Professional Documents
Culture Documents
δτº ƒΘτφΩ∩í ƒΘπ⌐á∩í πΘε αφÿ ƒΘ¥½ΘƒΩ φƒΘφƒτπ
δτº ƒΘτφΩ∩í ƒΘπ⌐á∩í πΘε αφÿ ƒΘ¥½ΘƒΩ φƒΘφƒτπ
δτº ƒΘτφΩ∩í ƒΘπ⌐á∩í πΘε αφÿ ƒΘ¥½ΘƒΩ φƒΘφƒτπ
العربية على
ضوء السإلما
والواقع
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن
باز
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ،والصلةا والسلما على رسول الله وبعد:
فل يشك مسلم له أدنى بصيرةا بالتاريخ السلمي في فضل
العرب المسلمين ،وما قاموا به من حمل رسالة السلما في
القرون المفضلة ،وتبليغه لكافة الشعوب ،والصدق في
الدعوةا إليه ،والجهاد لنشره والدفاع عنه ،وتحمل المشاق
العظيمة في ذلك ،حتى أظهرها الله على أيديهم وخفقت
رايته في غالب المعمورةا ،وشاهد العالم على أيدي دعاةا
السلما في صدر السلما أكمل نظاما وأعدل حاكم ،ورأوا في
السلما كل ما يريدون وينشدون من خير الدنيا والخرةا،
ووجدوا في السلما تنظيم حياةا سعيدةا تكفل لهم العزةا
والكرامة والحرية من عبادةا العبيد ،وظلم المستبدين ،والولةا
الغاشمين
ووجدوا في السلما تنظيم علقتهم بالله سبحانه :بعبادةا
عظيمة تصلهم بالله ،وتطهر قلوبهم من الشرك والحقد
والكبر ،وتغرس فيها غاية الحب لله وكمال الذل له والتلذذ
بمناجاته ،وتعرفهم بربهم وبأنفسهم ،وتذكرهم بالله وعظيم
حقه كلما غفلوا أو كادوا أن يغفلوا وجدوا في السلما تنظيم
علقتهم بالرسول صلى الله عليه وسلم وماذا يجب عليهم من
حقه والسير في سبيله ،ووجدوا في السلما أيضا تنظيم
العلقات التي بين الراعي والرعية ،وبين الرجل وأهله ،وبين
الرجل وأقاربه ،وبين الرجل وإخوانه المسلمين ،وبين
المسلمين والكفار ،بعبارات واضحة وأساليب جلية ووجدوا
من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن الصحابة وأتباعهم
بإحسان تفسير ذلك بأخلقهم الحميدةا وأعمالهم المجيدةا،
فأحب الناس السلما وعظموه ودخلوا فيه أفواجا ،وأدركوا
فيه كل خير وطمأنينة وصلحا وإصلحا
والكلما في مزايا السلما وما اشتمل عليه من أحكاما سامية
وأخلق كريمة ،تصلح القلوب ،وتؤلف بينها وتربطها برباط
وثيق من المودةا في الله سبحانه ،والتفاني في نصر دينه،
والتمسك بتعاليمه ،والتواصي بالحق والصبر عليه ،ل ريب أن
الكلما في هذا الباب يطول والقصد في هذه الكلمة الشارةا
إلى ما حصل على أيدي المسلمين من العرب في صدر
السلما من الجهاد والصبر ،وما أكرمهم الله به من حمل
مشعل السلما إلى غالب المعمورةا ،وما حصل للعالم من
الرغبة في السلما ،والمسارعة إلى الدخول فيه ،لما اشتمل
عليه من الحكاما الرشيدةا والتعاليم السمحة ،والتعريف بالله
سبحانه وبأسمائه وصفاته وعظيم حقه على عباده ،ولما
اتصف به حملته والدعاةا إليه من تمثيل أحكاما السلما في
أقوالهم وأعمالهم وأخلقهم ،حتى صاروا بذلك خير أمة
خي َْر
م َ أخرجت للناس ،وحققوا بذلك معنى قوله تعالى :ك ُن ْت ُ ْ
من ْك َِ
ر ن ع َن ال ُْ و ه ن تو ف رو عمْ ل با ن رو م أ ُمة أ ُخرجت للناس تأ ْ
ِ َ ْ
َ َ ْ َ ِ ْ
ِ َ ُ َ ّ ٍ ْ ِ َ ْ ِ ّ ِ َ ُ ُ
ن ِبالل ّهِ ومعنى الية كما قال أبو هريرةا رضي الله عنه وَت ُؤ ْ ِ
مُنو َ
كنتم خير الناس للناس
ل يشك مسلم قد عرف ما كان عليه المسلمون في صدر
السلما فيما ذكرناه ،فهو من الحقائق المعلومة بين
المسلمين ،ول يشك مسلم في ما للمسلمين غير العرب من
الفضل والجهاد المشكور في مساعدةا إخوانهم من العرب
المسلمين في نشر هذا الدين والجهاد في إعلءا كلمته،
وتبليغه سكان المعمورةا ،شكر الله للجميع مساعيهم الجليلة،
وجعلنا من أتباعهم بإحسان ،إنه على كل شيءا قدير
وإنما الذي ينكر اليوما ويستغرب صدوره عن كثير من أبناءا
السلما من العرب ،انصرافهم عن الدعوةا إلى هذا الدين
العظيم ،الذي رفعهم الله به ،وأعزهم بحمل رسالته ،وجعلهم
ملوك الدنيا وسادةا العالم ،لما حملوا لواءاه وجاهدوا في
سبيله بصدق وإخلصا ،حتى فتحوا الدنيا ،وكسروا كسرى،
وقصروا قيصر ،واستولوا على خزائن مملكتيهما ،وأنفقوها
في سبيل الله سبحانه ،وكانوا حينذاك في غاية من الصدق
والخلصا والوفاءا والمانة والتحاب في الله سبحانه
والمؤاخاةا فيه ،ل فرق عندهم بين عربي وعجمي ،ول بين
أحمر وأسود ،ول بين غني وفقير ،ول بين شرقي وغربي ،بل
هم في ذلك إخوان متحابون في الله ،متعاونون على البر
والتقوى ،مجاهدون في سبيل الله ،صابرون على دين السلما
ل تأخذهم في الله لومة لئم ،يوالون في السلما ،ويعادون
فيه ،ويحبون عليه ،ويبغضون عليه ،ولذلك كفاهم الله مكايد
أعدائهم ،وكتب لهم النصر في جميع ميادين جهادهم ،كما
وعدهم الله سبحانه بذلك في كتابه المبين حيث يقول
َ
ن وقال تعالىَ :يا أي َّها مِني َ مؤ ْ ِ صُر ال ْ ُقا ع َل َي َْنا ن َ ْ
ح ّقَن َ كا َسبحانه :وَ َ
َ
مك ُ ْ
م ت أقْ َ
دا َ م وَي ُث َب ّ ْ صْرك ُ ْ صُروا الل ّ َ
ه ي َن ْ ُ ن ت َن ْ ُمُنوا إ ِ ْ
نآ َ ال ّ ِ
ذي َ
ثم بعد هذا الشرف العظيم والنصر المؤزر من المولى
سبحانه لعباده المؤمنين من العرب وغيرهم ،نرى نفرا من
أبنائنا يخدعون بالمبادئ المنحرفة ،ويدعون إلى غير السلما،
كأنهم لم يعرفوا فضل السلما وما حصل لسلفهم بالسلما
من العزةا والكرامة ،والمجد الشامخ والمجتمع القوي الذي
كتبه الله لهل السلما الصادقين ،حتى إن عدوهم ليخافهم
وهو عنهم مسيرةا شهر ،نسي هؤلءا أو تناسوا هذا المجد
المؤثل والعز العظيم والملك الكبير ،الذي ناله المسلمون
بالسلما ،فصار هؤلءا البناءا يدعون إلى التكتل والتجمع حول
القومية العربية ،ويعرفونها بأنها اجتماع وتكاتف لتطهير البلد
من العدو المستعمر ،ولتحصيل المصالح المشتركة ،واستعادةا
المجد السليب
وقد اختلف الدعاةا إليها في عناصرها ،فمن قائل :أنها الوطن
والنسب واللغة العربية ومن قائل :أنها اللغة فقط ومن قائل:
أنها اللغة مع المشاركة في اللما والمال ومن قائل غير ذلك
وأما الدين فليس من عناصرها عند أساطينهم والصرحاءا
منهم ،وقد صرحا كثير بأن الدين ل دخل له في القومية ،وصرحا
بعضهم أنها تحترما الديان كلها من السلما وغيره وهدفها كما
يعلم من كلمهم هو التكتل والتجمع والتكاتف ضد العداءا
ولتحصيل المصالح المشتركة كما سلف ،ول ريب بأن هذا
غرض نبيل وقصد جميل
فإذا كان هذا هو الهدف ،ففي السلما من الحث على ذلك
والدعوةا إليه ،وإيجاب التكاتف والتعاون لنصر السلما،
وحمايته من كيد العداءا ولتحصيل المصالح المشتركة ،ما هو
أكمل وأعظم مما يرتجى من وراءا القومية ومعلوما عند كل
ذي لب سليم أن التكاتف والتعاون الذي مصدره القلوب،
واليمان بصحة الهدف ،وسلمة العاقبة في الحياةا وبعد
الممات كما في السلما الصحيح -أعظم من التعاون
والتكاتف على أمر اخترعه البشر ولم ينزل به وحي السماءا،
ول تؤمن عاقبته ل في الدنيا ول في الخرةا .وأيضا فالتكاتف
والتعاون الصادر عن إيمان بالله ،وصدق في معاملته ومعاملة
عباده ،مضمون له النصر وحسن العاقبة -كما في اليات
الكريمات التي أسلفنا ذكرها -بخلف التكاتف والتعاون
المبني على فكرةا جاهلية تقليدية ،لم يأت بها شرع ولم
يضمن لها النصر.
وهذا كله على سبيل التنزل لدعاةا القومية ،والرغبة في إيضاحا
الحقائق لطالب الحق وإل فمن خبر أحوال القوميين ،وتدبر
مقالتهم وأخلقهم وأعمالهم ،عرف أن غرض الكثيرين منهم
من الدعوةا إلى القومية ،أمور أخرى يعرفها من له أدنى
بصيرةا بالواقع وأحوال المجتمع ،ومن تلك المور ،فصل الدين
عن الدولة ،وإقصاءا أحكاما السلما عن المجتمع ،والعتياض
عنها بقوانين وضعية ملفقة من قوانين شتى ،وإطلق الحرية
للنزعات الجنسية والمذاهب الهدامة -ل بلغهم الله مناهم -
ول ريب أن دعوةا تفضي إلى هذه الغايات ،يرقص لها
الستعمار طربا ،ويساعد على وجودها ورفع مستواها -وإن
تظاهر بخلف ذلك -تغريرا للعرب عن دينهم ،وتشجيعا لهم
على الشتغال بقوميتهم ،والدعوةا إليها والعراض عن دينهم
ومن زعم من دعاةا القومية أن الدين من عناصرها ،فقد
فرض أخطاءا على القوميين ،وقال عليهم ما لم يقولوا لن
الدين يخالف أسسهم التي بنوا القومية عليها ،ويخالف صريح
كلمهم ويباين ما يقصدونه من تكتيل العرب ،على اختلف
أديانهم تحت راية القومية
ولهذا تجد من يجعل الدين من عناصر القومية يتناقض في
كلمه ،فيثبته تارةا وينفيه أخرى ،وما ذلك إل أنه لم يقله عن
عقيدةا وإيمان ،وإنما قاله مجاملة لهل السلما ،أو عن جهل
بحقيقة القومية وهدفها ،وهكذا قول من قال :إنها تخدما
السلما أو تسانده ،وكل ذلك بعيد عن الحقيقة والواقع ،وإنما
الحقيقة أنها تنافس السلما وتحاربه في عقر داره ،وتطلي
ببعض خصائصه ترويجا لها وتلبيسا أو جهل وتقليدا
ولو كانت الدعوةا إلى القومية يراد منها نصر السلما وحماية
شعائره ،لكرس القوميون جهدهم في الدعوةا إليه ومناصرته،
وتحكيم دستوره النازل من فوق سبع سماوات ،ولبادروا إلى
التخلق بأخلقه ،والعمل بما يدعو إليه ،وابتعدوا عن كل ما
يخالفه؛ لنه الصل الصيل والهدف العظم ،ولنه السبيل
الذي من سار عليه ،واستقاما عليه ،وصل إلى شاطئ
السلمة ،وفاز بالجنة والكرامة ،ومن حاد عن سبيله باءا
بالخيبة والندامة ،وخسر الدنيا والخرةا ،فلو كان دعاةا القومية
يقصدون بدعوتهم إليها تعظيم السلما وخدمته ،ورفع شأنه،
لما اقتصروا على الدعوةا للخادما دون المخدوما ،وكرسوا لهذا
الخادما جهودهم ،وغضبوا من صوت دعاةا السلما إذا دعوا
إليه ،وحذروا مما يخالفه أو يقف حجرا في طريقه
لو كان دعاةا القومية يريدون بدعوتهم إعلءا كلمة السلما،
واجتماع العرب عليه ،لنصحوا العرب ودعوهم إلى التمسك
بتعاليم السلما ،وتنفيذ أحكامه ،ولشجعوهم على نصره
ودعوةا الناس إليه ،فإن العرب أولى الناس بأن ينصروا
السلما ،ويحموه من مكايد العداءا ويحكموه فيما شجر بينهم،
كما فعل أسلفهم؛ لنه عزهم وذكرهم ومجدهم ،كما قال الله
قد أ َنزل ْنا إل َيك ُم كتابا فيه ذك ْرك ُ َ
ن وقال قُلو َ تعالى :ل َ َ ْ ْ َ َ ِ ْ ْ ِ َ ً ِ ِ ِ ُ ْ
م أَفل ت َعْ ِ
ه
قيم ٍ وَإ ِن ّ ُست َ ِ
م ْ ط ُ ك ع ََلى ِ
صَرا ٍ ك إ ِن ّ َي إ ِل َي ْ َ
َ ذي ُأو ِ
ح ك ِبال ّ ِ س ْم ِ َفا ْ
ست َ ْ
َ
ن وإذا عرفت أيها القارئ ما سأُلو َ ف تُ ْ سوْ َ م َ
ك وَ َ قوْ ِ ك وَل ِ َل َذ ِك ٌْر ل َ َ
تقدما ،فاعلم أن هذه الدعوةا :أعني الدعوةا إلى القومية
العربية ،أحدثها الغربيون من النصارى ،لمحاربة السلما
والقضاءا عليه في داره ،بزخرف من القول ،وأنواع من
الخيال ،وأساليب من الخداع ،فاعتنقها كثير من العرب من
أعداءا السلما ،واغتر بها كثير من الغمار ومن قلدهم من
الجهال ،وفرحا بذلك أرباب اللحاد وخصوما السلما في كل
مكان
نشرةا صدرت في كتاب عن المكتب السلمي في بيروت
ودمشق عاما 1400هـ الطبعة الرابعة.