Professional Documents
Culture Documents
نشرة 06 23
نشرة 06 23
نشرة 06 23
مقدمة
بحلول التاسع من أكتوبر من السنة ،0202يكون النظام األساسي الجديد الخاص بموظفي قطاع التربية
الوطنية قد دخل خير التنفيذ بعد صدروه بالجريدة الرسمية في شكل مرسوم تحت رقم 31030232.2ستحاول
هذه الفقرات تقديم عرض وصفي ينظر في السياقات المؤسسة ،والمرتكزات المؤطرة ،والمرجعيات المؤطرة،
والمفاهيم الموظفة لهذا النظام الخاص ،قبل أن نسجل جملة من المالحظات الناقدة لهذه الوثيقة التي ستوجه
في ما سيأتي من الزمن المسار المهني إن لم نقل المصير المهني لكتلة كبيرة من الموظفين في قطاع
حيوي هو قطاع التربية والتعليم3
.1سياقات ومرتكزات
سيتحدث الخطاب الرسمي في عرضه للسياقات الناظمة لمرسوم النظام األساسي الجديد لموظفي التربية
الوطنية عن ما سماه ب"الوضعية المقلقة" التي تمس خمسة عناصر تهم نظام ،0222والوضع االعتباري
العام للموارد البشرية في القطاع ،والخصوصيات المهنية لوظيفة التعليم ،والوضعية العامة للقطاع على
مستوى التعلمات والتعميم وظروف االشتغال ،وطابع الالستقرار الذي يسم المنظومة التربوية على مستويي
استدامة العمل والبنية القانونية المعتمدة في التوظيف 3وهي الوضعية التي تفرض حسب الخطاب الرسمي
التدخل السريع للتدارك32
لكن التأمل الموضوعي يفرض القول إنه ال يمكن أن نعزل صدور النظام األساسي الجديد عن سياقات
ثالثة هي :سياق المضي في تنزيل برامج إصالح التعليم التي أقرتها الدولة منذ نهاية البرنامج االستعجالي،
بدءا بفرض الرؤية االستراتيجية ( ،)22/.1مرو ار بإقرار القانون اإلطار ( ،)1./.1وانتهاء باعتماد خارطة
الطريق( 3)02/00وسياق اعتماد النموذج التنموي الجديد بعد االختالالت الكبيرة التي عرفتها برامج مبادرة
التنمية البشرية في تحقيق التنمية المستدامة في كافة المجاالت 3وسياق تصاعد االحتقان العام في المشهد
التعليمي المغربي بسبب سياسات الدولة في مقاربة التدبير العام للقطاع خاصة على مستوى التوظيف
والتكوين والتحفيز 3وان الجامع الناظم بين هذه السياقات الثالثة ،على المستوى العام الفشل التنموي البارز
رغم تعدد الوصفات المقدمة التي لم تسعف في حلحلة الوضع التنموي للمغرب ،ولم تفلح في توجيه بوصلة
التنمية نحو تحقيق االستقرار االجتماعي واالقتصادي بعد سنوات عديدة من االستقالل 3وعلى المستوى
الخاص الفشل الذريع لمختلف برامج إصالح التعليم والدخول في دوامة جديدة من إصالح اإلصالح باعتماد
اآلليات ذاتها والنهوج نفسها التي كانت السبب في تأزيم وضعية القطاع من دون تحقيق األهداف المسطرة
في كل النماذج المقدمة في رؤية اإلصالح المتشابهة معنى المختلفة صياغة ومبنى3
المملكة المغربية ،الجريدة الرسمية ،النشرة العامة ،السنة ،..0العدد ،1021عدد ( ،1021الصادر في 02من ربيع 1
2
في مذكرة التقديم الواردة في مشروع المرسوم هذا ،يتم الحديث عن اعتماد "المقاربة التشاركية" في إعداد
مشروع النظام األساسي مع النقابات األكثر تمثيلية ،ثم عن االستناد إلى مرتكزات أربعة تروم تحقيق أهداف
محددة ،وغايات معينة؛ أما المرتكزات فتتلخص في التكامل واالنسجام في البنية الهندسية للهيئات،
واالستقطاب للمهنة ،والزامية التكوين المستمر مدخال للتأهيل والترقي ،وتثمين االستحقاق 3أما األهداف
فتمس على الخصوص السعي لتحقيق "التحول في المدرسة العمومية" على مستوى تثمين مهنة التدريس،
وبلوغ جودة التعلمات ،وقرن التحفيز بالمردودية ،وربط المسؤولية بالمحاسبة 3وبالنسبة للغايات فتبرز في
عناصر أربعة تشمل التوحيد ،والتحفيز ،وااللتزام والمسؤولية ،والمردودية 3وطبعا سيؤكد الخطاب الرسمي
أن هذه المبادئ والمرتكزات واألهداف والغايات ستسهم في إحداث التجديد في بناء النظام األساسي،
وستفضي إلى تحقيق مكتسبات مهمة للجسم التعليمي تتمثل في توحيد اإلطار القانوني لموظفي التعليم،
واعتماد هندسة جديدة تالئم بين المهام واإلطار ،وفتح إمكانات للترقي وتغيير اإلطار ،واعتماد الموضوعية
في تقييم األداء المهني ،واقرار ضمانات للموظفين ترعى مصالحهم في سيرورة مسارهم الوظيفي ،وترسيخ
ثقافة االستحقاق والتقدير33
.2مرجعيات ومفاهيم
يجد النظام األساسي الجديد لموظفي قطاع التربية الوطنية ،مستنداته المرجعية في العناصر الخمسة التالية:
أحكام القانون اإلطار ( )1./.1التي تتحدث عن مبادئ ثالثة :التجديد لمهنة التدريس وما يتعلق بها من
تكوين وتدبير ،والمالءمة لألنظمة األساسية ،وااللتزام المشترك لبلوغ أهداف اإلصالح التربوي 3ثم توجهات
النموذج التنموي الجديد ،والتي تراهن استراتيجيا على وضع المدرسة في صلب المشروع المجتمعي للمغرب،
وتريد على مستوى الغايات بلوغ نهضة تربوية ،وتروم على مستوى األهداف االستثمار في الفاعل البشري
لتحقيق الجودة في التعلمات ،فأهداف البرنامج الحكومي( )02/0.الذي جعل من التعليم ركيزة من ركائز
الدولة االجتماعية ،عبر التوجه نحو رد االعتبار لمهنة التدريس ،والرفع من الجودة في كل المستويات 3وكذا
التزامات خارطة الطريق ( )02/00التي جعلت من األستاذ أحد المحاور الثالثة لتسريع تنفيذ مقتضيات
اإلصالح التربوي ،ورفعت على عاتقها االعتناء بالتميز في التكوين ،وتجويد ظروف العمل ،وبناء نظام
لتدبير المسار المهني محفز ومثمن 3وبعدها بنود االتفاق الموقع بين الو ازرة والنقابات األكثر تمثيلية يوم
.4يناير ،02والذي حدد المبادئ المؤطرة للنظام األساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية ،وذلك
3راجع هنا مذكرة التقديم الواردة في مشروع المرسوم رقم 030232.2في شأن النظام األساسي الخاص لموظفي قطاع التربية
الوطنية ،والتي وجهها األمين العام للحكومة ألجل عرض المشروع في مجلس الحكومة رقم /224د بتاريخ 04شتنبر،0202
وكذا العرض التواصلي حول النظام األساسي الخاص لموظفي قطاع التربية الوطنية :اإلمكانيات ،واآلفاق ،أكتوبر ،02
مرجع سابق3
3
في إطار مواصلة تنزيل مقتضيات الحوار االجتماعي القطاعي المرحلي والذي عبر عنه محضر اتفاق .2
يناير 3400
والى جانب هذه المستندات المرجعية التي صرحت بها مذكرة التقديم وبالغ اجتماع المجلس الحكومي ليوم
01شتنبر ،02نجد في المراجع التي استند إليها مرسوم النظام األساسي الخاص بموظفي قطاع التربية
الوطنية .1 ،مستندا قانونيا يمكن تصنيفها كاآلتي :ظهير شريف واحد 4 ،قوانين ،و .0مرسوما 3وهي
تغطي مجاال عاما يخص النظام األساسي للوظيفة العمومية ،وميثاق المرافق العامة ،ونظام المعاشات
المدنية ،والشروط النظامية لولوج سلك الوظيفة العمومية ،وساللم األجور والترتيب ،وشروط التعويض
التكميلي الممنوح 3كما تغطي مجاال خاصا بالتربية والتعليم يضم القانون اإلطار ،وقانون إحداث األكاديميات
الجهوية ،والمراكز الجهوية والوطنية المكلفة بالتكوين ،والنظام األساسي لألساتذة الباحثين بمؤسسات التعليم
العالي غير التابعة للجامعات3
على المستوى اللغوي والمفهومي ،يستعمل النظام األساسي عددا من المفردات ذات الطابع القانوني والحقوقي
والتربوي ،وذات السمات االقتصادية واالجتماعية والبيئية ،من قبيل :الموارد البشرية ،شروط الصحة
والسالمة ،الموارد الديداكتيكية ،الحقائب البيداغوجية ،جودة التعلمات ،إيقاعات التعلمات ،األنظمة الداخلية،
تكافؤ الفرص ،اإلنصاف والمساواة ،مدونة أخالقيات المهنة ،السلوك المهني ،مختص تربوي ،مختص
اجتماعي ،التقييم والدعم ،التنمية ،المواكبة النفسية ،التوجيه المهني ،التدبير المالي والمحاسباتي ،الخدمات
اللوجستية ،التفتيش واالفتحاص ،المردودية ،المراقبة الداخلية ،استمارات تقييم األداء المهني ،المدرسة الرائدة،
الفريق التربوي ،شارة مؤسسة الريادة ،العقوبات التأديبية ,وغير ذلك من مفاهيم تحيل على مرجعيات قانونية
وتربوية وفلسفية متعددة ومختلفة3
.3مالحظات نقدية عامة
إذا كان الخطاب الرسمي يفتخر بالمكتسبات التي ستتحقق من النظام األساسي الجديد لموظفي التربية
الوطنية ،ويشيد باآلثار العامة التي ستنتج عنه ،خاصة في ما يرتبط بمجال توحيد الفئات والهيئات ،وتدقيق
المهام واالختصاصات ،وبلورة آليات لتثمين وتحفيز األداء المهني ،فإن القراءة الفاحصة لهذا النظام األساسي
شكال ومضمونا ،تفرض اإلدالء بالمالحظات الناقدة التالية:
4ينظر هنا :مذكرة التقديم الواردة في مشروع المرسوم ،مرجع سابق 3والبالغ الصحفي حول انعقاد اجتماع مجلس الحكومة
ليوم األربعاء ..ربيع األول ُ .441م َو ِافق 01شتنبر 30202والقانون اإلطار 1./.1المتعلق بمنظومة التربية والتكوين
والبحث العلمي 3وتقرير النموذج التنموي :التقرير العام أبريل 3020.والبرنامج الحكومي ،02/0.أكتوبر 30.وخارطة
الطريق :02/00اثنا عشر التزاما من أجل مدرسة عمومية ذات جدوى 3ومحضر اتفاق بين و ازرة التربية الوطنية والتعليم
األولي والرياضة والنقابات التعليمية األكثر تمثيلية بشأن المبادئ المؤطرة للنظام األساسي الخاص بموظفي قطاع التربية
الوطنية ،السبت 302/./ .4
4
إن هناك افتقادا للرؤية النسقية في مقاربة سياقات إنتاج نظام أساسي جديد لموظفي التربية الوطنية؛ -
إذ أغفل الخطاب الرسمي رغم حديثه اللطيف عن "الوضعية المقلقة للقطاع" تبيئة هذا النظام
األساسي ضمن سياقات وضع "الفشل العام" للمنظومة التربوية في تحقيق شعاراتها المرفوعة عن
اإلنصاف والتعميم والجودة ،وضمن االختالل العام للنموذج التنموي المغربي 3وان أبرز ما سكت
عنه هنا هو أن أه م إنجاز سيحققه هذا النظام هو إقفال ملف التعاقد بإلحاق المتعاقدين أطر
االكاديميات بالموارد البشرية للو ازرة ،وبهذا اإللحاق يتم تمرير التعاقد وترسيمه ليتم توسيعه في باقي
مجاالت الوظيفة العمومية ،وذلك في سياقات االندماج التام للمغرب في التزامات عولمية وتطبيعية
متعددة المخاطر على األمن االستراتيجي العام للبالد 3وسينتج عن افتقاد الرؤية النسقية في تحليل
الوضع العام للمنظومة التربوية في سياقات الفشل العام للنموذج التنموي ،وتصاعد وترسيخ مظاهر
التحكم في كل بنيات المجتمع اعتماد مقاربة تقنوية ضيقة ال تدخل في مساءلة موضوعية علمية
نقدية لمسار المنهج اإلصالحي للمنظومة التعليمية عندنا ،وعوض النفاذ إلى عمق المشكالت
الجوهرية لبنية النظام التربوي ،يتم التركيز على ما يمس فقط جانب األعراض التي قيل فيها من
النقد ما يبلغ حد التخمة من دون جدوى3
إن مما يستغرب له في تتبع سيرورة "والدة" النظام األساسي هذا هو تغييب المنهجية الديموقراطية -
الالئقة بنظام سيرهن مصير ومسار كتلة مهمة جدا من الموظفين في قطاع مهم جدا لحياة البالد
والمجتمع عموما؛ فرغم التغني بالمقاربة التشاركية ،فإن وقائع اإلرجاء المستمر لظهور النظام لمدة
تقرب من السنتين ،والتكتم والسرية الشديدين لمجريات اللقاءات مع الو ازرة ،والتسريبات المختلفة
لنسخ ومسودات ومضامين ،واإلشاعات والسجاالت والنزاالت التي حدثت والتي وصلت حد التالسن
والتساب ،لمما قد يكشف عن وجود "خبايا" و" خفايا" تفتح الباب للحديث عن "اتفاقات" ما لضمان
الزمة "السلم االجتماعي" 3وسيتأكد تغييب النهج الديموقراطي المالئم بالتسريع الذي تم في عملية
المصادقة القانونية عبر تقنية مشروع مرسوم في سياق غلبت عليه ظروف الدخول المدرسي ،وآثار
كارثة الزلزال الذي ضرب بعض مناطق المغرب عوض التوجه نحو البرلمان ،وفتح نقاش مجتمعي
عام يليق بنظام مهم لقطاع أهم3
سيلحظ الباحث المدقق وجود الخلط الجلي بين المبادئ والمرتكزات والغايات واألهداف في المرسوم، -
والخلط في عرضها على الفاعلين والتداخل بينها في بالغ الحكومة ،كما سيلحظ خلطا آخر بين
المرجعيات المستند إليه ،فبعضها ذو صبغة قانونية ،وأخرى تصورية ،وثالثة برمجية تخطيطية3
وسنجد أن هناك استنادا إلى مرجعيات كثر الحديث عن هويتها وطبيعتها ،كخريطة الطريق التي
ال تعدو أن تكون إنقاذا للرؤية االستراتيجية ،وقانون اإلطار الذي تم انتقاده من المجتمع المدني،
والنموذج التنموي الذي قيل إنه صيغ تحت أعين وبمباركة فرنسا 3كما يمكن مالحظة اعتماد مراسيم
وقوانين قديمة جدا تعود إلى عهد االستعمار 3ولقد كان غريبا جدا عدم اإلشارة إلى اعتماد الميثاق
5
الوطني للتربية والتكوين في المستندات المرجعية للنظام األساسي ،والحال أن النظام األساسي جاء
ليتم تمرير ما لم تستطع الدولة إنفاذه منذ سنة 0222خاصة ما يتعلق بالمقتضيات التي تتحدث
عن تنويع أوضاع الموظفين بما في ذلك اللجوء إلى التعاقد ،وما يرتبط بالتكوين المستمر ،وربط
الترقية بالمردودية التربوية ،وتنزيل خيارات الالمركزية والالتمركز الجهوي ،وغير ذلك 35وهو ما
يعني أن المغرب ماض وبروح صامدة وبمنهجية متدرجة في التنفيذ النجيب اللتزاماته الدولية3
-إن من األشياء التي عمل النظام األساسي على تمريرها فرض التعاقد والتوظيف الجهوي ،بالحديث
عن نوعين من األطر التي يشملها النظام األساسي هما موظفو القطاع ،واألطر النظامية
لألكاديميات الجهوية ،ومن ذلك أيضا فرض وتقنين سن الثالثين لولوج وظيفة التعليم ،ووضع شرط
االنتقاء األولي للحاصلين على إجازة في الدراسات األساسية أو المهنية قصد التوظيف في القطاع3
ثم إن هناك ترسيما لمهام جديدة كان المدرس يقوم بها تطوعا من دون الرفع من األجور ،بل حتى
ومن دون تعويض مادي مالئم؛ كإقرار " التواصل المنتظم مع أولياء األمور" ،وفرض المشاركة في
أنشطة الحياة المدرسية ،هذا إلى جانب الحد من الحرية في التنقل بدعوى االستقرار البيداغوجي،
والتهديد في الممارسة الوظيفية بربط الترسيم بآليات التقييم للمردودية 3وكذا فرض التكوين المستمر
وجعله من آليات الترقي وتحسين المردودية ،وفرض قيود على عمليات االستقالة واالستيداع اإلداري3
-يكتنف النظام األساسي الجديد نوع من الغموض :غموض في وضعية هيئة األساتذة الباحثين في
التربية والتكوين ،على مستوى المهام واالختصاصات ،وساعات العمل ،وطريقة الولوج خاصة مع
إجراء مباراة للتوظيف 3ومن ذلك غموض وضعية االستقاللية الوظيفية واالنتساب اإلداري للمفتش
التربوي 3أيضا هناك غموض في التنزيل القانوني لإلجراءات من خالل إرجاء عدد كبير من
النصوص التنظيمية التي ستمكن من األجرأة العملية للنظام ،من تلك النصوص والمقررات مدونة
أخالقيات المهنة ،وآليات تقييم األداء المهني ،ونظام التحفيز المهني ،وشروط ومعايير اختيار
وانتقاء الكفاءات للمسؤولية ،واجراءات وكيفيات تنظيم مباراة توظيف األساتذة ،وشروط واجراءات
وبرامج المباريات المهنية وامتحانات الكفاءة المهنية ومعايير االنتقاء األولي ،وكيفيات واجراءات
ترسيم المتمرنين المنتمين لهيئة التدريس ،وكيفيات واجراءات ترسيم المتمرنين المنتمين إلى أطر
مختص االقتصاد واإلدارة ومختص تربوي ومختص اجتماعي 3كما يكتنف هذا النظام نوع من
التناقض :تناقض بين القول بعدم إلزام الموارد البشرية بمزاولة مهام غير تلك المسندة إليها وبين
الحديث عن تدقيق وتفصيل المهام المنصوص عليها أو إسناد مهام أخرى 3وتناقض بين القول
والفعل :ففي الوقت الذي تنص عليه المادة 1على المعاملة المبنية على االحترام وحفظ الكرامة
فإن التدخل القمعي في حق المحتجين من األساتذة وفي عيدهم الوطني وأمام و ازرتهم واضحة
6
النهار ،وسحلهم ،واعتقالهم ،وضربهم قد كذب دعاوى االحترام والكرامة 3والتناقض بين القول بالتميز
والريادة وبين تقييد عمل المدرسين من خالل الحديث عن منح هامش معقول فقط من حرية اإلبداع
واالبتكار والحال أن اإلبداع وتقييد الحرية وجعلها على الهامش ال يجتمعان3
-من جهة أخرى نعتبر أن اللغة الموظفة في النظام األساسي مادية صرفة ،تقنية محضة ،تستعمل
عبارات مستوردة من حقل المقاولة والشركات؛ من تجليات ذلك في أوضح مثال وصف الموظفين
الممارسين بالموارد البشرية ،ورهن عملية تقييم أداء الموارد البشرية بعناصر يغلب عليها منطق
جودة المؤسسات التجارية 3وهذا إنما يرسخ توجه الدولة نحو تسليع التعليم ،وتغليب المقاربة
المقاوالتية التي ال تعي طبيعة وبنية العملية التربوية ،في حين أن المدرسة ليست مؤسسة إنتاجية،
والعملية التربوية فيها تخضع فيها العتبارات ال دخل للسوق فيها3
إذا كان النظام األساسي يراهن على التحفيز والتثمين ،فإن المقاربة المعتمدة تكاد تتوجه نحو خلق -
نوع من التمييز بين األطر والمؤسسات واستنساخ تجارب فاشلة كمدرسة الريادة التي تذكر بمدرسة
النجاح والتميز 3ولما يتم الحديث عن مسألة التحفيز المهني يتم قصر المنحة المالية الموعودة على
الفريق التربوي بمؤسسات الريادة ،ووفق شروط منها تتبع األثر على التعلمات ،وتقديم الدعم خارج
الحصص الرسمية ،كما أن فتح باب االستحقاق المهني هذا سيكون وفق شروط غير منصوص
عليها في انتظار نص تنظيمي ،بينما اقتصر على منح شواهد تقديرية لمن قام بمبادرات استثنائية3
خالصة
لقد رفع النظام األساسي على عاتقه رهان توفير ظروف العمل المالئمة التي هي شرط ال غنى عنها في
توفير األرضية األساسية للعمل التربوي المالئم ،لكنه قرن ذلك بشرط حدود اإلمكانات المتاحة مما يجعل
كل الحديث عن المكتسبات الموعودة واآلثار المنتظرة حديثا غير ذي جدوى 3ولقد كان للمقاربة المعتمدة
في بناء هذا النظام األساسي والتي حكمت بالمنطق نفسه الذي أطر كل التصورات اإلصالحية للتعليم
واجراءاتها التنزيلية؛ منطق التحكم ،وغياب اإلرادة السياسية ،والشح في التمويل ،والوقوع تحت ضغوط
المؤسسات الدولية المانحة ،أثرها في هذا الخداج الذي ولد به هذا النظام والذي أدخل المشهد التعليمي في
احتقان شديد ستكون له عواقب وخيمة على البالد في ظرفية وطنية وعالمية شديدة االضطراب والتوتر3
7
8