Professional Documents
Culture Documents
7
7
7
السنة القضائية
2022 /2021
إهداء
قال تعالى" وقل اعملوا فسيرى اهلل عملكم ورسوله والمؤمنين وسيردون الى عالم الغيب
والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون "
سورة التوبة اآلية 105
المقدمة
العامة
ّ األول :حاالت االختصاص
الجزء ّ
التونسية:
ّ األول :االختصاص المبني على إقامة المطلوب بالبالد
الفصل ّ
الفصل الثاني :االختصاص المبني على إرادة األطراف
الفصل الثالث :االختصاص المبني على معيار الترابط
الخاص.
ّ الدولي
-يراجع في هذا الشأن الفصل 2من مجلّة القانون ّ
1
الدراسات القانونية
الخاص ،تنظيم مركز ّ
ّ الدولي
ونسية" ،دورة دراسية حل المجّلة التونسية للقانون ّ
الدولي للمحاكم التّ ّ
-حاتم قطران" :االختصاص ّ
2
القضائية ،2442ص.02
ّ قانونية و
الدراسات ال ّ
القضائية يومي 40و 40ماي ،2440منشورات مركز ّ
ّ و
الدولي
التونسية للقانون ّ
ّ الخاص" ،المجلّة
ّ الدولي
ونسية للقانون ّ
ونسية في المجلّة التّ ّ
الدولي للمحاكم التّ ّ
الدين قارة" :االختصاص القضائي ّ
-نور ّ
3
القانونية
ّ الدراسات
القضائية يوم 02مارس ،0111منشورات مركز ّ
ّ الدراسات القانونية و
الخاص ،االعمال الكاملة للملتقى الّذي نظّمه مركز ّ
ّ
القضائية ،2444ص.66
ّ و
اإلشكاليات
ّ الدولي أثار العديد من
إن الطبيعة القانونية لالختصاص القضائي ّ ّ
ص؟القانونية هل هو اختصاص دولي أم ترابي أم من نوع خا ّ
الدولي قواعد ترابية الستنادها على
فهناك من الفقهاء من اعتبر قواعد االختصاص ّ
نفس معايير االختصاص الترابي (مقر المطلوب ،مكان افتتاح التّركة )...اال هناك اختالف
الدولي فليس هناك تقسيم ترابي في واضح بين االختصاص الترابي واالختصاص ّ
الدولي فهو في الواقع "إسناد اختصاص لنظام قضائي" 4وهناك من الفقهاء من
االختصاص ّ
تم نقده أيضا
أن هذا ال أري ّ
حكمية إالّ ّ
ّ الدولي هي قواعد
أن قواعد االختصاص ّ يرى ّ
الدولي فهو
أما االختصاص ّ عدة محاكم ّ
يحدد توزيع االختصاص بين ّ
فاالختصاص الحكمي ّ
ونسية".5
"يتعلّق بمجموعة واحدة وهي مجمل المحاكم التّ ّ
الدولي
الرأي األرجح هو عدم االنشغال بـمسألة تكييف قواعد االختصاص القضائي ّ
ّ
6
الداخلي .
اصة تختلف عن قواعد االختصاص ّألن لها طبيعة خ ّ
ّ
الدولي
أهمية كبيرة لمسألة االختصاص ّ
مشرع التّونسي أولى ّ
أن ال ّ
والجدير بالمالحظة ّ
الخاص عناصر إسناد
ّ الدولي
فحدد في العنوان الثاني من مجلّة القانون ّ
ونسية ّ
للمحاكم التّ ّ
ونسية في مجاالت عديدة من ذلك المجال التعاقدي ،مجال االختصاص للمحاكم التّ ّ
الشخصية.
ّ المسؤولية التقصيرية وكذلك في مجال األحوال
الشخصية حتى قبل االستقالل ومنذ انبعاث
ّ بمادة األحوال
الدولة التونسية ّ
لقد اهتمت ّ
الشخصية في 31أوت 3591 ّ الحركة اإلصالحية واّلتي انتهت بإصدار مجّلة األحوال
الدولة التّونسية بتاريخ
وكان االهتمام أيضا بوضعية األجانب في البالد التونسية .فأصدرت ّ
الشخصية للتّونسيين من غير المسلمين
ّ 31جويلية 3591األمر المتعّلق بضبط األحوال
يسمى باألمر المتعلّق بضبط
تم تغيير تسميته في سبتمبر 3551وأصبح ّ
واليهود وقد ّ
الشخصية لألجانب.
ّ األحوال
وينص الفصل 1من هذا القانون "تشتمل بحالة األشخاص وأهليتهم وبالزواج ونظام ّ
األموال بين األزواج وحقوق الزواج وواجباتهم المتبادلة والطالق والتطليق والتفريق وبالبن ّوة
القضائية ،2444ص.66
ّ القانونية و
ّ الدراسات
الدراسات القانونية والقضائّية يوم 02مارس ،0111منشورات مركز ّ
نظّمه مركز ّ
-5مبروك بن موسى ،مقال مذكور سابقا ،ص.63
ص" ،مقال مذكور سابق ،ص.63
الدولي الخا ّ
ونسية في المجلّة التّونسية للقانون ّ
الدولي للمحاكم التّ ّ
الدين قارة" :االختصاص القضائي ّ
-نور ّ
6
ألبوة وانكارها والعالقات بين األصل والفروع وواجب النفقة بين األقارب وغيرهم
واإلقرار با ّ
وتصحيح النسب والت ّبني والوصاية والقيامة والحجر والترشيد والهبات والمواريث والوصايا
ميتا".
صرفات بموجب الموت والغيبة واعتبار المفقود ّ
وغير ذلك من التّ ّ
الشخصية لكن بداية من
ّ حدد محتوى األحوال
شرع قد ّ الم ّ
ويتّضح من هذا الفصل أ ّن ُ
تم إلغاء كامل أحكام األمر المذكور.
الخاص ّ
ّ الدولي
جريان العمل بمجّلة القانون ّ
تبنى نفس الفهم لألحوال
شرع قد ّ الم ّ
أن ُولكن رغم إلغاء األمر المذكور يبدو ّ
شخصية أصبحت
ّ الشخصية طبق الفصل 1المذكور نصه إالّ أ ّن مؤسسات األحوال ال
ّ
متعددة بعد أن كانت موجودة بفصل وحيد.
موجودة في فصول ّ
مادة األحوال
ونسية في ّ
الدولي للمحاكم التّ ّ
تظهر جدوى دراسة مسألة االختصاص ّ
مادة
تدخل القاضي التّونسي في ّ
تحدد مجال ّ الشخصية في حصر عناصر اإلسناد الّتي ّ
ّ
الشخصية.
ّ األحوال
الشخصية أوسع بكثير من المواد
ّ مادة األحوال
فمجال تد ّخل القاضي التونسي في ّ
العينية.
ّ مادة الحقوق
التعاقدية أو ّ
ّ كالمادة
ّ األخرى
اإلشكالية اّلتي تطرح
ّ العام للموضوع إلى حصر
توصلنا بهذا التقديم ّ
ّ ولعّلنا نكون قد
صية ويمكن حصرها الدولي للمحاكم التّونسية في ما ّدة األحوال الشخ ّ
مسألة االختصاص ّ
كالتالي :ماهي عناصر اإلسناد المعتمدة من قبل القاضي التّونسي في دعاوي األحوال
دوليا؟
لشخصية الّتي تحمل طابعا ّ
ّ ا
العامة
ّ األول :حاالت االختصاص
الجزء ّ
التونسية:
ّ األول :االختصاص المبني على إقامة المطلوب بالبالد
الفصل ّ
ونسية
الدولي للمحاكم التّ ّ
العامة لالختصاص ّ ّ وضع الفصل 6م .ق .د.خ القاعدة
ونسية.
وهي قاعدة ترتكز على اشتراط أن يكون المطلوب مقيما بالبالد التّ ّ
الدولي للمحاكم التّونسية هو
أن المبدأ العا ّم الّذي يقوم عليه االختصاص ّ
شك ّ
وما من ّ
العام لالختصاص الترابي المعمول
اصة المبدأ ّ
الدولية الخ ّ
يكرس على مستوى العالقات ّ مبدأ ّ
به في القانون الداخلي وفق الفصل 13من م .م .م .ت .7
ذمة الّذي مفاده ّأنه ال
أن هذا المبدأ له صلة وثيقة بمبدأ براءة ال ّ
ومن الملفت لالنتباه ّ
تحمل أعباء اإلجراءات ومشاق التّنّقل إلى المحكمة الّتي يمكن جبر المدعي عليه على ّ
الدفاع عن نفسه فالمطلب يجب مقاضاته أمام محاكم مقر
يقطن بدائرتها الطالب قصد ّ
أن "المطلوب شخصا كان أو ذاتا معنوية تلزم محاكمته لدى المحكمة الّتي بدائرتها
-اقتضت الفقرة األولى من مجلّة المرافعات المدنية التجارية ّ
7
مقره المختار" ويراجع في هذا الصدد علي كحلون التعليق على مجلة المرافعات المدنية والتجارية " الطبعة االولى منشورات مجمع مقره األصلي أو ّ
ّ
االطرش للكتاب المختص .2406
ادعاءاته إلى أن يثبت
يبرر "بضرورة تحميل من يطرق باب التقاضي تبعات ّ
إقامته وهو مبدأ ّ
صحتها".8
ّ
العامة بعدا متكامال يتّجه قبل حصر مجال تطبيقها
ّ وإلعطاء دراسة هاته القاعدة
المقر على معنى أحكام الفصل 1من م .ق .د.خ (المبحث
(المبحث الثاني) توضيح مفهوم ّ
األول).
المقر:
ّ المبحث األول :مفهوم
يبين
رغبة منه إللغاء التأويل الّذي كان يحوم الفصل 1قديم من م.م .م .ت والّذي لم ّ
الدولي للمحاكم التونسية هل هي إقامة المطلوب بالتراب التونسي
إقامة تؤسس االختصاص ّ
شرع عند تحريره لمقتضيات الفصل 1من م .ق .د.خ الم ّ
أو إقامة الطالب والمطلوب ،سعى ُ
سية تنظر في
أن المحاكم التون ّ
أن يعتمد صياغة واضحة وصريحة إذا اقتضى هذا الفصل ّ
المدنية والتجارّية بين جميع األشخاص مهما كانت جنسيتهم إذا كان المطلوب
ّ النزاعات
ّ
التونسية.
ّ مقيما بالبالد
تبنى نفس المعيار وهو معيار اإلقامة وهو ما
شرع ّ
الم ّ
أن ُلكن ما يمكن مالحظته هو ّ
من شأنه أن يطرح تساؤالت عديدة ألن اإلقامة هي مفهوم واقعي وليس قانوني مثل مفهوم
9
ولعل الصياغة الفرنسية للفصل المذكور أكثر داللة على حقيقة األمر المقصود إذ
ّ المقر
ّ
10
المقر
ّ اعتمدت على مفهوم المقر " "domicileونظ ار لتركيز أحكام هذا الفصل على
عيار لتحديد
أن عبارة اإلقامة تعتبر م ا
فإنه يتّجه تحديد مفهوم المقر مع التذكير على ّ
واإلقامة ّ
المقر.11
ّ
المقرات:
أن هنالك ثالث أنواع من ّ
السابع من م.م.م.ت يتّضح ّ
وبالرجوع إلى الفصل ّ
ّ
المقر األصلي ،مقر النشاط أو العمل ،المقر المختار.
ّ
القضائية ،2442ص.31
ّ الد ارسات القانونية و
الخاص منشورات مركز ّ
ّ الدولي
-لطفي الشاذلي ومالك الغزواني :مجلّة القانون ّ
8
-10المرجع السابق ذكره ،ص 34ويراجع كذلك نورالدين الغزواني "إجراءات مدنية وتجارية القانون االجرائي العام "منشورات مجمع االطرش للكتاب
المختص 2012ص 45
الخاص ،نشر المؤلف ،تونس ،2446ص.00
ّ الدولي
-مبروك بنموسى ،شرح المجلّة التونسية للقانون ّ
11
عادة وهو مفهوم
المقر األصلي :وهذا المكان الّذي يقيم به الشخص ّ
ّ -
موضوعي يستند إلى فكرة االستقرار في الزمن.12
مقر النشاط أو العمل :وهو المكان اّلذي يباشر فيه الشخص مهنته أو -
تجارته فإذا كانت لألجنبي تجارة أو مهنة ُيمارسها بتونس تكون المحاكم التونسية
مقره األصلي بالخارج.13
ضده ولو كان ّ
الموجهة ّ
ّ الدعاوي
بالنظر في ّ
مختصة ّ
ّ
يعينه االتفاق أو القانون لتنفيذ التزام
المقر المختار :وهو المكان اّلذي ّ -
أو للقيام بعمل قضائي.
كمحل
ّ المعين
الصدد يمكن أن نتساءل هل يعتبر مكتب محامي المطلوب و ّ
وفي هذا ّ
مقر له على معنى أحكام الفصل 1من م .ق .د.خ.
مخابرة له ّا
أن مكتب محامي المطلوب ال الخاص ّ
ّ الدولي
استقر الرأي لدى فقهاء القانون ّ
ّ لقد
يتأسس عليه اختصاص المحاكم التونسية.
يعتبر مق ار له وال يمكن أن يكون سندا ّ
العامة المنصوص عليها صلب الفصل 1من ّ يتّجه تحديد مجال تطبيق القاعدة
الدعاوي (الفقرة الثانية).
م .ق .د.خ من حيث األشخاص (الفقرة األولى) ومن حيث ّ
الخاص" ،ص.01
ّ الدولي
الدولي للمحاكم التونسية في مجال القانون ّ
-حاتم قطران" :االختصاص ّ
12
الخاص ،ص.01
ّ الدولي
-مبروك بنموسى ،شرح المجلّة التونسية للقانون ّ
13
يهم أن
يهم أن يكون الزوج تونسيا وال ّ
النزاع شخصيا فال ّ وتأسيسا لما سبق ،فإذا كان ّ
المدعي عليه
فالمهم هو أن يكون ّ
ّ يهم حتّى إذا كان كالهما تونسيا
تكون الزوجة تونسية وال ّ
التونسية أن تفصل في دعوى طالق بين زوجين ّ مقيما بتونس وبالتالي ال يمكن للمحاكم
تونسيين مقيمين بالخارج كما ّأنه ال يمكن لزوجة تونسية تقيم بتونس أن تقوم برفع دعوى
طالق أمام المحاكم التونسية ض ّد زوجها التونسي المقيم خارج تونس وذلك لعدم اختصاصها
حسب منطوق الفصل 1من م .ق .د.خ.
أن هناك عديد من وبمعاينة فقه القضاء التونسي بعد صدور م ق د خ ،يتّضح ّ
األحكام اّلتي احترمت مقتضيات الفصل 1فالمحاكم التونسية تنظر في قضايا الطالق اّلتي
الصادر عن محكمة
يكون فيها المطلوب مقيما بتونس من ذلك القرار االستئنافي عدد ّ 139
االستئناف بتونس بتاريخ 19جوان 141331والّذي قضت فيه ما يلي "تطبيقا للفصل 1من
طالق
مختصة بالنظر في دعوى ال ّ
ّ التونسية غير
ّ فإن المحاكم
الخاص ّ
ّ الدولي
مجّلة القانون ّ
صد زوجته السويسرية طالما أنها غير مقيمة بالبالد التونسية و كذلك الحكمالمرفوعة ّ
قضية
النظر في ّ االبتدائية بتونس بتاريخ 22ماي 2013حيث قبلت ّ
ّ الصادر عن المحكمة
ضد زوجها البلجيكي الجنسية المقيم بتونس لكن
الطالق المرفوعة من زوجة تونسية جنسية ّ
المدعي
النظر في قضايا الطالق الّتي يكون فيها ّ
في المقابل أعلنت عدم اختصاصها في ّ
15
عليه موجودا خارج اإلقليم التونسي.
الدعاوي:
العامة من حيث ّ
ّ الفقرة الثانية :مجال تطبيق القاعدة
جاءت عبارات الفصل 1من م .ق .د.خ مطلقة وبالتالي يتبادر للذهن أن المحاكم
النزاعات الشخصية إذا كان المطلوب مقيما بالبالد التونسية من
التونسية تنظر في جميع ّ
ّ
ذلك قضايا الطالق ،النفقة ،النسب ...،غير ّأنه بتص ّفح المزيد من فصول مجّلة القانون
14
GHAZOUANI (M) ; Compétence internationale et divorce ; observations sous l’arrêt de la
cour d’appel de Tunis n° 215 du 25 Janvier 2003 ; RTD ; 2003 ; P.229
15يراجع في هذا الصدد الحسين السالمي وفاطمة الزهراء بن محمود" :منظومة للقانون الدولي الخاص التونسي " الطبعة
األولى منشورات مجمع األطرش للكتاب المختص 1331
مادة األحوال
تحدث بدوره عن ّ
أن الفصل 1من هاته المجلّة ّ الخاص يتّضح ّ
ّ الدولي
ّ
الشخصية حيث ذكر النفقة ،النسب وبالتالي بقراءة مزدوجة للفصلين 1و 1من م .ق .د.خ
ّ
أن
مادة الطالق باعتبار ّ
أن الفصل 3يسند االختصاص للمحاكم التونسية في ّ يتّضح جليا ّ
شرع لم يفرده بفصول خاصة به.
الم ّ
ُ
تكون إرادة منح االختصاص إلى المحاكم التونسية إرادة صريحة إذا وجد اتفاق بين
يعبر عنه باالمتداد اإلرادي لالختصاص القضائي للمحاكم
النزاع على ذكر وهو ما ّ
طرفي ّ
التونسية ""clause attributive de juridiction
شرع صلب الفصل 4م .ق .د.خ بصفة صريحة مشروعيته االتفاق المبرم الم ّ
أقر ُ
وقد ّ
التونسية.
ّ الدولي للمحاكم
بهدف إسناد االختصاص ّ
شرع أشار فقط إلى إقصاء المواد الّتي ترجع إلى الم ّ
أن ُ ومن الملفت لالنتباه ّ
تدخل اإلرادة
االختصاص المطلق للمحاكم التونسية ولم يشر الرأي موضوع آخر من نطاق ّ
وهو ما يطرح تساؤل حول إمكانية إبرام اتفاقيات حول االختصاص القضائي ال ّدولي للمحاكم
الشخصية.
ّ ومادة األحوال
التونسية ّ
أهم مجال يمكن أن تبرم فيه اتفاقيات منح
دية تبقى ّ
النزاعات التعاق ّ
أن ّ بالرغم من ّ
ّ
النزاعات
فإن صياغة الفصل 4من م .ق .د.خ ال تقصي ّ التونسية ّ
ّ االختصاص للمحاكم
تدخل اإلرادة.
العائلية من ّ
في نفس هذا السياق أ ّكد األستاذ علي المزغني على اتّساع مجال إمكانية التوسيع
الموسعة لألشخاص في مجال األحوال
ّ اإلرادي لالختصاص معتب ار ّأنه يمكن القبول بالشروط
الشخصية.16
وعلى عكس القانون التونسي يقصي القانون الفرنسي من دائرة التوسيع اإلرادي
وبكل ما
ّ النزاعات المتعّلقة بالحالة الشخصية وبأهلية األشخاص
لالختصاص القضائي ّ
الية.17
الذمة الم ّ
يتعّلق بالعالقات العائلية اّلتي تخرج عن مجال ّ
الرخاء باالختصاص ضمنيا:
ويمكن أن يكون ّ
الدولي
دعمت مجلة القانون الدولي الخاص دورة اإلرادة في تأسيس االختصاص ّ ّ
النزاع ()...
نص فصلها الرابع على ّأنه "تنظر المحاكم التونسية في ّ
للمحاكم الوطنية عندما ّ
النزاع حق عينيا متعلّقا بعقار كائن
إذا قبل المطلوب بالتقاضي لديها إال إذا كان موضوع ّ
خارج البالد التونسية".
شرع التونسي بذلك على الحل القديم الّذي كان يسند االختصاص الم ّ
ولقد أبقى ُ
لكنه في نفس
للمحاكم الوطنية إذا قبل األجنبي المقيم خارج البالد التونسية التّقاضي لديها ّ
الحل .حيث أصبح قبول التقاضي لدى المحاكم يشمل أيضا ّ الوقت أوسع من مجال هذا
18
والّذي يمكنه أن يقبل اختصاص المحاكم الوطنية في غياب أساس المدعى عليه التونسي
النزاع في واليتها.
موضوعي يمكن أن تستند إليه المحكمة إلخضاع ّ
ويؤ ّكد هذا التم ّشي ،إقصاء الجنسية كمعيار ت اربط في مجال والية المحاكم الوطنية
دوليا إضافة إلى تأ ّكد مبدأ المساواة بين الوطني واألجنبي عند تطبيق قواعد االختصاص
الدولي.
ّ
الدولي
وانطالقا من أحكام الفصل 4م.ق.د.خ يمكن أن يستند توسيع االختصاص ّ
الوطنية
ّ الوطنية إلى موقف المدعى عليه الّذي ال ينازع في اختصاص المحكمة
ّ المحاكم
16
- MEZGHANI (A.) : Commentaires du code de droit international privé, CPV, P.163.
17
- SINAY CYTERMANN : L’ordre public en matière de compétence judiciaire internationale, Thèse,
Strasbourg 1980 ; P.89.
18
- MEZGHANI (A.) ; Commentaires, op. cit. , P.162.
النزاع .ويستخلص من ذلك ّأنه ليس من الضروري أن ينشأ التوسيع
الّتي رفع إليها المدعي ّ
االختياري لقضاء المحاكم الوطنية دوليا عن شرط صريح مسند لالختصاص 19بل يكفي في
المدعى عليه التّقاضي لدى المحاكم الوطنية لينعقد االختصاص
صورة الحال أن يقبل ّ
لفائدتها.
الفرضية اّلتي ّينظمها الفصل 4م.ق.د.خ هي تلك اّلتي ينشأ فيها
ّ أن
ومن الواضح ّ
المدعى
التصرف اإلجرائي لألطراف .فإذا كان من الممكن استنتاج قبول ّ
ّ االختصاص عن
عليه ال تقاضي لدى المحاكم الوطنية من خالل عدم منازعته الختصاصها رغم عدم إقامته
فإن توّلي المدعي القيام برفع الدعوى أمام المحكمة الوطنية واستدعاء
على اإلقليم الوطنيّ ،
الدولي للمحاكم
خصمه أمامه يمثّل بدوره قرينة على اتجاه إرادته إلى توسيع االختصاص ّ
الوطنية.20
كيف هذه الحالة بوصفها اتفاق ثنائيا من قبل األطراف على توسيع
لذلك يمكن أن ن ّ
المدعي في إسناد االختصاص للقاضيإن إرادة ّالدولي للمحاكم الوطنية .ذلك ّ
االختصاص ّ
المدعي
تستشف إرادة ّ
ّ الوطنية .في حين
ّ الوطني تستنتج من قيامه برفع دعواه أمام المحكمة
عليه من قبوله الختصاص القاضي الوطني دون منازعة في ذلك.
المضمن صلب اتّفاق األط ارف قبل نشأة
ّ لكن خالفا للشرط المسند لالختصاص
النزاع بين
بالفرضية اّلتي نشأ فيها ّ
ّ الوطنية
ّ النزاع ،يتعّلق بقبول التّقاضي لدى المحاكم
ّ
النزاع أمام المحاكم الوطنية رغد عدم اختصاصها المبدئي
األطراف .فيقوم أحد الطرفين برفع ّ
نظ ار لغياب معيار ترابط يمكن تأسيس االختصاص عليه الستدعاء خصمه ويحضر أمام
الدولي فينعقد االختصاص لصالح القضائي
المحكمة التونسية دون أن يثير عدم اختصاصها ّ
الدولي .21ويمثّل قبول التقاضي
الوطني ،وتسمى هذه الفرضية توسيعا ضمنيا لالختصاص ّ
الوطنية حالة اختصاص مستقلّة بذاتها على معنى الفصل 4م.ق.د.خ.
ّ لدى المحاكم
المدعى عليه آلثار موقفه
ويعتمد الفقه لتفسير هذه القاعدة على فكرة استحالة جهل ّ
النزاع .22إذا كان بإمكان
خاصة بعد نشأة ّ
ّ الوطنية
ّ المتمثّل في قبول التقاضي لدى المحكمة
19
- AUDIT (B.), Droit international privé, Economica, 3ème éd, 2000, P.340.
20
- MEZGHANI (A.) ; Commentaires, op. cit. , P.162.
21
- AUDIT (B.), Droit international privé, op. cit. P.474, n°551.
-22المرجع السابق ذكره ،ص.030
النزاع بالتخلّي
الوطنية ومطالبة القاضي المتعهّد ب ّ
ّ المدعى عليه إثارة عدم اختصاص المحاكم
ّ
النظر في الدعوى على أساس عدم االختصاص. عن ّ
الدولي للمحاكم
أن التوسيع الضمني لالختصاص ّ وتأسيسا على ذلك ،يمكن القول ّ
المدعى عليه بنتائج موقفه اإلجرائي المتمثّل في الحضور أمام
الوطنية ينبع من قرينة علم ّ
الوطنية.
ّ القضاء الوطني وعدم سعيه لمعارضة خصمه بانعدام اختصاص المحكمة
تقر بمبدأ التوسيع الضمني
أن عديد التشريعات المقارنة ّ
وتجدر اإلشارة إلى ّ
المدعى عليه التقاضي لدى محاكمها من
الدولي تأسيسا على قبول ّ
لالختصاص القضائي ّ
أن عدم
المذكورن على اعتبار ّ
ا ذلك القانون الفرنسي والقانون األلماني .حيث استقر القانونان
إثارة المدعي عليه النعدام اختصاص المحكمة المتعهّدة قبل خوضه في مناقشة أصل
الدولي
يؤدي إلى انعقاد االختصاص لصالحها شريطة أن يكون االختصاص ّ
الدعوى ّ
اختياريا.
لصادرة في 11سبتمبر 3511المعروفة باتّفاقية
أقرت االتفاقية األوروبية ا ّ
كما ّ
المدعي
الضمني لالختصاص ال ّدولي .فكّلما رفع ّ
بروكسال في فصلها 31بقاعدة القبول ّ
مختصة عادة ،حسب أحكام قانونها العام وأحكام
ّ دعواه أمام محاكم دولة متعاقدة غير
النزاع ،انعقد
هدة ب ّ
االتفاقية ،واذا حضر المدعي عليه ولم يعارض اختصاص المحكمة المتع ّ
االختصاص لصالحها.23
المدعي
فما هي شروط انعقاد االختصاص لصالح المحاكم الوطنية على أساس قبول ّ
عليه التّقاضي لديها؟
يفترض التوسيع الضمني الختصاص المحاكم الوطنية قبول المطلوب التقاضي لدى
المدعي عليه أمام المحكمة
المحاكم التونسية حسب الفصل 4م.ق.د.خ ويعني ذلك حضور ّ
النزاع في
الوطنية وهو الشرط األساسي إلعالن المحاكم الوطنية اختصاصها للنظر في ّ
الدولية.
غياب أساس آخر لواليتها ّ
23
- GAUDEMET-TALLON (H.) : Les conventions de Bruxelles et de Lugano : compétence internationale,
reconnaissance et exécution des jugements en Europe, P.100, n°143.
ألن ذلك
القضية ّ
ّ المدعي عليه لدى المحكمة احترام مبدأ المواجهة في
ويؤ ّكد حضور ّ
الجدية في مدى اختصاص المحاكم
ّ يعني ذلك أنه قد أتيحت الفرصة للمطلوب للمناقشة
النزاع.
الوطنية للنظر في ّ
المدعي عليه لإلقرار بالتوسيع الضمني لالختصاص للمحاكم
ولكن هل يكفي حضور ّ
الوطنية؟
بأنه قبل اختصاصها
المدعي عليه أمام المحاكم التونسي للقول ّ
ال يكفي حضور ّ
دوليا للنظر في
ونسية ّ
يبرره رغبته في إثارة عدم اختصاص المحاكم التّ ّ
ضرورة أن حضوره قد ّ
النزاع.
ّ
إما بصفة
فإنه يشترط أن يقبل المطلوب باختصاص المحاكم التونسية وذكر ّ
لذلك ّ
يقدم جوابه في أصل الدعوى دون أن يدفع بعدم اختصاص ضمنية عندما ّ
ّ صريحة أو
يستشف من وقفه هذا قبوال ضمنيا بتوسيع اختصاص المحكمة
ّ المحاكم التونسية .حيث
النزاع.
المتعهّدة ب ّ
يؤدي إلى عدم
التونسية ّ
ّ المدعى عليه في اختصاص المحاكم
فإن منازعة ّ
في المقابل ّ
وتتم هذه المنازعة حسب الفصل 33من مجّلة
الدولي للمحكمة المتعهّدةّ .
إسناد االختصاص ّ
يقدم وجوبا قبل خوض األصل.
الخاص في شكل دفع شكلي ّّ الدولي
القانون ّ
االبتدائية بتونس في حكمها الصادر بتاريخ 22فيفري 2016
ّ وقد اعتبرت المحكمة
الدفع المتعلّق بعدم اختصاص المحاكم التونسية قبل الخوض
ّأنه "طالما أثار نائب المطلوب ّ
الدعوى".
بالنظر في ّ
مختصة ّ
ّ التونسية غير
ّ فإن المحاكم
في األصل [ّ ]...
تقر بواليتها
المدعي عليه باختصاص المحاكم التونسية فإن هاته األخيرة ّ
أما إذا قبل ّ ّ
على أساس التّو ّسع الضمني الختصاصها.
الصادر في 26أكتوبر
وجه ،اعتبرت محكمة التعقيب في قرارها ّ وتكريسا لهذا التّ ّ
24
وعبرت عن
أّنه "إذا حضرت المطلوبة بالجلسة الصلحية وأجابت عن الدعوى ّ 1331
فإنها تكون قد رضيت بالتقاضي لدى المحاكم التونسية".
موافقتها على الطالق ّ
هذا القرار موجود على الرابط التالي لموقع محكمة التعقيب 24
بكل
الخاص ّ
ّ الدولي
التونسية حسب الفصل السابع من مجّلة القانون ّ
ّ تختص المحاكم
ّ
دعوى لها ارتباط بنزاع منشور لدى المحاكم التونسية.
ويقصد بالترابط الوصفية اّلتي يعاين فيها وجود ترابط وثيق بين طلبين قضائيين غير
متماهين ،بما يجعل من ح سن سير العدالة القضاء فيهما في نفس الوقت وأمام نفس الهيئة
القضائية.
التطرق إلى مجالها (المبحث الثاني) قبل
ّ وللبحث في مؤدى قاعدة الفصل 1يجب
تحديد أساسها (المبحث األول).
كل المسائل
الدعوى بقضايا منشورة أمام المحاكم التونسية يستوعب ّ
إن معيار ارتباط ّ ّ
بالنزاع
األولية (الفقرة األولى) والطلبات العارضة والمعارضة (الفقرة الثانية) والمرتبطة ّ ّ
المنشور أمام القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاء التونسي.
النزاع
البث فيها مثال ّ
ّ األولية :وهي مسائل يتوّقف على
الفقرة األولى :المسائل ّ
مختصة بالنظر في الدعوى األصلية المتعلّقة
ّ األصلي المعروض على المحاكم التونسية
بالنفقة.25
الدعوى المعارضة:
الفقرة الثانية :الدعوى العارضة و ّ
القضية مازالت
ّ النزاع وكانت
تصة بالنظر في أصل ّ
فإذا كانت المحاكم التونسية مخ ّ
النزاع
منشورة أمامها فإن تكون أيضا مختصة بالطلبات العارضة والمعارضة المتصلة بأصل ّ
قدمت في صورة دعوى أصلية مستقلّة.
مختصة بها لو ّ
ّ ولو كانت غير
الخاص ،ص.1-11
ّ الدولي
مبروك بنموسى :شرح المجلّة التونسية للقانون ّ
25
خاصة
ّ الخاص قواعد اختصاصّ الدولي
السادس من مجلّة القانون ّ
وضع الفصل ّ
األول) والنفقة
إما بطبيعتها :البنوة (الفصل ّ الشخصية ّ
ّ ببعض المواد المتعّلقة باألحوال
شرع التونسي :الميراث (الفصل الثالث).
الم ّ
(الفصل الثاني) أو بحكم اعتبرها كذلك من قبل ُ
النزاعات
اقتضت الفقرة األولى من الفصل السادس ان المحاكم التونسية تنظر في ّ
المتعّلقة بالبنوة أو بأي إجراء لحماية قاصر موجود بتونس حتى ولو كان المدعي عليه مقيما
بالخارج.
وتشمل دعاوي البنوة القضايا المتعلّقة بالنسب مهما كانت طبيعته أما دعاوي حماية
القصر فهي تشمل جميع الدعاوي الّتي تهدف إلى اتخاذ اإلجراءات لحمايته العادية منها أو
الوقتية االستعجالية الكفيلة بضمان سالمة القاصر الموجود بالبالد التونسية.28
وتجد القاعدة المنصوص عليها صلب الفقرة األولى من الفصل السادس أساسها في
"هاجس حماية القاصر بوصفه الطرف الضعيف سواء تعّلق االمر بنسبه أو بإجراءات
حمايته".29
الحمائية
ّ أن إسناد االختصاص القضائي للمحاكم التونسية التخاذ اإلجراءات كما ّ
النزاع
الدولة اّلتي تترّكز بها غالبية عناصر ّ
النزاع أمام محاكم ّ
تجاه القاصر يم ّكن من تجميع ّ
من الناحية المادية مثال إجراء اختبار جيني إلثبات بنوته أو القيام ببحث اجتماعي والنفسي
30
النزاع من تحقيق الهدف العام المتمثّل في حسن
للوقوف على ظروف عيشه ويم ّكن تجميع ّ
تنظيم موقف القضاء .كما يوّفر هذا االختصاص الحماية الكافية لمصالح الطفل إضافة إلى
الفاعلية لإلجراءات المتّخذة من قبل القضاء الوطني باعتبار ّأنه سيقع تنفيذها على
ّ ضمان
اإلقليم الوطني.
الخاص ،ص 066ويراجع كذلك الحسين السالمي وفاطمة الزهراء بن محمود" :منظومة
ّ الدولي
-لطفي الشاذلي ومالك الغزواني :مجلّة القانون ّ
28
للقانون الدولي الخاص التونسي " الطبعة األولى منشورات مجمع األطرش للكتاب المختص .2406
-29المرجع السابق ،ص.066
-30المرجع السابق ،ص.060
وقتية على اإلقليم التونسي والذي يوجد في حالة تهديد مثلما هو الشأن بالنسبة للصغير الّذي
ّ
يفقد والديه أثناء رحلة سياحية بتونس.31
الدعاوي المتعلّقة
تسند الفقرة الثالثة من الفصل السادس االختصاص للمحاكم التونسية ّ
أما
األول :افتتاح التّركة بتونس (المبحث األول) ّ
باإلرث على أساسين مختلفين :األساس ّ
لتحديد مفهوم قاعدة إسناد االختصاص للمحاكم التونسية بدعاوي تركة منفتحة بتونس
يتعين حصر مفهوم التركة) الفقرة األولى( والوقوف على مفهوم معيار االختصاص المتمثل
في مكان افتتاح التركة (الفقرة الثانية) ثم تحديد نطاق هاته القاعدة) الفقرة الثالثة)
تندرج ضمن الدعاوى المتعلقة بالتركة الدعاوى التي تهدف إلى تحديد المستحقين
كالدعاوى التي يراد بها إثبات صفة الوارث أو حرمانه منها ودعاوى إدارة التركات مثل
دعاوى تسمية مؤتمن عدلي إلدارة التركة وكذلك دعاوى قسمة التركات وتصفيتها.
وقد تدخل فقه القضاء من خالل قرار النعاس لتحديد المقصود بالدعوى المتعلقة بالتركة.
والمالحظ أن محكمة التعقيب ضيقت من هذا المفهوم واعتبرت أن الدعوى المتعلقة بالتركة
هي الدعوى التي يكون موضوعها أموال موروثة في تاريخ وفاة المورث.
ويطرح تحديد طبيعة بعض العقود إشكاال حول معرفة أن كانت الدعاوى المتعلقة بها
من الدعاوى المتعلقة بالتركات أم ال حيث يتعلق األمر بتكييف عقود الوصية والهبة والعقود
المبرمة في مرض الموت.
فبالنسبة لعقدي الوصية والهبة هل يمكن القول بان الدعاوى المتعلقة بهما هي من
الدعاوى المتعلقة بالتركات مما يخضع اختصاص المحاكم التونسية بالنظر فيها بناء على
أحكام الفصل 1رغم إدراجهما في الباب المتعلق بالمواريث ورغم ان هذا الباب يخص مادة
تنازع القوانين إال أن االختيار الذي تبناه المشرع يظهر اتجاه موقفه إلى اعتبار عقود الوصية
والهبة من العقود المتصلة بمادة المواريث.
يبدو من الصعب األخذ بهذا الموقف بالنسبة لعقود الهبة ألنه ال عالقة لها بمسالة
الميراث فالهبة عقد ينتج مفعوله في حياة الواهب وبمجرد أن يستكمل العقد شروط صحته فال
يمكن االعتداد بتعرض المشرع لها في باب المواريث كحجة كافية إلخضاعها إلى قاعدة
االختصاص المتعلقة بالتركات.
وفي مقابل ذلك يطرح تكييف الوصية مشاكل جدية لمعرفة إن كانت تنضوي تحت طائلة
دعاوى التركات ام ال ذلك ان الوصية ال تنقل الملكية إلى الموصى له إال عند وفاة
الموصي.
هذا فضال عن ان المشرع يربط القواعد المنظمة لها بقواعد الميراث وذلك بحصرها
في الثلث من التركة مما يظهر ما بينهما من اتصال وثيق فالمشرع يحمي الورثة من
الوصايا التي يمكن أن يبرمها مورثهم وهو ما ذهبت إليه محكمة االستئناف بتونس من خالل
إدراج الوصية تحت قاعدة االختصاص القضائي المتعلقة بالتركات.
أخي ار بالنسبة للعقود المبرمة في مرض الموت فلقد تمثل اإلشكال المطروح على محكمة
التعقيب في معرفة ما إذا كانت الدعاوى التي تهدف إلى إبطال مثل هذه العقود تندرج ضمن
الدعاوى المتعلقة بالتركة أم ال.
تولت محكمة التعقيب اإلجابة عن السؤال بإتباع منهجية علمية دقيقة ذات مراحل
متعددة انطلقت بمرحلة التشخيص من خالل تحديد الهدف من عملية تكييف الدعوى أال وهو
معرفة إن كانت المحاكم التونسية تختص بالنظر فيها وطبقا ألي معيار من المعايير الواردة
بمجلة القانون الدولي الخاص.
كما أكدت المحكمة بأن قيامها بعملية تكييف الدعوى المرفوعة أمامها ليس من شأنه
تغيير طبيعتها القانونية كيفما حددها القائمون بها من كونها دعوى إبطال.
وأنهت المحكمة هذه المرحلة بمسألتين :أولهما هو أن عملية التأويل تطال باألساس
مفهوم الدعوى المتعلقة بالتركة الوارد ضمن الفصل 1فقرة 1من م.ق.د.خ.
وثانيهما هو أن تصنيف الدعوى يجب أن يتم وفقا لقانون القاضي أي القانون
التونسي باعتبار أن األمر يتعلق بتأويل قاعدة من قواعد االختصاص القضائي للمحاكم
التونسية.
وفي مرحلة ثانية قامت المحكمة بحصر المفهوم المعتمد للدعوى المتعلقة بالتركة في
دعاوى قسمة التركة وتصفيتها وادارتها قبل أن تستعرض الطبيعة القانونية لمؤسسة مرض
الموت لتصل إلى نتيجة مفادها أن تصرفات المورث أثناء مرض موته تعتبر نافذة منذ تاريخ
إبرامها وال تعد من قبيل التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت.
بعبارة أخرى ،رغم تعلق تصرفات المريض خالل مرض موته بحقوق الورثة وتأثيرها
السلبي على التركة قبل انتقال الميراث فإن الدعاوى الهادفة إلى إبطال تلك التصرفات ال
تدخل تحت طائلة الفصل 1فقرة 1من م.ق.د.خ .وال تخرج عن كونها دعاوى تتعلق
بااللتزامات والعقود.
33محكمة االستئناف بتونس قرار عدد 91953مؤرخ في 31فيفري 3514القضاء والتشريع عدد 1ص.11
الفقرة الثالثة :مجال قاعدة االختصاص بالتركة المفتتحة بتونس:
يتضح بالرجوع الى الفصل السادس فقرة ثالثة ان المحاكم التونسية تكون مختصة في
الدعاوي المتعلقة التركة إذا كان مقر المورث موجودا بتونس ومن الواضح ان هذا الفصل لم
يضع حد ودا على هاته القاعدة فهل يعني هذا السكوت ان اختصاص القضاء التونسي هو
اختصاص شامل ال يقتصر فقط على مكونات التركة الموجودة بتونس وانما يشمل ايضا
جميع اموال التركة التي توجد بالخارج؟
قد يمكن قبول مبدا شمولية االختصاص للمجاكم التونسية بالنظر في التركة لسكوت
النص واستنادا كذلك لعدم حصره لالختصاص في خصوص عناصر التركة الموجودة بتونس
فقط لكن في الحقيقة ال يمكن التمسك باالختصاص الشامل للمحاكم التونسية اال بالنسبة
للمنقوالت الموجودة بالخارج اما بالنسب للعقارات الموجودة بالخارج فإنها تخرج عن
اختصاص المحاكم التونسية حتى وان افتتحت التركة بتونس و يجد هذا الحل تبريراته من
القاعدة العامة التي تجعل من العقارات الكائنة خارج البالد التونسية حدا ال يمكن ان يمتد
اليه اختصاص المحاكم التونسية فاالختصاص في مادة العقارات هو اختصاص مطلق
لمحاكم الدولة التي توجد بها عالوة على ذلك فان قسمة العقار الكائن بالخارج قد تستوجب
أعماال ال يمكن للمحاكم التونسية القيام بها .
هذا عالوة على ان المشرع يسند االختصاص للمحاكم التونسية للنظر في عناصر
التركة الموجودة بتونس حتى وان افتتحت بالخارج مما يظهر نيته في عدم تبني االختصاص
الشامل للتركة على الصعيد الدولي.
المبحث الثاني :االختصاص المؤسس على وجود األموال فوق التراب التونسي:
ينص الفصل 1فقرة 1من م.ق.د.خ .على ما يلي ":كما تنظر المحاكم التونسية في
الدعاوى المرتبطة بانتقال الملكية بموجب اإلرث لعقار أو منقول كائن بالبالد التونسية ".
تحقق هذا المعيار افتتاح التركة بالخارج باعتبار أن افتتاح التركة بتونس
ويفترض َ
يكفي لوحده النعقاد االختصاص لفائدة المحاكم التونسية.
أن مقتضيات هذا الفصل عند إسناد االختصاص للمحاكم التونسيةوهنا تجدر اإلشارة َ
على أساس وجود المال اإلرثي بتونس إثر إفتتاح التركات بالخارج يتوقف عند العقارات
والمنقوالت الكائنة بالتراب التونسي لذلك يجب التمييز بين النزاعات المتعلقة بالعقارات (الفقرة
األولي) والنزاعات المتعلقة بالمنقوالت (الفقرة الثانية).
تهم
النزاعات اّلتي ّالدولي للمحاكم الوطنية في ّشرع التونسي االختصاص ّالم ّ
أسند ُ
التونسية .ويعني ذلك ّأنه يكفي تواجد
ّ الملكية بموجب اإلرث لمنقول موجود بالبالد
ّ انتقال
النزاعات اّلتي
الدولي للمحاكم الوطنية في ّمنقول بالبالد التونسية لالعتراف باالختصاص ّ
األجنبية.
ّ تهم هذا المنقول والّذي يدخل في إطار تركة افتتحت بالبالد
يجب أن يفهم نص الفصل 1م.ق.د.خ على ّأنه اعترف بسند مستقل لالختصاص
الدولي على أساس مكان تواجد المال المنقول التابع لتركة افتتحت بالخارج افتراضا ذلك أنه
ّ
شرع إلى التنصيص على هذه الم ّ
لو تعلق األمر بتركة افتتحت بالبالد التونسية لما احتاج ُ
اإلضافية.
ّ القاعدة
شرع التونسي بعنصر تواجد المنقول على اإلقليم الوطني كسند
الم ّ
ويؤ ّكد اكتفاء ُ
النزاعات المتعلّقة بالتركات ،نزعته إلى توسيع مجال
الختصاص المحاكم الوطنية في ّ
الدولة عليها
الدولي للمحاكم الوطنية في مادة األموال وذلك بهدف بسط رقابة ّ
االختصاص ّ
كلما وجدت بالبالد التونسية.
شرع الوطني ،في منحاه هذا ،االتجاهات المعتمدة في القوانين المقارنة
الم ّ
لقد هجر ُ
والتي تعتمد عادة بالنسبة للتركات المنقولة مبدأ اختصاص محكمة مكان افتتاح التّركة دون
المكونة للتركة .من ذلك موقف فقه القضاء
ّ االلتفات إلى مكان تواجد األموال المنقولة
ليقر بقاعدة
الفرنسي الّذي انطلق من أحكام الفصل 49من مجلّة اإلجراءات الفرنسية ّ
هم التركات المنقولة استنادا إلى افتتاح التّركة على
النزاعات اّلتي ت ّ
اختصاصه دوليا في ّ
الدولي بالنسبة للتركات المنقولة إذا ما
اإلقليم الفرنسي .وفي المقابل يقع إنكار االختصاص ّ
افتتحت بالخارج ولو في صورة وجود المنقوالت على اإلقليم الفرنسي.
الدولي للمحاكم الوطنية المؤسس على اربطة تواجد المنقول ويؤدي االختصاص ّ ّ
النزاعات
مختصة دوليا ب ّ
ّ لتعدد المحاكم ال
اإلرثي على اإلقليم الوطني إلى تجزئة التّركة نظ ار ّ
شرع التونسي افتتاح التّركة ببالد أجنبية بما
الم ّ
المتعلقة بالتّركة .ويفترض الحل الّذي اعتمده ُ
الدولة اّلتي افتتحت بها التّركة ،إضافة إلى تعهد المحاكم الوطنية
يبرر اختصاص محاكم ّ
النزاعات المتعلّقة بالتّركة في جانبها الّذي يهم المنقوالت الموجودة على اإلقليم الوطني.
ب ّ
وينتج عن ازدواجية التعهد القضائي وجود فرضية جدية لتناقض االحكام الصادرة عن
المحاكم الوطنية من جهة وتلك الصادرة عن المحاكم األجنبية.
الدولية بما
النزاعات الناشئة عن التركات ّ
حل ّوتزيد هذه الوضعية في تعقيد مسألة ّ
النزاعات .وتؤ ّكد هذه الصعوبات وجاهة النقد
يقف حاج از أمام إيجاد حل قضائي عادل لهذه ّ
الدولي المؤسسة على مكان تواجد المنقوالت نظ ار لضعف
الموجه إلى حالة االختصاص ّ
الترابط بين مكان تواجد المال المنقول والنظام القانوني الوطني .كما أن سهولة تنقل
حيل على قواعد االختصاص القضائي وتوظيفها لصالح المنقوالت تجعل من السهل الت ّ
الطرف الّذي قد يعمد إلى تغيير مكان المنقول بصفة قصدية بهدف جعل المحاكم الوطنية
تتعهد بنزاعات ليست لها سوى روابط مصطنعة مع النظام القانوني الوطني.
لذلك يمكن القول أن االختصاص المسند للمحاكم الوطنية للنظر في الّنزاعات اإلرثية
طن موضوع
قوة تو ّ
استنادا إلى وجود عناصر التّركة المنقولة بالبالد التونسية ال يعبر عن ّ
النزاع باإلقليم الوطني.
ّ
الدولي المؤسسة على تواجد
ويشير األستاذ علي المزغني أن حالة االختصاص ّ
34
شرع ،بتنصيصه الم
ُ ّ نأ ذلك . المال باإلقليم الوطني ليست بجديدة في القانون التونسي
صلب الفصل 14م.م.م.ت .على ضرورة رفع الدعاوي المتعلقة بتركة افتتحت بالخارج أمام
المحكمة اّلتي بدائرتها جل عناصر التّركة ،وبإشارته إلى أحكام الفصل ( 1خامسا)
م.م.م.ت ،.أضاف حالة اختصاص للمحاكم الوطنية تتعلق باألموال الموجودة باإلقليم
الوطني.35
وعلى هذا األساس ،يرى الفقيه المذكور أنه باإلشارة صراحة إلى حالة االختصاص
في مجال األموال صلب الفصل ( 1ثالثا) م.ق.د.خ .يسترجع الفصل 14م.م.م.ت .وظيفته
لمختصة ترابيا على المستوى الداخلي وهي المحكمة
ّ الصحيحة والمتمثّلة في تحديد المحكمة ا
اّلتي يوجد بدائرتها جل األموال التابعة للتركة .على أن اإلحالة اّلتي يحتويها الفصل 14إلى
36
بدخول مجلّة الفصل ( 1خامسا) م.م.م.ت أصبحت غير ذات موضوع إذ فقدت كل معنى
الخاص حيز النفاذ.
ّ الدولي
لقانون ّ
34
- MEZGHANI (A.), Commentaires, op. cit., P.168.
35
- MEZGHANI (A.), Droit international privé, op. cit., P.168.
36
- MEZGHANI (A.), Commentaires, op. cit., P.168.
قائمة المراجع باللغتين العربية والفرنسية
المراجع العامة:
-نورالدين الغزواني "اجراءات مدنية وتجارية القانون االجرائي العام "منشو ارت مجمع
االطرش للكتاب المختص 1331ص .49
-علي كحلون" :التعليق على مجلة المرافعات المدنية والتجارية " الطبعة االولى منشورات
مجمع االطرش للكتاب المختص .1331
المراجع الخاصة:
-Hachem (M .L) leçons de droit international privé, livre I les règles
matérielles, condition des étrangers et conflit de juridiction, CERP,
1996.
-Mezghani (A), commentaires du code de droit international privé,
CPU,1999.
-مبروك بنموسى" :شرح احكام المجلة التونسية للقانون الدولي الخاص" نشر المؤلف تونس
.1331
-لطفي الشادلي و مالك الغزواني ":مجلة القانون الدولي الخاص معلق عليها بالعربية
والفرنسية و االنقليزية" مركز الدراسات القانونية و القضائية تونس .2008
-الحسين السالمي وفاطمة الزهراء بن محمود" :منظومة للقانون الدولي الخاص التونسي "
الطبعة االولى منشورات مجمع االطرش للكتاب المختص .2016
-نزار كرمي " مجلة القانون الدولي الخاص مجلة التحكيم و مجلة الجنسية مثراة بق ار ارت
تعقيبية تونس .2018
المقاالت:
-عامر بورورو ":التقرير الختامي للملتقى حول مجلة للقانون الدولي الخاص "المجلة
التونسية للقانون الدولي الخاص ،األعمال الكاملة للملتقى الذي نظمه مركز الدراسات
القانونية والقضائية يوم 12مارس 1999منشورات مركز الدراسات القانونية والقضائية
2000ص .197
-مبروك بــــــــنموسى ":التقرير التمهيدي ،مجلة للقانون الدولي الخـاص :الخيارات واألهداف
" المجلة التونسية للقانون الدولي الخاص ،االعمال الكاملة للملتقى الذي نظمه مركز
الدراسات القانونية والقضائية يوم 31مارس 3555منشورات مركز الدراسات القانونية
والقضائية 1333ص .11
-حاتم قطران "االختصاص الدولي للمحاكم التونسية في مجلة القانون الدولي الخاص" دورة
دراسية حول المجلة التونسية للقانون الدولي الخاص" يومي 4و 5ماي 2001منشورات
مركز الدراسات القانونية و القضائية 2002ص.33
-نورالدين قارة "االختصاص القضائي الدولي للمحاكم التونسية في المجلة التونسية للقانون
الدولي الخاص االعمال الكاملة للملتقى الذي نظمه مركز الدراسات القانونية والقضائية يوم
31مارس 3555منشورات مركز الدراسات القانونية والقضائية 1333ص .65
االطروحات