Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 20

‫جامعة األزهر‬

‫كلية الدراسات اإلسالمية والعربية‬


‫بنات القاهرة‬

‫مادة‪/‬الحديث الموضوعي‬

‫إعداد الطالبه‪ /‬مريم محمد بدر‬


‫"المختار من كنوز السنة"‬
‫فضل اإليمان واإلسالم‬
‫الحديث األول‪:‬عن عبادة بن الصامت قال‪:‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬من ش ِهد أن ال إله إال هللا وأن محمدًا عبده‬
‫ورسوله وأن عيسى عبد هللا ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله هللا الجنة على ما كان‬
‫عليه من العمل"‪.‬‬

‫بدرا وكان ممن جمع القرآن على عهد النبي صلى هللا‬
‫‪-‬الراوي‪:‬عبادة بن الصامت أنصاري خزرجي ش ِهد العقبتين وش ِهد ً‬
‫عليه وسلم‪ ،‬له في الصحيحين عشرة أحاديث‪،‬سافر إلى الشام لتعليم الناس القرآن بأمر عمر ومات بها أو بفلسطين‪.‬‬

‫"ش ِهد"‪:‬الشهادة إذا تعلقت بمفرد كان معناها‪:‬مشاهدته وإدراكه ‪،‬تقول شهدتُ الهالل أي رأيته‪ ،‬وإذا تعلقت بجملة أو‬
‫بمضمون جملة فيكون معناها‪:‬التقرير والتأدية لما علمته وشهدته من األمر‪،‬مثل شهدت بأن كذا هو كذا‪.‬‬
‫‪-‬لفظة الشهادة في الحديث ضمنية(متعلقة بمضمون جملة)وتلك الشهادة مدارها القلب انض ّم إليه اللسان أم ال‪.‬‬

‫‪-‬ما هي منزلة هذا الحديث؟ جمع النبي صلى هللا عليه وسلم في هذا الحديث أصول العقائد الدينية‪،‬‬
‫حيث اشتمل على ثالثة مقاصد‪:‬‬
‫‪)1‬معرفة المبدأ وهو وحدانية هللا تعالى[قسم اإللهيات] ‪.‬‬
‫‪)2‬معرفة الواسطة وهو اإليمان بالمالئكة والكتب والرسل[قسم النبوات] ‪.‬‬
‫‪)3‬معرفة المعاد وهو اإليمان بالبعث والحساب والحشر [قسم السمعيات]‪.‬‬

‫‪-‬لم يتعرض المقصد األول لصفات هللا تعالى كلها‪:‬بل تعرض لصفة الوحدانية فقط دون غيرها من الصفات؛ألن باقي‬
‫الصفات متضمنة لتلك الصفة‪،‬وتم ذكر صفة الوحدانية دون غيرها؛ألنها العقيدة الوحدية التي يكفر بها الناس‪،‬فهم يعرفون‬
‫هللا بقدرته وعلمه ولكنهم يؤمنون به وهم به مشركون يتخذون له أندادًا من دونه‪.‬‬

‫"وحده ال شريك له"‪:‬أي أنه مستقل بالخلق واألمر‪.‬‬


‫"وأن محمدًا رسول هللا وأن عيسى عبد هللا ورسوله‪ :"..‬هذا هو اإليمان بالواسطة التي بين الخالق والمخلوق‪.‬‬
‫‪-‬لماذا خصّ سيدنا عيسى بالذكر؟ ألن له خصوصيته وهي أن أهل الكتاب اختلفوا في شأنه‪ ،‬فالنصارى رفعوه إلى درجة‬
‫األلوهية واليهود وضعوه عن مرتبة الرسالة‪،‬فلزم التنبيه على حقيقة األمر فيه‪.‬‬

‫"الجنة حق والنار حق"‪:‬اقتصر عليهما إشارة للثواب والعقاب وألن ماعدا ذلك من الصراط وغيرها يندرج تحت هذين‬
‫األمرين‪.‬‬
‫"أدخله هللا الجنة على ما كان عليه من العمل"‪:‬أي على حسب درجته في العمل‪،‬وفيه المبالغة في دخول الجنة مهما عمل من‬
‫سوء‪.‬‬

‫الحديث الثاني‪" :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬إذا أسلم العبد ف َحسُن إسالمه كتب هللا له كل حسنة كان أزلفها و ُمحيت‬
‫عنه كل سيئة كان أزلفها وكان بعد ذلك القصاص الحسة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف والسيئة بمثلها إال أن يتجاوز هللا‬
‫عنها"‪.‬‬

‫"إذا أسلم"‪:‬اإلسالم يطلق على االنقياد الظاهري ويكون القلب فيه مص ّدقًا للسان‪.‬‬
‫‪-‬وليس المراد بحسن اإلسالم أنه يصل إلى مرتبة المراقبة في األعمال كما ذكر في حديث جبريل"أن تعبد هللا كأنك تراه"؛‬
‫ألن المقصود هنا هو بيان حكم الداخل في اإلسالم أول ما يدخل فيه قبل أن يباشر شيئًا من األعمال‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪1‬‬


‫‪-‬هناك أربعة أحكام ألربعة أنواع من العمل؛ألن العمل إما قبل اإلسالم أو بعده وك ٌل منهما إما حسنة أو سيئة‪:‬‬

‫‪-‬النوع األول ‪:‬الحسنة التي كسبها العبد قبل إسالمه‪،‬وإليها اإلشارة بقوله صلى هللا عليه وسلم"كتب هللا له كل حسنة كان‬
‫وقربه‪ ،‬و"كتب هللا كذا"‪:‬أي أمر هللا الكرام الكاتبين بإثبات ذلك في صُحفهم‪.‬‬‫أزلفها"‪،‬يقال‪:‬أزلفه إذا قدّمه ّ‬
‫‪-‬كيف يقبل هللا عمل الكافرين وهللا تعالى يقول{إنما يتقبّ ُل هللا ِمنَ ال ُمتقين}؟‬
‫قاصرا عن تحصيل ثمرته واستحقاق أجره لوجود‬ ‫ً‬ ‫إن هللا لم يتقبل منه إال وهو من المتقين‪،‬فإن عمله في حال الكُفر كان‬
‫الكفر‪ ،‬فلما زال الكفر ثبت استحقاق األجر‪.‬‬

‫‪-‬النوع الثاني‪:‬السيئة قبل اإلسالم‪،‬وفيها يقول صلى هللا عليه وسلم"و ُمحيت عنه كل سيئة كان أزلفها‪،‬والمحو‪:‬ضد اإلثبات‪.‬‬
‫–إن الكافر ت ُكتب عليه سيئاته وال ت ُكتب له حسناته؛ألنه جعل كتابة الحسنات ومحو السيئات ُمعلقًا على اإلسالم‪،‬‬
‫فباإلسالم ربح الصفقتين فأخذ كل ما له وقضى كل ماعليه‪.‬‬

‫"وكان بعد ذلك القصاص"‪ :‬القصاص لغة‪:‬تتبع األثر‪،‬اصطال ًحا‪:‬هو ال ُمقاصة في الديون والمحاسبة عليها بالتماثل بدون‬
‫حيف أو ظلم‪ ،‬وليس معنى القصاص هنا‪:‬القود بالمثل كقوله تعالى{كُتب عليكم القصاص}؛ألن ذلك خاص بالمكافأة على‬
‫اإلساءة‪ ،‬بخالف ما هنا فإنه يشمل الخير والشر‪،‬‬
‫ثم ليس المراد بالمقاصة المحاسبة والمجازاة‪ ،‬بل المراد‪:‬تقييد هذا الحساب بما له وما عليه في صحائفه‪.‬‬

‫‪-‬إن النبي صلى هللا عليه وسلم بيّن كيفية المقاصة والمحاسبة في جملتين مستأنفتين بقوله‪":‬الحسنة بعشر أمثالها إلى‬
‫سبعمائة ضعف والسيئة بمثلها إال أن يتجاوز هللا عنها"‪.‬‬
‫‪-‬إن معاملة هللا لعباده تكون‪:‬على ميزان القسط ‪ ،‬له عليهم حق يطالبهم به ولهم عليه سبحانه حق أال يضيع عمل عامل بل‬
‫يُحصي لكل عامل عمله ويوفيه جزاءه‪-.‬‬

‫‪-‬ما هو طريق المقاصة ال ُمنبّه عليها في الحديث؟ هو أن تقابَل الحسنات وما تستحقه من ثواب بالسيئات وما‬
‫تستحقه من عقاب‪ ،‬فأيهما غلب صاحبه كان الحكم به‪ ،‬فإن غلبت الحسنات أُدخل الجنة مباشرة‪ ،‬وإن غلبت السيئات أُدخل‬
‫النار حتى يستوفي ما عليه‪ ،‬وإن تساوتا فالترجيح لإليمان‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الثالث‪" :‬عن أبي هريرة قل‪:‬قلت يا رسول هللا‪ ،‬من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال‪:‬لقد ظننتُ يا أبا هريرة‬
‫أن ال يسألني عن هذا الحديث أح ٌد ّأول منك لما رأيت من حرصك على الحديث‪ ،‬أسع ُد الناس بشفاعتي يوم القيامة‪:‬من قال‬
‫صا من قلبه"‪.‬‬
‫ال إله إال هللا خال ً‬
‫"أبو هريرة"‪:‬قال عليه الصحابة‪:‬لقد أكثر علينا أبا هريرة ولكنه رضي هللا عنه يَعزو كثرة حديثه إلى ما ذكرناه من‬
‫ُمالزمته مجلس مجلس الرسول صلى هللا عليه وسلم وحرسه على السماع منه وحفظه لما يسمع‪.‬‬
‫"الشفاعة"‪:‬هي أن تلتمسه ممن هو في يده ال لنفسك‪ ،‬بل لشخص ثالث‪،‬‬
‫والشفاعة عند هللا تعالى هي مظهر تكريم للشافعين بإجراء اإلحسان على أيديهم لمن أراد هللا اإلحسان إليه‪.‬‬
‫‪-‬هناك شفاعتان للنبي صلى هللا عليه وسلم‪:‬شفاعة عامة وهي شفاعته إلى جميع الخالئق‪،‬‬
‫شفاعة خاصة وشفاعته لبعض الناس بدخول الجنة بغيرحساب وإلخراج بعض الناس من النار‪.‬‬
‫‪-‬لما كانت مواقف الشفاعة متعددة متفاوتة احتاج أبوهريرة إلى السؤال عن أسعد الناس بتلك الشفاعة‪،‬أي أكثرهم ح ً‬
‫ظا‬
‫وأعظمهم استفادة منها‪.‬‬

‫‪-‬أظهر النبي صلى هللا عليه وسلم استحسانه ألبي هريرة بعد سؤاله عن أسعد الناس بتلك الشفاعة‪،‬وذلك ألنه سبّاق إلى‬
‫طلب العلم حريص على سماع الحديث‪.‬‬
‫أول الناس منك"‪ :‬كلمة ّأول ترفع على الوصفية أو تُنصب على الحالية ‪" /‬من قال ال إله إال هللا خال ً‬
‫صا من‬ ‫"أح ٌد ّ‬
‫قبله"‪:‬أي صادقًا موقنًا وأن يطابق اللسان مع القلب‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪2‬‬


‫حقيقة اإليمان واإلسالم‬
‫‪-‬الحديث األول‪" :‬عن عبد هللا بن عمر بن الخطاب رضي هللا عنهما وقد قال له رجل‪:‬أال تغزو؟ فقال‪:‬إني سمعت رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم يقول‪:‬بُني اإلسالم على خمس شهادة أال إله إال هللا وأن محمدًا رسول هللا وإقام الصالة وإيتاء الزكاة‬
‫والحج وصوم رمضان"‪.‬‬

‫‪-‬أراد ابن عمر أن يُبيّن أن الجهاد ليس من الواجبات العينية وهو ليس من قواعد اإلسالم‪.‬‬
‫‪-‬إن السؤال لم يكن عن جهاد الكفار بل كان عن القتال بين المسلمين‪.‬‬
‫‪ -‬إن ابن عمر ال يرى ذلك في القتال في سبيل هللا‪ ،‬بل كان يراه من الفتن التي ينبغي الفرار منها‪.‬‬
‫‪-‬لم يكن ذلك رأي ابن عمر وحده في ذلك األمر‪ ،‬بل ثبت مثله"أبي برزة األسلمي"‪.‬‬

‫"بُني اإلسالم على خمس"‪ :‬تذكير العدد لتأنيث المعدود"خمس دعائم"‪،‬‬


‫وقد اكتفى النبي صلى هللا عليه وسلم بكلمة خمس ولم يقل خمسة أصول وقواعد؛وذلك ليشمل الفروع واألصول‪-‬‬
‫وألنه ورد في حديث آخر "اإليمان بضع وسبعون شعبة أعالها ال إله إال هللا وأدناها إماطة األذى عن الطريق"‪.‬‬

‫ي‬
‫ي كالزكاة‪ ،‬وقولي كالشهادة‪ ،‬وفعلي مثل الصالة‪ ،‬ومنها ما هومال ّ‬‫‪-‬القواعد الخمس التي ذكرت في الحديث‪:‬منها ما هومال ّ‬
‫وقولي وفعلي وبدني كالحج‪.‬‬
‫الوسطى هي الشهادتان وأوتاده هي األركان األربعة الصاة والزكاة والصيام والحج‪،‬‬ ‫‪-‬دعامة اإلسالم ُ‬
‫وإنما ُخصت هذه األربعة بالذكر ؛ ألنها هي أعظم المظاهر وأوضح العناوين على اإليمان بهذا الدين‪.‬‬

‫الجر‪."....‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬الحديث الثاني‪" :‬عن ابن عباس وسألته امرأة عن نبيذ‬
‫"الجر"‪ :‬اإلناء من الفخار‪.‬‬
‫ّ‬ ‫"النبيذ"‪ :‬شراب يُصنع من التمر والعسل والزبيب‪ ،‬وإذا تُرك مدة قد يتخ ّمر ويُكسر ‪/‬‬
‫مرتين‪ :‬في تلك المرة سألته امرأة واكتفى ابن عباس بذكر الحكم‪،‬‬ ‫‪-‬سُئل عبد هللا بن عباس عن حكم النبيذ ّ‬
‫ي تكفيه الفتوى‬
‫وقد ذكر هذا الحديث ألبي جمرة‪ ،‬وفي هذا دليل على أن العالم يُعطي كل سائل على قدر استعداده‪ ،‬فالعام ّ‬
‫والمتفقه يُساق له الدليل‪.‬‬

‫"إن وفد عبد القيس أتوا النبي صلى هللا عيله وسلم"‪ :‬الوفد‪:‬الجماعة المختارة بين القوم لتقدمهم في لُقي للعظماء‪.‬‬
‫‪-‬هناك رواية تقول أن عددهم ‪ 14‬أو ‪[40‬ويُجمع في ذلك‪:‬أن عددهم أربعين والرؤساء أربعة عشر]‪.‬‬
‫‪-‬هناك رواية تقول أنهم وفدوا إلى النبي صلى هللا عيله وسلم سنة ‪8‬هـ أو قبلها[ويُجمع في ذلك‪ :‬أنه كانت هناك هجرتان‪،‬‬
‫األولى كانت قبل مكة وكان عددهم ‪ 14‬ورئيسهم هو(األشج) – والثانية متأخرة وهي سنة ‪9‬هـ وعددهم ‪،]40‬‬
‫وقد قال لهم النبي صلى هللا عيله وسلم"ما لي أرى وجوهكم قد تغيرت؟ وهذا يدل على تكرار الزيادة‪.‬‬

‫"فقال النبي صلى هللا عليه وسلم‪:‬من القوم أو من الوفد؟"‪ :‬أو تفيد التردد من الراوي‪ ،‬وليس هناك تردد لفظي‪ ،‬وإنما‬
‫تحري نقل الصحابة عن النبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫ذلك لشدة ّ‬
‫(وقد سأل النبي صلى هللا عليه وسلم هذا السؤال ّ‬
‫لينزلهم منزلة التكريم)‪.‬‬
‫"قالوا نحن ربيعة"‪:‬ربيعة أخو ُمضر ج ّد النبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫الرحب‬‫"قال صلى هللا عليه وسلم‪:‬مرحبًا بالقوم أو بالوفد غير خزايا وال ندامى"‪ :‬مرحبًا‪ :‬تحية عربية قديمة بمعنى ّ‬
‫الرحب بالفتح وهو المكان الواسع‪ ،‬والمعنى‪ :‬أي صادقتم مكانًا فسي ًحا يطيب لكم فيه المقام‬ ‫بالضم وهو السعة‪ ،‬أو بمعنى ّ‬
‫‪-‬قال العلماء‪:‬ال بأس من تقديم هذه التحية على رد السالم‪ ،‬فنقول(مرحبًا وعليكَ السالم)‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪3‬‬


‫"خزايا"‪ :‬جمع خزيان وهو الذ ّل والهوان ‪.‬‬
‫"ندامى"‪ :‬جمع ندمان‪ ،‬وهو األسف على فعل ما‪ ،‬أي مرحبًا بكم مرفوعي الرأس باإلسالم غير مرفوع على رؤوسكم‬
‫السيف‪ ،‬ولن تندموا على المشقات التي تكبدتوها‪ ،‬فإنكم ستفرحون برؤية نبيكم صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫"فقالوا‪:‬يا رسول هللا‪ ،‬إنا نأتيك من شُقة بعيدة"‪ :‬الشُقة هي الناحية التي يقصدها المسافر‪ ،‬كأنها مأخوذة من المشقة‪،‬‬
‫وقد أرادوا االعتذار للنبي صلى هللا عليه وسلم عن عدم حضورهم له بعدّة أمور‪[:‬بُعد المسافة – كُفار ُمضر في جزيرة‬
‫العرب كانوا يحولون بينهم وبين المدينة – أنهم ال يستطيعون اإلتيان إال في األشهر ال ُحرم التي يتوقف فيها القتال]‪.‬‬

‫"ف ُمرنا بأمر فصل‪ :"..‬القول الفصل هو األمر الواضح الظاهر الفاصل بين الحق والباطل‪ ،‬وهو قول ال لبس فيه ومحكم ال‬
‫نقض له‪ ،‬وهناك رواية للنسائي(ف ُمرنا بشئ نأخذ به وندعوا إليه من ورائنا) فيُجمع بين الروايتين‪[:‬أنهم طلبوا العلم ألنفسهم‬
‫ويعلمونه لغيرهم ونشره وتبليغه]‪.‬‬
‫"ندخل به الجنة"‪ :‬أفادت تقرير لقاعدة األسباب فإن الجزاء من جنس العمل‪ ،‬قال تعالى{اد ُخلُوا ال َجنّةَ بِ َما كُنتُم تَع َملُون}‪.‬‬

‫الكف عن الفعل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫"فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع"‪:‬األمر هوطلب الفعل‪ ،‬والنهي هو طلب‬
‫"أمرهم باإليمان باهلل وحده‪،‬ثم قال‪:‬شهادة أن ال إله إال هللا وان محمدًا رسول هللا وإقام الصالة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان‬
‫سا من ال َمغنم"‪ :‬ال ُخمس هو الجزء من خمسة أجزاء‪ ،‬وال َمغنم هو اسم للمال الذي يُغتنم‬
‫وح ّج البيت‪ ،‬ثم قال‪:‬وأن تؤدوا ُخم ً‬
‫وزع على الجيش والقسم الخامس تُؤدى إلى الرسول]‪.‬‬ ‫من قتال الكفار [والغنائم تُقسم إلى خمسة أقسام‪:‬أربعة ت ُ ّ‬

‫‪-‬قد أمرهم النبي صلى هللا عليه وسلم وهم مؤمنون‪:‬لزيادة اإليمان والثبات عليه‪.‬‬
‫‪-‬كيف يجهلون معنى اإليمان ويردون علمه إلى هللا ورسوله مع أنه ال يكون مؤمنًا من ال يعرف المؤمن به؟ إنهم لم‬
‫ً‬
‫جهال وإنما قالوا كذلك تأدبًا مع النبي صلى هللا عليه وسلم وأن درجتهم في العلم لم تكن كدرجة علم‬ ‫يمتنعوا عن اإلجابة‬
‫النبي صلى هللا عيله وسلم‪.‬‬
‫سر اإليمان بهذه األعمال الظاهرة وهي معنى اإلسالم ال اإليمان؟ المقصود اإليمان الكامل الجامع ألصول والفروع‬ ‫‪-‬كيف ف ّ‬
‫سا؟ تعدد المأمورات في هذه القصة اختلفت فيه‬‫‪-‬كيف ع ّد المأمورات أربعًا عند اإلجمال والمذكور في التفصيل خم ً‬
‫الروايات‪ ،‬ففي بعضها ذكر الشهادة مع الفرائض األربع وفي بعضها ذكر األربع فقط‪،‬وكلتا الروايتين صحيحتين‪.‬‬

‫"نهاهم عن الدُّباء والحَنتم والنّقير وال ُمقير"‪ :‬أي االنتباذ عن هذه األوعية أو شرب ما يُنبذ فيها‪،‬‬
‫الجرة المطلية بمادة زجاجية كا يُحمل فيها الخمر ‪" /‬النقير"‪ :‬جذع يُنقر وسطه‬‫ّ‬ ‫"الدُّباء"‪ :‬القرع الكبير اليابس ‪" /‬الحَنتم"‪:‬‬
‫"المقير"‪ :‬هو المطلي بالقار وهو شئ يُطلى به السفن‪.‬‬
‫‪-‬ضابط ما نُهي عنه من األوعية‪:‬هو كل ما أسرع إلى تخمير ما يُنبذ فيه واشتداده‪ ،‬والنهي عنه سدًّا للذريعة إلى الحرام‬
‫األصلي‪.‬‬

‫‪-‬لماذا خص النبي صلى هللا عليه وسلم األربع أنواع من األشربة مع أنه هناك الكثير من المحرمات غيرها؟ ألن سؤال‬
‫الوفد خاص بتلك األشربة [ وقد وردت الرخصة بعد ذلك في األوعية كلها مع اتقاء غيرها]‪.‬‬
‫‪-‬رأي العلماء في حكم اإلقدام على االنتباذ في تلك األوعية التي ت ُسرع إلى اشتداد ما فيها‪[:‬الرأي األول‪:‬أباحه جمهور‬
‫العلماء – الرأي الثاني‪:‬ذهب مالك وأحمد إلى كراهية ذلك]‪.‬‬

‫"احفظوهن وأخبروا بهنّ من ورائكم"‪ :‬لم يكتفِ النبي صلى هللا عيله وسلم بتعليمهم ما احتاجوا إليه حتى ّ‬
‫زودهم بهذه‬
‫الوصية بتبليغ العلم لقومهم ونشر الدعوة فيهم‪ ،‬وهي وصية جامعة لهم‪ ،‬فيعملوا بهذا العلم ويبلّغوه وينقلوه‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪4‬‬


‫‪-‬زاد ابن مسلم في رواية‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لألشج عبد القيس‪:‬إن فيك لخصلتين يُحبهما هللا‪:‬الحِ لم واألناة"‬
‫"األشج"‪ :‬هو المنذر بن عائذ‪،‬لُقب باألشج؛ ألثر جرح كان في وجهه ‪" /‬الحِ لم"‪:‬هو العقل ‪" /‬األناة"‪:‬التأني وعدم العجلة‪.‬‬

‫‪-‬أثنى عليه النبي صلى هللا عليه وسلم بهذه الصفات؛ لما ظهر من آثارهما في قوله وفعله‪،‬‬
‫أما أناته‪:‬فألنه حين قدم المدينة لم يعجل بمقابلة النبي صلى هللا عليه وسلم حتى بدّل ثيابه وأصلح شأنه‪،‬‬
‫أما حِ لمه‪ :‬ألن النبي صلى هللا عليه وسلم حين قال لهم‪:‬تبايعوني على أنفسكم وقولكم؟ فقالوا‪:‬نعم‪ ،‬فقال األشج‪:‬يا رسول هللا‬
‫إنك لن تزاول الرجل عن شئ أش ّد عليه من دينه‪ ،‬نبايعك على أنفسنا‪ ،‬ونرسل إليهم من يدعوهم‪ ،‬فمن اتبعنا كان منا ومن‬
‫أبى قاتلناه‪.‬‬
‫‪-‬الحديث الثالث‪" :‬عن سفيان بن عبد هللا الثقفي قال"قلت يا رسول هللا‪ ،‬قل لي ً‬
‫قوال ال أسأل عنه أحدًا بعدك‪ ،‬قال‪ :‬قل آمنتُ‬
‫باهلل ثم استقم"‪.‬‬
‫"قوال ال اسأل عنه أحدًا بعدك"‪:‬يريد ً‬
‫قوال جام ًعا واض ًحا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫"قل لي في اإلسالم"‪ :‬في تحديد حقيقته الشرعية ‪/‬‬
‫"قل آمنتُ باهلل ثم استقم"‪:‬إشارة إلى أساس الدين وهو اإليمان باهلل‪ ،‬وأشار بقوله (ثم استقم)‪:‬إلى ما يتبع ذلك من طاعة هللا‬
‫تعالى والعمل بأوامره والوقوف عند حدوده‪.‬‬
‫هللا ثم استَقاموا}‪ ،‬وكلمة االستقامة‪:‬اشتملت عل األصول والفروع‬ ‫‪-‬هذا الحديث ُمقتبس من قوله تعالى{إن الذين قالوا ربُّنا ُ‬
‫وهي مأخوذة من االعتدال أي سلوك الطريق المعتدل الذي ال اعوجاج فيه فتكون اعتدال في األخالق واألعمال والرأي‪.‬‬

‫مجاز اإليمان واإلسالم‬


‫‪-‬الحديث األول"‪" :‬عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪:‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬اإليمان بضع وستون شعبة أو‬
‫بضع وسبعون شعبة‪ ،‬فأفضلها قول‪:‬ال إله إال هللا‪ ،‬وأدناها‪:‬إماطة األذى عن الطريق‪ ،‬والحياء شعبة من اإليمان"‪.‬‬

‫"اإليمان بضع وستون شعبة أو بضع وسبعون شعبة"‪ :‬هذا التردد ال يدل على عدم ضبط الراوي وإنما هو احتياط للنقل‬
‫عن النبي صلى هللا عيله وسلم‪ ،‬فال تعارض بين رواية الستون والسبعون‪ ،‬فالرواية الستون هي المتفق عليها‪ ،‬ورواية‬
‫السبعون زيادة مقبولة من الراوي فقد سمعها من النبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫"البُضع"‪:‬هوعدد ال يقل عن ثالثة وال يصل إلى عشرة‪ ،‬والنيف‪:‬يُستعمل فيما دون المائة‪.‬‬
‫"شُعبة"‪:‬يطلق عليها[الغصن والطرف ويكون معناها‪:‬فروع اإليمان وأعمال الجوراح – أو الطائفة ويكون معناها‪:‬أنها‬
‫متناولة ألصول الدين وفروعه]‪.‬‬
‫=أيّهما أبلغ‪ ،‬المعنى األول أم الثاني؟ المعنى األول أبلغ ذلك أن النبي صلى هللا عليه وسلم شبّه أصول اإليمان بالشجرة‬
‫رب هللا ك ِل َمةً طيّبةً‬
‫ض َ‬‫َيف َ‬ ‫الثابتة في منابتها‪ ،‬ثم شبّه وجوب الطاعات وفروع اإليمان بغصون الشجرة‪،‬قال تعالى{ألَم َ‬
‫تر ك َ‬
‫كَش َجرةٍ طيّب ٍة أصلُها ثَابتٌ وفَرعُها في السّماء}‪.‬‬
‫‪-‬قال القاضي عياض‪ :‬أصول اإليمان وفروعه معلومة‪ ،‬واإليمان بأنها على هذا العدد واجب عى الجملة‪ ،‬لكن ال يلزم‬
‫معرفة أعيانها وال يقدح ذلك في اإليمان‪.‬‬
‫"فأفضلها قول‪:‬ال إله إال هللا"‪:‬يُقصد بها أصل اإليمان المتعين الذي ال يصح شئ بدونه‪.‬‬
‫"أدناها إماطة األذى عن الطريق"‪:‬اإلماطة‪ :‬هي اإلزالة والتنحية‪ ،‬واألذى‪:‬مصدر سُمي به كل ما يؤذي‪ ،‬والمراد به هنا‪:‬‬
‫ما يوجد في الطريق من حجر وشوك وغيره‪.‬‬

‫"الحياء شعبة من اإليمان"‪:‬الحياءواالستحياءهو تغيريعتري اإلنسان يقتضي االنقباض عن فعل ما يُعاب عليه المرء أويُذم‬
‫‪-‬كيف يجعل النبي صلى هللا عيله وسلم الحياء شعبة من اإليمان والحياء خلق وغريزة في النفس؟ نقول أنه كما أن‬
‫مجازا – وإن الحياء منه ما هو ُخلقي‬
‫ً‬ ‫الحياء يمنع اإلنسان من ارتكاب اآلثام واإليمان أيضًا‪ُ ،‬جعل الحياء شعبة من اإليمان‬
‫ً‬
‫مجازا‪.‬‬ ‫ومنه ما هو كسبي‪ ،‬والمكتسب يندرج تحت شعب اإليمان‬

‫‪5‬‬
‫‪-‬الحديث الثاني‪" :‬عن أنس قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬ثالث من كُ ّن فيه وجد حالوة اإليمان‪:‬أن يكون هللا‬
‫ورسوله أحبّ إليه ما سواهما‪."...‬‬

‫"أحب إليه مما سواهما"‪ :‬أي أن يكون هللا ورسوله أش ّد محبوبية عنده من كل محبوب سواهما‪،‬‬ ‫ّ‬
‫(سواهما)‪:‬األوالد واألهل واألموال وغيرهم‪ ،‬قال تعالى{قُل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال‬
‫يأتي هللا‬
‫َ‬ ‫اقترفتموها وتجارة تخشَون كسادها ومساك ُن ترضونها أحبّ إليكم من هللا ورسوله وجهاد في سبيله فتربّصوا حتى‬
‫بأمره وهللا ال يهدي القوم الظالمين}‪،‬‬
‫وقال صلى هللا عليه وسلم"ال يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والده وولده والناس أجمعين"‪.‬‬

‫‪-‬المح ّبة المقصودة هنا‪ :‬العمل بطاعة هللا واجتناب نواهيه‪ ،‬وليست الطاعة هي المحبة بل هي إحدى ثمراتها‪.‬‬
‫‪-‬حقيقة المحبّة‪:‬ميل القلب إلى كل ما يحبه ويستحسنه‪،‬وهذا االستحسان يختلف[استحسان جُثماني كـمحبة الصورة الحسنة‬
‫والصوت الحسن – استحسان عقلي كـ محبة الحكماء وأهل البر والصالح]‪،‬ومحبة هللا ورسوله أرقى أنواع المحبة العقلية‪.‬‬

‫يحب المرء ال يحبه إال هللا"‪ :‬وهي جملة حالية‪ ،‬والمعنى أن من تمام اإليمان أال يكون المرء في حبه أو بغضه تابعًا‬
‫ّ‬ ‫"أن‬
‫لهوى النفس بل يكون تاب ًعا للحق ‪ ،‬فيحب أهل الدين ال لشئ سوى أنهم على حال ترضي هللا‪ ،‬ويبغض أهل الجحود ال لشئ‬
‫سوى أنهم على حال تغضب هللا‪.‬‬

‫‪-‬إن المحبة في هللا تعالى من وسائل التأسي بالصالحين في هيئتهم و ُخلقهم؛ لما ُجبل عليه اإلنسان من الميل إلى محاكاة‬
‫من يحبه‪ ،‬وهي من أسباب مرافقتهم في الجنة‪.‬‬

‫"أن يكره أن يعود في الكفر‪ :"..‬العود يطلق تارة بمعنى الرجوع إلى ما كان فيه‪ ،‬ويطلق تارة على الصيرورة إلى الشئ‬
‫المتروك المهجور‪.‬‬

‫‪(-‬أن يكره)‪ :‬هذه الكراهية ُموحية لمن كشف للمؤمن من محاسن اإلسالم ولما دخل قلبه من نور اإليمان ولما خلّصه هللا‬
‫سبحانه وتعالى من رذائل الجهل وقبح الكفران(جحود النعمة)‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬


‫‪6‬‬
‫"المختار من الشمائل المحمدية"‬
‫باب ما جاء في ِمزاح النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫المزاح هو ‪:‬االنبساط مع الغير من غير إيذاء له أو سخرية أواستهزاء‪ ،‬ويكون حكم المزاح سُنة إذا كان من باب تطييب‬ ‫‪ِ -‬‬
‫نفس المخاطب و ُمالطفته‪.‬‬
‫‪-‬ما هو المِ زاح المنهي عنه؟ هو ال ُمداومة عليه أو فعله بسخرية واستهزاء‪ ،‬وإنما كانت المداومة على المزاح منهيًا عنها؛‬
‫ألن كثرتها تورث قسوة القلب واالنشغال عن ذكر هللا تعالى‪.‬‬
‫‪-‬لماذا كان النبي صلى هللا عليه وسلم يمزح؟ ألنه كانت من المهابة العُظمى‪ ،‬فلو لم يُمازح الناس لما أطاقوا االجتماع به‬
‫والتلقي عنه‪.‬‬

‫‪-‬الحديث األول‪":‬عن أنس بن مالك رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال له‪ :‬يا ذا األذنين"‪.‬‬
‫"يا ذا األذنين"‪:‬أي صاحب األذنين السميعتين الواعيتين الضابطين لما سمعتاه‪،‬وصفه بذلك م ًحا له؛ لذكائه وفطنته‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الثاني‪":‬عن أنس بن مال رضي هللا عنه قال‪ :‬إن كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ليُخالطنا حتى يقول ألخٍ‬
‫لي‪ :‬يا أبا عمير‪ ،‬ما فعل النُغير؟"‪.‬‬
‫صغيرا واسمه كبشه وأبوه طلحة زيد بن سهل‬ ‫ً‬ ‫أخ لي"‪:‬كان‬
‫"ليُخالطنا"‪:‬ليمازحنا‪ ،‬والمراد بـ نا‪:‬أنس وأهل بيته ‪ٍ " /‬‬
‫األنصاري ‪" /‬النُغير"‪:‬تصغير نُغر‪ ،‬وهو طائر لون منقاره أحمر‪ ،‬وإنما سأله النبي صلى هللا عليه وسلم مع علمه به‬
‫ً‬
‫وإدخاال للسرور عليه‪.‬‬ ‫تعجبًا منه أو مالطفةً له‬

‫صغيرا فقال له‪:‬يا أبا عمير – أنه ال‬


‫ً‬ ‫‪-‬يؤخذ من هذا الحديث‪ :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم كان يمازح – أنه كنّى غال ًما‬
‫بأس أن يُعطى الصبي الطير ليلعب به‪.‬‬
‫‪-‬لماذا قال له النبي صلى هللا عليه وسلم"يا أبا عمير‪ ،‬ما فعل النُغير"؟ ألنه كان له نُغير يلعب به فمات فحزن عليه الغالم‪،‬‬
‫فمازحه النبي صلى هللا عليه وسلم وقال له‪ :‬يا أبا عمير‪ ،‬ما فعل النُغير؟‪.‬‬

‫‪-‬جاء إشكال بأن إعطاء الطير للصبي فيه تعذيب للحيوان‪ ،‬فكيف نر ّد عليه؟‬
‫نقول إن التعذيب غير مقطوع به‪ ،‬بل ربما يُراعيه فيبالغ في إكرامه له وإطعامه‪ ،‬وإن الصبي ليلعب به لعبًا ال عذاب فيه‬
‫ويقوم بمؤنته على الوجه الالئق‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الثالث‪":‬عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬قالوا يا رسول هللا إنك تُداعبنا‪ ،‬قال‪:‬نعم‪ ،‬غير أني ال أقول إال حقًا"‪.‬‬
‫"قالوا"‪:‬أي الصحابة ‪" /‬إنك ت ُداعبنا"‪:‬من ال ُمداعبة وهي ال ُممازحة ‪" /‬غير أني ال أقول إال حقًا"‪ :‬مطابقًا للواقع‪.‬‬

‫‪-‬إن قصد الصحابة من سؤالهم هذا‪:‬هل المِ زاخ والمداعبة من خصائص النبي صلى هللا عليه وسلم فقط وممنوعة منهم‪،‬‬
‫فأجاب صلى هللا عليه وسلم بأنه يداعب لكن ال يقول إال حقًا‪ ،‬فمن حافظ على قول الحق فله المداعبة بل هي سنة‪ ،‬ومن لم‬
‫مار أخاك وال تُمازحه وال تعده موعدًا فتخلفه"‪،‬‬
‫يحافظ على ذلك فليس له المداعبة؛ لقوله صلى هللا عليه وسلم "ال ت ُ ِ‬
‫فالنهي هنا لمن ال يحافظ على قول الحق في المداعبة‪.‬‬

‫‪-‬قال سفيان بن عُيينة‪ :‬المزاح سنة لمن يُحسن وضعه في مواضعه‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪7‬‬


‫باب عبادة النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪-‬العبادة هي‪:‬أقصى غاية الخضوع والتذلل‪.‬‬
‫‪-‬هل كان النبي صلى هللا عليه وسلم يتعبّد قبل النبوة بشرع أحد؟ لم يتعبد النبي صلى هللا عليه وسلم قبل النبوة بشرع‬
‫أحد‪،‬وتعبّده في غار حراء كان تف ّك ًرا في مصنوعات هللا تعالى وغيره من العبادات الباطنية‪،‬فإنه صلى هللا عليه وسلم كان‬
‫شهرا ويتعبد فيه بذلك‪.‬‬
‫ً‬ ‫يخرج إلى حراء كل عام‬

‫الحديث األول‪:‬عن المغيرة بن شعبة قال‪:‬صلّى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حتى انتفخت قدماه‪ ،‬فقيل له‪:‬أتتكلف هذا وقد‬
‫شكورا؟"‪.‬‬
‫ً‬ ‫غفر هللا لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال‪:‬أفال أكون عبدًا‬

‫‪-‬متى يندب االجتهاد في العبادة؟يندب االجتهاد في العبادة مالم يلزم عليه َملل وسآمة لقوله صلى هللا عليه وسلم"عليكم من‬
‫األعمال ما تطيقون‪ ،‬فإن هللا ال يم ّل حتى تملّوا" ‪،‬والملل في حقه تعالى‪:‬هو قطع ثوابه‪.‬‬

‫"فقيل له"‪ :‬أي قال بعض أكابر الصحابة‪،‬وفي رواية أنه عمر‪.‬‬
‫فعال بمشقة‪،‬وهو ممدوح وهو المراد هنا – أن يفعل ً‬
‫فعال تصن ًعا وهو‬ ‫"أتتكلف هذا؟"‪:‬التكلف نوعان‪:‬أن يفعل اإلنسان ً‬
‫مذموم‪.‬‬
‫"ما تقدّم من ذنبك وما تأخر"‪:‬است ُشكل هذا بأنه صلى هللا عليه وسلم ال ذنب له لكونه معصو ًما‪،‬وأحسن ما قيل فيه‪:‬أنه من‬
‫باب حسنات األبرار سيئات المقربين‪،‬وكان صلى هللا عليه وسلم يقول"سبحانك ما عبدناك حق عبادتك‪،"..‬‬
‫شكرا هلل تعالى‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقد كان النبي صلى هللا عليه وسلم يجتهد في العبادة‬

‫"غفر هللا لك"‪:‬المغفرة نوعان‪:‬مغفرة للعوام وهي مسامحتهم من الذنوب – ومغفرة للخواص وهي مسامحتهم من التقصير‪.‬‬
‫–ظنّ السائل أن النبي صلى هللا عليه وسلم يجتهد فبي العبادة خوفًا من الذنوب‪،‬لكن النبي صلى هللا عليه وسلم بيّن أنه‬
‫مغفورا له فهو يبالغ في االجتهاد ألداء شكر هللا تعالى‪.‬‬
‫ً‬ ‫وإن كان‬
‫ي رضي هللا عنه"إن قو ًما عبدوا رغبة فتلك عبادة‬ ‫شكورا"‪:‬ذكر العبد في هذا المقام أدعى للشكر على الدوام‪ ،‬قال عل ّ‬ ‫ً‬ ‫"عبدًا‬
‫شكرا فتلك عبادة األحرار"‪.‬‬
‫ً‬ ‫التجار‪ ،‬وإن قو ًما عبدوا رهبة فتلك عبادة العبيد‪ ،‬وإن قو ًما عبدوا‬

‫الحديث الثاني ‪":‬عن األسود بن يزيد قال‪:‬سألت عائشة عن صالة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بالليل‪ ،‬فقالت‪:‬كان ينام أول‬
‫الليل ثم يقوم‪،‬فإذا كان من السحر أوتر‪ ،‬ثم أتى فراشه فإذا كان له حاجة أل ّم بأهله‪ ،‬فإذا سمع األذان وثب فإذا كان ُجنبًا‬
‫أفاض عليه من الماء وإال توضأ وخرج إلى الصالة"‪.‬‬

‫"صالته"‪:‬المراد ما يشمل الوتر والتهجد‪" / .‬كان ينام أول الليل"‪ :‬إلى تمام نصفه األول‪ ،‬ومعلوم أنه كان ال ينام إال بعد‬
‫صالة العشاء ألنه كان يكره النوم قبلها‪" / .‬ثم يقوم"‪ :‬يصلى فيستمر يصلى السدس الرابع والخامس من الليل‪.‬‬

‫سحر هو آخر الليل‪،‬وكان يوتر بثالث يقرأ في كل ركعة ثالث سور آخرهن سورة‬ ‫"فإذا كان من السحر أوتر"‪:‬ال َ‬
‫اإلخالص‪ ،‬وقيل أنه كان يقرأ في األولى (األعلى)وفي الثانية(الكافرون)وفي الثالثة(اإلخالص والمعوذتين)‪.‬‬
‫"ثم أتى فراشه"‪ :‬لينام السدس السادس ليقوم لصالة الصبح بنشاط‪" / .‬حاجة"‪:‬الجماع‪.‬‬

‫"أل ّم بأهله"‪:‬قرب من زوجته وهوكناية عن الجماع‪ ،‬ويؤخذ من ذلك أنه صلى هللا عليه وسلم كان يقدّم التهجد ثم يقضي‬
‫حاجته من نسائه ‪" /‬أفاض عليه من الماء"‪:‬أسال على جميع بدنه من الماء أي اغتسل ‪.‬‬
‫"وإال توضأ وخرج إلى الصالة"‪:‬إن لم يكن ُجنبًا توضأ وخرج إل الصالة‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪8‬‬


‫الحديث الثالث‪":‬عن ابن عباس أنه بات عند ميمونة وهي خالته‪،‬قال‪:‬فاضطجعتُ في عرض الوسادة واضطجع رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم في طولها فنام رسول هللا عليه وسلم حتى إذا انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل‪،‬فاستيقظ رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم فجعل يمسح النوم عن وجهه‪."..‬‬

‫"ميمونة"‪ :‬هي الواهبة نفسها للنبي صلى هللا عليه وسلم ألنه لما بلغها أن النبي صلى هللا عليه وسلم خطبها وكانت إذ ذاك‬
‫على بعير قالت‪:‬هو وما عليه هلل ورسوله‪ ،‬وفوضت أمرها للعباس فزوجها للنبي صلى هللا عليه وسلم‪،‬وسبب بيتوته عندها‪:‬‬
‫أن العباس أراد ان يعرف عبادته صلى هللا عليه وسلم بالليل ليفعل مثلها‪.‬‬

‫"وهي خالته"‪:‬ألنها أخت أمه ألبيها‪،‬واسم أ ّمه لُبابة وكنيتها أم الفضل ‪.‬‬
‫"فاضطجعت في عرض الوسادة" ‪:‬وضعت جنبي باألرض ورأسي على عرض الوسادة ‪.‬‬
‫"واضطجع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم"‪ :‬وضع جنبه باألرض ورأسه على طولها مع أهله ميمونة‪،‬ألن عادته أن ينام‬
‫مع زوجاته فإذا أراد القيام لوظيفته قام لها وترك أهله فيجمع بين حق أهله وحق ربه‪ ،‬واعتزالها في النوم من عادة‬
‫األعاجم‪ ،‬ويؤخذ من ذلك‪:‬ح ّل نوم الرجل مع أهله بغير مباشرة بحضرة محرم لها مم ِّيز‪.‬‬

‫"قرأ العشر اآليات الخواتيم من سورة آل عمران"‪ :‬التي أولها{إن في خلق السموات واألرض آليات‪}..‬إلى آخر السورة ‪.‬‬
‫"ثم قام إلى شنّ معلّق"‪:‬هي قربة بالية معلّقة لتبريد الماء‪،‬وإنما ذكّر وصفه ً‬
‫نظرا للفظه وأنّث ضميره ً‬
‫نظرا لمعناه‪.‬‬
‫"فاحسن الوضوء"‪:‬أتى بواجباته ومندوباته ‪" /‬فقمتُ غلى جنبه"‪:‬توضأتُ وقمتُ عن يساره فأخذه رسول هللا صلى هللا‬
‫حوله ندبًا بأخذ‬
‫عليه وسلم على يمينه تنبي ًها على ما هو السنة من وقوف المأموم عن يمين اإلمام‪ ،‬فإذا وقف عن يساره ّ‬
‫أذنه وفَتلِها‪.‬‬

‫"فصلى ركعتين ثم ركعتين‪:"..‬يؤخذ منه أنه يُسنّ السالم من كل ركعتين وهذا هو المشهور‪،‬وص ّح الوصل منه فعله صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪ ،‬والظاهر أن ابن عباس صلّى معه جماعة فيؤخذ منه جواز فعل النفل جماعة ويؤخذ منه أيضًا‬
‫فطنة ابن عباس مذ كان ً‬
‫طفال لمراقبته أحوال النبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫"قال معنّ ‪:‬ست مرات"‪:‬فتكونا في الجملة ‪ 12‬ركعة ‪.‬‬
‫"ثم أوتر"‪:‬أي فراد ركعة وحدها فت ّمت ‪ 13‬ركعة كما في الصحيحين منها ركعتا سنة العشاء أو سنة الوضوء‪،‬‬
‫واإلحدى عشر وتر على المشهور ‪" /‬حتى جاءه المؤذن"‪ :‬أي سيدنا بالل لإلعالم بدخول وقت الصالة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫الصبح‪،‬فيسن فيهما التخفيف‪.‬‬ ‫"فصلى ركعتين خفيفتين"‪:‬سنة‬

‫الحديث الرابع‪:‬عن عائشة أن النبي صلى هللا عليه وسلم كان إذا لم يص ّل بالليل منعه من ذلك النوم أو غلبته عيناه صلّى من‬
‫النهار اثنتي عشرة ركعة"‪.‬‬

‫"إذا لم يص ّل بالليل"‪:‬يعني التهجد أو الوتر ‪" /‬منعه من ذلك النوم أو غلبته عيناه"‪ :‬بيان لسبب عدم الصالة في الليل‪.‬‬
‫اختيارا لكن بحيث ال يتأتى معه كمال الخشوع‪ ،‬والثاني‪:‬ما إذا ما‬
‫ً‬ ‫"أو"‪ :‬للتقسيم‪ ،‬فاألول‪:‬ما إذا أراد النوم مع إمكان تركه‬
‫غلبه النوم بحيث ال يستطيع دفعه ألن النبي صلى هللا عليه وسلم قد يسلك مسلك الضعفاء للتشريع فينام عن ورده ليتعلم من‬
‫نزل به ذلك‪.‬‬

‫"صلّى من النهار اثنتي عشرة ركعة"‪:‬يصليها بالنهار قضا ًء لما فاته من التهجد‪ ،‬ولم يذكر ركعة الوتر ألن قضاءه معلوم‬
‫باألَ ْولى من قضاء التهجد‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪9‬‬


‫الحديث الخامس‪" :‬عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة كيف كانت صالة رسول هللا عليه وسلم في رمضان؟‬
‫ي أرب ًعا ال تسأل عن ُحسنهن وطولهن‬ ‫فقالت‪:‬ما كان رسول هللا ليزيد في رمضان وال في غيره على أحدى عشر ركعة يصل ّ‬
‫ثم يصلي أربعًا ال تسأل عن ُحسنهن وطولهن ثم يصلي ثالثًا ‪،‬قالت عائشة‪ :‬قلت‪:‬يا رسول هللا أتنام قبل أن تُوتر؟‬
‫فقال‪:‬يا عائشة إن عيني تنامان وال ينام قلبي"‪.‬‬
‫"كيف كانت صالة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم"‪:‬أي في ليالي رمضان وقت التهجد زيادةعلى ما ّ‬
‫صالهُ بعد العشاء من‬
‫التراويح ‪" / .‬ما كان رسول هللا‪:"...‬أنه ال يزيد على ‪ 11‬ركعة‪.‬‬
‫"على إحدى عشر ركعة"‪:‬غير مقدمة الوتر‪،‬فيكون المجموع ‪ 13‬ركعة ‪ ،‬وهذا بالنسبة للصالة التي كان يصليها بعد النوم‪،‬‬
‫فال ينافي أنه كان يصلي قبل النوم ً‬
‫نفال آخر غير الوتر فال تكون منكرة لصالة التراويح‪.‬‬

‫"يصلّي أرب ًعا"‪ :‬مع السالم من كل ركعتين‪.‬‬


‫"ال تسأل عن حسنهن وطولهن"‪ :‬ألنهن في غاية من الحسن والطول بحيث يعجز اللسان عن البيان‪،‬‬
‫مثال بتكرير الركعات‪ ،‬وكون المصلي أقرب إلى ربه وهو ساجد إنما‬‫ويؤخذ منه‪:‬تفضيل تطويل القيام على تكرير السجود ً‬
‫تراخ بين هذه األربع والتي قبلها‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫هو الستجابة الدعاء فيه‪" / .‬ثم يصلي أرب ًعا"‪:‬العطف بـ ثم يقتضي أنه حصل‬

‫"ثم يصلي ثالثًا"‪:‬لم توصف هذه الثالث ال بالحسن وال بالطول إشارة إلى أنه خففها‪ ،‬والظاهر أنه صلى الثالث‬
‫بسالم واحد وهو جائز بل واجب عند الحنفية لكن صالتها بسالمين أفضل عن الشافعية‪.‬‬
‫"إن عيني تنامان وال ينام قلبي"‪:‬فال أخاف من فوت الوتر‪ ،‬فالحاصل أن‪ :‬من وثق بيقظته سُنّ له تأخيره‪ ،‬ومن لم يثق‬
‫سنّ له تقديمه‪ ،‬ولما علم النبي صلى هللا عليه وسلم بأن أبا هريرة قد ينام وال يوتر فيفوته أمره أن يصليه قبل النوم‪.‬‬
‫بها ُ‬
‫سا فيقرأ وهو جالس فإذا بقي من‬ ‫الحديث السادس‪ :‬عن عائشة رضي هللا عنها أن النبي صلى هللا عليه وسلم كان يُصلي جال ً‬
‫قراءته قدر ما يكون ثالثين أو أربعين آية قام فقرأ وهو قائم ثم ركع وسجد ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك"‪.‬‬

‫سا"‪:‬قيل كان ذلك في كِبر سنّه‪ ،‬ويؤخذ منه‪ :‬جواز صالة القادر قاعدًا في النوافل‪،‬و ُخص بأن ثوابه في‬ ‫"كان يُصلي جال ً‬
‫ً‬
‫متنفال سواء‪.‬‬ ‫قعوده وقيامه‬
‫"فإذا بقي من قراءته قدر ما يكون‪:"..‬وفيه إشارة إلى أن ما كان يقرؤه قبل القيام أكثر ألن البقية تطلق غالبًا على األٌقل‪،‬‬
‫ويؤخذ منه‪:‬صحة بعض النفل قائ ًما وبعضه قاعدًا وصحة بعض الركعة قائ ًما وبعضها قاعدًا وجعل بعض القراءة في‬
‫القعود وبعضها في القيام‪ ،‬وهو قول األئمة األربعة‪.‬‬

‫الحديث السابع‪ " :‬عن عبد هللا بن شقيق قال‪:‬سألت عائشة رضي هللا عنها عن صالة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن‬
‫ً‬
‫طويال قاعدًا‪ ،‬فإذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم‪ ،‬وإذا قرأ وهوجالس‬ ‫طويال قائ ًما ً‬
‫وليال‬ ‫ً‬ ‫تطوعه فقالت‪:‬كان يصلي ً‬
‫ليال‬
‫ركع وسجد وهو جالس"‪.‬‬
‫ً‬
‫طويال‪.‬‬ ‫ً‬
‫طويال"‪:‬زمنًا‬ ‫"عن تطوعه"‪:‬التطوع هو ما يتقرب إلى هللا تعالى تبرعًا من النفس ‪" /‬يصلي ً‬
‫ليال‬
‫"فإذا قرأ وهو قائم‪ :"...‬مخالف للحديث الذي قبله (فإنه فيه أنه إذا قرأ وهو جالس قام فقرأ ثم ركع وسجد وهو قائم)‪،‬‬
‫ويُجمع بين الحديثين ‪:‬أنه صلى هللا عليه وسلم فعل هذا تارة وذاك تارة أخرى‪،‬ويؤخذ من ذلك‪:‬ندبُ تطويل القراءة في صالة‬
‫الليل وتطويل القيام فيها وهو أفضل بكثير من تكثير الركوع والسجود‪،‬‬
‫وال يعارضه حديث"عليك بكثرة السجود"ألن المراد كثرة الصالة ال كثرة السجود حقيقة‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪10‬‬


‫باب صالة التطوع في البيت‬
‫‪-‬صالة التطوع‪ :‬أي فعل ما زاد على الفرائض فيشمل المؤكد وغيره في البيت وليس في المسجد ألن الصالة في البيت أبع ُد‬
‫عن الرياء وأقربُ إلى اإلخالص‪.‬‬

‫الحديث ‪":‬عن عبد هللا بن سعد قال‪:‬سألت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن الصالة في بيتي والصالة في المسجد‪،‬قال‪:‬‬
‫ي من أن أصلي في المسجد إال أن تكون صالة مكتوبة"‪.‬‬ ‫قد ترى ما أقرب بيتي من المسجد فألن أصلي في بيتي أحبّ إل ّ‬
‫"عن الصالة في بيتي"‪:‬أي أيهما أفضل والمراد صالة النفل‪.‬‬
‫"قد ترى ما أقرب بيتي من المسجد"‪:‬قد ترى كمال القرب بينهما‪ ،‬وقد للتحقيق‪.‬‬
‫"من أن أصلي في المسجد"‪:‬أحبّ إليه لتحصيل البركة للبيت ولتنزل المالئكة وتذهب الشياطين‪.‬‬
‫"صالة مكتوبة"‪:‬مفروضة‪،‬فإن األحب صالتها في المسجد؛ألنها من شعائر اإلسالم‪.‬‬

‫باب ما جاء في بكاء رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬


‫‪-‬أنواع البكاء‪:‬بكاء رحمة ورأفة – بكاء خوف وخشية – بكاء محبة وشوق – بكاء فرح وسرور – بكاء جزع من شئ‬
‫مؤلم – بكاء حزن – بكاء مستعار"كـبكاء المرأة لغيرها من غير مقابل" – بكاء مستأجر عليه"كـبكاء النائحة" –‬
‫صر على الذنب"‪.‬‬
‫بكاء موافقة"هو بكاء من يرى فيبكي دون معرفة السبب" – بكاء كذب"وهو ال ُم ّ‬

‫الحديث األول‪":‬عن عبد هللا بن الشخير قال‪:‬أتيتُ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وهو يصلي ولِجوفه أزيز المِ ر َجل من‬
‫البكاء"‪.‬‬
‫"لِجوفه أزيز"‪:‬صوت البكاء أو غليانه في الجوف‪.‬‬
‫"كأزيز المِ رجل"‪:‬القِدر الذي يطبخ فيه‪،‬وسمي بذلك ألنه إذا نُصب فكأنه أقيم على رجلين‪.‬‬
‫"من البكاء"‪:‬بسبب الخوف واإلجالل هلل سبحانه وتعالى وذلك ما ورثه عن أبيه إبراهيم فإنه كان يُسمع من صدره صوت‬
‫كـغليان القِدر‪.‬‬
‫يضر في الصالة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫مشتمال على حرفين أو حرف ُمفهم‪:‬لم‬ ‫يؤخذ من ذلك‪:‬أنه إذا لم يكن الصوت‬
‫‪-‬تلك الحالة كانت تعرض للنبي صلى هللا عليه وسلم‪:‬عند تجلّي هللا عليه بصفات الجالل والجمال معًا فيمتزج الجمال مع‬
‫الجالل‪،‬وإال فالجالل غير الممزوج ال يطيقه أحد من الخالئق‪.‬‬

‫ي‪،‬‬‫الحديث الثاني‪":‬عن عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه قال‪:‬قال لي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬اقرأ عل ّ‬
‫فقلتُ ‪ :‬يارسول هللا‪،‬أقرأ عليك وعليك أنزل؟‪،‬فقال‪:‬إني أحبّ أن أسمعه من غيري‪ ،‬فقرأتُ سورة النساء حتى بلغتُ {وجئنا بك‬
‫على هؤالء شهيدًا}‪،‬قال‪:‬فرأيتُ عيني رسول هللا صلى هللا عليه وسلم تَهمِ الن"‪.‬‬
‫"قال لي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم"‪:‬وهو على المنبر كما جاء في الصحيحين‪.‬‬
‫صا يتعقّل المعاني دون اشتغال بضبط األلفاظ والحروف ‪/‬‬ ‫"أن أسمعه من غيري"‪:‬ليكون سمعي خال ً‬
‫طهرا‪.‬‬
‫"شهيدًا‪ُ :‬مزكيًا ُم ً‬
‫ّ‬
‫يحق لها البكاء‪.‬‬ ‫"تهمِ الن"‪:‬أي تسيل دموعهما لِفرط رأفته ومزيد شفقته ألنه استحضر أهوال القيامة وشدة الحال التي‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪11‬‬


‫الحديث الثالث‪" :‬عن ابن عباس قال‪:‬أخذ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ابنةً له تقضي فاحتضنها فوضعها بين يديه‬
‫فماتت وهي بين يديه فصاحت أم أيمن‪،‬فقال رسول صلى هللا عليه وسلم‪:‬أتبكين عند رسول هللا؟ فقالت‪:‬ألستُ أراك تبكي؟‬
‫قال‪:‬أني لستُ أبكي إنما هي رحمة إن المؤمن بكل خير على كل حال‪ ،‬إن نفسه تنزع من بين جنبيه وهو يحمد هللا‬
‫عزوجل"‪.‬‬
‫"ابنة له"‪:‬بنت بنته زينب‪،‬فنسبتها له مجازية ‪ /‬تقضي‪:‬تشرف على الموت ‪.‬‬
‫ي بن أبي طالب ومات عنها واسمها أمامة‪.‬‬ ‫"فماتت"‪:‬أي أشرفت على الموت ألنها عاشت بعده حتى تزوجت عل ّ‬
‫محظورا القترانه بالصياح الدال على العجز‪،‬وإنما قال"عند رسول هللا"ألنه أبلغ في الزجر من قوله"عندي"‪.‬‬
‫ً‬ ‫"أتبكين"‪:‬بكا ًء‬
‫"إنما هي"‪:‬الدموع ‪" /‬رحمة"‪:‬أثر رحم ٍة جعلها في قلبي‪.‬‬
‫‪ -‬بيّن النبي صلى هللا عليه وسلم وجه كونها رحمة بقوله‪:‬إن المؤمن الكامل اإليمان بكل خير على كل حال أي من نعمة أو‬
‫بليّة ألنه يحمد ربّه على كل ك ّل منهما‪،‬فال يشغله نزع نفسه عن الحمد‪ ،‬بل يرى المِ حنة منحة لما يترتب عليها من الثواب‪.‬‬

‫الحديث الرابع‪" :‬عن عائشة أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قبّل عثمان بن مظعون وهو ميّت وهو يبكي"‪،‬‬
‫أو قال‪:‬عيناه تُهراقان"‪.‬‬
‫ً‬
‫رجال وهاجر إلى المدينة وهاجر‬ ‫"قبّل عثمان"‪ :‬في وجهه أو بين عينيه‪ ،‬وكان أخاه في الرضاعة وهو قرشي أسلم بعد ‪13‬‬
‫بدرا وهو أول من مات من المهاجرين بالمدينة‪ ،‬وكان عابدًا مجتهدًا من فضالء الصحابة ودُفن بالبقيع‪.‬‬
‫الهجرتين وشهد ً‬
‫"ت ُهراقان"‪:‬يهرقهما النبي صلى هللا عليه وسلم أي يصبّ دمعهما‪.‬‬

‫باب ما جاء في تواضع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬


‫ّ‬
‫وتنزله عن مرتبة أمثاله ‪/‬‬ ‫‪-‬التواضع لغة‪:‬التذلل والخضوع ‪ /‬عُرفًا‪:‬خروج اإلنسان عن ُمقتضى جا ِه ِه وعظمته‬
‫وعند ال ُمحققين‪:‬أن ال يرى لنفسه ً‬
‫قدرا وال قيمة وأن يرى الحالة التي هو فيها أعظم من أن يستحقها‪.‬‬
‫‪-‬التواضع تارة يكون شهود المرء عظمة ربه وهو التواضع الحقيقي الذي ال يمكن ارتفاعه‪،‬‬
‫وتارة يكون لرؤية العبد نقص نفسه‪ ،‬فالتواضع األول‪:‬هو الذي يُهذب النفس ويُبطل أنانيتها‪ ،‬والتواضع الثاني يؤدي ألى‬
‫ترقي العبد إلى مدارج الفضيلة‪.‬‬

‫ت النصارى عيسى‬ ‫‪-‬الحديث األول‪" :‬عن عمر بن الخطاب قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬ال تُطروني كما َ‬
‫أطر ِ‬
‫ابن مريم‪،‬إنما أنا عبد فقولوا‪:‬عبد هللا ورسوله"‪.‬‬
‫"ال ت ُطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم"‪:‬اإلطراء هو حسن الثناء‪ ،‬أي ال تُبالغوا في مدحي كما بالغت‬
‫النصارى في مدح عيسى حتى جعلوه إل ًها‪ ،‬فقال هللا تعالى لبيان جهلهم{ما المسيح ابن مريم إال رسول قد خلت من قبله‬
‫الرسل}‪.‬‬
‫ي ما ينافيهما‪.‬‬
‫"فقولوا عبد هللا ورسوله"‪:‬ألني موضوف بالعبودية والرسالة فال تقولوا ف ّ‬
‫‪-‬الحديث الثاني‪" :‬عن أنس بن مالك‪،‬أن امرأة جاء ت إلى النبي صلى هللا عليه وسلم فقالت له‪:‬إن لي إليك حاجة‪،‬‬
‫ت أجلس إليكِ "‪.‬‬
‫ي طريق المدينة شئ ِ‬
‫فقال‪:‬اجلسي في أ ّ‬
‫"أن امرأة"‪:‬من األنصار‪ ،‬وفي وراية(امرأة كان في عقلها شئ) ‪" /‬إن لي إليك حاجة"‪ :‬كأنها تريد إخفائها من غيره ‪/‬‬
‫"في أي طريق المدينة‪:‬في أي جزء من أجزاء المدينة ‪ /‬أجلس إليك"‪:‬معكِ حتى أقضي حاجتك‪ ،‬فجلس معها حتى قضى‬
‫حاجتها لِسع ِة حلمِ ِه وبراءته‪،‬‬
‫ويؤخذ منه‪:‬ال يخلو أجنبي بأجنبية‪ ،‬بل يجلس معها عند الحاجة في موضع ال تهمة فيه‪-‬وينبغي للحاكم المبادرة إلى تحصيل‬
‫للمارة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أغراض ذوي الحاجات‪-‬ح ّل الجلوس في الطريق للحاجة‪،‬ومح ّل النهي عنه إذا لزم منه اإليذاء‬

‫‪12‬‬
‫‪-‬الحديث الثالث‪" :‬عن أنس بن مالك قال‪:‬كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يعود المرضى ويشهد الجنائز ويركب الحمار‬
‫ويُجيب دعوة العبد‪ ،‬وكان يوم بني قريظة على حمار مخطوم من لِيف وعليه إكاف من لِيف"‪.‬‬

‫فارا يُرجى إسالمهم‪ ،‬فقد عا َد غُال ًما يهود ًيا كان يخدمه فأمره صلى هللا عليه وسلم أن يُسلم‬
‫"يعود المرضى"‪:‬ولو كانوا كُ ً‬
‫فأسلم‪ ،‬وقد عَاد ع ّمه أبي طالب وعرض عليه اإلسالم‪ ،‬وكان يجلس عند رأس المريض ويسأله كيف حالك‪.‬‬
‫"يشهد الجنائز"‪ :‬يحضرها لتشييعها والصالة عليها سواء كانت لشريف أووضيع‪.‬‬

‫"ويركب الجنائز"‪ :‬فقد تأسى به أكابر السلف في ذلك‪ ،‬فقد روي أنه كان لـ سالم بن عبد هللا حمار ه َِرم‪ ،‬فنهاه بنوه عن‬
‫ركوبه فأبى‪،‬فجدعوا أذنه فركبه‪ ،‬فجدعوا األخرى فركبه‪ ،‬فقطعوا ذَنَبه‪ ،‬فاصر يركبه مجدوع األذنين مقطوع الذَنَب‪.‬‬
‫"ويُجيب دعوة العبد"‪ :‬ألمر يدعوه له من ضيافة وغيرها‪ ،‬وفي رواية(دعوة المملوك)‪ ،‬قال البخاري"أنه كانت األمة تأخذ‬
‫بيده فتنطلق به حيث شاءت" – وقال النسائي "ال يأنف أن يمشي مع األرملة والمسكين فيقضي له الحاجة"‪.‬‬

‫"وكان يوم ببني قريظة"‪:‬يوم الذهاب إليهم لِحربهم وكان ذلك عقب الخندق ‪.‬‬
‫"على حمار مخطوم بحبل من لِيف"‪:‬أي مجعول له خِ طام(بالكسر)أي زمام‪.‬‬
‫سرج للفرس‪.‬‬ ‫"وعليه إكاف من لِيف"‪:‬كأي بَرذعة وهو لذوات الحوافر بمنزلة ال َ‬
‫‪-‬ويؤخذ منه‪:‬أن ركوب الحمار لِمن له منصب شريف ال يُخ ّل ب ُمروءتِه‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الرابع‪" :‬عن أنس بن مالك قال‪ :‬كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يُدعى إلى ُخبز الشعير واإلهالة ال ّ‬
‫سنِخة‬
‫فيُجيب‪ ،‬ولقد كا درع عند يهودي فما وجد ما يفُ ّكها حتى مات"‪.‬‬

‫نتن من لحم وغيره حيث ال‬


‫سنِخة"‪:‬أي الدهن ال ُمتغير الريح من طول المكث‪ ،‬ويؤخذ من ذلك‪ :‬جواز أكل ال ُم ِ‬
‫"اإلهالة ال ّ‬
‫ضرر ‪ /‬فيُجيب"‪ :‬بال ُمهلة كما أفادت الفاء ‪" /‬ولقد كان له درع"‪:‬وهي ذوات الفصول‪.‬‬

‫الشحم‪،‬رهَنها في ‪ 30‬صاعًا من شعير اقترضها منه أو اشتراها منه‪ ،‬وفي رواية أنها ‪ ،20‬فلعلها‬
‫َ‬ ‫"عند يهودي"‪:‬هو أبو‬
‫كانت دون الثالثين وفوق العشرين‪ ،‬فمن قال ‪َ 30‬ج َبر الكسر‪ ،‬ومن قال‪ 20‬ألغاه‪ ،‬وكان الشراء إلى أجل سنة‪.‬‬

‫ورهن عنده دون الصحابة؛لبيان جواز معاملة اليهود وجواز الرهن‬ ‫‪-‬ولقد عامل النبي صلى هللا عليه وسلم اليهودي َ‬
‫بالدّين حتى في الحضر‪ ،‬وإن كان القرآن ُمقيدًا بالسفر لكونه الغالب وألن الصحابة ال يأخذون مه رهنًا وال يتقاضون منه‬
‫ثمنًا‪ ،‬فعدل إلى اليهودي لذلك‪.‬‬

‫"فما وجد ما يفُكّها حتى مات"‪ :‬وافتكها بعده أبو بكر‪ ،‬لكن روي أن أبا بكر قضى عِداته وأن عليًا قضى ديونه‪،‬‬
‫ويؤخذ من ذلك ‪:‬ما كان عليه صلى هللا عليه وسلم من الزهد والتقلل من الدنيا والكرم الذي ألجأه إلى رهن درعه‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪13‬‬


‫باب ما جاء في ُخلق رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪-‬ال ُخلق‪:‬هو الطبع والسجية‪ ،‬وهو هيئة للنفس يصدر عنها األفعال بسهولة‪ ،‬فإن كانت تلك األفعال جميلة سُميت( ُخلقًا حسنًا)‬
‫وإن كانت قبيحة سُميت( ُخلقًا سيئًا)‪،‬وقد بلغ النبي صلى هللا عليه وسلم في ال ُخلق مالم يصل إليه أحد‪،‬‬
‫عظِ يم}‪.‬‬
‫ق َ‬ ‫قال تعالى{وإنّكَ لَعَلى ُخلُ ٍ‬
‫أف قط وما قال لشئ‬
‫‪-‬الحديث األول‪" :‬عن أنس بن مالك قال‪:‬خدمت رسول هللا صلى هللا عيله وسلم عشر سنين فما قال لي ّ‬
‫لم تركته‪."..‬‬
‫لم صنعته ول لشئ تركته َ‬
‫صنعته َ‬
‫"عشر سنين"‪:‬في السفر والحضر وكان عمره عشر سنين أيضًا ‪.‬‬
‫تبرم و َمالل‪.‬‬
‫(أف)أصله وسخ الظفر واألذن‪ ،‬والمراد بها‪:‬كلمة ّ‬
‫أف"‪ّ :‬‬
‫"فما قال لي ّ‬
‫"قَط"‪:‬ظرف للزمان الماضي‪ ،‬فالمعنى فيما مضى من عمري‪.‬‬

‫"وما قال لشئ صنعته ل َم صنعته‪:"..‬أي لشدة وثوقه ويقينه بالقضاء والقدر‪ ،‬ولذلك زاد في رواية(قدّر هللا وما شاء فعل)‪،‬‬
‫فكان يشهد أن الفعل من قدر هللا تعالى‪،‬وأنس رضي هللا عنه ال فعل له في الحقيقة‪ ،‬فالغضب على المخلوق في شئ فعله‬
‫أو تركه ينافي كمال التوحيد‪ ،‬فهذا من كمال ُخلقه صلى هللا عليه وسلم وصفحه وحِ لمه وترك العقاب على مافات‪،‬‬
‫(وهذا في األمور المتعلقة بحق اإلنسان)‪ ،‬أما ما يتعلق باهلل تعالى فال يتسامح فيه ألنه إذا انتهكت محارم هللا تعالى اشت ّد‬
‫غضبه‪ ،‬وهذا يقتضي أن أنس رضي هللا عنه لم ينتهك شيئًا من محارم هللا في مدّة خدمة النبي صلى هللا عيله وسلم‪ ،‬وفي‬
‫ذلك فضيلة تامة له‪.‬‬

‫"وكان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من أحسن الناس ُخلقًا"‪:‬ينبغي إسقاط "من"؛ألنه صلى هللا عليه وسلم أحسنهم‬
‫ُخلقًا وإن كانت ال تنافيه‪ ،‬وإن هذا شأنه مع عموم الناس ال مع خصوص أنس‪.‬‬
‫‪-‬ع َّرف بعض الناس حُسن الخلق بأنه‪ :‬مخالطة الناس بالجميل والبِشر وتح ّمل األذى والحلم والصبر وتجنّب الغِلظة‬
‫والغضب‪.‬‬

‫" َمسست"‪:‬لمست ‪َ " /‬خ ًّزا"‪:‬ثوب منسوج من حرير وغيره‪ ،‬وهو مباح إن لم يزد الحرير على غيره‪ ،‬وكان كفّه صلى هللا‬
‫عيله وسلم ألي ُن من الحرير‪ ،‬فمع غلظتها كانت ناعمه‪.‬‬
‫"مِ سكًا"‪:‬طِ يب معروف‪ ،‬أصله دم يتج ّمد في خارج سُ ّرة الظبية ثم ينقلب طيبًا‪ ،‬وهو طاهر إجماعًا‪.‬‬
‫"عطرا"‪ :‬تعميم بعد تخصيص‪.‬‬‫ً‬
‫"من عرق النبي صلى هللا عليه وسلم"‪ :‬أي أن عرقه أطيب ما ش ّمه‪ ،‬وإنما كان صلى هللا عليه وسلم يتطيب في كثير من‬
‫األوقات مبالغة في طيب ريحه واالقتداء به في التطيب‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الثاني‪" :‬عن عائشة رضي هللا عنها أنها قالت‪:‬لم يكن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فاحشًا وال ُمتفحشًا وال‬
‫ص ّخابًا في األسواق‪،‬وال يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح"‪.‬‬

‫"فاحشًا"‪ :‬أي ذا فُحش طب ًعا في أقواله وأفعاله وصفاته وإن كان استعماله في القول أكثر ‪ُ " /‬متفحشًا"‪:‬أي ُمتكلفًا لل ُفحش‪.‬‬
‫"ص ّخابًا"‪:‬أي صيّا ًحا‪ ،‬فإن الصخب ُمحر ًكا شدة الصوت وليست هذه الكلمة للمبالغة بل هي للنسب‪ ،‬فالنفي للصخب من‬
‫أصله‪.‬‬

‫"في األسواق"‪:‬سُميت بذلك لِسوق األرزاق إليها ‪" /‬وال يجزي"‪:‬أي ال يُكافئ ‪" /‬يعفو"‪:‬أي عن الجاني‬
‫"ويصفح"‪:‬يُظهر له أنه لم يطلع على شئ مما فعله‪, ،‬أصله من اإلعراض بصفحة العنق عن الشئ كأنه لم َيره‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪14‬‬


‫‪-‬الحديث الثالث‪" :‬عن عائشة رضي هللا عنها قالت‪:‬ما ضرب رسول هللا صلى هللا عيله وسلم بيده شيئًا قط إال أن يجاهد في‬
‫سبيل هللا‪ ،‬وال ضرب خاد ًما وال امرأة"‪.‬‬

‫"ما ضرب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بيده شيئ ًا قط"‪ :‬يؤخذ منه‪:‬أن األَولى لإلمام أن ال يقيم الحدود والتعازير بنفسه‬
‫بل يقيم لها من يستوفيها‪ ،‬والمراد‪ :‬نفي الضرب المؤذي‪ ،‬وضربه لمركوبه لم يكن مؤذيًا بل للتأديب‪ ،‬وضرب التأديب من‬
‫محاسن الشرع‪.‬‬
‫وكزه صلى هللا عليه وسلم بعير جابر حتى سبق القافلة بعد ما كان بعيدًا عنها من قبيل المعجزة ‪-‬‬ ‫‪-‬أمثلة للضرب‪ِ :‬‬
‫ً‬
‫هزيال ضعيفًا فقال‪:‬اللهم بارك فيه‪.‬‬ ‫وضر ِبه فرس طفيل األشجعي وقد كان‬

‫قول عائشة‪":‬بيده"‪:‬للتأكيد ألن الضرب عادة ال يكون إال بها ‪" /‬شيئ ًا"‪ :‬أي آدميًا وغيره ‪" /‬قط"‪ :‬في الزمن الماضي‪.‬‬
‫ي بن خلف في غزوة أحد‪،‬‬ ‫"إال أن يجاهد في سبيل هللا"‪ :‬فيضرب بيده إن احتاج إليه‪ ،‬وقد وقع منه في الجهاد حتى قتل أب ّ‬
‫ولم يقتل بيده الشريفة احدًا غيره‪.‬‬
‫ّ‬
‫فالتنزه عن ضرب‬ ‫"وال يضرب خاد ًما وال امرأة"‪:‬أي مع وجود سبب ضربهما وهو مخالفتهما غالبًا إن لم يكن دائ ًما‪،‬‬
‫الخادم والمرأة أفضل حيث أمكن‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الرابع‪" :‬عن عائشة قالت‪:‬استأذن رجل على رسول هللا صلى هللا عيله وسلم وأنا عنده‪،‬فقال‪:‬بئس ابن العشيرة أو‬
‫أخو العشيرة‪ ،،‬ثم أذن له فلما دخل أالن له القول‪ ،‬فلما خرج قلت‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬قلتَ ما قلتَ ثم النتَ له القول‪،‬‬
‫شر الناس من تركه الناس أو ودعه الناس اتقاء فُحشه‪.‬‬
‫إن من ّ‬ ‫فقال‪:‬يا عائشة‪ّ ،‬‬

‫رازي‪ ،‬وكان حين ذلك‬‫ّ‬ ‫"استأذن رجل على رسول هللا صلى هللا عيله وسلم وأنا عنده"‪ :‬الرجل هو‪:‬عُيينة بن حِ صن الفَ‬
‫شره‪ ،‬وهذه ليست غِيبة؛بل نصيحة لألمة‪ ،‬وقد ارت ّد في‬ ‫منافق‪ ،‬فلذا قال فيه النبي صلى هللا عيله وسلم ما قال حتى يتقي ّ‬
‫زمن أبي بكر لكنه أسلم وحضر بعض الفتوحات في زمن عُمر‪.‬‬

‫"بئس ابن العشيرة أو أخو العشيرة"‪ :‬شك من الراوي‪ ،‬والعشيرة هي القبيلة‪ ،‬أي بئس هذا الرجل من هذه القبيلة‪.‬‬
‫"فلما دخل أالنَ له القول"‪ :‬أي لَ ّ‬
‫طف القول ليتألفه لُيسلم قومه‪ ،‬ألنه كان رئيسهم‪،‬‬
‫ويؤخذ منه‪ :‬جواز ال ُمداراة وهي المالطفة وبذل الدنيا إلصالح الدين والدنيا‪.‬‬

‫"قلت ما قلت ثم ألنت"‪ :‬أي ما السبب في عدم التسوية بين الحالين ‪.‬‬
‫شر الناس من تركه الناس‪ :"..‬أي إنما ألنتُ له الكالم التّقاء فُحشه‪ ،‬ألنه ربما أفسد حال عشيرته وزيّن لهم‬ ‫"إن من ّ‬
‫العصيان‪ ،‬فـ إالنةُ القول له من السياسة الشرعية‪،‬‬
‫ويتبين لنا أن النبي صلى هللا عيله وسلم قد ك ّمله هللا تعالى في كل شئ‪ ،‬ومن ذلك تأليفه لمن يمشي معه‪ ،‬فكان يتألفهم ببذل‬
‫األموال وطالقة الوجه شفقة على الخلق‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪15‬‬


‫باب ما جاء في حياء رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪-‬الحياء لغة‪ :‬تغير وانكسار يعتري اإلنسان من خوف ما يعاب عليه‪.‬‬
‫‪-‬الحياء شرعًا‪ُ :‬خلق يبعث على تجنّب القبيح ويحض على ارتكاب الحسن‪ ،‬وإن الحياء من جملة الخلق الحسن‪،‬‬
‫وإنما جاء به باب وحده للتنبيه على عِظم شأنه‪.‬‬

‫‪-‬الحديث‪" :‬عن أبي سعيد الخدري قال‪:‬كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أش ّد حيا ًء من العذراء في خدرها‪ ،‬وكان إذا كره‬
‫شيئًا عُرف في وجهه"‪.‬‬

‫"كان أش ّد حيا ًء من العذراء في خدرها"‪ :‬العذراء‪ :‬هي البكر‪ ،‬وسميت بذلك؛لتعذر وطئها‪.‬‬
‫‪-‬مح ّل كون الحياء محمودًا‪:‬ما لم ينت ِه إلى ضعف أوجُبن أو ترك إقامة الح ّد وإال كان مذمو ًما‪ ،‬ولشدّة حيائه صلى هللا عليه‬
‫وسلم كان يغتسل من وراء الحجرات‪ ،‬وما رأى أحد عورته قط‪.‬‬
‫ُصرح بكراهيته‪ ،‬بل إنما يُعرف في وجهه‪ ،‬فكذا العذراء في‬ ‫"وكان إذا كره شيئ ًا عُرف في وجهه"‪ :‬فكان لغاية حيائه ال ي ّ‬
‫صرح بكراهيتها للشئ بل يُعرف ذلك في وجهها غالبًا‪.‬‬‫خدرها ال ت ُ ّ‬

‫باب ما جاء في عَيش النبي صلى هللا عليه وسلم‬


‫‪-‬الحديث‪" :‬عن سِماك بن حرب قال سمعت النعمان بن بشير يقول‪:‬ألستم في طعام وشراب ما شئتم؟لقد رأيت نبيكم صلى‬
‫هللا عليه وسلم وما يجد في الدّقل ما يمأل بطنه"‪.‬‬

‫"ألستم في طعام وشراب ما شئم؟"‪ :‬أي ألستم ُمتنعمين في طعام وشراب الذي شئتموه من التوسعة واإلفراط‪،‬‬
‫والقصد‪ :‬التقريع والتوبيخ على اإلكثار من ذلك‪ ،‬وإن الشبع بدعة ظهرت بعد القرن األول‪،‬‬
‫والمذموم‪ :‬إنما هو الشبع المثقل الذي يوجب الكسل‪ ،‬أما األكل المعين على الطاعة فهو مطلوب‪.‬‬
‫"لقد رأيت نبيكم‪:"..‬الدّقل‪:‬هو ردئ التمر وأضاف النبي للمخاطبين؛لإلشارة إلى االقتداء به في عدم التطلع للدنيا‪،‬‬
‫وروي "أنه صلى هللا عليه وسلم لم يشبع قط وما كان يسأل أهله طعا ًما قط وال يشتهي‪ ،‬إن أطعموه أكل وما أطعموه قَبِل‬
‫وما سقوه شرب"‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪16‬‬


‫المختار من فضل هللا الصمد بتوضيح األدب المفرد‬

‫‪-‬حديث في صلة األرحام‪:‬‬


‫قال النبي صلى هللا عليه وسلم"خلق هللا عزوجل الخلق‪ ،‬فلما فرغ منه قامت الرحم‪."...‬‬
‫"الخلق"‪ :‬جميعهم أو بعد انتهاء خلق أرواح بني آدم عند عهد الربوبية‪.‬‬
‫"قامت الرحم"‪ )1:‬إما أن يكون الكالم على سبيل الحقيقة وأنها قامت بإذن هللا ‪ )2‬أو قام ملَك فتكلم على لسانها ‪ )3‬أو أن‬
‫الكالم هنا على سبيل االستعارة وضرب المثل‪.‬‬

‫‪-‬ما هي أقسام الرحم كما قال القرطبي؟‬


‫عامة‪:‬رحم الدين‪ ،‬وتجب صلتها بالتواد والتناصح والعدل والقيام بالحقوق المستحبة‪.‬‬
‫خاصة‪:‬رحم األقارب‪ ،‬وتجب صلتها بالنفقة والسؤال عنهم والصفح عن خطئه‪.‬‬

‫‪-‬حديث في أن صلة الرحم تزيد في العمر‪:‬‬


‫"قال صلى هللا عليه وسلم‪ :‬من أحبّ أن يُبسط له في رزقه أو يُنسأ له في أثره فليصل َرحِ مه"‪.‬‬
‫"يُبسط له"‪:‬يوسع له ‪" /‬يُنسأ له"‪:‬يؤخر له في عمره ‪.‬‬
‫‪ -‬بيّن النبي صلى هللا عليه وسلم أن من أراد هللا أن يوسع له في رزقه فعليه بصلة الرحم‪ ،‬فيبارك له في ماله وأوالده‬
‫وحياته وعمله وأوقاته‪.‬‬
‫مثال‪ ،‬وإن وصل رحمه فعمره‬ ‫‪-‬كيف تزيد صلة الرحم في العمر؟ إن المرء إذا كُتب أنه إن لم يصل رحمه فعمره ‪ 60‬عا ًما ً‬
‫‪ 70‬عا ًما‪.‬‬

‫‪-‬حديث ليس الواصل بالمكافئ‪:‬‬


‫قوله صلى هللا عليه وسلم"‪:‬ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل إذا قُطعت رحمه وصلها"‪.‬‬
‫"المكافئ"‪ :‬المكافأة‪ :‬المجازاة‪ ،‬وهي أن تفعل بالمرء مثل ما فعل بك‪.‬‬
‫‪-‬قال الحافظ بن حجر‪:‬هنا ‪3‬درجات[الواصل‪:‬من َيتفضّل وال يُتفضّل عليه – القاطع‪:‬من يُتفضل عليه وهو ال يتفضل ‪-‬‬
‫المكافئ‪:‬من يصل وال يزيد على ما أخذ]‪.‬‬

‫‪-‬حديث من عَال جاريتين أو واحدة‪:‬‬


‫"عن عقبة بن عامر سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول‪:‬من كان له ثالث بنات وصبر عليهن وكساهن من ِجدّته‪:‬‬
‫كُ ّن له حجابًا من النار"‪.‬‬
‫‪-‬عال َم يدل الحديث الشريف؟ فيه داللة على حق الثبات لما فيهن من الضعف للقيام بمصالح أنفسهن بخالف الذكور لما‬
‫فيهم من القوة وحسن التصرف‪.‬‬
‫‪ -‬الظاهر أن الثواب المذكور يحصل لفاعله إذا استمر إلى أن يحصل استغناؤهن عنه بزوج أوغيره‪.‬‬

‫‪-‬هل يقتصر باإلحسان على القدر الواجب أو بما زاد عليه؟ يكون بالقدر الزائد‪.‬‬
‫"جدَته"‪ :‬أي من غناه‪.‬‬
‫ِ‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪17‬‬


‫‪-‬باب الوالدات رحيمات‪:‬‬
‫"عن أنس بن مالك قالت‪:‬جاءت امرأة إلى عائشة رضي هللا عنها فأ‘طتها عائشة ثالث تمرات‪ ،‬فأعطت كل واحدة فأعطت‬
‫كل صبي تمرة وأمسكت لنفسها تمرة‪."...‬‬
‫"كيف نوفّق بين رواية(ثالث تمرات) ورواية أخرى(تمرة واحدة)؟ ويمكن الجمع بأن المراد غير تمرة واحدة خصتها‬
‫بها‪،‬ويحتمل أنها ما وجدت سوى واحدة فأعطتها‪ ،‬ثم وجدت اثنتين‪ ،‬ولعل أنها وجدت تمرتين فأعطتها للمرأة ثم أعطتها هي‬
‫بنيّته ا‪ ،‬ثم وجدت أخرى فأعطتها عائشة‪ ،‬فأرادت أن تأكلها فسألتها البنتان فشقتها نصفين لكل منهما‪.‬‬
‫‪-‬عالَ يدل هذا الحديث؟ سخاء السيدة عائشة رضي هللا عنها – ينبغي للمتصدق أن يتصدق بالكثير والقليل – جواز‬
‫ّ‬
‫والمن‪.‬‬ ‫المعروف إن لم يكن على وجه الفخر‬

‫‪-‬باب قبلة الصبيان‪:‬‬


‫"عن عائشة رضي هللا عنها قالت‪:‬جاء أعرابي إلى النبي صلى هللا عليه وسلم فقال‪:‬أتُقبّلون صبيانكم؟فما نُقبّلهم‪،‬‬
‫فقال صلى هللا عليه وسلم‪:‬أَ َو أملك لك أن نزع هللا من قلبك الرحمة؟"‪.‬‬
‫‪-‬من هو األعرابي المذكور في الحديث؟ وقعت تلك القصة ألكثر من واحد‪:‬األقرع بن حابس – قَيس بن عاصم – عُيينة بن‬
‫حصن‪.‬‬
‫ذكرا أو أنثى واجب‪،‬‬ ‫"أتقبّلون"‪:‬قال النووي‪:‬تقبيل الولد الصغير أو شئ من أطرافه على وجه الشفقة واللطف ً‬
‫أما التقبيل بالشهوة حرام باالتفاق ‪.‬‬
‫"أو أملك لك أن"‪ :‬فتح همزة (أن) معناه ‪:‬ال أقدر أن أجعل الرحمة في قلبك بعد أن نزعها هللا منه – وبكسر همزة(أن)‬ ‫َ‬
‫معناه ‪ :‬إن نزع هللا الرحمة من قلبك فال أقدر أن أضعها فيه‪.‬‬

‫‪-‬باب الوصاة بالجار‪:‬‬


‫سيورثه"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪")1‬عن عائشة رضي هللا عنها عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه‬
‫"بالجار"‪ :‬يحصل امتثال الوصية بالجار باإلحسان إليه كالهدية والسالم وكف األذى عنه ومعاونته وغير ذلك‪.‬‬
‫"سيورثه"‪ :‬أي يجعله مشار ًكا في المال مع األقارب بسهم يعطاه مسلم أو كافر صديق أو عدو قريب أو أجنبي‪،‬ومن حق‬ ‫ّ‬
‫الجار أن يعلمه ما يحتاج إليه‪.‬‬

‫‪" )2‬عن أبي شُريح الخزاعي عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬من كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر فليُحسن إلى جاره‪ ،‬ومن‬
‫خيرا أو ليصمت"‪.‬‬
‫كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر فليُكرم ضيفه‪ ،‬ومن كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر فليقل ً‬
‫"من كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر"‪ :‬المقصود المبالغة في إتيان هذه األفعال‪ ،‬وتخصيص اليوم اآلخر بالذكر؛ ألن رجاء‬
‫الثواب والعقاب راجع إلى اإليمان باليوم اآلخر‪ ،‬وتكريره لالهتمام واالعتناء بكل خصلة‪.‬‬

‫"فليُحسن إلى جاره"‪:‬أن يعينه ويدفع عنه السوء وتعزيته وتهنئته وإقراضه وعيادته‪.‬‬
‫"فليُكرم ضيفه"‪:‬وإكرام الضيف يختلف باختالف األشخاص واألحوال‪ ،‬فقد يكون فرض عين وقد يكون فرض كفاية وقد‬
‫يكون مستحبًا‪.‬‬

‫لداع يدعو – أن يأتيه في موضعه – أن يقتصر على قدر الحاجة – أن يكون‬ ‫ٍ‬ ‫خيرا"‪ :‬فإن للكالم شرو ً‬
‫طا‪[:‬أن يكون‬ ‫"فليقل ً‬
‫فصي ًحا مهذبًا]‪.‬‬
‫"أو لِيصمت"‪ :‬الصمت أبلغ من السكوت ؛ألنه ال يستعمل فيما ال قوة لنطق‪ ،‬وكثرة الكالم بغير ذكر هللا قسوة للقلب‪،‬والنطق‬
‫بالخير أفضل من الصمت‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪18‬‬


‫‪-‬باب ال يؤذي جاره‬
‫"عن عبد هللا عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬أجيبوا الداعي وال تردّوا الهدية وال تضربوا المسلمين"‪.‬‬
‫"أجيبوا الداعي"‪ :‬وجوبًا‪:‬إن كانت الدعوة ِلعُرس وتوفرت الشروط – وندبًا‪:‬إن كانت لغيره‪.‬‬
‫‪-‬اتفق العلماء على وجوب اإلجابة في وليمة العرس واختلفوا فيما سواها[قال الجمهور‪ :‬تجب اإلجابة – قال أهل الظاهر‪:‬‬
‫ال تجب اإلجابة]‪.‬‬

‫‪-‬إن لم يُعين الدعوة‪:‬لم تجب اإلجابة بل ال تستحب؛ ألن عدم اإلجابة ُمعلل بما فيه كسر القلب الداعي‪ ،‬وإذا ع ّم فال كسر‪.‬‬
‫‪-‬قيل إن الوجه في تأكيد اإلجابة هو ‪:‬صيانة الطعام عن اإلضاعة‪ ،‬فإن المضيف يكثر الطعام في وقت الضيافة‪ ،‬فإن لم‬
‫يحضر الناس لتضرر صاحبه به‪.‬‬
‫‪-‬من األعذار التي يسقط به وجوب إجابة الدعوة أو ندبها‪ [:‬أن يكون الطعام به شبهة أو هناك في المكان خمر ولهو أو‬
‫صور حيوان أو آنية ذهب وفضة]‪.‬‬

‫"وال تردّوا الهدية"‪ :‬ندبًا‪ ،‬ويحرم قبولها على القاضي ‪.‬‬


‫"وال تضربوا المسلمين"‪:‬في غير حد أو تأديب‪ ،‬فضرب المسلم بغير حق كبيرة‪.‬‬

‫راع‪:‬‬
‫‪-‬باب العبد ٍ‬
‫راع وكُلكم مسؤول عن رعيته‪."..‬‬‫ٍ‬ ‫"عن ابن عمر أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬كُلكم‬
‫"مسؤول"‪ :‬عما يجب رعايته ‪" /‬رعيته"‪ :‬كل ما يكون في نظر الراعي ورعيته ‪" /‬على أهل بيته"‪ :‬رواية أخرى(في أهل)‬
‫راع في مال سيده وأوالده وأمواله ومتاع‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫"عبد الرجل"‪ :‬رواية أخرى(الخادم)‪ ،‬فالعبد‬
‫‪-‬المنفرد الذي ال زوج له وال خادم وال ولد‪:‬يكون راعيًا على جوارحه يعملها بالمأمورات وال يصرفها في المنهيات‪.‬‬

‫كتاب األيمان والنذور‬ ‫سبل السالم‬


‫المختار من ُ‬
‫"عن ابن عمر عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أنه أدرك عمر بن الخطاب في َركب‪ ،‬وعمر يحلف بأبيه‪ ،‬فناداهم رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬أال إن هللا ينهاكم أن تحلفوا بآباءكم‪ ،‬فمن كان حالفًا فليحلف باهلل أو ليصمت" وفي رواية‪ :‬ال تحلفوا‬
‫بآباءكم وال بأمهاتكم وال باألنداد وال تحلفوا باهلل إال وأنتم صادقون‪.‬‬

‫"األيمان"‪:‬اليمين لغة‪:‬اليد‪ ،‬ثم استعملت على الحلف ‪" /‬النذور"‪ :‬أصله اإلنذار‪ ،‬وهو إيجاب ماليس بواجب لحدوث أمر‪.‬‬
‫"الركب"‪ُ :‬ركبان اإلبل‪،‬وهم العشرة فصاعدًا‪ ،‬وقد يكون للخيل ‪.‬‬
‫"فليحلف باهلل"‪ :‬ليس المراد االقتصار على هذا اللفظ فإنه صلى هللا عليه وسلم كان يحلف بغيره‪.‬‬
‫ت والعُزى)‪.‬‬
‫"وال باألنداد"‪ :‬أصنامم حيث كاوا يحلفون ب(الال ِ‬

‫‪-‬شبهة‪ :‬استدل البعض على أن الحلف بغير هللا مكروه وليس محرم بحديث(أفلح وأبيه إن صدق)‪.‬‬
‫‪-‬الرد عليها‪:‬تلك الرواية غير محفوظة‪ ،‬وقد جاءت(أفلح وهللا إن صدق) – أنها لم تخرج مخرج القسم بل هي من الكالم‬
‫الجاري على األلسنة‪.‬‬
‫‪-‬شبهة‪ :‬استدل القائلون بالكراهة أن هللا تعالى أقسم بالمخلوقات في كتابه‪.‬‬
‫‪-‬الرد عليها‪:‬ليس للعبد االقتداء بالربّ تعالى‪ ،‬فإنه يفعل ما يشاء‪.‬‬

‫‪-‬وجه التحريم‪ :‬أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به والعظمة مختصة باهلل تعالى وحده‪.‬‬
‫‪-‬الحلف بالبراءة من اإلسالم محرم‪:‬قول النبي صلى هللا عليه وسلم"من حلف فقال إني برئ من اإلسالم‪ ،‬فإن كان كاذبًا فهو‬
‫كما قال‪ ،‬وإن كان صادقًا فلن يرجع إلى اإلسالم سال ًما"‪[ .‬ال توجد كفارة للحلف سوى أن يقول كلمة التوحيد]‪.‬‬

‫ال تنسوني من دعواتكم"مريم محمد بدر"‬ ‫‪19‬‬ ‫"الحمد هلل الذي بنعمت ِه تت ّم الصالحات"‬

You might also like