Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 26

‫‪‬‬ ‫؟الرئيسية)‪01‬‬ ‫هل يمكن للتشريع الفرعي أن يحل محل التشريع العادي‬

‫‪‬‬ ‫االفتتاحية‬
‫‪‬‬ ‫السيرة الذاتية‬
‫‪‬‬ ‫المحتوى اإلجمالي‬
‫اتصل بنا ‪‬‬
‫يوليو ‪13 2018‬‬

‫التصنيف ‪ :‬مقاالت قرآنية‬

‫الكاتب ‪ :‬الشیخ محمد دهیني‬

‫ال تعليقات‬

‫مشاهدة ‪11٬346‬‬

‫اإلعجاز القرآني في األخبار الغيبّية المستقبلّية‪ ،‬قراءٌة تحليلّية ونقدّية‬

‫)الجمعة ‪2018 / 7 / 13‬م(‬

‫تمهيد‬

‫تسالم المسلمون على أن القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة لرسول هللا محمد(ص)‪ ،‬بيد أّنهم اختلفوا في وجه إعجازه‪ ،‬وتعَّد دت أق‪--‬والهم في ذل‪--‬ك‪،‬‬
‫فبين َمْن أنهاه إلى عّد ة وجوٍه ؛ أكثر في عددها قوٌم ؛ وأقّل آخرون؛ وَمْن اقتصر على وجٍه واحد([‪ .)]1‬ومن وجوه اإلعجاز التي ذكروها اش‪---‬تماله على‬
‫‪.‬األخبار الغيبّية‪ ،‬وهذا ما نريد بيانه في هذه الوريقات القليلة‬

‫تعريف المعجزة‬

‫أـ في اللغة‬

‫قال ابن فارس‪ :‬العين والجيم والزاء أصالن صحيحان‪ ،‬يدّل أحدهما على الضعف…‪ُ ،‬ي قال‪ :‬أعجزني فالٌن [فهو ُم عِجٌز] إذا َع َجْزُت [ض‪--‬عفُت ] عن طلب‪--‬ه‬
‫‪.‬وإدراكه([‪)]2‬‬

‫وقال الراغب‪ :‬أعَجْزُت فالنًا [فأنا معِجٌز] وعَّج زُته وعاَج زُته‪ :‬جعلُت ه عاجزًا…‪ ،‬والعجز أصله التأُّخر عن الشيء…‪ ،‬وصار في التع‪--‬ارف اس‪--‬مًا للقص‪--‬ور عن‬
‫‪.‬فعل الشيء‪ ،‬وهو ضّد القدرة([‪)]3‬‬

‫‪.‬وقال ابن منظور‪ :‬اإلعجاز‪ :‬الَفْو ت والَّس ْبق([‪)]4‬‬

‫ب ـ في االصطالح‬

‫‪.‬قال القرطبي‪ :‬المعجزة واحدة معجزات األنبياء الداّلة على صدقهم (صلوات هللا عليهم)‪ ،‬وسّميت معجزة ألّن البشر يعجزون عن اإلتيان بمثلها‬

‫وشرائُطها خمسة‪ ،‬فإْن اختّل منها شرط ال تكون معجزة؛ فالشرط األّول من شروطها أن تكون مّما ال يقدر عليها إّال هللا سبحانه؛ والشرط الث‪-‬اني ه‪-‬و‬
‫أن تخرق العادة؛ والشرط الثالث هو أن يستشهد بها مّد عي الرسالة على هللا عَّز وجَّل ؛ والشرط الرابع هو أن تقع على وف‪--‬ق دع‪--‬وى المتح ‪ّ-‬د ي به‪--‬ا‬
‫‪.‬المستشِه د بكونها معجزًة له؛ والشرط الخامس من شروط المعجزة أن ال يأتي أحٌد بمثل ما أتى به المتحّد ي على وجه المعاَرضة([‪)]5‬‬

‫‪.‬وقال المحِّقق الطوسي‪ :‬الُم عِجز هو ثبوُت ما ليس بمعتاٍد ‪ ،‬أو نفي ما هو معتاد‪ ،‬مع خرق العادة‪ ،‬ومطابقة الدعوى([‪)]6‬‬

‫‪.‬وقال القوشجي‪ :‬الُم عِجز هو األمر الخارق للعادة‪ ،‬المقرون بالتحّدي‪ ،‬مع عدم المعارضة([‪)]7‬‬

‫‪.‬وقال الُّطريحي‪ :‬الُم عِجز‪ :‬األمر الخارق للعادة‪ ،‬المطابق للدعوى‪ ،‬المقرون بالتحّدي([‪)]8‬‬

‫وقال البالغي‪ :‬الُم عِجز هو الذي يأتي به مّد عي النبّوة بعناية هللا الخاّصة‪ ،‬خارقًا للعادة‪ ،‬وخارجًا عن ح‪--‬دود الق‪--‬درة البش‪--‬رّية وق‪--‬وانين العلم والتعُّلم؛‬
‫‪.‬ليكون بذلك دليًال على صدق النبّي ‪ ،‬وحّج ته في دعواه النبّوة ودعوته([‪)]9‬‬

‫وقال النهاوندي‪ :‬المعجزة هي األمر الخارق للعادة‪ ،‬المقرون بالتحّد ي‪ ،‬السالم عن المعارضة‪ ،‬من مّد عي النبّوة‪ ،‬عند احتمال صدقه في الدعوى([‬
‫‪)]10.‬‬
‫وذهب الطباطبائي إلى أَّن المعجزة ـ بَحَس ب المصطلح القرآني ـ هي األمر الخارق للعادة الداّل على تص‪ُّ-‬رف م‪-‬ا وراء الطبيع‪--‬ة في ع‪--‬الم الطبيع‪--‬ة‬
‫‪.‬ونشأة الماّدة‪ ،‬ال األمر المبِطل لضرورة العقل([‪)]11‬‬

‫وقال الخوئي‪ :‬اإلعجاز في االصطالح أن يأتي المّد عي لمنصب من المناصب اإللهّية بما يخرق نواميس الطبيع‪--‬ة‪ ،‬ويعج‪--‬ز عن‪-‬ه غ‪--‬يره‪ ،‬ش‪--‬اهدًا على‬
‫صدق دعواه‪ ،‬بشرط أن ال يمتنع صدقه في دعواه‪ ،‬بحكم العقل أو بحكم النق‪--‬ل الث‪-‬ابت عن ن‪--‬بٍّي أو إم‪-‬ام معل‪-‬وم العص‪-‬مة‪ ،‬فيخ‪--‬رج َمْن ي‪ّ-‬د عي منص‪--‬بًا‬
‫‪.‬مستحيًال‪ ،‬كـ «إله» ([‪)]12‬‬

‫وقال ناصر مكارم الشيرازي‪ :‬المعجزة‪ ،‬كما هو واضح من لفظها‪ ،‬عمٌل خارٌق ‪ ،‬يأتي به النبّي ‪ ،‬ويعجز عن اإلتيان به اآلخرون‪ ،‬وعلى النبّي ص‪--‬احب‬
‫‪.‬المعجزة أن يتحّد ى الناس بمعجزته‪ ،‬وأن يعلن لهم أّن معجزته دليٌل على صدق دعواه([‪)]13‬‬

‫وقال محمد هادي معرفت‪ :‬المعجزة في مصطلحهم تطلق على كّل أمٍر خارٍق للعادة‪ ،‬إذا قرن بالتح‪ّ-‬دي‪ ،‬وس‪-‬لم عن المعارض‪-‬ة‪ ،‬يظه‪--‬ره هللا على‬
‫‪.‬يد أنبيائه؛ ليكون دليًال على صدق رسالتهم([‪)]14‬‬

‫صفات المعجزة‬

‫‪.‬هذه جملٌة من التعريفات المذكورة للمعجزة‪ .‬وغيُر ها كثيٌر‬

‫‪.‬بيد أّن بعضها ناقٌص ‪ ،‬وبعَضها اآلخر غيُر جامٍع وال مانٍع([‪)]15‬‬

‫‪:‬إّال أّنه يمكننا أن نستفيد منها‪ ،‬ومن غيرها‪ ،‬جملة من الصفات‪ ،‬يمكننا من خاللها أن نفِّرق بين المعجزة وغيرها‪ ،‬وبالتالي يَّتضح لنا مفهوُم ها‪ ،‬وهي‬

‫‪.‬ـ خرق العادة‪ ،‬بحيث تكون على خالف ما اعتاده الناس من المسَّببات المرتبطة بأسباٍب ظاهرّية معَّينة‪1‬‬

‫‪.‬ـ أن يأتي بها المّد عي لمنصٍب إلهٍّي‪ ،‬سواًء كان يّد عي منصب النبّوة أو اإلمامة أو منصبًا إلهّيًا آخر‪2‬‬

‫‪.‬ـ أن يتحّد اهم باإلتيان بمثلها‪ ،‬فلو لم يقع التحّد ي بها لم تكن معجزة‪ ،‬بل تكون كرامة‪3‬‬

‫‪.‬ـ أن يعجز اآلخرون عن اإلتيان بمثلها‪ ،‬وإّال لم تكن ميزة له‪ ،‬يثبت بها صدقه في دعواه‪ ،‬مضافًا إلى أّن المعجزة ال تكون مغلوبة أبدًا‪4‬‬

‫ـ أن تكون شاهدًا على صدق االّدعاء‪ ،‬وذلك إذا أمكن أن يكون صادقًا في دعواه‪ ،‬وأّم ا إذا امتنع صدقه في تلك الدعوى‪ ،‬بحكم العقل أو بحكم النق‪--‬ل‪5‬‬
‫‪.‬الثابت عن نبّي أو إمام معلوم العصمة‪ ،‬فال يكون ذلك شاهدًا على الصدق‪ ،‬وال ُيسّمى معجزًا في االصطالح‪ ،‬وإْن عجز البشر عن أمثاله‬

‫ـ أن ال تكون على خالف مَّد عى المّد عي للمنصب اإللهّي ‪ ،‬فلو قال‪ :‬معجزتي أّني أتفل في هذه البئر فتمتلئ م‪--‬اًء‪ ،‬فلّم ا تف‪--‬ل فيه‪--‬ا غ‪--‬ارت‪ ،‬وذهب‪6‬‬
‫‪.‬الماء الذي كان فيها‪ ،‬لم يكن ذلك معجزًة‪ ،‬بل هو أمٌر ُي ثبت كذَبه وبطالَن دعواه‬

‫ـ أن ال تتسَّبب بضرٍر وأذًى للناس‪ ،‬وإّال كان ذلك نقضًا للغرض من المعجزة‪ ،‬وهو هداية الناس؛ إذ كيف يؤمن الناس بشيٍء في‪---‬ه ض‪---‬رُر هم وأذاهم([‪7‬‬
‫‪)]16.‬‬

‫أقسام المعجزة‬

‫‪.‬ـ المعجزاُت التي أتى بها األنبياء(عم) ضربان‪ :‬حّس ّي ؛ وعقلّي ‪1‬‬

‫فالحّس ّي هو ما يدرك بالبصر‪ ،‬ويشترك في إدراكه العاّمة والخاّص ة‪ ،‬وه‪-‬و أوق‪-‬ع عن‪-‬د طبق‪-‬ات العاّم ة‪ ،‬ومثال‪-‬ه‪ :‬ناق‪-‬ة ص‪-‬الح(ع)‪ ،‬وطوف‪-‬ان ن‪-‬وح(ع)‪ ،‬ون‪-‬ار‬
‫‪.‬إبراهيم(ع)‪ ،‬وعصا موسى(ع)‬

‫‪.‬والعقلّي هو ما يدرك بالبصيرة‪ ،‬ويختّص بإدراكه َك َم لة الخواّص ‪ ،‬من ذوي العقول الراجحة واألفهام الثاقبة‪ ،‬ومثاله‪ :‬القرآن الكريم([‪)]17‬‬

‫‪.‬ـ والمعجزاُت من جهة أخرى ضربان‪ :‬اقتراحّية؛ وغير اقتراحّية‪2‬‬

‫‪.‬فاالقتراحّية ما كان بطلٍب من الناس‪ ،‬كبعض معجزات نبّي اإلسالم محمد(ص)‬

‫‪.‬وغير االقتراحّية ما كان بدون طلٍب منهم‪ ،‬كأكثر معجزات األنبياء‪ ،‬ومنها‪ :‬القرآن الكريم‬

‫‪.‬ـ والمعجزاُت من جهة ثالثة ضربان‪ :‬مؤّقتة؛ ودائمة‪3‬‬

‫فالمعجزة المؤّقتة هي الخاّصة بزماٍن ومكاٍن معَّيَنْي ن‪ ،‬وتنقرض من بعُد ‪ ،‬وتعلم بها األجيال الالحقة عن طريق النقل؛ فإْن كان متواترًا ك‪--‬انت حّج ة؛ وإّال‬
‫‪.‬فال‪ ،‬ومثالها‪ :‬ناقة صالح(ع)‪ ،‬وعصا موسى(ع)‬
‫‪.‬والمعجزة الدائمة هي الباقية في كِّل زماٍن ومكان‪ ،‬وتكون حّج ة على كّل الناس‪ ،‬منذ ظهورها إلى يوم القيامة‪ ،‬ومثالها‪ :‬القرآن الكريم([‪)]18‬‬

‫هل القرآن معجزٌة؟‬

‫من خالل صفات المعجزة المتقِّدمة نستطيع القول بأَّن القرآن الكريم هو من المعجزات التي أظهرها هللا تعالى على يد نبِّي ه محم‪--‬د(ص)‪ ،‬ب‪--‬ل نق‪--‬ول‬
‫أكثر من ذلك‪ :‬إَّن القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة للنبّي األكرم(ص)‪ ،‬التي تحّد ى بها الن‪--‬بّي األك‪--‬رم(ص) جمي‪--‬ع الكائن‪--‬ات‪ ،‬من اإلنس والجّن ‪ ،‬داعي ‪ً-‬ا‬
‫إّياهم لإلتيان بمثل القرآن‪ ،‬حيث ق‪--‬ال تع‪--‬الى‪ُ{ :‬ق ْل َلِئْن اْج َتَم َع ْت اإلنُس َو الِجُّن َعَلى أْن َي أُتوا ِبِمْث ِل َه َذ ا الُق ْرآِن َال َي أُتوَن ِبِمْثِل ِه َو َل ْو َك اَن‬
‫‪َ.‬بْع ُضُه ْم ِلَبْع ٍض َظِه يرًا}([‪)]19‬‬

‫ولم يقِد ْر أحٌد على ذلك‪ ،‬فكان القرآن المعجزة العقلّية‪ ،‬الدائمة‪ ،‬غير االقتراحّية‪ ،‬التي ش‪-‬اهدها الن‪-‬اس في يومن‪-‬ا ه‪-‬ذا ب‪-‬أِّم أعينهم‪ ،‬في حين علم‪-‬وا‬
‫‪.‬بالمعجزات األخرى عن طريق النقل المتواِتر‬

‫وجوه إعجاز القرآن‬

‫يقول تعالى‪َ{ :‬و إْن ُكْنُتْم في َرْيٍب مَّم ا َنَّزْلَن ا َع َلى َع ْب ِدَنا َف أُتوا ِبُس وَر ة ِمْن ِمْثِلِه َواْدُع وا ُش َه داَءُكْم ِمْن ُدوِن ِهللا ِإْن ُك ْنُت م َص اِدِقيَن * َف إْن َلْم‬
‫‪َ.‬تْفَعُلوا َو َلْن َتْفَعُلوا}([‪)]20‬‬

‫‪.‬ويقول أيضًا‪ُ{ :‬ق ْل َلِئْن اْج َتَم عْت اإلنُس َو الِجُّن َع َلى َأْن َيْأ ُتوا ِبِمْث ِل َهَذ ا الُقْرآِن َال َيْأ ُتوَن ِبِمْثِلِه َو َلْو َكاَن َبْع ُضُهْم ِلَبْع ٍض َظِه يرًا}([‪)]21‬‬

‫‪.‬في اآلية األولى يخاطب هللا الناس كاّفة‪ ،‬وفي اآلية الثانية يخاطب اإلنس والجّن معًا‬

‫وفي اآلية األولى تحّد ى هللا عَّز وجَّل الناس جميعًا‪ ،‬بكِّل أفرادهم‪ ،‬وفي كّل زماٍن ومكان‪ ،‬أن يأتوا بسورٍة واح‪-‬دة من مث‪-‬ل الق‪-‬رآن‪ ،‬أو من مث‪-‬ل رس‪-‬ول‬
‫‪.‬هللا(ص)‪ ،‬ثّم أخبر أّنهم لن يفعلوا ذلك‪ ،‬مهما كُث ر البشر‪ ،‬وتطَّو رت علومهم ومعارفهم‪ ،‬ومهما تطاول بهم الزمن‬

‫وحين تحّد ى النبّي (ص) اإلنس والجّن بأن يأتوا بمثل القرآن كان كالُم ه مطلقًا‪ ،‬بحيث ك‪--‬ان تحّد ي‪--‬ه لك‪ِّ-‬ل ف‪--‬رٍد من أف‪--‬راد اإلنس والجّن ؛ الحاض‪--‬ر واآلتي؛‬
‫‪.‬العاّمة والخاّصة؛ الجاهل والعالم؛ الرجل والمرأة؛… إلخ‪ ،‬وفي أّي حاٍل من حاالتهم؛ عربًا؛ عجمًا؛ أدباء؛ شعراء؛ أطّباء؛ حكماء؛ علماء؛ عرفاء‬

‫‪.‬كما أّنه لم يتحَّد باإلتيان بمثل القرآن في جهة من الجهات‪ ،‬بل كان تحّد يه باإلتيان بِمْث ِل القرآن مطلقًا‬

‫وبالتالي فمعنى آيات التحّد ي أَّنه لئن اجتمعت اإلنس والجّن ‪ ،‬بكِّل أفرادهم‪ ،‬وفي كِّل أحوالهم‪ ،‬على أن يأتوا بمثل ه‪--‬ذا الق‪--‬رآن‪ ،‬من جمي‪--‬ع الجه‪--‬ات؛‬
‫في اآلتي به؛ وفصاحته؛ وبالغته‪ ،‬ونظمه‪ ،‬والعلوم التي في‪--‬ه؛ واألخب‪--‬ار الغيبّي ة المش‪--‬ار إليه‪--‬ا في‪--‬ه؛ وَع َد م االختالف بين آيات‪--‬ه؛ وغ‪--‬ير ذل‪--‬ك من وج‪--‬وه‬
‫‪.‬إعجازه‪ ،‬ال يأتون بمثله ولو كان بعُض هم لبعٍض ظهيرًا‬

‫‪.‬ومن هنا يظهر أّن القرآن يّد عي عموَم إعجازه من جميع الجهات([‪)]22‬‬

‫وبالتالي فال وجه لما اّدعاه البعض من أّن القرآن معِجٌز في جهة واحدة فقط‪ ،‬أو في جهَتْي ن‪ ،‬بل نقول القرآن معِجٌز من جميع الجه‪--‬ات ال‪--‬تي ذكروه‪--‬ا‪،‬‬
‫‪.‬ما عدا الُّصرفة‬

‫‪:‬ومن تلك الوجوه‬

‫إعجازه من جهة اشتماله على األخبار الغيبّية المستقبلّية‬

‫الُم راد من الَغ ْي ب‬

‫‪.‬قال ابن فارس‪ :‬الغين والياء والباء أصٌل صحيٌح ‪ ،‬يدّل على تسّتر الشيء عن العيون…‪ ،‬من ذلك الَغ ْيب‪ :‬ما غاب‪ ،‬مّما ال يعلمه إّال هللا([‪)]23‬‬

‫وقال محمد رشيد رض‪-‬ا‪ :‬الغيب ال يعلم‪-‬ه إّال هللا‪ ،‬بينم‪-‬ا بعض المس‪--‬ائل تك‪-‬ون مجهول‪-‬ة للبش‪--‬ر‪ ،‬ولكّنه‪--‬ا ليس‪--‬ت من الغيب؛ إذ س‪-‬يعلمونها فيم‪-‬ا بع‪--‬د‪،‬‬
‫كالمسائل العلمّية‪[ ،‬من قبيل قوله تعالى‪َ{ :‬و أْرَس ْلَن ا الِّرَياَح َل َو اِقَح َف أْنَز ْلَن ا ِمْن الَّس ماِء َم اًء َف أْس َق ْي َناُك ُم وُه َوَم ا أْنُتْم ِبَخ اِزِنيَن }([‪،)]24‬‬
‫‪.‬وقوله‪َ{ :‬و الَّش ْمُس َتْج ِري ِلُمْس َتَق ٍّر َلَه ا َذ ِلَك َتْقِديُر الَع ِزيِز اْلَعِليِم }([‪ ،)]25‬وغيرها من اآليات]([‪)]26‬‬

‫وقال الشيخ محمد علي رضائي إصفهاني‪ ،‬في سياق حديثه عن أنواع األخبار الغيبّية‪ :‬لقد تض ‪ّ-‬من الق‪--‬رآُن الك‪--‬ريم الكث‪--‬يَر من األخب‪--‬ار الغيبّي ة‪ ،‬وهي‬
‫‪:‬على ثالثة أنواٍع‬

‫‪.‬ـ األخبار الغيبّية الماضية‪ ،‬كقصص األنبياء‪ ،‬والُّرُس ل‪ ،‬واألمم السالفة‪1‬‬

‫ـ األخبار الغيبّية الحاضرة (الحالّية)‪ ،‬كالذي كان ُيضمره‪ ،‬ويمُك ُر ه‪ ،‬المنافقون من المكائد لإلس‪--‬الم والمس‪--‬لمين‪[ ،‬كقول‪--‬ه تع‪--‬الى في مس‪--‬جد الض‪--‬رار‪2،‬‬
‫الذي بناه المنافقون‪َ{ :‬و اَّلِذيَن اَّتَخُذ وا َمْس ِجدًا ِضَر ارًا وُكْفرًا َو َتْف ِريقًا َبْي َن الُم ْؤِمِنيَن َو إْرَص ادًا ِلَمْن َح اَرَب َهللا َوَر ُس وَلُه ِمْن َق ْب ُل َو َلَيْح ِلُف َّن ِإْن‬
‫‪.‬أَرْدَنا ِإَّال الُحْس َن ى َوُهللا َيْش َهُد ِإَّنُهْم َلَك اِذ ُبوَن }‬
‫‪.‬وسورُة التوبة فيها من هذا الضرب شيٌء كثيٌر]([‪)]27‬‬

‫‪.‬ـ األخبار الغيبّية المستقَبِلّية‪ ،‬كالوقائع‪ ،‬والمالِحم‪ ،‬واألحداث‪ ،‬واألخبار‪ ،‬واألمور‪ ،‬التي أخَبر القرآُن الكريم أَّنها ستحصل في مستقَبل األّيام‪3‬‬

‫إضافة إلى األخبار العلمّية؛ فإَّنها من األخبار الغيبّية المستقبلّية‪ ،‬حيث أنبأ هللا عنه‪--‬ا‪ ،‬وهي في ذل‪--‬ك ال‪--‬وقت من األم‪--‬ور الغائب‪--‬ة عن الن‪--‬اس‪ ،‬وال علم‬
‫‪.‬لهم بها‪ ،‬تمامًا كما هو حال الوقائع والمالحم([‪)]28‬‬

‫وُيالحظ على كالم الشيخ رضائي أّن فرقًا م‪-‬ا يظه‪--‬ر بين أخب‪-‬ار الوق‪-‬ائع والمالحم من جه‪--‬ة واألخب‪-‬ار العلمّي ة من جه‪-‬ة أخ‪-‬رى‪ ،‬وه‪--‬و أّن أخب‪-‬ار الوق‪-‬ائع‬
‫‪.‬والمالحم تنبئ عن أموٍر لم تحصل بعُد ‪ ،‬وال سبيل لمعرفة أّنها ستحصل إّال إخبار هللا بذلك‬

‫في حين أّن األخبار العلمّية تتناول قضايا علمّية ثابتة وموجودة منذ عصر آدم(ع)‪ ،‬غير أّن البشر لم يكتشفوها بعد‪ ،‬وبالتالي ف‪-‬إّن معرفته‪--‬ا تك‪-‬ون ع‪-‬بر‬
‫‪.‬أحد طريَق ْي ن‪ :‬إخبار هللا بها‪ ،‬أو اكتشاف البشر لها‪ ،‬ولو بعد فترة من الزمن‪ ،‬بما أودعه هللا فيهم من قدرة العقل واالكتشاف‬

‫فاألخبار العلمّية تشبه إلى حٍّد بعيٍد أخبار أحوال المنافقين‪ ،‬حيث كانت تنقل للمسلمين ما أض‪--‬مره المن‪--‬افقون من المك‪--‬ر والمكي‪--‬دة‪ ،‬فهي ُتخ‪--‬بر عن‬
‫أموٍر موجودة‪ ،‬غير أّن المسلمين لم يَّطلعوا عليها بعد‪ ،‬وسبيُلهم لالّطالع عليها أحد ثالث طرٍق‪ :‬إّم ا أن يخبرهم هللا بها؛ أو يبوح به‪--‬ا أح ‪ُ-‬د المن‪--‬افقين‪،‬‬
‫‪.‬أو تقع في الخارج‪ ،‬فتنكشف لهم‬

‫غير أّن هذه األمور كانت ستظهر في نفس زمن إخبار هللا عنها‪ ،‬ومن هنا ُع َّد ت من األخبار الغيبّية الحاضرة (الحالّية)‪ ،‬بينما القضايا العلمّي ة لن تظه‪--‬ر‬
‫‪.‬قبل عّد ة قرون‪ ،‬وألجل ذلك ُع ّد ت من األخبار الغيبّية المستقبلّية‬

‫‪:‬غير أّن األصّح أن ُتعّد األخبار العلمّية من األخبار الغيبّية المستقبلّية بعد تقسيمها إلى قسَمْي ن‬

‫‪.‬ـ األخبار الغيبّية المستقبلّية التي تخبر عن أموٍر موجودة فعًال‪ ،‬ولكّنها غيُر معروفة‪ ،‬ويمكن معرفتها بإخبار هللا‪1‬‬

‫‪.‬ـ األخبار الغيبّية المستقبلّية التي تخبر عن أموٍر موجودة فعًال‪ ،‬ولكّنها غيُر معروفة‪ ،‬ويمكن معرفتها باكتشاف البشر لها‪2‬‬

‫ومحُّل الكالم في بحثنا هذا حول إعجاز القرآن الكريم من جهة األخبار الغيبّية المستقبلّية‪ ،‬ه‪--‬و القس‪--‬م األّول‪ ،‬أي م‪--‬ا ك‪--‬ان إخب‪--‬ارًا عن أم‪--‬وٍر لم تق‪--‬ع‪،‬‬
‫ومتوِّقفًا علُم الَبَش ر به على إخبار هللا لهم به‪ ،‬كالحوادث‪ ،‬والوقائع‪ ،‬والمالحم‪ ،‬التي وقعت بعد فترة من مجيء اإلخبار بها‪ ،‬وبعُض ها لم يقع حّتى هذه‬
‫األّيام‪ ،‬غير أّنه سيقع حتمًا‪ ،‬كما أخ‪-‬بر الق‪-‬رآن الك‪-‬ريم؛ وليس مح‪َّ-‬ل الكالم م‪-‬ا ك‪-‬ان إخب‪-‬ارًا عن أم‪-‬وٍر موج‪-‬ودة غ‪-‬ير أّنه‪-‬ا مجهول‪-‬ة للبش‪-‬ر في َزَم ٍن م‪-‬ا‪،‬‬
‫‪.‬وسيعلُم ها قوٌم آخرون فيما بعد‪ ،‬عند تطُّور العلم ووسائل المعرفة‪ ،‬وقد علموا بعَضها فعًال‪ ،‬كالحقائق العلمّية‬

‫‪:‬وهذا هو محُّل الكالم أيضًا في بحوث جملٍة من العلماء في هذه الجهة من جهات إعجاز القرآن الكريم‬

‫‪.‬قال القرطبي‪ :‬ومنها [من وجوه إعجاز القرآن]‪ :‬اإلخبار عن المغَّيبات في المستقبل‪ ،‬التي ال ُيَّطلع عليها إّال بالوحي([‪)]29‬‬

‫وقال الخوئي‪ :‬القرآن واإلخبار بالغيب‪ :‬أخبر القرآن الكريم في عّد ة من آياته عن أمور مهّمة‪ ،‬تتعَّلق بما يأتي من األنباء والحوادث‪ ،‬وقد كان في جمي‪--‬ع‬
‫‪.‬ما أخبر به صادقًا‪ ،‬لم يخالف الواقع في شيٍء منها‪ ،‬وال شّك في أّن هذا من اإلخبار بالغيب‪ ،‬وال سبيل إليه غير طريق الوحي والنبوة([‪)]30‬‬

‫‪.‬فالِحظ كيف أّنهما أرادا من الَغ ْيب هنا َغ ْي بًا خاّصًا‪ ،‬وهو ما ال سبيل إلى معرفته إّال طريق الوحي والنبّوة‬

‫وبهذا يظهر ما في كالم محمد رشيد رضا‪ ،‬حيث نفى أن تكون المسائل العلمّي ة من الَغ ْيب‪ .‬والص‪--‬حيُح أّنه‪--‬ا من الغيب‪ ،‬بمع‪--‬نى أّنه‪--‬ا ك‪--‬انت مس‪--‬تورًة‬
‫‪.‬ومخفّية عن الذين عاصروا نزول القرآن الكريم‪ ،‬وال يزال بعُض ها خافيًا على البشر حّتى يومنا هذا‬

‫وكذا يظهر ما في كالم الزرقاني‪ ،‬الذي عَّد المس‪--‬ائل العلمّي ة من األخب‪--‬ار الغيبّي ة الحاض‪--‬رة‪ ،‬حيث ق‪--‬ال‪…« :‬وإن أخ‪--‬بر [أي الق‪--‬رآن] عن غيب الحاض‪--‬ر‬
‫صّد قه ما جاء به األنبياء‪ ،‬وما يجّد في العالم من تجارب وعلوم‪ …،‬ومن غيب الحاضر‪ ،‬أو الماضي‪ ،‬ما جاء في طّي القرآن من حق‪--‬ائق ومن‪--‬افع ومب‪--‬ادئ‬
‫‪.‬لم يكشف عنها إّال العلم الحديث» ([‪)]31‬‬

‫اشتمال القرآن على األخبار الغيبّية المستقبلية‬

‫تضَّم نت بعض آيات القرآن الكريم جملة من األخبار الغيبّية المستقبلّية‪ ،‬التي أنبأت عن حص‪--‬ول بعض الح‪--‬وادث والوق‪--‬ائع في مس‪--‬تقبل األّي ام بلس‪--‬ان‬
‫‪.‬قاطٍع ال ترُّدد فيه‬

‫وقد وقعت هذه األمور كما حّد ث‪ ،‬وما تخَّلفت‪ ،‬وجاءت على النحو الذي أخبر ب‪-‬ه‪ ،‬في إجم‪-‬ال م‪-‬ا أجم‪-‬ل‪ ،‬وتفص‪-‬يل م‪-‬ا فّص ل‪ ،‬وهك‪-‬ذا ص‪ّ-‬د قه م‪-‬ا ولدت‪-‬ه‬
‫‪.‬الليالي‪ ،‬وما جاءت به األّيام([‪)]32‬‬

‫فإذا ما استحضرنا أّن القرآن الكريم قد تحّد ى َمْن يّد عي أّن رسول هللا محمد(ص) قد تقّول القرآن‪ ،‬وافترى به على هللا عَّز وجَّل ‪ ،‬باإلتيان بحديث مثل‬
‫القرآن‪ ،‬قال تعالى‪َ{ :‬أْم َيُق وُلوَن َتَق َّوَلُه َبل ال ُيْؤ ِم ُن وَن * َفْلَيْأ ُتوا ِبَح ِديٍث ِمْثِلِه إْن َكاُنوا َص اِدِقيَن }([‪ ،)]33‬وأّن هذه األخبار حديٌث ق‪---‬رآنٌّي‪ ،‬عرفن‪---‬ا‬
‫أّن القرآن‪ ،‬وعلى لسان رسول هللا(ص)‪ ،‬يتحّد ى الناس باإلتيان بمثل هذه األخبار‪ ،‬لنفي صّح ة دع‪--‬وى محم‪--‬د(ص) بأّن ه ن‪--‬بٌّي من عن‪--‬د هللا‪ ،‬ينق‪--‬ل م‪--‬ا‬
‫‪.‬يوحيه هللا إليه للناس‪ ،‬وال يتقّول عليه شيئًا‪ ،‬ولو لم يأتوا بمثلها لكان ذلك دليًال على أّن نبّوته(ص) حٌّق وصدٌق‬

‫ولّما عجز كّل الناس‪ ،‬منذ عصر رسول هللا(ص) إلى يومنا هذا‪ ،‬عن اإلتيان بمثل هذه األخبار كانت هذه األخب‪--‬ار معج‪--‬زًة ل‪--‬ه(ص)‪ ،‬تح ‪ّ-‬د ى به‪--‬ا الخل‪--‬ق؛‬
‫‪.‬إلثبات نبّوته‪ ،‬فقهرهم‪ ،‬وأظهر عجزهم‪ ،‬فأثبت أّنه رسول هللا(ص)‪ ،‬الذي ال ينطق عن الهوى إْن هو إّال وحٌي ُيوَح ى‬

‫فما هي هذه اآليات؟ وما هي أخبارها؟ وكيف كانت معجزًة للناس؟‬

‫قــالوا‪ :‬إَّن من اآليــات الــتي أشــارت إلى حــوادَث ‪ ،‬ووقــائَع‪ ،‬وأمــوٍر‪ ،‬ســتقع في المس ـَتقَبل‪ ،‬وَو َق َعت فعًال‪ ،‬بحيث كانت من المؤِّي دات‬
‫‪:‬والشواهد المستمّرة على أَّن القرآن من عند هللا‪ ،‬وأّن النبّي (ص) صادٌق في دعواه النبّوة والرسالة‪ ،‬ما يلي‬

‫ـ {َو إْذ َيِعُدُكْم ُهللا إْح َدى الَّطائَف َت ْيِن أَّنها َلُكْم َو َتَو ُّدون أَّن َغ ْي َر َذ اِت الَّش ْو َكة َتُكوُن َلُكْم َوُيِريُد ُهللا أْن ُيِح َّق الَح َّق ِبَكِلَماِت ِه َوَيْق َط َع َداِب َر ‪1‬‬
‫‪.‬الَك اِفِريَن }([‪)]34‬‬

‫في تفسـير الطـبري‪ :‬عن قت‪--‬ادة‪ :‬قول‪--‬ه‪َ{ :‬وإْذ َيِع ُدُكْم ُهللا إْح َدى الَّط اِئَف َت ْيِن أَّنَه ا َلُكْم َو َت َو ُّدوَن أَّن َغ ْي َر َذ اِت الَّش ْو َكة َتُك وُن َلُكْم }‪ ،‬ق‪--‬ال‪:‬‬
‫الطائفتان؛ إحداهما‪ :‬أبو سفيان بن حرب؛ إذ أقبل بالعير من الشام؛ والطائف‪--‬ة األخ‪--‬رى‪ :‬أب‪--‬و جه‪--‬ل‪ ،‬مع‪--‬ه نف‪ٌ-‬ر من ق‪-‬ريش‪ ،‬فك‪-‬ره المس‪--‬لمون الش‪--‬وكة‬
‫‪.‬والقتال‪ ،‬وأحّبوا أن يلَق ْو ا العير‪ ،‬وأراد هللا ما أراد‬

‫وعن ابن عّباس‪ ،‬قوله‪َ{ :‬و إْذ َيِعُدُكْم ُهللا إْح َدى الَّطاِئَف َت ْيِن }‪ ،‬قال‪ :‬أقبلت عير أهل مّكة‪ ،‬يريد‪ :‬من الشام‪ ،‬فبلغ أهل المدينة ذل‪--‬ك‪ ،‬فخرج‪--‬وا‪ ،‬ومعهم‬
‫رسول هللا(ص)‪ ،‬يريدون العير‪ ،‬فبلغ ذلك أهل مّكة‪ ،‬فسارعوا السير إليها‪ ،‬لئّال يغلب عليها النبّي (ص) وأصحابه‪ ،‬فسبقت العير رس‪--‬ول هللا(ص)‪ ،‬وك‪--‬ان‬
‫هللا وعدهم إحدى الطائفتين‪ ،‬فكانوا أن يلَق ْو ا العير أحّب إليهم‪ ،‬وأيسر شوكة‪ ،‬وأحضر مغنمًا‪ ،‬فلّما سبقت العير‪ ،‬وفاتت رس‪--‬ول هللا(ص)‪ ،‬س‪--‬ار رس‪--‬ول‬
‫‪.‬هللا(ص) بالمسلمين يريد القوم‪ ،‬فكره المسلمون مسيرهم؛ لشوكٍة في القوم([‪)]35‬‬

‫‪.‬وقال الحسن‪ :‬كان المسلمون يريدون العير‪ ،‬ورسوُل هللا يريد ذات الشوكة؛ لما وعده هللا([‪)]36‬‬

‫‪.‬وقال الطوسي‪ :‬وقوله‪{ :‬إْح َدى الَّطاِئَف َت ْيِن } يعني عير قريش أو قريشًا‪ ،‬وكان هللا وعد نبّيه حصول إحداهما‬

‫‪.‬وقوله‪َ{ :‬ذ اِت الَّش ْو َكة} يعني القتال([‪)]37‬‬

‫وقال الطبرسي‪َ{ :‬و إْذ َيِعُدُكْم ُهللا إْح َدى الَّطاِئَف َت ْيِن أَّنَه ا َلُكْم } يعني‪ :‬واذكروا واشكروا هللا‪ ،‬إذ يعدكم هللا أّن إح‪--‬دى الطائفتين لكم؛ إّم ا الع‪--‬ير؛‬
‫وإّما النفير‪َ{ ،‬و َتَوُّدوَن أَّن َغ ْي َر َذ اِت الَّش ْو َكة َتُكوُن َلُكْم } أي توّدون أن يك‪--‬ون لكم الع‪--‬ير وص‪--‬احبها أب‪--‬و س‪--‬فيان بن ح‪--‬رب‪ ،‬لئّال تلحقكم مش ‪ّ-‬قة‪ ،‬دون‬
‫‪.‬النفير‪ ،‬وهو الجيش من قريش‪ .‬وكَّنى بالشوكة عن الحرب لما في الحرب من الشّدة‪ ،‬عن قطرب؛ وقيل‪ :‬ذات الشوكة‪ :‬ذات السالح([‪)]38‬‬

‫وقال الخوئي‪ :‬هذه اآلية نزلت في وقعة بدر‪ ،‬وقد وعد هللا فيها المؤمنين بالنصر على عدّوهم‪ ،‬وبقطع دابر الكافرين‪ ،‬والمؤمنون على م‪--‬ا هم علي‪--‬ه‬
‫من قّلة العدد والعّد ة‪ ،‬حتى أّن الفارس فيهم كان هو المقداد‪ ،‬أو هو والزبير بن العّوام‪ ،‬والكافرون هم الكثيرون‪ ،‬الش‪--‬ديدون في الق ‪ّ-‬وة‪ ،‬وق‪--‬د وص‪--‬فتهم‬
‫اآلية بأّنهم ذوو شوكة‪ ،‬وأّن المؤمنين أشفقوا من قتالهم‪ ،‬ولكّن هللا يريد أن يحّق الحّق بكلماته‪ ،‬وقد وفى للمؤمنين بوعده‪ ،‬ونصرهم على أع‪--‬دائهم‪،‬‬
‫‪.‬وقطع دابر الكافرين([‪)]39‬‬

‫‪.‬وأقول‪ :‬قال ابن إسحاق‪ :‬فلّما انقضى أمُر بدٍر أنزل هللا عَّز وجَّل فيه من القرآن األنفال بأسرها([‪)]40‬‬

‫وهذا يعني أّن اآلية محَّل البحث ق‪-‬د ن‪-‬زلت بع‪-‬د معرك‪-‬ة ب‪-‬دٍر‪ ،‬وانتص‪-‬ار المس‪-‬لمين على المش‪-‬ركين‪ ،‬فهي إخب‪-‬اٌر من هللا أَّن ه ق‪-‬د أطل‪-‬ع نبَّي ه على أّن‬
‫المسلمين سيكون لهم أحد أمَرْي ن‪ :‬االستيالء على القافلة التجارّية لقريش؛ أو االنتصار على جيشها الكبير‪ ،‬وقد َوَع َد ُهللا المس‪--‬لمين‪ ،‬على لس‪--‬ان‬
‫نبِّيه‪ ،‬بأّن إحدى الطائفَتْي ن ستكون لهم‪ ،‬وهذا ما حصل بالفعل‪ ،‬فلّم ا ف‪--‬اتهم الع‪--‬ير‪ ،‬أي القافل‪--‬ة‪ ،‬ك‪--‬انت لهم الَغ َلب‪--‬ة على النف‪--‬ير‪ ،‬وه‪--‬و جيش ق‪--‬ريش‪،‬‬
‫‪.‬وأفراُد ه زهاء ألف رجٍل ‪ ،‬في حرب بدر‬

‫وبالتالي فهي إخباٌر عن أمٍر قد حصل في ما مضى‪ ،‬وهو وعُد هللا بأّن العير أو النفير سيكون للمسلمين‪ ،‬ال أّن فيه‪--‬ا وع‪ٌ-‬د وإخب‪--‬اٌر ب‪--‬أمٍر سيحص‪--‬ل في‬
‫‪.‬المستقبل‬

‫‪.‬نعم‪ ،‬قول النبّي (ص) هو الذي أخبر عن غيٍب مستقبلّي ‪ ،‬وليست اآلية هي التي تضَّم نت خبرًا غيبّيًا مستقبلّيًا‬

‫‪.‬إذن ال تكون هذه اآلية شاهدًا على إعجاز القرآن الكريم من جهة اشتماله على األخبار الغيبّية المستقبلّية‬

‫‪.‬ـ {إَّنَك َمِّيٌت َوإَّنُهْم َم ِّيُت وَن }([‪2)]41‬‬

‫‪.‬في هذه اآلية إخباٌر عن أّن كّل البشر على هذه األرض سيموتون‪ ،‬ولن يبقى منهم أحٌد ‪ ،‬فالبقاء هلل وحده‪ ،‬وما جعل هللا لبشٍر الُخ ْلَد في هذه الدنيا‬

‫‪.‬وهذا ما نالحظه فعًال؛ حيث لم نعرف حّتى اليوم َمْن بقي مخَّلدًا‬
‫غير أّن هذا ال يكفي العتبار اآلي‪-‬ة ش‪-‬اهدًا على إعج‪-‬از الق‪-‬رآن‪ ،‬ب‪-‬ل علين‪-‬ا أن ننتظ‪-‬ر إلى قي‪-‬ام الس‪--‬اعة؛ ف‪-‬إْن م‪-‬ات جمي‪-‬ع البش‪--‬ر‪ ،‬ونحن نعتق‪-‬د أّنهم‬
‫‪.‬سيموتون جميعًا‪ ،‬ظهر اإلعجاز القرآنّي في هذه اآلية‬

‫نعم‪ ،‬القسم األّول منها‪ ،‬وهو قوله مخاِطبًا النبَّي األكرم(ص)‪{ :‬إَّنَك َمِّيٌت }‪ ،‬شاهٌد جلٌّي على إعجاز القرآن من حيث اش‪-‬تماله على األخب‪-‬ار الغيبّي ة‬
‫‪.‬المستقبلّية التي ال سبيل للعلم بها إّال عن طريق الوحي‬

‫ـ {الم * ُغ ِلَبِت الُّروُم * ِفي َأْدَنى اَألْر ِض َوُه ْم ِمْن َبْعِد َغ َلِبِه ْم َس َيْغِلُبوَن * ِفي ِبْض ِع ِسِنيَن ِهلل األْمُر ِمْن َقْبُل َوِمْن َبْع ُد َوَيْوَمِئ ٍذ َيْف َرُح ‪3‬‬
‫‪.‬اْلُم ْؤ ِم ُن وَن * ِبَنْص ِر ِهللا َينُصُر َمْن َيَش اُء َوُه َو اْلَع ِزيُز الَّرِحيُم }([‪)]42‬‬

‫قال الطبرسي‪َ{ :‬وَيْوَمِئٍذ َيْف َرُح الُم ْؤ َم ُن وَن * ِبَنْص ِر ِهللا } أي‪ :‬ويوم يغلب الروم فارس‪ً-‬ا‪ ،‬يف‪--‬رح المؤمن‪-‬ون ب‪--‬دفع ال‪--‬روم فارس‪ً-‬ا عن بيت المق‪--‬دس‪ ،‬ال‬
‫بغلبة الروم على بيت المقدس؛ فإّنهم كفاٌر‪ ،‬ويفرحون أيضًا لوجوٍه أخر‪ ،‬وهو اغتمام المشركين بذلك؛ ولتصديق خبر هللا عَّز وجَّل وخبر رس‪--‬وله؛ وألّن ه‬
‫‪.‬مقِّدمة لنصرهم على المشركين‬

‫‪.‬وهذه من اآليات الداّلة على أّن القرآن من عند هللا عَّز وجَّل ؛ ألّن فيه أنباء ما سيكون‪ ،‬وما يعلم ذلك إّال هللا عَّز وجَّل ([‪)]43‬‬

‫وقال القرطبي‪ :‬هذه أخباٌر عن الغيوب‪ ،‬التي ال يقف عليها إّال رُّب العالمين‪ ،‬أو َمْن أوقف‪--‬ه عليه‪--‬ا رُّب الع‪--‬المين‪ ،‬ف‪--‬دّل على أّن هللا تع‪--‬الى ق‪--‬د أوق‪--‬ف‬
‫‪.‬عليها رسوَله؛ لتكون داللًة على صدقه([‪)]44‬‬

‫وقال الزرقاني‪ :‬وبياُن ذلك أّن دولة الرومان‪ ،‬وهي مسيحّية‪ ،‬كانت قد انه‪--‬زمت أم‪--‬ام دول‪--‬ة الف‪--‬رس‪ ،‬وهي وثنّي ة‪ ،‬في ح‪--‬روٍب طاحن‪--‬ة بينهم‪--‬ا س‪--‬نة‬
‫‪614‬م‪[ ،‬فقد كان بيت المقدس ألهل الروم كالكعبة للمسلمين‪ ،‬فدفعتهم فارس عنه]([‪[ ،)]45‬وك‪---‬ان الن‪---‬بّي (ص) يك‪---‬ره أن يظه‪---‬ر األّمّي ون من أه‪---‬ل‬
‫المجوس على أهل الكتاب من الروم]([‪ ،)]46‬فاغتّم المسلمون؛ بسبب أّنها هزيمة لدولة متدِّينة أمام دولة وثنّية‪[ ،‬وفي رواي‪---‬ة عن أبي جعف‪---‬ر(ع)‪:‬‬
‫كان المسلمون يهَوْو ن أن يغلب ملك الروم مل‪-‬ك ف‪-‬ارس‪ ،‬وك‪-‬انوا لناحي‪-‬ة مل‪-‬ك ال‪-‬روم أرجى منهم لمل‪-‬ك ف‪-‬ارس؛ إذ إّن رس‪-‬ول هللا(ص) لّم ا ه‪-‬اجر إلى‬
‫المدينة‪ ،‬وقد ظهر اإلسالم‪ ،‬كتب إلى ملك الروم كتابًا‪ ،‬وبعث إليه رسوًال يدعوه إلى اإلسالم‪ ،‬وكتب إلى ملك فارس كتاب‪ً-‬ا‪ ،‬وبعث إلي‪-‬ه رس‪--‬وًال ي‪--‬دعوه‬
‫إلى اإلسالم‪ ،‬فأّما ملك الروم فإّنه عّظم كتاب رسول هللا(ص)‪ ،‬وأكرم رسوله‪ ،‬وأّما ملك فارس فإّنه مَّزق كتابه‪ ،‬واستخَّف برسول هللا(ص)]([‪ ،)]47‬وف‪-‬رح‬
‫المشركون‪ ،‬وقالوا للمسلمين في شماتة العدّو‪ :‬إّن الروم يشهدون أّنهم أه‪--‬ل كت‪-‬اب‪ ،‬وق‪-‬د غلبهم المج‪-‬وس‪ ،‬وأنتم تزعم‪-‬ون أّنكم س‪-‬تغلبون بالكت‪-‬اب‬
‫الذي أنزل عليكم‪ ،‬فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم‪ ،‬فنزلت اآليات الكريمة‪ ،‬يبِّشر ُهللا فيها المسلمين بأّن هزيمة ال‪--‬روم ه‪--‬ذه س‪--‬يعقبها انتص‪--‬اٌر في‬
‫بضع سنين‪ ،‬أي في مّد ة تتراوح بين ثالث س‪-‬نواٍت وتس‪ٍ-‬ع‪ ،‬ولم ي‪ُ-‬ك مظنون‪ً-‬ا وقَت ه‪--‬ذه البش‪--‬ارة أّن ال‪-‬روم تنتص‪-‬ر على الف‪-‬رس في مث‪-‬ل ه‪--‬ذه الم‪ّ-‬دة‬
‫الوجيزة‪ ،‬بل كانت المقّد مات واألسباب تأبى ذلك عليها؛ ألَّن الحروب الطاحنة أنهكته‪-‬ا‪ ،‬ح‪-‬تى ُغ ِزَيت في عق‪-‬ر داره‪-‬ا؛ وألَّن دول‪-‬ة الف‪-‬رس ك‪-‬انت قوّي ة‬
‫‪.‬منيعة‪ ،‬وزادها الظفر األخير قّوة ومنعة‬

‫‪.‬ولكّن هللا تعالى أنجز وعده‪ ،‬وتحَّققت نبوءة القرآن سنة ‪622‬م‪ ،‬الموافقة للسنة الثانية من الهجرة المحمدّية‬

‫‪]([48]).‬فعن أبي سعيد الخدري‪ ،‬قال‪ :‬لّما كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس‪ ،‬فُأعجب المؤمنون بظهور الروم على فارس[‬

‫ومّما هو جديٌر بالذكر أّن هذه اآلية نفسها حملت نبوءًة أخرى‪ ،‬وهي البشارة بأَّن المسلمين سيفرحون بنصٍر عزيٍز في هذا ال‪--‬وقت ال‪--‬ذي ينتص‪--‬ر في‪-‬ه‬
‫الروم‪َ{ ،‬وَيْوَمِئٍذ َيْف َرُح الُم ْؤ ِم ُن وَن * ِبَنْص ِر ِهللا َيْنُصُر َمْن َيَش اُء َوُه َو اْلَع ِزيُز الَّرِحيُم }‪ ،‬ولقد صدق هللا وعده في هذه‪ ،‬كما ص‪--‬دقه في تل‪--‬ك‪ ،‬وك‪--‬ان‬
‫ظفر المسلمين في غزوة بدر الكبرى واقعًا في الظرف الذي صدر فيه الرومان‪ ،‬وهكذا تحّققت النبوءتان في وقٍت واحٍد ‪ ،‬مع تقُّطع األسباب في انتصار‬
‫الروم كما علمَت ‪ ،‬ومع تقُّطع األسباب أيضًا في انتصار المسلمين على المشركين على عهد هذه البش‪--‬ارة؛ ألّنهم ك‪--‬انوا أّيامئ‪-‬ذ في مّك ة‪ ،‬في ص‪--‬در‬
‫‪.‬اإلسالم‪ ،‬والمسلمون في قّلٍة وذّلة‪ ،‬يضطهدهم المشركون‪ ،‬وال يرقبون فيهم إًّال‪ ،‬وال ذّمة([‪)]49‬‬

‫‪.‬وأقول‪ :‬ال شّك وال ريب في كون هذه اآلية من الشواهد على إعجاز القرآن الكريم‬

‫ـ {َلَق ْد َص َدَق ُهللا َر ُس وَلُه الُّرْؤ َيا باْلَح ِّق َلَتْد ُخ ُلَّن اْلَمْس ِجَد اْلَحَر اَم إْن َش اَء ُهللا آِمِنيَن ُم َح ِّلِقيَن ُر ُؤوَس ُكْم َو ُم َق ِّص ِريَن َال َتَخ اُفوَن َف َع ِلَم َم ا‪4‬‬
‫‪َ.‬لْم َتْع َلُم وا َف َج َع َل ِمْن ُدوِن َذ ِلَك َف ْت حًا َق ِريبًا}([‪)]50‬‬

‫أخرج البيهقي في (الـدالئل) عن مجاهـد‪ ،‬ق‪--‬ال‪ُ :‬أري الن‪--‬بّي (ص)‪ ،‬وه‪--‬و بالحديبي‪--‬ة‪ ،‬أّن ه ي‪--‬دخل مّك ة‪ ،‬ه‪--‬و وأص‪--‬حابه‪ ،‬آم‪--‬نين‪ ،‬محّلقين رؤوس‪--‬هم‬
‫ومقّصرين‪ ،‬فلّم ا نحر الهدي بالحديبية قال أصحابه‪ :‬أين رؤياك يا رسول هللا؟! فنزلت {َلَق ْد َص َدَق ُهللا َر ُس وَلُه الُّرْؤ َيا ِباْلَح ِّق إلى قولــه َف َج َع َل ِمْن‬
‫‪ُ.‬دوِن َذ ِلَك َف ْت حًا َق ِريبًا}‪ ،‬يعني النحر بالحديبية‪ ،‬ثّم رجعوا‪ ،‬ففتحوا خيبر‪ ،‬ثّم اعتمر بعد ذلك‪ ،‬فكان تصديق رؤياه في السنة المقبلة([‪)]51‬‬

‫قال الزرقاني‪ :‬المثال السادس [في إعجاز القرآن من خالل أنباء الغيب فيه] تنُّبؤ القرآن بأّن الرسول وأصحابه‪ ،‬وقد كانوا بالمدينة‪ ،‬سيدخلون مّك ة‪،‬‬
‫آمنين‪ ،‬محّلقين رؤوسهم ومقِّصرين؛ إذ قال سبحانه‪َ{ :‬لَق ْد َص َدَق ُهللا َر ُس وَلُه الُّرْؤ َي ا ِب اْلَح ِّق َلَت ْد ُخ ُلَّن اْلَمْس ِجَد اْلَح َر اَم ِإْن َش اَء ُهللا آِمِنيَن‬
‫ُم َح ِّلِقيَن ُر ُؤوَس ُكْم َو ُم َق ِّص ِريَن َال َتَخاُفوَن }‪ ،‬ثّم وقع هذا التنُّبؤ كما أخبر‪ ،‬مع أّن ظروفه لم تكن تس‪--‬مح ب‪--‬ه في مج‪--‬رى الع‪--‬ادة‪ ،‬ف‪--‬دّل ذل‪--‬ك على أّن‬
‫‪.‬هذا القرآن ال يمكن أن يكون كالم محمد‪ ،‬وال مخلوق سواه‪ ،‬بل هو كالم القادر على أن يبلغ مراده‪ ،‬ويخرق العادة‬

‫ولزيادة البيان نذكر أّن الرسول رأى في نومه كأّنه‪ ،‬هو وأص‪--‬حابه‪ ،‬ق‪--‬د دخل‪--‬وا مّك ة‪ ،‬آم‪--‬نين‪ ،‬محّلقين رؤوس‪--‬هم ومقّص رين‪ ،‬فقّص رؤي‪--‬اه على أص‪--‬حابه‪،‬‬
‫ففرحوا‪ ،‬وحسبوا أّنهم داخلوها من عامهم‪ ،‬ثّم خرجوا ُمْح ِرمين‪ ،‬يسوقون الهدي‪ ،‬إلى مّكة‪ ،‬ال يقصدون حربًا‪ ،‬وإّنما يقصدون عمرة وُنُس كًا‪ ،‬ولكّنهم م‪--‬ا‬
‫كادوا يبلغون الحديبية حّتى صّد تهم قريش‪ ،‬وأبت عليهم ما أرادوا‪ ،‬وكادت تكون حرٌب ‪ ،‬لوال أّن الرسول رضي بصلٍح بينه وبينهم‪ ،‬وإْن كان قاسيًا؛ إيث‪--‬ارًا‬
‫منه للمسألة‪ ،‬وحّبًا للسالم العاّم ‪ ،‬ثّم قفل راجعًا‪ ،‬على أن يؤّدي ُنُس كه في الع‪--‬ام القاب‪--‬ل؛ ن‪--‬زوًال على م‪--‬واّد ه‪--‬ذا الص‪--‬لح القاس‪--‬ي‪ ،‬وع‪َّ-‬ز ذل‪--‬ك على‬
‫أصحابه‪ ،‬واَّتخذ المنافقون منه حطبًا لنفاقهم‪ ،‬وماّدة لدِّسهم ولمزهم‪ ،‬فق‪--‬ال عبدهللا بن ُأَبّي ‪ ،‬رأُس هم‪ :‬وهللا م‪-‬ا حلقن‪-‬ا‪ ،‬وال قَّص رنا‪ ،‬وال رأين‪-‬ا المس‪--‬جد‬
‫‪.‬الحرام‬

‫ولكن على رغم هذا‪ ،‬وعلى رغم ما هو معروٌف من غدر قريش‪ ،‬ونكثهم العهود‪ ،‬وتقطيعهم األرحام‪ ،‬نزلت اآلية الكريمة‪ ،‬تحمل ه‪--‬ذا الوع‪--‬د‪ ،‬ب‪--‬ل تل‪--‬ك‬
‫الوعود الثالثة المؤَّكدة‪ ،‬وهي‪ :‬دخول مّكة؛ وأداء النسك؛ واألمن على أنفسهم من قريش‪ ،‬حتى يتحَّللوا‪ ،‬ويقفلوا راجعين إلى المدينة‪ ،‬وقد أنج‪--‬ز هللا‬
‫‪.‬وعده‪ ،‬فتَّم األمر على أكمله‪ ،‬في العام الذي ُع َّد عام الحديبية([‪)]52‬‬

‫‪.‬وأقول‪ :‬هذه اآلية من الشواهد الحّق ة على إعجاز القرآن الكريم؛ حيث َأْخ بَر ْت عن أمٍر‪ ،‬وحصل هذا األمر بعد ذلك‪ ،‬كما أخبرت‬

‫‪.‬ـ {َأْم َيُق وُلوَن َنْح ُن َجِميٌع ُم ْنَتِص ٌر * َس ُيْه َزُم الَجْمُع َو ُيَو ُّلوَن الُّد ُبَر}([‪5)]53‬‬

‫‪.‬أخرج ابن جرير عن ابن عباس‪ ،‬قال‪ :‬قالوا يوم بدر‪ :‬نحن جميٌع منتصر‪ ،‬فنزلت {َس ُيْه َزُم اْلَجْمُع َو ُيَو ُّلوَن الُّد ُبَر }([‪)]54‬‬

‫وفي تفسير القّمي‪ :‬قالت قريش‪ :‬قد اجتمعنا لننتصر‪ ،‬ونقتلك ي‪--‬ا محم‪--‬د‪ ،‬ف‪--‬أنزل هللا {َأْم َيُقوُل وَن ـ ي‪--‬ا محم‪--‬د ـ َنْح ُن َجِميـٌع ُم ْنَتِص ٌر * َس ُيْه َز ُم‬
‫‪.‬الَجْمُع َو ُيَو ُّلوَن الُّد ُبَر}‪ ،‬يعني يوم بدر‪ ،‬حين ُه زموا‪ ،‬وُأسروا‪ ،‬وُقتلوا([‪)]55‬‬

‫‪.‬وروى ابن أبي حاتم‪ ،‬وابن مردويه‪ ،‬أّن عمر جعل يقول‪ ،‬حين نزلت هذه اآلية‪ :‬أُّي جمٍع هذا؟‪ ،‬فلّما كان يوم بدر رأيُت رسول هللا يقوُلها([‪)]56‬‬

‫وقال القرطبي‪ :‬قال سعيد بن جبير‪ :‬قال سعد بن أبي وّقاص‪ :‬لّما ن‪--‬زل قول‪--‬ه تع‪--‬الى‪َ{ :‬س ُيْه َز ُم الَجْم ُع َو ُيَو ُّل وَن الـُّد ُبر} كنُت ال أدري أَّي الجم‪--‬ع‬
‫ينهزم‪ ،‬فلّما كان يوم بدر رأيُت النبّي (ص) َيِثُب في الِّد ْر ع‪ ،‬ويقول‪ :‬اللهّم إّن قريشًا جاءتك‪ ،‬تحاّدك‪ ،‬وتحاّد رسولك‪ ،‬بفخرها و[خيالئها]‪ ،‬فَأْخ ِنِه م الغ‪--‬داة‪،‬‬
‫‪.‬ثّم قال‪َ{ :‬س ُيْه َزُم الَجْمُع َو ُيَو ُّلوَن الُّد ُبَر }‪ ،‬فعرفُت تأويَلها([‪)]57‬‬

‫وفي تفسير ابن كثير‪ :‬عن عكرمة‪ ،‬قال‪ :‬لّما نزلت {َس ُيْه َزُم الَجْمُع َو ُيَو ُّلوَن الُّد ُبَر } قال عمر‪ :‬أُّي جم‪ٍ-‬ع ُيه ‪َ-‬ز م؟ أُّي جم‪ٍ-‬ع ُيغَلب؟ ق‪--‬ال عم‪--‬ر‪ :‬فلّم ا‬
‫‪.‬كان يوم بدٍر رأيُت رسول هللا(ص) َيِثُب في الِّد ْر ع‪ ،‬وهو يقول‪َ{ :‬س ُيْه َزُم الَجْمُع َو ُيَو ُّلوَن الُّد ُبَر }‪ ،‬فعرفُت تأويلها يومئٍذ ([‪)]58‬‬

‫‪.‬قال الطوسي‪َ{ :‬س ُيْه َزُم الَجْم ُع} معناه‪ :‬إّن جميعهم سُيهزمون‪َ{ ،‬و ُيَو ُّلوَن الُّد ُبَر } أي ال يثبتون لقتالك‬

‫‪.‬وكان كذلك‪ ،‬فكان موافقته لما أخبر به معجزًا له؛ ألّنه إخباٌر بالغيب قبل كونه‪ ،‬وانهزم المشركون يوم بدر‪ ،‬وُقتلوا‪ ،‬وُس ُبوا‪ ،‬على ما هو معروٌف ([‪)]59‬‬

‫وقال الطبرسي‪َ{ :‬س ُيْه َزُم الَجْم ُع} أي جمع كّفار مّكة‪َ{ ،‬و ُيَو ُّلوَن الُّد ُبَر } أي ينهزمون‪ ،‬فيوُّلونكم أدب‪--‬ارهم في الهزيم‪--‬ة‪ ،‬فك‪--‬انت ه‪--‬ذه الهزيم‪--‬ة ي‪--‬وم‬
‫‪.‬بدر‪ ،‬وكانت موافقة الخبر للمخَبر من معجزاته([‪)]60‬‬

‫وقال الزرقاني‪ :‬المثال السابع [في إعجاز القرآن من خالل أنباء الغيب فيه] تنُّبؤ القرآن بهزيمة جموع األعداء‪ ،‬في وقٍت ال مجال فيه لفكرة الح‪-‬رب‪،‬‬
‫فضًال عن التقاء الجمَعْي ن‪ ،‬وانتصار المسلمين‪ ،‬وانهزام المشركين‪ ،‬وذلك قوله سبحانه في سورة القمر المّكّية‪َ{ :‬س ُيْه َزُم الَجْمُع َو ُيَو ُّل وَن الــُّد ُبَر }‪،‬‬
‫وأنَت خبيٌر بأّن الجهاد لم يشَّرع إّال في السنة الثاني‪-‬ة للهج‪-‬رة‪ ،‬ف‪-‬أين م‪-‬ا يتنّب أ ب‪-‬ه الق‪-‬رآن؟ إذن إّن ه ال ب‪ّ-‬د أن يك‪-‬ون كالم‪ً-‬ا ت‪-‬نّزل مَّمْن يعلم الَغ ْيب في‬
‫‪.‬السموات واألرض‪ ،‬أّما محمد‪ ،‬الرجل األّمّي ‪ ،‬فأّنى له ذلك‪ ،‬إْن لم يكن تلّقاه من لدن حكيٍم عليم([‪)]61‬‬

‫وقال الطباطبائي‪ :‬في اآلية إخباٌر عن مغلوبّية وانهزام لجمعهم‪ ،‬وداللة على أّن هذه المغلوبّية انهزام منهم في حرٍب سُيقدمون عليها‪ ،‬وق‪--‬د وق‪--‬ع‬
‫‪.‬ذلك في غزاة بدر‪ ،‬وهذا من مالحم القرآن الكريم([‪)]62‬‬

‫وقال الخوئي‪ :‬أخبر [القرآن] عن انهزام جمع الكّفار‪ ،‬وتفّرقهم‪ ،‬وقمع شوكتهم‪ ،‬وقد وقع هذا في يوم بدٍر أيضًا‪ ،‬حين ضرب أبو جه‪--‬ل فرس‪--‬ه‪ ،‬وتق ‪َّ-‬د م‬
‫نحو الصّف األّول‪ ،‬قائًال‪« :‬نحن ننتصر اليوم من محمد وأصحابه»‪ ،‬فأباده هللا وجمعه‪ ،‬وأنار الحّق ‪ ،‬ورفع من‪--‬اره‪ ،‬وأعلى كلمت‪--‬ه‪ ،‬ف‪--‬انهزم الك‪--‬افرون‪ ،‬وظف‪--‬ر‬
‫المسلمون عليهم‪ ،‬حينما لم يكن يتوّه م أحٌد بأّن ثالثمائة وثالثة عش‪--‬ر رجًال ـ ليس لهم ع‪ّ-‬دة‪ ،‬وال يص‪--‬حبون غ‪--‬ير ف‪--‬رٍس أو فرس‪--‬ين‪ ،‬وس‪--‬بعين بع‪--‬يرًا‪،‬‬
‫يتعاقبون عليها ـ يظفرون بجمٍع كبير‪ ،‬تاّم العّدة‪ ،‬وافر العدد‪ ،‬وكيف يستفحل أمُر أولئك النفر القليل على هذا العدد الكثير‪ ،‬حّتى تذهب شوكته كرم‪-‬اٍد‬
‫‪.‬اشتّد ت به الريح‪ ،‬لوال أمر هللا‪ ،‬وإحكام النبّوة‪ ،‬وصدق النّيات؟!([‪)]63‬‬

‫‪.‬وأقول‪ :‬لقد وقع المخَبر عنه في هذه اآلية كما أخبر به القرآن تمامًا‪ ،‬فكانت شاهدًا على إعجاز القرآن من هذه الجهة‬

‫‪.‬ـ {َف اْص َدْع ِبَم ا ُتْؤ َم ُر َو َأْع ِرْض َع ْن الُمْش ِرِكيَن * ِإَّنا َكَف ْي َن اَك اْلُمْس َتْه ِزِئيَن }([‪6)]64‬‬

‫‪.‬أي كفيناك شَّرهم واستهزاءهم‪ ،‬بأْن أهلكناهم([‪)]65‬‬

‫أخرج البّزار والطبراني عن أنس بن مالك‪ ،‬قال‪ :‬مّر النبّي (ص) على أناس بمّكة‪ ،‬فجعلوا يغمزون في قفاه‪ ،‬ويقولون‪ :‬هذا الذي ي‪--‬زعم أَّن ه ن‪--‬بّي ‪،‬‬
‫ومعه جبريل‪ ،‬فغمز جبريل بإصبعه‪ ،‬فوقع مث‪--‬ل الظف‪--‬ر في أجس‪--‬ادهم‪ ،‬فص‪--‬ارت قروح ‪ً-‬ا‪ ،‬حّتى نتن‪--‬وا‪ ،‬فلم يس‪--‬تطع أح ‪ٌ-‬د أن ي‪--‬دنو منهم‪ ،‬ف‪--‬أنزل هللا { ِإَّنا‬
‫‪َ.‬كَف ْي َن اَك اْلُمْس َتْه ِزِئيَن }([‪)]66‬‬

‫وفي مجمع الزوائد‪ :‬عن ابن عّباس قال‪ :‬المستهزئون‪ :‬الوليد بن المغيرة؛ واألسود بن عبد يغوث؛ واألسود بن المَّطلب‪ ،‬أب‪--‬و زمع‪--‬ة‪ ،‬من ب‪--‬ني أس‪--‬د‬
‫‪.‬بن عبد العّزى؛ والحرث بن عيطل السهمي؛ والعاصي بن وائل السهمي‬
‫‪.‬فأتاه جبريل(ع)‪ ،‬فشكاهم إليه رسول هللا(ص)‪ ،‬فأراه الوليد بن المغيرة‪ ،‬فأشار إلى أبجله‪ ،‬فقال‪ :‬ما صنعَت شيئًا‪ ،‬فقال‪ :‬أكفيُت َكه‬

‫‪.‬ثّم أراه الحرث بن عيطل السهمي‪ ،‬فأومأ إلى بطنه‪ ،‬فقال‪ :‬ما صنعَت شيئًا‪ ،‬فقال‪ :‬أكفيُت َكه‬

‫‪.‬ثّم أراه العاصي بن وائل‪ ،‬فأومأ إلى أخمصه‪ ،‬فقال‪ :‬ما صنعَت شيئًا‪ ،‬فقال‪ :‬أكفيُت َكه‬

‫‪.‬فأّما الوليد بن المغيرة فمَّر برجٍل من خزاعة‪ ،‬وهو يريش نبًال له‪ ،‬فأصاب أبجله‪ ،‬فقطعها‬

‫وأّما األسود بن المّطلب فَعِم َي ؛ فمنهم َمْن يقول‪َ :‬ع ِم َي هك‪-‬ذا؛ ومنهم َمْن يق‪-‬ول‪ :‬ن‪-‬زل تحت ش‪-‬جرة‪ ،‬فجع‪-‬ل ين‪-‬ادي‪ :‬ي‪-‬ا ب‪-‬نّي ‪ ،‬أال ت‪-‬دفعون عّني‪ ،‬ق‪-‬د‬
‫‪.‬هلكُت ‪ُ ،‬أطَع ُن بالشوك في عينّي ‪ ،‬فجعلوا يقولون‪ :‬ما نرى شيئًا‪ ،‬فلم يَزْل كذلك حّتى َع ِمَيْت عيناه‬

‫‪.‬وأّما األسود بن عبد يغوث فخرجت في رأسه قروٌح ‪ ،‬فمات منها‬

‫‪.‬وأّما الحرث بن عيطل فأخذه الماء األصفر في بطنه‪ ،‬حّتى خرج خرؤه من فيه‪ ،‬فمات‬

‫‪.‬وأّما العاصي بن وائل فبينا هو كذلك دخلت في رجله شبرقة امتألت منها فمات([‪)]67‬‬

‫وفي تفسير العياشي‪ :‬مرفوعًا‪ ،‬قال‪ :‬كان المستهزئون خمسًة من قريش‪ :‬الوليد بن المغيرة المخزومي؛ والعاص بن وائل السهمي؛ والح‪--‬ارث بن‬
‫حنظلة؛ واألسود بن عبد يغوث بن وهب الزهري؛ واألسود بن المّّطلب بن أسد‪ ،‬فلّما قال هللا‪{ :‬إَّنا َكَف ْي َن اَك الُمْس َتْه ِزِئيَن } علم رس‪--‬ول هللا أّن ه ق‪--‬د‬
‫‪.‬أخزاه [أخزاهم]‪ ،‬فأماتهم هللا بشِّر ميتات([‪)]68‬‬

‫وفي االحتجاج‪ :‬عن الصادق‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن أمير المؤمنين(ع) في حديٍث‪ :‬فأّم ا المس‪--‬تهزئون فق‪--‬ال هللا‪{ :‬إَّن ا َكَف ْي َن اَك الُمْس َتْه ِزِئيَن }‪،‬‬
‫‪.‬فقتل هللا خمستهم‪ ،‬كّل واحٍد منهم بغير قتلة صاحبه‪ ،‬في يوٍم واحد‪ ،‬في ساعٍة واحدة‬

‫وذلك أّنهم كانوا بين يَدّي رسول هللا(ص)‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا محمد‪ ،‬ننتظر بك إلى الظهر‪ ،‬فإْن رجعَت عن قوله وإّال قتلناك‪ ،‬ف‪--‬دخل الن‪--‬بُّي(ص) منزل‪--‬ه‪ ،‬وأغل‪--‬ق‬
‫عليه بابه؛ مغتّمًا لقولهم‪ ،‬فأتاه جبرئيل(ع) عن هللا من ساعته‪ ،‬فقال‪ :‬يا محمد‪ ،‬السالم يقرأ عليك السالم‪ ،‬وهو يقول‪َ{ :‬ف اْص َدْع ِبَم ا ُتْؤ َم ُر َو َأْع ِرْض‬
‫َع ْن الُمْش ِرِكيَن }‪ ،‬يعني أظِهْر أمَرك ألهل مّكة‪ ،‬واْدُع ُه ْم إلى اإليم‪--‬ان‪ ،‬ق‪--‬ال‪ :‬ي‪--‬ا جبرئي‪--‬ل‪ ،‬كي‪--‬ف أص‪--‬نع بالمس‪--‬تهزئين‪ ،‬وم‪--‬ا أوع‪--‬دوني؟ ق‪--‬ال ل‪--‬ه‪{ :‬إَّنا‬
‫‪َ.‬كَف ْي َن اَك الُمْس َتْه ِزِئيَن }‪ ،‬قال‪ :‬يا جبرئيل‪ ،‬كانوا الساعة بين يَدّي ‪ ،‬قال‪ :‬قد ُكفيَتهم‪ ،‬فأظهر أمره عند هللا‬

‫فأّما الوليد بن المغيرة فمّر بنبٍل لرجٍل من خزاعة قد راشه‪ ،‬ووضعه في الطريق‪ ،‬فأصابه شظّية منه‪ ،‬فقطع أكحل‪--‬ه حّتى أدم‪--‬اه‪ ،‬فم‪--‬ات‪ ،‬وه‪--‬و يق‪--‬ول‪:‬‬
‫‪.‬قتلني رُّب محمد‬

‫وأّما العاص بن وائل السهمي فإّنه خرج في حاجة له إلى موضٍع‪ ،‬فتدهده تحته حجٌر‪ ،‬فسقط‪ ،‬فتقَّطع قطع‪ً--‬ة قطع‪--‬ة‪ ،‬فم‪--‬ات‪ ،‬وه‪--‬و يق‪--‬ول‪ :‬قتل‪--‬ني رُّب‬
‫‪.‬محمد‬

‫وأّما األسود بن عبد يغوث فإّنه خرج يستقبل ابنة [ابنه] زمعة‪ ،‬فاستظّل بشجرة‪ ،‬فأتاه جبرئيل‪ ،‬فأخذ رأسه‪ ،‬فنطح به الش‪--‬جرة‪ ،‬فق‪--‬ال لغالم‪--‬ه‪ :‬امَن ْع‬
‫‪.‬هذا عّني‪ ،‬فقال‪ :‬ما أرى أحدًا يصنع بك شيئًا إّال نفسك‪ ،‬فقتله‪ ،‬وهو يقول‪ :‬قتلني رُّب محمد‬

‫‪.‬وُر وي أّن األسود بن عبد يغوث أكل حوتًا مالحًا‪ ،‬فأصابه العطش‪ ،‬فلم يزْل يشرب الماء حّتى انشّقت بطنه‪ ،‬فمات‪ ،‬وهو يقول‪ :‬قتلني رُّب محمد‬

‫وأّما األسود بن المَّطلب فإّن النبّي (ص) دعا عليه أن يعمى بصره‪ ،‬وأن يثكله ولده‪ ،‬فلّما كان في ذلك اليوم خرج حّتى صار إلى موضٍع‪ ،‬فأت‪-‬اه جبرئي‪-‬ل‬
‫‪.‬بورقٍة خضراء‪ ،‬فضرب بها وجهه‪ ،‬فَعِم َي ‪ ،‬وبقي حّتى أثكله هللا ولده‬

‫وأما الحرث بن الطالطلة فإَّنه خرج من بيته في السموم [وهي الريح الحاّرة‪ ،‬وقيل‪ :‬الحّر الش‪--‬ديد الناف‪--‬ذ في المس‪--‬ام]‪ ،‬فتح ‪َّ-‬ول حبش ‪ّ-‬يًا‪ ،‬فرج‪--‬ع إلى‬
‫‪.‬أهله‪ ،‬فقال‪ :‬أنا الحرث‪ ،‬فغضبوا عليه‪ ،‬فقتلوه‪ ،‬وهو يقول‪ :‬قتلني رُّب محمد([‪)]69‬‬

‫وقال الخوئي‪ :‬هذه اآلية الكريم‪--‬ة ن‪--‬زلت بمّك ة في ب‪--‬دء ال‪--‬دعوة اإلس‪--‬المّية‪ ،‬ف‪--‬أخبرت اآلي‪--‬ة عن ظه‪--‬ور دع‪--‬وة الن‪--‬بّي (ص)‪ ،‬ونص‪--‬رة هللا ل‪--‬ه‪ ،‬وخذالن‪--‬ه‬
‫للمشركين‪ ،‬الذين ناوؤوه‪ ،‬واستهزءوا بنبّوته‪ ،‬واستخّفوا بأمره‪ ،‬وكان هذا اإلخب‪-‬ار في زم‪-‬اٍن لم يخطر في‪-‬ه على ب‪-‬ال أح‪ٍ-‬د من الن‪-‬اس انحطاط ش‪-‬وكة‬
‫‪.‬قريش‪ ،‬وانكسار سلطانهم‪ ،‬وظهور النبّي (ص) عليهم([‪)]70‬‬

‫‪.‬وأقول‪ :‬في بعض ما تقّد م إشارٌة إلى أّن اآلية نزلت بعد أن أهلك ُهللا المستهزئين‬

‫‪.‬وفي بعٍض آخر إشارة إلى أّنها نزلت ُتَطْم ئن النبّي بأّنهم لن يصلوا إليه‪ ،‬وأّن هللا سيهلكهم‬

‫‪.‬فبناًء على اإلشارة األولى تكون اآلية إخبارًا عن شيء قد حصل‪ ،‬وبمرأًى من الناس‬
‫وبناًء على اإلشارة الثانية تكون اآلية ـ حّقًا ـ شاهدًا على إعجاز القرآن من حيث اشتماله على األخبار الغيبّية المستقبلّية التي ال س‪--‬بيل لمعرفته‪--‬ا‬
‫إّال بالوحي‪ ،‬سواًء قلنا بأّن المراد بالمستهزئين مجموعٌة خاّصة من رجال قريش‪ ،‬كما هو مفاد كّل الرواي‪-‬ات المتقّد م‪-‬ة ال‪-‬ذكر‪ ،‬أو قلن‪-‬ا ب‪-‬أّن الم‪-‬راد بهم‬
‫‪.‬عموم المشركين‪ ،‬وعلى رأسهم قريش‪ ،‬كما يظهر من كالم الخوئي(رحمه هللا)‬

‫وأّما إذا قلنا بأّن اآلية ُتخبر عن أّن هللا سيكفي رسوَله(ص) شَّر كّل مستهزٍئ ‪ ،‬وإلى يوم القيام‪-‬ة ـ أي لن يق‪-‬در أح‪ٌ-‬د على الني‪-‬ل من‪-‬ه‪ ،‬في إخالص‪-‬ه‪،‬‬
‫وصدقه‪ ،‬ورحمته…‪ ،‬إلخ‪ ،‬بحيث ينفّض الناس عنه‪ ،‬بعد أن ترتسم له صورٌة قبيحة في أذهانهم ـ فحينها تكون نبوءة هذه اآلية ق‪--‬د تحَّققت حّتى ه‪--‬ذه‬
‫‪.‬اللحظة‪ ،‬غير أّن هذا الخبر ال ُيعتبر شاِهدًا على إعجاز القرآن‪ ،‬إّال أن تقوم الساعة دون أن يستطيع أحٌد النيَل من رسول هللا(ص)‬

‫ـ {َو إْن ُكْنُتْم ِفي َرْيٍب ِمَّم ا َنَّزْلَن ا َع َلى َع ْب ِدَنا َف ْأ ُتوا ِبُس وَر ة ِمْن ِمْثِلِه َواْدُع وا ُش َه َداَءُكْم ِمْن ُدوِن ِهللا إْن ُكْنُتْم َص اِدِقيَن * َف إْن َلْم َتْفَعُل وا‪7‬‬
‫‪َ.‬و َلْن َتْفَعُلوا َف اَّتُقوا الَّناَر اَّلِتي َو ُقوُد َه ا الَّناُس َو اْلِحَج اَرة ُأِعَّدْت ِلْلَك اِفِريَن }([‪)]71‬‬

‫قال الطوسي‪ :‬وفي قوله‪َ{ :‬و َلْن َتْفَعُلوا} داللٌة على صّح ة نبّوته؛ ألّنه يتضَّم ن اإلخبار عن حالهم في المستقبل بأّنهم ال يفعلون‪ ،‬وال يج‪--‬وز لعاق‪ٍ--‬ل‬
‫أن يقدم على جماعة من العقالء‪ ،‬يريد تهجينهم‪ ،‬فيقول‪ :‬أنتم ال تفعلون‪ ،‬إّال وهو واثٌق بذلك‪ ،‬ويعلم أّن ذلك متعِّذ ٌر عندهم‪ ،‬وينبغي أن يكون الخطاب‬
‫‪.‬خاّصًا لَمْن علم ُهللا أَّنه ال يؤمن‪ ،‬وال يدخل فيه َمْن آمن فيما بعد‪ ،‬وإّال كان كذبًا([‪)]72‬‬

‫وقال محمد رشيد رضا‪ :‬وال يمكن أن يصدر مثل هذا النفي االستقبالّي المؤَّك د‪ ،‬أو المؤَّب د‪ ،‬من عاق‪ٍ-‬ل ‪ ،‬ك‪--‬النبّي (علي‪-‬ه الص‪--‬الة والس‪--‬الم)‪ ،‬في أم‪ٍ-‬ر‬
‫‪.‬ممكن عقًال‪ ،‬لوال أن أنطقه هللا‪ ،‬الذي خَّصه بالوحي‪ ،‬وهو الذي يعلم غيب السماوات واألرض‪ ،‬بأّنه غيُر ممكٍن ألحٍد ([‪)]73‬‬

‫وقال الزرقاني‪ :‬المثال الثالث [في إعجاز القرآن من خالل أنباء الغيب فيه] ما جاء في معرض التحّد ي بالقرآن من قوله سبحانه‪َ{ :‬ف إْن َلْم َتْفَعُل وا‬
‫َو َلْن َتْفَعُلوا}‪ ،‬وفيه القطع بانتفاء قدرة المخاَطبين على أن يأتوا بمثل هذا القرآن‪[ ،‬و]قد تحَّققت نبوءة القرآن‪ ،‬وال تزال متحِّققًة‪ ،‬حيث انقرضت طبقة‬
‫‪.‬المخاَطبين به دون أن يستطيعوا معاَر ضة أقصر سورة منه([‪)]74‬‬

‫‪.‬وأقول‪ :‬إّن الخطاب في هذه اآلية للناس([‪ ،)]75‬والناس لفٌظ يدّل على العموم‪ ،‬فهو شامٌل لكّل بني اإلنسان‬

‫وال يختّص الخطاب القرآنّي بعصر نزوله‪ ،‬بل هو خطاٌب دائٌم ما دامت السماوات واألرض‪ ،‬وبالتالي ال نس‪--‬تطيع أن نق‪-‬ول‪ :‬إّن نب‪-‬وءة الق‪-‬رآن ق‪-‬د تحَّققت‪،‬‬
‫‪.‬وإْن كّنا نؤمن أّنها ستتحَّقق‪ ،‬غير أّن علينا أن ننتظر إلى يوم فناء البشرّية‪ ،‬كي نستطيع أن نقول‪ :‬إّن نبوءة القرآن قد تحَّققت‬

‫نعم‪ ،‬يمكن القول بأّنها قد تحَّققت بالنسبة إلى األقوام الذين مَض ْو ا دون أن يستطيعوا معاَر ضة القرآن واإلتيان بمثل‪--‬ه‪ ،‬ولكَّن اآلي‪َ--‬ة عاّم ٌة وش‪--‬املٌة في‬
‫‪.‬خطابها لكِّل الناس‪ ،‬منذ عصر رسول هللا(ص) إلى يوم القيامة‬

‫ـ {َو األْنَعاَم َخ َلَق َه ا َلُكْم ِفيَه ا دْف ٌء َوَمَناِفُع َوِمْنَه ا َتْأ ُك ُلوَن * َو َلُكْم ِفيَه ا َجَم اٌل ِحيَن ُتِريُح وَن َو ِحيَن َتْس َر ُح وَن * َو َتْح ِم ُل َأْثَقاَلُكْم ِإَلى َبَلٍد َلْم ‪8‬‬
‫‪َ.‬تُكوُنوا َباِلِغيِه إَّال ِبِش ِّق األْنُف ِس ِإَّن َرَّبُكْم َلَر ؤوٌف َر ِحيٌم * َو اْلَخ ْي َل َو اْلِبَغاَل َو اْلَح ِميَر ِلَتْر َك ُبوَه ا َو ِزيَن ة َوَيْخ ُلُق َم ا َال َتْع َلُم وَن }([‪)]76‬‬

‫‪.‬في تفسير القّمي‪ ،‬قال‪[ :‬من] العجائب التي خلقها هللا في البحر والبّر([‪)]77‬‬

‫وقال الطوسي والطبرسي‪َ{ :‬وَيْخ ُلُق َم ا َال َتْع َلُم وَن } من أنواع الحيوان والجماد والنبات لمنافعكم([‪ ،)]78‬ويخلق من أن‪---‬واع الث‪---‬واب للمطيعين‪،‬‬
‫‪.‬وأنواع العقاب للعصاة ما ال تعلمون([‪)]79‬‬

‫وقال ابن الجوزي‪ :‬ذكر قوٌم من المفِّسرين أّن المراد به عجائب المخلوقات في السموات واألرض‪ ،‬التي لم ُيَّطلع عليها‪ ،‬مثل ما ي‪--‬روى أّن هللا ملك ‪ً-‬ا‬
‫من صفته كذا‪ ،‬وتحت العرش نهٌر من صفته كذا؛ وقال قوٌم ‪ :‬هو ما أعّد هللا ألهل الجّنة فيها‪ ،‬وألهل الناس؛ وقال أبو سليمان الدمش‪--‬قي‪ :‬في الن‪-‬اس‬
‫‪َ.‬مْن كره تفسير هذا الحرف؛ وقال الشعبي‪ :‬هذا الحرف من أسرار القرآن([‪)]80‬‬

‫‪.‬وفي تفسير الجاللين‪ :‬من األشياء العجيبة الغريبة([‪)]81‬‬

‫‪.‬وقال الطباطبائي‪ :‬أي يخلق ما ال علم لكم به من الحيوان وغيره‪ ،‬وسَّخ رها لكم؛ لتنتفعوا بها‪ ،‬والدليل على ما قَّد رناه هو السياق([‪)]82‬‬

‫وقال الحائري‪ :‬إّن هذه اآلية تكون إخبارًا عن اختراع وسائل النقل في زمانن‪--‬ا‪ ،‬بن‪--‬اًء على م‪--‬ا ق‪--‬د ُيق‪--‬ال من أّن عطَف قول‪--‬ه تع‪--‬الى‪َ{ :‬وَيْخ ُلُق َم ا َال‬
‫َتْع َلُم وَن } على ما ُي ركب قديمًا من الخيل والبغال والحمير‪ ،‬التي وص‪--‬فها هللا تع‪--‬الى بكونه‪--‬ا وس‪--‬ائل الس‪--‬فر والنق‪--‬ل إلى م‪-‬ا لم نكن نبلغ‪--‬ه إّال بش‪ّ-‬ق‬
‫األنفس‪ ،‬ظاِه ٌر في كون المقصود بما َيخُلق بعد ذلك‪ ،‬مّما لم تكن البشرّية تعلم به‪ ،‬هو وسائل السفر والنقل الحديثة‪ ،‬أمثال‪ :‬الس‪--‬يارات والطائرات‪،‬‬
‫‪.‬مّما لم يكن ممكنًا توضيحه‪ ،‬حّتى على مستوى التصُّور‪ ،‬للبشرّية وقتئٍذ ‪ ،‬إّال بمثل {َوَيْخ ُلُق َم ا َال َتْع َلُم وَن }‬

‫‪.‬وهذا ال يكون إّال من قول إلٍه ‪ ،‬نسبُت ه إلى الماضي والحال والمستقبل سواٌء ([‪)]83‬‬

‫وقال الشعراوي‪… :‬وهو يتحَّد ث عن نعمه قد حَّد د لإلنسان ما خلقه له؛ ليساعده على التنُّق ل في األرض‪ ،‬ولكن هل ه‪--‬ذا ه‪--‬و نهاي‪--‬ة المطاف‪ ،‬ل‪--‬و‬
‫أّنني أفّكر بتفكير ذلك العص‪--‬ر‪ ،‬العص‪--‬ر ال‪--‬ذي ن‪--‬زل في‪--‬ه الق‪--‬رآن‪ ،‬لقلُت ‪ :‬إّنه‪--‬ا نهاي‪--‬ة المطاف‪ ،‬ولكّن هللا يعلم أّن اإلنس‪--‬ان س‪--‬يركب الس‪--‬يارة‪ ،‬والص‪--‬اروخ‪،‬‬
‫والطائرة‪ ،‬وأّن كل جيل سيختلف عن الجيل اآلخر بوسائل التنُّق ل‪ ،‬فكيف يسِّجل ذلك دون أن يقول ما هو فوق عقول الناس في ذلك الوقت‪ ،‬مّم ا ق‪--‬د‬
‫ُيذهب اإليمان من نفوسهم‪ ،‬يقول هللا سبحانه وتعالى‪َ{ :‬و اْلَخ ْي َل َو اْلِبَغاَل َو اْلَح ِميَر ِلَتْر َك ُبوَه ا َو ِزنَية َوَيْخ ُلُق َم ا َال َتْع َلُم وَن }‪ ،‬أترى بالغ‪--‬ة الق‪--‬رآن‪،‬‬
‫‪،‬قد سّج ل علم هللا‪ ،‬وفي نفس الوقت احتفظ به غيبًا على الذين عاصروا نزول القرآن‬
‫هنا معناها أّن ما ذكرُته ليس نهاية المطاف‪ ،‬ولذلك فأنا أقول لكم من اآلن‪ :‬إّن هذه هي وسائل تنُّق لكم‪ ،‬ولكّني س‪--‬أخلق ‪َ}،‬وَيْخ ُلُق َم ا َال َتْع َلُم وَن {‬
‫في األجيال القادمة ما ال تعلمون أنتم‪ ،‬سأخلق لألجيال التي بعدها ما ال تعلمه األجيال القادمة‪ ،‬وهكذا إلى نهاية الدنيا‪ ،‬ومن هنا فقد سّج ل القرآن‬
‫‪.‬التطُّور الذي سيحدث‪ ،‬وفي نفس الوقت احتفظ بعبارته في مستوى العصر الذي نزل فيه([‪)]84‬‬

‫وأقول‪ :‬بناًء على ما قاله الشعراوي لن تكون هذه اآلية شاهدًا على إعجاز القرآن‪ ،‬ففي كّل عصٍر يكون الناس مخاَطبون بهذه اآلية‪َ{ :‬وَيْخ ُلُق َم ا َال‬
‫َتْع َلُم وَن }‪ ،‬فإذا جاء العصر الجديد‪ ،‬وتطَّورت وسائل التنُّق ل‪ ،‬كان ذلك شاهدًا على إعجاز القرآن للمخاَطبين في العصر الماضي‪ ،‬وأّم ا المخ‪--‬اَطبون في‬
‫هذا العصر الجديد فإّنهم ينتظرون هذا التطُّور الموعود‪ ،‬وهكذا تبقى هذه اآلية شاهدًا متأِّخرًا‪ُ ،‬يدرُكه بعُض الن‪--‬اس فق‪--‬ط‪ ،‬أي َمْن تطول أعم‪--‬ارهم من‬
‫‪.‬العصر القديم‪ ،‬أو أهُل العصر الجديد‪ ،‬ويَّطلعون على التُّطور الحاصل في وسائل التنُّق ل‪ ،‬من عصٍر إلى عصر‬

‫ـ {ُيِريُد وَن َأْن ُيْطِفُئ وا ُنوَر ِهللا ِبَأْف َواِه ِه ْم َوَيْأ َبى ُهللا ِإَّال َأْن ُيِتَّم ُنوَرُه َو َلْو َك ِرَه اْلَك اِفُر وَن * ُه َو اَّلذي َأْرَس َل َر ُس وَلُه ِباْلُه َدى َو ِديِن اْلَح ِّق‪9‬‬
‫‪ِ.‬لُيْظِه َرُه َع َلى الِّديِن ُكِّلِه َو َلْو َك ِرَه اْلُمْش ِرُك وَن }([‪)]85‬‬

‫ومثُلها‪ُ{ :‬يِريُد وَن ِلُيْطِفُئ وا ُنوَر ِهللا ِبَأْف َواِه ِه ْم َوُهللا ُم ِتُّم ُنوِرِه َو َلْو َك ِرَه اْلَك اِفُر وَن * ُه َو اَّلذي َأْرَس َل َر ُس وَلُه ِباْلُه َدى َوِديِن اْلَح ِّق ِلُيْظِه َرُه‬
‫‪َ.‬عَلى الِّديِن ُكِّلِه َو َلْو َك ِرَه اْلُمْش ِرُك وَن }([‪)]86‬‬

‫في تفسير العّياشي‪ :‬عن أبي جعف‪--‬ر(ع)‪ ،‬في قول‪--‬ه هللا‪ِ{ :‬لُيْظِه َرُه َع َلى الـِّديِن ُكِّل ِه َو َل ْو َك ِرَه اْلُمْش ِرُك وَن }‪ ،‬يك‪--‬ون أن ال يبقى أح ‪ٌ-‬د إّال أق‪َّ-‬ر‬
‫‪.‬بمحمٍد (ص)‬

‫‪.‬وفيه أيضًا‪ :‬في خبٍر آخر عنه‪ ،‬قال‪ :‬ليظهره هللا في الرجعة‬

‫وفيه أيضًا‪ :‬عن أبي عبد هللا(ع)‪ُ{ :‬ه َو اَّلذي َأْرَس َل َر ُس وَلُه ِباْلُه َدى َوِديِن اْلَح ِّق ِلُيْظِه َرُه َع َلى الــِّديِن ُكِّل ِه َو َل ْو َك ِرَه اْلُمْش ِرُك وَن } ق‪--‬ال‪ :‬إذا‬
‫‪.‬خرج القائم لم يبَق مشرٌك باهلل العظيم‪ ،‬وال كافٌر‪ ،‬إّال كره خروجه([‪)]87‬‬

‫وفي تفسير القّمي‪ :‬في قوله‪ُ{ :‬ه َو اَّلِذي َأْرَس َل َر ُس وَلُه ِباْلُه َدى َوِديِن اْلَح ِّق ِلُيْظِه َرُه َع َلى الِّديِن ُكِّلِه َو َلْو َك ِرَه اْلُمْش ِرُك وَن }‪ ،‬فإَّنها ن‪--‬زلت‬
‫‪.‬في القائم من آل محمد([‪)]88‬‬

‫وفيه أيضًا‪ :‬وقوله‪ُ{ :‬ه َو اَّلِذي َأْرَس َل َر ُس وَلُه ِباْلُه َدى َوِديِن الَح ِّق ِلُيْظِه َرُه َع َلى الِّديِن ُكِّلِه}‪ ،‬وه‪--‬و اإلم‪-‬ام ال‪-‬ذي يظه‪--‬ره هللا على ال‪-‬دين كِّل ه‪،‬‬
‫‪.‬فيمأل األرض قسطًا وعدًال‪ ،‬كما ُم لئت ظلمًا وجورًا‪ ،‬وهذا مّما ذكرنا أّن تأويله بعد تنزيله([‪)]89‬‬

‫‪.‬وقال الطوسي‪ :‬وفي اآلية داللٌة على صدق نبّوته(ص)؛ ألَّنها تضَّم نت الوعد بظهور اإلسالم على جميع األديان‪ ،‬وقد صَّح ظهوره عليها‬

‫‪.‬وقال ابن عباس‪ :‬إّن الهاء في {ليظهره} عائدٌة إلى الرسول(ص)‪ ،‬أي ليعِّلمه هللا األديان كَّلها‪ ،‬حتى ال يخفى عليه شيٌء منها([‪)]90‬‬

‫‪:‬وقال القرطبي‪ :‬ومنها [من وجوه اإلعجاز القرآنّي ]‪ :‬اإلخبار عن المغَّيبات في المستقبل‪ ،‬التي ال يّطلع عليها إّال بالوحي‪ ،‬فمن ذلك‬

‫‪.‬ما وعد هللا نبّيه(ع) أّنه سيظهر دينه على األديان‪ ،‬بقوله تعالى‪ُ{ :‬ه َو اَّلِذي َأْرَس َل َر ُس وَلُه ِباْلُه َدى َوِديِن اْلَح ِّق…} اآلية‪ ،‬ففعل ذلك‬

‫وكان أبو بكر إذا أغزى جيوشه عَّر فهم ما وعدهم هللا في إظهار دينه؛ ليثقوا بالنصر‪ ،‬وليستيقنوا بالنجح‪ ،‬وكان عمر يفعل ذلك‪ ،‬فلم يَزْل الفتح يت‪--‬والى‬
‫‪.‬شرقًا وغربًا‪ ،‬بّرًا وبحرًا([‪)]91‬‬

‫وأقول‪ُ :‬ي الحظ على ما ُأفيد أّن الفتح اإلسالمي قد توالى شرقًا وغربًا‪ ،‬بّرًا وبحرًا‪ ،‬غير أّن ذلك ال يعني ظهور اإلسالم على الدين كِّل ه‪ ،‬ب‪--‬ل لن يك‪--‬ون‬
‫تحقيُق ذلك إّال عند ظهور القائم من آل محمد(ص)‪ ،‬الذي سيمأل األرض قسطًا وعدًال كما ُم لئت ظلمًا وجورًا‪ ،‬وحيث يرث األرَض عب‪--‬اُد هللا الص‪--‬الحون‪،‬‬
‫‪.‬وآنذاك يكون اإلسالم هو الدين المسيطر‪ ،‬بل هو الدين الوحيد‪ ،‬وهذا ما دَّلٍْت عليه الروايات المتقِّدمة‬

‫‪.‬وعليه فهذه النبوءة القرآنّية اإللهّية لم تتحَّقق بعُد ‪ ،‬وبالتالي فال يمكننا أن نعتبر هذا الخبر من شواهد إعجاز القرآن الكريم‪ ،‬وأّنه من عند هللا تعالى‬

‫ـ {َيا أُّيَه ا الَّرُس وُل َبِّل ْغ َم ا ُأنـِزَل ِإَلْي َك ِمْن َرِّب َك َو إْن َلْم َتْفَع ْل َفَم ا َبَّلْغ َت ِرَس اَلَتُه َو ُهللا َيْعِص ُم َك ِمْن الَّن اِس ِإَّن َهللا َال َيْه ِدي اْلَق ْوَم ‪10‬‬
‫‪.‬اْلَك اِفِريَن }([‪)]92‬‬

‫أخرج الحاكم والترمذي عن عائشة‪ ،‬قالت‪ :‬كان النبّي (ص) يحرس حّتى نزلت هذه اآلية‪َ{ :‬وُهللا َيْعِص ُم َك ِمْن الَّناِس}‪ ،‬فأخرج رأسه من القّبة‪،‬‬
‫‪.‬فقال‪ :‬يا أُّيها الناس‪ ،‬انصرفوا‪ ،‬فقد عصمني هللا‬

‫وأخرج الطبراني عن أبي سعيد الخدري‪ ،‬قال‪ :‬كان العّباس عُّم رسول هللا(ص) في َمْن يحرسه‪ ،‬فلّما نزلت {َوُهللا َيْعِص ُم َك ِمْن الَّن اِس} ت‪--‬رك‬
‫‪.‬الحرس‬

‫وأخرج ابن حّبان في (صحيحه) عن أبي هريرة‪ ،‬قال‪ :‬كّنا إذا أصبحنا ورسول هللا(ص) في سفر تركن‪--‬ا ل‪--‬ه أعظَم ش‪--‬جرة وأظَّله‪--‬ا‪ ،‬في‪--‬نزل تحته‪--‬ا‪،‬‬
‫فنزل ذات يوم تحت الشجرة‪ ،‬وعَّلق سيفه فيها‪ ،‬فجاء رجٌل ‪ ،‬وأخذه‪ ،‬وقال‪ :‬يا محمد‪َ ،‬مْن يمنعك مّني‪ ،‬فقال رس‪-‬ول هللا(ص)‪ :‬هللا يمنع‪-‬ني من‪-‬ك‪َ ،‬ض ْع‬
‫‪.‬السيف‪ ،‬فوضعه‪ ،‬فنزلت {َوُهللا َيْعِص ُم َك ِمْن الَّناِس}([‪)]93‬‬
‫وأخرج ابن أبي حاتم عن جابر بن عبد هللا‪ ،‬قال‪ :‬لّم ا غزا رسول هللا(ص) بني أنمار نزل ذات الرقيع‪ ،‬ب‪-‬أعلى نخ‪ٍ-‬ل ‪ ،‬فبينم‪-‬ا ه‪-‬و ج‪-‬الس على رأس‬
‫بئٍر‪ ،‬قد دّلى رجَلْي ه‪ ،‬فقال الوارث من بني النجار‪ :‬ألقتلَّن محمدًا‪ ،‬فقال له أصحابه‪ :‬كيف تقتله؟ قال‪ :‬أقول له َأْع ِطني سيَف ك‪ ،‬فإذا أعطاني‪--‬ه قتلُت ه ب‪--‬ه‪،‬‬
‫فأتاه‪ ،‬فقال‪ :‬يا محمد‪َ ،‬أْع ِطني سيَف ك أشُّمه‪ ،‬فأعطاه إّياه‪ ،‬فرعدت يده حّتى سقط السيف من ي‪--‬ده‪ ،‬فق‪--‬ال رس‪--‬ول هللا(ص)‪ :‬ح‪--‬ال هللا بين‪--‬ك وبين م‪--‬ا‬
‫‪.‬تريد‪ ،‬فأنزل هللا سبحانه‪َ{ :‬يا َأُّيَه ا الَّرُس وُل َبِّلْغ َم ا ُأْنِزَل ِإَلْي َك }([‪)]94‬‬

‫وفي تفسير القّمي‪ :‬وقوله‪َ{ :‬يا َأُّيَه ا الَّرُس وُل َبِّلْغ َم ا ُأْنِزَل ِإَلْي َك ِمْن َرِّب َك }‪ ،‬ق‪--‬ال‪ :‬ن‪--‬زلت ه‪--‬ذه اآلي‪--‬ة في علٍّي(ع)‪َ{ ،‬و إْن َلْم َتْفَع ْل َف َم ا َبَّلْغ َت‬
‫ِرَس اَلَتُه َوُهللا َيْعِص ُم َك ِمْن الَّناِس}‪ ،‬قال‪ :‬نزلت هذه اآلية في منصرف رسول هللا(ص) من حّج ة ال‪-‬وداع‪ ،‬وحّج رس‪-‬ول هللا(ص) حّج ة ال‪-‬وداع لتم‪-‬ام‬
‫عشر حجٍج من مقدمه المدينة‪[ ،‬وبعد أن انتهى من تنصيب علّي (ع) ولّيًا للمس‪--‬لمين‪ ،‬وأم‪-‬يرًا للمؤم‪-‬نين‪ ،‬في غ‪-‬دير خّم ] ق‪-‬ال أص‪-‬حاُبه ال‪-‬ذين ارت‪ّ-‬د وا‬
‫بعَد ه‪ :‬قد قال محمد في مسجد الخيف ما قال‪ ،‬وقال هاهنا ما قال‪ ،‬وإْن رجع إلى المدينة يأخذنا بالبيعة له‪ ،‬فاجتمعوا أربعة عشر نف‪--‬رًا‪ ،‬وت‪--‬آمروا على‬
‫قتل رسول هللا(ص)‪ ،‬وقعدوا في العقبة…‪ ،‬بين الجحفة واألبواء‪ ،‬فقعدوا سبعة عن يمين العقبة‪ ،‬وسبعة عن يس‪--‬ارها؛ لينف‪--‬روا ناق‪--‬ة رس‪--‬ول هللا(ص)‪،‬‬
‫فلّما جّن الليل تقَّد م رسول هللا(ص) في تلك الليلة العسكر‪ ،‬فأقبل ينعس على ناقته‪ ،‬فلّما دنا من العقبة ناداه جبرئيل‪ :‬يا محمد‪ ،‬إّن فالنًا وفالن‪ً-‬ا ق‪--‬د‬
‫قعدوا لك‪ ،‬فنظر رسول هللا(ص) فقال‪َ :‬مْن هذا خلفي‪ ،‬فقال حذيفة اليماني‪ :‬أنا يا رسول هللا حذيفة بن اليمان‪ ،‬قال‪ :‬سمعَت ما سمعُت ‪ ،‬قال‪ :‬بلى‪،‬‬
‫قال‪ :‬فاكُتْم ‪ ،‬ثّم دنا رسول هللا(ص) منهم‪ ،‬فناداهم بأسمائهم‪ ،‬فلّما س‪--‬معوا ن‪--‬داَء رس‪--‬ول هللا(ص) ف‪ُّ-‬روا‪ ،‬ودخل‪--‬وا في غم‪--‬ار الن‪--‬اس‪ ،‬وق‪--‬د ك‪--‬انوا عقل‪--‬وا‬
‫‪.‬رواحلهم‪ ،‬فتركوها‪ ،‬ولحق الناس برسول هللا(ص)‪ ،‬وطلبوهم‪ ،‬وانتهى رسول هللا(ص) إلى رواحلهم‪ ،‬فعرفهم([‪)]95‬‬

‫قال الجّصاص‪ :‬وقد دّل قوله تعالى‪َ{ :‬وُهللا َيْعِص ُم َك ِمْن الَّناِس} على صّح ة نبّوة النبّي (ص)؛ إذ كان من أخبار الغيوب التي وجد مخَبُر ها على م‪--‬ا‬
‫‪.‬أخبر به؛ ألّنه لم يصل إليه أحٌد بقتٍل ‪ ،‬وال قهٍر‪ ،‬وال أسٍر‪ ،‬مع كثرة أعدائه‪ ،‬المحاربين له مصالتًة‪ ،‬ثّم والقصد الغتياله مخادعًة‬

‫ولو لم يكن ذلك من عند هللا لما أخبر به النبّي (ص)‪ ،‬وال اّدعى أّنه معصوٌم من القتل والقهر من أعدائ‪--‬ه‪ ،‬وه‪--‬و ال ي‪--‬أمن أن يوَج د ذل‪--‬ك على خالف م‪--‬ا‬
‫‪.‬أخبر به‪ ،‬فيظهر كذبه‪ ،‬مع غناه عن اإلخبار بمثله([‪)]96‬‬

‫وقال الطبرسي‪ :‬وفي هذه اآلية داللٌة على صدق النبّي (ص)‪ ،‬وصّح ة نبّوته‪ ،‬من وجهين‪ :‬أح‪--‬دهما‪ :‬إّن ه وق‪--‬ع مخَب ُر ه على م‪--‬ا أخ‪--‬بر ب‪--‬ه في‪--‬ه‪ ،‬وفي‬
‫نظائره‪ ،‬فدّل على أّنه من عند عالم الغيوب والسرائر؛ والثاني‪ :‬إّنه ال ُيقِدم على اإلخبار بذلك إّال وهو يأمن أن يكون مخَبُر ه على م‪-‬ا أخ‪-‬بر ب‪-‬ه؛ ألّن ه ال‬
‫‪.‬داعي له إلى ذلك إّال الصدق([‪)]97‬‬

‫وقال الزرقاني‪ :‬المثال الثاني [في إعجاز القرآن من خالل أنباء الغيب فيه] إنباء القرآن بأّن هللا عاصم رسوله‪ ،‬وحافظ‪--‬ه من الن‪--‬اس‪ ،‬ال يص‪--‬لون إلي‪--‬ه‬
‫بقتٍل ‪ ،‬وال يتمَّكنون من اغتيال حياته الشريفة بحاٍل ‪ ،‬وذلك في قوله عَّز وج ‪َّ-‬ل ‪َ{ :‬وُهللا َيْعِص ُم َك ِمْن الَّن اِس}‪ ،‬ولق‪--‬د تحَّققت نب‪--‬وءة الق‪--‬رآن ه‪--‬ذه‪ ،‬ولم‬
‫يتمَّكن أحٌد من أعداء اإلسالم أن يقتله(عليه الصالة والسالم)‪ ،‬مع كثرة عددهم‪ ،‬ووفرة استعدادهم‪ ،‬ومع أّنهم كانوا يترَّبص‪--‬ون ب‪--‬ه ال‪--‬دوائر‪ ،‬ويتحَّين‪--‬ون‬
‫الفرص لإليقاع به‪ ،‬والقضاء عليه‪ ،‬وعلى دعوته‪ ،‬وهو أضعف منهم استعدادًا‪ ،‬وأقّل جنودًا…‪ ،‬حتى لقد كان يَّتخذ الحّراس قبل ن‪--‬زول ه‪--‬ذه اآلي‪--‬ة‪ ،‬فلّم ا‬
‫نزلت إذا ثقته واعتداده بها أعظم من ثقته واعتداده بَمْن كانوا يحرسونه‪ ،‬وسرعان ما صرف حّراسه‪ ،‬وسَّرحهم عن‪--‬د ن‪--‬زول اآلي‪--‬ة‪ ،‬ق‪--‬ائًال‪ :‬أُّيه‪--‬ا الن‪--‬اس‪،‬‬
‫‪.‬انصرفوا‪ ،‬فقد عصمني هللا‬

‫ومن شواهد حماية هللا لرسوله‪ ،‬وإنجازه له هذا الوعد‪ ،‬ما ورد عن علٍّي(رضي هللا عنه)‪ ،‬قال‪ :‬كّنا إذا احمّر الب‪--‬أس‪ ،‬وحمي ال‪--‬وطيس‪ ،‬اَّتَق ْي ن‪--‬ا برس‪--‬ول‬
‫‪.‬هللا‪ ،‬فما يكون أحٌد مّنا أقرَب إلى العدّو منه‬

‫ومن أبلغ الشواهد على ذلك أيضًا ما ثبت من أّنه في ي‪--‬وم ح‪--‬نين‪ ،‬حين أعجبت المس‪--‬لمين ك‪--‬ثرتهم‪ ،‬وأَّد بهم هللا بالهزيم‪--‬ة حّتى وَّل ْو ا م‪--‬دبرين‪ ،‬أن‪--‬زل‬
‫سبحانه سكينته على رسوله‪ ،‬حّتى لقد جعل يركض بغلته إلى جهة العدّو‪ ،‬والعّباس بن عبد المَّطلب آخذ بلجامها يكُّفها‪ ،‬إرادة أن ال تس‪--‬رع‪ ،‬فأقب‪--‬ل‬
‫‪:‬المشركون إلى رسول هللا‪ ،‬فلّما غَش ْو ه لم يفّر‪ ،‬ولم ينكص‪ ،‬بل نزل عن بغلته‪ ،‬كأَّنما يمِّكنهم من نفسه‪ ،‬وجعل يقول‬

‫أنا ابن عبد المَّطلب‬ ‫أنا النبُّي‪ ،‬ال كذب‬

‫‪.‬كأَّنما يتحّد اهم‪ ،‬ويدّلهم على مكانه‪ ،‬فوهللا ما نالوا منه نيًال‪ ،‬بل أَّيده هللا بجنده‪ ،‬وكّف أيديهم عنه بيده([‪)]98‬‬

‫‪.‬وأقول‪ :‬يمكن أن نحمل قوله‪َ{ :‬وُهللا َيْعِص ُم َك ِمْن الَّناِس} على ما ذكروه‪ ،‬وقد صار واضحًا‬

‫ويمكن حمله على العصمة من كالم الناس واِّتهامهم؛ فقد نزلت هذه اآليات تدعو رسول هللا إلى تبليغ ما ُأنزل إليه من رِّبه في والية أم‪--‬ير المؤم‪--‬نين‬
‫علّي (ع) وأبنائه من بعده‪ ،‬وكان من المحتمل جّد ًا آنذاك أن ينطلق الناس في اّتهام رسول هللا(ص) بأّنه ُيحابي ابَن عّمه وصهره‪ ،‬وأّنه ُيري‪--‬د أن يجع‪--‬ل‬
‫الخالفة ُم ْلكًا عضودًا‪ ،‬يتوارثه أوالُد علٍّي(ع) من فاطمة الزهراء(عا)‪ ،‬وهذا ما يجعل جهده طيلة ثالث وعشرين سنة يذهب أدراج الرياح‪ ،‬ويجعل الناس‬
‫‪.‬ينفُّض ون من حوله‪ ،‬وهذا نقٌض للَغ َرض من بعثته‬

‫وقد خاف النبُّي(ص) أن يحصل هذا األمر‪ ،‬فكان الوعد اإللهّي القاطع ب‪--‬أّن هللا يعص‪--‬مه من الن‪--‬اس‪ ،‬أن يص‪--‬لوا إلي‪--‬ه فيقتل‪--‬وه‪ ،‬وأن يَّتهم‪--‬وه في إخالص‪--‬ه‬
‫‪.‬للرسالة‬

‫وهذا ما شاهدناه إلى اليوم‪ ،‬فمع البغض الشديد الذي يكُّنه الحاقدون والنواصب ألهل البيت(عم) لم يتجّرأ أحُد هم على اِّتهام النبّي (ص) بأّنه حابى‬
‫علّيًا(ع)‪ ،‬بل يحاولون صرف النص‪-‬وص الص‪-‬ادرة من‪-‬ه(ص) عن م‪-‬داليلها الواقعّي ة‪ ،‬ويعت‪-‬برون أّن الش‪--‬يعة هم َمْن فَّس ر ه‪--‬ذه النص‪-‬وص بم‪-‬ا ُي ثبت إمام‪-‬ة‬
‫‪.‬علٍّي(ع) واألئّمة من ُو لده(ع)‪ ،‬وينَأْو ن برسول هللا(ص) عن مورد الُّتْه مة‪ ،‬وهكذا عصم هللا نبَّيه من كالم الناس واّتهامهم‬
‫غير أّن هذا الخبر الغيبّي اإللهّي قد تحَّقق حّتى هذه الساعة‪ ،‬وسيبقى ـ حسب اعتقادنا ـ إلى يوم القيامة‪ ،‬إّال أّنه ال يمكنن‪--‬ا أن نعت‪--‬بره من األخب‪--‬ار‬
‫التي تحَّققت‪ ،‬بحيث يكون شاهدًا على إعجاز القرآن‪ ،‬وأّنه من عند هللا؛ إذ قد يقول لنا قائٌل ‪ :‬م‪-‬ا ُي دريكم أّن ه لن ي‪-‬أتي ي‪-‬وٌم يَّتهم الن‪-‬اُس في‪-‬ه رس‪-‬وَل‬
‫هللا(ص) بأّنه قد حابى علّيًا؟‬

‫ـ {َوَع َد الّلُه اَّلِذيَن آَم ُن وا ِمْنُكْم َوَعِمُلوا الَّصاِلَحاِت َلَيْس َت ْخ ِلَف َّنُهْم ِفي اَألْر ِض َكَم ا اْس َت ْخ َلَف اَّلِذيَن ِمْن َقْب ِلِه ْم َوَلُيَمِّكَنَّن َلُه ْم ِديَنُهْم اَّّلذي‪11‬‬
‫‪.‬اْر َتَضى َلُهْم َو َلُيَبِّد َلَّنُهْم ِمْن َبْعِد َخْوِفِه ْم َأْم نًا َيْع ُبُد وَنِني َال ُيْش ِرُك وَن ِبي َش ْي ئًا َوَمْن َكَف َر َبْعَد َذ ِلَك َف ُأْو َلِئَك ُه ْم اْلَف اِسُق وَن }([‪)]99‬‬

‫قال الطوسي‪ :‬في هذه اآلية وعٌد من هللا تعالى للذين آمنوا من أصحاب النبّي (ص)‪ ،‬وعملوا الصالحات‪ ،‬بأْن يستخلفهم في األرض‪ ،‬ومعناه يورثهم‬
‫‪.‬أرض المشركين‪ ،‬من العرب والعجم‬

‫وقال النّق اش‪ :‬يريد باألرض أرض مّكة؛ ألّن المهاجرين سألوا ذلك‪ ،‬واألّول قول المقداد بن األسود‪ ،‬وروى عن رسول هللا(ص) أّن ه ق‪--‬ال‪« :‬ال يبقى على‬
‫‪».‬األرض بيت مدٍر‪ ،‬وال وبٍر‪ ،‬إّال ويدخله اإلسالم‪ ،‬بعّز عزيٍز أو ذّل ذليٍل‬

‫‪.‬وفي ذلك داللٌة على صّح ة نبّوة النبّي (ص)؛ ألّنه أخبر عن غيٍب وقع مخَبره على ما أخبر‪ ،‬وذلك ال يعلمه إّال هللا تعالى([‪)]100‬‬

‫وقال الزرقاني‪ :‬المثال الخامس [في إعجاز القرآن من خالل أنباء الغيب فيه] تنّبؤ القرآن ب‪--‬أّن المس‪--‬تقبل الس‪--‬عيد ينتظ‪--‬ر المس‪--‬لمين‪ ،‬في وقٍت لم‬
‫‪.‬تكن عوامل هذا المستقبل السعيد مواتيًة‪ ،‬ثّم إذا تأويل هذا النبأ يأتي على نحو ما أخبر القرآن‪ ،‬في أقصر ما يكون من الزمان‬

‫إّن سجالت التاريخ ال تزال تحفظ بين طّياتها ما ُيشيب الوليد من ألوان االضطهاد واألذى الذي أصاب الرسول وأتباع‪--‬ه في مّك ة والمدين‪--‬ة‪ ،‬على عه‪--‬د‬
‫نزول هذه الوعود المؤَّكدة الكريمة‪ ،‬حتى لقد كان أكبر أماني المس‪-‬لمين‪ ،‬بع‪-‬د هج‪-‬رتهم‪ ،‬وتنُّفس‪-‬هم الص‪-‬عداء قليًال‪ ،‬أن يس‪-‬لم لهم دينهم‪ ،‬ويعيش‪-‬وا‬
‫‪.‬آمنين في مهاجرهم‬

‫‪.‬هكذا كان حال الصحابة أّيام أْن وعدهم هللا ما وعد‬

‫أخرج الحاكم وصَّح حه‪ ،‬والطبراني‪ ،‬عن ُأَبّي بن كعب‪ ،‬قال‪ :‬لّما قدم رسول هللا(ص) وأصحابه المدينة‪ ،‬وآوتهم األنصار‪ ،‬رَمْت هم العرُب عن قوٍس واحدة‪[،‬‬
‫وكانوا ال يبيتون إّال بالسالح‪ ،‬وال يصبحون إّال فيه‪ ،‬فقالوا‪َ :‬تَرْو ن أّنا نعيش حّتى نبيت آمنين مطمئّنين ال نخاف إّال هللا‪ ،‬فنزلت {َوَع َد ُهللا اّل ِذيَن آَم ُن وا‬
‫‪ِ.‬مْنُكْم …} اآلية‬

‫‪.‬وأخرج ابن أبي حاتم عن البّراء‪ ،‬قال‪ :‬فينا نزلت هذه اآلية‪ ،‬ونحن في خوٍف شديٍد ]([‪)]101‬‬

‫وما أعجل تحُّق ق هذا الوعد اإللهي‪ ،‬رغم هذه الحال المنافية في العادة لما وعد‪ ،‬ف‪--‬دالت الدول‪--‬ة لهم‪ ،‬واس‪--‬تخلفهم في أقطار األرض‪ ،‬وأورثهم مل‪--‬ك‬
‫‪.‬كسرى وقيصر‪ ،‬ومَّكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم‪ ،‬وأبدلهم من بعد خوفهم أمنًا‬

‫‪.‬يا لها نبوءة‪ ،‬تأبى عادة أن يتحّد ث بها إّال َمْن يملك تحقيقها‪ ،‬وَمْن يخرق ـ إْن شاء ـ عادات الكون ونواميسه من أجلها([‪)]102‬‬

‫وأقول‪ :‬إْن قلنا‪ :‬إّن اآلية تعني الذين آمنوا وعملوا الصالحات من أصحاب النبّي (ص)‪ ،‬من المه‪--‬اجرين واألنص‪--‬ار‪ ،‬فق‪--‬د تحَّققت النب‪--‬وءة القرآنّي ة‪ ،‬وتك‪--‬ون‬
‫‪.‬اآلية شاهدًا على إعجاز القرآن الكريم‬

‫وأّما إْن قلنا‪ :‬إّن اآلية تعني كَّل المؤمنين الذين عملوا الصالحات‪ ،‬منذ عصر النبّي (ص) إلى ي‪--‬وم القيام‪--‬ة‪ ،‬فُه ن‪--‬ا نس‪--‬أل‪ :‬ه‪--‬ل اس‪ُ-‬ت خلف ه‪--‬ؤالء‪ ،‬وتمَّكن‬
‫!ديُن هم‪ ،‬وأِمنوا؟ وهل دخل اإلسالم إلى كّل بيٍت على وجه األرض‪ ،‬كما في الرواية عن رسول هللا(ص)؟‬

‫‪.‬هذا لم يتحَّقق حّتى اآلن‪ ،‬ولن يتحَّقق قبل ظهور المهدّي (ص)‬

‫‪.‬إذن فنبوءة القرآن لم تتحَّقق بعُد ‪ ،‬وبالتالي ال تكون اآلية‪ ،‬في هذا الزمن‪ ،‬شاهدًا على إعجاز القرآن الكريم‬

‫‪.‬نعم‪ ،‬سيأتي يوٌم تتحَّقق فيه هذه النبوءة القرآنّية اإللهّية‪ ،‬وعندها يظهر اإلعجاز القرآنّي بجالٍء ووضوح‬

‫ـ {َف إْن َرَج َع َك ُهللا إَلى َطاِئَفة ِم ْنُه ْم َف اْس َت ْأ َذ ُنوَك ِلْلُخ ُر وِج َفُق ْل َلْن َتْخ ُرُج وا َم ِعي َأَبدًا َو َلْن ُتَقاِتُلوا َم ِعي َع ُد ّوًا ِإَّنُكْم َرِض ْي ُتْم ِباْلُقُعوِد َأَّوَل ‪12‬‬
‫‪َ.‬مَّرة َف اْق ُعُد وا َم َع اْلَخاِلِفيَن }([‪)]103‬‬

‫قال الطوسي‪َ{ :‬لْن َتْخ ُرُج وا َم ِعي أَبدًا} أي ال يقع منكم الخروج أب‪--‬دًا‪ ،‬واألب‪--‬د الزم‪--‬ان المس‪--‬تقبل من غ‪--‬ير انته‪--‬اء إلى ح ‪ٍّ-‬د ‪ ،‬وقول‪--‬ه‪َ { :‬و َلْن ُتَقاِتُلوا‬
‫‪َ.‬م ِعي َع ُدّوًا} إخباٌر بأّنهم ال يفعلون ذلك أبدًا‪ ،‬وال يختارونه([‪)]104‬‬

‫وقال القرطبي‪َ{ :‬ف اْس َت ْأ َذ ُنوَك ِلْلُخ ُر وِج َفُق ْل َلْن َتْخ ُرُج وا َم ِعي َأَبدًا} أي عاقبهم بأن ال تصحبهم أبدًا‪ ،‬وه‪--‬و كم‪--‬ا ق‪--‬ال في س‪--‬ورة الفتح‪ُ{ :‬ق ْل َلْن‬
‫‪َ.‬تَّتِبُعوَنا}([‪)]105‬‬

‫وقال الفيض الكاشاني‪َ{ :‬ف إْن َرَج َع َك ُهللا إَلى َطاِئَفة ِمْنُهْم }‪ :‬فإْن رّدك إلى المدين‪-‬ة‪ ،‬وفيه‪--‬ا طائف‪ٌ-‬ة من المتخِّلفين‪ ،‬يع‪-‬ني من‪-‬افقيهم‪ ،‬مَّمْن لم‬
‫يُتْب ‪ ،‬ولم يكن له عذٌر صحيٌح في التخُّلف‪َ{ ،‬ف اْس َت ْأ َذ ُنوَك ِلْلُخ ُر وِج} إلى غزوٍة أخرى بعد تب‪--‬وك‪َ{ ،‬فُق ْل َلْن َتْخ ُرُج وا َم ِعي َأَب دًا َوَلْن ُتَق اِتُلوا َم ِعي‬
‫َع ُد ّوًا}‪ :‬إخباٌر في معنى النهي؛ للمبالغة‪ِ{ ،‬إَّنُكْم َرِض ْي ُتْم ِباْلُقُعوِد َأَّوَل َم ًّرة}‪ :‬تعليٌل له‪ ،‬وكان إسقاطهم عن ديوان الغزاة عقوب‪ً--‬ة لهم على تخُّلفهم‬
‫‪.‬أّول مّرة‪ ،‬وهي الخرجة إلى غزوة تبوك‪َ{ ،‬ف اْق ُعُد وا َم َع اْلَخاِلِفيَن } أي المتخِّلفين؛ لعدم لياقتهم للجهاد‪ ،‬كالنساء والصبيان([‪)]106‬‬

‫وأقول‪ :‬إْن اعتبرنا قوله‪َ{ :‬لْن َتْخ ُرُج وا َم ِعي أَبدًا َو َلْن ُتَقاِتُلوا َم ِعي َع ُد ّوًا} إخبارًا عّما سيكون في المس‪--‬تقبل تَّم االستش‪--‬هاد باآلي‪--‬ة على إعج‪--‬از‬
‫‪.‬القرآن‬

‫وأّما إذا اعتبرنا قوله‪َ{ :‬لْن َتْخ ُرُج وا َم ِعي أَبدًا َو َلْن ُتَقاِتُلوا َم ِعي َع ُد ّوًا} إخبارًا في معنى النهي‪ ،‬كما ذكر الفيض الكاشاني‪ ،‬فقد ُيخَد ش مثُل ذلك‬
‫االستشهاد؛ إذ سيخرج مفاد هذه الجملة من اإلخبار إلى اإلنشاء‪ ،‬فتخرج اآلية ـ تخُّصصًا ـ من الشواهد على إعجاز القرآن من جه‪--‬ة اش‪--‬تماله على‬
‫‪.‬األخبار الغيبّية المستقبلّية‬

‫ـ {َفَمْن َح اَّجَك ِفيِه ِمْن َبْعِد َم ا َج اَءَك ِمْن الِع ْلِم َفُق ْل َتَع اَلْو ا َن ْد ُع َأْبَن اَء َن ا َو َأْبَن اَءُكْم َوِنَس اَء َنا َوِنَس اَءُكْم َو َأْنُفَس َن ا َو َأْنُفَس ُكْم ُثّم َنْبَت ِه ْل ‪13‬‬
‫‪َ.‬ف َنْج َع ْل َلْع َن ة ِهللا َعَلى اْلَك اِذ ِبيَن }([‪)]107‬‬

‫في تفسير القّمي‪ :‬عن أبي عبد هللا(ع)‪ :‬إّن نصارى نجران لّم ا وف‪-‬دوا على رس‪--‬ول هللا(ص)‪ ،‬وك‪--‬ان س‪ّ-‬يدهم األهتم‪ ،‬والع‪--‬اقب‪ ،‬والس‪ّ-‬يد‪ ،‬وحض‪--‬رت‬
‫صالتهم‪ ،‬فأقبلوا يضربون بالناقوس‪ ،‬وصّلوا‪ ،‬فقال أصحاب رسول هللا(ص)‪ :‬هذا في مسجدك؟!‪ ،‬فقال‪َ :‬دُع وهم‪ ،‬فلّم ا فرغ‪--‬وا دَن ْو ا من رس‪--‬ول هللا(ص)‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬إلى ما تدعو؟ فقال‪ :‬إلى شهادة أْن ال إله إّال هللا‪ ،‬وأّني رسول هللا‪ ،‬وأّن عيسى عبٌد مخلوٌق ‪ ،‬يأكل‪ ،‬ويشرب‪ ،‬وُيحِدث‪ ،‬قالوا‪ :‬فَمْن أب‪--‬وه؟ ف‪--‬نزل‬
‫الوحي على رسول هللا(ص)‪ ،‬فقال‪ :‬قل لهم‪ :‬ما تقولون في آدم(ع)؟ أكان عبدًا مخلوقًا‪ ،‬يأك‪--‬ل‪ ،‬ويش‪--‬رب‪ ،‬وينكح؟ فس‪--‬ألهم الن‪--‬بّي (ص)‪ ،‬فق‪--‬الوا‪ :‬نعم‪،‬‬
‫فقال‪ :‬فَمْن أبوه؟ فُبِه توا‪ ،‬فبَق ْو ا ساكتين‪ ،‬فأنزل هللا {ِإَّن َم َث َل ِعيَس ى ِعْن َد ِهللا َكَم َث ِل آَدَم َخ َلَق ُه ِمْن ُتَر اٍب ُثَّم َق اَل َل ُه ُكْن َف َيُك وُن …} اآلي‪---‬ة([‬
‫‪ ،)]108‬وأّما قوله‪َ{ :‬فَمْن َح اَّجَك ِفيِه ِمْن َبْعِد َم ا َج اَءَك ِمْن اْلِع ْلِم إلى قولــه َف َنْج َع ْل َلْع َن ة ِهللا َعَلى اْلَك اِذ ِبيَن } فق‪---‬ال رس‪---‬ول هللا(ص)‪:‬‬
‫فباِهُلوني؛ فإْن كنُت ص‪--‬ادقًا ُأْن ِزَلْت اللعن‪ُ-‬ة عليكم؛ وإْن كنُت كاذب‪ً-‬ا ن‪--‬زلت علَّي ‪ ،‬فق‪--‬الوا‪َ :‬أْنَص ْفَت ‪ ،‬فتواع‪--‬دوا للمباهل‪-‬ة‪ ،‬فلّم ا رجع‪--‬وا إلى من‪-‬ازلهم ق‪-‬ال‬
‫رؤساؤهم؛ السّيد؛ والعاقب؛ واألهتم‪ :‬إْن باَه َلنا بقومه باهلناه؛ فإّنه ليس بنبٍّي؛ وإْن باَه َلنا بأهل بيته خاّصًة فال نباهله؛ فإَّنه ال يقدم على أهل بيت‪--‬ه‬
‫إّال وهو صادٌق ‪ ،‬فلّما أصبحوا جاؤوا إلى رسول هللا(ص)‪ ،‬ومعه أمير المؤمنين‪ ،‬وفاطمة‪ ،‬والحسن‪ ،‬والحسين(ص‪--‬لوات هللا عليهم)‪ ،‬فق‪--‬ال النص‪--‬ارى‪َ :‬مْن‬
‫هؤالء؟ فقيل لهم‪ :‬هذا ابن عّمه‪ ،‬ووصّيه‪ ،‬وختنه‪ ،‬علّي بن أبي طالب‪ ،‬وهذه بنته فاطمة‪ ،‬وهذان ابناه‪ ،‬الحسن والحسين(ع)‪ ،‬فعرفوا‪ ،‬وق‪-‬الوا لرس‪-‬ول‬
‫([‪)]109‬‬
‫‪.‬هللا(ص)‪ :‬نعطيك الرضا‪ ،‬فاْع ِفنا من المباهلة‪ ،‬فصالحهم رسول هللا(ص) على الِجْز ية‪ ،‬وانصرفوا‬

‫وقــال الطوســي‪ :‬ال‪--‬ذين دع‪--‬اهم الن‪--‬بّي (ص) في المباهل‪--‬ة نص‪--‬ارى نج‪--‬ران‪ ،‬ولّم ا ن‪--‬زلت اآلي‪--‬ة أخ‪--‬ذ الن‪--‬بّي (ص) بي‪--‬د علّي ‪ ،‬وفاطم‪--‬ة‪ ،‬والحس‪--‬ن‪،‬‬
‫والحسين(ع)‪ ،‬ثّم دعا النصارى إلى المباهلة‪ ،‬فأحَج موا عنها‪ ،‬وأقّروا بالِّذّلة والِجْز ية‪ ،‬وُيقال‪ :‬إّن بعض‪--‬هم ق‪-‬ال لبعٍض‪ :‬إْن ب‪--‬اهلتموه اض‪--‬طرم ال‪--‬وادي ن‪--‬ارًا‬
‫عليكم‪ ،‬ولم يبَق نصرانٌّي وال نصرانّية إلى يوم القيامة‪ ،‬وُر وي أّن الن‪--‬بّي (ص) ق‪--‬ال ألص‪--‬حابه مث‪--‬ل ذل‪--‬ك‪ ،‬وال خالف بين أه‪--‬ل العلم أَّنهم لم ُيجيب‪--‬وا إلى‬
‫([‪)]110‬‬
‫‪.‬المباهلة‬

‫وقال الطبرسي‪ :‬وفي هذه اآلية داللٌة على أَّنهم علموا أّن الحَّق مع النبّي ؛ ألّنهم امتنعوا عن المباهلة‪ ،‬وأقّروا بالُّذ ّل والخزي؛ لقب‪--‬ول الِجْز ي‪--‬ة‪ ،‬فل‪--‬و‬
‫لم يعلموا ذلك لباهلوه‪ ،‬فكان يظهر ما زعموا من بطالن قوله في الحال‪ ،‬ولو لم يكن النبّي (ص) متيِّقنًا ب‪-‬نزول العقوب‪-‬ة بع‪-‬دِّوه دون‪-‬ه لم‪-‬ا أدخ‪-‬ل أوالده‪،‬‬
‫([‪)]111‬‬
‫‪.‬وخواَّص أهله‪ ،‬في ذلك‪ ،‬مع شَّد ة إشفاقه عليهم‬

‫وقال الطباطبائي‪ :‬وقوله‪َ{ :‬ف َنْج َع ْل َلْع َن ة ِهللا } كالبيان لالبتهال‪ ،‬وقد قيل‪ :‬فنجعل‪ ،‬ولم يُقْل ‪ :‬فنسأل‪ ،‬إشارة إلى كونه‪--‬ا دع‪--‬وًة غ‪--‬ير م‪--‬ردودة‪ ،‬حيث‬
‫‪.‬يمتاز بها الحُّق من الباطل‪ ،‬على طريق التوُّقف واالبتناء‬
‫([‪)]112‬‬

‫‪.‬وأقول‪ :‬المالحظ في هذه اآلية أَّنها عَّلَق ْت اللعنة على االبتهال‪ ،‬بحيث تحصل بحصوله‪ ،‬وتنتفي بانتفائه‬

‫وقد عرفنا‪ ،‬من خالل الروايات المبِّينة لقّصة وفد نصارى نجران‪ ،‬أّن الوفد طلب من رسول هللا(ص) إعفاَء هم من المباهلة‪ ،‬ففع‪--‬ل‪ ،‬وبالت‪--‬الي لم تح‪--‬دث‬
‫‪.‬اللعنة؛ النتفاء المباهلة‪ ،‬وهي أمٌر اختيارٌّي‬

‫‪.‬ولو باهلوا النبّي (ص) لحَّلْت اللعنُة عليهم‪ ،‬كما وعدت اآلية‪ ،‬وهذه هي عقيدتنا‬

‫!ولكْن هل يظهر إعجاز القرآن من خالل هذه اآلية؟‬

‫‪.‬ال‪ ،‬فقد أخبر القرآن عن حصول اللعنة عند حصول المباهلة‪ ،‬ولكْن لم تحصل المباهلة‪ ،‬فلم تحصل اللعنة‬

‫وليس في ذلك ما يدُّل على إعجاز القرآن من جهة اشتماله على األخبار الغيبّية المستقبلّية؛ إذ لم تحصل اللعنة‪ ،‬لتكون ش‪--‬اهدًا على ص ‪ّ-‬ح ة نب‪--‬وءة‬
‫‪.‬القرآن‬

‫‪.‬كما أّنه ليس فيه ما يدّل ـ والعياذ باهلل ـ على كذب القرآن؛ إذ لم تحصل اللعنة؛ لعدم حصول المباهلة‪ ،‬ال أّنها لم تحصل مع حصول المباهلة‬

‫!وبعبارة أخرى‪ :‬إذا لم يحصل االبتهال‪ ،‬اختيارًا‪ ،‬فكيف نستفيد اإلعجاز من جهة اإلخبار عن المغّيبات المستقبلّية؟‬

‫‪.‬نعم‪ ،‬لو حصل االبتهال فحصلت اللعنة‪ ،‬والقرآُن قد أخبر عن ذلك‪ ،‬لقلنا بأّن هذا من اإلخبار عن المغَّيبات المستقبلّية‬
‫وأّما أن يكون ترك االبتهال‪ ،‬الذي هو أمٌر اختيارٌّي‪ ،‬ولو لعلم التاركين ب‪-‬أّن االرتب‪-‬اط ص‪-‬حيٌح بين‪-‬ه وبين اللعن‪-‬ة‪ ،‬موِجب‪ً-‬ا للقطع بص‪ّ-‬ح ة العالق‪-‬ة بين‪-‬ه وبين‬
‫‪.‬اللعنة‪ ،‬وبالتالي موِجبًا للقول بإعجاز القرآن من جهة اشتماله على األخبار الغيبّية المستقبلّية‪ ،‬فهذا أمٌر ال نستسيُغ ه‬

‫الخالصة‬

‫ما يلحظه المتأِّمل في هذه اآليات‪ ،‬التي ذكروها كأمثلة إلعجاز القرآن من حيث اشتماله على األخبار الغيبّية المستقَبِلّية‪ ،‬أّنها تنقس‪--‬م إلى تس‪--‬عة‬
‫‪:‬أقساٍم ‪ ،‬وهي‬

‫ـ ما كان إخبارًا عن أموٍر قد َحَص َلت وانَقَضت‪ ،‬بيد أّن هللا عَّز وجَّل ُيخِبر أَّنه كان قد أطَلَع نبَّيه عليها قبل وقوعها‪ ،‬وقد أخَب ر به‪--‬ا أص‪--‬حاَبه‪ ،‬ولكَّن اآلي‪--‬ات‪1‬‬
‫‪.‬التي أشارت إليها قد نزلت بعد حدوثها ووقوعها‪ ،‬كما في اآلية ‪1‬‬

‫ـ ما كان إخبارًا عن حوادث مستقَبلّية‪ ،‬وقد تحّقَق ْت بالِفْع ل‪ ،‬وك‪--‬انت من الش‪--‬واهد على أّن الق‪--‬رآن من عن‪--‬د هللا‪ ،‬وأّن الن‪--‬بَّي األك‪--‬رم(ص) ص‪--‬ادٌق في‪2‬‬
‫‪.‬دعوته‪ ،‬كما في القسم األّول من اآلية ‪ ،2‬واآليات ‪5 ،4 ،3‬‬

‫ـ ما كان إخبارًا عن أمٍر ما‪ ،‬وقد ترَّد د؛ نتيجة االختالف في روايات أسباب النزول‪ ،‬بين كونه إخبارًا عن أمٍر قد حصل وانقضى‪ ،‬وكونه إخب‪--‬ارًا عن ح‪--‬ادٍث‪3‬‬
‫‪.‬مستقَبلّي ‪ ،‬وقد تحَّقق بالِفْع ل‪ ،‬وكان من الشواهد على أّن القرآن من عند هللا‪ ،‬كاآلية ‪6‬‬

‫ـ ما كان إخبارًا عن أموٍر لم تتحَّقق حّتى اآلن‪ ،‬وقد َأْخ َبر القرآُن بأّنها لن تحصل أبدًا‪ ،‬إلى يوم القيامة‪ ،‬غير أّنن‪--‬ا ل‪--‬و نظرن‪--‬ا إلى ال‪--‬زمن كمراح‪--‬ل وقطٍع‪4‬‬
‫مّتصلة ألمكننا القول بأّن عدَم تحُّق ق هذه األمور في تلك األزمنة‪ ،‬المواِفق لما أخبر القرآن به‪ ،‬سيكون شاهدًا على إعجاز القرآن الكريم‪ ،‬بلح‪--‬اظ تل‪-‬ك‬
‫‪.‬األزمنة‪ ،‬دون زماننا هذا‪ ،‬كما في القسم الثاني من اآلية ‪ ،2‬واآليَتْي ن ‪8 ،7‬‬

‫ـ ما كان إخبارًا عن أموٍر قد َوَع د ُهللا عَّز وجَّل بحصولها في هذه الدنيا‪ ،‬قبل يوم القيامة‪ ،‬غير أّنه لم يتحَّقق منه‪--‬ا ش‪--‬يٌء إلى يومن‪--‬ا ه‪--‬ذا‪ ،‬فلم يظه‪--‬ر‪5‬‬
‫‪.‬إعجاُز ه‪ ،‬ال في األزمنة الماضية‪ ،‬وال في األزمنة الحاضرة‪ ،‬إّال أّنه سيظهر قبل يوم القيامة‪ ،‬كما في اآلية ‪9‬‬

‫ـ ما كان إخبارًا عن أمٍر ما‪ ،‬وقد ترَّد د؛ نتيجة االختالف في إطالق اآلية وعدمه‪ ،‬وفي تأثير أسباب النزول على معنى اآلية‪ ،‬بين كونه إخب‪--‬ارًا عن أم ‪ٍ-‬ر‪6‬‬
‫مستقَبلّي ‪ ،‬وقد تحَّقق بالِفْع ل‪ ،‬وكان من الشواهد على أّن القرآن من عند هللا‪ ،‬وكونه إخبارًا عن أمٍر قد وعد هللا بتحُّق قه إلى يوم القيامة‪ ،‬وقد تحَّقق‬
‫في ما مضى من األزمنة والعصور‪ ،‬غير أّن اإلخبار عنه ال يكون شاهدًا على اإلعجاز القرآنّي إّال إذا قامت الساعة وهو ال يزال متحِّققًا‪ ،‬كم‪--‬ا في اآلي‪--‬ة‬
‫‪10.‬‬

‫ـ ما كان إخبارًا عن أمٍر ما‪ ،‬وقد ترَّد د؛ نتيجة االختالف في إطالق اآلية وعدمه‪ ،‬وفي معنى بعض الكلمات‪ ،‬بين كونه إخبارًا عن أمٍر مس‪--‬تقَبلّي ‪ ،‬وق‪--‬د‪7‬‬
‫تحَّقق بالِفْع ل‪ ،‬وكان من الشواهد على أّن القرآن من عند هللا‪ ،‬وكونه إخبارًا عن أمٍر قد َوَع د هللا عَّز وجَّل بحصوله في هذه الدنيا‪ ،‬قب‪--‬ل ي‪--‬وم القيام‪--‬ة‪،‬‬
‫‪.‬غير أّنه لم يتحَّقق منه شيٌء إلى يومنا هذا‪ ،‬فلم يظهر إعجاُز ه إلى اليوم‪ ،‬إّال أّنه سيظهر قبل يوم القيامة‪ ،‬كما في اآلية ‪11‬‬

‫‪.‬ـ ما كان في صورة إخبار‪ ،‬غير أّنه مرَّدٌد ؛ بسبب االختالف في تفسيره‪ ،‬بين كونه إخبارًا حقيقّيًا‪ ،‬وكونه إنشاًء واقعًا‪ ،‬كما في اآلية ‪812‬‬

‫‪.‬فإْن قلنا بأّنه إخباٌر كان هذا القسم تابعًا للقسم الثاني‬

‫وإْن قلن‪-‬ا بأّن ه إنش‪-‬اٌء ‪ ،‬ال إخب‪-‬اٌر‪ ،‬خ‪-‬رج ه‪-‬ذا القس‪-‬م عن مح‪ِّ-‬ل البحث تخُّصص‪ً-‬ا؛ إذ البحث في إعج‪-‬از الق‪-‬رآن من جه‪-‬ة اش‪-‬تماله على األخب‪-‬ار الغيبّي ة‬
‫‪.‬المستقبلّية‪ ،‬وال عالقة له بما كان في القرآن من اإلنشاء (النهي)‬

‫‪.‬ـ ما كان إخبارًا عن حصول أمٍر معَّلٍق على حصول أمٍر آخر‪ ،‬وهذا األمر اآلخر اختيارٌّي‪ ،‬كما في اآلية ‪913‬‬

‫‪.‬وال نرى في هذا القسم شهادًة على إعجاز القرآن من حيث اشتماله على األخبار الغيبّية المستقَبلّية‬

‫النتيجة‬

‫‪:‬اإلنصاف أّن األقسام ‪ ،9 ،5 ،1‬ال عالقة لها ببحث إعجاز القرآن من جهة اشتماله على األخبار الغيبّية المستقَبلّية‬

‫فإَّن اآلية في القسم األّول ُتخِبر عن حوادث قد وقعت‪ ،‬وإْن كان رسول هللا(ص) قد أخَبر بها قبل وقوعها بم‪--‬ا أطَلَع ه هللا علي‪--‬ه من علم الَغ ْيب‪ ،‬ولكَّن ه‬
‫لم يَّطِلع عليها بوحٍي قرآنٍّي‪ ،‬بل اَّطَلع عليها بوحٍي غير قرآنٍّي‪ ،‬فال تكون اآلية من مص‪-‬اديق اآلي‪-‬ات ال‪-‬تي تتض‪َّ-‬م ن إخب‪-‬ارًا بح‪-‬وادث ووق‪-‬ائع س‪-‬تقع في‬
‫‪.‬المستقبل‪ ،‬وبالتالي فهي خارجة عن موضوع بحث إعجاز القرآن من حيث اشتماُله على اإلخبار بالمغَّيبات المستقَبلّية‪ ،‬فال ينبغي ذكُر ها هاهنا‬

‫واآليُة في القسم الخامس ُتخبر عن أموٍر لم يتحَّقق منها شيٌء إلى يومنا هذا‪ ،‬فلم يظهر إعجاُز ه حّتى هذه الساعة‪ ،‬ولعّل قائًال يق‪--‬ول‪ :‬إّن م‪--‬ا أخَب ر‬
‫هللا به لن يتحَّقق؛ بمعنى أّن ما أخَبر أّنه لن يحصل أبدًا قد يحصل في مستقَبل األّيام؛ وما أخَبر أّنه حاِص ٌل قبل ي‪--‬وم القيام‪-‬ة ال محال‪--‬ة ق‪-‬د ال يحص‪--‬ل‪،‬‬
‫!وبالتالي فكيف تكون هذه األخبار شاهدًا على أّن هذا القرآن من عند هللا؟‬

‫‪.‬واآلية في القسم التاسع ال شهادة لها على إعجاز القرآن من حيث اشتماله على األخبار الغيبّية المستقَبلّية‬
‫ومن هنا نرى أّن األجدر بالباحثين‪ ،‬حين التعُّرض لموضوع إعجاز القرآن من حيث اشتماله على األخبار الغيبّي ة المس‪--‬تقَبلّية‪ ،‬أن ي‪--‬ذكروا اآلي‪--‬ات ال‪--‬تي‬
‫َأْخ َبر ُهللا بها عن حوادث ستقع‪ ،‬وقد وقعت ِفْع ًال بعد نزول تلك اآليات‪ ،‬وتكون تلك اآليات شاهدًا ال غبار عليه على إعج‪--‬از الق‪--‬رآن‪ ،‬وأّن ه من عن‪--‬د عّالم‬
‫‪.‬الغيوب‬

‫‪.‬نعم‪ ،‬كَّلما تحَّقق َحَدٌث ما‪ ،‬مّما أخَبر القرآن بوقوعه‪ ،‬أدَخ ْلنا اآلية التي تخبر به في اآليات الداّلة على إعجاز القرآن‬

‫**********‬

‫الهوامش‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪.‬راجع‪ :‬محمد هادي معرفة‪ ،‬التمهيد في علوم القرآن ‪ ،28 :4‬مؤّس سة النشر اإلسالمي‪ ،‬قم‪ ،‬ط‪1416 ،2‬هـ )]‪([1‬‬

‫‪.‬وراجع‪ :‬السيوطي‪ ،‬اإلتقان في علوم القرآن ‪ 230 :2‬ـ ‪( 238‬النوع الرابع والسّتون في إعجاز القرآن)‪ ،‬دار الكتب العلمّية‪ ،‬بيروت‪1424 ،‬هـ ـ ‪2003‬م‬

‫‪.‬ابن فارس‪ ،‬المقاييس في اللغة‪ 738 :‬ـ ‪ ،739‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1424 ،3‬هـ ـ ‪2003‬م )]‪([2‬‬

‫‪.‬الراغب اإلصفهاني‪ ،‬مفردات ألفاظ القرآن‪ ،547 :‬دار القلم‪ ،‬دمشق؛ والدار الشامّية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1416 ،1‬هـ ـ ‪1996‬م )]‪([3‬‬

‫‪.‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب ‪ ،43 :10‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2000 ،1‬م )]‪([4‬‬

‫‪.‬القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن ‪ 69 :1‬ـ ‪ ،71‬مؤّس سة التاريخ العربي‪ ،‬بيروت‪1405 ،‬هـ )]‪([5‬‬

‫العّالمة الحّلي‪ ،‬كشف المراد في شرح تجريد االعتق‪--‬اد‪ ،218 :‬انتش‪--‬ارات ش‪--‬كوري‪ ،‬إي‪--‬ران‪ ،‬ط‪ ،4‬نقًال عن المحِّق ق نص‪--‬ير ال‪--‬دين الطوس‪--‬ي في )]‪([6‬‬
‫‪«».‬تجريد االعتقاد‬

‫‪.‬علّي بن محمد القوشجي‪ ،‬شرح التجريد‪([7]) 465 :‬‬

‫‪.‬الطريحي‪ ،‬مجمع البحرين ‪ ،126 :3‬مكتب نشر الثقافة اإلسالمّية‪ ،‬ط‪1408 ،2‬هـ )]‪([8‬‬

‫‪.‬محمد جواد البالغي‪ ،‬آالء الرحمن في تفسير القرآن ‪ ،29 :1‬مؤّس سة البعثة‪ ،‬قم‪ ،‬ط‪1420 ،1‬هـ )]‪([9‬‬

‫‪.‬محمد بن عبد الرحيم النهاوندي‪ ،‬نفحات الرحمن في تفسير القرآن وتبيين الفرقان ‪ ،3 :1‬مطبعة علمي‪ ،‬طهران )]‪([10‬‬

‫‪.‬الطباطبائي‪ ،‬الميزان في تفسيرالقرآن ‪ ،73 :1‬مؤّس سة النشر اإلسالمّي )]‪([11‬‬

‫‪.‬أبو القاسم الخوئي‪ ،‬البيان في تفسير القرآن‪ ،33 :‬دار الزهراء‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1395 ،4‬هـ )]‪([12‬‬

‫‪.‬ناصر مكارم الشيرازي‪ ،‬األمثل في تفسير كتاب هللا الُم ْنَز ل ‪ ،121 :1‬مدرسة اإلمام علّي بن أبي طالب(ع)‪ ،‬قم‪ ،‬ط‪1421 ،1‬هـ ـ ‪1379‬هـ‪.‬ش )]‪([13‬‬

‫‪.‬معرفة‪ ،‬التمهيد في علوم القرآن ‪([14]) 16 :4‬‬

‫‪.‬محمد علي رضائي إصفهاني‪ :‬پژوهشي در إعجاز علمي قرآن ‪ ،61 :1‬انتشارات كتاب مبين‪ ،‬رشت‪ ،‬ط‪1381 ،3‬هـ‪.‬ش )]‪([15‬‬

‫‪.‬رضائي إصفهاني‪ ،‬پژوهشي در إعجاز علمي قرآن ‪([16]) 64 :1‬‬

‫‪.‬الراغب اإلصفهاني‪ ،‬جامع التفاسير ‪ ،102 :1‬دار الدعوة‪ ،‬الكويت )]‪([17‬‬

‫‪.‬رضائي إصفهاني‪ ،‬پژوهشي در إعجاز علمي قرآن ‪([18]) 67 :1‬‬

‫‪.‬اإلسراء‪([19]) 88 :‬‬

‫‪.‬البقرة‪ 23 :‬ـ ‪([20]) 24‬‬

‫‪.‬اإلسراء‪([21]) 88 :‬‬

‫‪.‬الطباطبائي‪ ،‬الميزان في تفسير القرآن ‪([22]) 60 :1‬‬


‫‪.‬ابن فارس‪ ،‬المقاييس في اللغة‪([23]) 808 :‬‬

‫‪.‬الحجر‪([24]) 22 :‬‬

‫‪.‬يس‪([25]) 38 :‬‬

‫محمد رشيد رضا‪ ،‬تفسير القرآن الحكيم المشهور بتفسير المنار (محاضرات الشيخ محمد عبده) ‪ 171 :1‬ـ ‪ ،175‬دار الكتب العلمّية‪ ،‬ب‪--‬يروت‪([26]) ،‬‬
‫‪.‬ط‪1420 ،1‬هـ ـ ‪1999‬م (بتصُّرف وجْم ٍع)‬

‫‪.‬الزرقاني‪ ،‬مناهل العرفان في علوم القرآن ‪ ،482 :2‬دار الكتب العلمّية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1424 ،1‬هـ ـ ‪2003‬م )]‪([27‬‬

‫رضائي إصفهاني‪ ،‬محاضرة بتاريخ‪ :‬األربعاء ‪ 14‬كانون األّول ‪2005‬م ـ ‪ 12‬ذو القعدة ‪1426‬هـ ـ ‪ 23‬آذار ‪1384‬هـ‪.‬ش‪ ،‬في كّلّي ة أص‪--‬ول ال‪--‬دين في )]‪([28‬‬
‫‪.‬قم المقّد سة (بتصّرف)‬

‫‪.‬القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن ‪([29]) 74 :1‬‬

‫‪.‬الخوئي‪ ،‬البيان في تفسير القرآن‪ 67 :‬ـ ‪([30]) 68‬‬

‫‪.‬الزرقاني‪ ،‬مناهل العرفان في علوم القرآن ‪ 481 :2‬ـ ‪([31]) 482‬‬

‫‪.‬الزرقاني‪ ،‬مناهل العرفان في علوم القرآن ‪( 481 :2‬بتصّرف) )]‪([32‬‬

‫‪.‬الطور‪ 33 :‬ـ ‪([33]) 34‬‬

‫‪.‬األنفال‪([34]) 7 :‬‬

‫‪:‬وقد عّد ها من اآليات المتضّمنة لألخبار الغيبية المستقبلّية‪ ،‬والداّلة على صّح ة النبّوة‪ ،‬كٌّل من‬

‫‪.‬ـ الباقالني‪ ،‬إعجاز القرآن‪ ،48 :‬دار المعارف‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪3‬‬

‫‪.‬ـ القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن ‪ 74 :1‬ـ ‪75‬‬

‫‪.‬الطبري‪ ،‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن ‪ 247 :9‬ـ ‪ ،248‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪1415 ،‬هـ )]‪([35‬‬

‫الطوسي‪ ،‬التبيان في تفسير القرآن ‪ ،80 :5‬مكتب اإلعالم اإلسالمّي ‪ ،‬ط‪1409 ،1‬هـ؛ الفضل بن الحسن الطبرسي‪ ،‬مجمع البيان في تفسير )]‪([36‬‬
‫‪.‬القرآن ‪ ،430 :4‬مؤّس سة األعلمي للمطبوعات‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1415 ،1‬هـ‬

‫‪.‬الطوسي‪ ،‬التبيان في تفسير القرآن ‪([37]) 80 :5‬‬

‫‪.‬الطبرسي‪ ،‬مجمع البيان في تفسير القرآن ‪([38]) 430 :4‬‬

‫‪.‬الخوئي‪ ،‬البيان في تفسير القرآن‪([39]) 68 :‬‬

‫‪.‬ابن هشام األنصاري‪ ،‬السيرة النبوّية ‪ ،587 :4‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1422 ،2‬هـ ـ ‪2001‬م‪ ،‬نقًال عن محمد بن إسحاق‪ ،‬السيرة [النبوّية] )]‪([40‬‬

‫‪.‬الزمر‪([41]) 30 :‬‬

‫‪.‬الروم‪ 1 :‬ـ ‪([42]) 5‬‬

‫‪:‬وقد عّد ها من اآليات المتضّمنة لألخبار الغيبّية المستقبلّية‪ ،‬والداّلة على صّح ة النبّوة‪ ،‬كٌّل من‬

‫‪.‬ـ الباقالني‪ ،‬إعجاز القرآن‪48 :‬‬

‫‪.‬ـ القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن ‪75 :1‬‬

‫‪.‬ـ الزركشي‪ ،‬البرهان في علوم القرآن ‪ 95 :2‬ـ ‪ ،96‬دار إحياء الكتب العربّية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1376 ،1‬هـ‬

‫‪.‬ـ محمد جواد البالغي‪ ،‬آالء الرحمن في تفسير القرآن ‪46 :1‬‬
‫‪.‬ـ محمد رشيد رضا‪ ،‬تفسير القرآن الحكيم المشهور بتفسير المنار (محاضرات الشيخ محمد عبده) ‪ 170 :1‬ـ ‪171‬‬

‫‪.‬ـ الخوئي‪ ،‬البيان في تفسير القرآن‪69 :‬‬

‫‪.‬الطبرسي‪ ،‬مجمع البيان في تفسير القرآن ‪([43]) 43 :8‬‬

‫‪.‬القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن ‪([44]) 74 :1‬‬

‫‪.‬الطبرسي‪ ،‬مجمع البيان في تفسير القرآن ‪([45]) 43 :8‬‬

‫‪.‬الواحدي‪ ،‬أسباب نزول اآليات‪ ،232 :‬مؤّس سة الحلبّي وشركاه‪ ،‬القاهرة‪1388 ،‬هـ )]‪([46‬‬

‫‪.‬تفسير علّي بن إبراهيم القّمي ‪([47]) 152 :2‬‬

‫‪.‬الواحدي‪ ،‬أسباب نزول اآليات‪([48]) 232 :‬‬

‫‪.‬الزرقاني‪ ،‬مناهل العرفان في علوم القرآن ‪ 267 :2‬ـ ‪ ،268‬طبعة دار الفكر )]‪([49‬‬

‫‪.‬الفتح‪([50]) 27 :‬‬

‫‪:‬وقد عّد ها من اآليات المتضِّمنة لألخبار الغيبّية المستقبلّية‪ ،‬والداّلة على صّح ة النبّوة‪ ،‬كٌّل من‬

‫‪.‬ـ الباقالني‪ ،‬إعجاز القرآن‪48 :‬‬

‫‪.‬ـ الطوسي‪ ،‬التبيان في تفسير القرآن ‪334 :9‬‬

‫‪.‬ـ الطبرسي‪ ،‬مجمع البيان في تفسير القرآن ‪210 :9‬‬

‫‪.‬ـ القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن ‪ 74 :1‬ـ ‪75‬‬

‫‪.‬ـ الزركشي‪ ،‬البرهان في علوم القرآن ‪ 95 :2‬ـ ‪96‬‬

‫‪.‬ـ محمد رشيد رضا‪ ،‬تفسير القرآن الحكيم المشهور بتفسير المنار (محاضرات الشيخ محمد عبده) ‪ 170 :1‬ـ ‪171‬‬

‫‪.‬ـ الطباطبائي‪ ،‬الميزان في تفسير القرآن ‪286 :18‬‬

‫تفسير مجاهد بن ج‪--‬بر ‪ ،603 :2‬مجم‪-‬ع البح‪--‬وث اإلس‪--‬المّية‪،‬إس‪--‬الم آب‪--‬اد؛ الطبري‪ ،‬ج‪--‬امع البي‪-‬ان عن تأوي‪--‬ل آي الق‪--‬رآن ‪138 :26‬؛ ابن كث‪-‬ير )]‪([51‬‬
‫الدمشقي‪ ،‬تفسير القرآن العظيم ‪ ،195 :4‬دار القلم العربّي ‪ ،‬سوريا (حلب)‪1425 ،‬هـ ـ ‪2004‬م؛ السيوطي‪ ،‬أس‪--‬باب ال‪--‬نزول المس ‪ّ-‬مى لب‪--‬اب النق‪--‬ول‬
‫‪.‬في أسباب النزول‪( 237 :‬بتصّرف)‬

‫‪.‬الزرقاني‪ ،‬مناهل العرفان في علوم القرآن ‪ 486 :2‬ـ ‪([52]) 487‬‬

‫‪.‬القمر‪ 44 :‬ـ ‪([53]) 45‬‬

‫‪:‬وقد عّد ها من اآليات المتضِّمنة لألخبار الغيبّية المستقبلّية‪ ،‬والداّلة على صّح ة النبّوة‪ ،‬كٌّل من‬

‫‪.‬ـ الباقالني‪ ،‬إعجاز القرآن‪48 :‬‬

‫‪.‬ـ ابن الجوزي‪ ،‬إعجاز القرآن‪48 :‬‬

‫‪.‬ـ القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن ‪146 :17‬‬

‫‪.‬ـ الزركشي‪ ،‬البرهان في علوم القرآن ‪ 95 :2‬ـ ‪96‬‬

‫‪.‬السيوطي‪ ،‬أسباب النزول المسّمى لباب النقول في أسباب النزول‪([54]) 249 :‬‬

‫‪.‬تفسير علّي بن إبراهيم الُق ّمي ‪([55]) 342 :2‬‬


‫‪.‬الزرقاني‪ ،‬مناهل العرفان في علوم القرآن ‪([56]) 487 :2‬‬

‫‪.‬القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن ‪([57]) 146 :17‬‬

‫‪.‬ابن كثير الدمشقي‪ ،‬تفسير القرآن العظيم ‪([58]) 286 :4‬‬

‫‪.‬الطوسي‪ ،‬التبيان في تفسير القرآن ‪([59]) 459 :9‬‬

‫‪.‬الطبرسي‪ ،‬مجمع البيان في تفسير القرآن ‪([60]) 323 :9‬‬

‫‪.‬الزرقاني‪ ،‬مناهل العرفان في علوم القرآن ‪([61]) 487 :2‬‬

‫‪.‬الطباطبائي‪ ،‬الميزان في تفسير القرآن ‪([62]) 84 :19‬‬

‫‪.‬الخوئي‪ ،‬البيان في تفسير القرآن‪ 69 :‬ـ ‪([63]) 70‬‬

‫‪.‬الحجر‪ 94 :‬ـ ‪([64]) 95‬‬

‫‪.‬وقد عّد ها من اآليات المتضّمنة لألخبار الغيبّية المستقبلّية‪ ،‬والداّلة على صّح ة النبوة محمد جواد البالغي في آالء الرحمن في تفسير القرآن ‪46 :1‬‬

‫‪.‬الطوسي‪ ،‬التبيان في تفسير القرآن ‪([65]) 356 :6‬‬

‫‪.‬الطبرسي‪ ،‬مجمع البيان في تفسير القرآن ‪([65]) 133:6‬‬

‫الهيثمي‪ ،‬مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ‪ ،46 :7‬دار الكتب العلمّية‪ ،‬ب‪-‬يروت‪1408 ،‬هـ ـ ‪1988‬م‪ :‬في رواي‪-‬ة عن ابن عّب اس؛ الس‪-‬يوطي‪ ،‬أس‪-‬باب )]‪([66‬‬
‫النزول المسّمى لب‪--‬اب النق‪--‬ول في أس‪--‬باب ال‪--‬نزول‪155 :‬؛ علّي بن بره‪--‬ان ال‪--‬دين الحل‪--‬بي‪ ،‬إنس‪--‬ان العي‪--‬ون في س‪--‬يرة األمين الم‪--‬أمون(علي‪--‬ه الص‪--‬الة‬
‫‪.‬والسالم)‪ ،‬المعروف بـ «السيرة الحلبّية» ‪510 :1‬‬

‫‪.‬الهيثمي‪ ،‬مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ‪ 46 :7‬ـ ‪([67]) 47‬‬

‫‪.‬تفسير محمد بن مسعود العّياشي ‪([68]) 252 :2‬‬

‫‪.‬أحمد بن علّي الطبرسي‪ ،‬االحتجاج ‪ 321 :1‬ـ ‪ ،322‬دار النعمان )]‪([69‬‬

‫‪.‬الخوئي‪ ،‬البيان في تفسير القرآن‪ 68 :‬ـ ‪([70]) 69‬‬

‫‪.‬البقرة‪ 23 :‬ـ ‪([71]) 24‬‬

‫‪:‬وقد عّد ها من اآليات المتضّمنة لألخبار الغيبّية المستقبلّية‪ ،‬والداّلة على صّح ة النبّوة‪ ،‬كٌّل من‬

‫‪.‬ـ القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن ‪75 :1‬‬

‫‪.‬ـ الثعالبي‪ ،‬الجواِهر الحسان في تفسير القرآن ‪197 :1‬‬

‫‪.‬الطوسي‪ ،‬التبيان في تفسير القرآن ‪([72]) 106 :1‬‬

‫‪.‬محمد رشيد رضا‪ ،‬تفسير القرآن الحكيم المشهور بتفسير المنار (محاضرات الشيخ محمد عبده) ‪([73]) 163 :1‬‬

‫‪.‬الزرقاني‪ ،‬مناهل العرفان في علوم القرآن ‪([74]) 484 :2‬‬

‫البتداء الخطاب بقوله تعالى‪َ{ :‬يا أُّيها الّناُس اْع ٌبٌد وا َرّبُكْم اّلذي َخ َلَق ُكْم َو اّل ِذيَن ِمْن َق ْبِلُكْم َلَعَّلكم َتّتقــوَن * اّل ذي َج َع َل َلُكْم األْرَض )]‪([75‬‬
‫ِفَر اشًا َو الَّس َم اَء ِبَن اًء وأْنَزَل ِمْن الَّس َماِء َم اًء َف أْخ َر َج ِبِه ِمْن الَّثَمراِت ِرْز قًا َلُكْم َف َال َتْج َعُلوا ِهلل أنَدادًا وأْنُتْم َتْع َلُم وَن وإْن ُكْنُتْم ِفي رْيٍب ِم ّم ا‬
‫‪َ.‬نّزْلنا َعَلى َع ْب ِدنا َف أُتوا ِبُس وَرة ِمْن ِمْثِلِه َواْدُع وا ُش َه َداَءُكْم ِمْن ُدوِن ِهللا ِإْن ُك ْنُت م َص اِدِقيَن * َف إْن َلْم َتْفَعلوا َو َلْن َتْفَعُلوا}‬

‫‪.‬النحل‪ 5 :‬ـ ‪([76]) 8‬‬

‫وقد عّد ها من اآليات المتضّمنة لألخبار الغيبّية المستقبلّية‪ ،‬والداّلة على صّح ة النبّوة كاظم الح‪--‬ائري في أص‪--‬ول ال‪--‬دين‪ ،213 :‬دار التفس‪--‬ير‪ ،‬قم‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1424.‬هـ ـ ‪1382‬هـ‪.‬ش‬
‫‪.‬تفسير علّي بن إبراهيم القّمي ‪([77]) 382 :1‬‬

‫‪.‬الطوسي‪ ،‬التبيان في تفسير القرآن ‪363 :6‬؛ الطبرسي‪ ،‬مجمع البيان في تفسير القرآن ‪([78]) 142 :6‬‬

‫‪.‬الطوسي‪ ،‬التبيان في تفسير القرآن ‪([79]) 363 :6‬‬

‫‪.‬ابن الجوزي‪ ،‬زاد المسير في علم التفسير ‪([80]) 315 :4‬‬

‫‪.‬السيوطي‪ ،‬تفسير الجاللين‪ ،346 :‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت )]‪([81‬‬

‫‪.‬الطباطبائي‪ ،‬الميزان في تفسير القرآن ‪([82]) 212 :12‬‬

‫‪.‬الحائري‪ ،‬أصول الدين‪([83]) 213 :‬‬

‫‪.‬محمد متوّلي الشعراوي‪ ،‬معجزة القرآن‪ 36 :‬ـ ‪ ،37‬المختار اإلسالمّي ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1398 ،1‬هـ )]‪([84‬‬

‫‪.‬التوبة‪ 32 :‬ـ ‪([85]) 33‬‬

‫‪.‬الصّف ‪ 8 :‬ـ ‪([86]) 9‬‬

‫‪:‬وقد عّد ها من اآليات المتضّمنة لألخبار الغيبّية المستقبلّية‪ ،‬والداّلة على صّح ة النبّوة‪ ،‬كٌّل من‬

‫‪.‬ـ الباقالني‪ ،‬إعجاز القرآن‪49 :‬‬

‫‪.‬ـ القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن ‪75 :1‬‬

‫‪.‬ـ البالغي‪ ،‬آالء الرحمن في تفسير القرآن ‪46 :1‬‬

‫‪.‬ـ الخوئي‪ ،‬البيان في تفسير القرآن‪69 :‬‬

‫‪.‬تفسير محمد بن مسعود العّياشي ‪([87]) 87 :2‬‬

‫‪.‬تفسير علّي بن إبراهيم القّمي ‪([88]) 289 :1‬‬

‫‪.‬تفسير علّي بن إبراهيم القّمي ‪([89]) 317 :2 ،289 :1‬‬

‫‪.‬الطوسي‪ ،‬التبيان في تفسير القرآن ‪([90]) 209 :5‬‬

‫‪.‬القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن ‪ 74 :1‬ـ ‪([91]) 75‬‬

‫‪.‬المائدة‪([92]) 67 :‬‬

‫وقد عّد ها من اآليات المتضّمنة لألخبار الغيبّية المستقبلّية‪ ،‬والداّلة على صّح ة النبّوة محمد رشيد رضا في تفسير القرآن الحكيم المش‪--‬هور بتفس‪--‬ير‬
‫‪.‬المنار (محاضرات الشيخ محمد عبده) ‪ 170 :1‬ـ ‪171‬‬

‫‪.‬السيوطي‪ ،‬أسباب النزول المسّمى لباب النقول في أسباب النزول‪ 105 :‬ـ ‪([93]) 106‬‬

‫‪.‬الشوكاني‪ ،‬فتح القدير الجامع بين فّني الرواية والدراية من علم التفسير ‪ ،61 :2‬عالم الكتب )]‪([94‬‬

‫‪.‬تفسير علّي بن إبراهيم القّمّي ‪ 171 :1‬ـ ‪ 174‬ـ ‪([95]) 175‬‬

‫‪.‬الجّصاص‪ ،‬أحكام القرآن ‪([96]) 562 :2‬‬

‫‪.‬الطبرسي‪ ،‬مجمع البيان في تفسير القرآن ‪([97]) 383 :3‬‬

‫‪.‬الزرقاني‪ ،‬مناهل العرفان في علوم القرآن ‪ 483 :2‬ـ ‪([98]) 484‬‬

‫‪.‬النور‪([99]) 55 :‬‬
‫‪:‬وقد عّد ها من اآليات المتضّمنة لألخبار الغيبّية المستقبلّية‪ ،‬والداّلة على صّح ة النبّوة‪ ،‬كٌّل من‬

‫‪.‬ـ الباقالني‪ ،‬إعجاز القرآن‪49 :‬‬

‫‪.‬ـ القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن ‪ 74 :1‬ـ ‪75‬‬

‫‪.‬ـ الزركشي‪ ،‬البرهان في علوم القرآن ‪95 :2‬‬

‫ـ محمد رشيد رضا‪ ،‬تفسير القرآن الحكيم المشهور بتفسير المنار (محاضرات الشيخ محمد عبده) ‪ 170 :1‬ـ ‪ ،171‬حيث قال‪« :‬وكان األس‪--‬تاذ اإلم‪--‬ام‬
‫‪».‬يقول‪ :‬إّن هللا تعالى لّما ُي نجز لنا وعَد ه هذا كَّله‪ ،‬بل بعضه‪ ،‬وال بّد من إتمامه بسيادة اإلسالم في العالم كِّله حّتى أوربة [أوروبا] المعادية له‬

‫‪.‬الطوسي‪ ،‬التبيان في تفسير القرآن ‪ 454 :7‬ـ ‪([100]) 455‬‬

‫‪.‬السيوطي‪ ،‬أسباب النزول المسّمى لباب النقول في أسباب النزول‪([101]) 188 :‬‬

‫‪.‬الزرقاني‪ ،‬مناهل العرفان في علوم القرآن ‪([102]) 486 :2‬‬

‫‪.‬التوبة‪([103]) 83 :‬‬

‫‪.‬وقد عّد ها من اآليات المتضّمنة لألخبار الغيبّية المستقبلّية‪ ،‬والداّلة على صّح ة النبّوة الباقالني في إعجاز القرآن‪49 :‬‬

‫‪.‬الطوسي‪ ،‬التبيان في تفسير القرآن ‪([104]) 271 :5‬‬

‫‪.‬القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن ‪([105]) 217 :8‬‬

‫‪.‬الفيض الكاشاني‪ ،‬تفسير الصافي ‪([106]) 363 :2‬‬

‫‪.‬آل عمران‪([107]) 61 :‬‬

‫‪.‬وقد عّد ها من اآليات المتضّمنة لألخبار الغيبّية المستقبلّية‪ ،‬والداّلة على صّح ة النبّوة الباقالني في إعجاز القرآن‪49 :‬‬

‫‪.‬آل عمران‪([108]) 59 :‬‬

‫‪.‬تفسير علّي بن إبراهيم القّمي ‪([109]) 104 :1‬‬

‫‪.‬الطوسي‪ ،‬التبيان في تفسير القرآن ‪([110]) 484 :2‬‬

‫‪.‬الطبرسي‪ ،‬مجمع البيان في تفسير القرآن ‪([111]) 312 :2‬‬

‫‪.‬الطباطبائي‪ ،‬الميزان في تفسير القرآن ‪([112]) 224 :3‬‬

‫‪:‬شارك الموضوع في‬


‫‪:‬اقرأ أيضًا‬

‫‪‬‬ ‫الوصية الخالدة‪ ،‬تقوى وِع ْب رة‬


‫‪‬‬ ‫القِّديس والولّي والقدرات العجائبية‬
‫‪‬‬ ‫عاشوراء‪ ،‬حاجٌة معرفّيٌة وِسَمُة حياٍة‬
‫‪‬‬ ‫»مصارحاٌت مذهبّية‪ ،‬وقفٌة في معنى «عدالة الصحابة‬
‫‪‬‬ ‫شهادُة القرآن للقرآن‪ ،‬نحو التفسير الصحيح‬

‫وسوم‪ :‬أخبار الغيب‪ ،‬اإلعجاز‪ ،‬اإلعجاز القرآني‪ ،‬اإلمامة‪ ،‬التحدي‪ ،‬الحج والعمرة‪ ،‬السيد المسيح‪ ،‬العصمة‪ ،‬القرآن‪ ،‬المباهلة‪ ،‬المسجد‬
‫الحرام‪ ،‬المعجزة‪ ،‬المنافقون‪ ،‬النبوة‪ ،‬النبي عيسى‪ ،‬النصارى‪ ،‬الوحي‪ ،‬بيت المقدس‪ ،‬حجة الوداع‪ ،‬ظهور المهدي‪ ،‬غدير خم‪ ،‬قريش‪ ،‬قصص األنبياء‪ ،‬معركة‬
‫بدر‪ ،‬مكة‪ ،‬وجوه اإلعجاز‬
‫فقه القرآن (‪ :)3‬زواج المتعة‪ ،‬حالٌل أم حراٌم ؟ «‬
‫» الضرائب‪ ،‬ظالمة وعادلة‬

‫أكتب تعليقك‬
‫اإلسم ( مطلوب )‬

‫البريد اإللكتروني ( لن ينشر ) ( مطلوب )‬

‫الموقع ( إختياري )‬

‫تواصل معنا‬

‫الشيخ محمد عباس دهيني في سطور‬

‫‪،‬ه‪--------------------------------------------‬و ب‪--------------------------------------------‬احث إس‪--------------------------------------------‬المي من لبن‪--------------------------------------------‬ان‬


‫‪،‬وأس‪------------------------------------------------------------‬تاذ في الح‪------------------------------------------------------------‬وزة العلمي‪------------------------------------------------------------‬ة‬
‫‪.‬ومن خطب‪-----------------------------------------------------------‬اء المن‪-----------------------------------------------------------‬بر الحس‪-----------------------------------------------------------‬يني‬
‫‪:‬ح ‪-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬ائز على‬
‫‪.‬ـ ماجس‪-----------------------------------------‬تير في عل‪-----------------------------------------‬وم الق‪-----------------------------------------‬رآن والح‪-----------------------------------------‬ديث‪1‬‬
‫‪.‬ـ دبل‪---------------------------------------‬وم الدراس‪---------------------------------------‬ات العلي‪---------------------------------------‬ا في األدب الع‪---------------------------------------‬ربي‪2‬‬
‫‪:‬يش‪---------------------------------------------------------------‬غل حالي‪ً---------------------------------------------------------------‬ا منص‪---------------------------------------------------------------‬ب‬
‫‪.‬ـ رئيس تحري‪-----------------------------------------‬ر (مجل‪-----------------------------------------‬ة نص‪-----------------------------------------‬وص معاص‪-----------------------------------------‬رة)‪1‬‬
‫‪.‬ـ رئيس تحري‪----------------------------------------‬ر (مجل‪----------------------------------------‬ة االجته‪----------------------------------------‬اد والتجدي‪----------------------------------------‬د)‪2‬‬
‫ـ المساعد الخاص لرئيس القسم الشيعي اإلمامي في مؤسسة خدمة علوم الق‪--‬رآن والس‪--‬نة الش‪--‬ريفة في الق‪--‬اهرة‪ ،‬والمكلف‪--‬ة كتاب‪--‬ة موس‪--‬وعة‪3‬‬
‫‪.‬الح‪--------------------------------‬ديث النب‪--------------------------------‬وي الص‪--------------------------------‬حيح عن‪--------------------------------‬د المس‪--------------------------------‬لمين‬
‫ـ أستاذ مواد (علوم القرآن)‪( ،‬تفسير القرآن)‪( ،‬األخالق)‪( ،‬العقائد)‪( ،‬المنطق)‪( ،‬أصول الفقه)‪( ،‬أص‪--‬ول الح‪--‬ديث)‪( ،‬أص‪--‬ول الفق‪--‬ه المق‪--‬ارن)‪( ،‬الرج‪--‬ال‪4‬‬
‫والدراية)‪( ،‬الفقه على المذاهب الخمس‪--‬ة)‪( ،‬اللمع‪--‬ة الدمش‪--‬قية)‪( ،‬الفق‪--‬ه االس‪--‬تداللي)‪( ،‬القواع‪--‬د الفقهي‪--‬ة)‪ ،‬في مرحل‪--‬تي (اإلج‪--‬ازة) و(الدراس‪--‬ات‬
‫‪.‬العلي‪------‬ا)‪ ،‬في الح‪------‬وزة العلمي‪------‬ة في لبن‪------‬ان وإي‪------‬ران (المعه‪------‬د الش‪------‬رعي اإلس‪------‬المي وجامع‪------‬ة المص‪------‬طفى(ص) العالمي‪------‬ة)‬
‫‪.‬ل‪------------------------‬ه عش‪------------------------‬رات المق‪------------------------‬االت والمق‪------------------------‬ابالت التلفزيوني‪------------------------‬ة المتنوع‪------------------------‬ة‬
‫‪.‬وقد حَّل ضيفًا في أكثر من برنامج ديني تلفزيوني‪ ،‬على أكثر من قناة فضائية‬

‫هدف الموقع وضوابطه‬

‫‪،‬أخي الك‪-----------------------------------------------------------‬ريم‪ ،‬أخ‪-----------------------------------------------------------‬تي الكريم‪-----------------------------------------------------------‬ة‬


‫‪.‬أيه‪---------------------‬ا الق‪---------------------‬راء المتص‪---------------------‬فحون لم‪---------------------‬ا ينش‪---------------------‬ر في ه‪---------------------‬ذا الموق‪---------------------‬ع‬
‫‪،‬أهًال وس ‪--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬هًال بكم‬
‫‪،‬ونأم‪----------------------‬ل أن ين‪----------------------‬ال م‪----------------------‬ا ينش‪----------------------‬ره ه‪----------------------‬ذا الموق‪----------------------‬ع إعج‪----------------------‬ابكم‬
‫‪.‬وتحص‪---------------------------------------------‬ل من‪---------------------------------------------‬ه الفائ‪---------------------------------------------‬دة المرج‪---------------------------------------------‬وة‬
‫‪،‬ه‪----------------------‬ذا الموق‪----------------------‬ع من‪----------------------‬بر لنش‪----------------------‬ر الفك‪----------------------‬ر اإلس‪----------------------‬المي األص‪----------------------‬يل‬
‫‪،‬في خ‪-------------------------------------------------------------‬ط ال‪-------------------------------------------------------------‬وعي والتعق‪-------------------------------------------------------------‬ل‬
‫‪،‬بعي‪----------------------------------------------------------‬دًا عن الخراف‪----------------------------------------------------------‬ات واألس‪----------------------------------------------------------‬اطير‬
‫‪.‬ومظ‪-------------------------------------------‬اهر الغل‪-------------------------------------------‬و واالنح‪-------------------------------------------‬راف والتخل‪-------------------------------------------‬ف‬
‫‪،‬واله‪---------------------------‬دف من ذل‪---------------------------‬ك كل‪---------------------------‬ه رض‪---------------------------‬ا هللا ع‪---------------------------‬ز وج‪---------------------------‬ل‬
‫واإلصالح في أمة رسول هللا محمد صلى هللا عليه وآله‪ ،‬والنأي بمحمد وآله عليهم السالم عن كل ما يبغضهم إلى الناس؛ امتثاًال ألمرهم‪ :‬كونوا زينًا‬
‫‪.‬لن‪----‬ا‪ ،‬وال تكون‪----‬وا ش‪----‬ينًا علين‪----‬ا‪ .‬فمن قبلن‪----‬ا بقب‪----‬ول الح‪ّ----‬ق فاهلل أْو لى ب‪----‬الحّق ‪ ،‬ومن لم يقبلن‪----‬ا فاهلل يحكم بينن‪----‬ا‪ ،‬وه‪----‬و خ‪----‬ير الح‪----‬اكمين‬
‫‪،‬وإنن‪---------------------‬ا في ه‪---------------------‬ذا الموق‪---------------------‬ع الثق‪---------------------‬افي ن‪---------------------‬رحب بأي‪---------------------‬ة مش‪---------------------‬اركة‬
‫‪.‬أو تعلي‪-------------------------------‬ق أو نق‪-------------------------------‬د علمي ألي موض‪-------------------------------‬وع ينش‪-------------------------------‬ر في‪-------------------------------‬ه‬
‫‪.‬ولكننا في الوقت عينه نعتذر عن نشر أي رد أو تعليق يتضمن إساءًة أو تهديدًا أو ما شابه ذلك‬

‫المقاالت األخيرة‬

‫‪‬‬ ‫ضلُع الزهراء(ع) لم ُيكَس ْر‬


‫‪‬‬ ‫المعيار في تحديد االنتصار‬
‫‪‬‬ ‫الصِّديقة الشهيدة‪ ،‬وليس القتيلة‬
‫‪‬‬ ‫فاطمُة نفسها‬
‫‪‬‬ ‫طوفان األقصى‪ :‬نصرًة للمظلومين في غّزة‬
‫‪‬‬ ‫!خُّط الَبَطل أو بطل الخّط؟‬
‫‪‬‬ ‫ال ِه َّر يحكي صورة اَألَس ِد‬
‫‪‬‬ ‫المشهُد باختصار‬
‫‪‬‬ ‫ال سالَم معكم‪ ،‬وال دولَة لكم‬
‫‪‬‬ ‫وصف أهل القبور الموحشة‬

‫أرشيف الموقع‬

‫‪‬‬ ‫‪2023‬‬ ‫نوفمبر‬


‫‪‬‬ ‫‪2023‬‬ ‫أكتوبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2023‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2023‬‬ ‫أغسطس‬
‫‪‬‬ ‫‪2023‬‬ ‫يوليو‬
‫‪‬‬ ‫‪2023‬‬ ‫يونيو‬
‫‪‬‬ ‫‪2023‬‬ ‫مايو‬
‫‪‬‬ ‫‪2023‬‬ ‫أبريل‬
‫‪‬‬ ‫‪2023‬‬ ‫مارس‬
‫‪‬‬ ‫‪2023‬‬ ‫فبراير‬
‫‪‬‬ ‫‪2023‬‬ ‫يناير‬
‫‪‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫ديسمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫نوفمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫أكتوبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫أغسطس‬
‫‪‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫يوليو‬
‫‪‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫يونيو‬
‫‪‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫مايو‬
‫‪‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫أبريل‬
‫‪‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫مارس‬
‫‪‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫فبراير‬
‫‪‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫يناير‬
‫‪‬‬ ‫‪2021‬‬ ‫نوفمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2021‬‬ ‫أكتوبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2021‬‬ ‫أغسطس‬
‫‪‬‬ ‫‪2021‬‬ ‫يوليو‬
‫‪‬‬ ‫‪2021‬‬ ‫يونيو‬
‫‪‬‬ ‫‪2021‬‬ ‫مارس‬
‫‪‬‬ ‫‪2021‬‬ ‫يناير‬
‫‪‬‬ ‫‪2020‬‬ ‫ديسمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2020‬‬ ‫أكتوبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2020‬‬ ‫أغسطس‬
‫‪‬‬ ‫‪2020‬‬ ‫يونيو‬
‫‪‬‬ ‫‪2020‬‬ ‫أبريل‬
‫‪‬‬ ‫‪2020‬‬ ‫مارس‬
‫‪‬‬ ‫‪2020‬‬ ‫فبراير‬
‫‪‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫نوفمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫أكتوبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫أغسطس‬
‫‪‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫يوليو‬
‫‪‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫مارس‬
‫‪‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫فبراير‬
‫‪‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫يناير‬
‫‪‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫ديسمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫نوفمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫أكتوبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫أغسطس‬
‫‪‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫يوليو‬
‫‪‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫يونيو‬
‫‪‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫مايو‬
‫‪‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫أبريل‬
‫‪‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫مارس‬
‫‪‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫فبراير‬
‫‪‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫يناير‬
‫‪‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫ديسمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫نوفمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫أكتوبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫يوليو‬
‫‪‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫يونيو‬
‫‪‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫مايو‬
‫‪‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫أبريل‬
‫‪‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫مارس‬
‫‪‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫فبراير‬
‫‪‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫يناير‬
‫‪‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫ديسمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫نوفمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫أكتوبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫أغسطس‬
‫‪‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫يوليو‬
‫‪‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫يونيو‬
‫‪‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫مايو‬
‫‪‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫أبريل‬
‫‪‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫مارس‬
‫‪‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫فبراير‬
‫‪‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫يناير‬
‫‪‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫ديسمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫نوفمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫أكتوبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫أغسطس‬
‫‪‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫يوليو‬
‫‪‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫يونيو‬
‫‪‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫مايو‬
‫‪‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫أبريل‬
‫‪‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫مارس‬
‫‪‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫فبراير‬
‫‪‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫يناير‬
‫‪‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫ديسمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫نوفمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫أكتوبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫يونيو‬
‫‪‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫مايو‬
‫‪‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫أبريل‬
‫‪‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫مارس‬
‫‪‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫فبراير‬
‫‪‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫يناير‬
‫‪‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫ديسمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫نوفمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫أكتوبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫أغسطس‬
‫‪‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫يوليو‬
‫‪‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫مارس‬
‫‪‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫فبراير‬
‫‪‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫يناير‬
‫‪‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫ديسمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫نوفمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫أكتوبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫يونيو‬

‫استفتاءات‬

‫الموضوع‪ :‬ضلُع الزهراء(ع) لم ُيْك َس ْر‬

‫سؤال‪ :‬هل صحيٌح أن عمر بن الخّطاب هو الذي عصر السّيدة فاطمة(ع)‪ ،‬وأسقط جنينها‪ ،‬وماَتْت بعد ذلك بأّياٍم ؟ إذ نالحظ أن أغلب الشيعة يقولون‬
‫ذلك؛ وهناك َمْن ينفي صّح ة ذلك‪ .‬فكيف نستطيع أن نعرف ما هو الصحيح؟ وما هي الكتب واألحاديث التي يمكن الرجوع إليها؛ للتأُّكد من الواقعة‬
‫الحقيقّية التي َجَر ْت ؟‬
‫الجواب‪ :‬هذه الحادثة قضّيٌة تاريخّية‪ ،‬وإْن كان يمكن أن ُي ستفاد منها في بعض المباحث العقائدّية‪ ،‬ولكْن ال ُبَّد في مقام إثباتها من االعتماد على‬
‫‪.‬المنهج الذي ُتقاَر ب به الحوادث التاريخّية‪َ ،‬نْف يًا أو إثباتًا‬
‫وهذه الحادثة (حرق الباب وكسر الضلع وإسقاط الجنين “محسن”) اختلف العلماء فيها بين َمْن يعتقد حصولها وَمْن يتوَّقف في إثباتها ـ كالسّيد فضل‬
‫…هللا ـ‪ ،‬فال يرى أدّلة اإلثبات كافيًة‪ ،‬وأيضًا ال يجد دليًال تاّمًا للنفي‬
‫وفي مثل هذه األمور ال يوجد كتاٌب يمكن من خالله وحده الوصول إلى الحقيقة‪ ،‬بل ال ُبَّد من تجميع القرائن والشواهد‪ ،‬وضربها ببعضها‪ ،‬تحقيقًا‬
‫…وتأويًال؛ للوصول إلى قناعٍة معَّينة‬
‫…وأنا أنفي هذه الحادثة؛ استنادًا إلى القرائن والشواهد التاريخّية والعقلّية والُعْر فّية‬
‫…فالصحيُح عندي أنهم جاؤوا بالَح َطب؛ ليحرقوا الدار‪ ،‬ولو كانت فيها فاطمة(ع)‬
‫فلّما عرف أمير المؤمنين(ع) َق ْصَد هم خرج إليهم‪ ،‬وذهب معهم إلى المسجد‪ ،‬ماشيًا على قدَمْي ه‪ ،‬ال مسحوبًا بنجائد سيفه‪ ،‬وبايع أبا بكر‪ ،‬ال عن‬
‫إرادٍة تاّمة‪ ،‬ورضا قلبّي ‪ ،‬وإنما بايعه ُك ْر هًا واضطرارًا؛ َد ْر ءًا للفتنة‪ ،‬وَح ِفظ داَره وعياَله‪ ،‬وهدأت األمور نسبّيًا‪ .‬وهذا هو تصُّرف العاقل الحكيم في مثل هذه‬
‫‪.‬المواقف‬
‫…وعليه‪ ،‬لم يحترق الباب‪ ،‬وال الدار‪ ،‬ولم ُتْعَص ر الزهراء(ع)‪ ،‬ولم ينكسر ضلُع ها‪ ،‬ولم يسُق ْط لها جنيٌن‬
‫…نعم‪ ،‬كانت المقّد مات مهّيأًة لكّل ذلك‬
‫…وأسقط ذلك كَّله َوْع ُي اإلمام(ع) وحكمُت ه‬
‫وماَتْت (ع) بعد ذلك بشهرين ونصف (‪ 75‬يومًا)؛ ُح ْز نًا وَك َم دًا على أبيها‪ ،‬وعلى مظلومّية زوجها (َغ ْص ب الخالفة)‪ ،‬وعلى مظلومّيتها (َغ ْص ب َف َد ك)‪،‬‬
‫…وكانت أّول الالحقين بأبيها النبّي األكرم(ص)‬
‫‪...‬وتلك ظالماٌت ال نظير لها في التاريخ… وليس هناك داٍع لزيادٍة في األحداث إلثبات المظلومّية ووقوع العدوان‬

‫محتويات الموقع‬

‫‪‬‬ ‫استفتاءات‬
‫‪‬‬ ‫المحتوى اإلجمالي‬
‫‪‬‬ ‫برامج تلفزيونية (إعداد وتقديم)‬
‫‪‬‬ ‫بيانات‬
‫‪‬‬ ‫تعليقات لتصحيح االعتقادات‬
‫‪‬‬ ‫حوارات‬
‫‪‬‬ ‫دروس‬
‫‪‬‬ ‫سلسلة (سؤال وجواب)‬
‫‪‬‬ ‫قراءات‬
‫‪‬‬ ‫كتّيبات‪ :‬مفاهيم إسالمية‬
‫‪‬‬ ‫كلمات تحرير‬
‫‪‬‬ ‫كلمات ومحاضرات‬
‫‪‬‬ ‫مجالس عزاء‬
‫‪‬‬ ‫مقاالت أدبية ولغوية‬
‫‪‬‬ ‫مقاالت حديثية‬
‫‪‬‬ ‫مقاالت سياسية‬
‫‪‬‬ ‫مقاالت عقائدية‬
‫‪‬‬ ‫مقاالت فقهية‬
‫‪‬‬ ‫مقاالت فكرية‬
‫‪‬‬ ‫مقاالت قرآنية‬
‫‪‬‬ ‫مقاالت مترجمة‬
‫‪‬‬ ‫منبر الجمعة‬

‫جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي لسماحة الشيخ محمد دهيني | يستخدم ‪ :‬ووردبريس‬

‫تصميم وتطوير ‪ :‬عبدالجليل‬

‫التشريع كل قاعدة قانونية تصدر في وثيقة رسمية مكتوبة عن سلطة عامة مختصة في الدولة فالتش‪$$‬ريع اذا‬
‫يضع قاعدة قانونية‪ ،‬ويصدر في صورة مكتوبة عن سلطة عامة مختصة‪ ،‬و للتشريع ثالثة أنواع متفاوت‪$$‬ة‬
‫في درجاته‪$$$‬ا ‪ ،‬فأدناه‪$$$‬ا درج‪$$$‬ة يجب أال يخ‪$$$‬الف التش‪$$$‬ريع ال‪$$$‬ذي يعل‪$$$‬وه ‪ ،‬وأعلى التش‪$$$‬ريعات التش‪,,,‬ريع‬
‫مب‪$$$‬دأ‬ ‫األساسي(الدستور) و هو األعلى مرتبة و يتمثل في الدستور و القوانين األساسية ‪ ،‬التشريع العادي و‬
‫العدالة قّر رت الشريعة اإلسالمّية مبدأ العدالة الُمطلقة بين جميع البشر‪ ،‬وجاءت الكثير من األدلة التي تحُّث عليها وتأمر الناس بها‪ ،‬كقولِه ‪-‬تعالى‪َ( :-‬ي ا َأُّيَه ا‬

‫اَّلِذيَن آَم ُنوا ُك وُنوا َق َّو اِميَن ِباْلِقْس ِط ُشَه َد اَء ِهَّلِل َو َلْو َع َلى َأْنُفِس ُك ْم َأِو اْل َو اِلَد ْي ِن َو اَألْق َر ِبيَن ِإْن َي ُك ْن َغ ِنًّي ا َأْو َف ِق يًر ا َف اُهَّلل َأْو َلى ِبِه َم ا َفَال َتَّت ِبُع وا اْلَه َو ى َأْن َت ْع ِد ُلوا)‪]١[،‬‬

‫وجاءت الشريعة اإلسالمّية بهذا المبدأ ُمنُذ ُنزولها‪ ،‬أّما القوانين الوضعّية فلم تعرفه إال في أواخر القرن الثامن عشر‪ ]٢[.‬وهذا المبدأ ُيزيل الُظ لم عن جميع‬

‫البشر‪ ،‬وُيصلح أحوالهم وخاصًة في األموال‪ ،‬فقد قّر رت الشريعة بتحريم الرب‪$‬ا وأك‪$‬ل أم‪$‬وال الن‪$‬اس بالباط‪$‬ل في كث‪$‬يٍر من األدل‪$‬ة‪ ،‬وج‪$‬اء عن ابن تيمية أن‬

‫األصل في الُعقود جميُعها هو العدل‪ ،‬وذكر ابن القيم أن الشريعة ُك لها عدل‪ ]٣[،‬فهذا المبدأ العظيم تتحقق به مصالح جميع البشر‪ ،‬وبه تنتظُم حياُتهم‪ ،‬ويكون‬
‫تطبيقه وفق منهج هللا وهديه‪ ]٤[.‬مبدأ الحرية جاءت الشريعُة اإلسالمّية ُمنُذ ُنزولها بمبدأ الُحرية‪ ،‬فقّر رت ُحرية الفك‪$‬ر‪ ،‬واالعتق‪$‬اد‪ ،‬والق‪$‬ول‪ ،‬ودّل على ه‪$‬ذا‬

‫المبدأ الكثير من األدلة‪ ،‬كقولِه ‪-‬تعالى‪َ( :-‬و ْلَت ُك ْن ِم ْنُك ْم ُأَّم ٌة َي ْد ُعوَن ِإَلى اْلَخ ْي ِر َو َي ْأُمُروَن ِب اْلَم ْع ُروِف َو َي ْن َه ْو َن َع ِن اْلُم ْن َك ِر )‪ ]٥[،‬وه‪$‬ذا المب‪$‬دأ لم تعرق‪$‬ه الق‪$‬وانين‬

‫الوضعّية إال مؤّخ را‪ ]٦[،‬والشريعة اإلسالمية ال تعتدي على الُحريات وال ُتناِقُضها‪ ،‬فهي ُتحّقق الُحرية لجميع البش‪$$‬ر‪ ،‬ومن ذل‪$$‬ك أّنه‪$$‬ا ُتق‪$$‬رر أن هللا واح‪ٌ$‬د ال‬

‫شريك له وُتلغي الُعبودّية لغيره؛ كالُعبودّية للبشر واألهواء‪ ،‬وُتعطي الناس الُحرية بشرط أن يبقوا تحت نظام اإلسالم من غير إك‪$$‬راٍه في ال‪ُ$$‬دخول فيه‪ ،‬وال‬

‫تستبُد بالُحكم‪ ]٧[.‬فيديو قد يعجبك‪ :‬وأّما تطبيقها للُحدود فهو ال يكون إال بعد ت‪$‬وُّفر الُش روط وانتف‪$‬اء الموان‪$‬ع‪ ]٧[،‬وُتطل‪$‬ق الُحرية على العديد من المع‪$‬اني‪،‬‬

‫ولكنها في األصل ُتطلق على استواء األفراد في تصرُفاتهم بأنفسهم‪ ،‬وهو من المقاصد األساسّية للشريعة‪ ،‬كما ُتطلق على ما ُيضاد الُعبودّية‪ ،‬فدلت الشريعة‬

‫على إبطال العبودّية وتعميم الحرية‪ ،‬وُتطلق على ُحرية تصرف الشخص العاقل في شؤونه بنفسه من غير توق‪ٍ$$‬ف على رض‪$$‬ا أح‪ٍ$$‬د غيره‪ ،‬وه‪$$‬ذا المب‪$$‬دأ من‬

‫أكبر المبادئ في الشريعة‪ ،‬فعليه يتوقف ُط غيان اُألمم الظالمة‪ ،‬وإنصاف الفقير والضعيف‪ ]٨[.‬مبدأ المساواة قّر رت الش‪$$‬ريعة اإلس‪$$‬المّية مب‪$$‬دأ الُمس‪$$‬اواة بين‬

‫جميع البشر من غير قيوٍد أو ُشروط‪ ،‬لقولِه ‪-‬تعالى‪َ( :-‬ي ا َأُّيَه ا الَّن اُس ِإَّن ا َخ َلْق َن اُك ْم ِمْن َذ َك ٍر َو ُأْنَث ى َو َج َع ْلَن اُك ْم ُشُعوًبا َو َق َب اِئَل ِلَت َع اَر ُفوا ِإَّن َأْك َر َم ُك ْم ِع ْن َد ِهَّللا َأْت َقاُك ْم )‪[،‬‬

‫‪ ]٩‬وبّين النبّي ‪-‬عليه الصالُة والسالم‪ -‬أن الناس سواسيٌة كأسنان المشط‪ ،‬ولم تعرف القوانين الوضعّية الُمساواة إال في أواخر القرن الث‪$$‬امن عش‪$$‬ر‪ ،‬وُتطّبق‪$$‬ه‬

‫بعض الدول بقيود‪ ]١٠[،‬وقصد اإلسالم من مبدأ الُمساواة؛ الع‪$$‬دل الخ‪$$‬الص بين الُمس‪$$‬لم وغيره‪ ]١١[.‬وه‪$‬ذا المب‪$‬دأ دّلت عليه الكث‪$‬ير من األدل‪$‬ة في الِكت‪$‬اب‬

‫والُسنة‪ ،‬وطّبقه النبّي ‪-‬عليه الصالُة والسالم‪ -‬وصحابته الكرام في جميع شؤون حياتهم‪ ،‬فالبشر سواء أمام ُحكم هللا‪ ،‬وال فرق بين صغير أو كب‪$$‬ير‪ ،‬أو رئيس‬

‫أو مرؤوس‪ ،‬وهو من المبادئ الصالحة في ُك ل زم‪$‬اٍن ومك‪$‬ان وفي جميع الُظ روف واألح‪$‬وال‪ ]١٢[،‬فالبش‪$‬ر جميُعهم ُمتس‪$‬اوون في حق‪$‬وق الحياة بحس‪$‬ب‬

‫فطرتهم‪ ،‬وُمتساوون كذلك في ُأصول الشرع‪ ،‬وال يتخلف ذلك إال عند وج‪$$‬ود الم‪$$‬انع‪ ،‬فالُمس‪$$‬اواة من مقاص‪$$‬د الش‪$$‬رع العام‪$$‬ة‪ ]١٣[.‬مب‪$$‬دأ الش‪$$‬ورى ُيع‪ُ$$‬د مب‪$$‬دأ‬

‫الشورى من المبادئ التي دعت إليها الشريعُة اإلسالمّية منذ ُنزولها‪ ،‬لقوله ‪-‬تعالى‪َ( :-‬و َش اِو ْر ُه ْم ِفي اَألْم ِر )‪ ]١٤[،‬وجاءت القوانين الوضعّية بهذا المب‪$$‬دأ بع‪$$‬د‬

‫الشريعة بأحد عشر قرنًا‪]١٥[،‬وقد طّبق النبّي ‪-‬عليه الصالُة والسالم‪ -‬مب‪$‬دأ الش‪$‬ورى في حيات‪$‬ه‪ ،‬فش‪$‬اور أص‪$‬حابه في غزوة ب‪$‬در‪ ،‬وأخ‪$‬ذ ب‪$‬رأي الحب‪$‬اب بن‬

‫الُمنذر‪ ،‬واستشارهم في كثيٍر من ُأموره سواًء في السلم أو الحرب‪ ]١٦[،‬وثم بدأت القوانين الوضعية تسير في مبدأ الشورى على ما س‪$$‬ارت عليه الش‪$$‬ريعة‬

‫اإلسالمّية التي سبقتهم به قبل أحد عشر قرنًا من الزمان‪ ]١٧[.‬مبدأ منع الضرر جاءت الشريعة اإلسالمّية بمبدأ تحريم ُك ل ما ل‪$$‬ه ض‪$$‬رر‪ ،‬فج‪$$‬اءت بتح‪$$‬ريم‬

‫الخمر‪ ،‬وإباحة الطالق‪ ،‬ومن األدلة على تحريمها للخمر قول‪$‬ه ‪-‬تع‪$‬الى‪َ( :-‬ي ا َأُّيَه ا اَّل ِذيَن آَم ُن وا ِإَّن َم ا اْلَخ ْم ُر َو اْلَمْيِس ُر َو اَألْن َص اُب َو اَألْز َالُم ِر ْج ٌس ِمْن َعَم ِل‬

‫الَّش ْي َط اِن َف اْج َت ِنُبوُه)‪ ]١٨[،‬وفي الطالق رفٌع للضرر الواقع على الفرد أو اُألسرة أو الُمجتمع‪ ،‬كما أنها ج‪$‬اءت بتح‪$‬ريم االحتك‪$‬ار‪ ،‬وُك ل م‪$‬ا فيه أك‪ٌ$‬ل ألم‪$‬وال‬

‫الناس بالباطل‪ ،‬والفواحش‪ ،‬واإلثم‪ ،‬والبغي بغير الحق‪ ،‬والدعوة إلى الخير والمعروف‪ ،‬والنهي عن الُمنكر‪ ،‬لقوله ‪-‬تعالى‪ُ( :-‬قْل ِإَّنَم ا َح َّر َم َر ِّب َي اْلَف َو اِحَش َم ا‬

‫َظ َهَر ِم ْن َه ا َو َم ا َب َط َن َو اِإلْث َم َو اْلَب ْغ َي ِبَغ ْي ِر اْلَح ِّق )‪ ]٢٠[]١٩[.‬وحّرمت الشريعة الضرر بكاف‪$$‬ة أش‪$$‬كاله وص‪$$‬وره‪ ،‬فال يج‪$$‬وز لإلنس‪$$‬ان إلح‪$$‬اق الض‪$$‬رر بنفس‪$$‬ه أو‬

‫بغيره‪ ،‬وقد ذكر هللا منع الضرر في عدٍد من األبواب؛ كباب الرضاعة‪ ،‬واألنصبة في الميراث‪ ،‬وغيره‪$‬ا‪ ]٢١[،‬وتأُخ ذ األحك‪$‬ام غيره‪$‬ا نفس الُحكم في من‪$‬ع‬

‫الضرر‪ ،‬ومن األمثلة على هذا المبدأ نظرية الُظ روف الطارئة؛ والتي تتعلق بإزالة الضرر عن الُمتعاقدين أو أح‪$$‬دهما عن‪$$‬د ُو ق‪$$‬وع جائح‪$$‬ة ت‪$$‬ؤثر على العق‪$$‬د‬

‫وآثاره‪ ]٢٢[.‬مبدأ التعاون االجتماعي ُتعُّد الش‪$$‬ريعة اإلس‪$$‬المّية أول من ج‪$$‬اء بمب‪$‬دأ التع‪$$‬اون االجتم‪$$‬اعّي ‪ ،‬ونظرية التض‪$$‬امن االجتم‪$$‬اعي‪ ،‬ق‪$$‬ال هللا ‪-‬تع‪$$‬الى‪:-‬‬

‫(َو َت َع اَو ُنوا َع َلى اْلِبِّر َو الَّتْق َو ى َو َال َت َع اَو ُنوا َع َلى اِإلْث ِم َو اْلُع ْد َو اِن )‪ ]٢٤[]٢٣[،‬فبّين هللا في هذه اآلية أن التعاون يكون على البر والخير‪ ،‬وب‪$$‬ترك الُمنك‪$$‬ر واإلثم‪،‬‬

‫والشريعة تقوم على الُّن صح واإلرشاد‪ ]٢٥[،‬باإلضافة إلى التعاون في ُك ل أمٍر فيه خيٌر في الُدنيا واآلخرة‪ ،‬بشرط أن ال يكون في هذا التعاون ُمحرم ‪ً$‬ا‪]٢٦[.‬‬

‫حفظ الضرورات الخمس جاءت الشريعة اإلسالمّية بحفظ الضرورات الخمس؛ وهي الضرورات ال‪$$‬تي تض‪$$‬من لإلنس‪$$‬ان بق‪$$‬اء الس‪$$‬عادة؛ وهي حف‪$$‬ظ ال‪$$‬دين‪،‬‬

‫والنفس‪ ،‬والنسل‪ ،‬والمال‪ ،‬والعقل‪ ،‬وبضياعها وإهمالها تشقى اُألّمة في الُدنيا واآلخرة‪ ،‬فجاء الشرع بإباحة ُك ل ما فيه خيٌر لهذه الضرورات‪ ،‬وح‪ّ$$‬رم م‪$$‬ا فيه‬

‫اعتداٌء عليها‪ ]٢٧[،‬وهذه الضرورات الخمس هي مدار الشرع من الخلق‪ ،‬وفيها قياُم مصالحهم في الُّدنيا واآلخرة‪ ]٢٨ [.‬فالُمحافظة على الدين يكون بالعبادة‬
‫واإليمان‪ ،‬وتحقيق األمن الفكري للمؤمنين‪ ،‬وأّما حفظ النفس؛ فقد حرم الشرع االعت‪$‬داء عليه‪$‬ا وش‪$‬رع الُعقوب‪$‬ات على من ُيخ‪$‬الف ذل‪$‬ك‪ ،‬وأّم ا حف‪$‬ظ العق‪$‬ل؛‬

‫فيكون بالعلم النافع والتفُّك ر في خلق هللا‪ ،‬وأّما حفظ النسل؛ فكان بوضع الُعقوبات لمن يعتدي على النسل بالعالقات الُمحرمة‪ ،‬وأّما حفظ الم‪$‬ال؛ فق‪$‬د أم‪$‬ر هللا‬

‫باكتس‪$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$‬ابه ب‪$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$‬الحالل‪ ،‬وح‪ّ$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$‬رم الوس‪$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$‬ائل المؤّدية ألخ‪$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$‬ذه ب‪$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$‬الحرام‪]٢٩[.‬‬

‫إق‪$$$$$$$$$$$$‬رأ المزيد على موض‪$$$$$$$$$$$$‬وع‪.‬ك‪$$$$$$$$$$$$‬وم‪https://mawdoo3.com/%D9%85%D8%A7_%D9%87%D9%8A_ :‬‬

‫_‪%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8%A6‬‬

‫‪ %D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85‬في المرتبة الثانية و يشمل جميع أن‪$$‬واع‬


‫القوانين العادية التي تصدر عن السلطة التشريعية‪ ،‬التشريع الفرعي و يأتي في المرتبة الثالثة و يقصد ب‪$$‬ه‬
‫الل‪$$‬وائح ال‪$$‬تي تختص الس‪$$‬لطة التنفيذية بوض‪$$‬عها‪ ،‬وهي على ثالث‪$$‬ة أن‪$$‬واع ‪ :‬الل‪,,‬وائح التنفيذي‪,,‬ة‪ ،‬الل‪,,‬وائح‬
‫التنظيمية‪ ،‬لوائح الضبط والبوليس‪.‬‬
‫*هل يمكن للتشريع الفرعي أن يحل محل التشريع العادي؟‬
‫اذا كان االصل أن السلطة التشريعية هي صاحبة االختصاص بسن التش ريع الع ادي‪ ،‬إال أن ه يمكن ان تح ل‬
‫السلطة التنفيذية محلها في سنه على سبيل االستثناء في حالتين‪ :‬حالة الضرورة‪ ،‬وهي تحصل في ف ترة ح ل‬
‫المجلس المختص بسن التشريع العادي كما اذا استدعى هذا االمر حصول احداث تقتضي االسراع في اتخاذ‬
‫التدابير الالزمة لمواجهتها عن طريق اصدار ق رارات له ا ق وة الق انون‪ ،‬وفي ه ذه الحال ة يطل ق على ه ذا‬
‫التشريع بتشريع الضرورة؛ حالة التفويض او التخويل‪ ،‬حيث تخول السلطة التشريعية السلطة التنفيذية حق‬
‫اصدار قرارات لها قوة القانون في حدود ماتخول به هذه السلطة‪ ،‬ويطلق عليه بتشريع التفويض‪.‬‬

‫‪)02‬المعيار المعتمد في تحديد مصادر القانون‬


‫تعتمد الدولة على المصادر الرسمية كمعيار لتحديد مصادر القانون‪ ،‬حيث تنص المادة األولى من القانون‬
‫المدني الجزائري على ما يلي ‪ " :‬يسري القانون على جميع المسائل التي تتناولها نصوصه في لفظها أو‬
‫في فحواها ‪ .‬وإذا لم يوجد نص تشريعي‪ ،‬حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة اإلسالمية‪ ،‬فإذا لم يوجد‬
‫فبمقتضى العرف‪ ،‬فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة ‪ ".‬و يتضح من خالل‬
‫هذا النص أن المصادر الرسمية للقانون هي كل من ‪ :‬التشريع‪ ،‬مبادئ الشريعة االسالمية‪ ،‬العرف‪ ،‬مبادئ‬
‫القانون الطبيعي وقواعد العدالة‪.‬‬

You might also like