Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 8

‫مباحث الثالث ‪ :‬البعوضة‬

‫البعوض هو حشرة تنتمي إىل فئة احليوانات العشوائية اليت يبلغ جمموعها حوايل ‪ 41‬جنًس ا يضم‬
‫‪ 3,530‬نوًعا‪ 1.‬يف معظم البعوضات اإلناث‪ ،‬فمها يشكل قضيبًا طويًال يتم استخدامه خلروج من جلد‬
‫الثدييات المتصاص الدم‪ .‬حتتاج البعوضات إىل الربوتني لتشكيل البيض وألن نظام غذائي للبعوضات يتكون‬
‫من العسل وعصري الفواكه‪ ،‬والذي ال حيتوي على الربوتني‪ ،‬فإن معظم البعوضات حتتاج إىل امتصاص الدم‬
‫للحصول على الربوتني الالزم‪ .‬خيتلف البعوض الذكر عن البعوضة األنثوية‪ ،‬حيث أن جزءًا من فمه ليس‬
‫‪2‬‬
‫مناسبًا المتصاص الدم‪.‬‬

‫مير البعوض بأربعة مراحل واضحة يف دورة حياته‪ :‬البيض‪ ،‬الريقات‪ ،‬القمل‪ ،‬والبالغني‪ .‬فرتة املراحل‬
‫الثالثة األوىل تعتمد على األنواع ودرجة احلرارة ميكن لـ ‪ Culex tarsalis‬أن تكمل دورة حياهتا يف ‪14‬‬
‫يومًا يف ‪ 20‬درجة مئوية و‪ 10‬أيام فقط يف ‪ 25‬درجة مئوية‪ .‬بعض األنواع لديها دورات حياة قصرية مثل‬
‫أربعة أيام أو حىت شهر‪ .‬طفيليات البعوض املعروفة باسم الدودة ميكن العثور عليها يف الفلفل أو يف أي وعاء‬
‫‪3‬‬
‫حيتوي على املاء‪ .‬يتنفس الدودة من خالل القناة اهلوائية املوجودة يف هناية الذيل‪.‬‬

‫وقدم اهلل يف القرآن مثاًال للَّنِم يم‪ .‬قول اهلل تعاىل‪:‬‬

‫۞ِإَّن ٱَهَّلل اَل َيۡس َتۡح ِيٓۦ َأن َيۡض ِر َب َم َثاٗل َّم ا َبُعوَض ٗة َفَم ا َفۡو َقَهۚا َفَأَّم ا ٱَّلِذ يَن َء اَم ُنوْا َفَيۡع َلُم وَن َأَّنُه‬
‫ٱۡل َح ُّق ِم ن َّرِّبِهۖۡم َو َأَّم ا ٱَّلِذ يَن َكَفُروْا َفَيُقوُلوَن َم اَذ ٓا َأَر اَد ٱُهَّلل ِبَٰه َذ ا َم َثۘاٗل ُيِض ُّل ِبِهۦ َك ِثيٗر ا َو َيۡه ِد ي ِبِهۦ‬
‫‪4‬‬
‫َك ِثيٗر ۚا َو َم ا ُيِض ُّل ِبِهٓۦ ِإاَّل ٱۡل َٰف ِس ِقيَن ‪٢٦‬‬

‫تحليل محتوى‬

‫‪ 1‬جرد تصنيف البعوض ‪ // :http ،‬جرد تصنيف البعوض‪info/ 8/1/2023.‬‬


‫‪ 2‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ 3‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ 4‬القرءان الكريم‪ ،‬س‪ .‬البقرة‪ ،‬أ‪26 .‬‬
‫"وقد جعل اهلل مثاًال" أي مثاًل "البعوضة"‪ .‬يف القرآن الكرمي‪ ،‬يذكر أن البعود هو نوع من احلشرات الضارة‬
‫اليت هلا جناحني‪ ،‬ويعرف أيضًا باسم النمس‪ 5.‬الكلمة "البعود" مشتقة من الكلمة "البعد" اليت تعين جزء من‬
‫شيء‪ .‬هذا يدل على حجمها الصغري والقليل‪ 6.‬البعوذة أو البعوضة هي نوع من احلشرات الصغرية اليت تندرج‬
‫حتت فئة الطائر‪ 7.‬قال اهلل تعاىل‪ " :‬إن اهلل مل يزل يف القرآن "‪.‬‬

‫سبب نزول هذه اآلية هو أنه عندما يذكر اهلل سبحانه وتعاىل الذباب (يف سورة احلج اآلية ‪ )73‬والعناكب‬
‫(يف سورة العنكبوت اآلية ‪ )41‬يف القرآن ‪ ،‬ويرتبط باملشركني باألمثال (الرسوم التوضيحية) مع احليوانات ‪،‬‬
‫فإن اليهود يضحكون ويسخرون من هذه اآلية من اهلل‪ .‬وتساءلوا عما إذا كان القرآن يتحدث فقط عن مثل‬
‫هذا احليوان الصغري ‪ ،‬وما هي فوائد ذكر تفاهة التمة‪ .‬مث تنزل هذه اآلية‪ 8.‬ذكر ابن عباس أنه بعد اهلل سبحانه‬
‫وتعاىل قد أحضر مثلني (توضيحات) للمنافقني (اآليات ‪ 17‬و ‪ 19‬من سورة البقرة) ومها‪:‬‬

‫َم َثُلُهۡم َك َم َثِل ٱَّلِذ ي ٱۡس َتۡو َقَد َناٗر ا َفَلَّم ٓا َأَض ٓاَء ۡت َم ا َح ۡو َل ۥُه َذ َهَب ٱُهَّلل ِبُنوِر ِهۡم َو َتَر َك ُهۡم ِفي ُظُلَٰم ٖت اَّل‬
‫ُيۡب ِص ُروَن ‪ُ ١٧‬ص ُّۢم ُبۡك ٌم ُع ۡم ‪ٞ‬ي َفُهۡم اَل َيۡر ِج ُعوَن ‪َ ١٨‬أۡو َك َص ِّيٖب ِّم َن ٱلَّس َم ٓاِء ِفيِه ُظُلَٰم ‪ٞ‬ت َو َر ۡع ‪ٞ‬د‬
‫ُۢط‬
‫‪9‬‬
‫َو َبۡر ‪ٞ‬ق َيۡج َع ُلوَن َأَٰص ِبَع ُهۡم ِفٓي َء اَذ اِنِهم ِّم َن ٱلَّص َٰو ِع ِق َح َذ َر ٱۡل َم ۡو ِۚت َو ٱُهَّلل ُمِح ي ِبٱۡل َٰك ِفِر يَن ‪١٩‬‬

‫فقالوا " أي املنافقون " سبحان اهلل " تنزيهًا " عما ينزله من مثل " أي ما ينزله من مثل " فأنزل اهلل "‬
‫أي اهلل " هذه اآلية "‪ .‬وقد شكك الكافرون بأن القرآن ذكر النحل والذباب والعنكبوت والنمل‪ ،‬مما يدل على‬
‫أن القرآن ال يتحدث وال حيتوي على اجلاز‪ ،‬ألنه يتحدث فقط عن احليوانات الصغرية‪ .‬قال اهلل تعاىل‪ " :‬إن اهلل‬
‫مل يرد على الكفار " أي مل يرد على الكافرين " بالقرآن " أي ما جاء به من كالم " أي ما جاء به من كالم "‬
‫‪10‬‬
‫كالم "‪.‬‬ ‫أي ما جاء به من‬

‫وقد ذكر الصابوين عند مناقشة هذه اآلية أن اهلل حقًا يف تقدمي أي نوع من املثل ‪ ،‬سواء كان يف‬
‫"األشياء الصغرية" مثل البعوض أو ما هو أصغر من ذلك أو حىت "األشياء الكبرية"‪ 11.‬وذكر الزهيلي أنه ليس‬
‫عيبا وغريبا أن يأيت املثل على شكل شيء صغري أو كبري‪ .‬هذا ألن عظمتها وعظمتها تكمن يف شيء واحد ‪،‬‬
‫وهو "الوجود واخللق"‪ .‬جيلب اهلل أمثال يف القرآن بقصد بيان املعىن بشكل أوضح‪ .‬هتدف األمثال أيًض ا إىل‬
‫‪ 5‬أنيس‪ ،‬إبراهيم ‪ ،‬ع‪(،‬ت‪.‬ت)‪ ،‬المعجم الواسط‪ ،.T.T.P: T.P .‬ص‪63 .‬‬
‫‪ 6‬الفخر الرازي (‪ ،)1995‬التفسير الكبير‪ ،‬ج‪ .2 .‬بيروت‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬ص ‪.364‬‬
‫‪ 7‬النويري‪ ،‬شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب (‪ .)2004‬نهاية العرب في فنون األدب‪ ،‬ج‪ .10 .‬بيروت‪ :‬دار القطب العلمية‪ ،‬ص‪.174‬‬
‫‪ 8‬النيسابوري‪ ،‬أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي‪ )1990( ،‬عباب النزول‪ .‬مصر‪ :‬مطبع الحلبي‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 9‬القرءان الكريم‪ ،‬س‪ .‬البقرة ‪ ،‬أ‪.19-17 .‬‬
‫‪ 10‬الفخر الرازي (‪ ،)1995‬التفسير الكبير‪ ،‬ج‪ .2 .‬بيروت‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬ص ‪.361‬‬
‫‪ 11‬السبوني‪ ،‬محمد علي (ت‪.‬ت)‪ ،‬صفوة التفاصير‪ ،‬ج‪ .1 .‬القاهرة‪ :‬دار السبوني‪ ،‬ص ‪45‬‬
‫الكشف عن املعىن املطلوب بشيء ميكن الشعور به ‪ ،‬وكذلك الكشف عن كل غموض‪ .‬إن اهلل احلكيم يفعل‬
‫شيًئا إلظهار احلكمة واخلري إما جبلب األمثال على شكل أشياء كبرية أو أمثال عن األشياء الصغرية‪ .‬كل شيء‬
‫‪12‬‬
‫يعتمد على الظروف واملالءمة‪.‬‬

‫والكفار الذين جيادلون ويقولون أنه ال يليق باهلل أن يأيت بأمثال عن األشياء الصغرية ألهنم جاهلون‪.‬‬
‫هذا ألن الشيء الصغري أو الكبري من الواضح أنه من خلق اهلل الذي له حكمته اخلاصة‪ 13.‬يف الواقع ‪ ،‬ليس‬
‫ممنوًعا على اهلل أن يأيت مبثل ميكن أن يشرح ويشرح شيًئا دون النظر إىل قيمة الشيء الذي يتم مقارنته باجلانب‬
‫البشري‪.14‬‬
‫‪15‬‬
‫باختصار ‪ ،‬هناك فئتان من الناس يف فهم هذا املثل ‪ ،‬ومها‪:‬‬

‫‪ .1‬املؤمنون‪ :‬يفهمون الغرض من شيء يشبه القرآن ويؤثرون يف نفوسهم‪.‬‬

‫‪ .2‬مجاعة الكفار‪ :‬ال يرون املعىن احلقيقي وراء األمثال املذكورة يف القرآن ‪ ،‬بل يطرحون أسئلة وجيادلون ملاذا‬
‫يأيت اهلل مبثل هذه األمثال‪ .‬فهذه اجملموعة تستهزئ بآيات القرآن وتستخف هبا وحتاول إثارة الشك بني الناس‪.‬‬
‫هذا هو سلوك األشرار الذين ال ينالون اإلرشا‪.‬‬

‫بعد ذلك ‪ ،‬من خالل اآلية ‪ 26‬من سورة البقرة ‪ ،‬ميكن أن نرى بوضوح أن اهلل سبحانه وتعاىل‬
‫يستخدم األمثال يف القرآن كـ "تفسري" لطبيعة األمر وكذلك لتقوية احلجج والرباهني‪ .‬من هنا يتبني أن املثل‬
‫‪16‬‬
‫نفسه فيه إعجاز لشرح جوهر الشيء سواء كان يتعلق بأشياء صغرية أو كبرية‪.‬‬

‫تحليل الشهادات‬

‫غالبا ما يعترب البعوض كائنات حية عادية وغري مهمة‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬اتضح أن البعوضة ذات مغزى‬
‫كبري للدراسة والتفكري فيها ألن هناك عالمة على عظمة اهلل سبحانه وتعاىل‪ .‬هذا هو السبب يف أن «اهلل ال‬
‫خيجل من صنع األمثال على شكل بعوض أو أقل من ذلك»‪.‬‬

‫‪ 12‬الزهيلي‪ ،‬وهبة (‪ ،)1991‬تفسير المنير‪ ،‬ج‪ .1 .‬بيروت‪ :‬دار الفكر المعاصر‪ ،‬ص‪.111 110 .‬‬
‫‪13‬عبد اللطيف‪ ،‬محمد عبد الوهاب (‪ ،)1993‬موسوع توضيح القرآنية‪ ،‬ج‪ .1 .‬القاهرة‪ :‬مكتبة األدب‪ ،‬ص ‪.338‬‬
‫‪ 14‬المرجع نفسه‪ ،‬ج‪ ،1 .‬ص‪.332 .‬‬
‫‪ 15‬محمود شلتوت (‪ ،)1964‬إلى القرآن الكريم‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الهالل‪ ،‬ص ‪.21 20‬‬
‫‪ 16‬محمد أبو زهرة (ت) ‪ ،‬المعجزة الكبرى للقرآن‪ .‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪ ،‬ص‪.382 381‬‬
‫وفقا حملمود صايف ‪ ،‬فإن اآلية ‪ 26‬سورة البقرة اليت متت مناقشتها هي آية تظهر مجال ومجال أسلوب‬
‫لغة األمثال‪ .‬يف هذه اآلية ‪ ،‬يقدم اهلل سبحانه وتعاىل توضيحا عن حالة العامل وسكانه اليت تشبه الظروف‬
‫واحلياة يف عامل البعوض‪ .‬يف الواقع ‪ ،‬تعيش البعوضة عندما تكون جائعة ‪ ،‬ومتوت عندما تكون ممتلئة‪ .‬هكذا‬
‫ستموت حياة سكان العامل بعد "احلالوة" مع حياة العامل‪ 17.‬وبالتايل ‪ ،‬ينبغي دراسة حياة صغري مثل البعوض‬
‫وتعليم الدروس منه‪ .‬ميكن استخدام دورة حياة البعوض كدرس يف حياة اإلنسان بعيدا عن العامل للسعي ملعرفة‬
‫اهلل وخدمته حىت تصبح احلياة أكثر معىن‪.‬‬

‫يتم تقدمي املثل يف هذه اآلية كفضيلة للعقل والفكر للتفكري‪ .‬لذلك ‪ ،‬يستخدم العرب دائما الرسوم‬
‫التوضيحية يف خطاهبم حبيث يكون هلا تأثري أكرب على املعىن‪ .‬فيما يتعلق باحليوانات الصغرية مثل احلشرات ‪،‬‬
‫هناك أمثال مت استخدامها بني العرب منذ زمن سحيق مثل أضعف من فراشة أو أضعف من بعوضة أو أضعف‬
‫‪18‬‬
‫من مخ البعوضة‪.‬‬

‫من هنا يتضح أن الكفار الذين جيادلون يف مثل احليوانات الصغرية مثل البعوض والذباب والنحل‬
‫والعناكب وما إىل ذلك هو عنادهم وعنادهم لتلقي دروس من آية القرآن على الرغم من أن مثل هذه‬
‫احليوانات شائع يف حديثهم الذي استخدم كقصة وعربة‪ .‬جيب أن يفتحوا عقوهلم ويفكروا ملاذا جعل اهلل‬
‫سبحانه وتعاىل احليوانات الصغرية أمثاال ومقارنات يف حياة اإلنسان‪ .‬هذا يدل على أن مجيع خملوقات اهلل هلا‬
‫حكمتها وأسرارها اليت حتتاج إىل دراسة وتعليم منها‪.‬‬

‫الوصف العلمي‬

‫اهلل سبحانه وتعاىل خالق مجيع املخلوقات سواء كانت صغرية أو كبرية وكل خلق من خلق اهلل له‬
‫إعجازه اخلاص‪ .‬إن تعليم املثل الذي جاء به اهلل ال يكمن يف احلجم أو الشكل ‪ ،‬ولكن املثل هو إرادة النور‬

‫‪ 17‬محمود صافي (‪ ،)1990‬الجدول في القرآن وصرفوهو وبيانوهو‪ ،‬ج‪ .1 .‬دمشق‪ :‬دار الرشيد‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫‪ 18‬الفخر الرازي (‪ ،)1995‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ج‪ ،2.‬ص ‪.362‬‬
‫واحلقيقة‪ .‬جيلب اهلل سبحانه وتعاىل األمثال كاختبار لقلوب ونفوس الناس سواء قبلوا اإلميان أو غرقوا يف‬
‫‪19‬‬
‫اخلطأ‪.‬‬

‫على الرغم من أن املشركني ينظرون إىل سخرية "احليوانات الصغرية" اليت ذكرها اهلل سبحانه وتعاىل‬
‫يف القرآن ‪ ،‬فقد وجدت الدراسات العلمية اليوم أن خلق "احليوانات الصغرية" مثل البعوض يظهر يف الواقع‬
‫عظمة اهلل سبحانه وتعاىل يف اخللق‪ .‬مثال على ذلك هو أن البعوضة الصغرية لديها نظام رادار كبري ‪ ،‬وبالتايل ‪،‬‬
‫‪20‬‬
‫حىت يف ظروف الليل املظلمة ‪ ،‬فإهنا ال تزال قادرة على الوصول بدقة إىل هدفها إىل الرجل النائم‪.‬‬

‫ليس هذا فقط ‪ ،‬ولكن حىت البعوضة قادرة على حتليل الدم الذي متتصه من البشر ‪ ،‬لذلك سوف‬
‫متتص الدم الذي حتبه فقط ‪ ،‬وإذا مل حتب الدم الذي يكذب عليه اإلنسان ‪ ،‬فسوف ترتك الشخص وتبحث‬
‫عن ضحية أخرى‪ 21.‬يف هذا الصدد ‪ ،‬مت إجراء العديد من الدراسات على البعوض وميكن إنتاج العديد من‬
‫النتائج من االكتشافات املفيدة للغاية‪.‬‬

‫من خالل هذا احليوان الصغري من البعوض ‪ ،‬حصل السري رونالد روس (‪ )1932 1857‬على جائزة‬
‫نوبل‪ .‬حصل على جائزة نوبل يف علم وظائف األعضاء والطب يف عام ‪ .1902‬منحت له هذه اجلائزة نتيجة‬
‫ألحباثه حول املالريا اليت كلفت العديد من األرواح البشرية‪ .‬درس املالريا ملدة ‪ 18‬عاما من عام ‪ 1881‬إىل‬
‫‪22‬‬
‫عام ‪ .1889‬لقد أثبت بنجاح أن املالريا حيملها نوع من البعوض يعرف باسم بعوضة األنوفيلة‪.‬‬

‫من هذا االكتشاف ‪ ،‬فإن إعطاء صورة واضحة عن كيفية حدوث شيء ما حيدثه اهلل سبحانه وتعاىل‬
‫يف القرآن ليس شيئا عدمي الفائدة وتافها على الرغم من أنه يبدو تافها وصغريا يف نظر أولئك الذين ال يؤمنون‬
‫باهلل سبحانه وتعاىل‪.‬‬

‫أحد عناصر التأضد اليت ميكن أخذها من هذه اآلية من القرآن هو استخدام كلمة البعودة اليت تشري‬
‫إىل "أنثى البعوض"‪ .‬افرتاض معظم الناس أن البعوض مصاصون وأكلة للدم ليس صحيحا متاما‪ .‬ومع ذلك ‪،‬‬
‫فإن البعوض اإلناث فقط متتص الدم وليس الذكور‪ .‬باإلضافة إىل ذلك ‪ ،‬متتص إناث البعوض الدم ليس لتلبية‬
‫احتياجاهتا الغذائية‪ .‬وذلك ألنه ال ذكور البعوض وال إناث البعوض ‪ ،‬كالمها يعيش عن طريق تناول‬
‫«الرحيق» ‪ ،‬وهو سائل حلو تفرزه أزهار نباتية (زهرة عسل التفاح)‪ .‬السبب الوحيد الذي جيعل إناث‬

‫‪ 19‬سيد قطب (‪ ،)1992‬في زالل القرآن‪ ،‬ج‪ ،17 .‬ج‪ .1 .‬بيروت‪ :‬دار الشروق‪ ،‬ص‪50 .‬‬
‫‪ 20‬يوسف الحاج أحمد (‪ ، )2003‬موسوعة اإلعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المطهرة ‪ ،‬دمشق‪ :‬مكتب ابن حجر ‪ ،‬ص‪.510 .‬‬
‫‪ 21‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.511 .‬‬
‫‪ 22‬ويكيبيديا الموسوعة الحرة ‪http://en.wikipedia.org/wiki/Ronald_Ross ، 10/01/2023 ،‬‬
‫البعوض ‪ ،‬وليس الذكور ‪ ،‬متتص الدم هو أن الدم حيتوي على الربوتينات الالزمة لتطوير ومنو بيض البعوض‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫وبعبارة أخرى ‪ ،‬متتص إناث البعوض الدم للحفاظ على بقاء أنواعها‪.‬‬

‫استخدم القرآن كلمة البعوضة يف شكل مؤنث (مؤنث) يشري إىل أنثى البعوض‪ .‬وباملثل ‪ ،‬فإن‬
‫استخدام بديل (ها) يف اآلية (فوقها فما) الذي يستخدم لإلشارة إىل الباعدة يشري إىل أنه مؤنث‪ .‬من استخدام‬
‫كلمة مؤنث ‪ ،‬فإن عنصر العز البيان واضح جدا يف هذه اآلية‪ .‬عنصر اإلعجاز املوجود يف هذه اجلملة هو‬
‫اختيار واستخدام الكلمة الصحيحة وفقا للمعىن املراد نقله‪ .‬يف هذه املرحلة من االحنراف ‪ ،‬قد ال يكون من‬
‫املمكن الصقل من وجهة نظر حكمة استخدام "أنثى البعوض" يف هذه اآلية بدال من "ذكر البعوض"‪ .‬ومع‬
‫ذلك ‪ ،‬بعد تطوير البحث العلمي والتكنولوجي ‪ ،‬مت الكشف عن االختالفات بني املهام ودور إناث البعوض‬
‫والبعوض الذكور‪ .‬وذلك ألن إناث البعوض البالغة فقط متتص دم احليوانات أو البشر‪ .‬متتص إناث البعوض‬
‫الدم ألهنا حتتاجها لعملية منو البيض‪ .‬يف حني أن ذكور البعوض ال متتص الدم ‪ ،‬ولكنها تأكل سوائل النبات ‪،‬‬
‫‪24‬‬
‫وهي حلويات الزهور أو سوائل الفاكهة املتعفنة‪.‬‬

‫بعد ذلك ‪ ،‬ميكن أيضا اكتشاف عنصر اإلعجاز من خالل استخدام كلمة (بعوضة) بشكل عام‬
‫وكذلك استخدام (ما ) الذي يتكرر مرتني‪ .‬يظهر أن البعوض من أنواع خمتلفة وأحجام خمتلفة‪ .‬بعضها له تأثري‬
‫ضار على البشر‪ 25.‬إن استخدام مثل هذه الكلمات بشكل عام له بالتأكيد أهداف وأغراض حتتاج إىل دراسة‬
‫‪26‬‬
‫وصقل‪ .‬النكرة هو اسم شائع لشيء ما‪.‬‬

‫البعوض حشرات شائعة وميكن التعرف عليها بسهولة وهلا تأثري صحي كبري على البشر‪ .‬خلق‬
‫البعوض هو اختبار من اهلل للبشرية للتفكري والسعي لتطوير املعرفة من أجل التغلب على مجيع املشاكل اليت‬
‫تسببها احلشرات وحلها‪ 27.‬يصاب البشر بأمراض خمتلفة من خالل البعوض سواء كانت محى الضنك واملالريا‬
‫وما إىل ذلك‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬يف الواقع ‪ ،‬البعوض ليس سبب األمراض البشرية ألن كمية الدم اليت يدخنها‬
‫البعوض صغرية جدا وغري قادرة على التأثري على صحة الشخص‪ .‬آثار لدغات البعوض هي فقط حساسية‬
‫للبشر مثل احلكة والتورم األمحر على اجلسم وهلم جرا‪.‬‬

‫ومع ذلك ‪ ،‬فإن خطر البعوض هو أهنا ناقالت أو ناقالت الكائنات احلية الدقيقة أو الطفيليات اليت‬
‫هي سبب املرض‪ .‬ينعكس التقارب بني الكائنات احلية الدقيقة والبعوض من خالل توافق الكائنات احلية‬

‫‪ 23‬هارون يحيى ‪ ،‬البعوض‪ :‬آكلة الدم؟ ‪http://www.harunyahya.com ، 10/01/2023 ،‬‬


‫‪ 24‬محمد صالح (‪ ، )1997‬سر كشف الحشرات في القرآن ‪ ،‬كوااللمبور‪ :‬دائرة التنمية اإلسالمية بماليزيا ‪ ،‬ص‪.12 .‬‬
‫‪ 25‬النجار ‪ ،‬زغلول راغب (‪ ، )2006‬الحيوان في القرآن الكريم‪ .‬بيروت‪ :‬دار المعرفة‪ .‬ح‪.179 .‬‬
‫‪ 26‬فضل حسن عباس (‪ )1987‬البالغة فنونها وأفنانوها‪ .‬عمان‪ :‬دار الفرقان ح‪.329 .‬‬
‫‪ 27‬محمد صالح (‪ ، )1997‬سر كشف الحشرات في القرآن ‪ ،‬كوااللمبور‪ :‬دائرة التنمية اإلسالمية بماليزيا ‪ ،‬ص‪.12 .‬‬
‫الدقيقة احلية يف جسم البعوض‪ .‬مثال على ذلك هو أن الكائنات احلية الدقيقة أو الطفيليات املالريا (املتصورة‬
‫املنجلية) تعيش يف جسم البعوض ‪ ،‬وختضع للنمو والتكاثر يف األمعاء واجلدران املعوية ‪ ،‬وبالتايل يف الغدد‬
‫‪28‬‬
‫اللعابية ‪ ،‬قبل حقنها أو نقلها إىل البشر الذين يفرتسوهنا‪.‬‬

‫إن وجود الكائنات احلية الدقيقة يف جسم البعوض الذي يسبب املرض يسلط الضوء على عنصر‬
‫العقاب املوجود يف اآلية ‪ 26‬من سورة البقرة‪ .‬كلمة (فوقها فما ) يف اآلية تعين "شيء أصغر‪ 29.‬وفقا‬
‫للزخمشري‪ ، 30‬يشري املعىن (فوقها فما) إىل عنصرين صغريين من حيث املعىن وصغريين يف احلجم والشكل‪.‬‬
‫صغرية من حيث املعىن تعين أن البعوضة تعترب أكثر دناءة خللقها ‪ ،‬يف حني أن صغر حجمها هو أن البعوضة‬
‫أصغر من العناكب والذباب‪ .‬وحسب الزخمشري فإن املعىن (فوقها فما) يف احلديث حيمل معنيني مها األصغر‬
‫‪31‬‬
‫من حيث حجم الشوك ‪ ،‬واألصغر من حيث املعىن الذي هو من وجهة نظر األمل الذي عاىن منه‪.‬‬

‫لذلك ‪ ،‬فإن معىن اآلية القرآنية "‪ ...‬أو أصغر من ذلك ‪ "...‬ميكن تفسريه على أنه عنصر أصغر من‬
‫البعوض من حيث حجمه وشكله‪ .‬يف هذا الصدد ‪ ،‬ميكن القول أن وجود كائنات دقيقة صغرية جدا غري‬
‫مرئية للعني اجملردة املوجودة يف جسم البعوض هو أيضا مثل عرب عنه اهلل سبحانه وتعاىل لتوضيح قوة وعظمة‬
‫اهلل يف خلق شيء ما‪ .‬وبالتايل ‪ ،‬ال ميكن للبشر االستهانة بإنشاء البعوض والكائنات احلية الدقيقة الصغرية‬
‫واحلساسة ‪ ،‬ألن تأثريها هائل يف حياة اإلنسان‪.‬‬

‫إن اخرتاع اجملهر الذي يستخدم لرؤية الكائنات الدقيقة قد ساعد البشر على فهم معىن اآليات‬
‫القرآنية‪ .‬وذلك يثبت عنصر العلم املوجود يف هذه اآلية‪ .‬التقدم يف العلوم والتكنولوجيا ساعد اإلنسان على‬
‫إجراء دراسة عميقة لشيء كان جمهوًال يف العصور القدمية‪ .‬وقد أثبتت معجزات القرآن الذي ال يتعارض مع‬
‫احلقائق اليت متتد عرب العصور‪.‬‬

‫المصدار والمراجع‬

‫القرءان الكرمي‬

‫أنيس‪ ،‬إبراهيم (ت‪.‬ت)‪ ،‬املعجم الواسط‪ .‬يت يت يب‪ :‬يت يب‪.‬‬

‫فخر الراضي (‪ ،)1995‬التفسري الكبري‪ ،‬بريوت‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب‪.‬‬

‫‪ 28‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.14 .‬‬


‫‪ 29‬الصابوني ‪ ،‬محمد علي (ط) ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ج‪ ، 1 .‬ص‪.44 .‬‬
‫‪ 30‬الزمخشري (‪ ، )1995‬مرجع سابق ‪ ،‬ي‪ ، 1 .‬ص‪.121-120 .‬‬
‫‪ 31‬الزمخشري (‪ ، )1995‬مرجع سابق ‪ ،‬ي‪ ، 1 .‬ص‪.121 .‬‬
‫نيسابوري‪ ،‬أبو احلسن علي بن أمحد الواحدي‪ ،‬آل (‪ )1990‬عباب النزول‪ .‬مصر‪ :‬مطبع احلليب‪.‬‬

‫صابوين‪ ،‬حممد علي آل (ت‪.‬ت)‪ ،‬صفوة التفاسري‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار السبوين‪.‬‬

‫زهيليلي‪ ،‬وهبة (‪ ،)1991‬التفسري املنري‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الفكر املعاصر‪.‬‬

‫عبد اللطيف‪ ،‬حممد عبد الوهاب (‪ ،)1993‬موسوعة القرآنية‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة األدب‪.‬‬

‫حممود شلتوت (‪ ،)1964‬إىل القرآن الكرمي‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار اهلالل‪.‬‬

‫حممد أبو زهرة (ت) ‪ ،‬املعجزة الكربى للقرآن‪ .‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العريب‪.‬‬

‫حممود صايف (‪ ،)1990‬اجلدول يف القرآن وصرفوهو وبيانوهو‪ ،‬دمشق‪ :‬دار الرشيد‪.‬‬

‫سيد قطب (‪ ،)1992‬يف زالل القرآن‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الشروق‪.‬‬

‫يوسف احلاج أمحد (‪ )2003‬موسوعة اإلعجاز العلمي يف القرآن الكرمي والسنة املطهرة ‪ ،‬دمشق‪ :‬مكتب ابن‬
‫حجر‪.‬‬

‫حممد صاحل (‪ )1989‬احلشرات والبشر ‪ ،‬كواالملبور‪ :‬ديوان باهاسا دان بوستاكا‪.‬‬

‫النجار ‪ ،‬زغلول راغب (‪ ، )2006‬احليوان يف القرآن الكرمي‪ .‬بريوت‪ :‬دار املعرفة‪.‬‬

‫فضل حسن عباس (‪ )1987‬البالغة فنوهنا وأفنانوها‪ .‬عمان‪ :‬دار الفرقان‪.‬‬

‫حممد صاحل (‪ ، )1997‬سر كشف احلشرات يف القرآن ‪ ،‬كواالملبور‪ :‬دائرة التنمية اإلسالمية مباليزيا‪.‬‬

‫ويكيبيديا املوسوعة احلرة ‪http://en.wikipedia.org/wiki/Ronald_Ross ، ،‬‬


‫‪10/01/2023‬‬

‫هارون حيىي ‪ ،‬البعوض‪ :‬آكلة الدم؟ ‪http://www.harunyahya.com ، 10/01/2023 ،‬‬

You might also like