المختصر في القواعد الاصولية عبد الله منكابو

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 20

‫إعداد‪ :‬مالك ملكاوي‬ ‫البناء املنهجي – املستوى الثالث‬

‫المختصر في القواعد االصولية | عبد اهلل منكابو‬


‫املاّدة‪ 12 :‬حماضرة‪.‬‬
‫املنهج يف تقييد الفوائد‪ :‬انظر يف ملف الدورة‪ ،‬ففيه زبدة الكالم والتطبيقات‪ .‬هنا‪ :‬ما يلّخ ص ذلك فقط‪.‬‬
‫ال تعىن هذه املادة بتقّص ي األقوال واالختالف يف القواعد األصولية‪ .‬وال تعىن املادة بتحّر ي الراجح يف الفرع الفقهي‪ ،‬ألّن هذا يستلزم‬
‫البحث يف مجيع األصولية جلميع أدّلة الباب (فقه مقارن)‪ .‬وال تتقصى املادة واالختالفات يف التعريفات‪ ،‬واالعرتاضات عليها‪.‬‬
‫تصلح املادة للطالب املبتدأ واملتقّد م‪ ،‬وتشمل أكثر القواعد األصولية وقواعد التفسري استخداما‪.‬‬
‫_____________‬

‫أوًال‪ :‬قواعد األمر والنهي‬

‫قواعد األمر‪:‬‬

‫األمر‪ :‬قول يتضمن طلب الفعل على وجه االستعالء‪.‬‬

‫املسألة األوىل‪ :‬ألفاظ األمر‪:‬‬

‫ِص يغ األمر (صيغ األمر الصرحية)‪ :‬تدّل على األمر بغري قرينة‪.‬‬ ‫أ)‬
‫فعل األمر‪ :‬على صيغة "افعل" الثالثي أو غريها؛ مثل "تفّعل"‪ ،‬و"استفعل"‪ ،‬و"فّعل"‪" ،‬وأفِعل"‪" .‬فاكتبوه"‬ ‫‪-1‬‬
‫اسم فعل األمر‪ :‬وهو اللفظ الذي يدّل على األمر‪ ،‬وال يقبل عالمته النحوية؛ مثل دخول نون النسوة ونون التوكيد‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫مثال‪ :‬صٍه‪ ،‬وحّي ‪.‬‬
‫الفعل المضارع المقترن بالم األمر – الجازمة –‪ُ"ِ :‬لیِن ۡفق ذَو َس ࣲعِّة من َس ِعِته"‪" .‬وليكتب"‪" .‬وليستعفف"‬ ‫‪-3‬‬
‫المصدر النائب عن فعل األمر‪" :‬وبالوالدين إحسانا"‪" ،‬فتحريُر رقبة"‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫مالحظة‪ :‬الم األمر جازمة للفعل املضارع‪ ،‬بينما الم التعليل تنصبه‪.‬‬

‫ب) ما يدّل على طلب الفعل من غير صيغ األمر‪:‬‬


‫‪ -1‬لفظ "كتب"‪ُ" :‬ك ِتَب عليكم الصيام"‪ُ" .‬ك ِتَب عليكم القصاص"‪" .‬إّن اَهلل كتب عليكم السعي"‪.‬‬
‫‪ -2‬لفظ "فرض"‪" :‬نصيبا مفروضا"‪" .‬فريضة من اهلل"‬
‫ترتيب الذّم أو العقاب على الترك‪" :‬من ترك صالة العصر فقد حبط عمله"‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الخبر الذي يراد به األمر‪" :‬واملطلقات يرتّبصن بأنفسهّن ثالثة قروء"‪" .‬ومن دخله كان آمنا"‪ ،‬أي‪ :‬أِّم نوه‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫لفظ "على"‪" :‬وهلل على الناس ِح ّج البيت"‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫‪1‬‬
‫إعداد‪ :‬مالك ملكاوي‬ ‫البناء املنهجي – املستوى الثالث‬

‫املسألة الثانية‪ :‬دالالت األمر‪ :‬الوجوب‪ ،‬والفور‪ ،‬والتكرار‪ ،‬والنهي عن الضد‪ .‬وهلذا قواعد حاكمة‪.‬‬

‫قاعدة ‪ :1‬األمر المطلق يقتضي الوجوب‪ ،‬وكذا األمر إن تزامحت فيه القرائن وتساوت‪ ،‬فإّنه يقتضي األصل؛ وهو الوجوب‪.‬‬

‫القرائن الصارفة عن إرادة األمر الوجوب‪:‬‬

‫األمر المعارض بدليل آخر ‪ .‬مثال‪" :‬إذا توضأت فمضمض"‪ ،‬وهو واجب عن احلنابلة‪ ،‬واحلديث معاَر ض باحلديث‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫"توّض أ كما أمرك اهلل"‪ ،‬فصرف داللة األمر يف النّص األّو ل إىل الندب واالستحباب‪ .‬مثال‪" :‬أوتروا يا أهل القرآن"‪،‬‬
‫والوتر واجب عند احلنفية خالفا للجمهور‪.‬‬
‫مثال‪" :‬وصِّل عليهم" ‪ +‬مل يثبت أّن النيب أمر بالدعاء للمزكي يف كل مّر ة‪ ،‬مع احلاجة إىل البيان‪.‬‬
‫مثال ‪" :‬وأشهدوا إذا تبايعتم" ‪ +‬ثبت عن النيب عدم اإلشهاد يف بعض البيوع‪.‬‬
‫مثال ‪" :‬وأنكحوا األيامى منكم"؛ أي‪ :‬غري املتزوجني من الرجال‪ .‬قال أهل الظاهر وجوبا‪ ،‬وقيل استحبابا؛ ألّنه ما‬
‫خلى عصر من األيامى‪ ،‬ومل يكن هنالك نكري‪.‬‬
‫األمر بعد االستئذان‪ .‬مثال‪ :‬استأذن رجل من النيب فقال‪" :‬السالم عليكم‪ ،‬أأدخل؟"‪ ،‬قال‪" :‬وعليك‪ ،‬ادخل"‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫تعليق األمر بالمشيئة‪ .‬مثال‪" :‬إن شئت فصم‪ ،‬وإن شئت فأفطر"‪ .‬مثال‪" :‬صّلوا قبل املغرب ركعتني ‪ ...‬ملن شاء"‪،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ويدل النص لوحده على اإلباحة‪.‬‬

‫قاعدة ‪ :2‬صيغة األمر بعد الحظر (وتشمل هذه القاعدة الصيغ األربع الصرحية فقط)‪ :‬وفيها أقوال ثالث‪:‬‬

‫قول اجلمهور‪ :‬اإلباحة‪ ،‬وُعِلَم ذلك استقراءا‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫قول كثري من احلنفية‪ :‬الوجوب‪ ،‬ألّن األصل يف األمر الوجوب‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫قول بعض العلماء كابن تيمية وابن كثري‪ :‬تدل على ما يدّل عليه األمر قبل الحظر‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫مثال‪" :‬هنيتكم عن زيارة القبور‪ ،‬فزوروها"‪ :‬على القول األّو ل‪ :‬اإلباحة‪( ،‬وقول اجلمهور االستحباب ألدلة أخرى‪ ،‬وللتعليل‪:‬‬
‫"فإهّن ا تذكركم اآلخرة")‪ .‬وعلى القول الثاين‪ :‬اإلباحة؛ لوجود قرينة صرفت عن الوجوب‪ .‬وعلى القول الثالث اإلباحة‪.‬‬

‫أمثلة أخرى‪" :‬غري حمّلي الصيد وأنتم حرم" ‪" +‬وإذا حللتم فاصطادوا"‪" .‬وهنيتكم عن حلوم األضاحي فوق ثالث‪ ،‬فأمسكوا ما‬
‫بدا لكم"‪" .‬وال تأكلوا أمواهلم إىل أموالكم" ‪" +‬ومن كان فقريا فليأكل باملعروف" = رخصة = تفيد اإلباحة‪" .‬فاآلن‬
‫باشروهّن وابتغوا ما كتب اهلل لكم وكلوا واشربوا"‪.‬‬

‫مالحظة‪ :‬االقتران في النظم ال يستلزم االستواء في الحكم‪ :‬ال يشرتط من عطف أمرين أن يكون هلما ذات احلكم‪ ،‬مثال‪" :‬خذ‬
‫من أمواهلم صدقة تطهرهم وتزكيهم هبا وصِّل عليهم"‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫إعداد‪ :‬مالك ملكاوي‬ ‫البناء املنهجي – املستوى الثالث‬

‫قاعدة ‪ :3‬األمر المطلق يقتضي الفور‪ ،‬وال يجوز معه التراخي (عند أكثر املالكية واحلنابلة)‬

‫التراخي‪ :‬تأخري الفعل مع القدرة عليه‪.‬‬ ‫الفور‪ :‬إيقاع الفعل يف أول أزمنة اإلمكان‪.‬‬

‫مثال ‪" :‬وآتوا الزكاة"‪ :‬هو للفور عند املالكية واحلنابلة‪ ،‬وجيوز معه الرتاخي عند األحناف؛ تبعا ألصوهلم‪ .‬وعند الشافعية‪ :‬احلكم على‬
‫الفور خالفا لألصل؛ ألّن حق الفقراء متعّلق به‪.‬‬

‫مالحظة ‪ :‬نقول‪" :‬األمر جيوز معه الرتاخي"‪ ،‬وال نقول‪" :‬يقتضي الرتاخي"‪.‬‬

‫"وهلل على الناس ِح ج البيت"‪،‬‬ ‫أمثلة‪" :‬وإن كنتم جنبا فاّطهروا"‪ ،‬وهذه املسألة خرجت عن أصل الفورية ألدّلة صارفة كثرية‪.‬‬
‫"اجعلوا حّج كم عمرة"‪ّ ،‬مث إّن النيب دخل إىل زوجه ُمغضبا ألن الصحابة مل يبادروا‪،‬‬ ‫قيل على الفور‪ ،‬وقيل جيوز الرتاخي لقرائن‪.‬‬
‫"من صّلى صالة فليصلها إذا ذكرها"‪ :‬فيجب قضاءها على الفورية‬ ‫وهذا من أدّلة من قال أّن األصل يف األمر املطلق الفورية‪.‬‬
‫عند احلنابلة واملالكية‪ ،‬ويناَز ع قول غريهم بلفظ النيب‪" :‬إذا ذكرها"‪.‬‬

‫مالحظة‪ :‬األمر المجّر د عن القرائن ال يقتضي التكرار في األظهر‪ ،‬وقيل يقتضيه‪ ،‬بأن يستوعب الزمان يف مجيع العمر مع اإلمكان‬
‫والقدرة‪.‬‬

‫قاعدة ‪ :4‬األمر المعّلق بشرط‪ ،‬هل يقتضي التكرار إذا حتقق الشرط؟‬

‫املراد بالشرط‪ :‬الشرط اللغوي‪ :‬وهو تعليق مجلة جبملة بإْن ‪ ،‬أو إحدى أخواهتا‪.‬‬

‫حالة ‪ :1‬يفيد األمر التكرار إن كان الشرط عّلة للحكم‪ :‬وذلك لتكرر العّلة ال للفظ األمر‪.‬‬

‫حالة ‪ :2‬ال يفيد األمر التكرار إن كان الشرط ليس عّلة للحكم‪ :‬الحتمال إرادة التوقيت أو غريها‪.‬‬

‫مثال‪" :‬وإن كنتم جنبا فاّطهروا"؛ واجلنابة عّلة للتطهر = يفيد التكرار‪ .‬مثال‪" :‬ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم"‪:‬‬
‫مثال‪" :‬يا أّيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة‬ ‫اجلمهور على أّن األمر يفيد التكرار؛ ألّن الشرط – وهو القتل – عّلة هلذا اجلزاء‪.‬‬
‫فاثبتوا"‪ :‬يفيد التكرار‪.‬‬

‫مثال‪" :‬إذا قمتم إىل الصالة فاغسلوا وجوهكم"‪ ،‬قيل بالوجوب للوضوء لكل صالة‪ ،‬وجياب عليه هبذه القاعدة بأّن إرادة القيام ليس عّلة‬
‫للوضوء؛ إمّن ا العّلة احلدث؛ فال يلزم الوضوء لذلك = ال يفيد األمر التكرار بتكرار الشرط‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫إعداد‪ :‬مالك ملكاوي‬ ‫البناء املنهجي – املستوى الثالث‬

‫قاعدة ‪ :5‬األمر بالشيء المعّين نهي عن ضّد ه‪.‬‬

‫مالحظة ‪ :1‬واألمر بالشيء هني عن مجيع أضداده إن كان له أضداد؛ كاألمر بالقيام = هني عن اجللوس وغريه)‬
‫مالحظة ‪ :2‬األمر املعنّي = ال على سبيل التخيري‪.‬‬

‫داللة األمر على ضّد ه‪:‬‬

‫مثال‪" :‬حافظوا على الصلوات والصالة الوسطى وقوموا‬ ‫إن كان األمر املعنّي للوجوب؛ فهو هني عن ضّد ه على التحرمي‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫هلل قانتني"؛ أي‪ :‬ساكتني يف الصالة‪ ،‬وهو هني عن الكالم‪.‬‬
‫وإن كان األمر املعنّي للندب؛ كان هنيا عن ضده على سبيل الكراهة‪ .‬مثال‪" :‬وأنكحوا األيامى منكم"‪ ،‬هنّي عن العضل‪( .‬وال‬ ‫‪-2‬‬
‫يشرتط أن يكون حكم العضل الكراهة؛ لوجود أدّلة أخرى يف الباب"‪.‬‬

‫_____________‬

‫قواعد النهي‪:‬‬

‫النهي‪ :‬قول يتضمن طلب الرتك على وجه االستعالء بصيغة خمصوصة هي املضارع املقرتن ب ـ ـ (ال) الناهية‪.‬‬

‫املسألة األوىل‪ :‬ألفاظ النهي‪:‬‬

‫مثال‪" :‬وال تقتلوا أوالدكم"‪.‬‬ ‫صيغة النهي (اللفظ الصريح)‪ :‬املضارع املقرتن بـ ـ (ال) الناهية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫صيغ تفيد النهي (ألفاظ غري صرحية)‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫مثال‪" :‬حرمت عليكم أمهاتكم"‪.‬‬ ‫اإلخبار بالتحرمي‪:‬‬ ‫‪)1‬‬
‫مثال‪" :‬ال حيل لكم أن ترثوا النساء كرها"‪.‬‬ ‫اإلخبار بعدم اِحلّل‪:‬‬ ‫‪)2‬‬
‫مثال‪" :‬ومن يقتل منكم مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم"‬ ‫هتديد الفاعل بالعقوبة‪:‬‬ ‫‪)3‬‬
‫مثال‪" :‬وينهى عن الفحشاء واملنكر والبغي"‪.‬‬ ‫لفظ (النهي)‪:‬‬ ‫‪)4‬‬

‫(أورد العز بن عبد السالم ‪ 47‬صورة للنهي غري الصريح‪ ،‬نقل أغلبها ابن القّيم يف بدائع الفوائد)‪.‬‬
‫(انظر األمثلة يف املذّك رة‪ :‬صفحة ‪.)8‬‬

‫‪4‬‬
‫إعداد‪ :‬مالك ملكاوي‬ ‫البناء املنهجي – املستوى الثالث‬

‫املسألة الثانية‪ :‬داللة النهي‪( :‬فيها قواعد تقابل قواعد دالالت األمر)‬

‫قاعدة ‪ :1‬النهي المطلق يقتضي التحريم – عند الجمهور –‪ .‬وقد يصرفه دليل إىل الكراهة (كالنهي يف أبواب األدب)‪.‬‬

‫مثال‪" :‬ال تصّلوا يف مباِر ك اإلبل"‪ ،‬يقتضي حترمي ذلك‪ ،‬وهذا‬ ‫مثال‪" :‬ال تقم فيه أبدا"‪ ،‬يفتضي حترمي القيام يف مسجد الضرار‪.‬‬
‫منفصل عن احلكم بفساد الصالة أم صحتها (هذا حكم وضعي‪ ،‬وذاك تكليفي)‪ .‬مثال‪ :‬االستنجاء باليمني‪ ،‬قال ابن حجر أّنه هني‬
‫للكراهة ألّن هذا يف أبواب األدب‪ ،‬ومثله‪ :‬النهي عن القزع‪.‬‬

‫قاعدة ‪ :2‬النهي بعد األمر يقتضي التحريم – إجماعا ‪.-‬‬

‫مثال‪" :‬أمرنا النيب صلى اهلل عليه وسلم بقتل الكالب‪ ،‬مث هنى عن قتلها‪ ،‬وقال‪ :‬عليكم باألسود البهيم"‪.‬‬

‫قاعدة ‪ :3‬النهي المطلق يقتضي الفور‪.‬‬

‫مثال‪ :‬ائتمار الصحابة عند نزول آية حترمي اخلمر فورا‪.‬‬

‫قاعدة ‪ :4‬النهي المطلق يقتضي التكرار = الدوام‪.‬‬

‫قاعدة ‪ :5‬النهي عن الشيء أمر بضده إن كان له ضد واحد واحد‪ ،‬وأمر بأحد أضداده على سبيل البدل إن كان له عدة أضداد‪.‬‬

‫مثال‪ :‬النهي عن الكفر = أمر باإلميان‪ .‬مثال‪ :‬هنى النيب عن التبّتل (االنقطاع التاّم عن النساء) = أمر بالزواج أو بالتسّر ي على سبيل‬
‫البدل‪.‬‬

‫قاعدة ‪ :6‬النهي المطلق – الذي للتحرمي ‪ -‬يقتضي الفساد‪ .‬وهو قول اجلمهور‪ ،‬يف العبادات واملعامالت‪ ،‬وفيها تفصيل وخالف يف‬
‫طبيعة هذا النهي‪.‬‬

‫"وال تباشروهّن وأنتم عاكفون يف املساجد"‪ :‬يقتضي النهي التحرمي والفور والتكرار والفساد‪ ،‬أي‪ :‬فساد االعتكاف (على خالف)‪،‬‬
‫"يا أّيها الذين آمنوا ال تأكلوا الربا"‪ :‬يقتضي الفساد (فال يلزم من هذه املعاملة آثارها)‪ ،‬واألمر‬ ‫ويقتضي األمر بعدم املباشرة‪.‬‬
‫مثال‪ :‬النهي عن املتعة = فساد هذا‬ ‫مثال‪" :‬ال تقربوا الصالة وأنتم سكارى"‪ :‬يقتضي فساد الصالة حال السكر‪.‬‬ ‫بأكل غري الربا‪.‬‬
‫النكاح‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫إعداد‪ :‬مالك ملكاوي‬ ‫البناء املنهجي – املستوى الثالث‬

‫________________‬

‫ثانيا‪ :‬قواعد العاّم والخاّص‬


‫قواعد العام‪:‬‬

‫مثل‪ :‬أكرم كَّل طالب‪.‬‬ ‫العاّم‪ :‬اللفظ املستغرق جلميع أفراده بال حصر‪.‬‬

‫مالحظة‪ :‬االستغراق (العموم) ثالثة أنواع‪:‬‬

‫عموم األفراد (االستغراق الحقيقي)‪ :‬مثال‪" :‬إّن اإلنسان لفي خسر"‪" ،‬وخلق اإلنسان هلوعا"‪" .‬حّر مت عليكم امليتة"‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ميتة الغنم والبقر وغريها‪.‬‬
‫العموم في أجزاء الفرد الواحد‪ :‬مثال‪ :‬أكلت كّل الرغيف‪ .‬مثال‪" :‬وثيابك فطّه ر"‪ ،‬فاستدل ابن قدامة بوجوب تطهري مجيع‬ ‫‪-2‬‬
‫الثوب‪ ،‬فال يعفى بيسري البول‪" .‬حّر مت عليكم امليتة"‪ ،‬أي‪ :‬الساق منها والفخذ والكتف وغريه‪.‬‬
‫عموم في خصال وأوصاف الفرد الواحد‪ :‬مثال‪" :‬سبحان الذي أسرى بعبده"‪ ،‬أي‪ :‬العبد الذي استوىف جبميع خصال‬ ‫‪-3‬‬
‫العبودية‪ .‬مثال‪" :‬ذلك الكتاب"‪.‬‬

‫المسألة األولى‪ :‬صيغ العاّم‪( :‬أّمهها)‬

‫مثال‪" :‬واهلل بكل شيء عليم"‪" ،‬قل يا أيها الناس إيّن رسول اهلل إليكم‬ ‫"كّل"‪ ،‬و "جميع"‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫مجيعا"‪.‬‬
‫مثال‪" :‬أو الطفل الذين مل يظهروا على عورات النساء"‬ ‫المعّر ف بأل االستغراقية‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫تشمل القاعدة اجلمع‪ ،‬واملفرد على األظهر‪.‬‬
‫أل اإلستغراقية‪ :‬يستقيم معنًا وضع "كل" بدال عنها‪.‬‬
‫مثال‪" :‬وال تتخذوا آيات اهلل هزوا واذكروا نعمة اهلل عليكم"‪.‬‬ ‫المضاف إلى معرفة‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫"وال تبطلوا‬
‫أعمالكم"‬
‫مثال‪" :‬اهلل ويل الذين آمنوا"‪" ،‬يعلم ما بني أيديهم وما خلفهم"‪.‬‬ ‫األسماء الموصولة‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫مثال‪" :‬من يعمل سوءا جيز به"‪" ،‬أينما تكونوا يدرككم املوت"‪.‬‬ ‫أسماء الشرط‪:‬‬ ‫‪-5‬‬
‫حرف الشرط "إن" ال يفيد العموم يف ذاته‪.‬‬
‫مثال‪" :‬وال يظلم ربك أحدا"‪" ،‬واعبدوا اهلل وال‬ ‫النكرة في سياق النفي‪ ،‬أو النهي‪ ،‬أو الشرط أو االمتنان‪:‬‬ ‫‪-6‬‬
‫تشركوا به شيئا"‪،‬‬
‫"من عمل صاحلا فلنفسه"‪" .‬وال تبطلوا أعمالكم"‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫إعداد‪ :‬مالك ملكاوي‬ ‫البناء املنهجي – املستوى الثالث‬

‫بغض النظر إن كانت أداة الشرط (اللغوي‪ ،‬ال الشرعي) إمسا أم حرفا‪ .‬والنكرة املقصودة في جملة الشرط هي اليت‬
‫تأيت يف فعل الشرط ال يف جواب الشرط‪ .‬مثال‪" :‬ومن يتِق اهلل جيعل له خمرجا"‪ ،‬خمرجا‪ :‬ال تفيد العموم‪.‬‬
‫مثال‪" :‬وال يظلم ربك أحدا"‪" ،‬واعبدوا اهلل وال تشركوا به شيئا"‪" ،‬من‬ ‫الفعل في سياق النفي أو النهي أو الشرط‪:‬‬ ‫‪-7‬‬
‫عمل‬
‫صاحلا فلنفسه"‪.‬‬

‫أمثلة‪" )1 :‬وال تبطلوا أعمالكم"‪ :‬استدّل بعض الفقهاء على حرمة إبطال النافلة بعد الشروع هبا‪ ،‬ومنهم من قال ِحب ّل ذلك ألفراد من‬
‫العبادات ألدلة أخرى‪ ،‬ومنهم من قال أّن النهي هاهنا للكراهة‪" )2 .‬من تشّبه بقوٍم فهو ممنهم"‪" )3 .‬حّر مت عليكم أمهاتكم"‪" )4 .‬من‬
‫تردى من جبل فقتل نفسه ‪ ،"...‬أي‪ :‬أي شخص‪ ،‬وعلى أّي صورة تردى فيها‪ ،‬ومن أّي جبل‪ ،‬وبأّي هيئة حصل فيها املوت‪" )5 .‬خذ‬
‫من أمواهلم صدقة"‪ ،‬فتجّب من كّل مال‪ ،‬ويشمل عروض التجارة‪" )6 .‬وال يلتفت منكم أحد"‪ ،‬قال القرطيب‪" :‬هنوا اجلميع ‪ ..‬عن‬
‫اإللتفات اليسري والكثري"‪" )7 .‬يا أّيها الذين آمنوا إذا قمتم إىل الصالة فاغسلوا وجوهكم"‪ ،‬فقيل‪ :‬جيب غسل البياض الذي بني األذن‬
‫والِعذار يف الوضوء‪ ،‬لعموم قوله "وجوهكم"‪" )8 .‬ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أّيام أخر"‪" ،‬سفر" نكرة يف سياق الشرط‪،‬‬
‫تفيد عموم سفر أّي مسافر‪ ،‬ولكّن اجلمهور استثىن منهم الذي يسافر سفر معصية‪" )9 .‬ومن دخله كان آمنا"‪ ،‬قال ابن عاشور‪" :‬آمنًا"‬
‫تفيد العموم ألهّن ا نكرة في سياق امتنان‪ ،‬اسثىن اجلمهور من أجرم داخل احلرم‪.‬‬

‫المسألة الثانية‪ :‬دالالت العاّم‪:‬‬

‫قاعدة ‪ :1‬حذف المتعلق (كاملفعول به وظرفا الزمان املكان) يفيد العموم النسبي‪ ،‬وإاّل فإّنه يفَّس ر استنادا على ذلك املتعّلق املذكور‪.‬‬

‫مثال‪" :‬فاتقوا النار"‪ ،‬ذكرت النار‪ ،‬وأّم ا قوله‪" :‬لعّلكم تتقون"‪ ،‬يفيد حذف متعّلق كلمة التقوى عموما نسبيا يستشّف معناه من السياق‪،‬‬
‫كتقوى اهلل والعذاب واملعاصي‪.‬‬

‫مثال‪ :‬واهلل ال آُك ل‪ .‬فيه عمومان‪ :‬عموم األكل (هيئاته) ومستفاد من الفعل يف سياق النفي "آكل"ـ وفيه عموم املأكول‪ ،‬ومستفاد من‬
‫حذف املتعّلق‪.‬‬

‫مثال‪" :‬الذي خلق فسّو ى‪ ،‬والذي قّد ر فهدى"‪" .‬إّن الذين اتقوا إذا مّس هم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون"‪" .‬واهلل يدعو‬
‫إىل دار السالم"‪ ،‬كّل أحد‪" .‬وبّش ر املؤمنني"‪ ،‬تدل على عموم البشرى‪.‬‬

‫قاعدة ‪ :2‬العاّم في األفراد عاّم في األزمنة واألمكنة واألحوال (عموم الذوات يستلزم عموم املتعّلقات)‬

‫‪7‬‬
‫إعداد‪ :‬مالك ملكاوي‬ ‫البناء املنهجي – املستوى الثالث‬

‫مثال‪" :‬إّن اهلل يأمر بالعدل"‪ ،‬بكل أفراده‪ ،‬بكل زمان ومكان وحال‪" .‬والسارق والسارقة فاقطعوا"‪ ،‬أّي سارق يف أي مكان وزمان‬
‫وحال‪" .‬وأحّل اهلل البيع وحّر م الربا"‪ ،‬كذا؛ ألّنه عموم يف األفراد‪" .‬يا أّيها الذين آمنوا"‪.‬‬

‫تنبيه مهم‪ :‬قد يرد التخصيص على األفراد‪ ،‬وكذا على األزمنة واألمكنة واألحوال‪.‬‬

‫مثال‪" :‬وأحّل اهلل البيع"‪ ،‬فيه ‪ 4‬عمومات؛ عموم أفراد البيع وأحواله وأزمنته وأمكنته؛ ولكّن الشريعة قد هنت على بيع الغرر‪،‬‬
‫مثال‪" :‬حّر مت عليكم‬ ‫وبيع السالح وقت الفتنة‪ ،‬والبيع بعد النداء الثاين للجمعة ملن جتب عليه‪ ،‬والبيع يف املسجد‪.‬‬
‫امليتة"‪ ،‬وأحّلت ميتتة البحر‪ ،‬وأحّلت وقت الضرورة‪ ،‬وعموما األزمنة واألمكنة حمفوظان‪.‬‬

‫قاعدة ‪ :3‬ذكر أحد أفراد العام بما يوافق حكم العام ال يكون مخصصا؛ بل مؤكدا‪ ،‬وإمّن ا يكون خمصصا عندما ُيذكر مبا خيالف‬
‫حكم العام‬

‫مثال‪" :‬وجعلت يل األرض مسجدا وطهورا"‪ ،‬وقال‪" :‬وجعلت تربتها لنا طهورا"‪ ،‬والرتبة جزء من أفراد األرض‪ ،‬واحلكم واحد؛‬
‫فاحلديث الثاين مؤكد – ال خمصص – للحديث األّو ل؛ مبعىن أّنه أوىل ما ُيَتَيمم به‪ ،‬وهو قول اجلمهور‪.‬‬

‫تنبيه ‪ :1‬جمال عمل هذه القاعدة هو عندما يرد النصني منفصلني‪ .‬أّم ا يف حالة عطف اخلاّص على العام فهو لبيان مزيد‬
‫االهتمام‪ .‬مثاله‪" :‬ومالئكته وجربيل وميكال"‬

‫تنبيه ‪ :2‬إذا ذكر أحد أوصاف العام – ال أفراده – مبا يوافق احلكم العام = يكون خمصصا = مفهوم الصفة‪.‬‬
‫أّم ا‪ :‬أكرم الطالب ‪ +‬أكرم زيدا =‬ ‫مثال‪ :‬أكرم الطالب ‪ +‬أكرم اجملتهدين = أكرم اجملتهدين‪.‬‬
‫أكرم الطالب‪ ،‬ألّن التخصيص يف اجلملة الثانية يستند إىل مفهوم اللقب؛ وال يعترب به عند مجهور األصوليني‬
‫(خاّلف احلنابلة)‪.‬‬
‫مثال‪" :‬من مات وعليه صيام صام عنه ولّيه" ‪" +‬وسألته امرأة فقالت‪ :‬إّن (أّم ي) ماتت وعليها (صوم نذر) أفأصوم عنها؟ فأمرها أن‬
‫تصوم عنها" = ال خيصص احلديث األول يف الصوم عن األم حتديدا‪ ،‬أو يف صيام النذر‪ ،‬أو يف كون الوّيل هو البنت‪.‬‬

‫قاعدة ‪ :4‬العبرة بعموم اللفظ ال بخصوص السبب‬

‫محّل تطبيق القاعدة‪:‬عند ورود لفظ عاّم يف نّص عن النيب كان لسؤال معنّي أو حادثة معّينة؛ فهل يؤخذ بعموم اللفظ أم خيصص‬
‫بالسبب؟‬

‫من كان سببا لنزول النّص فإّن احلكم يتناوله قطعا‪( .‬سبب النزول قطعّي الدخول)‬ ‫‪-1‬‬
‫من كان حاله مطابقا حلال من نزل فيهم النّص (صورة السبب)؛ يتناوهلم احلكم اّتفاقا‪ .‬وهذا التنزيل ظيّن ؛ إلمكان ورود دليل‬ ‫‪-2‬‬
‫على ختصيص احلكم مبن نزل فيهم‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫إعداد‪ :‬مالك ملكاوي‬ ‫البناء املنهجي – املستوى الثالث‬

‫من كان حاله خمالفا لصورة سبب النزول؛ لكنه يدخل يف عموم اللفظ‪ :‬اجلمهور على أّن العربة بعموم اللفظ ال خبصوص‬ ‫‪-3‬‬
‫السبب‪.‬‬

‫ركني القاعدة‪ -1 :‬وجود اللفظ العام‪ -2 ،‬ورد النّص لسبب خاّص ‪.‬‬

‫مثال ‪" :‬أو به أذى من رأسه"‪ ،‬وسبب النزول‪ :‬يف كعب بن عجرة وقد آذاه القمل يف رأسه‪ .‬فيتناول احلكم كعب بن عجرة نفسه‪ ،‬وأّي‬
‫أحد يشرع باحلّج ويؤذيه القمل يف رأسه‪ ،‬وأّي من يف رأسه أذى ولو من غري قمل عند اجلمهور؛ لعموم لفظ اآلية‪.‬‬

‫أمثلة‪ :‬قول النيب‪" :‬أبدأ فيما بدأ اهلل به" يف البدء بالصفا قبل املروة يف السعي ‪ ..‬استدّل به احلنابلة وغريهم على وجوب الرتتيب يف‬
‫ِحل‬
‫الوضوء لقول اهلل تعاىل‪" :‬فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إىل املرافق وامسحوا"‪" .‬هو الطهور ماؤه ا ّل ميتته"‪ :‬عاّم حمفوظ على أّي‬
‫(أنظر باقي األمثلة)‬ ‫طهور (أكرب أو أصغر أو إزالة جناسة)‪ ،‬وسواء عنده ماء طهور قليل أو كثري‪ ،‬أكان راكبا للبحر أو ال‪.‬‬

‫قواعد المطلق والمقّيد‬

‫"إّن اهلل يأمركم ان تذحبوا بقرة"‪" .‬فصيام ثالثة أّيام"‬ ‫المطلق‪ :‬ما دّل على احلقيقة بال قيد‪ .‬مثل‪ :‬أكرم طالبا‪.‬‬
‫"فصيام ثالثة أّيام يف احلّج "‪.‬‬ ‫مثل‪ :‬أكرم طالبا جمتهدا‪.‬‬ ‫المقّيد‪ :‬ما دّل على احلقيقة بقيد‪.‬‬

‫مالحظة‪ :‬قد يكون الشيء مطلقا من وجه مقّيد امن وجه آخر‪.‬‬
‫مالحظة‪ :‬الفرق بني املطلق والعام‪ :‬العاّم ‪ :‬مشوله استغراقي‪ ،‬أّم ا المطلق‪ :‬مشوله بديل (على وجه البدل)‪( .‬املطلق مشوله‬
‫صلوحي‪:‬‬
‫كّل واحد يشمله يصلح أن يصدق عليه اللفظ)‬
‫مالحظة‪ :‬نقول يف املطلق والعام‪ :‬المطلق‪ :‬ما يصدق على ‪ ،...‬العاّم‪ :‬ما يشمل (يستغرق) كّل ‪...‬‬

‫قاعدة ‪ :1‬فعل األمر يفيد اإلطالق‪ :‬مثل‪ :‬اكتب‪ ،‬اجلس‪ ،‬تعّلم‪.‬‬


‫قال تعاىل‪" :‬يا أّيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إىل أجل مسمى فاكتبوه"‪ = .‬يصدق على أّي كتابة‪.‬‬

‫مثل‪ :‬أن تكون يف سياق شرط‪ ،‬أو‬ ‫قاعدة ‪ :2‬النكرة في سياق اإلثبات تفيد اإلطالق‪ ،‬بشرط أاّل يقترن بها ما يفيد العموم‪:‬‬
‫قال تعاىل‪" :‬وليكتب بينكم كاتب بالعدل"‪ = .‬يصدق على أّي كاتب بالعدل‪.‬‬ ‫تقرتن بـ "كل" و "مجيع"‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫إعداد‪ :‬مالك ملكاوي‬ ‫البناء املنهجي – املستوى الثالث‬

‫مثال‪" :‬ومن قتل مؤمنا فتحرير رقبة مؤمنة"‪ :‬رقبة‪ :‬تصدق على أّي رقبة كانت من حيث السّن أو اللون أو غريه‪ ،‬وُقّيدت بكوهنا‬
‫مؤمنة‪.‬حترير‪ :‬لفظ مطلق‪ ،‬ألّنه مصدر ناب عن فعل األمر‪ .‬مؤمنة‪ :‬نكرة يف سياق اإلثبات = تفيد اإلطالق = أّيا كانت درجة إمياهنا‪.‬‬

‫مالحظة‪ )1 :‬اللفظ الواحد قد يكون عاّم ا‪ ،‬وخمصصا للفظ عاّم يف آٍن واحد‪ ،‬ففي املثال السابق‪" :‬مؤمنا" لفظ عاّم‪ ،‬وقّيد‬
‫اللفظ‬
‫العام "قتل"‪ )2 .‬اللفظ قد يكون مطلقا يف نفسه‪ ،‬ومقِّيدا لغريه‪ ،‬مثال‪" :‬مؤمنة" لفظ مطلق‪ ،‬وخمصص إلطالق لفظ "رقبة"‬
‫املطلق‪.‬‬

‫مالحظة‪ :‬نقول أّن اللفظ (قّيد) أو (خّص ص) باعتبار اللفظ املقَّيد أو املخصص إذا ما كان لفظا مطلقا أم عاّم ا‪ ،‬وال نقول أّن‬
‫ذلك باعتبار أّن إخراج بعض األوصاف = تقييد‪ ،‬وإخراج بعض األفراد = ختصيص؛ ألّن ذلك غري دقيق‪ ،‬إذ إّن من العموم ما‬
‫يكون يف األوصاف‪.‬‬

‫مثال‪" :‬وثيابك فطّه ر"‪ :‬أخذ احلنفية بإطالق األمر بالتطهري‪ ،‬فقالوا‪ :‬التطهري هو إزالة النجاسة‪ ،‬ولو بغري املاء أو الرتاب‪ .‬ومل يأخذ احلنفية‬
‫بالتقييد باملاء لقول النيب‪" :‬ذنوبا من ماء"‪" ،‬مث تقرصه باملاء"؛ وذلك ألّن مما خالف فيه الحنفيُة الجمهوَر أّن الزيادة يف النص نسخ‪،‬‬
‫وأّن النسخ يف حديث اآلحاد ال يقبل‪.‬‬

‫مثال ‪" :‬واركعوا مع الراكعني"‪ ،‬فقال احلنفية بإطالق الركوع إطالقا حمفوظا؛ فال تشرتط الطمأنينة خالفا للجمهور الذين أخذوا حبديث‬
‫النيب‪.‬‬

‫مالحظة في‬ ‫مثال‪" :‬ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعّد ة من أّيام أخر" = تصدق على أّي أّيام أخر‪ ،‬ومل يقّيد بالتتابع‪.‬‬
‫الجملة الشرطية‪ :‬النكرة يف فعل الشرط = لفظ عاّم‪ ،‬أّم ا النكرة يف جواب الشرط = لفظ مطلق‪.‬‬

‫مثال‪" :‬خذ من أمواهلم صدقة"‪ :‬استدّل احلنفية على جواز الزكاة بالقيمة؛ ألّن "صدقة" لفظ مطلق‪.‬‬

‫_______________________‬

‫قواعد المنطوق والمفهوم‬

‫المنطوق‪ :‬ما دّل على اللفظ يف حمل النطق‪.‬‬


‫المفهوم‪ :‬ما دّل عليه اللفظ يف غري حمل النطق‪ ،‬وهو نوعان‪:‬‬

‫مفهوم موافقة‪ :‬إذا كان املسكوت عنه مساٍو أو أوىل باحلكم املنطوق‪ .‬وهو إّم ا‪ :‬أولوي‪ ،‬أو مساوي‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫وهو إّم ا‪ :‬مفهوم صفة أو شرط أو‬ ‫مفهوم مخالفة‪ :‬إذا كان حكم املسكوت عنه خمالف حلكم املنطوق‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫زمن‬
‫أو مكان أو عدد أو غاية أو لقب‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫إعداد‪ :‬مالك ملكاوي‬ ‫البناء املنهجي – املستوى الثالث‬

‫مالحظة‪ :‬لكل لفظ منطوق‪ ،‬وال يشرتط وجود مفهوم موافقة أو مفهوم خمالفة له‪.‬‬
‫مالحظة مهمة‪ :‬حّج ية مفهوم المخالفة‪ :‬هو حّج ة عند اجلمهور‪ ،‬خالَف يف ذلك احلنفية‪.‬‬
‫مالحظة‪ :‬مرجع‪ :‬أثر االختالف يف القواعد األصولية على اختالف الفقهاء‪ ،‬للشيخ مصطفى بن سعيد اخلن‪.‬‬

‫مثال‪" :‬إن جاءكم فاسق فتبّينوا"‪ :‬املنطوق‪ :‬الفاسق‪ ،‬مفهوم موافقة أولوي‪ :‬الكافر‪ ،‬مفهوم املخالفة‪ :‬املؤمن العدل‪.‬‬

‫أمثلة وتعليقات على أهم أنواع مفهوم املخالفة‪:‬‬

‫مفهوم الصفة‪ :‬الصفة‪ :‬ما أشعر مبعىن خيتّص به بعض األفراد‪( .‬وهي أوسع من (صفة) النحاة)‬ ‫‪.1‬‬
‫مثال‪" :‬الثّيب أحّق بنفسها"‪ :‬فالِبْكر ليست أحّق بنفسها؛ فيجوز لولّيها إجبارها‪ ،‬وخاَلف يف ذلك احلنفية‪.‬‬
‫مثال‪" :‬من باع خنال قد ُأِّبَر ت فثمرهتا للبائع"‪ :‬فإن مل تؤَّبر فللمشرتي‪.‬‬

‫مفهوم الشرط‪ :‬والشرط املقصود هو الشرط اللغوي ال االصطالحي‪.‬‬ ‫‪.2‬‬


‫مثال‪" :‬فكاتبوهم إن علمتم فيهم خريا"‪ :‬فإن مل تعلموا فيهم خريا فلستم مأمورين باملكاتبة‪( .‬وال نقول‪ :‬فال‬
‫تكاتبوهم)‪.‬‬
‫مفهوم الزمن‪ :‬داللة اللفظ يف غري حمل النطق أّن حكم الزمن املسكوت عنه خيتلف عن حكم الزمن املنطوق‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫مثال‪" :‬إذا نودي للصالة من يوم اجلمعة فاسعوا"‪ ،‬فإذا نودي للصالة يف غري يوم اجلمعة فلستم مأمورين‬
‫بالسعي‪ ،‬وعليه أخذ بعض الفقهاء هبذا املفهوم على احلكم بأّن الصالة يف املسجد لغري اجلمعة غري واجبة‪.‬‬

‫مفهوم المكان‪ :‬داللة اللفظ يف غري حمل النطق أّن حكم املكان املسكوت عنه خيتلف عن حكم املكان‬ ‫‪.4‬‬
‫املنطوق‪.‬‬
‫مثال‪" :‬وال تباشروهن وأنتم عاكفون يف املساجد"‪ :‬فال ُينهى عن املباشرة لالعتكاف يف غري املساجد‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬لو باشر املعتكف امرأته يف الطريق؛ فإّنه يدخل يف النهي؛ ألّن املنطوق خرج حمرج الغالب‪.‬‬

‫مفهوم العدد‪ :‬داللة اللفظ يف غري حمل النطق أّن حكم العدد املسكوت عنه خيتلف عن حكم العدد املنطوق‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫مثال‪" :‬إذا املاء قلتني مل حيمل اخلبث"‪ :‬فإذا بلغ عددا أقل من قّلتني محل اخلبث‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫إعداد‪ :‬مالك ملكاوي‬ ‫البناء املنهجي – املستوى الثالث‬

‫مسألة‪ :‬ال نقول‪( :‬إذا مل يبلغ الّق لتني ‪ )...‬ألّن هذا مفهوم شرط‪ .‬وال نقول‪( :‬إذا بلغ عددا فوق القلتني ‪)...‬‬
‫ألّن هذا مفهوم موافقة أولوي‪.‬‬

‫مفهوم الغاية‪ :‬الغاية‪ :‬مّد احلكم إىل حّد ‪ ،‬كقولك‪ :‬أكرم الطاّل ب إىل زيد‪ .‬مفهوم الغاية‪ : :‬داللة اللفظ يف غري‬ ‫‪.6‬‬
‫حمل النطق أّن حكم ما بعد الغاية خيتلف عن حكم ما قبلها‪.‬‬
‫مثال‪" :‬فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إىل املرافق"‪ :‬فال جيب غسل ما بعد املرفق‪.‬‬
‫مسألة مهّم ة‪ :‬هل الغاية تدخل فيما قبلها (املغىَّي عموما) أم فيما بعدها؟ خالف‪.‬‬

‫وهو حّج ة عند احلنابلة وبعض‬ ‫مفهوم اللقب‪ :‬تعليق احلكم بأمساء األعيان‪ /‬األجناس‪ /‬الذوات‪ /‬األعالم‪.‬‬ ‫‪.7‬‬
‫األصوليني؛ وليس حّج ة عند اجلمهور‪.‬‬
‫مثال‪" :‬وجعلت تربتها لنا طهورا"‪ :‬فغيري الرتاب ال يكون طهورا عند احلنابلة‪.‬‬

‫مالحظة مهّم ة جدا‪ :‬إن كان حكم املنطوق = األمر‪ ،‬فمفهوم املخالفة يفيد = عدم األمـر؛ ال النهي‪ .‬وكـذا‪ :‬إذا أفـاد املنطـوق النهي‪ ،‬أفـاد‬
‫مفهــوم املخالفــة = عــدم النهي؛ ال األمــر‪( .‬مفهــوم األمــر = عــدم األمــر‪ ،‬ومفهــوم النهي = عــدم النهي)‪( ،‬يقتضــي مفهــوم املخالفــة النقيض‪،‬‬
‫وال يقتضي الِض ّد )‪.‬‬

‫أهّم شروط االستدالل بمفهوم المخالفة‪:‬‬

‫أن ال يخرج المنطوق مخرج الغالب‪ ،‬حكى القرايف اإلمجاع على ذلك‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫أاّل يكون المنطوق جوابا مطابقا لسؤال معّين‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫أاّل يذكر المنطوق ألجل تهويل الحكم وتعظيمة أو ألجل المبالغة أو التشنيع فيه‬ ‫‪.3‬‬
‫أاّل يعارضه مفهوم موافقة؛ وإاّل فيقّد م مفهوم املوافقة‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫أمثلة‪:‬‬

‫"وال تباشروهّن وأنتم عاكفون يف املساجد"‪ .‬الغالب يف املعتكف كونه يف املسجد؛ فلم ُيَر د بذكر املسجد التفريُق بني حكم‬ ‫‪.1‬‬
‫"أمّي ا امرأٍة زوجة نفسها بغري إذن‬ ‫املذكور واملسكوت هاهنا؛ فإن النهي يصل املعتكف إن باشر يف غري املسجد‪.‬‬
‫ولّيها فنكاحها باطل"‪ .‬والغالب على من تزّو ج نفسها أن يكون ذلك بغري إذن ولّيها‪ ،‬وال يراد التفريق بني إن كان بإذنه أو‬
‫ال؛ فإن كان – فأيضا – يصل إليها النهي عن تزويج نفسها‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫إعداد‪ :‬مالك ملكاوي‬ ‫البناء املنهجي – املستوى الثالث‬

‫"صالة الليل مثىن مثىن"‪ .‬وال يفهم من احلديث أّن غري صالة الليل ليست مثىن مثىن؛ ألّنه جواب على سؤال؛ فلم تورد الصفة‬ ‫‪.2‬‬
‫للتفريق بني حكم صورة مذكورة وأخرى مسكوت عنها‪.‬‬
‫"إن تستغفر هلم سبعني مّر ة فلن يغفر اهلل هلم"‪ .‬ال يطّبق هاهنا مفهوم العدد؛ ألّن العدد خرج حمرج التهويل واملبالغة‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫"ال ميسكّن أحدكم َذَك َر ه بيمينة وهو يبول"‪ :‬استدّل ابن دقيق العيد مبفهوم الصفة على جواّز إمساكه يف غري هذه احلال ‪..‬‬ ‫‪.4‬‬
‫وقال احلنابلة أّن مفهوم املخالفة قد عورض مبفهوم موافقة أولوي؛ ألّنه قد حيتاج إىل ذلك حال البول‪ ،‬فرتكه يف غري األوقات‬
‫واجب من باب أوىل ‪ ..‬ونوزع احلنابلة يف هذه األولوّية؛ إذ إّن النهي لوجود البول‪ ،‬فال يكون أولوّية –هبذا االعتبار‪ -‬يف غري‬
‫هذه احلال‪.‬‬
‫مثال آخر‪" :‬من نسي صالة فليصلها إذا ذكرها"‪ ،‬فإن تركها عامدا أو نائما غري نسيان فال يشرع له القضاء‪ ،‬وهو قول‬
‫بعض الفقهاء‪ ،‬وقول مجهور الفقهاء أّنه مفهوم املوافقة األولوي هو أّنه إن شرع له القضاء للنسيان فإّنه يشرع للرتك العمد من‬
‫باب أوىل‪ ،‬ونوزع يف ذلك‪.‬‬

‫ضابط عاّم‪ :‬مىت ما غلب على الظّن أن املتكّلم قد ذكر املنطوق ليفّر ق بني حكمه وحكم املسكوت فإّننا حنتّج مبفهوم املخالفة‪.‬‬

‫أمثلة‪:‬‬

‫"ّمث أمتوا الصيام إىل الليل"‪ ،‬ومفهوم املخالفة‪ :‬عدم وجوب الصيام بعد الليل‪ ،‬وال يصّح االستدالل مبفهوم املخالفة على وجوب‬ ‫‪.1‬‬
‫الفطر وحرمة الوصال مبجّر د هذا اآلية‪.‬‬
‫"وإن كنتم على سفر ومل جتدوا كاتبا فرهان مقبوضة"‪ :‬مفهوم الشرط يقتضي احلكم بعدم مشروعية أخذ الرهن يف احلضر‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫وقد قاله بعض السلف‪ ،‬ولكّن عاّم ة الفقهاء على أّن مفهوم املخالفة غري معترب ألّنه خرج خمرج الغالب‪ .‬ومفهوم الشرط يف‬
‫(ومل جتدوا كاتبا) غري معترب كذلك‪.‬‬
‫"ال تقربوا الصالة وأنتم سكارى حىت تعلموا ما تقولون"‪ :‬فيها مفهومي صفة معتربين (سكارى‪ /‬تعلموا)‪ ،‬وفيه مفهوم لقب‬ ‫‪.3‬‬
‫(الصالة)‪.‬‬
‫"فاغسلوا وجوهكم وأيديكم"‪ :‬املفهوم = عدم وجوب غسل ما سوامها‪ ،‬وهو مفهوم لقب غري معترب‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫"ال تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة"‪ :‬املفهوم‪ ،‬ال ينهى عن البيع بأضعاف مضاعفة = مفهوم لقب غري معترب‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫"وإذا ضربتم يف األرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصالة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا"‪ :‬مفهوم الشرط أّنه إن‬ ‫‪.6‬‬
‫مل تكونوا على سفر وختافوا فال يشرع لكم القصر‪ ،‬وقال هبذا بعض السلف‪ ،‬واجلمهور على أّن التقييد باخلوف خرج خمرج‬
‫الغالب ‪ ..‬ومفهوم املكان املستفاد من "األرض" غري معترب ألّنه خرج خمرج الغالب ‪ ..‬وكذا التقييد بالذين كفروا‪.‬‬
‫"إذا ولغ الكلب يف اإلناء فاغسلوه سبعا"‪ :‬مفهوم شرط‪ :‬إذا مل يلغ فال يؤمر (ال جيب) غسله سبعا ‪ ..‬مفهوم لقب غري معترب‪:‬‬ ‫‪.7‬‬
‫إذا ولغ غري الكلب فال جيب الغسل ‪ ..‬مفهوم لقب‪ ،‬أو مفهوم مكان غري معترب‪( :‬األناء) ‪ ..‬مفهوم عدد‪( :‬سبعا)‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫إعداد‪ :‬مالك ملكاوي‬ ‫البناء املنهجي – املستوى الثالث‬

‫"حقا على احملسنني"‪ :‬مفهوم صفة (احملسنني) غري معترب ألّنه خرج تعظيم احلكم‪.‬‬ ‫‪.8‬‬
‫"وال تقاتلوهم عند املسجد احلرام حىت يقاتلوكم فيه"‪ :‬مفهوم مكان (املسجد احلرام)‪ ،‬ومفهوم غاية (حىت يقاتلوكم)‪.‬‬ ‫‪.9‬‬

‫_______________________‬

‫قواعد متفّر قة‬


‫القاعدة األولى‪ :‬الفعل الذي دخل عليه الشرط –اللغوي‪ -‬يحتمل ثالثة معاني‪( :‬يقال فيها‪ :‬صيغة "إذا فعلت فافعل")‬

‫"إذا دخل أحدكم املسجد فال جيلس حىت يصلي ركعتني" = يصلي إذا انتهى‬ ‫االنتهاء من الفعل‪( .‬األصل)‬ ‫‪-1‬‬
‫الدخول‪.‬‬
‫"كان النيب إذا دخل اخلالء قال‪ :‬اللهّم إيّن أعوذ بك من اخلبث واخلبائث" = يقول‬ ‫إرادة الفعل‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫قبل‬
‫فعل الشرط (الدخول)‬
‫"كان النيب إذا خطب امحّر ت عيناه وعال صوته" = إذا شرع يف اخلطبة‪.‬‬ ‫الشروع في الفعل والتلّبس فيه‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫تنبيه ‪ :‬األصل يف الفعل الذي دخل عليه الشرط هو املعىن األوىل‪ ،‬وال يعدل عنه إاّل بدليل‪.‬‬

‫تنبيه‪ :‬أشار إىل هذه القاعدة ابن فارس يف (الصاحيب)‪ ،‬وأضاف أّنه‪ :‬يف املعىن األّو ل‪ :‬حيدث جواب الشرط بعد فعل الشرط‪ ،‬ويف املعىن‬
‫الثاين‪ :‬قبله‪ ،‬ويف املعىن الثالث‪ :‬معه‪.‬‬

‫أمثلة على معاني الفعل الثالث‪:‬‬

‫"وإذا حييتم بتحّية فحّيوا بأحسن‬ ‫"إذا شرب اخلمر فاجلدوه"‪" .‬من أحيا أرضا ميًة فهي له"‪ ،‬وحيتمل معىن الشروع‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫منها"‪.‬‬
‫"يا أّيها الذين آمنوا إذا قمتم إىل الصالة فاغسلوا وجوهكم" ‪" .‬إذا أكل أحدكم فليذكر اسم اهلل تعاىل"‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫"وإذا ضربتم يف األرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصالة"‪" .‬إذا تّو ضأ أحدكم فليجعل يف أنفه ماءا مث لينتثر"‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫_______________‬

‫القاعدة الثانية‪ :‬أحوال الخطاب للنبي وأّم ته‪:‬‬

‫"ادع إىل سبيل رّبك باحلكمة"‪.‬‬ ‫خطاب للنبي‪ ،‬وتشاركه األّمة في حكمه‪( .‬األصل)‬ ‫‪-1‬‬
‫"وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنيب إن أراد النيب أن‬ ‫خطاب للنبي‪ ،‬وحكمه خاّص به‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫يستنكحها"‪.‬‬
‫"يا أّيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام"‬ ‫خطاب لألّم ة‪ ،‬والنبي داخل فيه‪( .‬األصل)‬ ‫‪-3‬‬
‫"يا أّيها الذين آمنوا ال ترفعوا أصواتكم فوق صوت النيب"‬ ‫خطاب لألّمة‪ ،‬وال يدخل النبي فيه‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪14‬‬
‫إعداد‪ :‬مالك ملكاوي‬ ‫البناء املنهجي – املستوى الثالث‬

‫مثال‪" :‬يا أّيها الرسول بّلغ ما أنزل إليك من رّبك وإن مل تفعل فما بلغت رسالته واهلل يعصمك من الناس"‪ :‬املعىن الثاين؛ فقال الفقهاء‬
‫أّن وجوب الدعوة ال يسقط عن النيب ألجل خوفه على نفسه؛ ألّنه معصوم عن أذى الناس‪.‬‬

‫مثال‪" :‬وإذا كنت فيهم فأقمت هلم الصالة ‪ :"...‬املعىن األّو ل‪ ،‬وقال بعض األحناف أّن اآلية تشعر بأهّن ا خاّص ة بالنيب‪ ،‬وهذا خالف فهم‬
‫اجلمهور الذي تبع فهم الصحابة‪.‬‬

‫خالصة ‪( :1‬التخصيص بالخطاب –للنيب– ال يقتضي التخصيص بالحكم)‪ ،‬وسبب أّن األصل يف خطاب النيب أّنه خطاب لّألمة هو‬
‫أّن النيب إمنا جعل لالقتداء به‪.‬‬

‫خالصة ‪ :2‬األصل فيما خوِط َب به بعض أفراد األّم ة أّنه احلكم يتناوله ويتناول غريه من الناس‪ ،‬إاّل إذا وجد دليل خيصصه باحلكم‪ .‬وهذا‬
‫قول الحنابلة‪ .‬وقول الجمهور على العكس‪ :‬األصل يف خطاب الفرد اختصاصه به‪ ،‬والتعميم حيتاج الدليل‪.‬‬

‫مثال‪" :‬يا غالم إيّن أعّلمك كلمات ‪ ،"...‬حديث معاذ يف الوصّية بقول (اللهم أعين على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)‪.‬‬

‫_______________‬

‫القاعدة الثالثة‪ :‬داللة النفي‪:‬‬

‫األصل أّن نفي الشيء هو نفي للوجود‪ ،‬فإن تعّذ ر أو دّل الدليل على خالفه‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫ِمُح َل على نفي الصّح ة (جماز قريب)‪ ،‬فإن تعّذ ر أو دّل الدليل على خالفه‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫ِمٌح َل على نفي الكمال (جماز بعيد)‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫مثال‪ :‬لو قال املعّلم‪" :‬ال إجابة يف األوراق"‪ ،‬فيحمل نفيه عن أن ال أحد من الطالب أجاب السؤال‪ ،‬فإن أحد أجاب فيحمل أن ال أحد‬
‫أجاب جوابا صحيحا‪ ،‬فإن أحد فعل ذلك محل على أن النفي نفي كمال الصّح ة‪.‬‬

‫مثال‪" :‬ال صالة ملنفرد خلف الصّف "‪ ،‬أي‪ :‬ال توجد‪ ،‬وهذا متعّذ ر؛ إذ يوجد ذلك‪ .‬إذن‪ :‬داللة النفي = أن ال صالة صحيحة؛ وأخذ‬
‫بذلك بعض احلنابلة‪ .‬ومن الفقهاء من محله على نفي الكمال لدليل صارف‪.‬‬

‫مثال‪" :‬يتنازعون فيها كأسا ال لغو فيها وال تأثيم"‪" ،‬ال يؤاخذكم اهلل باللغو يف أميانكم"‪ :‬نفي وجود‪.‬‬
‫مثال‪" :‬ال نكاح إاّل بوّيل"‪ :‬نفي صّح ة‪ ،‬وقيل نفي كمال لصارف‪.‬‬
‫مثال‪" :‬ال إميان ملن ال أمانة له"‪" ،‬ال يؤمن أحدكم حىت حيّب ألخيه ما حيّب لنفسه"‪" ،‬إذا نودي للصبح وأحدكم جنب فال صوم له"‪:‬‬
‫نفي كمال‪.‬‬
‫مثال‪" :‬ال صالة ملن مل يقرأ بفاحتة الكتاب"‪ :‬نفي صّح ة‪ ،‬وهو قول اجلمهور‪ ،‬وعند احلنفية هو نفي كمال للعموم يف قوله‪" :‬فاقرأوا ما‬
‫تيسر من القرآن"‪ ،‬والزيادة يف النص نسخ‪ ،‬وال يقبل النسخ من اآلحاد‪.‬‬
‫مثال‪" :‬ال وضوء ملن مل يذكر اسم اهلل عليه"‪ :‬نفي كمال عند اجلمهور‪ ،‬ونفي صحة عند احلنابلة‪.‬‬

‫_______________‬

‫‪15‬‬
‫إعداد‪ :‬مالك ملكاوي‬ ‫البناء املنهجي – املستوى الثالث‬

‫القاعدة الرابعة‪ :‬التأسيس أولى من التأكيد‪( .‬إن احتمل اللفظ الواحد املعنيني)‬

‫التأسيس‪ :‬إنشاء معىن جديد‪.‬‬


‫التأكيد‪ :‬تقرير معىن سابق‪.‬‬

‫األصل هو معىن التأسيس؛ إلن إعمال الكالم – حبمله على معىن زائد – أوىل من إمهاله (إمهال الكالم اجلديد) ‪ ..‬ومحل الكالم على‬
‫األفادة أوىل من محله على اإلعادة‪.‬‬
‫مثال‪ :‬يقضي القاضي يف املطّلق ثالثا جبسب نّية املمطّلق‪ ،‬فإن نسي نّيته ِمُح ل تكراره للتطليق على التأسيس = ثالث طلقات‪.‬‬

‫مثال‪" :‬الذين كفروا وصدوا عن سبيل اهلل"‪ :‬معناها‪ :‬إّم أ ‪ )1‬أعرضوا هم‪ ،‬أو ‪ )2‬منعوا غريهم‪ ،‬واملعىن الثاين أوىل ألّن األول فيه نوع‬
‫تأكيد للمعىن من كلمة "كفروا"‪ .‬ويشهد على ذلك تكملة اآلية‪" :‬زدناهم عذابا فوق العذاب مبا كانوا يفسدون"‪.‬‬

‫مثال‪" :‬أوالئك عليهم صلوات من رهبم ورمحة"‪ :‬صلوات‪ :‬رمحات‪ ،‬أو ثناء ومدح وتعظيم‪ ،‬واألصح الثاين؛ وهو قول أكثر املفسرين‪.‬‬

‫مثال‪" :‬فتاب عليكم وعفا عنكم"‪ :‬والتوبة مغفرة الذنب‪ ،‬أو نسخ احلكم إىل ما هو أيسر (الرخصة)‪ ،‬والثاين أوىل‪.‬‬

‫مثال‪" :‬كل قد علم صالته وتسبيحه واهلل عليك مبا يفعلون"‪ :‬قيل‪ :‬كّل مصِّل‪ ،‬وقيل‪ :‬اهلل‪ ،‬واألول أقرب؛ ورجحه الشنقيطي‪.‬‬

‫_______________‬

‫القاعدة الخامسة‪ :‬أقسام (ال)‬

‫(تفيد العموم)‬ ‫مثال‪ :‬قول الفرزدق‪ :‬ما أنت باحلكم الرتضى حكومته‬ ‫الموصولة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫مثال‪ :‬كاليت تدخل على اسم العلم‪ ،‬كاحلسن والفضل‪.‬‬ ‫الزائدة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫(اليت تدخل على األمسا املنّك رة)‬ ‫التعريف‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫"إّن الإنسان لفي خسر"‪ ،‬أي‪ :‬كّل إنسان؛ فدّلت على‬ ‫االستغراقية‪ :‬لو وضع مكاهنا "كل" استقام املعىن‪( .‬األصل)‬ ‫‪.1‬‬
‫العموم‪ ،‬واستقام وجود استثناء بعدها‪" :‬إاّل الذين‬
‫آمنوا"‪.‬‬
‫(ال تفيد العموم)‬ ‫التي للجنس‪ :‬تتناول اجلنس (حقيقة الشيء وماهّيته) ال كل فرد من األفراد‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫مثال‪ :‬الرجل أقوى من املرأة‪ ،‬أي‪ :‬جنس الرجال أقوى‪ ،‬ال أّن كل رجل أقوى من كّل امرأة‪ .‬مثال‪ :‬أهلك الناس الدينار‬
‫والدرهم‪.‬‬

‫(تفيد العموم حبسب معهودها)‬ ‫العهدية‪ :‬هي اليت يدّل مصحوهبا (ما تدخل عليه) على شيء معهود‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫مثال‪ :‬أتى املعّلم‪ ،‬نلتقي يف اجلامعة‪.‬‬ ‫للعهد الذهني‪( .‬للعلم السابق به عند املخاَطب قبل الكالم)‬ ‫‪)1‬‬
‫مثال‪" :‬شهر رمضان" ‪" ...‬فمن شهد‬ ‫للعهد الذكري‪( .‬لسابق ذكره يف الكالم)‬ ‫‪)2‬‬
‫منكم الشهر"‬

‫‪16‬‬
‫إعداد‪ :‬مالك ملكاوي‬ ‫البناء املنهجي – املستوى الثالث‬

‫مثال‪" :‬اليوم أكملت لكم دينكم"‪.‬‬ ‫للعهد الحضوري‪( .‬حلضوره احلّس ي وقت اخلطاب)‬ ‫‪)3‬‬

‫أمثلة‪:‬‬

‫"احلمد هلل رب العاملني"‪ :‬لالستغراق‪.‬‬ ‫‪.1‬‬


‫"لقد رضي اهلل عن املؤمنني إذ يبايعونك حتت الشجرة"‪" ،‬إذ مها يف الغار"‪ :‬للعهد الذهين‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫"وشاورهم يف األمر"‪ :‬للعهد الذكري عند أكثر املفسرين؛ إذ ُذِكر اجلهاد قبال‪ ،‬مث يقاس عليها كل أمر عظيم‪ .‬وقيل‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫لالستغراق‪.‬‬
‫"إّن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعاملني"‪ :‬لالستغراق‪" .‬فيه آيات بّينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا‬ ‫‪.4‬‬
‫وهلل على الناس ِح ّج البيت من استطاع إليه سبيال"‪( :‬الناس) للعهد الذكري وتفيد العموم‪( ،‬البيت) للعهد الذكري وال تفيد‬
‫العموم‪.‬‬
‫"وجعلنا من املاء كل شيء حي"‪ :‬للجنس‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫"وبدأ خلق اإلنسان من طني"‪ :‬للجنس‪ ،‬أو للعهد الذهين وهو آدم‪.‬‬ ‫‪.6‬‬

‫___________________‬

‫القاعدة السادسة‪ :‬اللفظ المحتمل – على مقتضى لغة العرب – لمعاٍن صحيحة ال تعارض بينها = يحمل على جميعها‪( .‬وال مانع‬
‫من ترجيح أحدها بعد ذلك)‬

‫شاهد‪ :‬عن أيب سعيد ابن املعّلى قال‪" :‬كنت أصّلي يف املسجد‪ ،‬فدعاين رسول اهلل فلم أحبه‪ ،‬فقلت‪ :‬يا رسول اهلل إيّن كنت أصّلي‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أمل يقل اهلل (استجيبوا هلل وللرسول إذا دعاكم ملا حيييكم)"‪ .‬فاستدّل النيب على معىن أبعد من املعىن املتفق عليه من كلمة‬
‫(استجيبوا) – وهو وجوب اّتباع أمره –؛ إذ محلت معىن االستجابة عند النداء الفعلي من النيب‪.‬‬

‫(انظر املقدمة التاسعة من كتاب التحرير والتنوير البن عاشور)‪.‬‬

‫مثال‪" :‬وال تقتلوا أنفسكم"‪ :‬حتمل معاٍن ‪ )1 :‬قتل املسلمني بعضهم بعضا‪ )2 ،‬وقتل النفس = االنتحار‪ )3 ،‬وضع اإلنسان نفسه يف‬
‫موضع قد يودي به إىل اهلالك ‪ ..‬ليس بني املعاين تعارض‪ ،‬وليس منها معىن فاسد أو الزمه فاسد = فتحمل اآلية على املعاين مجيعها‪.‬‬

‫(انظر باقي األمثلة)‬

‫___________________‬

‫(تفريعان من القاعدة السابقة؛ إذ من األسباب اليت جتعل للفظ عدة معاٍن صحيحة أن يكون للفظ حقيقة وجماز أو احتواء اللفظ لعدة‬
‫معاين)‬
‫‪17‬‬
‫إعداد‪ :‬مالك ملكاوي‬ ‫البناء املنهجي – املستوى الثالث‬

‫القاعدة السابعة‪ :‬يجوز حمل اللفظ المشترك على معانية إذا لم يكن بينهما تعارض‬

‫اللفظ المشترك‪ :‬كّل لفظ وضعته العرب ألكثر من معىن وضعا حقيقيا‪ .‬مثال‪ :‬العني‪.‬‬

‫مثال‪" :‬والليل إذا عسعس"‪ :‬وعسعس حتمل معىن اإلقبال واإلدبار‪.‬‬

‫مثال‪" :‬ال يرقبون يف مؤمن إًاّل وال ذّم ة"‪ :‬قيل‪ :‬القرابة‪ ،‬وقيل‪ :‬العهد‪ ،‬وقيل‪ :‬احللف وامليثاق‪ ،‬وقيل‪( :‬اهلل) يف اللغة العربية ‪ ..‬ومحل‬
‫الطربي اآلية على هذه املعاين كلها‪.‬‬

‫القاعدة الثامنة‪ :‬يجوز حمل اللفظ على حقيقته ومجازه إذا لم يكن بينهما تعارض‪.‬‬

‫المجاز‪ :‬استعمال اللفظ يف غري ما وضع له‪( .‬جتّو ز العرب يف استعماله على غري معناه احلقيقي)‬

‫مثال‪ :‬قول أنس بن مالك‪" :‬وكّن أّم هايت حيثثين على خدمته"‪ :‬أّم ه وحمارمه‪.‬‬

‫مثال‪" :‬وال يأَب الشهداء إذا ما دعوا"‪ ،‬املعىن احلقيقي‪ :‬الذين شاهدوا الِف عَلة؛ فُد ُعوا ألجل ذلك‪(( ،‬فيجب أن ال ميتنع الشاعد عن أداء‬
‫الشهادة))‪ ..‬املعىن اجملازي‪ :‬الشهداء‪ :‬من مل يشاهد فعلًة حقيقيًة‪ ،‬ومسي شاهدا باعتبار أّنه ُدِعي‪ ،‬فسيشاهد؛ فيكون شاهدا على فعٍل‬
‫سيكون ((فيجب أن ال ميتنع من ُدِعي لتحّم ل الشهادة عن حتّم لها))‪ .‬فتحّم ل اآلية على معنيي أداء وحتّم ل الشهادة‪.‬‬

‫مثال‪" :‬ال تقربوا الصالة وأنتم سكارى حىت تعلموا ما تقولون وال جنبا إاّل عابري سبيل"‪ :‬الصالة حقيقًة العبادُة املعروفة‪ ،‬وجمازا‪ :‬مكان‬
‫الصالة وهو املسجد‪ .‬وتؤكد تتمة اآلية احتمال إرادة املعىن اجملازي ("إاّل عابري سبيل")‪.‬‬

‫مثال‪" :‬وثيابك فطّه ر"‪ :‬الثياب امللبوسة‪ ،‬أو اجلسد‪ ،‬أو العمل واخللق والدين‪ ،‬واألهل ‪ ..‬فتحمل اآلية على املعاين كلها‪ ،‬ويفّس ر هبا‬
‫التطهري‪.‬‬

‫___________________‬

‫القاعدة التاسعة‪ :‬مرجع الضمير‪( :‬قد حيذف ثقًة بفهم السامع‪" :‬إّنا أنزلناه يف ليلة القدر")‬

‫األصل أن يعود الضمير غلى أقرب مرجع محتمل‪ ،‬فإن كان القريب ليس حمتمال ُأرِج َع الضمري للمرجع األبعد‪.‬‬

‫استثناء (فيعود إىل مرجع بعيد)‪ :‬المضاف والمضاف إليه؛ يعود الضمري على املضاف مع أّن املضاف إليه أقرب (األصل)‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مثال‪" :‬حمّم د رسول اهلل والذين معه أشّد اء"‪ :‬ترجع اهلاء على املضاف وهو (رسول)‪.‬‬
‫وقد يعود على المضاف عليه‪" :‬فأطلع إىل إله موسى وإيّن ألظّنه كاذبا"‪ :‬واألكثر على أّن الضمري يعود على (موسى)‪.‬‬

‫استثناء (فيعود إىل مرجع بعيد)‪ :‬إذا تكرر الضمير الواحد‪ ،‬فاألصل أن يعود على مرجع واحد –حذرا من التشتيت والتنافر‬ ‫‪-‬‬
‫– ولو كان بعيدا‪.‬‬
‫مثال‪" :‬لتؤمنوا باهلل ورسوله وتعزروه وتوّقروه وتسّبحوه"‪ :‬قال أبو حّيان واآللوسي أّن الضمائر تعود على لفظ اجلاللة‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫إعداد‪ :‬مالك ملكاوي‬ ‫البناء املنهجي – املستوى الثالث‬

‫وقد يعود الضمير على مرجع مختلف‪" :‬وال تستفِت فيهم منهم أحدا"‪ :‬األّو ل‪ :‬أصحاب الكهف‪ ،‬الثاين‪ :‬اليهود‪.‬‬

‫‪" )2‬أو حلم خنزير فإّنه رجس"‪ :‬ومن أهل‬ ‫أمثلة‪" )1 :‬فأوجس يف نفسه خيفة موسى"‪ :‬يجوز أن يتأخر مرجع الضمير عنه‪.‬‬
‫العلم من أرجع الضمري إىل املضاف إليه‪" )3.‬أن اقذفيه يف التابوت فاقذفيه يف اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو يل وعدو له"‪ :‬ترجع‬
‫‪" )4‬وصّد عن سبيل اهلل وكفر به"‬ ‫الضمائر على (موسى) ورجوع بعضها على (التابوت) يفضي إىل تنافر يف النظم‪.‬‬
‫‪" )6‬فإن طنب‬ ‫‪" )5‬إّنه على رجعه لقادر" األول‪ :‬اهلل‪ ،‬الثاين‪ :‬اإلنسان‪ ،‬وقيل يعود إىل املرجع احملتمل األّو ل (ماء دافق)‪.‬‬
‫لكم عن شيء منه فكلوه"‪ :‬األول‪ :‬الصداق‪ ،‬الثاين‪ :‬شيء‪" )7 .‬يا أّيها اإلنسان إّنك كادح إىل ربك كادح فمالقيه"‪ :‬قيل‪ :‬الرب‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬الكدح؛ وهو موافق للقاعدة ‪ ..‬وعمال جبمع املعاين احملتملة الصحيحة غري املتعارضة؛ جيمع املعنيان‪ ،‬ويرّج ح الثاين‪.‬‬

‫___________________‬

‫القاعدة العاشرة‪ :‬مقابلة الجمع بالجمع‪ ،‬والجمع بالمفرد‪:‬‬

‫واجلمع‪ :‬لفظ متعدد األفراد (يدل زيادًة على الواحد؛ املثىن واجلمع النحوي وضمري اجلمع ونا الفاعلني واللفظ العاّم – كاملفرد احملّلى بال‬
‫االستغراقية – وأمساء األعداد)‪.‬‬

‫مقابلة الجمع بالجمع‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫األصل أن تقتضي مقابلة اآلحاد باآلحاد (توزيع اآلحاد على اآلحاد – انقسام األفراد على األفراد)‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫مثال‪" :‬حّر مت عليكم أّم هاتكم"‪.‬‬ ‫مثال‪" :‬واستغشوا ثياهبم"؛ كل واحٌد وثوبه‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬ال يلزم من مقابلة اآلحاد باآلحاد التساوي يف توزيع األفراد على األفراد‪ .‬مثال‪ :‬الدراهم للورثة‪ ،‬وقد ال‬
‫يتساوون يف لنصيب منها‪.‬‬
‫وقد تقتضي ثبوت الجمع لكل فرد‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫مثال‪" :‬فاجلدوهم مثانني جلدة"‪ ،‬تثبت الثمانني لكل واحد‪ .‬مثال‪" :‬حافظوا على الصلوات"‪.‬‬

‫مقابلة الجمع بالمفرد‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫الغالب أن ال تقتضي تعميم المفرد‪( .‬أن يشرتك اجلمع يف مفرد واحد)‬ ‫‪-1‬‬
‫مثال‪" :‬إّن اهلل يأمركم أن تذحبوا بقرة"‪ ،‬فال يعمم األمر بالذبح على كل واحد‪.‬‬
‫وقد تقتضي تعميم المفرد‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫مثال‪" :‬وعلى الذين يطيقونه فدية"‪ ،‬يعمم املفرد؛ فعلى كّل منهم فدية‪ .‬مثال‪" :‬فتحرير رقبة"‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫إعداد‪ :‬مالك ملكاوي‬ ‫البناء املنهجي – املستوى الثالث‬

‫مثال‪" :‬فّض ل اهلل اجملاهدين بأمواهلم وأنفسهم على القاعدين درجة وكال وعد اهلل احلسىن"‪( :‬مقابلة مجع مبفرد يقتضي تعميم املفرد)‪.‬‬
‫"وفضل اهلل اجملاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة ورمحة"‪( :‬مقابلة مجع جبمع يقتضي توزيع اآلحاد على اآلحاد‪،‬‬
‫وقال اآللوسي بل يقتضي ثبوت اجلمع لكل مفرد؛ فلكل جماهد (درجات)‪ ،‬ألّن التأسيس أوىل من التأكيد‪.‬‬

‫__________________‬

‫تطبيق عاّم‪" :‬فإذا قرأت القرآن فاستعذ باهلل من الشيطان الرجيم"‪.‬‬

‫قرأت‪ :‬فعل يف حّيز الشرط‪ ،‬قيل‪ :‬داللة الشرط على األصل‪ ،‬فاألمر عند انتهاء الفعل؛ لدفع العجب بالنفس‪ ،‬والراجح أّن األمر قبل يف‬
‫الفعل؛ لفعل النيب والصحابة‪.‬‬

‫قرأت ‪ :‬فعل يف سياق الشرط؛ يفيد العموم‪ ،‬فسواء كانت القراءة يف الصالة أو خارجها‪ .‬والعاّم يف األفراد عاّم يف كل زمان ومكان‬
‫وحال‪ .‬ويشمل القراءة يف الركعة األوىل أو الثانية‪ ،‬وهذا حمل خالف‪.‬‬

‫الخطاب للنيب ويشمل األّم ة‪.‬‬

‫القرآن‪ :‬ال لالستغراق تفيد العموم‪ ،‬أو هي للعهد الذهين‪.‬‬

‫فاستعذ‪ :‬أمر مطلق؛ فيصدق يف كل استعاذة‪ ،‬سّر ا كانت أم جهرا‪ .‬وهو أمر يقتضي الوجوب‪ ،‬والراجح االستحباب‪.‬‬

‫________________‬

‫وصية‪ :‬على الطالب مزاولة ما تعّلمه من قواعد بنفسه‪ ،‬مث عليه أن يقابل تطبيقه بتطبيقات العلماء يف كتب التفسري‪.‬‬

‫وصية‪ :‬على الطالب أن ال يغفل عن النظر يف جمموع القرائن‪ ،‬فال يكون ظاهريا يف تطبيق القاعدة على النّص ‪ .‬وإّنه ال‬
‫يتوّص ل إىل احلكم النهائي يف مسألة دون الرجوع إىل مجيع النصوص املتعّلقة هبا‪ ،‬وأن ُيعَم ل عليها مجيعا مجيع القواعد‪،‬‬
‫فتستخرج الدالالت‪ ،‬مث يعمل بقواعد اجلمع والرتجيح بينها‪.‬‬

‫‪20‬‬

You might also like