Professional Documents
Culture Documents
1316 000 099 001
1316 000 099 001
والتأقلم مع
:الطبيعيةﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ
ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩاملوارد
ﺇﺳﻠﻮﺏاستدامة
ضمانﺣﺴﺐ ﺑﻨﺴﺦراعية في
ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ الهيدروز ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩرالد
ﺑﻬﺬﺍرايات
ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ دو
املغرب- إقليم طاطا- التغيرية املناخية في واحات فم زكيد APA ﺇﺳﻠﻮﺏ
ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺪﺭﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻬﻴﺪﺭﻭﺯﺭﺍﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺿﻤﺎﻥ ﺍﺳﺘﺪﺍﻣﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ.(2023) . ﻣﺤﻤﺪ، ﻭ ﻣﺤﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻣﺤﻤﺪ،ﻧﺒﻮ
Theﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ
role of the hydroculture to guarantee the natural resources’sustainability according
ﻣﺠﻠﺔ ﺟﻴﻞ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ. ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ- ﺇﻗﻠﻴﻢ ﻃﺎﻃﺎ- ﻭﺍﻟﺘﺄﻗﻠﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ ﻓﻲ ﻭﺍﺣﺎﺕ ﻓﻢ ﺯﻛﻴﺪ
9 the climate changes in the Oases of FoumZguid,
1416040/Record/com.mandumah.search//:http ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ Tata.26province
- 9 ،99 ﻉ،ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ
MLA ﺇﺳﻠﻮﺏ
املغرب
ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺄﻗﻠﻢ ،البيضاء
ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ الدار
ﺍﺳﺘﺪﺍﻣﺔ ﺿﻤﺎﻥالثاني
الحسنﻓﻲ ﺍﻟﺪﺭﺍﻳﺎﺕجامعة
ﺍﻟﻬﻴﺪﺭﻭﺯﺭﺍﻋﻴﺔ /محي الدين
محمد "ﺩﻭﺭ .د. أ- نبو
.ﻣﺤﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪمحمد
ﻭ، ﻣﺤﻤﺪ،ﻧﺒﻮ
"ﻣﺠﻠﺔ ﺟﻴﻞ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ. ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ- ﺇﻗﻠﻴﻢ ﻃﺎﻃﺎ- ﻣﻊ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ ﻓﻲ ﻭﺍﺣﺎﺕ ﻓﻢ ﺯﻛﻴﺪ
Mohamed Nebbou• Mohamed Mouhiddine/Hassan II University of Casablanca, Morocco
1416040/Record/com.mandumah.search//:http ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ.26 - 9 :(2023) 99ﻉ
Abstract:
This article seeks to determine the impact of the hydroculture slipped on the scarcity of natural
resources ; within Foumzguid oases/Tata region, for a better understanding of the current crisis
context among Moroccan oases dealing with climate changes to meet the benchmark of faced
challenges (Economically, socially, environmentally and climatically).It aims to identify the
important of accumulated local knowledge as a significant dimensions to face difficult climatic
conditions and the scarcity of natural resources, via ensuring its sustainability over centuries. This
local agricultural knowledge is in fact a result of human adaptation to climatic conditions of the
natural landscape and the absent of such local best practices affect strongly / negatively on these
oases current crisis according to previous posted reports and field studies results leads to
participate in direct interviews & observations and adopted technical forms.
Keywords: hydroculture, Adaptation, Oasis, Sustainability, FoumZguid, Natural Resources,
Climate Change
. ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ. ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ2023 ©
ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ. ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ،ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ
ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ،ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ
.ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ
2023 - يوليو- 99 العدد مركز جيل البحث العلمي
Abstract:
This article seeks to determine the impact of the hydroculture slipped on the scarcity of natural
resources ; within Foumzguid oases/Tata region, for a better understanding of the current crisis
context among Moroccan oases dealing with climate changes to meet the benchmark of faced
challenges (Economically, socially, environmentally and climatically).It aims to identify the
important of accumulated local knowledge as a significant dimensions to face difficult climatic
conditions and the scarcity of natural resources, via ensuring its sustainability over centuries. This
local agricultural knowledge is in fact a result of human adaptation to climatic conditions of the
natural landscape and the absent of such local best practices affect strongly / negatively on these
oases current crisis according to previous posted reports and field studies results leads to
participate in direct interviews & observations and adopted technical forms.
Keywords: hydroculture, Adaptation, Oasis, Sustainability, FoumZguid, Natural Resources,
Climate Change
العدد - 99يوليو 2023 - مركز جيل البحث العلمي
ملخص :
تبحث هذه املقالة في موضوع مدى مساهمة تراجع الدرايات الهيدروزراعية املتأقلمة مع التغيرية املناخية
واملراعية لندرة املوارد الطبيعية وهشاشتها بواحات فم زكيد إقليم طاطا ،بغرض فهم األزمة الراهنة التي تعيشها
الواحات املغربية والتحديات التي باتت تواجهها اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا ومناخيا .وتهدف املقالة الوقوف
10 على ما تراكم من درايات محلية متعددة ملواجهة الظروف املناخية الصعبة وندرة املوارد الطبيعية وضمان
استدامتها عبر قرون من الزمن في هذه الواحات ،وتبيان كيفية مساهمة التخلي عن هذه الدرايات تحت تأثير
أسباب ومسببات مختلفة ومتنوعة في الوصول إلى األزمة الحالية لهذه الواحات .وألجل ذلك تماالعتماد على
تقارير ونتائج دراسات وأبحاث سابقة ونتائج أبحاث ميدانية اعتمدت تقنية املالحظة املباشرة واملالحظة
باملشاركة واملقابلة واالستمارة .وقد استخلص عقب الدراسة والتحليل أن الدرايات الزراعية بالواحات موضوع
هذه الدراسة هي محصلة لتأقلم اإلنسان مع طبيعة الظروف املناخية ملجاله ومع خصائص الندرة والشح التي
تميز موارده الطبيعية ،وأن التراجع املستمر عن اعتماد هذه الدرايات سواء بالواحات األصلية أو الجديدة
ساهم في األزمة التي تعيشها هذه الواحات اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا.
الكلمات املفتاحية :الدرايات الهيدروزراعية ،التأقلم ،الواحة ،االستدامة ،فم زكيد ،املوارد الطبيعية،
التغيرية املناخية.
مقدمة :
كانت أزمة الواحات املغربية وسبل تجاوزها والتأقلم مع التطورات املناخية موضوع دراسة وتحليل عدد من
األبحاث والدراسات الجغرافية ،ومن ضمنها واحات فم زكيد ،حيث وقفت هذه األعمال عند تحليل العوامل
واألسباب التي أدت إليها ومظاهرها املركبة وآثارها االقتصادية واالجتماعية والبيئية ،كما وقفت أخرى عند
البدائل املمكنة للتخفيف من هذه األزمة ومسبباتها واالستثمار في املوارد التي تزخر بها هذه املجاالت الواحية،
بما في ذلك تلك التي املوارد واملؤهالت لم تحظ باهتمام حتى اآلن كاملؤهالت السياحية والتراثية وغيرها.
ويالحظ أن هذه األعمال انشغلت في فهمها لألزمة الواحية بالعوامل الطبيعية والتحوالت البشرية التي همت
استعماالت األرض ،كما أولت االهتمام في بحثها عن البدائل لتجاوزها والتأقلم مع التغيرية املناخية إلى استثمار
املؤهالت الطبيعية والبشرية في تنويع االقتصاد الواحي والنهوض بالسياحة الواحية.
العدد - 99يوليو 2023 - مركز جيل البحث العلمي
غير أن موضوع الدرايات املحلية املتأقلمة مع الظروف املناخية وندرة املوارد الطبيعية ،وبشكل خاص
الدرايات الهيدروزراعية ،لم تحظى باهتمام سواء في فهم وتفسير جزء من األسباب التي أدت إلى ما تعيشه هذه
الواحات من أزمات أو في طروحات النهوض بها وإعادة إحيائها كمدخل من بين مداخل أخرى الستعادة التوازنات
البيئية لهذا املجال ،ومن تمت تجاوز األزمة االقتصادية واالجتماعية التي يعانيها.
11 وتهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على هذا الجانب الذي مايزال في الحاجة إلى الدرس والتمحيص،
وذلك من خالل البحث في مدى مساهمة الواقع الحالي لهذه الدرايات املحلية في األزمة التي تعرفها الواحات
موضوع الدراسة ،وتبيان صيرورة تشكل هذه الدرايات عبر زمن طويل من تفاعل اإلنسان الواحي مع خصائص
الندرة والشح الذي يعرفه املجال ،وتوضيح حدود مساهمة انقطاع توارثها مابين األجيال في وضعية االختالل
البيئي الحالي جراء عوامل متعددة.
ولهذه الغاية تمت دراسة حالة واحات فم زكيد التي تقع ضمن املجال الترابي لجماعة فم زكيد بإقليم طاطا
التي يحدها من الشرق والشمال الشرقي والجنوب الشرقي جماعة ألوكوم ،ومن الجنوب الغربي جماعة تيسنت،
فيما يحدها من الواجهة الشمالية الغربية جماعة تليت.
الخريطة ( :)1التحديد اإلداري للمجال املدروس
1العمل امليداني تم خالل الزيارات املتكررة للميدان في الفترة املمتدة من 2019-2016واعتماد استمارة حول املوضوع شملت عينة تضم 78فالحا
بهذه الواحات.
العدد - 99يوليو 2023 - مركز جيل البحث العلمي
– 1تندرج واحات فم زكيد ضمن مجال يتسم ببنيوية قساوة املناخ وندرة املوارد الطبيعية
يسود بواحات فم زكيد مناخ شبه جاف يقوم على ضعف التساقطات وعدم انتظامها ومعدالت حرارة
مرتفعة
يسود بواحات فم زكيد مناخ شبه جاف يقوم على ضعف التساقطات املطرية السنوية ،إذ ال يتعدى معدل
التساقطات السنوية 100ملم في السنة.
12
كما يتميز بالتغيرية البيسنوية ،يتضح ذلك من خالل املعطيات الواردة في الشكل ( )1بحيث يزيد في بعض
السنوات عن 100ملم في السنة كما حدث في موسم 2015/2014وموسم ،2010/2009فيما تعرف أغلبية
املواسم تساقطات مطرية تقل عن هذا املعدل كما هو واضح في الشكل بحيث تشهد بعض املواسم انعدام في
التساقطات.
الشكل ( :)1معدالت التساقطات المطرية البيسنوية بفم زكيد مابين 1990
و 2016ب "الملمتر"
300
200
100
0
1Oudada .Mohamed , Désenclavement et développement dans le sud du Maroc : le cas des pays du BANI Thèse de doctorat en
Géographie ;université Aix-Marseille-Université de Provence . 2004 , p32.
2ا الحافيظ إدريس ،2015 ،املوارد املائية باملغرب ،اإلمكانيات والتدبير والتحديات،ص .224
العدد - 99يوليو 2023 - مركز جيل البحث العلمي
وقد سجل املعدل السنوي للتبخر 2590ملم في السنة بمحطة طاطا الواقعة جنوب هذه الواحات خالل
الفترة ما بين ،2000-1994مع تفاوت في املعدالت املسجلة حسب الشهور بحيث سجل أعالها خالل شهري
غشت ويوليوز وأدناها في شهر نونبر بـ 70ملم ،1ويزيد من حدة التبخر وارتفاع درجات الحرارة بهذه الواحات
هبوب رياح الشركي التي تهب على املنطقة خالل فصل الصيف .وتعود هذه الخصائص املناخية السائدة
باملنطقة إلى عوامل طبيعية متعددة منها الوضع الطبوغرافي واملوقع الجغرافي وطابع القارية.2
13 وانعكست طبيعة املناخ السائد بهذه الواحات على باقي الخصائص الطبيعية األخرى ،السيما املوارد املائية
السطحية والباطنية والتربة والغطاء النباتي.
تتميز واحات فم زكيد بندرة املوارد املائية وضعف تجددها وشح في األراض ي الصالحة للزراعة
يهيمن على املوارد املائية السطحية بواحات فم زكيد طابع املوسمية من خالل فيضانات وادي زكيد ومياه
روافده املحلية املتمثلة في الشعاب واملسيالت التي تنحدر من سفوح األطلس الصغير الواقع شماال ،ومن
سلسلة جبل باني الذي يخترق الحوض النهري لفم زكيد.
وتشكل هذه املوارد املائية مصدرلسقي األراض ي الزراعية بهذه الواحات ،ومزودا للفرشات الباطنية
بمنخفض باني الشستي في عالية حوض فم زكيد.
ويطبع هذه الفيضانات التي تعرفها املنطقة ،الفجائية وقصر مدة الجريان الذي يمتد لبضع ساعات من
الزمن بشكل عام مع بعض الفترات االستثنائية التي تدوم لبضعةأيام.
أما املوارد املائية الباطنية ،فتتشكل من سدم مائية مطابقة للركيزة الجيولوجية األولية ،فهي مياه موروثة
عن فترات زمنية مناخية رطبة وغير قابلة للتجدد وعميقة يتطلب استغاللها تكاليف باهضة ،ومن سدم مائية
بليورباعية متجددة وتتطابق مع التشكيالت البليورباعية وتتميز بنفاذية بطيئة وطويلة املدى.
ويتأثر هذا النوع من السدم املائية بعامل النفاذية الضعيفة بحيث ال تتعدى نسبتها 7باملئة مع تفاوتات بين
املناطق ،إذ تسجل إلى حدود 12باملئة باملنخفضات وتتراوح ما بين 2و 3باملئة في املجاالت املتضرسة.3
كما تتميز واحات فم زكيد بسيادة تربة فقيرة وضعف في عملية التترب جراء الظروف الطبيعية واملناخية
غير املساعدة ،وقد أدت هذه الخصائص التي تميز أتربتها وعملية التترب بها إلى محدودية في األراض ي الصالحة
1Oudada .Mohamed , Désenclavement et développement dans le sud du Maroc : le cas des pays du BANI Thèse de doctorat en
Géographie ;université Aix-Marseille-Université de Provence;2004 ;p33.
2السلوي(عبد املالك) ،السامي(عبد املجيد) ،أوالطالب (أحمد) ،أثر ظاهرة الجفاف والضخ املفرط للمياه على الفرشة الباطنية بواحات طاطا ورد
في تنسيق :حسن رامو ،عبد املجيد السامي ،بوجمة بوتوميت ،مصطفى ندرواي ،سعيد توتاي" واحات املغرب الصحراوي :التراث الطبيعي والثقافي
وآفاق التثمين" ،مركز الشباب الصحراوي لإلبداع االجتماعي ،2017،ص .181
3محي الدين (محمد)"1999 ،النظام الواحي بين تدهور املوارد الطبيعية وضعف املؤهالت البشرية والسياحية :حالة واحات فم زكيد بدرعة السفلى
ورد في "السياحة في امليزان" سلسلة الندوات رقم ،11كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية مكناس ،ص .65
العدد - 99يوليو 2023 - مركز جيل البحث العلمي
للزراعة التي تنتشر كأشرطة ضيقة على ضفتي وادي زكيد حيث على أساسها تشكالت هذه الواحات ،فضال عن
أراض ي املعادير (مجاالت فيضية) التي تستغل خالل الفترات املطيرة.
-2الدرايات الهيدروزراعية بواحات فم زكيد محصلة لتأقلم اإلنسان مع قساوة املناخ وندرة املوارد
الطبيعية
14 تشكل الواحات املغربية التي تعد واحات فم زكيد جزء ال يتجزا منها ،ثمرة تفاعل بين اإلنسان الواحي
ومحيطه البيئي ،فقد تمخض عن إدراك اإلنسان لخصائص مجاله الطبيعي بمقدمة الصحراء عبر قرون من
الزمن كسب معارف ومهارات وخبرات متعددة ومتنوعة مكنته من درايات هيدروزراعية ساعدته على االستثمار
في خاصيات الشح والندرة من أجل تلبية حاجياته وضمان استمراريتها عبر األجيال.1
وتكمن هذه الدرايات الهيدروزراعية التي كسبها اإلنسان بواحات فم زكيد في ما تراكم من تقنيات وأساليب
للتأقلم مع قساوة الظروف املناخية ،كالشح في التساقطات املطرية والتغيرية السنوية والفصلية والشهرية في
كميات هذه التساقطات وتذبذب الحرارة بين فصل وآخر ،وكذا ما يتولد ذلك من قوة معامل التشميس
والتبخر والنتح إلى جانب عدوانية الرياح ،خاصة ما يعرف برياح الشركي التي تهب على املجال خالل فصل
الصيف بشكل أساس.
كما تبرز هذه الدرايات في ماتراكم من مهارات ومعارف في التأقلم مع ندرة املوارد الطبيعية وموسمية املوارد
املائية السطحية وفجائيتها وشح املياه الباطنية وضعف تجددها وعدم انتظامها املجالي وضعف التربة
الصالحة للزراعة وعطوبيتها إلى جانب ندرة الغطاء النباتي وعدم انتظامه في الزمان واملكان وهيمنة التشكيالت
النباتية الجفيفية واإللفحجرية.
وتنقسم هذه الدرايات املكتسبة في التأقلم مع هذه الظروف املشار إليها سلفا بواحات فم زكيد إلى درايات
زراعية وأخرى هيدروفالحية.
-غراسة شجر النخيل دراية زراعية للتأقلم مع قساوة املناخ وندرة املوارد الطبيعية بالواحات وخلق
منيخات محلية
استطاع اإلنسان الواحي نتيجة الخبرة والدرية بظروف مجاله أن يدخل شجر النخيل ضمن املغروسات
بعدما كان هذا النوع يندرج ضمن التشكيالت النباتية الطبيعية ،بل مثلت شجرة النخيل الركيزة األساسية
1الفاس ي (إدريس )،2016،التوازنات البيئية بواحات الجنوب املغربي ورد في 'تنسيق :املختار األكحل ،عبد العالي فاتح ،محمد حنزار' تنظيم وتهيئة
املجال الريفي باملغرب :تدخالت وأبحاث ،منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالرباط ،املعهد الوطني للتهيئة والتعمير ،معهد الدراسات
اإلفريقية، .ص.209
العدد - 99يوليو 2023 - مركز جيل البحث العلمي
لبنية املزروعات بالواحات ودعامة داخلية لتوزانها البيئي ،فباإلضافة إلى الوظيفة االقتصادية واالجتماعية
لشجرة النخيل ،فهي تؤدي وظيفة إيكولوجية بالغة األهمية من خالل مساهمتها في التخفيف من قساوة
العوامل املناخية :الحرارة املرتفعة والتبخر القوي وقوة التشميس والرياح الحارة أو الجافة التي تتردد على
املجال.
وقد ساعدت عملية إدخال غراسة النخيل وإدماجها ضمن بنية املزروعات الواحية على خلق منيخات
15 محلية مكنت منتوفير ظروف بيئية وايكولوجية لتشكل األتربة الصالحة للزراعة واملحافظة عليها واملساهمة في
التأقلم مع ندرتها وعطوبيتها وكذا ندرة املياه وعدم انتظامها.
كما أن الفالح الواحي عبر درايته تمكن من التخفيف من اآلثار املترتبة عن شيخوخة هذه الشجرة والحرائق
وآثار الفيضانات واألمراض الطفيلية التي تصيبها كالبيوض وغيره اعتمادا على ما اكتسبه من تقنيات في عمليات
تجديد وتشبيب حضيرة النخيل لتعويض التراجع الناجم عن ذلك ،الش يء الذي ساهم في جعل الواحات في
توزان مستدام لعقود من الزمن.
-الطباقة النباتية دراية زراعية للتخفيف من حدة التبخروعدو انية الرياح:
اعتمد اإلنسان الواحي على نظام نباتي قائم على ثالث طبقات :األولى تتألف من النخيل ،الثانية تتشكل من
األشجار املثمرة األخرى ،والثالثة تقوم على املزروعات الفصلية من حبوب وقطاني وخضروات ومزروعات
علفية.
وقد لجأ إلى ذلك ملواجهة ندرة األراض ي الصالحة للزراعة كخاصية بنيوية لهذه األوساط ما قبل الصحراوية،
بحيث تم االعتماد على البناء العمودي للمشارات الزراعية بدل االمتداد األفقي حتى يتمكن اإلنسان من تلبية
حاجياته اليومية والفصلية والسنوية ،مع مراعاة إكراه ندرة التربة الصالحة للزراعة بهذه املجاالت وللتخفيف
من اآلثار السلبية لقوة التشميس الذي يؤدي إلى تملح األراض ي الزراعية نتيجة التبخر القوي الناجم عن
درجات الحرارة املرتفعة.
كما تكمن أهمية الطباقة النباتية في الدور الهام الذي تلعبه للمحافظة على مياه السقي النادرة والتخفيف
من تبخرها جراء قوة التبخر ،فضال عن أهميتها في الحد من اآلثار السلبية لهبوب الرباح ،السيما القارة والحارة
خالل فصلي الشتاء والصيف على املزروعات التحتية وحمايتها وكذا حماية األتربة من التدرية والتراكم
الريحيين.
العدد - 99يوليو 2023 - مركز جيل البحث العلمي
-التدبير الجماعي ملياه الري دراية هيدروفالحية للتأقلم مع ندرة املوارد املائية ومع الالنتظامها املجالي
والزماني:
دفع إدراك اإلنسان الواحي لندرة املوارد املائية وضعف تجددها وتباينها املجالي وتذبذبها الزمني إلى إبداع
أساليب للتأقلم معها كإكراه طبيعي بنيوي في املجاالت قرب صحراوية عموما ،مما تولدت عنه درايات
16 هيدروفالحية في إدارة وتدبير ندرة مياه الري وتدبدب صبيبها الفصلي والسنوي تم توارثه وتطويرها عبر األجيال.
وقد شكل التدبير املشترك والجماعي للموارد املائية بهذه الواحات صورة عن هذه الدرايات املكتسبة في
التعامل مع ندرتها وعدم انتظامها.
ويرتكز هذا التدبير الجماعي املشترك للموارد املائية بواحات فم زكيد على عدة عناصر هي:
-تبني وسائل جماعية مشتركة في تعبئة املياه الجوفية املوجهة للري التي تبرز أساسا في الخطارات والعيون.
-مد قنوات جماعية لنقل مياه الري من مجاالت الوفرة بعالية األحواض إلى مجاالت الندرة بالسافالت عبر
تشييد السواقي الرئيسية على امتداد عشرات الكيلومترات من املنبع إلى املشارات الزراعية ،وبناء صهاريج لجمع
وتوزيع املياه على املشارات حسب حاجتها للماء.
-اعتماد أعراف وتقاليد جماعية في ضبط وتقنين استعمال املاء وتوزيعه ،وبناء السواقي وصيانتها بشكل
دائم ،وتهيئة قنوات ري املشارات الزراعية لتأقلم مع ندرة املوارد املائية وضعف تجددها وتغيريتها الفصلية
والسنوية.
العدد - 99يوليو 2023 - مركز جيل البحث العلمي
إن الحفاظ على هذه الدرايات الزراعية املتراكمة عن اختبار اإلنسان الواحي لطبيعة ظروف مجاله مناخيا
وطبيعيا ،وإدارة الندرة في املوارد الطبيعية من ماء وتربة نبات وقساوة في الظروف املناخية ،وإدراكه إلكراهاتها
على حاجياته اليومية والفصلية والسنوية ،وما يقتضيه ذلك من مراعاة لها في تهيئة املجال الواحي ،وفي اختيار
17 املزروعات املالئمة واملتأقلمة وإبداع التقنيات والوسائل املتماشية معها في حصاد مياه الري وتوزيعها ،هو ما
جعل واحات فم زكيد تضمن استدامتها وتحافظ على توازنها البيئي الهش على مدى عقود من الزمن.
-3دورتراجع الدرايات الهيدروزراعية في األزمة السوسيو اقتصادية والبيئية بواحات فم زكيد:
تبرز العديد من الدراسات واألبحاث أن الواحات املغربية تعيش أزمة متعددة األبعاد االقتصادية
واالجتماعية والبيئية وغيرها ،وتذهب في تفسيراتها لذلك إلى تقاطع عوامل متعددة ومتنوعة ،وتركز أساسا على
اإلكراهات املناخيةكتردد ظاهرة الجفاف املناخي وحدته ومرض البيوض وآثاره السلبية ،ومنها ما يرتبط باألزمة
الهيكلية املترتبة عن آثار الضغط الديمغرافي على املوارد الطبيعية بهذه الواحات في مقابل مجهرية األراض ي
الزراعية ونقص املوارد املائية وضعف تجددها وما تولد عن ذلك من اتجاه نحو استنزاف الفرشات الباطنية
والتوسع على املحيط الحيوي لهذه الواحات ثم مفعول التصحر واإلرمال.
غير أن هذه األطروحات التفسيرية ألزمة الواحات باملغرب 1لم تولي األهمية بشكل كاف إلبراز محورية التخلي
عن الدرايات املحلية الهيدروزراعية في تفسير هذه األزمة ،بالنظر للدور املحوري الذي لعبته في تشكل الواحات
واستدامتها ،من خالل تأقلم اإلنسان الواحي مع الظروف الطبيعية بشكل عام ،ومع التغيرية املناخية وضمان
استدامة املوارد الطبيعية لقرون من الزمن ،حيث يتضح من دراسة وتحليل األزمة التي تعيشها واحات فم
زكيد ،أن تردي وضعية منظومة الدرايات الهيدروزراعية وتراجع مكانتها ساهم في األزمة االقتصادية
واالجتماعية والبيئية التي تعانيها معظم هذه الواحات في الوقت الراهن.
1-Bentaleb .Aziz ,2008,La dynamique de la désertification dans le bassin du draa moyen : analyse et perspectives de réhabilitation
- 1-3تراجع اعتماد أسلوب التدبير الجماعي للموارد املائية بواحات فم زكيد ساهم في هدر املاء واستنزاف
الفرشات الباطنية :
أ -ضعف االهتمام والعناية املستدامة بالسواقي والعيون والخطارات ساهم في تراجع فعاليتها ونجاعتها في
النشاط الزراعي
ظل تدبير املوارد املائية السطحية منها والجوفية ،خاضعا ألسلوب التدبير الجماعي بين مختلف األفراد
18 والجماعات سواء في عملية 'حصاده" تعبئتها أو نقله من املنبع نحو الحقول واملشارات الزراعية بهذه الواحات.
فقد ظلت املؤسسات االجتماعية التقليدية" أجماعة"تسهر على ضمان هذا التدبير بناء على السلطات املخولة
لها من قبل أفراد القبيلة أو الفخدة ،وباالعتماد على ما استقر من أعراف وتقاليد في تعبئة املياه وتوزيعها على
مستحقيها وضمان استدامتها والحفاظ عليها من قبل القبيلة.
لقد جسد التعاون بين الساكنة على مد السواقي والخطارات وحفر العيون وترميمها وصيانتها من فيضانات
واد فم زكيد وفق قواعد مضبوطة وبناء "إكوك" أو "الربط" لتحويل مياه الفيض واستثمارها في ري الحقول
خالل الفترات الرطبة صورة عن التدبير الجماعي لهذه املوارد بالواحات املدروسة ،غير أن وضعية هذه
التجهيزات الهيدروفالحية اليوم يبرز التدني الذي بات يعرفه األسلوب الجماعي في تدبير املوارد املائية بهذه
الواحات.
ويتجلى هذا التدني من خالل مستويات عدة في هذه الواحات :
* سواقي وخطارات مغمورة باألتربة والحص ى جراء اإلهمال وانعدام ديمومة الصيانة من قبل فالحي
الواحات كما كان األمر من ذي قبل.
* سواقي تعرضت لالنجراف بفعل فيضانات وادي فم زكيد جراء غياب الحماية من قبل الفالحين وانعدام
الترميم والصيانة التي كانت تعقب كل فيضان من فيضانات الوادي قبل عقود.
* عيون مغمورة بالحص ى والطمي الذي تراكم لسنوات في غياب الصيانة والتهيئة من قبل املستفيدين من
مياهها.
الصورة :1حالة تردي سواقي واحات فم زكيد (واحة السميرة)
إن اإلهمال الذي تعرضت له التجهيزات الهيدروفالحية (العيون ،السواقي ،الخطارات) جراء تراجع التدبير
الجماعي في إدارة املوارد املائية بهذه الواحات ترتب عنه ضعف في نجاعتها وفعاليتها ،ويتجلى ذلك في تدني صبيبها
وعلى مردوديتها الضعيفة ما بين املنبع والحقول الزراعية نتيجة ضياع كميات مهمة تكون املشارات في حاجة
إليها.
ومن أجل التخفيف من اآلثار السلبية الناجمة عن إهمال هذه التجهيزات السيما ضعف عائدها من املياه
19 على مستوى املشارات ،فقد بذلت مجهودات لترميم وصيانة العديد من السواقي والخطارات في إطار مشروع
تبليطها من قبل مركز االستثمار الفالحي لورزازات وجهات أخرى قبل .2009
الشكل (: )2مساحة تهيئة وتبليط السواقي والخطارات بواحات فم زكيدب"املتر".
3000
2000
1000
0
السميرة المحاميد ام حنش تمزوروت بودالل-بوكير
-تابية
ب -التحول من التدبير الجماعي للموارد املائية نحو التدبير الفردي أدى إلى الضغط على الفرشات الباطنية
واستنزافها:
يتجلى ذلك في انتشار ظاهرة اآلبار الخاصة باملنطقة منذ ثمانينات القرن املاض ي ،حيث انتقلت اآلبار من
وسيلة تكميلية يتم اللجوء إليها من قبل الفالحين أثناء انخفاض صبيب الخطارات والسواقي في فصل الصيف
أو أثناء فترات الجفاف إلى وسيلة رئيسية في عملية السقي سواء داخل الواحات أو باملجاالت املجاورة ،كعالية
الحوض النهري لفم زكيد على سبيل املثال ،وبدأ التخلي التدريجي عن تدبير الجماعي للموارد املائية "السواقي
والخطارات واآلبار الجماعية" في فترة التسعينات جراء توجه الفالح املحلي بعالية الحوض إلى الفالحة
التسويقية خاصة الخضروات واألعالف والحناء إلى جانب التمور.
وسيزداد التحول نحو التدبير الفردي للموارد املائية املحلية خالل العقدين األخيرين مع انتشار ظاهرة
البطيخ األحمر باملنطقة وفتح هوامش الواحات التقليدية لالستثمارات الزراعية الجديدة ،مما سبب في ارتفاع
عدد اآلبار الخاصة وزيادة أعماقها جراء الطلب املتزايد على املاء املوجه لسقي ضيعات البطيخ األحمر جراء
االنتقال باآلبار الخاصة من وسيلة تكميلية إلى وسيلة رئيسية في النشاط الزراعي باملنطقة.
العدد - 99يوليو 2023 - مركز جيل البحث العلمي
لقد ترتب عن هذا التحول إنهاك للفرشات الباطنية باملجال ،وخاصة بمنطقة الفايجة بعالية حوض فم
زكيد مابين جبل باني جنوبا ،وسفوح األطلس الصغير شماال باعتبارها احتياطي مائي للمنطقة ومصدرا لتزويد
واحات سافلة الحوض بمياه السقي والشرب.
-3-2ساهم تراجع الطباقة النباتية واملصدات الريحية في تسارع وتيرة االختالل البيئي بواحات فم زكيد:
تكمن مساهمة تراجع الدرايات الهيدروزراعية في أزمة واحات فم زكيد أيضا من خالل ما ترتب من آثار عن
20 التخلي التدريجي عن الطباقة النباتية ،إذ يالحظ أن الواحات األصيلة بفم زكيد صارت تتجه تدريجيا إلى التخلي
عن اعتماد ذلك ،حيث نجد أن 3واحات من أصل الواحات السبعة هي التي مازالت تحتفظ نسبيا بوجود طبقة
النخيل وطبقة األشجار املثمرة ،فيما اختفت هذه الدراية في باقي الواحات.
أما الواحات "الجديدة" ،فتغيب فيها الطباقة النباتية بشكل عام حيث ال نجد شجرة النخيل واألشجار
املثمرة إال نادرا و يهيمن عليها املشارات الزراعية الخاصة بالخضروات والبطيخ األحمر واملزروعات العلفية
والحبوب.
ويتضح ذلك بشكل جلي في األراض ي الزراعية الجديدة بهوامش واحات عالية حوض فم زكيد (الصورة.)2
الصورة :2مشهد من واحات عالية حوض فم زكيد )الشمال الشرقي لواحة السميرة)
وينطبق وضع التراجع والتخلي عن الدرايات الهيدروزراعية ،كذلك على وضعية املصدات الريحية التي ظلت
آلية مهمة لحماية األراض ي الصالحة للزراعة كمورد نادر من عدوانية الرياح وما ينجم عنها من تدرية وتراكم
ريحي يمس بخصوبتها ويؤثر على إنتاجيتها ،فعلى مستوى الواحات األصيلة يالحظ أن املصدات لم تعد تحظى
بعناية الفالح واهتمامه وال تخضع للصيانة والترميم كما كان في السابق ،ونجد ما يناهز 62باملئة من الفالحين
بالواحات األصيلة لم يعودوا يهتمون ببناء هذه املصدات أو ترميمها مقابل 38باملئة يولونها بعض االهتمام كما
يوضح الجدول ( )1ذلك.
العدد - 99يوليو 2023 - مركز جيل البحث العلمي
– 3-3أدى تراجع غراسة وتجديد شجرة النخيل إلى املساهمة في اإلخالل بالتوزان البيئي داخل هذه الواحات
وتدني اإلنتاجية االقتصادية.
لم يعد اإلقبال على غراسة النخيل بواحات فم زكيد كما كان في السابق من العقود ،كما أن عملية تجديده
وتشبيبه هي األخرى تراجعت بشكل كبير ،ويتضح ذلك من خالل املعطيات الواردة في الجدول ( )2حول التحول
الذي طال البنية الزراعية للواحات.
لقد تخلى الفالحون عن غراسة النخيل باملشارات الزراعية بهوامش الواحات األصيلة بعالية فم زكيد،
واتجه االهتمام أكثر بالخضروات والحبوب واملزروعات العلفية ،كما غلب التعاطي لزراعة البطيخ األحمر
املوجه للتسويق خالل العقدين األخيرين.
كما يتضح من املعطيات الواردة في الجدول ( )2أن عملية تجديد وتشبيب حضيرة النخيل بالواحات األصيلة
ضعيفة إلى منعدمة.
الجدول( :)2وضعية دراية تجديد النخيل بواحات فم زكيد
عالية فم
سافلة فم زكيد زكيد
التجديد العدد التجديد العدد
نعم 12 نعم 8
ال 18 ال 11
املجموع 30 املجموع 19
املصدر :عمل ميداني 2018/2017
ولقد ظلت غراسة النخيل والعناية به وتجديد حضيرة النخيل باملشارات الزراعية وتوسيع مساحته من
العمليات األساسية عند الفالحين بالواحات األصيلة ،كما كانت أشجار النخيل عماد البنية الزراعية داخلها.
العدد - 99يوليو 2023 - مركز جيل البحث العلمي
وقد أدت هذه التحوالت في مكانة شجرة النخيل داخل الواحات األصيلة ،وفي املجاالت الفالحية الجديدة
إلى املساهمة في اختالل التوزان البيئي واملردودية الفالحية للمجال ،إذ ترتب عن هذا التحول تراجع فيما كانت
تلعبه أشجار النخيل من وظائف بيئية مهمة تمثلت أساسا في توفير منيخات محلية مساعدة على النشاط
الزراعي والتخفيف من قساوة العوامل املناخية من معدالت حرارية مرتفعة وضعف التساقطات وعدم
انتظامها والتبخر القوي ،وفي التأقلم مع محدودية املوارد املائية وعدم انتظامها وضعف مساحة األراض ي
22 الصالحة للزراعة ،فضال عن مواجهة عدوانية الرياح وخطر التدرية والتراكم الريحي وتملح األتربة جراء التبخر
القوي باملنطقة.
-4ساهمت عوامل اجتماعية و اقتصادية في تراجع الدرايات الهيدروزراعية بواحات فم زكيد
-1انقطاع عملية توارث الدرايات الهيدروزراعية في واحات فم زكيد
يعد انقطاع توارث الدرايات الهيدروزراعية على مستوى واحات فم زكيد من العوامل املساهمة في أزمتها
الحالية ،فقد كان لتناقل درايات التعامل مع ندرة املوارد الطبيعية وصعوبات الظروف املناخية عبر األجيال
دور في الحفاظ على استدامة الواحات ،وتأقلمها مع قساوة الطبيعة وندرة املوارد املائية والنباتية ومحدودية
األراض ي الصالحة للزراعة.
إال أنه مع توالي األزمنة بدا توارث مهارات وخبرات التعامل مع خصائص املجال الواحي يعرف تراجعا ،الش يء
الذي انعكس سلبا على التوزان الداخلي للواحات وساهم في إنهاك املوارد الطبيعية بهذا املجال وإطالق دينامية
التصحر.
ويعزى الضعف والتراجع في توارث الدرايات الهيدروزراعية املتأقلمة إلى عدة عوامل منها التحوالت
املجتمعية التي شهدتها الواحات ،وهجرة الشباب نحو املدن الداخلية والخارج ،مما يحول دون استمرارية
عملية التوارث.
كما أن فئة الشباب التي لم يتسنى لها املغادرة ال تولي اهتمام للشأن الفالحي خاصة بالواحات األصيلة.
ويتضح أن الحياة الفالحية بهذه الواحات من زراعة وصيانة وتهيئة ،وغيرها من األنشطة الزراعية باتت
تقتصر على املعمرين والشيوخ فقط.
الشكل( :)3بنية أعمارالفالحين بواحات فم زكيد بـ%
11% 11%
77%
لقد كان النقطاع توارث الدرايات الهيدروزراعية بواحات فم زكيد انعكاسات سلبية على استدامة املوارد
الطبيعية وعلى توزان الواحات وضمان استدامتها بشكل عام نجملها في أمرين:
* خفوت العمل الفالحي اليومي وعلى طول السنة بالواحات األصيلة أو التقليدية ،ولم يعد يظهر إال خالل
فترات الفيض وفي السنوات املطيرة ،كما لم يعد هناك اهتمام بعمليات الصيانة للتجهيزات الهيدورفالحية من
سواقي ومشارات زراعية وللمصدات الريحية ولم تصبح عمليات تشذيب النخيل وتلقيحه وتنقيته بالشكل
23 املطلوب والدائم...مما جعل أراض ي هذه الواحات عرضة للتصحر واإلرمال ،وسواقيها ومشاراتها مغمرة باألتربة
والحص ى واجتاحت بعض من أراضيها النباتات الطبيعية خاصة التشكيالت النباتية امللحية ،كما تراجعت
مردودية نخيلها والعائد املائي لسواقيها ،الش يء الذي ساهم في تأزيم وضعيتها االقتصادية واالجتماعية والبيئية.
* بروز واحات جديدة في هوامش الواحات األصيلة بعالية حوض فم زكيد تفتقد للدرايات الهيدروزراعية
املتأقلمة ،تقوم على بنية فالحية ال تتماش ى مع مقومات الهشاشة البيئية للمجال ،وعلى تجهيزات هيدروفالحية
مستنزفة للموارد الطبيعية خاصة الفرشات الباطنية ،الش يء الذي سيساعد في تقوية مسلسل التصحر
واختالل املنظومة البيئية الواحية بشكل عام.
تراجع مكانة املؤسسات التقليدية في املجتمع الواحي ساهم في التخلي عن الدرايات الهيدروزراعية
ظلت املؤسسات التقليدية بواحات فم زكيد ('اجماعة' أو الجماعات الساللية) تسهر على ضمان استدامة
واستمرارية هذه الدرايات املتاقلمة مع الندرة والشح في املوارد الطبيعية من خالل ما تطبقه من تقاليد وأعراف،
وما تقوم به من عمليات الستثمار مؤهالت املجال والحيلولة دون استنزافها أو ضياعها.
وقد كانت لها أدوار مركزية في تقسيم األراض ي الزراعية وقواعد توزيع مياه الري وتشييد السواقي والخطارات
وترميمها وصيانتها والعناية والصيانة العامة للواحة ،من تشذيب أشجار النخيل وتلقيحها وجني التمور وكل
األعمال الفالحية من حرث وزرع وجني ودرس وغيرها ،إال أن التحوالت االجتماعية والثقافية الطارئة غيرت من
مكانة هذه املؤسسات التقليدية 'اجماعة' بهذه الواحات في ضمان استمرارية هذه الدرايات املتوارثة.
ويمكن تلخيص الوضعية الراهنة لهذه املؤسسات في:
-مؤسسات تقليدية لم يعد لها أي دور في تدبير املوارد الطبيعية أو تنظيم عمليات اإلعداد والتهيئة واألعمال
الفالحية وينطبق هذا بشكل كبير على "اجماعة" أو الجماعات الساللية بواحات السميرة والغوانم وأمزرو
واملحاميد بعالية حوض فم زكيد ،بحيث أصبحت وظيفة هذه املؤسسات مقتصرا على توزيع رخص استغالل
األراض ي الصالحة للزراعة بهوامش الواحات فقط ،وأصبح تدبير املوارد الطبيعية وخاصة املياه املوجهة للسقي
فرديا تبعا إلمكانيات األفراد املالية واللوجستيكية وتبعا لحاجيات السوق والرهانات املالية واالقتصادية
للمزارعين.
-مؤسسات تقليدية أخرى تراجعت وظيفتها بشكل كبير وأصبح دورها يقتصر فقط على بعض الفترات،
السيما حينما تلحق بهذه الواحات أضرار كبيرة جراء الفيضانات مثال ،فيما تقلص وجودها في السهر على
تنظيم الواحة والصيانة والعناية بمكوناتها ويندرج ضمن ذلك واحات :واكروط ،أم حنش ،تمزوروت ،بوكير،
العدد - 99يوليو 2023 - مركز جيل البحث العلمي
كما يستنتج أيضا أن انقطاع توارثها أو تراجع مكانتها ضمن منظومة الوسائل واألساليب املعتمدة في عمليات
التهيئة واإلعداد والتنمية الفالحية في الوقت الراهن ساهم في الوصول إلى األزمة التي تعيشها هذه الواحات وعلى
ضعف قدرتها على التأقلم مع خاصيات املجال املناخية والطبيعية ،الش يء الذي يجعل من من أولى األولويات
إعادة االعتبار لها في بناء أي نموذج تنموي يتوخى تجاوز الوضع الحالي لهذه الواحات ويتطلع إلى تنمية مستدامة
25
بهذا املجال.
8. -lekbirouhajou, 1996 : La gestion de l’eau : de l’ordre local a l’ordre régulateur : cas de la valle
du Draa moyen pub. FSLH ; AGADIR .
9. -MouhiddineMohamed.2013.Protection et valorisation du patrimoine naturel du Bas Draa.
Coordonne par Mohamed Ait Hamza &El OUAFI Nouhi. Patrimoine culturel matériel de la
Région Souss-Massa-Draa. Pub.IRCAM.
26 10. -Oudada .Mohamed2004 , Désenclavement et développement dans le sud du Maroc : le cas
des pays du BANI Thèse de doctorat en Géographie ;université Aix-Marseille-Université de
Provence .(non pub) .
11. -PNUD2009. Diagnostic agro écologique et typologie des oasis.MAROC.
12. O.R.M.V.A.OUARZAZAT ; Etude de la situation actuelle et schéma directeur des
aménagement de PMA.2009.