Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 16

‫جملة احلكمة للدراسات الفلسفية‬

‫اجمللد‪/8‬الع ــدد‪ ،)2020( 01 :‬ص ‪.. -..‬‬ ‫‪Eissn :2602-5264 Issn : 2353-0499‬‬

‫مفهوم العصبية ونشأة الدولة في الفكر الخلدوني‬


‫‪The concept of asabiyyah and the emergence of the state in Khaldouni‬‬
‫‪thought‬‬
‫د‪ .‬زينب بومهدي‪1‬‬

‫‪ 1‬جامعة مولود معمري تيزي وزو (اجلزائر)‪zineb.boumehdi@ummto.dz ،‬‬


‫تاريخ االستالم‪ 0202/../.. :‬تاريخ القبول‪ 0202/../.. :‬تاريخ النشر‪0202/../.. :‬‬

‫ملخص‪:‬‬
‫يعد ابن خلدون واحدا من أهم فالسفة التاريخ الذين قدموا نظرية يف نشأة الدولة قامت هذه‬
‫النظرية على فكرة القوة والغلبة من جهة ونظرية العصبية من جهة أخرى‪ ،‬أصبحت من أهم نظريات الفكر‬
‫السياسي املفسرة لقيام ونشأة الدول وزواهلا‪ ،‬إستقرأ من خالهلا ابن خلدون السياسي اإلسالمي منذ قيامه‬
‫إىل غاية اللحظة الزمنية للفكر اخللدوين‪.‬‬
‫وهلذا نروم من خالل هذا املقال االنفتاح على العديد من املفاهيم والتصورات الفكرية اليت حاول‬
‫من خالهلا العالمة ابن خلدون تقدمي تصور فلسفي تارخيي ألسباب نشأة الدول وقيامها وحىت زواهلا‬
‫واندثارها يف الفكر اإلسالمي‪.‬‬
‫كلمات مفتاحية‪ :‬القوة‪ ،‬الغلبة‪ ،‬الدولة‪ ،‬العصبية‪ ،‬ابن خلدون‪.‬‬
‫تصنيفات‪(... ،.... ،.... : JEL‬وضع ترميز ‪ JEL‬إجباري)‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪Ibn khaldun is considered one of the most important philosophers of‬‬
‫‪history who presented a theory on the emergence of the state, this theory‬‬
‫‪was based on the idea of power and dominance on the one hand and the‬‬
‫‪theory of neurosis on the other hand, It became one of the most important‬‬
‫‪theories of political thought.‬‬
‫‪That is why we seek through this article an openness to many concepts‬‬
‫‪and intellectual perceptions through which the scholar ibn khaldun tried to‬‬

‫‪1‬‬
‫زينب بومهدي‬

‫‪present a philosophical historical conception of the reasons for the‬‬


‫‪emergence and establishment of states and even their demise and extinction‬‬
‫‪in islamic thought.‬‬
‫‪Keywords power, victory, state, nervousness, ibn khaldun .‬‬
‫‪JEL Classification Codes:‬‬

‫‪ .1‬مقدمة‪:‬‬
‫اعتربت الدولة تلك الظاهرة السياسية اليت شغلت مبواضيعها املتشعبة جل الفالسفة واملفكرين وحىت‬
‫السياسيني‪ ،‬فبحثوا يف مفهومها واهتموا بشكل كبري يف اخلوض يف أسباب نشأهتا وظهورها‪ ،‬وهذا منذ‬
‫الفكر اليوناين الذي أرسى نظريات يف الفكر السياسي‪ ،‬وصوال إىل الفكر اإلسالمي وحىت الفكر الغريب‬
‫احلديث واملعاصر‪.‬و ابن خلدون أحد ممثلي الفكر اإلسالمي و أقطابه دون منازع‪ ،‬و هذا ألنه قدم نظرية‬
‫يف تفسري نشأة الدولة كانت مبثابة عصارة تأمل فكري واطالع على كتب السابقني ونظرياهتم السياسية و‬
‫معاينة ألحوال اجملتمع العريب اإلسالمي‪ ،‬و يدرج الباحثون نظرية ابن خلدون* يف تفسري نشأة الدولة ضمن‬
‫نظرية القوة و الغلبة تلك النظرية اليت ترى أن الدولة هي نتاج القوة املادية ألن العصبية تولّد القوة كما أهنا‬
‫مظهر من مظاهر القوة و من هنا انصب اهتمامنا للبحث يف هذا املوضوع رغم أنه مت تناوله من قبل‬
‫العديد من الدراسات وهذا حىت نسهم ولو بالقليل يف هذا املوضوع‪ ،‬وجاءت إشكالية البحث كالتايل‪:‬‬
‫كيف جاءت قراءة ابن خلدون لنشأة الدول يف التاريخ السياسي اإلسالمي ؟ و ما هي عوامل ازدهار‬
‫الدول و أسباب زواهلا ؟ ما املقصود بالعصبية يف الفكر اخللدوين؟ وكيف ميكن هلا أن تكون األساس يف‬
‫قيام الدول وزواهلا يف وقت واحد ؟ كيف تساهم يف نقل السلطة من عهد البداوة إىل عهد احلضارة؟ ما‬
‫األسباب اليت تؤدي إىل فساد العصبية وزوال شوكتها ومن مثة اهنيار الدول واضمحالهلا؟ ماهي نظرة ابن‬
‫خلدون حلركة التاريخ اإلسالمي؟ هل هي تسري يف خط مستقيم أم يف حركة دائرية؟ كل هذه التساؤالت‬
‫سنحاول اإلجابة عليها بالبحث والتحليل مستخدمني املنهج التارخيي الوصفي واملنهج التحليلي من جهة‬
‫أخرى وهذا يف استقرائنا للفكر اخللدوين‪.‬‬
‫__________________________________________‬
‫املؤلف املرسل‪ :‬زينب بومهدي‬

‫‪2‬‬
‫مفهوم العصبية ونشأة الدولة يف الفكر اخللدوين‬

‫‪ .2‬مفهوم العصبية ‪:‬‬


‫حىت نتحدث عن الدولة و نشأهتا و تطورها علينا التحدث أوال عن العصبية و هذا ألهنا أساس‬
‫قيام الدولة كما أهنا مفهوم معقد يستوجب منا حتليال دقيقا له و هلذا سنحاول تقدمي تعريفا هلا مث تبيان‬
‫دور العصبية يف تشكيل الدول ألن ابن خلدون جعل منها مفتاح قيام الدول و اهنيارها؛ و إذا كان هو قد‬
‫عٌرف بأنه استخدم هذا املصطلح و أصبح حمور مفاهيمه كلها إالّ أن هذا املصطلح ليس من املصطلحات‬
‫اليت ابتكرها ابن خلدون ألن العصبية كانت موجودة عند العرب وتعين احلمية والذود عن القبيلة وكذا‬
‫الدفاع عنها و فخر النسب و عليه '' كانت شائعة االستعمال يف اللغة العربية‪ ،‬خاصة بعد اإلسالم الذي‬
‫صرف معناها إىل الداللة على التنازع و الفرقة و االعتداد باألنساب‪ ،‬و ذلك يف مقابل الدين الذي يدعو‬
‫إىل الوحدة و التآخي و تآلف القلوب '' ( اجلابري‪ ،1991 ،‬ص ‪. )111‬‬
‫‪ .1.2‬يف املفهوم اللغوي‪:‬‬
‫حىتىتىت نتعىتىترف علىتىتى العصىتىتبية يف املفهىتىتوم اللغىتىتوي علينىتىتا بىتىتالعودة إىل املعىتىتاجم اللغويىتىتة ففىتىتي لسىتىتان العىتىترب‬
‫البن منظور ورد أن '' العصبة‪ :‬هي األقارب من جهة األب ألهنم يعصبونه‪ ،‬ويعتصب هبىتم‪ ،‬أي ييطىتون بىته‬
‫ويش ىتىتتد هب ىتىتم‪ ،‬ويف احل ىتىتديث‪ :‬ل ىتىتيس من ىتىتا م ىتىتن دع ىتىتا إىل عص ىتىتبية أو قات ىتىتل عص ىتىتبية‪ ،‬العص ىتىتبية والتعص ىتىتب‪ :‬ا ام ىتىتاة‬
‫واملدافعة‪ ،‬وتعصبنا له ومعه‪ :‬نصرناه‪ ،‬وعصبة الرجىتل‪ :‬قومىته الىتذين ينعصىتبون لىته ‪ ...‬وعصىتب القىتوم‪ :‬خيىتارهم‬
‫وعصبوا به‪ :‬اجتمعوا حوله'' ( ابن منظور‪ ،‬ص ‪ ،)0911‬وعليه يفهم من هذا املعىت أن املتعصىتب للشىتيء‬
‫هو امليل الشديد إليه‪.‬‬
‫و هناك لفظ آخر من األلفاظ املشتقة مىتن نفىتس املصىتدر كىتذلك و هىتو '' التعصىتب الىتذي يعىتين ‪ :‬لغىتة ‪:‬‬
‫التجمع و لكنه ال يعين التجمع احلسي بل التجمع "املعنوي" و بالتايل فهو شىتعور الفىترد بأنىته جىتزء ال يتجىتزأ‬
‫مىتىتن العصىتىتبة الىتىتيت ينتمىتىتي إليهىتىتا بىتىتل هىتىتو اسىتىتتعداد دائىتىتم يف نفىتىتس الوقىتىتت يدفعىتىته إىل جتسىتىتيم هىتىتذا االنتمىتىتاء إىل‬
‫شخصىتىتية‬ ‫العصىتىتبة بفنائىتىته فيهىتىتا فنىتىتاءا كليىتىتا‪ ،‬إن الفىتىترد يف هىتىتذه احلالىتىتة يفقىتىتد شخصىتىتيته بىتىتل فرديتىتىته‪ ،‬و يىتىتتقم‬
‫العصبة ''( اجلابري‪ ،1991 ،‬ص ‪. ) 111‬‬

‫‪3‬‬
‫زينب بومهدي‬

‫و حسب عبد الغين مغريب '' فكلمة العصبية كلمة عربية األصل‪ ،‬مشتقة من لفظ "عصب" الذي‬
‫يعين حرفيا ‪ :‬ربط‪ ،‬جتمع‪ ،‬شد‪ ،‬أحاط‪ ،‬اجتمع ‪ ....‬مث أن عدد من الكلمات املشتقة من نفس األصل‬
‫تتضمن نفس الفكرة ‪ :‬عصب ( جعل شخصا على رأس حزب )‪ ،‬تعصب‪.‬‬
‫( عصب رأسه بعصابة‪ ،‬كان متعصبا ) إنعصب ( أصبح قاسيا )‪ ،‬عصب (عمامة)‪ ،‬عصب ( خنبة قبلية )‬
‫عصابة ( مجاعة من الرجال ) ‪ ....‬اخل '' ( مغريب‪ ،1911 ،‬ص ‪. ) 111‬‬
‫‪ .2.2‬يف املفهوم االصطالحي‪:‬‬
‫يتضح من هنا أن العصبية هي رابطة تعمل على اجلمع بىتني أفىتراد اجلماعىتة الواحىتدة ذات صىتلة دمويىتة‬
‫أو صالت جوارية‪ ،‬و جتمعهم تلك الرابطة يف أوقات الش ّدة و هذا ما يؤكىتد عليىته ابىتن خلىتدون يف قولىته '' و‬
‫ذلك أن صلة الرحم طبيعي يف البشر إالّ يف األقل و من صىتلتها النعىترة علىتى ذوي القىتر و أهىتل األرحىتام أن‬
‫يناهلم ضيم‪ ،‬أو تصيبهم هلكة فإن القريب جيد يف نفسه غضاضة من ظلم قريبىته أو العىتداء عليىته‪ ،‬و يىتود لىتو‬
‫يىتىتول بينىتىته و بىتىتني مىتىتا يصىتىتله مىتىتن املعاطىتىتب و املهالىتىتك نزعىتىتة طبيعيىتىتة يف البشىتىتر مىتىتذ كىتىتانوا‪ ،‬فىتىتإذا كىتىتان النسىتىتب‬
‫املتواصل بىتني املتناصىتريين قريبىتا جىتدا حيىتث حصىتل بىته االحتىتاد و االلتحىتام كانىتت الوصىتلة ظىتاهرة ‪ ،‬فاسىتتدعت‬
‫ذلك مبجردها و وضوحها‪ ،‬و إذا بعد النسب بعض الشيء فرمبا تنوسي بعضها و يبقى منها شىتهرة فتحمىتل‬
‫علىتىتى النصىتىترة لىتىتذوي نسىتىتبة األمىتىتر املشىتىتهور منىتىته ‪ ،‬فىترارا مىتىتن الغضاضىتىتة الىتىتيت يتووهىتىتا يف نفسىتىته مىتىتن ظلىتىتم مىتىتن هىتىتو‬
‫منسوب إليه بوجه '' ( ابن خلدون‪ ،1911 ،‬ص ‪.) 001‬‬
‫اختلف مفهوم العصبية عند املفكرين باختالف القراءات للمقدمة فهناك من رآها أهنا تعين‬
‫''التماسك االجتماعي'' أو ''روح التضامن'' أو ''االلتحام القبلي'' أو ''القرابة بالعصب'' أو ''الذهنية‬
‫العشائرية''‪ ،‬غري أن كل هذه املفاهيم قد ال تؤدي إىل املع احلقيقي الذي يقصده صاحب املقدمة‪ ،‬ففي‬
‫قراءة احلبايب للعصبية يرى أهنا الروابط احليوية والروح العشائرية القائمة على حلمة الدم‪ ،‬فهي األساس الذي‬
‫من خالله تقام كل العالقات السياسية واالجتماعية بني أفراد القبيلة الواحدة‪ ،‬وهي يف نفس الوقت القوة‬
‫اليت تتالحم هبا جمموعة من القبائل لتحتمي وتقوي شوكتها‪ ،‬وهي قوة الدم املشرتك اليت حترك كل ميادين‬

‫‪4‬‬
‫مفهوم العصبية ونشأة الدولة يف الفكر اخللدوين‬

‫احلياة داخل القبيلة وجتعله يلتف حول رئيس عسكري أو سلطة أسرية واحدة لتكون بذلك اللبنة األوىل‬
‫لقيام الدولة( احلبايب‪ ،0221 ،‬ص ‪.) 11‬‬
‫‪ .3‬ضرورة الدولة من ضرورة االجتماع البشري ‪:‬‬
‫اإلنسان مدين بطبعه ال يستطيع العيش دون اجتماع و هذه النزعة حىت و إن كانت طبيعية فيه فهو تدفعه‬
‫إليها حاجته‪ ،‬و هذا للحصول على معاشه ألنه ال يستطيع أن يققها دون وجود اآلخرين‪ ،‬فاحلاجات‬
‫اإلنسانية تلعب دورا بارزا يف نشأة العمران البشري و تطوره وبقاء اإلنسان‪ ،‬و من مث اجلماعات البشرية‬
‫ككل و لكن اإلنسان يف نفس الوقت ميّال إىل حب التملك و السيطرة و هلذا حتدث املنازعات و‬
‫االختالفات بني بين البشر‪ ،‬وهذه الفكرة هي نفسها اليت سنجدها عند الفيلسوف االجنليزي توماس‬
‫هوبز‪ 1111 ( Thomas Hobbes‬ىت ‪ ) 1169‬القائلة أن "اإلنسان ذئب ألخيه اإلنسان "‪ ،‬و‬
‫عليه و حىت يضمن بقاءه و استمراره يتاج إىل محاية و قانون و سلطة أو بلغة ابن خلدون هو حاجة إىل‬
‫الوازع ألنه ضرورة من ضرورات االجتماع البشري ‪ .‬و عليه فدور الوازع هو ردع املعتدي و إيقافه عن‬
‫التعدي على اآلخرين و هذا ما أقره ابن خلدون حني قال '' مث إن االجتماع إذا حصل للبشر كما قررناه‬
‫و مت عمران العامل هبم فالبد من وازع يدفع بعضهم عن بعض ملا يف طباعهم احليوانية من العدوان و‬
‫الظلم'' ( ابن خلدون‪ ،1911 ،‬ص ‪. ) 011‬‬
‫جاءت فكرة الوازع عند ابن خلدون كحل للتناقض احلاصل بني ما نسميه اجتماعية اإلنسان‬
‫(اإلنسان مدين بطبعه) ال يستطيع أن يعيش مبعزل عن اآلخرين و هذا حىت يستقيم وجوده‪ ،‬و من جهة‬
‫أخرى الطبع العدواين املوجود يف البشر ألهنم '' و إذا اجتمعوا دعت الضرورة إىل املعاملة و اقتضاء‬
‫احلاجات‪ ،‬و م ّد كل واحد منهم يده إىل حاجته يأخذها من صاحبه‪ ،‬ملا يف الطبيعة احليوانية من الظلم و‬
‫العدوان بعضهم على بعض‪ ،‬و ميانعه اآلخر عنها مبقتضى الغضب و األنفة و مقتضى القوة البشرية يف‬
‫ذلك ‪ ،‬فيقع التنازع املفضي إىل املقاتلة ‪ ،‬و هي تؤدي إىل اهلرج و سفك الدماء‪ ،‬و إذهاب النفوس‪،‬‬
‫املفضي ذلك إىل انقطاع النوع‪ ،‬و هو مما خصه الباري سبحانه با افظة‪ ،‬و استحال بقائهم فوضى دون‬

‫‪5‬‬
‫زينب بومهدي‬

‫حاكم يزع بعضهم عن بعض و احتاجوا من أجل ذلك إىل الوازع و هو احلاكم عليهم‪ ،‬و هو مبقتضى‬
‫الطبيعة البشرية امللك القاهر املتحكم '' ( ابن خلدون‪ ،1911 ،‬ص ‪. ) 333‬‬
‫ويستمر ابن خلدون يف التأكيد على هذه الفكرة فهو يقول هذه املرة أن ''أخالق البشر فيهم الظلم‬
‫و العدوان بعض على بعض ‪ ،‬فمن امتدت عينه إىل متاع أخيه امتدت يده إىل أخذه إال أن يصده وازع ''‬
‫( ابن خلدون‪ ،1911 ،‬ص ‪ ،) 100‬و عليه جاءت احلاجة إىل الوازع مفروضة من طبيعة اإلنسان ذاته‬
‫باعتباره كائنا جمبوال على اخلري و الشر معا ‪ :‬على التعاون و العدوان‪ ،‬إن قيام احلياة االجتماعية و بالتايل‬
‫بقاء اإلنسان يتطلب وجود نوع من السلطة حتفظ للمجتمع متاسكه‪ ،‬و تعمل على تقوية التعاون بني‬
‫أفراده‪ ،‬و كبح عدوان بعضهم على بعض سواء كأفراد أو كجماعات ‪.‬‬
‫و بالرغم من أن احلاجة إىل الوازع و من مث االستعداد إىل تقبل الرياسة فرضتها طبيعة البشر و بالرغم‬
‫من أن هناك تشابه بني اإلنسان و بعض احليوانات اليت تصنع جتمعات و متيل إىل االنقياد و اإلتباع مثل‬
‫النحل إالّ أن يف احليوان موجود مبقتضى الفطرة و اهلداية‪ ،‬يف حني أن مع اإلنسان هذا ''االستعداد موجود‬
‫مبقتضى الفكر و السياسة وهو استعداد طوعي أرادي اختياري ‪ ،‬تفرضه احلاجة و تدعو إليه ضرورة‬
‫االجتماع اإلنساين ''( النبهان‪ ،1991 ،‬ص ‪) 119‬؛ فالوازع هو مبثابة السلطان القاهر و ال ميكن له‬
‫أن يكون قاهرا ما مل يعتمد على عصبية هي بدورها قاهرة‪ ،‬متكنه من التحكم و التغلب و ممارسة امللك‬
‫التام من جباية األموال و بعث البعوث و محاية الثغور ‪.‬‬
‫قسم ابن خلدون العمران إىل عمران بدوي و عمران حضري و كان هذا التقسيم نتيجة اختالف‬ ‫ّ‬
‫طرق كسب املعاش‪ ،‬و بعدها رأى أن اختالف العيش بني البداية و املدينة يفرض اختالف الوازع‪ ،‬ألن‬
‫احلياة يف البادية قائمة على البساطة و الفطرة و هذا راجع إىل الفالحة باعتبارها النحلة املعاشية السائدة‬
‫هناك‪ ،‬يف حني أن احلياة يف املدن تكون معقدة و هي قائمة على الصنائع و لذلك فهي '' مركبة و علمية‬
‫تتصرف فيها األفكار و األنظار مبختلف التصرفات و احليل '' ( ابن خلدون‪ ،1911 ،‬ص ‪. ) 199‬‬
‫إذن خيتلف الوازع من البادية إىل املدينة ألن بساطة العيش يف البادية تفرض ضرورة أن يكون الوازع‬
‫طبيعيا و فطريا متوافقا مع نظم العيش هناك‪ ،‬يف حني أن احلياة املعقدة اليت تعاش يف احلضر ستضفي نوع‬

‫‪6‬‬
‫مفهوم العصبية ونشأة الدولة يف الفكر اخللدوين‬

‫من التعقيد و كذا الرتكيب على الوازع السائد فيها '' فالوازع عن الظلم يف احلضر إمنا هو السلطان القائم‬
‫بالدولة الغالبة ‪ ،‬ويف البدو ‪ ...‬فاملشايخ و الكرباء ملا وقر هلم يف النفوس من الوقار و التجلة '' ( األزرق‪،‬‬
‫‪ ،1966‬ص ‪ ،) 11‬و ال يتوقف األمر عند هذا فقط فكذلك العدوان خيتلف باختالف منط احلياة‬
‫فالعدوان يف البادية خيتلف عن العدوان يف املدينة ‪ ،‬و عليه سيختلف الوازع باختالف العدوان ( اجلابري‪،‬‬
‫‪ ،1991‬ص ‪. ) 111‬‬
‫فهناك عدوان داخلي و عدوان خارجي فاألول متعلق باألفراد حني يعتدون على بعضهم البعض سواء‬
‫كان ذلك يف البدو أو يف احلضر‪ ،‬و الثاين متعلق بالعدوان اخلارجي و هو عدوان على املدينة كلها و هذا‬
‫ما يؤكده ابن خلدون يف قوله '' فأما املدن و األمصار فعدوان ( الناس ) بعضهم على بعض تدفعه احلكام‬
‫و الدولة مبا قبضوا على أيدي من حتتهم من الكافة أن ميتد بعضهم على بعض أو يعدو عليه‪ ،‬فإهنم‬
‫مكبوحون حَ َكمه القهر و السلطان عن التظامل‪ ،‬إال إذا كان ذلك عن احلاكم نفسه و أما العدوان الذي‬
‫سياج األسوار عند الغفلة أو الغرة ليال‪ ،‬أو العجز عن املقاومة هنارا‪ ،‬أو يدفعه ذياد‬
‫من خارج املدينة فيدفعه ُ‬
‫احلامية من أعوان الدولة عند االستعداد و املقاومة‪ ،‬هذا فيما يتعلق بالوازع يف العمران احلضري و أما‬
‫أحياء البدو فيزع بعضهم عن بعض مشاخيهم و كرباؤهم مبا وقر يف نفوس الكافة هلم من الوقار و التجلة‪،‬‬
‫و أما حللهم فإمنا يذود عنها من خارج حامية احلي أجنادهم و فتياهنم املعروفني بالشجاعة فيهم ‪ .‬و ال‬
‫يصدق دفاعهم و ذيادهم إال إذا كانوا عصبية و أهل نسب واحد‪ ،‬ألهنم بذلك تشتد شوكتهم و خيشى‬
‫جانبهم‪ ،‬إذ نصرة كل واحد نسبه و عصبيته أهم ''( ابن خلدون‪ ،1911 ،‬ص ‪. ) 103 ،100‬‬
‫و عليه ينطلق ابن خلدون من جمموعة مسلمات حىت يثبت من خالهلا ضرورة قيام الدولة و هذه‬
‫املسلمات هي ‪:‬‬
‫‪ .1‬اإلنسان اجتماعي بطبعه‬
‫‪ .0‬العمران ال يتحقق إالّ باالجتماع‬
‫‪ .3‬االجتماع ال يتم إالّ بوجود الوازع و هذا راجع للطبيعة العدوانية يف البشر‬
‫‪ .1‬أداة الوازع هي القهر و القوة و الغلبة و السلطان‬

‫‪7‬‬
‫زينب بومهدي‬

‫إذن و كما بينا فيما سبق يتاج اإلنسان إىل سلطة توفر له احلماية أو كما مساها ابن خلدون الوازع‬
‫و من هنا ضرورة االجتماع البشري هي اليت فرضت وجود الدولة‪ ،‬و لكن الدولة ال تنشأ إال بالعصبية‬
‫فكيف يكون ذلك ؟ هذا ما سنعمل على تبيانه يف ما يلي ‪.‬‬
‫‪ .4‬العصبية و الدولة ‪ /‬القوة أساس نشأة الدولة ‪:‬‬
‫احتل موضوع الدولة حيزا هاما يف فكر ابن خلدون و يف كتاباته‪ ،‬و يف كتاب املقدمة بالتحديد‬
‫ثلث املقدمة من أجل اخلوض يف هذا املوضوع‪ ،‬و أن مباحث الباب الثالث تتناول الدول‬ ‫فهو قد خص‬
‫العامة و امللك و اخلالفة و املراتب‪ ،‬فالدولة كانت ا ور األساسي يف الفلسفة اخللدونية و لكن ما ميكن‬
‫التأكيد عليه هو أن ابن خلدون و رغم أنه يستخدم هذا املصطلح بشكل كبري يف املقدمة إالّ أنه مل يقدم‬
‫له تعريفا حمددا و واحدا ‪ ،‬فهي تظهر ىت الدولة ىت عنده مبفهوم امللك تارة و تظهر أحيانا أخرى كمرادف‬
‫للسلطان فهو حني يقول ‪ '' :‬إن العمران كله من بداوة و حضارة و ملك له عمر حمسوس كما أن‬
‫الواحد من أشخاص املكونات عمرا حمسوسا '' ( ابن خلدون‪ ،1911 ،‬ص ‪ ) 361‬؛ و يف‬ ‫للشخ‬
‫مواضع أخرى جنده يتحدث عن الدولة و امللك كل يف سياقه ‪ ،‬و كأنه كل خيتلف عن األخر فهو يقول ''‬
‫إن الدولة و امللك هي صورة اخلليقة'' ( ابن خلدون‪ ،1911 ،‬ص ‪ ، ) 061‬ليعود مرة أخرى و يأيت‬
‫كالمه ليوحي بأن أحدوا سابق يف وجوده عن اآلخر إذ يقول '' إن الدولة إمنا يصل هلا امللك و‬
‫االستيالء بالغلب '' ( ابن خلدون‪ ،1911 ،‬ص ‪ ) 361‬وهنا تظهر الدولة سابقة على امللك ‪ ،‬و يف‬
‫حديثه عن العصبية يقول '' إن امللك و الدولة غاية للعصبية '' ( ابن خلدون‪ ،1911 ،‬ص ‪ ) 361‬؛ و‬
‫هنا جنده جيمع بينهما لكن يرجع مرة أخرى ليأخذ أحدوا مكان األخر حىت يعرب عن نفس املع فيقول‬
‫'' إن امللك غاية طبيعية للعصبية '' ( ابن خلدون‪ ،1911 ،‬ص ‪.) 020‬‬
‫و تلعب العصبية أدورا عدة يف احلياة االجتماعية و كذا السياسية فهي حتمل األفراد على التعاضد‬
‫فيما بينهم ألنه و من خالهلا فقط تكون احلماية و املدافعة‪ ،‬كما أن البشر مييلون إىل إقامة امللك و إلقامته‬
‫يتطلب ذلك املنافسة و الصراع و من مث االقتتال حىت يصل امللك‪ ،‬و هذا أمر طبيعي يف البشر‪ ،‬و هذا‬
‫بدوره يتاج إىل العصبية ألن الرئاسة يف نظر ابن خلدون ال تكون إالّ بالغلب و الغلب إمنا يكون بالعصبية‬

‫‪8‬‬
‫مفهوم العصبية ونشأة الدولة يف الفكر اخللدوين‬

‫'' و العصبية هي سبب مباشر لقيام امللك و هي سبب مباشر أيضا الهنيار ذلك امللك‪ ،‬ألن العصبية هي‬
‫حمور أساسي من ا اور اليت اعتربها ركائز الفكر السياسي‪ ،‬و خباصة يف جمتمع قبلي تتحكم فيه معايري‬
‫القوة و السيطرة و التغلب‪ ،‬و هذه عوامل ال ميكن بروزها إالّ يف ظل عصبية قوية تعطي مع التكاتف و‬
‫التالحم و التناصر '' ( النبهان‪ .)111 ،1991 ،‬نصل مع ابن خلدون إىل أن كل شيء يف الدولة متعلق‬
‫ب العصبية وحالتها وكذا حال عصبيات األقوام الداخلة حتت لوائها فالتشييد والبناء واتساع الرقعة وقوة‬
‫السلطة كل ذلك مرتبط بالعصبية‪ ،‬ومدى قوهتا‪ ،‬والقوة املقصودة يف الفكر اخللدوين ال تعين إطالقا كثرة‬
‫العدد بقدر ما تعين قوة التالحم والتعاضد‪ ،‬وكذا االنسجام بني العناصر املكونة هلا‪.‬‬
‫و عليه تنشأ الدولة يف الفكر اخللدوين نتيجة القوة أو التغلب القائم على العصبية ألهنا هي ا رك‬
‫لسري التاريخ و بقوهتا تقوم الدولة وبضعفها تضعف الدولة‪ ،‬و تأيت أقوال ابن خلدون متتالية لتؤكد قيام‬
‫الدولة على القوة و أن امللك هو التغلب و احلكم بالقهر فهو يقول ‪ '' :‬الرئاسة ال تكون إالّ بالتغلب و‬
‫الغلب إمنا يكون بالعصبية '' امللك إمنا يصل بالتغلب و التغلب إمنا يكون بالعصبية '' و أيضا '' و ملا‬
‫كانت الرياسة إمنا تكون بالغلب وجب أن تكون عصبية ذلك النصاب أقوى من سائر العصائب ليقع‬
‫الغلب هبا و يتم الرياسة ألهلها‪ ،‬فإذا وجب ذلك تعيني أن الرياسة عليهم ال تزال يف ذلك النصاب‬
‫املخصوص بأهل الغلب عليهم '' ( ابن خلدون‪ ،1911 ،‬ص ‪. ) 199 ،191‬‬
‫و مييز ابن خلدون بني نوعني من العصبية عصبية عامة و أخرى خاصة فالعامة تكون أكثر اتساعا و‬
‫أقل ترابطا و جيمعها نسب عام‪ ،‬يف حني أن العصبية اخلاصة جيمعها نسب خاص أو قريب فتشكل‬
‫عصبية خاصة و هو يقول يف هذا الصدد '' و النعرة تقع من أهل نسبهم املخصوص و من أهل النسب‬
‫العام إال أهنا يف النسب اخلاص أشد لقرب احلمية '' ( ابن خلدون‪ ،1911 ،‬ص ‪. ) 032‬‬
‫و من هنا ستكون العصبية عند ابن خلدون مبثابة '' رابطة دفاع أو قوة مواجهة‪ ،‬تنتظم العالقات‬
‫اخلارجية للمجموعات املتساكنة يف البادية‪ ،‬عالقاهتا بعضها مع بعض‪ ،‬و عالقتها مع الدولة'' ( اجلابري‪،‬‬
‫‪ ،1991‬ص ‪) 111‬؛ و ألن حث ابن خلدون متمركزا حول الدولة و الدولة عنده ترتكز هي األخرى‬
‫على العصبية ‪ ،‬ما جعله يعتمد عليها يف تفسري حوادث التاريخ اإلسالمي إال أن ما يؤكد عليه الدارسني‬

‫‪9‬‬
‫زينب بومهدي‬

‫للفكر اخللدوين هو أن اهتمام ابن خلدون بالعصبية جاء من جانب واحد و هو اجلانب السياسي أو كما‬
‫يقول اجلابري أن ما كان ''يهم ابن خلدون يف العصبية هو النتائج السياسية اليت ترتتب عليها يف أعلى‬
‫درجات وجودها‪ ،‬و أرقى مراحل تطورها‪ ،‬أي تلك املرحلة اليت تصبح فيها العصبية عبارة عن اتفاق‬
‫األهواء على املطالبة'' ( اجلابري‪ ،1991 ،‬ص ‪. ) 111‬‬
‫و من املنظور اخللدوين العصبية شعور داخلي يربط بني أفراد القبيلة يف حالة تعرض قبيلتهم للعدوان و‬
‫حىت يف حالة تعرض أحد أفرادها للعدوان فهم يعتربونه اعتداء على القبيلة كلها‪ ،‬هذا الشعور يولد التالحم‬
‫و التعاون ملواجهة األخطار و من هنا تعمل العصبية على تقوية رابطة التعاون ‪ ،‬غري أن تلك الرابطة تضل‬
‫ضعيفة ما مل تكن هناك شخصية تكون هي الرئيس و تعمل على قيادة اجلميع و هذا ال يتم إالّ عن طريق‬
‫الغلب سواء بالنسبة لتصارع العصبيات املختلفة أو بالنسبة للعصبيات الفرعية بالنسبة للعصبية األصلية‬
‫ألن '' الرياسة ال تكون إالّ بالغلب‪ ،‬و الغلب إمنا يكون بالعصبية ‪ ...‬فالبد يف الرياسة على القوم أن‬
‫تكون من عصبية غالبة لعصبياهتم واحدة واحدة‪ ،‬ألن كل عصبية منهم إذا أحست بغلب عصبية الرئيس‬
‫هلم أقروا باإلذعان و اإلتباع '' ( ابن خلدون‪ ،1911 ،‬ص ‪. ) 031‬‬
‫قلنا أن العصبية هي مبثابة ا رك األول لنشأة الدولة لكن هي وحدها غري كافية من الناحية األخالقية‬
‫يف اجملتمع اإلسالمي ألن '' العصبية كفكرة جمردة قد تكون النقيض ملفهوم اخلري العام املستمد من الشريعة‬
‫املنزلة‪ ،‬و لذا فإن ابن خلدون كان يرى بأن ال إمكانية لنشوء الدول املستقرة ما مل يتظافر اخلري العام و‬
‫الشريعة مع العصبية بشكل من األشكال'' ( حوراين‪ ،1911 ،‬ص ‪. ) 31‬‬
‫يرى ابن خلدون أن العالقة بني الدين و العصبية هي عالقة تآزر و تعاضد و تكامل ‪ :‬الدين يزيد‬
‫من قوة العصبية بالتخفيف من مظاهر التعصب و العصبية من جهتها متنح الدعوة الدينية قوة و فعالية‪،‬‬
‫فهو يلعب دورا مهما يف توطيد دعائم الدولة ألنه يذهب التنافس بني الناس و يعمل على التأليف بني‬
‫قلوهبم‪ ،‬و كذا صرف طبيعته العدوانية من أجل نشر دعوة التوحيد و إقامة جمتمع أفضل '' فإذا قام فيهم‬
‫النيب أو الويل الذي يبعثهم على أمر هللا و يذهب عنهم مذمومات األخالق و يأخذهم مبحمودها‪ ،‬و‬
‫يؤلف كلمتهم إلظهار احلق ‪ ،‬مث اجتماعهم و حصل هلم التغلب و امللك'' ( ابن خلدون‪ ،1911 ،‬ص‬

‫‪10‬‬
‫مفهوم العصبية ونشأة الدولة يف الفكر اخللدوين‬

‫‪ . ) 101‬إذن الدين ال يقضي على العصبية و إمنا يعمل على نقلها من إطارها الضيق املتعلق بالتعصب‬
‫للنسب اخلاص إىل إطار أوسع و هو متعلق بالتعصب للنسب العام و هو العقيدة الدينية ‪.‬‬
‫و عليه لعب اإلسالم هذا الدور من خالل دعوته إىل التوحيد و اإلخاء و املساواة بني البشر‬
‫فاستطاع أن جيمع القبائل و يوحدها و يدفعها إىل نشر اإلسالم‪ ،‬و من مث قيام الدول اإلسالمية الكربى‪،‬‬
‫ابن خلدون شكالن من الدول اليت يكون للدين دورا يف قيامها و تأسيسها فالشكل األول‬ ‫و لقد خ‬
‫'' الدولة العامة االستيالء‪ ،‬العظيمة امللك‪ ،‬أصلها الدين إما من نبوة أو دعوة حق‪ ،‬و ذلك ألن‬ ‫خي‬
‫امللك إمنا يصل بالتغلب و التغلب إمنا يكون بالعصبية و اتفاق األهواء على املطالبة‪ ،‬و مجع القلوب و‬
‫تأليفها إمنا يكون مبعونة من هللا يف إقامة دينه '' ( ابن خلدون‪ ) 131 ،1911 ،‬؛ أما الشكل الثاين‬
‫فيتمثل يف الدول اليت تقيم عقيدهتا على الشريعة اإلهلية لتأمني املصاحل الدينية و الدنيوية و هنا جند منوذج‬
‫دولة اخلالفة ‪.‬‬
‫حني نظر ابن خلدون ملسألة نشأة الدولة كانت انطالقته قائمة على بعدين وا أن الدولة تنشأ من‬
‫البداوة '' إن الدولة تكون يف أوهلا بدوية '' و هنا تكون العصبية ركيزهتا ألن العصبية تكون أكثر قوة يف‬
‫البداوة ‪ ،‬أما البعد الثاين فنشأة الدولة هي عبارة عن بداية للدورة التارخيية سياسيا و هذا ألن الدولة‬
‫ستتقدم كموضوع و مثرة للصراع و هلذا فهو يقرر أن العصبية ال ميكن هلا أن تأسس الدولة إالّ إذا توفر‬
‫شرطان أساسيان و وا وجود عصبية عامة جامعة لعصبيات متفرقة و الشرط الثاين هو وقوع الدولة يف‬
‫طور اهلرم ‪.‬‬
‫‪ .5‬الدولة وتطورها ‪ :‬من التأسيس إىل االضمحالل‬
‫للدولة عند ابن خلدون أعمار طبيعية وهي تنتقل خالل عمرها الذي ميتد من ‪ 12‬سنة إىل ‪102‬‬
‫سنة من الطفولة إىل الشباب إىل الشيخوخة ‪ ،‬و يرتبط كل شيء يف تطور الدولة عند ابن خلدون‬
‫بالعصبية و قوهتا‪ ،‬فإذا كانت الدولة قوية العصبية اتسع نطاقها و امتدت حدودها و دام عهدها‪ ،‬أما إذا‬
‫أصاهبا الضعف فإنه يف تلك احلالة ستفقد الدولة قوهتا‪،‬وهنا ينظر ابن خلدون إىل الدولة باعتبارها حكم‬

‫‪11‬‬
‫زينب بومهدي‬

‫عصبية معينة ويفسر تطورها من خالل مستويات يتم التعبري عنها على هذا النحو‪ 1 :‬الدولة هي صورة‬
‫ميلك‪ 0 ،‬الدولة هي صورة عصبية حتكم‪ 3 ،‬الدولة هي صورة عصبية غالبة وأخرى مغلوبة‪.‬‬ ‫شخ‬
‫يف املستوى األول نتحدث عن أطوار تطور الدولة وهي مخسة يف نظر ابن خلدون تكون البداية‬
‫بطور السعي إىل امللك و الظفر به بالغلبة و هذا بانتزاعه من أيدي الدولة السالفة قبلها و يكون صاحب‬
‫الدولة يف هذا الطور أسوة قومه يف اكتساب اجملد فهو يف هذا الطور ال ينفرد دوهنم بشيء منه‪ ،‬ألن ذلك‬
‫راجع إىل العصبية اليت هبا حصل امللك و هي مل تزل بعد حاهلا‪ ،‬و تظهر العصبية يف هذا الطور كمحرك‬
‫للتاريخ و صانعة له و موجهة ألحداثه‪ ،‬فالعالقات يف هذا الطور تتميز باملساوة و املشاركة‪ ،‬مث تنتقل‬
‫الدولة إىل الطور الثاين و هو '' طور االستبداد على قومه و االنفراد دوهنم بامللك‪ ،‬يف هذا الطور يعمل‬
‫صاحب الدولة على اصطناع الرجال و اختاذ املوايل و الصنائع‪ ،‬و االستكثار من ذلك جبدع أنوف عصبيته‬
‫و عشريته املقامسني له يف نسبه الضاربني معه يف امللك مبثل سهمه'' ‪.‬‬
‫أما الطور الثالث فهو '' طور الفراغ و الدعة لتحصيل مثرات امللك مما تنزع طباع البشر إليه من حتصيل‬
‫املال و ختليد اآلثار و بعد الصيت فيستفرغ وسعه يف اجلباية ‪ ...‬و تشييد املباين ‪ ...‬و إجازة الوفود ‪ ...‬و‬
‫اعرتاض ( استعراض ) جنوده ‪ ...‬فيباهي هبم الدول املساملة و يرهب الدول ا اربة ''‪ ،‬مث يأيت الطور الرابع‬
‫'' طور القنوع و املساملة‪ ،‬و يكون صاحب الدولة يف هذا قانعا مبا ب ّأولوه سلما ألنظاره من امللوك و‬
‫أمثاله‪ ،‬مقلدا للماضني من سلفه ''‪ ،‬فالقوة يف هذا الطور مل يعد هناك مربر لوجودها ما يؤدي إىل شيوع‬
‫ظاهرة التقليد و حذو النعل بالنعل ‪ ،‬و أخريا يأيت الطور اخلامس '' طور اإلسراف و التبذير ‪ ،‬و يكون‬
‫صاحب الدولة يف هذا الطور متلفا ملا مجع أولوه يف سبيل الشهوات و املالذ و الكرم على بطانته و يف‬
‫جمالسه ‪ ...‬فيكون خمربا ملا كان سلفه يؤسسون‪ ،‬و هادما ملا كانوا يبنون‪ ،‬و يف هذا الطور حتصل يف الدولة‬
‫منه‪ ،‬و ال يكون هلا منه برء إىل أن‬ ‫طبيعة اهلرم و يستويل عليها املرض املزمن ‪ ،‬الذي ال تكاد ختل‬
‫تنقرض '' ( ابن خلدون‪ ،1911 ،‬ص ‪. ) 191 -193‬‬

‫‪12‬‬
‫مفهوم العصبية ونشأة الدولة يف الفكر اخللدوين‬

‫كما يدد ابن خلدون عمر الدولة يف ثالث أجيال ‪ ،‬وهنا سيأيت احلديث عن املستوى الثاين‬
‫لتطور الدولة و يف هذه األجيال تتطور العصبية من القوة إىل الضعف و من االلتحام إىل االحنالل ‪ ،‬وهي‬
‫كالتايل‪:‬‬
‫اجليل األول من العصبية احلاكمة هو جيل بدوي بكل ما حتمله الكلمة من مع كما أنه ذا قوة وبأس‬
‫وهو الذي قام بالثورة والغزو‪ ،‬شخصية هذا اجليل تتميز بالقوة والشجاعة والدفاع عن الدولة بكل شراسة ‪،‬‬
‫ورغم أنه سينتقل إىل حياة احلضر يبقى '' على خلق البداوة و خشونتها و توحشها من شظف العيش و‬
‫البسالة و االفرتاس و االشرتاك باجملد ‪ ،‬فال تزال بذلك صورة العصبية حمفوظة فيهم فحدُّهم مرهف و‬
‫جانبهم مرهوب‪ ،‬و الناس هلم مغلوبني '' ( ابن خلدون‪ ،1911 ،‬ص ‪. )111‬‬
‫أما اجليل الثاين فهو خيتلف عن األول ألنه تر يف أحضان امللك و الرئاسة أي أنه نشأ نشأة اجملتمع‬
‫احلضري و ''ملا كان اإلنسان ابن عوائده و مألوفة ال ابن طبيعته و مزاجه ‪ ،‬فإن حال هذا اجليل ستكون‬
‫خمتلفة عن اجليل األول و هلذا فحالته قد حتولت '' من البداوة إىل احلضارة و من الشظف إىل الرتف و‬
‫اخلصب و من االشرتاك يف اجملد إىل إنفراد الواحد به و كسل الباقني عن السعي فيه '' ( ابن خلدون‪،‬‬
‫‪ ،1911‬ص ‪ ) 116‬ومن مثة يعترب هذا اجليل جيل وسط فهو بقيت فيه بعض اخلصال من البدواة كما‬
‫أنه مل يغرق بعد يف ترف احلضارة وهنا تكون العصبية فيه ال تزال حتافظ على قوهتا‬
‫يف حني أن اجليل الثالث وهو األخري فإنه ينسى '' عهد البداوة و اخلشونة كأن مل تكن و يفقدون حالوة‬
‫العز و العصبية مبا هم فيه من ملكة القهر و يبلغ فيهم الرتف غايته '' ( ابن خلدون‪ ،1911 ،‬ص‬
‫‪ ، )116‬و هنا تضعف العصبية و تسقط ما يؤدي بصاحب الدولة إىل طلب املساعدة من غريهم‬
‫فيستكثر باملوايل و تبدأ الدولة بالضعف إىل أن تذهب هنائيا ‪.‬‬
‫ال تبقى العصبية بنفس القوة اليت بدأت هبا و اليت على أساسها قامت الدولة و من هنا فزوال‬
‫العصبية هو اإلعالن الرمسي لزوال الدولة و إضعافها هذا ما جيعلنا نتساءل ملاذا تفسد العصبية ؟ أو ماهي‬
‫األسباب اليت تؤدي إىل زوال الدولة ؟ و تفسري ذلك عند ابن خلدون هو أنه و منذ اللحظة اليت تنتهي‬
‫فيها احلياة البدوية تبدأ القبائل بفقدان عصبيتهم‪ ،‬روح تضامنهم‪ ،‬فعاليتهم االجتماعية و أخالقهم كما أن‬

‫‪13‬‬
‫زينب بومهدي‬

‫فساد العصبية راجع إىل استئثار رئيس العصبية بامللك و منعه ألفراد عصبته من التطاول للمساوة و‬
‫املشاركة و هذا االستفراد بامللك حسب اجلابري '' ال يعين مطلقا فساد النسب فهو يظل قائما كما كان‬
‫أول األمر‪ ،‬و إمنا يعين يف احلقيقة فساد األساس احلقيقي املوضوعي الذي قامت عليه العصبية و هو‬
‫املساوة و املشاركة يف الفوائد املادية و املعنوية اليت يققها امللك ألصحابه '' ( اجلابري‪ ،1991 ،‬ص‬
‫‪. ) 166‬‬
‫فاالنفراد باجملد يؤدي حتما إىل إضعاف تالحم أهل العصبية ما يعمل على تفككها و عدم تالمحها‪،‬‬
‫أما السبب الثاين فهو راجع إىل الرتف هذا األخري يؤدي إىل زيادة نفقات الدولة ما جيعلها تصل إىل‬
‫مرحلة عجز يف دفع املال للجند ‪ ،‬و من مث يضعف الدفاع عن الذات وهنا يعمل احلاكم على فرض‬
‫الضرائب و كل هذا سيصل بالدولة إىل الزوال ‪ ،‬إضافة إىل هذا و مثلما طبيعة امللك تقتضي الرتف فهي‬
‫كذلك تقتضي الدعة و الراحة ‪ ،‬و إذا أصبحت الراحة مألفا و خلقا و طبيعة فيهم سيؤدي إىل تريب‬
‫األجيال يف غضارة العيش ‪ ،‬ما يؤدي إىل انقالب خلق التوحش و نسيان عوائد البدو اليت أدت إىل قيام‬
‫امللك ‪.‬‬
‫كانت هذه األسباب اليت أوردها ابن خلدون يف حتليله الهنيار الدول و لكن ما ميكن التأكيد عليه‬
‫أن هذه األسباب هي تنطبق على الدولة القبلية اليت تتحكم فيها العصبية القوية الغالبة اليت حتميها و‬
‫تدافع عنها و تضحي يف سبيلها ‪ ،‬فهو ركز عل الدول اليت عايشها يف عصره و شهد أسباب اهنيارها ‪.‬‬
‫‪ . 1‬خامتة‪:‬‬
‫ما ميكن استنتاجه يف األخري أن نظرية ابن خلدون يف الدولة قامت على فكرة القوة و الغلبة و هذا‬
‫بالعودة إىل فكرته يف العصبية ‪ ،‬و هلذا فهو انطلق يف حتليالته من ظاهرة االجتماع البشري ليصل إىل‬
‫مناقشة كل الظواهر االجتماعية املرتبطة هبا‪ ،‬و اليت متثلت يف فكرة ضرورة وجود الوازع للبشر هذا الوازع‬
‫الذي تطور إىل أن أصبح يعرف بالسلطة احلاكمة ‪ ،‬ليصل بعد ذلك إىل فكرة العصبية القائمة على صلة‬
‫الدم و اليت مثلت أساس نشأة الدولة و قوهتا ‪ ،‬لينتقل بعدها إىل أطور تطور الدولة من التأسيس إىل اهلرم‪،‬‬
‫ومن خالل هذا العرض املتدرج قدم ابن خلدون نظرية يف نشأة الدول اعتربت من أهم النظريات يف الفكر‬
‫السياسي‪ ،‬كما ميكننا القول أن الفكر اخللدوين تؤسسه ثالث مفاهيم مرتابطة هي العصبية‪ ،‬الدولة ‪،‬‬
‫‪14‬‬
‫مفهوم العصبية ونشأة الدولة يف الفكر اخللدوين‬

‫احلضارة وفهمها وحتديد معناها عند ابن خلدون يعين بالضرورة فهم النظرية اخللدونية يف االجتماع‬
‫والسياسة‪.‬‬
‫نستطيع القول كذلك أن الدولة عند ابن خلدون هي مدة حكم أسرة مالكة يف زمن معني وهلذا‬
‫فهو ينظر إىل الدولة من زاويتني‪ ،‬فهي امتداد يف الزمان وامتداد يف املكان حلكم عصبية معينة‪ ،‬فهي متتد‬
‫زمنيا مبدى قدرهتا على ا افظة على قوة عصبيتها‪ ،‬كما متتد مكانيا كذلك مبدى قدرهتا وقوهتا على الغزو‬
‫وإخضاع األوطان األخرى وضمها إىل حكمها وحتت سلطاهنا‪ ،‬كذلك علينا أن ال ننسى أن اتساع رقعة‬
‫الدولة ال يقتصر فقط على مدى قوة والتحام العصبية الغازية‪ ،‬فهو مرتبط أيضا مبدى ضعف العصبية يف‬
‫املناطق املراد االستيالء عليها‪ ،‬فكلما كانت ضعيفة كلما سهلت عملية الغزو والعكس صحيح‪.‬‬
‫وكنتيجة هنائية ميكن القول أن آراء ابن خلدون يف السياسة واالجتماع والعمران والتاريخ ما هي إال‬
‫عملية استنطاق لتجربتني األوىل هي جتربته الشخصية من خالل ماتواله من مهام يف بالط احلكم‪ ،‬والثانية‬
‫هي جتربة العصر الذي عاش فيه‪ ،‬باإلضافة إىل اطالعه الواسع ملا تضمنته كتب التاريخ السياسي‬
‫اإلسالمي‪ ،‬وهلذا إذا أردنا أن نفهم الفكر اخللدوين ما علينا إالّ أن نقرؤه قراءة كلية ال جتزيئية ألنه كل‬
‫متكامل فالعمران واالجتماع البشري بأشكاله ييلنا إىل العصبية‪ ،‬وهذه حتيلنا إىل الدولة وتشكلها وكذا‬
‫زواهلا واهنيارها‪.‬‬
‫‪ .7‬قائمة املراجع‪:‬‬
‫* هو عبد الرمحن بن حممد ابن خلدون أبو زيد ويل الدين احلضرمي (‪ 1330‬ىت ‪ )1121‬و لد يف تونس‬
‫من أسرة أندلسية نزحت من األندلس إىل تونس‪ ،‬وهو سليل أسرة عريقة من بيت رياسة وعلم ‪ ،‬تلقى‬
‫تعليمه يف جامعة الزيتونة‪ ،‬حيث كان الطلبة يتلقون دروسا يف التفسري واحلديث والعلوم الطبيعية وغريها‬
‫من العلوم‪ ،‬ويف سنة ‪ 1316‬استوىل بنو مرين على تونس وأتاح هذا الغزو لعبد الرمحن ابن خلدون أن‬
‫يدرس على يد مشايخ جدد كان أغلبهم قد نزحوا من األندلس وكان ابن خلدون يؤثر اآلبلي على كل‬
‫مشيخته وهو يقول عنه أنه '' شيخ العلوم العقلية''‪ ،‬بلغ شأنا عظيما إذ كان رجل سياسة وعلم‪ ،‬ويل‬
‫يدرس‬
‫الكتابة و الوساطة بني امللوك يف بالد املغرب و األندلس مث انتقل إىل مصر‪ ،‬ويف األزهر كان ّ‬
‫احلديث والفقه املالكي ويشرح نظريته يف العمران وأسس امللك ونشأة الدول‪ ،‬قدم أهم املصادر للفكر‬
‫العاملي و هو كتاب العرب و ديوان املبتدأ و اخلرب يف أيام العرب و العجم و الرببر و من عاصرهم من ذوي‬
‫السلطان األكرب ( انظر عنان‪ ،1933 ،‬ص ص ‪. ) 11 ،31 ،13‬‬

‫‪15‬‬
‫زينب بومهدي‬

‫‪ -1‬ابن خلدون‪ ،‬عبد الرمحن‪ ،)1911( ،‬العرب و ديوان املبتدأ و اخلرب يف أيام العرب و العجم و الرببر و‬
‫من عاصرهم من ذوي السلطان األكرب ‪ :‬املقدمة‪ ،‬حتقيق علي عبد الواحد وايف ‪ :‬جلنة البيان العريب‪،‬‬
‫القاهرة ‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -0‬ابن منظور‪ ( ،‬د‪/‬ت)‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مادة ( عصب)‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -3‬األزرق‪ ،‬أيب عبد هللا‪ ،)1966 ( ،‬بدائع السلك يف طبائع امللك ‪ ،‬حتقيق و تعليق علي النشار‪ ،‬ج‪،1‬‬
‫دار احلرية للطباعة ‪ ،‬بغداد ‪ ،‬العراق‪.‬‬
‫‪ -1‬اجلابري‪ ،‬حممد عابد‪ ،)1991( ،‬ابن خلدون العصبية و الدولة معامل نظرية خلدونية يف التاريخ‬
‫اإلسالمي ‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت ‪ ،‬لبنان‬
‫‪ -1‬النبهان‪ ،‬حممد فاروق‪ )1991( ،‬الفكر اخللدوين من خالل املقدمة‪ ،‬مؤسسة الرسالة للطباعة و‬
‫النشر و التوزيع‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -1‬حوراين‪ ،‬ألربت‪ ،) 1911 (،‬الفكر العريب يف عصر النهضة ‪ ،‬تر‪ :‬كرمي عزقول ‪ ،‬دار النهار‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫لبنان‬
‫‪ -6‬عنان‪ ،‬حممد عبد هللا‪ ،) 1933 ( ،‬ابن خلدون حياته وتراثه الفكري‪ ،‬مطبعة الكتب املصرية‬
‫بالقاهرة‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -1‬مغريب‪ ،‬عبد الغين‪ ،)1911( ،‬الفكر االجتماعي عند ابن خلدون‪ ،‬تر ‪ :‬حممد الشريف بن دايل‬
‫حسني‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر ‪.‬‬
‫‪ - 9‬احلبايب‪ ،‬حممد‪ ،) 0221 ( ،‬الدينامية ا ركة للتاريخ عند ابن خلدون‪ ،‬تر‪ :‬فاطمة احلبايب‪ ،‬مركز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫‪16‬‬

You might also like