Professional Documents
Culture Documents
الثلاثون النسائية
الثلاثون النسائية
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصالة والسالم على النبي األمين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم
الدين
أما بعد :
مسلم "
ٍ طلب ال ِع ِلم فريضةٌ على ِ
كل ُ يقول النبي ﷺ" :
وإن النساء شقائق الرجال في األحكام إال ما خص
وال يخفى على أي إنسان عاقل دور المرأة في المجتمع ،فهي نصف المجتمع ،وهي تلد وتربي النصف اآلخر ،فهي
المجتمع كله
فإن صلحت هذه المرأة صلح المجتمع كله ،وإن فسدت فسد المجتمع كله
واإلسالم لم يأمر بتجهيل المرأة ولم يحرم المرأة من التعلم في شريعته ،بل حث المرأة على التعلم والتفقه في الدين ،
وكان النبي ﷺ يخصص يوما ً يعلم فيه النساء أمور الدين
وإذا نظرنا إلى حال المرأة في هذا الزمان ،كيف تقضي المرأة المسلمة المعاصرة وقت فراغها ؟؟
لوجدناها أمام قنوات أو منصات اجتماعية تثير كوامن الغرائز أو في محادثة هاتفية فارغة أو جوالت في األسواق
معرضة نفسها للفتنة أو ماشابه ذلك من عوامل هدم اإليمان في نفسها إال ما رحم ربي
ي بالمرأة المسلمة الواعية أن تستجيب ألمر الله تعالى ورسوله وتتوجه لطلب العلم فانطالقا ً من الحديث المذكور حر ٌّ
الشرعي الذي به ستكون نجاتها يوم القيامة ،يوم ال ينفع مال وال بنون إال من أتى الله بقلب سليم
قمنا بجمع هذه األحاديث المنتقاة من سنة رسول الله ﷺ ،وغالب مواضيعها تخص المرأة المسلمة
راجين من الله تعالى السداد والقبول .
2
الحديث األول
شرح الحديث
كل ما نهى عنه؛ قال اللهُ الشهادة ُ بأن ُمحمدًا رسو ُل الل ِه صلى اللهُ عليه وسلم تتضم ُن طاعته في ِ
كل ما أمر به ،واجتناب ِ
تعالى{ :يا أيُّها الذِين آمنُوا أ ِطيعُوا الله وأ ِطيعُوا الر ُ
سول} [النساء.]95 :
ي صلى اللهُ عليه وسلم بأن أُمته ستد ُخ ُل الجنة يوم القيام ِة ،إال من عصاه ولم يمتثِ ْل أ ْمره، ث يُخ ِب ُر النب ُّ
وفي هذا الحدي ِ
ق
عن الطري ِب ،وضل ِ عن الصوا ِ
سن ِة ،دخل الجنة ،وم ِن اتبع هواه وزل ِ ب وال ُّ
الكالم :من أطاعني وتمسك بال ِكتا ِ ِ قدير
وت ُ
كون قد رفض أن يد ُخل الجنة ،واختار لنف ِسه أن يد ُخل النار. ستقيم ،فإنه ي ُ
ال ُم ِ
وال ُمرا ُد باألُم ِة في قو ِله صلى اللهُ عليه وسلمُ « :ك ُّل أُمتي» :أُمةُ الدعوةِ؛ وهي الن ُ
اس كافةً ،وعليه فاآل ِبي هو الكا ِف ُر
برسالتِه ،وعليه فاآلبي هو العاصي بامتِنا ِعه عن قبو ِل الدعوةِ .وقيل :أُمةُ اإلجاب ِة؛ وهي التي آمنت بما جاء به وأقرت ِ
المؤمنين ،فالمقصو ُد استثناؤُهم من ِ عن المعاصي؛ فإن أُريد به ُ
عصاة ُ جرا ِظا وز ً منهم ،استثناهم من دُخو ِل الجن ِة تغلي ً
ار ف ُهم لن يد ُخلواسن ِة والجماع ِة ،وإن أُريد به الكف ُ
دُخو ِل الجن ِة من أو ِل وهلةٍ ،وإال فمآلُه ُم الجنةُ ،كما هي عقيدة ُ أه ِل ال ُّ
ً
أصال. الجنة
ب النار ب الجنة ،ومعصيته ت ُ ِ
وج ُ وفي الحديثِ :أن طاعة النبي ِ صلى اللهُ عليه وسلم تُو ِج ُ
الحديث الثاني
امرئ ما
ٍ ت وإنَّما ِل ِ
كل عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال :قال رسول الله ﷺ " :إنَّما األعما ُل ِ
بالنيَّا ِ َ عن
نوى فمن كانت هجرتُهُ إلى اللَّ ِه ورسو ِل ِه فَهجرتُهُ إلى اللَّ ِه ورسو ِل ِه ومن كانت هجرتُهُ إلى دنيا يصيبُها
هاجر إل ْي ِه"
َ أو امرأ ٍة ي ْنك ُحها فَهجرتُهُ إلى ما
شرح الحديث
حيث قال فيهُ لث ال ِع ِلم،اإلسالم ،وأص ٌل ِمن أُصو ِل الشريع ِة ،حتى قِيل فيه :إنه ث ُ ُ ِ ُ
الحديث العظي ُم قاعدة ٌ ِمن قواع ِد هذا
ئ ما نوى»، امر ٍكل ِ
بوجو ِد النِي ِة فيها« ،و ِل ِ ت الشرعي ِة إال ُ صلى اللهُ عليه وسلم« :األعما ُل بِالنِي ِة ،فال ِ
تص ُّح جمي ُع ال ِعبادا ِ
ت واألعما ِل ت والمعامال ِ المسلم ِمن عم ِله ما قصده منه ،وهذا ال ُحك ُم عا ٌّم في جميعِ األعما ِل ِمن العبادا ِ ِ فإنما يعو ُد على
قربنل إال تلك المنفعة ولو كان ِعبادةً ،فال ثواب له عليها ،ومن قصد بعم ِله الت ُّ العادي ِة ،فم ْن قصد بعم ِله منفعةً دُنيويةً لم ي ْ
ب ،ثُم ضرب صلى شر ِ إلى الل ِه تعالى وابتغاء مرضاتِه ،نال ِمن عم ِله المثوبة واألجر ولو كان عم ًال عاديًّا ،كاألك ِل وال ُّ
ت في األعما ِل فبين أن من قصد بِهجرتِه امتثال ْأم ِر ربِ ِه ،وابتغاء مرضاتِه، أثير النِيا ِ
بيان ت ِاللهُ عليه وسلم األمثلة العملية ِل ِ
ق ن ِيتِه ،وأن من قصد بِ ِهجرتِه لصد ِ
ُثاب عليها ِ الفتن؛ ف ِهجرتُه هِجرة ٌ شرعيةٌ مقبولةٌ عند الل ِه تعالى وي ُ ِ والفرار ِبدِينِه ِمن
3
منفعةً دُنيويةً وغر ً
ضا شخصيًّاِ ،من ما ٍل ،أو تجارةٍ ،أو زوج ٍة حسناء؛ «ف ِهجرتُه إلى ما هاجر إليه» ،فال ينا ُل ِمن هِجرتِه
ب. األجر والثوا ِ
ِ إال تلك المنفعة التي نواها ،وال نصيب له ِمن
الحديث الثالث
يا ِ
ش ِدي ُد بَ ِ ومْ ،
إذ َطلَ َع عليْنا َر ُج ٌل َ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّ َم ذاتَ يَ ٍ عمر بن الخطاب قا َل :ب ْينَما َنحْ نُ ِع ْن َد َرسو ِل الل ِه َ َ عن
صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّ َم،
س إلى النبي ِ َ سفَ ِر ،وَّل َي ْع ِرفُهُ ِمنَّا أ َحدٌ ،حتَّى َجلَ َ ش َع ِرَّ ،ل يُ َرى عليه أث َ ُر ال َّ
سوا ِد ال َّ شدِي ُد َ بَ ، الثِيا ِ
ض َع َكفَّ ْي ِه علَى فَ ِخ َذ ْي ِه. سنَ َد ُر ْكبَت َ ْي ِه إلى ُر ْكبَت َ ْي ِهَ ،
وو َ فأ ْ
أن َّل إلَهَ َّإَّل اللَّهُ
ش َه َد ْ سال ُم ْ
أن ت َ ْ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّ َم :اإل ْ الم ،فقا َل َرسو ُل الل ِه َس ِأخبِ ْرنِي ع َِن اإل َْوقالَ :يا ُم َح َّم ُد ْ
ضان ،وت َ ُح َّج
صو َم َر َم َ الزكاةَ ،وت َ ُ
ي َّ صالةَ ،وت ُ ْؤ ِت َ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّ َم ،وت ُ ِقي َم ال َّ أن ُم َح َّمدًا َرسو ُل الل ِه َ و َّ
صد َْقتَ ،قالَ :فَ َع ِجبْنا له َي ْ
سأَلُهُ ،ويُ َ
ص ِدقُهُ، س ِب ً
يال ،قالََ : ست َ َ
ط ْعتَ إلَ ْي ِه َ إن ا ْ ال َبيْتَ ِ
اآلخ ِر ،وت ُ ْؤ ِم َن بالقَد َِر
وم ِ س ِل ِه ،وا ْل َي ِ أن ت ُ ْؤ ِم َن باللَّ ِه ،و َمال ِئ َك ِت ِه ،و ُكت ُ ِب ِهُ ،
ور ُ اإليمان ،قالَْ :
ِ قالَْ :
فأخ ِب ْرنِي ع َِن
صد َْقتَ ، َ
خي ِْر ِه وش َِر ِه ،قالََ :
فإن لَ ْم تَك ُْن تَراهُ فإنَّه يَراكَ ،
أن ت َ ْعبُ َد اللَّهَ كَأنَّكَ تَراهُْ ،
سان ،قالَْ : قالَْ :
فأخبِ ْرنِي ع َِن اإلحْ ِ
ع ْنها بأ َ ْعلَ َم ِم َن ال َّ
سائِ ِل سؤُو ُل َ
سا َع ِة ،قالَ :ما ال َم ْ قالَْ :
فأخبِ ْرنِي ع َِن ال َّ
طاولُ َ
ون في أن ت َ ِل َد األ َمةُ َربَّتَها ،وأ َ ْن ت َ َرى ال ُحفاةَ العُراةَ العالَةَ ِرعا َء الش ِ
َّاء يَت َ َ أمارتِها ،قالَْ :
فأخبِ ْرنِي عن َ قالَْ :
البُ ْن ِ
يان،
ورسولُهُ أ ْعلَ ُم ،قالَ :فإنَّه ِجب ِْري ُل أتا ُك ْم قالَ :ث ُ َّم ا ْن َطلَ َق فَلَبِثْتُ َم ِليًّا ،ث ُ َّم قا َل ِلي :يا ُ
ع َم ُر أتَد ِْري َم ِن ال َّ
سائِ ُل؟ قُلتُ :اللَّهُ َ
يُعَ ِل ُم ُك ْم دِينَ ُك ْم".
الحديث الرابع
سيا ٌ
ط أر ُهما ،قَ ْو ٌم مع ُه ْم ِ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله ﷺِ " :ص ْن ِ
فان ِمن أ ْه ِل النَّ ِار لَ ْم َ
ت س ُه َّن َكأ َ ْ
س ِن َم ِة البُ ْخ ِ عارياتٌ ُم ِميالتٌ ما ِئالتٌ ُ ،رؤُو ُ سياتٌ ِ ون بها النَّ َ
اس ،و ِنسا ٌء كا ِ ض ِربُ َ ب ال َبقَ ِر َي ْ َكأ َ ْذنا ِ
ير ِة كَذا وكَذا"
س َ الما ِئ َل ِةَّ ،ل َي ْد ُخ ْل َن ال َجنَّةَ ،وَّل َي ِجد َْن ِري َحهاَّ ،
وإن ِري َحها لَيُو َج ُد ِمن َم ِ
شرح الحديث
ب مرة ً أُخرى ،وكان يُخبِ ُرهم بما أعده اللهُ ِمن ج ِ
زاء ب تارة ً والترهي ِ
ظ أصحابه بالترغي ِ ي صلى اللهُ عليه وسلم ي ِع ُ كان النب ُّ
ب ُّ
اس على بصيرةٍ ِمن ْأم ِرهم فيعملوا ِآل ِخرتِهم ويحذروا الوقوع في المعاصي والذنو ِ المطيعين والعُصاةِ؛ حتى يكون الن ُ
ور ُد أصحابها المها ِلك يوم القيام ِة.التي ت ُ ِ
4
ار لم يرهما رسو ُل الل ِه صلى اس ِمن أ ْه ِل الن ِ
ين ِمن الن ِ
صنف ِث يُحذ ُِر رسو ُل الل ِه صلى اللهُ عليه وسلم ِمن ِوفي هذا الحدي ِ
جم ُع سوطٍ ،وهو آلةٌ تُتخذُ ط» ْ نف األولُ :قو ٌم معهم « ِسيا ٌ الص ُكونان بعده؛ ِ
ِ صرهِْ ،
بل سي اللهُ عليه وسلم ،ولم يُوجدا في ع ِ
ط طويلةٌ ولها ِريشةٌ البقر» ،أي :ذُيو ِلها ،والمعنى أنها ِسيا ٌب ِ ب بها كالعصا ونح ِوها ،وهي «كأذنا ِ الجل ِد يُضر ُ
ِمن ِ
ُ
وأعوان الظلم ِة شر ُ
ط طو ِلها و ِغل ِظها و ِشدتِها .وهؤالء ُه ُم ال ُّقر ل ُ
ب الب ِ
ياط بأذنا ِ حق ،وتشبيهُ ِ
الس ِ غير ٍ
ضربون بها الناس ِب ِ ي ِ
حق.
غير ٍ
ضربون الناس بِ ِ الذين ي ِ
ياء ،وتجردْن مما أوجبتْه عليهن الشريعةُ ِمن ثِيا ٍ
ب س ِهن ثوب ال ِعف ِة والح ِ ساء خل ْعن عن أنف ُ ع ِمن النِ ِ نف الثاني :نو ٌ والص ُ
ِ
ي صلى اللهُ عليه وسلم في وص ِف ِهن« :نِسا ٌء كاسياتٌ » ،في ق وافِ ٍرُ ،مخا ِلفين بذ ِلك الله ورسوله ،قال النب ُّ ساترةٍ ،و ُخلُ ٍ
هاراإظ ً ف البشرة ،أو يستُرن بعض بدنِ ِهن ويك ِش ْفن بعضهُ؛ ْ ص ُ الحقيق ِة« ،عارياتٌ » في الم ْعنى؛ ألنهن يلبسْن ثِيابًا ِرقاقًا ت ِ
لباس التقوىُ « ،م ِميالتٌ » ت ِمن ِ ت بِال ُحلى وال ُح ِلي ِ ،عاريا ٍت في الحقيق ِة ،أو كاسيا ٍ ب عاريا ٍ وإن كن كاسيا ٍ
ت ِللثِيا ِ للجما ِلْ .
ظهر ْ
والمقن ُع الذي تُغ ِطي به المرأة ُ رأسها وظ ْهرها وصدْرها -عن ُرؤو ِس ِهن؛ ِلت ْ الرجا ِل إليهن ،أ ِو ُم ِميالتُ المقانِعِ ِ - قلوب ِ
المذموم،
ِ ت ِألكتافِهن ،وقيل :ي ُِم ْلن غيرهن إلى فِع ِلهن ت ُم ِميال ٍ ُوجو ُههن ،وقيلُ :مميالتٌ بِأكتافِهن في ْم ِشين ُم ْ
تبختِرا ٍ
فظ
وح ِ فظ ُحدودِه ِ االنحراف والزي ُغ ،فهن زائغاتٌ عن طاع ِة الل ِه تعالى ،وما يلز ُمهن ِمن ِح ِ ُ «مائالتٌ » والمي ُل هو
الرجا ِل ِبقُلو ِبهن أو بِقوال ِبهن ،أو ُمتبختراتٌ في م ْش ِيهن ،أو زائغاتٌ ع ِن ضا مائالتٌ إلى ِ وغير ذلك ،وهن أي ً ِ روجهن فُ ِ
ت سهن كأسنم ِة الب ُْخ ِ صفاتِهن « ُرؤو ُ ومن ِ شطن ِمشطة البغاياِ ، جور والهوى ،وقيل :مائالتٌ ي ْمت ْ فاف ،أو مائالتٌ إلى الفُ ِ الع ِ
بيرا
هر الجم ِل ،وكلما كان ك ً فوق ظ ِ ئ ْنام ،وهي الجز ُء المرت ِف ُع النات ُ ُ
ق ،واألسْنمة جم ُع س ٍ المائل ِة» ،وهي ِجما ٌل ِطوا ُل األعنا ِ
لف ِعصاب ٍة ونح ِوها ،وقيل: ُكبرنها ِب ِ
ُعظ ْمن حجْ م ُرؤو ِسهن وي ِ النسا ُء ي ِ واهتزازا عند الحرك ِة ،فهؤالء ِ ً وعاليًا كان أكثر م ً
يال
ت إنما هو الرتفاعِ ُنكسْن ُرؤوسهن ،و ُمرا ُد التشبي ِه بأسْنم ِة البُخ ِ ضن ِمن أبصارهِن ،وال ي ِ ض ْ الرجا ِل ال يغ ُ يطمحْ ن إلى ِ
البعير.
ِ أس كما يمي ُل سنا ُم ُضف ْرنه حتى تميل إلى ناحي ٍة ِمن نواحي الر ِ س ِرها بما ي ِ فوق ُرؤو ِسهن ،وتك ُّ فائر ْ دائر أو الض ِ الغ ِ
ت ال يد ُخ ْلن الجنة وال يجدْن ِريحها ،وإن ِريحها لتُوج ُد ِمن مسير ِة كذا وكذا ،وهذا ِكنايةٌ عن المساف ِة الصفا ِ فمن ُكن بهذه ِ
دخلنها وال يجدْن ِريحها حينما يد ُخلُها ويج ُد من طوي ٍل ويمت ُّد في ِريحِ الجن ِة ،ومعناه :أنهن ال ي ْ يرها بز ٍ البعيدةِ التي يُقد ُر س ُ
ْ
محموال على أنهن إذا استحْ للن هذه األفعال وهذه ً أن يكون ُمكن ْ ْ
تورعاتُ ،ال أنهن ال يد ُخلن أبدًا ،وي ُ فائف ال ُم ِ ِريحها الع ُ
جر والتغلي ُ
ظ. الح ْرمان ِمن الجن ِة ،أو المرا ُد منه الز ُ فرا استحقُّوا به ِ الذُّنوب ،فيكون ُك ً
ث :عالمةٌ ِمن عالما ِ
ت نُبوتِه صلى اللهُ عليه وسلم. وفي الحدي ِ
ار
ت أه ِل الن ِ
بعض صفا ِِ وفيهُ :
بيان
حذير ِمن ُّ
الظ ِلم واإلعان ِة عليه. وفيه :الت ُ
فور.
س ِ برجِ وال ُّ
ساء ِمن الت ُّ
حذير للنِ ِ
وفيه :ت ٌ
9
الحديث الخامس
ض َحى، صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّ َم ،أ َ ْن نُ ْخ ِر َج ُه َّن في ال ِف ْط ِر َواأل ْ ع َْن أ ُ ِم ع َِطيَّةَ ،قالَتْ :أ َ َم َرنَا َرسو ُل الل ِه َ
ش َهد َْن ال َخي َْرَ ،و َدع َْوةَ ال ُم ْ
س ِل ِم َ
ين، ِ فَيَ ْعت َ ِز ْل َن ال َّ
ص َالةََ ،و َي ْ ت ال ُخد ِ
ُور ،فأ َّما ال ُحيَّ ُ َِ ،و َذ َوا ِالعَ َواتِقَ َ ،وا ْل ُحيَّ َ
س َها أ ُ ْخت ُ َها ِمن ِج ْلبَابِ َها. قُلتُ :يا َرسو َل الل ِه ،إحْ دَانَا َّل يَكو ُن لَ َها ِج ْلبَ ٌ
اب ،قا َلِ :لت ُ ْل ِب ْ
شرح الحديث
كانت في الجاهلي ِة ال تزي ُد عن سق ِط المتاعِ في البيتِ ،ولم ْ جعل اإلسال ُم للمرأةِ المسلم ِة مكانةً ومنزلةً وشأنًا ،ب ْعد ْ
أن
ط الشرعيةُ في ذ ِلك؛ ِمن أجْ ِل ذلك
ت الضواب ُ اإلسالم إذا ْالت ُ ِزم ِ
ِ عائر
هار ش ِ حر ْمها الشارعُ الحكي ُم ِمن المشارك ِة في ْ
إظ ِ ي ِ
ندبها إلى ال ُخروجِ إلى ُمصلى ال ِعيدِ؛ لتشهد الخير ودعوة ال ُمس ِلمين.
ث تذ ُك ُر التابعيةُ حفصةُ بنتُ ِسيرين أنهم كانوا يمنعون الشابة حديثة العه ِد بالبلوغِ ِمن ال ُخروجِ ِمن بيتِها وفي هذا الحدي ِ
ب ما حدث بعد وربما كانوا ي ْفعلون ذلك لعد ِم ِع ِلمهم بمشروعيتِه ،أو كأنهم كانوا يفعلون ذلك بسب ِ إلى ُمصلى العيدِ؛ ُ
ص ٌر بالبصرةِ
ص ِر بني خلفٍ ،وهو ق ْ ت في ق ْ ت عليهم امرأة ٌ لم تُس ِمها ،فنزل ْصر األو ِل ِمن الفسا ِد ونحْ ِوه ،حتى قدِم ْ الع ِ
ت تلك المرأة ُ الناس على هذه الحا ِل ْ
عروف بطلحة الطلحاتِ ،فلما رأ ْ ِ بن خلفٍ الم
بن عب ِد الل ِه ِ
منسوبٌ إلى خلفٍ ج ِد طلحة ِ
ِمن منعِ النِساء ِمن ال ُخروجِ إلى ُمصلى العيدِ ،حدثتْهم عن زوجِ أختِها ،وأنه ش ِهد مع النبي ِ صلى اللهُ عليه وسلم اثنت ْي
يوم
برعاي ِة المرضى و ُمداواةِ الج ْرحى ،وفي ِ ساء ِ ت منهن ،فكانت تقو ُم مع النِ ِ دت معه أختُها ِست غزوا ٍ ع ْشرة غزوةً ،وش ِه ْ
ُغطي رأسها أختُها النبي صلى اللهُ عليه وسلم عن ُخروجِ المرأةِ إلى ُمصلى ال ِعي ِد إذا لم ي ُك ْن لديها ِخ ٌ
مار واس ٌع ي ِ لت ْ ِعي ٍد سأ ْ
حرم ن ْفسها ِمن ال ُخروجِ إلى ُ
أن تستعيره ِمن أختِها المسلم ِة ،وال ت ِ ي صلى اللهُ عليه وسلم إلى ْ فأرشدها النب ُّ وسائر بدنِهاْ ،
الخير ودعوةِ المس ِلمين.
ِ ضور
ِ ال ُمصلى و ُح
ث المرأةِ ،فأقرتْه وصدقتْه ،وأخبرتْها أن النبي ت عليهم ،سألتْها عن حدي ِ ثم تُخبِ ُر ح ْفصةُ بنتُ ِسيرين أن أم عطية لما قدِم ْ
ساء -حتى الحائض والشابة حديثة البُلوغِ -بال ُخروجِ إلى ُمصلى ال ِعيدِ. صلى اللهُ عليه وسلم كان يأ ُم ُر جميع النِ ِ
فقالت :نع ْم ،أ ْفدِيه صلى اللهُ عليه وسلم
ْ الحائض تشه ُد ال ِعيد؟
ُ فسألت ح ْفصةُ بنتُ ِسيرين أُم عطية ُمستف ِهمةً :ه ِل المرأة ُ
ض ُره ،وتشه ُد كذا؟ وتشه ُد كذا؟ت وتح ُ الحائض تشه ُد عرفا ٍُ ْ
فقالت :أليس ض ُرها المرأةُ؛ بأبي ،ثم استدلت ب ِعدةِ أحوا ٍل تح ُ
سا
يض ،وقيا ً ض ُرها المرأة ُ وهي في حال ِة الح ِ ت الكبيرةِ التي تح ُ للمواقف والتج ُّمعا ِ
ِ مار ،وهذا تعدا ٌد
الج ِ
ِمثل ال ُمزدلف ِة ور ْمي ِ ِ
صلي. أن ت ُ ِ
فوف دون ْ ص ِ خلف ال ُّتكون ُْ ْ
ولكن ضر إلى ُمصلى ال ِعيدِ، أن تح ُ عليها فإن لها ْ
ِكرِ ،سوى المساجدِ.
كمجالس ال ِعلم والذ ِ
ِ ير،
ث :أن الحائض ال ته ُج ُر ذِكر الل ِه ،وال مواطن الخ ِ
وفي الحدي ِ
ب أ ْولى.
ب؛ فمن لها ِجلبابٌ ِمن با ِ
ساء إلى ال ِعيدِ؛ ألنه إذا أمر من ال ِجلباب لها باستعارةِ ِجلبا ٍوفيه :تأكي ُد ُخروجِ ِ
الن ِ
ُغطي بدنها.
ب واسعٍ ي ِ رصهن على التست ُّ ِر ،وامتِناعُ ُخروجِ المرأةِ ِ
بغير ِجلبا ٍ وح ِ
األنصار ِ
ِ ساء
ق نِ ِ وفيه :ب ُ
يان جمي ِل أخال ِ
روجها مصلحةٌ ،وأ ُ ِمن ِ
ت الفتنةُ والمفسدةُ. وفيهُ :خرو ُج المرأةِ إلى ْ
الغز ِو إذا كان في ُخ ِ
عظيم الصحاب ِة للنبي ِ صلى اللهُ عليه وسلم ،حتى إنهم قلما ي ْذ ُكرونه إال ويُفدُّونه بآبا ِئهم وأمها ِتهم صلى وفيه :ب ُ
يان مدى ت ِ
اللهُ عليه وسلم.
6
الحديث السادس
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :قال رسول الله ﷺ " :المرأةُ عورةٌ فإذا خرجتْ
وأقرب ما تكو ُن ِمن َوجْ ِه ربِها وهي في قَ ْع ِر بيتها "
ُ ستَش َْرفَها الشيطا ُن
ا ْ
شرح الحديث
الرجال؛ فيُ ْغريهم ليُوقِعهم في الزنا ،فأ ُ ِم ْرن
وأوث ُق مصائِ ِدهِ ،فإذا خرجْ ن نصبهن شبكةً يصي ُد بها ِ
ْطان ْالنساء حبائِ ُل الشي ِ
ْطان و ِإ ْفسا ِدهِ. بعد ِم ال ُخروجِ ِإ ْغالقًا ِإل ْغ ِ
واء الشي ِ
للرجا ِل ،والعورةُ :السوءةُ ،وهي هورها ِ ظ ُي صلى اللهُ عليه وسلم" :الم ْرأة ُ ع ْورة ٌ" ،أي :يُستقب ُح ُ ث يقو ُل النب ُّوفي هذا الحدي ِ
ت المرأة ُ عورةً؛ ألن من ح ِقها أن ت ُستر" ،وإنها إذا س ِمي ِ ُ
العار ،وهي المذمة ،و ُ ِ صلها :من ُ هاره ،وأ ْ ْ
ُك ُّل ما يُستحيا ِمن إظ ِ
الزين ِة "اسْت ْشرفها
هور ِ تر وعد ِم ُ
ظ ِ الس ِ
غير الهيئ ِة الشرعي ِة من ِ ذر شرعيٍ ،وعلى ِ ع ٍ
لغير ُ
ت ِ ت من بيتِها" ،أي :خرج ْ خرج ْ
راف ر ْف ُع البص ِر للنظ ِر إلى الش ِ
يء، الرجا ِل ،فيُوقِعُهما في ال ِفتْن ِة ،واأل ْ
ص ُل في اال ْستِ ْش ِ ْطان" ،أي :زينها في نظ ِر ِ الشي ُ
أن تلزم بيتها ،وال أقرب إلى الل ِه منها في ق ْع ِر بيتِها" ،وهذا ح ٌّ
ث للم ْرأةِ على ْ تكون ُْ ب" ،وإنها ال ف فوق الحاج ِ ط الك ِ وب ْس ُ
ب؛ يُجازيها اللهُ عز وجل به عن تخ ُرج إال عند الحاج ِة والضرور ِة ،وأنها بتلك الحال ِة تنا ُل أعْظم أجْ ٍر لها وخير ثوا ٍ ْ
روجها من بيتِهاُخ ِ
الحديث السابع
عن أبي موسى األشعري رضي الله عنه قال :قال رسول الله ﷺ " :أيما امرأ ٍة استعطرتْ فمرتْ على
ريحها فهي زانيةٌ"
قوم ليجدوا من ِ
ٍ
شرح الحديث
ُض ُّر بالمجتمعِ ،ويؤدِي إلى صو ِر الفسا ِد وأسبابِه ،وما ي ِت عليها ،وحاربت كل ُ حمت الشريعةُ اإلسالميةُ الفضائل ،وحث ْ
ين زانيةٌ" ،أي :إذا نظرت إلى امرأةٍ ال ت ِح ُّل له، ث يقو ُل الرسو ُل صلى اللهُ عليه وسلم" :ك ُّل ع ٍ انحال ِله.وفي هذا الحدي ِ
ِ
الطيب عليها ثم خرجت ِمن بي ِتها" ،فمرت بالمج ِل ِس"، إن كان عن شهوةٍ" ،والمرأة ُ إذا استعطرت" ،أي :وضعت ِ وقيلْ :
الرجال يُ ْش ِرفون للنظ ِر حيث جعلت ُِ للزنا ُمتسبِبةٌ فيه،
تعرضةٌ ِأي :الذي به رجالٌ" ،فهي كذا وكذا ،يعني :زانيةٌ" ،أيُ :م ِ
للزنا الحقيقي ِ
األمر بعدها ِ
ُ ط ِورظر ،ول ُربما ُ
المحر ِم إليها ،وهو ِزنا الن ِ
7
الحديث الثامن
شرح الحديث
ساء ،وهذه ِخلقةُ الل ِه ،ال تبديل ِل ِخ ْلقتِه تعالى.
وخ ْلق ِة النِ ِ
وطباعٍ تتماي ُز ع ْن ِجبِل ِة ِ جبل اللهُ ِ
الرجال على ِخلق ٍة ِ
الخ ْلق ِة التي خلقهاس أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم لعن من يحا ِو ُل ال ُخروج ع ِن ِ بن عب ٍ ث يُخ ِب ُر عب ُد الل ِه ُ
وفي هذا الحدي ِ
ب الل ْعنة ،وهي الط ْر ُد ِمنستوج ُ
ِ بأن يتشبه الر ُج ُل بِالمرأةِ ،أو تتشبه المرأة ُ بِالر ُج ِل ،فهذا ِمن المعاصي التي ت اللهُ عليها؛ ْ
اء خاصةً، ُ
األخالق واألفعا ُل التي هي ِللنِس ِ والزين ِة ،وكذا
باس ِ الل ِ
ساء في ِ رحم ِة الل ِه تعالى؛ فال ي ْنبغي ِل ِلرجا ِل التشبُّهُ بِالنِ ِ
الرجا ِل فيما كان ذلك ِل ِلرجا ِل خاصةً. ساء التشبُّهُ ِب ِ وال ي ُ
جوز ِللنِ ِ
الحديث التاسع
ت ست َ ْو ِ
شما ِ لعن اللهُ الواشما ِ
ت ،والم ْ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :قال رسول الله ﷺَ " :
ت خ ْلقَ الل ِه"
س ِن ،ا ْل ُم َغ ِيرا ِ
ت ِل ْل ُح ْ
ت ،وا ْل ُمت َ َف ِل َجا ِ
ت ،و ا ْل ُمتَنَ ِمصا ِ
والنامصا ِ
ِ ،
شرح الحديث
ض
ُعر ُ
ساء ،وي ِ ث يُبيِ ُن رسو ُل الل ِه صلى اللهُ عليه وسلم ب ْعض أ ْنواعِ التزي ُِّن ال ُمحر ِم الذي ق ْد تق ُع فيه ب ْع ُ
ض النِ ِ في هذا الحدي ِ
اس.
ْليس على الن ِلبيس وتد ٌ ق الل ِه ،وت ٌغيير ِلخل ِ ْ فا ِعلهُ لل ِ
عن والطر ِد ِمن رحْ م ِة الل ِه؛ إذ فيه ت ٌ
ضو
ع ٌأن يُغرز ُ ت» ،ج ْم ُع وا ِشمة ،والو ْش ُمْ : رضي اللهُ عنه أن الله عز وجل لعن «الوا ِشما ِ فيروي عب ُد الل ِه ُ
بن مسْعو ٍد ِ
أخضر« .وال ُموت ِشمات» :جمع ُموت ِشمة ،وهي التي صير ْاإلنسان بِنح ِو اإلبْرةِ حتى يسيل الد ُم ،ثُم يُحْ شى بِنحْ ِو ُكحْ ٍل في ُ
ِ ِمن
يُ ْفع ُل بِها الو ْش ُم.
ت» ج ْم ُع ُمتن ِمصة ،وهي الطا ِلبةُ إزالة شع ِر وجْ ِهها بالن ِ
تف ونحْ ِوه ،إال ما ينبُتُ ِب ِلحي ِة المرأ ِة أو ولعن اللهُ «ال ُمتن ِمصا ِ
ين لترفي ِعهما أو تسويتِهما. الحاجب ِ
ِ عر
ص بإزال ِة ش ِ
مص يخت ُّ
شاربِها ،أو الن ُ ِ
كون لصغ ِر وهي ع ٌ
جوز؛ ألن ذلك ي ُ إظهارا ِل ِ
ً بالمبْر ِد ت» ج ْم ُع ُمتف ِلجةٍ ،وهي التي ت ُ ِ
فر ُق ما بيْن ثناياها ِ ولعن اللهُ «ال ُمتف ِلجا ِ
الزمةٌ ت خ ْلق الل ِه» ،وهو ِ
صفةٌ ِ زوير« .ال ُمغيِرا ِ
حسين والجما ِل؛ ِلما فيه ِمن الت ِ
ِ سن» أيِ :ألجْ ِل الت غار غا ِلبًاِ « ،لل ُح ِ
لص ِِل ِ
ِلمن تصن ُع الو ْشم والن ْمص والف ْلج
8
الحديث العاشر
شهرها
َ سها ،و صا َمت ت المرأةُ َخ ْم َ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله ﷺ " :إذا صلَّ ِ
ت" ب الجنَّ ِة ِ
شئ ِ صنَتْ فر َجها ،وأطاعَت زو َجها ،قي َل لها :اد ُخلي الجنَّةَ ِمن أي ِ أبوا ِ
،و ح َّ
شرح الحديث
ُخي ُرها يوم ال ِقيام ِة للدُّخو ِل للمرأة الصالح ِة -التي تُؤدِي فُروضها وتُطي ُع زوجها -مكانةٌ كبيرة ٌ عند ِ
ربها ،في ْرضى عنها ،وي ِ
ب الجن ِة شاء ْ
ت. من أي ِ أبْوا ِ
ت
ت الخ ْمس المكتوبا ِ ت الصلوا ِ ت الم ْرأة ُ خمسها" يعني :إذا أد ِ ي صلى اللهُ عليه وسلم" :إذا صل ِ ث يقو ُل النب ُّ
وفي هذا الحدي ِ
ت ف ْرجها" ذر" ،وحصن ْ ت ش ْهرها" ،أي :ش ْهر رمضان وأتمت ما فاتها منه لعُ ٍ ظت على أوقاتِها" ،وصام ْ كما ينبغي وحاف ْ
ع ْرفًا في القُبُ ِل، ق وغي ِْرهِ ،والف ْر ُج يُطل ُق على القُبُ ِل وال ُّدب ُِر ،وأ ْكث ُر ا ْستِ ْعما ِل ِه ُ والسحا ِ
ِ كالزنا
رامِ ، بأن ح ِفظتْه عن الح ِ ْ
ت ز ْوجها" ،أي :في ُك ِل ما يتعل ُق ب ُحقوقِ ِه الم ْشروع ِة ،وفي غي ِْر م ْعصيةٍ" ،قِيل لها :ا ُ ْد ُخلي الجنة من أي ِ أبْوا ِ
ب "وأطاع ْ
الخير،
ِ ُ
الخالل هي أمهاتُ أ ْفعا ِل ب الجن ِة الثمانِي ِة ،تكريًما وتشريفًا؛ ألن هذه ِ ت" يعني :يُنادى عليها من أبوا ِ الجن ِة ِشئْ ِ
ت شر ما عداها ت بها المرأة ُ ُوقِي ْ
ْباب دُخو ِل الجن ِة ،فإذا وف ْ
وأس ُ
عن ثوبان مولى رسول الله ﷺ قال :قال رسول الله ﷺ " :أيُّ َما امرأ ٍة سألت زو َجها طالقًا في ِ
غير ما
بأس فحرا ٌم عليها رائحةُ الجن ِة"
ٍ
شرح الحديث
ين المحافظةُ ت وآكدِها ،وخاصةً إذا أنجبا وكونا أُسرةً؛ فينبغي على الزوج ِ ق العالقا ِ ين من أوث ِالعالقة الزوجيةُ بين الزوج ِ
ي صلى الله عليه وسلم واب الجزيل ،وقد حذر النب ُّ األجر الكبير والث ُ ُ يان الجديدِ ،ول ُهما في تربي ِة أبنائِهما
على هذا ال ِك ِ
ي صلى اللهُ ُ
حيث يقو ُل النب ُّ ضرر ،كما في هذا الحديثِ، ٍ ب ودون ب الطالق دون سب ٍ تركُ هذا ال ِكيان وتطلُ ُالمرأة التي ت ُ
بأس فحرا ٌم عليها رائحةُ الجن ِة" ،أي :إن أي امرأةٍ طلبت الطالق غير ما ٍ عليْه وسلم" :أيُّما امرأةٍ سألت زوجها طالقًا في ِ
كون جزاؤُ ها أنهاب واضحٍ ومقبو ٍلْ ،فلتحْ ذ ْر؛ ألنها سي ُ زوجها ،ودون سب ٍ ِ زوجها دون ُوقوعِ ضر ٍر أو أذًى عليها ِمن ِ ِمن
حق من دم دخو ِلها الجنة ،وهذا في ِ تُمن ُع ِمن رائح ِة الجن ِة ،وهذا كنايةٌ عن بُعدِها من الجن ِة وم ْن ِعها من ْ
أن ت ِجد ِريحها وع ِ
اإلسالم محمو ٌل على أنها ال ت ِج ُد رائحة الجن ِة أول ما ي ِجدُها ال ُمح ِسنون ،وال تد ُخلها مع أو ِل الداخلين ،ال أنها ِ ْ
ماتت على
ي صلى اللهُ عليْه وسلم ِ
عن أصال ،وهذا ِمن المبالغ ِة في التهديدِ؛ ففي صحيح البخاري ِ أخبر النب ُّ ً ُ
ال ت ِجدها وال تدخلها
الجن ِة ،فقال" :وإن ِريحها تُوج ُد ِمن مسيرةِ أربعين عا ًما".
ضرر وقع عليها.
ٍ ب ودون
ق دُون سب ٍ حذير الشدي ُد ِمن طل ِ
ب المرأةِ للطال ِ ث :الت ُ
وفي ال َحدي ِ
5
الحديث الثاني عشر
س ُج َد ِأل َ َح ٍد َ ،أل َ َم ْرتُ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله ﷺ " :لو ك ْنتُ ِ
آم ًرا أحدًا ْ
أن يَ ْ
س ُج َد ِل َز ْو ِجها" المرأةَ ْ
أن ت َ ْ
شرح الحديث
ت التي ال يستحقُّها إال اللهُ عز وجل ،قال عليه الصالة ُ والسال ُم :لو ُكنتُ ِآم ًرا أحدًا أن سجو ُد تعظي ًما و ِعبادة ً ِمن ال ِعبادا ِ
ال ُّ
الحق ،أي:
ِ ألزواج ِهن؛ ِلما جعل اللهُ لهم علي ِهن من
ِ لغير الل ِه ،ألمرتُ النِساء أن يس ُجدن
سجو ٌد ِ يس ُجد ،أي :لو كان هناك ُ
ورهم في الحياةِ. ِلما لهم ِمن فض ٍل ،ول ِعظ ِم د ِ
عظيم.
أعظم أنواعِ الت ِ
ِ سجود ِمن
وفي الحديث :أن ال ُّ
الحث على عد ِم ِعصيانِه
ِ حق الزوجِ على زوجتِه ،واإلشارة ُ إلى
وفيهِ :عظ ُم ِ
شرح الحديث
يسبحانه الجنة ل ِعبادِه ال ُمطيعين الصا ِبرين ،وخلق النار ِلمن أبى وأعرض عنه وكفر نِعمه ،وقد بين لنا النب ُّ خلق اللهُ ُ
النار التي تكث ُ ُر في النِ ِ
ساء ت أه ِل ِ صفا ِعض ِ بيان ب ِث ُ ثير ممن يد ُخلُهما .وفي هذا الحدي ِ تك ٍ صفا ِ صلى اللهُ عليه وسلم ِ
ْ ُ
ي صلى اللهُ عليه وسلم النِساء يو ًما فقال لهن :إنِي أريتُ النار ،فأطلعني اللهُ تعالى على الن ِ
ار ُ
حيث وعظ النب ُّ ُخصو ً
صا،
فقالت إحدا ُهن: ْ ين ،فلما نظ ْرتُ إليها ،وشاهدْتُ من فيها؛ كان ُ
أكثر أه ِلها النِساء، ْ
بقُدرتِه ،وكشف لي عنها ،فرأيتُها رأي الع ِ
ار؛ ألنهن يكفُ ْرن ،ولم يُبيِ ْن صلى اللهُ عليه وسلم و ِلم يا رسول الل ِه؟ فأجابها صلى اللهُ عليه وسلم :إنما ُكن أكثر أه ِل الن ِ
ي صلى اللهُ عليه وسلم ،ويشتد خوفُهن ،ولم يك ِد سهن إلى معرف ِة هذا ال ُك ْف ِر الذي وصفهن به النب ُّ يكفُ ْرن بماذا؛ ِلتتطلع نُفو ُ
بل يكفُ ْرن العشير ،ويكفُ ْرن قالت إحداهن :أيكفُ ْرن بالل ِه؟! فقالْ : ْ نط ُق بهذه الكلم ِة حتى ي صلى اللهُ عليه وسلم ي ِ النب ُّ
ت منه شيئًا اإلحسان ،أي :يُن ِك ْرن نِعمة الزوجِ وإحسانه إليهن؛ فلو أحسن الزو ُج إلى إحدا ُهن الدهر والعمر كله ،ثم رأ ْ
كلها!وإنما كان جحْ ُد النِعم ِة حرا ًما؛ ألن المرأة س ُّرني طوال حياتي ِ واحدًا مما تكرهُ ،قالت :ما وجدْتُ منك شيئًا ينفعُني أو ي ُ
وجها هي في الحقيق ِة واصلةٌ ِمن ت إليها ِمن ز ِ النعمة التي وصل ْ دت ِنعمة الل ِه؛ ألن هذه ِ وجها ،فق ْد جح ْ دت ِنعمة ز ِ إذا جح ْ
أن يس ُجد ب لدقيق ٍة بديعةٍ؛ وهي قولُه صلى اللهُ عليه وسلم« :لو أم ْرتُ أحدًا ْ شير ِمن بي ِْن أنواعِ الذُّنو ِالل ِه .وخص ُكفران الع ِ
ت
بحق الل ِه ،فإذا كفر ِ ِ وغيره؛ فقرن حق الزوجِ على الزوج ِة ُ وجها» وهذا رواه أحم ُد أن تس ُجد لز ِ مرتُ المرأة ْ ألحدٍ ،أل ْ
فر؛ ظ ال ُك ُ بحق الل ِه؛ فلذلك يُطل ُق عليها لف ُ
ِ هاو ِنهاليال على ت ُ حقه عليها هذه الغاية -كان ذلك د ً وجها وقد بلغ ِمن ِ المرأة ُ حق ز ِ
11
غير ال ُك ِ
فر بالل ِه تعالى، فظ ال ُك ِ
فر قد يُطل ُق على ِ فران ،وأن ل ِ ُ
.والحديث ي ُد ُّل على أن الكفر ُك ِ عن المل ِة
ُخر ُج ِفر ال ي ِلكنه ُك ٌ
إنكارها
ُ كأن يُراد ُك ُ
فر النِعم ِة ،أي: ْ
شرح الحديث
كل منهما.
ت ٍوجين ،وقد بين الشرعُ ُحقوق وواجبا ِ
ِ الزواج عالقةٌ شرعيةٌ بيْن الز
وجها إذا دعاها ،وهو ِكنايةٌ عن راش ز ِ ي صلى اللهُ عليه وسلم ُحكم امتناعِ المرأةِ ِمن فِ ِ ث يُبيِ ُن النب ُّ
وفي هذا الحدي ِ
ضب عليها زو ُجها ،وبات على تلك ت عن إجابتِه ،فغ ِ ُجامعها ،فامتنع ْ
أن ي ِ والجماعِ ،فإذا طلب الرج ُل ِمن المرأ ِة ْ ال ُمعاشر ِة ِ
الحال ِة؛ كان عاقبةُ ذلك وخيمةً على الزوج ِة ،حيث تلعنُها المالئكةُ فتدْعو عليها بالطر ِد ِمن رحم ِة الل ِه تعالى حتى الصباحِ؛
رجع» ،وم ْعنى ذلك :أن ت البخاريِ« :لعنتْها المالئكةُ حتى ت ِ عض ِروايا ِ ت زوجها ومنعتْه حقه الشرعي ،وفي ب ِ ألنها عص ْ
راش ،ويُستثْنى ِمنورجو ِعها إلى ال ِف ِ
واالستغناء عنها ،أو بتوبتِها ُ
ِ الفجر
ِ ُ ُ
ستمر عليها حتى تزول المعصية بطلوعِ ُّ اللعنة ت
ض ونحْ ِوه؛ فال حرج عليها. ي ِمن مر ٍ ذر شرع ٌّع ٌذلك ما لو كان لديها ُ
ث :دلي ٌل على ِعظ ِم ِ
حق الزوجِ على زوجتِه. وفي الحدي ِ
لزوجها.
ِ صيان المرأ ِة
ِ هي عن ِع
وفيه :الن ُ
وفيه :دلي ٌل على قبو ِل د ِ
ُعاء المالئك ِة؛ لكونِه صلى اللهُ عليه وسلم خوف بذلك.
شرح الحديث
ق الذي جعله اللهُ
والميثا ِ
باط ِالر ِ
فاظ على هذا ِ
الح ِ
ت الزوجي ِة وطلب المودةِ والرحم ِة هو ِمن ِ إن تحقيق السالم ِة في العالقا ِ
ميثاقًا غلي ً
ظا؛ ووصفه بال ِغل ِظ لقوتِه و ِعظ ِمه.
عقوبةً عند الل ِه يوم
قضها وهت ِكها ،وأعظمها ُ ي صلى اللهُ عليه وسلم أن أعظم خيان ٍة لألمان ِة ون ِ ُخبر النب ُّ
ثي ُ وفي هذا الحدي ِ
ضي إِل ْي ِه» وهو كنايةٌ ِ
عن ال ُمعاشرةِ ضي إلى ْامرأتِ ِه ،وت ُ ْف ِ زاءِ ،خيانةُ الرج ِل لزوجتِه «الر ُجل يُ ْف ِهور الج ِ
ظ ِ ال ِقيام ِة يوم ُ
ص أسْرار الزوجي ِة ،وما أودعه الزو ُج إلى اآلخ ِر ،ثُم إن ين ،والمرا ُد به هنا :ك ُّل ما ي ُخ ُّتكون بين الزوج ِ ُ وال ُمالمس ِة التي
صف ما يجْ ري بينحتم ُل أن المراد و ُ الباطن ِة ،وي ِ ِ دن
ب الب ِ عيو ِ ش ُر ِسرها ،وال ُمرا ُد بِه ما ي ُ
كون ِمن ُ الرجل بعد هذا ين ُ
11
ذير لمن يُ ْفشي الجماعِ ،وهذا وعي ٌد شديدٌ ،وتحْ ٌ مور االستِ ْمتاعِ وما يجْ ري من المرأةِ من قو ٍل أو فِع ِل حال ِة ِ ين من أ ُ ِ
الزوج ِ
أن يُذيع أح ٌد سر اآلخ ِر ،فال يُذي ُع الرج ُل سرها وال تُذي ُع حْذير من ْ
ين مع الت ِ وجه ،والمرا ُد ت ْوجيهُ النُّصحِ للزوج ِ سر ز ِ
وجها؛لسر ز ِ ْ
ين -وهو الزو ُج -ليُشير به إلى اآلخ ِر ،أو لم يذ ُك ْر إفشاء الزوج ِة ِ ولكن ا ْكتفى بذ ِ
ِكر أح ِد ال ُمتقابِل ِ ِ المرأة ُ سره،
بخالف الرج ِل الذي يُتوق ُع منه
ِ ع ذلك، ش الحياء ،وهي -لحيائِها -ي ِق ُّل منها وقو ُ وإخفاء ما يخ ِد ُ الستر ْ
صل في المرأ ِة ِ ألن األ ْ
حصولُه.
شرح الحديث
قاصدًا إفساد دِينِ ِه، قِ ، ابن آدم مجْ رى الد ِم في العُرو ِ
نيف ،ومعلو ٌم أن الشيطان يجْ ري ِمن ِ ت دِينِنا الح ِ هر ِمن ثوابِ ِ ُّ
والط ُ العفةُ
ب ِمن واح ِش وال ُمنكراتِ؛ ولذلك نهى الشرعُ عن االقترا ِ هر عنه ،وجرهُ إلى الف ِ ُّ
والط ِ ب ال ِعف ِةوتدنيس فِطرتِ ِه ،وخ ْلع ثِيا ِ
أن يقع فيه.الحمى يُو ِشكُ ْ
ت ودوا ِعي الش ِر؛ فإن من حام حول ِ جميعِ ُمقدِما ِ
ت والخ ْلوةِ بهن ،فقال« :إياكم ساء األجنبيا ِ
ث ِمن الدُّخو ِل على النِ ِي صلى اللهُ عليه وسلم في هذا الحدي ِ وق ْد حذر النب ُّ
ٌ
يطان ثالثهما؛ فإن النُّفوس ضعيفة ،والدوافع إلى المعاصي ساء»؛ فإنه ما خال ر ُج ٌل بامرأةٍ إال كان الش ُ والدُّخول على النِ ِ
وعمه ونحْ ِو ذلك ،فقال ِ كأخيه
قريب الزوجِِ ، ُ مو هواألنصار :يا رسول الل ِه ،أفرأيت الحمو؟» والح ُ ِ قويةٌ« ،فقال رج ٌل ِمن
ب الموتُ ، أن يُجتنبا كما يُجتن ُ ب ْ
يج ُ
ب الزوجِ بزوجتِه ِ صلى اللهُ عليه وسلم« :الح ْم ُو الموتُ » ،أي :إن دُخول وخ ْلوة أقار ِ
أخطر
ُ ب؛ وذلك ألن دُخوله ِين في القلو ِت الد ِ
ب الزوجِ على المرأةِ كالموتِ؛ ألنه يُؤدِي إلى مو ِ أو المعنى :أن دُخول أقار ِ
بدون
ِ ب إلى ُوقوعِ الجريم ِة؛ ألن الناس يتساهلون ِب ِخ ْلط ِة الرج ِل بزوج ِة أخي ِه والخلوةِ بها ،فيد ُخ ُل ِمن دُخو ِل األجنبي ِ وأقر ُ
إن وقعت المعصيةُ ووجب الرجْ ُم ،أو إلى ه ِ
الك ت ْ فيكون الش ُّر منه أكثر والفتنةُ به أمكن ،أو أنها تُؤدِي إلى المو ِ ُ نكير،
ٍ
وجها إذا حملتْه الغيرة ُ على تطلي ِقها. قز ِ المرأةِ ب ِفرا ِ
ت والخلو ِة بهن؛ سدًّا للذريع ِة.
هي ع ِن الدُّخو ِل على األجنبيا ِ
ث :الن ُ
وفي ال َحدي ِ
واطن الزل ِل عامةً؛ خشية الوقوعِ في الش ِر.
ِ وفيه :االبتعا ُد عن م
12
الحديث السابع عشر
شرح الحديث
ْراض ،وسد كل ذريع ٍة
هاك األع ِ
كل شيءٍ يُؤدِي إلى انتِ ِ
ْراض؛ ولذ ِلك نهى اإلسال ُم عن ِ
ظ األع ِ اإلسالم ِحف ُ
ِ من أه ِم مقاص ِد
الوقوعِ في الهوى.
ظ القلوب ِمن ُ أرشد إلى ما يحف ُتُؤدِي إلى إ ْفسادِها ،كما ْ
سم المس واتِصا ُل ِ
الج ِ ُّ المرأة» ،المباشرة ُ هي ث يقو ُل الرسو ُل صلى اللهُ عليه وسلم« :ال تُبا ِش ِر ْ
المرأة ُ ْ وفي هذا الحدي ِ
درك مدى نعومتِها ،فهذا هو المقصو ُد من المباشرةِ؛ وذلك ألن سمها لت ُ ِ
سها أو تض ُع يدها على ِج ِ سم ،بمعنى أنها تلم ُ
بالج ِ
ِ
عرف سمها لت ِ ُ
فتكون بوضعِ الي ِد على ِج ِ ق البص ِر إليها ،وأما المباشرة ُ ُ
يكون بإطال ِ نظرا وهناك ُمباشرةً ،فالنظ ُر
هناك ً
سم. المرأة ُ بالمالمس ِة مدى نعوم ِة ِ
الج ِ
ظ ُر إليها؛ ل ِشدةِصفها لزوجها وت ُ ْخبِره بِمحا ِسنها وما فيها ِمن جما ٍل أو قُبحٍ ،كأنهُ ين ُ
فليس للمرأةِ أن تفعل ذلك ،ثم بعد ذلك ت ِ
ت الموصوفةُ جميلةً تعلق ْقلبُه بها ،فيمي ُل إليها ،ويفتتِ ُن بها ،ويكرهُ زوجتهُ التي وصفتْها ألجْ ِلها، صف ودِقتِهْ ،
فإن كان ِ الو ِ
راض عنها. ٍ ت الموصوفةُ قبيحةً فهذا ِمن ال ِغيب ِة ،والتي ُربما تجع ُل زوجها غير فيكون ذلك سبب طالقِها ،وإِ ْن كان ِ
ُ
ث أبي سعي ٍد سن ِن من حدي ِ ب ال ُّ
مسلم وأصحا ِ
ٍ ضا؛ فقد ورد عند ص النِساء فقط ،بل يشم ُل ِ
الرجال أي ً هي ال ي ُخ ُّ
وهذا الن ُ
ظ ُر المرأة ُ ظ ُر الر ُج ُل إلى عورةِ الر ُج ِل ،وال تن ُ ضي اللهُ عنه ،أن رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم قال« :ال ين ُ ال ُخدري ِ ر ِ
الواح ِد» ،فهذا ِ الواحدِ ،وال تُفضي المرأة ُ إلى المرأةِ في الثو ِ
ب ِ ضي الر ُج ُل إلى الر ُج ِل في الثو ِ
ب إلى عورةِ المرأةِ ،وال يُ ْف ِ
الواحدِ ،وعد ِم
ِ ب
ضهم ،أو تال ُم ِس األجسا ِد في الثو ِ ت ب ْع ِ ساء عن النظ ِر إلى ع ْورا ِالرجا ِل والنِ ِ ُ
الحديث ي ُد ُّل على نهي ِ ِ
اء إلى المرضى، ُثير الغرائز ،مع مراعاةِ الضرور ِة في النظ ِرِ ،مث ُل نظ ِر األطب ِ غيره وصفًا ي ُ صف طرفٍ لآلخ ِر أمام ِ و ِ
طبها؛ فذلك ُكلُّه ال بأس به؛ صفها له ليخ ُ ظر إلى امرأةٍ وت ِ ار ِمه لتن ُ
بعضهما ،وكمن أرسل إحدى مح ِ وجين إلى ِ ِ ونظ ِر الز
ض صحي ٌح مشروعٌ. ألنه قد تعلق به غر ٌ
بح ْفظ ِه. ير وإ ْف ِ
شاء ما أمر اللهُ ِ وجها ،ون ْق ِل د ِ
واخ ِل الغ ِ ساء لز ِ
الن ِ
ف المرأ ِة غيرها ِمن ِ
ص ِ
هي عن و ْ
ث :الن ُ
وفي ال َحدي ِ
ب ِمن التعلُّ ِ
ق بما حرمهُ اللهُ. فظ القُلو ِ
وح ِ
األعراض ِ
ِ فظ
لح ِ
ي ِ وفيه :تربِيةٌ ْ
وإرشا ٌد نبو ٌّ
الناس.
ِ ب وإ ْفسا ِد العالقا ِ
ت بيْن إرشا ٌد إلى س ِد الذرائعِ المؤدِي ِة إلى إ ْفسا ِد القُلو ِ
وفيهْ :
13
الحديث الثامن عشر
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال :قال رسول الله ﷺ " :ال ُّد ْنيَا َمتَاعٌَ ،و َخي ُْر َمتَاعِ ال ُّد ْنيَا ال َم ْرأَةُ
صا ِل َحةُ"
ال َّ
شرح الحديث
تيار المرأةِ الصالح ِة للزواجِ؛ ألنها ِمن أعظ ِم النِع ِم على اإل ْنس ِ
ان في باخ ِالرجال والشباب ْ
ي صلى اللهُ عليه وسلم ِ
أرشد النب ُّ
الدُّنيا.
ع» ،والمتاعُ :ما ينت ِف ُع ب ِه اإل ْن ُ
سان ويستمتِ ُع ،وأن خير ي صلى اللهُ عليه وسلم أن «الدُّنيا متا ٌ ث يُخبِ ُر النب ُّ
وفي هذا الحدي ِ
ُ ٌ
ظر إليها ،وبطاعتِها له ،وهي عفيفة تحفظ ن ْفسها إذا غاب عنها، ِين ،التي يفر ُح بالن ِ ُ
صاحبة الد ِ
ِ ُ متاعِ الدُّنيا للر ُج ِل الزوجة
وجها. ظ ماله؛ فهذا قِوا ُم المرأ ِة الصا ِلح ِة ،فهي صالحةٌ في دِينِها ون ْف ِسها ،و ُمص ِلحةٌ لحا ِل ز ِ وأمينةٌ تحف ُ
َّ
نساءكن َ
تدخلن الالتي لن على عائشةَ رضي اللَّه عنها فقالت َّ
أنتن َّ حمص أو الش َِّام د َخ ٍَ إن نسا ًء من َّ
زوجها
ِ ت س ِمعْتُ رسو َل اللَّ ِه صلَّى اللَّهُ علي ِه وسلَّ َم يقو ُل ما من امرأ ٍة تض ُع ثيابَها في ِ
غير بي ِ ت َ
الح َّماما ِ
َ
وبين ربِها تر بينَها
الس َ
ت ِ َّإَّل هت َ َك ِ
شرح الحديث
باس الجاهلي ِة ،وبين العُقوبة الشديدة ِلم ْن فعل ْ
ت برجِ ،والتزي ُِّن ب ِل ِ ي صلى اللهُ عليه وسلم النِساء ِمن الت ِ
عري والت ُّ حذر النب ُّ
ذلك منهن.
بالشام ،والشا ُم :تق ُع في الشما ِل ِمن الجزيرةِ العربي ِة،
ِ ص مدينةٌوح ْم ُث إن نِسا ًء ِمن ِح ْمص -أو الش ِامِ "- وفي هذا الحدي ِ
دخلن نِساءكنْ رضي اللهُ عنها ،فقالت :أنتُن الالتي ت ُ ِ ْ ُ
سورية واأل ْردن ،وفِلسطين ولبنان" ،دخلن على عائشة ِ ُ ض ُّم حاليًّاُ : وت ُ
لموضعِ االغتِسا ِل بأي ِ ماءٍ كان ،والمرا ُد بها :أما ُ
كن ِ الحار ،ثم قِيل
ِ بالماء
ِ وض ُع االغتِسا ِل
الحماماتِ!" والحما ُم م ِ
وجها" ،أي: تز ِ حمام العامةُ" ،س ِم ْعتُ رسول الل ِه صلى اللهُ عليه وسلم يقولُ :ما ِمن امرأةٍ تض ُع ثِيابها في غي ِر بي ِ االستِ ِ
تر
الس ِ
ت ما بيْنها وبيْن الل ِه ِمن ِ ت ومزق ْ الستر بيْنها وبيْن ربِها" ،أي :قطع ْ ت ِ ف ِمن ثِيابِها وت ْن ِزعُ مالبِسها" ،إال هتك ِ تتخف ُ
أن يكون خ ْلعُها لثيا ِبها في
ي عنه ،والمرا ُد بهذا النهيِ :هو ْ تحذير شدي ٌد ِمن هذا ال ِفع ِل ون ْه ٌ
ٌ والصل ِة ،وفي هذا
ِ ياء
والح ِ
مواطن يُخشى منها ال ِفتنةُ ،وعد ُم ْ
األم ِن. ِ
وجها حذير ِمن خ ْلعِ المرأةِ ثِيابها خارج بي ِ
تز ِ ث :الت ُ
وفي ال َحدي ِ
14
الحديث العشرون
شرح الحديث
ض ُّر ال ُمجْ تمع ،ويُؤدِي إلى صو ِر الفسا ِد وأسْبابِه ،وما ي ُ ت كل ُ ت عليْها ،وحارب ْ ت الشريعةُ اإلسْالميةُ الفضائل ،وحث ْ لقد حم ِ
بم ْخيطٍ ِمن حدي ٍد" ،بم ْعنى :أل ْن ْ
ُطعن في رأ ِس ر ُج ٍل ِ ث يقو ُل الرسو ُل صلى اللهُ عليْه وسلم" :أل ْن ي ْ ا ْن ِحال ِله .وفي هذا الحدي ِ
بالذ ْك ِر؛ ألنه
الم ْخيط ِ
صنوع ِة ِمن الحديدِ ،وخص ِ يُضْرب الر ُج ُل في رأْ ِسه بشيءٍ مما يُخا ُ
ط به ِمن اإلبْرةِ ونحْ ِوها ،الم ْ
ب في الرأْ ِس أن يمس ْامرأة ً ال ت ِح ُّل له" ،أي :فذلك الض ْر ُ ير ِمن ْاإليالم" ،خ ٌ
ِ يره ،وأشد وأ ْقوى في ب ِمن غ ِصع ُ ب وأ ْ صل ُ أ ْ
حق .وإذا كان هذا في ُمجر ِد الم ِس ،فما بالُك بما ف ْوقه ِمن نحْ ِو ير وجْ ِه ٍ أن ي ْل ِمس ْامرأة ً أجْ ن ِبيةً عنه بغ ِ
أ ْفض ُل للر ُج ِل ِمن ْ
ساء
رام مع النِ ِ حْذير شدي ٌد ِمن ُ
الوقوعِ في الح ِ الفاحش ِة؟! فهو أش ُّد ُح ْرمةً .وفي الحديثِ :ت ٌ ِ قُبْل ٍة و ُمباشرةٍ ،أو ُوقوعٍ في
األجْ نبِياتِ.
ْراض. ساء؛ ِح ْف ً
ظا لألع ِ ق مع النِ ِ وفيه :س ُّد الذرائِعِ ال ُمؤدِي ِة إلى فسا ِد ْ
األخال ِ
شرح الحديث
ق ويمد ُحها ،ويُحذ ُِر ث على فضائِ ِل ْ
األخال ِ وكثيرا ما كان ي ُح ُّ
ً ق، ْ
باألخال ِ ي صلى اللهُ عليه وسلم يهت ُّم اهتِما ًما با ِلغًا كان النب ُّ
لمر ِء ت ْر ُكه ما ال إسالم ا ْ
ِ ي صلى اللهُ عليه وسلمِ " :من ُح ِ
سن ث يقو ُل النب ُّ ق ويذُ ُّمها ،وفي هذا الحدي ِ ئ ْ
األخال ِ ِمن مسا ِو ِ
صه وال يُ ِه ُّمه وما ال يُفي ُدهُ ِمنوتمام إيمانِ ِه ،ابتِعادُه عما ال ي ُخ ُّ
ِ ْالم ال ُمس ِل ِمحاسن إس ِِ يعني ِه" ،والم ْقصو ُد أن ِمن كما ِل م
موم
ع ِ ضا في ُ يرهِ ،وعد ُم تطفُّ ِل ِه على غ ِ
ير ِه فيما ال ينفعُهُ وال يُفي ُدهُ ،ويد ُخ ُل أي ً ؤون غ ِ
ش ِ األ ْقوا ِل واأل ْفعا ِل ،وعد ُم تد ُّخ ِله في ُ
ي صلى اللهُ عليه وسلم ،وكذلك ما ال يُحتا ُج إليه ِمن كرههُ النب ُّالم ْعنى :االبتِعا ُد عما ال يعني مما حرم اللهُ عز وجل وما ِ
األمور الدُّنيوية؛ بل إن مما ال ِ محصورا في
ً الم واأل ْفعا ِل واألحْ وا ِل؛ فمما ال يعني اإلنسان ليس فُضو ِل ال ُمباحا ِ
ت ِمن الك ِ
ُ
والبحث عن واألم ِر ،ومنها السؤا ُلْ الحكم في الخ ْل ِ
ق ب وتفاصي ِل ِ ق الغي ِ مور أخروي ٍة كحقائ ِ ُ ُ
متعل ٌق بأ ٍ
ضا ما هو ِ يعنيه أي ً
عها. مسائِل ُمقدرةٍ و ُمفترض ٍة لم تق ْع ،أو ال تكا ُد تق ُع ،أو ال يُتصو ُر وقو ُ
ِين والدُّنيا . ُّ
الحث على االن ِشغا ِل بما ينف ُع ويُفي ُد في الد ِ ث:
وفي ال َحدي ِ
19
الحديث الثاني والعشرون
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله ﷺ فيما يرويه عن ربه أن اللَّهَ قا َلَ :من عادَى لي
ع ْبدِي ضتُ عليه ،وما يَزا ُل َ ي م َّما ْ
افت َ َر ْ ب إلَ َّ َيء أ َح َّ
ع ْبدِي بش ٍ ي َ ب إلَ َّب ،وما تَقَ َّر َ َو ِليًّا فقَ ْد آ َذ ْنتُهُ بال َح ْر ِ
ْص ُر به ،ويَ َدهُ ص َرهُ الَّذي يُب ِ س َم ُع به ،وبَ َ س ْمعَهُ الَّذي يَ ْ ي بالنَّوافِ ِل حتَّى أ ُ ِحبَّهُ ،فإذا أحْ بَ ْبتُهُُ ،ك ْنتُ َ ب إلَ َّيَتَقَ َّر ُ
ستَعا َذنِي َأل ُ ِعي َذنَّهُ ،وما ت َ َر َّد ْدتُ عنسأَلَنِي َألُع ِْطيَنَّهُ ،ولَ ِئ ِن ا ْ
وإن َشي بهاْ ، ورجْ لَهُ الَّتي يَ ْم ِ
ش بهاِ ، الَّتي يَب ِْط ُ
َيء أنا فا ِعلُهُ ت َ َر ُّددِي عن نَ ْف ِس ال ُم ْؤ ِم ِن؛ يَ ْك َرهُ ال َم ْوتَ ،وأنا أ ْك َرهُ َمسا َءتَهُ. ش ٍ
شرح الحديث
واآلخرةِ ،ويزدا ُد التحري ُم ِشدةً،
ِ األليم في الدُّنيا
ِ ب
حق ،وتوعد ال ُمجترئ على ذلك بال ِعقا ِ حرم اللهُ إيذاء ال ُم ِ
ؤم ِن بغي ِْر ٍ
ب ُخطورةً؛ إذا كان الواق ُع عليه اإليذا ُء أحد الصالحين.ويزدا ُد الوعي ُد بالعقا ِ
ث القُدسي ِ يُخبِ ُر رسو ُل الل ِه صلى اللهُ عليه وسلم أن الله عز وجل قال« :من عادى لي و ِليًّا» ،أي :ألحق وفي هذا الحدي ِ
ص في ِعبادتِه.
ب على طاعتِه ،ال ُمخ ِل ُ
المواظ ُ
ِ ي ،العا ِل ُم بالل ِه تعالى،ؤم ُن التق ُّ
ي :هو ال ُم ِ
أولياء الل ِه ،والو ِل ُّ
ِ األذى بولي ٍ ِمن
الحق ِرعايته ،أو هو الذي يتولى ِعبادة ُّ سبحانه وتعالى ْأمره وال ي ِكلُه إلى ن ْف ِسه لحْ ظةًْ ،
بل يتولى ضا من يتولى اللهُ ُ وهو أي ً
ٌ
صيان. أن يتخللها ِع الل ِه وطاعته ،ف ِعباداتُه تجْ ري على التوالي ِمن غي ِْر ْ
سبحانه الحرب عليه ،وهذا فيه الغايةُ القُصوى ِمن التهديدِ؛ إذ من حاربه اللهُ وعامله
فمن عادى و ِلي الل ِه ،فق ْد أعلن اللهُ ُ
حرب الل ِه؟! ب ،فهو هالكٌ ال محالة ،ومن ي ُ
ُطيق ْ المحار ِ
ِ ُمعاملة
ضتُه عليه» ،أي :أوج ْبتُه عليه؛ فالصلواتُ الخ ُ
مس سبحانه« :وما تقرب إلي عبْدي بشيءٍ أحب إلي مما افتر ْ ثم قال الح ُّق ُ
والخميس،
ِ نين
صيام االث ِ ِ وصيا ُم رمضان أحبُّ إلى الله من قيام اللي ِل ،وأحبُّ إلى الل ِه ِمن النوافِ ِلِ ،
أحبُّ إلى الل ِه ِمن ِ
ب إلي بالنواف ِل» مع ض أحبُّ إلى الل ِه وأوكدُ« .وما يزا ُل عبْدي يتقر ُ الست ِة ِمن شوا ٍل ،وما أشبهها؛ فالفرائِ ُ واألي ِام ِ
ب إلى الل ِه ،وهي وغيرهما من أعما ِل البِ ِر والطاع ِة التي ليست من الفريض ِة؛ فالنوافِ ُل تُق ِر ُ ِ يام،
والص ِ
ِ الفرائض ،كالصالةِ
ِ
سبحانه ض ،نال محبة الل ِه ،في ُِحبُّه اللهُ ،وإذا أحبه كان اللهُ ُ قيامه بالفرائِ ِ ُ
اإلنسان ِمن النوافِ ِل مع ِ تُك ِم ُل الفرائِض ،فإذا أكثر
ُ
يكون ُمس ِددًا له في ورجْ له التي ي ْم ِشي بها ،يعني أنه ش بهاِ ، بط ُُبص ُر به ،ويدهُ التي ي ِ
س ْمعه الذي يسم ُع به ،وبص ُره الذي ي ِ
يحبُّ اللهُ ظ ُر إال إلى ما ِ ُرضي الله ،ويُس ِددُه في بص ِره ،فال ين ُضاء األربع ِة؛ يُس ِددُه في سم ِعه ،فال يسم ُع إال ما ي ِ هذه األع ِ
ُ ُ
النظر إليه ،وال ينظ ُر إلى المحر ِم ،ويُس ِددُه في يدِه ،فال يعم ُل بيدِه إال ما يُرضي الله؛ ألن الله يُس ِددُه ،وكذلك ِرجْ له ،فال
الخير.
ُ يمشي إال إلى ما يُرضي الله؛ ألن الله يُس ِددُه ،فال يسعى إال إلى ما فيه
ولئن استعاذ بالل ِه ولجأ إليه طلبًا للحماي ِة ،فإن الله
ِ ُ
فيكون ُمجاب الدعوةِ، وإن سأل الله شيئًا فإن الله يعطيه ما سأل،
سبحانه يُعيذُه ويحميه مما ي ُ
خاف. ُ
ؤم ِن» وليْس هذا التر ُّد ُد ِمن أجْ ِل الش ِك في المصلح ِة ،وال ِمن أجْ ِل «وما ترددتُ عن شيءٍ أنا فاعلُه تردُّدي عن ن ْف ِس ال ُم ِ
تعليال لهذا التر ُّد ِد« :ي ْكرهُ
ً ؤم ِن ،ولهذا قال اللهُ
بل هو ِمن أجْ ِل رحم ِة هذا العب ِد ال ُم ِ الش ِك في القُدرةِ على فِع ِل الش ِ
يءْ ،
صعوبتِه.تو ُ العظيم« ،وأنا أ ْكرهُ مساءتهُ»؛ ِلما ي ْلقى ال ُم ِ
ؤم ُن ِمن المو ِ ِ األلم
الم ْوت» ِلما فيه من ِ
ويحبُّ
يحبُّها ِ
يحبُّها ،ثم اجتهد في النوا ِف ِل التي ِ
ض ،وهو ِ ب إليه ً
أوال بالفرا ِئ ِ فالعب ُد الذي صار محبوبًا للح ِ
ق ُم ِحبًّا له ،يتقر ُ
يحبُّق اإلرادةِ؛ بحيث ِص ِد اتفا ِ ق ،فأحبه الح ُّق ل ِف ْع ِل محبوبِه من الجانِب ِ
ين بق ْ ب الح ِفا ِعلها ،فأتى ب ُك ِل ما يقد ُِر عليه من محبو ِ
محاب
ِ سوء عبْده ومحبوبه ،فل ِزم ِمن هذا أن يكره الموت؛ ليزداد ِمن ب يكرهُ أن ي ُيحبُّه ،ويكرهُ ما يكر ُهه محبوبُه ،والر ُما ِ
16
سبحانه وتعالى قد قضى بالموتِ ،ف ُك ُّل ما قضى به فهو يريدُه ،وال بُد منه؛ فالربُّ ُمري ٌد ِلموتِه ِلما سبق به محبو ِبه ،واللهُ ُ
ق ِمن وجهٍ، ص ُل له بالموتِ؛ فصار الموتُ ُمرادًا للح ِ قضاؤُ ه ،وهو مع ذلك كارهٌ لمساءةِ عبدِه ،وهي المساءة ُ التي تح ُ
مكرو ًها له من وجهٍ ،وهذا حقيقةُ التر ُّددِ.
أولياء الل ِه.
ِ إيذاء
ِ هي عن
ث :الن ُ
وفي ال َحدي ِ
ض ِلهم.
واالعتراف بف ْ
ِ حمن،
أولياء الر ِ
ِ ب
رغيب في ُح ِ
ُ وفيه :الت
الفرائض ،وأفض ُل القُ ُربات ب ْعدها فِع ُل النواف ِل.
ِ وفيه :أن أحب األعما ِل فِع ُل
نزلتِهم.
ورفع ِة م ِ
األولياء ِ
ِ وفيه :داللةٌ على شر ِ
ف
شرح الحديث
الجامعة،
ِ وامع الك ِل ِم ،فكان صلى اللهُ عليه وسلم يجم ُع الموا ِعظ الجمة والوصايا ي صلى اللهُ عليه وسلم ج ِ أُوتِي النب ُّ
غار وتعلي ُمهم أمور دِينِهم؛ ِمن العقيدةِ الكالم القلي ِل ،وكان ِمن ه ْديِه عليه الصالة ُ والسال ُم تربيةُ ِ
الص ِ ِ والحكم البا ِلغة في
ِ
ُّ
الصحيح ِة و ُحس ِْن التوك ِل على الل ِه.
غير الذي لم ي الص ُ اس" :يا غال ُم" ،والغُال ُم هو الصب ُّ
بن عب ٍ ي صلى اللهُ عليه وسلم ِلعب ِد الل ِه ِ ث يقو ُل النب ُّوفي هذا الحدي ِ
ظ ُحدوده و ُحقوقه مورا وأشياء ينفعُك اللهُ بها ،احف ِظ الله" ،أي :احْ ف ْ عل ُمك أ ُ ً
ت" ،أي :أ ُ ِ يبلُغِ ال ُحلُم بعدُ" ،إنِي أ ُ ِ
عل ُمك ك ِلما ٍ
واآلثام،
ِ ت والقُرباتِ ،وال ي ِجدُك في المعاصي بحيث ي ِجدُك في الطاعا ِ ُ أوام ِره ونواهيه ق الله في ِ وأوامره ونواهيه ،فات ِ
ت ويحفظك في نف ِسك وأه ِلك وما ِلك رور والموبِقا ِ
ش ِ ظك" ،أي :إذا اتقيته وح ِفظته كان جزاؤُك أن يصونك ِمن ال ُّ "يحْ ف ْ
واآلخرة
ِ مكار ِه الدُّنيا
ِ ودِينِك ودُنياك ،ويحفظك ِمن
ب المعاصي" ،ت ِجدْه تُجاهك" ،والمعنى :أنك األوام ِر والنواهيْ ،
والز ِم الطاعاتِ ،وال تقر ِ ِ ق الله في"احف ِظ الله" ،أي :ات ِ
ُ
بحيث ت ُ ْغنى بال ُك ِلي ِة عن نظ ِرك حاضر تِلقاءك وقُدامك في مقام إحسانك وإيقانك وكمال إيمانك ،كأنك تراهٌ ت ِجدُه حينئ ٍذ كأنه
ُسه ُل لك األمور التي ص ُرك في ُم ِهماتِك أينما توجهت ،وي ِ ظت طاعة الل ِه وجدته يحف ُ
ظك وين ُ ما ِسواه ،وقيل :المعنى :إذا ح ِف ْ
تج ُد ِعنايته ورأفته قريبًا منك؛ يُراعيك في جميعِ الحاالتِ ،ويُن ِقذُك ِمن جميعِ المضرا ِ
ت. قصدت ،وقيل المعنىِ :
"إذا سألت فاسأ ِل الله" ،أي :إذا أردت أن تطلُب شيئًا ،فال تطلُبْ إال ِمن الل ِه" ،وإذا استعنت فاست ِع ْن بالل ِه" ،أي :وإذا أردت
ث على التو ُّج ِه إِلى الل ِه األم ِر ِزيادة ً في الح ِ العون فال تطلُ ِ
ب العون إال ِمن الل ِه وال تست ِع ْن إال بالل ِه" ،واعْل ْم" ،كرر فِعل ْ
ي :ل ْم ي ْقد ُِروا أ ْن ي ْنفعُوك،ِيرا "على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك" أ ْ ضا وت ْقد ً
ت ف ْر ً تعالى "أن األُمة لو اجتمعت" ،أيِ :اتفق ْ
حصل منفعةً إال ما قين أنه لن يكون إال ما قدره اللهُ لك؛ فلن ت ُ ِ "إال بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك" ،والمعنى :و ْلي ُك ْن ِعندك ِعل ٌم وي ٌ
17
ض ُّروك إال بشيءٍ ض ُّروك بشيءٍ لم ي ُ"وإن اجتمعوا على أن ي ُ ِ األرض جميعًا،
ِ كتبه الله لك ،ولو اجتمع على منفعتِك أه ُل
ضا أنك لن ترى إال ما قدره اللهُ عليك ،فلن يبلُغك ُ
ض ٌّر إال ما قدره اللهُ قد كتبه اللهُ عليك" ،أي :و ْلي ُك ْن ِعندك ِعل ٌم أي ً
كم المقر ِر في االعتقا ِد أن اجتِماعهم على إيصا ِل األرض جميعًا ،وهذا ُمت ِف ٌق مع ال ُح ِ
ِ ض ِرك أه ُل عليك ،ولو اجتمع على ُ
ب ،فهو ب والمهر ِ وحد الله في المطل ِبدون مشيئ ِة الل ِه ِمن ال ُمحا ِل ،و ُخالصةُ المعنى أن المطلوب ِمنك أن ت ُ ِ ِ النِفعِ والض ُِّر
ار الناف ُع ،والمعطي المان ُع.الض ُّ
ت
كام" ،وجف ِورفِع القل ُم ،فال ِزيادة وال نُ ْقصان في ِكتاب ِة األحْ ِق جميعًاُ ، " ُرفِعت األقال ُم" ،أيُ :كتِبت م ُ
قادير الخالئ ِ
ق ،فال تبْديل وال ت ْغيير ،فك ُّل شيءٍ قد ُكتِب في قادير الخالئ ِ
حف بما كتبته األقال ُم فيها ِمن م ِ ص ُ حف" ،أي :جفت ال ُّ ص ُ ال ُّ
ب في الشاه ِد ِمن كتابتِه،
فاف الصحيف ِة؛ تشبي ًها بفراغِ الكات ِالقضاء والقد ِر بر ْفعِ القل ِم ،وج ِ
ِ ق
المحفوظ؛ فعبر عن س ْب ِ
ِ اللوحِ
سبحانه؛ كل أعما ِلها ،وأال تخاف غيره ُ وأن تُراقِبه في ِ ق مع الل ِهْ ، بصد ٍ ُ ُّ
وهذا كله ِمن التربي ِة النبوي ِة لألم ِة على أن تتعامل ِ
المفاهيم الط ِيب ِة فينشؤوا وي ِشبُّوا عليها.
ِ فم ْنه النف ُع والض ُّر ،وأن تُربِي أطفالها على هذه ِ
وتفردِه،
ُّ شهو ِد توحيدِه فويض األ ُ ِ
مور إليه ،والتو ُّك ِل عليه ،و ُ ِ وهذا الح ُ
ديث أص ٌل عظي ٌم في ُمراقب ِة الل ِه ،و ُمراعاةِ حقوقِه ،وت
األولياء والصا ِلحين
ِ ير الله ِمن
رد على من اعتقد النفع والضر في غ ِ وافتقارهم إليه وحده ،وفيه أبل ُغ ٍِ كلهمق ِ
وعجْ ِز الخالئ ِ
ُون الل ِه تعالى.
القبور ،أو سألهم واستعان ِبهم ِمن د ِ ِ وأه ِل
أوام ِره ونواهيه.
فظ الل ِه عز وجل في ِ ُّ
الحث على ِح ِ ث:
وفي ال َحدي ِ
العون ِمن الل ِه عز وجل وحْ ده.
ِ ب ُّ
الحث على طل ِ وفيه:
س ِم َع َرسو َل اللَّ ِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم يقو ُلُ :كلُّ ُك ْم َراعٍ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنَّهُ َ
سؤُو ٌل عن والر ُج ُل في أ ْه ِل ِه َراعٍ وهو َم ْ َّ سؤُو ٌل عن َر ِعيَّتِ ِه،اإل َما ُم َراعٍ وهو َم ْ سؤُو ٌل عن َر ِعيَّتِ ِه؛ فَ ِ و َم ْ
سيِ ِد ِه َراعٍ وهو سؤُولَةٌ عن َر ِعيَّتِ َها ،وال َخا ِد ُم في َما ِل َ ت َز ْو ِج َها َرا ِعيَةٌ وهي َم ْ َر ِعيَّتِ ِه ،وال َم ْرأَةُ في بَ ْي ِ
ي صلَّى اللهُ ب النَّب َّ س ُس ِمعْتُ َهؤ ََُّل ِء ِمن َرسو ِل اللَّ ِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّ َم ،وأَحْ ِ سؤُو ٌل عن َر ِع َّي ِت ِه .قا َل :فَ َ َم ْ
سؤُو ٌل عن سؤُو ٌل عن َر ِع َّي ِت ِه ،فَ ُكلُّ ُك ْم َراعٍ و ُكلُّ ُك ْم َم ْ والر ُج ُل في َما ِل أ ِبي ِه َراعٍ وهو َم ْ َّ عليه وسلَّ َم قا َل:
َر ِعيَّ ِت ِه"
شرح الحديث
غير ُمؤه ٍل له ،فإذا تعينت المسؤوليةُ عليه ل ِزمه سا إال ُوسْعها ،وواجبٌ على العب ِد أال يُقدِم ن ْفسه ٍ
ألمر وهو ُ ف اللهُ ن ْف ً
ُكل ُ
ال ي ِ
بحقها ،وسيُسْأ ُل عنها أمام الل ِه عز وجل. القيا ُم ِ
القيام بواجبِه نحْ و ما خوله اللهُ عليه ،فيُخ ِب ُر صلى ِ فر ٍد ِمن أُمتِه إلى
ي صلى اللهُ عليه وسلم كل ْ ث يُر ِش ُد النب ُّوفي هذا الحدي ِ
سلم في هذه األم ِة إال وتحْ ته من ي ْرعاهم ويتحم ُل مسؤوليتهم ،فيقو ُلُ « :كلُّ ُكم راعٍ ومسؤو ٌل عن اللهُ عليه وسلم أنه ما ِمن ُم ٍ
ُ
سن التع ُّه ِد له ،والراعي :هو الحافِظ ال ُمؤْ تم ُن ال ُملت ِز ُم صالح ما قام عليه ،ف ُك ُّل من يء و ُح ُ ظ الش ِ ْي :هو ِحف ُ رعيتِه» ،والرع ُ
الرعاي ِة إن وفى ما عليه ِمن ِ والقيام بمصا ِل ِحه في دِينِه و ُد ْنياهُ و ُمتع ِلقاتِه ،ف ْ
ِ كان تحْت نظ ِره شي ٌء فهو ُمطالبٌ بالعد ِل في ِه
وإن كان غير ذلك طالبه ك ُّل أح ٍد ِمن رعيتِه بِح ِق ِه ،واللهُ عز وجل سائلُه عن تلك ظ األوف ُر والجزا ُء األكب ُرْ ، حصل له الح ُّ
إن فرط في ُحقوقِها. الرعي ِة ْ
18
ظ رعيتِه فيما تعين ثُم فصل صلى اللهُ عليه وسلم ما أجْ مله :فاإلما ُم األعْظ ُم -الخليفةُ -راعٍ فيما اسْت ْرعاه اللهُ ،فعليه ِح ْف ُ
ب عنها ،وعد ِم إ ْهما ِل ُحدودِهم ،وتضْييعِ ُحقوقِهم وت ْر ِك ِحمايتِهم ِممن جار عليهم ،و ُمجاهدةِ عليه ِمن ِح ْف ِظ شرائِ ِعهم والذ ِ
ب أجْ ره إال ِمن الل ِه ،وهو مسؤو ٌل عن رعيتِه. ف في ِهم إال بإ ْذ ِن الل ِه ورسو ِله ،وال يطلُ ُ
ع ُد ِوهم ،فال يتصر ُ
ويمهم ،وهو مسؤو ٌل عن ق في النفق ِة و ُحس ِْن ال ُمعاشر ِة ،وت ْق ِ
بالقيام عليهم بالح ِ
ِ يرها -راعٍ والر ُج ُل في أ ْه ِله -زوجتِه وغ ِ
رعيتِه.
دبير في ْأم ِر بيتِه ،وتربي ِة أوالدِه ،والتع ُّه ِد ِلخد ِمه وأضيافِه ،وهي مسؤولةٌ عن وجها راعيةٌ بِ ُح ِ
سن الت ِ والم ْرأة ُ في ب ْي ِ
تز ِ
رعيتِها.
وخدمتِه ،وهو مسؤو ٌل عن
فظ ما في يدِه ِمنه ِ
بح ِ
بالقيام ِ
ِ عمو ًما -في ما ِل سيِدِه راعٍ
األجير ُ
ُ والخا ِد ُم -أي :العبدُ ،ويد ُخ ُل فيه
رعيتِه.
دبير مصلح ِته ،وهو مسؤو ٌل عن رعيتِه.
فظه وت ِ والر ُج ُل في ما ِل أبي ِه راعٍ ِ
بح ِ
ف ُكلُّكم راعٍ ،و ُكلُّكم مسؤو ٌل عن رعيتِه ،فعمم صلى اللهُ عليه وسلم في أو ِل الحديثِ ،ثم خصص ،وقسم ال ُخصوصية إلى
وآخ ًرا. آخ ًرا تأْكيدًا ِلب ِ
يان الح ْك ِم أو ًال ِ وجه ِة الم ْرأةِ ،وهكذا ،ثم عمم ِ
ِجه ِة الر ُج ِل ِ
سو َل الل ِه ﷺ يَقو ُلَ " :من َرأى ِمنكُم ُمنك ََرا ً فَليُغَيِ ْرهُ س ِمعتُ ِر ُ سعي ٍد ال ُخدري ِ رضي الله عنه قَا َلَ : ع َْن أَبي َ
ان"
ف اإلي َم ِ طع فَ ِبقَلبِه َو َذ ِلكَ أ َ ْ
ضعَ ُ سانِ ِه ،فَ ِإ ْن لَ ْم يَست َ ْ
طع فَبِ ِل َ
بِيَ ِد ِه ،فَ ِإ ْن لَ ْم يَست َ ْ
شرح الحديث
ث :يجب على المؤمن إنكار المنكر فإذا استطاع أن يغيره بيده فليفعل وإن لم يستطع فلينكر بلسانه وإن لم وفي الحدي ِ
يستطع فلينكر بقلبه
فإنكار المنكر واجب ال يسقط عن المؤمن
ب استطاعتِه وقُدراتِه.
عن ال ُمنك ِر ،ك ٌّل بحس ِ
بالمعروف والنهي ِ ِ
ِ األمر
ِ درجِ في
األمر بالت ُّ
ُ وفيه :
اإليمان.
ِ غيير ال ُمنك ِر من
كون ت ِ
ِ وفيهُ :
بيان
بيان أن اإليمان يزي ُد وينقُ ُ
ص. وفيهُ :
غيير شيءٍ منها وال من ترتي ِبها ،فالمنكر منكرا ً حتى ولو فعله كل الناس ، ت ال ي ُ
جوز ت ُ اإلسالم وال ِعبادا ِ
ِ سنن
وفيه :أن ُ
والمعروف معروفا ً حتى ولو تركه كل الناس
15
الحديث السادس والعشرون
سو َل الل ِه َيقُو ُل :قَا َل اللهُ ت َ َعالَىَ " :يا اب َْن آ َ َد َم ِإنَّكَ َما س ِمعْتُ َر ُ ع َْن أَنَ ِس ب ِْن َما ِل ٍك رضي الله عنه قَا َلَ :
اء ث ُ َّم
س َم ِ عنَ َ
ان ال َّ َان ِم ْنكَ َوَّل أ ُ َبا ِل ْيَ ،يا اب َْن آ َ َد َم لَو َبلَغَتْ ذُنُوبُكَ َ علَى َما ك َ غفَ ْرتُ لَكَ َ َدعَوت َ ِن ْي َو َر َجوت َ ِن ْي َ
ش ْيئَا ً ألَت َ ْيت ُكَ
طا َيا ث ُ َّم ل ِق ْيت َ ِن ْي َّلَ تُش ِْرك ِب ْي َ
ِ َخ َ غفَ ْرتُ لَكَ َ ،يا اب َْن آ َ َد َم ِإنَّكَ لَو أَت َ ْيتَ ِن ْي ِب ِق َرا ِ
ب األ َ ْر ِ است َ ْغفَ ْرت َ ِن ْي َ
ِب ِق َرا ِب َها َمغ ِف َرةً"
شرح الحديث
أن يكون هذا الع ْب ُد بشرط ْ
ِ من عبادِه مهما بلغتْ ،
لكن ب ْ للعاصي والم ْذن ِ
ِ احمين ،ي ْغ ِف ُر الذُّنوب
الله عز وجل هو أرح ُم الر ِ
الشرك؛ فإن الله تعالى ال ي ْغ ِف ُره إذا ب تحْ ت مشيئ ِة الل ِه تعالى في ْغ ِف ُر ِل ْ
من يشا ُء ،إال ِ وحدًا لربِه ال يُ ْش ِركُ به شيئًا؛ فك ُّل ذ ْن ٍ
ُم ِ
ُ
اإلنسان عليه ول ِقيه به. مات
ث القدسيِ :يا ابن آدم" ،إنك ما ث يقو ُل رسو ُل الل ِه صلى اللهُ عليه وسلم" :قال اللهُ تبارك وتعالى" في الحدي ِ وفي هذا الحدي ِ
ْ ْ
دمت تدْعونِي وت ْرجو رحْ متي ،ول ْم تقنط "غف ْرتُ لك" ،أي :محوتُ ذنبك أيُّها الع ْب ُد الداعي ورجوتني" ،أي :ما ْ
ْ دعوتني
ْ
وإن كانت والمعاصي ِْ ب ُ
والمعاصي" ،وال أبالي" ،أي :وال أهت ُّم بهذه الذُّنو ِ
ِ لربه" ،على ما كان فيك" ِمن الذُّنو ِ
ب الراجي ِ
ت" ،أي :وصل ْ
ت، الكبائر وفي عد ِم ُمباالتِه معنى قو ِله{ :ال يُسْأ ُل عما ي ْفعلُ} [األنبياء ،]23 :يا ابن آدم "لو بلغ ْ
ِ من
أقطارها ،ولعله
ِ ماء وما اعترض ِمن ماء" ،أي :السحاب ،أو بمعنى صفائِحِ الس ِ "ذنوبُك" التي ارتكبتها وفعلتها" ،عنان الس ِ
ماء التي تراها" ،ثم" بعد ذلك" ،استغفرتني"، نوب إلى الس ِت الذُّ ُ ماء" أي :وصل ِ المرا ُد ِمن الحديثِ؛ إذ ُروي" :أعنان الس ِ
ْ
كانت ِمن ب والمعاصي ْ
وإن والمعاصي" ،وال أُبالي" بهذه الذُّنو ِ
ِ أي :طلبت المغ ِفرة منِي" ،غفرتُ لك" هذه الذُّنوب
احيها ،ثمواألرض بحيث تبلُ ُغ أقطارها وتعُم نو ِ ِ الكبائر ،والمعنى :أنه لو كثُرت ذُنوبُك كثرة ً تمأل ُ ما بين الس ِ
ماء ِ
والكثير ،والجلي ُل
ُ االستغفار للمغفرةِ يستوي فيه القلي ُل
ِ استغفرتني ،غفرتُ لك جميعها غير ُمبا ٍل بكثرتِها؛ فإن استِدْعاء
والحقير.
ُ
عاصي" ،ثم لقيتني"،األرض" ،خطايا" ،أي :ذُنوبًا وم ِِ بم ْل ِء
ب" ،أيِ : "يا ابن آدم ،إنك لو أتيتني" ،أي :بعد الموتِ" ،بِقُرا ِ
والصفاتِ" ،ألتيت ُك" ،أي:
ِ األسماء
ِ الربوبي ِة ،وال في األلوهي ِة ،وال في وحدًا "ال تُش ِركُ بي شيئًا" ،ال في ُّ ت ُم ِ أي :بعد المو ِ
رك؛ كما
الش ِبم ْلئِها" ،مغ ِفرةً"؛ ألنني وا ِس ُع المغفرةِ ،وأغ ِف ُر كل شيءٍ دون ِ معاصي" ،بقُرابها" ،أيِ : ِ قابلتُ هذه الذُّنوب ْ
وال
قال سبْحانه{ :إِنَّ اللَّهَ ََّل يَ ْغ ِف ُر أ َ ْن يُش َْركَ بِ ِه َويَ ْغ ِف ُر َما ُدونَ َذ ِلكَ ِل َم ْن يَشَا ُء} [النساء.]57 ،48 :
إن شاء عفا عنها وإن شاء عاقب ؤمنين يحتا ُج إلى توبةٍ ،أو إن ْأمرها بي ِد الل ِه سبحانهْ ،
الكبائر لل ُم ِ
ِ غفرانوقال العُلما ُء :إن ُ
ب فيها.
الحق وي ْعفو بكر ِمه عن المذنِ ِ
ِ ق؛ فإنه ال بد ِمن ردِها ،أو يُجازي اللهُ بفض ِله صاحب عليها ،وكذلك ُح ُ
قوق الخل ِ
وحدين الذُّنوب والمعاصي.
ث :فض ُل التوحيدِ ،وأن الله يغ ِف ُر لل ُم ِ
وفي الحدي ِ
وفيه :سعةُ رحم ِة الل ِه تعالى ومغفر ِته وفض ِله.
حذير منه.
رك والت ُ وفيهُ :خطورة ُ ِ
الش ِ
21
الحديث السابع والعشرون
س ْو َل الل ِه ﷺ يَقُ ْو ُل " :إِ َّن ال َحال َل بَيِ ٌن س ِمعْتُ َر ُشيْر رضي الله عنهما قَا َلَ : ان ب ِْن بِ ِ ع ْب ِد الل ِه النُّ ْع َم ِ ع َْن أَبِ ْي َ
ستَبْرأ َ ِل ِد ْينِ ِه
ت فَقَ ِد ا ْ شتَبِ َهات َّلَ يَ ْعلَ ُم ُه َّن َكثِي ٌْر ِم َن النَّاس ِ،فَ َم ِن اتَّقَى ال ُّ
شبُ َها ِ َوإِ َّن ال َح َرا َم بَيِ ٌن َوبَ ْينَ ُه َما أ ُ ُم ْو ٌر ُم ْ
شكُ أ َ ْن يَ َق َع فِ ْي ِه .أََّل َوإِ َّن الح َمى يُو ِ
َالرا ِعي يَ ْرعَى َح ْو َل ِ ت َوقَ َع فِي ال َح َر ِام ك َّ و ِع ْر ِضهَ ،و َم ْن َوقَ َع فِي ال ُّ
شبُ َها ِ
س ُد ُكلُّهُ وإ َذاصلَ َح ال َج َ صلَ َحتْ َضغَةً إِ َذا َ ى .أََّل َوإِ َّن ِح َمى الل ِه َم َح ِار ُمهُ ،أََّل وإِ َّن فِي ال َج َ
س ِد ُم ْ ِلك ُِل َم ِل ٍك ِح َم ً
ب" ي القَ ْل ُ س ُد ُكلُّهُ أََّل َوه َ س َد ال َج َ سدَت فَ َ فَ َ
شرح الحديث
ديث عظي ٌم ،وأص ٌل ِمن أُصو ِل الشريع ِة ،وهو ِمن اإلسالم؛ فهو ح ٌ ِ دار
ث التي عليها م ُ الحديث الجلي ُل هو أح ُد األحادي ِ ُ هذا
ِين ،وبين ت في الد ِ وتر ِك ال ُمتشابها ِ ي صلى اللهُ عليه وسلم على الورعِْ ، جوامعِ ك ِل ِمه صلى اللهُ عليه وسلم ،حث فيه النب ُّ
قياس؛ وذلك ألن سنةٍ ،أو إجماعٍ أو ٍ ب أو ُ حريمه؛ ِمن كتا ٍ ِ ظاهر واض ٌح ،وهو ك ُّل شيءٍ ال يُوج ُد دلي ٌل على ت ٌ أن الحالل
حريمه ،سوا ٌء كان هذا الدلي ُل ِمن ِ ظاهر واض ٌح ،وهو ما دل دلي ٌل على ت ٌ ُ
األشياء اإلباحة ،وكذلك الحرا ُم ِ األصل في
ُ
تكون األمور التي
ُ والحرام قِس ًما ثالثًا ،وهو ال ُمشت ِبهاتُ ،وهي ِ سن ِة ،أو ِمن اإلجماعِ .وبين أن بيْن الحال ِل ب ،أو ِمن ال ُّ ال ِكتا ِ
الكثير هل هي حال ٌل أو حرا ٌم ،ويد ُخ ُل في ذلك جمي ُع األ ُ ِ
مور ُ الح ُّل وال ُحرمةُ ،فال يعل ُم ُ
حيث ِ كم ِمن غير واضح ِة ال ُح ِ
ين الما ِل إن تأكد أن هذا ِمن ع ِ غيره ِمن األموا ِل ال ُمحرم ِة ،أما ْ بالربا ،أو ِ خلوط ِ ِ وك فيها؛ ِمثل :الما ِل المشبو ِه أو الم المشك ِ
شك ،وال يُع ُّد ِمن ال ُمشت ِبهاتِ .ثم أوضح صلى اللهُ عليه وسلم أن من اجتنب ال ُمشت ِبها ِ
ت رف دون ٍ ص ٌ الربويِ ،فإنه حرا ٌم ِ ِ
ت ُّ
سمع ِة السيِئ ِة ،أما من وقع في الشبها ِ ضه ِمن القدْحِ والذ ِِم وال ُّ قص ،و ِعر ُ ُ ْ
فقد طلب البراءة لنف ِسه ،فيسل ُم له دِينه ِمن الن ِ ْ
ُ
المكان الذي الحمى ،وهو: الحرام ،كراعٍ يرعى حول ِ ِ الوقوعِ في واجترأ عليها ،فقد عرض ن ْفسه للخط ِر ،وأوشك على ُ
األرض التي حماها الم ِلكُ ِ بغير إذنِه بالعُقوب ِة الشديدةِ؛ فالراعي حول جعله الم ِلكُ لر ْعي ِ موا ِشيه ،وتوعد من رعى فيه ِ
شبهاتِ ،فإنه على تهاون بال ُّ
ُ سلطا ِن ،كذلك من ي عقوبة ال ُّ ستح ُّق ُ الحمى ،في ِ لن ْف ِسه ،وجعلها خاصةً له ،قد تد ُخ ُل ماشيتُه في ِ
االستهتار والالمباالةِ ،فيق ُع في ِ ت فأدى به ذلك إلى شبها ِ خط ٍر؛ ألنها ربما كانت حرا ًما ،فيق ُع فيه ،وأنه ربما تساهل في ال ُّ
شبهة ت ُج ُّر إلى الصغيرةِ ،والصغيرة ُ ت ُج ُّر إلى الكبيرةِ ،نسأ ُل الله السالمة.ثم قال صلى اللهُ عليه وسلم: عمدًا؛ فإن ال ُّ الحرام ْ
ِ
لكل ملِكٍ ِح ًمى ،أال وإن ِحمى الل ِه محار ُمه» ،أي :إن ِحمى الل ِه هي المعاصي التي حرمها على ِعبادِه ،فمن «أال وإن ِ
ي صلى اللهُ عليه ت كان على خط ٍر.ثم ذكر النب ُّ شبها ِ ب شيءٍ ِمن المعاصي هلك ،ومن قاربه ب ِفع ِل ال ُّ دخل ِحماهُ بارتكا ِ
ي على صالحِ ت بني آدم وفسادِها ،وهي أن أساس صالحِ الجس ِد ُك ِله وأساس فسادِه مبن ٌّ وسلم كلمةً جامعةً لصالحِ حركا ِ
ب سخ ِطه، ث إال إلى طاع ِة الل ِه ،واجتنا ِ القلب صلحت إرادت ُه ،وصلحت جمي ُع الجوارحِ ،فلم تنب ِع ْ ُ ب وفسادِه؛ فإذا صلح الق ْل ِ
ت في معاصي الل ِه عز وجل، ت الجوار ُح كلُّها ،وانبعث ْ القلب فسدت إرادتُه ،ففسد ِ ُ الحرام ،وإذا فسدِ ت بالحال ِل عن فقنِع ْ
الحق.
ِ عن
ب ومي ِله ِ ب هوى القل ِ الحرام بحس ِ ِ ت في بل أسرع ْ طه ،ولم تقن ْع بالحال ِلْ ، وما فيه سخ ُ
21
الحديث الثامن والعشرون
شرح الحديث
ت الصالحِ التي ينبغي توافُ ُرها في
ق حسن ٍة ِمن عالما ِ تقوى الل ِه سبحانه وتعالى ،ودوا ُم المراقب ِة ،و ُمعاملةُ الن ِ
اس بأخال ٍ
ُحسن عمله ،ويكون أقرب إلى الجن ِة. المس ِل ِم حتى ي ِ
وأن تجعل بينك الخوف ِمن الل ِه و ُمراقبتُه ْ
ُ ق الله" ،والتقوى هي ث يقو ُل الرسو ُل صلى اللهُ عليه وسلم" :ات ِ وفي هذا الحدي ِ
وجهةٍ،مكان ِ
ٍ ت "حيث ما ُكنت" ،أي :في ِ
كل باإلتيان بالواجباتِ ،واالمتِناعِ عن ال ُمحرما ِ
ِ كون ً
ب الل ِه ِوقاية ،وت ُ
وبين عذا ِ
سيئةٍ،
كل أحوا ِلك" ،وأت ِبعِ السيِئة الحسنة تم ُحها" ،أي :إن وقعت في ِ وفي ِس ِرك وعالنِيتِك ،وفي بالئِك ورخائِك ،وفي ِ
ق الناس ف بالحسن ِة؛ فإن ذلك يرف ُع ،وي ْمحو تلك السيِئة" ،وخا ِل ِ وسائر ما يُوص ُ
ِ فافع ْل وراءها حسنةً ِمن صالةٍ وصدقةٍ،
ولين في التعا ُم ِل معهم؛
ٍ ق
ورف ٍ ق حسنةٍ ،فأح ِس ْن ُمعامالتِهمِ ،من تب ُّ
س ٍم في ُوجوهِهمِ ، ق حس ٍن" ،أي :خا ِل ِط الناس بأخال ٍب ُخل ٍ
واآلخرة.
ِ فمن فعل ذلك حاز الدُّنيا
األمر بت ْقوى الل ِه على ِ
كل حا ٍل. ُ ث:
وفي الحدي ِ
ت معهم
اس ال ت ْعني فِ ْعل المنهيا ِ
وفيه :أن ُمخالطة الن ِ
ص َدقَةٌ ُك ُّل يَ ٍ
وم علَ ْي ِه َاس َ سال َمى ِم َن النَّ ِ سو ُل الل ِه ﷺ ُ " :ك ُّل ُ ع َْن أَبِي ُه َري َْرةَ رضي الله عنه قَا َل :قَا َل َر ُ
علَ ْي َها أَو ت َ ْرفَ ُع َلهُ َ
علَ ْي َها ص َدقَةٌَ ،وت ُ ِع ْي ُن َّ
الر ُج َل في دَابَّتِ ِه فَتَحْ ِم ُل لَهُ َ س :ت َ ْع ِد ُل بَي َْن اثْنَي ِْن َ
ت َ ْطلُ ُع فِ ْي ِه الش َّْم ُ
ْق
ط ِري ِ ط األَذى ع َِن ال َّ ص َدقَةٌَ ،وت ُ ِم ْي ُصال ِة َ ص َدقَةٌَ ،وبِك ُِل ُخ ْط َو ٍة ت َ ْم ِ
ش ْي َها إِلَى ال َّ طيِبَةُ َص َدقَةٌَ ،وال َك ِل َمةُ ال َّ
عهُ َ َمتَا َ
ص َدقَةٌ" َ
شرح الحديث
ت البد ِن وماعروفِ :من صدقا ِ ِ يره بالمقغ ِق ن ْف ِسه بال ِعبادةِ ،وفي ح ِ ُ
اإلنسان في ح ِ ير الذي يبذُلُه جعل اللهُ ُكل أنواعِ الخ ِ
الصح ِة والعافي ِة. يتمت ُع به ِمن ِ
وم تطلُ ُع عليه الش ُ
مس، اس صدقةٌ ،في ُك ِل ي ٍ سالمى ِمن الن ِ ي صلى اللهُ عليه وسلم أنه على ُك ِل ُ ث يذ ُك ُر النب ُّ
وفي هذا الحدي ِ
وم ،وهذه ير ُكل ي ٍ ٌ
اإلنسان عليه صدقة لل ِه تعالىِ ،من فِع ِل الطاع ِة والخ ِ
ِ فاص ِل
ص ٍل ِمن م ِ فاصلُ ،ف ُك ُّل م ْف ِ سالمى :هي الم ِ وال ُّ
فاص ِلها ِمن أعظ ِم نِع ِم الل ِه على ع ْبدِه،
ظام وم ِ ركيب هذه ال ِع ِ
ُ كون بتح ُّر ِكها في الطاع ِة ،واشتِغا ِلها بال ِعباد ِة ،فت الصدقةُ ت ُ
22
ب ،ال كرا ِلهذه النِعم ِة ،وال ُمرا ُد صدقةُ ن ْد ٍ
ب وترغي ٍ ش ًابن آدم عنه؛ ِليكون ذلك ُ
ظم منها إلى صدق ٍة يتصد ُق بها ُفيحتا ُج ُك ُّل ع ٍ
بالواجباتِ ،ويجتنِب ال ُمحرماتِ.
ِ كر هذه النِع ِم ْ
أن يأتي ش ِوإلزام؛ فإنه يكفي في ُ
ٍ ب
إيجا ٍ
فاص ِله ،فذكر أن العدْل اإلنسان عن م ُِ ت التي يتصد ُق بها عض ُوجو ِه الطاعا ِ ثم أرشد رسو ُل الل ِه صلى اللهُ عليه وسلم ِلب ِ
أن يُعين أخاه ع ِلم أن الحق ِألح ِدهما فال ميْل عنه .ومنهاْ : ير ،ل ِك ْن ْ
إن ُ كون صدقةً ،وال ُّ
صل ُح خ ٌ ص ْل ًحا أو ُحك ًما -ي ُ
بيْن اثني ِْن ُ -
الركوب بن ْف ِسه ،أو يُعينه بوضعِ متا ِعه عليها ،فتلك صدقةٌ، إن لم يست ِطعِ ُّ يرها ِمن وسائِ ِل النق ِل ْب دابتِه وغ ِ على ُركو ِ
ُ ُ ُ
يرهما ،وال ُمرا ُد باأل ُخوةِ هنا الدِينية ال النسبية؛ فال ُمس ِل ُم أخو ب وغ ِ عام وشرا ٍ ع هو :ما يُتمت ُع به في السف ِر ِمن ط ٍ والمتا ُ
ضا:
ت أي ًومن الصدقا ِ عروفِ .
ِ عض ُكل أنواعِ الم ضهم ِلب ٍير ما يرجوه ِلنف ِسه ،فيبذُ ُل ال ُمس ِلمون بع ُ ال ُمس ِل ِم ،يرجو له ِمن الخ ِ
ق؛ فإنهاسن ال ُخلُ ِ
اس ،ك ُح ِ ق الن ِ كبير والتهلي ِل ،أو في ح ِ ق الل ِه تعالى ،كالتسبيحِ والت ِ الك ِلمةُ الطيِبةُ ،سوا ٌء كانت طيِبةً في ح ِ
رت.ص ْ ت المسافةُ أو ق ُ ضاُ :ك ُّل ُخطوةٍ يمشيها العب ُد إلى الصالةِ ،سوا ٌء بعُد ِ صدقةٌ .ومنها أي ً
ق ،وهو ُك ُّل ما يُؤذي المارة ،فإذا أُميط عن طري ِقهم فإنه صدقةٌ. حو األذى وإزالتُه ِ
عن الطري ِ ومن الصدقاتِ :م ُ
ِ
تان يركعُهما
ئ ِمن ذلك ركع ِ ُجز ُ
ي صلى اللهُ عليه وسلم« :وي ِ ث ُمس ِل ٍم الذي يرويه أبو ذ ٍر رضي اللهُ عنه قال النب ُّ
وفي حدي ِ
ت صالة ُ الضُّحى ،ركع ِ
تان؛ ِألن الصالة عم ٌل بجميعِ سالمى ِمن الصدقا ِ ِمن الضُّحى» ،أي :يكفي ِمما وجب على ال ُّ
يرها.
ت وغ ِأعضاء البد ِن ،وتشم ُل جميع ما ذُ ِكر ِمن الصدقا ِ
ِ
أن تكون صدقةً ُمقدمةً لل ِه.
ص ُّح ْ
ت التي ي ِ ث :ب ُ
يان تع ُّد ِد أنواعِ الخيرا ِ
ت والطاعا ِ وفي ال َحدي ِ
مرا ُمداو ًما عليه. ت فِ ً
عال ُمست ًّ وفيه :الح ُّ
ث على فِع ِل الطاعا ِ
يان فض ِل الل ِه على ِعبادِه ْ
بأن وفقهم إلى األعما ِل ثم أعطاه ُم األجْ ر عليها. وفيه :ب ُ
الحديث الثالثون
من المسج ِد فاختل َ
ط ج َ سم َع رسو َل اللَّ ِه صلَّى اللَّهُ علي ِه وسلَّ َم يقو ُل َو َ
هو خار ٌ عن مالك بن ربيعة أنَّهُ ِ
عليكن بحافَّا ِ
ت َّ قن ال َّ
طريقَ كن أن تَحقُ َليس لَ َّ
رن فإنَّهُ َ استأخ َ
ِ ساء
للن ِ ريق فقا َل ِ
ط ِ ساء في ال َّ
الرجا ُل م َع النِ ِِ
ق بالجدارإن ثو َبها ل َيع َل ُ
بالجدار حتَّى َّ
ِ ق
ص ُ ريق فَكان ِ
ت المرأةُ تل َ ط ِ ال َّ
شرح الحديث
ُنظم أُمور ِ
الرجا ِل ع لهم ما ينفعُهم ويُصل ُح أحوالهم ،وي ِ ُالح ُ
ظ أحوال أصحابِه ويشر ُ ي صلى اللهُ علي ِه وسلم ي ِ
كان النب ُّ
صنفٍ حقه المنا ِسب له. ق ،حتى إنه أعطى كل ِ ير في الطري ِ
ساء ،حتى في الس ِوالنِ ِ
ساء فيالن ِ
الرجال اختلطوا مع ِ ث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى وهو خار ٌج من المسج ِد أن ِ وفي هذا الحدي ِ
قاء المجتمعِ؛ فقال للنِسا ِء:
ظ على ن ِ ُنظم ذلك األمر بما يدْف ُع ال ِفتنة ويُحافِ ُ ق وفي الدُّخو ِل وال ُخروجِ ،أراد أن ي ِ الطري ِ
أن تحققن الطريق" ،أي :ليس بين؛ "فإنه ليس لكن ْ ق على الجانِ ِ الخلف وفي الطري ِ
ِ انتظرن و ُكن في
ْتأخ ْرن" ،أيِ : "اس ِ
ب
أن يُرا ِعين اآلدا ِساء إذا خرجْ ن لحاج ِتهن ْ الن ِ
ق" ،أي :على ِ ت الطري ِ ق؛ "علي ُكن بحافا ِ
وسط الطري ِ
ِ للنساء أن ي ِسرن في
ِ
دار" ،أي :في تلتص ُق ِ
بالج ِ ت المرأة ُ ِ لألمر النبويِ؛ "فكان ِِ ت النِسا ُء ق؛ فاستجاب ِ لتز ْمن السير على جانِبي الطري ِالشرعي ِة وي ِ
الكريم صلى اللهُ
ِ بأمر النبي ِ
التزامهن ِ
ِ دار من لصوقِها بِه" ،وهذا ِمن ِشدةِ ُ ق" ،حتى إن ثوبها ليتعل ُق ِ
بالج ِ يرها في الطري ِ س ِ
علي ِه وسلم.
دم
قاص للمرأةِ ،وإنما يضعُها في مواضعِ ع ِ
ساء وليس في ِه انتِ ٌ
الرجا ِل والنِ ِ
ق بين ِ
ُنظ ُم السير في الطري ِ ُ
الحديث إنما ي ِ وهذا
واألماكن العام ِة.
ِ ق ً
الط والتزا ُح ِم مع الرجا ِل؛ ِحفظا لهن ،وتنظي ًما للطري ِ
االختِ ِ
23
لألماكن العام ِة بينهم .
ِ ساء ،والترشي ُد
الرجا ِل والنِ ِ
الط بين ِ
دم التزا ُح ِم واالختِ ِ ُّ
الحث على ع ِ ث:
وفي الحدي ِ
24
29
26