التعليم في النموذج التنموي الجديد بالمغرب رقم 1 التشخيص 1

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 4

‫التعليم يف النموذج التنموي اجلديد ابملغرب‬

‫‪1‬‬
‫وسؤال النهضة الرتبوية‬

‫‪-1-‬‬

‫التشخيص العام‬

‫ٌ‬
‫د‪ .‬مصطفى شكري‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫هذه الدراسة تعرض لرؤية النموذج التنموي اجلديد لقضية الرتبية والتعليم‪ ،‬وهي تقدم هذه الرؤية التصورية من‬
‫خالل مستوايت ثالثة؛ يعرض األول منها جلانب التشخيص‪ ،‬والثاين جلوانب الطموح واالختيارات االسرتاتيجية‪ ،‬بينما‬
‫يقدم املستوى الثالث بضع مالحظات نقدية تسائل حقائق النهضة الرتبوية املوعودة يف سياق خطاب الفشل العام الذي‬
‫حتياه املنظومة الرتبوية التعليمية املغربية‪.‬‬
‫لقد حظي املستوى التشخيصي ملنظومة الرتبية والتكوين حبظ وافر يف الواثئق املنجزة إلعداد تقرير النموذج‬
‫التنموي‪ ،‬وإبمكاننا رصد ذلك من زوااي متعددة ثالثة‪:‬‬
‫الزاوية األوىل‪ 2:‬متثلها نتائج جلسات اإلنصات اليت تعرض لراء املواطنني يف طرحهم ملوضوع الرتبية والتكوين‬
‫الختالالت تشمل اجلوانب التالية‪:‬‬
‫‪ -‬عجز املدرسة عن احلد من تنامي الفوارق االجتماعية واجملالية للنظام الرتبوي خاصة أمام ازدواجية املنظومة بني‬
‫تعليم عمومي اجلودة فيه متدنية‪ ،‬وتعليم خصوصي ذي صبغة جتارية ضاعت بينهما شعارات جودة التعليم للجميع‪،‬‬
‫وترسخ الفشل يف حتقيق البعد االندماجي؛‬
‫‪ -‬وجود ضعف يف كفاءة هيئة التدريس ونقص يف الوسائل وغياب لشروط العمل الالئقة؛‬

‫‪ 1‬هذه الدراسة تصدر يف ثالث مقاالت‪ ،‬و هي جزء من دراسة مستفيضة تتناول رؤية النموذج التنموي لقضية الرتبية والتعليم ابملغرب ستصدر قريبا‪.‬‬
‫‪ 2‬اململكة املغربية‪ ،‬اللجنة اخلاصة للنموذج التنموي‪ ،‬تقدمي نتائج االستماعات واملسامهات املنظمة‪ ،‬امللحق رقم ‪ ،1‬أبريل ‪ ،2021‬ص ‪ 32‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬إشكاالت السياسة اللغوية بني املنحى الرباغمايت وما يفرضه سوق الشغل من ضرورات‪ ،‬وبني املنحى اهلواييت‬
‫القيمي الوطين وضرورة توطيد املوقع االعتباري للغتني الوطنيتني املرمستني (العربية‪ ،‬واألمازيغية)‪ ،‬وكذا مشاكل املنهاج‬
‫واملضامني والطرائق والقيم وسط املدرسة املغربية؛‬
‫‪ -‬الفجوة الرقمية وصعوابت التعليم عن بعد ابلنظر إل حجم الفوارق اجملالية اليت حالت دون ولوج فئات كبرية‬
‫إل هذا النوع من التعليم إابن ظروف اجلائحة؛‬
‫‪ -‬مدى قدرة املنظومة الرتبوية على حتقيق "االندماج السوسيو اقتصادي للشباب املغرب" بسبب عدم نظام‬
‫التوجيه‪ ،‬ونوع الربامج اليت ال تالئم مستجدات سوق الشغل‪ ،‬وبسبب وجود التمييز الواقع يف املنظومة بني التعليم‬
‫العمومي واخلصوصي يف مستوايت جودة التعلمات وظروف التلقي البيداغوجي‪.‬‬
‫الزاوية الثانية ‪ ،3‬وتقدم منظور " إعادة بناء املدرسة العمومية كأولوية مشرتكة بني األحزاب‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫الوقوف عند عدد مهم من اإلشكاالت اليت تلخص يف‪:‬‬
‫‪ -‬غياب الوظيفة اإلدماجية للمدرسة املغربية‪ ،‬بسبب اتسام النظام التعليمي ابلتمييز والتفاواتت الرتاتبية وتقلص‬
‫فرص تكافؤ الولوج‪ ،‬مما يهدد"التماسـك االجتماعـي"؛‬
‫‪ -‬اختالف زوااي املقاربة بني التشكيالت احلزبية بسبب اختالف النظر اإليديولوجي‪ ،‬مما يولد نظرات خمتلفة تتوزع‬
‫بني منظور قيمي‪ ،‬وبني رؤية تكنولوجية معصرنة‪ ،‬ونظرة تدبريية تقنية فقط‪ ،‬وهو ما ينعكس على الطروحات املقدمة يف‬
‫اجلانب االقرتاحي – وإن أمجعت على مبادئ تكافؤ الفرص‪ ،‬وعدالة الولوج‪ -‬ما بني الدفاع عن املدرسة العمومية وجمانية‬
‫التعليم‪ ،‬وبني توسيع جمال تدخل القطاع اخلاص وفق مقاربة تشاركية مع اجلماعات الرتابية؛‬
‫كان الفتا حبسب ما عرضه امللحق األول من واثئق النموذج التنموي أن قضية اللغات مل تلق اهتماما يف عروض‬
‫األحزاب وحبسب تعليق الوثيقة تلك فذلك راجع الرتباط املوضوع "بقضايــا القيــم وااليديولوجيــا أكثــر من ـه ابلشــق‬
‫الرباغماتــي"‪.4‬‬
‫‪5‬‬
‫هي تعرض لرؤى العامل املهين الذي يقدم يف هذا الصدد انشغاالت ثالثة هتم على اخلصوص‪:‬‬ ‫الزاوية الثالثة‪:‬‬
‫‪-‬فاعلية نظام التكوين املهين على مستوى احلكامة املؤسساتية‪ ،‬وعلى مستوى التكوين وبراجمه املالئمة لعامل املهن؛‬
‫‪-‬اجلانب العالئقي بني اجلامعة واملقاولة‪ ،‬وقد مت هنا تسجيل النقص العام يف الكفاءات‪ ،‬والضعف الواضح يف‬
‫املهارات والقدرات التدبريية؛‬
‫‪ -‬وضعية احلرف التقليدية وجتدد املخاوف من ضياع املهارات التقليدية أمام غياب االعتناء خبصائــص احلــرف‬
‫التقليديــة يف جمال التعلمات املهنية‪.‬‬

‫‪ 3‬املرجع نفسه‪ ،‬موضوع الرتبية والتكوين إعادة بناء املدرسة العمومية كأولوية مشرتكة بني األحزاب‪ ،‬ص ‪.57‬‬
‫‪ 4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ 5‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪ 63‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫إل جانب هذه االختالالت الرصدية العامة هناك تقاسم قوي ملشاكل ضعف العرض الرتبوي على مستوى "البنية‬
‫التحتية واملوارد البشرية وظروف االشتغال الشاقة"‪ ،‬وهي مشاكل تؤدي إل تفاقم اهلدر واالنقطاع الدراسيني‪ ،‬وإل تغييب‬
‫جدوة التدريسية والتعلمات‪ ،‬وإل ضعف قدرة اإلدماج يف احمليط املعيشي‪.6‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬ودائما يف املستوى الرصدي التشخيصي‪ ،‬واستنادا إل جمموع املذكرات املوضوعاتية‪ :‬الرهاانت‬
‫واملشاريع املقرتحة يف إطار النموذج التنموي اجلديد من خالل امللحق رقم ‪ ،2‬جند تشخيصا عاما لوضعية التعليم ابملغرب‬
‫كما يرصدها النموذج التنموي‪ ،‬عرب عنها بكوهنا هشاشة بنيوية تؤثر يف احملدودية واملردودية‪ ،7‬وتقدم هنا املعطيات التالية‪:‬‬
‫يتم الرصد العام جلملة االختالالت اليت يسجلها تقرير النموذج التنموي يف أربع جماالت رئيسية؛ أوهلا هذا الرتاجع‬
‫الكبري يف مستوى جودة التعلمات اليت جتعل ثلثي املتمدرسني يف هناية التعليم األساسي غري قادرين على اكتساب‬
‫التعلمات األساسية سواء كانت مهارات معرفية أو مهارات حياتية‪ ،‬واثنيها تتجلى يف نسبة اهلدر املدرسي اليت وصلت يف‬
‫سنة ‪ 2018‬نسبة ‪ % 7,4‬من اجملموع العام لتالميذ األسالك التعليمية الثالثة‪ ،‬وعلى الرغم من اجملهودات اليت أجنزت يف‬
‫هذا الصدد‪ ،‬فإن هناك تسراب وانقطاعا جيعل متوسط سنوات متدرس التلميذ املغرب تبلغ "ابلكاد" ست سنوات ( وهو‬
‫حسب التقرير أقل من مستوى عدد من دول الشرق األوسط ومشال أفريقيا)‪ .‬أما اثلث هذه االختالالت فتتمظهر يف‬
‫تنامي مظاهر التفاواتت بسبب التمايز بني نوعني من أنظمة التعليم (خصوصي‪ ،‬عمومي)‪ ،‬والتمييز اجملايل اجلغرايف‪ ،‬وهو‬
‫ما ولد أزمة انعدام ثقة يف املنظومة الرتبوية العمومية املغربية وخلق فجوات اجتماعية جتعل املدرسة غري قادرة على ضمان‬
‫االرتقاء االجتماعي للشباب املغرب‪ ،‬أما العنصر الرابع يف ما خيص اختالالت التعليم ابملغرب فيكمن يف مجلة اإلكراهات‬
‫البنيوية اليت يعيشها قطاع التكوين املهين واليت تفقده مردوديته وقدرته على إدماج اخلرجيني يف سوق الشغل بسبب عوامل‬
‫تتعلق حسب التقرير ابلتجسري بني التكوين املهين والتعليم العمومي‪ ،‬وافتقاد خصائص التجانس يف التكوين‪ ،‬والنجاعة يف‬
‫توظيف املوارد الضعيفة أصال‪ ،‬وحمدودية سبل التنسيق بني خمتلف املتدخلني‪.‬‬
‫ويف منظور صانعي النموذج التنموي يتم تعليل "تعثر" إصالح التعليم‪ ،‬و"ضعف" تطوره إل ستة عوامل كربى‬
‫جتمل يف‪:8‬‬
‫‪ .1‬طبيعة مستوى هيئة التدريس من حيث االستقطاب والولوج (‪ % 60‬حصلوا على البكالوراي مبيزة مقبول‪،‬‬
‫و‪ % 25‬حصول عليها يف سن ‪ 18‬سنة)‪ ،‬ومن حيث القدرات واإلمكاانت ( فقــط ‪ % 67‬مــن مدرســي التعليــم االبتدائـي‬
‫يتوفـرون علـى قـدرات عاليـة فـي جمـال الرايضيـات‪ ،‬و ‪ 3,5 %‬فـي العربيـة‪ ،‬و ‪ 0 %‬فـي الفرنسـية)؛‬

‫‪ 6‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.72‬‬


‫اململكة املغربية‪ ،‬اللجنة اخلاصة ابلنموذج التنموي‪ ،‬املذكرات املوضوعاتية‪ :‬الرهاانت واملشاريع املقرتحة يف إطار النموذج التنموي اجلديد ملحق رقم ‪ ،2‬أبريل‬ ‫‪7‬‬

‫‪ ،2022‬ص ‪ 75‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ 8‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ .2‬أنظمة التقييم إذ يغيب التقييم املستقل‪ ،‬ويتم النجاح دون التمكن من املهارات املطلوبة‪ ،‬وكذا أنظمة الدعم‬
‫والتقومي الغائبة واليت جتعل ‪ % 13‬من التالميذ املغاربة يعانون من صعوابت القراءة‪ ،‬واضطراابت التعلم؛‬
‫‪ .3‬شكل ومضمون النموذج البيداغوجي من حيث حجم احملتوى التعليمي كما ومدة زمنية وتنوعا وكثافة؛ حيث‬
‫يسجل التقرير أنه رغم السنوات الطوال اليت يقضيها التلميذ املغرب يف حجرات الدرس فإن احلصيلة تكون هزيلة سواء يف‬
‫اكتساب الكفاايت األساسية من قراءة وحساب وكتابة‪ ،‬أو يف إتقان اللغة األجنبية‪ ،‬أو يف امتالك املهارات احلياتية‪،‬‬
‫أو يف وضوح املسار الدراسي‪ ،‬لتكون اخلالصة مراكمة النقائص اليت ال تكتشف بسبب فشل جناعة نظام التقييم واملتابعة‪.‬‬
‫‪ .4‬املستوى القيمي الذي يظهر بسبب املقارابت البيداغوجية‪ ،‬وضعف االنسجام‪ ،‬بل وتعارض القيم واملبادئ يف‬
‫املواد الدراسية‪ ،‬وحمدودية األدوار الوظيفية للمدرسة املغربية يف ترسيخ احلس املدين‪ ،‬واالنفتاح على احمليط؛‬
‫‪ .5‬اجلانب املايل املتعلق حبجم املوارد املالية املعبأة واليت ال تضمن الوضع االجتماعي املريح لألستاذ الفاعل‬
‫األساسي يف اإلصالح بسبب شح املوارد املالية؛‬
‫‪ .6‬املقاربة املعتمدة يف اإلصالح واليت تتميز حبسب التقرير ابنعدام االستمرارية‪ ،‬وابلطابع املركزي‪ ،‬وبعدم إشراك‬
‫كل الفاعلني‪ ،‬وانعدام التجريب قبل التعميم‪ ،‬وضعف آليات التنسيق بني خمتلف املتدخلني املؤسساتيني‪ ،‬هذا إل جانب‬
‫تغييب آليات التتبع والتقييم الصارمني‪.‬‬

‫‪4‬‬

You might also like