il s'apprend surtout à l'intérieur d'un groupe restreint de relations personnelles, ce qui minimise l'influence de
journaux ou du cinéma;
- Lorsque la formation criminelle est apprise, elle comprend l'enseignement des techniques de commission de
l'infraction et l'orientation des mobiles, des tendances impulsives, des raisonnements et des attitudes;
- L'orientation de ces mobiles est fonction de l'interprétation favorable ou défavorable des dispositions légales.
Quand certains groupes sont respectueux des règles, d'autres ne cessent de les violer;
- Un individu devient criminel lorsque les interprétations défavorables au respect de la loi l'emportent sur les
interprétations favorables. C'est ce qui constitue le principe de l'association : on devient criminel parce que l'on
s'associe à des modèles criminels sans avoir sous les yeux des modèles contraires. Chaque individu apprend la
culture de son milieu environnant et ce d'autant plus qu'il n'a pas de modèle de comparaison;
- Ces associations sont différentielles parce qu'elles peuvent varier en fréquence, en durée, en intensité;
- La formation criminelle met en jeu les mêmes mécanismes que tout autre formation;
- Le comportement criminel est l'expression des mêmes besoins et des mêmes valeurs qu’un comportement
non criminel. C'est pour l'argent que les voleurs volent et que les honnêtes gens travaillent. La recherche de la
réussite ou du bonheur ne les différencie pas.
Bien entendu, des critiques mettent l'accent sur le fait qu'il accentue (trop) l'influence de l'entourage délinquant
dans le processus de socialisation, au détriment du climat général dans la société. Ils mettent aussi en avant une
surévaluation des processus d'apprentissage d'une grande partie des actes délinquants qui n'exige pas de compétence
particulière. Sans doute de telles critiques se focalisent sur tel ou tel aspect de sa démonstration, mais peu s'attaquent
à l'ensemble de la théorie qui inclue tous les aspects de l'apprentissage, pas seulement techniques, ni seulement
moraux.
56
Ce qui précède rend mal compte sans doute de l'importance, dès le début, d'une "sociologie noire" aux Etats-Unis,
car le racisme ambiant préexiste dans cette société qui identifie l'individu souvent en premier lieu par sa couleur
(jusque sur certaines cartes d'identité...). Car de nombreuses études portent sur la délinquance "noire", comme
celles de Mac KAY et SHAW.
Louis WIRTH (1897-1952), poursuivant les études de Robert PARK, dénonce précisément les présupposés racistes
et pose les bases de dispositifs d'intégration pour les immigrants. Dans ses travaux (Le ghetto, Champ urbain, 1980,
traduction de son œuvre de 1928 ; Culture, conflict and misconduct, dans Social Forces, 1931), il veut démontrer
l'importance du conflit de culture dans la genèse du comportement délinquant des populations immigrées. Il fait la
comparaison de la délinquance de la première génération ave celle de la seconde qui tend à commettre des infractions
sensiblement identiques à celles que commettent l'ensemble des Américains. Ce n'est pas, pour lui, le conflit
"objectif" entre les normes de conduite prescrites par deux codes culturels qui serait criminogène. C'est davantage le
conflit "subjectif", la manière dont les individus interprètent leur propre culture dont elle est regardée par les autres.
De ce point de vue, la délinquance des adolescents pourrait provenir du sentiment d'appartenir à une culture
dévaluée, méprisée et non susceptible de leur permettre une identification culturelle. Ils privilégient dès lors
les normes de ceux qui disqualifient leur propre culture et adhère à leur code moral. Mais cette attraction reste
problématique car de nombreux obstacles empêchent cette intégration culturelle. La délinquance n'est qu'une des
manières dont ce conflit de culture s'exprime et sans doute ajouterions-nous une manière minoritaire de façon globale.
Mais elle peut en constituer l'expression majeure chaque fois qu'un individu se sent stigmatisé en tant que membre
d'un groupe disqualifié, lorsque par suite de mutations sociales et culturelles, sa communauté est désintégrée et dans
l'incapacité d'assurer sa socialisation, lorsque l'individu appartient à un groupe en conflit avec le reste de la société,
lorsqu'une conduite valorisée par son groupe d'appartenance viole la loi du groupe dominant.
Thorsten SELLIN (1896-1994), associé d’Edwin SUTHERLAND, adhère à cette perspective (Conflits de culture
et criminalité, Pédone, 1984, traduction de l'édition de 1938). L'homme nait dans une culture et y apprend les
manières d'agir et de penser qu'on y diffuse et aussi les significations que l'on y donne "aux coutumes, aux
croyances, aux objets et à ses propres relations avec ses semblables ou avec les institutions sociales".
Poursuivant les travaux de Louis WIRTH, il propose un modèle explicatif de la criminalité dans des situations de
pluralisme culturel. Son analyse est centrée sur les conflits susceptibles d'exister entre les normes américaines et les
normes culturelles des immigrés, mais peut s'appliquer également à nombre de situations européennes ou dans les
situations coloniales. Il développe l'analyse d'un relativisme culturel qu'il retrouve dans le code français qui ne permet
pas par exemple de tuer pour sauver son honneur, tandis que les normes kabyles acceptent la réaction meurtrière du
mari face à l'adultère de son épouse. La modification des caractères de la criminalité d'une génération à l'autre
constitue un indice du comblement d'un fossé culturel originel. Les conflits de culture peuvent d'après lui se
produire dans trois contextes:
- à la frontière de zones de cultures contiguës, par simple contact;
- quand la loi d'un groupe culturel est étendue pour couvrir le territoire d'un autre groupe;
- lorsque les membres d'un groupe culturel émigrent dans un autre groupe.
Le même auteur considère que les crimes des immigrants - surestimés dans les statistiques parce qu'ils constituent
des populations plus surveillées que d'autres - sont la résultante soit d'un conflit entre les normes de conduite de
57
la culture nouvelle et celle de l'ancienne, soit du changement d'un environnement rural pour un
environnement urbain, ou bien du passage d'une société homogènes bien organisée à une société hétérogène
désorganisée. Il examine pour le montre, les modalités du contrôle parental. Il fournit là un modèle explicatif de la
délinquance des étrangers et des migrants qui est utilisé par la suite dans un nombre considérable de travaux
sociologiques. Il ne nie pas l'influence possible de la position sociale ou économique des individus dans la société
mais souligne la dimension culturelle d'un certain nombre de particularismes comportementaux sans la prise en
compte desquels on ne peut comprendre l'usage immodéré des armes, les rituels de vengeance ou les querelles
d'honneur. Son schéma explicatif est bien entendu critiqué par ailleurs, sur principalement trois points:
- il accorderait une force trop grande au processus de socialisation en considérant que toutes les normes culturelles
doivent être nécessairement intériorisées;
- il surestimerait les différences entre les codes culturels, alors que des préceptes majeurs se retrouvent dans toutes
les civilisations (sur le vol, sur le meurtre...);
- il n'éclairerait pas le paradoxe suivant lequel la première génération, la plus violemment confrontée au conflit de
culture, ait une moins grande propension à la délinquance que la deuxième génération. Mais sur ce point, sa critique
des statistiques devrait éclairer.
Pour Thorsten SELLIN, le phénomène criminel, d'une manière générale, révèle ce qu'il désigne comme des
conflits de culture. Plus une société se complexifie, écrit-il, plus tend à s'élargir le nombre de groupes normatifs
(producteur de normes et de régulations spécifiques) - familial, professionnel, politique, religieux, de loisir - auxquels
est susceptible de se rattacher l'individu, et plus il est probable que les normes de ces groupes multiples feront
apparaître des divergences et cela, quels que soient les traits communs dus à l'acceptation générale de certaines
normes. Il y a conflit de culture (de valeurs et de normes), lorsque les règles de conduite, plus ou moins
divergentes, viennent concurremment régir l'économie de telle ou telle situation particulière dans laquelle se
trouve, à un moment donné, un individu. Ce genre de situation engendre un état de désorganisation sociale,
état consécutif à l'éclatement des valeurs résultant de l'atomisation du corps social (la multiplication des groupes
secondaires) et peut placer l'individu dans une situation d'anomie.
Edwin SUTHERLAND (Criminology, 1939, voir aussi, avec Donalds CRESSEY Principes de criminologies,
Cujas, 1966, Œuvre de 1924) développe une analyse assez proche, intégrée dans un modèle explicatif plus global,
dans sa théorie de l'association différentielle. A travers cette théorie, le sociologue américain s'efforce de décrire
le processus selon lequel un individu devient délinquant. "La criminalité apparaît comme étant fonction de
l'organisation sociale, comme l'expression de l'organisation sociale".
Jean PINATEL explique que la théorie de SUTHERLAND a des limites évidentes : elle ne tient pas compte des
dispositions héréditaires, de la fragilité du terrain, des différences individuelles. Elle escamote les problèmes
de personnalité. Il n'est pas vrai que chaque personne assimile inévitablement la culture environnante, à moins qu'il
n'y ait d'autres modèles en conflit avec elle.
Sur les conflits de culture, PINATEL, qui souligne le succès en France de l'ouvrage paru aux Etats-Unis en 1938 de
Thorsten SELLIN, écrit qu'il a une portée générale. Conçue à l'origine dans l'étude des problèmes de l'immigration,
elle s'applique également dans le domaine politique (lorsque triomphe une idéologie de classe, la classe francophone
en Algérie), moral (lois arbitraires ou favorisant la corruption, payer pour avoir un Apt, un job ou un passeport pour
58
la Mecque), social (Bohémiens, frères musulmans), criminologique (subcultures criminelles des aires urbaines). Cette
théorie a le mérite de souligner que les valeurs morales et sociales exprimées par le code pénal peuvent n'être pas
assimilées ou comprises par de nombreux citoyens ou être en contradiction avec leur idéologie et leur morale.

59
Normes et déviances:

Certains comportements sont reconnus comme « normaux », d'autres comme « déviants ». A.


Cohen affirme que « le comportement déviant est le comportement qui transgresse des règles
normatives ». Il faudrait donc que des normes soient à la base de règles, règles définissant dès lors
objectivement le comportement déviant. Le problème demeure dans l'identification des « règles
normatives » qui varient dans l'espace et dans le temps. Si nous considérons que la norme n'a pas
d'essence mais qu'elle est le fruit d'une construction sociale complexe, il convient de dire que
l'essentiel de la norme ne réside pas en elle-même mais bien dans son objectivation par la société
elle-même. La société doit donner à la norme une existence, doit énoncer des règles de vie
identifiables. La norme n'est pas fixée une fois pour toute, elle existe par sa propre mise en œuvre
au travers de règlements. Elle est diffusée dans la société et elle est l'objet d'un conflit permanent
pour son élaboration. Certains comportements sont prohibés de façon unanime. L'inceste par
exemple n'est toléré dans aucune société.

I- Norme et déviance
A. La Norme
1) La norme

S'il fallait retenir une problématique développée par le père de la sociologie française, Emile
Durkheim, nous retiendrions la logique d'imposition des normes d'une société à tous les individus
qui la composent. C'est sans doute dans son ouvrage le plus aboutit, Les formes élémentaires de la
vie religieuse , qu'il s'approcha au plus près de ce qu'il recherchait, c'est-à-dire de l'explication
scientifique de l'existence d'une communauté de pensée surpassant par sa puissance la volonté
individuelle. Pour lui, la religion ne tire pas sa puissance, comme voudrai t nous le faire croire
Raymond Aron , quand il commente l'œuvre d'E. Durkheim, de l'« adoration » que l'individu voue au
groupe et à l'ordre social. La religion est une forme possible de perception du monde. Elle donne les
clés de compréhension nécessaires à la société. Ce n'est pas l'« adoration » que l'individu voue au
groupe qui donne à la religion sa puissance, c'est l'existence même d'une société qui pense le monde
à son image qui permet à l'individu de l'appréhender au travers de catégories de perception qui sont
d'origine sociale. La religion est donc une posture socialement construite afin de penser le monde. Si
l'individu n'a pas suffisamment intégré la norme, il se trouve dans une situation d'intense
précarité qui peut le conduire, par exemple, au suicide. S'il fallait donc trouver une origine à la
norme sociale propre à une société, il faudrait analyser qu'elles sont les catégories de perceptions du
monde que les individus de cette société mettent en œuvre. Ces catégories de perception ne peuvent
être le résultat d'une construction individuelle qui n'expliquerait pas leur permanence dans une
société donnée. Il y a la droite et la gauche, le haut et le bas, l'eau et le feu, le bien et le mal, le blanc
et le noir, l'homme et la femme, le sacré et le profane... C'est à partir de ces catégories inconscientes
de perception que se forme notre compréhension du monde. Et c'est une compréhension commune
du monde qui permet de penser la solidarité des individus entre eux. Ce type de solidarité que
Durkheim nomme « solidarité mécanique » n'est pas absent de nos sociétés construisant la
modernité.
Les mentalités évoluent, chacun le sait bien. Les modifications de normes dues aux progrès
techniques ou à l’évolution des croyances religieuses et politiques proclamées sont flagrantes. Mais
derrière ces processus très généraux, on peut apercevoir des évo lutions qui touchent à des
comportements que nos ancêtres pouvaient croire " naturels " et qui pourtant se révèlent être des
normes qui ne s’imposaient à eux qu’en vertu d’une représentation construite par la société. Ainsi,
dans nos sociétés occidentales, il y a encore seulement un siècle ou deux, la remise en cause de la
suprématie sociale, morale, juridique (propriété, mariage, succession, etc.) et intellectuelle des
hommes sur les femmes était une déviance intolérable tandis que c'est aujourd'hui son affirmation
qui l'est. L’avortement était un crime jugé particulièrement immoral et sévèrement puni tandis que
l'on réprime aujourd'hui les catholiques intégristes60qui contestent la liberté d'avorter .
L’homosexualité était considérée comme une perversion haïssable et méritant de sévères châtiments
tandis que c'est aujourd'hui une revendication identitaire largement perçue comme légitime et sans
doute bientôt reconnue par le droit. La mendicité était un délit qui pouvait conduire un clochard aux
travaux forcés à vie dans un bagne tandis qu'elle fait aujourd'hui l'objet d'une compassion et d'une
prise en charge croissante. L’obéissance des enfants était une obligation indiscutable et les punitions
corporelles la sanctionnaient légitimement en famille comme à l’école tandis que le non respect du
" droit de l'enfant " est aujourd'hui regardé comme un abus d'autorité odieux.
Inversement, l’évolution des sociétés modernes conduit à pénaliser des comportements jadis tolérés
voire considérés comme normaux: certaines formes de corruption, certaines formes d’atteinte à
l’environnement (chasse, pollution automobile, pollution agrico le), certaines formes de violences
" morales " (le harcèlement sexuel simplement oral, le propos raciste, et peut-être bientôt ce que les
Américains appellent le political correctness, cette sanction informelle de l’individu qui prononce
certains mots tabous ou qui ne prononce pas certaines formules rituelles s’agissant du respect des
femmes, des minorités raciales, de certaines règles de politesse, etc. ).
Enfin, l’évolution des normes sanitaires conduit aussi à pénaliser certaines pratiques très
ordinairement répandues comme l’acte de fumer. Aujourd’hui, l’individu qui allume une cigarette
dans un hall de gare est un délinquant puisqu'il enfreint la loi. Il y a à peine quelques années, dans la
même situation, il était un individu parfaitement normal. Certes, la mise en pratique de cette
interdiction est aujourd'hui très négociée et l'infracteur est simplement prié d'éteindre sa cigarette,
mais il est probable que, dans vingt ou trente ans, la sanction automatique aura remplacé la
recommandation bienveillante de la même façon que notre société réprime aujourd'hui fortement la
conduite en état d'ébriété qu'elle tolérait jadis.

2) L’anomie

Le concept d’anomie forgé par Durkheim est un des plus importants de la théorie sociologique. Il
caractérise la situation où se trouvent les individus lorsque les règles sociales qui guident leurs
conduites et leurs aspirations perdent leur pouvoir, sont incompatibles entre elles ou lorsque, minées
par les changements sociaux, elles doivent céder la place à d’autres. Durkheim a montré que
l’affaiblissement des règles imposées par la société aux individus a pour conséquence
d’augmenter l’insatisfaction et, comme diront plus tard Thomas et Znaniecki, la «démoralisation»
de l’individu. De cette démoralisation, Durkheim voit le signe dans l’augmentation du taux des
suicides.
En effet, le suicide «anomique», qui vient de ce que l’activité des hommes est déréglée et de ce
qu’ils en souffrent, a tendance à se multiplier en période de crise politique ou de boom économique.
De même, il devient plus fréquent là où les mariages étant plus fragiles l’homme est app aremment
plus libéré des contraintes morales.
Le concept durkheimien d’anomie a fait l’objet de réflexions et de recherches de la part des
sociologues contemporains, comme Merton et Parsons. Mais le développement le plus intéressant,
quoique plus ancien, de la théorie de l’anomie se trouve peut-être dans les travaux de Thomas et
Znaniecki sur les effets de la transplantation sociale. Dans leurs études sur les immigrants polonais
aux États-Unis, les auteurs ont montré que la transplantation provoquait une «désorganisation
sociale» des familles et, corrélativement, une démoralisation des individus , qui mènent une
existence dépourvue de but et de signification apparente. La théorie de l’anomie paraît
d’importance fondamentale à une époque qui, comme la nôtre, est caractérisée par des
changements rapides.
En effet, le changement implique le vieillissement des règles de conduite traditionnelles en même
temps que l’existence, dans les phases de transition, de systèmes de règles mal établies ou
contradictoires. Il serait important de savoir dans quelle mesure le changement entraîne
effectivement la démoralisation prévue par Durkheim, et dans quelle mesure cette dernière amène, à
son tour, une détérioration des institutions. La théorie de l’anomie devrait donc po uvoir être
appliquée à l’analyse du comportement des individus et du fonctionnement des institutions en
61
situation de changement, comme elle a été appliquée à celles des conduites déviantes et des
transplantations sociales.

L'anomie n'est pas synonyme de pathologie. Elle indique seulement « la probabilité de sa


présence dans le corps social » . Elle n'est autre que l'absence de solidarité entre les composantes
d'une société. Elle n'est donc pas la transgression d'une norme commune, mais l'absence de règles
communes. Pour transgresser une norme, encore faut-il que la société l'ait édifiée en tant que telle.
Si le crime est un fait social normal, c'est parce qu'il ne détruit pas la solidarité. En revanche le
suicide peut être pathologique s'il est considéré comme une absence totale de la norme, la mort
sociale engendrant inévitablement la mort biologique. Durkheim est conscient qu'« il ne peut y avoir
de société où les individus ne divergent pas plus ou moins du type collectif » . Mais cette divergence
n'est pas un élément pathologique. Comme le dit A. Cohen, « la déviance éclaircit les règles et
unifie le groupe »

B. La Déviance
Définition : Selon l’édition en cours du célèbre dictionnaire usuel Petit Robert, " Déviance " est un
mot d’usage très récent (les années 1960) qui, dans son sens psychologique, signifie " Comportement
qui échappe aux règles admises par la société ". Plus précisément, " Déviant(e) " est l’adjectif qui
désigne la " personne dont le comportement s’écarte de la norme sociale admise ". De fait, pour
qu’une situation de déviance existe, il faut que soient réunis trois éléments:
- l’existence d’une norme
- un comportement de transgression de cette norme
- un processus de stigmatisation de cette transgression
Les déviances sont définies par des normes: La sociologie de la déviance – ou plus précisément la
sociologie des faits de déviance – s’est principalement développée dans les pays de tradition anglo-
saxonne, et plus particulièrement aux état unis, après la première guerre mondiale. De fait, le term e
de déviance est longtemps demeuré étranger au vocabulaire de la langue française, où il n’est
recensé dans les dictionnaires que vers la fin des années 60. En réalité la sociologie des faits de
déviance est née avant la sociologie criminelle, dont elle constitue un prolongement. Le concept de
déviance s’avère difficile à circonscrire. Parfois synonyme de criminalité, la notion de déviance a
tendance à déborder de plus en plus le cadre judiciaire pour s’appliquer à tout phénomène de
transgression de normes collectivement établies. En fait, la déviance apparaît comme une notion
vague complémentaire de la notion de norme. Mais cette notion de norme- que l’on définit
généralement comme les manières de faire, de penser, d’agir, de sentir, socialement déterminées et
sanctionnées- est elle-même variable et polymorphe. On voit en effet dans une même société une
multiplicité de normes parfois contradictoires, régissant des compartiments divers et plus ou moins
larges de la vie collective. Et des faits de déviances surgissent, ici ou là en fonction des divers
systèmes de normativité. C’est donc la « société » qui en instituant des règles de fonctionnement
crée les conditions mêmes de production des déviances….ainsi la déviance en soi n’a pas de
fondements : il n’existe que des faits de déviance particulier.
Il n’est pas de société dont les membres ne subissent un minimum de pression qui les amène à se
conformer à certains modèles, à certaines règles (et par là même à se ressembler). Cette pression ne
s’exerce d’une manière uniforme ni quant à l’intensité des contraintes qu’elle applique aux
individus, ni quant aux directions qu’elle leur signale; elle n’est pas irrésistible et c’est souvent
l’exigence de conformité qui ouvre les portes de la déviance lorsque le contenu des règles et des
modèles s’est altéré et que leur rigueur se relâche, ou au contraire se resserre exagérément. Ces
propositions sont généralement admises, mais leur élucidation amène les sociologues à se poser de
difficiles questions sur les conditions et les mécanismes qui assurent la conformité, la nature et
l’étendue de la ressemblance instituée entre les membres de la société, et inversement sur les
différences, divergences ou oppositions que celle-ci tolère entre les individus.
Le courant ayant sans doute le plus significativement renouvelé l'analyse sociologique en matière de
déviance est l'interactionnisme. Alors que l'approche structuro-fonctionnaliste mettait en avant la
62
solidarité sociale et son renforcement possible par la transgression des normes , « l'orientation
interactionniste propose de concevoir la déviance comme le produit de la réaction sociale » .
Pour cette école, l'ordre social ne préexiste pas aux relations interindividuelles, il lui est inhérent . Ce
n'est donc pas dans l'acte individuel qu'il faut chercher la signification d'une pratique déviante au
regard des normes propres à une société mais dans le processus de désignation qui se fait jour dans
l'interaction et qui « labellise » ou « stigmatise » un individu.
Dans ce constructivisme radical, le déviant est un individu qui dans son interaction à un autre
individu ou à un groupe va être labellisé en tant que déviant. C'est donc la réaction d'individus,
la réaction sociale à un comportement, qui entraîne l'existence même de la déviance et non pas
le comportement lui-même.
« Les groupes sociaux créent la déviance en instituant des normes dont la transgression constitue la
déviance, en appliquant ces normes à certains individus et en les étiquetant comme déviants. De ce
point de vue, la déviance n'est pas une qualité de l'acte commis, mais plutôt une conséquence de
l'application, par les autres, de normes et de sanctions à un « transgresseur ». Le déviant est celui
auquel cette étiquette a été appliquée avec succès et le comportement déviant est celui auquel la
collectivité attache cette étiquette. » Howard Saul. Becker, Outsiders, Etudes de sociologie de la
déviance, Métailié, Paris, 1985
Pour H. S. Becker, ce sont les « entrepreneurs de morale », les « grands stigmatiseurs » qui élaborent
des normes présentées comme légitimes et qui les font appliquer, alors qu'elles reflètent leurs
propres intérêts et que d'autres individus (fumeurs de marijuana, musiciens de jazz...) les
transgressent pour satisfaire leurs propres intérêts, le plus souvent divergents, en commettant des
actes qui seront désignés par les premiers comme déviants. Ce sont donc les groupes légitimes à
définir la norme sociale, les groupes occupant une position sociale supérieure qui organisent le
contrôle social afin d'assurer leur statut en faisant endosser à des individus des rôles qu'ils
définissent comme déviants. Ce n'est pas dans le statut de l'individu qu'il faut chercher la source de
la déviance mais dans le rôle qu'il occupe dans une interaction donnée. Ainsi, un sociologue
américain peut être déviant dès lors qu'il fume de la marijuana et qu'il joue du jazz, mais il est
conformiste dès lors qu'il respecte les critères universitaires élaborés pour poser un regard critique
sur la société dans laquelle il vit. L'acteur social est un acteur de théâtre qui endosse un rôle dans
une situation, puis un autre dans une autre situation . Pour garder la « face », il se fixe une « ligne
d'action » cohérente à ses yeux et aux yeux des autres, il fait preuve de « tenue » et de « déférence ».
Pour pousser l'analyse à son paroxysme, nous pourrions dire que l'individu stigmatisé comme
déviant ne peut pas, sans prendre de gros risques quant à la préservation de sa face, se transformer
en un individu conformiste. « La face [est] la valeur sociale positive qu'une personne revendique
effectivement à travers la ligne d'action que les autres supposent qu'elle a adoptée au cours d'un
contact particulier » .
Parce qu'il faut à tout prix qu'il ne perde pas la face, il va adopter le comportement que l'autre
suppose conforme à sa ligne d'action. H.S.Becker dirait que c'est notre réaction à ce type de
comportement et la désignation d'un tel comportement comme déviant qui crée la déviance. Avec
E.Goffman, nous pouvons ajouter que c'est la présence d'une personne étiquetée comme « standard »
en face d'un individu stigmatisé comme « sauvageon », « jeune de banlieue » ou « beurs » qui
suppose implicitement un comportement déviant. Il pourrait sembler paradoxal pour étayer une
approche interactionniste de se référer à l'anthropologie durkheimienne. Pourtant, le jeu des
étiquettes, d'après M.Douglas, ne définit pas simplement la place qui est attribuée à un individu dans
la hiérarchie sociale. Lorsque les individus sont étiquetés comme déviant, l'influence est grande sur
leur comportement.
« Nous devons (...) garder présent à l'esprit que les normes créées et conservées par la
désignation d'un comportement comme déviant, loin d'être unanimement acceptées, font l'objet de
désaccords et de conflits parce qu'elles relèvent de processus de type politique à l'intérieur de la
société. » H.S.Becker, Outsiders, Etudes de sociologie de la déviance, Métailié, Paris, 1985.
Les normes sociales sont créées par des groupes sociaux spécifiques qui, soit sont en mesure
de convaincre la majorité du groupe du bien fondé de ces normes, soit l’imposent à un ensemble
63
d’individus. Loin d’être le produit d’un accord unanime les normes sociales font l’objet de
désaccords et de conflits, car elles relèvent de processus politiques . La déviance doit donc être
définie en fonction de deux critères : l’accomplissement ou non d’un acte n’obéissant pas à la
norme, et la considération par le groupe de cet acte comme déviant.
Becker cherche à comprendre la genèse du comportement déviant, en dépassant les modèles
synchroniques, qui proposent une explication en termes de facteurs concomitants et qui se basent sur
l’analyse multi variée. Ces modèles supposent une simultanéité, et laissent échapper la dimension
temporelle. Il oppose à cette perspective un modèle séquentiel, en utilisant le terme de carrière
déviante, par analogie à la carrière professionnelle, qui prend en compte chaque phase de
changement, de passage d’une position à une autre. Il distingue ainsi quatre étapes de la carrière
déviante : la première étape est la transgression de la norme. Celle-ci ne suffit pas à désigner le
sujet comme déviant. Il faut que cette transgression ne soit pas qu’occasionnelle. La deuxième
étape, l’engagement, survient lorsque la transgression est plus régulière. Elle implique alors
l’entrée dans un mode de vie et un changement d’identité. L’engagement n’est possible que si les
individus « apprennent à participer à une sous culture organisée autour d’une activité déviante
particulière ». C’est le moment de la socialisation de la déviance. La troisième phase, une des plus
cruciales, est la désignation publique. Etre reconnu publiquement comme déviant a des «
conséquences importantes sur la participation ultérieure à la vie sociale et sur l’évolution de l’image
de soi de l’individu », dans le sens où l’identité change aux yeux des autres, où l’individu acquiert
un nouveau statut. L’identité déviante est perçue comme la caractéristique principale, sur laquelle
les autres se basent pour définir l’intégralité de la personne déviante. C’est en quelque sorte une
prédiction auto réalisatrice, car « la manière dont on traite les déviants équivaut à leur refuser les
moyens ordinaires d’accomplir les activités routinières de leur vie quotidienne. En raison de ce
refus, le déviant doit mettre en ouvre des pratiques routinières illégitimes ». La dernière étape est
l’adhésion à un groupe déviant, qui entraîne deux types de conséquences: les groupes déviants
élaborent des rationalisations dans le but de légitimer l’identité déviante, ce qui permet de penser
positivement sa différence et de mettre en congruence ses valeurs et l’image de soi. De plus,
l’appartenance à un groupe déviant facilite la perpétuation des pratiques déviantes, la sous culture
déviante possédant un stock de savoir-faire et d’expérience collective concernant les manières de
garder secrètes les pratiques déviantes.

II- La délinquance, le crime : normalité ou pathologie ?


A. Normal et pathologique: l’exemple du crime

Qu'entend-on par le concept de normal et par son corollaire, le pathologique ? Pour établir un
diagnostic de la société, le sociologue doit trouver un caractère objectif permettant de distinguer
« scientifiquement » le normal du pathologique et non s’en remettre au jugement que la société porte
sur elle même. Ce critère Durkheim croit d’abord le trouver dans la généralité : un phénomène est
normal quand on l’observe dans la plupart des sociétés d’une espèce donnée situées à un même stade
de développement. Au contraire, le phénomène exceptionnel sera jugé patho logique.
Un fait social est normal pour un type social déterminé, considéré à une phase déterminée de son
développement, quand il se produit dans la moyenne des sociétés de cette espèce, considérées à la
phase correspondante de leur évolution.

Ainsi dans la France de la fin du 19 ème siècle, il est normal que les traditions religieuses reculent ou
que la division sociale du travail se développe, car il s’agit de phénomène que l’on observe dans
toutes les sociétés industrialisées.. Si ce premier critère est facile à appliquer aux sociétés stables,
parvenues à leur maturité, en revanche, il se révèle difficilement utilisable pour les sociétés en
situation de transition entre deux régimes sociaux. Dans ce cas un phénomène peut -être général tout
en étant inadapté aux nouvelles conditions d’existence de la société ; il en est ainsi par exemple
d’une survivance qui se maintient par un effet d’inertie ; inversement, un phénomène exceptionnel
peut constituer une innovation tout à fait adaptée aux nouvelles conditions d’existence
64
sociale. Durkheim est donc amené à poser un second critère de normalité : l’adaptation aux besoins
sociaux, aux conditions d’existence de la société. Dans un langage plus moderne, on dira que le
phénomène normal est fonctionnel par rapport au tout social alors que le phénomène pathologique
est dysfonctionnel. Par exemple, le crime est jugé pathologique par le citoyen qui en est victime
alors qu’il est un phénomène normal pour le sociologue. En effet, on ne connaît pas de société sans
crime. Il s’agit donc d’un phénomène général que l’on rencontre dans toutes les sociétés (normalité
de fait) et qui, de plus, est lié aux conditions de toute vie sociale (normalité de droit). Une société
sans crime est impossible: à supposer que certains comportements criminels ne soient plus commis,
cela signifierait que le degré de sensibilité de la conscience collective par rapport à la criminalité
c’est accrue ; dès lors, des fautes plus vénielles en viendraient à être considérées elles-mêmes
comme des crimes. Pour qu’il en soit autrement, il faudrait supposer une totale homogénéité de l’état
de la conscience collective dans tous les esprits ; mais alors la société serait complètement figée,
comme pétrifiée et donc incapable de changer. Voilà pourquoi selon Durkheim, le criminel doit être
considéré comme un agent régulier de la vie sociale et dans Les règles de la méthode sociologique, il
déclare que le crime a une fonction dans la société et qu'il est par conséquent normal. Il est donc
possible de juger le bon fonctionnement d'une société selon la répression exercé sur les crimes .

Pour E. Durkheim, toute société prescrit des impératifs et des interdits. Par exemple, le crime est un
acte qui viole un impératif ou un interdit porté par la « conscience collective », « ensemble des
croyances et sentiments communs à la moyenne des membres d'une société formant un système
déterminé qui a sa vie propre » .
Le crime ne sera pas défini par l’atteinte à la vie ou aux biens de la personne mais par la peine que
la société lui applique. La peine constitue en effet le seul dénominateur commun à tous les actes
variés que différentes sociétés qualifient de crimes. Cette définition purement formelle présente
deux avantages : elle permet d’appréhender le crime à partir d’un indicateur facilement observable,
la peine ; elle met sur le même plan la criminalité religieuse des sociétés primitives et la criminalité
des sociétés modernes qui concerne essentiellement les atteintes aux biens et à la vie de la personne.
Si le crime est normal, la peine ne peut être un remède destiné à amender le criminel ; elle sert plutôt
à réaffirmer la force de la conscience collective. La peine a donc pour fonction principale de rassurer
« les honnêtes hommes » de confirmer la validité des normes et des valeurs de la société. En tant que
tel, la peine est elle aussi un phénomène normal. Le couple peine/crime est normal, il exprime le
rapport dialectique qui existe entre ordre social et changement social.
En revanche, une augmentation trop forte de la criminalité(ou du suicide) peut -être
pathologique, lorsque le phénomène mesurable statistiquement devient pathologique quand il
connaît une rupture importante par rapport à sa courbe tendancielle. La régularité statistique devient
alors le critère de normalité, ce qui devient discutable si on isole le phénomène de son contexte.

D'après R. Aron , dans ces conditions, « le criminel est celui qui, dans une société, a
refusé d'obéir aux lois de la cité ». Pour être fidèle à E. Durkheim, nous dirions que le criminel est
celui qui dans une cité a refusé d'obéir aux lois de la société. La mise en place d'un droit répressif
et l'application d'une sanction n'a pas pour objectif de dissuader de l'acte criminel . « La fonction du
châtiment est de satisfaire la conscience commune » . Le crime n'est pas « dysfonctionnel » pour la
société. Il est plus normal que pathologique. Il se rencontre dans toutes les sociétés et ne menace pas
la solidarité de ses membres s'il demeure dans certaines limites.
Si nous avons retenu l'exemple du crime développé par E. Durkheim, c'est parce que l'auteur
part de cet exemple pour justifier son travail et qu'il en propose une perspective originale, encore de
nos jours. Un acte n'est pas criminel en soi, il est socialement perçu comme criminel et il n'est pas
sanctionné pour donner l'exemple mais bien pour contenter la vision particulière du monde qu'a une
société donnée. « Un acte est criminel quand il offense les états forts et définis de la conscience
collective » . La conclusion de Durkheim est donc qu'« on ne peut pas dire qu'un acte froisse la
conscience commune parce qu'il est criminel, mais qu'il est criminel parce qu'il froisse la conscience
commune. Nous ne le réprouvons pas parce qu'il est un crime, mais il est un crime parce que nous le
65
reprouvons ». Le crime n'est donc pas un acte pathologique au sens où il détruirait toute forme de
solidarité entre les individus et qu'il menacerait ainsi la structure sociale, ensemble des relations,
relativement stables, entre les composantes d'une société. Il a donc une fonction positive dans le
fonctionnement globale de la société: il lui assure l'occasion de se satisfaire en prouvant son
existence. Dans l'esprit de E. Durkheim, le statut du normal et du pathologique ne dépend donc
pas de ce qu'une société juge communément comme normal ou anormale mais bien du danger que
représente un acte pour la vie sociale. Un acte est pathologique s'il dérive et entretient le
dysfonctionnement de la structure sociale, la vie sociale n'étant autre chose que le fonctionnement de
la structure sociale.
La norme n'a aucune transcendance, si ce n'est une transcendance sociale. L'imposition de l'« ordre
social » est variante selon le type de sociétés étudiées et l'époque à laquelle elles sont étudiées. « Le
normal n'est ni un concept statique ou pacifique, mais un concept dynamique et polémique »

C'est dans cette perspective qu'il faut penser le pathologique et l'anormal. Un comportement ou un
fait est pathologique quand il est qualifié comme tel. Cependant, ce n'est pas la référence à la norme
qui conduit à entreprendre une telle qualification. C'est une telle qualification qui permet de penser
la norme. En effet, « le concept de droit, selon qu'il s'agit de géométrie, de morale ou de technique,
qualifie ce qui résiste à son application de tordu, de tortueux ou de gauche ». Hors, si « la règle ne
commence à être règle qu'en se faisant règle », « cette fonction de coercition ne surgit qu'avec
l'infraction même » . Pour respecter la pensée de G .Canguilhem, il ne faudrait cependant pas
affirmer que l'infraction est l'origine de la règle. « l'infraction est non l'origine de la règle mais
l'origine de la régulation. Dans l'ordre du normatif, le commencement est l'infraction. Pour
reprendre une expression Kantienne, nous proposerions que la condition de possibilité des règles ne
fait qu'un avec la condition de possibilité de l'expérience des règles. L'expérience des règles c'est la
mise à l'épreuve, dans une situation d'irrégularité, de la fonction régulatrice des règles »

C'est parce que des individus, des « sauvageons », brûlent des voitures sur leurs lieux de résidence
qu'on qualifie de « cités » que l'on peut affirmer que la norme est de ne pas brûler de voitures. La
norme est donc un phénomène social qui résulte d'un travail de qualification, travail qui donne à voir
la mise à l'épreuve de la norme devant assurer la régulation sociale.

La norme n'est donc pas ce qui est qualifié de normal par un groupement d'individus plus ou moins
dominant. L'ordre social est avant tout un processus se faisant. La forme pathologique d'un fait
social est celle qui menace la solidarité entre les différentes composantes d'une société. Cette forme
pathologique permet de déterminer avec précision la forme normale d'un fait social, comme peut le
montrer l'exemple de la division sociale du travail.

L’explication fonctionnaliste: Dans une étude, désormais classique, intitulée : « structure sociale,
anomie et déviance » (social theory and social structures, 1949) Robert King Merton a développé
une analyse prenant en compte l’état de la structure sociale. A travers cette étude - qui emprunte
largement à Durkheim- Merton s’applique à poser les fondements d’une analyse des sources sociales
et culturelles de la déviance. Il s’agit de montrer comment dans certaines circonstances,
l’organisation de la structure sociale peut favoriser chez certains individus l’adoption de
comportements qui seront qualifiés de déviants, plutôt que l’adoption d’une conduite conformiste.
En se plaçant dans une perspective sociologique, on peut comprendre, selon Merton, que certains
comportements dits déviants soient le fait de certains individus, non pas à cause de vagues
« tendances » biologiques qui leur seraient particulières mais, plus simplement parce que ces formes
de comportements découleraient, en quelque sorte « naturellement » de la situation sociale dans
laquelle ils se trouvent. Ainsi, il apparaît que certaines formes de comportement déviants sont aussi
normales psychologiquement que le comportement conformiste, ce qui remet en question l’identité
entre déviance et anormalité. Cette problématique conduit Merton a distinguer deux éléments
particuliers de la structure sociale. Le premier élément est constitué par les buts, les intentions
66
et les intérêts définis par la civilisation : ce sont les objectifs légitimes proposés par la société. Le
second élément est constitué par un éventail des « moyens légitimes » ou « normaux », dont peut
disposer l’individu pour atteindre les buts proposés. Il s’agir des pratiques généralement
institutionnalisées (héritage, diplômes travail, mérite emplois rémunérateurs….) qui permettent de
réaliser les objectifs. Il est clair qu’aussi longtemps que les individus peuvent obtenir satisfactions
provenant de la réalisation des buts par le biais de moyens socialement acceptés, l’équilibre entre ces
deux aspects complémentaires de la structures est maintenu. Mais lorsqu’il y a inadéquation entre les
buts et les moyens, si aucun frein, moral ou idéologique, n’est à même de tempérer les aspirations
des individus, ceux qui se trouvent en mauvaise position, socialement parlant, auront tendance à
recourir à des moyens illégitimes- à travers des comportements éventuellement qualifiés de déviants
– pour la réalisation de ces aspirations. De fait, dans les sociétés où les aspirations sont exacerbées,
en particulier par le bombardement publicitaire, et deviennent quasi illimitées, en l’absence de tout
frein moral ou idéologique susceptible de modérer leurs légitimes aspirations, les éternels « battus »
du jeu social- les classes défavorisées- auront tendance, comme l’indiquent les statistiques morales,
à s’en prendre directement au règles du jeu, quitte à les bousculer pour les réalisation des objectifs.
Cette tendance, dit Merton, va en se généralisant dans nos sociétés hyper médiatisées, où ne compte
plus que la compétition pour la consommation. Et lorsque ce type de situation tend à se généraliser,
il est probable que la société considérée engendrera des phénomènes toujours plus nombreux de
déviance et de transgression. La société propose à chacun de ses membres les mêmes idéaux, mais
refuse à beaucoup la possibilité de les réaliser, la déviance devient une des issues possibles a une
contradiction d’ordre général. (Inadéquation entre buts et moyens selon Merton = > opposition de
classes ou de groupes sociaux)

Les approches culturalistes: La criminalité fut le principal thème de travail des sociologues dits de
l'" École de Chicago " . Dans les années 1920 et 1930, toute une série de travaux fondateurs mettent
notamment en évidence le rôle de l'acculturation des migrants, la formation et le développement des
bandes de délinquants (les " gangs " étudiés par Frédéric Thrasher en 1924) et l'effet de la
ségrégation urbaine. On qualifie souvent ces travaux en parlant d'approches d'" écologie urbaine "
parce que l'analyse de la structure urbaine est au cœur de celle des relations sociales. Néanmoins,
c'est autour du concept de culture que tournent les trois notions centrales émergeant de l'ensemble de
ces recherches:
– la désorganisation sociale. Cette notion est classique depuis la parution de l'ouvrage fondateur de
William Thomas et Florian Znaniecki (Le paysan polonais, 1910). Pour eux, les très nombreux
migrants qui débarquent régulièrement aux États-Unis sont concentrés dans des quartiers
pauvres, forcés de cohabiter avec d'autres groupes culturels et confrontés de surcroît aux
contradictions qui surgissent entre la culture d'origine de leur communauté et la culture
américaine individualiste. Cette tension et ces contradictions affaiblissent les normes et les
solidarités, elles créent une ambivalence et une incertitude morale qui facilitent la transgression.
Incontestable dans sa généralité, cette théorie semble cependant postuler trop rapidement que la
situation d'acculturation fabrique automatiquement des individus sans repère normatif.
– le conflit de cultures. À partir des mêmes constats sur la situation sociale et ethnique des villes
américaines, certains auteurs ont proposé une autre explication. Plutôt que de penser le choc de
cultures très différentes en termes de contradictions perturbantes, ils l'analyse nt en termes de conflits
ou de choix exclusifs. En 1938, Thorsten Sellin systématise la notion de conflit de cultures (c'est-
à-dire conflit de normes), soulignant que la déviance provenait de la coexistence d'une culture
valorisant ou tolérant une pratique interdite par l'autre culture. Cette définition est cependant
étroite. Dans les années 1950, Albert Cohen proposera de l'élargir pour inclure non seulement les
normes traditionnelles transmises dans la famille, mais aussi les normes instituées par les
adolescents dans des groupes de pairs en réaction contre la domination. Cette théorie explique le fait
qu'un individu commette un acte interdit par la culture dominante comme par la culture
traditionnelle mais valorisé par la sous-culture adolescente.

67
– l’éducation déviante. Dans les années 30, avec un manuel qui restera longtemps la principale
référence en criminologie, Edwin Sutherland élabore le modèle de " l'association différentielle ",
que nous appelons plus clairement l'éducation déviante. Pour lui, la déviance ne résulte pas d'un
manque ou d'un conflit mais tout simplement d'un apprentissage. Il pose notamment en principes
que : " le comportement criminel est appris dans l'interaction avec d'autres personnes par un
processus de communication. Une part essentielle de cet apprentissage se déroule à l'intérieur d'un
groupe restreint de relations personnelles. Cet apprentissage inclut : a) l'apprentissage de techniques
de commission de l'infraction, b) l'adoption de certains types de motifs, de mo biles, de
rationalisations et d'attitudes ". Cette théorie banalise le comportement délinquant qui " met en jeu
les mêmes mécanismes que ceux qui sont impliqués dans tout autre apprentissage ". Quant à la
question de savoir pourquoi tel individu choisit un apprentissage déviant plutôt que conformiste,
Sutherland revient aux explications culturalistes précédentes en disant que le comportement déviant
est choisi lorsque la loi est mal considérée par l'individu, autrement dit lorsque l'individu se trouve
dans une situation de décalage culturel. La théorie de Sutherland possède une grande force
d'explication. En effet, de nombreuses carrières criminelles supposent l'acquisition d'un savoir -faire
et s'accompagnent d'une sorte d'" idéologie professionnelle ". En outre, cette théorie a le très grand
mérite de fonctionner aussi bien avec la délinquance ordinaire (vol, recel, trafics divers, fabrique de
fausse monnaie, etc.) qu'avec la délinquance des élites (fraude, corruption, abus de confiance, non
respect de la concurrence, etc.) dont pratiquement toutes les autres théories se désintéressent.

B. La délinquance: D’une manière générale, ce sont les laissés pour compte des sociétés
industrielles –ceux à qui échappent sans cesse les moyens légitimes de réaliser les buts proposé - qui
sont poussé à transgresser les règles d’un jeu dont ils sont les éternels perdants et qui viennent
alimenter pour l’essentiel, l’appareil judiciaire. Ainsi le phénomène criminel dénonce-t-il aussi
l’opposition entre groupes sociaux et dans cette perspective, la criminalité peut être considérée
comme une manifestation particulière des conflits de classes. De ce point de vue, le Code apparaît
comme la pierre angulaire renfermant les règles du jeu social qu’un groupe particulier impose à tous,
par l’intermédiaire apparemment neutre de l’appareil d’Etat. En réalité l’Etat est une expression
institutionnelle de la classe dominante (Engels) qui détient, et exerce, à travers divers appareils- dont
(l’institution judiciaire- le monopole de la violence légitime (Weber). Cependant, au bout du
compte, il apparaît que la diversité à travers laquelle se manifeste le phénomène criminel rend vaine
toute tentative d’explication univoque, qui prétendrait rendre compte du crime en général.

Les pratiques considérées comme délinquantes dans nos sociétés sont toujours pensées comme
déviantes. Le phénomène délinquant a donc fait l'objet d'une attention particulière de la part des
pouvoirs publics par la mise en place de processus de surveillance de la population et de répression
des actes délictueux ou criminels. Les sciences sociales, notamment la sociologie, comme nous
l'avons vu, se sont questionnés sur le sujet. Les crimes de sang ont toujours été dénoncés depuis le
célèbre adage, à la source de notre droit pénal judéo-chrétien, « tu ne tueras pas ton prochain ».
Cependant, s'ils restent dans les limites du raisonnable, ils n'ont jamais été aussi fortement
combattus que d'autres crimes ou délits de moindre importance. Il est même possible de penser que
la norme sociale s'accommode avec aisance de la grande criminalité et des meurtres perpétuels qui
l'accompagnent. Le code de l'honneur mafieux est célébré dans de nombreux films, comme dans la
célèbre trilogie du Parrain, de F.F.Coppola, ou encore dans French Connection, longue épopée du
trafic d'héroïne entre la France et les Etats-Unis.

Pour constater l'explosion de la criminalité dans la société française, il suffit de se référer aux
statistiques émises chaque année par les pouvoirs publics par l'intermédiaire du ministère de
l’intérieur. Dès lors, pouvons-nous considérer vivre dans une société criminelle ? Faut-il croire qu'en
50 ans les relations sociales se sont considérablement dégradées, que les chiffres de la criminalité
n'ont jamais été aussi haut ? Ne s'avérerait-il pas plus juste de penser que les formes de criminalité et
de délinquance ont changé ?
68
C'est au début des années 1970 que l'explosion du nombre des « vols et recels » a commencé et il est
possible d'avancer de nombreuses explications, qu'il s'agisse d'une dégradation des relations
sociales, ou encore en terme de société de production, de l'attrait considérable que peuvent
représenter tous les biens que nous avons à notre disposition. Il suffit de constater que « les vols liés
à l'automobile ou aux deux roues à moteur» représentent près de la moitié du nombre total de vols.
La part des vols dans la criminalité globale est donc aujourd'hui de 62%. Quant aux infractions à
caractères économiques, elles représentent près de 10% de cette même criminalité. Résultent -elles
d'une désagrégation du lien social dans nos sociétés ou d'une évolution des pratiques de paiement ?
Les deux-tiers de ces infractions concernent la falsification ou l'usage de chèques et de cartes de
crédit volés.

Le deuxième concept qui contribue à l'élaboration de la problématique de la sécurité est celui


d'« incivilité » . Il est même fondamental pour comprendre le sentiment d'insécurité. Il ne s'agit pas
du jet de caillou sur un bus, d'un chauffeur de transport en commun molesté ou d'un professeur
violenté. Les incivilités ne sont pas des délits, bien que les délits soient des comportements incivils.
La mesure des incivilités est donc impossible. Pour certains, le tag est une forme d'expression
artistique, pour d'autre c'est une pratique sauvage qui détruit le paysage urbain. Pour les uns, écouter
de la musique en centre-ville avec sa « bande » d'amis est une habitude, pour d'autres c'est une
occupation illégitime de l'espace public. C'est dans cet univers que s’engouffreraient le sentiment
d'insécurité et la peur qui l'accompagne. Or, « le problème avec la peur, c'est qu'elle fait peur, qu'elle
a tendance s'auto entretenir, à fonctionner comme une boule de neige. (...) Le couple insécurité -
individualisme offre à la peur une plage de croissance illimitée, qui produit inlassablement des
discours et des comportements sécuritaires plus ou moins irrationnels voire parfois hystériques »

La délinquance et la criminalité ont donc changé de forme. La problématique de la sécurité


aujourd'hui est avant tout centrée sur les problèmes d'insécurités et d'incivilités des « mauvais
lieux » . C'est l'accroissement de la délinquance juvénile et l'explosion du trafic de stupéfiant qui
mettraient à mal les valeurs républicaines. Les mineurs représentent 20% des mis en cause à
l'occasion de crimes ou délits. C'est l'évolution du phénomène de « bande », jusqu'alors présent dans
les seuls Etats-Unis, qui touche en France jusqu'à la population féminine et qui demeure
incompréhensible aux yeux des experts et des pouvoirs publics.
La vie sociale est structurée par toutes sortes de normes, les unes autonomes, les autres
institutionnalisées. Chacune d’entre elles a pour contrepartie une catégorie particulière de déviance.
Ainsi le crime constitue la déviance correspondant à cette sorte particulière de norme qu’est la loi
pénale.

69
‫‪Explaining Deviance‬‬

‫‪If we want to reduce violent crime and other serious deviance, we must first understand why it occurs.‬‬
‫‪Many sociological theories of deviance exist, and together they offer a more complete understanding of‬‬
‫‪deviance than any one theory offers by itself.‬‬

‫‪Table 1 :Summary of Sociological Explanations of Deviance and Crime:‬‬

‫‪Related‬‬
‫‪Major theory‬‬ ‫‪explanation‬‬ ‫‪Summary of explanation‬‬

‫يعتقد ‪ Durkheim‬أن االنحراف يوضح القواعد ويزيد من االمتثال للقوانين‪ ،‬يقوي‬


‫‪Durkheim‬‬
‫الروابط االجتماعية بين الناس الذين يتفاعلون مع المنحرف ويمكن أن يساعد على‬
‫‪views‬‬
‫إحداث تغيير اجتماعي إيجابي‪.‬‬

‫يذهب أنصار النظرية البيئية ‪)Clifford Shaw and Henry D. McKay, 1942‬‬
‫‪ )Mears, Wang, Hay & Bales, 2008; Sampson, 2006‬أن بعض الخصائص‬
‫‪Social‬‬
‫االجتماعية والمادية لألحياء الحضرية تساهم في زيادة معدالت الجريمة‪ ،‬وتشمل هذه‬
‫‪ecology‬‬
‫الخصائص الفقر‪ ،‬الخراب (التسول‪ ،‬االعتداء على الغير والبيوت العشوائية‪،)...‬‬
‫‪Functionalism‬‬ ‫الكثافة السكانية ودوران السكان‪.‬‬

‫ووفقا للعالم ‪ ،Robert Merton‬إن االنحراف بين الفقراء ينجم عن الفجوة بين التركيز‬
‫الثقافي على النجاأ االقتصادي وعدم القدرة على تحقيق هذا النجاأ من خالل الوسائل‬
‫‪Strain‬‬ ‫المشروعة للعمل‪ .‬وحسب‪ ، Richard Cloward and Lloyd Ohlin‬فإن الوصول‬
‫‪theory‬‬
‫التفاضلي إلى الوسائل غير المشروعة يؤثر على نوع النحراف الذي يتعرض له‬
‫المنحرفون الذين يعانون من اإلجهاد‬

‫‪70‬‬
Poverty and other community conditions give rise to certain
subcultures through which adolescents acquire values that promote
deviant behavior. wrote that lack of success in school leads lower-
class boys to join gangs whose value system promotes and rewards
delinquency.

‫يؤدي الفقر والظروف المجتمعية األخرى إلى ظهور ثقافات فرعية معينة يكتسب‬
Deviant ‫أن‬ Albert K. Cohen
‫ حيث كتب‬.‫المراهقون من خاللها قيم تعزز السلوك المنحرف‬
subcultures ‫الرسوب المدرسي يقود الفتيان من الطبقة الدنيا لالنضمام إلى العصابات التي يشجع‬
.‫نظام قيمها على الجنوح‬
،‫ السلوك القاسي والمتشدد‬،‫ أن االنحراف ينبع من المخاوف البؤرية‬Walter Miller ‫وكتب‬
‫ فيعتقدان‬Marvin Wolfgang and Franco Ferracuti ‫ أما‬،‫ والبحث عن اإلثارة‬،‫الذكاء‬
‫أن الثقافة الفرعية من العنف في المناطق الحضرية تعزز الستجابة العنيفة للشعور‬
.‫باإلهانة وغيرها من المشاكل‬

Travis Hirschi wrote that delinquency results from weak bonds


Social to conventional social institutions such as families and schools.
control These bonds include attachment, commitment, involvement, and
theory belief. ‫أن االنحراف ينجم عن ضعف الروابط إلى المؤسسات االجتماعية التقليدية‬
‫مثل األسرة والمدرسة‬

People with power pass laws and otherwise use the legal system
to secure their position at the top of society and to keep the
powerless on the bottom. The poor and minorities are more likely
because of their poverty and race to be arrested, convicted, and
imprisoned.
Conflict theory

‫األشخاص الذين لديهم سلطة ونفوذ يستخدمون النظام القانوني لتأمين مكانتهم في‬
، ‫ فهم أكثر عرضة ألن يتم القبض عليهم‬،‫ أما الفقراء واألقليات‬.‫أعلى المجتمع‬
.‫إدانتهم وسجنهم‬

71
Alder, C 1995; Gelsthorpe, L & Morris, A, 1990; Phoenix, J,
2001; Kesler, K, 2002; Lynn, S, 2004; Kristen, R, 2009:
Inequality against women and antiquated views about relations
between the sexes underlie rape, sexual assault, intimate partner
violence, and other crimes against women. Sexual abuse prompts
many girls and women to turn to drugs and alcohol use and other
Feminist
antisocial behavior. Gender socialization is a key reason for large
perspectives
gender differences in crime rates.

‫يدفع اإليذاء الجنسي العديد من الفتيات والنساء إلى اللجوء إلى المخدرات واستخدام‬
‫ وتشكل التنشئة االجتماعية بين الجنسين‬.‫الكحول وغيره من السلوك غير السوي‬
.‫سببا رئيسيا لالختالفات الكبيرة بين الجنسين في معدالت الجريمة‬

Edwin H. Sutherland argued that criminal behavior is learned


by interacting with close friends and family members who teach
us how to commit various crimes and also about the values,
motives, and rationalizations we need to adopt in order to justify
Differential breaking the law.
association
theory
‫إن السلوك اإلجرامي يتعلمه الفرد من خالل التفاعل مع األصدقاء المقربين وأفراد‬
‫األسرة الذين يعلمونه كيفية ارتكاب جرائم مختلفة وأيضا القيم والدوافع التي يعتمدها‬
.‫لتبرير كسر القانون‬

Symbolic
interactionism
George Herbert, Mead; Frank, Tannenbaum; Edwin,
Lemert; Howard, Becker; Erving, Goffman; David, Matza:
Deviance results from being labeled as deviant; non legal factors
such as appearance, race, and social class affect how often
labeling occurs.
Labeling
theory
‫ فالعوامل غير القانونية مثل المظهر (الطفل‬.‫االنحراف هو نتيجة عملية الوصم‬
‫ المشاكس أو المولع‬،‫ المثلي أو المتحول جنسيا‬،‫ الطفل القبيح او المشوه‬،‫المخنث‬
‫ العرق‬،)...‫ طفل الشارع) تساعد بالخصام‬،‫ المهجور‬،‫والطبقة االجتماعية (الفقير‬
‫) على‬...‫ المغربي في فرنسا‬،‫ الكردي في سوريا أو العراق‬،‫(الرجل األسود في أمريكا‬
.‫عملية الوصم‬

72
La pathologie mentale ‫ علم األمراض العقلية‬2e et 3e Année

Socialement, la maladie mentale ‫ المرض العقلي‬est définie par le terme «folie». A vrai dire,

l’étiologie de la pathologie mentale est partagée entre trois grands courants ‫ ثالثة تيارات رئيسية‬.

Tous postulent ‫يفترض‬ensemble à lui donner une interprétation rigoureusement scientifique. Je

cite d’une manière très schématique ces différentes conceptions théoriques afin que le lecteur

profane ‫ القارئ البذيء‬puisse en comprendre quelque peu le sens. On parle de la théorie dite

«mécano-organiciste» "‫ ما يسمى ب "نظرية الميكانيكو العضوية‬qui renvoie l’étiopathogénie (C'est la

recherche des causes d'une maladie et de ses processus d'apparition et de développement)

de la maladie mentale aux désordres biochimiques, lésionnels, infectieux, toxiques, traumatiques

et génétiques qui peuvent survenir sur l’organe noble des fonctions mentales supérieures qu’est le

système nerveux central.

Cependant, la théorie «socio psychogénique» ‫(النظرية االجتماعية النفسية‬Pour qui l'origine des

maladies est purement psychique mais émanant des problèmes sociaux) conçoit que les

troubles mentaux sont dus aux difficultés existentielles ‫الصعوبات الوجودية‬que rencontrent les

sujets humains au cours de leur vie sociale. Ils ne sont pas exclus à ce point de vue des

altérations des liens communicatifs ‫تغييرات في الروابط التواصلية‬entre les agents sociaux. Ceux-ci

peuvent générer par conséquent des handicaps sociaux tels que la précarité, les addictions, la

délinquance, la prostitution, l’alcoolisme…‫ إدمان الكحول‬- ‫ البغاء‬- ‫ الجنوح‬- ‫ اإلدمان‬- ‫عدم األمان‬

… En dernier lieu, s’ajoute la théorie «psychanalytique de l’inconscient pathogène» (Selon la

psychanalyse, l’inconscient psychique ( le refoulé) a une influence sur le comportement, les

sentiments, le jugement d'un individu, ainsi que sur les raisons rationnelles de choix ou
73
décisions) qui avance que toute pathologie mentale ‫ مراض عقلي‬est formellement le fruit des

avatars ‫التحوالت نتيجة‬produits inconsciemment au cours de l’évolution psychologique de l’être

humain depuis sa naissance jusqu’à l’âge actuel.

Les mutations psycho-sociales favorisent les décompensations psychiatriques ‫التغييرات‬

‫ االجتماعية تعزز المعاوضة لألمراض النفسية‬- ‫النفسية‬

Les distributions des pathologies mentales dans toutes les sociétés sont en rapport avec plusieurs

facteurs‫عدة عوامل‬. Entre autres, désordres psychodynamiques ‫االضطرابات النفسية‬, on trouve les

dysfonctionnements neurobiochimiques cérébraux ‫ االختالل العصبي الحيوي‬. Ceux-ci n’expliquent

pas à eux seuls l’étiopathogénie des troubles mentaux. Bien que le XXIe siècle soit celui des

nouvelles découvertes en neurosciences ‫علم أعصاب الدماغ‬

Certes, l’être humain n’est pas uniquement une machine biologique, mais on ne peut exclure

aussi les interactions et les influences ‫التفاعالت والتأثيرات‬, en partie, des facteurs psycho-sociaux

sur la genèse de la souffrance psychique. D’ailleurs, les rapides mutations psycho-sociales que vit

actuellement notre société, ne peuvent pas être sans conséquences parce que leurs liens avec les

manifestations psychopathologiques sont pratiquement indéniables. Malheureusement, ces

mutations demeurent très dynamiques, complexes et difficilement maîtrisables...!

Mais, le champ de la recherche appliquée en sciences humaines est totalement ouvert pour les

futurs chercheurs dans ce domaine. Ils peuvent nous éclairer sur ses facteurs ‫ العوامل المصاحبة‬à la

fois concomitants )qui arrivent en même tps) ‫متزامن‬et précipitant dans l’émergence de troubles

psychiques. En voici quelques mutations remarquables jusque-là sur la scène sociale en Algérie:

➢ L’organisation familiale ‫ تنظيم األسرة‬d’aujourd’hui et celle d’hier n’est plus la même. La

structure familiale traditionnelle s’est effondrée‫ انهار الهيكل العائلي التقليدي‬. De la famille

74
étendue, on est passé à la famille nucléaire. Ce que Lacan appelle «l’isolement social à deux». La

famille a cessé d’être une cellule de production, elle est devenue une unité de vie, où chaque

membre est plutôt dans l’individualisme, de l’initiative et la réussite personnelle. Hier, le lien

intergénérationnel était cimenté par l’éducation, aujourd’hui, on n’éduque plus dans la tradition

de la préservation de l’acquis. L’héritage qui contribuait à la perpétuation de l’identique au sein

de la famille n’est plus le cas à présent. Le passé est devenu un archaïsme (dépassé) . La famille

qui était auparavant un paradis peut cacher également l’enfer. Elle peut transmettre la haine, elle

est diabolisée, elle est devenue un lieu où on peut vivre des malheurs. Aujourd’hui, on assiste à

une nouvelle mythologie de la famille malveillante.‫األساطير الجديدة لألسرة المؤذية‬

➢ Le laxisme éducatif ‫ التراخي التعليمي‬parental a généré le «syndrome de carence de

l’autorité». Le père est infantilisé par sa condition, il a perdu son pouvoir d’autrefois. La

valorisation de la lignée a disparu au profit du romantisme de l’affect. La valorisation du futur

s’oppose de force à la valorisation du passé. La femme a quitté son statut d’épouse, de mère,

pour se retrouver dans une autre dimension, celle de réussir sa vie. La régulation de ses

naissances comme choix existentiel et l’élargissement des tâches ménagères l’ont libérée.

Désormais, la société commence à parler de famille monoparentale, de célibat choisi et

d’adoption hors mariage…). L’enfant s’est retrouvé hors du cadre psychoaffectif familial,

désormais il a été évacué vers les crèches, les nourrices et d’autres lieux de gardiennage… Les

parents, en tant que garants de la stabilité intrafamiliale, apparaissent de plus en plus faibles ou

affaiblis. Hélas, ils ne sont plus considérés comme modèles idéaux à imiter. Les malades mentaux

entre l'hôpital, la rue ou la prison: Quel malheureux avenir!

Désormais, la maladie mentale marginalise ‫ يهمش‬doublement le malade, elle se marginalise

en premier lieu par ses manifestations psycho-symptomatiques ‫مظاهر األعراض النفسية‬. En second

lieu, par les attitudes de certains agents sociaux ‫ موافق بعض األفراد‬qui souvent persécutent,

75
rejettent et excluent de son cadre de vie celui ou celle qui en est victime. Devant cet état de fait, la

plupart des malades se voient obligés de quitter les lieux publics pour se livrer à la merci du

destin. On les rencontre complètement désorientés dans les quartiers et coins de rues, des villes et

des villages. Ils errent dans un environnement social qui manifeste à leur égard de l’hostilité et de

l’inhospitalité. Totalement soumis au registre du «réel», on les voit chaque jour exposant leur

corps sur les trottoirs, sans inquiétude aucune.

La plupart d’entre eux, entraînés parfois sous les coups de l’activité délirante, commettent des

actes «délictueux (qui comporte un délit ‫ »)جنحة أو جريمة‬et terminent quelques années de leur vie

en prison. Par contre, ceux qui sont soumis à des traitements par les neuroleptiques

chimiothérapiques, trouvent beaucoup de difficultés à reprendre contact avec la réalité, du fait des

signes secondaires qui sont parfois très gênants et remarqués surtout à travers des tremblements

involontaires ou des troubles mentaux et du comportement.

76

You might also like