Professional Documents
Culture Documents
الفِقْرة
الفِقْرة
الفِقْرة
الِفْقرة :مجموعة جمل مترابطة لفظًا ومعنًى ،تطّو ر فكرة واحدة .وهي قد تكون نّص ًا مستقًال ،بعنوان
مستقل ،في أسلوب خاطرة ذات فكرة واحدة ،أو تكون جزءًا من مقالة تتكون من عدة فقرات ،أو جزءًا من
بحث أو كتاب ...
ينبغي لكاتب الفقرة أن يحسن اختيار المفردات اللغوية الصحيحة ،ويكتبها كتابة سليمة خاصة من جهة
اإلمالء؛ألن المفردة هي الوحدة الصغرى المهمة في كتابة الفقرة .يتلو اختيار اللفظة الصحيحة أن تكون
الجملة سليمة في نحوها وتركيبها ،ومعناها الذي يحسن السكوت عليه؛ ليتكّو ن من خالل ترابط هذه الجمل
وتسلسلها لفظًا ومعنًى الفكرة الواحدة التي تشكل بدورها الفقرة الواحدة.
إن الخاطرة -بصفتها فكرة أو فقرة مستقلة -قطعة نثرية قصيرة جدا ؛ تطرأ في ذهن كاتبها عرضا،
فتكون آنية ،مكثفة ؛ أي أنها تنشأ وليد ذكاء كاتبها ،وقوة مالحظته ،ويقظة خاطره ؛ فتلفت انتباه القارئ إلى
قصرها ،وسرعة قراءتها ،واهتمامها باألشياء الصغيرة ذات الدالالت الكبيرة في الحياة.
وهذه الخاطرة شاعت في الصحافة العربية الحديثة ،نراها -تحديدًا -في أعمدة الزوايا أو أنصافها.
وغالبًا ما تكون عناوينها براقة ،الفتة للنظر ،مثل " :ومضة " " ،كلمة " " ،على الماشي" " ،نحو النور" ،
… "شموع" " ،ما قّل ودّل "
نميز الفقرة في الكتابة بأن نبتعد مسافة مناسبة ( يغلب أن تكون سنتمترًا واحدًا ) في أولها عن المستوى
الرأسي للكتابة من أول السطر ،ونضبط هوامشها من جهتي اليمين واليسار ضبطا يوحي بأن الكتابة
الرأسية نظام وتنظيم ،ونضع في نهايتها نقطة أو أي عالمة ترقيم مناسبة ،مثل ( :؟ ! . ) . . .ونفصل
بين الفقرة واألخرى التي تليها ( إذا كانت الفقرة غير مستقلة) بفراغ أعرض من الفراغ بين سطور الفقرة
الواحدة.
يضاف إلى الشكل الخارجي ،أن مراعاة الوضع الصحيح لعالمات الترقيم بين الجمل يزيد من تجميل
شكل الفقرة أو تحسينها في العين كما هو حالها في الذهن .
أحيانًا ،يقع بعض الكتاب -عند كتابة الفقرة -في خطأ تقسيم الفقرة ذات الفكرة الواحدة إلى عدة أجزاء
أو فقرات ( بمعنى تفقير الفقرة ) ،مما يتسبب في إرباك الكتابة ،ومن ثّم إرباك قارئ هذه الكتابة .وقد
يحدث العكس ،فتدمج الفقرات بعضها ببعض ،بحيث يظهر الموضوع المتعدد األفكار في شكل فقرة ذات
فكرة واحدة .
الفقرة التالية كتبت صحيحة ،ثم أعدنا كتابتها مرة أخرى في عدة أجزاء ( تفقير) ؛ لتوضيح الطريقة
السلبية في تقطيع الفقرة إلى عدة فقرات من الناحية الشكلية:
" ومن البديهي أال نستطيع اإلحاطة بمهارات االتصال كّلها؛ ألن جزئياتها كثيرة متداخلة؛ وألن معالجة
الجوانب االتصالية في الدراسات اللغوية العربية غير كافية .ومن ثم اعتقدنا بأن باب التدقيق في الجوانب
االتصالية ما زال مشرعا ،يستطيع الباحثون فيه التعمق في العالقة الشائكة بين المرسل والمستقبل ،وفي
تفسير الرسائل وتأويلها .ولم يساورنا شك ،ونحن نقترح ذلك ،في أن هناك حاجة أخرى إلى التعمق في قضايا
االتصال الشفوية والمكتوبة ،بغية تذليلها لالتصال وحده ،وتقديمها بطرق وأساليب أكثر قدرة على التواصل
مع العصر التقني ".
" ومن البديهي أال نستطيع اإلحاطة بمهارات االتصال كّلها؛ ألن جزئياتها كثيرة متداخلة؛ وألن معالجة
الجوانب االتصالية في الدراسات اللغوية العربية غير كافية .
ومن ثم اعتقدنا بأن باب التدقيق في الجوانب االتصالية ما زال مشرعا ،يستطيع الباحثون فيه التعمق في
العالقة الشائكة بين المرسل والمستقبل ،وفي تفسير الرسائل وتأويلها.
ولم يساورنا شك ،ونحن نقترح ذلك ،في أن هناك حاجة أخرى إلى التعمق في قضايا االتصال الشفوية
والمكتوبة ،بغية تذليلها لالتصال وحده ،وتقديمها بطرق وأساليب أكثر قدرة على التواصل مع العصر التقني
".
وفيما يلي فقرة تحوي ثالث أفكار ؛أي ثالث فقرات،توضح الطريقة الخاطئة في كتابة المقالة المتعددة
الفقرات أو الخواطر المتعدد في فقرة أو خاطرة واحدة،على نحو :
إن احتراف بعض المتأثرين بالفكر الغربي للتشنيع على الثقافة اإلسالمية وضرب أصولها أجفل الوعي
الشعبي منهم ،وجعل عامة الناس يضعون عليهم أكثر من إشارة استفهام .وترتب على هذا أنهم فقدوا
التواصل مع الشريحة العريضة التي يزعمون أنهم يستهدفونها باإلصالح .ال تتسم أي ثقافة إنسانية بالصالبة
المطلقة ،حيث إنه ليس هناك ثقافة تستطيع الصمود إلى ماال نهاية في وجه رياح التغيير العاتية .ومن
المالحظ أن اإلمكانات التأثيرية الهائلة التي يملكها البث الفضائي جعلت القائمين عليه والمنتجين لبرامجه ال
يبالون بثقافة الناس؛ ألنهم قادرون على صناعة ثقافة جديدة واهتمامات مغايرة .تظل أي ثقافة مقنعة
ومرضية ألبنائها ما لم يتفتح الوعي عليها .وتفتح الوعي يأتي غالبا من خالل االطالع على ثقافات أخرى،
حيث تبدأ رحلة من المقارنات والموازنات التي ال تعرف الوقوف عند أي حد.ومن خالل ذلك تبدأ الثقافة
بفقد خصوصيتها إذ تفتح المقارنة بابا من النقد يصعب إغالقه.ومع ما يحمله ذلك من مخاطر التحليل والبلبلة
إال أنه يعد أداة مهمة لطرد تعفن الثقافة وتجديد أبنيتها .
تتكون الفقرة السابقة من ثالث فقرات ،في كل منها فكرة مستقلة ،هي :
إن احتراف بعض المتأثرين بالفكر الغربي للتشنيع على الثقافة اإلسالمية وضرب أصولها أجفل الوعي
الشعبي منهم ،وجعل عامة الناس يضعون عليهم أكثر من إشارة استفهام .وترتب على هذا أنهم فقدوا
التواصل مع الشريحة العريضة التي يزعمون أنهم يستهدفونها باإلصالح .
ال تتسم أي ثقافة إنسانية بالصالبة المطلقة ،حيث إنه ليس هناك ثقافة تستطيع الصمود إلى ماال نهاية في
وجه رياح التغيير العاتية .ومن المالحظ أن اإلمكانات التأثيرية الهائلة التي يملكها البث الفضائي جعلت
القائمين عليه والمنتجين لبرامجه ال يبالون بثقافة الناس؛ ألنهم قادرون على صناعة ثقافة جديدة واهتمامات
مغايرة .
تظل أي ثقافة مقنعة ومرضية ألبنائها ما لم يتفتح الوعي عليها .وتفتح الوعي يأتي غالبا من خالل االطالع
على ثقافات أخرى ،حيث تبدأ رحلة من المقارنات والموازنات التي ال تعرف الوقوف عند أي حد .ومن
خالل ذلك تبدأ الثقافة بفقد خصوصيتها إذ تفتح المقارنة بابا من النقد يصعب إغالقه .ومع ما يحمله ذلك
من مخاطر التحليل والبلبلة إال أنه يعد أداة مهمة لطرد تعفن الثقافة وتجديد أبنيتها .
إن نوع الفكرة ؛ فكرة شائعة أو متخصصة ،فكرة بسيطة أو معقدة … هو المعيار الذي يحدد حجم
الفقرة ؛ ففكرة " طاعة الوالدين في غير معصية اهلل " فكرة شائعة ،ال تحتاج ألكثر من خمسة أسطر ،تنبه
القارئ إلى ضرورة طاعة الوالدين ،وتترك لذكائه وخبرته ما وراء السطور من معان ودالالت .أما فكرة
أضرار التدخين على الصحة ،فهي قد تحتاج إلى ما يزيد على عشرة أسطر ؛ توضح التخصص الطبي
الذي ال يدركه – على العموم – القارئ العادي .
من هنا يمكن القول :ليست هناك قاعدة تتحكم في طول الفقرة وقصرها ؛ألن األمر متروك لنوعية الفكرة
وطريقة الكاتب في كتابتها .ولعّل قاعدة الكتابة العامة " :خير الكالم ما قّل ودّل " ،تكون معيارًا جيدًا نقيس
به بالغة الكتابة في اإليجاز والوضوح ،وركاكتها في التطويل والغموض .
أ -الجملة الرئيسة ( أو الجملة المفتاحية) :وتكون ،عادة ،أول جملة في الفقرة ،وقد تقع في وسط الفقر ة
أو نهايتها .يتعرف القارئ من خاللها ما يريد الكاتب أن يقوله عن مضمون الفقرة أو هدفها أو اتجاهها ..بكل
دقة ووضوح .
ج -الجمل الفرعية ( الثالثية أو المؤكدة أو المعللة أو الداعمة ) :وهي جمل توسع الجمل المساعدة من
خالل :الشرح والتوضيح ،واالستدراك ،والتمثيل وإ يراد األدلة ...
وإ جماال ،فإن وظيفة الجمل المساعدة والفرعية أن توضح الجملة الرئيسة عن طريق تعريفها إذا احتاجت
إلى تعريف ،أو تفريعها وتفصيلها إذا كانت مجملة ،أو توصيفها ،أو تفسيرها ،أو تمثيلها ( األمثلة) ،أو
تكون برهنة وإ قناعًا ،أو حقائق وإ حصائيات ...
يعد التمييز بين أنواع الجمل من أهم الطرق المفضية إلى تلخيص الفقرة تلخيصا جيدا؛ ألن التلخيص
يعتمد على اختيار الجمل الرئيسة والمساعدة ،ونفي الجمل الفرعية.
كذلك ال تقل أهمية الجملة في نهاية الفقرة عن بدايتها ؛ إذ غالبًا ما تكون نهاية الفقرة مكثفة مثل بدايتها؛
كأن يذكر الكاتب في النهاية ،من خالل جملة أو أكثر ،الهدف من الفكرة،أو تلخيصها ،أو التمهيد لفكرة
تالية.
لنقرأ الفقرة التالية ،التي كتبها أحمد أمين في كتابة " فيض الخاطر" ،ونتعرف من خاللها أقسام الجمل
الثالثة المشار إليها :
(إن أهم شرط للقراءة الصحيحة أن تكون قراءة في دقة وإ معان؛ يستطعم فيها القارئ الجملة من الفصل ،أو
الفصل من الكتاب ،كما يستطعم األكل اللذيذ ،يجيد مضغه ،ويجيد هضمه ؛ ويسائل نفسه بعد القراءة الدقيقة
لكل فصل":ماذا يريد الكاتب ؟ وهل أخطأ أو أصاب؟ وفيم أخطأ،وفيم أصاب؟وإ ذا كان قد أخطأ فما صواب ما
أخطأ فيه ؟" .إن قراءة كتاب على هذا النهج خير من قراءة الكتب الكثيرة قراءة سطحية ،ال عمق فيها،وال
تفكير .وهذه القراءة تستلزم أن يهب القارئ عقله كّله ،ونفسه كّلها لما يقرأ ،فال يشغله شاغل آخر ،وال
تقطع تيار فكره العوارض … فقديما قالوا ":إن العلم ال يعطيك بعضه ،إال إذا أعطيته كلك").
- 1الجملة الرئيسة :إن أهم شرط للقراءة الصحيحة أن تكون قراءة في دقة وإ معان.
– 2الجمل المساندة:
ويسائل نفسه بعد القراءة الدقيقة لكل فصل :ماذا يريد الكاتب؟
إن قراءة كتاب على هذا النهج خير من قراءة الكتب الكثيرة قراءة سطحية .
هذه القراءة تستلزم أن يهب القارئ عقله كله ،ونفسه كلها لما يقرأ.
وهل أخطأ أو أصاب؟ ،وفيم أخطأ وفيم أصاب ؟ وإ ذا كان قد أخطأ فما صواب ما أخطأ فيه ؟
فال يشغله شاغل آخر ،وال تقطع تيار فكره العوارض … فقديما قالوا ":إّن العلم ال يعطيك
بعضه ،إال إذا أعطيته كّلك".
خامسا -الروابط في الفقرة:
تتحقق قوة الترابط في أسلوب كتابة الفقرة من خالل استخدام الروابط المعنوية واللفظية والترقيم:
أ -الربط المعنوي :وهو ربط ملحوظ غير ملفوظ ،يكون عن طريق تسلسل المعنى من بداية
الفقرة إلى نهايتها ،ويتوافر عن طريق هذا الربط نفي الحيرة التي قد يواجهها الكاتب من خالل :كيف يبدأ
الفقرة؟ ومتى ينتهي من كتابتها ؟ لذلك اقترح الدارسون عدة طرق ،تساهم في إنشاء قوة الترابط المعنوي
( التسلسل المعنوي أو ترتيب األفكار ) في الفقرة ،منها :
– 1االنتقال من السؤال إلى الجواب :تبدأ الفقرة بسؤال يتضمن الفكرة الرئيسة ،ثم يجيب الكاتب عن هذا
السؤال ،أو يحاول اإلجابة عنه .
مثال :
ما القمر ؟ القمر :كوكب أصغر حجمًا من الشمس ،ينير ليال ،فيرسل على األرض ضوءًا يهتدي به الناس
في الطريق ،وينتفع الزارع بضوئه ،فيشتغل بالزراعة ليًال .يبدو في أول الشهر مقوسًا ،ويقال له:
هالل ،ويزداد حجمه إلى أن يرى تام االستدارة في الليلة الرابعة عشرة ،فيسمى بدرًا ،ثم يعود إلى حالته
األولى تدريجًا ،حتى يصير حجمه في أواخر ليالي الشهر كما كان في أوائل لياليه .ويرى في أول الشهر
بعد الغروب جهة الغرب ،وفي آخره قبل الفجر جهة الشرق .
- 2الترتيب من العام إلى الخاص :إصدار الحكم العام في بداية الفقرة ،ثم توضيحه وشرحه من خالل
التفصيالت والجزئيات.
مثال :
إن الخالق -جّلت عظمته -قد جعل من فضله ونعمته على اإلنسان لكل حاسة لذة ؛ فلذة النظر في تناسق
المرئيات وترتيب أجزائها ،وذلك هو الجمال .ولذة الذوق في ائتالف الطعوم ،وذلك هو العذوبة.ولذة الشم
في لطف الرائحة ،وذلك هو الشمم .ولذة اللمس في تناسب أجزاء الملموس ،وذلك هو النعومة .ولذة السمع
في انتقال الصوت وحركة توقيعه ،وذلك هو الغناء.
-3الترتيب من الخاص إلى العام :تبدأ الفقرة بعرض التفصيالت والجزئيات من أجل الوصول إلى حكم عام
أو استدالل في نهاية الفقرة ؛ أي تقودنا األجزاء إلى التعميم أو الكل. .
مثال :
نحن محتاجون إلى المياه في األكل ،والشرب،والمسكن ،والملبس ،والتنظيف ،والتطهير .وإ ذا أردنا البناء
احتجنا إلى الماء ،وإ ذا طلبنا الغذاء وجدناه في الماء ،وإ ذا قصدنا نقي الهواء رأيناه عند الماء ،وبه نطفئ
الحرائق ،ونصد به عاديات الزوابع ،ونخفف به عنا حرارة الصيف . . .وجماع هذا قوله تعالى :و"جعلنا
من الماء كل شيء حي ".
-4الترتيب المكاني :يصلح هذا األسلوب في كتابة الفقرة المتكئة على الحركة المنتظمة في ترتيب
المكان أو وصفه من القريب إلى البعيد ،أو من البعيد إلى القريب ،أو من األعلى إلى األسفل ...
مثال:
اليمن وسائر جزيرة العرب أرض تقل فيها األنهار والينابيع ،واعتماد الناس في ري مغارسهم إنما هو على
مياه األمطار ،فإنها تجتمع في مجاري األودية وتسيل كاألنهار ،فإذا انقضى الشتاء جف معظمها .
ومالفاة لذلك كانوا يجعلون في عرض األودية سدًا من الحجر يعترض مسير الماء ،فيجتمع فيه ويرتفع
حتى يسقي أعالي األراضي ،وكان من جملة تلك السدود في اليمن سد كبير يقال له سد العرم ،بناه ملوك
اليمن القدماء من حجارة ضخمة ،وجعلوا فيها خروقًا يصرفون منها الماء على مقدار ما يحتاجون إليه ،
وكان له حفظة يقومون بتعهده وتوزيع مياهه،فتقادم عهده حتى تصدع ،وأهمل أمره حتى تهدم ،وصعدت
المياه فأغرقت الحرث والنسل،وسمي ذلك السيل سيل العرم .
– 5الترتيب الزمني ( التصاعدي أو التنازلي) :يصلح هذا األسلوب في كتابة الفقرة المتكئة على التسلسل
الزمني المنتظم تصاعديًا أو تنازليًا.وتتطور الكتابة من خالل سؤال :وماذا حصل بعد ؟
مثال :
من المعروف أن الكتابة بدأت لتلبي حاجة اإلنسان في التواصل والتفكير والتعبير ؛ لذا بدأت في عصور
التاريخ العميقة (صورية) اقتضتها طبيعة حياة اإلنسان على وجه البسيطة ،فترجم عن مراده بصورة ترمز
إلى الشيء المطلوب بعينه ،فإذا أراد أن يصطاد رسم صورة أداة الصيد ،فإن أراد أن يفيد أكثر بأنه ذهب
يصطاد األرانب أضاف إلى الصورة األولى رسم أرنب … ومن ثم استعار هذه الصورة لترمز إلى المعاني،
فصورة األسد أصبحت ترمز إلى القوة ،وصورة البيت ترمز إلى االستقرار والحضارة . . .فكانت الكتابة (
الرمزية) .ولكنهم رأوا أن االقتصاد في صور التعبير أمر ال بد منه ،عندما تعددت المشاغل وارتقى الفكر
اإلنساني ،فاستغنوا بالصورة عن أول حرف في الشيء ،فصورة البيت تدل على أول حرف منه ،وصورة
الطعام تدل على الحرف األول منه ،وتطور األمر حتى صارت الصورة تدل على مقطع ،فصورة اليد تدل
على مقطع ( يد)،وصورة العين تمثل (ع) ،فإذا جمعتا صارت ( يدع)… إلى أن كانت الكتابة (المقطعية) التي
تطورت إلى الطور الصوتي الذي صار الرسم يدل على أول حرف فيه ،فمجموع الرسوم يشكل الكلمة أو
الكالم المراد التعبير عنه ،فإن أراد كلمة ( شكر) مثال استعان برسم شجرة ليدل على حرف (ش) ،ورسم
كرة ليدل على حرف (ك) ،ورسم رجل ليدل على حرف (ر).فمن مجموع الرسوم وترتيبها تفهم الكلمة ،وهذه
المرحلة تمثل المرحلة ( الصوتية) .وبتقدم الوسائل واألساليب تطورت هذه الرموز الصورية إلى أخرى
اصطنع منها اإلنسان ( األبجدية) ،التي كانت مفتاح الكتابة الحقيقية التي نعرفها اليوم ،والكتابة العربية نتاج
هذا اإلنجاز الحضاري لإلنسان على مّر العصور .
_ 6الترتيب من البسيط إلى المعقد :إن أبسط طريقة منطقية للشرح أن تبدأ الفقرة بالبسيط ،وتتسلسل
للوصول إلى المعقد .
مثال:
كانت الناس في قديم الزمان تعتقد أن الطاعون من وخزات الجن برماحها ،وأن ال شيء يقوى على رد تلك
الرماح القوية الخفية عن العيون .ولكن البحث أوصلهم اليوم إلى اليقين بأن الطاعون جراثيم قتالة ،ال تدركها
العيون المجردة ،وأن لها وخزًا خفيفًا دونه وخز الرماح ،إال أنهم استعانوا بالعلم ،فصنعوا آلة تجسم األشياء
الدقيقة ،وتعظمها ،وتبرزها مرئية للعين ؛ فوقفوا بها على حقيقة ذلك الوباء ،واستنتجوا طرق الوقاية منه ،
فتذرعوا لدفع أذاه ،ورد غائلته .
- 7الترتيب من المألوف إلى غير المألوف :إذا كانت الفقرة ستتناول فكرة غير مألوفة ؛ فإنه ينبغي أن
تبدأ بما هو مألوف للوصول إلى غير المألوف .
مثال :
كان في غابر األزمان ثالثة أشخاص سائرين ،فوجدوا كنزا يتألأل أمام أعينهم ،فمكثوا بجانبه وقالوا:قد جعنا
واشتد ظمؤنا وسئمنا من التعب ،فليمض امرؤ منا ليبتاع لنا ما نأكله ،فمضى أحدهم ،وبينما هو ذاهب أضمر
في نفسه لهما سوءًا يسوءهما به ،وقال :الصواب أن أدس السم في الدسم ليأكاله؛ فيموتا ،وأنفرد بالكنـز
دونهما .ثم أتبع القول بالفعل .وكان الرجالن اآلخران متواطئين على أنه إذا رجع بالطعام قتاله ،وانفردا
بالكنز دونه ،فلما وصل إليهما وثبا عليه وقتاله ،وأكال من الطعام المسموم ،فوقعا في سوء عملهما ،فلما
اجتاز بذلك المكان أحد الحكماء مع أصدقائه ،قال لهم مشيرا إلى الكنـز :هذه الدنيا ،فانظروا كيف قتلت
هؤالء الثالثة ،وبقيت بعدهم .
ب -الروابط اللفظية ،وهي ألفاظ تستخدم بين الجمل ،فتربط بينها ربطا لفظيا ظاهرًا ،وهي
الروابط التالية :
.1حروف العطف :الواو ،الفاء ،ثم ،حتى ،أو ،أم ،بل ،ال،لكن .
ليس بوسعنا مناقشة الربط بين الجمل من خالل استخدام حروف العطف؛ ألن هذا الموضوع يحتاج إلى
صفحات كثيرة.لكننا نشير إلى أن الواو تعد من بينها األهم ؛ ألنها ال تقتصر على الربط بين جملتين فقط ،
بل تتعدى ذلك إلى إشراك الجملة الثانية في حكم الجملة األولى ؛ ويعد موضوع إثباتها بين الجمل أو
إسقاطها موضوعًا رئيسًا في البالغة العربية ،يطلق عليه ":معرفة الوصل والفصل".
دليل عقل المرء فعله ،ودليل علمه قوله ( .بين جملتين خبريتين بينهما تناسب في المعنى)
يوم لنا ،ويوم علينا ( بين جملتين خبريتين بينهما تضاد في المعنى)
خذ من الدهر ما صفا ،ومن العيش ما كفى (.بين جملتين إنشائيتين بينهما تناسب في المعنى)
اذكر النعمة القديمة عليك ،وانس النعمة الجديدة لك (.بين جملتين إنشائيتين بينهما تضاد في المعنى)
ارحلوا أيها األشرار ،ال تقيموا بيننا ( .بين جملتين إنشائيتين الثانية بدل من األولى)
عليكم باالجتهاد ،عليكم باالجتهاد ( بين جملتين إنشائيتين الثانية توكيد لألولى) .
دع اللوم ؛ إن اللوم عون النوائب ( .بين جملتين تختلفان في الخبر
واإلنشاء).
.2األسماء الموصولة :الذي ،التي ،اللذان ،اللتان ،الذين ،الالئي ،الالتي ،األولى ،من ،ما ،أي .
-المنفصلة :ضمائر الرفع :هو ،هي ،هما ،هم ،هّن ،أنَت ،أنِت ،أنتما ،أنتم ،أنتن ،أنا ،نحن ؛ وضمائر
النصب :إياه ،إياها ،إياهما ،إياهم ،إياهّن ،إياَك ،إياِك ،إياكما ،أياكم ،إياكن،إياي ،إيانا .
-المتصلة :تاء الفاعل ،ألف االثنين ،واو الجماعة ،نون النسوة ،ياء المخاطبة ،ياء المتكلم ،كاف الخطاب
،هاء الغيبة ،نا الفاعلين أو المفعولين .
تستخدم الضمائر عوضا عن األسماء والصفات التي ال لزوم لتكرارها ؛ التكرار الذي يجعل الكتابة مطولة
ركيكة ،ومثال ذلك :
ليس كل موضوع يستحق الجهد الذي سيبذل في هذا الموضوع (.جملة مطولة ركيكة)
.7الروابط الخاصة ،مثل :حيث ،كما ،كما أن،ال سيما ،على أن ،بما أن ،لذلك،مع ذلك ،باإلضافة إلى ،
أحرى وأولى،إن قيل ،ألن ،إنما ،ليس هذا ،إذا كان ،بالنسبة إلى سواهم ،أنت إذن ،من ناحية أخرى ،من
ثّم ،أيضا ،على العكس من ذلك ،بناء على ذلك ،بناء عليه ،من هنا،إذن ،مما سبق،بسبب،لقد ،من أجل
هذا،أخيرا ،كذلك ،على الرغم من ،يجدر ،إليضاح ،مثال آخر ،يبدو ،يظهر،يتبين ،يتجلى ،الحق ،الحقيقة،
بالنسبة لـ ،يجب ،ينصح ،في هذه األضواء،وعندما ،وحينما ،يالحظ ،يستنتج من هذا ،من الضروري ،من
المهم ،مما يؤكد ذلك ،يمكن ،إذا كان،على العموم ،عموما ،ينبغي ...
ويمكن أن تنقسم الروابط الخاصة إلى عدة أنواع حسب وظيفتها في الكتابة ،منها :
روابط التعداد ،التي تتعلق بترتيب األفكار وتنظيمها ،مثل :أوال ،ثانيا ،في المقام األول ،أخيرا ،
السبب األول ،العامل األول ...
روابط االستنتاج ،مثل :ولهذا ،ولذلك ،ونتيجة لذلك ،وهكذا نستنتج ما يلي ،واالستنتاج الحاصل هو
،والنتيجة هي ...
روابط التلخيص التي تستخدم في نهاية الفقرة أو المقالة ،مثل :وخالصة القول ،ومحصلة الكالم،
وباختصار ،والخالصة ،ونوجز القول ،ونخلص إلى أن...
روابط االستطراد التي تستخدم إلضافة معنى جديد ،مثل :فضال عما سبق ،باإلضافة إلى هذا ،يضاف
إلى ذلك ،كما أن ...
روابط االستدراك ،مثل :وعلى الرغم من ذلك ،وعلى أية حال،ومهما يكن من أمر ...
روابط السببية ،مثل :وسبب هذا ،ويعود السبب إلى ، ،ويعود األمر إلى ،ويعزى األمر إلى ،
والسبب هو ...
روابط التمثيل ،مثل :ومثال ذلك ،وعلى سبيل المثال ...
ج – الروابط اإلشارية ( الترقيم ) :وهي تكسب الكتابة حياة وحركة وجمالية خاصة (.سيخصص الفصل
التالي لعالمات الترقيم ).
ب -اإليجاز الذي ال يخل بالمعنى ،فيجعله مبهمًا أو غامضًا...ويتحقق اإليجاز من خالل خلو الفقرة
من تكرار األلفاظ والمعاني التي تخّل بتوازن الفقرة ،فتجعلها ركيكة ضعيفة.
ج -الوضوح واالبتعاد عن الغموض والتعقيد؛ ألن اللغة الواضحة السليمة المترابطة تنتج
د – الوحدة في الفكرة الرئيسة واســتقاللها من خالل االبتعــاد عن االســتطراد الــذي يفضــي إلى الترهــل
والتشتت .
هـ -التنــوع من خالل اســتخدام أســاليب متعــددة في تطــوير الجمــل داخــل الفقرة؛ بقصد الوضــوح
والدقة ،واالبتعاد عن التراكم اإلنشائي ،والتداعيات اللغوية التي تعوق تطور الفقرة .
و – التماس ك من خالل ق وة الرتاب ط املعن وي والعض وي ( اللفظي وال رتقيم ) بني اجلم ل على مس توى الص ياغة اللغوي ة؛
إلظهار فكرة واحدة متماسكة.
ح – أن يكون شكل الفقرة بارزا للعني ،مستقًال بنفسه من خالل مراعاة سالمة بناء شكلها اخلارجي .
ط -إذا كانت الفقرة جزءًا من مقالة أو حبث ،فينبغي أن يتحقق بني الفقرات املتجاورة اّتصال وترابط؛ حبيث تكون كل
الفقرات يف خدمة املوضوع وإظهاره.
اإلنسانية
ما ألطف كلمة اإلنسانية في الدنيا ،وما أشرحها لصدور سامعيها ،وما أسكن الخواطر إليها ! كان ينبغي
أن يكون موضوع اإلنسانية أهم درس يعّو ل عليه في التعليم ،ويلقنه الطلبة منذ الحداثة ؛ تقويمًا ألخالق
األمم،وتلطيفًا من شر النوع البشري ،الذي يكاد متمدينوه ( فما ظنك بغير المتمدينيين؟!) يبتلعون أبناء
طينتهم طمعا وشراهة.لقد كان البحث في اإلنسانية ،وواجبات اإلنسان أجدر بعناية المتمدينة من البحث عن
تركيب المواد المستأصلة للنوع ،واختراع المهلكات الجارفة لبني اإلنسان ،ومن االفتخار بإتقان فن الطيران
للقذف بالموت من فوق رءوس الناس .
اإلنسان أشد الحيوانات ضراوة ،يفترس من البر والبحر والهواء،وما هو بمضطر كاضطرار الوحوش إذ
ترد عنها قوارص السغب،ولكن ليتلذذ ويتفكه بتنوع األلوان واختالف الطعام .وكما أن السبع قد يغتال
فريسته من أجل نهشة من اللحم ،كذلك إنساننا قد يسطو على شرف أخيه وطمأنينته ،فيسلبهما منه من
أجل لذة فارغة ،ال يضيره االستغناء عنها .فالوحشية ليست في البرثن والناب أكثر منها في الشوكة
والسكين ،وليست هي في الفتك واالغتيال بأقبح منها في اإلفك واالحتيال.
يتضح ،بعد قراءة الخاطرتين السابقتين ،أن أبرز الخصائص الفنية للخاطرة ،تتمثل في اآلتي:
– 1يف كل منهما فكرة واحدة ،يرتتب عليها وحدة االنطباع والتأثري.
المراجع :
إبراهيم صبيح وآخرون :فن الكتابة والتعبري ،عمان .1997 ، -1
أمحد طاهر حسنني وآخرون :األساس يف التحرير الكتايب ،دار الفكر العريب ،القاهرة .1999 ، -2
أمحد اهلامشي :املفرد العلم يف رسم القلم ،دار املغين ،الرياض .1998 ، -3
حسين حممود وآخرون :فنون النثر العريب احلديث ( ، )1منشورات جامعة القدس املفتوحة ،عمان .1995 ، -4
حسني علي حممد :التحرير األديب؛ دراسات نظرية ومناذج أدبية ،مكتبة العبيكان ،الرياض .1996 ، -5
رضا سيد أمحد :فن الكتابة ،دار البيان العريب ،بريوت .1993 ، -6
-7زه دي أب و خلي ل ونبي ل أب و حلتم :املرش د يف كتاب ة اإلنش اء لطالب املرحل تني اإلعدادي ة والثانوي ة ،مط ابع الدوح ة احلديث ة ،
قطر . 1984 ،
مسر الفيصل وحممد مجل :مهارات االتصال يف اللغة العربية ،دار الكتاب اجلامعي ،العني .2004 ، -8
عبد العاطي شليب :فن الكتابة ،املكتب اجلامعي احلديث ،اإلسكندرية.2001 ، -9
عبد القادر أبو شريفة :الكتابة الوظيفية ،دار حنني ،عمان .1994 ، -10
عثمان الفريح وأمحد رضوان :التحرير العريب ،مكتبة العبيكان ،الرياض ،ط.2002 ،7 -11
غازي براكس :فن الكتابة الصحيحة ،املؤسسة العربية للدراسات والنشر ،بريوت .1984 ، -12
فارس عيسى وياسني عايش:قواعد الكتابة العربية والرتقيم ،مشورات جامعة القدس املفتوحة ،عمان.1993، -13
حممد أبو محدة :فن الكتابة والتعبري ،مكتبة األقصى ،عمان ،ط.1987 ،2 -14
حممد الشنطي :فن التحرير العريب ؛ ضوابطه وأمناطه ،دار األندلس ،حائل ،ط.2001 ،5 -15
موس وعة األدب الع ريب الس عودي احلديث :املقال ة ( إع داد :م رزوق بن تنب اك ) ،املف ردات للنش ر والتوزي ع ،الري اض ، -16
.2001
نصرت عبد الرمحن وآخرون :اللغة العربية ( ، )1منشورات جامعة القدس املفتوحة ،عمان.1990 ، -17
نصرت عبد الرمحن وآخرون :اللغة العربية (، )2منشورات جامعة القدس املفتوحة ،عمان ،ط. 2002 ، 2 -18
عبد الكرمي بكار 174 :بصرية يف الثقافة والنهضة واحلضارة دار اإلعالم ،عمان. 2003، -19