الفِقْرة

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 14

‫كتابة الِفْقرة‬

‫بقلم ‪ :‬د‪ .‬حسين المناصرة‬

‫جامعة الملك سعود‬

‫أوًال ‪ -‬تعريف الِفْقرة ‪:‬‬

‫الِفْقرة‪ :‬مجموعة جمل مترابطة لفظًا ومعنًى ‪ ،‬تطّو ر فكرة واحدة ‪.‬وهي قد تكون نّص ًا مستقًال‪ ،‬بعنوان‬
‫مستقل‪ ،‬في أسلوب خاطرة ذات فكرة واحدة‪ ،‬أو تكون جزءًا من مقالة تتكون من عدة فقرات ‪ ،‬أو جزءًا من‬
‫بحث أو كتاب ‪...‬‬

‫ينبغي لكاتب الفقرة أن يحسن اختيار المفردات اللغوية الصحيحة‪ ،‬ويكتبها كتابة سليمة خاصة من جهة‬
‫اإلمالء؛ألن المفردة هي الوحدة الصغرى المهمة في كتابة الفقرة‪ .‬يتلو اختيار اللفظة الصحيحة أن تكون‬
‫الجملة سليمة في نحوها وتركيبها‪ ،‬ومعناها الذي يحسن السكوت عليه؛ ليتكّو ن من خالل ترابط هذه الجمل‬
‫وتسلسلها لفظًا ومعنًى الفكرة الواحدة التي تشكل بدورها الفقرة الواحدة‪.‬‬

‫إن الخاطرة ‪ -‬بصفتها فكرة أو فقرة مستقلة ‪ -‬قطعة نثرية قصيرة جدا ؛ تطرأ في ذهن كاتبها عرضا‪،‬‬
‫فتكون آنية ‪ ،‬مكثفة ؛ أي أنها تنشأ وليد ذكاء كاتبها‪ ،‬وقوة مالحظته‪ ،‬ويقظة خاطره ؛ فتلفت انتباه القارئ إلى‬
‫قصرها‪ ،‬وسرعة قراءتها ‪ ،‬واهتمامها باألشياء الصغيرة ذات الدالالت الكبيرة في الحياة‪.‬‬

‫وهذه الخاطرة شاعت في الصحافة العربية الحديثة ‪ ،‬نراها ‪ -‬تحديدًا ‪ -‬في أعمدة الزوايا أو أنصافها‪.‬‬
‫وغالبًا ما تكون عناوينها براقة ‪،‬الفتة للنظر‪ ،‬مثل ‪ " :‬ومضة " ‪ " ،‬كلمة " ‪" ،‬على الماشي"‪ " ،‬نحو النور" ‪،‬‬
‫…‬ ‫"شموع" ‪ " ،‬ما قّل ودّل "‬

‫ثانيا – شكل الفقرة ‪:‬‬

‫نميز الفقرة في الكتابة بأن نبتعد مسافة مناسبة ( يغلب أن تكون سنتمترًا واحدًا ) في أولها عن المستوى‬
‫الرأسي للكتابة من أول السطر ‪،‬ونضبط هوامشها من جهتي اليمين واليسار ضبطا يوحي بأن الكتابة‬
‫الرأسية نظام وتنظيم‪ ،‬ونضع في نهايتها نقطة أو أي عالمة ترقيم مناسبة ‪ ،‬مثل‪ ( :‬؟ ‍‍ ! ‪ . ) . . .‬ونفصل‬
‫بين الفقرة واألخرى التي تليها ( إذا كانت الفقرة غير مستقلة) بفراغ أعرض من الفراغ بين سطور الفقرة‬
‫الواحدة‪.‬‬

‫يضاف إلى الشكل الخارجي ‪ ،‬أن مراعاة الوضع الصحيح لعالمات الترقيم بين الجمل يزيد من تجميل‬
‫شكل الفقرة أو تحسينها في العين كما هو حالها في الذهن ‪.‬‬
‫أحيانًا ‪ ،‬يقع بعض الكتاب ‪ -‬عند كتابة الفقرة ‪ -‬في خطأ تقسيم الفقرة ذات الفكرة الواحدة إلى عدة أجزاء‬
‫أو فقرات ( بمعنى تفقير الفقرة ) ‪ ،‬مما يتسبب في إرباك الكتابة‪ ،‬ومن ثّم إرباك قارئ هذه الكتابة ‪.‬وقد‬
‫يحدث العكس‪ ،‬فتدمج الفقرات بعضها ببعض ‪ ،‬بحيث يظهر الموضوع المتعدد األفكار في شكل فقرة ذات‬
‫فكرة واحدة ‪.‬‬

‫الفقرة التالية كتبت صحيحة ‪،‬ثم أعدنا كتابتها مرة أخرى في عدة أجزاء ( تفقير) ؛ لتوضيح الطريقة‬
‫السلبية في تقطيع الفقرة إلى عدة فقرات من الناحية الشكلية‪:‬‬

‫الطريقة الصحيحة لكتابة الفقرة ‪:‬‬

‫" ومن البديهي أال نستطيع اإلحاطة بمهارات االتصال كّلها؛ ألن جزئياتها كثيرة متداخلة؛ وألن معالجة‬
‫الجوانب االتصالية في الدراسات اللغوية العربية غير كافية ‪ .‬ومن ثم اعتقدنا بأن باب التدقيق في الجوانب‬
‫االتصالية ما زال مشرعا ‪ ،‬يستطيع الباحثون فيه التعمق في العالقة الشائكة بين المرسل والمستقبل‪ ،‬وفي‬
‫تفسير الرسائل وتأويلها‪ .‬ولم يساورنا شك‪ ،‬ونحن نقترح ذلك‪ ،‬في أن هناك حاجة أخرى إلى التعمق في قضايا‬
‫االتصال الشفوية والمكتوبة‪ ،‬بغية تذليلها لالتصال وحده ‪ ،‬وتقديمها بطرق وأساليب أكثر قدرة على التواصل‬
‫مع العصر التقني "‪.‬‬

‫الطريقة الخاطئة لكتابة الفقرة‪:‬‬

‫" ومن البديهي أال نستطيع اإلحاطة بمهارات االتصال كّلها؛ ألن جزئياتها كثيرة متداخلة؛ وألن معالجة‬
‫الجوانب االتصالية في الدراسات اللغوية العربية غير كافية ‪.‬‬

‫ومن ثم اعتقدنا بأن باب التدقيق في الجوانب االتصالية ما زال مشرعا ‪ ،‬يستطيع الباحثون فيه التعمق في‬
‫العالقة الشائكة بين المرسل والمستقبل‪ ،‬وفي تفسير الرسائل وتأويلها‪.‬‬

‫ولم يساورنا شك‪ ،‬ونحن نقترح ذلك‪ ،‬في أن هناك حاجة أخرى إلى التعمق في قضايا االتصال الشفوية‬
‫والمكتوبة‪ ،‬بغية تذليلها لالتصال وحده ‪ ،‬وتقديمها بطرق وأساليب أكثر قدرة على التواصل مع العصر التقني‬
‫"‪.‬‬

‫وفيما يلي فقرة تحوي ثالث أفكار ؛أي ثالث فقرات‪،‬توضح الطريقة الخاطئة في كتابة المقالة المتعددة‬
‫الفقرات أو الخواطر المتعدد في فقرة أو خاطرة واحدة‪،‬على نحو ‪:‬‬

‫إن احتراف بعض المتأثرين بالفكر الغربي للتشنيع على الثقافة اإلسالمية وضرب أصولها أجفل الوعي‬
‫الشعبي منهم ‪ ،‬وجعل عامة الناس يضعون عليهم أكثر من إشارة استفهام‪ .‬وترتب على هذا أنهم فقدوا‬
‫التواصل مع الشريحة العريضة التي يزعمون أنهم يستهدفونها باإلصالح ‪ .‬ال تتسم أي ثقافة إنسانية بالصالبة‬
‫المطلقة ‪ ،‬حيث إنه ليس هناك ثقافة تستطيع الصمود إلى ماال نهاية في وجه رياح التغيير العاتية‪ .‬ومن‬
‫المالحظ أن اإلمكانات التأثيرية الهائلة التي يملكها البث الفضائي جعلت القائمين عليه والمنتجين لبرامجه ال‬
‫يبالون بثقافة الناس؛ ألنهم قادرون على صناعة ثقافة جديدة واهتمامات مغايرة ‪ .‬تظل أي ثقافة مقنعة‬
‫ومرضية ألبنائها ما لم يتفتح الوعي عليها ‪ .‬وتفتح الوعي يأتي غالبا من خالل االطالع على ثقافات أخرى‪،‬‬
‫حيث تبدأ رحلة من المقارنات والموازنات التي ال تعرف الوقوف عند أي حد‪.‬ومن خالل ذلك تبدأ الثقافة‬
‫بفقد خصوصيتها إذ تفتح المقارنة بابا من النقد يصعب إغالقه‪.‬ومع ما يحمله ذلك من مخاطر التحليل والبلبلة‬
‫إال أنه يعد أداة مهمة لطرد تعفن الثقافة وتجديد أبنيتها ‪.‬‬

‫تتكون الفقرة السابقة من ثالث فقرات‪ ،‬في كل منها فكرة مستقلة ‪ ،‬هي ‪:‬‬

‫فكرة ‪ :‬احتراف خاطئ‪:‬‬

‫إن احتراف بعض المتأثرين بالفكر الغربي للتشنيع على الثقافة اإلسالمية وضرب أصولها أجفل الوعي‬
‫الشعبي منهم ‪ ،‬وجعل عامة الناس يضعون عليهم أكثر من إشارة استفهام‪ .‬وترتب على هذا أنهم فقدوا‬
‫التواصل مع الشريحة العريضة التي يزعمون أنهم يستهدفونها باإلصالح ‪.‬‬

‫فكرة ‪ :‬صالبة منقوصة ‪:‬‬

‫ال تتسم أي ثقافة إنسانية بالصالبة المطلقة ‪ ،‬حيث إنه ليس هناك ثقافة تستطيع الصمود إلى ماال نهاية في‬
‫وجه رياح التغيير العاتية‪ .‬ومن المالحظ أن اإلمكانات التأثيرية الهائلة التي يملكها البث الفضائي جعلت‬
‫القائمين عليه والمنتجين لبرامجه ال يبالون بثقافة الناس؛ ألنهم قادرون على صناعة ثقافة جديدة واهتمامات‬
‫مغايرة ‪.‬‬

‫فكرة ‪ :‬الوعي والثقافة ‪:‬‬

‫تظل أي ثقافة مقنعة ومرضية ألبنائها ما لم يتفتح الوعي عليها ‪ .‬وتفتح الوعي يأتي غالبا من خالل االطالع‬
‫على ثقافات أخرى‪ ،‬حيث تبدأ رحلة من المقارنات والموازنات التي ال تعرف الوقوف عند أي حد ‪ .‬ومن‬
‫خالل ذلك تبدأ الثقافة بفقد خصوصيتها إذ تفتح المقارنة بابا من النقد يصعب إغالقه ‪ .‬ومع ما يحمله ذلك‬
‫من مخاطر التحليل والبلبلة إال أنه يعد أداة مهمة لطرد تعفن الثقافة وتجديد أبنيتها ‪.‬‬

‫ثالثا – حجم الفقرة ‪:‬‬


‫يتراوح حجم الفقرة بين جملة واحدة في سطر ‪ ،‬ونصف صفحة أو خمسة عشر سطرًا ‪ ،‬ولكن الحجم المثالي‬
‫لها هو ‪ :‬ما بين خمسة إلى عشرة أسطر ( أي ما بين خمسين إلى مئة كلمة)‪.‬‬

‫إن نوع الفكرة ؛ فكرة شائعة أو متخصصة ‪ ،‬فكرة بسيطة أو معقدة … هو المعيار الذي يحدد حجم‬
‫الفقرة ؛ ففكرة " طاعة الوالدين في غير معصية اهلل " فكرة شائعة‪ ،‬ال تحتاج ألكثر من خمسة أسطر ‪ ،‬تنبه‬
‫القارئ إلى ضرورة طاعة الوالدين‪ ،‬وتترك لذكائه وخبرته ما وراء السطور من معان ودالالت ‪ .‬أما فكرة‬
‫أضرار التدخين على الصحة ‪ ،‬فهي قد تحتاج إلى ما يزيد على عشرة أسطر ؛ توضح التخصص الطبي‬
‫الذي ال يدركه – على العموم – القارئ العادي ‪.‬‬

‫من هنا يمكن القول ‪ :‬ليست هناك قاعدة تتحكم في طول الفقرة وقصرها ؛ألن األمر متروك لنوعية الفكرة‬
‫وطريقة الكاتب في كتابتها‪ .‬ولعّل قاعدة الكتابة العامة ‪ " :‬خير الكالم ما قّل ودّل " ‪ ،‬تكون معيارًا جيدًا نقيس‬
‫به بالغة الكتابة في اإليجاز والوضوح ‪ ،‬وركاكتها في التطويل والغموض ‪.‬‬

‫رابعا ‪ -‬أنواع الجمل وبناؤها في الفقرة ‪:‬‬

‫تتكون الفقرة ‪ ،‬في الغالب ‪ ،‬من ثالثة أنواع من الجمل ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬الجملة الرئيسة ( أو الجملة المفتاحية) ‪ :‬وتكون ‪ ،‬عادة ‪ ،‬أول جملة في الفقرة ‪ ،‬وقد تقع في وسط الفقر ة‬
‫أو نهايتها ‪.‬يتعرف القارئ من خاللها ما يريد الكاتب أن يقوله عن مضمون الفقرة أو هدفها أو اتجاهها‪ ..‬بكل‬
‫دقة ووضوح ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬الجمل المساعدة ( الثانوية أو المساندة أو المفسرة أو المعينة) ‪ :‬وهي جمل تساند‬


‫الجملة الرئيسة ‪ ،‬وتعينها في جالء الفكرة وتطويرها ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬الجمل الفرعية ( الثالثية أو المؤكدة أو المعللة أو الداعمة ) ‪ :‬وهي جمل توسع الجمل المساعدة من‬
‫خالل‪ :‬الشرح والتوضيح‪ ،‬واالستدراك ‪،‬والتمثيل وإ يراد األدلة ‪...‬‬

‫وإ جماال ‪،‬فإن وظيفة الجمل المساعدة والفرعية أن توضح الجملة الرئيسة عن طريق تعريفها إذا احتاجت‬
‫إلى تعريف‪ ،‬أو تفريعها وتفصيلها إذا كانت مجملة ‪،‬أو توصيفها ‪ ،‬أو تفسيرها ‪ ،‬أو تمثيلها ( األمثلة)‪ ،‬أو‬
‫تكون برهنة وإ قناعًا ‪ ،‬أو حقائق وإ حصائيات ‪...‬‬

‫يعد التمييز بين أنواع الجمل من أهم الطرق المفضية إلى تلخيص الفقرة تلخيصا جيدا؛ ألن التلخيص‬
‫يعتمد على اختيار الجمل الرئيسة والمساعدة ‪ ،‬ونفي الجمل الفرعية‪.‬‬
‫كذلك ال تقل أهمية الجملة في نهاية الفقرة عن بدايتها ؛ إذ غالبًا ما تكون نهاية الفقرة مكثفة مثل بدايتها؛‬
‫كأن يذكر الكاتب في النهاية ‪ ،‬من خالل جملة أو أكثر ‪،‬الهدف من الفكرة‪،‬أو تلخيصها‪ ،‬أو التمهيد لفكرة‬
‫تالية‪.‬‬

‫لنقرأ الفقرة التالية ‪ ،‬التي كتبها أحمد أمين في كتابة " فيض الخاطر" ‪ ،‬ونتعرف من خاللها أقسام الجمل‬
‫الثالثة المشار إليها ‪:‬‬

‫(إن أهم شرط للقراءة الصحيحة أن تكون قراءة في دقة وإ معان؛ يستطعم فيها القارئ الجملة من الفصل ‪ ،‬أو‬
‫الفصل من الكتاب‪ ،‬كما يستطعم األكل اللذيذ‪ ،‬يجيد مضغه‪ ،‬ويجيد هضمه ؛ ويسائل نفسه بعد القراءة الدقيقة‬
‫لكل فصل‪":‬ماذا يريد الكاتب ؟ وهل أخطأ أو أصاب؟ وفيم أخطأ‪،‬وفيم أصاب؟وإ ذا كان قد أخطأ فما صواب ما‬
‫أخطأ فيه ؟" ‪.‬إن قراءة كتاب على هذا النهج خير من قراءة الكتب الكثيرة قراءة سطحية ‪ ،‬ال عمق فيها‪،‬وال‬
‫تفكير‪ .‬وهذه القراءة تستلزم أن يهب القارئ عقله كّله ‪ ،‬ونفسه كّلها لما يقرأ‪ ،‬فال يشغله شاغل آخر ‪ ،‬وال‬
‫تقطع تيار فكره العوارض … فقديما قالوا‪ ":‬إن العلم ال يعطيك بعضه ‪ ،‬إال إذا أعطيته كلك")‪.‬‬

‫التعليق ‪ :‬نتبين في الفقرة الجمل التالية ‪:‬‬

‫‪ - 1‬الجملة الرئيسة ‪ :‬إن أهم شرط للقراءة الصحيحة أن تكون قراءة في دقة وإ معان‪.‬‬

‫‪ – 2‬الجمل المساندة‪:‬‬

‫يستطعم فيها القارئ الجملة من الفصل أو الفصل من الكتاب ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ويسائل نفسه بعد القراءة الدقيقة لكل فصل‪ :‬ماذا يريد الكاتب؟‬ ‫‪‬‬

‫إن قراءة كتاب على هذا النهج خير من قراءة الكتب الكثيرة قراءة سطحية ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫هذه القراءة تستلزم أن يهب القارئ عقله كله ‪ ،‬ونفسه كلها لما يقرأ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ – 3‬الجمل الفرعية ‪:‬‬

‫كما يستطعم األكل اللذيذ‪ ،‬يجيد مضغه‪ ،‬ويجيد هضمه‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وهل أخطأ أو أصاب؟ ‪ ،‬وفيم أخطأ وفيم أصاب ؟ وإ ذا كان قد أخطأ فما صواب ما أخطأ فيه ؟‬ ‫‪‬‬

‫ال عمق فيها ‪ ،‬وال تفكير ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫فال يشغله شاغل آخر ‪ ،‬وال تقطع تيار فكره العوارض … فقديما قالوا‪ ":‬إّن العلم ال يعطيك‬ ‫‪‬‬
‫بعضه ‪ ،‬إال إذا أعطيته كّلك"‪.‬‬
‫خامسا ‪ -‬الروابط في الفقرة‪:‬‬

‫تتحقق قوة الترابط في أسلوب كتابة الفقرة من خالل استخدام الروابط المعنوية واللفظية والترقيم‪:‬‬

‫أ‪ -‬الربط المعنوي ‪ :‬وهو ربط ملحوظ غير ملفوظ‪ ،‬يكون عن طريق تسلسل المعنى من بداية‬
‫الفقرة إلى نهايتها ‪ ،‬ويتوافر عن طريق هذا الربط نفي الحيرة التي قد يواجهها الكاتب من خالل ‪ :‬كيف يبدأ‬
‫الفقرة؟ ومتى ينتهي من كتابتها ؟ لذلك اقترح الدارسون عدة طرق ‪ ،‬تساهم في إنشاء قوة الترابط المعنوي‬
‫( التسلسل المعنوي أو ترتيب األفكار ) في الفقرة ‪ ،‬منها ‪:‬‬

‫‪ – 1‬االنتقال من السؤال إلى الجواب‪ :‬تبدأ الفقرة بسؤال يتضمن الفكرة الرئيسة‪ ،‬ثم يجيب الكاتب عن هذا‬
‫السؤال ‪ ،‬أو يحاول اإلجابة عنه ‪.‬‬

‫مثال ‪:‬‬

‫ما القمر ؟ القمر ‪ :‬كوكب أصغر حجمًا من الشمس‪ ،‬ينير ليال ‪ ،‬فيرسل على األرض ضوءًا يهتدي به الناس‬
‫في الطريق ‪ ،‬وينتفع الزارع بضوئه ‪ ،‬فيشتغل بالزراعة ليًال ‪ .‬يبدو في أول الشهر مقوسًا ‪ ،‬ويقال له‪:‬‬
‫هالل ‪ ،‬ويزداد حجمه إلى أن يرى تام االستدارة في الليلة الرابعة عشرة‪ ،‬فيسمى بدرًا‪ ،‬ثم يعود إلى حالته‬
‫األولى تدريجًا ‪ ،‬حتى يصير حجمه في أواخر ليالي الشهر كما كان في أوائل لياليه‪ .‬ويرى في أول الشهر‬
‫بعد الغروب جهة الغرب ‪ ،‬وفي آخره قبل الفجر جهة الشرق ‪.‬‬

‫‪ - 2‬الترتيب من العام إلى الخاص ‪ :‬إصدار الحكم العام في بداية الفقرة ‪،‬ثم توضيحه وشرحه من خالل‬
‫التفصيالت والجزئيات‪.‬‬

‫مثال ‪:‬‬

‫إن الخالق ‪ -‬جّلت عظمته‪ -‬قد جعل من فضله ونعمته على اإلنسان لكل حاسة لذة ؛ فلذة النظر في تناسق‬
‫المرئيات وترتيب أجزائها‪ ،‬وذلك هو الجمال ‪ .‬ولذة الذوق في ائتالف الطعوم‪ ،‬وذلك هو العذوبة‪.‬ولذة الشم‬
‫في لطف الرائحة‪ ،‬وذلك هو الشمم‪ .‬ولذة اللمس في تناسب أجزاء الملموس‪ ،‬وذلك هو النعومة‪ .‬ولذة السمع‬
‫في انتقال الصوت وحركة توقيعه‪ ،‬وذلك هو الغناء‪.‬‬
‫‪ -3‬الترتيب من الخاص إلى العام ‪:‬تبدأ الفقرة بعرض التفصيالت والجزئيات من أجل الوصول إلى حكم عام‬
‫أو استدالل في نهاية الفقرة ؛ أي تقودنا األجزاء إلى التعميم أو الكل‪. .‬‬

‫مثال ‪:‬‬

‫نحن محتاجون إلى المياه في األكل‪ ،‬والشرب‪،‬والمسكن‪ ،‬والملبس ‪ ،‬والتنظيف ‪ ،‬والتطهير‪ .‬وإ ذا أردنا البناء‬
‫احتجنا إلى الماء‪ ،‬وإ ذا طلبنا الغذاء وجدناه في الماء‪ ،‬وإ ذا قصدنا نقي الهواء رأيناه عند الماء‪ ،‬وبه نطفئ‬
‫الحرائق‪ ،‬ونصد به عاديات الزوابع‪ ،‬ونخفف به عنا حرارة الصيف ‪ . . .‬وجماع هذا قوله تعالى ‪ :‬و"جعلنا‬
‫من الماء كل شيء حي "‪.‬‬

‫‪ -4‬الترتيب المكاني ‪ :‬يصلح هذا األسلوب في كتابة الفقرة المتكئة على الحركة المنتظمة في ترتيب‬
‫المكان أو وصفه من القريب إلى البعيد‪ ،‬أو من البعيد إلى القريب ‪ ،‬أو من األعلى إلى األسفل ‪...‬‬

‫مثال‪:‬‬

‫اليمن وسائر جزيرة العرب أرض تقل فيها األنهار والينابيع ‪ ،‬واعتماد الناس في ري مغارسهم إنما هو على‬
‫مياه األمطار ‪ ،‬فإنها تجتمع في مجاري األودية وتسيل كاألنهار ‪ ،‬فإذا انقضى الشتاء جف معظمها ‪.‬‬
‫ومالفاة لذلك كانوا يجعلون في عرض األودية سدًا من الحجر يعترض مسير الماء‪ ،‬فيجتمع فيه ويرتفع‬
‫حتى يسقي أعالي األراضي‪ ،‬وكان من جملة تلك السدود في اليمن سد كبير يقال له سد العرم‪ ،‬بناه ملوك‬
‫اليمن القدماء من حجارة ضخمة ‪ ،‬وجعلوا فيها خروقًا يصرفون منها الماء على مقدار ما يحتاجون إليه ‪،‬‬
‫وكان له حفظة يقومون بتعهده وتوزيع مياهه‪،‬فتقادم عهده حتى تصدع ‪،‬وأهمل أمره حتى تهدم ‪ ،‬وصعدت‬
‫المياه فأغرقت الحرث والنسل‪،‬وسمي ذلك السيل سيل العرم ‪.‬‬

‫‪ – 5‬الترتيب الزمني ( التصاعدي أو التنازلي)‪ :‬يصلح هذا األسلوب في كتابة الفقرة المتكئة على التسلسل‬
‫الزمني المنتظم تصاعديًا أو تنازليًا‪.‬وتتطور الكتابة من خالل سؤال ‪ :‬وماذا حصل بعد ؟‬

‫مثال ‪:‬‬

‫من المعروف أن الكتابة بدأت لتلبي حاجة اإلنسان في التواصل والتفكير والتعبير ؛ لذا بدأت في عصور‬
‫التاريخ العميقة (صورية) اقتضتها طبيعة حياة اإلنسان على وجه البسيطة‪ ،‬فترجم عن مراده بصورة ترمز‬
‫إلى الشيء المطلوب بعينه‪ ،‬فإذا أراد أن يصطاد رسم صورة أداة الصيد ‪ ،‬فإن أراد أن يفيد أكثر بأنه ذهب‬
‫يصطاد األرانب أضاف إلى الصورة األولى رسم أرنب … ومن ثم استعار هذه الصورة لترمز إلى المعاني‪،‬‬
‫فصورة األسد أصبحت ترمز إلى القوة‪ ،‬وصورة البيت ترمز إلى االستقرار والحضارة ‪ . . .‬فكانت الكتابة (‬
‫الرمزية)‪ .‬ولكنهم رأوا أن االقتصاد في صور التعبير أمر ال بد منه‪ ،‬عندما تعددت المشاغل وارتقى الفكر‬
‫اإلنساني‪ ،‬فاستغنوا بالصورة عن أول حرف في الشيء‪ ،‬فصورة البيت تدل على أول حرف منه‪ ،‬وصورة‬
‫الطعام تدل على الحرف األول منه‪ ،‬وتطور األمر حتى صارت الصورة تدل على مقطع‪ ،‬فصورة اليد تدل‬
‫على مقطع ( يد)‪،‬وصورة العين تمثل (ع)‪ ،‬فإذا جمعتا صارت ( يدع)… إلى أن كانت الكتابة (المقطعية) التي‬
‫تطورت إلى الطور الصوتي الذي صار الرسم يدل على أول حرف فيه‪ ،‬فمجموع الرسوم يشكل الكلمة أو‬
‫الكالم المراد التعبير عنه‪ ،‬فإن أراد كلمة ( شكر) مثال استعان برسم شجرة ليدل على حرف (ش)‪ ،‬ورسم‬
‫كرة ليدل على حرف (ك)‪ ،‬ورسم رجل ليدل على حرف (ر)‪.‬فمن مجموع الرسوم وترتيبها تفهم الكلمة‪ ،‬وهذه‬
‫المرحلة تمثل المرحلة ( الصوتية)‪ .‬وبتقدم الوسائل واألساليب تطورت هذه الرموز الصورية إلى أخرى‬
‫اصطنع منها اإلنسان ( األبجدية)‪ ،‬التي كانت مفتاح الكتابة الحقيقية التي نعرفها اليوم‪ ،‬والكتابة العربية نتاج‬
‫هذا اإلنجاز الحضاري لإلنسان على مّر العصور ‪.‬‬

‫‪ _ 6‬الترتيب من البسيط إلى المعقد ‪ :‬إن أبسط طريقة منطقية للشرح أن تبدأ الفقرة بالبسيط‪ ،‬وتتسلسل‬
‫للوصول إلى المعقد ‪.‬‬

‫مثال‪:‬‬

‫كانت الناس في قديم الزمان تعتقد أن الطاعون من وخزات الجن برماحها‪ ،‬وأن ال شيء يقوى على رد تلك‬
‫الرماح القوية الخفية عن العيون‪ .‬ولكن البحث أوصلهم اليوم إلى اليقين بأن الطاعون جراثيم قتالة ‪ ،‬ال تدركها‬
‫العيون المجردة‪ ،‬وأن لها وخزًا خفيفًا دونه وخز الرماح‪ ،‬إال أنهم استعانوا بالعلم‪ ،‬فصنعوا آلة تجسم األشياء‬
‫الدقيقة‪ ،‬وتعظمها‪ ،‬وتبرزها مرئية للعين ؛ فوقفوا بها على حقيقة ذلك الوباء ‪ ،‬واستنتجوا طرق الوقاية منه ‪،‬‬
‫فتذرعوا لدفع أذاه ‪ ،‬ورد غائلته ‪.‬‬

‫‪ - 7‬الترتيب من المألوف إلى غير المألوف ‪:‬إذا كانت الفقرة ستتناول فكرة غير مألوفة ؛ فإنه ينبغي أن‬
‫تبدأ بما هو مألوف للوصول إلى غير المألوف ‪.‬‬

‫مثال ‪:‬‬

‫كان في غابر األزمان ثالثة أشخاص سائرين ‪ ،‬فوجدوا كنزا يتألأل أمام أعينهم ‪،‬فمكثوا بجانبه وقالوا‪:‬قد جعنا‬
‫واشتد ظمؤنا وسئمنا من التعب ‪ ،‬فليمض امرؤ منا ليبتاع لنا ما نأكله‪ ،‬فمضى أحدهم‪ ،‬وبينما هو ذاهب أضمر‬
‫في نفسه لهما سوءًا يسوءهما به ‪ ،‬وقال ‪ :‬الصواب أن أدس السم في الدسم ليأكاله؛ فيموتا‪ ،‬وأنفرد بالكنـز‬
‫دونهما ‪ .‬ثم أتبع القول بالفعل ‪ .‬وكان الرجالن اآلخران متواطئين على أنه إذا رجع بالطعام قتاله‪ ،‬وانفردا‬
‫بالكنز دونه‪ ،‬فلما وصل إليهما وثبا عليه وقتاله‪ ،‬وأكال من الطعام المسموم ‪ ،‬فوقعا في سوء عملهما‪ ،‬فلما‬
‫اجتاز بذلك المكان أحد الحكماء مع أصدقائه ‪ ،‬قال لهم مشيرا إلى الكنـز ‪:‬هذه الدنيا ‪ ،‬فانظروا كيف قتلت‬
‫هؤالء الثالثة‪ ،‬وبقيت بعدهم ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬الروابط اللفظية ‪ ،‬وهي ألفاظ تستخدم بين الجمل ‪ ،‬فتربط بينها ربطا لفظيا ظاهرًا ‪ ،‬وهي‬
‫الروابط التالية ‪:‬‬

‫‪ .1‬حروف العطف ‪ :‬الواو ‪ ،‬الفاء‪ ،‬ثم ‪ ،‬حتى ‪ ،‬أو ‪ ،‬أم‪ ،‬بل ‪،‬ال‪،‬لكن ‪.‬‬

‫ليس بوسعنا مناقشة الربط بين الجمل من خالل استخدام حروف العطف؛ ألن هذا الموضوع يحتاج إلى‬
‫صفحات كثيرة‪.‬لكننا نشير إلى أن الواو تعد من بينها األهم ؛ ألنها ال تقتصر على الربط بين جملتين فقط ‪،‬‬
‫بل تتعدى ذلك إلى إشراك الجملة الثانية في حكم الجملة األولى ؛ ويعد موضوع إثباتها بين الجمل أو‬
‫إسقاطها موضوعًا رئيسًا في البالغة العربية ‪ ،‬يطلق عليه‪ ":‬معرفة الوصل والفصل"‪.‬‬

‫فيما يلي بعض أمثلة الوصل ‪:‬‬

‫‪ ‬دليل عقل المرء فعله ‪ ،‬ودليل علمه قوله ‪ ( .‬بين جملتين خبريتين بينهما تناسب في المعنى)‬

‫يوم لنا ‪ ،‬ويوم علينا ( بين جملتين خبريتين بينهما تضاد في المعنى)‬ ‫‪‬‬

‫خذ من الدهر ما صفا ‪ ،‬ومن العيش ما كفى‪ (.‬بين جملتين إنشائيتين بينهما تناسب في المعنى)‬ ‫‪‬‬

‫اذكر النعمة القديمة عليك ‪ ،‬وانس النعمة الجديدة لك ‪ (.‬بين جملتين إنشائيتين بينهما تضاد في المعنى)‬ ‫‪‬‬

‫ومن أمثلة الفصل ‪:‬‬

‫‪ ‬ارحلوا أيها األشرار ‪ ،‬ال تقيموا بيننا ‪ ( .‬بين جملتين إنشائيتين الثانية بدل من األولى)‬

‫عليكم باالجتهاد ‪ ،‬عليكم باالجتهاد ( بين جملتين إنشائيتين الثانية توكيد لألولى) ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫دع اللوم ؛ إن اللوم عون النوائب‪ ( .‬بين جملتين تختلفان في الخبر‬ ‫‪‬‬
‫واإلنشاء)‪.‬‬

‫‪ .2‬األسماء الموصولة ‪ :‬الذي ‪ ،‬التي ‪ ،‬اللذان ‪ ،‬اللتان ‪ ،‬الذين ‪ ،‬الالئي‪ ،‬الالتي‪ ،‬األولى‪ ،‬من ‪ ،‬ما ‪ ،‬أي ‪.‬‬

‫‪ .3‬الضمائر ‪ :‬الضمائر المنفصلة ‪ ،‬والمتصلة ‪ ،‬والمستترة‪.‬‬

‫‪ -‬المنفصلة ‪ :‬ضمائر الرفع ‪ :‬هو‪ ،‬هي‪ ،‬هما ‪ ،‬هم ‪ ،‬هّن ‪ ،‬أنَت ‪ ،‬أنِت ‪ ،‬أنتما ‪ ،‬أنتم‪ ،‬أنتن‪ ،‬أنا‪ ،‬نحن ؛ وضمائر‬
‫النصب ‪ :‬إياه‪ ،‬إياها‪ ،‬إياهما ‪ ،‬إياهم ‪ ،‬إياهّن ‪ ،‬إياَك ‪ ،‬إياِك ‪،‬إياكما ‪ ،‬أياكم‪ ،‬إياكن‪،‬إياي‪ ،‬إيانا ‪.‬‬
‫‪ -‬المتصلة ‪:‬تاء الفاعل‪ ،‬ألف االثنين‪ ،‬واو الجماعة ‪ ،‬نون النسوة ‪ ،‬ياء المخاطبة‪ ،‬ياء المتكلم ‪ ،‬كاف الخطاب‬
‫‪ ،‬هاء الغيبة‪ ،‬نا الفاعلين أو المفعولين ‪.‬‬

‫المستترة ‪ :‬تقدر بـ ‪ :‬هو ‪ ،‬هي ‪ ،‬أنا ‪ ،‬نحن ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تستخدم الضمائر عوضا عن األسماء والصفات التي ال لزوم لتكرارها ؛ التكرار الذي يجعل الكتابة مطولة‬
‫ركيكة‪ ،‬ومثال ذلك ‪:‬‬

‫ليس كل موضوع يستحق الجهد الذي سيبذل في هذا الموضوع‪ (.‬جملة مطولة ركيكة)‬

‫ليس كل موضوع يستحق الجهد الذي سيبذل فيه ‪ ( .‬جملة صحيحة)‬

‫‪ .4‬حرفا التفسير ‪ :‬أْن ‪ ،‬أي ‪.‬‬

‫‪ .5‬حرفا االستئناف ‪ :‬الفاء ‪ ،‬والواو‪.‬‬

‫‪ .6‬حرف التفصيل ‪ :‬أما ‪.‬‬

‫‪ .7‬الروابط الخاصة ‪ ،‬مثل ‪ :‬حيث‪ ،‬كما ‪ ،‬كما أن‪،‬ال سيما‪ ،‬على أن ‪ ،‬بما أن‪ ،‬لذلك‪،‬مع ذلك ‪ ،‬باإلضافة إلى ‪،‬‬
‫أحرى وأولى‪،‬إن قيل ‪ ،‬ألن ‪ ،‬إنما‪ ،‬ليس هذا ‪،‬إذا كان ‪ ،‬بالنسبة إلى سواهم ‪ ،‬أنت إذن ‪ ،‬من ناحية أخرى‪ ،‬من‬
‫ثّم ‪،‬أيضا‪ ،‬على العكس من ذلك‪ ،‬بناء على ذلك ‪ ،‬بناء عليه‪ ،‬من هنا‪،‬إذن ‪،‬مما سبق‪،‬بسبب‪،‬لقد ‪ ،‬من أجل‬
‫هذا‪،‬أخيرا‪ ،‬كذلك ‪،‬على الرغم من‪ ،‬يجدر ‪ ،‬إليضاح‪ ،‬مثال آخر ‪ ،‬يبدو ‪ ،‬يظهر‪،‬يتبين‪ ،‬يتجلى ‪ ،‬الحق‪ ،‬الحقيقة‪،‬‬
‫بالنسبة لـ‪ ،‬يجب ‪ ،‬ينصح ‪،‬في هذه األضواء‪،‬وعندما‪ ،‬وحينما ‪،‬يالحظ‪ ،‬يستنتج من هذا ‪ ،‬من الضروري‪ ،‬من‬
‫المهم ‪ ،‬مما يؤكد ذلك‪ ،‬يمكن ‪ ،‬إذا كان‪،‬على العموم ‪ ،‬عموما ‪،‬ينبغي ‪...‬‬

‫ويمكن أن تنقسم الروابط الخاصة إلى عدة أنواع حسب وظيفتها في الكتابة ‪ ،‬منها ‪:‬‬

‫روابط التعداد ‪ ،‬التي تتعلق بترتيب األفكار وتنظيمها ‪ ،‬مثل ‪ :‬أوال‪ ،‬ثانيا‪ ،‬في المقام األول‪ ،‬أخيرا ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫السبب األول ‪ ،‬العامل األول ‪...‬‬

‫روابط االستنتاج ‪ ،‬مثل ‪ :‬ولهذا ‪ ،‬ولذلك ‪ ،‬ونتيجة لذلك‪ ،‬وهكذا نستنتج ما يلي ‪ ،‬واالستنتاج الحاصل هو‬ ‫‪‬‬
‫‪ ،‬والنتيجة هي ‪...‬‬

‫روابط التلخيص التي تستخدم في نهاية الفقرة أو المقالة ‪ ،‬مثل ‪ :‬وخالصة القول ‪ ،‬ومحصلة الكالم‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وباختصار ‪ ،‬والخالصة ‪ ،‬ونوجز القول ‪ ،‬ونخلص إلى أن‪...‬‬
‫‪ ‬روابط االستطراد التي تستخدم إلضافة معنى جديد‪ ،‬مثل ‪ :‬فضال عما سبق ‪ ،‬باإلضافة إلى هذا ‪ ،‬يضاف‬
‫إلى ذلك ‪ ،‬كما أن ‪...‬‬

‫روابط االستدراك ‪ ،‬مثل ‪ :‬وعلى الرغم من ذلك ‪ ،‬وعلى أية حال‪،‬ومهما يكن من أمر ‪...‬‬ ‫‪‬‬

‫روابط السببية ‪ ،‬مثل ‪ :‬وسبب هذا ‪ ،‬ويعود السبب إلى ‪ ، ،‬ويعود األمر إلى ‪ ،‬ويعزى األمر إلى ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫والسبب هو ‪...‬‬

‫روابط الجواب ‪ ،‬مثل ‪ :‬والجواب على ذلك ‪...‬‬ ‫‪‬‬

‫روابط التمثيل ‪ ،‬مثل ‪ :‬ومثال ذلك ‪ ،‬وعلى سبيل المثال ‪...‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬روابط االستفهام ‪ ،‬مثل ‪ :‬والسؤال هو ‪ ،‬ونتساءل ‪ ،‬ولكننا نسأل فنقول ‪...‬‬

‫ج – الروابط اإلشارية ( الترقيم ) ‪ :‬وهي تكسب الكتابة حياة وحركة وجمالية خاصة ‪(.‬سيخصص الفصل‬
‫التالي لعالمات الترقيم )‪.‬‬

‫سادسا ‪ -‬شروط الفقرة الجيدة ‪:‬‬

‫أ – سالمة المفردات والتراكيب إمالء‪ ،‬وتصريفا ‪،‬ونحوا ‪،‬ونحو ذلك ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬اإليجاز الذي ال يخل بالمعنى ‪ ،‬فيجعله مبهمًا أو غامضًا‪...‬ويتحقق اإليجاز من خالل خلو الفقرة‬
‫من تكرار األلفاظ والمعاني التي تخّل بتوازن الفقرة ‪،‬فتجعلها ركيكة ضعيفة‪.‬‬

‫ج‪ -‬الوضوح واالبتعاد عن الغموض والتعقيد؛ ألن اللغة الواضحة السليمة المترابطة تنتج‬

‫فكرة واضحة متسلسلة ‪.‬‬

‫د – الوحدة في الفكرة الرئيسة واســتقاللها من خالل االبتعــاد عن االســتطراد الــذي يفضــي إلى الترهــل‬
‫والتشتت ‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬التنــوع من خالل اســتخدام أســاليب متعــددة في تطــوير الجمــل داخــل الفقرة؛ بقصد الوضــوح‬
‫والدقة‪ ،‬واالبتعاد عن التراكم اإلنشائي ‪ ،‬والتداعيات اللغوية التي تعوق تطور الفقرة ‪.‬‬

‫و – التماس ك من خالل ق وة الرتاب ط املعن وي والعض وي ( اللفظي وال رتقيم ) بني اجلم ل على مس توى الص ياغة اللغوي ة؛‬
‫إلظهار فكرة واحدة متماسكة‪.‬‬

‫ز – حسن الرتتيب واالنتظام احلركي داخل الفقرة بشكل منطقي‪.‬‬

‫ح – أن يكون شكل الفقرة بارزا للعني ‪ ،‬مستقًال بنفسه من خالل مراعاة سالمة بناء شكلها اخلارجي ‪.‬‬

‫ط ‪ -‬إذا كانت الفقرة جزءًا من مقالة أو حبث ‪ ،‬فينبغي أن يتحقق بني الفقرات املتجاورة اّتصال وترابط؛ حبيث تكون كل‬
‫الفقرات يف خدمة املوضوع وإظهاره‪.‬‬

‫سابعا ‪ :‬نموذجان من الفقرة المستقلة ( الخاطرة ) ‪:‬‬

‫اإلنسانية‬

‫ما ألطف كلمة اإلنسانية في الدنيا ‪ ،‬وما أشرحها لصدور سامعيها‪ ،‬وما أسكن الخواطر إليها ! كان ينبغي‬
‫أن يكون موضوع اإلنسانية أهم درس يعّو ل عليه في التعليم‪ ،‬ويلقنه الطلبة منذ الحداثة ؛ تقويمًا ألخالق‬
‫األمم‪،‬وتلطيفًا من شر النوع البشري ‪ ،‬الذي يكاد متمدينوه ( فما ظنك بغير المتمدينيين؟!) يبتلعون أبناء‬
‫طينتهم طمعا وشراهة‪.‬لقد كان البحث في اإلنسانية ‪ ،‬وواجبات اإلنسان أجدر بعناية المتمدينة من البحث عن‬
‫تركيب المواد المستأصلة للنوع‪ ،‬واختراع المهلكات الجارفة لبني اإلنسان‪ ،‬ومن االفتخار بإتقان فن الطيران‬
‫للقذف بالموت من فوق رءوس الناس ‪.‬‬

‫وحش في غير لقب‬

‫اإلنسان أشد الحيوانات ضراوة‪ ،‬يفترس من البر والبحر والهواء‪،‬وما هو بمضطر كاضطرار الوحوش إذ‬
‫ترد عنها قوارص السغب‪،‬ولكن ليتلذذ ويتفكه بتنوع األلوان واختالف الطعام ‪.‬وكما أن السبع قد يغتال‬
‫فريسته من أجل نهشة من اللحم ‪،‬كذلك إنساننا قد يسطو على شرف أخيه وطمأنينته‪ ،‬فيسلبهما منه من‬
‫أجل لذة فارغة ‪ ،‬ال يضيره االستغناء عنها ‪.‬فالوحشية ليست في البرثن والناب أكثر منها في الشوكة‬
‫والسكين‪ ،‬وليست هي في الفتك واالغتيال بأقبح منها في اإلفك واالحتيال‪.‬‬
‫يتضح ‪ ،‬بعد قراءة الخاطرتين السابقتين ‪ ،‬أن أبرز الخصائص الفنية للخاطرة ‪ ،‬تتمثل في اآلتي‪:‬‬

‫‪– 1‬يف كل منهما فكرة واحدة ‪ ،‬يرتتب عليها وحدة االنطباع والتأثري‪.‬‬

‫‪– 2‬القصر واإلجياز‪.‬‬

‫‪– 3‬األسلوب املركز ‪ ،‬والتعبري املقتصد ‪ ،‬واللغة املكثفة ‪.‬‬

‫‪ – 4‬ال يغلب عليهما التأمل أو التحليل العميق ‪.‬‬

‫‪ – 5‬يوجد فيهما روح التهكم والسخرية‪ ،‬وعدم الرضا عن الواقع ‪..‬‬

‫المراجع ‪:‬‬

‫إبراهيم صبيح وآخرون ‪ :‬فن الكتابة والتعبري‪ ،‬عمان ‪.1997 ،‬‬ ‫‪-1‬‬

‫أمحد طاهر حسنني وآخرون ‪ :‬األساس يف التحرير الكتايب ‪ ،‬دار الفكر العريب ‪ ،‬القاهرة ‪.1999 ،‬‬ ‫‪-2‬‬

‫أمحد اهلامشي ‪ :‬املفرد العلم يف رسم القلم ‪ ،‬دار املغين ‪ ،‬الرياض ‪.1998 ،‬‬ ‫‪-3‬‬

‫حسين حممود وآخرون ‪ :‬فنون النثر العريب احلديث (‪ ، )1‬منشورات جامعة القدس املفتوحة ‪ ،‬عمان ‪.1995 ،‬‬ ‫‪-4‬‬

‫حسني علي حممد‪ :‬التحرير األديب؛ دراسات نظرية ومناذج أدبية‪ ،‬مكتبة العبيكان ‪ ،‬الرياض ‪.1996 ،‬‬ ‫‪-5‬‬

‫رضا سيد أمحد ‪ :‬فن الكتابة ‪،‬دار البيان العريب‪ ،‬بريوت ‪.1993 ،‬‬ ‫‪-6‬‬

‫‪ -7‬زه دي أب و خلي ل ونبي ل أب و حلتم ‪ :‬املرش د يف كتاب ة اإلنش اء لطالب املرحل تني اإلعدادي ة والثانوي ة‪ ،‬مط ابع الدوح ة احلديث ة ‪،‬‬
‫قطر ‪. 1984 ،‬‬

‫مسر الفيصل وحممد مجل ‪ :‬مهارات االتصال يف اللغة العربية ‪ ،‬دار الكتاب اجلامعي‪ ،‬العني ‪.2004 ،‬‬ ‫‪-8‬‬

‫عبد العاطي شليب ‪ :‬فن الكتابة ‪،‬املكتب اجلامعي احلديث‪ ،‬اإلسكندرية‪.2001 ،‬‬ ‫‪-9‬‬

‫عبد القادر أبو شريفة ‪ :‬الكتابة الوظيفية ‪ ،‬دار حنني ‪ ،‬عمان ‪.1994 ،‬‬ ‫‪-10‬‬

‫عثمان الفريح وأمحد رضوان ‪ :‬التحرير العريب‪ ،‬مكتبة العبيكان ‪،‬الرياض‪ ،‬ط‪.2002 ،7‬‬ ‫‪-11‬‬

‫غازي براكس ‪ :‬فن الكتابة الصحيحة ‪ ،‬املؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بريوت ‪.1984 ،‬‬ ‫‪-12‬‬

‫فارس عيسى وياسني عايش‪:‬قواعد الكتابة العربية والرتقيم ‪،‬مشورات جامعة القدس املفتوحة ‪ ،‬عمان‪.1993،‬‬ ‫‪-13‬‬
‫حممد أبو محدة ‪ :‬فن الكتابة والتعبري‪ ،‬مكتبة األقصى ‪ ،‬عمان ‪،‬ط‪.1987 ،2‬‬ ‫‪-14‬‬

‫حممد الشنطي ‪ :‬فن التحرير العريب ؛ ضوابطه وأمناطه ‪،‬دار األندلس ‪ ،‬حائل ‪ ،‬ط‪.2001 ،5‬‬ ‫‪-15‬‬

‫موس وعة األدب الع ريب الس عودي احلديث‪ :‬املقال ة ( إع داد ‪ :‬م رزوق بن تنب اك ) ‪ ،‬املف ردات للنش ر والتوزي ع‪ ،‬الري اض ‪،‬‬ ‫‪-16‬‬
‫‪.2001‬‬

‫نصرت عبد الرمحن وآخرون ‪:‬اللغة العربية (‪ ، )1‬منشورات جامعة القدس املفتوحة‪ ،‬عمان‪.1990 ،‬‬ ‫‪-17‬‬

‫نصرت عبد الرمحن وآخرون ‪ :‬اللغة العربية (‪، )2‬منشورات جامعة القدس املفتوحة‪ ،‬عمان ‪ ،‬ط‪. 2002 ، 2‬‬ ‫‪-18‬‬

‫عبد الكرمي بكار ‪ 174 :‬بصرية يف الثقافة والنهضة واحلضارة دار اإلعالم ‪ ،‬عمان‪. 2003،‬‬ ‫‪-19‬‬

You might also like