المحاضرة 1-2-3-4

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 13

‫‪2024/2023‬‬ ‫مادة‪ :‬قانون العمل‬ ‫السنة الثالثة علوم التسيير‪ :‬إدارة املوارد البشرية‪-‬‬

‫املحاضرة األولى‪ :‬مقدمة إلى قانون العمل‬


‫املقدمة‪:‬‬
‫على الرغم من أن قانون العمل ُيعد من أحدث فروع القانون وظهر في النصف الثاني من القرن التاسع‬
‫عشر‪ ،‬إال أنه يعتبر اليوم ً‬
‫واحدا من أهم فروع القانون‪ .‬أهميته ال تقتصر على عدد األفراد الذين يتعاملون معه‬
‫فحسب‪ ،‬بل تنبثق من األثر العميق الذي يتركه في حياتهم‪ً .‬‬
‫نظرا لهذه األهمية‪ ،‬سنسعى إلى تعريف قانون العمل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أساسا على تطوره في الجزائر‪ ،‬ثم سنبحث في‬ ‫أوال‪ ،‬ومن ثم سنتتبع تطوره التاريخي عبر العصور املختلفة‪ .‬سنركز‬
‫عالقته ببعض فروع القانون العام والخاص‪ .‬وفي الختام‪ ،‬سنحدد مصادره القانونية واالتفاقية املتعددة‪.‬‬

‫مفهوم قانون العمل‪:‬‬ ‫‪.I‬‬


‫قانون العمل ُيعد ً‬
‫واحدا من القوانين الحديثة ً‬
‫نسبيا ويتميز بمفهومه االجتماعي الحالي‪ .‬ومن الجدير بالذكر‬
‫ُّ‬
‫التصور الحالي الذي نعرفه‪ .‬هذا القانون‬ ‫أنه خضع ملراحل عدة من التطور والتغيير عبر الزمن قبل أن يصل إلى‬
‫له تأثير وثيق على العالقات القانونية بين األفراد واملؤسسات‪ ،‬وله صالت وارتباطات بمختلف فروع القانون العام‬
‫والخاص‪.‬‬

‫تعريفه‪ :‬قبل توضيح مفهوم قانون العمل‪ ،‬يجب مراعاة أنه تم تسميته بألقاب مختلفة على مر الزمن‪ .‬أحد‬
‫أوائل هذه التسميات كان "قانون العمل الصناعي"‪ ،‬حيث كان ُيطبق على عمال القطاع الصناعي‪ .‬وقد جاءت هذه‬
‫التسمية نتيجة للتطورات الصناعية والنمو في هذا القطاع‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬تم توجيه انتقادات لهذا االصطالح ً‬
‫نظرا‬
‫ألنه ال ينطبق على جميع أشكال العمل الصناعي‪ ،‬بل يتناول فقط العمل املرتبط بالتبعية الصناعية‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬تم استخدام مصطلح "قانون العمل" ألنه يعنى بشؤون العمال بشكل عام‪ ،‬على الرغم من أن‬
‫هذا االصطالح ً‬
‫أيضا تعرض لالنتقاد ً‬
‫نظرا ألنه قد يوحي بأنه يتناول فقط شؤون العمال دون أصحاب العمل‪ .‬في‬
‫الواقع‪ ،‬يتعامل قانون العمل مع العالقات بين العمال وأصحاب العمل‪.‬‬

‫بعد ذلك‪ ،‬تم تعميم مصطلح "القانون االجتماعي" ليشمل قانون العمل‪ ،‬وهذا يتعارض مع الواقع‬
‫املعترف به في علم القانون‪ ،‬حيث إن كل قاعدة قانونية هي في األساس قاعدة اجتماعية‪ ،‬والقانون بأكمله هو‬
‫ظاهرة اجتماعية ال تنفك عن تأثير املجتمع‪ .‬لذا‪ ،‬ال ينبغي تقييد الجوانب االجتماعية لفرع معين من فروع‬
‫القانون دون النظر إلى باقي الجوانب‪.‬‬
‫كما شهد مصطلح "تشريع العمل" ً‬
‫تباينا في التسميات بين الفقهاء وعلماء القانون‪ .‬على الرغم من ذلك‪،‬‬
‫ُيعتقد أن هذا القانون يحتوي على مجموعة من القواعد القانونية والتنظيمية التي تدير عالقات العمال‬

‫‪1‬‬
‫‪2024/2023‬‬ ‫مادة‪ :‬قانون العمل‬ ‫السنة الثالثة علوم التسيير‪ :‬إدارة املوارد البشرية‪-‬‬

‫وأصحاب العمل‪ .‬كما أنه يهدف إلى تنظيم هذه العالقات بشكل يحفظ حقوق ومصالح الطرفين‪ ،‬ويسعى إلى‬
‫تحقيق التوازن والتعايش السلمي بينهم ‪.‬‬

‫من ناحية أخرى‪ ،‬يرى الفقهاء االشتراكيين أن قانون العمل يحدد وينظم حقوق والتزامات العمال ضمن‬
‫الفئة العاملة بأكملها‪ .‬يعتبرون مصلحة الطبقة العاملة هي املصلحة الرئيسية التي تحدد مصلحة العامل‬
‫الفردي‪ ،‬وبالتالي يرون أن الدفاع عن حقوق العمال يتوافق مع حقوق املجموعة العمالية ككل‪.‬‬
‫بصفة عامة‪ُ ،‬ي َّ‬
‫عرف قانون العمل على أنه مجموعة من القواعد القانونية والتنظيمية واالتفاقيات التي تنظم العالقات بين‬
‫العمال وأصحاب العمل وتحدد حقوقهم والتزاماتهم والحقوق القانونية التي تنشأ عن هذه العالقة‪.‬‬

‫تطورقانون العمل‪:‬‬ ‫‪.II‬‬

‫قانون العمل نشأ وتطور على مر العصور‪ ،‬حيث كانت العالقات العملية في املجتمعات البشرية في األمد‬
‫ً‬ ‫القريب تنظم بشكل يخدم ً‬
‫غالبا الطبقات األكثر نفوذا‪ .‬لفهم تطور قانون العمل وأسباب ظهوره‪ ،‬يتعين علينا‬
‫استعراض هذا النشأة والتطور عبر مختلف العصور والفترات الزمنية السابقة‪ ،‬حيث نجد ‪:‬‬

‫‪ .1‬العصور القديمة‪ :‬سادت أنظمة مثل الرق والعبودية‪ ،‬حيث كان العبد ً‬
‫تابعا لسيده بشكل مطلق‬
‫ً‬ ‫ودائم‪ ،‬وكان ُيعتبر ً‬
‫جزءا من املمتلكات بدال من األشخاص‪ .‬ونتيجة لهذا النظام‪ ،‬لم تكن هناك عالقات‬
‫عمل في املفهوم الحالي‪ ،‬ألن قانون العمل يعمل على تنظيم العالقات بين األشخاص‪ ،‬وليس بين‬
‫األشخاص واملمتلكات‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬في بعض الحاالت‪ ،‬وبصورة استثنائية خارج نظام العبودية والرق‪ ،‬تكون هناك عالقات تعتمد على‬
‫ُ‬
‫عقود إيجار األشخاص‪ .‬وفي هذه الحاالت‪ ،‬كانت النظرة السائدة للعمل تعامله كسلعة تستأجر مثل أي سلعة‬
‫أخرى‪.‬‬

‫‪ .2‬العصور الوسطى للحضارة الغربية‪ :‬نجد أن نظام العمل تطور في إطار مجتمعين رئيسيين اللذان سادا‬
‫خالل هذه الحقبة الزمنية‪ ،‬مجتمع زراعي وآخر صناعي‪:‬‬

‫‪ 1.2‬في املجتمع الزراعي‪ :‬كان هناك نظام اقتصادي يعتمد على نظام اإلقطاع‪ ،‬حيث تنقسم الطبقة االجتماعية‬
‫إلى اثنتين‪ :‬اإلقطاعيين‪ ،‬الذين هم املالك الكبار لألراض ي الزراعية‪ ،‬واألقنان‪ ،‬الذين هم الفالحين الذين يعملون‬
‫على األرض اململوكة لإلقطاعيين‪ .‬وتنتقل ملكية األقنان من إقطاعي إلى آخر عندما تنتقل ملكية األرض التي‬
‫يزرعونها‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪2024/2023‬‬ ‫مادة‪ :‬قانون العمل‬ ‫السنة الثالثة علوم التسيير‪ :‬إدارة املوارد البشرية‪-‬‬

‫يتيح هذا النظام لألقنان ‪ -‬باستثناء األرض ‪ -‬امتالك وسائل اإلنتاج الزراعي‪ ،‬وكذلك مسكنهم وأثاثهم‬
‫الخاص‪ .‬في هذا السياق‪ ،‬يمارس املالك اإلقطاعي نوعين من السيطرة على األقنان‪ :‬السيطرة االقتصادية من‬
‫خالل امتالك األرض التي يحتاجها الفالحون للعمل الزراعي‪ ،‬والسيطرة املباشرة عن طريق استخدام القوة املادية‬
‫والقوانين لالستيالء على املنتجات الزراعية الفائضة للفالحين‪ .‬وتفرض على الفالحين الضرائب والرسوم‬
‫املختلفة‪.‬‬
‫ُ‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬أنش ئ نظام الحوافز املادية لتحفيز املنتجين على زيادة كفاءة عملهم من أجل تحسين‬
‫مستوى معيشتهم‪.‬‬

‫‪ 2.2‬في املجتمع الصناعي‪:‬‬

‫في املجتمع الصناعي القديم‪ ،‬كان هناك نظام يعرف بنظام الطوائف حيث قام أفراد املهن والحرف‬
‫بتشكيل جماعات أو طوائف تنظم العمل والعالقات االجتماعية‪ .‬هذه الجماعات والطوائف وضعت قواعد‬
‫ً‬
‫لاللتحاق بها وتقدم األعضاء فيها‪ ،‬وحددت ساعات العمل ومنعت العمل ليال‪ .‬وكانت لكل طائفة قيادتها مع‬
‫مراتب مختلفة‪ .‬لم يكن هناك قانون ينظم العالقة بين العامل ورب العمل في هذا النظام‪.‬‬

‫‪ 3.2‬في العصرالحديث‪:‬‬

‫بسبب الثورة الفرنسية ومبدأ سلطان اإلرادة وحرية التعاقد‪ ،‬تم التخلي عن نظام اإلقطاع والطوائف‬
‫ً‬
‫الذي كان معموال به في العصور الوسطى‪ .‬أصبح لدى األفراد حق العمل بحرية والقيام بأعمالهم بمشتغلهم‬
‫الخاص أو لآلخرين‪ .‬وبالرغم من ذلك‪ ،‬بدأت ظاهرة تدهور أوضاع العمال تنتشر في فرنسا في القرن التاسع‬
‫ً‬
‫عشر‪ ،‬حيث كانت األجور منخفضة جدا ومدة العمل طويلة‪ .‬ظروف العمل كانت غير صحية‪ ،‬والقوانين املشددة‬
‫تنص على خصم رواتب العمال‪ .‬نتيجة لهذا التدهور‪ ،‬بدأ العمال بالضغط لتحسين أوضاعهم من خالل تأسيس‬
‫نقابات ودخول العمال في السياسة‪ .‬هذا دفع باملشرعين إلى وضع قوانين لتنظيم عالقات العمل بهدف حفظ‬
‫السالم واألمان االجتماعي والتخفيف من التوترات بين العمال وأصحاب العمل‪.‬‬

‫حيث يمكن تلخيص املرحلة السابقة في النقاط التالية‪:‬‬

‫• ظهور مبدأ سلطان اإلرادة وحرية التعاقد نتيجة للثورة الفرنسية قض ى على نظام اإلقطاع والطوائف‬
‫القديم‪.‬‬
‫• هذا املبدأ منطقي ومشتق من مفاهيم الحق الطبيعي التي ازدهرت في القرن التاسع عشر‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪2024/2023‬‬ ‫مادة‪ :‬قانون العمل‬ ‫السنة الثالثة علوم التسيير‪ :‬إدارة املوارد البشرية‪-‬‬
‫ً‬
‫بدء من القرن التاسع عشر‪ ،‬تدهورت أوضاع العمال في فرنسا‪ ،‬حيث انخفضت األجور بشدة وزادت مدة‬ ‫•‬
‫ساعات العمل‪.‬‬
‫• الظروف الصحية واملهنية كانت ضعيفة والنظام القانوني كان يعاقب العمال بشدة‪.‬‬
‫• تأسيس نقابات واملشاركة في السياسة وجهود العمال للدفاع عن مصالحهم أصبحت بارزة‪.‬‬
‫• ظهور مذاهب مناهضة للمذهب الفردي وضرورة وضع تنظيم قانوني دقيق لحل الصراعات بين العمال‬
‫وأصحاب العمل‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪2024/2023‬‬ ‫مادة‪ :‬قانون العمل‬ ‫السنة الثالثة علوم التسيير‪ :‬إدارة املوارد البشرية‪-‬‬

‫املحاضرة الثانية‪ .‬مراحل تطورقانون العمل الجزائري ‪11-90‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫هاما يف البحث األكادميي ويتعلق ابلعالقات العملية وحقوق العمال يف‬
‫موضوعا ً‬
‫ً‬ ‫قانون العمل اجلزائري يشكل‬
‫اجلزائر‪ .‬ميتد أتثريه لعدة جماالت ختصصية وميكن استخدامه كمصدر ثري للدراسة‪ .‬هذا القانون يرتبط بقوانني العمل‬
‫الدولية ويسهم يف حتقيق العدالة االجتماعية ومحاية حقوق العمال‪ ،‬مما جيعله مشاهبًا لقوانني العمل الدولية اليت هتدف إىل‬
‫توفري بيئة عمل عادلة ومنصفة عامليًا‪.‬‬

‫املرحلة األوىل‪ ( :‬ما بعد االستقالل ) ‪:1971-1962‬‬ ‫‪-1‬‬

‫يف املرحلة األوىل بعد استقالل اجلزائر يف عام ‪ ،1962‬شهدت البالد تغيريات قانونية هامة يف جمموعة متنوعة‬
‫من اجملاالت‪ ،‬مبا يف ذلك تنظيم العالقات العملية‪ .‬هبدف تفادي تعطيل احلياة االقتصادية واالجتماعية يف البالد ويف‬
‫انتظار إصدار التشريعات الوطنية املناسبة لكل جمال‪ ،‬قررت اجلزائر املستقلة االحتفاظ ابلقوانني الفرنسية يف معظم‬
‫اجملاالت‪ ،‬ما مل تتعارض مع السيادة الوطنية‪.‬‬

‫أيضا على التشريعات الفرنسية املتعلقة ابلعمل‪ ،‬واليت ستظل سارية املفعول حىت‬
‫يتعني أن يتوقف هذا األمر ً‬
‫صدور التشريعات الوطنية املناسبة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬استمر هذا الوضع ملدة تسع سنوات دون أن يتم إصدار أي تشريع أو‬
‫تنظيم يتعلق مبجال العمل حىت عام ‪ . 1971‬يف هذا العام مت صدور أول تشريع ذو صلة مبجال العمل‪ ،‬وهو قانون‬
‫التسيري االشرتاكي للمؤسسات‪.‬‬

‫املرحلة الثانية‪: 1978-1971:‬‬ ‫‪-2‬‬


‫• يف هذه املرحلة الثانية‪ ،‬اليت استمرت من عام ‪ 1971‬إىل عام ‪ ،1978‬شهدت اجلزائر حتوالت اقتصادية هامة‪.‬‬
‫نتيجة لسياسة التنمية االقتصادية اليت اعتمدهتا البالد‪ ،‬شهدت زايدة يف عدد العمال الذين انضموا إىل القوى‬
‫العاملة يف القطاعني العام واخلاص‪.‬‬
‫• ملواجهة هذه التحدايت‪ ،‬تطلب احلاجة إىل وضع تشريع مناسب يهتم بتنظيم وضعية العمال يف القطاعني‪ .‬ومت‬
‫حتقيق ذلك من خالل إصدار األمر ‪ 47-71‬الذي يتعلق بقانون التسيري االشرتاكي للمؤسسات يف القطاع‬
‫العام‪ .‬هذا القانون كان يهدف إىل تنظيم وتنسيق األنشطة يف القطاع العام وضمان حقوق العمال فيه‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪2024/2023‬‬ ‫مادة‪ :‬قانون العمل‬ ‫السنة الثالثة علوم التسيير‪ :‬إدارة املوارد البشرية‪-‬‬

‫• كما مت إصدار األمر ‪ 31-75‬الذي يتعلق ابلشروط العامة لعالقات العمل يف القطاع اخلاص‪ .‬وقد قام هذا‬
‫األمر بتنظيم جمموعة من القوانني واألنظمة اليت حتكم العالقة بني أصحاب العمل والعمال يف القطاع اخلاص‪.‬‬
‫ومت حتديد العديد من اجلوانب املهمة مثل عدد ساعات العمل واإلجازات األسبوعية وشروط العمل واألجور‪.‬‬
‫• ابإلضافة إىل ذلك‪ ،‬مت إصدار األمر ‪ 30-75‬الذي حدد املدة القانونية األسبوعية للعمل‪ ،‬وهذا يشمل عدد‬
‫الساعات اليت جيب أن يعملها العاملون أسبوعيًا وكذلك اإلجازات األسبوعية اليت يستحقوهنا‪ .‬متثل هذه‬
‫هاما يف تنظيم وتوحيد قوانني العمل يف اجلزائر وضمان محاية حقوق العمال يف القطاعني العام‬
‫دما ً‬
‫التشريعات تق ً‬
‫واخلاص‪.‬‬
‫‪ .3‬املرحلة الثالثة‪:1990-1978:‬‬
‫خالل هذه بدأ الرتكيز على توحيد القوانني التشريعية ملنظومة العمل حبيث تشمل القطاعني العام واخلاص‪ ،‬ابإلضافة‬
‫إىل الوظيفة العمومية‪ .‬يف هذا السياق‪ ،‬أصدر املشرع القانون ‪ 12-78‬الذي يتعلق ابلقانون األساسي للعامل‪.‬‬
‫هذا القانون جعل من احلقوق والواجبات امللقاة على عاتق العامل متجانسة بغض النظر عن القطاع الذي ينتمي‬
‫إليه‪ .‬ببساطة‪ ،‬قام القانون بتوحيد نظام العالقات العملية‪ ،‬مبا يف ذلك حقوق وواجبات العمال‪ ،‬وشروط العمل‬
‫واألجور‪ ،‬والتنظيم العام للعمل‪ ،‬وممارسة احلق النقايب‪ .‬أهم ما ميز هذه املرحلة‪:‬‬
‫• توحيد القوانني‪ :‬يف هذه املرحلة‪ ،‬مت التوجه حنو توحيد القوانني املتعلقة ابلعمل حبيث تصبح شاملة للقطاعني‬
‫أيضا تشمل الوظيفة العمومية‪ .‬هذا التوحيد سعى لتحقيق املزيد من التكامل والتوحيد يف منظومة‬
‫العام واخلاص و ً‬
‫العمل‪.‬‬
‫• قانون التسيري االشرتاكي‪ :‬أصدر املشرع قانون ‪ 12-78‬الذي يعترب القانون األساسي للعامل‪ .‬هذا القانون‬
‫إطارا قانونيًا ينظم حقوق وواجبات العمال بشكل شامل‪ ،‬مهما كان القطاع الذي يعملون فيه‪ .‬يهدف‬ ‫أنشأ ً‬
‫هذا القانون إىل توفري محاية للعمال وضمان العدالة يف عالقات العمل‪.‬‬
‫• توسيع نطاق التنظيم‪ :‬تضمن القانون ً‬
‫أيضا توسيع نطاق التنظيم العام للعمل‪ ،‬مما يشمل حقوق وواجبات‬
‫العمال‪ ،‬وشروط العمل‪ ،‬واألجور‪ .‬هذا التوسيع يعكس التطورات االقتصادية واالجتماعية اليت شهدهتا البالد‬
‫وزايدة عدد العمال يف القطاعني العام واخلاص‪.‬‬
‫أحكاما تتعلق مبمارسة احلق النقايب‪ ،‬مما يسمح للعمال ابملشاركة يف‬
‫ً‬ ‫• ممارسة احلق النقايب‪ :‬أدرج القانون ً‬
‫أيضا‬
‫منظمات نقابية والدفاع عن مصاحلهم بشكل أفضل‪.‬‬

‫هذه املرحلة كانت مهمة ألهنا سامهت يف حتسني وتوحيد القوانني املتعلقة ابلعمل وضمان حقوق العمال والعدالة يف‬
‫العالقات العملية يف اجلزائر‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪2024/2023‬‬ ‫مادة‪ :‬قانون العمل‬ ‫السنة الثالثة علوم التسيير‪ :‬إدارة املوارد البشرية‪-‬‬

‫‪-4‬املرحلة الرابعة ‪ :‬ما بعد سنة ‪: 1990‬‬

‫• شهدت حتوالت سياسية واقتصادية عميقة يف اجلزائر‪.‬‬


‫• مت مترير دستور عام ‪ ،1989‬الذي نص على التوجه حنو النظام الليربايل‪.‬‬
‫• بدأت هذه املرحلة تتجسد ابتداءً من عام ‪ 1990‬من خالل سلسلة من القوانني اليت تركزت على تنظيم‬
‫عالقات العمل يف البالد‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫✓ قانون يتعلق ابلوقاية من نزاعات العمل وتسويتها وممارسة حق اإلضراب‪.‬‬
‫✓ قانون يتعلق مبفتشية العمل ملراقبة تنفيذ قوانني العمل بفعالية‪.‬‬
‫✓ قانون يتعلق ابلنزاعات الفردية للعمل ويقدم إجراءات حلل النزاعات بني العمال وأصحاب العمل‪.‬‬
‫✓ قانون ‪ 11-90‬الذي يتعامل بشكل شامل مع عالقات العمل‪.‬‬
‫• قانون ‪ 11-90‬أدى إىل إعادة تنظيم عامل الشغل بطريقة أكثر مرونة وقابلية للتغيري والتعديل‪ ،‬مما يتيح التكيف‬
‫مع التطورات االقتصادية والواقع املعاش يف البالد‪.‬‬
‫• هذا القانون قام بضبط وحتديد العديد من القواعد واللوائح اليت تدير عالقات العمل يف اجلزائر واليت تتماشى مع‬
‫التوجه الليربايل اجلديد الذي اعتمدته البالد بعد دستور ‪.1989‬‬

‫ابختصار‪ ،‬تطور قانون العمل اجلزائري منذ االستقالل يف عام ‪ 1962‬حىت صدور أول قانون للعمل يف البالد‬
‫(‪ )11-90‬يف عام ‪ 1990‬ميكن تلخيصه يف أربع مراحل رئيسية‪ .‬بدأت البالد ابعتماد القوانني الفرنسية املتعلقة‬
‫ابلعمل‪ ،‬مث جاء الرتكيز على تنظيم العالقات العملية يف القطاعني العام واخلاص‪ .‬فيما بعد‪ ،‬توجهت اجلزائر حنو توحيد‬
‫القوانني املتعلقة ابلعمل بغض النظر عن القطاع‪ .‬يف املرحلة الرابعة‪ ،‬مع التحوالت السياسية واالقتصادية‪ ،‬مت مراجعة‬
‫وحتسني النظام القانوين للعمل ليتناسب مع النظام الليربايل اجلديد‪ ،‬وأسفر ذلك عن صدور القانون ‪ 11-90‬الذي أعاد‬
‫تنظيم العالقات العملية مبرونة وفعالية‪ .‬تُظهر هذه التطورات القدرة على التكيف والتحسني املستمر للقوانني العمل‬
‫اجلزائرية لتلبية متطلبات الواقع االقتصادي واالجتماعي املتغري‪.‬‬

‫كما مت استثناء بعض الفئات اخلاصة بصراحة من نطاق تطبيق هذا القانون‪ ،‬ومشلت هذه الفئات املوظفني املدنيني‬
‫عقودا مع اهليئات واألجهزة‬
‫والعسكريني الذين يتبعون وزارة الدفاع الوطين‪ ،‬والقضاة‪ ،‬واملوظفني واألعوان الذين يعقدون ً‬
‫نظرا للطبيعة اخلاصة لوظائفهم وألن عالقاهتم العملية ختضع للقانون‬
‫احلكومية‪ .‬مت اعتبار هؤالء الفئات استثناءً ً‬
‫العام‪(.‬املادة ‪ 03‬من القانون ‪ 11-90‬املؤرخ يف ‪ 06‬فيفري ‪)1990‬‬

‫‪7‬‬
‫‪2024/2023‬‬ ‫مادة‪ :‬قانون العمل‬ ‫السنة الثالثة علوم التسيير‪ :‬إدارة املوارد البشرية‪-‬‬

‫املحاضرة الثالثة‪:‬أهمية قانون العمل وعالقته بفروع القانون األخرى‬

‫يعتبر قانون العمل جزء أساس ي من القوانين التي تنظم العالقات بين أصحاب العمل والعمال‪ ،‬وهو ذو‬
‫أهمية كبيرة للمجتمع واالقتصاد بشكل عام‪ .‬كما يهدف قانون العمل إلى تنظيم وحماية حقوق العمال وضمان‬
‫بيئة عمل عادلة وآمنة‪ .‬سنحاول فيما يلي إظهار أهمية قانون العمل وعالقته بفروع القانون األخرى‪.‬‬

‫❖ تذكيربتعريف قانون العمل‪:‬‬

‫قانون العمل هو اإلطار القانوني الذي ينظم العالقات بين أصحاب العمل والعمال في بيئة العمل‪ .‬يهدف إلى‬
‫تحديد حقوق وواجبات العمال وأصحاب العمل ويغطي مسائل متنوعة مثل األجور وساعات العمل والبيئة‬
‫اآلمنة‪ .‬تختلف تفاصيل هذه القوانين من بلد آلخر وتتغير مع مرور الزمن لتلبية التحديات االقتصادية‬
‫واالجتماعية والسياسية‪ .‬هذه القوانين تهدف عادة إلى حماية حقوق العمال وضمان بيئة عمل عادلة وآمنة‪.‬‬

‫أهمية قانون العمل‪:‬‬ ‫‪.I‬‬


‫‪ .1‬من الناحية االجتماعية‪:‬‬

‫يظهر قانون العمل أهميته من خالل تقديم مجموعة من املزايا للعمال في بيئة العمل‪ .‬يتضمن ذلك‬
‫‪Le Salaire Minimum‬‬ ‫املضمون‪1‬‬ ‫تحديد األجور بشكل عادل‪ ،‬بما في ذلك تحديد الحد األدنى الوطني‬
‫)‪ National Garanti (SMNG‬والحفاظ على قدرتهم الشرائية‪ .‬باإلضافة إلى تحديد فترات الراحة والعطل‬
‫املختلفة‪ ،‬ووضع قواعد وأنظمة تهدف إلى تحسين شروط العمل وظروفه‪ ،‬بما في ذلك األمان والسالمة في مكان‬
‫العمل‪ .‬كما يتضمن القانون ً‬
‫أيضا تحديد بعض القواعد واإلجراءات التي تهدف إلى الحفاظ على مناصب العمل‬
‫وتقليل ظاهرة فصل العمال بمختلف أشكالها‪.‬‬

‫‪ .2‬من الناحية االقتصادية‪:‬‬

‫قانون العمل الجزائري يظهر أهميته من خالل توفير التوازن بين املصالح االقتصادية ألصحاب العمل‬
‫والعمال‪ .‬يقوم القانون بتحويل هذه املصالح املتناقضة إلى مصالح مشتركة تعزز االستقرار واالزدهار‬
‫االقتصادي‪ .‬بواسطة تنظيم العالقات بين األطراف وتحديد حقوقهم وواجباتهم‪ ،‬يسهم القانون في إنشاء بيئة‬
‫ً‬
‫قانونيا‬ ‫عمل عادلة ومستدامة‪ .‬يحمي حقوق العمال ويضمن لهم ً‬
‫أجورا عادلة‪ ،‬بينما يوفر ألصحاب العمل ً‬
‫إطارا‬

‫‪ .1‬املرسوم الرائسي رقم ‪ 137-21‬الصادر يف العدد ‪ 28‬من اجلريدة الرمسية ‪ 7‬أبريل ‪ ،2021‬املادة ‪ :01‬حيدد األجر الوطين األدىن املضمون املوافق ملدة عمل قانونية أسبوعية قدرها (‪)40‬‬
‫ساعة‪ ،‬وهو ما يعادل ‪ 173.33‬ساعة يف الشهر‪ ،‬بعشرين ألف دينار ‪ 20.000‬دج يف الشهر أي ما يعادل ‪ 115.38‬دينار لساعة عمل‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪2024/2023‬‬ ‫مادة‪ :‬قانون العمل‬ ‫السنة الثالثة علوم التسيير‪ :‬إدارة املوارد البشرية‪-‬‬

‫إلدارة أعمالهم بفعالية‪ .‬هذا التوازن والتنظيم يعززان الثقة بين األطراف ويسهمان في تعزيز االستقرار‬
‫االقتصادي‪ ،‬مما يساهم في نمو االقتصاد الوطني وتحسين مستوى العيش للمواطنين‪.‬‬

‫عالقة قانون العمل بالقوانين األخرى‪:‬‬ ‫‪.II‬‬


‫ً‬
‫أساسيا من النظام القانوني الشامل ألي بلد‪ .‬حيث عالقته‬ ‫كغيره من القوانين فإن قانون العمل يمثل ً‬
‫جزءا‬
‫بالقوانين األخرى تتجلى في التكامل والترابط بينه وبين مجموعة من القوانين واللوائح األخرى التي تنظم مختلف‬
‫جوانب الحياة االقتصادية واالجتماعية في البالد‪ .‬حيث يمكن إظهار عالقته ببقية القوانين من خالل ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬عالقته بالقانون املدني‪:‬‬

‫ما زالت بعض جوانب عقد العمل تحكمها املبادئ العامة واألحكام التي يتضمنها القانون املدني‪ ،‬مثل‬
‫األحكام املتعلقة باألركان العامة للعقد وعيوب الرضا وغيرها‪ .‬ولذلك‪ ،‬تظهر العالقة املرنة بين قانون العمل‬
‫والقانون املدني في مجال تنظيم العالقات العملية في الجزائر‪ .‬تطبيق مبدأ سلطان اإلرادة في التعاقد ال يزال له‬
‫دور محدد في تنظيم بعض جوانب العالقات بين العمال وأصحاب العمل‪ ،‬بينما يتداخل ذلك مع تدابير قانون‬
‫العمل األخرى التي وضعتها الدولة لتلبية االحتياجات االجتماعية واملهنية املتغيرة‪.‬‬

‫سلطان اإلرادة في التعاقد‪ :‬مبدأ سلطان اإلرادة في التعاقد هو مبدأ أساس ي في القانون ينص على أن العقود‬
‫تكون ملزمة إذا تم توقيعها بإرادة حرة وغير مجبرة من األطراف‪ .‬هذا يعني أن األفراد يجب أن يكونوا قادرين على‬
‫اتخاذ القرار بشكل مستقل دون تدخل أو ترهيب‪ .‬هذا املبدأ يعكس مفهوم الحرية في التعاقد ويضمن نزاهة‬
‫وصدق العقود‪ ،‬مما يعزز الثقة واالستقرار في العالقات التجارية واملدنية‪.‬‬

‫‪ .2‬عالقته بالقانون التجاري ‪:‬‬

‫القانون التجاري وقانون العمل يتشاركان في تنظيم العالقات العملية في الجزائر بواسطة تحديد هياكل‬
‫الشركات التجارية والعالقات بين العمال وأصحاب العمل‪ .‬يتقاطع القانونان في جوانب مثل ترتيب األولويات‬
‫فيما يتعلق بأجور العمال عند حدوث إفالس الشركة واستخدام التسوية القضائية لتسوية الديون املعلقة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ُ ،‬يشجع كل من القانونين على إنشاء بيئة عمل تنظيمية تحمي حقوق العمال وتمكن التنفيذ‬
‫ّ‬
‫الفعال للعقود داخل الشركات‪ .‬تتفاعل القوانين ً‬
‫معا لضمان تنظيم العالقات العملية في السياق التجاري‬
‫بكفاءة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪2024/2023‬‬ ‫مادة‪ :‬قانون العمل‬ ‫السنة الثالثة علوم التسيير‪ :‬إدارة املوارد البشرية‪-‬‬

‫‪ .3‬عالقته بقانون اإلجراءات املدنية واإلدارية‪:‬‬

‫عند وقوع نزاع فردي بين العامل وجهة العمل‪ ،‬يظهر تفاعل بين قانون العمل وقانون اإلجراءات املدنية‪.‬‬
‫بدءا من رفع الدعوى وسيرها وصدور األحكام‬ ‫يتعين اتباع إجراءات قانون اإلجراءات املدنية لفض هذا النزاع‪ً ،‬‬
‫واستئنافها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يتميز قانون العمل بعدد من األحكام واإلجراءات الخاصة به‪ .‬فمثال‪ ،‬تشكيلة القسم‬
‫االجتماعي في املحكمة تختلف عن تشكيلة األقسام األخرى‪ ،‬إذ تضم ممثلين عن العمال وممثلين عن أصحاب‬
‫العمل باإلضافة إلى القاض ي االجتماعي الرئيس‪ .‬وتشمل التسوية الودية للنزاعات التي تجري على مستوى جهة‬
‫ً‬
‫وأيضا االلتزام بإجراءات املصالحة قبل رفع الدعوى أمام الجهة القضائية‬ ‫العمل قبل اللجوء إلى القضاء‪،‬‬
‫املختصة‪ ،‬وإال سيتم رفضها من الناحية الشكلية‪.‬‬

‫‪ .4‬عالقته بالقانون الجزائي (العقوبات)‪:‬‬

‫العالقة بين القانونين تظهر بوضوح من خالل الجوانب الجزائية (العقابية) التي تضمها بعض أحكام‬
‫قانون العمل‪ .‬يمكن تقسيم هذه الجوانب الجزائية إلى نوعين رئيسيين‪:‬‬

‫• الجوانب الجزائية املالية‪ :‬تشمل هذه األحكام فرض غرامات مالية على األفراد أو الجهات التي تنتهك‬
‫أحكام قانون العمل‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬يمكن توقيع غرامات على أصحاب العمل الذين يخالفون أحكام‬
‫العمل‪ ،‬مثل عدم دفع األجور بالوقت املحدد أو عدم توفير بيئة عمل آمنة‪.‬‬
‫• الجوانب الجزائية البدنية‪ :‬تتضمن هذه األحكام عقوبات بدنية مثل الحبس لفترة محددة‪ .‬يتم فرض‬
‫هذه العقوبات في حاالت خطيرة‪ ،‬مثل انتهاكات خطيرة لقوانين العمل تؤثر بشكل كبير على حقوق‬
‫العمال‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬يمكن أن يتم اللجوء إلى الحبس في حالة عدم اتخاذ إجراءات لحماية العمال‬
‫من مخاطر صحية وسالمة خطيرة في مكان العمل‪.‬‬

‫بشكل عام‪ ،‬يتم استخدام هذه الجوانب الجزائية لفرض االنضباط وضمان التزام األطراف بأحكام‬
‫قانون العمل‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يتم تطبيق هذه العقوبات ً‬
‫بناء على السياق وجدوى القضايا‪ ،‬وعادة ما تكون قصيرة‬
‫األجل ً‬
‫نسبيا لتحفيز االمتثال ألحكام القانون‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪2024/2023‬‬ ‫مادة‪ :‬قانون العمل‬ ‫السنة الثالثة علوم التسيير‪ :‬إدارة املوارد البشرية‪-‬‬

‫املحاضرة الرابعة‪:‬مصادرقانون العمل‬

‫دراسة مصادر قانون العمل تفتح أمامنا نافذة لفهم كيف تتشكل وتتطور أحكام وقوانين هذا النظام‬
‫ً‬
‫القانوني‪ .‬فضال عن اللوائح والقوانين التي يصدرها السلطات الرسمية في الدولة‪ ،‬هناك مصادر أخرى متنوعة‬
‫لهذا النوع من القانون‪ .‬بعضها ينشأ عندما تتفق األطراف املعنية بعالقات العمل على قواعد خاصة بهم‪ ،‬في حين‬
‫تأتي مصادر أخرى كنتيجة للتعاون والتنسيق بين الدول عبر املعاهدات واالتفاقيات الدولية‪ .‬توجد ببساطة‬
‫مصادر قانون العمل في صورتين‪ :‬مصادر قانونية ومصادر اتفاقية‪ .‬كما يمكن تقسيم مصادر قانون العمل إلى‬
‫نوعين من املصادر‪:‬‬

‫• املصادرالداخلية ( الرسمية والغير الرسمية)‬


‫)‪ – International Labour Organization (ILO‬منظمة العمل‬ ‫• املصادر الخارجية (منظمة العمل الدولية‬
‫العربية ‪) ...... – Arab Labour Organization (ALO) -‬‬
‫املصادرالداخلية‪:‬‬ ‫‪.I‬‬
‫‪ )1‬املصادرالرسمية‪:‬‬
‫أ‪ -‬الدستور(التشريع األساس ي)‪ :‬املبادئ واألحكام العامة املتعلقة بمجال العمل والعالقات العمالية تجد‬
‫غالبا وجودها في دساتير معظم الدول حول العالم‪ .‬يتمثل الدستور كاملصدر األعلى واألساس ي في‬ ‫ً‬
‫التسلسل الهرمي للقوانين الوطنية‪ ،‬وهو املصدر الذي يحتوي على األحكام واملبادئ التوجيهية ملعظم‬
‫السياسات والقوانين األخرى‪.‬‬
‫ً‬
‫اهتماما ببعض القواعد األساسية املنظمة لعالقات العمل‪ .‬يعتبر هذا‬ ‫الدستور الجزائري أولي‬
‫الدستور هذه القواعد ً‬
‫جزءا من املبادئ العامة واألساسية في تنظيم العالقات العمالية‪ ،‬ومن أبرز‬
‫املبادئ التي تم التركيز عليها في الدساتير‪ ،‬بما في ذلك الدستور الجزائري‪ ،‬هي حقوق العمل‪ ،‬مثل حق‬
‫العمل والحماية واألمان‪ ،‬وحق الراحة وحق التنظيم النقابي‪ ،‬وحق اإلضراب‪.2.‬‬
‫ب‪ -‬النصوص والقواعد التشريعية (القوانين واللوائح)‪ :‬تشمل هذه املجموعة النصوص التي تصدرها‬
‫السلطات التشريعية في الدولة‪ ،‬وتكون ملزمة ألحكام ومبادئ الدستور‪ .‬في الجزائر‪ ،‬صدرت عدة قوانين‬
‫ولوائح لتنظيم مجال العمل وعالقات العمل‪ ،‬بما في ذلك قانون عام ‪ 1990‬وقوانين أخرى تتعلق‬
‫بالوقاية من النزاعات الفردية في العمل ومواضيع أخرى‪:‬‬
‫• القانون ‪ 02-90‬املعدل و املتمم واملتعلق بالوقایة من النزاعات الجماعیة في‬
‫العمل وتسویتها وممارسة حق اإلضراب‪.‬‬

‫ّ‬
‫الحق في العمل‪.‬‬ ‫‪ 2‬المادة ‪ :69‬من الدستور الجزائري لكل المواطنين‬

‫‪11‬‬
‫‪2024/2023‬‬ ‫مادة‪ :‬قانون العمل‬ ‫السنة الثالثة علوم التسيير‪ :‬إدارة املوارد البشرية‪-‬‬

‫• القانون ‪ 03-90‬املتعلق بمفتشية العمل‪.‬‬


‫• القانون ‪ 04-90‬املعدل و املتمم واملتعلق بتسوية منازعات العمل الفردية‪.‬‬
‫• القانون ‪ 11-90‬املعدل و املتمم واملتعلق بعالقات العمل‪.‬‬
‫• القانون ‪ 14-90‬املعدل و املتمم واملتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقاي‪.‬‬

‫ث‪ .‬النصوص واألحكام التنظيمية (التشريع الفرعي)‪ :‬تصدر هذه النصوص واألحكام التنظيمية بواسطة‬
‫الهيئة التنفيذية‪ ،‬حيث يكون للرئيس في البداية صدور مراسيم رئاسية تمنح الصالحيات التنظيمية‪ .‬بعد ذلك‪،‬‬
‫يأتي رئيس الحكومة باإلشراف على اإلصدارات التنفيذية‪ .‬وتكون هذه اإلصدارات مسؤولية السلطات التنظيمية‬
‫لتطبيق القوانين‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يمكن ألعضاء الحكومة في إطار اختصاصاتهم الخاصة إصدار قرارات‬
‫إدارية وتوجيهات وتعليمات‪ ،‬مع مراعاة الحدود املفوضة لهم من الصالحيات‪.‬‬

‫أمثلة عن بعض املراسيم التنفيذية املتعلقة بعالقات العمل‪:‬‬

‫• املرسوم التنفیذي ‪ 481-91‬املؤرخ في ‪ 1991-12-14‬املحدد لكیفیات ضبط التوقیت الیومي للعمل‪.‬‬


‫• املرسوم التنفیذي ‪ 120-93‬املؤرخ في ‪ 1993-05-12‬املتعلق بالوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪.‬‬

‫‪ )2‬املصادرالغيررسمية‪:‬‬
‫أ‪ .‬الفقه‪ :‬هو نظام قانوني يعتمد على تفسير واستنباط األحكام والتوجيهات من املصادر الشرعية‪ .‬يلعب‬
‫الفقه ً‬
‫دورا ً‬
‫مهما في القوانين في العديد من البلدان حيث تكون الديانة لها تأثير كبير على النظام القانوني‪.‬‬
‫يشمل مجال الفقه مسائل متنوعة مثل الشؤون الشخصية واألسرة والقوانين الجنائية والقوانين املالية‬
‫والتجارية والعديد من املواضيع األخرى‪ .‬ويتضمن الفقه عادة على مصادر شرعية رئيسية‪:‬‬
‫القرآن الكريم – السنة – اإلجماع – القياس – اإلستحسان‬
‫ب‪ .‬العرف والعادات املهنية‪ُ :‬يمكن أن تتحول هذه العادات واملمارسات املهنية‪ ،‬التي تمتاز بطابع االتفاق في‬
‫إطار العقود‪ ،‬إلى قوانين رسمية عندما يتم اعتمادها أو تنصيصها بشكل رسمي من قبل املشرع أو‬
‫القضاء من خالل األحكام التي يصدرونها‪.‬‬
‫ت‪ .‬اإلتفاقيات الجماعية‪ :‬تمثل هذه االتفاقيات نتيجة للتفاوض بين ممثلي العمال وأصحاب العمل‪ ،‬حيث‬
‫تستند إلى إرادتهم املشتركة وحريتهم في اتخاذها‪.‬‬
‫ث‪ .‬اللوائح واألنظمة الداخلية‪ :‬اللوائح واألنظمة الداخلية في إطار قانون العمل الجزائري ‪ 11-90‬تشير إلى‬
‫التعليمات والقواعد التي يصدرها صاحب العمل داخل املؤسسة لضبط وتنظيم سير العمل واألنشطة‬

‫‪12‬‬
‫‪2024/2023‬‬ ‫مادة‪ :‬قانون العمل‬ ‫السنة الثالثة علوم التسيير‪ :‬إدارة املوارد البشرية‪-‬‬

‫اليومية‪ .‬هدف هذه اللوائح واألنظمة هو املساهمة في الحفاظ على االستقرار واألمن في بيئة العمل‪،‬‬
‫وضمان تنفيذ السياسات واإلجراءات بطريقة تتوافق مع النصوص القانونية املعمول بها‪.‬‬
‫من الناحية القانونية‪ ،‬يجب أن تتوافق هذه اللوائح واألنظمة مع أحكام قانون العمل الجزائري‬
‫‪ 11-90‬والقوانين واللوائح األخرى املعمول بها في البالد‪ .‬إذا تم اتخاذ إجراءات تتعارض مع القوانين‬
‫الوطنية‪ ،‬فقد تكون هذه اإلجراءات غير قانونية وتستوجب املسائلة القانونية‪.‬‬

‫املصادرالخارجية‪:‬‬ ‫‪.II‬‬
‫‪ )1‬املنظمة الدولية للعمل ‪:International Labour Organization‬‬

‫منظمة العمل الدولية (‪ )ILO‬هي منظمة تابعة لألمم املتحدة تهدف إلى تعزيز حقوق العمال والعدالة‬
‫االجتماعية ً‬
‫عامليا‪ .‬تعمل ‪ ILO‬على وضع معايير دولية للحقوق والظروف الالئقة للعمل‪ .‬قوانين العمل‬
‫الوطنية‪ ،‬مثل قانون العمل الجزائري ‪ ،11-90‬يمكن أن تستوحي من معايير ومبادئ ‪ ILO‬وتطبقها‪ .‬كما‬
‫دورا ً‬
‫دوليا في تشجيع التنمية املستدامة وحماية حقوق العمال‪ ،‬وهذا يؤثر على تشكيل‬ ‫تلعب ‪ً ILO‬‬
‫القوانين الوطنية للعمل في الجزائر وغيرها من البلدان‪.‬‬

‫‪ )2‬املنظمة العربية للعمل ‪: Arab Labor Organizatio‬‬

‫منظمة العمل العربية هي منظمة دولية تأسست سنة ‪ 1965‬بهدف تعزيز التعاون بين الدول‬
‫العربية في مجال قوانين العمل وحقوق العمال‪ .‬تهدف املنظمة إلى تطوير وتنسيق السياسات‬
‫والتشريعات املتعلقة بالعمل في الدول العربية‪ .‬يتم تحقيق هذا من خالل تبادل املعلومات والخبرات‬
‫وتطوير املعايير والقوانين العربية املشتركة في مجال العمل‪.‬‬

‫ً‬
‫مصدرا‬ ‫فيما يتعلق بقانون العمل الجزائري ‪ ،11-90‬يمكن أن تكون منظمة العمل العربية‬
‫لإللهام أو التأثير‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬املنظمة تعمل على تطوير معايير وقوانين عربية مشتركة قد تكون‬
‫ذات صلة بقضايا العمل وحقوق العمال‪ .‬تلعب املنظمة ً‬
‫دورا في تعزيز التواصل والتعاون بين الدول‬
‫العربية في هذا السياق‪.‬‬

‫كما يجدر الذكر ان الجزائر قد إنضمت إلى املنظمة العربية للعمل سنة ‪ 1971‬رفقة ‪ 20‬بلد‬
‫عربي آخر‪.‬‬

‫‪13‬‬

You might also like