Professional Documents
Culture Documents
الاعتماد النستندي (2
الاعتماد النستندي (2
دولتين مختلفتين ال يعرف أحدهما اآلخر معرفة تامة ،رغم حاجتهما إلى التعامل معا،
لذلك فإن البائع ال يطمئن إلى إرسال البضاعة إال إذا تحقق أنه سيقبض ثمنها ،والمشتري
ال يطمئن إلى دفع الثمن إال إذا تحقق من وصول البضاعة إليه ،لذلك ابتدع العمل
المصرفي االعتماد المستندي الذي يؤدي نتيجة تدخل المصرف إلى طمأنة كل من
الطرفين بتنفيذ الطرف اآلخر اللتزامه ،حيث يقوم مصرف المشتري بفتح اعتماد بالثمن
لصالح البائع؛ ثم يدفع له قيمته متى أرسل له البائع مستندات البضاعة التي حددها
المشتري ،وتحقق المصرف من تطابق هذه المستندات مع تعليمات العميل اي المشتري.
يعد االعتماد المستندي عملية ائتمان قصيرة األجل ذات أهمية اقتصادية كبيرة في نطاق
عقود التجارة الدولية ،ووسيلة مضمونة لتسوية المدفوعات الناتجة عن المبادالت الدولية،
تؤمن المصالح المتعارضة للبائع والمشتري ،باعتباره أنسب الوسائل التي عرفت إلتمام
عمليات التجارة بين تجار في دولتين مختلفتين
وقد أدى اتساع حجم التجارة الخارجية بين الدول ،إلى اتساع نطاق استخدام االعتمادات
المستندية مما ادى ضرورة توحيد القواعد التي تحكم هذه االعتمادات بحيث تحدد حقوق
والتزامات ذوي الشأن مقدما بهدف تالفي الصعوبات والمنازعات التي تنشأ نتيجة
اختالف القوانين واألعراف الوطنية السائدة داخل الدول ،والتي قد تعيق التجارة الدولية.
هده الدراسات القانونية لعمليات االعتماد المستندي ليست وليدة اللحظة اوحديثة العهد بل
ضاربة في جدور التاريخ فقد برزت في مختلف القوانين العربية واالجنبية ،حيث إمتازت
بالتغيير المستمر نتيجة التطور السريع للعمليات المصرفية وظهر ذلك من خالل التعديالت
التي تضمنتها القواعد وااالتفاقات الناظمة لعقد االعتماد المستندي منذ سنة 1933م،
حيث عقدت غرفة التجارة الدولية عدة مؤتمرات لهذه الغاية ،وأثمرت جهودها إلى وضع
مجموعة األصول واألعراف الموحدة لالعتمادات المستندية بموجب مؤتمر فينا سنة
،1933وقد تم تعديل هذه القواعد في السنوات 1951و1962و 1974و
1983و 1993وأخيرا في النشرة 600التي دخلت حيز التنفيد بتاريخ
.1/7/2007
وقد لقيت هذه األصول واألعراف الدولية نجاحا كبيرا في العمل ،ولذلك فإن أغلب
التشريعات الوطنية التي نظمت أحكام االعتماد المستندي استمدت أحكامها من هذه
القواعد ،بل إن بعضها نص على أن تسري على االعتمادات التي لم يرد في شأنها نص
خاص القواعد الواردة في األعراف الموحدة لالعتمادات المستندية الصادرة عن غرفة
التجارة الدولية .غير أن األصول واألعراف الموحدة ليس لها صفة اإللزام ،وإنما يجب
االتفاق على األخذ بها بين األطراف إذ تعتبر مكملة إلرادة المتعاقدين وتسد النقص فيما
لم يتفقوا عليه ،كما يجب اإلشارة إليها في خطاب االعتماد المرسل إلى المستفيد ،كما قد
يتفق األطراف صراحة على استبعاد هذه القواعد ،حيث نصت المادة األولى من النشرة
600ان هده القواعد هي الواجبة التطبيق على أي اعتماد مستندي عندما ينص
خطاب االعتماد صراحة على أنه يخضع لهذه القواعد وان هذه القواعد ملزمة لجميع
أطرافها ما لم تعّد ل أو تستثنى صراحة في االعتماد.
وتكمن أهمية الموضوع في المكانة التي يتمتع بها االعتماد المستندي في مجال التجارة
الخارجية وما تلعبه هذه االخيرة من دور بارز في االلقتصاد كما يعتبر ٱلية مدمجة في العمل
البنكي تحمي أطراف العالقة التعاقدية .وقد زادت أهمية الموضوع نتيجة التطورات في
العالقات الدولية سيما التجارة في ظل تقدم وسائل النقل والتواصل .كما تبرز القيمة المضافة
إلعتماد المستندي في كونه ضمان قانوني يهدف باألساس الى إجبار كافة المتدخلين في هذه
العملية على حسن وضمان تنفيذ التزامها.
اذن فالحديث عن االعتماد المستندي بشيء من التفصيل يفرض التطرق الى ماهيته وطبيعته
القانونية وانواعه ،وكذا االطراف المتداخلة فيه والمتمثلة في المستورد طالب فتح االعتماد
المستندي )المشتري(و المصدر المستفيد من االعتماد) البائع( والبنك فاتح االعتماد والبنك مبلغ
االعتماد ،وكذلك التطرق إلى إلتزامات هذه األطراف المتعاقدة و الطبيعة القانونية لهذه
االلتزامات ,ونظرا الهمية عقد االعتماد المستندي في تسهيل العمليات التجاري
ةوالمصرفية ،ونظرا لما يترتب على أطراف عقد االعتماد المستندي من مسؤولية تجاه
بعضهم البعض ،ارتأينا التركيز في هذا البحث كذلك على اآلثار المترتبة على تلك اإللتزامات
في حال مخالفة أي طرف ألي إلتزام من االلتزامات ترتبت عليه بموجب عقد االعتماد
المستندي.
اذن فاإلشكالية التي يمكن طرحها في هذا الصدد تتجلى باألساس في :ما هي اسس العالقة
التعاقدية الناشئة عن عملية اإلعتماد المستندي ؟