Professional Documents
Culture Documents
الموثق
الموثق
صادقي أمبارك
ص - 917ص 936 د .بوقرين عبد الحليم
تاريخ النشر2020/01/08 : تاريخ القبول 2019/12/25 : تاريخ االرسال2019/09/25 :
ملخص :
في اآلونة األخير إزدهرت الجراحة التجميلية بشكل متزايد وأدى إقبال الناس عليها
إلى رواجها وخاصة بعض الفئات ،مثل الفنانين وأصحاب املهن الخاصة التي تتطلب مظهرا
معينا .
وأمام هذا اإلقبال عليها باتت تطرح عدة تساؤالت :فهل هي نوع من الجراحة
العامة وتنطبق عليها قواعد املسؤولية الطبية نفسها ؟ أم أن لها قواعد ومسؤولية
خاصة بها؟
إن تسليط الضوء على هذا النوع من الجراحة هو إفتقارها إلى مبرر التدخل
الجراحي وهذا األخير يفتقر إلى الهدف منه وهي "بقصد العالج" مما يجعلنا نسلط الضوء
على مسؤولية جراح التجميل القانونية ،املدنية منها والجزائية ،وخصوصا عندما يرتكب
خطئـا طبيا ،وسنتطرق إلى النتائج املترتبة عن قيام كل نوع منهما.
مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية -املجلد - 04العدد - 02السنة 917 2019
مسؤولية جراح التجميل املدنية والجزائية د .صادقي أمبارك
ص - 917ص 936 د .بوقرين عبد الحليم
Abstract:
Recently, cosmetic surgery has blossomed more and more and the people's
interest in it has led to its reverence, especially some categories like artists and
;private professions requiring some appearance
Faced with this interest, several questions have been raised like: what to
?which a kind of general surgery is which the rules of medical responsibility apply
?Or do they have their own rules and responsibilities
The focus of this type of surgery is that it lacks the justification for the surgical
procedure because it lacks the "treatment" goal, which makes us highlight
(highlight) the responsibility of the plastic surgeon and criminal, especially when
he commits a medical error and we will address the consequences of each type of
surgery.
Keywords: Civil responsibility; medical error; criminal responsibility; medical
negligence; Medical team.
مقدمة:
يلعب الطب في حياة اإلنسان دورا مهما ألنه يتعلق بصحته ،فجسمه يتعرض
مرات إلى عالت تتطلب العالج وأن صدور أخطاء عن األطباء أمر وارد وتترتب عليه أضرارا
تترتب عليها قيام املسؤولية املدنية املوجبة للتعويض ،بل أن األمر قد يصل إلى حد
التسبب في الوفاة فيسأل جراح التجميل جنائيا؛
ونظرا لخطورة الجراحة الطبية بصفة عامة وأمام إنتشار جراحة التجميل وإقبال
الناس عليها في كل بقاع العالم والحوادث التي أضحت تتسبب فيها منذ ظهورها إلى
يومنا،أدت في كثير من األحيان إلى التسبب في أضرار خطيرة وقد أدت في كثير من األحيان
إلى التسبب في الوفيات،
لهذا بات لزاما على التشريعات التصدي للظاهرة وحماية األفراد من األضرار
الناجمة عن مثل هذه العمليات والتوفيق بين سالمة األفراد وكذا عدم الحيلولة دون
تطور مهنة الطب بصفة عامة والجراحة بصفة خاصة من أجل إسعاد البشرية جمعاء.
مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية -املجلد - 04العدد - 02السنة 918 2019
مسؤولية جراح التجميل املدنية والجزائية د .صادقي أمبارك
ص - 917ص 936 د .بوقرين عبد الحليم
سنحاول ( -و أمام غموض موقف املشرع الجزائري رغم صدور قانون الصحة
الجديد رقم 11-18املؤرخ في 02:يوليو 2019مؤخرا،وكذا غموض موقف القضاء
الجزائريين ) ،أن نتناول كيف ساهمت التشريعات املقارنة (الفرنسية واملصرية خصوصا)
في الحد من تقليص ظاهرة األخطاء الطبية الجراحية التجميلية الناجمة منذ ظهور جراحة
الجميل؟ وكيف أثر وتأثر بها القضاء املقارن؟
إن الهدف من دراستنا هذه هو أن نعرف مدى فعالية ومساهمة التشريعات
والقضاء املقارنين في القضاء على األخطاء الطبية أو الحد منها على األقل ،منذ ظهور
عملية التجميل مطلع القرن املاض ي ،من خالل تناول شروط قيام املسؤولية املدنية
وإشكالية تكييفها وكذا ندرس إمكانية وشروط وصور املسؤولية الجزائية وسنتناول
الحدود الفاصلة بين املسؤولية الشخصية (الفردية) لجراح التجميل وكذلك مدى
مسؤولية الطاقم الذي يرافقه مثل املمرضين وكذا طبيب التخدير(املسؤولية الجماعية).
من أجل معالجة موضوعنا هذا إخترنا املنهج الوصفي من جهة واملنهج التحليلي
من جهة أخرى واختيارنا لهذا األخير تحديدا القصد منه تحليل مواقف القضاء املقارن
الذي تطرق إلى معالجة ظاهرة األخطاء الطبية الجراحية التجميلية من خالل أحكامه منذ
بداية ظهور الجراحة التجميلية واستنتاج مواقفه منها وأيضا تحليلي املواد القانونية من
جهة أخرى ،وهذا كله من أجل تسليط الضوء على مدى فعالية القوانين الحالية في
ضمان سالمة جسم اإلنسان وحفاظا على حياته ملا في الجراحة من أخطار قد تنتهي
باملوت.
مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية -املجلد - 04العدد - 02السنة 919 2019
مسؤولية جراح التجميل املدنية والجزائية د .صادقي أمبارك
ص - 917ص 936 د .بوقرين عبد الحليم
مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية -املجلد - 04العدد - 02السنة 920 2019
مسؤولية جراح التجميل املدنية والجزائية د .صادقي أمبارك
ص - 917ص 936 د .بوقرين عبد الحليم
النظر عن نوع املسؤولية وهذا ما تهدف إليه مختلف التشريعات عموما على أساس قاعدة
قانونية عريقة وهي أنه ال يوجد ضرر بدون تعويض.
ومثال عن املسؤولية التقصيرية للطبيب بصفة عامة ما يكون في حالة إغماء
أحدهم في الشارع أو يتعرض لحادث فيقوم الطبيب هنا بالتدخل سواء بدعوة من طرف
الجمهور أو بدعوة من طرف أي فرد أو حتى من تلقاء نفسه ،2وقد يتطلب األمر هنا إصالح
تشوهات عن طريق تدخل جراحي عاجل ،دون وجود عقد يربط الطرفين ،فإذا ارتكب
الطبيب خطأ تقوم املسؤولية التقصيرية،ألن ظروف اإلستعجال وأحيانا حالة املريض مثل
املغمى عليه قد حالت دون إمكانية إنعقاد عقد باملعنى الكامل للعقد.
كما أنه يمكن أن نعدد حاالت قيام املسؤولية التقصيرية دون العقدية ومثاله
الطبيب الذي يعمل في مستشفى عمومي أو الطبيب الذي يقدم فيه عالجا مجانا.3
وعلى سبيل املثال في الجزائر ما أخذ به القضاء الجزائري في قرار املحكمة العليا (الغرفة
اإلدارية) والذي جاء في حيثياته «إن مسؤولية املستشفى املدنية ثابتة ،و ال مجال لقبول
الدفع املقدم من الطاعن من أن املريض هو املتسبب في ذلك مادام فاقدا لقواه
العقلية،إذ املطلوب عن عمال املستشفى تفقده باستمرار نظرا لحالته الصحية
املتميزة،حيث أن املسؤولية املترتبة على املستشفى هي تعويض ذوي الضحية طبقا للمادة
124من القانون املدني » 4وبمفهوم املخالفة فإن هذا املوقف يرجح أن القضاء الجزائري
قد إتجه إلى إقرار أن املسؤولية الطبية هي مسؤولية عقدية في األساس وأنها (املسؤولية
الطبية)كاستثناء هي مسؤولية تقصيرية.5
وفي هذا الصياغ أيضا ما يحدث من كوارث طبيعية مثال الزالزل ملا لها من عنصر
املفاجأة والعمومية ألنها تعم منطقة أو بلد بكاملها أو مثل ثورة البراكين مثلها مثل نشوب
الحرائق والفيضانات فهي أحيانا ال تكون متوقعة وقد تكون كذلك ويصعب دفعها مما
يجعل التدخل الجماعي وارد بل وضروري ،فعند حدوث ضرر للمريض من الطبيب املعالج
بسبب خطأ هذا األخير تقوم املسؤولية التقصيرية ويسأل الطبيب املخطأ تقصيريا كما
سبق شرحه ،عن الضرر الذي تسبب فيه بخطئه ،ففي كل هذه الحاالت املذكورة
والحاالت املماثلة ال يتوقع انعقاد عقد بين الطبيب (أو الطبيب الجراح) وبين الشخص
متلقي العالج أي عقد ،ألن ظروف الحال ال تسمح بانعقاده ،للسرعة والخطورة ،وأحيانا
مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية -املجلد - 04العدد - 02السنة 921 2019
مسؤولية جراح التجميل املدنية والجزائية د .صادقي أمبارك
ص - 917ص 936 د .بوقرين عبد الحليم
غياب وعي املريض ،هذا من جهة وكذا واجب التدخل من الطبيب الذي تفرضه عليه
أخالقات املهنة و أصولها والقانون من جهة أخرى .
فرع ثاني :مسؤولية جراح التجميل العقدية
رغم التسليم بتقصيرية املسؤولية املدنية لألطباء والجراحين – إن صح التعبير-
إال أن هذا لم يمنع من أن يتجه الفقه حديثا والفقه الفرنس ي على وجه الخصوص إلى
اعتبار أن مسؤولية جراح التجميل هي مسؤولية عقدية وه ــذا منذ ص ــدور حكم عن
محكــمة النقض الفرنسي ـة الشهير في 20مارس 1936والذي ج ــاء في منطوقه ما يلي« :
يقوم بين الطبيب واملريض عقد حقيقي يتضمن أن على الطبيب اإللتزام إعطائه عالجا
أمينا يقظا ومتفقا مع األصول العلمية وأن اإلخالل به ولو بغير قصد جزاؤه مسؤولية ذات
طبيعة عقدية».6
وتابعت ذات املحكمة في ذات القرار بقولها « وأن اإلخالل حتى غير املقصود بهذا
اإللتزام التعاقدي يترتب عليه مسؤولية من نفس النوع تعاقدية أيضا».7
ومن أجل قيام املسؤولية العقدية بشكل عام يفترض وجود عقد طبي صحيح مكتمل
األركان بصورة متبادلة ،فمتى يكون جراح التجميل مسؤوال مسؤولية عقدية ؟
في هذا اإلتجاه قضت محكمة النقض املصرية في حكم لها صادر في 26يونيو
1969وقررت بأن «مسؤولية الطبيب الذي إختاره املريض أو نائبه لعالجه هي مسؤولية
عقدية وذلك بمقتض ى الذي ينعقد بين الطبيب ومريضه»8
من املستقر عليه قانونا وقضاء أن ما يربط جراح التجميل بمريضه أو طالب
الجراحة هو عقد طبي تنجم عنه املسؤولية الطبية العقدية بغض النظر عن نوع
العقد،صريحا كان أو ضمنيا،مكتوبا أو شفويا،وكذا ال يهم إن كان بمقابل أتعاب أم على
سبيل املجاملة.
ومن الصور املشهورة على انعقاد العقد بين الجراح (أو غيره من األطباء)
واملريض ،ذلك املثال التقليدي والذي مفاده أن يعلق الطبيب الفتة مكتوب عليها بياناته
املتعلقة بإسمه ونوع الخدمة أو الخدمات التي يقدمها ،فهنا نكون إمام إيجاب وبمجرد
دخول املريض بالتوجه إليه ينعقد عقدا طبيا حقيقيا،إذا توافرت فيه كل متطلبات العقد
(أركانه) من رضا ومحل وسبب.9
مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية -املجلد - 04العدد - 02السنة 922 2019
مسؤولية جراح التجميل املدنية والجزائية د .صادقي أمبارك
ص - 917ص 936 د .بوقرين عبد الحليم
مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية -املجلد - 04العدد - 02السنة 923 2019
مسؤولية جراح التجميل املدنية والجزائية د .صادقي أمبارك
ص - 917ص 936 د .بوقرين عبد الحليم
التشوهات قد تأثر على نفسية اإلنسان أو حياته االجتماعية ،إضافة إلى ما تتطلبه بعض
املهن من ضرورة إحداث تحسينات على الجسم أو الوجه أو غيرها كما في الجراحة
الترفيهية.
لقد اختلف الفقهاء بين مؤيد لهذا النوع من الجراحة في إجازتها وبين معارض
ومعتدل يطول الخوض فيها وهو ليس ذا محل دراستنا هذه ،وما يهمنا هنا هو "الخطأ
الطبي" ،فما هو تعريف الخطأ الطبي ؟
يرى بعض الشراح إن الخطأ الطبي هو « هو عدم قيام الطبيب بالتزاماته الخاصة
التي تفرضها عليه مهنته» ومنهم من يرى أنه «إخالل الطبيب بالتزاماته الخاصة والعامة»12؛
ومنهم من أضاف بأنه « إخالل بالتزام سابق نشأ عن العقد أو عن القانون أو قواعد األخالق
ذلك العتبا ه ركنا من أركان املسؤولية املدنية»13
ر
وفي الحقيقة ومهما يكن فإن الخطأ الطبي يستمد تعريفه من الخطأ املنهي بصفة
عامة وهذا األخير يعرفه الفقهاء على أنه «الخطأ الذي يتصل ويتعلق باألصول املهنية»،14
وال شك أن معيار الخطأ هو معيار الرجل الحريص وهو ما قضت به محكمة
النقض الفرنسية في قرارها املعروف في 20ماي 1936املشار إليه سابقا.
كما أنه من الناحية الفقهية يذهب أغلب الفقهاء على تعريف الخطأ الطبي على
أنه« :إخالل من الطبيب بواجبه في بذل العناية الوجدانية اليقظة املوافقة للحقائق
العلمية املستقرة».15
وفي الجزائر فقد نصت املادة 45من قانون أخالقيات املهنة على« يلتزم الطبيب أو
جراح األسنان بمجرد موافقته على أي معالجة بضمان تقديم عالج ملرضاه يتسم
باإلخالص والتفاني واملطابقة ملعطيات العلم الحديثة واإلستعانة عند الضرورة بالزمالء
املختصين واملؤهلين» .16
فرع ثاني :الضرر الطبي
يعتبر الضرر الطبي الركن الثاني الذي يسأل عليه جراح التجميل بمناسبة إرتكابه
للخطأ على املريض وهو ما يصيب املريض في حق من حقوقه أو في مصلحة مشروعة له؛
فما هو تعريف الضرر إذن؟
يعرف الضرر الطبي فقها بأنه « األذى الذي يصيب الشخص من جراء املساس
بحق من حقوقه ،أو مصلحة مشروعة له،سواء تعلق ذلك الحق أو تلك املصلحة بسالمة
مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية -املجلد - 04العدد - 02السنة 924 2019
مسؤولية جراح التجميل املدنية والجزائية د .صادقي أمبارك
ص - 917ص 936 د .بوقرين عبد الحليم
جسمه أو عاطفته أو بماله أو حريته أو شرفه أو غير ذلك أو هو األذى الذي يصيب
الشخص من جراء املساس بحق من حقوقه أو مصلحة مشروعة».17
والضرر إما أن يكون ماديا والذي يمس بسالمة املريض الجسدية أو حياته ،
ويتخذ أيضا أشكاال كثيرة مثل التأثير على نجاعة الشخص في العمل أو العجز ،مما يؤدي
إلى ضعفه أو عجزه تماما عن العمل؛
وقد يتخذ الضرر بعدا آخرا يتمثل في نفقات العالج التي ينفقها املريض أو عائلته
بسبب الضرر الناجم عن خطأ الجراح.
إن الضرر القابل للتعويض هو الضرر املحقق وليس اإلحتمالي ،وقد ال يمس
جسم املريض ولكن قد يمس جوانبا من حياته النفسية واالجتماعية والعاطفية ،وقد
يكون الخطأ ماديا وينتج عنه ضررا ماديا فالتشوهات التي يتسبب فيها جراح التجميل
بخطئه قد تسبب آالما نفسية.
غير أنه وفي كل األحوال فإنه ال يمكن إستبعاد أن يكون الضرران مترافقان معا،
املادي واملعنوي وما يتبادر إلى الذهن هنا ،هل نتصور وجود ضرر تفويت الفرصة وتطبيقها
على الضرر الطبي ؟
جوابا ،لقد طبقت محكمة التمييز الفرنسية هذه املبادئ وذلك بإقرارها بمسؤولية
األطباء الجراحين وهو أيضا ما أقرته محكمة التمييز الفرنسية بغرفتها الجزائية والتي
اعتبرت أن تفويت فرصة الشفاء أو الحياة كسبب للدعوة املدنية.
لقد طبقت محكمة التمييز الفرنسية مبدأ ،وهو أنه يكفي من أجل أن يحكم على
الطبيب بالتعويض لصالح املريض إذا أثبت هذا األخير أنه قد ضيع عليه فرصة تفويت
فرصة الشفاء ،واعتبرت املحكمة أن األطباء تسببوا في مخاطر غير مبررة.18
لكن وإن بدى ركن الضرر في املجال الطبي بسيطا إال أن له شروط يجب توافرها،
ونقصد هنا على األقل أن يكون الضرر الحاصل مرتبط بالعمل الطبي حتى يسأل الطبيب
عنه ،وفي هذا الخصوص ما ذهب إليه مفوض الدولة ) )DAELفسيملس الدولة الفرنس ي
بمناسبة صدور الحكم عن مجلس الدولة الفرنس ي بتاريخ 1995/05/26بقوله «إذا كانت
عملية نقل الدم في حد ذاتها هي التي أدت إلى التلوث بفيروس اإليدز كان املستشفى
مسؤوال،أما إذا كان السبب يعود إلى تلوث الدم بفيروس املرض،إنتفت مسؤولية
املستشفى،وانعقدت مسؤولية بنك الدم». 19
مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية -املجلد - 04العدد - 02السنة 925 2019
مسؤولية جراح التجميل املدنية والجزائية د .صادقي أمبارك
ص - 917ص 936 د .بوقرين عبد الحليم
مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية -املجلد - 04العدد - 02السنة 926 2019
مسؤولية جراح التجميل املدنية والجزائية د .صادقي أمبارك
ص - 917ص 936 د .بوقرين عبد الحليم
وفعال فقد أخذ القضاء الفرنس ي في البداية (والقضاء املصري فيما بعد) بهذه
النظرية رغم ما تعرضت له من نقد الحقا ،و مثاله ما قضت به محكمة باريس بأنه « ال
يشترط لتوفر العالقة السببية من خطأ الطبيب والضرر املتحقق أن يكون الطبيب هو
السبب الوحيد في إحداث الضرر الذي وقع ،بل يكفي أن يكون الخطأ من بين األسباب
التي تفاعلت في إحداثه لو كان بذاته غير كاف لذلك».21
ومهما يكن فإن العالقة السببية يجب أن تكون قائمة بين الخطأ والضرر وهذا ما
قضت به محمكة النقض الفرنسية في قرارها 22بأنه « سواء كانت مسؤولية الطبيب عقدية
أو تقصيرية فإن الطبيب ال يعتبر مسؤوال إال إذا توافرت عالقة السببية بين خطئه والضرر
وأن استعمال الطبيب الخاطئ لحقن املريض بأمبول thiod acainوأمبول vitamine B
مما نجم عنه وفاته فإن هذا الحقن الخاطئ الذي كان سببا في املوت يعقد املسؤولية على
الطبيب».23
كما أن العالقة السببية تنعدم إذا ما كان الضرر قد تسبب فيه املريض نفسه ،
و مثاله أن يمتنع املريض عن استعمال الدواء الذي أعطاه الطبيب له أو عدم استعماله
بالكيفية التي أمر بها الطبيب ،بل إن اإلدالء بمعلومات وبيانات كاذبة قد تؤدي إلى تغليط
الجراح الذي تترتب عليه مسؤولية املريض ال الجراح.
و في األخير نذكر أن إثبات العالقة السببية أمره مردود لقضاة الحكم ألنه مسألة
تكييف وقائع وال يحق لقضاة القانون النظر فيه ،وهذا ما قضت محكمة النقض املصرية
بأن « تقرير رابطة السببية بين الخطأ والسبب مسألة موضوعية ال يخضع فيها قاض ي
املوضوع لرقابة محكمة النقض»24
مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية -املجلد - 04العدد - 02السنة 927 2019
مسؤولية جراح التجميل املدنية والجزائية د .صادقي أمبارك
ص - 917ص 936 د .بوقرين عبد الحليم
هذه الشروط يجعل من ممارسة الطبيب الجراح لها عمال غير مشروع ويعاقب عليه حتى
جزائيا ،وبما أنه ال يوجد نص خاص بتجريم جراح التجميل عند ارتكابه جرما فإن املسألة
تخضع للقواعد العامة للمسؤولية الجنائية ،25لهذا نتعرض لحاالت(صور) الخطأ الجزائي
غير املقصود(مطلب أول) ثم إلى املسؤولين عن الخطأ الجزائي غير املقصود إن تعددوا
(مطلب ثاني).
مطلب أول :الخطأ الجزائي غير املقصود
سمي الخطأ الجزائي غير املقصود عندما يكون الفاعل فيه غير متعمد ملا تسبب
فيه تمييزا له عن الخطأ املقصود الذي يرتكبه الشخص وهو مدرك له وقاصد له فما هي
صور الخطأ الجزائي غير املقصود؟
فرع أول :الرعونة واإلهمال الطبي
ال شك أنه في الجراحة التجميلية تقع كثيرا األخطاء املهنية الطبية ترد كثيرة كون
الجراح يتوجب عليه أحيانا القيام بأفعال إيجابية وأحيانا أخرى يتطلب األمر منه اإلمتناع
عن عمل يتوجب عليه تركه.
تتمثل خطورة العملية الجراحية أكثر فيما بعد العملية لهذا يتطلب من الجراح
اإلشراف على لحظة االستيقاظ بمعية طبيب التخدير أو تكليف هذا األخير باإلشراف على
املريض لحظة اإلستيقاظ واستعادة أعضائه الحيوية لكامل نشاطاتها الحيوية وخاصة في
حالة التخدير الشامل وفي هذا الخصوص قضية "بالفريقرينا" التي قضت محكمة باريس
بإدانة الطبيب األخصائي في األنف والحنجرة وهذا عن جريمة ارتكبها في إهماله ملريضه بعد
إجراء العملية الستئصال اللوزتين التي نتج عنها نزيف أدى إلى موته.26
لقد حذت املحاكم اللبنانية نفس الحذو في أن مسؤولية الطبيب الجراح ال تقوم حتما
إذا أجرى الجراح العملية دون أي خطأ في استعمال األدوات وأنه راعى القواعد الطبية
املعتادة،ولكن الجريمة ستقوم فعال إذا ثبت نسيانه مادة أو أي أداة جراحية في أحد
جروح العملية.
وفي الجزائر فإنه بخصوص اإلهمال باعتباره عمل سلبي فإنه يؤدي إلى قيام
املسؤولية في قضية تتلخص وقائعها في أن طبيبا مناوبا في املستشفى بمسعد بينما كان هو
متواجد ويعمل بعيادته بالجلفة وبعد إحضار مريض مصاب في حادث مرور باملستشفى
املذكور توفي بسبب تأخر الطبيب في الحضور في الوقت املناسب مما ترتب عليه قيام
مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية -املجلد - 04العدد - 02السنة 928 2019
مسؤولية جراح التجميل املدنية والجزائية د .صادقي أمبارك
ص - 917ص 936 د .بوقرين عبد الحليم
املسؤولية الجزائية الذي قضت املحكمة العليا 27وهو نفس الش يء الذي قضت به ذات
املحكمة في قضية طبيبة إمتنعت عن إجراء عملية كانت ضرورية ملريض كان بحاجة الى
إجرائها فورا أدت إلى وفاته وقد تم فيه برفض الطاعنة وبالنتيجة إدانتها .28
فرع ثاني :عدم مراعاة األنظمة وقلة اإلحتراز(عدم االحتياط)
قله االحتراز في العادة هي عمل سلبي يرتكبه الطبيب جراح التجميل رغم علمه
بالعواقب الوخيمة التي تترتب في حال عدم إقدامه على القيام بواجبه األخالقي ،واألمثلة
فيها مشهورة في هذا املجال مثل إجراء عملية جراحية دون تعقيم أدوات الجراحة.
إن االجتهادات القضائية كثيرة بهذا الخصوص سواء القضاء األجنبي أو العربي؛
فعلى صعيد القضاء األجنبي ما قضت به محكمة التمييز الفرنسية بإدانة طبيب األسنان
في جريمة التسبب في الوفاة وذلك بحقن الطبيب بمادة البنسلين دون التحقق من مدى
حساسية املريض للبنسلين الش يء الذي أدى إلى وفاة الضحية.
وليس ببعيد من هذا ما قضت به محكمة "بوردو" الفرنسية حينما قضت
بالحبس على طبيب بإدانته واعتباره مسؤوال جزائيا لعدم احترازه بحق طفل عمره 18شهر
واستعمال األشعة مما أدى إلى حروق على مستوى جلده ،ألن األطفال ال يتحملون هكذا
نوع من األشعة.29
وفي القضاء العربي ما قضت به محكمة صيدا بلبنان قضت في منطوقها والتي
قضت بما يلي" :حيث أن املدعي عليها املمرضة فريال كنعان وجوهر عملها أن تعتني
باملريض طيلة الفترة التي تمتد ما بين معاينة وأخرى من قبل الطبيب املعالج فكان لزاما
عليها على األقل إذا الحظت تفاقم حالة الطفل وتقوم بما يمليه عليها واجبها املنهي وخاصة
أنها ليست ممرضة عادية ،إنها مسؤولة ومشرفة على القسم الذي كان فيه الطفل
الضحية ،إال أنها لم تفعل فتكون قد أبدت إهماال وقلة احتراز معاقبا عليها.30
إن اإلهمال الطبي ليس العمل السلبي الوحيد الذي يعاقب عليه املمرض فعدم
مراعاة األنظمة أيضا يعتبر جرم يعاقب عليه الطبيب واملقصود باألنظمة هي كل القوانين
واللوائح واملناشير الصادرة عن الجهات الوصية ذات الصلة ومثاله ما تشير إليه املادة 14
من مدونة أخالق املهنة بالجزائر التي نصت على «يجب أن تتوفر للطبيب او جراح األسنان
في املكان الذي يمارس فيه مهنته ،تجهيزات مالئمة ووسائل تقنية كافية ألداء هذه املهمة،و
مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية -املجلد - 04العدد - 02السنة 929 2019
مسؤولية جراح التجميل املدنية والجزائية د .صادقي أمبارك
ص - 917ص 936 د .بوقرين عبد الحليم
ال ينبغي للطبيب أو جراح األسنان،بأي حال من األحوال ،أن يمارس مهنته في ظروف من
شأنها أن تضر بنوعية العالج أو األعمال الطبية».31
وإذا رجعنا لقانون العقوبات الجزائري فإنه وباستقراء املواد 288و 289من
قانون العقوبات فإننا نالحظ تجريم الخطأ الجزائي غير املقصود وإن كان على إطالقه وال
تنطبق على األطباء بصفة خاصة ،حيث نصت املادة 288على « كل من قتل خطأ أو
تسبب في ذلك برعونته أو عدم إنتباهه أو إهماله أو عدم مراعاته األنظمة ،يعاقب بالحبس
من سنة إلى ستة أشهر إلى ثالث سنوات »...واملادة 289من نفس القانون على أنه « إذا نتج
عن الرعونة أم عن عدم اإلحتياط إصابة أو جرح أو مرض أدى إلى العجز الكلي عن العمل
ملدة تتجاوز ثالثة أشهر فيعاقب الجاني».32
مطلب ثاني :املسؤولون عن الخطأ الجزائي غير املقصود
سبق وأن تعرضنا للمسؤولية املدنية لجراح التجميل على أساس املسؤولية
الفردية لكن الواقع العملي فإنه غالبا ما يتعامل مع فريق مساعد بل يتوجب عليه على
األقل أن يتعامل – إجباريا -مع طبيب التخدير،كون العمليات الجراحية تستلزم أعماال
تحضيرية الذي يفرض عليه الدخول في عالقات مع غيره ممن لهم عالقة باالختصاص
فتكون العالقة مع الفريق املساعد من جهة وطبيب التخدير من جهة أخرى مما يعقد
األمور حول على من تقع املسؤولية في حال ارتكب أحدهم خطأ ما ،لذا نتساءل على مدى
مسؤولية الجراح في الفريق الطبي (فرع أول) ثم مسؤولية طبيب التخدير من جهة أخرى
(فرع ثاني).
فرع أول :مسؤولية جراح التجميل عن أفعال معاونيه
تتميز الجريمة بميزيتين وهما:الشرعية والشخصية ،فال جريمة إال بنص،
والشخصية وهي أن كل شخص مسؤول عن فعله املجرم ،لكن في العمليات الجراحية
التجميلية فإن العمل الطبي يتداخل لوجود فريق طبي متكامل ويتلقى األوامر مباشرة من
جراح التجميل باعتباره رئيس الفريق الطبي ،فهو الذي يقسم املهام ويصدر األوامر
وبالنتيجة يتحمل ذلك،وهنا يثور التساؤل:متى يكون أحد أعضاء الفريق أو جميعهم
مسؤوال على األخطاء تأتي يرتكبونها؟
ال شك أن مبدأ شخصية العقوبة وكذا املساهمة في الجريمة يتداخلون في هكذا
حاالت ،والحقيقة أن جراح التجميل غير مسؤول عن فريقه قبل العملية وبعد العملية
مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية -املجلد - 04العدد - 02السنة 930 2019
مسؤولية جراح التجميل املدنية والجزائية د .صادقي أمبارك
ص - 917ص 936 د .بوقرين عبد الحليم
وإنما تتحدد مسؤوليته أثناء إجراء العملية الجراحية ومن أهم مساعدي جراح التجميل
هم املمرضون ،وفي هذا السياق ما قضت به محكمة التمييز الفرنسية والتي اعتبرت أن
الجراح مسؤوال جزائيا عن التسبب في وفاة طفلة في الشهر الثامن عشر من عمرها كان قد
قرر أن يخيط لها جرحا في إبهامها وكان قد طلب من طبيب التخدير تخديرها إال أنه
عندما دخل إلى الغرفة وجد عندها املمرضة قد خدرتها وقد قام بالعملية خالل دقائق
فقط وعندما التفت إلى املمرضة وجدها قد غادرت الغرفة،إال أن الطفلة قد توفيت
نتيجة التخدير الذي تجاوز الجرعة املطلوبة ،مما جعل املحكمة املذكورة تقر بمسؤولية
الطبيب لعدة أخطاء منها عدم أخذ االحتياطات الواجبة من التأكد من أخذ موافقة
طبيب التخدير وكذا أهلية املمرضة في إعطاء البنج وعدم وجود املمرضة.33
وفي قرار مماثل صادر عن محكمة التمييز الفرنسية 34اعتبرت فيه املحكمة أن
الطبيب إرتكب جرما وهو مسؤول عن حادثة مفادها أن إمرأة كانت مخدرة على طاولة
التوليد وأن املمرضة استعملت مادة األثير ( )etherبدال من ماء معقم لتبريد اآلالت
املعقمة وإذا باألدوات تلتهب فأربك األمر املمرضة فوقعت من يدها القنينة فخاف مساعدو
الطبيب فهربوا تاركين السيدة لوحدها التي توفيت بسبب ترك الطبيب ملساعديه ودون
مراقبتهم واعتبر هذا خطئا جنائيا يستوجب املسائلة واإلدانة.
فرع ثاني :مسؤولية جراح التجميل عن طبيب التخدير
تحتل مكانة طبيب التخدير مكانة كبيرة في الجراحة بصفة عامة فهو يتدخل قبل
العملية وأثنائها وبعدها وهو الذي يقرر نوع املخدر ونوعية التخدير من تخدير موضعي أو
تخدير شامل ويتابع العملية والتدخل لدى أي مضاعفات واألهم أنه يحضر لحظة
إستيقاظ املريض من العملية واستعادة أعضائه كامل نشاطاتها الحيوية.
إن جراح التجميل وطبيب التخدير تجمعهما مسؤولية تضامنية وجراح التجميل
قد يسال عن أفعال طبيب التخدير كما هو الحال عن املمرضين في إطار املسؤولية عن
قتل الغير ؛
وفي قرار شهير في القضاء الفرنس ي باعتباره أول مرة يعرض عليه هذا النوع من
القضايا وهذا سنة 1853الذي تتلخص حيثياته فيما يلي:
حيث إن كان الطبيب املتهم في القضية قد خدر مريضا من أجل إجراء عملية
جراحية إلزالة زائدة loupeفي وجنته فمات ،فلما رفعت دعوى قضائية أمام محكمة
مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية -املجلد - 04العدد - 02السنة 931 2019
مسؤولية جراح التجميل املدنية والجزائية د .صادقي أمبارك
ص - 917ص 936 د .بوقرين عبد الحليم
جنح السين للتسبب في خطر أدى إلى الوفاة كون أن الخطأ ال يتناسب مع اإلصابة
البسيطة التي أجريت العملية للمريض بسببها غير أن املحكمة حكمت بإدانة الطبيب
الجراح الش يء الذي أدى إلى إثارة حفيظة األطباء آنذاك واستأنف الطبيب الحكم
واستدعي في مرحلة االستئناف الدكتور velpauملناقشة الحكم املستأنف فصرح لهيئة
محكمة االستئناف قائال« إنكم تحملون بين أيديكم مستقبل الجراحة،فإذا حكمتم على
الطبيب الذي استخدم الكلوروفورم فإن أحد لن يجرؤ بعد اآلن على استعماله ،واألمر
متروك لكم أن تعملوا على إزالة آالم اإلنسانية أو تعملوا على إعادتها» ،فقضت املحكمة
ببراءة الطبيب35.
وبخصوص مسؤولية طبيب التخدير أيضا ما قضت به محكمة التمييز الفرنسية التي
تتلخص وقائعها فيما يلي:
"أن مريضا أجرى عملية جراحية مدتها ساعة واحدة وبعد صحوة املريض من
البنج مدة ست ساعات على ذلك قامت زوجته بإخبار طبيب التخدير أن زوجها ضغطه
مرتفع لكن طبيب التخدير لم يستجيب ،ثم بمرور أربع ساعات دخل املريض في غيبوبة
تامة convulsion،comaوتم إعالم الطبيب مرة أخرى فحضر بعد نصف ساعة ومن
بعده الجراح وتبين أن املريض مصابا باضطرابات في التنفس والحديث أدى فيما بعد إلى
عجزه عن العمل فقام املريض وزوجته بمقاضاة الجراح وطبيب التخدير إال أن املحكمة
برئت الجراح وأدانت طبيب التخدير" .36
مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية -املجلد - 04العدد - 02السنة 932 2019
مسؤولية جراح التجميل املدنية والجزائية د .صادقي أمبارك
ص - 917ص 936 د .بوقرين عبد الحليم
الخاتمة:
في األخير ومن خالل دراستنا توصلنا إلى النتائج التالية:
-أن القضاء الفرنس ي -في البداية -اتخذ موقفا معاديا من جراحي التجميل وذهب إلى
التشديد على إجراء العملية الجراحية التجميلية إلى حد اعتبار أن اإلقدام عليها لوحده
كافيا إلقامة املسؤولية على جراح التجميل وتصل الى حد إدانته.
-انه وبتطور القضاء تجاه املسؤولية الطبية في جراحة التجميل فقد أدى الى إعتماد
معيار جديد وهو بذل العناية املشددة بل وأحيانا االلتزام بتحقيق نتيجة.
-أنعه وبتحقيق نتائج معتبرة من طرف الجراحين بعد الحرب العاملية األولى وكذا الثانية
فقد غير القضاء الفرنس ي من موقفه املتشدد وأجاز إجراء عمليات التجريح ولكن بنوع من
التشديد الفتقارها إلى املبرر الطبي وهو بقصد العالج.
-أن موقف القضاء املصري تقريبا حذى حذو القضاء الفرنس ي.
-أن القضاء الجزائري لم نجد فيه ما يعالج مثل هذه القضايا والسبب -في رأينا – هو قلة
لجوء املتضررين إلى التقاض ي وخاصة في املجال الطبي وكلما وجدناه في مجموعة القرارات
و/أو األحكام ذات الصلة قد تطرق إلى قضايا خالية من القضايا التي أحد أطرافها جراحي
التجميل.
-أنه ورغم صدور قانون الصحة الجديد 11-18املؤرخ في 02يوليو 2018إال أن املشرع
ومن جديد يتجاهل كليا جراحي التجميل ال باإلقرار وال باملنع رغم إنتشار الظاهرة ولو
بنسبة قليلة في الجزائر.
-أن جراح التجميل تقوم عليه كل أنواع املسؤوليات من تقصيرية وعقدية وحتى الجزائية،
شأنه شأن كل األطباء وهذا من خالل التطبيقات القضائية في القضائين الفرنس ي
واملصري وحتى القضاء اللبناني.
وفي هذا الصدد رأينا أن نخرج ببعض التوصيات من خالل االقتراحات التالية:
-محاولة تخصيص املسؤولية الطبية بقانون خاص وإدراج الجراحة التجميلية –
التقويمية على األقل -لتكون تحت رقابة وبسط الدولة من خالل القضاء ،وهذا حماية
لطالبيها على األقل.
مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية -املجلد - 04العدد - 02السنة 933 2019
مسؤولية جراح التجميل املدنية والجزائية د .صادقي أمبارك
ص - 917ص 936 د .بوقرين عبد الحليم
-إدراج العقد الطبي ضمن العقود املسماة باعتبار الطب منتشر ومنذ مدة طويلة وإدراجه
ضمن القانون املدني أو إفراده بقانون خاص به يتضمن تنظيم مهنة الطبيب وجراح
األسنان والجراح العام والجراح التجميلي وتفصيل كل أنواع مسؤوليات هؤالء.
-تحديد املسؤوليات بنص خاص بين أعضاء الفريق الطبي من جراح وطبيب تخدير
ومساعدين.
-تخصيص قانون خاص يعنى باملسؤولية الجزائية لألطباء والجراحين واملساعدين بدل
االكتفاء بالنص على ذلك في قانون العقوبات نظرا لخصوصية العمل الطبي.
الهوامش:
1نقول طالب الجراحة عندما نكون أمام الجراحة التجميلية الترفيهية والتي ال يفترض فيها أن طالبها مريض أو يعاني من اي
مرض كان ،بخالف الجراحة التقويمية التي تجرى لشخص يصنف بأنه كمريض.
2ألنه في هذه الحالة يتوجب على الطبيب التدخل ويعاقب على عدم التدخل جنائيا.
3رغم أن املسألة هنا فيها خالف فقهي ،ينظر إلى داودي صحراء ،مسؤولية الطبيب في الجراحة التجميلية،مذكرة مقدمة لنيل
شهادة ماجستير في القانون الخاص ،كلية الحقوق والعلوم اإلقتصادية ،جامعة قاصدي مرباح بورقلة ،سنة املناقشة -2005
،2006الجزائر،ص . 64
4قرار املحكمة العليا،الغرفة اإلدارية ،امللف رقم 75670بتاريخ،1991/01/13:مشار إليه لدى عبد القادر خضير،قرارات
قضائية في املسؤولية الطبية ،الجزء األول ،دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع،2014،ص .63
-5ينظر إلى عامر نجيم،العقد الطبي في القانون الجزائري،مذكرة لنيل شهادة ماجستير في القانون الخاص املعمق ،كلية الحقوق،
جامعة ابي بكر بلقايد بتلمسان ،سنة املناقشة ،2014-2013الجزائر،ص 135ومابعدها.
6وقد إضطرت املحاكم الفرنسية بعد هذا الحكم إلى نهج نفس النهج وتكريس فكرة املسؤولية العقدية لألطباء ،ينظر في هذا
املنحى إلى رياض احمد عبد الغفور،الجراحة التجميلية – ومسؤولية الطبيب املدنية الناشئة عنها ،دراسة مقارنة ،الطبعة األولى
،منشورات زين الحقوقية،بيروت ،لبنان،2016 ،ص .128
7داودي صحراء،املرجع السابق ،ص .57
8وابتداء من هذا القرار يبدو أن القضاء املصري قد غير رأيه من نظرته القديمة التي كان يعتبر فيها أن مسؤولية الطبيب
مسؤولية تقصيرية معتبرا أن مسؤولية الطبيب مسؤولية عقدية.
9وبمفهوم املخالفة فإن إنشاء عقد فيه خلل في أركانه فإنه يعتبر باطال وعديم األثر ومثاله ان يتفق جراح التجميل مع
شخص ملساعدته على التهرب من الخدمة العسكرية او اإلفالت من العدالة بتغيير مالمحه يعتبر عقدا باطال بطالنا مطلقا،
رياض احمد عبد الغفور،املرجع السابق ص .130
10وهذا التحول في طبيعة املسؤولية املدنية لألطباء من تقصيرية إلى عقدية ،ينظر في هذا إلى رياض أحمد عبد الغفور ،املرجع
السابق،ص .129
11مرسوم تنفيذي رقم 276-92:مؤرخ في 06:يوليو سنة ،1992يتضمن مدونة أخالقيات الطب ،جريدة رسمية عدد 52مؤرخة
في 8يوليو،سنة ،1992،ص .1421
مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية -املجلد - 04العدد - 02السنة 934 2019
مسؤولية جراح التجميل املدنية والجزائية د .صادقي أمبارك
ص - 917ص 936 د .بوقرين عبد الحليم
12كما يعرفه البعض بأنه إحجام الطبيب عن القيام بواجباته الخاصة التي يفرضها علم الطب وقواعد املهنة وأصول الفن أو
مجاوزتها،ينظر هنا الى خالد دوادي،الخطأ الطبي ،دار اإلعصار العلمي ،الطبعة األولى،2017 ،عمان،األردن،ص .21
13ينظر إلى صفية سنوس ي،الخطأ الطبي في التشريع واالجتهاد القضائي ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في القانون الخاص
كلية الحقوق والعلوم اإلقتصادية،جامعة قاصدي مرباح بورقلة ،تاريخ،2006/11/04:الجزائر،ص .06
14فالخطأ املنهي هو ذلك الفعل الذي يرتكبه أصحاب املهن أثناء ممارستهم مهنهم ويخرجون في ذلك عن السلوك املنهي املألوف
وعن األصول املعمول بها واملستقر عليها لدى أصحاب املهن ،خالد دوادي،املرجع السابق،ص .
15ينظر في هذا املعنى وألكثر تفاصيل إلى منصوري جواد،توجهات املسؤولية املدنية الطبية-دراسة مقارنة ،-مذكرة لنيل شهادة
املاجستير في القانون الطبي ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة ابي بكر بلقايد بتلمسان ،سنة املناقشة ،2017/2016
الجزائر،ص .17
16املرسوم رقم 276-92املذكور سابقا.
17مشار إليه لدى حادي شفيق ،املسؤولية املدنية عن الخطأ في التشخيص الطبي -دراسة مقارنة ،-أطروحة مقدمة لنيل
شهادة الدكتوراه في الحقوق ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة جياللي ليابس بسيدي بلعباس،سنة املناقشة
،2018/2017الجزائر،ص .161
18و كذلك ان األطباء لم يدخلوا في تقديرهم مخاطر حدوث الوفاة وإهمالهم العمل على تفادي نتائجها.
19وعلى املعكس من ذلك فإن محكمة النقض الفرنسية تاخذ بنظرية تعدد األسباب ،للمزيد يرجى اإلطالع على بحماوي
الشريف ،التعويض عن األضرار الناجمة عن األخطار العالجية (دراسة مقارنة) ،رسالة دكتوراه في القانون الخاص ،كلية
الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة أبو بكر بلقايد بتلمسان ،سنة املناقشة ،2013/2012الجزائر،ص .91
20ولقد تعمق فقهاء الشريعة في بحث رابطة السببية وفرقوا بين السبب املباشر والسبب غير املباشر ينظر بهذا الخصوص الى
رياض احمد عبد الغفور،املرجع السابق،ص .206
21حكم محكمة باريس مؤرخ في 8مارس ،1938و ما أدى إلى نقد هذه النظرية هو أنها لم تفرق بين األسباب املتعددة في
إحداث الضرر مهما اختلفت ،ملزيد أكثر يرجى النظر إلى رياض احمد عبد الغفور،املرجع نفسه ،ص .209
22أنظر إلى J.C.P 1966. 35./CASS/ 1966
23ومن ذلك أيضا يسال الطبيب في حالة ما إذا عن وضع املريض بصورة غير صحيحة على السرير مما أدى إلى سقوطه
وإصابته بالشلل ،وأيضا يسأل الطبيب املعالج عن انزالق السرير لعدم تثبيته مما أدى إلى سقوط املريض من شباك
املستشفى،ينظر في هذا الخصوص إلى سامي هارون الزراع ،فكرة الخطأ املنهي -أساس املسؤولية املهنية ألرباب املهن الحرة
"الطبيب" ،الطبعة األولى ،مركز الدراسات العربية للنشر واإلشهار ،الجيزة ،جمهورية مصر العربية. 2016،
24قرار نقض مدني مؤرخ في .1974/12/31
25مشار إلى هذه الفكرة باكثر تفصيل عند مكرلوف وهيبة ،املسؤولية الجنائية لألطباء عن األساليب ملستحدثة في الطب
والجراحة ،،مذكرة لنيل شهادة املاجتير في علم اإلجرام والعلوم الجنائية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة أبو بكر
بلقايد بتلمسان ،سنة املناقشة ،2005/2004الجزائر،ص .177
26وهذا ألن األعراف الطبية وأصول مهنة الطب تقتض ي بان يخضع الشخص الذي أجريت له العملية لإلشراف الطبي على
األقل ملدة ( )24أربع وعشرون ساعة.
27قرار رقم 293077بتاريخ،2004/12/22:مشار إليه لدى عبد القادر خضير،املرجع السابق ص.85
28للمزيد يرجى اإلطالع على جدوي سيدي محمد أمين ،املسؤولية الجنائية ألطباء التوليد ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في
القانون الخاص ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة أبو بكر بلقايد بتلمسان ،سنة املناقشة ،2016/2015الجزائر،ص
.98
مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية -املجلد - 04العدد - 02السنة 935 2019
مسؤولية جراح التجميل املدنية والجزائية د .صادقي أمبارك
ص - 917ص 936 د .بوقرين عبد الحليم
29ومن باب أولى إن ال يضاعف الطبيب الجرعات اإلشعاعية التي يسلطها على املريض الحد األقص ى املعترف به في األصول
العلمية الطبية الثابتة ،ينظر إلى رائد كامل خير،املرجع السابق،ص .37
30محمد رياض دغمان،املرجع السابق ،ص .117
31مرسوم تنفيذي رقم 276-92مؤرخ في 06:جويلية 1992يتضمن مدونة أخالقيات الطب، ،جريدة رسمية عدد 52مؤرخة
في 08:جويلية ،1992 ،ص .1420
32أمر 156/66املؤرخ في 8يونيو 1966املعدل واملتمم واملتضمن قانون العقوبات الجزائري.
33قرار صادر بتاريخ 18:نوفمبر .1976
34قرار صادر بتاريخ 09:ماي .1956
35والطريف في املوضوع أن القاض ي الذي نطق مباشرة بالبراءة ما كان لينتظر رأي محامي الدفاع القتناعه املباشر بتصريح
الدكتور ، velpauرائد كامل خير ،املرجع السابق ،ص 53وما بعدها.
36وهذه نتيجة منطقية للحكم املذكور ،فطبيب التخدير يجب عليه التواجد لحظة إستفاقة املريض من البنج واإلشراف عليه
وهو ما لم يحدث في قضية الحال.
مجلة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية -املجلد - 04العدد - 02السنة 936 2019