Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة 1 اللسانيات البنيوية
المحاضرة 1 اللسانيات البنيوية
المحاضرة 1 اللسانيات البنيوية
-1اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ :
11
اﻟﺗﺣول ﯾﻔﯾد أن اﻟﺑﻧﯾﺔ
ﺑﻣﻌﻧﻰ أّﻧﻬﺎ ﺗﻐﯾرات ﺗﺣدث داﺧل اﻟﻧﺳق أو اﻟﻧظﺎم و ﺗﻧﺑﻊ ﻣﻧﻪ .و ﻣن ﻫﻧﺎ ﻧﻔﻬم أن ّ
اﻟﺗﻐﯾر ،و ﻻ ﺗﺳﺗﻘر ﻋﻠﻰ ﺷﻛل واﺣد.
اﻟﺗﺣول و ّ
ﻧظﺎم ﻣن اﻟﺗﺣوﻻت ﻻ ﯾﻌرف اﻟﺛﺑﺎت ،ﻓﻬﻲ داﺋﻣﺔ ّ
-3اﻟﺗﻧظﯾم اﻟذاﺗﻲ
أي أن اﻟﺑﻧﯾﺔ ﻓﻲ وﺳﻌﻬﺎ ﺗﻧظﯾم ﻧﻔﺳﻬﺎ ﺑﻧﻔﺳﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﺑط ﻧﻔﺳﻬﺎ ﺑﻧﻔﺳﻬﺎ ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺣﻔظ
ﻋﻠﯾﻬﺎ وﺣدﺗﻬﺎ ،و ﯾﻛﻔل ﻟﻬﺎ اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ،و ﯾﺣﻘق ﻟﻬﺎ ﺿرﺑﺎ ﻣن " اﻹﻧﻐﻼق اﻟذاﺗﻲ " أي أن
5
ﺗﺣوﻻﺗﻬﺎ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻻ ﺗﻘود أﺑﻌد ﻣن ﺣدودﻫﺎ .و أﻧﻬﺎ ﺗوﻟّ د داﺋﻣﺎ ﻋﻧﺎﺻر ﺗﻧﺗﻣﻲ إﻟﻰ اﻟﺑﻧﻲ ةّ ﻧﻔﺳﻬﺎ.
ﻓﻬذﻩ اﻟﺧﺎﺻﯾﺔ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛﻔل ﺑوﻗﺎﯾﺔ اﻟﺑﻧﯾﺔ و ﺣﻣﺎﯾﺗﻬﺎ و ﺣﻔظﻬﺎ ﺣﻔظﺎ ذاﺗﯾﺎ ﯾﻧطﻠق ﻣن داﺧل
ﺗﻛوﯾﻧﻬﺎ اﻟذاﺗﻲ )أي اﻟﺑﻧﯾﺔّ ( ﻻ ﻣن ﺧﺎرج ﺣدودﻫﺎ؛ ﻓﻬﻲ ﺗﺳﺗﻣد ﺗﻧظﯾﻣﻬﺎ ﻣن ﻋﻧﺎﺻرﻫﺎ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﻟﻛﯾﻧوﻧﺗﻬﺎ.
ﯾﻘول زﻛرﯾﺎ اﺑراﻫﯾم ﻓﻲ ﺗﻌﻠﯾﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻌرﯾف "اﻟﺑﻧﯾﺔ" ﻋﻧد ﻛل ﻣن " ﺟﺎن ﺑﯾﺎﺟﯾﻪ "و" ﻛﻠود ﻟﯾﻔﻲ
اﺷﺗراوس" :أّﻧﻬﻣﺎ ﯾﺗﻔﻘﺎن ﻋﻠﻰ ّأن اﻟﺑﻧﯾﺔ ﻫﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟذي ﯾﺣﻛم ﺗﻛون اﻟﻣﺟﺎﻣﻊ اﻟﻛﻠﯾﺔ ﻣن ﺟﻬﺔ و ﻣﻌﻘوﻟﯾﺔّ
اﻟﻛﻠﯾﺔ ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ،و ﻣﻌﻧﻰ ﻫذا ّأن ﺑﯾت اﻟﻘﺻﯾد ﻓﻲ ﻛل" ﺑﻧﯾﺔ " إﻧّﻣﺎ ﻫو» وﺣدة ﺗﻧوﻋﻬﺎ
ّ ﺗﻠك اﻟﻣﺟﺎﻣﻊ
أو ﺗﻐﯾراﺗﻬﺎ اﻟﻣﺗﻔﺎﺿﻠﺔ« .6
أﻣﺎ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻠﻐوي اﻟﺳوﯾﺳري "ﻓردﻧﺎﻧد دي ﺳوﺳﯾر " F.D Saussureﻓﻛﺎن ﯾﻌﺑر ﻋن ﻣﺻطﻠﺢ
"اﻟﺑﻧﯾﺔ "ﺑﺎﻟﻧﺳق أو اﻟﻧظﺎم " Systèmeو ﻟم ﯾﻣﻛن ﯾﺻدع ﺑﻣﺻطﻠﺢ "اﻟﺑﻧﯾﺔ . "Structureوﺟﻣﻬور
اﻟدارﺳﯾن أﺟﻣﻌوا ﻋﻠﻰ أن دي ﺳوﺳﯾر ﻓﻲ إﻟﺣﺎﺣﻪ ﻋﻠﻰ ﻧظﺎﻣﯾﺔ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻠﻐوي ،ﻗد ﺳﻣﻰ " ﻧﺳﻘﺎ "ﻣﺎ
ﺳﻣﺎﻩ ﺧﻠﻔﻪ" ﺑﻧﯾﺔ".
و إذا ﻋدﻧﺎ إﻟﻰ ﺗﻌرﯾﻔﺎت" اﻟﺑﻧﯾﺔ "ﻓﻲ اﻟدراﺳﺎت اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧﺟدﻫﺎ ﺗﺗﻔق ﺟﻠﻬﺎ ﺗﻘرﯾﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﻘﺎﺋل
ﺑﺄن اﻟﺑﻧﯾﺔ ﻧظﺎم أو ﻧﺳق ﻓﻣﻔﻬوم اﻟﺑﻧﯾﺔ ﺣﺳب " ﺳﻣﯾر ﺳﻌﯾد ﺣﺟﺎزي " ﯾﺷﯾر إﻟﻰ » اﻟﻧظﺎم اﻟﻣﺗﺳق اﻟذي
ﺗﺗﺣدد ﻛل أﺟزاءﻩ ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ راﺑطﺔ ﺗﻣﺎﺳك ﺗﺟﻌل ﻣن اﻟﻠﻐﺔ ﻣﻧﺗظﻣﺔ ﻣن اﻟوﺣدات أو اﻟﻌﻼﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻔﺎﺿل
ّ
7
ﯾﺣدد ﺑﻌﺿﻬﺎ ﺑﻌﺿﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺗﺑﺎدل«.
و ّ
و ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﺧﺗم ﻫذﻩ اﻟﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن ﺗﻌﺎرﯾف اﻟﺑﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟﻘول » :إن اﻟﺑﻧﯾﺔ ﻫﻲ اﻟﻛل اﻟﻣﻛّون ﻣن ﻣﺟﻣوﻋﺔ
اﻷﺟزاء اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﯾﻧﻬﺎ ﺑﺷﻛل ﯾﺻﺑﺢ ﻻ ﻣﻌﻧﻰ ﻟﻠﺟزء ﺑدون ﻋﻼﻗﺗﻪ ﻣﻊ اﻷﺟزاء اﻷﺧرى ،و ﻻ ﯾﻣﻛن ﻓﻬم
ﺑﺗﻐﯾر اﻟوﺿﻌﯾﺎت و
اﻟﺑﻧﯾﺔ إﻻ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻛل اﻟﻣﺗراﺑط ﻓﻲ ﻋﻧﺎﺻرﻩ اﻟﺟوﻫرﯾﺔ و اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺗﺄﺛر ّ
8
اﻟﻣواﻗف «.
12
-1ﺑـ/ﻣﻔﻬوم اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ
ﻋرف "ﯾﻠﻣﺳﻠﯾف" اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﺑﻘوﻟﻪ " :ﺗﻌﻧﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺑﺣوث اﻟﺗﻲ ﺗﺻف اﻟﻠﻐﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ
ﻛﯾﺎﻧﺎ ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻣن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟداﺧﻠﯾﺔ أو ﻗل ﻓﻲ ﻛﻠﻣﺔ إﻧﻬﺎ ﺑﻧﯾﺔ" .وﻫﻲ ﺗﺣدد اﻟظﺎﻫرة اﻟﻠﻐوﯾﺔ ،ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻛﻣن
ﻓﻲ واﻗﻌﻬﺎ اﻟﻔﯾزﯾﺎﺋﻲٕ ،واﻧﻣﺎ ﻓﻲ اﻟدور اﻟذي ﯾﻘوم داﺧل اﻟﻧظﺎم اﻟﻠﻐوي ،وﻟذﻟك ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﺳﻣﺔ اﻟﺗﻣﯾﯾزﯾﺔ.
ﻓﺎﻟﺑﻧﯾﺔ ﻧﺳق )اﻟﻧﺳق ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ أو ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻧظﺎم واﺣد ،ﯾﻧطوي ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻘﻼل ذاﺗﻲ ﻣن اﻟﻌﻼﻗﺎت
اﻟﺑﺎطﻧﯾﺔ ،ﻟﻪ ﻗواﻧﯾﻧﻪ اﻟﺧﺎﺻﺔ وﯾﺗﺻف ﺑﺎﻟوﺣدة اﻟداﺧﻠﯾﺔ و اﻻﻧﺗظﺎم اﻟذاﺗﻲ(.
-1ﺟـ/ﺧﺻﺎﺋص اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ
ﺗﺗﻣﯾز اﻟﺑﻧﯾﺔ ﺑﺧﺻﺎﺋص ﺛﻼث ﻫﻲ :اﻟﻛﻠﯾﺔ أو اﻟﺷﻣول .اﻟﺗﺣول .اﻟﺗﻧظﯾم اﻟذاﺗﻲ.
ﻟﻘد ﻗدﻣت اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت أﺳﺳﺎ وﻣﻌﺎﯾﯾر و ﻧﻣوذﺟﺎ ﻟﻠﻣﻧﻬﺞ اﻟﺑﻧﯾوي ﻓﻲ ﺣﻘل اﻟدراﺳﺎت اﻷدﺑﯾﺔ .وﻣن ﻫﻧﺎ ﻻ
ﯾﻣﻛن اﻹﺣﺎطﺔ ﺑﺟوﻫر اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ دون ﻓﻬم ﻋﻣﯾق ﻷﺳﺳﻬﺎ وﻣرﺟﻌﯾﺎﺗﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﻌود إﻟﻰ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت.
-ﻣﻌﻧﻰ ﻋﻧﺻر ﻣﺎ ﻻ ﯾﺗﺣدد إﻻ ﻓﻲ ﺿوء ﻗواﻋد اﻟﻧظﺎم اﻟذي ﯾﻧﺗﻣﻲ إﻟﯾﻪ ﻫذا اﻟﻌﻧﺻر.
ﻣﻌﻧﻰ ﻋﻧﺻر ﻣﺎ ﻻ ﯾﺗﺣدد إﻻ ﺑﻌﻼﻗﺗﻪ اﻟﺧﻼﻓﯾﺔ أو اﻟﺗﻌﺎرﺿﯾﺔ ﻣﻊ ﺑﻘﯾﺔ ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻧظﺎم. -
-اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻻﻋﺗﺑﺎرات اﻵﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟﻘﯾﺎس إﻟﻰ اﻻﻋﺗﺑﺎرات اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،إذ أﺧذت اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﺑدأ اﻟﻠﺳﺎﻧﻲ
اﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟدراﺳﺔ اﻵﻧﯾﺔ.
ﻣن ﺧﺻﺎﺋص اﻟدراﺳﺔ اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ أن ﯾُ ﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﻣﺣﺎﯾث ،واﻟﻣﺣﺎﯾﺛﺔ ﻣن أﻫم ﺳﻣﺎت اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ
وﻣﻌﻧﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﻋرف اﻟﻣدارس اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ أن اﻟﻧص –أو اﻟﻣﻠﻔوظ -ﻻ ﯾﺣﻠل إﻻ اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﺧواﺻﻪ اﻟداﺧﻠﯾﺔ،
ﻓﻬذﻩ اﻟﺧواص ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻛن ﻣن ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﻠﻔوظ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﺑﻧﯾﺔ ﻣﻐﻠﻘﺔ ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗوﺻف ﻣن ﺣﯾث ﻫﻲ،
ﺑﻘطﻊ اﻟﻧظر ﻋن ﻛل ﺳﯾرورة ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ.
"ﺟﯾرار ﺟﯾﻧﯾت" ﻓﻲ ﺗﻌرﯾﻔﻪ ﻟﻠﺑﻧﯾوﯾﺔ ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻫﻲ "اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﺷﻛﺎل اﻷدﺑﯾﺔ" واﻟﺷﻛل
اﻷدﺑﻲ ،ﻫﻧﺎ ،ﻟﯾس إﻻ اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﻧوﻋﯾﺔ ﻟﻸدب ،وﻫذﻩ اﻟﺧﺻﺎﺋص ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺑﺣث ﻋﻧﻬﺎ إﻻ ﻣن ﺧﻼل
"اﻟﺧطﺎب".
13
-2اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ودراﺳﺔ اﻟﻧص اﻟﺳردي:
ﻓﻲ دراﺳﺗﻪ اﻟﻬﺎﻣﺔ "ﻣﻘوﻻت اﻟﺳرد اﻷدﺑﻲ" ﻓﻲ اﻟﻌدد اﻟﺛﺎﻣن ﻣن ﺗواﺻﻼت ،ﯾﻧطﻠق "ﺗودوروف" ﻣن
ﺗﻣﯾﯾز "ﺗوﻣﺎﺷﻔﺳﻛﻲ" ﺑﯾن اﻟﻣﺗن واﻟﻣﺑﻧﻰ ،ﻓﯾؤﻛد أن ﻟﻛل ﺣﻛﻲ أدﺑﻲ ﻣظﻬران ﻣﺗﻛﺎﻣﻼن ،إﻧﻪ ﻓﻲ آن واﺣد
ﻗﺻﺔ وﺧطﺎب.
اﻟﻘﺻﺔ ﺗﻌﻧﻲ اﻷﺣداث ﻓﻲ ﺗراﺑطﻬﺎ و ﺗﺳﻠﺳﻠﻬﺎ ،و ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﺷﺧﺻﯾﺎت ﻓﻲ ﻓﻌﻠﻬﺎ وﺗﻔﺎﻋﻠﻬﺎ.
واﻟﺧطﺎب ﯾظﻬر ﻟﻧﺎ ﻣن ﺧﻼل وﺟود اﻟراوي اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﺗﻘدﯾم اﻟﻘﺻﺔ ،وﻣﺎ ﯾﻬﻣﻧﺎ ﻟﯾس اﻟﻘﺻﺔ ﺑل
اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺑواﺳطﺗﻬﺎ ﯾﺟﻌﻠﻧﺎ اﻟﺳﺎرد ﻧﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ﺗﻠك اﻷﺣداث.
9
وﺗﺗﻔق اﻟﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟﻧﻘدﯾﺔ ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن اﺧﺗﻼف ﻣذاﻫﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ّأن دراﺳﺔ اﻟﻔن اﻟﺳردي ﻻ ﺑد أن ﺗﻧطﻠق ﻣن :
-اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺳردﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﺗﺗﺿﻣﻧﻪ ﺑﻧﯾﺎﺗﻬﺎ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻣن ﺧﺻﺎﺋص ﻧوﻋﯾﺔ ،ﺣﯾث ﺗرﺗﺑط ﻋﻧﺎﺻر اﻟﺗﻛوﯾن
اﻟﺳردي ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ﺑﻌﻼﻗﺎت ذات ﺻﺑﻐﺔ وظﯾﻔﯾﺔ وﺗﻘﻧﯾﺔ وﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺳﯾس اﻟﻧص اﻟرواﺋﻲ
)اﻟﺧطﺎب اﻟﺳردي( وﻓق أﺳﺎﻟﯾب ﻣﺗﻧوﻋﺔ ﺗﺣددﻫﺎ ﺿواﺑط اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺳردﯾﺔ.
-اﻟﻛﺷف ﻋن ﺧﺻﺎﺋص اﻟﺧطﺎب اﻟﺳردي اﻟذي ﯾﺗﻣﺛّل ﻓﻲ اﻟﻧص اﻟرواﺋﻲ اﻟﺣﺎﻣل ﻹرﺳﺎﻟﯾﺔ ﻟﻐوﯾﺔ
ﯾﺗﺟﺎذﺑﻬﺎ طرﻓﺎن )اﻟﻣرﺳل = اﻟراوي ،واﻟﻣرﺳل إﻟﯾﻪ = اﻟﻣروي ﻟﻪ(.
ﺣظﯾت دراﺳﺔ اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺳردﯾﺔ ﺧﻼل اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ﺑﺎﻫﺗﻣﺎم اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن واﻟﻧﻘّﺎد ،ﻧذﻛر ﻣن أﻋﻼﻣﻬم
اﻷوﻟﯾن :ﻏرﯾﻣﺎس Greimasوﺗودوروف ، Todorovوﺑﺎرت ، Barthesوﺟﯾﻧت ، Gentte
و ﻏﯾرﻫم ﻣﻣن ﻋﻣﻠوا ﻋﻠﻰ ﺗطوﯾر اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻧﻘدﯾﺔ ﺣول ﺑﻧﯾﺔ اﻟﺳرد وﺣول وﺑرﯾﻣوﻧد Bremond
اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺻﻬﺎ ،ﻣﺳﺗﻔﯾدﯾن ﻣن ﺗطور اﻟﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟﻧﻘدﯾﺔ ﻋﻣوﻣﺎً ،وﻣن اﻟﻣﻧﻬﺟﯾن اﻟﺑﻧﯾوي واﻟﻠﺳﺎﻧﻲ
ﺧﺻوﺻﺎ.
ً
اﻋﺗﻣد اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺑﻧﯾوي ﻋﻠﻰ ﺗﺣدﯾد اﻟﺑﻧﻰ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳرد ﻟﻔﻬم ﻫذﻩ )اﻟرﺳﺎﻟﺔ اﻟﻠّﻐوﯾﺔ( اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻣل
اﺋﯾﺎ ﯾﺗﺟﺎذﺑﻪ طرﻓﺎن ،اﻟراوي واﻟﻣروي ﻟﻪ .وﻫو ﻋﺎﻟم ﻣﻧﺗظم ﻓﻲ
ﻣﺗﺧﯾﻼ ﻣن اﻟﺣوادث ،وﺗﺷﻛّل ﻣﺑﻧﻰ رو ً
ً ﻋﺎﻟﻣﺎً
وﺷﺎﺋﺟﻪ اﻟداﺧﻠﯾﺔ وﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗرﺑط ﺑﯾﻧﻬﺎ ،وﺗدﯾرﻩ آﻟﯾﺔ اﺷﺗﻐﺎل ﻣﻛوﻧﺎﺗﻪ اﻟرﺋﯾﺳﺔ اﻟﺛّﺎﺑﺗﺔ وﻫﻲ:
-1اﻟ اروي
-2اﻟﻣروي ،اﻟﻣﺳرود
-3اﻟﻣروي ﻟﻪ
14
ﻟم ﺗرﺗﻛن دراﺳﺔ اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺳردﯾﺔ إﻟﻰ ﻧوع ﻣن اﻻﺳﺗﻘرار إﻻّ ﺑﻌد أن ﺗوﺿﺣت ﻣﻘوﻟﺔ )اﻟرؤﯾﺔ اﻟﺳردﯾﺔ(
اﻟﺗﻲ اﻧﺑﺛﻘت ﻋﻧﻬﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﺻطﻠﺣﺎت ﻫﻲ) :اﻟﺻوت – اﻟﺻﯾﻐﺔ – اﻟﻣﺳﺎﻓﺔ – اﻟﺗﺑﺋﯾر – وﺟﻬﺔ اﻟﻧظر –
ﺗﺄﻟﯾﻔﯾﺎ ﻟﻪ آﻟﯾﺔ
ً ﻧظﺎﻣﺎ
ً زواﯾﺎ اﻟرؤﯾﺔ( وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن ﻣﺻطﻠﺣﺎت أو ﻣﻘوﻻت ﺳﻌت ﻟﺗﻣﻛﯾن ﻋﻠم اﻟﺳرد ﺑوﺻﻔﻪ
ﻋﻣل ﺗﺳﺗدﻋﯾﻬﺎ اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺳردﯾﺔ.
اﻟﺧطﺎب اﻟﺳردي ﻫو اﻟﺷﻛل اﻷﻣﺛل ﻟﺗﺟﺳﯾد ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺳرد ،وﻟذﻟك ﻛﺎن ﻻ ﺑد أن ﯾﺗﻣﯾز ﻓﻌل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ
ﻓﯾﻪ ﺑﺄﺳﻠوب ﯾرﺗﻘﻲ ﺑﻬذا اﻟﻣﻧﺗﺞ ﻣن ﻣﺳﺗوى اﻟﻧﺛر اﻟﻌﺎدي إﻟﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻧﺛر اﻷدﺑﻲ اﻟﺟﻣﺎﻟﻲ اﻟﻣﻌﺑر ﻋن
ﻓﻧﯾﺎ.
ﻧﺻﺎ ًﺧﺻوﺻﯾﺗﻪ ﺑوﺻﻔﻪ ً
ﻟﺳﺎﻧﻲ( ﯾﺗﺿﻣن اﻟﻣﻌﻧﻰ
اﺳﺗﻧد اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺑﻧﯾوي إﻟﻰ ّأن اﻟﺧطﺎب اﻟﺳردي ﻓﻲ اﻟﻧص اﻟرواﺋﻲ )ﺷﻛل ّ
ﻷن اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺔ
وﯾﺣﺗوﯾﻪ ،وأن ﺑﻧﯾﺗﻪ ﻣﻛﺗﻔﯾﺔ ﺑذاﺗﻬﺎ ،وﯾﺗﺣﻘّق ﺗﻔﺳﯾرﻫﺎ ﺑﻣﺎ ﯾﺗﺿﻣﻧﻪ اﻟﻧص اﻟﺳردي ذاﺗﻪّ ،
أﯾﺿﺎ.
ً ﺗﺣﻣل اﻟدﻻﻟﺔ وﺗﻧﺗﺟﻬﺎ
"ﺗودوروف" ﻓﻲ ﺳﯾﺎق دراﺳﺗﻪ ﻟﻠﺧطﺎب اﻟﺳردي اﻋﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺳﯾم ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺧطﺎب ﻛﺎﻵﺗﻲ:
أ -اﻟﻣﺳﺗوى اﻟدﻻﻟﻲ :ﯾﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ واﻟدﻻﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺑط ﺑﯾن وﺣدات اﻟﻧص.
ب -اﻟﻣﺳﺗوى اﻟّﻠﻔظﻲ :اﻟذي ﯾﻌﻧﻰ ﺑدراﺳﺔ اﻟﻛﻠﻣﺎت ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أﻧﻬﺎ )دﻟﯾل(.
ج -اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺗرﻛﯾﺑﻲ :اﻟذي ﯾﺗﺷﻛّل ﻣن ﺗﺂﻟف ﻣﺟﻣوع أﺑﻧﯾﺔ اﻟﺧطﺎب اﻟﺳردي.
إن اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺑﻧﯾوي ﺗﺣﻠﯾل ﯾﻧﺑﺛق ﻣن اﻟﻧص ﻧﻔﺳﻪ ،وذﻟك ﻋن طرﯾق ﺗﺄﻣل اﻟﻧﺎﻗد ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻧص وطرق
أداﺋﻬﺎ ﻟوظﺎﺋﻔﻬﺎ وﻋﻼﻗﺎت ﺑﻌﺿﻬﺎ ﺑﺑﻌض دون أن ﯾﺗﺟﺎوز ﺣدود اﻟﻧص إﻟﻰ أي ﻣوﻗﻊ آﺧر .و اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻻ
ﺗؤﻣن ﺑﻔﻛرة اﻟﻔﺻل ﺑﯾن ﺛﻧﺎﺋﯾﺔ )اﻟﺷﻛل واﻟﻣﺿﻣون( ﻓﻬﻣﺎ ﯾﺳﺗﺣﻘﺎن اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾل ،إذ إن اﻟﻣﺿﻣون
ﯾﻛﺳب ﻣﺿﻣوﻧﯾﺗﻪ ﻣن اﻟﺑﻧﯾﺔ ،وﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺷﻛﻼ ﻟﯾس ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺳوى ﺑﻧﯾﺔ ﺗﺗﺄﻟف ﻣن أﺑﻧﯾﺔ ﻣوﺿﻌﯾﺔ أﺧرى
10 .
ﺗوﺣﻲ ﺑﻔﻛرة اﻟﻣﺣﺗوى
أﻣﺎ إﺟراﺋﯾﺎ ﻓﺈن اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﺗﺗﯾﺢ ﻟﻠﻧﺎﻗد اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ ﻣزدوﺟﺔ ﻫﻲ اﻻﻗﺗطﺎع واﻟﺗرﺗﯾب،أي أﻧﻬﺎ ﺗﺗوﻗف ﻋﻧد
ﺟزء ﻣن اﻟﻧص ﺗرى ﻓﯾﻪ ﺑﻧﯾﺔ ﻣوﺿﻌﯾﺔ ﻟﻠﻛﺷف ﻋن وظﯾﻔﺔ ﻫذا اﻟﺟزء وﺻﻠﺗﻪ ﺑﺎﻷﺟزاء اﻷﺧرى وﺗﺄﺛﯾرﻩ ﻓﻲ
11
اﻟﻛل وﺗﺄﺛرﻩ ﺑﻪ.
15
وﺗﻌد اﻟﻧﺎﻗدة اﻟﻠﺑﻧﺎﻧﯾﺔ ﯾﻣﻧﻰ اﻟﻌﯾد واﺣدة ﻣن أﺑرز اﻟﻧﻘﺎد اﻟﻌرب اﻟﻣﻌﺎﺻرﯾن اﻟذﯾن ﻋﻣﻠوا ﻋﻠﻰ ﺗﺑﻧّﻲ
ﺗﺧص اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺑﻧﯾوي ،واﻟﻣﺑﺎدرة إﻟﻰ ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ ﺿﻣن
ّ واﺳﺗﺛﻣﺎر ﻋدد ﻣن اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم واﻹﺟراءات اﻟﻣﻧﻬﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟدراﺳﺎت واﻷﺑﺣﺎث اﻟﻧﻘدﯾﺔ اﻟﻣﻧﺷورة اﻟﺗﻲ ﻧذﻛر ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻻ اﻟﺣﺻر "ﻓﻲ
ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻧص ،دار اﻵﻓﺎق اﻟﺟدﯾدة-ﺑﯾروت ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ.1983
ﺗﺣﺎول "ﯾﻣﻧﻰ اﻟﻌﯾد" ﻣن ﺧﻼل ﻣؤﻟَﻔﻬﺎ ذﻟك » اﻻﻗﺗراب ﻣن ﻣدار اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻟﻠﻧص اﻷدﺑﻲ ،ﺣﯾث
ﺗﺣﺎول ﺗﻌرﯾﺔ اﻟﻣﺎدة اﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻟﻠﻧﺻوص اﻷدﺑﯾﺔ ،وﻓﻲ ﺿوء اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺑﻧﯾوي ـ ﻣن ﺧﻼل ﺳؤال ﻣؤداﻩ :ﻛﯾف
ﯾﻘﺎرب إذا اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺑﻧﯾوي ﻣوﺿوﻋﻪ اﻟذي ﻗد ﯾﻛون اﻟﻧص اﻷدﺑﻲ؟ .وﺗﻘدم ﺟواﺑﺎ ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺣﺎﺋرة ﻓﺗﻧﯾط
اﻟﻠﺛﺎم ﻋن ﺿرورة اﻟﺗﻣﺳك ﺑﺄدوات وآﻟﯾﺎت ذات طﺑﯾﻌﺔ ﺑﻧﯾوﯾﺔ ،وأول ﺧطوة ﻓﻲ اﻟﻣﻧﻬﺞ ﻫﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟﺑﻧﯾﺔ أو
12
اﻟﻧظر إﻟﻰ ﻣوﺿوع اﻟﺑﺣث ﻛﺑﻧﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ .وﻗد ﺗﻛون ﻫذﻩ اﻟﺑﻧﯾﺔ ﻧﺻﺎ ﺷﻌرﯾﺎ واﺣدا أو رواﯾﺔ ...إﻟﺦ«.
وﺗرى "ﯾﻣﻧﻰ" أن دراﺳﺔ ﻫذﻩ اﻟﺑﻧﯾﺔ )اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ أو اﻟﻧص أو ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻧﺻوص( ﯾﺷﺗرط ﻋزﻟﻬﺎ ﻋن
ﻣﺟﺎﻟﻬﺎ اﻟذي ﻫو ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻬﺎ ﺧﺎرج وﻫﻲ ﺧطوة أﺳﺎﺳﯾﺔ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺧطوة اﻟﺗﺣﺿﯾر ﻟﻠﻌﻣل أو ﺧطوة ﻣﺎ ﻗﺑل
اﻟدﺧول إﻟﻰ اﻟﻣﺧﺗﺑر .أﻣﺎ اﻟﺧطوة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻓﻬﻲ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺑﻧﯾﺔ وﯾﺷﺗرط ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺗﺣﻠﯾل أن ﯾﻛون اﻟﻧﺎﻗد اﻟﺑﻧﯾوي
ﻣﺗﺳﻠﺣﺎ ﺑﺎﻟﻌﻠوم اﻟﺗﻲ ﺗﺧص ﻣوﺿوﻋﻪ ،وﻻﺳﯾﻣﺎ ﻋﻠم اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت؛ ﻷن اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺑﻧﯾوي ﻫو ﺗﺣﻠﯾل أﻟﺳﻧﻲ
ﺑﺎﻷﺳﺎس ﯾﺟري ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺑﻧﻲ ﻣﻧﻬﺎ اﻟﻧص ،وﯾﺳﺗﻬدف اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺑﻧﯾوي ﻛﺷف ﻋﻧﺎﺻر اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﻛﻣن ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟرﻣز واﻟﺻورة ،واﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ ،وذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻧﺳﯾﺞ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻠﻐوﯾﺔ وﻓﻲ
أﻧﺳﺎﻗﻬﺎ ،وﯾﺟب اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﻌﻣﯾﻘﺔ ﻟﻠﻧص ،وأﺷﻛﺎل اﻟﺗﻛرار ﻓﯾﻪ وﻛذﻟك أﻧﺳﺎق اﻟﺗرﻛﯾب ﻟﻠﺻورة
اﻟﺷﻌرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾوﺿﺣﻬﺎ ﻣﺣو ار ﺑﻧﯾﺔ اﻟدﻻﻻت اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﺗﻌﻧﻲ ﺑذﻟك اﻟﻣﺣور اﻷﻓﻘﻲ واﻟﻌﻣودي ﻛﺄن ﻧدرس
اﻟﺻورة اﻟﺷﻌرﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗواﻫﺎ اﻟﻠﻐوي ،وﻧﻛﺷف اﻟدﻻﻻت اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺗظﻣﻬﺎ اﻟﻣﺣور اﻷﻓﻘﻲ ،وﻫﻲ دﻻﻻت ﺗﺗﻌﻠق
ﺑﺎﻟﺟذر اﻟﺗرﻛﯾﺑﻲ ،ﺛم اﻟدﻻﻻت اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺗظﻣﻬﺎ اﻟﻣﺣور اﻟﻌﻣودي وﻫﻲ دﻻﻻت ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺗداﻋﯾﺎت أو
13.
اﻹﯾﺣﺎءات
و ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﻧﺎﻗد اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻣﺣﻣد ﺑﻧﯾس ﻓﻲ ﻣﻘﺎرﺑﺗﻪ ﺑظﺎﻫرة اﻟﺷﻌر
اﻟﻣﻌﺎﺻر ﺑﺎﻟﻣﻐرب ،ﺣﯾث ﺗوﺻل ﻓﯾﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﻣﺗن اﻟﺷﻌري اﻟﻣﻌﺎﺻر ﻓﻲ اﻟﻣﻐرب ﻣﺣﻛوم ﺑﻘواﻧﯾن
ﺛﻼﺛﺔ ﻫﻲ :ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺟرﯾب ،وﻗﺎﻧون اﻟﺳﻘوط واﻻﻧﺗظﺎر وﻗﺎﻧون اﻟﻐراﺑﺔ.
و ﻣﺎ ﯾﺳﺗﺧﻠﺻﻪ ﻣﺣﻣد ﺑﻧﯾس ﻓﻲ ﺣدﯾﺛﻪ ﻋن اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻟﻠﻧﺻوص ،أن اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﺑﺎﺗﺟﺎﻫﺎﺗﻬﺎ
اﻟﻣﺗﺑﺎﯾﻧﺔ » ﺗﻌﺎﻣل اﻟﻧص ﻛﻌﺎﻣل ذري ﻣﻐﻠق ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﻪ ،وﻣوﺟود ﺑذاﺗﻪ ،ﻓﺗدﺧل ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻬذا اﻟﻣﻔﻬوم ﻓﻲ ﻣﻐﺎﻣرة
14
اﻟﻛﺷف ﻋن ﻟﻌﺑﺔ اﻟدﻻﻻت« .
16
ﻟذﻟك؛ ﻓﺎﻻﺧﺗﯾﺎر اﻟﻣﻧﻬﺟﻲ اﻟذي ارﺗﺿﺎﻩ ﻣﺣﻣد ﺑﻧﯾس ﯾﺳﺗﻧد إﻟﻰ ﻣﻧﻬﺞ )ﻏرﺑﻲ( ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ راﻓدﯾن اﺛﻧﯾن
ﻫﻣﺎ :اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ ﻣن ﺟﻬﺔ واﻟﻣﻧﻬﺞ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﺟدﻟﻲ ﻣن ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﯾﺔ ،أو ﻣﺎ ﻋرف ﻓﻲ اﻟﻧﻘد اﻟﻔرﻧﺳﻲ
اﻟﻣﻌﺎﺻر ﺑﻣﻧﻬﺞ "اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ اﻟﺗﻛوﯾﻧﯾﺔ " tructuralisme génétiqueوراﻫن اﻟﺑﺎﺣث ﻓﻲ ﻫذا اﻻﻗﺗﺑﺎس
ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻹﺟراﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺳطرﻫﺎ راﺋد ﻫذﻩ ﻟﻣﻧﻬﺞ " ﻟوﺳﯾﺎن ﻏوﻟدﻣﺎن " ﻛﻣﻔﻬوم
اﻟﺗﻣﺎﺛل اﻟﺑﻧﺎﺋﻲ واﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟداﻟﺔ واﻟﻔﻬم واﻟﺗﻔﺳﯾر واﻟﺗﻧﺎظر ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾن ﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺗن اﻹﺑداﻋﻲ واﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟذﻫﻧﯾﺔ ﻟﻠطﺑﻘﺔ
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺗﻣﻲ إﻟﯾﻬﺎ اﻟﻣﺑدع.
و ﺛﻣﺔ ﺻوت ﺛﺎﻟث ﻣن أﺻوات اﻟﻧﻘد اﻷدﺑﻲ ﺣﺎول ﻣﺗﻌﺎﻟﯾﺎ وﻣدوﯾﺎ اﻟﺗﺄﺳﯾس ﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺑﻧﯾوﯾﺔ ﺗﺳﺗﻬدف
ﻫذﻩ اﻟﻣرة ﻗراءة اﻟﻧص اﻷدﺑﻲ اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﻣﺳﺗوﯾﺎت ﻣﺗﻌددة ﯾؤدي ﺗﺿﺎﻓرﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﻛﺷف ﻋن اﻟدﻻﻻت
اﻟﺧﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺿﻣﻧﻬﺎ ﺑﻧﯾﺎت اﻟﻧص وذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﻧظر إﻟﻰ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗرﺑط ﺑﻧﯾﺎن اﻟﻧص
ﺑدءا ﺑﺎﻟوﺣدات اﻟﺻﻐﯾرة ﻛﺎﻟﻔوﻧﯾم اﻧﺗﻬﺎء ﺑﺎﻟﻧص اﻷدﺑﻲ ﻛﻛل ﺑوﺻﻔﻪ ﺑﻧﯾﺔ ﻛﺑرى ،وﻗد ﺗﺟﻠﻰ ذﻟك ﻓﻲ اﻟﻘول
15
ﺑﻣﺳﺗوﯾﺎت ﻋدة ،ﻋرﺿﻬﺎ ﺻﻼح ﻓﺿل ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺗﺎﻟﻲ:
-1اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺻوﺗﻲ :ﺣﯾث ﺗدرس اﻟﺣروف ورﻣزﯾﺗﻬﺎ وﺗﻛوﯾﻧﻬﺎ اﻟﻣوﺳﯾﻘﻲ ﻣن ﻧﺑر وﺗﻧﻐﯾم ٕواﯾﻘﺎع.
-2اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺻرﻓﻲ :وﺗدرس ﻓﯾﻪ اﻟوﺣدات اﻟﺻرﻓﯾﺔ ووظﯾﻔﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻛوﯾن اﻟﻠﻐوي واﻷدﺑﻲ ﻧﻔﺳﻪ.
-3اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻌﺟﻣﻲ :وﺗدرس ﻓﯾﻪ اﻟﻛﻠﻣﺎت ﻟﻣﻌرﻓﺔ ﺧﺻﺎﺋﺻﻬﺎ اﻟﺣﺳﯾﺔ اﻟﺗﺟرﯾدﯾﺔ واﻟﺣﯾوﯾﺔ واﻟﻣﺳﺗوى
اﻷﺳﻠوﺑﻲ ﻟﻬﺎ.
-4اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻧﺣوي :وﻫو ﺧﺎص ﺑدراﺳﺔ ﺗﺄﻟﯾف وﺗرﻛﯾب اﻟﺟﻣل وطراﺋق ﺗﻛوﯾﻧﻬﺎ وﺧﺻﺎﺋﺻﻬﺎ اﻟدﻻﻟﯾﺔ
واﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺔ.
-5ﻣﺳﺗوى اﻟﻘول :ﻟﺗﺣﻠﯾل ﺗراﻛﯾب اﻟﺟﻣل اﻟﻛﺑرى ﻟﻣﻌرﻓﺔ ﺧﺻﺎﺋﺻﻬﺎ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ واﻟﺛﺎﻧوﯾﺔ.
-6اﻟﻣﺳﺗوى اﻟدﻻﻟﻲ :وﻫو ﯾﻧﺷﻐل ﺑﺗﺣﻠﯾل اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻣﺑﺎﺷرة وﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة واﻟﺻور اﻟﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﺎﻷﻧظﻣﺔ
اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻋن ﺣدود اﻟﻠﻐﺔ واﻟﺗﻲ ﺗرﺗﺑط ﺑﻌﻠوم اﻟﻧﻔس واﻻﺟﺗﻣﺎع وﺗﻣﺎرس وظﯾﻔﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ درﺟﺎت ﻓﻲ اﻷدب
واﻟﺷﻌر.
-7اﻟﻣﺳﺗوى اﻟرﻣزي :اﻟذي ﺗﻘوم ﻓﯾﻪ اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﺑدور اﻟدال اﻟﺟدﯾد اﻟذي ﯾﻧﺗﺞ ﻣدﻟوﻻ أدﺑﯾﺎ ﺟدﯾدا
ﯾﻘود ﺑدورﻩ إﻟﻰ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺛﺎﻧﻲ ،أو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ داﺧل اﻟﻠﻐﺔ.
و ﻟﻛل ﻣﺳﺗوى ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت ﻗواﻧﯾﻧﻪ اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ ﻣﺛل ﻗواﻋد اﻟﻧﺣو واﻟﻌروض واﻟﺑﻼﻏﺔ وﺷﺑﻛﺎت
اﻟﺗداﻋﻲ ،وﻗواﻧﯾن اﻟدﻻﻟﺔ وﻣﻧطق اﻟﺻور واﻟﻣواﻗف اﻷﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﻣﺗطورة ،وﻟﻌل دراﺳﺔ ﺟﻣﯾﻊ ﻫذﻩ
17
اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت ﻛل واﺣدة ﻋﻠﻰ ﺣدﻩ ﻣن ﺟﻬﺔ أو ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ وﺗواﻓﻘﺎﺗﻬﺎ واﻟﺗداﻋﻲ اﻟﺣر ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ
واﻷﻧﺷطﺔ اﻟﺧﻼﻗﺔ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﯾﻬﺎ ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ،ﻫو ﻣﺎ ﯾﺣدد ﻓﻲ اﻟﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻷدﺑﯾﺔ اﻟﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ.
إن ﻣﺎ ﯾﺟب ﻣراﻋﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺑﻧﯾوي ﻫو اﻟﻣﺣور اﻷﻓﻘﻲ واﻻﺳﺗﺑداﻟﻲ ،ﻓﻔﻲ اﻟﺗﻘﺳﯾم ﻟﻠﺷﻌر ﻣﺛﻼ
ﯾﻘﺎم ﻫﯾﻛل اﻟﻧظم وﺗوزﯾﻌﻪ .أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﺛر ﻓﺈن اﻟوﺣدة ﺗﺑدأ ﻣن اﻟﻔﻘرة إﻟﻰ اﻟﻔﺻل ﺣﺗﻰ ﺗﺷﻣل اﻟﻛﺗﺎب ﺑﺄﻛﻣﻠﻪ،
وﯾﻣﻛن رﺻد اﻟرواﺑط اﻟﻧﺣوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺻل ﻣﺎ ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟوﺣدات ،وﺑﺧﺎﺻﺔ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﻌود إﻟﻰ اﻷﺟزاء
اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻣن اﻟﻧص؛ أﻣﺎ اﻟﻣﺣور اﻹﺳﺗﺑداﻟﻲ ،ﻓﺈن اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻣؤﻟف ﻹﻧﺷﺎء ﻋﻣل أدﺑﻲ ﻣﺎ إﻧﻣﺎ ﻫو ﻧﻘطﺔ
اﻻﻧطﻼق ﻓﻲ دراﺳﺗﻪ ،إذ إن اﺧﺗﯾﺎر ﺟﻧس أدﺑﻲ ﻣﻌﯾن ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ ﻗواﻋد اﺳﺗﺧدام اﻟرﻣز .وﯾﺑﻘﻰ ﺗﺣﻠﯾل
اﻟﻣﺳﺗوى اﻹﺳﺗﺑداﻟﻲ ،اﺑﺗداء ﻣن اﻻﺧﺗﯾﺎر اﻷول ﻟﻠﺟﻧس اﻷدﺑﻲ وﺟﻣﻠﺔ اﻻﺧﺗﯾﺎرات اﻟﻔﻧﯾﺔ واﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻷﺧرى
ﻫو اﻟذي ﯾؤدي إﻟﻰ اﻛﺗﺷﺎف ﻣﺟﻣل اﻟﻘواﻋد اﻟدﻻﻟﯾﺔ اﻟﺗوﻟﯾدﯾﺔ وﯾطﻠﻌﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﯾﻔﯾﺔ ﻋﺑور اﻟﻣؤﻟف ﻣن اﻷﻓﻛﺎر
اﻟﻣﺟردة اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺻل ﺑﻘﯾﻣﻪ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ واﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﺗﺟﺳﯾﻣﺎت اﻷدﺑﯾﺔ وﺿروراﺗﻬﺎ وﻣﺎ ﯾﻘﺗﺿﯾﻪ ﻣن ﺗﺣوﻻت
16.
واﻧﺗﻘﺎﻻت
و اﻟواﻗﻊ أن ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺳﺑﻌﺔ ﻫﻲ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻣﻌﺎﻟم ﻋرﯾﺿﺔ ﻟﻠدﺧول إﻟﻰ ﻋﺎﻟم اﻟﻧص اﻷدﺑﻲ ﺑﻬدف
اﺳﺗﺟﻼء ﻣﻛﺎﻣﻧﻪ اﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺔ وﺳﺗﺎﺋرﻩ اﻟﺧﻔﯾﺔ ،وﻗد أﺟﺎد ﺻﻼح ﻓﺿل ﻓﻲ اﺳﺗﻧﺑﺎط ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت ﻣن ﻣﺧﺗﻠف
اﻟﻣﻘﺎرﺑﺎت اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ،ﺣﯾن ﻋدﻫﺎ ﺑﻬذﻩ اﻟﻛﯾﻔﯾﺔ وﻫذا اﻟﺗرﻛﯾب اﺑﺗداء ﻣن اﻟﺣرف اﻧﺗﻬﺎء ﺑﺎﻟﺗراﻛﯾب اﻟﻛﺑرى اﻟﺗﻲ
ﯾﺷﻐﻠﻬﺎ ﻣﻠﻔوظ اﻟﻘول ،وﻣﺎ ﯾﻛﺗﻧزﻩ ﻧﺳﯾﺞ ذﻟك اﻟﻣﻠﻔوظ ﻣن إﯾﺣﺎءات ٕواﯾﻣﺎءات ﺗﺟﻌل اﻟﻧص اﻷدﺑﻲ ذا ﻟﻐﺗﯾن:
اﻟﻠﻐﺔ اﻷوﻟﻰ ؛ ﻫﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺗب ﺑﻬﺎ اﻟﻧص ،أﻣﺎ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻓﻬﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺗﻔﻲ ﺧﻠف اﻟﻧص أو ﻫﻲ
ﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﺎ اﻟﻧص ،واﻟﻘﺎرئ اﻟﺑﻧﯾوي ﻫو اﻟذي ﯾﺟﻌل ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت ﻣﻔﯾدة أو ﻏﯾر ﻣﻔﯾدة ﻓﺎﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ ﯾﺑﻘﻰ
رﻫﯾﻧﺎ ﺑﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣوﺳوﻋﯾﺔ ﺗﻧﺣدر ﻣن ﻋﻠوم وﻣﻌﺎرف ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻛﻌﻠم اﻷﺻوات واﻟﻌروض وﻋﻠم اﻟﻧﺣو واﻟﺻرف
واﻟدﻻﻟﺔ واﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ .وﻣﺎ إﻟﻰ ذﻟك ﻣن اﻟﻌﻠوم اﻷﺧرى.
إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق؛ ﻗدم "ﻣﺣﻣد ﻋزام" ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ "ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺧطﺎب اﻷدﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﻣﻧﺎﻫﺞ
اﻟﻧﻘدﯾﺔ اﻟﺣداﺛﯾﺔ " أﻫم اﻟﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺧطﺎب اﻟﺷﻌري ،وﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ :اﻟﺻورة اﻟﺷﻌرﯾﺔ ،ﻓﺿﺎء
اﻟﻘﺻﯾدة ،اﻹﯾﻘﺎع اﻟﺷﻌري ،اﻷﻧﺳﺎق اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ.
1
ﻋﻣر ﻣﻬﯾل ،اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻛر اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ اﻟﻣﻌﺎﺻر ،دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،ط ،2010 ،3ص .21
2
زﻛرﯾﺎ اﺑراﻫﯾم ،ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺑﻧﯾﺔ ،ﻣﻛﺗﺑﺔ ﻣﺻر ،د ط ، 1976 ،ص.35
3
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .39
4
ﺟﺎن ﺑﯾﺎﺟﯾﻪ ،اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ،ﺗر :ﻋﺎرف ﻣﻧﯾﻣﻧﺔ ،ﯾﺷﯾر أ وﺑري ،ﻣﻧﺷورات ﻋوﯾدات ،ﺑﯾروت -ﺑﺎرﯾس ،ط ،1985 ،4ص .8
18
5ﯾﻧظر :ﻣﺣﻣود أﺣﻣد اﻟﻌﺷﯾري ،اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻷدﺑﯾﺔ و اﻟﻧﻘدﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ دﻟﯾل اﻟﻘﺎرئ اﻟﻌﺎم ،ﻣﯾرث ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ،اﻟﻘﺎﻫرة،
ط ،2003 ، 2ص.57- 56
6
زﻛرﯾﺎ اﺑراﻫﯾم ،ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺑﻧﯾﺔ ،ص .37
7
ﺳﻣﯾر ﺳﻌﯾد ﺣﺟﺎزي ،ﻗﺎﻣوس ﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻟﻧﻘد اﻷدﺑﻲ اﻟﻣﻌﺎﺻر ،اﻷﻓﺎق اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،ط ،2001،1ص.134
8
ﻋﺎﻣر ﻣﺻﺑﺎح ،ﻣدﺧل إﻟﻰ ﻋﻠم اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ،دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺣدﯾث ،ﻣﺻر ،اﻟﻘﺎﻫرة ،د ط ، 2009 ،ص .168
9
ﺳﺣر ﺷﺑﯾب ،اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺳردﯾﺔ واﻟﺧطﺎب اﻟﺳردي ﻓﻲ اﻟرواﯾﺔ ،ﻣﺟﻠﺔ دراﺳﺎت ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ وآداﺑﻬﺎ ،ﺳورﯾﺎ ،اﻟﻣﺟﻠد ،4
اﻟﻌدد ،2013 ،14ص 111وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ.
10
ﯾﻧظر :ﺻﻼح ﻓﺿل ،ﻧظرﯾﺔ اﻟﺑﻧﯾﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﻘد اﻷدﺑﻲ ،ﻣﻧﺷورات اﻵﻓﺎق اﻟﺟدﯾدة ،ﺑﯾروت ،ط ،1997 ،3ص .203
11
ﺑﺷﯾر ﺗﺎورﯾرﯾت ،ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺑﻧﯾوي ﻟﻠﻧص اﻟﺷﻌري ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﺎت اﻟﻧﻘﺎد اﻟﻌرب اﻟﻣﻌﺎﺻرﯾن ،أﻋﻣﺎل اﻟﻣﻠﺗﻘﻰ اﻟدوﻟﻲ
اﻟﺛﺎﻟث ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺧطﺎب ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﺎﺻدي ﻣرﺑﺎح ،ورﻗﻠﺔ ،ﻓﯾﻔري ،2007 ،ص .119
12
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص ﻧﻔﺳﻬﺎ.
13
ﯾﻧظر :ﯾﻣﻧﻰ اﻟﻌﯾد ،ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻧص ،د ارﺳﺎت ﻓﻲ اﻟﻧﻘد اﻷدﺑﻲ ،دار اﻵﻓﺎق اﻟﺟدﯾدة ،،ﺑﯾروت ،1983 ،ص- 35
.36
14
ﻣﺣﻣد ﺑﻧﯾس ،ظﺎﻫرة اﻟﺷﻌر اﻟﻣﻌﺎﺻر ﺑﺎﻟﻣﻐرب ،ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺑﻧﯾوﯾﺔ ﺗﻛوﯾﻧﯾﺔ ،دار اﻟﻌودة ،ﺑﯾروت ،ﻟﺑﻧﺎن ،ط ، 1979، 1ص
.21
15
ﺑﺷﯾر ﺗﺎورﯾرﯾت ،ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺑﻧﯾوي ﻟﻠﻧص اﻟﺷﻌري ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﺎت اﻟﻧﻘﺎد اﻟﻌرب اﻟﻣﻌﺎﺻرﯾن ،ص .121
16
ﯾﻧظر :ﺻﻼح ﻓﺿل ،ﻧظرﯾﺔ اﻟﺑﻧﯾﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﻘد اﻷدﺑﻲ ،ص . 321-324.
19