Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 9

‫‪169‬‬ ‫األزمنة احلديثة > العدد ‪8‬‬ ‫فريد بوجيدة‬

‫السينما المغربية بين تأكيد الذات والحضور االجتماعي‬

‫فريد بوجيدة‬

‫الش���ك أن صراعا حقيقي���ا بدأ في هذه الفترة‪ ،‬وس���تخرج‬


‫االحتجاج���ات االجتماعية إل���ى العلن وس���تكون الصورة حاضرة‬ ‫تقديم‬
‫تشهد عن األوضاع المزرية واالعتقاالت السياسية‪...‬‬
‫تكمن أهمية الفترة األولى من تاريخ السينما المغربية من‬
‫وبع���د ذلك دخل المغرب القرن الواحد والعش���رين‪ ،‬قرن ما‬ ‫خالل ما أنتجه الفرنسيون من أفالم سواء التسجيلية أو الدرامية‪،‬‬
‫بعد الحداثة‪ ،‬وهل يعقل أن تتحاش���ى السينما الدخول إلى عمق‬ ‫وكان حض���ور المغرب في هذه الفترة بعي���ون أجنبية‪ ،‬وهو حضور‬
‫المجتمع؟ كال ستتوجه إلى مواضيع أكثر حساسية داخل المجتمع‬ ‫س���اكن ال يخترقه الفع���ل االجتماعي‪ ،‬وإنم���ا التفاعل االيجابي‬
‫وس���تواجه القيم التقليدية والتعس���ف االجتماعي واإلرهاب‪ ،‬وبعد‬ ‫المؤثث لمش���اهد تغيب فيها قيم التحرر وتحضر قيم االستكانة‬
‫ما كانت الس���ينما محاكية للفعل االجتماعي‪ ،‬س���تخلق هي هذا‬ ‫وقبول الوضع‪ ،‬وإذا أردنا أن نصف المجتمع المغربي في السينما‬
‫الفعل‪ ،‬وستفتح حوارا داخل المجتمع وستصبح مجاال إلختبار قوة‬ ‫الكولونيالي���ة يمك���ن أن نقول أنه كان عبارة عن مجال س���اكن ال‬
‫الخطاب الحداثي‪...‬‬ ‫تحكمه قوانين التطور‪ ،‬مجال صالح للتصوير فقط‪.‬‬
‫وس���تمتد إلى سينما الشباب التي جعلت من شعار الفضح‬ ‫مع بداية الستينات بدأ التفكير في تعويض غياب الفعل‬
‫ضالتها في اقتحام الواقع‪ ،‬لكن الشباب وبشكل ال واعي أحيانا‬ ‫الس���ينمائي الوطن���ي‪ ،‬في البح���ث عن هوية خاص���ة والتحرر من‬
‫س���يعيد إنتاج س���ينما المحترفين من خالل التركيز على الهامش‬ ‫اآلخر‪ ،‬بالموازاة مع الفعل السياسي الوطني‪ ،‬وتجلى هذا الطموح‬
‫االجتماع���ي وص���ورة المقهورين‪ ،‬لكنه سيرس���م معالمه من خالل‬ ‫في س���ينما رومانس���ية كتعبير ع���ن حلم ما في األف���ق‪ ،‬أما في‬
‫حضور الطابع الس���وداوي في تص���وره للواقع‪ ،‬ترى هل هي عالمة‬ ‫س���بعينات القرن الماضي فقد عاش المغرب تحوالت مهمة على‬
‫على أن ربيعا شبابيا سيشتغل ذات شتاء في سنة ‪2011‬؟‬ ‫صعيد المجتمع والسياس���ة‪ ،‬ومن بين خيارات المستقبل سيختار‬
‫المغ���رب الرس���مي طريقا س���يجعله رهين���ا للتبعي���ة االقتصادية‬
‫المبحث األول‪ :‬السينما المغربية‬ ‫وس���تظهر حركات احتجاجية ومعارضة قوي���ة تتفاوت في وتيرتها‬
‫بي���ن االعت���دال والراديكالية‪ ،‬أما الصورة الس���ينمائية فسترس���م‬
‫وتأكيد الذات‬ ‫ثورته���ا في أفق آخر أي ظهور أفالم مؤسس���ة لتوجه واقعي جاد‬
‫في مضمونه ومجدد في أدوات تعبيره‪ ،‬وفي الثمانينات س���تتجرأ‬
‫‪ 1-1‬السينما المغربية وإشكالية البداية‬
‫الس���ينما في طرح قضايا المجتمع برؤية تتمثل تناقضات الواقع‬
‫إن الس���ينما المغربية هو عنوان لمرحلة تش���كل الس���ينما‬ ‫لترس���م مش���هدا لمغرب يتحول بالفعل‪ ،‬س���تحاول الس���ينما في‬
‫الوطنية موضوعا وإخراجا وهوية‪ .‬وقبل أن نتحدث عن انشغاالت‬ ‫ه���ذه الفترة أن تخترق جدار الصمت وتلتحق بالمس���رح في جرأته‬
‫الس���ينمائي المغرب���ي‪ ،‬والتيمات األساس���ية لألف�ل�ام المغربية‪،‬‬ ‫الواضحة س���تنقل لنا الس���ينما وجها لم نعهده لواقع المغرب أي‬
‫والهواجس الفكرية التي رافقت المخرجين المغاربة‪ ،‬ومدى ارتباط‬ ‫أن الهم االجتماعي س���يحضر بش���كل كبير‪ ،‬وه���و ما عبرت عنه‬
‫هذه الهواجس بالمجتمع المغربي وتطوره‪ ،‬يجدر بنا أن نقارب هذا‬ ‫بع���ض األفالم القوية خ�ل�ال هذه الفترة‪ ،‬إال أن فترة التس���عينات‬
‫الموضوع انطالقا من التاريخ‪ ،‬ألنه هو الذي يحدد لنا مس���ار هذا‬ ‫س���يكون للمغرب موعدا مع االنفتاح السياسي‪ ،‬وستنقل الصورة‬
‫التراكم‪ ،‬كما يضيء لنا الخط الكرونولوجي الذي سنتبعه في رصد‬ ‫ذلك المش���هد ألن تحوالت مهمة س���تدفع الفاعل السينمائي إلى‬
‫التيم���ات االجتماعية والثقافية‪ ،‬وس���نحاول أن نقارب الموضوع‬ ‫المبادرة‪ ،‬ألن الس���لطة السياسية ستفتح نقاشا حول قضايا كانت‬
‫انطالق���ا م���ن الكتابات الت���ي اهتمت به‪ ،‬والتي رس���مت اتجاها‬ ‫ضمن الممنوعات‪.‬‬
‫دراسات وقراءات‬ ‫األزمنة احلديثة > العدد ‪8‬‬ ‫‪170‬‬
‫السينما املغربية بني تأكيد الذات واحلضور االجتماعي‬

‫إال كذاك���رة يمك���ن أن تصلح كم���ادة تاريخية لمعرف���ة ما قام به‬ ‫للتأويل من خالل تصنيفاتها لألفالم‪ ،‬س���واء الكتابات التاريخية‬
‫االس���تعمار وكيف كانت الظ���روف التي جعل���ت المغرب مطمعا‬ ‫أو الكتابات النقدية التي اهتمت بالتحقيب الموضوعاتي‪.‬‬
‫للمس���تعمر‪ ،‬غير أن البداي���ة الحقيقية للس���ينما المغربية تطرح‬ ‫ف���ي كت���اب «تاري���خ الس���ينما بالمغ���رب‪ ،‬الس���ينما‬
‫أش���كاال بالنس���بة للباحثين المغاربة‪ ،‬فمنهم من يعتبرأن البداية‬ ‫الكولونيالية» يحدد إدريس الجعايدي البدايات من خالل ارتباط‬
‫تتجس���د «في دخ���ول أول مغربي إلى ميادي���ن التصوير واإلنتاج‬ ‫الكامي���را بتوثيق األحداث التي وقعت ف���ي الدار البيضاء والتي‬
‫واإلخراج الس���ينمائي‪ ،‬ويتعلق األمر –حسب أحمد السجلماسي‪-‬‬ ‫ق���ام بها المصور فيلكس ميس���كتيش‪ Félix Mesguish‬من‬
‫برائ���د الس���ينما المغربية محم���د عصفور الذي أنت���ج ابتداء من‬ ‫خالل فيلم وثائقي «تحقيقات حول أحداث الدار البيضاء»(‪ )1‬كما‬
‫س���نة ‪ 1941‬عددا من األفالم القصيرة الصامتة‪ ،‬قبل أن يدش���ن‬ ‫صور ميس���كيتش وصول لويس رونو الوزير الفرنسي بطنجة‪ ،‬كما‬
‫الفيلموغرافي���ا الوطنية في ش���قها الروائي بفيل���م «االبن العاق»‬ ‫يوثق إدري���س الجعايدي البدايات من خ�ل�ال الحرب في المغرب‬
‫الذي صور س���نة ‪ )6(»1956‬غير أن الباحث مصطفى المس���ناوي‬ ‫خاصة حرب الريف والتي كانت مادة فيلمية للكثير من المصورين‬
‫ل���ه رأي آخر ف���ي هذا الموضوع‪ ،‬فهو يتحف���ظ على هذا المعطى‬
‫اإلس���بان‪ ،‬وف���ي كتابه «أبحاث ف���ي الس���ينما المغربية» يحاول‬
‫كبداية حقيقية للس���ينما المغربية‪ ،‬وهذا التحفظ يهم أساسا فيلم‬
‫مصطف���ى المس���ناوي أن يح���دد تاريخا لدخول حقيقي للس���ينما‬
‫«االبن العاق» ألنه في نظر الباحث ال يس���تجيب للمعايير التي‬
‫بالمغرب‪ ،‬مع أولى االس���تفزازات التي مهدت الستعمار المغرب‬
‫تحدد البداية «منها العمل االحترافي المنظم (على مستوى كتابة‬
‫من قبل فرنسا‪ ،‬ويذكر هو اآلخر الهجوم على مدينة الدار البيضاء‬
‫الس���يناريو‪ ،‬واإلخراج‪ ،‬والتصوير‪ ،‬والتق���اط الصوت‪ ،‬والمونتاج‪،‬‬
‫والش���روع في احتاللها «ففي هذه الس���نة –يقول الباحث‪ -‬صور‬
‫والميكس���اج) واس���تعمال فيلم خام من فئة ‪35‬م���م‪ ،‬إضافة إلى‬
‫الصحاف���ي والمصور الفرنس���ي فيليكس ميس���كتش عدة أمتار‬
‫إخراج الفيلم من طرف مغربي‪ ،‬بموضوع مغربي‪ ،‬موجه إلى جمهور‬
‫تس���جيلية عن مدينة الدار البيضاء تح���ت القصف وتضم الصور‬
‫مغربي»(‪ )7‬ويضيف الباحث بكثير من الحسم «إن أول فيلم تنطبق‬
‫الملتقطة‪ ،‬مش���اهد للجري في الشوارع المقفرة والمغطاة بالجثث‬
‫علي���ه هذه المقاييس بالنس���بة للفيلم القصير ه���و الفيلم التربوي‬
‫التي تتصاعد منها روائح نتنة وغيوم الذباب ومش���اهد للمعسكر‬
‫«صديقتنا المدرس���ة س���نة ‪ 1956‬للعربي بناني‪ ،‬وبالنسبة للفيلم‬
‫بما يحتويه من قناصة ولفيف أجنبي»(‪.)2‬‬
‫الطويل فيلم «الحياة كفاح» ‪ 1968‬للمخرجين أحمد المسناوي‪،‬‬
‫ومحمد التازي»(‪ ،)8‬س���يحاول كل من فؤاد سويبا وفاطمة الزهراء‬ ‫وسيسمي الناقد السينمائي أحمد السجلماسي هذه البداية‬
‫العلوي في كتابهما المش���ترك «قرن من الس���ينما في المغرب»‬ ‫بلحظ���ة م���ا قبل الس���ينما المغربي���ة‪ ،‬ألن ما تميز ه���ذه اللحظة‬
‫النب���ش في الموضوع م���ن جديد‪ ،‬من خالل الجم���ع بين الرأيين‬ ‫«ه���و غياب ش���به مطلق للمغاربة عن مج���االت اإلنتاج واإلخراج‬
‫الس���ابقين‪ ،‬وتحت عنوان «المغاربة ينتجون س���ينماهم الخاصة»‬ ‫والتصوير‪ ،‬وغير ذلك من جوانب اإلبداع السينمائي» (‪ )3‬فالمغرب‬
‫يح���دد المؤلفان بداية الس���ينما المغربية س���نة ‪ 1941‬مع محمد‬ ‫ف���ي أفالم ه���ذه المرحلة لم يكن إال ديكورا وس���وقا لالس���تهالك‬
‫عصفور الذي س���يدخل مجال الس���ينما‪ ،‬بمح���اوالت أولية عبارة‬ ‫(‪)4‬‬
‫السينمائي‪ ،‬وهذا ما يتفق حوله النقاد السينمائيون في المغرب‬
‫عن تج���ارب جنينية لتتضح الرؤية مع فيلم «االبن العاق» س���نة‬ ‫لقد انتبهت اإلدارة االس���تعمارية إلى أهمية الس���ينما آنذاك في‬
‫‪ 1956‬وهي البداية الحقيقية للسينما المغربية»(‪ )9‬لكن –حسب‬ ‫التأثير على المحميين وخلق ش���روط قبول االستعمار‪ ،‬وتشكيل‬
‫الكت���اب‪ -‬يجب االنتظار حتى س���نة ‪ 1970‬لتتحول البداية إلى‬ ‫ذهنية المغاربة إذ يقول المارشال ليوطي في مذكرة له مؤرخة في‬
‫تأس���يس فعلي للسينما المغربية «مع ظهور الفيلم األول للمخرج‬ ‫‪ 31‬دجنبر ‪« 1920‬فال يمكن أن نش���ك في النتائج السارة التي‬
‫حمي���د بناني الذي يبين في هذا العمل عن مقدرة كبيرة هائلة في‬ ‫يحق لنا أن نس���تظهرها من اس���تخدام جهاز العرض الس���ينمائي‬
‫التحكم في أدوات السرد(‪.)10‬‬ ‫كأداة لتربية المحميين‪ ،‬فاألفالم والمناظر المناس���بة ستترك دون‬
‫إن االخت�ل�اف في تحديد البداية ليس أمرا ش���كليا‪ ،‬فهو‬ ‫ش���ك‪ ،‬في أذهان المغارب���ة البكر آثارا عميق���ة بخصوص حيوية‬
‫قراءة معينة لمس���ار الممارسة السينمائية‪ ،‬وإذا كان البعض ينظر‬ ‫وقوة وثروة فرنس���ا وإدراك وس���ائل عملها واألدوات التي تصنعها‬
‫للبداي���ة وكأنه���ا مرتبطة بالمغربة على صعي���د اإلنتاج واإلخراج‪،‬‬ ‫وجم���ال مناظرها ومنتجاتها»(‪ .)5‬إن الس���ؤال الذي يطرح هو هل‬
‫بغ���ض النظر عن اآلليات األخرى الت���ي تتحكم في عملة اإلبداع‬ ‫يمكن اعتبار كل األفالم التي صورت في مرحلة االستعمار سواء‬
‫الس���ينمائي‪ ،‬فإن اآلخرين ينظرون لألمر بش���كل آخ���ر‪ ،‬أي أنهم‬ ‫الوثائقي���ة أو الروائية أفالم مغربية؟ ال يمكن طبعا أن نعتبر هذه‬
‫يصنع���ون ه���ذه البداية وكأنها انطالقة حقيقي���ة للثقافة البصرية‪،‬‬ ‫األف�ل�ام مغربية وال يمكن أن تدخل داخل الفيلموغرافية المغربية‬
‫‪171‬‬ ‫األزمنة احلديثة > العدد ‪8‬‬ ‫فريد بوجيدة‬

‫وبس���ط الس���يطرة وما يرتب���ط بذلك من تهميش وتش���ويه للثقافة‬ ‫والتي تحدد مس���ارا مستقال للمغرب السينمائي‪ ،‬بامتالك أدوات‬
‫المحلية ومحاولة فرض نمط العيش الغربي (الفرنس���ي أس���اس)‬ ‫احترافي���ة عل���ى جميع المس���تويات‪ ،‬وله���ذا اعتبر فيل���م «االبن‬
‫(‪ )11‬ولحظ���ة التاريخ التي يقس���مها إلى مرحل���ة األربعينات التي‬ ‫العاق» لمحمد عصفور فيلما تجريبيا فقط‪ ،‬ألنه يدخل في إطار‬
‫تميزت بمش���اركة المغاربة في اإلنتاج‪ ،‬وإنشاء المركز السينمائي‬ ‫الهواية خاصة على المستوى التقني‪ ،‬وهذا ال ينقص بريادة الفنان‬
‫المغربي‪ ،‬وبناء اس���توديوهات السويسي بالرباط‪ ،‬وإقامة شركات‬ ‫وعصاميته ومردوديته التي يشهد لها الجميع‪ ،‬إن عدم الحسم في‬
‫اإلنتاج والتوزيع‪ ...‬وهي فترة يقول عنها الباحث أنها خصبة‪ ،‬مع‬ ‫هذه النقطة يجعلنا نتحدث عن بدايات وليس بداية واحدة كما قال‬
‫أنه���ا لم تعكس الواقع التاريخي للمغرب ألنها صورته من منظور‬ ‫المس���ناوي‪ ،‬هذا يعني أن هناك بداية أولى‪ ،‬وبداية ثانية‪ ،‬وبداية‬
‫غربي خارجي(‪ )12‬ومرحلة الخمسينات وهي فترة احتكاك الشباب‬ ‫ثالث���ة‪ ،‬وفي هذا الصدد يمكن أن نقس���م الس���ينما المغربية إلى‬
‫المغربي بالسينمائيين األجانب‪ ،‬ومرحلة الستينات التي اعتبرت‬ ‫مجموع���ة من المحطات يمك���ن اعتبارها بدايات‪ ،‬وقد تكون هذه‬
‫مرحلة اإلنتاج الوفير وهي مرحلة ظهور الفاعل السينمائي الوطني‪،‬‬ ‫المالحظ���ة نقطة تحول تقودنا إلى قراءة تاريخ الس���ينما المغربية‬
‫أما مرحلة السبعينات فهي مرحلة اإلبداع بامتياز والمراهنة على‬ ‫لي���س قراءة كرونولوجية ب���ل قراءة تحاول أن ترب���ط هذا المنتوج‬
‫الكي���ف‪ ،‬قبل أن تأتي مرحل���ة التراجع ف���ي الثمانينات‪ ،‬لتكون‬ ‫بالمجتمع‪.‬‬
‫التسعينات مرحلة التحول النسبي(‪. )13‬‬
‫‪ 1-2‬السينما المغربية ومسألة التصنيف‬
‫تع���د ه���ذه القراءة قريبة م���ن التحقي���ب التاريخي‪ ،‬إال أن‬
‫يحلو للبع���ض أن يتحدث عن الس���ينما المغربية انطالقا‬
‫االختزال الذي طبعها يش���ي بأن هن���اك اهتمام بالواقع وتجلياته‪،‬‬
‫م���ن معطى تاريخي‪ ،‬هذا األمر ال يخل���و من أخطاء‪ ،‬ألن تحقيبا‬
‫فاألف�ل�ام ليس���ت نصوصا مرئية فقط بل تش���كل م���ن وجهة نظر‬
‫م���ن هذا النوع ق���د يفرغ أي بحث من معناه‪ ،‬وهذا ما أكدنا عليه‬
‫سوسيولوجية وثيقة اجتماعية تشهد على مرحلة معينة‪.‬‬
‫عندم���ا اعتبرن���ا أن البداي���ة ال تعني األس���بقية الزمنية بل تحيل‬
‫وبعيدا عن هذا االختزال‪ ،‬يحاول كتاب «قرن من السينما»‬ ‫إلى معايي���ر أخرى‪ ،‬ولذلك وجب االحتياط من الناحية المعرفية‪،‬‬
‫والمنهجية كذلك‪ .‬واستمرارا على نفس النهج الذي يفرض تجاوز أن يق���رأ ه���ذا التاري���خ من خالل تصني���ف األف�ل�ام المغربية إلى‬
‫التتبع الكرونولوجي‪ ،‬سنحاول تتبع السينما المغربية انطالقا من توجهات وتيمات وهو ما يجعل من الفيلم حلقة ضمن تيار تتشابه‬
‫التيمات التي شغلت السينمائيين باعتبارهم فاعلين داخل الحقل فيه المضامين وتتقارب الموضوعات‪ ،‬هكذا س���يتم توزيع األفالم‬
‫الثقافي‪ ،‬ونرى كيف تعامل الفاعل السينمائي المغربي مع الواقع عل���ى توجهين وهما كالتال���ي‪ :‬أوال التوج���ه التقليدي‪ ،‬ويتضمن‬
‫االجتماعي‪ ،‬وما هو الهم الذي ش���غله‪ ،‬وإلى أي حد اس���تطاع أن تيمات عدة منها‪ :‬الدراما الموسيقية‪ ،‬التيمة االجتماعية‪ ،‬التيمة‬
‫يتفاعل مع التطور االجتماعي ومع القضايا العامة التي ش���غلت الخيالية‪ ،‬السياس���ية‪ ،‬الغرائبية‪ ،‬ثانيا التوجه المجرد‪ ،‬ويتضمن‬
‫نفس التيمات الس���ابقة ويضاف إليها ما يمكن أن نسميه التيمة‬ ‫المجتمع المغربي؟‬
‫إن ق���راءة تاريخ الس���ينما المغربية فرض���ت على الباحثين المثقفاتية أو النخبوبية غير أن كتاب «أبحاث في الس���ينما‬
‫(‪)14‬‬

‫والنقاد أن يتعاملوا مع اإلرث الس���ينمائي كتراث ثقافي‪ ،‬وهو ما المغربي���ة»(‪ )15‬يقس���م هذه التيمات حس���ب الهم���وم اإلبداعية‪،‬‬
‫تطل���ب بعض األدوات النظرية والمنهجي���ة‪ ،‬خاصة أن هذا التراث وس���يكرس جهده لتقييم الس���ينما المغربي���ة انطالقا من تصنيف‬
‫يس���تدعي موقفا من بعض األفالم التي ل���م ترق إلى التعبير عن األفالم حس���ب الهم���وم اإلبداعي���ة‪ ،‬وتبدو هذه الق���راءة قريبة من‬
‫هذا الواقع االجتماعي‪ ،‬ولم توظف لغة سينمائية جديرة باالهتمام‪ ،‬المنهج السوس���يولوجي لربطها بين اإلنت���اج الثقافي الرمزي بكل‬
‫لذل���ك اختلف الباحثون والنقاد حول طريقة التعامل مع الس���ينما تجليات���ه وألوانه‪ ،‬واإلنتاج المادي الواقعي ب���كل معطياته‪ ،‬أما‬
‫المغربي���ة‪ ،‬وهنا يجب أن نوضح أن المقص���ود هو كيفية تصنيف المقاربة الثالثة فهي التي تحاول أن تتعامل مع اإلرث السينمائي‬
‫األفالم وتوزيعها حس���ب التيمات‪ ،‬وس���نعرض لبع���ض اآلراء في انطالق���ا من قناعة فكري���ة محددة يحضر فيه���ا الموقف النقدي‬
‫ه���ذا المج���ال‪ ،‬يحاول أحمد السجلماس���ي في كت���اب «المغرب بش���كل واض���ح ومعلن‪ ،‬ب���ل أن هذا الموقف هو ال���ذي يملي هذه‬
‫السينمائي» أن يستعيد مائوية السينما المغربية من خالل تصنيف المقارب���ة‪ ،‬ودون تحفظ يعل���ن حميد تباتو في كتابه «الس���ينما‬
‫مس���ار هذه الس���ينما إلى لحظتين‪ :‬لحظة ما قبل تاريخ السينما قضاي���ا اإلبداع والهوية» «أن االبتعاد عن المجاملة في الحديث‬
‫المغربية‪ ،‬وفيها يتحدث عن الس���ينما االستعمارية‪ ،‬معتبرا «أن عن موقع الس���ينما ف���ي الخطاب الثقافي ت���ؤدي إلى إعالن عن‬
‫االستعمار الفرنسي كان يوظف السينما كأداة للترويض والتدجين القس���وة ومكاش���فة الذات بصدد األوهام الخاصة ح���ول الفذلكة‬
‫دراسات وقراءات‬ ‫األزمنة احلديثة > العدد ‪8‬‬ ‫‪172‬‬
‫السينما املغربية بني تأكيد الذات واحلضور االجتماعي‬

‫نالح���ظ أن بداية اإلنتاج الس���ينمائي أو معرفة الس���ينما‬ ‫الكالمية عن قضايا الس���ينما المغربية وعن موقع هذه الس���ينما‬
‫ابت���دأت بفيل���م واح���د هو «االبن الع���اق» لمحمد عصفور س���نة‬ ‫في اهتمامات الناس الثقافية‪ ،‬وعن إبداعات هذه السينما‪ ،‬وعن‬
‫‪ 1956‬وهو الفيلم الذي يعتبر األول من الناحية الزمنية أي إنتاج‬ ‫مش���روعها الثقافي والجمالي»(‪ )16‬وتبعا لهذه المكاشفة سيقسم‬
‫ش���ريط مصور طويل‪ ،‬ولكن إمكانيته المتواضعة جعلته يكتسب‬ ‫األفالم المغربية حس���ب دورها في تأس���يس ما يس���ميه مش���روع‬
‫فق���ط الريادة في إدخال هذا الفن إل���ى اهتمامات الناس‪ ،‬بحيث‬ ‫الس���ينما الوطني���ة‪ ،‬وهكذا ي���رى أن هناك أفالم مؤسس���ة للتوجه‬
‫أمك���ن لش���اب مغربي آن���ذاك أن يأخذ الكامي���را ويصور (يخرج‬ ‫اإلبداعي‪ ،‬وأفالم مؤسسة للتوجه السوقي‪ ،‬وأفالم مؤسسة للتوجه‬
‫ويمثل ويصنع ويقدم كذلك) بش���كل مس���تقل فيلما يحاكي فيه‬ ‫التسويقي‪ ،‬وأفالم مؤسسة للتوجه النرجسي‪.‬‬
‫األفالم األمريكية المشهورة آنذاك(‪.)19‬‬ ‫يمكن أن نقول خالصة لهذه التقييمات التي تعرضنا لها‪،‬‬
‫«فال يتعلق األمر إال بمحاكاة بسيطة‪ ،‬ومالحظات ساذجة‬ ‫أن السينما المغربية قد عكست بهذا القدر أو ذلك تحول المجتمع‬
‫لألف�ل�ام الهندية والمصرية‪ ،‬ولكن بنظرة مغربي���ة»(‪ )20‬ويليها في‬ ‫المغربي‪ ،‬وبالرغم من التفاوت الموجود بين األفالم على مس���توى‬
‫الس���تينات أربعة أفالم فقط‪.‬وهي بداية محتش���مة لم تترك أثرا‪،‬‬ ‫المضامين‪ ،‬وعلى مستوى األدوات الفنية وطرق السرد‪ ،‬والكتابة‬
‫اللهم توثيق بعض المش���اهد بوجوه مغربية‪ :‬كبداية لظهور مغاربة‬ ‫التقني���ة‪ ،‬فإنها قد راكمت تجربة فنية عل���ى صعيد الموضوعات‬
‫على الشاش���ة كش���خصيات من عالم الفن (عبد الوهاب الدكالي‬ ‫والرؤي���ة الفني���ة والجمالية‪ ،‬وأصبح���ت اآلن تراثا ال غنى عنه في‬
‫في فيلم «الحياة كفاح»‪ )1968‬غير أن س���نوات السبعين بدأت‬ ‫رصد تاريخنا الفني‪ ،‬بل وفي إبراز صورتنا لآلخرين‪.‬‬
‫آل���ة اإلنتاج تتحرك بدخول مجموعة من الس���ينمائيين من الجيل‬
‫الثاني‪ ،‬ويمكن اعتبارهم المؤسسين الحقيقيين للسينما المغربية‬
‫‪ 1-3‬السينما المغربية بانوراما مصغرة‬
‫حي���ث «س���تتعرف الس���ينما المغربية عل���ى اللغة الس���ينمائية‪،‬‬ ‫يحض���ر المجتم���ع بكل ثقله ف���ي كل األف�ل�ام تقريبا من‬
‫وتتمك���ن من تيماته���ا‪ ،‬وتتحكم في طريق���ة التعبير والكالم من‬ ‫‪ (1956‬وه���ي الس���نة الت���ي ظهر فيه���ا أول فيل���م مغربي) إلى‬
‫خالل الصورة والصوت»(‪ ،)21‬وفي الثمانينات س���تعدد التجارب‪،‬‬ ‫س���نة ‪( 2000‬وهي س���نة التح���والت )‪.‬وإذا أردنا اس���تعادة كل‬
‫وتتوزع الرؤى بإنتاج أفالم كثيرة بالمقارنة مع الفترات الس���ابقة‪،‬‬
‫(‪)17‬‬
‫التصنيفات الس���ابقة (هن���اك تصنيفات قديمة ل���م نذكرها)‬
‫وس���يظهر في هذه الفترة بعض مالمح السينما الجادة والمتميزة‪،‬‬ ‫يمك���ن الق���ول أن تقييماتها ل���م تخطئ حينما اعتب���رت أن الهم‬
‫إال أن فترة التس���عينات كانت أحس���ن إنتاجا وعطاء ببروز أفالم‬ ‫االجتماعي طغى على مختلف المضامين السينمائية‪ ،‬وهو يتأكد‬
‫جي���دة‪ ،‬وبجرعات من الج���رأة والتجديد والمغام���رة تفوق بكثير‬ ‫حينما نتأمل الفيلموغرافيا المغربية(‪ )18‬وإذا استثنينا بعض أفالم‬
‫اإلنتاجات السابقة‪.‬‬ ‫مومن السميحي الذي حاول تجريب بعض المفاهيم النفسية مثال‬
‫التسعينات‬ ‫السبعينات الثمانينات‬ ‫الفترات اخلمسينات الستينات‬
‫فيل���م «قفطان الحب» (‪ ،)1982‬وبع���ض أفالم نبيل لحلو الذي‬
‫حاول هو اآلخر الدخول في عالم غرائيبي‪ ،‬مثال في فيلم «الحاكم‬
‫حسن‬
‫بنجلون‬ ‫حكيم نوري‬ ‫عبد الله‬ ‫العام لجزيرة الش���اكر باكربان» (‪ ،)1980‬وبعض أفالم مصطفى‬
‫املصباحي‬
‫التازي عبد الرحمن سعد‬
‫محمد‬ ‫الدرق���اوي ال���ذي بدأ مجربا في أفالمه األول���ى خاصة فيلم عنوان‬
‫الشرايبي‬ ‫سهيل‬
‫بنبركة‬ ‫مؤق���ت (‪ ،)1984‬فإن معظم األفالم ارتبط���ت بالواقع المعيش‪،‬‬
‫اجلياللي فرحات نور الدين‬
‫كنجار‬ ‫محمد العبازي‬ ‫مصطفى‬ ‫محمد‬ ‫متراوحة بين الهم االجتماعي الصرف‪ ،‬أو االجتماعي والسياسي‪،‬‬
‫التازي عبد الدرقاوي‬
‫عبد القادر‬ ‫محمد الركاب‬ ‫الواحد‬ ‫أو االجتماعي والثقافي‪ ،‬وهي الس���مة التي سيتم التأكيد عليها‬
‫لقطع‬ ‫أحمد‬
‫ادريس املريني‬ ‫البوعناني‬ ‫محمد‬ ‫فيم���ا بعد‪ ،‬خاصة أن الهوس بما هو اجتماعي‪ ،‬له أس���باب ذاتية‬
‫املخرجون‬

‫نبيل عيوش‬ ‫محمد‬


‫مسناوي‬ ‫عصفور‬
‫عبد الكرمي‬ ‫نبيل حللو‬ ‫وموضوعية ترتبط بثقافة المخرج وبشروط اإلنتاج السينمائي‪.‬‬
‫محمد‬ ‫الدرقاوي‬ ‫عبد العزيز‬
‫إسماعيل‬ ‫الرمضاني احمد‬ ‫تتضم���ن ه���ذه الحقب���ة مائة فيلم مقس���مة على الش���كل‬
‫محمد أبو الوقار‬ ‫املعنوني‬
‫داوود أوالد‬ ‫لطيف حللو‬ ‫التالي‪:‬‬
‫السيد‬ ‫أحمد ياشفني‬ ‫حميد‬
‫تباتو‬ ‫السبعينات الثمانينات التسعينات‬ ‫اخلمسينات الستينات‬ ‫السنوات‬
‫إدريس‬ ‫الصفريوي‬ ‫جنيب‬
‫شويكة‬ ‫عبد‬
‫فريدة بليزيد‬ ‫املجيد‬ ‫‪41‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫عدد األفالم‬
‫جمال‬ ‫فريدة بورقية‬ ‫الرشيش‬
‫مبجدوب‬ ‫جدول رقم‪ :1‬عدد األفالم حسب السنوات‬
‫‪173‬‬ ‫األزمنة احلديثة > العدد ‪8‬‬ ‫فريد بوجيدة‬

‫غي���ر أن ما تتس���م به ه���ذه المرحلة هو ظهور أف�ل�ام عرفت كيف‬ ‫نالحظ أن البداية كانت ش���به فطرية بمخرج واحد اش���تغل‬
‫تج���ذب الجمهور مثل أفالم حس���ن بنجلون (ع���رس اآلخرين‪ ،‬يا‬ ‫بإمكانيات���ه الذاتية‪ ،‬وبتأثير واضح من الس���ينما األمريكية التي‬
‫ريت‪ ،‬أصدقاء األمس) وأفالم حكيم نوري (المطرقة والس���ندان‪،‬‬ ‫كانت مهيمنة آنذاك وبأبطالها المش���هورين مثل طارزان وشارلي‬
‫عبروا ف���ي صمت‪ ،‬الطفولة المغتصبة) وأفالم محمد عبد الرحمن‬ ‫ش���ابلن ثم انطلقت فترة الس���تينات بأس���ماء قليلة جدا ش���كلت‬
‫الت���ازي (البحث ع���ن زوج امرأتي‪ ،‬ال ال حبي) وبروز أيضا أفالم‬ ‫الدفعة األولى من خريجي المدارس الس���ينمائية األجنبية (فرنسا‬
‫قوي���ة مثل أفالم الجياللي فرحاتي (ش���اطئ األطفال الضائعين‪،‬‬ ‫وبولوني���ا)‪ ،‬وكانت هذه الدفع���ة بمثابة نبتة في خالء مقفر‪ ،‬حيث‬
‫خيول الحظ)‪ ،‬وأفالم سعد الشرايبي (أيام من حياة عادية‪ ،‬نساء‬ ‫ال توجد س���ينما وال حركة سينمائية ‪ ،‬بمعنى أن السينما لم توجد‬
‫ونساء)‪.)26(...‬‬ ‫آن���ذاك في خريط���ة اهتمام الدولة ‪ ،‬وال ضمن طم���وح البورجوازية‬
‫الصاعدة‪ ،‬دون أن نذكر ش���روط اإلنتاج والتسويق واالستغالل في‬
‫ظل هيمنة مطلقة لنمط من االس���تهالك البصري الذي شكلت فيه‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الحضور االجتماعي‬ ‫الس���ينما األمريكية العمود الفقري‪ ،‬أما فترة التسعينات فتميزت‬
‫في السينما المغربية‬ ‫أساس���ا بظهور مجموعة من األفالم الطويلة (حوالي ‪ 15‬ش���ريط)‬
‫واألفالم القصيرة (‪ 30‬فيلما)(‪.)22‬‬
‫ما يمكن أن نس���جله حول ه���ذه الحقبة هو بروز توجه نحو ‪ 1-2‬الحضور بالقوة‪:‬‬
‫بناء ما يمكن أن نسميه بالسينما الوطنية‪ ،‬سينما تنفرد بموضوع‬
‫كل القص���ص تج���ري ف���ي المجتم���ع‪ ،‬وفي زم���ن معلوم‪،‬‬ ‫خاص وأس���لوب متمي���ز‪ ،‬أي س���ينما تبني موضوعه���ا من خالل‬
‫بحضور ش���خصيات واقعية وفضاءات طبيعية‪ ،‬إنه ذلك الحضور‬ ‫الواقع المغربي‪ ،‬ومن خالل متخيل وطني‪ ،‬س���ينما طموحة بأدوات‬
‫«البديه���ي» ال���ذي ينم عن وج���ود عالقة ضرورية بين اإلنس���ان‬ ‫متواضعة وبرؤى متميزة تتماشى وتلك اإلمكانيات‪ ،‬مع االحتفاظ‬
‫والمجتمع‪ ،‬إذ لم يعد اإلنس���ان كما قال ماركس «كائنا اجتماعيا‬ ‫دائما بهوية محددة‪.‬‬
‫(‪)27‬‬
‫فحس���ب بل حي���وان ال تتحقق فردانيته إال داخ���ل المجتمع»‬ ‫وظهرت أسماء مثل حميد بناني بفيلم «وشمة» (‪)1970‬‬
‫نتح���دث هن���ا عن وعي لم يص���ل إلى تحديد عالق���ة محددة بين‬ ‫وسهيل بنبركة بفيلم «ألف يد ويد» (‪ )23()1972‬وأحمد المعنوني‬
‫الف���ن عموما والمجتمع‪ ،‬لق���د كانت البداية مع مح���اكاة األفالم‬ ‫بفيلم «ليام ليام»(‪ ،)24()1978‬ال يمكن أن نغفل أن هذه الفترة‬
‫الغنائي���ة المصرية‪ ،‬بفيل���م «الحياة كفاح» وال���ذي أخرجه محمد‬ ‫كانت صعبة من الناحية االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪ ،‬فترة‬
‫التازي واحمد المس���ناوي سنة ‪ ،1968‬أريد لهذا الفيلم أن يكون‬ ‫غليان سياس���ي وصدام بين المعارضة والحكم‪ ،‬فترة عرفت قمعا‬
‫نس���خة ألفالم عب���د الحليم حاف���ظ‪ :‬ميلودرام���ا غنائية تتضمن‬ ‫واعتقاالت‪ ،‬أما س���نوات الثمانينات فكانت بداية لظهور سينما‬
‫«الكفاح» كقيمة في الحياة من خالل شاب ينحت نجاحه بالعمل‬ ‫مغربية واضحة المعالم بأفكار جديدة‪ ،‬خاصة أن الدعم المؤسسي‬
‫راس���ما قدره باختيار الفن كطريق ال يخلو من عوائق‪ .‬تلته أفالم‬ ‫(ممثال في الدعم الذي يقدمه المركز الس���ينمائي المغربي) جعل‬
‫بنفس التيمة لكن بمضامين أخرى تحاول أن ترس���م مالمح جديدة‬ ‫حركة اإلنتاج تتحرك وتتحرك معها األفكار والمش���اريع‪ ،‬وش���كل‬
‫لقص���ص قديم���ة‪ :‬الصراع من أج���ل العيش والبح���ث عن الذات‬ ‫ه���ذا الدعم خلفية أساس���ية لمجموع الخط���وات التي بادرت إلى‬
‫(شمس الربيع‪ ،‬عندما تنضج الثمار‪ ،‬ساعي البريد ‪ ،‬ابن السبيل‪،‬‬ ‫صياغة مش���اريع ومشاريع المشاريع‪ ،‬بل اس���تقطبت حتى الذين‬
‫عرس اآلخرين‪ ،‬ش���مس‪ ،‬بامو‪ ،‬إبراهيم ياش‪ ،‬المطرقة والس���ندان‪،‬‬ ‫يئس���وا من العمل في مجال الس���ينما‪ ،‬ومن األف�ل�ام التي برزت‬
‫حادة‪ ،‬نهيق الروح‪ ،‬الناعورة ‪ ،‬س���يدة القاهرة‪ ،‬يا ريت‪ ،‬أوش���تام‪،‬‬ ‫خالل هذه الفترة‪ ،‬عرائس من قصب للجياللي فرحاتي (‪،)1981‬‬
‫أصدق���اء األمس‪ ،‬مبروك‪ ،)...‬ه���ي حكايات من النوع التقليدي‬ ‫الح���ال ألحمد المعنوني (‪« )1981‬ح�ل�اق درب الفقراء» لمحمد‬
‫يحضر فيها المجتمع كإطار لألحداث‪ ،‬وفضاء لمجمل الصراعات‬ ‫(‪)25‬‬
‫الركاب (‪ )1982‬باب السماء مفتوح لفريدة بليزيد (‪)1989‬‬
‫واس���تعادة الذات‪ ،‬ال يحضر المجتمع إال كخلفية لس���يناريوهات‬ ‫أما فترة التس���عينات فقد أعطت أس���ماء جديدة ارتبطت باألندية‬
‫محبوك���ة على الطريق���ة التقليدية بأبطال خيرين وآخرين أش���رار‪،‬‬ ‫السينمائية مثل سعد الشرايبي وإدريس شويكة‪ ،‬وبثقافة محترمة‬
‫هناك قوة ما تقف في وجه األبطال‪ ،‬هي سلطة على وجه التحديد‬ ‫في المجال الس���ينمائي مثل عبد القادر لقطع‪ ،‬ومحمد إسماعيل‬
‫(المال والجاه والتقاليد البالية) أو مجموعة من األش���رار بشعين‬ ‫وداوود أوالد الس���يد وجمال بلمجدوب ونبي���ل عيوش وغيرهم‪...‬‬
‫في الغالب‪.‬‬
‫دراسات وقراءات‬ ‫األزمنة احلديثة > العدد ‪8‬‬ ‫‪174‬‬
‫السينما املغربية بني تأكيد الذات واحلضور االجتماعي‬

‫وال ال حب���ي (‪ )1996‬وجارات أبي موس���ى (‪ )2003‬اهتم أكثر‬ ‫جدول رقم ‪ :3‬نماذج يحضر فيها االجتماعي بالقوة‬
‫«باالجتماعي» البس���يط‪ ،‬والميلودراما المس���تهلكة القريبة من‬ ‫الحضور االجتماعي‬
‫قوى اخلير قوى الشر الفضاء موضوع الصراع الجمهور البسيط إن لم نقل الحس العام الذي تحضر فيه القصة‪،‬‬ ‫األفالم‬
‫والح���وار و»الحدوثة» عل���ى الطريقة المصري���ة‪ ،‬إذ يغلب الطابع‬ ‫الطموح‬ ‫الحياة كفاح ابن النجار أعداء النجاح املدينة‬
‫التقليدي على المضامين واللغة الس���ينمائية‪ ،‬مع شحن المشاهد‬ ‫احلوالة‬ ‫البروقراطية اإلدارة‬ ‫املطرقة والسندان املوظف‬
‫بالحوارات وغياب الحس التجريبي‪ ،‬وميول واضح نحو س���يناريو‬
‫القيم‬ ‫الطريق‬ ‫اآلخرين‬ ‫السائق‬ ‫ابن السبيل‬
‫يس���تميل الجمهور‪ ،‬ويدغدغ عواطفه خاصة أن فيلم «البحث عن‬
‫الشغل‬ ‫عرس اآلخرين املستخدم البورجوازية األعراس‬
‫زوج امرأت���ي» اعتبر آنذاك عالمة عل���ى التصالح المفترض بين‬
‫في هذه األفالم نجد تقريبا مس���ارا خطيا مستقيما تتخذه السينما والجمهور(‪.)28‬‬
‫الكتاب���ة الدرامي���ة للتعبي���ر ع���ن قصة لها نس���خ متع���ددة مثال‬
‫الحي���اة كفاح (‪ )1968‬قصة لها م���ا يقابلها في الثمانينات أي ‪ 2-2‬الحضور بالفعل‬
‫إذا كان الحض���ور األول ال ينم عن توجه اجتماعي مقصود‬ ‫«دموع الندم» لحس���ن المفتي (‪« .)1982‬المطرقة والسندان»‬
‫قص���ة موظف تتعبه البروقراطية اإلداري���ة من أجل الحصول على وال يعب���ر عن قضايا ذات قيمة اجتماعي���ة‪ ،‬بمعنى أن الموضوع‬
‫تقاعده‪ ،‬وهي تش���به قصة «إبراهيم ياش» لنبيل لحلو (‪ )1982‬لم يتحدد كإش���كال اجتماعي و فلس���في أو فني‪ ...‬فهو يحاكي‬
‫وه���ي تحكي أيضا عن ضياع مل���ف إبراهيم بومالفي في متاهمة في صيغة أفالطونية مبسطة الواقع كما يحاكي األفالم األمريكية‬
‫والمصرية‪.‬ستعطينا الس���ينما المغربية أنماطا أخرى في التعامل‬ ‫البروقراطية‪.‬‬
‫أم���ا فيلم «اب���ن الس���بيل» (‪ )1981‬فيعتب���ر من أفالم م���ع المجتمع المغربي‪ ،‬التي تأخذ ش���كال أكثر عمقا‪ ،‬وس���نكون‬
‫الطريق الذي أراد له المخرج محمد عبد الرحمان التازي أن يكون أم���ام مخرجين (الجيالل���ي فرحاتي‪ ،‬مومن الس���ميحي‪ ،‬محمد‬
‫رحلة من الجنوب إلى الشمال وهي مسافة تعبر عن قيم تتدرج من الركاب‪ ،‬محمد إسماعيل‪ ،‬احمد البوعناني‪ ،‬احمد المعنوني‪)...‬‬
‫االمتالء إلى العراء‪ ،‬ليضيع كل شيء ‪،‬الحمولة والشاحنة والسائق‪ .‬لهم مواقف محددة يودون التعبير عنها‪ ،‬وسيصبح المجتمع أكثر‬
‫وسيعود مخرجون آخرون للتعبير عن نفس الفكرة بمضامين أخرى من خلفية لألحداث‪ ،‬بل مقدمة لكل األحداث‪ ،‬ستشتغل الذاكرة‪،‬‬
‫مثل إس���ماعيل فاروخي في «الرحلة الكبرى» (‪ ،)2004‬والذي كم���ا اللغة الس���ينمائية‪ ،‬وبقليل من الج���رأة وبكثير من الطموح‬
‫س���يجعل جيلين يتقابالن(األب واإلبن) من خالل رحلة مش���تركة س���يضع هؤالء المجتمع المغربي كأرضية لبناء المحكي وصياغة‬
‫عبر سيارة س���تقطع مسافة حقيقية بين فرنسا ومكة‪ .‬أما «عرس المرئي وتأس���يس مالمح س���ينما وطنية‪ ،‬وبعد ما كان االجتماعي‬
‫(‪)29‬‬
‫اآلخرين» (‪ )1990‬فهو فيلم أق���رب إلى الدراما التلفزيونية في حاضرا بالقوة‪ ،‬س���يصبح هذا الحضور فعليا‪ ،‬وبشهادة النقاد‬
‫فقد ساهم كل من حميد بناني بفيلمه «وشمة» (‪ )1970‬وسهيل‬ ‫مقاربته لمشاكل الشغل واالستقرار العائلي‪.‬‬
‫إن الحض���ور االجتماع���ي ال���ذي برز في األفالم الس���ابقة بنبركة بفيلم «ألف يد ويد» (‪ )1972‬في إعطاء الضوء األخضر‬
‫ه���و أقرب إلى تصوير الواقع بش���كل يحاكي الموضوع المحكي‪ ،‬لب���روز مالمح من هذا النوع‪ ،‬ال يمكن في الصدد أن نغفل هذين‬
‫وغير خ���اف أن المجتمع أعقد بكثير من هذه الرؤى النمطية‪ ،‬إن الفيلمي���ن‪ ،‬فهما يؤسس���ان بالفعل لنمط جديد م���ن التعامل مع‬
‫اس���تحضار المضمون االجتماعي في األفالم الس���ينمائية يتكرر المجتمع‪ ،‬وبالرغم من الطباع الس���يكولوجي الواضح للفيلم األول‬
‫بش���كل متش���ابه لدى المخرجين‪ ،‬إذ أن حس���ن بن جلون وحكيم خاص���ة في إبراز النم���و األزمي لبطل الفيلم ف���ي طفولته في ظل‬
‫ن���وري‪ ،‬يتش���ابهان في أس���لوب التعاطي مع المجتم���ع‪ ،‬ألنهما س���لطة األب‪ ،‬والطاب���ع االجتماعي للفيلم الثان���ي الذي نجح في‬
‫يحكيان بالمعنى التقليدي‪ ،‬أي ينقالن ما هو موجود‪ ،‬ويتصوران تس���ليط الضوء على االستغالل وهو ما يشير إليه العنوان «ألف‬
‫معا الس���رد الس���ينمائي في ش���كل مس���تقيم تحضر فيه القصة ي���د ويد» فه���ذان الفيلمان «يتجاوزان الرؤي���ة المقبولة التي كان‬
‫الواقعية بش���كل تحتفظ عناص���ر الحكاية بوضعه���ا التقليدي‪ ،‬ينتجها المركز السينمائي المغربي»(‪.)31(،)30‬‬
‫إذ ال يجرب هؤالء أدوات جديدة في اس���تحضار «االجتماعي»‪،‬‬
‫ونفس الشيء تقريبا يحضر لدى محمد عبد الرحمان التازي الذي‬
‫ب���دأ مجربا في فيلم «باديس» ومنوعا في طريقة التصوير وس���رد‬
‫األحداث‪ ،‬غير أنه في أفالم «البحث عن زوج امرأتي»(‪)1993‬‬
‫‪175‬‬ ‫األزمنة احلديثة > العدد ‪8‬‬ ‫فريد بوجيدة‬

‫ج���دول رقم ‪ :4‬الحض���ور االجتماعي من القوة إلى الفعل‪ :‬ال���ذي برزف���ي أفالم أخرى خاص���ة «عبروا في صمت» «وس���ارق‬
‫األح�ل�ام» كما نس���جت مخيلة بعض الس���ينمائيين أفالما نهلت‬ ‫نماذج تمثيلية‬
‫مم���ا هو اجتماعي م���ادة الحكي مثل محمد العب���ازي في فيلمه‬ ‫القيمة‬ ‫القصد‬ ‫املعطى‬ ‫الفضاء‬ ‫الفيلم‬ ‫املخرج‬
‫«من الواد لهيه» (‪ )1982‬وعبد القادر لقطع في «حب في الدار‬ ‫العدالة‬ ‫الرزابي االستغالل‬ ‫ورشة‬ ‫ألف يد ويد‬ ‫سهيل‬
‫العمل‬ ‫‪1972‬‬ ‫بنبركة‬
‫البيض���اء» (‪ )1992‬وغيرها من األفالم التي حضر فيها الجانب‬
‫العدالة‬ ‫الظلم‬ ‫معاناة‬ ‫درب‬ ‫حالق‬ ‫محمد‬
‫االجتماعي‪ ،‬دون أن ترس���م عالمات في تاريخ السينما المغربية‪،‬‬ ‫االجتماعية‬ ‫مواطنني‬ ‫الفقراء‬ ‫الفقراء‬ ‫الركاب‬
‫مث���ل فيل���م غراميات للطي���ف لحلو (‪ )1986‬وفيلم «ش���مس»‬ ‫‪1982‬‬

‫للنجي���ب الصفريوي‪« ،‬ونهي���ق الروح» لنبيل لحل���و (‪،)1984‬‬ ‫التهميش‬ ‫غياب‬ ‫احلياة‬ ‫اليام اليام نواحي الدار‬ ‫أحمد‬
‫االجتماعي‬ ‫تنمية‬ ‫اليومية‬ ‫البيضاء‬ ‫‪1978‬‬ ‫املعنوني‬
‫ونختم هذا الجانب بالتأكيد على ش���يء أساسي سنعاود التأكيد‬ ‫حقيقية‬ ‫والرغبة‬
‫في الهجرة‬
‫عليه كل مرة هو أن التركيز على ما هو اجتماعي نابع أساسا من‬
‫التفاوت‬ ‫اغتصاب‬ ‫تشغيل‬ ‫البيت‬ ‫الطفولة‬ ‫حكيم نوري‬
‫املغتصبة حيث نظام األطفال الطفولة االجتماعي ما عدم قدرة المخ���رج المغربي على المغامرة من جهة‪ ،‬ومن ابتعاده‬
‫بني األسياد‬ ‫السخرة‬ ‫‪1993‬‬
‫عل���ى الحس التجريبي وقربه من التيم���ات التي يطلبها الجمهور‬ ‫والعبيد‬ ‫والعبودية‬
‫يمكن أن نقرأ هذا الجدول كرونولوجيا انطالقا من الحضور والهياكل القائمة(‪.)36‬‬

‫االجتماعي من ‪ 1972‬إلى ‪ ،1994‬ويمكن أن نقرأ هذا الحضور ‪ 2-3‬الحضور االجتماعي كقضية‬


‫انطالق���ا من تطور الواقع االجتماعي في المغربـ‪ ،‬من بداية الوعي‬
‫منذ بداية التس���عينات بدأت تظهر بعض مالمح الس���ينما‬
‫االجتماع���ي باالس���تغالل الطبقي‪ ،‬وغياب العدال���ة االقتصادية‪،‬‬
‫التي تتبنى قضية معينة‪ ،‬الش���ك أن كل األفالم التي تعرضنا لها‬
‫خاصة في مجال ال يخضع للرقابة المالية‪ ،‬وال يواكبه نشاط نقابي‬
‫في ه���ذا المبحث تثير قضية من القضاي���ا االجتماعية ال يمكن‬
‫في ظل أوضاع بشعة تحتكر فيه يد واحدة الخيرات التي تنتجها‬
‫بتات���ا وبكل حال من األحوال أن ننكر ال���دور الذي لعبه مخرجون‬
‫األيادي األلف التي تتش���كل من النس���اء‪ ،‬حيث يكون الالتوازن‬
‫من طراز محمد الركاب أو مصطفى الدرقاوي أو مومن السميحي‬
‫واضحا بين الرأس���مال واليد العاملة(‪ )32‬مرورا بوعي الصورة الذي‬
‫وقبله���م محمد التازي وأحمد المس���ناوي وعب���د العزيز الرمضاني‬
‫تمثل���ه كاميرا محم���د الركاب الذي خلف تحفة س���ينمائية ترصد‬
‫واحم���د البوعناني وأحمد المعنوني ومحم���د عبد الرحمن التازي‬
‫«االجتماعي‪ :‬بمهارات عالية(‪ )33‬وكاميرا أحمد المعنوني المتأثر‬
‫وغيرهم‪ ،‬لكن البد أن نعرف أنه منذ بداية التسعينات بدأت تعرف‬
‫ج���دا بالواقعية الجديدة في ليام الي���ام»(‪ ،)34‬وميول حكيم نوري‬
‫السينما‪ ،‬وتماشيا مع االنفتاح السياسي الذي عرفه المغرب‪ ،‬نوعا‬
‫إلى تتبع مس���ار خادمة رقية «اس���تغلت أكبر اس���تغالل وانتهت‬
‫م���ن الجرأة وبجرعة أكثر من الس���ابق‪ ،‬خاص���ة أن بعض القضايا‬
‫بإلقاء السالح مصطفة مع نساء اللذة»(‪.)35‬‬
‫تم تحريكه���ا من طرف الدولة أوال‪ ،‬وجمعي���ات المجتمع المدني‬
‫إن ه���ذه األف�ل�ام لم تك���ن إال عينة اس���تطاعت أن تنتقل ثانيا‪ ،‬وكانت مناس���بة للس���ينمائيين للرفع من س���قف المكاشفة‬
‫بم���ا ه���و اجتماعي من الحض���ور بالقوة‪ ،‬إلى الحض���ور بالفعل‪ ،‬وصوال إلى سينما الخرق‪ ،‬ومن القضايا التي كانت محط اهتمام‬
‫لقد جعل���ت من «االجتماعي» مادة أساس���ية للحكي المس���تتر المخرجين أوال المرأة‪ ،‬ثانيا االعتقال السياسي‪ ،‬ثالثا‪ :‬الطفولة‪،‬‬
‫والفاضح‪ ،‬وكأي عمل «سوس���يولوجي» قدمت لنا الواقع المغربي رابعا التاريخ والذاكرة‪ ،‬خامس���ا الفس���اد(‪ )37‬ش���كلت اإلصالحات‬
‫كم���ا ه���و‪ ،‬إذ لي���س م���ن الغريب حق���ا أن ينبري مخ���رج تعاطى السياسية أرضية لتجاوز الصمت‪ ،‬وفتح مجال للتعبير عن جميع‬
‫لإلقتصاد دراس���ة ف���ي الجامعة‪ ،‬إلى التطبيق الفعلي لما درس���ه القضاي���ا خاص���ة أن العالم تغي���ر أيضا وأصبح من ال�ل�ازم إبراز‬
‫على الواقع المغربي من خالل الصورة‪ ،‬إنه أحمد المعنوني‪ ،‬الذي م���ا لم يكن م���ن الممكن إبرازه في ظل س���كوت متواطئ وهيمنة‬
‫تمكن���ت منه االنثروبولوجي���ا‪ ،‬ودفعته إلى إب���داع تحف من نوع النف���اق االجتماعي وس���لوكات غاية في االنتهازية‪ ،‬ظل الس���ؤال‬
‫الي���ام اليام (‪ )1978‬و»الحال» (‪ ،)1981‬إذ وحدها الكاميرا هو هل يمكن للس���ينما أن تسكت أم تساهم في مسلسل الفضح‬
‫تتكل���م لتنقل لنا الحي���اة اليومية لعائلة قروية ف���ي نواحي الدار والمكاشفة؟ وهل يمكن أن تكون مكاشفة دون مساهمة السينما؟‬
‫البيض���اء ف���ي الفيلم األول‪ ،‬كم���ا تنقل في الفيلم الثاني مس���ار وإلى أي حد يمكن أن تس���مح الدول���ة باعتبارها صاحبة المبادرة‬
‫تجرب���ة فرقة ناس الغيوان في تلقائية واضحة‪ ،‬وعلى غرار األفالم والقرار للس���ينمائيين أن يكشفوا ما تم السكوت عنه طويال‪ ،‬وما‬
‫األولى يتابع المخرج حكيم نوري أسلوبه المتميز ببساطة الحكي هي حدود هذه المكاشفة؟‬
‫دراسات وقراءات‬ ‫األزمنة احلديثة > العدد ‪8‬‬ ‫‪176‬‬
‫السينما املغربية بني تأكيد الذات واحلضور االجتماعي‬

‫تأسيس‬ ‫س���تنفتح الدول���ة أكث���ر على المجتم���ع المدني‪ ،‬وس���يتم‬


‫جمعيات‬ ‫الكشف عن‬ ‫التنمية‬
‫خاصة بالتنمية‬ ‫عالم ال زال‬
‫البغاء في‬
‫البشرية‬ ‫العيون‬ ‫نرجس‬
‫الكش���ف العلني عن ما يسمى بسنوات الرصاص ستتشكل هيئة‬
‫املغرب‬
‫وإدماج العالم‬ ‫موجودا وهو‬
‫العميق‬
‫واالهتمام‬ ‫‪4‬‬
‫اجلافة‬ ‫النجار‬ ‫اإلنصاف والمصالحة وستنفتح الدولة على مجاالت خاصة بحقوق‬
‫القروي ومحاربة‬ ‫النخاسة‬ ‫باملرأة‬
‫التهميش‬ ‫اإلنس���ان(‪ ،)38‬ستظهر في األفق بارقة األمل‪ ،‬من خالل المبادرات‬
‫إدانة ‪14‬‬ ‫األولى كفتح الس���جون وإط�ل�اق المعتقلين السياس���يين ورجوع‬
‫تأسيس‬
‫الكشف أن‬
‫شابا من‬ ‫المنفيين إلى أرض الوطن وتنصيب حكومة يرأسها مناضل سياسي‬
‫جمعيات تدافع‬ ‫احلريات‬ ‫هواة الهارد‬ ‫مالئكة‬ ‫أحمد‬
‫احلرية ال ميكن‬ ‫وحقوقي هو األستاذ عبد الرحمن اليوسفي‪ ،‬وستتخذ الدولة مسافة‬
‫عن احلريات‬ ‫الفردية‬ ‫روك بتهمة‬ ‫الشيطان‬
‫‪5‬‬
‫بوالن‬
‫جتزيؤها‬
‫الفردية‬ ‫عبادة‬
‫الشيطان‬
‫م���ن الماضي األليم جاعل���ة النبش فيه أمرا مباحا‪ ،‬س���تظهر في‬
‫السينما أشكاال جديدة في التعاطي مع ما هو اجتماعي‪ ،‬نسميها‬
‫كي���ف يمكن أن نق���رأ هذا الجدول؟ وهل ثم���ة عالقة بين‬
‫سينما القضية‪ ،‬وفيلم القضية «يؤسس بنيته على مماثلة التجربة‬
‫الفاعل والفعل من جهة والحضور االجتماعي والتغير االجتماعي‬
‫المعيش���ية‪ ،‬من جانب منفرد من جوانبها لدى فرد أو جماعة‪ ،‬أي‬
‫م���ن جه���ة ثانية؟ وهل هن���اك عالقة خطية مس���تقيمة بين الفيلم‬
‫أن���ه يبني صورة عالم���ه مناظرا أحداثا اس���تثنائية‪ ،‬غير واقعية‪،‬‬
‫والحدث والقضية والمآل؟‬
‫فيؤس���س خطابه على خصوصيات (‪ )...‬وفيلم القضية من داخل‬
‫تبي���ن لنا أن لكل حدث صداه في الس���ينما‪ ،‬كما أن لكل‬ ‫منطق���ه األولي ه���ذا‪ ،‬يحاول داخل الخطاب الس���ينمائي المغربي‬
‫قضية صداها على مس���توى حركية التغيير‪ ،‬نعرف تماما أن هذه‬ ‫المعاصر أن يبدو فيلما مناضال‪ ،‬يتقيد بمنحى «حداثي» فيخبر‬
‫القضايا تم تحريكها بش���كل رس���مي من فوق‪ ،‬غي���ر أن النماذج‬ ‫عن حالة يراها ال إنس���انية تس���تحق اإلدانة المعلنة»(‪ )39‬ويمكن‬
‫التي اخترناها كانت أكثر ذكاء في التعامل مع القضايا‪ ،‬إذ يوجد‬ ‫أن نس���تحضر ضمن هذه الفئة كل من أفالم سعد الشرايبي وقائع‬
‫اخت�ل�اف بينها وبين أفالم الدعاية «التي تنطوي تحت لواء توجه‬ ‫من حياة عادية (‪ )1991‬ونس���اء ونس���اء (‪ )1998‬وجوهرة بنت‬
‫سياس���ي‪ ،‬فتس���اند من موضعها إديولوجية م���ا أو جماعة أو بلد‬ ‫الحبس (‪ )2003‬وأفالم محمد إسماعيل‪ ،‬وبعد (‪ )2002‬وأوالد‬
‫بشكل واضح غالبا ما تكتنفه المغاالة‪ ،‬مع ذلك قد يشتركان في‬ ‫لب�ل�اد (‪ )2009‬وأفالم نبيل عيوش «مكتوب» (‪ )1997‬وعلي‬
‫نزوعهما لبعث الحراك‪ ،‬أو التدخل والتطويع االجتماعيين‪ ،‬إذاك‬ ‫زاوا (‪ )1999‬وفيلم ألف ش���هر لفوزي بنس���عيدي وفيلم نرجس‬
‫يتبرر أن نرى في فيلم القضية نوعا من الدعاية المتخفية»(‪ )39‬وهو‬ ‫النج���ار «العيون الجافة» (‪ )2003‬وفيلم حس���ن بنجلون الغرفة‬
‫ما يتضح حينما نقرأ الجدول متجهين يس���ارا نحو مآل األحداث‬ ‫السوداء (‪)2004‬‬
‫والقضايا‪ ،‬إذ غالبا ما ينتج عنهما تأس���يس هيئات وطنية تدافع‬
‫الجدول رقم ‪ :5‬نماذج من الحضور االجتماعي في السينما‬
‫ع���ن جانب م���ن هذه القضاي���ا‪ ،‬وبذكاء واضح تح���اول األفالم أن‬
‫والتفاعل مع قضايا المجتمع‬
‫تس���تغل الجرأة «المضمونة» من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى اس���تثمار‬
‫التغير‬
‫الخيال بدل الواقع المباش���ر‪ ،‬والدفع بالمرئي إلى تش���غيل آليات‬ ‫االجتماعي‬
‫احلضور االجتماعي‬ ‫الفعل‬ ‫الفاعل‬

‫السينما ولغتها الخاصة‪.‬‬ ‫!املآل‬ ‫الهدف!‬ ‫القضية!‬ ‫احلدث!‬ ‫املخرج! الفيلم!‬


‫الكشف‬

‫خالصة‬
‫عن أوضاع‬
‫تعديل املدونة‬ ‫نساء‬ ‫سعد‬
‫الالمساواة‬ ‫املرأة‬ ‫مدونة األسرة‬
‫اخلاصة باألسرة‬ ‫ونساء‬
‫‪1‬‬
‫شرايبي‬
‫وإبراز مشاكل‬
‫النوع‬
‫ما يمكن أن نستخلصه أن السينما المغربية لم تبدأ فقط‬
‫الكشف عن‬
‫في الس���تينات مع فيلم «الحي���اة كفاح»‪ ،‬بل امتدادها بعيدا مع‬ ‫حسن‬
‫إطالق املعتقلني‬ ‫سواد التجربة‬ ‫االعتقال‬ ‫اإلنصاف‬ ‫الغرفة‬
‫بن‬
‫السياسيني‬ ‫ومعاناة‬ ‫السياسي‬ ‫واملصاحلة‬ ‫‪2‬‬
‫السوداء‬
‫فيل���م «االبن العاق»‪ ،‬وككل بداية كان���ت الخطوة األولى ناقصة‬ ‫أبطالها‬
‫جلون‬
‫من الناحي���ة التقنية والحرفية‪ ،‬كانت عب���ارة عن محاكاة لألفالم‬ ‫الكشف عن‬ ‫االهتمام‬
‫تأسيس عدة‬
‫األمريكية والمصرية‪ ،‬وال يمكن أن نعتبر األفالم التي صورت في‬ ‫جمعيات تهم‬
‫حجم الظاهرة‬
‫أطفال‬
‫بالطفولة‬
‫نبيل‬
‫وإدانة غير‬ ‫وإعداد‬ ‫علي زاوا‬
‫‪3‬‬
‫بداية القرن العشرين أفالما مغربية ألنها اتخذت فقط من المغرب‬ ‫الطفل واألمهات‬
‫مباشرة‬
‫الشوارع‬
‫برامج خاصة‬
‫عيوش‬
‫العازبات‬
‫فضاء للتصوير‪ ،‬إن استعادة الذات لم تبدأ فعال إال في الستينات‬ ‫للمجتمع‬ ‫باملستقبل‬

‫مع اس���تعادة الرؤية الوطنية والتحرر من نظرة اآلخر‪ ،‬ونظرة عامة‬


‫‪177‬‬ ‫األزمنة احلديثة > العدد ‪8‬‬ ‫فريد بوجيدة‬

‫‪populaire a Marrakech, impression alwatania, Marrakech, 1er‬‬


‫‪edition 2011 p 36.‬‬
‫بع���د ذلك التاريخ جعلتنا نقف عل���ى حضور الهم االجتماعي في‬
‫‪21 - op cit p 37.‬‬ ‫كل األفالم المغربية لكن تبلور «االجتماعي» كمستوى مقصود‪،‬‬
‫‪ - 22‬المصدر‪ :‬السينما المغربية‪ ،‬فيلموغرافية األفالم الطويلة ‪ 1958-2009‬منشورات‬
‫المركز السينمائي المغربي سنة ‪.2000‬‬ ‫وواع���ي لم تتحدد مالمح���ه إال في فترة الس���بعينات حين بدأت‬
‫‪ -‬السينما المغربية األفالم القصيرة فيلموغرافيا عامة منشورات المركز السينمائي المغربي‬ ‫تتضح وظيفة الس���ينما مع وجود سينمائيين درسوا خارج المغرب‬
‫سنة ‪.2000‬‬
‫‪23 - voir Ahmed araib structure du film politique chez souhil‬‬ ‫واحتكوا بتجارب أخرى‪ ،‬وتعرفوا على مدارس سينمائية‪ ،‬ونظريات‬
‫‪Benbarka, etudes cinématoghraphiques, n°6 avril 1987, p 62 et‬‬
‫‪voir dans le méme numéro said intidam, le cinéma national ; un‬‬
‫فكرية وفنية‪ ،‬إذ انتقل وعي «االجتماعي» في السينما من القوة‬
‫‪cinéma regional appropos du centre et de la peripherie p 37.‬‬ ‫إلى الفعل راس���ما معالمه كحضور واعي يس���تند إلى رؤية فكرية‬
‫‪ - 24‬انظر إدريس القري‪ ،‬صورة المجتمع المغربي في وس���ائل اإلعالم الوطنية مرجع سابق‬
‫ص ‪.56‬‬
‫(‪)42‬‬
‫وسياس���ية‪ ،‬غير أن تطور المغرب السياسي وتحول الثقافات‬
‫‪ - 25‬باستثناء هذه األفالم فترة الثمانينات لم تعط أفالما ذات أثر على المستولى الفني‬ ‫جع���ل الس���ينمائيين ينخرطون ف���ي حركية فني���ة موازية لالنفتاح‬
‫الثقافي بالرغم من سياسة الدعم‪.‬‬
‫‪ - 26‬هذه الفترة أيضا كانت قوية بظهور جيل جديد برز في األفالم القصيرة‪.‬‬ ‫اله���ام الذي عرف���ه المغرب سياس���يا وثقافيا‪ ،‬وم���ن هنا الحظنا‬
‫‪27 - Karl Marx, introduction général de critique de l’économie‬‬
‫‪politique edition Galimard , paris 1965 p 236.‬‬
‫انتقال «االجتماعي» من مستوى الحضور الواعي والهادف‪ ،‬إلى‬
‫‪ - 28‬انظر محمد ايت حو‪ ،‬التوجه الكوميدي في فيلم البحث عن زوج امرأتي‪ ،‬في كتاب‬ ‫اعتباره قضية‪ ،‬ذلك أن السينمائيين بانخراطهم ذاك تبنوا قضايا‬
‫الس���ينما المغربية‪ ،‬واقع و‪...‬أفاق‪ ،‬منش���ورات الفرقان‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2001‬من ص ‪ 155‬إلى ص ‪.164‬‬ ‫أساسية في المجتمع (المرأة‪ ،‬العدالة‪ ،‬الحرية‪)...‬‬
‫‪ - 29‬نقصد النقاد الس���ينمائيون الذين أبرزنا مواقفهم سابقا كمصطفى المسناوي وأحمد‬
‫السجلماسي‪ ،‬وإدريس القري وعز العرب العلوي المحرزي وغيرهم‪.‬‬
‫‪30 - said intidan le cinéma national un cinéma regional appropos de‬‬
‫‪centre de la perpherique op cit p 37.‬‬ ‫هوامش‪:‬‬
‫‪ - 31‬م���ن بين ‪ 30‬ش���ريط قصير م���ا بي���ن (‪ )1970/1978‬أنتج المركز الس���ينمائي‬
‫المغربي ‪ 26‬شريطا بمساهمة مخرجين مغاربة‪ ،‬ومواضيعها تتركز أساسا على التعريف‬ ‫‪1 -Moulay Driss Jaadi , histoire du cinéma au Maroc, cinéma‬‬
‫بالمغرب‪.‬‬ ‫‪colonial, édition almajal Rabat 2001, p 11.‬‬
‫‪32 - voir Ahmed Arabi, structure du film politique chez Souhil‬‬ ‫‪ - 2‬مصطفى المس���ناوي‪ ،‬أبحاث في السينما المغربية‪ ،‬منشورات الزمن‪ ،‬الدار البيضاء‬
‫‪Benbarka, études cinématographiques n°8, janvier 1988 p 50.‬‬ ‫عدد ‪ 2001 ،27‬ص ‪.44‬‬
‫‪33 - voir Bassamat Fiadakira Ramadian Driss Jaaidi, Al majal1993‬‬ ‫‪ - 3‬أحمد السجلماس���ي‪ ،‬المغرب الس���ينمائي‪ ،‬سلس���لة ش���راع‪ ،‬عدد ‪ 1995 ،65‬ص‬
‫‪ - 34‬فيل���م جدي���د يقول نوري بوزي���د ألن الواقع يتجدد باس���تمرار‪ ،‬ويصنفه ضمن األفالم‬ ‫‪.64‬‬
‫الوثائقية الواقعية‪ .‬نوري بوزيد الواقعية الجديدة في الس���ينما العربية‪ ،‬س���ينما الوعي‬ ‫‪ - 4‬فطبيعة األفالم المنجزة في المغرب آنذاك‪ ،‬توحي بأن المغرب ال يصبح إال أن يكون‬
‫بالهزيمة دراسات سينمائية‪ ،‬العدد ‪ ،7‬ستمبر ‪.1987‬‬ ‫ديكورا أو خلفية مكانية للقصص الخيالية والخرافية والغرائبية‪ ،‬هذه الس���مات نجدها‬
‫‪35 - voir Fouad Souba et Fatima Zahra Alaoui op cit p 75.‬‬ ‫في جل األفالم االس���تعمارية ابتداء من أول فيلم روائي صور في المغرب س���نة ‪1919‬‬
‫‪ - 36‬هذه المالحظة تنطبق بش���كل كبير على الس���ينما العربية وهذا ما اس���تنتجه الناقد‬ ‫وهو فيلم «مكتوب « مرورا بأزيد من خمسين فيلما صورت إلى حدود سنة ‪.1956‬‬
‫الس���ينمائي خليل الدامون بقوله «وإن كانت هن���اك واقعية فإنها مالمح منها‪ ،‬خجولة‬ ‫عز العرب العلوي المحرزي‪ ،‬المقاربة النقدية للخطاب السينمائي بالمغرب من ‪ 1905‬على‬
‫ممتزجة بأس���اليب أخرى في التعبير ألن واقع الس���ينما العربية الحالي ال يسمح كثيرا‬ ‫‪ 2000‬منشورات سايس مديت ‪ 2007‬ص ‪.19‬‬
‫بتجاوز حد معين في التعبير‪ ،‬حد تس���مح به الهي���اكل القائمة من منتجين وموزعين‪،‬‬ ‫‪ - 5‬أورده عز العرب العلوي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.19‬‬
‫وحد تسمح به اإلمكانيات الهزلية للسينما الهامشية» خليل الدامون‪ ،‬إشكالية الواقع‬ ‫‪Marcel Teisseir la production cinématographique au Maroc‬‬
‫في السينما العربية دراسات سينمائية العدد ‪ 7‬سمبتنبر ‪ 1987‬ص ‪.13‬‬ ‫‪ - 6‬المغرب السينمائي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.65‬‬
‫‪ - 37‬سنعرض لهذه القضايا في الجزء الثاني من هذه الدراسة وهي تخص الفترة الممتدة‬ ‫‪ - 7‬مصطفى المسناوي‪ ،‬مرجع سابق ص‪.50‬‬
‫بين ‪ 2000‬و‪.2010‬‬ ‫‪ - 8‬نفسه ص ‪.51‬‬
‫‪ - 38‬إنشاء المجلس االستشاري لحقوق اإلنسان وإطالق آخر األحياء من سجن تازمامارت‬ ‫‪9 -Fouad sauiba et Fatima Zahra alaoui, un siècle de cinéma au‬‬
‫الرهيب وعودة المنفيين إلى أرض الوطن‪.‬‬ ‫‪Maroc, ed communication 1995 p 15.‬‬
‫‪ - 39‬م���والي عبد الكريم العلوي زكي‪ ،‬الخطاب الس���ينمائي المغرب���ي المعاصر‪ ،‬تحليل‬ ‫‪10 -op cit p 16.‬‬
‫البني���ة والداللة‪ ،‬مقاربة س���يميائية‪ ،‬أطروح���ة دكتوراه‪ ،‬جامعة ش���عيب الدكالي‪ ،‬كلية‬ ‫‪ - 11‬أحمد السجلماسي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.65‬‬
‫اآلداب والعل���وم اإلنس���انية‪ ،‬الجديدة‪ ،‬ش���عبة اللغ���ة العربية وآدابها الس���نة الجامعية‬ ‫‪ - 12‬نفسه ص ‪.69‬‬
‫‪ 2009/2010‬ص ‪(.107‬غير منشورة)‬ ‫‪ - 13‬نفسه ص ‪.74‬‬
‫‪ - 40‬الخطاب السينمائي المعاصر‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.107‬‬ ‫‪14 - Fouad Souiba et Fatima Zahra Alaoui, un siècle de cinéma au‬‬
‫‪ - 41‬نقصد أساس���ا انخراط المغرب الرس���مي في تبني مجموعة من االتفاقيات الخاصة‬ ‫‪Maroc op cit‬‬
‫بحقوق اإلنس���ان‪ ،‬واالهتمام بتفعي���ل بعض اإلصالحات المرتبطة به���ذا الجانب‪ .‬كما‬ ‫‪ - 15‬للباحث المغربي مصطفى المسناوي‪ ،‬مرجع سابق‬
‫نقص���د بعض المواجهات الفكرية التي ارتبط���ت بهزات عالمية‪ ،‬وتراجع كل تصور كان‬ ‫‪ - 16‬حميد تباتو‪ ،‬السينما المغربية‪ ،‬قضايا اإلبداع والهوية‪ ،‬منشورات سليكغراف ‪1999‬‬
‫يعتقد في نهاية عصر االجتهاد‪.‬‬ ‫ص ‪.31‬‬
‫‪ - 42‬نقصد أساس���ا انخراط المغرب الرس���مي في تبني مجموعة من االتفاقيات الخاصة‬ ‫‪ - 17‬هن���اك الكثير م���ن التصنيفات‪ ،‬ل���م نعتمدها ألنها تتضمن معطي���ات قديمة على‬
‫بحقوق اإلنس���ان‪ ،‬واالهتمام بتفعي���ل بعض اإلصالحات المرتبطة به���ذا الجانب‪ .‬كما‬ ‫سبيل المثال‪ :‬محمد الدهان اتجاهات السينما بالمغرب‪ ،‬دراسات سينمائية عدد ‪112‬‬
‫نقص���د بعض المواجهات الفكرية التي ارتبط���ت بهزات عالمية‪ ،‬وتراجع كل تصور كان‬ ‫س���تمنبر أكتوب���ر ‪ 1990‬ص ‪ 25-26‬وتصنيفات أخرى أوردها ع���ز العرب العلوي في‬
‫يعتقد في نهاية عصر االجتهاد‪.‬‬ ‫كتاب المقاربة النقدية للخطاب الس���ينمائي بالمغرب مرجع س���ابق من ص األولى ص‬
‫‪.84‬‬
‫‪ - 18‬نعتمد وثائق المركز السينمائي المغربي فيما يتعلق بهذه الحقبة‪.‬‬
‫‪19 - voir Ahmed Fertat, une passion qui s’appelle cinéma, vie de‬‬
‫‪Mohamed orsfour ed 2000.‬‬
‫‪20 - Youssef Ait Hammou, cinéma et oralité, la réception filmique‬‬

You might also like