Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 100

‫‪.

‬‬

‫وزارة التعليــم العالــــي و البحث العلمـــــي‪.‬‬

‫المــــركز الجامعـــــي بلحاج بوشعيب‪ -‬عين تموشنت‪.‬‬

‫معهد العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪.‬‬

‫مطبوعة بيداغوجية مقدمة لطلبة السنة األولى جذع مشترك علوم اقتصادية‪.‬‬

‫مقياس‪:‬‬

‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫من إعداد الدكتور‪ :‬كوديد سفيان‬


‫أستاذ محاضر ‪ -‬أ‪-‬‬

‫السنة الجامعية‪2018-2017 :‬‬


‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫تقديم‪:‬‬

‫يندرج مقياس مدخل لعلم االقتصاد ضمن الوحدة األساسية لمقرر السنة األولى‬
‫جذع مشترك علوم اقتصادية‪ ،‬والذي يعتبر مقياس مهم نظرا الرتباطه ببقية‬
‫المقاييس األخرى‪ .‬تظم هذه المطبوعة مجموعة من المحاضرات الملمة بكل‬
‫المفاهيم االقتصادية التي يحتاجها الطالب لتكوين خلفية نظرية تكون قاعدة لتنمية‬
‫المكتسبات المعرفية وفهم الظواهر االقتصادية التي يعيشها كفرد في المجتمع‬
‫بالدرجة األولى‪.‬‬

‫إيمانا منا بأهمية المقياس‪ ،‬تم التطرق إلى المفاهيم االقتصادية وفق أسس التأصيل‬
‫النظري‪ ،‬بالتناسق مع قواعد البحث العلمي‪ ،‬ليكون عمل بيداغوجي يرقى إلى‬
‫تطلعات الطلبة ويكون دعما لهم في بحوثهم ‪ ،‬وليكون إضافة لمكتبة المركز‬
‫الجامعي‪.‬‬

‫هذه المطبوعة تظم أثنتا عشر محاضرة‪ ،‬تم اختيارها لتتالءم مع متطلبات تكون‬
‫طالب السنة األولى جذع مشترك‪ ،‬وفقا للمقرر المعمول به‪ ،‬وهي مرتبة على‬
‫الشكل التالي‪:‬‬

‫المحاضرة األولى‪ :‬نشأة علم االقتصاد‪.‬‬

‫المحاضرة الثانية‪ :‬موضوع علم االقتصاد‪.‬‬

‫المحاضرة الثالثة‪ :‬المشكلة االقتصادية‪.‬‬

‫المحاضرة الرابعة‪ :‬النشاط االقتصادي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫المحاضرة الخامسة‪ :‬نظرية التوزيع‪.‬‬

‫المحاضرة السادسة‪ :‬األعوان االقتصاديون‪.‬‬

‫المحاضرة السابعة‪ :‬الدورات االقتصادية واألزمات‪.‬‬

‫المحاضرة الثامنة‪:‬األسواق‬

‫المحاضرة التاسعة‪ :‬النقود‪.‬‬

‫المحاضرة العاشرة‪ :‬الدخل القومي‪.‬‬

‫المحاضرة الحادية عشر‪ :‬النمو والتنمية‪.‬‬

‫المحاضرة الثانية عشر‪ :‬التجارة الدولية‪.‬‬

‫المحاضرة األولى‪ :‬نشأة علم االقتصاد‪.‬‬

‫مقدمة‬

‫من بين الظواهر التي تأثر على اإلنسان منذ وجد على األرض‪ ،‬تلك التي لها‬
‫صلة باالقتصاد‪ ،‬ولفهم مدلولها يحاول من خالل سلوكه ربط العالقات فيما بينها‬

‫‪2‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫ساعيا إلى فهم كيفية استعمال الموارد المتاحة لتلبية احتياجاته المختلفة‪ ،‬من خالل‬
‫قيامه ببعض العمليات االقتصادية‪ .‬سنتعرض في هذه المحاضرة إلى النظم‬
‫االقتصادية بدأ بنظام الجماعات وصوال إلى النظام الرأسمالي والنظام‬
‫االشتراكي‪ ،‬ولنتطرق في الجزء الثاني من المحاضرة إلى أهم التيارات الفكرية‬
‫التي ساهمت في إرساء قواعد وأسس الفكر االقتصادي‪ ،‬والتي جعلت منه علما‬
‫قائما بذاته في شجرة العلوم االجتماعية‪.‬‬

‫أوال‪:‬النظم االقتصادية‪.‬‬
‫أدرك اإلنسان منذ زمن بعيد المشكلة االقتصادية في ندرة وسائل اإلشباع مع‬
‫حاجاته المتعددة‪ ،‬ومن هنا كان صراع اإلنسان مع قوى الطبيعة من أجل إنتاج أكبر‬
‫قدر ممكن من األموال‪ ،‬وكان الزما إيجاد نظام يؤمن استخدام األموال المحددة‬
‫بطريقة أفضل لتلبية حاجاته المتعددة‪ ،‬وهو ما يعرف بالنظام االقتصادي‪ ،‬وهذا‬
‫األخير يتميز بالتطور من عصر ألخر وأيا كان نوع النظام االقتصادي‪ ،‬فإن له‬
‫وجوه ثالثة هي‪:1‬‬
‫‪-‬القوى اإلنتاجية والمقصود بها الوسائل التي يمكن بواسطتها إنتاج السلع والتي‬
‫تتمثل في أدوات اإلنتاج وقوة العمل والفن اإلنتاجي‪.‬‬
‫‪-‬عالقات اإلنتاج أي الروابط بين األفراد فيما يتعلق بنظام تملك وسائل اإلنتاج‪.‬‬
‫‪-‬عالقات التوزيع أي كيفية اقتسام الناتج بعد عملية اإلنتاج‪.‬‬
‫وبخصوص تقسيم النظم االقتصادية‪ ،‬نجد أشهر تقسيم لماركس‪ ،‬الذي ميز بين‬
‫خمسة نظم وهي‪:‬‬

‫‪ 1‬يسري محمد أبو العال‪ ،‬علم االقتصاد‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،2007 ،‬‬
‫ص‪.157‬‬

‫‪3‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪-‬النظام البدائي(الجماعات البدائية)‪.‬‬


‫‪-‬نظام الرق‪.‬‬
‫‪-‬نظام اإلقطاع‪.‬‬
‫‪-‬النظام الرأسمالي‪.‬‬
‫‪-‬النظام االشتراكي‪.‬‬
‫‪-1‬نظام الجماعات البدائية(النظام البدائي)‪:‬‬
‫عند دراسة النظام البدائي نجد أن اإلنسان كان يمثل القوة اإلنتاجية بما يملكه من‬
‫وسائل بدائية‪ ،‬خاض بها صراع قاسي مع الطبيعة التي كانت له تهديد أكثر من‬
‫فرص لكسب القوت عن طريق الصيد والزراعة‪.‬‬
‫مع مرور الوقت عرفت الجماعات مرحلة التخصص في اإلنتاج‪ ،‬بحيث تخصص‬
‫البعض في الزراعة والبعض األخر في الصيد أو الرعي‪ ،‬وظهرت الحاجة إلى‬
‫التبادل بين أفراد الجماعة‪ .‬كما يمكن التأكيد أن الملكية كانت جماعية لوسائل‬
‫اإلنتاج و لألرض‪ ،‬لكن مع سيطرت األقوى في الجماعة على وسائل ومتاع الحياة‬
‫التي كانت متوفرة‪.‬‬
‫‪-2‬نظام الرق‪:‬‬
‫عرفت اإلنسانية نظام الرق في مرحلة تلت النظام البدائي وسبقت النظام‬
‫االقتصادي‪ ،‬وقد وجد هذا النظام في مدن اليونان القديمة في القرنين ‪ 14‬و‪ 15‬قبل‬
‫الميالد‪ ،‬وبلغ أوجه في اإلمبراطورية الرومانية ما بين القرنين الثاني قبل الميالد‬
‫والثالث بعد الميالد‪ .‬ويرى الكثير من المؤرخين االقتصاديين أن حضارات الشرق‬

‫‪4‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫والهند والصين لم تعرف نظام الرق عكس المدرسة الماركسية التي ترى وجود‬
‫اقتصاد الرق بشكل أو بأخر في هذه الحضارات‪.2‬‬
‫تميز هذا النظام بمجموعة من المظاهر أهمها أن زيادة اإلنتاج أدت إلى ظهور‬
‫الملكية الفردية ‪ ،‬والتي استخدمت الرقيق في اإلنتاج وكان مصدرهم الحروب‬
‫بحيث يتم تحويل األسرى إلى رقيق ‪ ،‬ويتم استخدامهم في الزراعة والحرف‬
‫المختلفة واإلنتاج بشكل عام‪.‬‬
‫‪-3‬النظام اإلقطاعي‪:‬‬
‫مما ال شك فيه أن هذا النظام يعتبر أكثر تقدما من النظام السابق الذي عجز عن‬
‫التطور بحكم عدم قدرته على تطوير اإلنتاج‪ ،‬الذي تأثر باليد العاملة المكونة من‬
‫الرقيق الذي لم تحفزهم ظروف العمل على اإلنتاج بشكل أحسن‪ ،‬إذ ظهر هذا‬
‫النظام مع تحرير طبقة األرقاء وإقطاعها األرض مقابل االلتزامات التي تخدم‬
‫مصلحة طبقة المالك‪.‬‬

‫‪-4‬النظام الرأسمالي‪:‬‬
‫مما الشك فيه أن النظام الرأسمالي كان امتداد وتطور لألنظمة السابقة‪ ،‬وكما ارتبط‬
‫بالمشروع الصناعي الذي ظهر بعد تغيرات في النظام اإلنتاجي من النظام الحرفي‬
‫إلى نظام الصناعات المنزلية والمصانع اليدوية ووصوال إلى المشروع الصناعي‪،‬‬
‫الذي أعتبر الحلقة األساسية والوحيدة في االقتصاد القومي في ظل أهمية رأس‬
‫المال في عملية اإلنتاج‪ ،‬والمبني على الملكية الفردية والحرية االقتصادية‪ .‬ومن‬

‫يسري محمد أبو العال‪ ،‬علم االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.164‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪5‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫مأخذ هذا النظام سوء توزيع الدخل والملكية وكذا االحتكار واإلسراف في استخدام‬
‫الموارد والتقلبات االقتصادية‪.‬‬
‫‪-5‬النظام االشتراكي‪:‬‬
‫يقوم هذا النظام على قاعدة أساسية تتمثل في تملك المجتمع لوسائل اإلنتاج‪ ،‬وهذه‬
‫الملكية ترجع للدولة التي تنظم النشاط االقتصادي عن طريق خطة وطنية تشمل كل‬
‫الخطوات التنظيمية لعملية اإلنتاج وتخصيص مختلف الموارد المتاحة‪ ،‬وعملية‬
‫التوزيع على أساس العمل‪ ،‬مما يحفز األفراد للحصول على أكبر قدر من الناتج‬
‫القومي‪ ،‬ألن العمل هو المصدر الوحيد لهم للحصول على الدخل‪ .‬كما أن ترتيب‬
‫الحاجات يخضع ألولويات تضعها الدولة‪ ،‬والتي ال تتوافق مع الحرية االستهالكية‬
‫ومعايير التفضيل‪.‬‬
‫ثانيا‪-‬نشأة وتطور علم االقتصاد‪:‬‬
‫لعلم االقتصاد تاريخ شهد توالي تيارات فكرية‪ ،3‬ساهمت جميعها في إرساء قواعده‬
‫وأسسه العامة‪ ،‬وجعلت منه علما له عالقة بمختلف العلوم‪ .‬نحدد هذه التيارات‬
‫الفكرية كما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬التيار التجاري (الماركنتيلي)‪:‬‬

‫‪ 3‬إنه لمن المؤسف أن يبدأ الدارسون في عصرنا الحديث عرضهم لتاريخ الفكر االقتصادي من تصورات‬
‫أفالطون وأرسطو‪ ،‬ويقفزون إلى القرن الثامن عشر الميالدي متجاهلين ما وقع من مجهودات علمية فيما‬
‫سبق ذلك من قرون‪ ،‬حتى أوروبا أنكرت أسالفها المفكرين من فالسفة العصور الوسطى‪ ،‬وارتبطت‬
‫بأسالفها من اليونان والرومان فقط‪ ،‬ولقد كان لهذا أبعد األثر بالنسبة لغير األوروبيين‪ ،‬حيث صاروا‬
‫يعتبرون العلم ظاهرة أوروبية تبدأ من المجتمع اليوناني‪ ،‬وتنتهي في المجتمعات الغربية ذات الحضارة‬
‫التكنولوجية‪ .‬راجع‪ :‬سيد شوربجي عبد المولى‪ ،‬الفكر االقتصادي عند ابن خلدون‪:‬األسعار والنقود‪ ،‬إدارة‬
‫الثقافة والنشر بجامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ،1989 ،‬ص‪.11‬‬

‫‪6‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫ساد في أوروبا قرابة الثالثة قرون من أواخر القرون الوسطى إلى ما يقارب‬
‫منتصف القرن الثامن عشر‪ ،‬حيث أدت االكتشافات الجغرافية إلى توسيع نظام‬
‫التجارة‪ ،‬وتدفق المعادن النفيسة إلى الدول المكتشفة‪ .‬وكان التجاريون يرون أن‬
‫مركز الدولة وقوتها يتحددان بمقدار ما تملكه من معادن نفيسة‪ ،‬وقد تميزت مرحلة‬
‫التيار التجاري بتدخل الدولة في الحياة االقتصادية‪ ،‬ولذلك يعتبر هذا التيار بأنه تيار‬
‫وطني أو قومي يؤمن بتدخل الدولة في النشاط االقتصادي‪.4‬‬
‫‪-2‬التيار الطبيعي(الفيزيوقراطي)‪:‬‬
‫ظهرت مدرسة الطبيعيين في فرنسا في منتصف القرن الثامن عشر‪ ،‬وكان على‬
‫رأسها العالم الطبيب فرانسوا كيناي صاحب كتاب الجدول االقتصادي في سنة‬
‫‪.1778‬‬
‫يرى الطبيعيون أن الظواهر االقتصادية تخضع لقوانين الطبيعة‪ ،‬شأنها في ذلك‬
‫شأن الظواهر الطبيعية والبيولوجية‪ ،‬ال دخل لإلنسان في إيجادها‪ .‬وقد أكدوا على‬
‫أن ثروة األمم إنما تكون بما تقوم به من إنتاج‪ ،‬حيث عرفه الطبيعيون بأنه كل عمل‬
‫يخلق ناتجا صافيا جديدا‪ ،‬واستخلصوا من ذلك أن الزراعة هي وحدها النشاط‬
‫االقتصادي الذي يعتبر منتجا‪ ،‬ألنها وحدها التي تؤدي إلى الحصول على كمية من‬
‫المحاصيل أكبر من البذور التي استخدمت‪ ،‬أما التجارة والصناعة‪ ،‬فليستا من‬
‫النشاط االقتصادي المنتج‪ ،‬ألنهما يقتصران على تحوير أو تحويل أو نقل المواد‬
‫‪5‬‬
‫التي كانت موجودة من قبل دون أن تضيفا ناتجا صافيا جديدا‪.‬‬

‫سكينة بن حمود‪ ،‬مدخل لعلم االقتصاد‪ ،‬دار المحمدية العامة‪ ،‬الجزائر‪ ،2009 ،‬ص‪.9‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ 5‬نجالء عب د الحميد راتب‪ ،‬االقتصاد والمجتمع‪ ،‬محاضرات مقدمة لطلبة علم االجتماع بكلية اآلداب‪ ،‬جامعة‬
‫بنها‪ ،‬مصر‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪.46‬‬

‫‪7‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪-3‬التيار التقليدي (الكالسيكي)‪:‬‬


‫يرجع الفضل في تأسيس هذه المدرسة الفكرية إلى آدم سميث ودافيد ريكاردو‬
‫وجون ستيوارت ميل‪ ،‬ومن أهم أفكارهم‪ ،‬االعتقاد بأن الظواهر االقتصادية هي‬
‫ظواهر يسيطر عليها نظام طبيعي‪ ،‬وأن المنفعة الشخصية هي التي تقود اإلنسان‬
‫في تصرفاته‪ ،‬وأن الحرية االقتصادية هي شيء مقدس‪ ،‬وأن قوة الدولة ليست في‬
‫مقدار ما تملكه من ذهب وفضة‪ ،‬وإنما في مقدار ما تملكه من قوة عاملة وإنتاج‪،‬‬
‫كما يقرون بمبدأ تحقيق التنسيق واالنسجام بين سعي األفراد لمصالحهم الخاصة‬
‫وبين مصلحة الجماعة‪.6‬‬
‫‪-4‬التيار الماركسي(االشتراكي)‪:‬‬
‫أثارت المآسي المتمثلة في بؤس الطبقة العاملة في المجتمع الرأسمالي‪ ،‬ردت فعل‬
‫عنيفة في الفكر االقتصادي‪ ،‬وقد لمس ماركس عمق بؤس الطبقة العاملة‪ ،‬فأسس‬
‫نظريته على مناهضة الرأسمالية‪ .‬تعتبر عقيدة ماركس باعتراف أنصاره‬
‫وخصومه أكبر إيديولوجية أنتجها الفكر االقتصادي في وجه الرأسمالية‪ .‬وهذا‬
‫التيار‪ ،‬أسسه كارل ماركس وفريديريك أنجلز‪ ،‬وقد طبق لينين نظرية ماركس في‬
‫االشتراكية بعد الثورة البولشفية في روسيا عام ‪ .1917‬واعتمدت االشتراكية على‬
‫مبدأ الملكية الجماعية لوسائل اإلنتاج والتخطيط المركزي‪ ،‬وسد الحاجيات الفردية‬
‫والجماعية للسكان‪.7‬‬
‫‪-5‬التيار الحدي (النيوكالسيكي)‪:‬‬

‫نجالء عبد الحميد راتب‪ ،‬االقتصاد والمجتمع‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.47‬‬ ‫‪6‬‬

‫سكينة بن حمود‪ ،‬مدخل لعلم االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪8‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫لقد أثر التيار الماركسي في التيار الكالسيكي‪ ،‬ونتج عن ذلك ظهور اقتصاد سياسي‬
‫جديد‪ ،‬سمي باالقتصاد السياسي الحديث أو النيوكالسيكي‪ ،‬إذ ظهر تصور جديد‬
‫لموضوع االقتصاد‪ ،‬وهو ما ينعكس في سلوك األفراد الذين هم من قبيل الرجل‬
‫االقتصادي‪ ،‬في عالقات بين هؤالء األفراد وبين األشياء النادرة التي تصلح إلشباع‬
‫حاجاتهم‪ .‬وقد أسس هذا التيار كل من االقتصادي النمساوي كارل منجر والرياضي‬
‫الفلكي االنجليزي ستانلي جيفونس‪ ،‬والمهندس الفرنسي ليون فالراس‪ ،‬والذين‬
‫فسروا نظرياتهم على النفع الحدي(الهامشي) بين سنتي ‪ 1871‬و‪ ،1873‬وقادهم‬
‫هذا البحث إلى إبداع نظرية المنفعة الحدية‪ ،‬وهؤالء هم رواد الجيل األول للحديين‪،‬‬
‫أما الجيل الثاني فرائده هو ألفريد مارشال‪.8‬‬
‫‪-6‬المدرسة الكينزية‪:‬‬
‫تأسست هذه المدرسة على يد المفكر االقتصادي جون مينارد كينز(‪)1883-1946‬‬
‫صاحب كتاب ‪«LA THÉORIE GÉNÉRALE DE L’EMPLOI, DE‬‬
‫»‪ L’INTÉRÉT ET DE LA MONNAIE‬الذي نشر سنة ‪ .1936‬يقف كينز موقف‬
‫المعارضة من نظريات االقتصاديين الكالسيكيين‪ ،‬حيث تقوم النظرية الكينزية‬
‫على مبادئ وأسس تختلف في جوهرها عن تلك األفكار والقوانين التي تقوم عليها‬
‫المدرسة الكالسيكية‪.9‬‬
‫خالصة المحاضرة‪:‬‬
‫إن التحديد السابق ألهم التيارات الفكرية التي أسهمت في بناء قواعد وأسس علم‬
‫االقتصاد‪ ،‬ال يعني بالضرورة أن الفكر االقتصادي ظهر مع ظهور هي المدارس‪،‬‬

‫سكينة بن حمود‪ ،‬مدخل لعلم االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬ ‫‪8‬‬

‫نجالء عبد الحميد راتب‪ ،‬االقتصاد والمجتمع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.56‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪9‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫بل تؤكد الشواهد التاريخية‪ ،‬أن األفكار االقتصادية ظهرت عند فالسفة عصر‬
‫الحضارات القديمة كأرسطو وأفالطون‪ ،‬وكذا عند المسلمين كالمقريزي‪ ‬والعالمة‬
‫عبد الرحمن بن خلدون في مقدمته الشهيرة‪.‬‬

‫المحاضرة الثانية‪ :‬موضوع علم االقتصاد‪.‬‬

‫مقدمة‬

‫االقتصاد علم يخضع لقواعد ونظريات مثل بقية العلوم األخرى‪ ،‬إال أن هذه القواعد‬
‫والنظريات ال تتميز بالدقة والتعميم الذي تتميز به قواعد العلوم الطبيعية‪ ،‬وهذا‬
‫راجع إلى أنه علم يبحث في السلوك االقتصادي لإلنسان‪ .‬نهدف من خالل هذه‬
‫المحاضرة إلى تعريف طالب السنة األولى بالمفاهيم األساسية المتعلقة بموضوع‬
‫علم االقتصاد‪ ،‬والتطور التاريخي لهذه المفاهيم‪ ،‬وكذا شرح أهم دواعي دراسة‬
‫هذا العلم‪ ،‬والمنهج العلمي المستخدم في علم االقتصاد‪.‬‬

‫أوال‪:‬مفاهيم عامة حول علم االقتصاد‪.‬‬

‫‪-1‬دواعي دراسة علم االقتصاد‪:‬‬

‫ترجع أسباب دراسة علم االقتصاد إلى مجموعة من العوامل نحددها فيما يلي‪:10‬‬

‫‪ ‬أبو العباس تقي الدين أحمد بن علي (‪ ،)1364-1445‬وهو أحد تالمذة عبد الرحمن بن خلدون‪.‬‬
‫‪ 10‬عمار طهرات‪ ،‬محاضرات مقياس مدخل إلى علم االقتصاد‪ ،‬مقدمة لطلبة السنة األولى جذع مشترك‬
‫علوم اقتصادية‪ ،‬ص‪.1‬‬

‫‪10‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪ -‬تركز النشاط البشري على تدبير وسائل سد حاجاته ورغباته‪.‬‬


‫‪ -‬تعترض اإلنسان عراقيل وصعوبات يسعى من خالل نشاطه االقتصادي‬
‫إلى مواجهتها‪ ،‬لذلك كان على اإلنسان أن يقوم بتحديد حاجاته ورغباته تم‬
‫اختيار السبل والوسائل لتحقيقها‪.‬‬
‫‪ -‬إن علم االقتصاد يرتبط باإلنسان وبالمجتمع البشري ارتباطا وثيقا‪ ،‬ألنه‬
‫يأخذ على عاتقه أمر الكشف عن القوانين والمبادئ التي تحكم عالقات‬
‫األفراد ببعضهم البعض‪ ،‬حينما تتدخل المادة كوسيط في هذه العالقات‪.‬‬
‫‪ -‬التباين الكبير في مستويات التقدم االقتصادي بين الدول‪ ،‬وكذا األوضاع‬
‫االقتصادية المتردية لبعض الدول‪ ،‬وحاجتها إلى المزيد من الدراسات‬
‫االقتصادية‪.‬‬
‫‪-2‬التسمية‪:‬‬
‫تعود تسمية علم االقتصاد السياسي إلى الكاتب الفرنسي ‪(ANTOINE de‬‬
‫)‪Montchrétien‬سنة ‪ 1615‬في كتاب سماه شرح االقتصاد السياسي‪ ،‬وأضفى‬
‫عليه صفة السياسي النشغاالت شخصية يتطلع منها إلى خلق علم جديد هو فن‬
‫الحصول على إيرادات للدولة‪ .‬وبعد مرور ‪ 152‬سنة أصدر جيمس ستيوارت في‬
‫بريطانيا كتابا بعنوان"بحث في مبادئ االقتصاد السياسي"‪ ،‬ويلمس هنا تأثير‬
‫التسمية الفرنسية وتداولها في الكتابات اإلنجليزية‪.11‬‬
‫القصد من وراء هذه التسمية هو تحديد معالم السياسة التي يجب أن تتبناها الدولة‬
‫للزيادة من ثروتها‪ ،‬وبذلك ظهر االقتصاد كوصف ألسلوب تنظيمي وسياسي‬
‫هدفه إغناء الدولة‪ .‬تراجع االقتصاديون الغربيون عن هذه التسمية هروبا من‬

‫عبد هللا ساقور‪ ،‬االقتصاد السياسي‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬عنابة‪ ،‬الجزائر‪ ،2004 ،‬ص‪.11‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪11‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫مناقشة القضايا االجتماعية والسياسية المرتبطة بالنشاط االقتصادي‪ ،‬وقد اكتفوا‬


‫بتسميته علم االقتصاد‪ ،‬وكان ذلك في أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬وفي المقابل‬
‫استمر االقتصاديون االشتراكيون بتسميته باالقتصاد السياسي‪ ،‬العتبارهم أن علم‬
‫االقتصاد ال يمكن أن يتجاهل العالقات المتولدة بين أفراد المجتمع‪.12‬‬
‫‪-3‬مفهوم علم الثروة وعلم الرفاهية‪:‬‬
‫يعتبر تعريف االقتصاد بأنه علم الثروة من أقدم التعاريف التي وضعت له‪ ،‬ولقد‬
‫قام بوضع هذا التعريف ''آدام سميث'' في كتابه المشهور ثروة األمم‪ ،‬وتبعا لهذا‬
‫التعريف‪ ،‬يكون موضوع االقتصاد هو البحث عن الوسائل التي يمكن أن تزيد من‬
‫ثروة األمم‪.13‬‬
‫أما بالنسبة لمعنى أو مفهوم الثروة‪ ،‬فإنه من المشاهد أن االقتصاديون لم يتفقوا على‬
‫تحديد معنى واحد للثروة‪ ،‬فهل يشمل المفهوم الثروة غير المادية (الخدمات) أم ال‪.‬‬
‫وهنا نجد أن الرأي انقسم إلى مفهومين هما‪:14‬‬
‫‪ -‬المفهوم الضيق‪ :‬الذي يقوم على عدم اعتبار الخدمات جزءا من الثروة‪،‬‬
‫على اعتبار أنها أشياء غير مادية‪ ،‬ومن ثم عرف هذا الفريق االقتصاد بأنه''‬
‫علم الرفاهية المادية''‪.‬‬
‫‪ -‬المفهوم الواسع‪:‬الذي يعرف الثروة بأنها كل شيء سواء مادي أو غير مادي‬
‫(معنوي وفكري)‪ ،‬يسهم في نفع اإلنسان باعتبار أن اإلنتاج ال يقتصر على‬
‫خلق المادة‪ ،‬بل ينصرف إلى خلق المنفعة‪.‬‬
‫عمار طهرات‪ ،‬محاضرات مقياس مدخل إلى علم االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪ 13‬أحمد عبد العزيز الشرقاوي‪ ،‬محاضرات في المدخل لدراسة االقتصاد‪ ،‬جامعة المنوفية‪ ،‬مصر‪ ،‬بدون‬
‫تاريخ‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫أحمد عبد العزيز الشرقاوي‪ ،‬محاضرات في المدخل لدراسة االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.29‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪12‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫مع الوقت تم األخذ بمعيار آخر للثروة ليس الرفاهية المادية‪ ،‬وإنما إشباع الحاجات‪،‬‬
‫وبالتالي اتسع نطاق علم االقتصاد‪ ،‬وأصبح يشمل كل نشاط إنساني يهدف إلى‬
‫إشباع الحاجات‪ ،‬وأصبح علم االقتصاد هو علم إشباع الحاجات‪.15‬‬
‫‪-4‬علم المبادلة (علم األثمان)‪:‬‬
‫إن تعريف االقتصاد كعلم المبادلة‪ ،‬وضع في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن‬
‫العشرون‪ ،‬ذلك ترجمة التجاه فكري يربط الصفة االقتصادية بالمبادلة‪ ،‬وهي حلقة‬
‫الوصل بين إنتاج الثروة وإشباع الحاجات‪ .‬وتأسيسا على هذا التعريف‪ ،‬اتجه‬
‫االقتصاديون إلى اشتراط أن يكون أحد جانبي المبادلة نقودا‪ ،‬وبالتالي يقتصرون‬
‫دراسة االقتصاد على األثمان‪ ،‬ويعتبرون االقتصاد علم األثمان بدال من علم‬
‫المبادلة‪.16‬‬
‫‪-5‬االقتصاد علم الندرة(علم االختيار)‪:‬‬
‫من أهم االقتصاديين الذين عرفوا االقتصاد بأنه علم الندرة كاسل ودوبنز‪،‬‬
‫فاالقتصاد هو العلم الذي يدرس السلوك اإلنساني من حيث كونه عالقة بين الغايات‬
‫المتعددة‪ ،‬والتي تختلف في أهميتها النسبية‪ ،‬والوسائل المحدودة‪ ،‬والتي لها‬
‫استعماالت مختلفة‪ .‬وهذا التعريف يجعل من الندرة النسبية أساسا للظاهرة‬
‫االقتصادية العامة أي أن االقتصاد هو علم المالئمة بين الوسائل والغايات‪ ،‬وهو‬
‫مبني على حل مشكلة االختيار‪.‬‬
‫ثانيا‪-‬علم االقتصاد‪:‬‬

‫أحمد عبد العزيز الشرقاوي‪ ،‬محاضرات في المدخل لدراسة االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31‬‬ ‫‪15‬‬

‫أحمد عبد العزيز الشرقاوي‪ ،‬محاضرات في المدخل لدراسة االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.32‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪13‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫االقتصاد علم يخضع لقواعد ونظريات مثل بقية العلوم األخرى‪ ،‬إال أن هذه القواعد‬
‫والنظريات ال تتميز بالدقة والتعميم الذي تتميز به قواعد العلوم الطبيعية‪ ،‬وهذا‬
‫راجع إلى أنه علم يبحث في السلوك االقتصادي لإلنسان‪ ،‬والذي يخضع للعديد من‬
‫العوامل والمتغيرات التي ال يمكن التحكم بها‪.‬‬
‫يتوفر علم االقتصاد على المتطلبات العلمية الثالثة‪:‬‬
‫أ‪ -‬الموضوع‪ :‬الموضوع هو الفكر أو المضمون الذي يدور حوله البحث‪ ،‬أو‬
‫هو الظاهرة المدروسة سواء كانت طبيعية أو إنسانية‪ .17‬وموضوع علم‬
‫االقتصاد يتمثل في دراسة وتحليل السلوك االقتصادي لإلنسان الذي يسعى‬
‫إلى إشباع حاجاته المتعددة باستخدام موارده المحدودة‪.‬‬
‫ب‪ -‬المنهج‪ :‬هو عبارة عن اإلجراءات الذهنية واآلليات العقلية التي يتبعها‬
‫الباحث للوصول إلى حقيقة الظاهرة قيد البحث‪ ،‬أي أنه الطريقة التي يصل بها‬
‫العلم إلى القوانين التي تحكم ظاهرة معينة‪ ،‬وهو منقسم إلى أسلوبين االستنباطي‬
‫واالستقرائي‪.18‬‬
‫يستخدم الباحث االقتصادي المنهج العام للبحث العلمي الذي يتلخص في‬
‫وصف وتقسيم الظواهر محل البحث العلمي‪ ،‬هذه العملية تستند إلى‬
‫المالحظة والتجربة‪.19‬‬

‫‪ 17‬خالد رويبح‪ ،‬مدخل إلى علم االقتصاد‪ ،‬محاضرات مقدمة لطلبة السنة األولى‪ ،‬كلية الشريعة واالقتصاد‪،‬‬
‫جامعة األمير عبد القادر للعلوم اإلنسانية‪ ،‬قسنطينة‪ ،2015-2014 ،‬ص‪.3‬‬
‫خالد رويبح‪ ،‬مدخل إلى علم االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.3‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪ 19‬قريش بن عالل وأخرون‪ ،‬محاضرا ت مدخل لعلم االقتصاد‪ ،‬مقدمة لطلبة السنة األولى جذع مشترك‬
‫علوم اقتصادية‪ ،‬كلية االقتصاد بجامعة تلمسان‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪.5‬‬

‫‪14‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫ج‪ -‬القوانين‪ :‬يهدف كل علم إلى إقامة قوانين تحكم الظواهر موضوع الدراسة‪،‬‬
‫تخص نوع من جوانب الحياة االجتماعية‪،‬‬ ‫والقوانين االقتصادية‬
‫وهي الجانب المتصل باإلنتاج والتوزيع واالستهالك‪.20‬‬
‫ثالثا‪-‬مفهوم علم االقتصاد‪:‬‬
‫ينتمي االقتصاد إلى مجموعة العلوم االجتماعية‪ ،‬أي تلك العلوم التي تعنى بدراسة‬
‫السلوك اإلنساني مثل علم االجتماع وعلم النفس‪ ،‬وعلم السياسة‪..‬الخ‪ ،‬فهو بذلك يهتم‬
‫بالسلوك اإلنساني المرتبط باإلنتاج واستهالك السلع والخدمات‪ ،‬وهذه األنشطة‬
‫تمثل وحدة متجانسة بدرجة تبرر دراستها‪ .‬ويحتل علم االقتصاد مكانا دائما وهاما‬
‫في اهتمام األفراد‪ ،‬ولما كانت تلك االهتمامات مختلفة من فرد إلى آخر‪ ،‬فقد اختلف‬
‫العلماء حول مجاالت علم االقتصاد‪ ،‬وبذلك اختلف تعريف علم االقتصاد باختالف‬
‫الزمان الذي يعيشون فيه‪.21‬‬
‫استخدم اإلغريق كلمة االقتصاد وهي ترجع عند أرسطو إلى إدارة المنزل‪ .22‬وفي‬
‫القرن الرابع عشر خصص عبد الرحمان ابن خلدون في مقدمته الشهيرة‪ ،‬فصال‬
‫خاصا في أن الفالحة من معاش المستضعفين‪ .‬تلك هي إشارة منه إلى األنشطة‬
‫اليدوية الزراعية منها والرعوية التي تمكن أصحابها من المطعم والمشرب‪ ،‬أي ما‬
‫تكون به الحياة‪ .‬والمعاش يعني زمان أو مكان التماس العيش‪.ECO-SYSTEM‬‬

‫قريش بن عالل وأخرون‪ ،‬محاضرات مدخل لعلم االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.6‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪ 21‬عبد الغفور إبراهيم أحمد‪ ،‬مبادئ االقتصاد والمالية العامة‪ ،‬دار زهران للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬األردن‪ ،2012 ،‬ص‪.3‬‬

‫‪ 22‬زينب حسين عوض هللا وسوزي عدلي ناشد‪ ،‬مبادئ االقتصاد السياسي‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،2007 ،‬ص‪.27‬‬

‫‪15‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫لكن اللغويين العرب فضلوا كلمة ''اقتصاد'' المشتقة من قصد‪ ،‬قصد أو اقتصد في‬
‫األمر ضد أفرط‪ .‬ويقال اقتصد في النفقة توسط بين اإلفراط والتقتير‪.23‬‬
‫عرف الفيلسوف االسكتلندي آدم سميث (‪ )1723-1790‬االقتصاد في كتابه ثروة‬
‫األمم‪:‬هو علم دراسة الثروة‪ ،‬ويقصد بالثروة أي شيء له قيمة وقابل للمبادلة بنقود‬
‫أو سلع‪ .‬وقد وجه النقد لهذا التعريف لتركيزه واهتمامه بالثروة وحدها‪ ،‬وإهماله‬
‫لإلنسان الذي يقدر المعنى الحقيقي للثروة‪.24‬‬
‫أما االقتصادي االنجليزي ألفرد مارشال (‪ )1842-1927‬فقد عرف االقتصاد بأنه‪:‬‬
‫علم دراسة سلوك اإلنسان في حياته اليومية فيما يتعلق بإنتاج الثروة وتبادلها‬
‫وإنفاقها‪ .25‬ووفق هذا التعريف فإن االقتصاد يركز على دراسة الرفاهية المادية‬
‫التي يحصل عليها الفرد من خالل إنفاقه على مختلف السلع‪.‬‬
‫تعريف االقتصادي االنجليزي ليونيل روبنز(‪ :)1898-1984‬االقتصاد هو ذلك‬
‫العلم الذي يدرس النشاط اإلنساني في سعيه إلشباع حاجاته غير المحدودة بواسطة‬
‫موارده المحدودة‪.26‬‬
‫تعريف ميلتون فريدمان‪ :‬االقتصاد هو ذلك العلم الذي يبحث في الطرق التي تمكن‬
‫المجتمع من حل مشاكله االقتصادية‪.27‬‬

‫عبد هللا ساقور‪ ،‬االقتصاد السياسي‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬عنابة‪ ،‬الجزائر‪ ،2004 ،‬ص‪.10‬‬ ‫‪23‬‬

‫عبد الغفور إبراهيم أحمد‪ ،‬مبادئ االقتصاد والمالية العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.4‬‬ ‫‪24‬‬

‫عبد الغفور إبراهيم أحمد‪ ،‬مبادئ االقتصاد والمالية العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.4‬‬ ‫‪25‬‬

‫عبد الغفور إبراهيم أحمد‪ ،‬مبادئ االقتصاد والمالية العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.4‬‬ ‫‪26‬‬

‫قريش بن عالل وأخرون‪ ،‬محاضرات مدخل لعلم االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.7‬‬ ‫‪27‬‬

‫‪16‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫تتقارب التعاريف السابقة في أن االقتصاد هو علم دراسة السلوك اإلنساني في‬


‫سعيه إلى تلبية احتياجاته المتزايدة والمستمرة‪ ،‬في مقابل موارده المحدودة والتي‬
‫تصلح الستخدامات مختلفة‪.‬‬
‫نجد أن تعريف روبنز أقرب إلى مفهوم المشكلة االقتصادية القائمة على الندرة‬
‫النسبية لوسائل إشباع الحاجات اإلنسانية‪.‬‬
‫رابعا‪-‬المنهج العلمي المستخدم في علم االقتصاد‪:‬‬
‫من الطرق المعتمدة في دراسة علم االقتصاد ما نلخصه فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬الطريقة االستنباطية‪:‬‬
‫هي األسلوب المنهجي الذي يسمح للباحث االقتصادي للوصول إلى جزئيات‬
‫األمور من منطلق الكليات‪ ،‬أي األسلوب المنطقي الذهني الذي ينطلق من العام إلى‬
‫الخاص‪ ،‬وفق فروض موضوعية يتم إثباتها أو نفيها‪.‬‬
‫‪ -2‬الطريقة االستقرائية‪:‬‬
‫تقوم هذه الطريقة على المالحظة والتجربة انطالقا من المنظور الخاص أو‬
‫الجزئيات للوصول إلى اإلطار العام والخروج بقوانين عامة تفسر الظاهرة محل‬
‫الدراسة‪.‬‬
‫خامسا‪-‬طرق التحليل االقتصادي‪ :‬يعتمد التحليل في االقتصاد على الطرق التالية‪:‬‬
‫‪-1‬الطريقة الوصفية‪:‬‬
‫تعتمد هذه الطريقة على تحليل الظاهرة االقتصادية بشكل وصفي‪ ،‬دون أي رابطة‬
‫أو صلة تربط العوامل مع بعضها البعض‪ .‬وما يعاب على هذه الطريقة أنها توقع‬
‫الباحث االقتصادي في التناقض‪ ،‬إال أنها تعد وسيلة لتحليل الظواهر التي ال يمكن‬
‫تناولها بشكل كمي‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪-2‬الطريقة الرياضية‪:‬‬
‫تستخدم الطريقة الرياضية في التحليل االقتصادي في تحديد العالقات الدالية بين‬
‫المتغيرات االقتصادية لتالفي احتمال الوقوع في خطأ منطقي‪ ،‬إذا ما استخدم‬
‫المنطق اللفظي وحده في حاالت تعدد المتغيرات االقتصادية المستخدمة‪ .‬وقد انتشر‬
‫استخدام المنطق الرياضي في االقتصاد في الوقت الحاضر‪ ،‬غير أنه ينبغي‬
‫مالحظة أن الصياغة الرياضية للتحليل االقتصادي ال تعني عدم إمكانية ترجمة‬
‫النتائج التي يتم التوصل إليها في صورة لفضية‪ ،‬بل تعني أن المنطق اللفظي ال‬
‫يسمح بالتوصل لمثل هذه النتائج بالدقة التي توفرها الطريقة الرياضية‪ .‬وأن العلم‬
‫الذي يتم بهذه الطريقة هو االقتصاد الرياضي‪.28‬‬
‫‪-3‬الطريقة القياسية‪:‬‬
‫قد يكون هدف التحليل االقتصادي أكثر من مجرد تحديد العالقة الدالية بين‬
‫المتغيرات االقتصادية‪ ،‬كما هو الحال في االقتصاد الرياضي‪ ،‬بل هو محاولة‬
‫معرفة العالقة الكمية التي تربط هذه المتغيرات بعضها ببعض‪ ،‬ولتحقيق ذلك‬
‫يستخدم اإلحصاء والرياضيات في صياغة النظرية االقتصادية‪ ،‬ويطلق على العلم‬
‫الذي يتناول هذا النوع من التحليل باالقتصاد القياسي‪ .‬وقد أخذ هذا المنهج يتقدم‬
‫بشكل كبير نتيجة الستخدام اآلالت الحاسبة اإللكترونية‪ ،‬وبموجب هذا التحليل‬
‫يمكن اختبار النظرية االقتصادية كميا‪ ،‬كما أن التحليل يسمح بالتنبؤ بالقيم ألهم‬
‫المتغيرات لرسم السياسة االقتصادية‪.29‬‬

‫عمر محمود العبيدي‪ ،‬مبادئ االقتصاد‪ ،‬ص‪ ،3‬تاريخ االقتباس‪ ،2016-11-28 :‬الموقع اإللكتروني‪:‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪qu.edu.ip/ade/wp-content/upload/2016/02/11.pdf‬‬
‫عمر محمود العبيدي‪ ،‬مبادئ االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.4‬‬ ‫‪29‬‬

‫‪18‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫سادسا‪ -‬عالقة علم االقتصاد بالعلوم األخرى‪:‬‬


‫يتداخل علم االقتصاد مع العلوم االجتماعية األخرى وكذا مع علوم أخرى‪ ،‬يستعين‬
‫بها في حل المشاكل االقتصادية‪ ،‬لدى يمكن القول أن االقتصادي ال يمكنه تجاهل‬
‫الجوانب غير االقتصادية المحيطة بالظواهر االقتصادية‪ .‬سنحاول في هذا العنصر‬
‫التطرق إلى أهم العلوم التي ترتبط بعلم االقتصاد‪.‬‬
‫‪-1‬علم السياسة‪:‬‬
‫ترجع التسمية القديمة لالقتصاد باالقتصاد السياسي إلى العالقة الوثيقة التي تربط‬
‫السياسة باالقتصاد‪ ،‬حيث ال يمكن الفصل بينهما‪ ،‬فالواقع يبين أن القرار الذي يتخذ‬
‫بشأن ظاهرة اقتصادية‪ ،‬يتم من قبل الرجل السياسي‪ ،‬استنادا إلى تحليالت‬
‫واستشارات المختصين االقتصاديين‪.‬‬
‫‪-2‬علم االجتماع وعلم النفس‪:‬‬
‫ال يمكن أن تتم الدراسة االقتصادية لظاهرة ما بمعزل عن الجوانب االجتماعية التي‬
‫يدرسها علم االجتماع‪ ،‬فاالقتصاد يدرس السلوك اإلنساني المندفع نحو تلبية‬
‫احتياجاته غير المحدودة بموارده المحدودة‪ ،‬وهذا السلوك يتأثر بعدة عوامل إنسانية‬
‫يدرسها علم النفس‪.‬‬
‫‪-3‬علم اإلحصاء وعلم الرياضيات‪.‬‬
‫تعتبر األدوات اإلحصائية وسيلة مهمة تساعد االقتصادي في تحليل الظاهرة‬
‫االقتصادية‪ ،‬ومعرفة العالقة بين المتغيرات االقتصادية ومدى ارتباطها‪ .‬كما تمثل‬
‫األساليب الرياضية األساس للبرهان والتحليل االقتصادي‪ ،‬وكذا للتعبير الكمي‬
‫الدقيق للظاهرة محل الدراسة‪.‬‬
‫خالصة المحاضرة‪:‬‬

‫‪19‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫االقتصاد علم ينتمي إلى العلوم اإلنسانية‪ ،‬يقوم على دراسة السلوك االقتصادي‬
‫لإلنسان القائم على تلبية االحتياجات المتزايدة والمستمرة في مقابل الموارد‬
‫المحدودة والتي تصلح الستخدامات متعددة‪ ،‬ووفق هذا المفهوم تقوم المشكلة‬
‫االقتصادية على الندرة‪ ،‬والتي تعتبر حسب العرف االقتصادي نسبية‪ ،‬ذلك أن ندرة‬
‫الشيء بالنسبة للحاجة إلية أو الطلب علية‪.‬‬

‫المحاضرة الثالثة‪ :‬المشكلة االقتصادية‪.‬‬


‫مقدمة‬
‫يتمثل جوهر المشكلة االقتصادية في على التواؤم بين الموارد والحاجات اإلنسانية‪،‬‬
‫والتي تنعكس في صورة ندرة نسبية للموارد المتاحة والتي تصلح الستعماالت‬
‫متعددة‪ ،‬مما يحتم على اإلنسان ضرورة التضحية ببعض الحاجات في سبيل إشباع‬
‫البعض األخر‪.‬سنتطرق في هذه المحاضرة إلى خصائص المشكلة االقتصادية‬
‫وأبعادها‪ ،‬وسبل عالجها وفق األنظمة االقتصادية‪.‬‬
‫أوال‪-‬تعريف المشكلة االقتصادية‪:‬‬
‫تتمثل المشكلة االقتصادية في أي مجتمع من المجتمعات في عدم القدرة على إشباع‬
‫جميع االحتياجات البشرية‪ ،‬ويرجع هذا أساسا إلى الندرة‪ ،‬أي قصور الموارد‬
‫المتاحة لمجتمع من المجتمعات عن الوفاء بكل ما يحتاج إليه أفراده‪.30‬‬
‫كما تكمن المشكلة االقتصادية في علم االقتصاد الرأسمالي في كيفية إشباع‬
‫الحاجات المتعددة والالنهائية من الموارد النادرة عن طريق االختيار‪ ،‬ولذلك سمى‬

‫‪ 30‬فرحي كريمة‪ ،‬فراح رشيد‪ ،‬محاضرات في مدخل لالقتصاد‪ ،‬مطبوعة مقدمة لطلبة السنة األولى جذع‬
‫مشترك علوم اقتصادية‪ ،‬جامعة البويرة‪ ،2014-2013 ،‬ص‪.6‬‬

‫‪20‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫علم االقتصاد بعلم االختيار‪ ،‬أي اختيار الحاجة األكثر إلحاحا وأهمية‪ ،‬وتحديد‬
‫طريقة استخدام الموارد األكثر نفعا وأولوية‪.31‬‬
‫وفق التعريفين السابقين‪ ،‬يمكن تبني فكرة أساسية مفادها أن المشكلة االقتصادية‬
‫تتمثل في السعي نحو تحقيق مختلف االحتياجات الالنهائية في ظل ندرة الموارد‬
‫المتاحة لهذا اإلشباع‪ .‬والتعريف الذي نقترحه في هذه المطبوعة هو‪:‬تتمثل المشكلة‬
‫االقتصادية في سعي اإلنسان إلى تحقيق أقصى إشباع ممكن باالعتماد على الموارد‬
‫النادرة نسبيا‪ ،‬والتي تصلح الستخدامات مختلفة‪ ،‬وذلك وفق أفضل الطرق وأقلها‬
‫تكلفة‪.‬‬
‫ثانيا‪-‬خصائص المشكلة االقتصادية‪:‬‬
‫تتمثل خصائص المشكلة االقتصادية في ثالثة عوامل تمثل جوهر المشكلة‪ ،‬نحددها‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬الندرة النسبية(تعتبر الندرة النسبية سمة السلع االقتصادية)‪:‬‬
‫تعتبر الندرة بالمفهوم االقتصادي العالقة التي تربط الحاجات بالموارد‪ ،‬وهي مسألة‬
‫نسبية ذلك أنها ال تتوقف على كمية الموارد‪ ،‬بل على الحاجة إليها‪ ،‬فيمكن أن يتوفر‬
‫المورد بكميات كبيرة‪ ،‬إال أنه يبقى سلعة نادرة‪ ،‬ألن الحاجة إليه تفوق مقدار إنتاجه‪.‬‬
‫‪-2‬االختيار‪:‬‬
‫ندرة الموارد االقتصادية الضرورية إلشباع الحاجات المتعددة والالنهائية‪ ،‬تحتم‬
‫على اإلنسان ترتيب هذه الحاجات حسب أولوياته وحسب أهميتها‪ ،‬ويحدد الحاجات‬
‫األكثر إلحاحا والتي ال مفر من إشباعها‪ ،‬واألخرى التي يمكن أن يضحي بها‪.‬‬

‫‪ 31‬كمال توفيق محمد الحطاب‪ ،‬نظرات جديدة في المشكلة االقتصادية من منظور إسالمي‪ ،‬مؤتة للبحوث‬
‫والدراسات‪ ،‬المجلد السابع‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،2002 ،‬ص‪.86‬‬

‫‪21‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪-3‬التضحية‪:‬‬
‫عندما يستخدم اإلنسان موارده التي لها استعماالت بديلة في سبيل إشباع حاجة‬
‫معينة‪ ،‬فإنه قد ضحى بالحاجات األخرى‪ ،‬وهذا حسب سلم األولويات الذي تبناه‪.‬‬
‫ثالثا‪-‬أسباب المشكلة االقتصادية‪:‬‬
‫جوهر المشكلة االقتصادية يتمثل في ندرة الموارد المتاحة‪ ،‬والتي تنعكس على‬
‫قدرة المجتمع على اإليفاء باحتياجات أفراده المختلفة‪ .‬وبشكل عام تتمثل أسباب‬
‫المشكلة االقتصادية فيما يمكن تحديده في النقاط التالية‪:32‬‬
‫‪ -‬عدم استغالل موارد المجتمع أو سوء استغاللها‪.‬‬
‫‪ -‬قابلية بعض الموارد للنفاذ‪.‬‬
‫‪ -‬ازدهار الحضارات وتقدم المدن والتوسع في االكتشافات العلمية والفنية‬
‫يؤدي إلى خلق سلع وخدمات جديدة‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى خلق حاجات لم‬
‫تكن موجودة من قبل‪.‬‬
‫‪ -‬زيادة عدد السكان بنسب تفوق الزيادة في اإلنتاج‪.‬‬
‫رابعا‪-‬أبعاد المشكلة االقتصادية‪:‬‬
‫لفهم المشكلة االقتصادية‪ ،‬البد من اإلجابة عن عدد من األسئلة الهامة‪ ،‬التي تشكل‬
‫أهم المسائل الواجب معالجتها من قبل كل اقتصادي‪ ،‬هذه األسئلة هي‪:‬‬
‫أ‪-‬ماذا ننتج؟ أو بعبارة أخرى‪ :‬ماذا ينبغي أن ننتج وبأي كميات؟‬
‫ندرة الموارد تحتم على اإلنسان تفضيل بعض الحاجات على حاجات أخرى‪ ،‬وعلى‬
‫أساس هذا االختيار يتم تحديد أنواع السلع والخدمات التي يجب إنتاجها‪.‬‬

‫فرحي كريمة‪ ،‬فراح رشيد‪ ،‬محاضرات في مدخل لالقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.30‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪22‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫ب‪-‬كيف ننتج؟ أو بصياغة أخرى‪ ،‬ما هي طريقة اإلنتاج المناسبة لتحويل الموارد‬
‫االقتصادية إلى سلع وخدمات؟‪ .‬إذن اإلجابة عن هذا السؤال يحتم االختيار المناسب‬
‫لطريقة اإلنتاج‪ ،‬طالما أن هناك أكثر من طريقة لخلق السلع والخدمات‪.‬‬
‫قد تختلف االقتصاديات فيما بينها من حيث مجموعة الحوافز االقتصادية‪،‬‬
‫والتهديدات وأنماط السلوك التنافسي المسموح بها‪ ،‬ولكنها جميعها تظل تواجه‬
‫مشكلة كيفية استخدام مواردها المحدودة إلنتاج السلع‪.33‬‬
‫ج‪-‬لمن ننتج؟ من أجل من سوف ننتج؟ أو على من سيوزع اإلنتاج؟ فهناك أيضا‬
‫مشكلة اختيار في التوزيع‪ ،‬فكل فرد ال يستطيع أن يحصل على كل ما يرغب به من‬
‫السلع والخدمات‪ .‬وهنا البد من العدالة في توزيع اإلنتاج‪ ،‬والبد من إيجاد وسيلة‬
‫يمكن بواسطتها قياس مدى مساهمة كل فرد في العملية اإلنتاجية‪.34‬‬
‫خامسا‪-‬الحاجات‪:‬‬
‫‪-1‬تعريف الحاجة‪:‬‬
‫يكون النشاط اإلنساني نشاطا اقتصاديا عندما يسعى إلى مقاومة الندرة النسبية‬
‫للموارد‪ ،‬فكل إنسان له حاجات أو رغبات تتمثل في إحساس أليم يريد إزالته أو‬
‫إحساس بالراحة يريد زيادته‪ .‬وهناك وسائل قادرة على إشباع هذه الحاجات بإيقاف‬
‫اإلحساس باأللم أو عدم الرضا أو جلب اإلحساس باالرتياح أو زيادته‪.35‬‬
‫‪-2‬خصائص الحاجات‪ :‬تتميز الحاجات بمجموعة من الخصائص‪ ،‬نذكر أهمها‪:‬‬

‫‪ 33‬بن عصمان محفوظ‪ ،‬مدخل في االقتصاد‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬عنابة‪ ،‬الجزائر‪،2010 ،‬‬
‫ص‪.130‬‬
‫‪ 34‬كمال توفيق محمد الحطاب‪ ،‬نظرات جديدة في المشكلة االقتصادية من منظور إسالمي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.87‬‬
‫مختار عبد الحكيم طلبة‪ ،‬مقدمة في المشكلة االقتصادية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،2007 ،‬ص‪.2‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪23‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪-‬الحاجة نسبية‪ :‬الحاجة اإلنسانية تعتبر شخصية‪ ،‬أي أنها تختلف من فرد آلخر‪،‬‬
‫وتختلف من زمان آلخر ومن مكان آلخر‪.‬‬
‫‪-‬الحاجات النهائية‪ :‬يقصد بأنها دورية ومتجددة‪ ،‬أي تتولد بعد فترة من إشباعها‪،‬‬
‫كالحاجة إلى الطعام والشراب‪.‬‬
‫‪-‬الحاجات متكاملة‪ :‬بعض الحاجات مرتبطة ببعضها البعض‪ ،‬بحيث ال يمكن إشباع‬
‫إحداها دون وجود األخرى‪.‬‬
‫‪-‬قابلية الحاجات لإلحالل‪ :‬المقصود بقابلية الحاجات لإلحالل محل بعضها يعني أن‬
‫إشباع إحداها يمكن أن يغني عن إشباع األخرى‪.‬‬
‫سادسا‪-‬األموال أو الموارد االقتصادية‪:‬‬
‫‪-1‬تعريف‪:‬‬
‫المال أو المورد بالمفهوم االقتصادي عبارة عن كل شيء نافع متاح لالستعمال‪،‬‬
‫والمنفعة هي القدرة على إشباع حاجة من الحاجات أو رغبة من الرغبات اإلنسانية‪.‬‬
‫فلكي يكون المال أو المورد اقتصاديا‪ ،‬يجب أن تتوفر فيه الخصائص التالية‪:36‬‬
‫‪ -‬وجود حاجة محسوسة لدى الفرد ووجود عالقة بين الحاجة والشيء‪ ،‬يعتبره‬
‫الفرد قادرا على إشباع الحاجة‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن تتوافر في الشيء النفعية‪ ،‬أي قابلية إلشباع حاجة أو رغبة بطريقة‬
‫مباشرة أو غير مباشرة‪.‬‬
‫‪ -‬الندرة وهي الخاصية التي تميز بين الموارد الحرة والمتوافرة بكميات غير‬
‫محدودة بالنسبة إلشباع الحاجات اإلنسانية‪ ،‬واألموال االقتصادية المتاحة‬

‫مختار عبد الحكيم طلبة‪ ،‬مقدمة في المشكلة االقتصادية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.5‬‬ ‫‪36‬‬

‫‪24‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫لدى األفراد بكميات محدودة‪ ،‬وهذه األخيرة هي التي تكون محل اهتمام علم‬
‫االقتصاد‪.‬‬
‫‪-2‬أنواع الموارد (السلع)‪:‬‬
‫أ‪-‬السلع الحرة‪ :‬هي كل السلع أو الموارد التي ال يوجد لها استخدام محدد أو كل‬
‫األشياء التي لها استخدام أو منفعة‪ ،‬إال أنها موجودة بكميات غير محدودة في‬
‫الطبيعة‪ ،‬ويمكن الحصول عليها بدون دفع الثمن‪.‬‬
‫ب‪-‬السلع االقتصادية‪:‬هي السلع التي تتميز بالندرة النسبية أي أنها توجد في الطبيعة‬
‫بكميات محدودة وأقل من الكمية المرغوب فيها‪ ،‬والتي تصلح إلشباع الحاجات‬
‫بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ .‬وما يمكن اإلشارة إليه هو أن هذه السلع ينشأ عليها‬
‫طلب وعرض ويتحدد لها سعر‪.‬‬
‫ج‪-‬السلع اإلنتاجية‪ :‬هي السلع التي تستخدم في عملية إنتاج السلع والخدمات‬
‫وتصنف إلي صنفين‪ ،‬أولهما يسمى السلع الرأسمالية وثانيهما يسمى السلع‬
‫الوسيطة‪.‬‬
‫د‪-‬السلع االستهالكية‪ :‬هي السلع التي تستخدم مباشرة في إشباع الحاجات بشكل‬
‫مباشر وتنقسم إلى سلع معمرة والتي يمكن استخدامها عدة مرات‪ ،‬وسلع غير‬
‫معمرة تفنى في استعمالها األول‪.‬‬
‫سابعا‪-‬عالج المشكلة االقتصادية‪:‬‬
‫‪ -1‬النظام الرأسمالي‪:‬‬
‫يقوم النظام الرأسمالي على الحرية االقتصادية المطلقة للفرد‪ ،‬وبهذه الحرية يتحقق‬
‫التقدم االقتصادي وتشبع حاجات أفراد المجتمع‪ ،‬ألن الفرد وهو يسعى لتحقيق‬

‫‪25‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫مصلحته الذاتية‪ ،‬يحقق دون أن يشعر المصلحة المجتمعية‪ ،‬وبالتالي تحقيق التوافق‬
‫بين المصلحة العامة والخاصة‪.‬‬
‫إن آلية السعر وتفاعل قوى العرض والطلب في السوق وسيلتان هامتان لعالج‬
‫المشكلة االقتصادية‪ ،‬من خالل تحديد السلع والخدمات الواجب إنتاجها وفق الطرق‬
‫المثلى‪.‬‬
‫األزمات التي عصفت باقتصاديات العالم أكدت قصور النظام الرأسمالي في تحقيق‬
‫االستقرار وعالج المشكلة االقتصادية‪ ،‬وكذا أوجدت ضرورة لتدخل الدولة في‬
‫االقتصاد‪ ،‬وهذا ما يعارض مبدأ الحرية الفردية وعدم تدخل الدولة ‪.‬‬
‫‪-2‬النظام االشتراكي‪:‬‬
‫ينظم النشاط االقتصادي في النظام االشتراكي عن طريق خطة وطنية (التخطيط‬
‫المركزي) تضعها الدولة‪ ،‬وتبسط من خاللها سيطرتها على كافة الموارد‬
‫االقتصادية‪ ،‬وتوزعها على أبناء المجتمع بالتساوي على قاعدة كل يعمل بقدر‬
‫طاقته‪ ،‬ويأخذ من عوائد عناصر اإلنتاج بقدر عمله أو حاجته‪ .‬النتيجة هي انخفاض‬
‫اإلنتاج المادي كما وكيفا وسوء أحوال المجتمعات اقتصاديا واجتماعيا‪ ،‬حيث لم‬
‫تعالج المشكلة االقتصادية‪ ،‬التي اعتبرها االقتصاد االشتراكي بأنها تتجسد في‬
‫التناقض بين شكل اإلنتاج وعالقات التوزيع‪.37‬‬
‫‪-3‬عالج المشكلة االقتصادية في النظام االقتصادي اإلسالمي‪:‬‬
‫يقر االقتصاد اإلسالمي بنشوء مشكلة اقتصادية في المجتمع‪ ،‬لكن ال يرجعها‬
‫لمشكلة الطبيعة وشح مواردها‪ ،‬كما يزعم النظام الرأسمالي‪ ،‬فقد سخر هللا سبحانه‬

‫‪ 37‬محمود حسين الوادي‪ ،‬حسين محمد سمحان‪ ،‬المصارف اإلسالمية‪ :‬األسس النظرية والتطبيقات العملية‪،‬‬
‫دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2012 ،‬ص‪.58‬‬

‫‪26‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫وتعالى لإلنسان في هذه األرض‪ ،‬كل ما يحقق له حياة كريمة‪ ،‬بموارد وموارد كافية‬
‫له ولألجيال المتالحقة‪ ،‬مصداقا لقوله تعالى‪ ﴿:‬أليس هللا بكاف عبده﴾ اآلية ‪ 36‬من‬
‫سورة الزمر‪ ،‬وقوله تعالى‪﴿:‬هللا الذي خلق السموات واألرض وأنزل من السماء‬
‫ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره‬
‫وسخر لكم األنهار(‪ )32‬وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل‬
‫والنهار(‪ )33‬وأتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت هللا ال تحصوها إن‬
‫اإلنسان لظلوم كفار(‪ ،)34‬سورة إبراهيم‪.‬‬
‫الواقع أن المشكلة االقتصادية في المنظور اإلسالمي ليست مشكلة ندرة موارد أو‬
‫مشكلة اختيار‪ ،‬ولكنها ندرة عمل منتج‪ ،‬ومشكلة ظلم اإلنسان لنفسه وكفره بالنعم‬
‫التي وهبها هللا له‪ ،‬بما انعكس سلبا على الواقع االقتصادي بقلة اإلنتاج وانتشار‬
‫األزمات‪..‬إلخ‪.38‬‬
‫عالج المشكلة االقتصادية في رأي النظام االقتصادي اإلسالمي‪ ،‬يتم من خالل‬
‫نظرة شاملة لجميع جوانب الحياة المادية والمعنوية‪ ،‬تقر بأصالة الملكيتين الخاصة‬
‫والعامة‪ ،‬وتوافق بين المصلحة العامة والفردية‪ .‬وقد أجاز اإلسالم للحاكم حق‬
‫التصرف في األموال العامة بما يكفل تقليل التفاوت في المداخيل والثروات بين‬
‫األفراد‪ ،‬وله حق إعادة التوزيع بوسائل تحقق العدالة في التوزيع‪.39‬‬

‫‪ 38‬محمود حسين الوادي‪ ،‬حسين محمد سمحان‪ ،‬المصارف اإلسالمية‪ :‬األسس النظرية والتطبيقات العملية‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.59‬‬

‫‪ 39‬محمود حسين الوادي‪ ،‬حسين محمد سمحان‪ ،‬المصارف اإلسالمية‪ :‬األسس النظرية والتطبيقات العملية‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.60‬‬

‫‪27‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫خالصة المحاضرة‪:‬‬

‫لم يتمكن أي نظام اقتصادي من حل المشكلة االقتصادية وتحقيق االستقرار‬


‫االقتصادي واالجتماعي لسكان العالم‪ ،‬فاألزمات االقتصادية التي تسبب فيها‬
‫النظام الرأسمالي الذي كان أفضل ما أبدعه الفكر االقتصادي الوضعي‪ ،‬دليل على‬
‫ذلك‪ ،‬فكل محاوالت االقتصاديين للوصول إلى حلول تنهي أزمة تعصف‬
‫باالقتصاد‪ ،‬تتسبب في أزمة مستقبلية‪.‬‬

‫المحاضرة الرابعة‪ :‬النشاط االقتصادي‪.‬‬


‫مقدمة‬
‫يتشكل النشاط االقتصادي من مجموع األنشطة التي يمارسها األعوان‬
‫االقتصاديون من خالل عمليات اإلنتاج واالستهالك والتوزيع واالدخار‬
‫واالستثمار‪ ،‬وكل نشاط اقتصادي يهدف إلى مواجهة الندرة‪ ،‬وال يمكن اعتبار‬

‫‪28‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫النشاط اإلنساني اقتصاديا إال إذا هدف إلى مقاومة الندرة النسبية للموارد‪ .‬سنتطرق‬
‫في هذه المحاضرة إلى األنشطة االقتصادية من خالل التعرض إلى المفاهيم العلمية‬
‫المرتبطة بها بدأ بنشاط اإلنتاج‪ ،‬وصوال إلى نشاط االستثمار‪.‬‬
‫أوال‪-‬تعريف النشاط االقتصادي‪:‬‬
‫هو مجموعة من المهام والعمليات التي يقوم بها الفرد أو مجموعة من األفراد‬
‫الستخراج الموارد الطبيعية وتحويلها حتى تصبح صالحة لالستعمال‪ ،‬والتي‬
‫يحصل بها أفراد المجتمع على حاجاتهم‪.40‬‬
‫هدف النشاط االقتصادي هو مواجهة الندرة النسبية للموارد‪ ،‬من خالل مجموعة‬
‫من األنشطة التي تتمثل في اإلنتاج واالستهالك واالدخار واالستثمار‪.‬‬
‫ثانيا‪-‬نشاط اإلنتاج‪:‬‬
‫‪-1‬تعريف‪:‬‬
‫عرف جان باتيست ساي اإلنتاج بأنه يشمل كل عمل نافع يؤدي إلى إشباع حاجات‬
‫األفراد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬وهو حسب تعريف االقتصاديين في‬
‫العصر الحديث خلق لمنفعة جديدة أو إضافة منفعة‪ .41‬فاإلنتاج ليس خلق المادة كما‬
‫اعتقد الطبيعيون‪.‬‬
‫يعتبر اإلنتاج مجموعة العمليات التحويلية التي يقوم بها المنتج بغرض تحقيق منفعة‬
‫معينة‪ ،‬وهذا من منطلق فكرة التحويل‪ ،‬وبالمفهوم القيمي‪ ،‬يرتبط اإلنتاج بفكرة‬
‫القيمة‪ ،‬باعتبارها التعبير المباشر عن التقدير االقتصادي‪ ،‬فجميع عالقات اإلنتاج‬

‫رفيقة حروش‪ ،‬االقتصاد السياسي‪ ،‬دار األمة للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الجزائر‪ ،2011 ،‬ص‪.15‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪ 41‬عزت عبد الحميد البرعي‪ ،‬مصطفى حسني مصطفى‪ ،‬مبادئ االقتصاد السياسي‪ ،‬بدون دار النشر‪ ،‬بدون‬
‫مكان النشر‪ ،2006 ،‬ص‪.9‬‬

‫‪29‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫تخضع في النهاية العتبارات األثمان والنفقات وظروف السوق‪ ،‬أما بالمعنى‬


‫المحاسبي أي فكرة القيمة المضافة‪ ،‬يقصد به إحصاء السلع والخدمات الجديدة‪ ،‬أي‬
‫إضافة قيمة مضافة‪ .‬واإلنتاج يتعلق بإشباع حاجات اإلنسان المتعددة والالنهائية‬
‫والتي من شأنها تحقيق األهداف االجتماعية‪.42‬‬
‫‪-2‬نظرية اإلنتاج‪:‬‬
‫تتمثل في الجواب على السؤال‪ :‬ماذا وكيف ننتج؟‪ ،‬وذلك بدراسة العالقة بين اإلنتاج‬
‫وعناصره والعالقة بين اإلنتاج وتكاليفه‪ ،‬ويتخلل ذلك دراسة عناصر اإلنتاج وبيان‬
‫فعاليتها وعالقة بعضها ببعض وكيفية التحول من إنتاج إلى آخر أو زيادته‪ ،‬وتقسيم‬
‫العملية اإلنتاجية أو ما يسمى بالتخصص‪ ،‬ومن تم تقسيم العمل‪...‬إلخ‪.43‬‬
‫‪-3‬عناصر اإلنتاج‪:‬‬
‫قسم االقتصاديون الكالسيكيون عناصر اإلنتاج التي يعتمدها الفرد إلشباع الحاجات‬
‫المتعددة من السلع والخدمات إلى الطبيعة أي األرض والعمل ورأس المال‪ ،‬وفي‬
‫أواخر القرن التاسع عشر أضاف االقتصادي البريطاني مارشال إلى هذه‬
‫العناصر‪ ،‬عنصرا رابعا هو التنظيم‪.44‬‬
‫أ‪-‬الطبيعة‪:‬‬

‫‪ 42‬سو زي عدلي ناشد‪ ،‬االقتصاد السياسي‪ :‬النظريات االقتصادية‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،2008 ،‬ص‪.150‬‬
‫‪ 43‬الطاهر قانة‪ ،‬نطاق علم االقتصاد وموضوعه‪ ،‬ومجاالت البحث في االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬مجلة الواحات‬
‫للبحوث والدراسات‪ ،‬العدد ‪ ،12‬جامعة غرداية‪ ،2011 ،‬ص‪.17‬‬
‫عزت عبد الحميد البرعي‪ ،‬مصطفى حسني مصطفى‪ ،‬مبادئ االقتصاد السياسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪30‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫هي كافة الهبات الطبيعية التي ال دخل لعمل اإلنسان في إيجادها ويتمكن اإلنسان‬
‫بفضلها من إنتاج السلع والخدمات التي يحتاجها إلشباع حاجاته‪ ،‬ويمكن أن تكون‬
‫مجاال للملكية أو للسيطرة عليها وتتمتع بندرة نسبية‪.45‬‬
‫ب‪-‬عنصر العمل‪:‬‬
‫يمثل عنصر العمل خدمات األيدي العاملة التي تسهم في إنتاج السلع والخدمات‪،‬‬
‫وقد يكون العمل جسماني يعتمد أساسا على المجهود العضلي لإلنسان‪ ،‬أو ذهني‬
‫يعتمد على المجهود العقلي لإلنسان أساسا‪ .‬هذا ويؤخذ في االعتبار عند دراسة‬
‫عنصر العمل ناجيتين‪ :‬الناحية النوعية والناحية الكمية‪ ،‬حيث تتمثل الناحية األولى‬
‫للعمل في اختالف درجة مهارة العمال وإنتاجيتهم‪ ،‬والتي تتوقف على الصفات‬
‫الوراثية والمكتسبة للعامل ودرجة الثقافة والمستوى الخلقي وغير ذلك مما يؤثر‬
‫على حجم وكفاءة اإلنتاج‪ ،‬أما عن الناحية الكمية فتتمثل في حجم القوة العاملة أو‬
‫عدد المشتغلين في سوق العمل‪ ،‬والتي تتحدد بعدد السكان وتوزيعهم حسب السن‬
‫والجنس‪.46‬‬
‫ب‪-1-‬خصائص العمل‪:‬‬
‫فيما يلي خصائص عنصر العمل موضحة في الشكل رقم(‪:)1‬‬

‫خصائص العمل‬

‫‪ 45‬رفيقة صباغ‪ ،‬محاضرات في مقياس مدخل لالقتصاد‪ ،‬موجهة لطلبة السنة األولى جذع مشترك علوم‬
‫اقتصادية‪ ،‬المركز الجامعي بلحاج بوشعيب عين تموشنت‪ ،2015-2014 ،‬ص‪.43‬‬

‫‪ 46‬عبلة عبد الحميد بخاري‪ ،‬نظرية اإلنتاج‪ ،‬ص‪ ،2‬تاريخ االقتباس‪ ،2016-12-03 :‬الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪www.kau.edu.sa/files/0002132/subjects/me6.pdf‬‬

‫‪31‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫أن يترتب عليه‬ ‫أن يكون منظما‬ ‫محقق للمنفعة‬ ‫اختياريا ‪:‬يقوم‬
‫أجر‪.‬‬ ‫االجتماعية‬ ‫به الفرد بمحض‬
‫المتمثلة في‬ ‫إرادته‬
‫إشباع الحاجات‬

‫المصدر‪:‬من إعداد األستاذ ‪.‬‬


‫ج‪-‬عنصر رأس المال‪:‬‬
‫هو العنصر الذي يصنعه اإلنسان ليساعده في عملية اإلنتاج‪ ،‬ويشمل اآلالت‬
‫والمعدات والموارد التي يصنعها اإلنسان لتزيد قدرته على اإلنتاج‪ .‬ويالحظ أن‬
‫الرأس المال النقدي هو الوسيلة للحصول على رأس المال العيني أوالحقيقي‬
‫والمتمثل في اآلالت والمعدات الالزمة لإلنتاج‪ .‬وعلى مستوى المشروع يمكن‬
‫التفرقة بين نوعين من عنصر رأس المال هما‪:47‬‬
‫‪-‬رأس المال الثابت‪:‬األصول الثابتة في المشروع كاآلالت والمعدات والمباني‬
‫والمنشآت‪ ،‬والتي يمكن للمشروع أن يستفيد منها في عملية اإلنتاج على مدى‬
‫فترات طويلة من الزمن‪.‬‬
‫‪-‬رأس المال المتداول‪ :‬والذي يتمثل في المواد األولية والسلع غير تامة الصنع التي‬
‫يستخدمها المشروع في عملية اإلنتاج‪ ،‬والتي تستهلك بمجرد استعمالها‪.‬‬
‫د‪-‬عنصر التنظيم‪:‬‬
‫هو نوع خاص من النشاط اإلنساني يدرج أحيانا تحت عنوان العمل‪ ،‬ولكن‬
‫بمميزات خاصة ولكونه يلعب دورا خاصا في النظام االقتصادي‪ ،‬كان من األفضل‬
‫أن يعامل كعنصر إنتاجي منفصل عن العمل‪ .‬وهو يشير إلى مهمة تجميع عناصر‬
‫اإلنتاج األخرى‪ ،‬العمل واألرض ورأس المال واستخدامها في العملية اإلنتاجية‬

‫عبلة عبد الحميد بخاري‪ ،‬نظرية اإلنتاج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.2‬‬ ‫‪47‬‬

‫‪32‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫واتخاذ قرار القيام بها وتحمل مخاطر تنفيذها‪ .‬والمنظم هو ليس الشخص الذي تعهد‬
‫إليه إدارة المشروع فحسب‪ ،‬إنما هو الرائد الذي يضع كل مواهبه ومهاراته في‬
‫خدمة المشروع لتنميته عن طريق إنتاج السلع الجديدة أو استخدام الطرق الفنية‬
‫الجديدة في اإلنتاج‪.48‬‬
‫ثالثا‪-‬نشاط االستهالك‪:‬‬
‫يعتبر نشاط االستهالك الحلقة الضرورية والمحفزة لنشاط اإلنتاج‪ ،‬الذي يهدف إلى‬
‫تلبية حاجات أفراد المجتمع من سلع وخدمات‪.‬‬
‫كما يعرف بأنه العملية التي تمكن األفراد من إشباع رغباتهم وتؤدي في نفس الوقت‬
‫إلى القضاء على المواد والخدمات‪ ،‬وهو ذلك النشاط الذي يزاوله اإلنسان إلشباع‬
‫حاجاته ورغباته التي يشعر بها‪ ،‬وذلك من خالل إتالف المنتجات بهدف اإلنتاج‬
‫مرة أخرى‪.49‬‬
‫هذا التعريف يرشدنا إلى التفرقة بين السلع االستهالكية التي تفنى بمجرد استعمالها‬
‫لتلبية حاجة معينة‪ ،‬والسلع الوسيطة أو السلع اإلنتاجية التي تدخل في عملية إنتاج‬
‫سلع أخرى‪ ،‬أي أن هذا الصنف ال يستهلك مباشرة‪ ،‬ويدخل في هذا الصنف المواد‬
‫األولية‪.‬‬
‫رابعا‪-‬نشاط التوزيع‪:‬‬
‫يعرف التوزيع بأنه كيفية تحديد أثمان عناصر اإلنتاج‪ ،‬أما إعادة التوزيع فتعني‬
‫التعديالت الالزمة التي تدخلها الدولة على هذا النشاط‪ ،‬والمقصود بالتوزيع كذلك‬

‫‪ 48‬محمد طاقة وآخر ون‪ ،‬أساسيات علم االقتصاد الجزئي والكلي‪ ،‬إثراء للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬األردن‪ ،2008 ،‬ص‪.154‬‬
‫رفيقة صباغ‪ ،‬محاضرات في مقياس مدخل لالقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.48‬‬ ‫‪49‬‬

‫‪33‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫انتقال وتقسيم الدخل أو الثروة بين أفراد المجتمع سواء تم ذلك عن طريق‬
‫المعاوضة أو بوسائل أخرى كاإلرث والهبات واألوقاف والزكاة ‪..‬إلخ‪ ،‬والدخل هو‬
‫التعبير عن تيار المنافع الحقيقية خالل فترة زمنية سواء كان مصدرها العمل أو‬
‫الثروة أو أي عنصر إنتاجي آخر‪ ،‬أما الثروة فتعني المال بالمفهوم الفقهي أو الثروة‬
‫الخاصة عند االقتصاديين أي مجموع السلع النافعة القابلة للتملك كاألرض‬
‫والثروات والنقود‪.50‬‬
‫خامسا‪-‬نشاط االدخار‪:‬‬
‫يعتبر االدخار ظاهرة اجتماعية لها بعد اقتصادي‪ ،‬حيث يسعى األفراد إلى حبس‬
‫جزء من الدخل في شكل مدخرات‪ ،‬تستعمل مستقبال لتلبية االحتياجات المختلفة‪،‬‬
‫وبذلك فهذه العملية تتجسد في التضحية باالستهالك الحالي مقابل االستهالك‬
‫المستقبلي‪ .‬واالدخار يمكن أن يكون على شكل أصول مالية منقولة أو على شكل‬
‫أصول مادية‪.‬‬
‫والفرق بين االدخار واالكتناز هو أن في هذه األخيرة تحجب األموال عن المجتمع‬
‫وال ينتفع بها‪ ،‬أما في حالة االدخار‪ ،‬فإنها تأخذ طريقها نحو وعاء من األوعية‬
‫المالية‪ ،‬فال تحجب عن التداول وال تعطل الدورة االقتصادية‪ ،‬وينتفع بها‬
‫المجتمع‪.51‬‬
‫سادسا‪-‬نشاط االستثمار‪:‬‬

‫‪ 50‬يسري محمد أبو العال‪ ،‬علم االقتصاد‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،2007 ،‬‬
‫ص‪.641‬‬
‫يسري محمد أبو العال‪ ،‬علم االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.651‬‬ ‫‪51‬‬

‫‪34‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫يعتبر االستثمار كل إضافة إلى رأس المال‪ ،‬وهو كذلك خلق أصول رأسمالية جديدة‬
‫من آالت ومباني وعتاد‪.. ،‬إلخ‪ ،‬تزيد من قدرة االقتصاد القومي على إنتاج السلع‬
‫االستهالكية‪ ،‬فاالستثمار هو تيار إضافي من السلع اإلنتاجية التي تسهم في إنتاج‬
‫السلع االستهالكية‪ ،‬أما رأس المال فهو رصيد قائم من السلع اإلنتاجية‪ ،‬فكل زيادة‬
‫في استثمارات الدولة‪ ،‬سيضيف ذلك إلى رصيدها من رأس المال‪.52‬‬
‫خالصة المحاضرة‪:‬‬
‫كل عون اقتصادي يمارس نشاطا اقتصاديا يهدف من خالله إلى تحقيق أهدافه‬
‫ومقاومة الندرة النسبية للموارد‪ ،‬وذلك بممارسة وظيفة أساسية بالموازاة مع‬
‫وظائف ثانوية‪ ،‬فقطاع العائالت يمارس الوظيفة االقتصادية األساسية المتمثلة في‬
‫االستهالك مع عمليات اقتصادية أخرى كاالدخار أو االستثمار‪ .‬إذن الحياة‬
‫االقتصادية تتشكل من مجموعة من القطاعات االقتصادية التي تساهم بقدر معين‬
‫في سبيل تحقيق الرفاهية االقتصادية‪.‬‬

‫المحاضرة الخامسة‪:‬نظرية التوزيع‪.‬‬


‫مقدمة‬

‫‪ 52‬عليان عبد هللا الحولي‪ ،‬محاضرات في اقتصاديات التعليم‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‪ ،‬غزة‪ ،‬فلسطين‪-2015 ،‬‬
‫‪ ،2016‬ص‪.5‬‬

‫‪35‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫ال يمكن للمؤسسة أن تنتج إال بتشارك مجموعة من المتعاملين‪ ،‬كل حسب وظيفته‬
‫االقتصادية‪ ،‬لتحقيق فائض في الثروة ‪ ،‬تعتمد المؤسسة عليه لتثمين عناصر اإلنتاج‬
‫من خالل ما يسمى بالتوزيع األولي للمدخيل‪ .‬سنتطرق في هذه المحاضرة إلى‬
‫المفاهيم المرتبطة بنظرية التوزيع ونربط نشاط التوزيع بالعائد المترتب عن كل‬
‫عنصر من عناصر اإلنتاج‪ ،‬لنتطرق في األخير إلى عملية إعادة التوزيع‪.‬‬
‫أوال‪-‬مفهوم نظرية التوزيع‪:‬‬
‫يعرف االقتصاديون نظرية التوزيع بأنها النظرية التي تبحث في كيفية تحديد‬
‫أسعار(أثمان) خدمات عناصر اإلنتاج التي تسهم في العمليات اإلنتاجية المختلفة‬
‫وتوزيعها‪ ،‬كما أنها تبحث في الطريقة التي تتفاعل بها الظروف المحددة للطلب‬
‫والعرض لتلك العناصر‪ ،‬عند تحديد أسعارها‪ .‬بمعنى أن هذه النظرية تبين كيفية‬
‫توزيع الدخل القومي كأنصبة محددة على خدمات عناصر اإلنتاج األربعة وهي‪:‬‬
‫األرض والعمل ورأس المال والتنظيم‪ ،‬وهذا ما يعرف عند االقتصاديين بالتوزيع‬
‫الوظيفي للدخل القومي‪.53‬‬
‫يرى بعض االقتصاديين أن نظرية التوزيع ال تعتبر من النظريات االقتصادية‪ ،‬بل‬
‫هي مجرد أراء قيلت في نظريات السعر‪ ،‬أو أنها شكل من أشكال نظرية السعر‪ .‬مع‬
‫ذلك فإن نظرية التوزيع تعبر عن ملكية الدخل وكيفية تحديده‪ ،‬دون أن تكون لها‬
‫عالقة بالناحية المادية لعناصر اإلنتاج التي تحصل على الدخل‪.54‬‬

‫‪ 53‬إبراهيم بن عبد الرحمان آل عروان‪ ،‬نظرية التوزيع‪ :‬دراسة اقتصادية فقهية‪ ،‬مجلة جامعة الملك سعود‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،16‬المملكة العربية السعودية‪ ،2003 ،‬ص‪.551‬‬

‫‪ 54‬كامل عالوي كاظم الفتالوي‪ ،‬حسين لطيف كاظم الوبيدي‪ ،‬مبادئ علم االقتصاد‪ ،‬دار صفاء للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2013 ،‬ص‪.181‬‬

‫‪36‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫يوضح الشكل رقم(‪ )2‬العائد من كل عنصر من عناصر اإلنتاج‪:‬‬

‫العائد‬ ‫عنصر اإلنتاج‬

‫الريع‬ ‫األرض‬

‫الفائدة‬ ‫رأس المال‬

‫األجر‬ ‫العمل‬

‫الربح‬ ‫التنظيم‬

‫‪37‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫المصدر‪ :‬من إنجاز األستاذ‪.‬‬


‫ثانيا‪:‬األجر‪.‬‬
‫‪-1‬مفهوم األجر‪ :‬المفهوم االقتصادي لألجر يعني التعويض المدفوع لألجير كثمن‬
‫لجهده المقدم من قبل شخص(منتج) أو مجموعة أشخاص (منتجون) خالل فترة‬
‫زمنية محددة‪.55‬‬
‫‪-2‬أنواع األجور‪ :‬بشكل عام يمكن تصنف األجور إلى األصناف التالية‪:‬‬
‫أ‪-‬األجر النقدي‪ :‬هو البديل النقدي (أي يدفع نقدا) لألجير مقابل أداء عمل معين‪.‬‬
‫ب‪-‬األجر الطبيعي (العيني)‪ :‬األجر الذي يدفع على شكل مدفوعات مادية أو طبيعية‬
‫كالسكن أو دفع جزء منه على شكل منتجات‪ ،‬كما في حالة الزراعة على شكل سلع‬
‫وخدمات‪.56‬‬
‫ج‪-‬األجر االسمي‪ :‬يشير إلى عدد الوحدات النقدية التي يحصل عليها العامل خالل‬
‫فترة زمنية معينة‪.57‬‬
‫د‪-‬األجر الحقيقي‪ :‬هو مقدار السلع والخدمات التي يستطيع األجير الحصول عليها‬
‫بواسطة األجر النقدي‪ ،‬هنا تجدر اإلشارة إلى أن األجر الحقيقي هو المقياس الدقيق‬
‫للمستوى المعيشي للفرد وقدرته الشرائية‪.‬‬
‫‪-3‬كيفية تحديد األجر‪:‬‬

‫كامل عالوي كاظم الفتالوي‪ ،‬حسين لطيف كاظم الوبيدي‪ ،‬مبادئ علم االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.181‬‬ ‫‪55‬‬

‫‪ 56‬خالد أحمد فرحان المشهداني‪ ،‬رائد عبد الخالق عبد هللا العبيدي‪ ،‬مبادئ االقتصاد‪ ،‬دار األيام للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان ‪ ،‬األردن‪ ،2013 ،‬ص‪.119‬‬

‫‪ 57‬خالد أحمد فرحان المشهداني‪ ،‬رائد عبد الخالق عبد هللا العبيدي‪ ،‬مبادئ االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.119‬‬

‫‪38‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫يتحدد األجر في سوق العمل كسعر ينشأ عن تقاطع منحنيي عرض العمل والطلب‬
‫عليه‪ ،‬ولتقريب المعنى يجب تحديد مفهومي عرض العمل والطلب عليه‪.‬‬
‫يتحدد إجمالي عرض نوع من العمل عن طريق العمال الصالحين إلنجاز عمل‬
‫معين‪ ،‬وكذا بعدد الساعات المبذولة يوميا أو أسبوعيا أو شهريا في العمل المقرر‬
‫وحسب ما تحتاجه الدورة اإلنتاجية‪ .‬وبتحديد العامل ألوقات فراغه وهي أقل ما‬
‫يمكن تحديده‪ ،‬يمكن أن يحدد الحد األقصى لساعات العمل اليومية‪ ،‬وبهذا يتحدد‬
‫عرض العمل بالساعات الممكنة التي يختار العامل فيها أن يعمل في ظل مستويات‬
‫مختلفة من األجر‪ ،‬بحيث تزداد كلما ارتفع األجر والعكس صحيح‪.58‬‬
‫أما الطلب على قوة العمل من قبل المنتجين‪ ،‬فإنه سيزيد طالما أن اإليراد الحدي‬
‫لإلنتاج أعلى من مستوى األجر السائد في السوق‪ ،‬وسيتوقف عن طلب المزيد من‬
‫ذلك العمل عندما يتساوى اإليراد الحدي لإلنتاج مع مستوى األجر السائد‪ ،‬وعليه‬
‫فإن منحنى الطلب على نوع معين من العمل سينخفض كلما ارتفع األجر‪ ،‬وينخفض‬
‫كلما انخفض األجر‪.59‬‬
‫ثالثا‪-‬الريع‪:‬‬
‫‪-1‬تعريف‪:‬‬
‫عرف ريكاردو الريع بأنه جزء من ناتج األرض يدفع لمالكها مقابل قوى األرض‬
‫األصلية التي ال تهلك‪ .‬أما مارشال فأضاف إلى نظرية ريكاردو رأس المال الثابت‬
‫قياسا على عنصر األرض مثل اآلالت والمعدات والمباني‪ ،‬وقال بأن رأس المال‬

‫كامل ع الوي كاظم الفتالوي‪ ،‬حسين لطيف كاظم الوبيدي‪ ،‬مبادئ علم االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.183‬‬ ‫‪58‬‬

‫كامل عالوي كاظم الفتالوي‪ ،‬حسين لطيف كاظم الوبيدي‪ ،‬مبادئ علم االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.183‬‬ ‫‪59‬‬

‫‪39‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫الثابت عديم المرونة على المدى القصير مثله في ذلك مثل األرض وسمي الفائض‬
‫أو الدخل منه شبه ريع تمييزا له عن ريع األرض‪.60‬‬
‫‪-2‬أنواع الريع‪:‬‬
‫الريع هو الدخل الناتج دون بذل أي جهد‪ ،‬وهو على أنواع‪:61‬‬
‫أ‪-‬الريع المطلق‪ :‬يسمى ريع األرض وهو تمن منفعتها كعنصر من عناصر اإلنتاج‪.‬‬
‫ب‪-‬الريع التفاضلي(ريع الخصوبة)‪ :‬وهو الريع الناشئ عن اختالف درجة خصوبة‬
‫األرض الزراعية‪.‬‬
‫ج‪-‬شبه الريع‪ :‬هذا النوع حدده مارشال بحيث أن الرأس المال الثابت يحقق فائض‬
‫سماه شبه الريع تمييزا له عن ريع األرض‪.‬‬
‫د‪-‬الريع االستهالكي‪ :‬كما يسميه ألفريد مارشال قيمة اإلشباع الفائض التي يحصل‬
‫عليها المستهلك عند شرائه سلعة‪ ،‬وهو مجرد ظاهرة نفسية خاصة‪.‬‬
‫‪-3‬تحديد الريع‪:‬‬
‫إن النظر إلى الريع باعتباره سعرا لمنفعة عنصر األرض‪ ،‬يقودنا إلى أن هذا السعر‬
‫يتحدد عند التقاء كل من الطلب على جهد األرض وعرض ذلك الجهد في سوق‬
‫معينة ووقت معين‪ .‬وهذا السعر يكون واحدا بالنسبة لكل األراضي ذات النوعية‬
‫الواحدة في مكان واحد معين‪ ،‬والتي لها إنتاجا متشابها عند استغاللها‪.62‬‬
‫رابعا‪-‬سعر الفائدة‪:‬‬

‫إبراهيم بن عبد الرحمان آل عروان‪ ،‬نظرية التوزيع‪ :‬دراسة اقتصادية فقهية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.560‬‬ ‫‪60‬‬

‫‪ 61‬خالد أحمد فرحان المشهداني‪ ،‬رائد عبد الخالق عبد هللا العبيدي‪ ،‬مبادئ االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.121‬‬
‫كامل عالوي كاظم الفتالوي‪ ،‬حسين لطيف كاظم الوبيدي‪ ،‬مبادئ علم االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.186‬‬ ‫‪62‬‬

‫‪40‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫تعتبر الفائدة الثمن الذي يدفعه المنتجون مقابل استخدامهم لرأس المال‪ ،‬ومن ثم فإن‬
‫طلبهم على رأس المال يتوقف‪ ،‬ضمن عوامل أخرى‪ ،‬على سعر الفائدة السائد في‬
‫المجتمع‪ ،‬ومن تم فكلما كان سعر الفائدة منخفضا‪ ،‬كلما أغرى ذلك المنتجين على‬
‫االقتراض وإقامة المشروعات الجديدة أو التوسع في المشروعات القائمة‪ ،‬في حين‬
‫أنه كلما كان سعر الفائدة مرتفعا‪ ،‬كلما أدى ذلك إلى إحجام بعض المنتجين عن‬
‫القيام باستثمارات جديدة أوالتوسع في المشروعات القائمة‪.63‬‬
‫خامسا‪-‬األرباح‪:‬‬
‫الربح هو العائد الصافي أو دخل المنظم الذي ينجح في جعل تكاليفه الكلية أقل من‬
‫إيراده الكلي‪ .‬وقد اعتبر بعض االقتصاديين الربح مكافأة للمخاطر التي تحيط برأس‬
‫المال المستثمر‪ ،‬وبذلك فهو نوع من أنواع التكاليف المعتاد تقديرها مقدما‪.64‬‬
‫ينبغي التمييز بين الربح االقتصادي والربح المحاسبي‪ ،‬ولكن قبل ذلك يجب أن‬
‫نشير إلى المفهوم االقتصادي للتكاليف التي ال يقتصر على التكاليف الظاهرة‪،‬‬
‫وإنما تتضمن التكاليف الضمنية التي تتكون من عوامل اإلنتاج التي يملكها صاحب‬
‫المشروع‪ ،‬كاستخدامه لخدمته الشخصية في إدارة مشروعه أو استخدامه ألرضه‬
‫الخاصة أو رأس ماله الخاص‪ ،‬وهو ما يعني أن التكاليف بالمفهوم االقتصادي أكبر‬
‫من التكاليف المحاسبية‪ ،‬وبذلك يكون الربح االقتصادي هو الفرق بين اإليرادات‬
‫الكلية والتكاليف االقتصادية‪ ،‬وبهذا يكون الربح االقتصادي أقل من الربح‬
‫المحاسبي‪ ،‬ما دامت التكاليف االقتصادية أكبر من التكاليف المحاسبية‪ .‬أما الربح‬
‫المحاسبي فهو الفرق بين اإليراد الكلي واإلنفاق الكلي (التكاليف الظاهرة) خالل‬

‫سامي السيد‪ ،‬مبادئ االقتصاد‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪.209‬‬ ‫‪63‬‬

‫كامل عالوي كاظم الفتالوي‪ ،‬حسين لطيف كاظم الوبيدي‪ ،‬مبادئ علم االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.189‬‬ ‫‪64‬‬

‫‪41‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫فترة معينة‪ ،‬ويضم اإلنفاق جميع المدفوعات الفعلية أو المدفوعات النقدية المسجلة‬
‫في الدفاتر المحاسبية كاألجور والمواد األولية‪...‬إلخ‪.65‬‬
‫سادسا‪-‬إعادة توزيع العائدات‪:‬‬
‫إعادة التوزيع العمودية هي تلك التي تتم بين أسر تقع على مستويات مختلفة من‬
‫الدخل‪ ،‬من األغنياء نحو الفقراء‪ ،‬أما إعادة التوزيع األفقية‪ ،‬فتسعى إلى الحفاظ على‬
‫مستوى حياة األسر عندما تتعرض لمخاطر اجتماعية كالمرض والعجز‬
‫والشيخوخة و البطالة‪ ،‬وهذان الشكالن من إعادة التوزيع‪ ،‬متداخالن ويستندان إلى‬
‫آليتين أساسيتين هما الجباية والحماية االجتماعية‪.66‬‬
‫‪-1‬إعادة التوزيع عن طريق الجباية‪:‬‬
‫الضرائب مهمتها تمويل النفقات العمومية‪ ،‬والمنظومة الجبائية بصفتها مجموع‬
‫الضرائب المباشرة وغير المباشرة المعمول بها في بلد ما‪ ،‬يمكن تصورها بحيث‬
‫كلما كانت األسر غنية كلما طلب منها المساهمة‪ ،‬والمنظومة الجبائية تكون أكثر‬
‫توزيعية بقدر ما تكون الضرائب على الدخل وعلى الممتلكات تحتل فيها مكانة‬
‫هامة‪ ،‬وتكون الضرائب أكثر تدرجا‪.67‬‬
‫‪-2‬إعادة التوزيع عن طريق الحماية االجتماعية‪:‬‬
‫الحماية االجتماعية عبارة عن جملة من اآلليات إلعادة توزيع الدخل هدفها حماية‬
‫األشخاص واألسر من بعض الطوارئ‪ ،‬التي تتعلق باألخطار البدنية‪ ،‬التي تقلص‬

‫‪ 65‬خالد أحمد فرحان المشهداني‪ ،‬رائد عبد الخالق عبد هللا العبيدي‪ ،‬مبادئ االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.124‬‬
‫‪ 66‬موسى زواوي‪ ،‬مدخل عام لالقتصاد السياسي‪ ،‬منشورات الدار الجزائرية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.96 ،2015‬‬
‫موسى زواوي‪ ،‬مدخل عام لالقتصاد السياسي‪ ،‬مرجع سابق‪.97 ،‬‬ ‫‪67‬‬

‫‪42‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫أو تقضي مؤقتا أو نهائيا على القدرة على العمل‪ ،‬وتقتضي عالجا طبيا(مرض‪،‬‬
‫أمومة‪ ،‬عجز‪ ،‬شيخوخة)‪ ،‬أو خطر اقتصادي (البطالة)‪ ،‬وأعباء اجتماعية‪ .‬في‬
‫مختلف هذه الحاالت تدفع منظمات الحماية االجتماعية‪ ،‬تحت شروط معينة لكل‬
‫أسرة‪ ،‬مستحقات اجتماعية يسميها التحليل االقتصادي تحويالت‬
‫اجتماعية‪.‬المستحقات العينية تقدم كعائدات تعويضية عندما تكون موجهة لتعويض‬
‫فقدان العائد المهني(معاشات الشيخوخة والعجز‪ ،‬تعويضات التأمين على البطالة‪،‬‬
‫تعويضات عن المرض واألمومة)‪ ،‬وكعائدات تكميلية عندما يكون هدفها مساعدة‬
‫األسر على مواجهة بعض األعباء(المستحقات العائلية)‪ ،‬أوكعائدات إعانة عندما‬
‫تكون مخصصة لألفراد األكثر فقرا (كالعائد األدنى على الشيخوخة)‪ ،‬كما يمكن أن‬
‫تكون على أشكال مختلفة كالتزويد المجاني بالحاجات والخدمات‪.. ،‬إلخ‪.68‬‬
‫خالصة المحاضرة‪:‬‬
‫تطرقنا في العنصر األخير من هذه المحاضرة إلى عملية إعادة التوزيع التي تقوم‬
‫بها الدولة وفق طريقتين هما الجباية والحماية االجتماعية‪ ،‬فإضافة على ذلك يوفر‬
‫االقتصاد اإلسالمي آلية فريدة من نوعها إلعادة توزيع الثروة‪ ،‬تتمثل في فريضة‬
‫الزكاة‪ ،‬التي تحقق المقصد التعبدي بالدرجة األولى والهدف االقتصادي التوزيعي‬
‫بالدرجة الثانية‪ ،‬والذي يثبت فرضية المشكلة االقتصادية القائمة على سوء التوزيع‬
‫ال على الندرة النسبة لوسائل إشباع الحاجات‪.‬‬

‫موسى زواوي‪ ،‬مدخل عام لالقتصاد السياسي‪ ،‬مرجع سابق‪.98 ،‬‬ ‫‪68‬‬

‫‪43‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫المحاضرة السادسة‪:‬األعوان االقتصاديون‪.‬‬


‫مقدمة‬
‫يعتمد النشاط االقتصادي على تشارك مجموعة من األعوان يختلفون في نشاطهم‬
‫االقتصادي‪ ،‬لكن يساهمون في تنمية الحياة االقتصادية‪ ،‬من خالل أداء وظيفة‬
‫اقتصادية رئيسية‪ ،‬ويرتبطون فيما بينهم بمجموعة من العالقات تتولد عنها تدفقات‬
‫اقتصادية في اتجاهات مختلفة‪ .‬نهدف في هذه المحاضرة إلى تحديد المتدخلين في‬
‫الدورة االقتصادية مع تحديد الدور الذي يلعبه كل فاعل اقتصادي ‪.‬‬
‫أوال‪-‬العون االقتصادي‪:‬‬
‫‪-1‬تعريف‪:‬‬
‫يعرف العون االقتصادي بأنه كل شخص طبيعي أو معنوي يزاول نشاطا‬
‫اقتصاديا‪ ،‬يترتب عليه تدفقات اقتصادية‪.‬‬
‫‪-2‬تعريف التدفقات االقتصادية‪:‬‬
‫التدفق االقتصادي عبارة عن حركة السلع والخدمات واألموال بين األعوان‬
‫االقتصاديين‪ ،‬هو ينقسم إلى صنفين‪:‬‬
‫‪ -‬التدفقات الحقيقية أو العينية‪ :‬وهي حركة السلع والخدمات بين األعوان‬
‫االقتصاديين‪.‬‬
‫‪ -‬التدفقات النقدية‪ :‬هي حركة النقود بين األعوان االقتصاديين في اتجاه‬
‫معاكس للتدفق الحقيقي‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫ثانيا‪-‬األعوان االقتصاديون‪:‬‬
‫يتحدد النشاط االقتصادي من تفاعل مجموعة من القطاعات االقتصادية‪ ،‬التي‬
‫نذكرها على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬قطاع األسر (قطاع العائالت)‪:‬‬
‫يتكون هذا القطاع من مجموع المستهلكين سواء كانوا يعيشون ضمن أسر أو بشكل‬
‫فردي‪ ،‬ويتشابهون في نشاطهم االقتصادي المتمثل في استهالك السلع والخدمات‬
‫بالدخل المتحصل عليه مقابل العمل‪ ،‬كما أن جزء من الدخل يمكن أن يدخر‬
‫ليستهلك في المستقبل‪.‬‬
‫تتمثل مساهمة األسر في االقتصاد الوطني من خالل‪:69‬‬
‫‪ -‬استعمال جزء من الدخل في اإلنفاق االستهالكي(السلع والخدمات)‪.‬‬
‫‪ -‬ادخار الجزء الفائض عن االستهالك‪.‬‬
‫‪ -‬استثمار المدخرات‪.‬‬
‫‪ -‬دفع الضرائب والرسوم‪.‬‬
‫‪-2‬المؤسسات االقتصادية‪:‬‬
‫أ‪-‬تعريف المؤسسة ‪ :‬اختلفت تعاريف المؤسسة االقتصادية حسب االتجاهات‬
‫االقتصادية‪ ،‬بحيث ال يمكن الوصول إلى تعريف موحد ودقيق‪ ،‬لكن بشكل عام‬
‫تعتبر المؤسسة االقتصادية خلية اجتماعية اقتصادية ذات وظيفة إنتاجية‪ ،‬تهدف إلى‬
‫تحقيق االستمرار‪.‬‬
‫ب‪-‬أصناف المؤسسات‪:‬‬
‫تصنف المؤسسات وفقا لعدة معايير من بينها‪:‬‬
‫قريش بن عالل وأخرون‪ ،‬محاضرات مدخل لعلم االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.37‬‬ ‫‪69‬‬

‫‪45‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫ب‪-1-‬الشكل القانوني‪ :‬وفقا لهذا المعيار تقسم المؤسسات إلى‪:‬‬


‫‪ -‬المؤسسات الفردية‪ :‬تعود ملكيتها لشخص واحد أو عائلة واحدة‪.‬‬
‫‪ -‬الشركات‪ :‬شركات األشخاص مثل شركة التضامن وشركة المسؤولية‬
‫المحدودة‪ ،‬وشركات األموال مثل شركات المساهمة‪.‬‬
‫ب‪ -2-‬الطابع االقتصادي‪ :‬وفقا لهذا المعيار تصنف المؤسسات إلى مؤسسات‬
‫صناعية‪ ،‬مؤسسات فالحية‪ ،‬مؤسسات تجارية‪...،‬إلخ‪.‬‬
‫ب‪-3-‬طبيعة الملكية‪:‬‬
‫‪ -‬المؤسسات الخاصة ‪ :‬تعود ملكيتها لفرد أو مجموعة من األفراد كشركة‬
‫األشخاص‪.‬‬
‫‪ -‬المؤسسات العمومية أو العامة‪ :‬ملكيتها للدولة‪.‬‬
‫‪ -‬المؤسسات المختلطة‪ :‬الملكية مشتركة بين القطاع العام والقطاع الخاص‪.‬‬
‫ج‪-‬النشاط االقتصادي للمؤسسات‪:‬‬
‫تتمثل مساهمة المؤسسة في النشاط االقتصادي فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إنتاج السلع والخدمات وتحقيق قيمة مضافة‪.‬‬
‫‪ -‬االستثمار بهدف تجديد وسائل اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ -‬دفع الضرائب والرسوم‪.‬‬
‫‪-3‬المؤسسات المالية‪:‬‬
‫هي المؤسسات التي يتمثل نشاطها األساسي في جمع الودائع من األفراد‬
‫والمؤسسات أصحاب الفائض‪ ،‬وإقراضها إلى مجموعات أخرى أو استثمارها من‬
‫أجل تحقيق عوائد مالية‪ .‬ويضم هذا النوع من المؤسسات كل من البنوك وصناديق‬
‫االدخار وشركات التأمين‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫تساهم هذه المؤسسات في تمويل االقتصاد من خالل‪:‬‬


‫‪ -‬تجميع رؤوس األموال(جمع الودائع من األعوان االقتصاديين)‪.‬‬
‫‪ -‬تقديم المدخرات في شكل قروض مقابل الحصول على عائد مالي(الفائدة)‪.‬‬
‫‪ -‬دفع الضرائب والرسوم‪.‬‬
‫‪-4‬اإلدارات العمومية‪:‬‬
‫هي كل الهيئات التي تقوم بتقديم خدمات عامة مجانا غالبا مثل التعليم واألمن‬
‫والعدالة‪ ،‬وتقوم بإعادة توزيع المداخيل والثروات عن طريق الضرائب والرسوم‬
‫والمساعدات‪ ،‬بحيث يغطي هذا القطاع نفقاته عن طريق عائدات‬
‫الضرائب‪.‬ويتلخص نشاطها فيما يلي‪:70‬‬
‫‪ -‬تقديم خدمات ألفراد المجتمع‪.‬‬
‫‪ -‬تتحصل على إيرادات في شكل ضرائب ورسوم من األعوان االقتصاديين‪.‬‬
‫‪ -‬تستهلك السلع والخدمات المشتراة من المؤسسات االقتصادية‪.‬‬
‫‪ -‬تقوم باالستثمار في المجاالت المختلفة‪.‬‬
‫‪-5‬العالم الخارجي‪:‬‬
‫يتمثل في األعوان االقتصاديين المتواجدين خارج الوطن الذين تربطهم عالقات‬
‫اقتصادية مع األعوان االقتصاديين المقيمين في الدولة المعنية‪ ،‬وهذا بحكم انفتاح‬
‫معظم االقتصاديات على العالم الخارجي‪ ،‬الذي يمثل مجال لتبادل المنتجات وفق‬
‫أسس وقواعد التجارة الدولية‪.‬‬

‫رفيقة صباغ‪ ،‬محاضرات في مقياس مدخل لالقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55‬‬ ‫‪70‬‬

‫‪47‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫خالصة المحاضرة‪:‬‬
‫أشارنا فيما سبق إلى أن المتدخلين االقتصاديين على خمسة أصناف‪ ،‬ولكل عون‬
‫اقتصادي وظيفة اقتصادية يقوم بها‪ ،‬باإلضافة إلى وظائف ثانوية‪ ،‬ومقدار من‬
‫المساهمة في تمويل االقتصادي الوطني‪ ،‬وهذا بالتشارك مع العالم الخارجي الذي‬
‫يمثل مجاال للتبادالت االقتصادية في اتجاهين متعاكسين‪ ،‬وفق مبادئ وأسس التبادل‬
‫التجاري‪ ،‬الذي يتأثر بالقوة االقتصادية لكل بلد‪.‬‬

‫المحاضرة السابعة‪ :‬الدورات االقتصادية واألزمات‪.‬‬


‫مقدمة‬
‫تعتبر الدورة االقتصادية ظاهرة أساسية في النشاط االقتصادي وإحدى السمات‬
‫األساسية في االقتصاديات الصناعية‪ ،‬وهذا المفهوم يرجحه الكثير من االقتصاديين‬
‫الرأسماليين‪ .‬سنحاول في هذه المحاضرة تقريب الطالب من المفاهيم المتعلقة‬

‫‪48‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫بالدورة االقتصادية‪ ،‬ومفهومها عند كينز ومراحلها‪ ،‬وكما سنتطرق إلى مفهوم‬
‫األزمات وأنواعها حسب تصنيف صندوق النقد الدولي‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الدورات االقتصادية‪.‬‬
‫‪-1‬تعريف الدورة االقتصادية‪:‬‬
‫يعرف بول سامويلسون الدورة االقتصادية بأنها‪ :‬تأرجح مجموع الناتج القومي‬
‫والدخل والعمالة‪ ،‬الذي يدوم عادة لفترة تتراوح ما بين سنتين إلى عشر سنوات‪،‬‬
‫والتي تتصف بتوسع معظم قطاعات االقتصاد أو انكماشها‪.71‬‬
‫كما تعتبر الدورة االقتصادية أحد السمات األساسية في االقتصاديات الصناعية‬
‫القائمة على األنظمة النقدية المعقدة والمتشابكة‪ ،‬فالتوسع االقتصادي يعقبه‬
‫االضطراب واالنهيار االقتصادي والكساد‪ ،‬فينخفض مستوى اإلنتاج وحجم‬
‫االستخدام‪ ،‬وبعد أن يصل االقتصاد إلى مرحلة الجمود‪ ،‬يبدأ االنطالق من جديد‪.72‬‬
‫إذن ال خالف على أن الدورة االقتصادية ظاهرة أساسية في النشاط االقتصادي‪،‬‬
‫كما أكده شومبيتر الذي رأى أنها ميزة ضرورية للنمو االقتصادي‪ ،‬ورجح هذا‬
‫المفهوم الكثير من االقتصاديون الرأسماليون‪.‬‬
‫‪-2‬مراحل الدورة االقتصادية‪ :‬تتكون الدورة االقتصادية من أربعة مراحل‬
‫نوضحها في الشكل التالي‪:‬‬
‫الشكل رقم(‪ :)3‬مراحل الدورة االقتصادية‪.‬‬

‫االنتعاش‬ ‫الكساد‬
‫‪ 71‬بول سامويلسون‪ ،‬ويليام نورد هاوس‪ ،‬االقتصاد‪ ،‬ترجمة هشام عبد هللا‪ ،‬األهلية للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪ ،2001 ،‬ص‪.585‬‬

‫‪ 72‬ضياء مجيد الموسوي‪ ،‬أسس علم االقتصاد‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،2014‬ص‪.139‬‬

‫‪49‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫الدورة‬
‫االقتصادية‬

‫االزدهار‬ ‫االنكماش‬
‫المصدر‪ :‬من إنجاز األستاذ‪.‬‬
‫‪-‬مرحلة االزدهار‪ :‬تتميز هذه المرحلة بزيادة أو بارتفاع عادي في اإلنتاج‬
‫واألسعار وحجم النقود ومعدالت الفائدة‪.‬‬
‫‪-‬مرحلة الركود أو مرحلة األزمة‪ :‬تتميز بانخفاض في حجم اإلنتاج والدخل مع‬
‫انهيار األسعار وتزايد البطالة‪...‬إلخ‪.‬‬
‫‪-‬مرحلة الكساد‪:‬تتميز هذه المرحلة بانخفاض األسعار وانتشار البطالة وكساد‬
‫التجارة والنشاط االقتصادي‪.‬‬
‫‪-‬مرحلة االنتعاش (التوسع أو االستعادة)‪:‬تتميز بالثبات في المستوى العام لألسعار‬
‫مع تزايد بطئ في النشاط االقتصادي وانخفاض سعر الفائدة‪.‬‬
‫‪-3‬الدورة االقتصادية لكينز‪:‬إن أزمة الكساد الكبير (‪ )1929-1932‬التي أصابت‬
‫الدول الرأسمالية والتي أدت إلى اهتزاز أركان النظرية الكالسيكية وإلى انعدام‬
‫الثقة في كل ما جاءت به‪ ،‬وتولد شعور متنامي لحاجة ماسة لنظرية جديدة‬
‫لالستخدام يمكنها أن تفسر أسباب البطالة‪ ،‬وفعال ظهرت هذه النظرية سنة ‪1936‬‬

‫‪50‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫في كتاب جون ماينارد كينر بعنوان النظرية العامة لالستخدام والفائدة والنقود‪،‬‬
‫وفسر كينز الدورات االقتصادية كما يلي‪:73‬‬
‫‪-‬عدم كفاية الطلب الفعال والقوانين النفسية التي ال تتبدل ومنها قانون ميل الناس‬
‫إلى التوفير‪.‬‬
‫‪-‬وضح كينز أن مجموع استهالك المجتمع يتأخر دائما عن نمو مجموع الدخل‬
‫الحقيقي نتيجة لخصائص األفراد النفسية‪ ،‬ويطالب الدول بالتدخل لحل قضية‬
‫استخدام أكبر عدد ممكن من اليد العاملة‪.‬‬
‫‪-‬إن لتشاؤم أو تقاؤل المستثمرين دور هام في ظهور الدورات االقتصادية إذ أن‬
‫التفاؤل يدفع إلى التوسع في النشاط االستثماري لتحقيق الربح‪ ،‬أما التشاؤم فينعكس‬
‫على المستوى االقتصادي باالنحسار وينذر ببوادر األزمة‪.‬‬
‫‪-‬سبب الدورات يتمثل في الميل الحدي لالستهالك‪ ،‬ففي الوقت الذي يحصل فيه‬
‫زيادة في بناء رؤوس األموال اإلنتاجية ويزداد عرض السلع في السوق‪ ،‬فإن الميل‬
‫الحدي لالستهالك يدفع األفراد إلى التقليل من شراء السلع االستهالكية‪ ،‬مما يؤدي‬
‫إلى تكديس السلع في األسواق‪ ،‬ويضغط على المنتجين ويضطرهم إلى تخفيض‬
‫اإلنتاج أوربما غلق المصانع والذي يؤدي إلى ظهور البطالة‪.‬‬
‫‪-‬عالج األزمة االقتصادية ال يكتب لها النجاح إال بالتدخل الفعال للدولة في الحياة‬
‫االقتصادية‪ ،‬وذلك من خالل تنظيم االستهالك العام والتوظيف باستعمال عدد من‬
‫األدوات ومن بينها السياسة الضريبية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬األزمات‪.‬‬

‫‪ 73‬رجاء خضير عبود موسى الربيعي‪ ،‬التحليل الفكري للدورات االقتصادية‪ ،‬ص‪ ،26‬تاريخ االقتباس‪-25 :‬‬
‫‪ ،2017-02‬الموقع اإللكتروني‪www.iasj.net/iasj?func=fulltext&ald=64359 :‬‬

‫‪51‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪-1‬مفهوم األزمة‪ :‬األزمة بالمفهوم العام حالة انهيار أو تدهور أو خلل يضرب‬
‫الحياة العامة‪ ،‬أو انفجار تولد عن تراكمات‪ ،‬وبالمفهوم االقتصادي‪ ،‬تعتبر األزمة‬
‫حالة حرجة أو تدهور يخل بالتوازنات‪ ،‬ويؤدي إلى تراجع النمو االقتصادي‬
‫وانتشار المشاكل االقتصادية كالبطالة والتضخم‪..‬إلخ‪.‬‬
‫يعرف جون ماينارد كينز األزمة بأنها االنخفاض المفاجئ والسريع في الكفاية‬
‫الحدية لرأس المال‪ ،‬التي تؤدي النخفاض حجم التشغيل وتراجع حجم االستهالك‪،‬‬
‫ومن تم انخفاض معدل النمو االقتصادي‪ .‬يرجع كينز األزمة إلى الهبوط في‬
‫األرباح األمر الذي يدفع المنظمين للتوقف عن االستثمار‪ ،‬مما يؤدي النخفاض‬
‫الطلب الفعال الذي تحدث عنه في نظريته‪ ،‬األمر الذي يؤدي النخفاض حجم الدخل‬
‫القومي‪.74‬‬
‫‪-2‬خصائص األزمة‪:‬إن تحديد مفهوم األزمة يتطلب تحديد خصائصها‪ ،‬ألن هذه‬
‫الخصائص هي التي تقدم الشكل المفصل لمعنى األزمة‪ ،‬وفيما يلي أهم الخصائص‬
‫التي تميز األزمة االقتصادية‪:75‬‬
‫‪-‬ظهور حالة مفاجئة والتي يمكن أن تكون في العرض أو الطلب أو زيادة في‬
‫عرض النقد أو غيرها‪ ،‬وأن توازن المتغيرات االقتصادية الكلية ضمن إطار‬
‫التوازن العام‪ ،‬ال يؤدي لألزمة‪ ،‬لكن ظهور حالة معينة في أحد المتغيرات يؤدي‬
‫لإلخالل بالتوازن القائم‪.‬‬

‫علي كنعان‪ ،‬النقود والصيرفة والسياسة النقدية‪ ،‬جامعة دمشق‪ ،2011 ،‬ص‪.434‬‬ ‫‪74‬‬

‫علي كنعان‪ ،‬النقود والصيرفة والسياسة النقدية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.435‬‬ ‫‪75‬‬

‫‪52‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪-‬زيادة في عرض النقد تؤدي إلى زيادة المستوى العام لألسعار‪ ،‬وبالمقابل فإن‬
‫انخفاض عرض النقد يؤدي لتراجع األسعار وانخفاض حجم الطلب‪ ،‬فيتراجع‬
‫االستهالك وتتكدس البضائع في المخازن‪.‬‬
‫‪-‬يزداد الطلب على االستثمار كلما وجد المنظمون زيادة في األرباح‪ ،‬فإذا انخفضت‬
‫األرباح نتيجة عدم تصريف السلع أو عدم زيادة الصادرات‪ ،‬يؤدي ذلك لتكدس‬
‫البضائع ومن تم يحصل الركود‪.‬‬
‫‪-‬تؤدي األزمة النخفاض حجم الدخول ألن انخفاض أرباح المنظمين سوف يدفعهم‬
‫لتخفيض اإلنتاج أو حتى تخفيض حجم االستثمار بشكل عام‪ ،‬األمر الذي يؤدي‬
‫لتراجع دخول المنظمين وتراجع دخول العمال نتيجة البطالة‪ ،‬ويحصل انخفاض‬
‫عام في الدخول‪ ،‬يؤدي لتخفيض حجم االستهالك الكلي في االقتصاد‪.‬‬
‫‪-‬زيادة حجم البطالة نتيجة تراجع حجم االستثمار األمر الذي يؤدي لوجود أعداد‬
‫كبيرة عاطلة عن العمل أو خرجت من الوظائف‪ ،‬ومن تم تنخفض دخول العمال‪،‬‬
‫ويتراجع حجم استهالكهم فيزداد حجم الركود بسبب انخفاض دخول العمال‪.‬‬
‫‪ -3‬أنواع األزمات‪ :‬تقسم األزمات إلى األصناف التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬أزمة البنوك‪ :‬تحدث هذه األزمة عندما تنخفض سيولة البنوك التجارية‪،‬‬
‫وعجزها عن تلبية المودعين‪ ،‬بسبب زيادة حجم المطلوبات عن حجم‬
‫الموجودات‪ ،‬وهذا ما يؤدي إلى حالة من الذعر والاليقين تصيب مجموعة‬
‫المودعين أو بسبب اإلشاعات‪ ،‬وبالمقابل عجز البنوك التجارية عن تهيئة‬
‫سيولة نقدية كافية لتلبية تلك السحوبات‪.76‬‬

‫‪ 76‬ثريا الخزرجي‪ ،‬األزمة المالية العالمية الراهنة وأثرها في االقتصاديات العربية‪ :‬التحديات وسبل‬
‫المواجهة‪ ،‬مجلة كلية بغداد للعلوم االقتصادية‪ ،‬العدد ‪ ،20‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪.300‬‬

‫‪53‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫ب‪-‬األزمة المالية‪ :‬تلك التذبذبات التي تؤثر جزئيا أو كليا على مجمل‬
‫المتغيرات المالية مثل أسعار األسهم والسندات والودائع المصرفية وأسعار‬
‫الصرف‪ ،‬وهذا يحتاج إلى جهد في تفسير الظواهر الخاصة بتغير أسعار‬
‫الموجودات المالية(األسهم والسندات) أو الموجودات الحقيقية كالعقار والسلع‬
‫المعمرة‪...‬إلخ‪ ،‬من تأثير األزمة المالية على كافة أصول الثروة بمختلف‬
‫أنواعها‪.77‬‬
‫ج‪-‬أزمة الدين الخارجي‪ :‬يحدث هذا النوع من األزمات عندما يتوقف المقترض‬
‫عن السداد‪ ،‬أو عندما يعتقد المقرضون أن التوقف عن تسديد الديون ممكن‬
‫الحدوث‪ ،‬وبالتالي يتوقفون عن تقديم قروض جديدة‪ ،‬ويعملون على تصفية‬
‫الديون المقدمة‪ .‬قد ترتبط أزمة الديون بدين تجاري(خاص)‪ ،‬أو دين‬
‫سيادي(عام)‪ ،‬كما أن المخاطر المتوقعة المرتبطة بتوقف القطاع العام عن سداد‬
‫التزاماته‪ ،‬قد يؤدي إلى هبوط حاد في تدفقات رأس المال الخاص إلى الداخل‪،‬‬
‫وإلى أزمة في الصرف األجنبي‪.78‬‬
‫د‪-‬أزمة العمالت وأسعار الصرف‪ :‬ناتجة عن المضاربة في عملة بلد ما‪ ،‬التي‬
‫تؤدي إلى حدوث هبوط حاد في قيمة العملة‪ ،‬ما يرغم البنك المركزي على‬
‫استخدام جزء من احتياطه من النقد األجنبي للدفاع عن العملة المحلية‪.79‬‬

‫‪ 77‬ثريا الخزرجي‪ ،‬األزمة المالية العالمية الراهنة وأثرها في االقتصاديات العربية‪ :‬التحديات وسبل‬
‫المواجهة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.299‬‬
‫‪ 78‬فريد النجار‪ ،‬البورصات والهندسة المالية‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،1999 ،‬‬
‫ص‪.207‬‬

‫‪ 79‬ثريا الخزرجي‪ ،‬األ زمة المالية العالمية الراهنة وأثرها في االقتصاديات العربية‪ :‬التحديات وسبل‬
‫المواجهة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.302‬‬

‫‪54‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫هـ‪-‬األزمة الشاملة‪ :‬تمس النظام المالي والنقدي معا‪ ،‬وتؤثر سلبا على معدالت‬
‫النمو‪ ،‬وكما يمكن أن تتضمن هذه األزمات‪ ،‬أزمة في العملة وأسعار الصرف‪،‬‬
‫ولكن ليس بالضرورة أن تؤدي أزمة العملة إلى األزمة الشاملة‪.80‬‬
‫خالصة المحاضرة‪:‬‬
‫لم ينجح االقتصاد الرأسمالي من تجنب األزمات المتتالية التي تعصف باقتصاديات‬
‫العالم‪ ،‬حتى رجح البعض أنه مصدر لألزمات وال يمكن إيجاد حلول من صميم‬
‫رحمه‪ ،‬فرغم اإلبداع في تبني السياسات االقتصادية لمواجهة األزمات‪ ،‬إال أن‬
‫اآلثار السلبية تبقى تالحق االقتصاد العالمي الذي طالما عان من ويالت االنتكاسات‬
‫التي كان سببها النظام الرأسمالي الذي اعتبر أفضل ما أبدعه الفكر االقتصادي‪.‬‬

‫المحاضرة الثامنة‪ :‬األسواق‪.‬‬


‫مقدمة‬
‫يعتبر السوق وفقا للمفهوم االقتصادي الحديث‪ ،‬مجموع العالقات التي تربط بين‬
‫طرفين تتالقى رغباتهم في تبادل سلعة أو خدمة في فترة زمنية معينة‪ ،‬وليس‬
‫بالضرورة أن يكون التبادل في مكان محدد نظرا للتطور التكنولوجي الذي سهل‬

‫رفيقة صباغ‪ ،‬محاضرات في مقياس مدخل لالقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.63‬‬ ‫‪80‬‬

‫‪55‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫سبل االتصال بين أطراف المعامالت االقتصادية‪ .‬نعمد في هذه المحاضرة إلى‬
‫اإللمام بكل المفاهيم المرتبطة بالسوق وأنواعه ووظائفه‪ ،‬وكذا تلك المرتبطة‬
‫بالعرض والطلب وتوازن السوق‪.‬‬
‫أوال‪-‬مفهوم السوق‪:‬‬
‫أعتبر السوق مكان التقاء رغبة البائع مع رغبة المشتري بخصوص تبادل السلع‪،‬‬
‫ولكن التطور بعد التكنولوجي عموما ووسائل االتصال خصوصا‪ ،‬أصبح التعامل‬
‫بين الباعة والمشترين يتم دون االلتقاء في مكان معين‪.‬‬
‫يعتبر االقتصاديون أن السوق تكون قائمة‪ ،‬إذا كان هناك وسيلة لالتصال بين‬
‫مجموعة من البائعين والمشترين لتبادل سلعة معينة‪ ،‬بسعر معين‪ ،‬وفي ظل‬
‫ظروف معينة‪ ،‬ومن هذا التعريف يمكننا أن نحدد عناصر قيام السوق فيما يلي‪:81‬‬
‫‪-‬عدد البائعين والمشترين‪.‬‬
‫‪-‬طبيعة السلعة‪.‬‬
‫‪-‬وسيلة االتصال‪.‬‬
‫‪-‬السعر‪.‬‬
‫‪-‬الظروف التي يتم في ظلها عملية التبادل‪.‬‬
‫ثانيا‪-‬وظائف السوق‪:‬‬
‫تتمثل وظائف السوق فيما يلي‪:82‬‬
‫‪-‬يقوم بتحديد قيم السلع والخدمات‪.‬‬

‫عبد الغفور إبراهيم أحمد‪ ،‬مبادئ االقتصاد والمالية العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.149‬‬ ‫‪81‬‬

‫محمد طاقة وآخرون‪ ،‬أساسيات علم االقتصاد الجزئي والكلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.192‬‬ ‫‪82‬‬

‫‪56‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪-‬يقوم بتنظيم عملية اإلنتاج من خالل سوق عوامل اإلنتاج الذي يحدد للمنتج تكاليف‬
‫اإلنتاج‪ ،‬وكذا سوق االستهالك الذي يحدد للمنتج أسعار وكميات السلع‪.‬‬
‫‪-‬يقوم بعملية توزيع السلع المنتجة‪ ،‬أي أن المنتج يوزع السلعة حسب طلب السوق‪،‬‬
‫وهذا تحدده الكثافة البشرية وأسعار السوق‪.‬‬
‫‪-‬يقوم بعملية التوقعات المستقبلية والتنبؤ التي تأتي من خالل حركات المبيعات‪.‬‬
‫‪-‬يقوم بتحديد اتجاهات وأنماط االدخار واالستثمار المستقبلية في مناطق معينة‪.‬‬
‫ثالثا‪-‬أنواع األسواق‪:‬‬
‫تقسم األسواق حسب عدة معايير سنعتمد على ثالثة منها‪.‬‬
‫‪-1‬تصنيف حسب البعد الجغرافي‪:‬‬
‫يمكن تحديد ثالثة أنواع رئيسية هي‪:83‬‬
‫أ‪ -‬أسواق محلية‪ :‬طبيعة العادات والتقاليد والمناخ المحلي‪ ،‬تفرض على المنتج إنتاج‬
‫سلعة معينة ال تستهلك إال في نطاق محدد‪ ،‬وارتفاع تكاليف النقل يساعد على بقاء‬
‫السلع في نطاق محلي‪ ،‬وأيضا أن بعض السلع تكون غير مالئمة لألقاليم المجاورة‪،‬‬
‫وكما أن سهولة وسرعة تلف هذه السلع يؤدي بها إلى أن تكون سلعا تستهلك محليا‪.‬‬
‫ب‪-‬أسواق إقليمية‪ :‬هي أسواق تضم عدة دول لها عادات وتقاليد ومناخ واحد‪،‬‬
‫ووجودها في إقليم واحد يساعد على إنتاج سلعة معينة يمكن استهالكها داخل هذا‬
‫اإلقليم‪.‬‬
‫ج‪-‬أسواق دولية(عالمية)‪ :‬هو سوق يتم فيه إنتاج السلع بحيث تصلح لالستهالك‬
‫على مستوى العالم‪ ،‬وقد جاءت هذه األسواق نتيجة للتخصص الدولي عن طريق‬

‫محمد طاقة وآخرون‪ ،‬أساسيات علم االقتصاد الجزئي والكلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.192‬‬ ‫‪83‬‬

‫‪57‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫نظرية ريكاردو‪ ،‬الكلفة النسبية‪ ،‬أي أن من مصلحة المنتج إنتاج سلعة معينة‬
‫تنخفض فيها الكلفة النسبية إلى أقل ما يمكن‪.‬‬
‫‪-2‬من حيث طبيعة السلعة‪:‬‬
‫كما تصنف األسواق حسب طبيعة السلعة إلى األصناف التالية‪:‬‬
‫أ‪-‬أسواق المنتجات‪ :‬وهي صنفان‪ ،‬أسواق السلع والتي يتم التعامل فيها بالسلع‬
‫المختلفة مثل األغذية والمالبس واألثاث وغيرها‪ ،‬وأسواق الخدمات والتي يتم‬
‫التعامل فيها بالخدمات المتنوعة‪ ،‬مثل خدمات المواصالت والبريد واالتصاالت‬
‫‪...‬إلخ‪.‬‬
‫ب‪-‬األسواق المالية‪:‬وهي جوهر النظام المالي وأساس تمويل األنشطة االقتصادية‪.‬‬
‫ج‪-‬أسواق عوامل اإلنتاج‪ :‬يتم التعامل فيها بعوامل اإلنتاج مثل األراضي والعمل‬
‫والمهارات اإلدارية والموارد اإلنتاجية‪ ،‬إذ أن هذه األسواق تساعد على توزيع‬
‫عوامل اإلنتاج وتوزيع الدخل الذي يأخذ شكل األجور وبدائل اإليجار ‪..‬إلخ‪.‬‬
‫‪-3‬أنواع األسواق حسب طبيعة النظام االقتصادي‪:‬‬
‫تختلف األسواق باختالف العوامل التي تحدد أشكالها‪ ،‬وفيما يلي األشكال األربعة‬
‫للسوق‪:‬‬
‫أ‪-‬سوق المنافسة التامة‪ :‬هي سوق تتوفر فيها أربعة خصائص تميزها عن سائر‬
‫أشكال األسواق األخرى‪ ،‬وهذه الخصائص هي‪:‬‬
‫‪-‬كثرة عدد البائعين والمشترين للسلعة‪ ،‬أي ال يوجد تأثير فردي على سعر السلع من‬
‫طرف بائع أو مشتري‪.‬‬
‫‪-‬تجانس السلعة تجانسا تاما‪ ،‬بحيث تكون السلع متشابهة تماما ومع إمكانية إحالل‬
‫بعضها مكان البعض اآلخر‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪-‬حرية الدخول والخروج من السوق‪ ،‬أي ال توجد قيود قانونية أو اقتصادية تحول‬
‫بين من يريد بيع أو شراء السلعة‪.‬‬
‫‪-‬العلم التام بأحوال السوق‪ ،‬بحيث تتوفر كل المعلومات عن السوق للبائعين‬
‫والمشترين‪.‬‬
‫ب‪-‬سوق المنافسة االحتكارية‪ :‬هي أكثر األسواق شيوعا‪ ،‬تتوفر فيها الشروط‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪-‬وجود عدد كبير من المنتجين (البائعين) وعدد كبير من المشترين‪.‬‬
‫‪-‬السلع متشابهة لكن غير متجانسة تماما‪ ،‬إال أنها يمكن أن تكون بدائل لبعضها‬
‫البعض‪.‬‬
‫‪-‬حرية الدخول والخروج من السوق‪.‬‬
‫ج‪-‬سوق احتكار القلة‪ :‬هو سوق يضم عدد قليل من البائعين أو المنتجين لسلعة ما‪،‬‬
‫وهي إجماال تتميز بالخصائص التالية‪:‬‬
‫‪-‬وجود عدد قليل من البائعين أو المنتجين مع مساهمة كبيرة في اإلنتاج‪.‬‬
‫‪-‬السلع متشابهة أو بدائل لبعضها البعض‪.‬‬
‫د‪-‬سوق االحتكار التام‪ :‬المحتكر هو المنتج الذي يقوم باالستحواذ والسيطرة على‬
‫جميع مخرجات صناعة معينة دون سواه‪ ،‬بغض النظر عن عدد المشترين في‬
‫السوق‪ ،‬وذلك بالشروط اآلتية‪:84‬‬
‫‪-‬هناك منتج واحد للسلعة أو الخدمة‪.‬‬
‫‪-‬يقوم هذا المنتج ببيع سلعة ليس لها مثيل في السوق‪.‬‬

‫‪ 84‬محمد سعدو لجرف‪ ،‬محاضرات في مبادئ االقتصاد الجزئي‪ ،‬ص‪ ،33‬تاريخ االقتباس‪،2017-01-20 :‬‬
‫الموقع اإللكتروني‪qu.edu.ip/ade/wp-content/uploads/2013/02/pdf :‬‬

‫‪59‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪-‬عدم إمكان دخول منتجين آخرين للسوق‪.‬‬


‫رابعا‪-‬الطلب والعرض‪:‬‬
‫‪-1‬السعر‪:‬‬
‫يعرف السعر بأنه المقابل النقدي لقيمة السلعة أو الخدمة‪ ،‬علما أن هذا السعر يتأثر‬
‫بعدة عوامل أهمها قوى العرض والطلب‪.‬‬
‫‪-2‬تعريف الطلب‪:‬‬
‫يقصد بالطلب الرغبة المدعمة بقدرة شرائية للحصول على سلعة أو خدمة خالل‬
‫فترة زمنية معينة مقابل أسعار محددة‪ ،‬والطلب قد يكون مباشر كالطلب على‬
‫الموارد الغذائية والمالبس‪ ،‬كما قد يكون مشتقا كالطلب على النقود‪.85‬‬
‫محددات الطلب‪ :‬تتمثل العوامل المؤثرة على الطلب فيما سنحدده في الشكل التالي‪:‬‬
‫الشكل رقم(‪ :)4‬محددات الطلب‪.‬‬

‫العوامل المؤثرة على الطلب‬

‫عوامل كيفية‬ ‫عوامل كمية‬

‫العادات‬ ‫توقعات‬ ‫دوق‬ ‫أسعار السلع‬ ‫الدخل‪:‬‬ ‫سعر السلعة‬


‫والتقاليد‬ ‫المستهلكين‪:‬‬ ‫المستهلك‪:‬‬ ‫األخرى‪:‬‬ ‫أو الخدمة‪:‬‬
‫والدين‪ :‬تؤثر‬ ‫كلما كان‬
‫أي توقع أو‬ ‫يتأثر بوسائل‬ ‫سعر السلع‬ ‫الدخل مرتفع‬ ‫كل تغير في‬
‫على‬ ‫إشاعة عن‬
‫المستهلك‬ ‫الدعاية‬ ‫البديلة أو‬ ‫زاد‬ ‫السعر يؤثر‬
‫السعر يؤدي‬
‫إلى زيادة‬ ‫واإلعالن‬ ‫المكملة يؤثر‬ ‫االستهالك‬ ‫على الكمية‬
‫الكمية‬ ‫سعر‬ ‫على‬ ‫المطلوبة‬
‫المطلوبة البويرة‪-2013 ،‬‬
‫محاضرات في االقتصاد الجزئي‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة‬
‫السلعة‬ ‫طويطي مصطفى‪،‬‬ ‫‪85‬‬

‫‪ ،2014‬ص‪.21‬‬

‫‪60‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫المصدر‪ :‬من إنجاز األستاذ‪.‬‬


‫‪-3‬تعريف العرض‪:‬‬
‫هو مجموع الكميات من السلع والخدمات التي يكون البائعون أو المنتجون على‬
‫استعداد لبيعها عند كل سعر معين وفي فترة زمنية محددة‪.‬‬
‫العوامل المؤثرة في العرض‪ :‬تتلخص العوامل المؤثرة على العرض فيما يلي‪:86‬‬
‫‪ -‬سعر السلعة‪ :‬في حالة بقاء العوامل األخرى ثابتة يتوقع وجود عالقة طردية‬
‫بين الكميات المعروضة من سلعة ما وسعرها‪ ،‬حيث كلما ارتفع سعر‬
‫السلعة تصبح أكثر ربحية من وجهة نظر البائع‪ ،‬وهذا ما يدفعه إلى عرض‬
‫كمية أكبر‪.‬‬
‫‪ -‬أسعار السلع والخدمات األخرى‪ :‬ترتبط الكمية المعروضة من السلعة‬
‫بعالقة عكسية مع سعر السلعة البديلة لها‪ ،‬وبعالقة طردية مع السلعة‬
‫المكملة لها‪.‬‬
‫‪ -‬أسعار عوامل اإلنتاج‪ :‬توجد عالقة عكسية بين الكمية المعروضة من سلعة‬
‫ما ‪ ،‬وأسعار عوامل اإلنتاج‪ ،‬ذلك أن هذه األخيرة تعتبر تكاليف بالنسبة‬
‫للمنتج‪ ،‬حيث كلما ارتفعت أسعار عوامل اإلنتاج تزيد التكاليف‪ ،‬مما يؤدي‬
‫إلى انخفاض عرض السلعة‪.‬‬
‫‪ -‬المستوى الفني لإلنتاج‪:‬توجد عالقة طردية بين الكمية المعروضة‬
‫والمستوى الفني لإلنتاج‪ ،‬فكلما ازداد التقدم التكنولوجي إلنتاج سلعة معينة‬
‫أدى ذلك إلى انخفاض التكاليف‪ ،‬وبالتالي زيادة عرض السلعة‪.‬‬

‫طويطي مصطفى‪ ،‬محاضرات في االقتصاد الجزئي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.24‬‬ ‫‪86‬‬

‫‪61‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪ -‬عدد المنتجين‪ :‬كلما ارتفع عدد المنتجين من سلعة معينة‪ ،‬كلما ارتفع‬
‫العرض منها‪ ،‬والعكس صحيح‪.‬‬
‫كما أن فرض الدولة لضرائب على اإلنتاج يؤدي إلى ارتفاع تكلفة اإلنتاج‪ ،‬وبالتالي‬
‫تراجع كميات السلع المنتجة والمعروضة‪ ،‬أما في الحالة العكسية‪ ،‬أي أن تقدم‬
‫الدولة معونات للمنتجين‪ ،‬يؤدي ذلك على انخفاض التكلفة‪ ،‬ما يساعد على إنتاج‬
‫وعرض كميات أكبر من السلعة‪.‬‬
‫خامسا‪-‬توازن السوق‪:‬‬
‫يقصد بتوازن السوق‪ ،‬الحالة التي عندها تتساوى الكمية المطلوبة مع الكمية‬
‫المعروضة من نفس السلعة خالل فترة زمنية معينة‪ .‬وبتعبير أخر‪ ،‬يتحقق توازن‬
‫السوق عندما يرغب المشترون في شراء كمية معينة من السلعة ويرغب البائعون‬
‫في بيع نفس الكمية خالل فترة السوق‪.87‬‬

‫توازن السوق هندسيا‪ :‬يعبر عن هذا التوازن بتقاطع منحنى الطلب مع منحنى‬
‫العرض للسلعة‪ ،‬كما نوضحه في الشكل رقم(‪:)5‬‬

‫السعر‬
‫الطلب‬ ‫العرض‬

‫‪ 87‬ضياء مجيد الموسوي‪ ،‬أسس علم االقتصاد‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫التوازن‬
‫‪.143‬‬‫نقطة‬
‫‪ ،2013‬ص‬

‫‪62‬‬

‫الكمية‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫المصدر ‪ :‬من إنجاز األستاذ‪.‬‬

‫خالصة المحاضرة‪:‬‬

‫ظهرت األسواق وتطورت مع الوقف بحيث اختلفت أشكالها وأنواعها‪ ،‬إلى أن‬
‫أخذت مفهوما موحدا يعبر عن مجموع العالقات التبادلية التي تربط المتعاملين‬
‫فيما بينهم‪ .‬ويمثل الطلب الرغبة المدعمة بقدرة شرائية للحصول على سلعة أو‬
‫خدمة خالل فترة زمنية معينة مقابل أسعار محددة‪ ،‬ويمثل العرض رغبة البائع‪،‬‬
‫وتفاعل قوى العرض والطلب ينتج عنهما تحديد ثمن التبادل والكمية التي يتم‬
‫تبادلها‪ ،‬وبالتالي يتحقق التوازن في السوق‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫المحاضرة التاسعة‪ :‬النقود‪.‬‬

‫مقدمة‬

‫تمثل الن شاط االقتصادي في المجتمعات البدائية في تلبية االستهالك الذاتي‪ ،‬ومع‬
‫نمو المجتمعات وتطورها ظهر التخصص في اإلنتاج‪ ،‬والذي أوجد فائضا في‬
‫السلع‪ ،‬أدى ذلك إلى ظهور الحاجة إلى التبادل فيما بين هذه السلع‪ ،‬وهكذا نشأ‬
‫التبادل الذي تجسد في المقايضة‪ .‬لكن هذه اآللية واجهت العديد من الصعوبات من‬
‫أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬صعوبة تحقيق التوافق بين رغبة المشتري ورغبة البائع في وقت واحد‪.‬‬

‫‪ -‬استحالة تجزئة معظم السلع المتداولة‪ ،‬بحيث يتعذر استبدال سلع تتميز بكبر‬
‫الحجم أو ارتفاع القيمة بكميات كبيرة من سلع أخرى‪.‬‬

‫‪ -‬عدم وجود وحدة لقياس قيم السلع والخدمات المختلفة‪.‬‬

‫‪ -‬عدم وجود شيء أو وسيلة الختزان القيمة‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫وللتغلب على صعوبات المقايضة السالفة الذكر ظهرت النقود لتكون مقياسا للقيمة‬
‫ووسيطا للتبادل التجاري‪ ،‬لما تتميز به من مميزات مختلفة‪ ،‬وكان أول أشكالها‬
‫النقود السلعية‪.‬‬

‫أوال‪-‬تعريف النقود‪:‬‬

‫تعرف النقود بأنها أي شيء يستخدم من قبل األفراد ويلقى قبوال عاما كوسيط‬
‫لالستبدال في المعامالت االقتصادية‪ ،‬ويصلح في الوقت ذاته لقياس القيم وحفظ‬
‫الثروة وتسوية الديون وااللتزامات‪.88‬‬

‫والنقود وسيلة للتبادل تمكن من الشراء الفوري للسلع والخدمات‪ ،‬دون تكلفة‬
‫التبادل والبحث‪ ،‬وتمكن الحفاظ على القيمة في التبادل‪ ،‬وهي ظاهرة اجتماعية‬
‫ألنها تستند على ثقة المجتمع في النظام الذي يصدرها‪.89‬‬

‫من خالل التعريفين السابقين يمكن القول أن النقود هي وسيلة للتبادل ومقياس‬
‫للقيمة‪ ،‬تحظى بالقبول والثقة في المنظومة المصدرة لها من طرف أفراد‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬خصائص النقود‪:‬‬

‫تتميز النقود بمجموعة من الخصائص نلخصها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬أول خاصية تتمثل في تمتع النقود بالقبول العام من طرف جميع أفراد المجتمع‪.‬‬

‫عبد الرحمن يسري‪ ،‬مقدمة في االقتصاد‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2008 ،‬ص‪.347‬‬ ‫‪88‬‬

‫‪ 89‬بخرار فريدة‪ ،‬تقنيات وسياسات التسيير المصرفي‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،2000 ،‬‬
‫ص‪.35‬‬

‫‪65‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪ -‬كما أن النقود تتميز بقابليتها للبقاء دون تلف نتيجة تداولها ومع مرور الوقت‪،‬‬
‫إال أن هذا أمر نسبي يخضع لعدة عوامل‪.‬‬

‫‪-‬تتمتع النقود بالثبات النسبي في القيمة‪ ،‬وهذا الثبات يحقق الثقة بين المتعاملين‪،‬‬
‫ألن النقود أداة للمدفوعات اآلجلة ومستودع للقيمة‪.‬‬

‫‪-‬تتشابه وتتماثل الوحدات المتساوية في القيمة مع بعضها البعض‪.‬‬

‫‪-‬تمتاز النقود بقابليتها لالنقسام إلى وحدات أصغر دون فقدان القيمة‪ ،‬وذلك تماشيا‬
‫مع ضروريات التبادل التجاري‪.‬‬

‫‪-‬كما تميزت األشكال األولى للنقود بالندرة‪ ،‬حيت كان اختيار شكل النقود في‬
‫صورة معادن نادرة كالذهب والفضة‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬قيمة النقود‪:‬‬

‫ليس للنقود قيمة في حد ذاتها‪ ،‬فالورقة النقدية إذا ما نظرنا إليها على أساس أنها‬
‫قطعة من الورق‪ ،‬فهي بال قيمة‪ ،‬لكن تكتسب قيمتها وقبولها كوسيلة للدفع من قوة‬
‫القانون‪ ،‬وتكمن فائدة النقود في مقدرتها على شراء السلع والخدمات ذات الفائدة‬
‫في حد ذاتها‪ ،‬وبهذا تتمثل قيمة النقود في قوتها الشرائية‪ ،‬وليس في مقدرتها على‬
‫إشباع الحاجات‪ ،‬وهي بذلك مشتقة من قيمتها في التبادل‪ .‬ويشير مصطلح القوة‬
‫الشرائية للنقود إلى كمية السلع والخدمات التي يمكن الحصول عليها بوحدة النقد‪،‬‬
‫وهي تعكس قدرة النقود على المبادلة بأي سلعة أخرى‪ ،‬أي قابليتها على االستبدال‬
‫بسلعة أو أكثر من السلع الموضوعة في التبادل‪ .‬وقيمة النقود أو قوتها الشرائية‬

‫‪66‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫إنما تتوقف على أسعار السلع والخدمات التي تشترى‪ ،‬وعليه فكلما كان المستوى‬
‫العام لألسعار منخفضا‪ ،‬كلما كبرت القوة الشرائية للنقود والعكس صحيح‪.90‬‬

‫رابعا‪-‬أنواع النقود‪:‬‬

‫تتمثل الصعوبة األساسية لنظام المقايضة في ضرورة تحقيق التوافق المزدوج‬


‫للرغبات‪ ،‬والذي عقد من عمليات التبادل‪ ،‬لدى كان من الضروري إيجاد حل لهذه‬
‫العوائق‪ ،‬والذي تجسد في إيجاد سلعة معينة تستخدم كوسيلة لالستبدال (السلعة‬
‫الوسيطة)‪ ،‬وهذا ما مثل الظهور األول للنقود والتي تجسدت في النقود السلعية‪.‬‬

‫أ‪-‬النقود السلعية‪ :‬لم يستخدم األفراد سلعة واحدة لالستبدال‪ ،‬بل كان هناك عدد من‬
‫السلع المتفق عليها‪ ،‬فاستخدمت الماشية بأنواعها والجلود والزيوت والخمور‬
‫وأدوات الصيد والغالل والمعادن كالنحاس والفضة والذهب‪ ،‬وقد وجد اإلنسان‬
‫في هذه األخيرة من الخصائص ما جعله يفضلها على غيرها من النقود في‬
‫مبادالته‪ ،‬ذلك لسهولة حملها وصالبتها وثبات قيمتها‪ ،‬وأصبحت المعادن النفيسة‬
‫مثل الذهب والفضة تلقى قبوال عاما من جانب األفراد‪.91‬‬

‫ب‪-‬النقود الورقية‪ :‬تطورت النقود الورقية بالنسبة للغطاء الذهبي الذي ترتكز‬
‫عليه وفقا لثالثة مراحل هي‪:92‬‬

‫‪ 90‬كامل عالوي كاظم الفتالوي‪ ،‬حسين لطيف كاظم الوبيدي‪ ،‬مبادئ علم االقتصاد‪ ،‬دار صفاء للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2013 ،‬ص‪.236‬‬

‫عبد الرحمن يسري‪ ،‬مقدمة في االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.349‬‬ ‫‪91‬‬

‫‪ 92‬سنوسي علي‪ ،‬محاضرات في النقود والسياسة النقدية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة المسيلة‪-2014 ،‬‬
‫‪ ،2015‬ص‪.15‬‬

‫‪67‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪ -‬المرحلة األولى‪ :‬النقود الورقية الصادرة تكون بغطاء ذهبي يمثل ‪ ،℅100‬في‬
‫األساس كانت الورقة النقدية كناية عن شهادة ذهبية‪ ،‬تمثل كمية معينة من الذهب‬
‫المودع لدى المصرف‪ ،‬وفي هذه المرحلة كانت األوراق الصادرة مغطاة كليا‬
‫بقيمة الذهب المودع‪.‬‬

‫‪-‬المرحلة الثانية‪ :‬الورقة النقدية الصادرة عن المصرف القابلة للتحويل أو النقد‬


‫االئتماني‪ :‬أصبحت أوراق المصرف النقدية بمثابة نقد فعلي متميز عن النقد‬
‫المعدني‪ ،‬ولم تعد تلك األوراق تستمد قيمتها من رصيد الذهب الذي تمثله‪ ،‬بل من‬
‫الثقة التي يوليها حاملها للمصرف‪ .‬وعليه وجدت الجهات النقدية التي تصدر هذه‬
‫النقود‪ ،‬أنها في غير الحاجة إلى االحتفاظ بغطاء ذهبي يعادل ‪ ℅100‬من قيمته‪،‬‬
‫ومن تم أخذت هذه النسبة في التناقص‪.‬‬

‫‪-‬المرحلة الثالثة‪ :‬أوراق البنك غير قابلة للتحويل (الورقة‪-‬النقد)‪ :‬حامل أوراق‬
‫المصرف النقدية قد يسعى في بعض الظروف السياسية كالحروب أو الثورات‬
‫مثال إلى طلب تسديد أو تحويل كافة األوراق التي بحوزته إلى ذهب أو فضة‪،‬‬
‫وفي المقابل األوراق الموضوعة في التداول هي بطبيعة الحال أعلى من قيمة‬
‫الرصيد المتوفر بالمعادن الثمينة‪ .‬فهذا الطلب المتعاظم على التحويل قد يقود بنك‬
‫اإلصدار إلى اإلفالس‪ ،‬ولمواجهة هذا الخطر‪ ،‬أقرت الدولة السعر(القيمة)‬
‫اإللزامي لألوراق النقدية‪ ،‬أي بمعنى آخر سمحت لمؤسسة اإلصدار بأن ال تبدل‬
‫تلك األوراق مقابل نقود معدنية(ذهب أو فضة)‪ ،‬بالسعر اإللزامي‪ ،‬يعني أن‬
‫األوراق تحوز على قيمة قانونية (سعر قانوني)‪ ،‬وأنه في هذا السياق يجبر‬

‫‪68‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫األفراد والصناديق المالية العائدة للدولة على قبول األوراق النقدية أسوة بالنقود‬
‫المعدنية‪.‬‬

‫ج‪-‬نقود الودائع‪ :‬هي أرصدة حسابات يملكها األفراد‪ ،‬تتكون من خالل فتح‬
‫حسابات جارية لدى البنوك التجارية‪ ،‬والتي تنتقل ملكيتها من فرد آلخر عن‬
‫طريق السحب عليها باستعمال الشيكات‪ ،‬وقد أدى انتشار استعمال نقود الودائع‬
‫إلى توفير وسائل مبادالت جديدة‪ ،‬والشيك وسيلة دفع مهمة‪ ،‬إذا أصبحت الشيكات‬
‫ت ستعمل على نطاق واسع‪ ،‬بحيث ال يعتبر نقدا في حد ذاته‪ ،‬وإنما وسيلة لتحويل‬
‫مبلغ من ودائع العمالء لدى البنوك والوديعة هي النقود‪.93‬‬

‫د‪-‬النقود اإللكترونية‪ :‬هي عبارة عن قيمة نقدية بعملة محددة تصدر في صورة‬
‫بيانات إلكترونية مخزنة على بطاقة ذكية أو قرص صلب‪ ،‬بحيث يستطيع‬
‫صاحبها نقل ملكيتها إلى من يشاء دون تدخل شخص آخر‪.94‬‬

‫خامسا‪-‬وظائف النقود‪:‬‬

‫أ‪-‬النقود مقياس للقيم (قيم السلع والخدمات)‪:‬تقوم هذه الوظيفة األساسية على‬
‫إرجاع قيم جميع السلع والخدمات المتداولة في االقتصاد إلى النقود‪ ،‬إذ أن كل‬
‫سلعة أو خدمة في السوق لها قيمة محددة‪ ،‬يجب حسابها في ظل سوق يتم تداول‬
‫المئات من السلع والخدمات فيه‪.‬تتضمن أهمية هذه الوظيفة للنقود كمقياس للقيم‪،‬‬

‫محمد دويدار‪ ،‬االقتصاد النقدي‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،1998 ،‬ص‪.53‬‬ ‫‪93‬‬

‫سنوسي علي‪ ،‬محاضرات في النقود والسياسة النقدية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬ ‫‪94‬‬

‫‪69‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫وكوحدة للحساب في تسهيل عمليات التبادل والتعبير بوحدات نقدية عن قيم‬


‫األصول والخصوم والتكاليف‪....‬إلخ‪.95‬‬

‫ب‪-‬النقود وسيط للتبادل‪ :‬تعني هذه الوظيفة األساسية أن السلع والخدمات يتم‬
‫تبادلها من خالل أداة عامة تحظى بقبول عام من جميع األفراد هي النقود‪ ،‬وهي‬
‫بذلك تعطي لحاملها مجاال واسعا لالختيار‪ ،‬وتمكنه من شراء أو بيع سلعة أو‬
‫خدمة يريدها في الزمان والمكان الذي يرغبهما‪.96‬‬

‫ج‪-‬النقود كمستودع للقيمة أو الثروة‪:‬‬

‫إن استخدام النقود في ظروف النشاط االقتصادي كوسيط لالستبدال يتضمن‬


‫بالضرورة وجود فواصل زمنية ما بين الحصول عليها وإنفاقها‪ .‬ومن تم فإن‬
‫هناك حتما قدر من النقود يبقى لدى األفراد دون استخدام لمدى من الزمن‪ ،‬وهكذا‬
‫فإن استخدام النقود كوسيط لالستبدال يتضمن بالضرورة استخدامها في حفظ‬
‫القيمة أو الثروة‪.97‬‬

‫د‪-‬النقود مقياس للمدفوعات اآلجلة‪:‬‬

‫النقود مقياس للقيم في الحاضر وللمدفوعات التي يقع تاريخ استحقاقها في‬
‫المستقبل‪ ،‬فهذه الوظيفة تسهل تنفيذ العقود اآلجلة وتيسر عملية االقتراض‪ ،‬حيث‬

‫‪ 95‬محمد حسين الوادي وآخرون‪ ،‬النقود والمصارف‪ ،‬دار المسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،2010 ،‬‬
‫ص‪.24‬‬
‫محمد حسين الوادي وآخرون‪ ،‬النقود والمصارف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.25‬‬ ‫‪96‬‬

‫عبد الرحمن يسري‪ ،‬مقدمة في االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.360‬‬ ‫‪97‬‬

‫‪70‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫تستطيع الحكومات وكذا األفراد‪ ،‬تمويل المشروعات من خالل االقتراض أو‬


‫إصدار السندات والتي يتم سدادها في اآلجال المستقبلية‪.‬‬

‫خالصة المحاضرة‪:‬‬

‫ظهرت المقايضة لتحقيق رغبة التبادل بين طرفين أو أكثر‪ ،‬ولكن مع الوقت‬
‫أثبتت هذه اآللية عدم قدرتها على تحقيق التوافق المزدوج للرغبات‪ ،‬والذي عقد‬
‫من عمليات التبادل‪ ،‬لدى كان من الضروري إيجاد حل لهذه العوائق‪ ،‬والذي‬
‫تجسد في إيجاد سلعة معينة تستخدم كوسيلة لالستبدال (السلعة الوسيطة)‪ ،‬وهذا ما‬
‫مثل الظهور األول للنقود والتي تجسدت في النقود السلعية‪ .‬تطورت النقود مع‬
‫الوقت إلى أن ظهرت على شكلها الحالي‪ ،‬وتعتبر النقود االلكترونية الصورة‬
‫الحديثة لها‪.‬‬

‫المحاضرة العاشرة‪ :‬الدخل القومي‪.‬‬

‫مقدمة‬

‫يعتبر الدخل القومي من أهم مؤشرات التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ألنه يشير‬
‫إلى القيم االقتصادية الجديدة المتولدة في اقتصاد ما خالل سنة كاملة‪ ،‬وهذه‬
‫المؤشرات تتأثر بمجموعة من العوامل من بينها حجم وأهمية الموارد الطبيعية‬

‫‪71‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫والتي تمثل جزء من الثروة القومية‪ ،‬وكذا كفاءة استغالل الرأس المال القومي‪.‬‬
‫سنحاول في هذه المحاضرة‪ ،‬ضبط كل المفاهيم المرتبطة بالدخل القومي والناتج‬
‫الوطني‪ ،‬وسنتعرض بشكل مفصل إلى طرق حساب الدخل الوطني‪.‬‬

‫أوال‪-‬الثروة القومية‪:‬‬

‫تعرف الثروة القومية على أنها بيان محاسبي يظهر موجودات الوطن ومطاليبه في‬
‫فترة زمنية محددة‪ ،‬وهي تتألف من البنود التالية‪:98‬‬

‫‪ -‬الموجودات المادية المعدة لالستعمال في سبيل اإلنتاج أو ما يعرف برأس المال‬


‫القومي بالمفهوم االقتصادي‪.‬‬

‫‪ -‬الموجودات المادية التي ال تستعمل في أي إنتاج كاللوحات الفنية وموجودات‬


‫المتاحف‪.‬‬

‫‪-‬الموارد الطبيعية على ظاهر األرض وفي باطنها‪ ،‬كاألنهار والسدود واألراضي‬
‫وآبار البترول ومناجم المعادن‪.‬‬

‫‪ -‬الموارد البشرية وترتيبها العمري والجنسي والثقافي‪.‬‬

‫‪ -‬الخبرات والمهارات العملية والعلمية المتوفرة‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬الدخل القومي‪:‬‬

‫‪ 98‬مصطفى يوسف كافي‪ ،‬مبادئ العلوم االقتصادية‪ ،‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪ ،2015 ،‬ص‪.203‬‬

‫‪72‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫يعرف بول سامويلسون الدخل القومي بأنه مجموع دخل عوامل اإلنتاج التي تم‬
‫تلقيها من العمالة ورأس المال واألرض‪ ،‬وتجمع بشكل أساسي بعد استهالك‬
‫األصول والضرائب غير المباشرة من الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬وبذلك يكون الدخل‬
‫القومي مجموع األجور واألرباح والفوائد واإليجارات‪.99‬‬

‫يعتبر الدخل القومي من أهم مؤشرات التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ألنه يشير‬
‫إلى القيم االقتصادية الجديدة المتولدة في اقتصاد ما خالل سنة كاملة‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫معدالت نمو مؤشر الدخل القومي تتحدد من خالل ما يلي‪:100‬‬

‫‪ -‬حجم وأهمية الموارد االقتصادية الطبيعية المتوفرة في أراضي البلد المعني‬


‫ومدى كفاءة استغالل تلك الثروات الطبيعية وتسخيرها لخدمة التنمية‪.‬‬

‫‪ -‬كفاءة استغالل رأس المال القومي وهو محدد أساسي لمعدالت النمو في مؤشر‬
‫الدخل القومي‪ ،‬الذي هو حاصل ضرب معدل االدخار في كفاءة استخدام رأس‬
‫المال القومي‪ ،‬وبالتالي فإن تكنولوجيا اإلنتاج المستخدمة ذات أهمية كبيرة أيضا في‬
‫تحديد كفاءة استغالل رأس المال القومي‪.‬‬

‫‪ -‬كفاءة وتأهيل الموارد البشرية بمعنى آخر هو إنتاجية قوة العمل في ظل استخدام‬
‫التكنولوجيا المتطورة‪ ،‬البد من أن تكون قوة العمل مدربة ومؤهلة لتتناسب مع‬
‫طبيعة تكنولوجيا اإلنتاج وتحقيق إنتاجية عالية‪.‬‬

‫بول سامويلسون‪ ،‬ويليام نورد هاوس‪ ،‬االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.449‬‬ ‫‪99‬‬

‫مصطفى يوسف كافي‪ ،‬مبادئ العلوم االقتصادية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.215‬‬ ‫‪100‬‬

‫‪73‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫توفر هذه الثالثية شرط أساسي لتطوير اإلنتاج وتحقيق معدالت نمو عالية في‬
‫الدخل القومي‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬الناتج القومي‪:‬‬

‫يعرف الناتج القومي بأنه جملة ما ينتجه المجتمع من سلع وخدمات خالل فترة‬
‫زمنية معينة‪ ،‬عادة ما تكون سنة‪ ،‬وتتساوى قيمة الناتج القومي مع الدخل القومي‬
‫في المجتمع‪ .‬ولكن هنا قد يثار سؤال على درجة كبيرة من األهمية وهو‪ :‬أي قيمة‬
‫للناتج القومي هي التي تتساوى مع الدخل القومي؟‪ ،‬ويرجع السبب لهذا السؤال‬
‫إلى أن قيمة السلع والخدمات في السوق قد تختلف عما يدفعه المنتج لعوامل‬
‫اإلنتاج نتيجة لم قد تحمله الدولة إياه من ضرائب أو ما يدفعه له من إعانات‪ ،‬كما‬
‫قد تختلف أيضا ألن المنتجين يحملون قيمة السلع المنتجة بذلك الجزء الذي‬
‫يستهلك من رأس المال خالل العملية اإلنتاجية‪.101‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى ضرورة استبعاد السلع والخدمات الوسيطة عند حساب الناتج‬
‫القومي اإلجمالي‪ ،‬وذلك تجنبا للوقوع في خطأ الحساب المزدوج‪ .‬فمثال إذا أردنا‬
‫حساب قيمة الخبر المنتج خالل سنة واحدة‪ ،‬فيجب عندها استبعاد قيمة القمح الذي‬
‫تم استخدامه في صنع الخبز‪ ،‬كونه قد احتسب كناتج نهائي عند احتساب القمح‪.‬‬
‫أي أن الناتج القومي اإلجمالي يمثل مجموع اإلنتاج اإلجمالي من السلع والخدمات‬
‫خالل سنة مطروحا منه مستلزمات اإلنتاج‪ .‬ويتكون الناتج القومي اإلجمالي من‬
‫أربعة مكونات أساسية هي‪:‬‬

‫سامي السيد‪ ،‬مبادئ االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.209‬‬ ‫‪101‬‬

‫‪74‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪-‬اإلنفاق االستهالكي‪.‬‬

‫‪-‬االستثمار المحلي اإلجمالي الخاص‪.‬‬

‫‪-‬اإلنفاق الحكومي على السلع والخدمات‪.‬‬

‫‪-‬صافي التجارة الخارجية أي الصادرات مطروحا منها الواردات‪.‬‬

‫رابعا‪-‬طرق حساب الدخل القومي(الوطني)‪ :‬يمكن حساب الدخل القومي وفق‬


‫ثالثة طرق هي‪:‬‬

‫الطريقة األولى‪ :‬طريقة اإلنتاج‪.‬‬

‫تعتمد هذه الطريقة على حساب قيمة اإلنتاج لجميع الوحدات االقتصادية الموجودة‬
‫داخل الرقعة الجغرافية للبلد‪ ،‬وذلك خالل فترة زمنية عادة ما تقدر بسنة سواء‬
‫كان ذلك بعوامل إنتاج محلية أو أجنبية‪ ،‬فاألهم أن تكون داخل البلد‪ .‬ولحساب‬
‫الناتج الوطني وفق طريقة اإلنتاج‪ ،‬نتبع أحد األسلوبين التاليين‪:102‬‬

‫أ‪-‬أسلوب القيمة المضافة‪:‬‬

‫القيمة المضافة=قيمة اإلنتاج‪-‬مستلزمات اإلنتاج(االستهالكات الوسيطية)‬

‫ب‪-‬أسلوب المنتج النهائي‪ :‬وفق هذه الطريقة‪ ،‬فإن الناتج الوطني هو عبارة عن‬
‫قيم السلع والخدمات النهائية المباعة لألعوان االقتصاديين‪ ،‬باإلضافة إلى السلع‬
‫‪ 102‬محمد صالح‪ ،‬االقتصاد الكلي‪ :‬محاضرات وتمارين محلولة‪ ،‬مطبوعة مقدمة لطلبة الليسانس في العلوم‬
‫االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة المسيلة‪ ،2016-2015 ،‬ص‪.18‬‬

‫‪75‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫الوسيطية التي تزيد في المخزون‪ ،‬والتي تؤدي إلى زيادة رأس المال اإلنتاجي‬
‫مثل اآلالت‪...‬إلخ‪.‬‬

‫الطريقة الثانية‪ :‬طريقة اإلنفاق‪.‬‬

‫يتم حساب الدخل القومي وفق هذه الطريقة من خالل احتساب المبالغ المنفقة من‬
‫قبل أصحاب عوائد عناصر اإلنتاج المساهمين في العملية اإلنتاجية للسلع‬
‫والخدمات بصورة مباشرة أو من خالل استخدام السلع والخدمات في إنتاج سلع‬
‫وخدمات أخرى‪ ،‬ويتكون األنفاق الوطني مما يلي‪:103‬‬

‫‪-‬اإلنفاق االستهالكي سواء كان اإلنفاق االستهالكي الخاص أو اإلنفاق‬


‫االستهالكي على السلع والخدمات المخصصة لالستهالك العام‪.‬‬

‫‪-‬اإلنفاق االستثماري ويتضمن االستثمار الخاص واالستثمار العام‪.‬‬

‫وبالتالي يكون ‪:‬‬

‫اإلنفاق الوطني=اإلنفاق االستهالكي الخاص‪+‬اإلنفاق االستهالكي العام‪+‬االستثمار‬


‫الخاص‪+‬االستثمار الحكومي‬

‫‪ 103‬كامل عالوي كاظم الفتالوي‪ ،‬حسين لطيف كاظم الوبيدي‪ ،‬مبادئ علم االقتصاد‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.200‬‬

‫‪76‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫وبما أن الدخل الوطني يساوي الناتج الوطني (قيمة الناتج هي مصدر لدخول‬
‫أصحاب عناصر اإلنتاج الذي يقومون بدورهم بإنفاق هذه الدخول للحصول على‬
‫السلع والخدمات المنتجة)‪ .‬وهذا الدخل يمكن أن يستهلك جزء منه في شراء السلع‬
‫والخدمات‪ ،‬ويدخرون ما فاض عن االستهالك‪ ،‬فإن الدخل الوطني يساوي‪:‬‬

‫الدخل الوطني=االستهالك‪+‬االدخار‬

‫وإن الجزء الذي لم يستهلك يدخر وبالتالي يوجه نحو االستثمار‪ ،‬فإن العالقة تصبح‬
‫على الشكل التالي‪:‬‬

‫الدخل الوطني=االستهالك‪+‬االستثمار‬

‫أما الجزء الذي يوجه إلى االدخار وال يستثمر‪ ،‬فهو المخزون السلعي‪ .‬وبعض‬
‫السلع والخدمات سواء كانت استهالكية أو إنتاجية ال يمكن الحصول عليها في‬
‫السوق المحلية‪ ،‬األمر الذي يستلزم استيرادها من الخارج‪ ،‬وبالتالي يتم إنفاق جزء‬
‫من الدخل على استيرادها‪ ،‬وهو يمثل استنزافا للدخل‪ .‬كما أن هناك بعض السلع‬
‫تصدر إلى الخارج‪ ،‬ويحصل البلد في مقابل ذلك على عوائد تدخل ضمن دورة‬
‫الدخل‪ .‬وبالمحصلة يصبح الدخل القومي(الوطني) مساويا لما يلي‪:‬‬

‫اإلنفاق الوطني=اإلنفاق االستهالكي(العام‪+‬الخاص)‪+‬اإلنفاق‬


‫االستثماري(العام‪+‬الخاص)‪+‬المخزون السلعي‪+‬الفرق بين الصادرات والواردات‬

‫‪77‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫الطريقة الثالثة‪ :‬طريقة الحصص الموزعة‪.‬‬

‫يحسب الدخل الوطني من خالل جمع الحصص الموزعة على عناصر اإلنتاج‬
‫المساهمة في العملية اإلنتاجية(مجموع عوائد عناصر اإلنتاج)‪.‬‬

‫الدخل الوطني=الريع‪+‬األجر‪+‬الربح‪+‬الفائدة‬

‫خالصة المحاضرة‪:‬‬

‫عمدنا في هذه المحاضرة إلى ربط مجموعة من المفاهيم ببعضها البعض والتي‬
‫تتمثل في الثروة القومية والدخل القومي والناتج القومي‪ ،‬فبعد التحديد المفصل‬
‫لهذه المفاهيم‪ ،‬تطرقنا إلى طرق حساب الدخل القومي من خالل اإلشارة إلى‬
‫طريقة اإلنتاج بأسلوب القيمة المضافة وأسلوب المنتج النهائي‪ ،‬وطريقة‬
‫الحصص الموزعة وكذا طريقة اإلنفاق‪.‬‬

‫المحاضرة الحادية عشر‪ :‬النمو والتنمية‪.‬‬

‫مقدمة‬

‫يعد النمو االقتصادي مصطلحا جديدا نسبيا في التاريخ البشري‪ ،‬اقترن بظهور‬
‫الرأسمالية وقدرتها اآللية وإنتاجها الصناعي‪ ،‬وما صاحبها من تغيرات تقنية‬
‫مستمرة وتراكم لرأس المال‪ .‬وتزامن هذا المصطلح مع ظهور التحليل االقتصادي‬
‫المنظم ابتداء من النظرية الكالسيكية‪ ،‬واستمر لفترة زمنية دون مراعاة نوعية‬

‫‪78‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫مستوى تقدم الدولة‪ ،‬فكل مجتمع يهتم ويبحث عن السبل واألسباب التي تمكنه من‬
‫رفع كمية السلع والخدمات‪ ،‬وتحقيق أقصى معدالت النمو االقتصادي‪ ،‬بما يسمح‬
‫بتراكم رؤوس األموال‪.‬‬

‫تتفق معظم اآلراء على أن النمو االقتصادي هو حدوث زيادة في إجمالي الناتج‬
‫المحلي اإلجمالي أو الدخل الوطني اإلجمالي‪ ،‬والذي يؤدي إلى زيادة مستمرة في‬
‫متوسط نصيب الفرد من الدخل الحقيقي‪.104‬‬

‫أوال‪-‬مفهوم النمو االقتصادي‪:‬‬

‫إن تحليل النمو يعني دراسة نمو وتطور النشاط اإلنتاجي‪ ،‬ويقصد بنمو متغيرة‬
‫اقتصادية ما‪ ،‬هو التغير النسبي لها من فترة إلى أخرى‪ .‬لتقدير هذا النشاط‬
‫ومعرفة صحة االقتصاد‪ ،‬نلجأ إلى أحسن مجمع بالنسبة لالقتصاديين‪ ،‬وهو الناتج‬
‫المحلي اإلجمالي)‪ ،(PIB‬الذي يقيس السلع والخدمات المنتجة داخل الوطن‪،‬‬
‫خالل فترة زمنية عادة ما تكون السنة‪ ،‬أو ثالثة أشهر‪ ،‬كما هو عليه الحال اليوم‬
‫في الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وربما تكون أقل من ذلك مستقبال‪ ،‬بعد تحسن‬
‫األدوات اإلحصائية والمعلوماتية‪ ،‬أكثر مما هي عليه اآلن‪ .‬وبشكل أدق‪ ،‬إن الناتج‬
‫المحلي اإلجمالي يساوي القيمة المضافة الكلية لجميع المؤسسات الحاضرة في‬

‫‪ 104‬كبداني سيدي أحمد‪ ،‬أثر النمو االقتصادي على عدالة توزيع الدخل في الجزائر مقارنة بالدول العربية‪:‬‬
‫دراسة تحليلية وقياسية‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة تلمسان‪ ،2013-2012 ،‬ص‪.17‬‬

‫‪79‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫اقتصاد ما‪ ،‬كما يعكس في نفس الوقت الدخل الكلي لمجموع األفراد داخل‬
‫المجتمع‪.105‬‬

‫يعبر عن معدل النمو رياضيا بالمعادلة التالية‪:‬‬

‫حيث أن ‪:‬‬

‫‪:‬معدل النمو االقتصادي‪.‬‬

‫‪:t.‬الناتج اإلجمالي الحقيقي في الفترة‬

‫‪ :t-1.‬الناتج اإلجمالي الحقيقي في الفترة‬

‫إن الناتج المحلي اإلجمالي يقدر بالقيمة االسمية(باألسعار الجارية) أو الحقيقية‬


‫(باألسعار الثابتة)‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬تعريف التنمية‪:‬‬

‫مادة نمى‪ ،‬مصدره النماء بمعنى الزيادة‪ ،‬نمى ينمي نمياً ونماء‪ :‬أي زاد وكثر‪،‬‬
‫أنميت الشيء ونميته‪ :‬جعلته ناميا أي زائدا‪.106‬‬

‫‪ 105‬البشير عبد الكريم‪ ،‬دحمان بواعلي سمير‪ ،‬قياس أثر التطور التكنولوجي على النمو االقتصادي‪ ،‬منتدى‬
‫االقتصاديين‪ ،‬ص ‪ ،3‬تاريخ االقتباس‪ 20 :‬أكتوبر ‪ ،2014‬الموقع االلكتروني‪www.univ- :‬‬
‫‪chlef.dz/ar/seminaires.../com_1.pdf‬‬

‫‪80‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫هناك اختالف بين مفهوم النمو ‪ ،Croissance‬والتنمية ‪،Développement‬‬


‫فالنمو يشير إلى التقدم التلقائي أو العفوي دون تدخل معتمد من قبل المجتمع أو‬
‫الدولة‪ .‬أما التنمية‪ ،‬فهي العمليات المقصودة التي تسعى إلى إحداث النمو بصورة‬
‫سريعة‪ ،‬في إطار خطط مدروسة‪ ،‬وفي حدود فترة زمنية معينة‪.107‬‬

‫والتنمية من منطلق الدخل‪ ،‬تعرف بأنها عمليات استخدام الموارد االقتصادية‬


‫المتاحة للمجتمع في تحقيق زيادات مستمرة في الدخل الوطني تفوق معدالت‬
‫النمو السكاني‪ ،‬بما يؤدي إلى زيادات حقيقية في متوسط الدخل الفردي‪.108‬‬

‫ثالثا‪ :‬مفهوم التنمية االقتصادية‪:‬‬

‫تتمثل التنمية في مجموعة اإلجراءات والسياسات الرامية إلى إحداث تغيير في‬
‫البنية االقتصادية للمجتمع‪ ،‬في اتجاه تحسين ظروفه وتحقيق الرفاهية االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ .‬يعتبر الجانب االقتصادي للتنمية مفهوم ضيق‪ ،‬إذ اختزل التنمية في‬
‫النمو االقتصادي السريع‪ ،‬ومع مرور الزمن أصبح من الضروري مواءمة‬
‫المعيار االقتصادي مع المعيار االجتماعي والمعيار البيئي‪ ،‬لتكوين إطار متكامل‬
‫يطلق عليه التنمية المستدامة‪.‬‬

‫رابعا‪:‬أهداف التنمية في شقها االقتصادي‪:‬‬

‫‪ 106‬بهاء الدين عبد الخالق بكر‪ ،‬سبل تنمية موارد الوقف اإلسالمي في قطاع غزة‪ ،‬مذكرة ماجستير غير‬
‫منشورة‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‪ ،‬غزة‪ ،2009 ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ 107‬إبراهيم العسل‪ ،‬التنمية في اإلسالم‪ :‬مفاهيم‪ ،‬مناهج وتطبيقات‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،1996 ،‬ص‪.59‬‬

‫‪ 108‬كبداني سيدي أحمد‪ ،‬أثر النمو االقتصادي على عدالة توزيع الدخل في الجزائر مقارنة بالدول العربية‪:‬‬
‫دراسة تحليلية وقياسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫‪81‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫تتمثل أهداف التنمية في شقها االقتصادي‪ ،‬فيما يلي‪:‬‬

‫‪-‬زيادة الدخل القومي‪ ،‬الذي يعتبر أهم أهداف التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫‪-‬تحقيق االستقاللية االقتصادية‪ :‬تسعى كل الدول النامية إلى فك رابط التبعية‬


‫االقتصادية للدول األجنبية‪ ،‬خاصة بعد حصول هذه الدول على استقاللها‬
‫السياسي‪.‬‬

‫‪-‬التقليل من الفوارق في الدخول والثروات‪ :‬تظهر الفوارق الطبقية في المجتمعات‬


‫النامية‪ ،‬نظرا للتفاوت في المداخيل والثروات‪ ،‬وهذا ينتج عنه أضرار اقتصادية‬
‫على الطبقة الفقيرة‪.‬‬

‫‪ -‬تهدف التنمية االقتصادية إلى تحقيق اإلدارة الواعية والتسيير الفعال للمصادر‬
‫المتاحة والقدرات الطبيعية المحدودة‪ ،‬وإعادة تأهيل الموارد التي تعرضت‬
‫للتدهور‪ ،‬وسوء االستخدام مع المحافظة على حق اإلنسان في بيئة نظيفة‪.109‬‬

‫‪-‬التنسيق بين مختلف القطاعات داخل الدولة لتؤدي دورها وفق ما خطط له‪.‬‬

‫خامسا‪ -‬مفهوم التنمية المستدامة‪:110‬‬

‫‪ 109‬كمال رزيق ومباركة نعامة‪ ،‬نبدة عن تاريخ األ وقاف في الجزائر ودورها التنموي‪ ،‬بحث مقدم للمؤتمر‬
‫العلمي الثاني حول التمويل غير الربحي(الزكاة والوقف) في تحقيق التنمية المستدامة‪ ،‬يومي ‪ 20‬و‪ 21‬ماي‬
‫‪ ،2013‬جامعة سعد دحلب‪ ،‬البليدة‪ ،‬ص‪.4‬‬

‫‪ 110‬التنمية المستدامة هي قضية أخالقية وإنسانية بقدر ما هي قضية تنموية وبيئية‪ ،‬ألنها تهتم بحق األجيال‬
‫القادمة بالعيش الكريم‪ ،‬كما هي حق لألجيال الحاضرة‪ .‬وإن هدف التنمية المستدامة هو القضاء على الفقر‬
‫سواء أكان فقر األجيال الحاضرة أو فقر األجيال القادمة‪ ،‬راجع المرجع‪ :‬أحمد إبراهيم مالوي‪ ،‬دور الوقف‬
‫في التنمية‪ ،‬بحث مقدم إلى المؤتمر الثالث لألوقاف بالمملكة العربية السعودية‪ :‬الوقف اإلسالمي "اقتصاد‬
‫وإدارة وبناء حضارة‪ ،‬ص‪ ،6‬مقتبس بتاريخ‪ ،2012-03-15 :‬الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪www.iu.edu.sa/.../endowments3/.../fourthaxis/.../...‬‬

‫‪82‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫لقد أخذ مفهوم التنمية يتطور بشكل ملحوظ منذ خمسينيات القرن الماضي‪ ،‬حيث‬
‫كان يركز على الجانب االقتصادي‪ ،‬وكان مؤشر التنمية هو معدل الناتج القومي‬
‫اإلجمالي‪ .‬ومع مرور الزمن تبين عدم صواب هذا المفهوم‪ ،‬الذي يختزل التنمية‬
‫في النمو االقتصادي السريع‪ ،‬وفشله في إعطاء تصور ومعيار حقيقي للعملية‬
‫التنموية‪ ،‬خاصة في ظل تفاقم مشكالت الفقر والبطالة‪.‬‬

‫وفي السبعينيات من القرن الماضي أخذت التنمية تنمي منحا اجتماعيا‪ ،‬وأصبح‬
‫العامل االقتصادي ما هو إال وسيلة من إحدى الوسائل التنموية‪ ،‬التي تعمل على‬
‫تحسين النواحي االجتماعية لدى أبناء المجتمع على اختالف طبقاتهم‪ ،‬وتطور هذا‬
‫المفهوم الجديد للتنمية عبر الثمانينات والتسعينات‪ ،‬وأصبح اإلنسان بموجب هذا‬
‫المفهوم‪ ،‬هو صانع التنمية‪ ،‬وهو هدفها في ذات الوقت‪ ،‬وارتكز هذا المفهوم‬
‫الجديد‪ ،‬على ضرورة المواءمة بين المعيار االقتصادي والمعيار االجتماعي‪،‬‬
‫وجمع ما بين العوامل االجتماعية واالقتصادية والبيئية‪ ،‬في إطار متكامل أطلق‬
‫عليه‪ ،‬التنمية المستدامة‪.111‬‬

‫يعود أول استخدام لهذا المصطلح بشكل رسمي‪ ،‬لرئيسة وزراء النرويج (جرو‬
‫هارلم برونتالند) سنة ‪ 1987‬في تقرير مستقبلنا المشترك‪ ،‬للتعبير عن السعي‬
‫لتحقيق نوع من العدالة والمساواة بين األجيال الحالية والمستقبلية‪ .‬وهكذا عرفت‬

‫‪ 111‬أحمد محمد هليل‪ ،‬مجاالت وقفية مقترحة غير تقليدية لتنمية مستدامة ‪ ،‬بحت مقدم إلى المؤتمر الثاني‬
‫لألوقاف‪:‬الصيغ التنموية والرؤى المستقبلية‪ ،2006 ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬مكة المكرمة‪،‬ص‪ ،6‬مقتبس‬
‫بتاريخ‪ ،2012-03-15:‬الموقع اإللكتروني‪www.kantakji.com/fiqh/files/wakf/52066.pdf :‬‬

‫‪83‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫التنمية المستدامة بأنها "التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر‪ ،‬دون اإلخالل بقدرة‬
‫األجيال القادمة على تلبية احتياجاتها'‪.112‬‬

‫إن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب توجيه االهتمام ال بالنمو االقتصادي فحسب‪،‬‬
‫وإنما كذلك بالمسائل االجتماعية والبيئية‪ ،‬وبذلك فإن التنمية المستدامة تتألف من‬
‫ثالثة عناصر رئيسية هي‪ :‬النمو االقتصادي والعدالة االجتماعية وحماية‬
‫البيئة‪.113‬‬

‫خالصة المحاضرة‪:‬‬

‫ذكر ابن خلدون في مقدمته أن الظواهر االجتماعية واالقتصادية والسياسية‬


‫والبيئية‪ ،‬تفسر بالعمران‪ ،‬وأن العمران خالصة النتاج اإلنساني في المجتمع‪ ،‬من‬
‫خالل ما يتميز به من خصائص حضرية‪ ،‬ومن توافر مختلف الموارد الفردية‬
‫والقومية‪ .‬هذا ما يشير إلى أسبقية العلماء العرب في مجال التنمية‪ ،‬وما يتفرع‬
‫عنها من جوانب ديموغرافية واجتماعية واقتصادية وبيئية‪ ،‬ربط فيما بينها ابن‬
‫خلدون بعالقة تبادلية‪ ،‬واضعا أساسا لعلم جديد لم يسبقه إليه أحد‪ ،‬سماه علم‬
‫العمران‪.‬‬

‫‪ 112‬عماري عمار‪ ،‬إشكالية التنمية المستدامة وأبعادها‪ ،‬بحوث وأوراق عمل الملتقى الدولي خالل‬
‫الفترة‪07‬و‪ 08‬أفريل ‪ ، 2008‬منشورات مخبر الشراكة واالستثمار في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪،‬‬
‫الجزء األول‪ ،2008 ،‬سطيف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫احمد إبراهيم مالوي‪ ،‬دور الوقف في التنمية المستدامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.7‬‬ ‫‪113‬‬

‫‪84‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫المحاضرة الثانية عشر‪ :‬التجارة الخارجية‪.‬‬

‫مقدمة‬

‫قام الفكر االقتصادي الكالسيكي على مبدأ الحرية في المعامالت‪ ،‬و تجسد هذا في‬
‫حرية المبادالت بين مختلف األفراد والمجتمعات‪ ،‬وأدى إلى تنشيط التجارة‬
‫الدولية‪ ،‬خاصة مع تقدم وسائل النقل والمواصالت‪ ،‬التي ربط كل أجزاء العالم‬
‫بشبكة من التعامالت التجارية زادت من حجم التبادل الدولي مقارنة بما كانت عليه‬
‫في الزمن البعيد‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مفهوم حرية التجارة الدولية‪.‬‬

‫ظهرت هذه السياسة في عصر المدرسة االقتصادية الفيزيوقراطية‪ ،‬وانتعشت مع‬


‫أفكار أدام سميث وريكاردو وغيرهم‪ ،‬التي كانت تنادي بالحرية االقتصادية عموما‬
‫وبحق األفراد والمؤسسات في القيام بالنشاط االقتصادي والتبادل كما يرغبون‪،‬‬
‫وابتعاد الحكومة عن التدخل في النشاط االقتصادي‪ ،‬كلما أمكن ذلك وترك األفراد‬
‫والمؤسسات أحرارا فيما يفعلون‪ .‬وتعرف سياسة حرية التجارة الدولية بأنها عبارة‬

‫‪85‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫عن مجموعة من القواعد واإلجراءات والتدابير التي تعمل على إزالة أو تخفيض‬
‫القيود المباشرة أو غير المباشرة‪ ،‬الكمية وغير الكمية التعريفية وغير التعريفية‪،‬‬
‫لتفعيل تدفق التجارة الدولية لتحقيق أهداف اقتصادية معينة‪.114‬‬

‫ثانيا‪ :‬أهمية التجارة الدولية‪.‬‬

‫تأتي أهمية التجارة الدولية من الفوائد التي يمكن أن تعود على دول العالم نتيجة‬
‫لتبادل منتجاتها مع بقية الدول‪ ،‬وهي تتمثل في‪:115‬‬

‫‪-‬تستطيع كل دولة الحصول على كافة المنتجات أو السلع التي ال تستطيع إنتاجها‪،‬‬
‫إما بسبب عدم توفر عناصر إنتاجها من مواد أو قوى بشرية أو رأس مال أو بسبب‬
‫ارتفاع تكاليف إنتاجها عن تكاليف استيرادها‪.‬‬

‫‪-‬تساعد التجارة الدولية على مساعدة الدول النامية على النهوض االقتصادي حيث‬
‫أن هذه الدول بحاجة إلى موارد مالية كبيرة لكي تحقق برامجها التنموية‪ ،‬والتي‬
‫تتأتى عن طريق االقتراض من الدول المتقدمة اقتصاديا‪.‬‬

‫‪-‬تعتبر التجارة الخارجية مؤشرا جوهريا على قدرة الدولة اإلنتاجية والتنافسية في‬
‫السوق الدولية‪ ،‬ذلك الرتباط هذا المؤشر باإلمكانيات اإلنتاجية المتاحة‪ ،‬وقدرة‬
‫الدولة على توفير العمالت األجنبية‪ ،‬وماله من أثار على الميزان التجاري‪.116‬‬

‫مصطفى يوسف كافي‪ ،‬مبادئ العلوم االقتصادية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.386‬‬ ‫‪114‬‬

‫‪ 115‬بسام أبو خضير وآخرون‪ ،‬مدخل إلى علم االقتصاد‪ ،‬دار ومكتبة الكندي للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2016 ،‬ص‪.268‬‬
‫السيد أحمد محمد السريتي‪ ،‬التجارة الخارجية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،2009 ،‬ص‪.9‬‬ ‫‪116‬‬

‫‪86‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪-‬تعد التجارة الخارجية من القطاعات الحيوية في أي مجتمع‪ ،‬سواء كان متقدما أو‬
‫ناميا‪ ،‬فالتجارة الخارجية تربط الدول والمجتمعات مع بعضها البعض‪ ،‬إضافة إلى‬
‫أنها تساعد في توسيع القدرة التنافسية عن طريق فتح أسواق جديدة أمام منتجات‬
‫الدولة‪ ،‬وتساعد كذلك في زيادة رفاهية البلد عن طريق توسيع قاعدة االختيارات‪،‬‬
‫فيما يخص االستهالك واالستثمار وتخصيص الموارد اإلنتاجية بشكل عام‪.117‬‬

‫‪-‬إن أهمية التجارة الخارجية يمكن أن يلمسها العون االقتصادي‪ ،‬سواء كان مستهلكا‬
‫نهائيا أو وسيطا (المنتج)‪ ،‬وهذا لالرتباط الوثيق والكبير للنشاط االقتصادي بالسوق‬
‫الخارجية‪ ،‬والتي تعكس الترابط الوثيق بين اقتصاديات مختلف الدول‪ .‬ولعل‬
‫المستهلك يلمس ذلك جليا من خالل أمثلة بسيطة بما ينتج في الخارج ويستهلك‬
‫محليا‪ ،‬وقد ال تنتج السلعة في الخارج ولكن يستورد مكوناتها بصورة كاملة أو‬
‫جزئية ثم يتم تصنيعها أو تجميعها محليا لتقدم لالستهالك أيضا‪.118‬‬

‫ثالثا‪ :‬عوامل قيام التجارة الخارجية‪.‬‬

‫سنشير في هذا العنصر إلى أهم العوامل المؤثرة في قيام التجارة الخارجية‪:119‬‬

‫‪ 117‬رشاد العصار‪ ،‬عليان الشريف‪ ،‬التجارة الخارجية‪ ،‬دار المسيرة للنشر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪ ،2000‬ص‪.13‬‬

‫‪ 118‬بن زيدان فاطمة الزهراء‪ ،‬دراسة تحليلية لحركة التجارة الخارجية في الجزائر من منظور الجغرافيا‬
‫االقتصادية‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة الشلف‪ ،2012-2011 ،‬ص‪.32‬‬

‫‪ 119‬بن زيدان فاطمة الزهراء‪ ،‬دراسة تحليلية لحركة التجارة الخارجية في الجزائر من منظور الجغرافيا‬
‫االقتصادية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.42‬‬

‫‪87‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪-1‬اختالف الموارد الطبيعية‪ :‬تختلف الموارد من حيث وفرتها وندرتها ولعامل‬


‫الوفرة أو الندرة أهمية كبرى في عمليات اإلنتاج االقتصادي‪ ،‬وفي عمليات التجارة‬
‫الخارجية ‪.‬‬

‫‪-2‬اختالف توزيع السكان‪ :‬على الرغم مما تضعه البيئة الطبيعية من قيود وحدود‬
‫للنشاط البشري وخاصة لإلنتاج االقتصادي‪ ،‬وبالتالي للتجارة الدولية‪ ،‬فإن اإلنسان‬
‫هو األمل األول والهام في هذا المضمار‪ ،‬فهو عامل هام من عوامل اإلنتاج‪ ،‬كما أنه‬
‫عامل االستهالك الرئيسي‪.‬‬

‫‪-3‬توافر التكنولوجيا الحديثة‪ :‬والمقصود بذلك هو أن الدولة التي يتوفر لها السبق‬
‫في استحداث التكنولوجيا الجديدة(سواء عن طريق االختراع أو االبتكار)‪ ،‬تصبح‬
‫في وضع يسمح لها بإنتاج سلع ومعدات إنتاجية عالية الثمن وعلى جانب كبير من‬
‫التعقيد‪.‬‬

‫‪-4‬اختالف تكاليف النقل‪ :‬إن تكاليف نقل سلعة ما تؤثر على مدى اتساع سوق هذه‬
‫السلعة‪ ،‬ألنها تضاف إلى تكلفة اإلنتاج‪ ،‬ومن تم إلى سعر السلعة‪ ،‬وتكون السلعة‬
‫قابلة للتبادل التجاري‪ ،‬حيث تكون سلعة قابلة للتصدير إذا كان سعرها المحلي زائد‬
‫تكاليف النقل للخارج أقل من سعرها المحلي‪ ،‬في حين تكون السلعة قابلة لالستيراد‬
‫إذا كان سعرها الدولي زائد تكاليف النقل للداخل أقل من سعرها المحلي‪ ،‬وهذا يعني‬
‫أن السلعة تعد تجارية إذا كانت قابلة للتبادل دوليا‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬ميزان المدفوعات‪.‬‬

‫‪-1‬تعريف ميزان المدفوعات‪:‬‬

‫‪88‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫يعتبر ميزان المدفوعات من أهم المؤشرات االقتصادية وأداة للتحليل االقتصادي‪،‬‬


‫لمعرفة الوضع االقتصادي لدولة ما في المدى القصير‪ ،‬وهو بيان حسابي يسجل فيه‬
‫قيم جميع السلع والخدمات والمساعدات وكل المعامالت الرأسمالية والذهب النقدي‬
‫الداخلة والخارجة من البلد خالل فترة زمنية محددة عادة السنة‪.120‬‬

‫‪ -2‬تركيبة ميزان المدفوعات‪:‬‬

‫يتألف ميزان المدفوعات من قسمين هما‪:121‬‬

‫أ‪-‬ميزان المعامالت الجارية‪:‬‬

‫في ميزان المعامالت الجارية تدرج كافة المعامالت االقتصادية التي تبدي تأثيرا‬
‫على ميزان المدفوعات في السنة نفسها أو في الفترة التي حصلت فيها‪ ،‬وليس في‬
‫السنوات أو المراحل اآلتية‪ ،‬وهو يتكون من جزئين‪:‬‬

‫أ‪-1-‬الميزان التجاري‪ :‬هو من أهم أجزاء ميزان المدفوعات‪ ،‬ويقصد به كافة البنود‬
‫المادية المتعلقة بحركة السلع من صادرات وواردات لبلد ما مع بقية العالم خالل‬
‫فترة زمنية محددة‪ ،‬ويشدد على المنتجات الجاهزة والمواد األولية التي يمكن‬
‫مشاهدتها وتسجل عند عبورها الحدود‪ .‬ويشكل رصيد الميزان التجاري‪ ،‬الفرق بين‬
‫قيمة الصادرات وقيمة الواردات‪ ،‬إذا ما زادت قيم الصادرات السلعية على قيم‬
‫الواردات السلعية‪ ،‬يكون الميزان التجاري قد حقق فائضا‪ ،‬وإذا كان العكس فيكون‬
‫قد حقق عجزا‪.‬‬

‫مصطفى يوسف كافي‪ ،‬مبادئ العلوم االقتصادية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.407‬‬ ‫‪120‬‬

‫مصطفى يوسف كافي‪ ،‬مبادئ العلوم االقتصادية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.408‬‬ ‫‪121‬‬

‫‪89‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫أ‪-2-‬ميزان الخدمات االقتصادية‪:‬يشمل ميزان الخدمات االقتصادية على اإليرادات‬


‫والنفقات بالعمالت األجنبية‪ ،‬المرتبطة بخدمات النقل (المالحة‪ ،‬الطيران‪ ،‬السكك‬
‫الحديدية وأنواع النقل األخرى) والخدمات السلكية والالسلكية والخدمات‬
‫المصرفية والتأمين والسياحة والسفر‪ ،‬كما تشمل أيضا عوائد وأرباح االستثمارات‬
‫والقروض وإيرادات الحكومة واإلنفاق واإلدارة ما وراء البحار‪.122‬‬

‫ب‪-‬ميزان رؤوس األموال والذهب‪:‬‬

‫وتحمل نتيجة المعامالت الجارية أهمية اقتصادية كبيرة‪ ،‬العجز في ميزان‬


‫المعامالت الجارية يعني تدفق لرؤوس األموال إلى داخل الدولة‪ ،‬وعلى عكس من‬
‫ذلك الفائض يعني خروج لرؤوس األموال‪ .‬من هنا تبرز أهمية دراسة حركة‬
‫رؤوس األموال والذهب النقدي ويؤخذ في هذا الميزان بعين االعتبار‪ ،‬وكل على‬
‫حدا‪ ،‬االستثمارات الخاصة والرسمية من جهة‪ ،‬وإن كانت طويلة أو قصيرة األجل‬
‫من ناحية ثانية‪.‬‬

‫خالصة المحاضرة‪:‬‬

‫ينفتح كل اقتصاد على العالم ويتجسد ذلك من خالل التبادل التجاري وفق أسس‬
‫وقواعد التجارة الدولية التي تعتبر مؤشرا جوهرا على القدرة اإلنتاجية والتنافسية‬
‫للدولة‪ ،‬فإما أن تكون هذه األخيرة منافسا دوليا لالقتصاديات األخرى‪ ،‬أو أن تكون‬

‫مصطفى يوسف كافي‪ ،‬مبادئ العلوم االقتصادية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.410‬‬ ‫‪122‬‬

‫‪90‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫سوقا لتسويق المنتجات الدولية‪ ،‬وبالتالي تتكرس تبعيتها لالقتصاديات القوية التي‬
‫تتحصل منها على مختلف السلع والمنتجات‪.‬‬

‫قائمة المراجع‪:‬‬

‫الكتب‪:‬‬

‫‪‬القرآن الكريم‪.‬‬

‫‪ -1‬إبراهيم العسل‪ ،‬التنمية في اإلسالم‪ :‬مفاهيم‪ ،‬مناهج وتطبيقات‪ ،‬المؤسسة‬


‫الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪. 1996 ،‬‬

‫‪91‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪ -2‬أحمد عبد العزيز الشرقاوي‪ ،‬محاضرات في المدخل لدراسة االقتصاد‪ ،‬جامعة‬


‫المنوفية‪ ،‬مصر‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬

‫‪ -3‬السيد أحمد محمد السريتي‪ ،‬التجارة الخارجية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪2009 ،‬‬
‫‪.‬‬

‫‪ -4‬بخرار فريدة تقنيات وسياسات التسيير المصرفي‪ ،‬ديوان المطبوعات‬


‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪. 2000 ،‬‬

‫‪ -5‬بسام أبو خضير وآخرون‪ ،‬مدخل إلى علم االقتصاد‪ ،‬دار ومكتبة الكندي للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪. 2016 ،‬‬

‫‪ -6‬بن عصمان محفوظ‪ ،‬مدخل في االقتصاد‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬عنابة‪،‬‬
‫الجزائر‪.2010 ،‬‬

‫‪ -7‬بول سامويلسون‪ ،‬ويليام نورد هاوس‪ ،‬االقتصاد‪ ،‬ترجمة هشام عبد هللا‪،‬‬
‫األهلية للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪. 2001 ،‬‬

‫‪ -8‬ثريا الخزرجي‪ ،‬األزمة المالية العالمية الراهنة وأثرها في االقتصاديات‬


‫العربية‪ :‬التحديات وسبل المواجهة‪ ،‬مجلة كلية بغداد للعلوم االقتصادية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،20‬بدون تاريخ‪.‬‬

‫‪ -9‬خالد أحمد فرحان المشهداني‪ ،‬رائد عبد الخالق عبد هللا العبيدي‪ ،‬مبادئ‬
‫االقتصاد‪ ،‬دار األيام للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ‪ ،‬األردن‪. 2013 ،‬‬

‫‪92‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪ -10‬رفيقة حروش‪ ،‬االقتصاد السياسي‪ ،‬دار األمة للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة‬


‫األولى‪ ،‬الجزائر‪. 2011 ،‬‬

‫‪ -11‬رشاد العصار‪ ،‬عليان الشريف‪ ،‬التجارة الخارجية‪ ،‬دار المسيرة للنشر‪،‬‬


‫الطبعة األولى‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪. 2000 ،‬‬

‫‪ -12‬زينب حسين عوض هللا وسوزي عدلي ناشد‪ ،‬مبادئ االقتصاد السياسي‪،‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2007 ،‬‬

‫‪ -13‬سامي السيد‪ ،‬مبادئ االقتصاد‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬

‫‪ -14‬سكينة بن حمود‪ ،‬مدخل لعلم االقتصاد‪ ،‬دار المحمدية العامة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬


‫‪. 2009‬‬

‫‪ -15‬سوزي عدلي ناشد‪ ،‬االقتصاد السياسي‪ :‬النظريات االقتصادية‪ ،‬منشورات‬


‫الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2008 ،‬‬

‫‪ -16‬سيد شوربجي عبد المولى‪ ،‬الفكر االقتصادي عند ابن خلدون‪:‬األسعار‬


‫والنقود‪ ،‬إدارة الثقافة والنشر بجامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬المملكة‬
‫العربية السعودية‪. 1989 ،‬‬

‫‪ -17‬ضياء مجيد الموسوي‪ ،‬أسس علم االقتصاد‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان‬


‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪. 2014 ،‬‬

‫‪ -18‬ضياء مجيد الموسوي‪ ،‬أسس علم االقتصاد‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ديوان‬


‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪. 2013 ،‬‬

‫‪93‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪ -19‬عبد الرحمن يسري‪ ،‬مقدمة في االقتصاد‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬


‫مصر‪.2008 ،‬‬

‫‪ -20‬عبد الغفور إبراهيم أحمد‪ ،‬مبادئ االقتصاد والمالية العامة‪ ،‬دار زهران‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪. 2012 ،‬‬

‫‪ -21‬عبد هللا ساقور‪ ،‬االقتصاد السياسي‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬عنابة‪،‬‬
‫الجزائر‪.2004 ،‬‬

‫‪ -22‬عزت عبد الحميد البرعي‪ ،‬مصطفى حسني مصطفى‪ ،‬مبادئ االقتصاد‬


‫السياسي‪ ،‬بدون دار النشر‪ ،‬بدون مكان النشر‪. 2006 ،‬‬

‫‪ -23‬عليان عبد هللا الحولي‪ ،‬محاضرات في اقتصاديات التعليم‪ ،‬الجامعة‬


‫اإلسالمية‪ ،‬غزة‪ ،‬فلسطين‪.2016-2015 ،‬‬

‫‪ -24‬علي كنعان‪ ،‬النقود والصيرفة والسياسة النقدية‪ ،‬جامعة دمشق‪. 2011 ،‬‬

‫‪ -25‬فريد النجار‪ ،‬البورصات والهندسة المالية‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة للنشر‪،‬‬


‫اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪. 1999 ،‬‬

‫‪ -26‬كامل عالوي كاظم الفتالوي‪ ،‬حسين لطيف كاظم الوبيدي‪ ،‬مبادئ علم‬
‫االقتصاد‪ ،‬دار صفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪. 2013 ،‬‬

‫‪ -27‬محمد حسين الوادي وآخرون‪ ،‬النقود والمصارف‪ ،‬دار المسيرة للنشر‬


‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ -28 .2010 ،‬محمد دويدار‪ ،‬االقتصاد النقدي‪ ،‬دار‬
‫الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪. 1998 ،‬‬

‫‪94‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪ -29‬محمد طاقة وآخرون‪ ،‬أساسيات علم االقتصاد الجزئي والكلي‪ ،‬إثراء للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2008 ،‬‬

‫‪ -30‬محمود حسين الوادي‪ ،‬حسين محمد سمحان‪ ،‬المصارف اإلسالمية‪ :‬األسس‬


‫النظرية والتطبيقات العملية‪ ،‬دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‪ ،‬الطبعة‬
‫الرابعة‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪. 2012 ،‬‬

‫‪ -31‬مختار عبد الحكيم طلبة‪ ،‬مقدمة في المشكلة االقتصادية‪ ،‬جامعة القاهرة‪،‬‬


‫القاهرة‪ ،‬مصر‪.2007 ،‬‬

‫‪ -32‬مصطفى يوسف كافي‪ ،‬مبادئ العلوم االقتصادية‪ ،‬دار الحامد للنشر‬


‫والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪. 2015 ،‬‬

‫‪ -33‬موسى زواوي‪ ،‬مدخل عام لالقتصاد السياسي‪ ،‬منشورات الدار الجزائرية‪،‬‬


‫الطبعة األولى‪ ،‬الجزائر‪. 2015 ،‬‬

‫‪ -34‬يسري محمد أبو العال‪ ،‬علم االقتصاد‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪. 2007 ،‬‬

‫األطروحات والرسائل الجامعية‪:‬‬

‫‪ -35‬بن زيدان فاطمة الزهراء‪ ،‬دراسة تحليلية لحركة التجارة الخارجية في‬
‫الجزائر من منظور الجغرافيا االقتصادية‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة الشلف‪،‬‬
‫‪.2012-2011‬‬

‫‪95‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪ -36‬بهاء الدين عبد الخالق بكر‪ ،‬سبل تنمية موارد الوقف اإلسالمي في قطاع‬
‫غزة‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‪ ،‬غزة‪. 2009 ،‬‬

‫‪ -37‬كبداني سيدي أحمد‪ ،‬أثر النمو االقتصادي على عدالة توزيع الدخل في‬
‫الجزائر مقارنة بالدول العربية‪ :‬دراسة تحليلية وقياسية‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪،‬‬
‫جامعة تلمسان‪.2013-2012 ،‬‬

‫المقاالت والمجالت العلمية‪:‬‬

‫‪ -38‬إبراهيم بن عبد الرحمان آل عروان‪ ،‬نظرية التوزيع‪ :‬دراسة اقتصادية‬


‫فقهية‪ ،‬مجلة جامعة الملك سعود‪ ،‬المجلد ‪ ،16‬المملكة العربية السعودية‪. 2003 ،‬‬

‫‪ -39‬أحمد إبراهيم مالوي‪ ،‬دور الوقف في التنمية‪ ،‬بحث مقدم إلى المؤتمر الثالث‬
‫لألوقاف بالمملكة العربية السعودية‪ :‬الوقف اإلسالمي "اقتصاد وإدارة وبناء‬
‫حضارة‪ ،‬مقتبس بتاريخ‪ ،2012-03-15 :‬الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪www.iu.edu.sa/.../endowments3/.../fourthaxis/.../...‬‬

‫‪ -40‬أحمد محمد هليل‪ ،‬مجاالت وقفية مقترحة غير تقليدية لتنمية مستدامة ‪ ،‬بحت‬
‫مقدم إلى المؤتمر الثاني لألوقاف‪:‬الصيغ التنموية والرؤى المستقبلية‪،2006 ،‬‬
‫جامعة أم القرى‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬مقتبس بتاريخ‪ ،2012-03-15:‬الموقع‬
‫اإللكتروني‪www.kantakji.com/fiqh/files/wakf/52066.pdf :‬‬

‫‪ -41‬البشير عبد الكريم‪ ،‬دحمان بواعلي سمير‪ ،‬قياس أثر التطور التكنولوجي‬
‫على النمو االقتصادي‪ ،‬منتدى االقتصاديين‪ ،‬تاريخ االقتباس‪ 20 :‬أكتوبر ‪،2014‬‬
‫الموقع االلكتروني‪www.univ-chlef.dz/ar/seminaires.../com_1.pdf :‬‬

‫‪96‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪ -42‬الطاهر قانة‪ ،‬نطاق علم االقتصاد وموضوعه ومجاالت البحث في االقتصاد‬


‫اإلسالمي‪ ،‬مجلة الواحات للبحوث والدراسات‪ ،‬العدد ‪ ،12‬جامعة غرداية‪،‬‬
‫‪.2011‬‬

‫‪ -43‬رجاء خضير عبود موسى الربيعي‪ ،‬التحليل الفكري للدورات االقتصادية‪،‬‬


‫تاريخ االقتباس‪ ،2017-02-25 :‬الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪www.iasj.net/iasj?func=fulltext&ald=64359‬‬

‫‪ -44‬عبلة عبد الحميد بخاري‪ ،‬نظرية اإلنتاج‪ ،‬تاريخ االقتباس‪،2016-12-03 :‬‬


‫الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪www.kau.edu.sa/files/0002132/subjects/me6.pdf‬‬

‫‪ -45‬عماري عمار‪ ،‬إشكالية التنمية المستدامة وأبعادها‪ ،‬بحوث وأوراق عمل‬


‫الملتقى الدولي خالل الفترة‪07‬و‪ 08‬أفريل ‪ ،2008‬منشورات مخبر الشراكة‬
‫واالستثمار في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬الجزء األول‪ ،2008 ،‬سطيف‪،‬‬
‫الجزائر‪.‬‬

‫‪ -46‬عمر محمود العبيدي‪ ،‬مبادئ االقتصاد‪ ،‬تاريخ االقتباس‪،2016-11-28 :‬‬


‫الموقع اإللكتروني‪:‬‬

‫‪qu.edu.ip/ade/wp-content/upload/2016/02/11.pdf‬‬

‫‪ -47‬كمال توفيق محمد الحطاب‪ ،‬نظرات جديدة في المشكلة االقتصادية من‬


‫منظور إسالمي‪ ،‬مؤتة للبحوث والدراسات‪ ،‬المجلد السابع‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬جامعة‬
‫اليرموك‪. 2002 ،‬‬

‫‪97‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪ -48‬كمال رزيق ومباركة نعامة‪ ،‬نبدة عن تاريخ األوقاف في الجزائر ودورها‬


‫التنموي‪ ،‬بحث مقدم للمؤتمر العلمي الثاني حول التمويل غير الربحي(الزكاة‬
‫والوقف) في تحقيق التنمية المستدامة‪ ،‬يومي ‪ 20‬و‪ 21‬ماي ‪ ،2013‬جامعة سعد‬
‫دحلب‪ ،‬البليدة‪.‬‬

‫‪ -49‬محمد سعدو لجرف‪ ،‬محاضرات في مبادئ االقتصاد الجزئي‪ ،‬تاريخ‬


‫االقتباس‪ ،2017-01-20 :‬الموقع اإللكتروني‪qu.edu.ip/ade/wp- :‬‬
‫‪content/uploads/2013/02/pdf‬‬

‫المحاضرات‪:‬‬

‫‪ -50‬خالد رويبح‪ ،‬مدخل إلى علم االقتصاد‪ ،‬محاضرات مقدمة لطلبة السنة‬
‫األولى‪ ،‬كلية الشريعة واالقتصاد‪ ،‬جامعة األمير عبد القادر للعلوم اإلنسانية‪،‬‬
‫قسنطينة‪.2015-2014 ،‬‬

‫‪ -51‬رفيقة صباغ‪ ،‬محاضرات في مقياس مدخل لالقتصاد‪ ،‬موجهة لطلبة السنة‬


‫األولى جذع مشترك علوم اقتصادية‪ ،‬المركز الجامعي بلحاج بوشعيب عين‬
‫تموشنت‪.2015-2014 ،‬‬

‫‪ -52‬سنوسي علي‪ ،‬محاضرات في النقود والسياسة النقدية‪ ،‬كلية العلوم‬


‫االقتصادية‪ ،‬جامعة المسيلة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2015-2014‬‬

‫‪98‬‬
‫د‪.‬كوديد سفيان‬ ‫مدخل لعلم االقتصاد‬

‫‪ -53‬طويطي مصطفى‪ ،‬محاضرات في االقتصاد الجزئي‪ ،‬كلية العلوم‬


‫االقتصادية‪ ،‬جامعة البويرة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2014-2013‬‬

‫‪ -54‬عمار طهرات‪ ،‬محاضرات مقياس مدخل إلى علم االقتصاد‪ ،‬مقدمة لطلبة‬
‫السنة األولى جذع مشترك علوم اقتصادية‪.‬‬

‫‪ -55‬فرحي كريمة‪ ،‬فراح رشيد‪ ،‬محاضرات في مدخل لالقتصاد‪ ،‬مطبوعة مقدمة‬


‫لطلبة السنة األولى جذع مشترك علوم اقتصادية‪ ،‬جامعة البويرة‪.2014-2013 ،‬‬

‫‪ -56‬قريش بن عالل وأخرون‪ ،‬محاضرات مدخل لعلم االقتصاد‪ ،‬مقدمة لطلبة‬


‫السنة األولى جذع مشترك علوم اقتصادية‪ ،‬كلية االقتصاد بجامعة تلمسان‪ ،‬بدون‬
‫تاريخ‪.‬‬

‫‪ -57‬محمد صالح‪ ،‬االقتصاد الكلي‪ :‬محاضرات وتمارين محلولة‪ ،‬مطبوعة‬


‫مقدمة لطلبة الليسانس في العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة‬
‫المسيلة‪.2016-2015 ،‬‬

‫‪ -58‬نجالء عبد الحميد راتب‪ ،‬االقتصاد والمجتمع‪ ،‬محاضرات مقدمة لطلبة علم‬
‫االجتماع بكلية اآلداب‪ ،‬جامعة بنها‪ ،‬مصر‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬

‫‪99‬‬

You might also like