َوَأ ْخ َر َج َّ َع ِن ا ْب ِن َم ْس ُعو ٍد َم ْوقُو ًفاِ" :إنَّ ه ََذا ا ْلقُ ْرآنَ َل ْي َ س ف ِإاَّل َل ُه َح ٌّد َولِ ُكل ِّ َحدٍّ َم ْط َل ٌع" ِم ْن ُه َح ْر ٌ الظ ْه ُر َوا ْل َب ْطنُ َففِي َم ْع َناهُ َأ ْو ُج ٌه: تَ :أ َّما َّ قُ ْل ُ َأ َح ُدهَاَ :أ َّن َك ِإ َذا َب َح ْث َت َعنْ َباطِ ِن َها َوق ِْس َت ُه َع َلى َظاه ِِرهَا َو َق ْف َت َع َلى َم ْع َناهَا. َوال َّثانِيَ :أنَّ َما مِنْ آ َي ٍة ِإاَّل َع ِمل َ ِب َها َق ْو ٌم َو َل َها س َي ْع َملُونَ ِب َها َك َما قال ا ْبنُ َم ْس ُعو ٍد فِي َما َق ْو ٌم َ َأ ْخ َر َج ُه ا ْبنُ َأ ِبي َحات ٍِم. ِثَ :أنَّ َظاه َِرهَا َل ْف ُظ َها َو َباطِ َن َها َتْأ ِويلُ َها. ال َّثال ُ الص َوابِ: ش َب ُه َها ِب َّ الر ِاب ُعَ :قال َ َأ ُبو ُع َب ْيدٍَ -وه َُو َأ ْ َّ ص َها هَّللا ُ َت َعا َلى َع ِن اُأْل َم ِم ص ا َّلتِي َق َِّص َ ِإنَّ ا ْلق َ ا ْل َماضِ َي ِة َو َما َعا َق َب ُه ْم ِب ِه َظا ِه ُرهَا اِإْل ْخ َبا ُر ِب َهاَل كِ ِيث َحدَّ َث ِبهَِ ،عنْ َق ْو ِم، اَأْل َّولِينَ ِإ َّن َما ه َُو َحد ٌ َو َباطِ ُن َها َو ْع ُظ اآْل َخ ِرينَ َو َت ْحذِي ُر ُه ْم َأنْ َي ْف َعلُوا َكف ِْعلِ ِه ْم َف َي ِحل ُّ ِب ِه ْم ِم ْثل َ َما َحل َّ ِب ِه ْم ساَ :أنَّ َظ ْه َرهَا َما ب َق ْواًل َخا ِم ً َو َح َكى ا ْبنُ ال َّنقِي ِ الظاه ِِر َو َب ْط َن َها َما َظ َه َر مِنْ َم َعانِي َها َأِلهْ ِل ا ْل ِع ْل ِم ِب َّ ض َّم َن ْت ُه مِنَ اَأْل ْس َر ِار ا َّلتِي َأ ْط َل َع هَّللا ُ َع َل ْي َها َت َ ف َحدٌّ""ولِ ُكل ِّ َح ْر ٍ اِئق َو َم ْع َنى َق ْولِهَِ : اب ا ْل َح َق ِ َأ ْر َب َ َأ ْي ُم ْن َت ًهى ،فِي َما َأ َرادَ هَّللا ُ مِنْ َم ْع َناهُ َوقِيلَ :لِ ُكل ِّ ب َو َم ْع َنى َق ْولِهِ: ُح ْك ٍم ِم ْقدَ ا ٌر مِنَ ال َّث َوا ِ ب َوا ْل ِع َقا ِ ِض مِنَ ا ْل َم َعانِي "ولِ ُكل ِّ َحدٍّ َم ْط َل ٌع" لِ ُكل ِّ َغام ٍ َ صل ُ ِب ِه ِإ َلى َم ْع ِر َف ِتهَِ ،و ُيو َق ُ ف َواَأْل ْح َك ِام َم ْط َل ٌع ُي َت َو َّ َع َلى ا ْل ُم َرا ِد ِب ِه َوقِيلَُ :كل ُّ َما َي ْس َت ِح ُّق ُه مِنَ ال َّث َوا ِ ب ازاةِ، ب َي َّطلِ ُع َع َل ْي ِه فِي اآْل خ َِر ِة عِ ْندَ ا ْل ُم َج َ َوا ْل ِع َقا ِ الظا ِه ُر ال ِّتاَل َوةُ َوا ْل َباطِ نُ ا ْل َف ْه ُم، ض ُه ْمَّ : َو َقال َ َب ْع ُ اف ش َر ُ َوا ْل َح ُّد َأ ْح َكا ُم ا ْل َحاَل ِل َوا ْل َح َر ِام َوا ْل َم ْط َل ُع اِإْل ْ َع َلى ا ْل َو ْع ِد والوعيد تُ :يَؤ ِّي ُد ه ََذا َما َأ ْخ َر َج ُه ا ْبنُ َأ ِبي َحات ٍِم مِنْ قُ ْل ُ اس َقال َ ِإنَّ ا ْلقُ ْرآنَالض َّحاكِ َع ِن ا ْب ِن َع َّب ٍ يق َّ َط ِر ِ ون اَل َت ْن َقضِ ي ور َو ُب ُط ٍ ون َو ُظ ُه ٍ ون َوفُ ُن ٍ ش ُج ٍ ُذو ُ َع َجاِئ ُب ُه َواَل ُت ْب َل ُغ َغا َي ُت ُه َف َمنْ َأ ْو َغل َ فِي ِه ِب ِر ْف ٍق ف ه ََوى َأ ْخ َبا ٌر َوَأ ْم َثال ٌ َن َجا َو َمنْ َأ ْو َغل َ فِي ِه ِب ُع ْن ٍ خ َو ُم ْح َك ٌم سو ٌ َو َحاَل ل ٌ َو َح َرا ٌم َو َناسِ ٌخ َو َم ْن ُ اب ٌه َو َظ ْه ٌر َو َب ْطنٌ َف َظ ْه ُرهُ ال ِّتاَل َوةُ َو َب ْط ُن ُهش َِو ُم َت َ ال َّتْأ ِويل ُ َف َجالِ ُ سوا ِب ِه ا ْل ُع َل َم َ اء َو َجا ِن ُبوا ِب ِه س َف َه َ اء ال ُّ ُورَ :و َردَ َعنْ َأ ِبي صد ِ اء ال ُّس ُب ٍع فِي شِ َف ِ َو َقال َ ا ْبنُ َ الر ُجل ُ ُكل َّ ا ْلفِ ْق ِه َح َّتىاء َأ َّن ُه َقالَ :اَل َي ْفقُ ُه َّ الدَّ ْردَ ِ َي ْج َعل َ لِ ْلقُ ْر ِ آن ُو ُجوهًا َو َقال َ ا ْبنُ َم ْس ُعودٍَ :منْ َأ َرادَ عِ ْل َم اَأْل َّولِينَ َواآْل َخ ِرينَ َف ْل ُي َث ِّو َر ا ْلقُ ْرآنَ صل ُ ِب ُم َج َّر ِد َت ْفسِ ِ ير َقالََ :وه ََذا ا َّلذِي َقااَل هُ اَل َي ْح ُ َّ الظاه ِِر ف َف ْه ٍم اء :لِ ُكل ِّ آ َي ٍة سِ ُّتونَ َأ ْل َ ض ا ْل ُع َل َم ِ َو َقال َ َب ْع ُ آن َم َجااًل َف َه َذا َي ُدل ُّ َع َلى َأنَّ في َف ْه َم َم َعانِي ا ْلقُ ْر ِ س ًعا َبالِ ًغا َوَأنَّ ا ْل َم ْنقُول َ مِنْ ظاهر ُر ْح ًبا َو ُم َّت َ التفسير وليس َي ْن َت ِهي اِإْلدْ َرا ُك فِي ِه ِبال َّن ْق ِل ير لِ َي َّتق َِي ِب ِه اع اَل ُبدَّ ِم ْن ُه فِي َظاه ِِر ال َّت ْفسِ ِ الس َم َ َو َّ َم َواضِ َع ا ْل َغ َلطِ ُث َّم َب ْعدَ َذلِ َك َي َّتسِ ُع ا ْل َف ْه ُم اونُ فِي ِح ْفظِ ال َّت ْفسِ ِ ير َوااِل ْس ِت ْن َبا ُط َواَل َي ُجو ُز ال َّت َه ُ الظاه ِِر َبلْ اَل ُبدَّ ِم ْن ُه َأ َّواًل ِإ ْذ اَل َي ْط َم ُع فِي َّ الظاه ِِر َو َم ِن ول ِإ َلى ا ْل َباطِ ِن َق ْبل َ ِإ ْح َك ِام َّ ص ِ ا ْل ُو ُ آن َو َل ْم َي ْح ُك ِم ال َّت ْفسِ َ ير ِ ر ْ ُ ق ْ ل ا ار ِ ر َ سْ َأ ادَّ َعى َف ْه َم تصدْ ِر ا ْل َب ْي ِ وغ ِإ َلى َ الظاه َِر َف ُه َو َك َم ِن ادَّ َعى ا ْل ُبلُ َ َّ اب ا ْن َت َهى .وقال الشيخ تاج او َز ا ْل َب َ َق ْبل َ َأنْ ُي َج ِ اب ِه َل َطاِئفِ ا ْل ِمن ِِن: ِ َ ت ِ ك ِي ف ِ هَّللا الدين بن َع َط ِ اء الطاِئ َف ِة لِ َكاَل ِم هَّللا ِ َو َكاَل ِمير َه ِذ ِه َّ اع َل ْم َأنَّ َت ْفسِ َ ْ ِلظاه ِِر س ِإ َحا َل ًة ل َّ سولِ ِه ِبا ْل َم َعانِي ا ْل َع َر ِب َّي ِة َل ْي َ َر ُ َعنْ َظاه ِِر ِه َو َلكِنَّ َظاه َِر اآْل َي َة َم ْف ُهو ٌم ِم ْن ُه َما ان س ِ ت اآْل َي َة َل ُه َودَ َّل ْت َع َل ْي ِه فِي ُع ْرفِ ال ِّل َ َج َل َب ِ ث لِ َمنْ َو َث َّم َأ ْف َها ٌم َباطِ َن ٌة ُت ْف َه ُم عِ ْندَ اآْل َي ِة َوا ْل َحدِي ِ ث لِ ُكل ِّ آ َي ٍة َظ ْه ٌر اء فِي ا ْل َحدِي ِ َف َت َح هَّللا ُ َق ْل َب ُه َو َقدْ َج َ صدَّ َّن َك َعنْ َت َل ِّقي َه ِذ ِه المعاني منهم َو َب ْطنٌ َفاَل َي ُ ض ٍة ه ََذا ِإ َحا َل ٌة لِ َكاَل ِم ار َ أن َيقُول َ َل َك ُذو َجدَ ٍل َو ُم َع ِ س َذلِ َك بِِإ َحا َل ٍة َوِإ َّن َما َي ُكونُ سولِ ِه َف َل ْي َ هَّللا ِ َو َكاَل ِم َر ُ ِإ َحا َل ًة َل ْو َقالُوا :اَل َم ْع َنى لِآْل َي ِة ِإاَّل ه ََذا َو ُه ْم َل ْم الظ َواه َِر َع َلى َظ َواه ِِرهَا َيقُولُوا َذلِ َك بل يقرؤون َّ وعا ُت َها َو َي ْف َه ُمونَ َع ِن هَّللا ِ َت َعا َلى ض َُم َرادًا ِب َها َم ْو ُ ما أفهمهم ).ونقل االما ُم الشعرانى فى الطبقات ال ُكبرى عن الشيخ ُمحيى الدين بن عربى قوله(فعليك يا أخي بالتصديق ،والتسليم لهذه الطائفة ،وال تتوهم فيما يفسرون به الكتاب والسنة أن ذلك إحالة للظاهر عنْ ظاهره ،ولكن لظاهر اآلية والحديث مفهوم بحسب الناس، وتفاوتهم في الفهم ،فمِنَ المفهوم ما جلب له اآلية والحديث ،ودلت عليه في عرف اللسان، وثم أفهام أخر باطنة تفهم عند اآلية ،أو الحديث لمن فتح هللا تعالى عليه ،إذ قد ورد في الحديث النبوي أن لكل آية ظاهراً ،وباطنا ً وحداً ،ومطلعا ً إلى سبعة أبطن ،وإلى سبعين، فالظاهر هو المعقول والمقبول من العلوم النافعة ،التي تكون بها األعمال الصالحة والباطن هو المعارف فعليك يا أخي بالتصديق، والتسليم لهذه الطائفة ،وال تتوهم فيما يفسرون به الكتاب والسنة أن ذلك إحالة للظاهر عنْ ظاهره ،ولكن لظاهر اآلية والحديث مفهوم بحسب الناس ،وتفاوتهم في الفهم ،فمِنَ المفهوم ما جلب له اآلية والحديث ،ودلت عليه في عرف اللسان ،وثم أفهام أخر باطنة تفهم عند اآلية ،أو الحديث لمن فتح هللا تعالى عليه، إذ قد ورد في الحديث النبوي أن لكل آية ظاهراً ،وباطنا ً وحداً ،ومطلعا ً إلى سبعة أبطن، وإلى سبعين ،فالظاهر هو المعقول والمقبول من العلوم النافعة ،التي تكون بها األعمال الصالحة والباطن هو المعارف حجاب النفس، أو القلب ،أو الروح ،أو السر لما جاء به رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من الكتاب العزيز ،واألحاديث الشريفة. إ ِذ الولي قط ال يأتي بشرع جديد ،وإنما يأتي بالفهم الجديد في الكتاب ،والسنة الذي لم يكن يعرف ألحد قبله ،ولذلك يستغربه كل االستغراب َمنْ ال إيمان له بأهل الطريق، ويقول :هذا لم يقله أحد ،على وجه الذم ،وكان األولى أخذه منه على وجه االعتقاد واستفادته ْ مِنْ قائله ،و َمنْ كان شأنه اإلنكار ال ينتفع بأحد مِنْ أولياء عصره ،وكفى بذلك خسرانا ً مبيناً، وربما يفهم المعترض مِنَ اللفظ ضد ما قصده الفظه ،كما وقع لشخص من علماء بغداد أنه خرج يوما ً إلى الجامع فسمع شخصا ً من شربة الخمر ينشد :ذا العشرون من شعبان ولت ... فواصل شرب ليلك بالنهار وال تشرب بأقداح صغار ...فإن الوقت ضاق عن الصغار فخرج هائما ً على وجهه للبراري إلى مكة ،فلم يزل على ذلك الحال إلى أن مات). وقال محمد عبد العظيم ُّ الز ْرقاني فى كتابه مناهل العرفان في علوم القرآن(التفسير اإلشاري هو تأويل القرآن بغير ظاهره إلشارة خفية تظهر ألرباب السلوك والتصوف ويمكن الجمع بينها وبين الظاهر والمراد أيضاً. وقد اختلف العلماء في التفسير المذكور فمنهم َمنْ أجازه ومنهم َمنْ منعه .وإليك شيئا مِنْ أقوال العلماء لتعرف وجه الحق في ذلك: قال الزركشي في البرهان (كالم الصوفية في تفسير القرآن قيل إنه ليس بتفسير وإنما هو معان ومواجيد يجدونها عند التالوة كقول بعضهم في قوله تعالىَ { :يا َأ ُّي َها ا َّلذِينَ آ َم ُنوا ار} إن المراد َقا ِتلُوا ا َّلذِينَ َيلُو َن ُك ْم مِنَ ا ْل ُك َّف ِ النفس .يريدون أن علة األمر بقتال َمنْ يلينا هي القرب وأقرب شيء إلى اإلنسان نفسه. ُ وجدت عن اإلمام وقال ابن الصالح في فتاويه: أبي الحسن الواحدي المفسر أنه قال صنف أبو عبد الرحمن السلمي حقائق في التفسير فإن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر.قال ابن الصالح وأنا أقول( الظن بمن يوثق به منهم إذا قال شيئا مِنْ ذلك أنه لم يذكره تفسيراً وال ذهب به مذهب الشرح للكلمة فإنه لو كان كذلك كانوا قد سلكوا مسلك الباطنية وإنما ذلك منهم تنظير لما ورد به القرآن فإن النظير يذكر بالنظير ومع ذلك فيا ليتهم لم يتساهلوا بمثل ذلك لما فيه من اإلبهام وااللتباس). وقال النسفي في عقائده (النصوص على ظواهرها والعدول عنها إلى معان يدعيها أهل الباطل إلحاد اهـ قال التفتازاني في شرحه (سميت المالحدة باطنية الدعائهم أن النصوص ليست على ظاهرها بل لها معان ال يعرفها إال المعلم وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية). بعض المحققين مِنْ أنَّ ُ قال (وأما ما يذهب إليه النصوص على ظواهرها ومع ذلك ففيها إشارات خفية إلى دقائق تنكشف ألرباب السلوك يمكن التوفيق بينها وبين الظواهر المرادة فهو من كمال اإليمان ومحض العرفان). ُ الفرق بين تفسير الصوفية ومِنْ هنا ُيعل ُم المسمى بالتفسير اإلشاري وبين تفسير الباطنية المالحدة فالصوفية ال يمنعون إرادة الظاهر بل يحضون عليه ويقولون ال بد منه أوالً إذ َم ِن ادعى فهم أسرار القرآن ولم يحكم الظاهر كمن ادعى بلوغ سطح البيت قبل أن يجاوز الباب. وأما الباطنية فإنهم يقولون :إن الظاهر غير مراد أصالً وإنما المراد الباطن وقصدهم نفي الشريعة. ونقل السيوطي في اإلتقان عن ابن عطاء هللا في لطائف المنن ما نصه (اعلم أن تفسير هذه الطائفة لكالم هللا وكالم رسوله بالمعاني الغريبة ليس إحالة للظاهر َعنْ ظاهره ولكن ظاهر اآلية مفهوم منه ما جاءت اآلية له ودلت عليه في عرف اللسان ولهم أفهام باطنة ُتفه ُم عند اآلية والحديث ل َمنْ فتح هللاُ قلبه وقد جاء في الحديث لكل آية ظهر وبطن فال يصدنك عن تلقي هذه المعاني منهم أن يقول لك ذو جدل ومعارضة هذا إحالة لكالم هللا وكالم رسوله صلى هللا عليه وسلم فليس ذلك بإحالة وإنما يكون إحالة لو قالوا ال معنى لآلية إال هذا وهم ال يقولون ذلك بل يقررون الظواهر على ظواهرها مرادا بها موضوعاتها ويفهمون َع ِن هللا ما ألهمهم )اهـ. ملحوظة: لعل مِنَ المناسب هنا أن نسوق إليك عبارة عن السيوطي في بيان معنى ظهر اآلية وبطنها وحد الحرف ومطلع الحد .قال نور هللا ضريحة (فإن قلت فقد قال الفريابي حدثنا سفيان عن يونس بن عبيد عن الحسن قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لكل آية ظهر وبطن ولكل حرف حد ولكل حد مطلع قلت أما الظهر والبطن ففي معناه أوجه: أحدها أنك إذا بحثت عن باطنها وقسته على ظاهرها وقفت على معناها. الثاني أنه ما من آية إال عمل بها قوم ولها قوم سيعلمون بها كما قال ابن مسعود. الثالث أن ظاهرها لفظها وباطنها تأويلها. الرابع قال أبو عبيدة وهو أشبهها بالصواب إن القصص التي قصها هللا تعالى عن األمم الماضية وما عاقبهم به ظاهرها اإلخبار بهالك األولين وحديث حدث به عن قوم وباطنها وعظ اآلخرين وتحذيرهم أن يفعلوا كفعلهم فيحل بهم مثل ما حل بهم. وحكى ابن النقيب قوالً خامسا ً أن ظهرها ما ظهر من معانيها ألهل العلم بالظاهر وبطنها ما تضمنته من األسرار التي أطلع هللا عليها أرباب الحقائق. ومعنى قوله ولكل حرف حد أي منتهى فيما أراد هللا من معناه وقيل لكل حكم مقدار من الثواب والعقاب. ومعنى قوله ولكل حد مطلع لكل غاية من المعاني واألحكام مطلع يتوصل به إلى معرفته ويوقف على المراد به وقيل كل ما يستحق من الثواب والعقاب يطلع عليه في اآلخرة عند المجازاة .وقال بعضهم الظاهر التالوة والباطن الفهم والحد أحكام الحالل والحرام والمطلع اإلشراف على الوعد والوعيدُ . قلت يؤيد هذا ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال إن القرآن ذو شجون وفنون وظهور وبطون ال تنقضي عجائبه وال تبلغ غايته ف َمنْ أوغل فيه برفق نجا و َمنْ أوغل فيه بعنف هوى -أخبار وأمثال وحالل وحرام وناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه وظهر وبطن فظهره التالوة وبطنه التأويل فجالسوا به العلماء وجانبوا به السفهاء) اهـ غير أن الوجه األول الذي نقله السيوطي في معنى الظهر والبطن ليس بواضح وإذا التمسنا له بعض االحتماالت تشابه أو اتحد بما بعده من األقوال والقول الخامس متحد كذلك مع الثالث أو قريب منه فتأمل ).ثُ َّم ذكر رحمه هللا فصالً ُمه َّما ً حول شروط هذا النوع من التفسير فقال(شروط قبول التفسير اإلشاري: مما تقدم يعلم أن التفسير اإلشاري ال يكون مقبوال إال بشروط خمسة وهي: أال يتنافى وما يظهر من معنى النظم الكريم. أال يدعى أنه المراد وحده دون الظاهر. أال يكون تأويال بعيدا سخيفا كتفسير بعضهم {وِإنَّ هَّللا َ َل َم َع ا ْل ُم ْحسِ نِينَ } بجعل قوله تعالىَ : كلمة { َل َم َع} ماضيا وكلمة {ا ْل ُم ْحسِ نِينَ } مفعوله. أال يكون له معارض شرعي أو عقلي. أن يكون له شاهد شرعي يؤيده. كذلك اشترطوا ب ْيد أن هذه الشروط متداخلة فيمكن االستغناء باألول عن الثالث وبالخامس عن الرابع ويحسن مالحظة شرطين بدلهما أحدهما بيان المعنى الموضوع له اللفظ الكريم أوالً .ثانيهما أال يكون من وراء هذا التفسير المفسر له وسيأتيك في َّ اإلشاري تشويش على نصيحتي وفي كالم الغزالي ما يقرر هذين الشرطين. ثم إن هذه شروط لقبوله بمعنى عدم رفضه فحسب وليست شروطا ً لوجوب اتباعه واألخذ به ذلك ألنه ال يتنافى وظاهر القرآن ثم إن له شاهداً يعضده مِنَ الشرع وكل ما كان كذلك ال يرفض وإنما لم يجب األخذ به ألن النظم الكريم لم يوضع للداللة عليه بل هو مِنْ قبيل اإللهامات .نصيحة خالصة -بيد أن هذا التفسير كما ترى جاء كله على هذا النمط دون أن يتعرض لبيان المعاني الوضعية للنصوص خاف على القرآنية وهنا الخطر كل الخطر فإنه ُي ُ مطالعه أن يفهم أن هذه المعاني اإلشارية هي مراد الخالق إلى خلقه في الهداية إلى تعاليم اإلسالم واإلرشاد إلى حقائق هذا الدين الذي ارتضاه لهم. ولعلك تالحظ معي أن بعض الناس قد فُتنوا باإلقبال على دراسة تلك اإلشارات والخواطر فدخل في ُروعهم أن الكتاب والسنة بل اإلسالم كله ما هي إال سوانح وواردات على هذا النحو مِنَ التأويالت والتوجيهات وزعموا أن األمر ما هو إال تخييالت وأنَّ المطلوب منهم هو الشطح مع الخيال أينما شطح فلم يتقيدوا بتكاليف الشريعة ولم يحترموا قوانين اللغة العربية في فهم أبلغ النصوص العربية كتاب هللا وسنة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم. واألدهى من ذاك أنهم يتخيلون و ُيخيلون إلى الناس أنهم هم أهل الحقيقة الذين أدركوا الغاية واتصلوا باهلل اتصاال أسقط عنهم التكليف وسما بهم َعنْ حضيض األخذ باألسباب ما داموا في زعمهم مع رب األرباب وهذا لعمر هللا هو المصاب العظيم الذي عمل له الباطنية وأضرابهم من أعداء اإلسالم كى يهدموا التشريع مِنْ أصوله ويأتوا بنيانه مِنْ قواعده ور هَّللا ِ ِبَأ ْف َوا ِه ِه ْم َو َيْأ َبى { ُي ِريدُونَ َأنْ ُي ْطفُِئوا ُن َ ورهُ َو َل ْو َك ِر َه ا ْل َكافِ ُرونَ } .هَّللا ُ ِإاَّل َأنْ ُي ِت َّم ُن َ فواجب النصح إلخواننا المسلمين يقتضينا أن نحذرهم الوقوع في هذه الشباك ونشير عليهم أن ينفضوا أيديهم مِنْ أمثال تلك التفاسير اإلشارية الملتوية وال يعولوا على أشباهها مما ورد في كالم القوم بالكتب الصوفية ألنها كلها أذواق ومواجيد خارجة عِ نْ حدود الضبط والتقييد وكثيرا ما يختلط فيها الخيال بالحقيقة ْ تجردت من ذلك فقلما والحق بالباطل وإذا يظهر منها ُمرا ُد القائل وإذا ظهر فقد يكون مِنَ ال ُكفريات الفاحشة التي نستبعد صدورها مِنَ العلماء والمتصوفة بل مِنْ صادقي عامة المسلمين والتي نرى الطعن فيها بالدس والوضع أقرب وأسلم مِنَ الطعن فيمن ُع ْ زيت إليه بالكفر والفسق. فاألحرى بالفطن العاقل أن ينأى بنفسه َعنْ هذه المزالق وأنْ يفر بدينه مِنْ هذه الشبهات وأمامه في الكتاب والسنة وشروحهما على قوانين الشريعة واللغة رياض وجنات. {َأ َت ْس َت ْب ِدلُونَ ا َّلذِي ه َُو َأدْ َنى ِبا َّلذِي ه َُو َخ ْي ٌر} ؟!. قال صلى هللا عليه وسلم" :ف َم ِن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه". وقال صلى هللا عليه وسلم" :دع ما يريبك إلى ما ال يريبك" وباهلل تعالى توفيقي وتوفيقك نسأله تعالى أن يخرجنا مِنْ ظلمات األوهام وأن يحققنا بحقائق الدين وتعاليم اإلسالم آمين. كلمة لحجة اإلسالم الغزالي: وأختم نصيحتي هذه بكلمة قيمة تتصل بموضوعنا اتصاالً َّ ماسا ً وهي مدبجة ببراعة اإلمام الغزالي حين عرض في كتابة اإلحياء للذكر والتذكير وما أدخله الناس فيهما فقال بلل هللا ثراه: (وأما الشطح فنعني به صنفين مِنَ الكالم بعض الصوفية: ُ أحدثهما أحدهما الدعاوى الطويلة العريضة في العشق مع هللا تعالى والوصال المغنى َع ِن األعمال الظاهرة حتى ينتهي قوم إلى دعوى االتحاد وارتفاع الحجاب والمشاهدة بالرؤية والمشافهة بالخطاب فيقولون قيل لنا كذا وقلنا كذا ويتشبهون فيه بالحسين بن منصور الحالج صلب ألجل إطالقه كلمات من هذا الجنس الذي ُ ويستشهدون بقوله :أنا الحق وربما حكي عن أبي يزيد البسطامي أنه قال :سبحاني سبحاني! وهذا فن من الكالم عظيم ضرره على العوام حتى لقد ترك جماعة من أهل الفالحة فالحتهم وأظهروا مثل هذه الدعاوي فإن هذا الكالم يستلذه الطبع إذ فيه البطالة من األعمال مع تزكية النفس بدرك المقامات واألحوال فال تعجز األغبياء عن دعوى ذلك ألنفسهم وال عن تلقف كلمات مخبطة مزخرفة ومهما أنكر عليهم ذلك لم يعجزوا عن أن يقولوا هذا إنكار مصدره العلم والجدل والعلم حجاب والجدل عمل النفس وهذا الحديث ال يلوح إال من الباطن بمكاشفة نور الحق فهذا ومثله مما قد استطار في البالد شرره وعظم في العوام ضرره حتى من نطق بشيء منه فق ْتلُه أ ْف َ ضل ُ في دين هللا مِنْ إحياء عشرة وأما أبو يزيد البسطامي رحمه هللا فال يصح عنه ما ُيحكى وإن سمع ذلك منه فلع َّله كان يحكيه عن هللا سمع عز وجل في كالم يردده في نفسه كما لو ُ وهو يقول إنني أنا هللا ال إله إال أنا فاعبدني فإنه ما كان ينبغي أن يفهم منه ذلك إال على سبيل الحكاية. الصنف الثاني من الشطح كلمات غير مفهومة لها ظواهر رائقة وفيها عبارات هائلة وليس وراءها طائل وتلك إما أن تكون غير مفهومة عند قائلها بل يصدرها عن خبط في عقله وتشويش في خياله لقلة إحاطته بمعنى كالم قرع سمعه وهذا هو األكثر وإما أن تكون مفهومة له ولكنه ال يقدر على تفهيمها وإيرادها بعبارة تدل على ضميره لقلة ممارسته للعلم وعدم تعلمه طريق التعبير عن المعاني باأللفاظ الرشيقة وال فائدة لهذا الجنس من الكالم إال أنه ُيشوش القلوب و ُيدهش العقول و ُيحير األذهان أو يحمل على أن يفهم منها معان ما أريدت ويكون فهم كل واحد على مقتضى هواه وطبعه وقد قال صلى هللا عليه وسلم" :ما حدث أحدكم قوما بحديث ال يفقهونه إال كان فتنة عليهم" وقال صلى هللا عليه وسلم" :كلموا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون أتريدون أن يكذب هللا ورسوله" وهذا فيما يفهمه صاحبه وال يبلغه عقل المستمع فكيف فيما ال يفهمه قائله فإن كان يفهمه القائل دون المستمع فال يحل ذكره .وقال :عيسى عليه السالم ال تضعوا الحكمة عند غير أهلها فتظلموها وال تمنعوها أهلها فتظلموهم كونوا كالطبيب الرفيق يضع الدواء في موضع الداء .وفي لفظ آخر( َمنْ وضع الحكمة في غير أهلها فقد جهل و َمنْ منعها أهلها فقد ظلم .إنَّ للحكمة ح َّقا ً وإن لها أهالً فأعط كل ذي حق حقه). وأما الطامات فيدخلها ما ذكرناه في الشطح وأم ٌرآخ ُر يخصها وهو صرف ألفاظ الشرع عن ظواهرها المفهومة إلى أمور باطنة ال يسبق منها إلى األفهام فائدة كدأب الباطنية في التأويالت فهذا أيضا حرام وضرره عظيم فإن األلفاظ إذا صرفت عن مقتضى ظواهرها من غير اعتصام فيه بنقل عن صاحب الشرع ومن غير ضرورة تدعو إليه من دليل العقل اقتضى ذلك بطالن الثقة باأللفاظ وسقط به منفعة كالم هللا تعالى وكالم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فإن ما يسبق منه إلى الفهم ال يوثق به والباطن ال ضبط له بل تتعارض فيه الخواطر ويمكن تنزيله على وجوه شتى وهذا أيضا من البدع الشائعة العظيمة الضرر وإنما قصد أصحابها اإلغراب ألن النفوس مائلة إلى الغريب ومستلذة له .وبهذا الطريق توصل الباطنية إلى هدم جميع الشريعة بتأويل ظواهرها وتنزيلها على رأيهم كما حكيناه من مذاهبهم في كتاب المستظهري المصنف في الرد على الباطنية .ومثال تأويل أهل الطامات قول بعضهم في تأويل قوله تعالىْ : {اذ َه َبا ِإ َلى ف ِْر َع ْونَ ِإ َّن ُه َط َغى} إنه إشارة إلى قلبه وقال هو المراد بفرعون وهو الطاغي على كل إنسان {وَأنْ َأ ْل ِق َع َ صا َك} أي كل ما وفي قوله تعالىَ : يتوكأ عليه ويعتمده مما سوى هللا عز وجل فينبغي أن يلقيه وفي قوله صلى هللا عليه وسلم" :تسحروا فإن في السحور بركة" أراد به االستغفار في األسحار وأمثال ذلك حتى ليحرفون القرآن من أوله إلى آخره عن ظاهره وعن تفسيره المنقول عن ابن عباس وسائر العلماء وبعض هذه التأويالت يعلم بطالنها قطعا ً كتنزيل فرعون على القلب فإن فرعون شخص محسوس تواتر إلينا النقل بوجوده ودعوة موسى له كأبي جهل وأبي لهب وغيرهما من الكفار وليس من جنس الشياطين والمالئكة مما لم يدرك بالحس حتى يتطرق التأويل إلى ألفاظه وكذلك حمل السحور على االستغفار فإنه كان صلى هللا عليه وسلم يتناول الطعام ويقول" :تسحروا" "وهلموا إلى الغذاء المبارك" فهذه أمور يدرك بالتواتر والحس بطالنها نقال وبعضها يعلم بغالب الظن وذلك في أمور ال يتعلق بها اإلحساس فكل ذلك حرام وضاللة وإفساد للدين على الخلق ولم ينقل شيء من ذلك عن الصحابة وال عن التابعين وال عن الحسن البصري مع إكبابه على دعوة الخلق ووعظهم فال يظهر لقوله صلى هللا عليه وسلم" :من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار" معنى إال هذا النمط وهو أن يكون غرضه ورأيه تقرير أمر وتحقيقه فيستجر شهادة القرآن إليه ويحمله عليه من غير أن يشهد لتنزيله عليه داللة لفظية لغوية أو نقلية. وال ينبغي أن يفهم منه أنه يجب أال يفسر القرآن باالستنباط والفكر فإن من اآليات ما نقل فيها عن الصحابة والمفسرين خمسة معان وستة وسبعة وعلم أن جميعها غير مسموع من النبي صلى هللا عليه وسلم فإنها قد تكون متنافية ال تقبل الجمع فيكون ذلك مستنبطا بحسن الفهم وطول الفكر ولهذا قال صلى هللا عليه وسلم البن عباس رضي هللا عنه" :اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل". ومن يستجيز من أهل الطامات مثل هذه التأويالت مع علمه بأنها غير مرادة باأللفاظ ويزعم أنه يقصد بها دعوة الخلق إلى الخالق يضاهي من يستجيز االختراع والوضع على رسول صلى هللا عليه وسلم لما هو في نفسه حق ولكن لم ينطق به .كمن يضع في كل مسألة يراها حقا حديثا عن النبي صلى هللا عليه وسلم فذلك ظلم وضالل ودخول في الوعيد المفهوم من قوله صلى هللا عليه وسلم: "من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" .بل الشر في تأويل هذه األلفاظ أطم وأعظم ألنه مبطل للثقة باأللفاظ وقاطع طريق االستفادة والفهم من القرآن بالكلية فقد عرفت كيف صرف الشيطان دواعي الخلق عن القوانين المحمودة إلى المذمومة فكل ذلك من تلبيس علماء السوء بتبديل األسامي فإن اتبعت هؤالء اعتمادا على االسم المشهور من غير التفات إلى ما عرف في العصر األول كنت كمن طلب شرف الحكمة باتباع من يسمى حكيما فإن اسم الحكيم صار يطلق على الطبيب والشاعر والمنجم في هذا العصر وذلك بالغفلة عن تبديل األلفاظ. ثم قال اللفظ الخامس أي من األلفاظ التي وقع فيها التلبيس لفظ الحكمة فإن اسم الحكيم صار يطلق على الطبيب والشاعر والمنجم حتى على الذي يدحرج القرعة على أكف السوادية في شوارع الطرق والحكمة هي التي أثنى هللا عز وجل عليها فقالُ { :يْؤ تِي ا ْلح ِْك َم َة َمنْ َي َ شا ُء َو َمنْ ُيْؤ َت ا ْلح ِْك َم َة َف َقدْ ُأوت َِي َخ ْيراً َكثِيراً} وقال صلى هللا عليه وسلم" :كلمة من الحكمة يتعلمها الرجل خير له من الدنيا وما فيها" فانظر ما الذي كانت الحكمة عبارة عنه؟ وإلى ماذا نقل وقس به من بقية األلفاظ واحترز عن االغترار بتلبيسات علماء السوء فإن شرهم على الدين أعظم من شر الشياطين إذ الشياطين بواسطتهم يتدرج إلى انتزاع الدين من قلوب الخلق ولهذا لما سئل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن شر الخلق أبى وقال" :اللهم غفرا" حتى كرروا عليه فقال" :هم علماء السوء". فقد عرفت العلم المحمود والعلم المذموم ومثار االلتباس وإليك الخيرة في أن تنظر لنفسك فتقتدي بالسلف أو تتدلى بحبل الغرور وتتشبه بالخلف فكل ما ارتضاه السلف من العلم قد اندرس وما أكب الناس عليه فأكثره مبتدع ومحدث وقد صح عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم" :بدأ اإلسالم غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء" فقيل يا رسول هللا ومن الغرباء؟ قال" :الذين يصلحون ما أفسده الناس من سنتي والذي يحيون ما أماتوه من سنتي" وفي خبر آخر" :هم المتمسكون بما أنتم عليه اليوم" وفي حديث آخر" :الغرباء ناس قليل صالحون بين ناس كثير من يبغضهم في الخلق أكثر ممن يحبهم".وقد صارت تلك العلوم غريبة بحيث يمقت ذكراها ولذلك قال الثوري رحمه هللا :إذا رأيت العالم كثير األصدقاء فاعلم أنه مخلط ألنه إن نطق بالحق أبغضوه ).انتهى كالم اإلمام الغزالي ضاعف هللا أجره وأحسن ذخره ووهبنا السالمة والعافية بمنه وكرمه آمين. وقال الشيخ محمد حسين الذهبى رحمه هللا فى كتاب التفسير و المفسرون(شروط قبول التفسير اإلشارى) تبين لنا فيما سبق أن التفسير اإلشارى منه ما هو مقبول ،ومنه ما ليس بمقبول ،فعلينا بعد ذلك أن نذكر الشروط التى يجب أن تتوفر فى تعرضنا ألهمها التفسير اإلشارى -وإن كنا َّ فيما سبق -حتى يكون تفسيراً مقبوالً ..وإليك هذه الشروط: أوالً :أن ال يكون التفسير اإلشارى منافيا ً للظاهر من النظم القرآنى الكريم .ثانياً :أن يكون له شاهد شرعى يؤيده. ثالثاً :أن ال يكون له معارض شرعى أو عقلى. وهذه الشروط الثالثة قد أوضحناها فيما سبق، فال حاجة بنا إلى إعادة توضيحها. رابعاً :أنْ ال ُيدَّ عى أن التفسير اإلشارى هو المراد وحده دون الظاهر ،بل ال بد أن نعترف بالمعنى الظاهر أوالً ،إذ ال ُيطمع فى الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر "و َمن ادّ عى فهم أسرار القرآن ولم ُي َح ِّكم التفسير الظاهر فهو كمن ادَّ عى البلوغ إلى صدر البيت قبل أن يجاوز الباب"...هذه هى الشروط التى إذا توفرت فى التفسير اإلشارى كان مقبوالً، ومعنى كونه مقبوالً عدم رفضه ال وجوب األخذ به ،أما عدم رفضه فألنه غير مناف للظاهر وال بالغ مبلغ التعسف ،وليس له ما ينافيه أو يعارضه من األدلة الشرعية. وأما عدم وجوب األخذ به ،فألنه من قبيل الوجدانيات ،والوجدانيات ال تقوم على دليل وال تستند إلى برهان ،وإنما هى أمر يجده الصوفى من نفسه ،وسر بينه وبين ربه .فله أن يأخذ به ويعمل على مقتضاه ،دون أن ُيلزم به أحداً من كاتب هذا البحث(ل ُكل َّ ذلكُ ُ سواه).قلت أنا الناس حاولت أنْ ُأحسن االختيار و التدقيق فيما ُ أختاره ح َّتى ال أزل َّ أو َأضِ ل َ فيما أنقلهُ ).ث َّم ذكر رحمه هللا أشهر ُك ُتب التفسير اإلشارى فقال(أهم كتب التفسير اإلشارى -1تفسير القرآن العظيم (للتسترى) -2حقائق التفسير (للسلمى) -3عرائس البيان فى حقائق القرآن (ألبى محمد الشيرازى) -4التأويالت النجمية (لنجم الدين داية ،وعالء الدولة السمنانى) -5التفسير المنسوب البن عربى) صاحب مناهل العرفان روح ُ وأضاف إليها المعاني لإلمام األلوسى.
(التفسير اإلشارى لبعض اآليات بترتيب
ال ُمصحف الشريف) سورة الفاتحة -قال البلديسى فى ُ -1 تفسيره(قال على كرم هللا وجه(إنَّ جميع ما فى الكتب اإللهية فى القرآن وجميع مافى القرآن فهو فى فاتحة الكتاب وكل مافى فاتحة الكتاب فهو فى بسم هللا الرحمن الرحيم وكل مافى بسم هللا الرحمن الرحيم فهو فى نقطة باء بسم هللا وأنا النقطة تحت الباء ).آية ()2قوله هلل) قال االمام القُشيرى فى الح ْم ُد ِ تعالى( َ تفسيره(حقيقة الحمد الثناء على المحمود ، بذكر نعوته الجليلة وأفعاله الجميلة ،والالم ها هنا للجنس ،ومقتضاها االستغراق؛ فجميع المحامد هلل سبحانه إ َّما وصفا ً وإ َّما خلقا ً ،فله الحمد لظهور سلطانه ،وله الشكر لوفور إحسانه .والحمد هلل الستحقاقه لجالله وجماله ،والشكر هلل لجزيل نواله وعزيز أفضاله ، وح ْوله فحمده سبحانه له هو من صفات كماله َ الخ ْلق له على إنعامه ْ وطولِه ،وجالله ،وحمد َ وجماله استحقاقه لصفات العلو ،واستيجابه لنعوت العز والسمو ،فله الوجود ( قدرة ) القديم ،وله الجود الكريم ،وله الثبوت األحدي ،والكون الصمدي ،والبقاء األزلي ،والبهاء األبدي ،والثناء الديمومي ،وله السمع والبصر ،والقضاء والقدر ،والكالم والقول ، والطول ،والرحمة والجود ،والعين ْ والعزة والوجه والجمال ،والقدرة والجالل ،وهو الواحد المتعال ،كبرياؤه رداؤه ،وعالؤه سناؤه ،ومجده عزه ،وكونه ذاته ،وأزله أبده ،وقدمه سرمده ،وحقه يقينه ،وثبوته عينه ،ودوامه بقاؤه ،وقدره قضاؤه ،وجالله جماله ،ونهيه أمره ،وغضبه رحمته ، وإرادته مشيئته ،وهو الملك بجبروته ، واألحد في ملكوته .تبارك هللا سبحانه!! فسبحانه ما أعظم شأنه! فصل َ :عل َم الحق سبحانه وتعالى شدة إرادة َ وعجزهم عن القيام أوليائه بحمده وثنائه ، بحق مدحه على مقتضى عزه وسنائه فأخبرهم أنه َحمِد نفسه بما افتتح به خطابه بقوله { : الحمد هلل } فانتعشوا بعد ِّ الذلة ،وعاشوا بعد الخمود ،واستقلت أسرارهم لكمال التعزز حيث سمعوا ثناء الحق عن الحق بخطاب الحق ، فنطقوا ببيان الرمز على قضية األشكال . وقالوا : ولوجهها من وجهها قمر ...ولعينها من عينها كحل هذا خطيب األولين واآلخرين ،سيد الفصحاء ، وإمام البلغاء ،ل َّما سمع حمده لنفسه ،ومدحه سبحانه لح ِّقه ،علم النبي أن تقاصر اللسان أليق به في هذه الحالة فقال « :ال أحصي ثناء عليك ،أنت كما أثنيت على نفسك ») آية()4قوله تعالى ( إياك نعبد وإياك نستعين ) قال الشي ُخ أحم ُد بن السيد زينى دحالن فى كتابه(تقريب األصول لتسهيل الوصول لمعرفة هللا و الرسول)(فقدَّ م ذكر العبادة وع َّقبها بذكر االستعانة ح َّتى ينصرف العب ُد إليها ويتسلط عليها.أى(وِإ َّيا َك َن ْع ُب ُد َوِإ َّياكَ َن ْس َتعِينُ ) على عبادتك فأرشدهم إبى أنَّ عبادته أه ُّم ما ُّ وأحق ما يطلبوه.بل أرشدهم إلى أنَّ يسألونه َ األليق فى األولى أنْ يكون ذلك هو مطلبهم و ْ حقهم أنْ يبادروا إليه ويطلبوا العون منه - ففيه تنبي ٌه إلى أ َّنهم ال يرجون ألنفسهم وال يخافون عليها فرجاؤهم إ َّنما هو اُأل ْن ُ س باهلل تعالى و الوصول ُ إليه وشهوده .فذلك عندهم وخوفُ ُه ْم هو النعيم و ْلو فُ ِر َ ض أ َّنهم فى الجحيم ْ إ َّنما هو هيبة واستحضا ُر عظم ٍة فهم يشهدون الجالل فيهابون و الجمال فيأنسون.اللهم اجعلنا منهم ).وقال االما ُم القُشيرى(العبادة نزهة القاصدين ،ومستروح المريدين ،ومربع األنس للمحبين ،ومرتع البهجة للعارفين .بها قُ َّرةُ أعينهم ،وفيها مسرة قلوبهم ،ومنها راحة أرواحهم .وإليه أشار صلى هللا عليه «أرحنا بها يا بالل»واالستعانة وسلم بقوله ِ : إجاللك لنعوت كرمه ،ونزلك بساحة جوده ، وتسليمك إلى يد حكمه ،فتقصده بأمل فسيح ، وتخطو إليه بخطو وسيع ،وتأمل فيه برجاء قوي ،وتثق بكرم أزلي ،وتنكل على اختيار سابق ،وتعتصم بسبب جوده غير ضعف ) سلمى فى تفسيره(حقائق التفسير)( إياك وقال ال ُ نعبد وإياك نستعينُ ) على ترك زكاتنا ،وأيضا ً إياك نعبد بالعمل الخالص أي :إياك نعبد بقطع العالئق واألعواض ،وإياك نستعين على الثبات على هذه الحال فإنا بك ال بنا .وأيضا ً إياك نعبد باإلخالص وإياك نستعين على المكاشفة ألسرارنا .وأيضا ً إياك نعبد باإلرادة وإياك نستعين عليه بالهمة .وأيضا ً إياك نعبد بالعلم وإياك نستعين عليه بالمعرفة .وأيضا ً إياك نعبد عبادة َمنْ يعلم أنه بتوفيقك وتيسيرك قد عبدك وبك نستعين على قبولها وتصحيحها من عندك .وأيضا ً إياك نعبد بأمرك وإياك نستعين عليها بفضلك .وأيضا ً إياك نعبد بالدعاوى وإياك نستعين أن تسقط عنا الدعاوى تمررنا إلى رياض الحقائق . وأيضا ً إياك نعبد ظاهراً وإياك نستعين عليها باطنا ً ،إياك نعبد فأسقط بإياك عنا رؤية العبادة ،وإياك نستعين فأزل عنا بإياك رؤية االستعانة.وأيضا ً إياك نعبد فأهلنا لعبادتك وإياك نستعين فال تحرمنا معونتك إياك نعبد فأخلص عبادتنا وإياك نستعين فأعذنا من رؤية عبادتنا .وأيضا ً إياك نعبد على المشاهدة ،وإياك نستعين على النازلة .قال الجنيد :إن هللا عز وجل خص قوما ً بمعرفة عبوديته ،فأفردوا له العبودية ثم أخرجهم عن ذلك فعرفوا أنفسهم ، وما تولى هللا من ذلك لهم فقالوا :وإياك نستعين على عبادتنا إذ ال يمكن أداؤها إال بك ،فبك عبدنا كذلك ،وبك استعنا على شكر النعمة فيه.وقال القاسم :إياك نعبد بالتوفيق ، وإياك نستعين على شكر ما وفقتنا له من عبادتك ).وقال البلديسى((إياك نعبد)أى إياك نقصد فى عبوديتنا من غير التفات إلى ما سواك و ال نري ُد منك غيرك فنخصك بالعبادة و العياذة فى جميع األحوال (وإياك نستعين)أى نخصك بطلب المعونة فى جميع األمور. يعنى-بتوفيقك نعبد و بهدايتك وتسييرك نصل إلى رضوانك ).وقال البقلى فى تفسيره(عرائس البيان فى حقائق القُرآن)((إيَّاك نعب ُد و إيَّاك نستعينُ )أى-بمعونتك نعبد ال بحولناوقُوتناوإيَّاك نستعينُ بتمام عبوديتك ودوام سترك علينا حتى نرى فضلك والننظرإلى أعمالنا(.إيَّاك نعب ُد)أى- إيّاك نعب ُد ال برؤية المعامالت وطلب المكافآت (وإيَّاك نستعينُ )أى -نستعينك بمزيد العنايات بنعت العصمة عن القطيعة وإياك نعب ُدبالمراقبة و إياك نستعينُ بكشف المشاهدة .إياك نعبد بعلم اليقين و إياك نستعين بحق اليقين.إياك نعبد بالغيْبة وإياك نستعين بالرؤية.إياك نعبد بقطع العالئق و األغراض و إياك نستعين على ثبات هذا الحال بك وال بنا.إياك نعبد بالعلم و إياك نستعين بالمعرفة.إياك نعب ُد بأمرك و إياك نستعين علينا بفضلك.قال سهل(إياك نعبد بهدايتك وإياك نستعين بكالءتك على عبادتك.قال األنطاكى(إ َّنما يُعب ُد هللاُ على أربع-على الرغبة و الرهبة و الحياء و المحبة ٍ فأفضلها المحبة تليهاالحيا ُء ثم الرهب ُة ثم الرغبة).قوله تعالى(اهدنا الصراط المستقيم) قال االما ُم القُشيرى(ومعنى اهدنا أي ِملْ بنا إليك ، و ُخ ْذنا لك ،و ُكنْ علينا دليلنا ،و َي ِّ س ْر إليك سبيلنا ،وأقم لنا هممنا ،واجمع بك همومنا . اقطع أسرارنا عن شهود األغيار ، ْ فصل : ولوح في قلوبنا طوالع األنوار ،وأ ْف ِردْ قصودنا ِّ إليك عن دَ َنس اآلثار ،ور ِّقنا عن منازل الطلب واالستدالل إلى َج ْمع ساحات القُرب والوصال . فصل ُ :حلْ بيننا وبين مساكنة األمثال واألشكال ،بما تالطفنا به من وجود الوصال ،وتكاشفنا به من شهود الجالل والجمال . أرشِ دْ َنا إلى الحق لئال نتكل على وسائط فصل ْ : المعامالت ،ويقع على وجه التوحيد غبار الظنون وحسبان اإلعالل . اهدنا الصراط المستقيم أي ِأزلْ ع َّنا ظل َما ِ ت أحوالنا لنستضيء بأنوار قُدْ سِ ك عن التفيؤ بظالل طلبنا ،وارفع عنا ظل جهدنا لنستبصر بنجوم جودك ،فنجدك بك . فصل :اهدنا الصراط المستقيم حتى ال يصحبنا قرين من نزغات الشيطان ووساوسه ،ورفيق من خطرات النفوس وهواجسها ،أو يصدنا عن الوصول تعريج في أوطان التقليد ،أو يحول بيننا وبين االستبصار ركون لي معتاد من التلقين ،وتستهوينا آفة من نشو أو هوادة ،وظن أو عادة ،وكلل أو ضعف إرادة ، مال أو استزادة . وطمع ٍ فصل :الصراط المستقيم ما عليه من الكتاب والسنة دليل ،وليس للبدعة عليه سلطان وال إليه سبيل .الصراط المستقيم ما شهدت بصحته دالئل التوحيد ،ونبهت عليه شواهد التحقيق ،الصراط المستقيم ما دَ َر َج عليه ف األمة ،ونطقت بصوابه دالئل العبرة . س َل ُ َ َ الحظوظ سال ُكه ، الصراط المستقيم ما باين َ الحقوق قاصدُه .الصراط المستقيم ما وفارق ُي ْفضِ ي بسالكه إلى ساحة التوحيد ،و ُي ْ ش ِه ُد ب( موج ٌ َ أثر العناية والجود ،لئال يظ َّنه صاح َبه َ َ أنعمت ببدل ) المجهود .يعني طريق من عليهم بالهداية إلى الصراط المستقيم ،وهم األولياء واألصفياء .ويقال طريق من ( أفنيتهم ) عنهم ،وأقمتهم بك لك ،حتى لم يقفوا في الطريق ،ولم تصدهم عنك خفايا المكر .ويقال صراط من أنعمت عليهم بالقيام بحقوقك دون التعريج على استجالب حظوظهم . ويقال صراط من ( طهرتهم ) عن آثارهم حتى وصلوا إليك بك . ويقال صراط من أنعمت عليهم حتى تحرروا من مكائد الشيطان ،ومغاليط النفوس ومخاييل الظنون ،وحسبانات الوصول قبل خمود آثار البشر ( ية ) . ويقال صراط من أنعمت عليهم بالنظر واالستعانة بك ،والتبري من الحول والقوة ، وشهود ما سبق لهم من السعادة في سابق االختيار ،والعلم بتوحيدك فيما ُتمضيه من سار والمضار . ال َم َ ويقال صراط الذين أنعمت عليهم بحفظ األدب في أوقات الخدمة ،واستشعار نعت الهيبة . ويقال صراط الذين أنعمت عليهم بأن حفظت عليهم آداب الشريعة وأحكامها عند غلبات ( بواده ) الحقائق حتى لم يخرجوا عن حد العلم ،ولم ُي ِخلُّوا بشيء من أحكام الشريعة .ويقال صراط الذين أنعمت عليهم حتى لم تطفئ أنوار ورعهم ولم ُيض ِّي ُعوا َ شموس معارفهم ُ شيئا ً من أحكام الشرع . َ أنعمت عليهم بالعبودية عند ويقال صراط الذين صاحب عرائس ُ ظهور سلطان الحقيقة ).وقال البيان(أى اهدنا مرادك منا ألن الطريق المستقيم ما أراد الحق من الخلق من الصدق و اإلخالص فى عبوديته.وأيضا ً أرشدنا إلى ماأنت عليه و أيضا ً اهدنا إنابتك حتى نتصف بصفاتك وقيل-اهدنا إلى معرفتك حتى نستريح من معاملتنا بنسيم أنسك وحقائق ُحسنك.وقيل-معنى اهدناِ -ملْ بقلوبنا إليك وأقِم بهمنا بين يديك و ُكنْ دليلنا منك إليك حتى ال تقطع ع َّما لك بك.وقيل –أى أرشدنا طريق المعرفة حتى نستقيم معك بخدمتك .وقيل-أى أرنا طريق الشكر فنفرح و نطرب بقُربك..وقال ض ُهم-إليك قصدنا فقومنا.وقيل-اهدنا بالقوة بع ُ والتمكين .وقال ال ُحسين-أى اهدنا طريق المحبة لك و السعى إليك..وقال بعضهم-أرشدنا إلى الذى الاعوجاج فيه و هو االسالم.وقيل-أرشدنا فى الدنيا إلى الطاعات وبلغنا فى اآلخرة الدرجات..قال ال ُحسينُ -اهدنا إلى طاعتك كما أرشدتنا إلى علم توحيدك.قال على بن أبى طالب-اهدنا أى ثبتنا على الطريق المستقيم والمنهج القويم ).قوله(أنعمت عليهم) وقال فى عرائس البيان أيضاً(قال أبو ُعثمان(أنعمت عليهم)بأن عرفتهم مهالك الصراط ومكائد الشيطان و مكائد النفس.وقال بعضهم-أنعمت عليهم فى سابق األزل بالسعادة.وقال جعفر بن محمد-أنعمت عليهم بالعلم بك والفهم منك.وقيل-أنعمت عليهم بمشاهدة المنعم دون النعمة.وقال بعضهم-أنعمت عليهم بالرضا بقضائك وقدرك.وقيل-أنعمت عليهم بمخافة النفس و الهوى واإلقبال عليك بدوام الوفاء.وقال ُحميد-فيما قضيته من المضار و المسار.وقال بعضهم-أنعمت عليهم باإلقبال والفهم عنك. قوله تعالى (-غير المغضوب عليهم وال الضالين) قال االما ُم القُشيرى(المغضوب عليهم الذين صدمتهم هواجم الخذالن ،وأدركتهم مصائب الحرمان ،وركبتهم سطوة الرد ، وغلبتهم َب َواده الصد والطرد . ويقال هم الذين لحقهم ذل الهوان ،وأصابهم سوء الخسران ،فشغلوا في الحال باجتالب الحظوظ -وهو في التحقيق ( شقاء ) ؛ إذ يحسبون أنهم على شيء ،وللحق في شقائهم سر . سوا بنفحات التقريب زمانا ً ثم ويقال هم الذين أ ِن ُ أظهر الحق سبحانه في بابهم شانا؛ ُبدِّ لوا بالوصول بعاداً ،وطمعوا في القرب فلم يجدوا مراداً ،أولئك الذين ضل ّ سع ُيهم ،وخاب ظنهم . ويقال غير المغضوب عليهم بنسيان التوفيق ، والتعامي عن رؤية التأييد .وال الضالين عن شهود سابق االختيار ،وجريان التصاريف واألقدار . ويقال غير المغضوب عليهم بتضييعهم آداب الخدمة ،وتقصيرهم في أداء شروط الطاعة . ويقال غير المغضوب عليهم هم الذين تقطعوا وتفرقت بهم الهموم في ّ في مفاوز الغيبة ، -2سورة أودية وجوه الحسبان). البقرة-آية( )67قوله تعالى(ِ ..إنَّ هَّللا َ َيْأ ُم ُر ُك ْم َأنْ َت ْذ َب ُحوا َب َق َر ًة )..قال فى التقريب (فمن المعانى اإلشارية ما ُنقل عن الشيخ أبى العباس ال ُمرسى رضى هللا عنه فى قوله تعلى(إنَّ هللا إنسان ٍ يأمركم أن تذبحوا بقرة)قال-بقرةُ ُكل ِّ نفسه و هللا أمرك بذبحها يعنى بتزكيتها بالمجاهدة) آية ( )87قوله تعالى(َ ..وَأ َّيدْ ناهُ وح ا ْلقُد ِ ُس )..قال االما ُم الشعرانى فى ِب ُر ِ ترجمته لألستاذ على ولد الشيخ على وفا(وكان يقول :في قوله تعالى " :وأيدناه بروح القدس " " البقرة " 87 :الروح األمين على ما يتلقاه من روح القدس هو الفكر الصادق وروح القدس هو العقل الناطق الحكيم الحاكم في النفس الحيوانية التي يطهرها من الرذائل، ويحليها بالفضائل في كل مقام بحسبه فافهم). آية( )102قوله تعالى(ِ..إ َّنما َن ْحنُ فِ ْت َن ٌة َفال فتنة)أى ٌ َت ْكفُ ْر )..قال فى التقريب(إ َّنما نحنُ ابتالء و اختبار(فال تكفُ ْر)أى فال ُتفتتنْ بنا و التقف عندنا و التجعلْ نفسك ِر َّقا ً لنا ف ُتحتجب بنا عن هللا ألنَّ ذلك ُكف ٌر لحق ال ُمنعم و ُ شك ُر فاإعراض ُ ال ُمنعم ِإ َّنما هو اإلقبال ُ على ال ُمنعم عنه بالوقوف مع النعم عكس المطلوب ).آية ()200قوله تعالى(َ ..ف ْاذ ُك ُروا هَّللا َ َكذ ِْك ِر ُك ْم َ آباء ُك ْم َأ ْو َأ َ شدَّ ذ ِْكراً )..قال فى التقريب(قال سيدى تا ُ ج األب ل ْم يخلقك و لم يرزقك و ُ الدين -فغذا كان س ِّوك وقد طلبك أنْ تذكره مثل َ ذكرك له لم ُي َ وس َّواك ورزقك و أعطاك ور ُّبك هو الذى خلقك َ فما أخجلك إذا ل ْم تذكره فشارك المالئكة فى تالوة الذكر و الجمع على هللا ).آية()257قوله تعالى (هَّللا ُ َول ُِّي ا َّلذِينَ آ َم ُنوا ُي ْخ ِر ُج ُه ْم مِنَ ور )..قال فى التقريب(واعلم أنَّ ت ِإ َلى ال ُّن ِ ال ُّظلُما ِ الوالية على قسمين-عا َّمة وهى مشتركة بين جميع المؤمنين كما قال هللا تعالى(هَّللا ُ َول ُِّي ا َّلذِينَ آ َم ُنوا ُي ْخ ِر ُج ُه ْم مِنَ ال ُّظلُما ِ ت ِإ َلى ال ُّن ِ ور).. وخاصة وهى خاصة بالواصلين إلى هللا تعالى َّ ُ السلوك.والوالية عبارة عن فناء العبد من أهل فى الحق والبقاء به و ال ُيشتر ُط فى الوالية الكرامات الكونية فإ َّنها توج ُد فى غير ال ِم َّل ِة ُ القلبية ُ الكرامات االسالمية لكنْ ُيشتر ُط فيها فهاتان ِ كالعلوم اإللهية والمعارف الر َّبانية تفترقان ف ُتوجد ِ يجتمعان ..وقدْ ِ الكرامتان قدْ ِ الثانية دون األولى).آية()260قوله تعالى( َوِإ ْذ ُ ف ُت ْحيِ ا ْل َم ْوتى قال َ قال َ ِإ ْبراهِي ُم َر ِّب َأ ِرنِي َك ْي َ َأ َو َل ْم ُتْؤ مِنْ قال َ َبلى َولكِنْ لِ َي ْط َمِئنَّ َق ْل ِبي قال َ َف ُخ ْذ اج َعلْ َعلى ُكل ِّ ص ْرهُنَّ ِإ َل ْي َك ُث َّم ْ َأ ْر َب َع ًة مِنَ َّ الط ْي ِر َف ُ اع َل ْم َج َب ٍل ِم ْن ُهنَّ ُج ْزءاً ُث َّم ادْ ُع ُهنَّ َيْأتِي َن َك َ س ْعيا ً َو ْ َأنَّ هَّللا َ َع ِزي ٌز َحكِي ٌم )()260قال فى الطبقات فى ترجمة األستاذ على ولد الشيخ محمد وفا(وكان يقول :في قوله تعالى " :وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى "آلية الكالم عليها من وجهين أحدهما ما يقتضيه ظاهر اللفظ، والثاني ما يقتضيه حقيقته ،فأما األول ففيه أسئلة :األول ما الحكمة في كون إبراهيم عليه الصالة والسالم مع فضله على الذي مر على القرية ،وهي خاوية سأل أن يريه ربه كيف يحيي الموتى وذلك ()56 /2
أرى ذلك بال واسطة سؤال ،فقيل له ابتداء "
وانظر إلى العظام " " البقرة " 259 :اآلية، والجواب أن الذي مر على القرية حصل منه سؤال من غير تعيين مسئول منه فقال " :أنى يحي هذه هللا بعد موتها " " البقرة" 259 : وذلك إما لغفلته أو لجهله إن لم يكن نبيا ً أو لشغله بالتعجب إن كان نبيا ً أو غير غافل ،وال جاهل ،وأراه هللا ما أراه بيانا ً كشفا ً من حيث يظهر أنه إجابة لسؤاله ،وأراه ذلك بعد أن أماته مائة عام ثم بعثه ،فلم ير ذلك إال في حال بعث الموت. وأما إبراهيم عليه الصالة والسالم ،فتوجه بسؤاله إلى الحق قصد الكمال حضوره وأعطى مسئوله إجابة لسؤاله على الفور كما دل عليه قوله " فخذ " فأتى بالفاء المقتضية للفور تنويها ً باالعتناء بأمره ،وإظهاراً لكرامته، ورأى قبل الموت ،والبعث منه ما ال رآه ذلك إال بعد البعث من الموت فظهر فضله بذلك على الذي مر على القرية .السؤال الثاني فيما وقع االستدراك بقوله " :ولكن ليطمئن قلبي " " البقرة " 260 :وما المراد باالطمئنان للقلب هنا .والجواب أن االستدراك ،وقع من نفي كون السؤال لعدم اإليمان تقرير كونه الطمئنان القلب فقط ،والمراد باالطمئنان السكون من قلق التشوف لحصول هذا المسئول عنا والتشوف لقضاء الوطر منه ال السكون من قلق تردد وشك فيه السؤال الثالث ما وجه تقريم يوجبه مقابلة سؤاله هذا بأن يقال له " أو لم تؤمن " وقد سبق اإلخبار عنه بأنه المصطفى في الدنيا ،وأنه في اآلخرة لمن الصالحين ،والجواب أن أرني تستعمل تارة في طلب مشاهدة كيفية المعلوم المتحقق بالبرهان ليتحقق مع ذلك بالعيان ،ويستعمل أيضا ً هذا في اإلفحام ،والتعجيز لعدم اعتقاد وجود صاحب ذلك الكيف أو إمكانه كما تقول: لضعيف ادعى حمل صخرة وحده كبيرة أرني كيف تحملها ،وأنت تعتقد أنه ال يستطيع حملها ،وال يمكنه ،وإبراهيم عليه السالم لم يرد هذا الثاني ،وال بطريق توهمه ،وإنما اقتضت حكمة الرب بعباد أنه قال إلبراهيم " أولم تؤمن قال بلى " فحفظ عباده المؤمنين بذلك عند سماع هذه اآلية من أن يخالطهم الوهم بذلك الظن السوء في حبيب من أحباب هللا فيهلكوا وال يشعرون ،ويجوز أن يكون وقوع هذا السؤال قبل اإلخبار بآية االصطفاء وهللا أعلم .السؤال الرابع ما الحكمة في تعيين األربعة دون غيرها من العدد وما الحكمة في تعيين جنس الطير دون غيره ،والجواب أن عدد األربعة أجمع لألعداد ألنه مجموع من الفرد البسيط ،وهو الواحد ،والفرد المركب، وهو الثالثة ،والزوج البسيط ،وهو االثنان، والزوج المركب ،وهو األربعة فكان فيه تذكير بقيام الخلق لربهم مثنى وفرادى .مثنى :اثنان بسيطان واثنان مركبان .وفرادى :فرد بسيط. فرد مركب ،وفيه تذكير بأصناف المبعوثين أيضا ً فمنهم كافر ،ومنهم مؤمن ظالم لنفسه أو مقتصد مخلط أو سابق بالخيرات ،وإنما خص الطير ألن أشد الحيوانات نفوراً ،وأقدرهم على الفرار ،والتباعد عما ينفرون منه ،فإذا دعا هذا الجنس ،وأجابه ،وأتاه يسعى كان ما دونه أولى ،وكان ذلك أعظم آية من غيره ،والطير أيضا ً أفل رطوبة من باقي الحيوانات ،وميتته أسرع جفافا ً فيتيقن معه عدم الحياة المجسمانية منه باطناً ،وظاهراً. السؤال الخامس :ما الحكمة بتخصيص الجبال بهذا الجعل في قوله " :ثم اجعل على كل جبل " " البقرة " 260 :هل الظاهر إرادة جميع الجبال أو أربعة أجبل فقط أو غير ذلك وما وجه كل واحد من هذه إن كان هو الظاهر، والجواب المراد جبال بعدد األجزاء التي يجزئها إليها إن كانت كثيرة فكثيرة أو قليلة فقليلة بدليل قوله " :اجعل عل كل جبل منهن جزءاً " ولم يأمر بتبينهن ،فحمل األمر على جميع الجبال متعذر عادة ،والظاهر أن المراد أن يجعل على كل جبل جزءاً ال يعينه من كل واحد منهن ألن ذلك هو المناسب للقصة ،وما فيها من رؤية ذلك األمر العجيب .السؤال السادس :ما الحكمة في اإلتيان بثم في قوله ثم ادعهن ،وما الحكمة في تعليق إتيانهم إليه على دعائه إياهن ولم يحيين فيأتين من غير دعاء لهن منه وما الحكمة في إتيانهن ولم يكتف بطيرانهن حيث مشين أو إتيانهن غيره ،وما الحكمة في إتيانهن ساعيات ال طائرات ،وال ماشيات على هون إن كان سعيا ً متعلقا ً بهن، وإن كان متعلقا ً به هو فما الحكمة في حصول ذلك منهن ،وهو يسعى أو دعائه لهن ،وهو يسعى. والجواب أنه جيء بثم ليحصل بكونهن على الجبال مهلة ،فال يبقى في عدم الحياة منهن لطول المكث في محل الجفاف ريب ما ،ولو لوحظ في جعلهن على الجبال التي ال حائل لها عن الشمس التي كانت النمروذية ينسبون اآلثار إليها ،وتركها هناك برهة حتى يعلم أن وإن كان متعلقا ً به هو فما الحكمة في حصول ذلك منهن ،وهو يسعى أو دعائه لهن ،وهو يسعى. والجواب أنه جيء بثم ليحصل بكونهن على الجبال مهلة ،فال يبقى في عدم الحياة منهن لطول المكث في محل الجفاف ريب ما ،ولو لوحظ في جعلهن على الجبال التي ال حائل لها عن الشمس التي كانت النمروذية ينسبون اآلثار إليها ،وتركها هناك برهة حتى يعلم أن الشمس ال تأثير لها حيث كن منها بمطلع ،ولم يجئن ،ولما دعاهن داعي الحق جئنه ،وأتينه سعيا ً لكان قوال حسناً ،وأما تعليق إتيانهن إليه على دعائه لهن ففيه إرشاد إلى أن إحياء الموتى يكون بدعائهم " ثم إذا دعاكم دعوة من األرض إذا أنتم تخرجون " " الروم" 25 : لكن الدعاء من هللا تعالى بالكالم النفساني الالئق به تعالى يقوم مقام الكالم اللساني في إيصال المراد إلى المدعو ،فجعل الكالم اللساني هنا من إبراهيم عليه السالم مظهراً للكالم النفساني من الحق تعالى في إحياء الموتى بالدعاء ليتمكن من رؤية اإلحياء برؤية نفسه حين الكالم إذ كان مظهر اسمه المحيي ،فلوال دعا بالقول لم يكن عنده من مظاهر اإلحياء ما يحس فيحس اإلحياء بإحساسه ألن في مظهره هذا مع ما في إحيائها بدعائه من البرهان الساطع على بطالن مذهب خصومه في الدين ما ال يخفى ،ولو لم يكن ذلك مع قوله المسموع المتيقن بالحس ألمكنهم مكابرته في أن ذلك اإلحياء في غير ما ينسبونه إليه ،وأما إتيانهن ،ففيه تذكير بما أخبر به محيي الموتى من قوله " :يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده " " اإلسراء " 52 :أي تحشرون إليه ،وأما سعى الطائر في تحدره من الجبل فهو أبلغ في قوته ،وتمام حياته ،وصحته من غير ذلك. فكان سعيهن هذا دليال على أنهن عدن إلى أتم ما كن عليه ،وفيه تذكير بكما بدأكم تعودون، وبحشر المبعوثين من األجداث سراعاً ،وأطال في ذلك إلى خمسة وعشرين سؤاال ،وجوابا ً وهللا أعلم ).آية() 282قوله تعالى(َ ..وا َّتقُوا هَّللا َ َو ُي َع ِّل ُم ُك ُم هَّللا ُ )..قال فى مقدمة الطبقات ال ُكبرى(وقال تعالى " :واتقوا هللا ويعلمكم هللا " البقرة .282:أي يعلمكم ما لم تكونوا تعلمونه بالوسائط من العلوم اإللهية ،ولذلك أضاف التعليم إلى اسم هللا الذي هو دليل على الذات ،وجامع لألسماء ،واألفعال والصفات). آية()26قوله -3سُورةُ آل ِعمران- تعالى(قُ ِل ال َّل ُه َّم مالِ َك ا ْل ُم ْلكِ ُتْؤ تِي ا ْل ُم ْل َك َمنْ َتشا ُء)..قال فى التقريب(و َم ْن ملَّكه هللاُ نفسه و هواه فقد آتاه هللا ال ُم ْلك.قال هللا تعالى(قُ ِل ال َّل ُه َّم مالِ َك ا ْل ُم ْلكِ ُتْؤ تِي ا ْل ُم ْل َك َمنْ َتشا ُء) آية( )31قوله تعالى(قُلْ ِإنْ ُك ْن ُت ْم ُت ِح ُّبونَ هَّللا َ ُ هَّللاو َ مْ ُ ك ب َ و ُ ن ذُ مْ ُ ك َ ل ِر ْ فغْ ي َ و َ هَّللا َفا َّت ِب ُعونِي ُي ْح ِب ْب ُك ُم ُ َغفُو ٌر َرحِي ٌم ) قال فى التقريب(فل ْم يستلز ْم ُحبُّهُم هلل ُحبَّه لهُ ْم و إنَّما صيَّرهم محبوبين عنده اتِّبا ُعهُ ْم لنبيه صلى هللا عليه وسلم وهو قَ ْد ٌر زائ ٌد عن حُبهم هلل ).آية()39قوله تعالى( َفنادَ ْت ُه ا ْل َمالِئ َك ُة ب )..قال فى ص ِّلي فِي ا ْلم ِْحرا ِ َوه َُو قاِئ ٌم ُي َ الطبقات ال ُكبرى نقالً عن ثابت البنانى(وكان يقول الصالة خدمة هللا في األرض ،ولو علم هللا تعالى شيئا ً أفضل من الصالة لما قال" : فنادته المالئكة وهو قائم يصلي في المحراب " اج َعلْ لِي آ َي ًة قال َ آية( )41قوله تعالى(قال َ َر ِّب ْ آ َي ُت َك َأالَّ ُت َك ِّل َم ال َّن َ اس َثال َث َة َأ َّي ٍام ِإالَّ َر ْمزاً َو ْاذ ُك ْر كار)قال صاحبُ س ِّب ْح ِبا ْل َعشِ ِّي َواِإْل ْب َِر َّب َك َكثِيراً َو َ الطبقات نقالً عن محمد بن كعب القُرظى(وكان رضي هللا عنه يقول :لو رخص ألحد في ترك الذكر لرخص لزكريا عليه الصالة والسالم ،قال تعالى " :آتيك أن ال تكلم الناس ثالثة أيام إال رمزاً واذكر ربك كثيراً " ص ِب َر ْح َم ِت ِه َمنْ َيشا ُءآية ()74قوله تعالى( َي ْخ َت ُّ يم قال فى التقريب(و ِم َن َوهَّللا ُ ُذو ا ْل َف ْ ض ِل ا ْل َعظِ ِ الناس َم ْن فاجأته ِعنايةُهللا ِم ْن غير طلب و ال ص ِب َر ْح َم ِت ِهاستعداد ويشه ُد لذلك قو ُل تعالى( َي ْخ َت ُّ َمنْ َيشا ُء) آية()79قوله تعالى(ُ ..كو ُنوا َر َّبا ِن ِّيينَ )..نقل صاحبُ الطبقات ال ُكبرى ِ عن الجريرى(وقال في قوله تعالى " :كونوا ربانين " أي سامعين من هللا قائلين باهلل). ت ُوضِ َع لِل َّن ِ اس آية()96قوله تعالى(ِإنَّ َأ َّول َ َب ْي ٍ ُدى لِ ْلعا َلمِينَ ) قال فى َل َّلذِي ِب َب َّك َة ُم َ باركا ً َوه ً الطبقات فى ترجمة األستاذ على ولد الشيخ محمد وفا(كان يقول في قوله تعالى " :إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة " اآلية -المراد به قلب آدم عليه السالم ألنه أول بيت وضع للرب في البشر ،وهو أيضا ً بجسده مدفون تحت عتبة هذا البيت كما أعطاه الكشف ،وأما بنية الكعبة فهو مثال مضروب للقاصرين ليتذكروا به المعنى عند رؤية مثاله فافهم ).ونقل عنه أيضا ً قوله(فاعرف بيت الرب من بيت الناس، وتوجه إلى كل منهما بشرطه وقم له بحقه واستقبله ،وقم وطف حوله وادخله بما يناسبه منك فالجسم بالجسم ،والقلب بالقلب ،والروح بالروح ولكل مجال رجال فافهم ).آية ()123 ص َر ُك ُم هَّللا ُ ِب َبدْ ٍر َوَأ ْن ُت ْم َأ ِذ َّل ٌة قوله تعالى( َو َل َقدْ َن َ ش ُك ُرونَ ) نقل فى الطبقات َفا َّتقُوا هَّللا َ َل َع َّل ُك ْم َت ْ الكبرى عن الشيخ محمد أبى المواهب الشاذلي(وكان يقول :ال يأتي النصر قط إال بعد حصول الذل قال تعالى " :ولقد نصركم هللا ببدر وأنتم أذلة ")آية()133قوله سار ُعوا ِإلى َم ْغف َِر ٍة مِنْ َر ِّب ُك ْم َو َج َّن ٍة تعالى( َو ِ ماوات َواَأْل ْر ُ ض ُأعِ دَّ ْت لِ ْل ُم َّتقِينَ ) ُ الس ض َها ََّع ْر ُ قال فى الطبقات فى ترجمة األستاذ على ولد الشيخ محمد وفا(كان رضي هللا عنه يقول في قوله " :وسارعوا إلى مغفرة من ربكم " قال قائل ال مغفرة إال حيث الذنب فاألمر بالمسارعة إليها أمر به. قلت :هذا ال يقوله إمام هدى رباني إال على معنى أنه أمر بأن يرى العبد نفسه مذنباً ،وإن أطاع جهده ليحقق عجزه عن قيامه بتمام حق ربه في كل حال ،وأما على أنه يأتي الذنب فال ألن المأمور به ال يكون ذنبا ً فافهم ).آية( ش ًة َأ ْو )135قوله تعالى(ا َّلذِينَ ِإذا َف َعلُوا فا ِح َ س ُه ْم َذ َك ُروا هَّللا َ َف ْ اس َت ْغ َف ُروا لِ ُذ ُن ِ وب ِه ْم َظ َل ُموا َأ ْنفُ َ وب ِإالَّ هَّللا ُ َو َل ْم ُيصِ ُّروا َعلى َما َو َمنْ َي ْغفِ ُر ال ُّذ ُن َ بن ال ُمبارك فى َف َعلُوا َو ُه ْم َي ْع َل ُمونَ ) قال أحم ُد ُ كتابه اإلبريز من كالم سيدى عبد العزيز الدبَّاغ(وسألته رضي هللا عنه عن قوله تعالى): س ُه ْمشةً َأ ْو َظ َل ُموا َأ ْنفُ َ َوا َّلذِينَ ِإ َذا َف َعلُوا َفا ِح َ وب ِه ْم ( ،وقوله تعالى): اس َت ْغ َف ُروا لِ ُذ ُن ِ هللا َف ْ َذ َك ُروا َ هللا سو ًءا َأ ْو َي ْظلِ ْم َن ْف َ س ُه ُث َّم َي ْس َت ْغف ِِر َ َو َمنْ َي ْع َملْ ُ هللا َغفُ ً ورا َرحِي ًما )النساء( )110 َي ِج ِد َ ما المراد ب(يظلم نفسه) فإن ظلم النفس يصدق بما قبله الذي هو عمل السوء في اآلية الثانية ،وفعل الفاحشة في األولى ،فالظلم أعم مما قبله ،والعام ال يعطف بأو. وذكرت له ما قال المفسرون في ذلك ،وأن بعضهم حمل عمل السوء والفاحشة على الكبيرة ،وظلم النفس على الصغيرة .وظهر لي أن يحمل عمل السوء والفاحشة على المعصية مطلقا ،وظلم النفس على اإلصرار على المعصية ،ألنه ال عمل فيه في الظاهر ،يعني أن من أصر على الزنا مثال فإنه ال يصدق عليه أنه فاعل للزنا وممكن للنفس من شهواتها، ولكنه عازم على ذلك ،وبهذا العزم واإلصرار صار ظالما لنفسه حيث عرضها للعقاب ولم تظفر بشهواتها. فتكلمنا في اآلية كالما كثيرا ،وذكر رضي هللا عنه أجوبة ثالثة وخضنا في الكالم فيها. ثم سكت لحظة من الزمان قليلة ،فقال رضي هللا عنه :يقول لكم سيدي محمد بن عبد الكريم البصري إن سبب نزول هذه اآلية هو ما كانت عليه الجاهلية والعرب في ذلك الوقت من المجادلة عن الظالم والذب عنه وتبرئته مما رمي به ،وهم يعلمون أنه فعل ذلك ،كأن يسرق واحد من قوم ويعلمون به ثم يجادلون عنه وينفون عنه السرقة مثال ،فالسارق هو الذي فعل الفاحشة والسوء ،والمجادل هو الذي ظلم نفسه بشهادة الزور وقول الباطل. وقال لي رضي هللا عنه :إن سيدي محمد بن عبد الكريم يعرف كيف يتكلم .فأعجبني هذا التفسير غاية لمناسبته سياق اآلية( َو َمنْ َي ْع َملْ س ُه )حيث يقول تعالى فيها( سو ًءا َأ ْو َي ْظلِ ْم َن ْف َُ س ُه ْم )النساء َواَل ُت َجا ِدلْ َع ِن ا َّلذِينَ َي ْخ َتا ُنونَ َأ ْنفُ َ (()107هَاَأ ْن ُت ْم َهُؤ اَل ِء َجادَ ْل ُت ْم َع ْن ُه ْم فِي ا ْل َح َيا ِة ال ُّد ْن َيا َف َمنْ ُي َجا ِدل ُ َ هللا َع ْن ُه ْم َي ْو َم آية( )152 ا ْلقِ َيا َمةِ).النساء()110 قوله تعالى(ِ ..م ْن ُك ْم َمنْ ُي ِري ُد ال ُّد ْنيا َو ِم ْن ُك ْم َمنْ ُي ِري ُد اآْل خ َِر َة )..قال فى الطبقات نقالً عن األستا ُذ على ول ُد الشيخ محمد وفا(وكان يقول :في قوله تعالى " :منكم من يريد الدنيا ومنكم تن يريد اآلخرة " أي ومنكم من يريدنا ال يريد سوانا. وفي اآلية دليل على أن المؤمن قد يريد الدنيا، وال يقدح ذلك في أصل إيمانه قال :وكل من كان طلبه النعيم الجثماني بعد الموت ،فهو يريد الدنيا فأهل هللا تعالى مجردون عن المقامين، فلم يريدوا الدنيا ،وال اآلخرة لتعلق همتهم بال أين ،وما ال يقبل الشركة ،والعين ال ينقسم إلى اثنين ألن األحدية الفردية أمر ذاتي له ال قبله، وال بعده ،وال معه عدد ،وأطال في ذلك). س َبنَّ ا َّلذِينَ قُ ِتلُوا آية( ) 169قوله تعالى( َوال َت ْح َ يل هَّللا ِ َأ ْمواتا ً َبلْ َأ ْحيا ٌء عِ ْندَ َر ِّب ِه ْم فِي َ س ِب ِ ُي ْر َزقُونَ ) نقل صاحبُ الطبقات ِ عن األستاذ على ولد الشيخ محمد وفا(وكان رضي هللا عنه يقول: سبيل هللا طريقه َ .منْ مات فيها فهو شهيد فالمؤمنون كلهم شهداء في سبيل هللا " وال تحسبن الذين قتلوا في سبيل هللا أمواتا ً بل أحياء " اآلية فافهم). -4سُورةُ النساء -آية( ) 3قوله تعالى(..ذلِ َك َأدْ نى َأالَّ َت ُعولُوا) قال فى الطبقات نقالً عن األستاذ على(وسئل هل لمريد الحق أن يتعاطى ما يشغله عن مراده فقال :ال فقيل فما الحكمة في إذن الشارع صلى هللا عليه وسلم ألمته في التزويج ،وفيه من الشغل ما ال يخفى فقال ألنه لما رأى النفوس البشرية مجبولة على المغلوبية لعوارضها المزاجية أذن لها فيما يفك عنها غلبة تلك العوارض عليها لئال تشغلها عنه ،وشرط عليها مساس الحاجة قبل التعامل ليكون الشغل في ذلك به ال عنه أال ترى قوله: " ذلك أدنى أن ال تعولوا " " األنعام" 6 : والعول الزيادة أي أعنى أن ال تميلوا عن موالكم إلى ما دونه فمن تزوج بنية صالحة كان عابد هللا تعالى بتزوجه مع أن في ضمنه عصمة له من الزنا الذي هو أعظم الحجب عن هللا تعالى فافهم ،وأما من تزوج لمحض الشهوة فقط فذلك الذي يشغله الزواج عن ربه). آية( )17قوله تعالى(ِإ َّن َما ال َّت ْو َب ُة َع َلى هَّللا ِ لِ َّلذِينَ وء ِب َجها َل ٍة ُث َّم َي ُتو ُبونَ مِنْ َق ِري ٍ ب س َ َي ْع َملُونَ ال ُّ وب هَّللا ُ َع َل ْي ِه ْم َوكانَ هَّللا ُ َعلِيما ً َفُأولِئ َك َي ُت ُ َحكِيما ً).نقل فى الطبقات الكبرى عن عكرمة مولى ابن عباس رضى هللا عنهماكان يقول: في قوله تعالى " :للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب " الدنيا كلها قريب وكلها جهالة). الرجال ُ َق َّوا ُمونَ َع َلى آية( )34قوله تعالى( ِّ ساء )..قال فى الطبقات فى ترجمة الشيخ ال ِّن ِ مظفر القرميسيني(وكان رضي هللا عنه يقول: أخس الفقراء قيمة من يقبل رفق النسوان على أي حال كان .قلت :وذلك ألن هللا تعالى يقول: " الرجال قوامون على النساء " و َمنْ رضي لنفسه بقيام المرأة عليه ال يفلح أبداً مع أن قبول الرفق يميل قلب الفقير إلى المرأة زيادة على ميل الوازع الطبيعي فيتلف الفقير بالكلية، وهللا أعلم ).اآليتان( )146-145-قوله تعالى(ِإنَّ ا ْل ُمنافِقِينَ فِي الدَّ ْركِ اَأْل ْس َف ِل مِنَ ال َّن ِ ار ص َل ُحوا َو َلنْ َت ِجدَ َل ُه ْم َنصِ يراً ِ .إالَّ ا َّلذِينَ تا ُبوا َوَأ ْ صوا دِي َن ُه ْم هَّلِل ِ َفُأولِئ َك َم َع ص ُموا ِباهَّلل ِ َوَأ ْخ َل ُ اع َت َ َو ْ ت هَّللا ُ ا ْل ُمْؤ ِمنِينَ َأ ْجراً ف ُيْؤ ِ ا ْل ُمْؤ ِمنِينَ َو َ س ْو َ َعظِ يما) قال فى الطبقات الكبرى فى ترجمة الشيخ ابى الحسن الشاذلى(وكان يقول :إذا ثقل الذكر على لسانك ،وكثر اللغو في مقالك، وانبسطت الجوارح في شهواتك ،وانسد باب الفكرة في مصالحك فاعلم أن ذلك من عظيم أوزارك أو لكون إرادة النفق في قلبك ،وليس لك طريق إال الطريق ،واإلصالح ،واالعتصام باهلل واإلخالص في دين هللا تعالى ألم تسمع إلى قوله تعالى " :إال الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا باهلل وأخلصوا دينهم هللا فأولئك مع المؤمنين " ولم يقل من المؤمنين ،فتأمل هذا األمر إن كنت فقيها ً). -5سُورةُ األنعام-آية( )68قوله تعالى( َوِإذا َرَأ ْي َت ض َع ْن ُه ْم َح َّتى ضونَ فِي آياتِنا َفَأ ْع ِر ْ ا َّلذِينَ َي ُخو ُ ش ْيطانُ ث َغ ْي ِر ِه َوِإ َّما ُي ْنسِ َي َّن َك ال َّ ضوا فِي َحدِي ٍ َي ُخو ُ الظالِمِينَ )قال فى الذ ْكرى َم َع ا ْل َق ْو ِم َّ َفال َت ْق ُعدْ َب ْعدَ ِّ الطبقات نقالً عن األستاذ على(وكان يقول :في قوله تعالى " :وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم " اآلية في هذه اآلية إشعا ٌر باإلعراض عمن يخوض في حق األولياء المكملين فهم من آيات هللا تعالى الدالين عليه قال تعالى " :ولنجعلك آية للناس " فافهم ).آية( )76قوله تعالى( َف َل َّما َجنَّ َع َل ْي ِه ال َّل ْيل ُ َرأى َك ْو َكبا ً قال َ ه ََذا َر ِّبي َف َل َّما َأ َفل َ قال َ اَل ِب اآْل فِلِينَ )قال فى اإلبريز(وسألته رضي هللا ُأح ُّ عنه عن قوله تعالى في حق إبراهيم عليه السالمَ ):ف َل َّما َجنَّ َع َل ْي ِه ال َّل ْيل ُ َرَأى َك ْو َك ًبا َقال َ ه ََذا َر ِّبي (إلى آخر اآلية .هل كان هذا من إبراهيم عليه السالم استدالال لنفسه ونظرا في مصنوعات هللا عز وجل ليرتقي به إلى الحق؟ أو هو استدالل لقومه على سبيل التبكيت والتسكيت لهم؟ فأورد دعواهم على سبيل التسليم ،ثم كر عليها باإلبطال ،فإن المفسرين رضوان هللا عليهم اختلفوا في ذلك. فقال رضي هللا عنه :كان ذلك منه على سبيل االستدالل لنفسه ،ولكن ليس كاستدالل سائر الناس ،فإن استدالل األنبياء عليهم الصالة والسالم ليس كاستدالل سائر الناس ،فإنهم عليهم الصالة والسالم في غاية المعرفة باهلل تعالى وعلى كمال العبودية له عز وجل ونهاية الخوف الخضوع له تعالى ،لما طبعت عليه ذواتهم من معرفة الحق والميل إليه ،وإنما معنى استدالل إبراهيم عليه السالم في هذه اآلية هو أنه يطلب أن يرى بعين رأسه ما كان يراه في باطنه وبصيرته ،فهو يعرف هللا تعالى المعرفة التامة بالبصيرة ،ويريد أن تخرق بصيرته إلى بصره ،فجعل يطلب ببصره في هذه الموجودات ما يناسب معروفه في بصيرته ،فنظر إلى النيرات المذكورات في اآلية فوجدها ال تناسب المنزه المقدس سبحانه فتبرأ منها جميعا إلى ما يعرفه ببصيرته ،وهو الذي فطر السموات واألرض جميعا سبحانه. ومثال ذلك على سبيل التقريب ،كمثل ولي مفتوح عليه نظر ليلة تسع وعشرين إلى الهالل فرآه ببصيرته قد استهل ،ثم نظر إليه ببصره فلم يره ،فجعل يطلبه ببصره مع من يطلبه ،فمن نظر إليه وال يعرف ما في باطنه قد يظن به أنه على شك في استهالل الشهر كسائر من يطلبه من الحاضرين ،ومن علم ما في بصيرته أيقن بأنه جازم باستهالله وأنه مشاهد ببصيرته ،وإن طلبه معنى إنما هو لتحصيل مشاهدة البصر ال غير ،بخالف غيره من الحاضرين فإنه على شك في استهالله ظاهرا وباطنا .فهذا هو الفرق بين استدالل األنبياء عليهم الصالة والسالم واستدالل المحجوبين ،فيجب تنزيه استدالل األنبياء عليهم الصالة والسالم عن الجهل باهلل والشك فيه ،وكل ما ينافي العلم الضروري به عز وجل للعصمة التي خصوا بها وهي تنافي الشك والجهل به تعالى ،ألنهما نوعان من الكفر وهم عليهم الصالة والسالم معصومون من الصغائر فكيف بالكبائر فكيف بما هو من نوع الكفر!) آية( )91قوله تعالى( َوما َقدَ ُروا هَّللا َ َح َّق َقدْ ِر ِه ش ْي ٍء قُلْ َمنْ ش ٍر مِنْ َ ِإ ْذ قالُوا َما َأ ْن َزل َ هَّللا ُ َعلى َب َ جاء ِب ِه ُموسى ُنوراً َوه ً ُدى ِتاب ا َّلذِي َ َأ ْن َزل َ ا ْلك َ يس ُت ْبدُو َنها َو ُت ْخفُونَاس َت ْج َعلُو َن ُه َقراطِ َ لِل َّن ِ َكثِيراً َو ُع ِّل ْم ُت ْم َما َل ْم َت ْع َل ُموا َأ ْن ُت ْم َوال آباُؤ ُك ْم قُ ِل هَّللا ُ ُث َّم َذ ْر ُه ْم فِي َخ ْوضِ ِه ْم َي ْل َع ُبونَ ) قال فى التقريب(فقوله(قُ ِل هَّللا ُ) ِم ْن لطائف العبارات ألهل اإلشارات فعليك باهلل و َد ْع ِ ماسواه.هللاُ بسَّ وما سواه هَ َوس.ف َم ْن أراد الوصول إلى هللا فلينقط ْع َع َّما ِسواه فإنَّه لعبٌ ول ْه ٌو والالهى و الالعبُ ليس بشٍئ .و ال يتنبهُ إلى ذلك كمال التنبه عرضون َع َّما سواه).قال ُ ابن َ إالَّ أوليا ُء هللا ال ُم كم(اهتدى الراحلون إليه بأنوار الح ِ عطاء فى ِ التواجه ،والواصلون لهم أنوار المواجهة . فاألولون لألنوار ،وهؤالء األنوار لهم ؛ ألنهم هلل ،الشيء دونه " :قل هللا ثم ذرهم في خوضهم يلعبون " آية( )115قوله تعالى( َو َت َّم ْت َكلِ َم ُة َر ِّب َك صِ دْ قا ً السمِي ُع ا ْل َعلِي ُم) نقلَو َعدْ الً اَل ُم َبدِّ ل َ لِ َكلِما ِت ِه َوه َُو َّ صاحبُ الطبقات عن األستاذ على(كان يقول: في قوله " :وتمت كلمت ربك صدقا ً وعدال " صدقا ً هنا وضع موضع فضال إذ قوبل به عدال فافهم أي تفضل هللا تعالى بصدقها على قلوب قوم حتى صدقوها وعدل هللا بقلوب قوم حتى -6سُورةُ عدلوا عن تصديقها). اآليتان االعراف- ( ) 15-14قوله تعالى( َأ ْنظِ ْرنِي ِإلى َي ْو ِم ُي ْب َع ُثونَ .قال َ ِإ َّن َك مِنَ ا ْل ُم ْن َظ ِرينَ )قال فى التقريب(فإنَّه ُسبحانه إنّما يُعطى بوصفه ال بوصفك .أال ترى إلى إبليس ُسلِخ عن أوصاف الوصف الخسيسُ ثُ َّم إنَّه ُ ق فيه إال الكمال ولم يب َ حيث قال بعدُ طلب فأعطاه ما طلب طرده(َأ ْنظِ ْرنِي ِإلى َي ْو ِم ُي ْب َع ُثونَ .قال َ ِإ َّن َك مِنَ بوصف ٍ ؤمن عاق ٌل أنَّه أعطاه ا ْل ُم ْن َظ ِرينَ )أيعتق ُد ُم ٌ فيه بعد قوله( َوِإنَّ َع َل ْي َك َل ْع َنتِي ِإلى َي ْو ِم ين)ص( )78؟ بل إنَّما أعطاه بوصفه سبحانه الدِّ ِ أن يطلبه وتعالى الجميل ألنَّه يستحيى سبحانه ْ حسن سبحانه و أح ٌد فيرده خائبا ً من دعائه فإنَّه ُم ٌ تعالى بدون وع ٍد.و إذا وعد فإنَّه ُمنج ٌز رام و ْ إن وعده.وفى الحكم الفاخرة(َألِّحْ على ال ِك ِ فإن لهم أخالقا ً جميلةً.ما َذ َّل تكن أهالً للعطاء َّ لم ْ قلبٌ لباب ربه إال ُجبرْ .وفى الحكم العطائية(لو أنك ال تصل إال بعد فناء مساويك ،ومحو دعاويك -لم تصل إليه أبدا ،ولكن إذا أردت أن يوصلك إليه -غطى وصفك بوصفه ، ونعمتك بنعمته ،فوصلك إليه :بما منه إليك ، ال بما منك إليه).انتهى. آية()17قوله تعالى( ُث َّم آَل ِت َي َّن ُه ْم مِنْ َب ْي ِن شماِئلِ ِه ْم َأ ْيدِي ِه ْم َومِنْ َخ ْلفِ ِه ْم َو َعنْ َأ ْيما ِن ِه ْم َو َعنْ َ َوال َت ِج ُد َأ ْك َث َر ُه ْم شاك ِِرينَ ) قال فى الطبقات نقالً عن الشيخ أبى العبَّاس ال ُمرسى(وكان يقول :لو ِ علم الشيطان أن ثم طريقا ً توصل إلى هللا تعالى أفضل من الشكر لوقف عليها أال تراه كيف قال " :ثم آلتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم وال تجد أكثرهم شاكرين " ولم يقل صابرين ،وال خائفين ،وال آية()31قوله راجعين). تعالى( َيا َبنِي آدَ َم ُخ ُذوا ِزي َن َت ُك ْم عِ ْندَ ُكل ِّ َم ْس ِج ٍد ش َر ُبوا َوال ُت ْس ِرفُوا ِإ َّن ُه اَل ُيح ُّ ِب َو ُكلُوا َوا ْ ا ْل ُم ْس ِرفِينَ )نقل فى الطبقات قول األستاذ على(المراد بالزينة هنا المكارم ،والمحامد، والفضائل فهذه هي الزينة للنفوس اآلدمية، وضد ذلك من زينة البهائم ،والمراد بكل مسجد هو كل هاد للخلق بنوره ،ومرشدهم إلى حسن آية()69قوله العبودية فافهم). جاء ُك ْم ذ ِْك ٌر مِنْ َر ِّب ُك ْم َعلىَ تعالى(َأ َو َع ِج ْب ُت ْم َأنْ فاء مِنَْر ُج ٍل ِم ْن ُك ْم لِ ُي ْنذ َِر ُك ْم َو ْاذ ُك ُروا ِإ ْذ َج َع َل ُك ْم ُخ َل َ ص َط ًة َف ْاذ ُك ُروا وح َوزادَ ُك ْم فِي ا ْل َخ ْل ِق َب ْ ٍ ُ ن م وْ َ َب ْع ِد ِ ق آالء هَّللا ِ َل َع َّل ُك ْم ُت ْفلِ ُحونَ )قال فى التقريب(و ِم َّما َ ُعين على االتصاف برؤية الفضل وال ِمنَّة ي ُ والتبرى من الحول و القوة كثرةُ الفكر فيما أنعم ودفع عنه من ِ هللا تعالى به على العبد من النعم فإن كثرةَ الفكر فى ذلك توجب كثرة الشكر النقم َّ وتوجب رؤية الفضل و المنة هلل والتبرى من الحول و القوة وذلك سبب الفالح.قال آالء هَّللا ِ َل َع َّل ُك ْم ُت ْفلِ ُحونَ )قال سيدى تعالى( َف ْاذ ُك ُروا َ ابو الحسن الشاذلى-رضى هللا عنه(-العاقل ُمن عقل عن هللا تعالى ما أراد به ومنه شرعاً.والذى يريده هللاُ بالعبد أربعةُ أشياء-إما نعمة أوبلية أو طاعة أو معصية.فإذا كنت بالنعمة فاهلل يقتضى منك الشكر شرعاً.وإذا كنت بالبلية فاهلل يقتضى منك الصبر شرعاً.وإذا أراد هللا تعالى منك الطاعة فاهلل يقتضى منك شهود المنة ورؤية التوفيق منه شرعاً.وإذا أراد بك معصية فاهلل يقتضى منك التوبة و اإلنابة شرعاً.فمن عقل هذه األربعة عن هللا تعالى كان قريبا ً بما أحبه هللا منه شرعا ً فهو عب ٌد على الحقيقة بدليل قوله صلى هللا بر، فص َعليه وسلم " َمنْ ُأ ْعطِ َي َفش َكر ،واب ُتلِي َ فاس َت ْغ َفر ،و ُظلِم َف َغفر". َ وظ َلم ْ ث َّم س َكت .فقالوا :يا رسول هللا ما له؟ قال: " {ُأو َلِئ َك َل ُه ُم اَأْل ْمنُ َو ُه ْم ُم ْه َتدُونَ } )قلت(الحديث ذكره األلبانى فى ضعيف " ُ الترغيب و الترهيب-حديث()5( - 1984وقال [ضعيف جداً]) وقال فى التقريب أيضاً(قال رضى هللا عنه-يقصد االمام أبا الحسن الشاذلى(-العاق ُل عن هللا من عرف فى شدائد الزمان األلطاف الجارية من هللا عليه وعرف إساءة نفسه فى إحسان هللا تعالى إليه( َف ْاذ ُك ُروا آالء هَّللا ِ َل َع َّل ُك ْم ُت ْفلِ ُحونَ ) فقلي ٌل من العمل مع َ شهود ال ِمنَّة هلل تعالى خي ٌر من كثير من العمل مع ألن شهود التقصير ال رؤية التقصير من النفس َّ يخلو عن الشرك فى التقدير ).وقال فى التقريب أيضاً(قال بعضُ العارفين(وإنَّما أكثر ذو النون من تعداد النعم و الشكر عليها عمالً بقول هللا واآالء هَّللا ِ َل َع َّل ُك ْم ُت ْفلِ ُحونَ )فالبد لمن َ تعالى( َف ْاذ ُك ُر أراد القيام بواجب الشكر من كثرة الفكر فى مصنوعات هللا وصفاته و أفعاله وإنعامه عليه ليعرف قدر النعم و فضل هللا َ وعلى غيره عن وإحسانه عليه وبعد ذلك كله يعترف بالعجز ِ بأقل الشكر فضالً عن أكثره.وكان بعضُ القيام ِّ العارفين يزي ُد على ذلك بمحاسبة نفسه على نعم يوم ِم ْن أول لحظة إلى هللا المتجددة عليه ُك َّل ٍ آخ ِر لحظ ٍة).ِ آية( )89قوله تعالى( َق ِد ا ْف َت َر ْينا َع َلى هَّللا ِ َكذِبا ً ِإنْ ُعدْ نا فِي ِم َّل ِت ُك ْم َب ْعدَ ِإ ْذ َن َّجا َنا هَّللا ُ ِم ْنها َوما شاء هَّللا ُ َر ُّبنا َي ُكونُ َلنا َأنْ َن ُعودَ فِيها ِإالَّ َأنْ َي َ ش ْي ٍء عِ ْلما ً َع َلى هَّللا ِ َت َو َّك ْلنا َر َّب َنا َوسِ َع َر ُّبنا ُكل َّ َ ا ْف َت ْح َب ْي َننا َو َب ْينَ َق ْومِنا ِبا ْل َح ِّق َوَأ ْن َت َخ ْي ُر ا ْلفا ِتحِينَ ) قال فى اإلبريز(وسألته رضي هللا عنه عن قوله تعالىَ ):و َما َي ُكونُ َل َنا َأنْ َن ُعودَ اء هللاُ َر ُّب َنا (ما هذا االستثناء من ش َفِي َها ِإاَّل َأنْ َي َ شعيب عليه السالم ،فإن االستثناء يقتضي الشك وعدم الثبوت على الحالة التي هو عليها. فقال رضي هللا عنه :هذا االستثناء محض رجوع إلى هللا تعالى ،وذلك هو محض اإليمان، ألن أهل الفتح وال سيما الرسل عليهم الصالة والسالم يشاهدون فعل هللا تعالى فيهم ،وأنه ال حول لهم وال قوة ،وأن الفعل الذي يظهر على ذواتهم إنما هو من هللا تعالى ،فإذا استثنى صاحب هذه الحالة فقد غرق في بحر العرفان وأتى بأعلى درجة اإليمان ،وهللا تعالى أعلم). آية()96قوله تعالى( َو َل ْو َأنَّ َأهْ ل َ ا ْلقُرى آ َم ُنوا ماء الس ِت مِنَ َّ َوا َّت َق ْوا َل َف َت ْحنا َع َل ْي ِه ْم َب َركا ٍ ض َولكِنْ َك َّذ ُبوا َفَأ َخ ْذنا ُه ْم ِبما كا ُنوا َواَأْل ْر ِ َي ْكسِ ُبونَ ) قال فى ُمقدمة الطبقات(وقد حكى الشيخ محيي الدين بن العربي في الفتوحات وغيرها :أن طريق الوصول إلى علم القوم اإليمان ،والتقوى قال هللا تعالى " :ولو أن أهل القرى أمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء واألرض " أي أطلعناهم على العلوم المتعلقة بالعلويات والسفليات ،وأسرار الجبروت ،وأنوار الملك ،والملكوت). جاء ُموسى (و َل َّما َ آية( )143قوله تعالى َ لِمِيقاتِنا َو َك َّل َم ُه َر ُّب ُه قال َ َر ِّب َأ ِرنِي َأ ْن ُظ ْر ِإ َل ْي َك قال َ ِن ا ْن ُظ ْر ِإ َلى ا ْل َج َب ِل َفِإ ِن ْ اس َت َق َّر َلنْ َترانِي َولك ِ ف َترانِي َف َل َّما َت َج َّلى َر ُّب ُه لِ ْل َج َب ِل َج َع َل ُهس ْو ََمكا َن ُه َف َ س ْبحا َن َك فاق قال َ ُ دَ ًّكا َو َخ َّر ُموسى َ صعِقا ً َف َل َّما َأ َ ت ِإ َل ْي َك َوَأ َنا َأ َّول ُ ا ْل ُمْؤ ِمنِينَ )نقل صاحب ُت ْب ُ الطبقات عن الشيخ أبى المواهب الشاذلى(وكان يقول :في معنى قول موسى عليه السالم " رب أرني أنظر إليك " بلسان اإلشارة أرني أي بالغيبة عني أنظر قدس ذاتك بتنزيه صفاتك إذ ال يراك سواك وامح عني الظالم وال تحجبني بوهم الخيال).ونقل قول األستاذ على(كان يقول :في قوله " :فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا ً " لوال وجد التجلي ما اندك .فإذا وجدت من خشع للحق جهراً ،فاعلم أنه قد وجد الحق فلذلك خشع ،وإن لم يشعر هو ،واحفظ له حرمة ذلك الوجد تسلم ،وتغنم). آية( )144قوله تعالى(قال َ َيا ُموسى ِإ ِّني اص َط َف ْي ُت َك َع َلى ال َّن ِ اس ِب ِرساالتِي َو ِب َكالمِي َف ُخ ْذ ْ شاك ِِرينَ )قال فى َما آ َت ْي ُت َك َو ُكنْ مِنَ ال َّ التقريب(ل َّما طلب موسى عليه السالم من الحق الرؤية زياد ًة على ما آتاه من الكالم لم ُيجبه وقال( َف ُخ ْذ َما آ َت ْي ُت َك َو ُكنْ مِنَ ال َّ شاك ِِرينَ )فدلت اآلية على أنه ال ينبغى للعبد أن يطلب الزيادة ُ على ما أعطاه هللاُ تعالى إال مع التفويض). ف َعنْ آيات َِي ص ِر ُسَأ ْآية()146قوله تعالى( َ ض ِب َغ ْي ِر ا ْل َح ِّق َوِإنْ َي َر ْوا ا َّلذِينَ َي َت َك َّب ُرونَ فِي اَأْل ْر ِ ش ِد اَلالر ْس ِبيل َ ُّ ُكل َّ آ َي ٍة اَل ُيْؤ ِم ُنوا ِبها َوِإنْ َي َر ْوا َ الغ ِّي َي َّت ِخ ُذوهُ س ِبيل َ َس ِبيالً َوِإنْ َي َر ْوا َ َي َّت ِخ ُذوهُ َ س ِبيالً ذلِ َك ِبَأ َّن ُه ْم َك َّذ ُبوا ِبآياتِنا َوكا ُنوا َع ْنهاَ غافِلِينَ ) نقل فى الطبقات عن الجريرى قوله(ومن كالمه رضي هللا عنه :من استولت عليه نفسه صار أسيراً في حكم الشهوات محصوراً في سجن الهوى ،وحرم هللا على قلبه الفوائد فال يستلذ بكالم هللا تعالى ،وال يستحليه، وإن قرأ كل يوم ختمة ألنه تعالى يقول" : سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في األرض بغير الحق " يعني أحجبهم عن فهمها وعن التلذذ بها وذلك ألنهم تكبروا بأحوال النفس والخلق والدنيا فصرف هللا عز وجل عن قلوبهم فهم مخاطباته وسد عليهم طريق فهم كتابه وسلبهم االنتفاع بمواعظه وحبسهم في سجن عقولهم وآرائهم فال يعرفون طريق الحق ،وال يتعرفونه بل ينكرون على أهل الحق ،ويحرفون كالمهم إلى معان لم يقصدوها ،وغاب عنهم أن هللا تعالى ما أعطاهم العلم إال ليحتقروا نفوسهم ،ويذلوا للعباد إجالال لمن هم عبيد له سبحانه وتعالى). تعالى(وِإ ْذ َأ َخ َذ َر ُّب َك مِنْ َبنِي آدَ َم َ آية()172قوله ش َهدَ ُه ْم َعلى َأ ْنفُسِ ِه ْمور ِه ْم ُذ ِّر َّي َت ُه ْم َوَأ ْ مِنْ ُظ ُه ِ ش ِهدْ نا َأنْ َتقُولُوا َي ْو َمت ِب َر ِّب ُك ْم قالُوا َبلى َ َأ َل ْس ُ ا ْلقِيا َم ِة ِإ َّنا ُك َّنا َعنْ ه ََذا غافِلِينَ ) نقل فى عن االمام ال ُجنيد(وسئل عن اإلنسان الطبقات ِ يكون هادئا ً فإذا سمع السماع اضطرب فقال: إن هللا تعالى لما خاطب الذرية في الميثاق ُ ألست بربكهم " استقرعت األول بقوله" : عذوبة سماع كالم األرواح فإذا سمعوا السماع حركهم ذكر ذلك) آية()175قوله تعالى( َوا ْتل ُ َع َل ْي ِه ْم َن َبَأ ا َّلذِي ش ْيطانُ َفكانَ س َل َخ ِم ْنها َفَأ ْت َب َع ُه ال َّ آ َت ْيناهُ آياتِنا َفا ْن َ غاوينَ )قال فى التقريب(وليعتبر العب ُد مِنَ ا ْل ِ بقصة إبليس و بلعام بن باعوراء الذى قال هللاُ فيه( َوا ْتل ُ َع َل ْي ِه ْم َن َبَأ ا َّلذِي آ َت ْيناهُ آياتِنا َفا ْن َ س َل َخ غاوينَ )إلى آخر ش ْيطانُ َفكانَ مِنَ ا ْل ِ ِم ْنها َفَأ ْت َب َع ُه ال َّ اآلية و ُكل ُّ ذلك بسبب رؤية النفس والتقصير فى القيام بالحقوق). آية()180قوله تعالى( َوهَّلِل ِ اَأْل ْسما ُء ا ْل ُح ْسنى َفادْ ُعوهُ ِبها َو َذ ُروا ا َّلذِينَ ُي ْل ِحدُونَ فِي َأ ْسماِئ ِه س ُي ْج َز ْونَ َما كا ُنوا َي ْع َملُونَ ) نقل فى الطبقات َ عن أبى على الروذبارى(وكان يقول :لما تشوقت القلوب إلى مشاهدة ذات الحق ألقى عليها األسامي فسكنت وركنت إليها ،والذات متسترة إلى أوان التجلي ،وذلك قوله تعالى" : وهلل األسماء الحسنى فادعوه بها " اآلية .أي قفوا معها على إدراك الحقائق ،وكان يقول: أظهر الحق األسامي ،وأبداها للخلق ليسكن لها قلوب المحبين ويؤنس بها قلوب العارفين له). آية()182قوله تعالى( َوا َّلذِينَ َك َّذ ُبوا ِبآياتِنا ث اَل َي ْع َل ُمونَ )نقل فى س َن ْس َتدْ ِر ُج ُه ْم مِنْ َح ْي ُ َ الطبقات عن الشيخ أبى المواهب الشاذلى(وكان رضي هللا عنه يقول في قوله تعالى " :سنستدرجهم من حيث ال يعلمون " أي بحقيقة االستدراج ،وذلك أن يغطي عليهم حقائق الحق ،ويلقى في أوهامهم أنهم على صواب ،وحق وأنهم غير مؤاخذين على أفعالهم نسأل هللا اللطف ،فمن أراد الوقاية من االستدراج فليخف عند ورود النعم عليه أن يستعملها في غير ما وضعت له). آية()190قوله تعالى( َف َل َّما آتاهُما صالِحا ً َج َعال كاء فِيما آتاهُما َف َتعا َلى هَّللا ُ َع َّما ُي ْ ش ِر ُكونَ ) َل ُه ُ ش َر َ قال فى اإلبريز(فسألته رضي هللا عنه عن قوله تعالى في قصة آدم وحواء عليهما السالم): َف َل َّما آ َتا ُه َما َ صال ًِحا َج َعاَل َل ُه ُ ش َر َكاءَ فِي َما آ َتا ُه َما ش ِر ُكونَ ( .فقلت :آدم نبي هللا َف َت َعا َلى هللاُ َع َّما ُي ْ وحبيبه كيف يجعل له شركاء؟ فقال رضي هللا عنه :هذا معاتبة اآلباء بما فعلته األبناء واألوالد .كمن له بستان فيه فواكه وثمار ،فجاء إليه أوالد زيد فأخذوا من ثماره، وأفسدوا فيه .فجاء رب البستان إلى زيد وجعل يخاصمه ويعاتبه ،ويقول له :أفسدت علي بستاني ،وأكلت ثماري ،وفعلت وفعلت .فعلى شبه هذا األسلوب جاءت القصة الشريفة. ُ سمعت منه رضي هللا عنه هذا الجواب في بدايته. ُ قلت :وهذا قول حبر هذه األمة عبد هللا بن عباس رضي هللا عنهما ،نقله الحافظ السيوطي في [الدر المنثور في تفسير القرآن بالمأثور]، واختار هذا القول السيد الجرجاني في شرح المواقف ،فرضي هللا عن هذا السيد الجليل ما أعرفه باهلل وبأنبيائه .واستدلوا على هذا التفسير بأن سياق آخر اآلية إنما يصح في الكفار وبقراءة من قرأ (جعلوا له شركاء) بالجمع فإنها أيضا ً إنما تصح في الكفار ،وهللا تعالى أعلم). -7سورة األنفال -آية()17قوله تعالى( َف َل ْم َت ْق ُتلُو ُه ْم َولكِنَّ هَّللا َ َق َت َل ُه ْم َوما َر َم ْي َت ِإ ْذ َر َم ْي َت سنا ًَولكِنَّ هَّللا َ َرمى َولِ ُي ْبل َِي ا ْل ُمْؤ ِمنِينَ ِم ْن ُه َبال ًء َح َ سمِي ٌع َعلِي ٌم )قال فى التقريب(قال شار ُ ح ِإنَّ هَّللا َ َ المجالس(العارفون قائمون باهلل قد تو َّلى هللاُ طاعة لم يرجوا عليها ٌ أمرهم.فإذا ظهرت منهم ثوابا ً أل َّنهم لم يروا ألنفسهم عمالً وإن ظهرت ُ فالدية على القاتل.قال الشيخ منهم ز َّل ٌة زروق(ومعنى كون الدية على القاتل أنَّ حكم الفعل على الفاعل وال فاعل سواه سبحانه وقد َّ الحق فوجب أنْ ُيسلم له صح أنْ الحكم عليه و َّ فى فعله ُيقدر ما يشا ُء ويجازى بما يري ُد ال عتب عليه آخراً كما الحرج عليه ُ (المعنى-فالدية على القاتل َّأوالً).انتهى.وقيل كسبا ً وهو العبد وكذلك اإلث ُم على الفاعل كسبا ً الكسب هو منا ُط التكليف وبذلك تميزت ُ إ ِذ العقيدةُ عن عقيدة الجبرية وهلل الحجة البالغة.وقيل(معنى كون الدية على القاتل أى حقيقة.قال تعالى( َف َل ْم َت ْق ُتلُو ُه ْم َولكِنَّ هَّللا َ ً القاتل َق َت َل ُه ْم)أى فيرجعون إلى هللا ويلتجئون إليه ً توبة ألنَّ الدية على القاتل فلم يشهدوا فيلهمهم غيره فى الشدة و الرخاء.قيامهم باهلل و نظرهم إليه وخوفهم وهيبتهم منه ورجاؤهم و أنسهم به.وأ َّما غيرهم فبقوا مع نفوسهم فى نسبة األفعال لها وطلب الحظ لها اعتماداً على تلك األعمال وسكونا ً إلى تلك األحوال.فإذا وقعوا فى زلة نقص بذلك رجاؤهم كما أ َّنهم غذا عملوا طاعة جعلوها من أعظم ُعددهم و أقوى ً معتمدهم فتعلقوا باألسباب و ُحجبوا بتفرقهم بها عن رب االرباب.فمن وجد هذه العالمة من طوره فليعرف منزلته وقدْ ره و اليتعدى ْ ْ نفسه فيدعى مقامات الخاصة المقربين و إ َّنما هو من عامة أصحاب اليمين).وقال أيضاً(والحاصل أنَّ العارف يصل إلى حالة يفنى فيها عن أفعاله و أوصافه وذاته فال يشه ُد إال فعل مواله و أوصافه وذاته وهذا ُيس َّمى جمعا ً وعذلك ال يحجبه هذا عن فرقه فالعارف ال يحجبه جمعه عن فرقه و القرقه عن جمعه و ال صحوه عن بعض ُ سكره عن صحوه كما قال سكره و ال ُ ُ له العارفين- فر ٌق يستضُئ به –كالفرق فى لدى الجمع ْ والصحو ُيسكره ُ جمعه مازال يلقيه فى ريه ظمٌأ طوراً و ُيخفيه. والوج ُد ُيظهره ْ ْ - ويوض ُح لك ش َّم ًة مِنْ ذلك قوله تعالى(َ ..وما َر َم ْي َت ِإ ْذ َر َم ْي َت َولكِنَّ هَّللا َ َرمى)..فنفى عنه الرمى أوالً بقوله( َوما َر َم ْي َت)وهو عين الجمع وأثبته ثانيا ً بقوله(ِإ ْذ َر َم ْي َت)وهو عينُ الفرق ثم منسوب إلى ٌ قال( َولكِنَّ هَّللا َ َرمى)أى أنَّ الرمى هللا تعالى خلقا ً و إيجاداً وإليك كسبا ً واستناداً وهذا هو حقيقة الجمع و الفرق.وهذا فى فرق ُ الفرق فى الصفات و األفعال و جمعها وفوقه جمعها وفوقه الفرق فى الذوات و جمعها.ومن لم يتحقق بالفرق األول وجمعه حاالً وذوقا ً ال ش َّم ًة من الفرقين و الجمعين اآلخرين). يفه ْم َ آية()45قوله تعالى( َيا َأ ُّي َها ا َّلذِينَ آ َم ُنوا ِإذا َلقِي ُت ْم فَِئ ًة َفا ْث ُب ُتوا َو ْاذ ُك ُروا هَّللا َ َكثِيراً َل َع َّل ُك ْم ُت ْفلِ ُحونَ )نقل فى الطبقات عن الشيخ أبى الحسن الشاذلى(وكان رضي هللا عنه يقول :إذا عرض عارض يصدك عن هللا فاثبت قال هللا تعالى " :يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا هللا كثيراً لعلكم نفلحون " ) النص فقال(وقال َّ وذكرصاحب التقريب هذا ُ عارض يصدك ٌ رضى هللاُ عنه-غذا عرض لك عن هللا تعالى وعن اإلقبال على طاعته فأكثر مِنْ ذكر هللا واثبت قال هللا تعالى( َيا َأ ُّي َها ا َّلذِينَ آ َم ُنوا ِإذا َلقِي ُت ْم فَِئ ًة َفا ْث ُب ُتوا َو ْاذ ُك ُروا هَّللا َ َكثِيراً ِئة مِنَ الفئات العارض ف ٌ ُ َل َع َّل ُك ْم ُت ْفلِ ُحونَ )فهذا صلْ لك الفال ُ ح واذكر هللا و استعنْ به يح ُ ِ ْ فاثبت العارض). َ ويمنع عنك هذا ْ آية()67قوله تعالى( َما كانَ لِ َن ِب ٍّي َأنْ َي ُكونَ َل ُه ض ُت ِريدُونَ َع َر َ ض َأ ْسرى َح َّتى ُي ْثخِنَ فِي اَأْل ْر ِ ال ُّد ْنيا َوهَّللا ُ ُي ِري ُد اآْل خ َِر َة َوهَّللا ُ َع ِزي ٌز َحكِي ٌم)نقل فى الطبقات عن الشيخ أبى محمد عبد هللا بن محمد الراسبي (وكان رضي هللا عنه يقول في قوله تعالى " :تريدون عرض الدنيا ،وهللا يريد اآلخرة " جمع بين إرادتين فمن أراد الدنيا دعاه هللا إلى اآلخرة ،و َمنْ أراد اآلخرة دعاه هللا إلى قربه). سورةُ التوبة -آية()33قوله تعالى(ه َُو ا َّلذِي ُ -8 ِين ا ْل َح ِّق لِ ُي ْظ ِه َرهُ َع َلى سو َل ُه ِبا ْل ُهدى َود ِ سل َ َر ُ َأ ْر َ ش ِر ُكونَ )قال فى ين ُك ِّل ِه َو َل ْو َك ِر َه ا ْل ُم ْ الدِّ ِ اإلبريز(وسألته رضي هللا تعالى عنه عن قوله سو َلهُ ِبا ْل ُهدَ ى َود ِ ِين تعالى ):ه َُو ا َّلذِي َأ ْر َ سل َ َر ُ ا ْل َح ِّق لِ ُي ْظ ِه َرهُ َع َلى الدِّ ِ ين ُك ِّل ِه َو َل ْو َك ِر َه ا ْل ُم ْ ش ِر ُكونَ ( ،ما المراد بإظهاره على األديان كلها ،هل المراد به أنه ناسخ لها ،أو المراد به سطوع حجته وظهور داللة صحته أو غير ذلك؟ فقال رضي هللا عنه :هذا الدين الظاهر أظهره هللا على األديان كلها من كل وجه ،من جهة ناسخ لها ،ومن جهة سطوع حجته ،ومن جهة كثرته على وجه األرض ،حتى إن األديان بالنسبة إليه كال شيء ،وذلك أن من فتح هللا بصيرته ونظر إلى وجه األرض عامرها وغامرها رأى في كل موضع أقواما يعبدون هللا تعالى ويقدسونه وهم على الدين المحمدي، واألرض عامرة بهؤالء السادات رضي هللا عنهم ،فهم في هذا البر وفي ذلك البر ،يعني بر أهل الكفر ،وفي الكهوف والجبال والسهول وفي عامر األرض وغامرها. ومما اختص به هذا الدين الشريف -جعلنا هللا من أهله -أن فيه نورا يمنع األمة المشرفة اآلخذة به من االرتداد والرجوع إلى الكفر، وذلك لمحبة هللا تعالى في هذا النبي الكريم صلى هللا عليه وسلم ،فجمع له في دينه خصاال كثيرة مجموعها عاصم ألمته الشريفة من االرتداد ،بخالف غيره من األديان ،فإنه لم يستوف الخصال المانعة من الردة .قال رضي هللا عنه :ومن نظر إلى اللوح المحفوظ ونظر فيه إلى المرسلين وإلى شرائعهم التي هي مكتوبة فيه ،علم دوام شريعة نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم وعدم ارتداد أمته .وذلك أن هللا عز وجل خلق النور وخلق الظالم ،ثم خلق العباد واألمم ،ثم جعل للنور أبوابا يدخل منها على ذواتهم ،وجعل للظالم أبوابا يدخل منه على ذواتهم ،ثم شرع الشرائع وأرسل المرسلين بها ليفتح بها أي بالشرائع أبواب النور وهي األوامر التي فيها ،ويسد بها أبواب الظالم عن ذواتهم وهي النواهي التي فيها، فاألوامر تفتح أبواب النور ،والنواهي تسد أبواب الظالم ،ولم يستوف في شريعة األوامر الفاتحة للنور والنواهي السادّ ة للظالم إال في شريعة نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم ،فلهذا كانت فوق الشرائع كلها ،وكانت أمته الشريفة فوق سائر األمم ،وإلى ذلك المعنى أشار النبي صلى هللا عليه وسلم بقوله" :اَل َت ْج َت ِم ُع ُأ َّمتِي ضاَل َلةٍ". َع َلى َ قال رضي هللا عنه :والمفتوح عليه إذا نظر إلى األمم السابقة ونظر إلى األماكن التي كانوا يسكنونها في أزمنتهم رأى الظالم فوق مساكنهم على هيئة ضباب أسود مثل الدخان، ثم ال يزال الظالم يخرج منهم وهم يتركون دينهم شيئا فشيئا إلى أن ينزل عليهم وتسقى ذواتهم به ،فتصبح األمة وقد خرجت عن دينها ،نسأل هللا العصمة ،ثم ال تهتدي إليه أبدا ،فهذا وجه من وجوه إظهار هذا الدين آية()40قوله على سائر األديان). تعالى(َ ..و َكلِ َم ُة هَّللا ِ ه َِي ا ْل ُع ْليا )..نقل فى الطبقات عن األستاذ على(وكان رضي هللا عنه يقول: في قوله تعالى " :وكلمة هللا هي العليا " كلمة هللا هي النفس التي غلب عليها الحكم اإللهي بظهوره فيها تخلقاً ،وتحققاً ،وكشفاً ،وبيانا ً هذا هو حقيقة معنى اآلية ،وفيها أيضا ً أن كلمة هللا أي اسم هللا هي العليا ألنه االسم األعظم الجامع آية( لحقائق جميع األسماء). )41قوله تعالى(ا ْنفِ ُروا خِفافا ً َوثِقاالً)..قال فى ُ العوائق التقريب(فمِنَ الخذالن أنْ تصدَّ َك التوجه إلى هللا تعالى و الرحيل ُّ عن والشواغل ُ ِ الواجب عليك أنْ ُتبادر إلى ذلك وترمى ُ إليه.بل ِ بالعوائق والشواغل خلف ظهرك كما قيل(سيروا إلى هللا ُعرجا ً و مكاسير و الصحة فإنَّ انتظار الصحة بطالة.قال التنتظروا ِّ هللا تعالى(ا ْنفِ ُروا خِفافا ً َوثِقاالً)) آية()43قوله تعالى( َع َفا هَّللا ُ َع ْن َك لِ َم َأ ِذ ْن َت َل ُه ْم صدَ قُوا َو َت ْع َل َم ا ْلكاذ ِِبينَ )قال َح َّتى َي َت َب َّينَ َل َك ا َّلذِينَ َ فى اإلبريز(وقد سألته أيضا عن قوله تعالى): َع َفا هللاُ َع ْن َك لِ َم َأ ِذ ْن َت َل ُه ْم َح َّتى َي َت َب َّينَ َل َك ا َّلذِينَ صدَ قُوا َو َت ْع َل َم ا ْل َكاذ ِِبينَ ) فأجابني رضي هللا عنه َ بما يقرب من هذا المعنى ،فقال :إن النبي صلى هللا عليه وسلم أمره هللا تعالى أن يعفو وأن يصفح الصفح الجميل ،وأن يعاشر بالتي هي أحسن ويدفع بها حتى قال( َو َل ْو ُك ْن َت َف ًّظا َغل َ ِيظ اس َت ْغف ِْر ف َع ْن ُه ْم َو ْ اع ُ ب اَل ْن َف ُّ ضوا مِنْ َح ْولِ َك َف ْ ا ْل َق ْل ِ او ْر ُه ْم فِي اَأْل ْم ِر )فكانت هذه عادته مع ش ِ َل ُه ْم َو َ الخلق ،فلما جاءه أهل النفاق واستأذنوه في التخلف وذكروا أعذارهم ،أذن لهم في التخلف وهو يعلم نفاقهم للرحمة التي فيه ،ولما أمره به من المعاشرة بالتي هي أحسن وحضه عليها في غير ما آية ،فسلك معهم مسلك الظاهر ،ثم تحدث في باطنه بنزول آية تفضحهم ،وإنما منعه هو من أن يباشر فضيحتهم للرحمة التي فيه ووصية هللا له، فتحدث في باطنه بفضيحتهم على وجه يبين كونها من هللا ال منه للحياء الذي فيه صلى هللا عليه وسلم ،مثل قوله تعالى( ِإنَّ َذلِ ُك ْم َكانَ ُيْؤ ذِي ال َّن ِب َّي َف َي ْس َت ْح ِيي ِم ْن ُك ْم َوهللاُ اَل َي ْس َت ْح ِيي مِنَ ا ْل َح ِّق ) فأحب أن تنزل اآلية في صورة العتاب له لتكون أبعد عن التهمة ،وأدخل في محض النصيحة ،وأزجر لهم عن االشتغال بالنفاق مع النبي صلى هللا عليه وسلم مرة أخرى .فإن هللا تعالى هو وكيله على َمنْ ينافقه وخصيمه وحجيجه ،فتضمنت صورة هذا العتاب مصالح شتى ،وفي الباطن ال عتاب وإنما ناب الحبيب عن حبيبه في المخاصمة ال غير. قال :وال ينبغي ألحد أن يظن بالنبي صلى هللا عليه وسلم أنه كان ال يعلم الصادق من الكاذب من المعتذرين ،وكيف يخفى ذلك عليه والمفتوح عليه في هذا الزمان يعلم الصادق والكاذب منهم في ذلك الزمان ،وأهل الفتح أجمعون إنما نالوا ما نالوا بمحبته صلى هللا عليه وسلم ،فسقوا بمقدار شعرة من نوره صلى هللا عليه وسلمُ .. قلت :وهذا التقرير في اآلية أحسن ما قيل فيها عند من تأمل كالم المفسرين. وقد قال البيضاوي عفا هللا عنا وعنهَ ):ع َفا هللاُ َع ْن َك (كناية عن خطئه في اإلذن ،فإن العفو من روادفه. قال شيخ اإلسالم زكريا في حاشيته :تبع فيه الزمخشري ،قال الطيبي :أخطأ الزمخشري في هذه العبارة خطأ فاحشا ،وال أدري كيف ذهب عنه وهو العلم في استخراج لطائف المعاني أن في أمثال هذه اإلشارات ،وهي تقديم العفو، إشعارا بتعظيم المخاطب وتوقيره وتوقير حرمته ،وهو كما قال ،ألن مثل ذلك ال يقتضي تقدم ذنب بل يدل تصديره على التعظيم ،كما تقول لمن تعظمه :عفا هللا عنك ما صنعت في أمري ،ورضي هللا عنك ما جوابك عن كالمي؟ ولهذا قال التفتازاني :ما كان ينبغي للمصنف، يعني الزمخشري ،أن يعبر بهذه العبارة الشنيعة ،بعد ما راعى هللا مع رسوله تقديم العفو وذكر اإلذن المنبئ عن علو المرتبة وقوة التصرف ،وإيراد الكالم في صورة اإلستفهام وإن كان القصد إلى اإلنكار ،على أن قولهم األولى (عفا هللا عنك) قد يقال عند ترك ْ واألفضل ،بل في مقام التبجيل والتعظيم مثل عفا هللا عنك ما صنعت في أمري اهـ .وقال الحافظ السيوطي في حاشيته :تبع في هذه العبارة السيئة الزمخشري ،وقد قال صاحب اإلنتصاف هو بين أمرين :إما أن ال يكون هذا المعنى مرادا فقد أخطأ ،أو يكون مرادا لكن كنى هللا عنه إجالالً ورفعا ً لقدره ،أفال تأدب بآداب هللا تعالى ال سيما في حق المصطفى صلى هللا عليه وسلم ،ثم نقل كالم الطيبي والتفتازاني ،ثم قال :وقال القاضي عياض في الشفاء :هو استفتاح كالم بمنزلة أصلحك هللا وأعزك هللا ،وقد ألف في هذا الموضع رادا على الزمخشري الصدر حسن بن محمد بن صالح النابلسي كتابا سماه "جنة الناظر وجنة المناظر في اإلنتصار ألبي القاسم الطاهر" صلى هللا عليه وسلم .وبهذه النكتة وأمثالها نهى أهل الدين والورع عن مطالعة الكشاف وإقرائه ،وقد ألف في ذلك تقي الدين السبكي كتابا سماه "سبب االنكفاف عن إقراء الكشاف" ،فانظره في تلك الحاشية فقد نقله آية()60 برمته ،وهللا تعالى أعلم). قات لِ ْلفُ َق ِ راء )..قال ابنُ قوله تعالى(ِإ َّن َما َّ الصدَ ُ عطاء فى حِكمه(إن أردت ورود المواهب عليك -صحح الفقر والفاقة لديك " :إنما الصدقات للفقراء")وقال فى التقريب(تح َّق ْق بأوصافك مدك بأوصافه.تح َّق ْق ِب ُذ ِّلك ُيمدْ ك ِبع ِِّزه.تح َّق ْق ُي ْ حوله.تح َّق ْق بفقرك ُيمدْ ك بضعفك ُيمدْ ك بقوته و ْ بغناه.فإنَّ َمنْ ثبت له الفق ُر األكب ُر ثبت له الغِنى المواهب ُ سرع إليه األكبر..ف َمنْ أراد َأنْ ُت ً فليتح َّق ْق بالفقر.قال تعالى(ِإ َّن َما َّ الصدَ ُ قات لِ ْلفُ َق ِ راء) وجدي ٌر لمن اعترف بالملكية لمواله أنْ يغتنى به ُث َّم ال يسأل َع َّمنْ شاناه وناواه.ومِنْ َ الزمه إظها ُر إنعام مواله عليه فيخلع هو على من يشا ُء ِم َّمنْ قصده أو آوى إليه.وفى ُ يثبت ذلك األمثال-ضيف الكرام ال ُيضا ُم وكيف ُ لعبد أكرم األكرمين ).وقال أيضاً(فالواجبث على نكسر القلب َ العبد أنْ يكون مستحيا ً مِنْ مواله ُم تتحق فاق ُته ُّ بشهود التقصير فى العبودية فبذلك و اضطرا ُره وخي ُر أوقاتك وقت تشه ُد فيه وجود فاقتك و ُتر ُّد فيه إلى وجود ذاتك وبذلك قات لِ ْلفُ َق ِ راء)) يك ُث ُر العطا ُء(ِإ َّن َما َّ الصدَ ُ آية( )118قوله تعالى(ُ ..ث َّم َ تاب َع َل ْي ِه ْم لِ َي ُتو ُبوا )..نقل فى التقريب عن الشيخ أبى العباس أحمد بن محمد بن سهل بن عطاء اآلدمي(وقال في قوله تعالى " :ثم تاب عليهم ليتوبوا " ما لم يعطف الرب على العبد بالرحمة لم يعطف العبد على هللا بالطاعة).قلت(ال ُتعجبنى جملة -لم يعطف العبد ُ على هللا بالطاعة.ولو قالُ -يقبل ُ على هللا بالطاعة لكان ْأولى و أفضل).وقال الشي ُخ نعمة هللا بن محمود النخجواني ،ويعرف بالشيخ علوان فى تفسيره (الفواتح اإللهية والمفاتح الغيبية الموضحة للكلم القرآنية والحكم الفرقانية)( ُث َّم بعد ما أخلصوا في االنابة والرجوع وفوضوا أمورهم اليه سبحانه قد َ تاب هللا َع َل ْي ِه ُم اى أقدرهم ووفقهم على التوبة بل أمرهم في سرهم لِ َي ُتو ُبوا ويرجعوا نحو الحق نادمين عما صدر عنهم من المخالفة فيغفر لهم ويعفو عن زالتهم).وقال أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن موسى األزدي السلمي فى تفسيره(حقائق التفسير)( ( ثم تاب عليهم ليتوبوا ) قال أحمد بن خضرويه ألبي يزيد رحمة هللا عليه :بماذا أصل التوبة النصوح؟ قال :باهلل وبتوفيقه (ثم تاب عليهم ليتوبوا ) قال بعضهم :عطف عليهم ببوادي عطفه ونعمه وفضله فألفوا إحسانه ورجعوا إليه فكان هو الذي أخذهم إلى نفسه ،ال هم بأنفسهم رجعوا إليه). آية( )123قوله تعالى( َيا َأ ُّي َها ا َّلذِينَ آ َم ُنوا قا ِتلُوا ا َّلذِينَ َيلُو َن ُك ْم مِنَ ا ْل ُك َّف ِ ار َو ْل َي ِجدُوا فِي ُك ْم اع َل ُموا َأنَّ هَّللا َ َم َع ا ْل ُم َّتقِينَ ) جاء فى غِ ْل َظ ًة َو ْ سلمى(قال سهل :النفس كافرة فقاتلها تفسير ال ُ بالمخالفة لهواها ،واحملها على طاعة هللا والمجاهدة في سبيله وأكل الحالل وقول الصدق وما قد أمرت به من مخالفة تفسيره(قرب ُ الطبيعة).وقال االما ُم القُيرى فى األعداء إلى المسلم من الكفار ،الذي يجب سه .عدوه أي َن ْف ُ عليه منازعته هو أعدى ِّ فيجب أن يبدأ بمقاتلة َن ْفسِ ه ثم بمجاهدة الكفار ).قال فى التقريب(قال الشي ُخ ُمحيى الدين بنُ العربى فى كتابه ال ُمسمى مواقع النجوم(إنَّ هللا َّ عز وجل َّ ل َّما أراد أنْ ُي ِّ رق عبد الخصوصى إلى المقامات العل َّية َق َّرب منه أعداءه ح َّتى يع ُظ َم جهاده لهم وليشتغل بمحاربتهم َّأوالً قبل محاربة غيرهم من األعداء الذين هم منه أبعد.قال تعالى( َيا َأ ُّي َها ا َّلذِينَ آ َم ُنوا قا ِتلُوا ا َّلذِينَ َيلُو َن ُك ْم مِنَ ا ْل ُك َّف ِ ار َو ْل َي ِجدُوا فِي ُك ْم اع َل ُموا َأنَّ هَّللا َ َم َع ا ْل ُم َّتقِينَ ) َح ُّظ غِ ْل َظ ًة َو ْ صوفى و ُكل موفق أن ينظر إلى نفسه األ َّمارة ال ُ بالسوء التى تحمله على كل محظور ومكروه وتعدل ُ به عن ُكل ِّ واج ٍ ب ومندوب للمخالفة التى جبلها هللاُ عليها.وهى أقرب الكفار و األعداء إليه فإذا جاهدها وقتلها و أسرها فحينئ ٍذ يصح له أن ينظر فى األغيار على حسب ما يقتضيه فالنفس أش ُّد األعداء ُ مقا ُمه وتعطيه منزلته ً عزيمة فجهادها هو الجهاد ً شكيمة و أقواهم ُ مخالفة هواها وتبديل ُ األكبر .ومعنى الجهاد صفاتها وحملها على طاعة هللا). سورةُ يونس -آية()24قوله تعالى(ِإ َّنما َم َثل ُ ُ -9 اخ َت َل َط ِب ِه ماء َف ْ الس ِ ماء َأ ْن َز ْلناهُ مِنَ َّ ا ْل َحيا ِة ال ُّد ْنيا َك ٍ اس َواَأْل ْنعا ُم َح َّتى ِإذا بات اَأْل ْر ِ ض ِم َّما َيْأ ُكل ُ ال َّن ُ َن ُ از َّي َن ْت َو َظنَّ َأهْ لُها َأ َّن ُه ْم ض ُز ْخ ُر َفها َو َّ ت اَأْل ْر ُ َأ َخ َذ ِ قا ِد ُرونَ َع َل ْيها َأتاها َأ ْم ُرنا َل ْيالً َأ ْو َنهاراً س َكذلِ َك َف َج َع ْلناها َحصِ يداً َكَأنْ َل ْم َت ْغنَ ِباَأْل ْم ِ صاحب ُ ت لِ َق ْو ٍم َي َت َف َّك ُرونَ )نقلصل ُ اآْل يا ُِن َف ِّ الطبقات عن الشيخ ابى المواهب الشاذلى(وكان يقول إنما ضرب هللا مثل الحياة الدنيا بالماء ألن الماء إذا أمسكته تغير ونتن، وصار بلية فكذلك الدنيا تصير بلية). آية()32قوله تعالى( َفذلِ ُك ُم هَّللا ُ َر ُّب ُك ُم ا ْل َح ُّق َفماذا ص َرفُونَ )نقل الضالل ُ َفَأ َّنى ُت ْ َب ْعدَ ا ْل َح ِّق ِإالَّ َّ صاحب الطبقات عن األستاذ على(وكان رضي ُ هللا عنه يقول :من عرف الحق لم ير إال الحق " فماذا بعد الحق إال الضالل " فافهم). جاء ْت ُك ْم َ آية( )57قوله تعالى( َيا َأ ُّي َها ال َّن ُ اس َقدْ ُور صد ِ َم ْوعِ َظ ٌة مِنْ َر ِّب ُك ْم َوشِ فا ٌء لِما فِي ال ُّ ُدى َو َر ْح َم ٌة لِ ْل ُمْؤ ِمنِينَ ) قال الشيخ محيى َوه ً الدين بن العربى فى تفسيره لهذه اآلية({يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة} أي :تزكية لنفوسكم بالوعد والوعيد واإلنذار والبشارة والزجر عن الذنوب المورطة في العقاب والتحريض على األعمال الموجبة للثواب لتعملوا على الخوف والرجاء {وشفاء لما في الصدور} أي :القلوب من أمراضها كالشك والنفاق والغل ّ والغش وأمثال ذلك بتعليم الحقائق والحكم الموجبة والتنور بنور ّ لليقين وتصفيتها لقبول المعارف وهدى} ً التوحيد ,والتهيئ لتجليات الصفات { ألرواحكم إلى الشهود الذاتي {ورحمة} بإفاضة الكماالت الالئقة بكل مقام من المقامات الثالث بعد حصول االستعداد في مقام النفس بالموعظة ومقام القلب بالتصفية ومقام الروح بالهداية {للمؤمنين} بالتصديق أوالً ثم باليقين ثانيا ً ثم بالعيان ثالثاً).منقول من التفسير المنسوب لمحيى الدين بن عربى.وقال فى التقريب(و ُيقال ُ أيضاً-القرآن موعظة للنفوس وشفاء للصدور وهُدى ُ -الموعظة للعوام والشفاءلألرواح.و ُيقال ُ ُ حيث للخواص وال ُهدى لألخص والرحمة للكل آية()58قوله أوصلهم إلى مراتبهم). ض ِل هَّللا ِ َو ِب َر ْح َم ِت ِه َف ِبذلِ َك َف ْل َي ْف َر ُحوا تعالى(قُلْ ِب َف ْ ه َُو َخ ْي ٌر ِم َّما َي ْج َم ُعونَ )قال ابنُ عطاء فى حِكمه(ال تفرحك الطاعة ؛ ألنها برزت منك ، وافرح بها ،ألنها برزت من هللا إليك " :قل بفضل هللا وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون") قال فى التقريب –تعليقا ً على تعجب إال بنواله ْ تفرح و ال ْ كالم ابن عطاء(فال تصحب إال من يعلمك العلوم التى تقربك ْ و ال صاحب الطبقات عن ُ غلى حضرة كماله).نقل األستاذ على(وكان يقول :أستاذك بالنسبة إليك هو فضل هللا عليك ،ورحمته بك فتحققك به خير من جميع ما استفدته " قل بفضل هللا وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون")قال فى التقريب-نقالً عن كتاب لطائف المنن(-قال -يعنى شيخه أبا العباس المرسى-الناس على ثالثة أقسام-عب ٌد هو بشهود مامنه إلى هللا وعب ٌد هو بشهود مامن هللا إليه وعب ٌد هو بشهود مامن هللا إلى هللا.قال(وعنى أن من الناس من يكون الغالب عليه كالم الشيخ َّ شهود تقصيره و إساءته فيقوم مقام المعتذر بين ُ األحزان وتحالفه األشجان يدى هللا وتالزمه ويتولَّى عليه الكم ُد ُكلَّما بدت منه سيئةٌ أو ُكشف له عن أوصاف سُو ٍء وعب ٌد غلب عليه ما من هللا إليه من الفضل و اإلحسان و الجُود و االمتنان.فهذا تالزمه المس َّرةُ و الفر ُح بنعمة هللا ض ِل هَّللا ِ َو ِب َر ْح َم ِت ِهتعالى.قال هللا تعالى(قُلْ ِب َف ْ َف ِبذلِ َك َف ْل َي ْف َر ُحوا ه َُو َخ ْي ٌر ِم َّما َي ْج َم ُعونَ )واألو ُل هو حا ُل الزهَّاد والثانى حا ُل أهل العناية و شأن أهل التكليف والثانى ُ شأن المودة و األو ُل ُ أهل التعريف.األو ُل حا ُل أهل اليقظة والثانى ابن عربى فى حا ُل أهل المعرفة ).وقال ُ ضل هللا} أي :بتوفيقه للقبول في تفسيره({قُلْ ِب َف ْ المقامات الثالثة {وبرحمته} بالمواهب الخلقية والعلمية والكشفية في المراتب الثالث فليعتنوا وإن كانوا يفرحون {فبذلك فليفرحوا} ال باألمور الفانية القليلة المقدار ,الدنيئة القدر والوقع {هو خي ٌر مما يجمعون} من الخسائس الفاسدة والمحقرات الزائلة من جملة الحطام إن كانوا أصحاب دراية وفطنة وأرباب قدر وهمة).قال فى التقريب(قُلْ يا محمد للناس(وهما عبارتان عن إنزال القرآن( َف ِبذلِ َك َف ْل َي ْف َر ُحوا)هو-ما ذكر من فضل هللا و رحمته- خي ٌر ِم َّما يجمعون من األموال الفانية ).وقال ض ِل هَّللا ِ بعض العارفين(قُلْ ِب َف ْ ُ أيضاً(وقال َو ِب َر ْح َم ِت ِه َف ِبذلِ َك َف ْل َي ْف َر ُحوا)فضل ُ هللا هو سيدنا تفضل به على َّ محمد صلى هللا عليه وسلم األولين و اآلخرين فهو الفضل ُ العظي ُم و ُ الواسعة وقال( َف ْل َي ْف َر ُحوا)ولم ُ الرحمة (-فلتفرح أنت) إشار ًة إلى أنَّ فرحه صلى ْ يقلْ هللا عليه و سلم إ َّنما هو بربه). ِياء هَّللا ِ اآليات( )64- 62قوله تعالى(َأال ِإنَّ َأ ْول َ ف َع َل ْي ِه ْم َوال ُه ْم َي ْح َز ُنونَ .ا َّلذِينَ آ َم ُنوا اَل َخ ْو ٌ شرى فِي ا ْل َحيا ِة ال ُّد ْنيا َوكا ُنوا َي َّتقُونَ َ .ل ُه ُم ا ْل ُب ْ ت هَّللا ِ ذلِ َك ه َُو ا ْل َف ْو ُز َوفِي اآْل خ َِر ِة اَل َت ْبدِيل َ لِ َكلِما ِ ا ْل َعظِ ي ُم)قال فى التقريب(قال الشبلى(ليس لهم خوف القطيعة وال ُحزنُ الحجاب و ُه ْم فى ُ ُمشاهدة الج َّبار ).وقال أيضاً(فهم أحبا ُء هللا و أعداء نفوسهم فإنَّ الوالية هى معرفة هللا ومعرفة نفوسهم فمعرفة هللا رؤيته بنظرالمحبة ومعرفة النفس رؤيتها بنظر العداوة عند كشف غطاء أحوالها و اوصافها.فإذا عر ْف َتها َّ حق علمت أ َّنها عدوةٌ هلل تعالى ولك َ المعرفة وعالجتها بالمعاندة و المكابدة أم ْن َت مكرها و رت إليها بنظر الشفقة و نظ َكيدها وما ْ المرحمة..وال ُمرا ُد بأولياء هللا ُخ َّل ُ ص المؤمنين لقربهم الروحانى منه سبحانه أل َّنهم يتولونه تعالى بالطاعة.أى يتقربون إليه بطاعته و االستغراق فى معرفته بحيث إذا رأوا رؤا دالئل قدرته وإنْ سمعوا سمعوا آياته وإنْ نطقوا نطقوا بالثناء عليه و إن تحركوا تحركوا فى وإن اجتهدوا اجتهدوا فى طاعته(اَل خدمته ِ ف َع َل ْي ِه ْم) فى الدارين من لحوق مكروه. َخ ْو ٌ والخوف إ َّنما يكون من حدوث شر فى ُ المستقبل ( َوال ُه ْم َي ْح َز ُنونَ ) من فوات المطلوب.والحزن إ َّنما يكون من تحقق شئ ِم َّما كرهه فى الماضى أو من فوات شٍئ أحبه ب ذلك ال أنَّ يعتريهمفيه.أى ال يعتريهم ما ُيو ِج ُ لكنهم ال يخافون و ال يحزنون و ال أ َّنهم ال خوف و ُحزنٌ بل يستمرون على ٌ يعتريهم النشاط والسرور كيف ال واستشعار الخوف والخشية استعظاما ً لجالل هللا و هيبته واستصغاراً للحد و السعى فى إقامة حقوق العبودية من خصائص الخواص و ال ُمقربين ف َع َل ْي ِه ْم َوال ُه ْم ولذلك قال بعضهم(اَل َخ ْو ٌ َي ْح َز ُنونَ )فى اآلخرة وإال فهم أشد خوفا ً و ُحزنا ُ فى الدنيا من غيرهم وإنما يعتريهم ذلك ألنَّ مقصدهم ليس إال طاعة هللا ونيل رضوانه المستتبع للكرامة و ال ُزلفى وذلك مما الريب فى حصوله و ال احتمال لفواته بوجب الوعد بالنسبة إليه تعالى وأ َّما ما عدا ذلك من األمور الدنيوية المترددة بين الحصول و الفوات فهى بمعزل من االنتظام فى سلك مقصدهم وجوداً وعدما ً ح َّتى يخافوا من حصول ضارها أو يحزنوا بفوات نافعها ..وقال بعضهم( كانوا يتقون هللا من صدور سيئات األعمال و األخالق فى مرتبة الشريعة و الطريقة ومن ظهور الغفالت والتلوينات فى مرتبة المعرفة والحقيقة ألنهم ُيصلحون طبائعهم بالشريعة و أنفسهم يالطريقة وقلوبهم بالمعرفة وارواحهم و أسرارهم بالحقيقة فال جرم أ َّنهم يتقون من ُكل ِّ ما سوى هللا ).وقال ابنُ عربى فى تفسيره({أال إن أول َياء هللا} المستغرقين في عين الهوية ألحدية بفناء األنية {ال خوف عليهم} إذ لم يبق منهم بقية خافوا بسببها من حرمان وال غاية وراء ما بلغوا فيخافوا من حجبه {وال هم يحزنون} المتناع فوات شيء من الكماالت واللذات منهم ,فيحزنوا عليه .وعن سعيد بن جبير رضي هللا عنه :إن رسول هللا صلى هللا سئل من هم؟ فقال " :هم الذين عليه وسلم ُ ُيذك ُر هللاُ برؤيتهم "(هذا الحديث أخرجه الطبرانى فى المعجم الكبير-حديث()12325 اس، سعِي ِد ْب ِن ُج َب ْي ٍرَ ،ع ِن ا ْب ِن َع َّب ٍ ولفظه(عنْ َ َ س َّل َمَ{ :أاَل ِإنَّ َأ ْولِ َي َ اء ص َّلى هللاُ َع َل ْي ِه َو َ َع ِن ال َّن ِب ِّي َ ف َع َل ْي ِه ْمَ ،واَل ُه ْم َي ْح َز ُنونَ } َقالَ: هللا اَل َخ ْو ٌ ِ « ُي ْذ َك ُر هللاُ ِب ُرْؤ َي ِت ِهمْ» ) .وهذا رمز لطيف منه عليه السالم .وعن عمر رضي هللا عنه :سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول " :إن من عباد هللا عباداً ما هم بأنبياء وال شهداء يغبطهم األنبياء والشهداء يوم القيامة لمكانهم من هللا " . قالوا :يا رسول هللا ,أخبرنا من هم وما أعمالهم؟ فلعلنا نحبهم .قال " :هم قوم تحا ّبوا في هللا على غير أرحام بينهم وال أموال يتعاطونها ,فوهللا إن وجوههم لنور وإنهم لعلى منابر من نور ,ال يخافون إذا خاف الناس وال يحزنون إذا حزن الناس " ثم قرأ اآلية( .هذا الحديث قال فى فيه األلبانى فى صحيح الترغيب و الترهيب[ )17( - 3026 -صحيح لغيره]) قوله :وإنهم لعلى منابر من نور ,يريد به اتصالهم بالمبادئ العالية الروحانية كالعقل األول وما يليه. {الذين آمنوا وكانوا ي ّتقون} إن جعل صفة الحقي ّ ألولياء هللا فمعناه الذين آمنوا باإليمان وكانوا يتقون بقاياهم وظهور تلويناتهم{ .لهم شرى في الحياة الدنيا} بوجود االستقامة في ال ُب ْ األعمال واألخالق المبشرة بجنة النفوس {وفي اآلخرة} بظهور أنوار الصفات والحقائق الروحانية والمعارف الح ّقانية عليهم المبشرة بجنة القلوب وحصول الذوق بهما واللذة {ال تبديل لكلمات هللا} لحقائقه الواردة عليهم وأسمائه المنكشفة لهم وأحكام تجلياته النازلة بهم ,وإن جعل كالما ً برأسه مبتدأ فمعناه الذين آمنوا اإليمان اليقيني وكانوا يتقون حجب صفات النفس وموانع الكشف من التشكيكات الوهمية والوساوس الشيطانية {لهم البشرى في الحياة الدنيا} بوجدان لذة برد اليقين في النفس واطمئنانها بنزول السكينة وفي اآلخرة بوجدان ذوق تجليات الصفات وأثر أنوار المكاشفات ال تبديل لكلمات هللا من علومهم اللدنية وحكمهم اليقينية أو فطرتهم التي عليها فإن كل نفس كلمة). وقال االما ُم القُشيرى فى تفسيره(قوله جل ّ اء هَّللا ِ الَ َخ ْو ٌ ف َع َل ْي ِهم } إنّ َأ ْولِ َي َ ذكره { :أالَ ً الولي على وزن فعيل مبالغة من الفاعل ،وهو ُّ َمنْ َت َوا َلت طاعاته ،من غير أن يتخللها عصيان . ويجوز أن يكون فعيل بمعنى مفعول كجريح الولي ُّ وقتيل بمعنى مجروح ومقتول؛ فيكون َمنْ يتوالى عليه إحسانُ هللا وأفضاله ،ويكون بمعنى كونه محفوظا ً في عامة أحواله من المحن . ُّ الحق- ارتكاب المعاصي فيعصمه ُ وأش ُّد المحن سبحانه -على دوام أوقاته من الزالَّت . فالولي ال ُّ النبي ال يكون إال معصوما ً َّ وكما أن يكون إال محفوظا ً . وال َف ْر ُق بين المحفوظ والمعصوم أن المعصوم صل منهب أ ْل َب َّت َة ،والمحفو ُظ قد تح ُ ال ُيلِ ُّم ِب َذ ْن ٍ َه َنات ،وقد يكون له -في الندرةَ -زالَّ ٌ ت، ولكن ال يكون له إصرار { :أولئك الذين يتوبون من قريب } [ النساء . ] 17 :قوله اء هَّللا ِ الَ َخ ْو ٌ ف َع َل ْي ِه ْم جل ّ ذكره َ { :أالَ إنَّ ْأولِ َي َ َوالَ ُه ْم َي ْح َز ُنونَ } . حسنٌ ما قيل إنه { ال خوف عليهم } :في الدنيا { ،وال هم يحزنون } :في العاقبة . األولى َأنْ يقال إن الخواص منهم ال ولكن ْ َ حقيقة الخوفِ خوف عليهم في الحال -ألنَّ ٌ محذور في المستقبل ،أو تر ُّقب محبوب ٍ تو ُّقع يزول في المستأنف .وهم ِب ُح ْك ِم الوقت؛ ليس لهم تط ّل ُع إلى المستقبل .والحزن هو أن تنالهم ُح ُزونة في الحال ،وهم في َر ْو ِ ح الرضا بكل ِّ ما فالولى ال ُّ يجري فال تكون لهم حزونة الوقت . خوف عليه في الوقت ،وال له حزن بحال ، ٌ فهو بحكم الوقت . وال يكون ول َّيا ً إال إذا كان مو َّفقا ً لجميع ما يلزمه من الطاعات ،معصوما ً بكل وجه عن خص َل ٍة حميدة يمكن أن جميع الزالت .وكل ُّ ْ ُي ْع َت َب َر بها فيقال هي صفة األولياء . الولي َمنْ فيه هذه الخصلة . ُّ ويقال صر في ِّ حق الحق ،وال الولي من ال ُي َق ِّ ُّ ويقال الخلق؛ يطيع ال لخوف عقاب يؤخر القيام بحق َِّ لعاجل ٍ ،وال على مالحظ ِة حسن مآب ،أو تطلع اقتراب ،ويقضي لكل ِّ أح ٍد حقا ً يراه واجبا ً ،وال يقتضي من أح ٍد حقا ً له ،وال ينتقم ،وال ينتصف وال يشمت وال يحقد ،وال يقلد أحداً ِم ّن ًة ،وال يرى لنفسه وال لما يعمله َقدْ َراً وال قيمة .هذه صفة األولياء؛ آمنوا في الحال ، واتقوا ال ّ ش ْر َك في المآل .ويقال { َءا َم ُنوا } أي قاموا بقلوبهم من حيث المعارف َ { .و َكا ُنوا َي َّتقُونَ } :استقاموا بنفوسهم بأداء الوظائف . ويقال « آمنوا » بتلقي التعريف «.واتقوا » : بالتقوى عن المحرمات بالتكليف .القيام باألمر يدل على الصحة؛ فإذا قاموا بما ُأمِروا به ، ش َر ْت ُهم واستقاموا ِب َت ْركِ ما ُزجروا عنه َب َّ الشريعة بالخروج عن عهدة اإللزام ،وب َّ شرتهم الحقيقة باستجياب اإلكرام ،بما كوشِ فوا به من اإلعالم . . .وهذه هي البشرى في عاجلهم . فالحق -سبحانه- ُّ وأما ال ُبشرى في آجلِهم : يتو َّلى ذلك التعريف ،قال تعالى ُ { :ي َب ِّ ش ُر ُه ْم ان } [ التوبة ] 21 : َر ُّب ُهم ِب َر ْح َم ٍة ِّم ْن ُه َو ِر ْ ض َو ٍ . ويقال البشارة ال ُع ْظ َمى ما يجدون في قلوبهم مِنْ َظ َف ِرهم بنفوسهم بسقوط مآربهم ُّ ، وأي ُم ْلكٍ أت ُّم من سقوط المآرب ،والرضا بالكائن؟ هذه هي النعمة العظمى ،ووجدانُ هذه الحالة هو البشرى الكبرى . ويقال الفرق بين هذه البشارة التي لهم وبين البشارة التي للخ ْلق أنَّ للخ ْلق عِ دَ ةٌ بالجميل ، والذي له َن ْق ٌد ومحصول ).وقال السُلمى فى تفسيره( قال الواسطي رحمة هللا عليه :عالمة الولي أربعة :األولى يحفظ سرائره التي بينه وبين ربه مما يرد على قلبه من المصائب فال يشكو .والثانية :أن يصون كرامته فال يتخذها رياء وال سمعة وال يعقل عنها هوانا ً . والثالثة :أن يحتمل أذى خلقه فال يكافؤهم . والرابعة :أن يداري عباده على تفاوت أخالقهم ،ألنه رأى الخلق هلل وفي أسر القدرة فعاشرهم على رؤية ما منه إليهم .وسئل بعضهم ما عالمة األولياء ؟ قال :همومهم مع هللا وشغلهم باهلل وفرارهم إلى هللا .قال بعضهم :حال األولياء في الدنيا أشرف منها في اآلخرة ألنه جذب سرهم إلى سره وغيبهم عن كل ما سواه ،وهم في اآلخرة كما قال ! : ( في شغل فاكهون ) ! قال سهل :الولي هو الذي توالت أفعاله على الموافقة .سمعت أبا الحسن الفارسي يقول :سمعت محمد بن معاذ النهرجوري يقول :صفة األولياء أن يكون الفقر كرامتهم وطاعة هللا جالوتهم ،وحب هللا حيلتهم ،وإلى هللا حاجتهم وهللا حافظهم ، ومع هللا تجارتهم وبه افتخارهم وعليه توكلهم وبه أنسهم ،والجوع طعامهم والزهد ثمارهم ،وحسن الخلق لباسهم ،وطالقة الوجه حليتهم وسخاوة النفس حرمتهم ،وحسن المعاشرة صحبتهم ،والشكر زينتهم ،والذكر همتهم والرضا راحتهم ،والخوف سجيتهم ، والليل فكرتهم ،والنهار غيرتهم ،أولئك أولياء هللا ال خوف عليهم وال هم يحزنون . قال أبو سعيد الخراز :األولياء في الدنيا يطيرون بقلوبهم في الملكوت ،يرتادون ألوان الفوائد والحكمة ،ويشربون من عين المعرفة ،فهم يفرون من فضول الدنيا ،ويأنسون بالمولى ويستوحشون من نفوسهم إلى وقت موافاة رسول الرحيل .وقال أيضا ً :نفوس األولياء تذوب كما يذوب الملح في الماء ، للحفظ على أمور المولى في مواقيتها وأداء األمانة في كل ساعة .وقال أيضا ً :إن نفوس األولياء حملت قلوبهم ،وقلوب األعداء حملت نفوسهم ،ألن نفوس األولياء تحمل األعباء في دار الدنيا ؛ طمعا ً في فراغ قلوبهم ، وقلوب األعداء تحمل أثقال نفوسهم من الشرك طمعا ً في راحة نفوسهم .وقال بعضهم :الولي من يصبر على البالء ويرضى بالقضاء ويشكر على النعماء .وقال أبو يزيد :أولياء هللا هم عرائس هللا ،وال يرى العرائس إال من يكون محرما ً لهم ،وهم مخدرون عند هللا في مجال األنس ال يراهم أحد .قال بعضهم :إن حال األولياء في الدنيا أرفع من حالهم في اآلخرة ،ألن هللا جذب بينهم في الدنيا وقطعهم عن الكون وفي اآلخرة يشغلهم بنعيم الجنة .قال أبو علي الجوزجاني :الولي هو الفاني في حاله ،الباقي في مشاهدة الحق وذاته ،تولى هللا أسبابه فتوالت عليه أنوار التولي ،لم يكن له عن نفسه أخبار وال مع أحد غير هللا قرار .وسئل أبو حفص عن الولى ،فقال :الولي من أيد بالكرامات وغيب عنها .قوله تعالى ( لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي اآلخرة ) قال أبو سعيد الخراز في هذه اآلية قال :هم به وله ،موقوفون بين يديه ،غير أن الحق ممتع لهم بماله ،أراهم من عظم الفوائد وجزيل الزخائر ،ومما ال يقع لهم به علم ،وال علم عليه قبل حين وروده حتى يكون الحق مطالعا ً على ما تريد من ذلك على حسب ما قسمه لهم ،فهم في ذلك على األحوال شتى ،فذلك قوله ( لهم البشرى في الحياة الدنيا )قال بعضهم :البشرى في الدنيا هو ما وعد من رؤيته ،والبشرى في اآلخرة تصديق ذلك الوعد). آية( )101قوله تعالى(قُ ِل ا ْن ُظ ُروا َم َاذا فِي يات َوال ُّن ُذ ُر ض َوما ُت ْغنِي اآْل ُ ت َواَأْل ْر ِ السماوا ِ َّ َعنْ َق ْو ٍم اَل ُيْؤ ِم ُنونَ ) قال فى التقريب(فاهلل تعالى أمرك بالنظر فى المكونات حيث قال(قُ ِل ا ْن ُظ ُروا ت َواَأْل ْر ِ ض)ال لتركن بقلبك َم َاذا فِي َّ السماوا ِ إليها بل لتشهد هللا فيها فال تستوحش منها و ال تنفر من رؤيتها بهذا المعنى وتستوحش منها وتنفر من رؤيتها إذا ركن قلبُك إليها وتعلَّق بها فاعرف الفرق بين النظرين فالنظر إلى المكونات ال لذاتها بل لكونها مرآة لشهود هللا فيها ألنَّ رؤية هللا بال حجاب فى الدنيا مستحيلة والممكن إنما هو معرفته ومشاهدته بالبصيرة). س ْس َك هَّللا ُ ِب ُ ض ٍّر آية( )107قوله تعالى( َوِإنْ َي ْم َ ف َل ُه ِإالَّ ه َُو َوِإنْ ُي ِردْ َك ِب َخ ْي ٍر َفال َرادَّ َفال كاشِ َ يب ِب ِه َمنْ َيشا ُء مِنْ عِ با ِد ِه َوه َُو ضلِ ِه ُيصِ ُ لِ َف ْ الرحِي ُم) قال فى التقريب(وهو الغفور ا ْل َغفُو ُر َّ الذى يستر بنوره ظلمة وجود الصديقين الرحيم يتقرب برحمته إلى الطالبن الصادقين وهم الذين دينهم عبادة هللا وطاعته ومحبته وطلبه العبادة الهوى والدنيا وطاعتها ومحبتها الغفور الذى يستر القبائح والذنوب بإسبال الستر عليها فى الدنيا وترك العقاب و المؤاخذة فى اآلخرة فتعرضوا لرحمته بالطاعة و التيأسوا من غفرانه بالمعصية .وح ُّظ العارف من هذا االسم أن يستر من أخيه ما يحب أن ُيتس َترمنه وقد قال صلى هللا عليه وسلم(من ستر على مؤمن عورة ستر هللا عورته يوم القيامة) .والمغتاب و المتجسس و المكافئ بمعزل عن هذا الوصف وإ َّنما المنصف من ال يفشى من خلق هللا إال أحسن ُ مافيهم).قلت(الحديث بهذا اللفظ لم يخرجه إالابنُ عساكر فى ُمعجمه دون قوله يوم القيامة .و األحاديث فى فضل الستر كثيرة منها ِن فِي ال ُّد ْن َيا َ س َت َرهُ هللاُ َي ْو َم س َت َر َع َلى ُمْؤ م ٍ " َمنْ َ ا ْلقِ َيا َم ِة "أخرجه االما ُم أحم ُد فى مسنده-حديث()17391 -10سورة هود -آية( )28قوله تعالى(َ..أ ُن ْل ِز ُم ُك ُموها َوَأ ْن ُت ْم َلها ِ كارهُونَ )قال فى الطبقات نقالً ِ عن األستاذ على(وكان يقول :في قوله تعالى " :أنلزمكموها وأنتم لها كارهون " الشأن السيادي ال يحصل لمن اشتهاه وال يكره عليه من أباه فالزم الحب ،والتمحيص، ومحبوبك ،ولي الوهب ،والتخصيص). اس َتقِ ْم َكما ُأم ِْر َت)..قال آية()112قوله تعالى( َف ْ فى التقريب(قال ابنُ عطاء فى قوله اس َتقِ ْم َكما ُأم ِْر َت)أى افتقر إلى هللا تعالى تعالى( َف ْ مع تبريك من الحول و القُوَّ ة فالنفوس ج ْ ُبلت على االعوجاج عن طريق االستقامة إاَّل ما اخ ُتصَّ منها بالعناية األزلية و ْ الجذبة ص ِب َر ْح َم ِت ِه َمنْ َيشا ُء َوهَّللا ُ ُذو اإللهية( َوهَّللا ُ َي ْخ َت ُّ ا ْل َف ْ ض ِل ا ْل َعظِ ِ يم)البقرة-آية()105وال يكون الفض ُل إاَّل للقلوب المنكسرة المتعرضة لنفحاته آية()113قوله تعالى( َوال اإللهية). َت ْر َك ُنوا ِإ َلى ا َّلذِينَ َظ َل ُموا َف َت َم َّ س ُك ُم ال َّنا ُر َوما َل ُك ْم ص ُرونَ )قال فى ُون هَّللا ِ مِنْ َأ ْول َ ِياء ُث َّم اَل ُت ْن َ مِنْ د ِ الطبقات نقالً عن األستاذ على(وكان يقول :من ركن إلى ظالم مسته نار الفتنة إال من رحم هللا " وال تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار " وكفى بالخدمة ركوناً ،اسمع من ركن إلى ظالم وخلص منه سالما ً من فتنة فتلك له كرامة إبراهيمية بحسبه).وقال نقالً ِ عن الشيخ أبى الفضل األحمدى(وسئل رضي هللا عنه مرة عن قوله تعالى " :وال تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار" اآلية هل يدخل في ذلك الركون إلى النفس؟ فقال رضي هللا عنه نعم ،ثم قال رضي هللا عنه :وإيضاح ذلك أن هذه اآلية أيضا ً متضمنة لعدم اختيار العباد مع ربهم، ومتضمنة أيضا ً لمعرفة أقرب الطرق إلى الحق وهو أصل جامع لجميع الطرق الظاهرة، والباطنة فإن في باطنها الحث على اآلمر بالتخلق بالمقام اإلبراهيمي الذي نحن مكلفون باتباعه ،وذلك أن اإلركان صفة من صفات النفس والظلم أيضا ً من صفاتها ،وهي موصوفة بالظلم واإلركان في نفسها العتمادها على نفسها ودعواها بأنها أفضل وأعلم من غيرها ،ولو لم تعلم هي ذلك من نفسها ،ولوال أنها موصوفة بالظلم ما ظهر عنها قط فعل وال أمر قبيح ،وهذا أيضا ً أقوى دليل على جهلها بمعرفة نفسها ،وربما حيث لم تسند إلى ربها جميع أفعالها وأقوالها ،وحركاتها ،وسكناتها الظاهرة والباطنة ،ومعلوم أن الظالم نفسه إنما هو معذب في هذه الدار بنار نفسه ،وشهواته ال بالنار المحسوسة التي تقع له في الدار اآلخرة). سف-آية()5قوله تعالى(قال َ َيا سورةُ ُيو ُ ُ -11 ص ُرْؤ يا َك َعلى ِإ ْخ َو ِت َك َف َيكِيدُوا َل َك ص ْ ُب َن َّي اَل َت ْق ُ ش ْيطانَ لِِإْل ْن ِ سان َعد ٌُّو ُم ِبينٌ )نقل فى َك ْيداً ِإنَّ ال َّ الطبقات عن األستاذ على(كان رضي هللا عنه يقول :من كتم سره ملك أمره ،ولم يكتم شيئا ً من أظهر من األحوال ما يدل عليه فال تظهر لقومك إال ما تعرف منهم قبوله منك " ال تقصص رؤياك على إخوتك") س دَ را ِه َمش َر ْوهُ ِب َث َم ٍن َب ْخ ٍ آية()20قوله تعالى( َو َ الزا ِهدِينَ )نقل فى َم ْعدُودَ ٍة َوكا ُنوا فِي ِه مِنَ َّ الطبقات عن الشيخ أبى يعقوب إسحاق بن محمد النهرجوري(وقال في قوله تعالى: (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين )لو جعلوا ثمنه عليه السالم الكونين لكان بخسا ً في مشاهدته ،وما خص به صلى هللا عليه وسلم). آية()24قوله تعالى(َ ..و َه َّم ِبها َل ْوال َأنْ َرأى ُب ْرهانَ َر ِّب ِه)..قال فى االبريز(وسألته رضي هللا عنه عن قوله تعالىَ ):و َه َّم ِب َها َل ْواَل َأنْ َرَأى ُب ْرهَانَ َر ِّب ِه ( ،ما الذي هم به؟ فقال رضي هللا عنه :هم بضربها. فسألته عما يذكره بعض المفسرين في ذلك، فأنكره غاية اإلنكار ،وقال :أين العصمة؟ والولي إذا وقع له الفتح نزع هللا منه اثنين وسبعين عرقا من عروق الظالم ،فبعضها ينشأ عنه الكذب ،وبعضها ينشأ عنه الكبر ،وبعضها ينشأ عنه الرياء ،وبعضها ينشأ عن حب الدنيا، وبعضها ينشأ عنه الشهوة ومحنة الزنا ،وغير ذلك من القبائح .هذا في الولي ،فكيف بالنبي الذي فطر على العصمة ونشأت ذاته عليها؟ قال رضي هللا عنه :وقد يبلغ الولي إلى حالة يستوي في نظره محل الشهوة وغيره ،حتى يكون فرج األنثى وهذا الحجر -يشير إلى حجر بين يديه -بمثابة واحدة ،وكيف ال والمفتوح عليه ال يغيب عليه ما في أرحام األنثى فضال عن غيره ،وهو إنما ينظره بنور هللا الذي ال يحضره شيطان وال يكون معه ظالم أبدا ،فإذا كان هذا في حق الولي فكيف بالنبي المعصوم؟ جعلنا هللا ممن يعرف للنبوة حقها ،وهللا تعالى أعلم). الس ْجنُ اآليتان()34-33قوله تعالى(قال َ َر ِّب ِّ ف َع ِّني ص ِر ْ َأ َح ُّ ب ِإ َل َّي ِم َّما َيدْ ُعو َننِي ِإ َل ْي ِه َوِإالَّ َت ْ ب ِإ َل ْي ِهنَّ َوَأ ُكنْ مِنَ ا ْلجا ِهلِينَ . ص ُ َك ْيدَ هُنَّ َأ ْ ف َع ْن ُه َك ْيدَ هُنَّ ِإ َّن ُه ه َُو جاب َل ُه َر ُّب ُه َف َ ص َر َ اس َت َ َف ْ السمِي ُع ا ْل َعلِي ُم)قال ابنُ عربى فى تفسيره({قال َّ إلي مما يدعونني إليه} وإنما أحب ّ ّ رب السجن ّ قال{ :مما يدعونني إليه} ،ودعا ر ّبه أن صرف عنييصرف عنه كيدهنّ بقوله{ :وإال َت ْ كيدهنّ أصب إليهنّ وأكن من الجاهلين} ألنّ في طباعها الميل إلى الجهة السفلية وجذب القلب إليها وداعية استنزاله إليها بحيث ال يزول أبداً, وتنورها بنوره وطاعتها له أمر عارض ال ّ يدوم والقلب يمدّ ها في أعمالها دائما ً فإنه ذو طبيعتين وذو وجهين ينزع بإحداهما إلى الروح وباألخرى إلى النفس ,ويقبل بوجه على هذه وبوجه إلى هذه ,فال شيء أقرب إليه من الصبوة إليها بجهالته لو لم يعصمه هللا بتغليب الجهة العليا وإمداده بأنوار المأل األعلى كما قال النبي عليه السالم " :الله ّم ث ّبت قلبي على نبي يوحى دينك " ,قيل له :أو تقول ذلك وأنت ّ إليك؟ قال صلى هللا عليه وسلم " :وما يؤمنني إنّ مثل القلب كمثل ريشة في فالة تقلبها الرياح كيف شاءت " قلت( الحديث أورده األلبانى فى ونص(كان ُّ السلسلة الصحيحة رقم()2091 أكثر دعائه :يا مقلب القلوب! ثبت قلبي على دينك .فقيل له في ذلك. فقال :إنه ليس آدمي إال وقلبه بين إصبعين من أصابع هللا ،فمن شاء أقام ومن شاء أزاغ ".أما حديث(مثل القلب مثل الريشة تقلبها الرياح بفالة)فهو صحيح أورده االلبانى فى صحيح الجامع الصغير-حديث ()5833 ولم يذكر (قيل له :أو تقول ذلك وأنت ّ نبي يوحى إليك؟) -وذلك الدعاء هو صورة افتقار القلب الواجب عليه أبداً).
ض ُك ْم لِ َب ْع ٍ ص ِب ُرونَ َوكانَ َر ُّب َك َبصِ يراً)قال فى ُمقدمة فِ ْت َن ًة َأ َت ْ الطبقات(فإياك يا أخي بعد اطالعك على ما بينته لك في هذه المقدمة من علو شأن أهل هللا عز وجل من أهل عصرك ،وغيرهم أن يقوم بك داء الحسد ،وال تذعن لالنقياد لهم ،وتسمع من بعض المنكرين عليهم ما يقولونه في حقهم، فيفوتك منهم خير كثير ،كما فاتك الخير في عدم علمك بكالمهم الذي هو كله نصح لك حين وزنته بميزان عقلك الجائر ،فإن الكالم لم يزل في هذه الطائفة من عصر ذي النون المصري وأبي يزيد البسطامي إلى وقتنا هذا ،بل نقل سيدي إبراهيم الدسوقي رضي هللا عنه :أنهم تكلموا في جماعة من الصحابة ،ونسبوهم إلى الرياء ،والنفاق منهم الزبير رضي هللا عنه كان كثير الخشوع في الصالة ،وكان بعضهم يقول: إنما هو مراء فبينما الزبير رضي هللا عنه ساجداً ،إذ صبوا على وجهه ،ورأسه ماء ً حار فكشط وجهه ،وهو ال يشعر ،فلما فرغ من صالته ،وصحا قال :ما هذا؟ فأخبروه فقال رضي هللا عنه :غفر هللا تعالى لهم ما فعلوا، ومكث زمانا ً يتألم من وجههُ . قلت :ودليل هذا كله قوله تعالى " :وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيراً " وكل ولي له من تلك الفتنة الحظ الوافر ،وذلك ألن االبتالء لما كان شرفاً ،جمع هللا تعالى لخواص هذه األمة من الباليا ،والمحن جميع ما كان متفرقا ً في األمم السالفة لعلو درجتهم عنده). -23سُورةُ ال ُشعراء-اآليتان()24-23قوله تعالى( ب ا ْلعا َلمِينَ .قال َ َر ُّ ب قال َ ف ِْر َع ْونُ َوما َر ُّ ض َوما َب ْي َن ُه َما ِإنْ ُك ْن ُت ْم ُموقِنِينَ ت َواَأْل ْر ِ السماوا ِ َّ ش ِر ِقب ا ْل َم ْ ) وآية ( )28قوله تعالى(قال َ َر ُّ ب َوما َب ْي َن ُهما ِإنْ ُك ْن ُت ْم َت ْعقِلُونَ )َوا ْل َم ْغ ِر ِ ش ْي ٍء آية()30قوله تعالى(قال َ َأ َو َل ْو ِجْئ ُت َك ِب َ ين) وآيات( )49-46قوله تعالى( َفُأ ْلق َِي ُم ِب ٍ الس َح َرةُ سا ِجدِينَ .قالُوا آ َم َّنا ِب َر ِّب ا ْلعا َلمِينَ َّ .ر ِّب ُموسى َوها ُرونَ .قال َ آ َم ْن ُت ْم َل ُه َق ْبل َ َأنْ َ الس ْح َر َآذنَ َل ُك ْم ِإ َّن ُه َل َك ِبي ُر ُك ُم ا َّلذِي َع َّل َم ُك ُم ِّ ف َت ْع َل ُمونَ ُأَل َق ِّط َعنَّ َأ ْي ِد َي ُك ْم َوَأ ْر ُج َل ُك ْم مِنْ س ْو ََف َل َ ص ِّل َب َّن ُك ْم َأ ْج َمعِينَ ) نقل فى الطبقات ِ عن ف َوُأَل َ خِال ٍ األستاذ على( وسئل رضي هللا عنه عن قول فرعون " وما رب العالمين " هل هو سؤال عن ماهية هللا تعالى كما يقال :وهل عدول موسى عليه السالم عن الجواب المطابق كما زعموا تنبيها ً على غلط السائل في سؤاله عن المجرد الحقيقي بما التي تطلب حقيقة ماله جنس ،وفصل يجاب بهما عنها؟فأجاب رضي هللا عنه هذا سؤال عن ماهية صفة من صفات هللا ال عن ماهية هللا ،والجواب مطابق رسمي ألنه أجاب بالخاصة المعلوفة عند السائل، ويمكن أن يكون جعل الجواب تفسيراً للفظ تنبيها ً على أن المسمى معروف بوضوح أدلته معرفة ضرورية لكل عاقل فال يسأل عنه إال متعنت أو من ال يعقل ولذلك قال في الثالثة " إن كنتم تعلقون " فقيل هل في ذلك سر؟ فقال رضي هللا عنه فيها أسرار :منها أن رب العالمين هو القائم على كل كائن بتربيته حتى يقوى ذلك الكائن ،ويقول من توجهت قواه لتربيته فهو وجود الكل ،واألمر له جميعاً، ومن ثم توجه قول فرعون " :لئن اتخذت إلها ً غيري " " الشعراء " 29 :اآلية ،وحفظ له موسى حرمة مشهده فلم يجبه بأكثر من قوله: " أولو جئتك بشيء مبين " فجاءه بعصا ظهرت ثعباناً ،وهو وجودها المتعين بها فما جاء بمجيئها إال هو فهو متصرف بذاته في حجب تعيناته ،ومظاهر تجلياته فجاء بالحق المبين حيث جاء " لقد جاءت رسل ربنا بالحق " فكان فرعون شاهداً بال أدب ،وموسى شاهد حي وأين قول فرعون له " :إني ألظنك يا موسى مسحوراً " " اإلسراء " 101 :من قوله " :لقد علمت " أي المسحور ،والمجنون المستور المحجب ،وال يعلم ذلك إال مشاهد عارف بأن مشهوده مستور عن سواه ،وهكذا حين قال :السحرة " آمنا برب العالمين رب موسى وهرون " فآمنوا على ستر تغطية استعداداتهم في كل مقام بحسبه فكانوا سحرة، وطلبوا المغفرة ف " قال " لهم فرعون " آمنتم به " فانظر كشفه ،وتحقيقه هنا لو سلم من الميل إلى التلبس الذي هو شأن مرتبة اإلبليسية فأضله هللا على علم " :ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب ،وأبي -واستيقنتها أنفسهم - لقد علمت ما أنزل هؤالء إال رب السموات، واألرض بصائر " أي وجود الحق المبين ولكل مقام مقال ،ولكل مجال رجال فانجهم ،وكان رضي هللا عنه يقول ال يسود أحد قط في قوم إال إن آثرهم ،ولم يشاركهم فيما يستأثرون به في كل مقام بحسبه فافهم وكان يقول كنية الشيطان أبو مرة تدري من هي المرة الذي هذا أبوها هي النفس الجسمانية ذات الشؤون المنكرة شهوة بهيمية فال هي حرة ،وغضب كلبي سبعي فال هي برة ،تدري لم سميت مرة ألنها ما دخلت في شيء إال أفسدته كما يفسد الحنظل اللبن فافهم).
اآليتان ()63-61قوله تعالى( َف َل َّما َت َ
راءا حاب ُموسى ِإ َّنا َل ُمدْ َر ُكونَ َ .كالَّ ص ُ عان قال َ َأ ْ ا ْل َج ْم ِ ِينَ .فَأ ْو َح ْينا ِإلى ُموسى َأ ِن س َي ْهد ِِإنَّ َمعِي َر ِّبي َ اض ِر ْب ِب َعصا َك ا ْل َب ْح َر َفا ْن َف َل َق َفكانَ ُكل ُّ ف ِْر ٍق ْ عن األستاذ يم)نقل فى الطبقات ِ َك َّ الط ْو ِد ا ْل َعظِ ِ على(فرتب هذا الوحي على هذا القول :بالفاء إشارة إلى أن كل من قال :هذا القول بصدق ألهمه ربه رشده).ونقل عنه أيضا ً (وكان يقول: ألق حبلك ،وأسبابك ،وما اعتمدت عليه من معلوماتك ومعموالتك بين يدي الداعي إلى هللا تعالى حتى يلتقمها حكمه ،وحكمته فال يبقى لك عمدة إال على حقه ،وال توصل إال بصدقه ليسري بك إلى ربك في حالة محو نفسك ليال، ويخرجك من مواطن تحكم العدو إلى مقامات حكم المولى فهناك ال تزلزلك الزالزل ،وإن اشتدت هو ال كما قال :أصحاب موسى " :إنا لمدركون.قال كال إن معي ربي سيهدين " فكان من حكمة ربه لقومه الذين أسرى بهم ما كان فافهم كما خرج موسى من مدينة فرعون خائفا ً يترقب مستغرقا ً في ربه فأفضى أمره إلى مقام المناجاة جرت تلك السنة على اتباعه فأسرى بعباد هللا من أرض فرعون خائفين يترقبون مستغرقين في نور إيمانهم فأفضى أمرهم به إلى مقام النجاة فافهم). آية( )89قوله تعالى(ِإالَّ َمنْ َأ َتى هَّللا َ ِب َق ْل ٍ ب عن الشبلى(وقال في ِيم)نقل صاحبُ الطبقات ِ سل ٍَ قوله تعالى " :إال َمنْ أتى هللا بقلب سليم " هو قلب إبراهيم عليه السالم ألنه كان سالما ً من خيانة العهد ،ومن السخط على مقدور كائنا ً ما كان). -24سُورةُ النَّ ْمل -آية()34قوله تعالى (ِ..إنَّ سدُوها َو َج َعلُوا َأعِ َّز َة ا ْل ُملُو َك ِإذا دَ َخلُوا َق ْر َي ًة َأ ْف َ ابن عطاء فى َأهْ لِها َأ ِذ َّل ًة َو َكذلِ َك َي ْف َعلُونَ )قال ُ الحكم(متى وردت الواردات اإللهية عليك ِ -هدمت العوائد عليك":إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها"قال ابنُ عجيبة فى إيقاظ الهمم شرح متن الحكم( ُ قلت-حديث" إن لربكم في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة ال يشقى بعدها أبدا" ذكره األلبانى فى السلسلة الصحيحة و حسنه) الوارد اإللهي هو قوة شوق أو اشتياق َّ أو محبة يخلقها هللا في قلب العبد وقد تنشأ عن قوة خوف أو هيبة أو جالل فتزعجه تلك القوة إلى النهوض إلى مواله فيخرج عن عوائده وشهواته وهواه ويرحل إلى معرفة ربه ورضاه وقد تترادف عليه أنوار تلك المحبة والشوق فتغيبه عن حسه بالكلية وهو الجذب وإنما جمع الواردات باعتبار تلك المحبة والشوق فإنها ال تهدم عوائدها إال أن كثرت وتزايدت وتسمى أيضا ً هذه الواردات نفحات .قال عليه السالم أن هلل نفحات فتعرضوا ُ (قلت -فمن لم ترد عليه هذه الواردات لنفحاته- اختيار فليتعرض لها بحبة العارفين أهل األكسير الذي يقلب األعيان فإن صحبهم ولم ترد عليه فلبخرق عوائد نفسه من الظاهر فإنها تدخل منه إلى الباطن فمتى وردت عليك حينئذ تلك الواردات اإللهية هدمت العوائد عليك وأفسدتها لديك فترد عزك ذالً وغناك فقراً وجاهك خموالً ورياستك تواضعا ً وحنواً وكالمك صمتا ً ولذيذ طعامك حشينا وشبعك جوعا ً وكثرة كالمك صمتا ً وقرارك في وكنك سياحة وسفراً هكذا شأن الوارد اإللهي بخرب العوائد ويهدمها فهو كملك جبار ذي جيش طغاة دخل قرية أو مدينة فأفسد بنائها وغير عوائدها قال تعالى أن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها أي نزعوها وخربوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة أي رؤساء اتباعا ً مرؤوسين وكذلك بفعلون أي هذا شأنهم واالستشهاد باآلية في غاية الحسن والمناسبة ).وقال فى التقريب(وقالوا-الحقيقةُ الواردات اإللهيةُ على ُ ُكلُّها عل ٌم ومتى وردت قلب العبد فإنَّها تمحوعنه جميع روعناته ألن لها سلطنة وتهدمث عليه ُمسترعاداته َّ مشحون ٍ ب عظيمة على ذلك.فإذا وردت على قل ٍ أزالت ذلك و ْ بأنواع الرذائل والقبائح و الخبائث أثبتت عوضا ً منه أحواالً عليَّةً وأوصافا ً سنية ْ سدُوها مرضية(ِإنَّ ا ْل ُملُو َك ِإذا دَ َخلُوا َق ْر َي ًة َأ ْف َ )فالواردات اإللهيةُ ُ َو َج َعلُوا َأعِ َّز َة َأهْ لِها َأ ِذ َّل ًة ت قلما ً قهرت ما فيه شبيهةٌ بجنود الملك إذا ًحلَّ ْ وسرت أنوارُها فى الجوارح فال يُرى ُ وأزالته صاحبها إاَّل ساعيا ً فى مرضاة ربه باتباع المأمورات واجتناب المنهيات وزيادة نوافل الخيرات رغبةً فى مرضاة المحبوب). آية()48قوله تعالى( َوكانَ فِي ا ْل َمدِي َن ِة ت ِْس َع ُة صلِ ُحونَ )نقل ض َوال ُي ْ َرهْ طٍ ُي ْفسِ دُونَ فِي اَأْل ْر ِ صاحبُ الطبقات ْ عن مالك بن دينار(وكان يقول في قوله تعالى " :وكان في المدنية تسعة رهط يفسدون في األرض وال يصلحون " فكم اليوم في كل مدينة ممن يفسد وال يصلح ،يعني أن ما عدا التسعة كانوا كلهم يصلحون وال يفسدون). ض َط َّر ِإذا آية()62قوله تعالى(َأ َّمنْ ُي ِج ُ يب ا ْل ُم ْ ض فاء اَأْل ْر ِ وء َو َي ْج َعلُ ُك ْم ُخ َل َ س َ دَ عاهُ َو َي ْكشِ ُ ف ال ُّ ابن عربى فى َأِإل ٌه َم َع هَّللا ِ َقلِيالً َما َت َذ َّك ُرونَ ) قال ُ كتابه (العبادلة) فى ترجمة عبد هللا بن اليسع بن ض َط َّر ِإذا عبد المجيب(قال(َأ َّمنْ ُي ِج ُ يب ا ْل ُم ْ ت اإلجابةُ دَ عاهُ)وما خصَّ ُدنيا من دين وإنَّ َما كان ِ لحال اضطراره وال تغترْ بعد هذا الذى نبَّهت َ ك -25سُورةُ عليه). القصص-آية( )5قوله تعالى( َو ُن ِري ُد َأنْ َن ُمنَّ َع َلى ض َو َن ْج َع َل ُه ْم َأِئ َّم ًة ض ِعفُوا فِي اَأْل ْر ِ ا َّلذِينَ ْ اس ُت ْ عن األستاذ وارثِينَ )نقل فى الطبقات ِ َو َن ْج َع َل ُه ُم ا ْل ِ على(وكان يقول :من استضعف إليمانه فعاقبته التمكين ،وعلو الشأن " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في األرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ") ص َب َح فُؤا ُد ُأ ِّم ُموسى آية()10قوله تعالى( َوَأ ْ فارغا ً ِإنْ كادَ ْت َل ُت ْبدِي ِب ِه َل ْوال َأنْ َر َب ْطنا َعلى ِ َق ْل ِبها لِ َت ُكونَ مِنَ ا ْل ُمْؤ ِمنِينَ )قال فى التقريب(أى ْ فكادت فارغا ً من كل شٍئ إاَّل من ذكر موسى تُبدى به من غير قص ٍد منها لذكره وال تدبيربل كان ترْ ُكها للتصريح بذكره صبراً بما ربطه هللاُ على قلبها لتكون من المؤمنين بما ُأوحى إليها من قبل فى شأن موسى وبأنَّه من المرسلين.وبذلك يندف ُع اإلشكا ُل وهو اجتماع عن الضدين فى بادى الرأى وهما الذكر والغفلة ِ ُ ويعرف الذكر.وهذه المعال ُم والمراقى اليعرفها حقائقها إاَّل السالكون وجدانا ً والعلما ُء إيمانا ً وتصديقا ً فإيَّاك و التكذيب بآيات هللا فتكون ِم َن آية()38قوله ص ِّم البُ ْك ِم فى الظُلُمات). ال ُ ت َل ُك ْم تعالى(قال َ ف ِْر َع ْونُ َيا َأ ُّي َها ا ْل َمُأَل َما َعل ِْم ُ مِنْ ِإل ٍه َغ ْي ِري )..نقل فى الطبقات عن محمد بن كعب القُرظى(كان بين قول فرعون (ما علمت لكم من إله غيري )وبين قول( أنا ربكم األعلى) آية()57قوله أربعون سنة) تعالى(َ..أ َو َل ْم ُن َم ِّكنْ َل ُه ْم َح َرما ً آمِنا ً ُي ْجبى ِإ َل ْي ِه ش ْي ٍء ِر ْزقا ً مِنْ َل ُد َّنا)..نقل صاحبُ رات ُكل ِّ َ َث َم ُ عن شيخه على ال ًخ َّواص(وسئل رضي الطبقات ْ هللا عنه عن قوله تعالى " :أولم نمكن لهم حرما ً آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا ً من لدنا ولكن " " القصص " 57 :هل هذا الرزق لكل من دخل مكة أو هو خاص بقوم دون آخرين فقال رضي هللا عنه الرزق عام لكل من دخل مكة من المسلمين بحسب استعداده لكن ال يصح تنزل هذا اإلمداد على قلب إال بعد تجرده عن حسناته ،وسيئاته .كما أشار إليه خبر " من حج ،ولم يرفث ،ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ،ولدته أمه " فيولد الداخل هناك ،والدة ثانية ،ومن تأمل بعين البصيرة هناك ،وجد حسناته ذنوبا ً بالنسبة لذلك المحل األكمل فقال له أخي أفضل الدين رضي هللا عنه ،وكان حاضراً التجرد عن السيئات قد عرفنا أن محله جبل عرفة فأين يكون التجرد عن الحسنات فقال رضي هللا عنه هو بحسب المراتب ،وال أظنه إال في باب المعالة فقال :له أخي أفضل الدين الذكور رحمه هللا إن غالب الحجاج ال يتجردون مما ذكر فقال رضي هللا عنه يتجردون ،ولكن ال يشعرون كما يشعر به العارفون فقال له أخي المذكور فمتى يكون اللباس فقال :رضي هللا عنه عند زيارة قبره صلى هللا عليه وسلم ،وذلك ليظهر الحق تعالى كرمه ،وآثاره نعمته على أمته بحضرته حتى تقر بذلك عينه صلى هللا عليه وسلم ،فقال له أخي المذكور كثيراً ما يرجع بعض الحجاج عريانا ً بال كسوة فقال رضي هللا عنه هذا ال يقع إال ألصحاب الدعاوي الذين يظنون بأنفسهم الكمال ،وأنهم أتوا بالمناسك على وجه الكمال دون غيرهم فنسأل هللا العافية ،ومثل هذا هو المراد بقولهم إذا حج جارك حول باب دارك للمقت الذي حصل له هناك ثم قد يتفضل الحق تعالى عليه ،ويرسل له الخلعة إلى بالده بواسطة انكسار قلبه أو بواسطة دعاء والديه، وإخوانه ،ونحو ذلك). آية()83قوله تعالى( ِت ْل َك الدَّ ا ُر اآْل خ َِرةُ َن ْج َعلُها ض َوال َفساداً لِ َّلذِينَ اَل ُي ِريدُونَ ُعلُ ًّوا فِي اَأْل ْر ِ صاحب الطبقات عن ُ َوا ْلعاقِ َب ُة لِ ْل ُم َّتقِينَ )نقل إبراهيم بن أدهم(وكان رضي هللا عنه يقول في تفسير قوله تعالى " :تلك الدار اآلخرة نجعلها للذين ال يريدون علواً في األرض " من حب العلو أن تستحسن شسع نعلك على شسع نعل أخيك). سورةُ العنكبوت -آية()45قوله تعالى(ِ..إنَّ ُ -26 شاء َوا ْل ُم ْن َك ِر َو َلذ ِْك ُر هَّللا ِ الصال َة َت ْنهى َع ِن ا ْل َف ْح ِ َّ َأ ْك َب ُر )..نقل فى الطبقات ِ عن األستاذ على(وكان رضي هللا عنه يقول في قوله تعالى " :إن الصالة تنهى عن الفحشاء والمنكر " كل شيء ،وجدته حاجزاً لك عن الفحشاء والمنكر يوجد العدل ،واإلحسان فهو الصالة في كل مقام بحسبه " وجعلت قرة عيني في الصالة " فهو السر الفعال في كل مرتبة صالتية، والصالة صلة بين العبد وربه " ولذكر هللا أكبر " وهو شهود ذاته ،وحده ال شريك له لم يكن عن الشيخ أبى شيء غيره فافهم).ونقل ِ المواهب الشاذلى(وكان يقول إنما كان ذكر هللا أكبر من الصالة ألن الصالة ،وإن كانت أشرف العبادات فقد ال تجوز في بعض األوقات بخالف الذكر فإنه مستدام في عموم الحاالت).قال فى التقريب(قال ال ُعلما ُء-إنَّ القصد من الصالة إ َّنما هو ذكر هللا بدليل قول هللا تعالى(وَأق ِِم َّ الصال َة لِذ ِْك ِري)طه()14وما كان الذك ُر أكبر من الصالة إاَّل لكونه هو المقصود منها).وحول قوله تعالى( َو َلذ ِْك ُر هَّللا ِ َأ ْك َب ُر)أيضا ً قال فى التقريب(قال بعض العارفين-معناه ذك ُر هللا عبده أكب ُر من ُ ذكر العبد هلل وهذا غاية اإلنعام ومنتهى الفضل و اإلكرام ).وفى تفسير اإلمام أبى حامد الغزالى( {ولذكر هللا أكبر} قال ابن عباس رضي هللا عنهما :له وجهان أحدهما :أن ذكر هللا أعظم من ذكركم إياه ،واآلخر :أن ذكر هللا أعظم من كل عبارة سواه( .اإلحياء/4 : ))350 آية()69قوله تعالى( َوا َّلذِينَ جا َهدُوا فِينا س ُب َلنا َوِإنَّ هَّللا َ َل َم َع ا ْل ُم ْحسِ نِينَ )قال َل َن ْه ِد َي َّن ُه ْم ُ الغزالى فى تفسيره(يعني الذين جاهدوا في طاعتنا وفي ديننا لنوفقنهم لذلك( .كتاب األربعين في أصول الدين )12 :اإلقبال على طاعة هللا تعالى واإلعراض عن مقتضى الشهوات هو الذي يجلو القلب ويصفيه ،ولهذا قال تعالى{ :والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}( .معارج القدس في مدارج معرفة النفس{ )94 :والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} فالمجاهدة :أعمال الجوارح ،والهداية أعمال القلوب ،وقد جعل إحداهما مرقاة إلى [األخرى] 4فعلم أنها مرآة لها ،وأن تلك هي المراد لعينها( .مدخل السلوك إلى منازل الملوك )34 :وقال االما ُم القُشيرى فى ظواهرهم بالمجاهدات َ تفسيره(الذين َز َّي ُنوا س َن ْت سرائ ُرهم بالمشاهدات .الذين شغلوا َح ُ ظواهرهم بالوظائف أوصلنا إلى سرائرهم التعب من حيث َ اللطائف .الذين قاسوا فينا الصلوات جازيناهم بالطرب من حيث المواصالت). المحرمات ،ثم َّ ويقال الجهاد فيه :أوالً بترك بترك ال ُّ ش ُبهات ،ثم بترك الفضالت ،ثم بقطع العالقات ،والتن ِّقي من الشواغل في جميع األوقات . وب َع ُد األنفاس مع الحواس هلل ِ ، ُ ويقال بحفظ هللا). ج-27سُورة الروم-آية ( )19قوله تعالى ( ُي ْخ ِر ُ ج ا ْل َم ِّي َت مِنَ ا ْل َح ِّي َو ُي ْحيِ ا ْل َح َّي مِنَ ا ْل َم ِّي ِ ت َو ُي ْخ ِر ُ ض َب ْعدَ َم ْوتِها َو َكذلِ َك ُت ْخ َر ُجونَ ) قال ُ ابن اَأْل ْر َ عجيبة فى تفسيره({ ُيخرج الحي من الميت } ُيخرج الذاكر مِنَ الغافل ،والغافل مِنَ الذاكر ، والعارف مِنَ الجاهل ،والجاهل مِنَ العارف ، و ُيحيي أرض النفوس باليقظة والمعرفة بعد موتها بالغفلة والجهل وكذلك ُتخرجون من قبوركم على ما متم عليه من معرفة أو جهل ، من يقظة أو غفلة ،يموت المرء على ما عاش عليه ،ويبعث على ما مات عليه .وهللا تعالى عن الشيخ أبى أعلم ).ونقل فى التقريب ِ الع َّباس ال ُمرسى(وقال فى قوله تعالى( ُي ْخ ِر ُ ج ج ا ْل َم ِّي َت مِنَ ت َو ُي ْخ ِر ُا ْل َح َّي مِنَ ا ْل َم ِّي ِ كإنسان أذنب ذنبا ً فتالفاه باالعتذار والذلَّة ٍ ا ْلحى) ى وهو االعتذار خرج من ميت و االنكسار فها ح ٌ وهو الذب و إنسان آخر فَ َع َل طاعةً ويهدمها ميت و هو العُجبُ خرج بالعُجب واالفتخار فهذا ٌ من حى وهو الطاعة). آية()20قوله تعالى( َومِنْ آيا ِت ِه َأنْ َخ َل َق ُك ْم مِنْ ش ٌر َت ْن َتشِ ُرونَ ) نقل فى ب ُث َّم ِإذا َأ ْن ُت ْم َب َ ُترا ٍ عن األستاذ على(وكان رضي هللا عنه الطبقات ِ يقول :التراب محل الراحة " ومن آياته أن خلقكم من تراب " وانظر إلى اإلشارة في تكنية علي بأبي تراب تجد العلو في التنزل من لم يطرح نفسه في التراب لم يسترح فافهم). -28سُورةُ لُقمان -آية ()14قوله تعالى( َ ..أ ِن ش ُك ْر لِي )..نقل فى الطبقات ِ عن الشيخ أبى ا ْ المواهب الشاذلى(وكان يقول:احذر أن يكون شكرك ألجلك بل اجعل شكرك امتثاالً ألمر ربك لك بالشكر ،ولهذا قال تعالى"أن اشكر لي "فافهم تعلم ،وإن لم تعلم ،واعرف قدر فوق آية أهل المعرفة). ()20قوله تعالى( َ ..وَأ ْس َب َغ َع َل ْي ُك ْم ن َِع َم ُه ظاه َِر ًة ضهُم فيَوباطِ َن ًة )..قال فى التقريب( قال بع ُ قوله تعالى( َوَأ ْس َب َغ َع َل ْي ُكمْ ن َِع َم ُه ظاه َِر ًة َوباطِ َن ًة)النعم الباطنة هى الباليا و المحن و أنواع الهم والحُزن .فليكن العب ُد عند نزوله أشد فرحا ً أشد فرحا ً من عند نزول المحاب .فذلك كله مما يُقوى حُسن الظن باهلل ال مما يُضعفه كما يتوهمه بعضُ القاصرين فقد يجه ُل بعضُ الناس فيظن أن شدة البالء و كثرته إنما تنزل بالعبد لهوانه.وهذا ال يقولُه إال َمنْ أعمى هللا قلبه –بل العب ُد يُبتلى على حسب دينه .ف ُكن حسن الظن بربك عند كل نعمة وبلية واعتقد أنه ال يريد بك إال ً خيرا). -29سُورةُ األحزاب -آية()21قوله تعالى( َل َقدْ ول هَّللا ِ ُأ ْس َوةٌ َح َ س َن ٌة لِ َمنْ كانَ س ِ كانَ َل ُك ْم فِي َر ُ َي ْر ُجوا هَّللا َ َوا ْل َي ْو َم اآْل خ َِر َو َذ َك َر هَّللا َ كَثِيراً)نقل فى الطبقات عن أبى العبَّاس اآلدمى(وقال في قوله تعالى (لقد كان لكم في رسول هللا أسوة حسنة) أي في الظواهر من األخالق الشريفة والعبادات المرضية دون البواطن واألسرار واإلشارات). اس َوهَّللا ُ َأ َح ُّق آية()37قوله تعالى(َ ..و َت ْخ َ شى ال َّن َ َأنْ َت ْخشاهُ)..قال فى اإلبريز(وقد سألته رضي شى ال َّناسَ َوهللاُ هللا عنه عن قوله تعالى( َو َت ْخ َ شاهُ )كيف عاتب هللا تعالى نبيه َأ َح ُّق َأنْ َت ْخ َ وهو سيد العارفين وإمام األنبياء والمرسلين؟ فأجابني رضي هللا عنه بهذا المعنى ،فقال :إنه عليه الصالة والسالم لما شاوره زيد في طالق زينب وأمره بإمساكها وتقوى هللا في معاشرتها ،وكان يعلم عليه الصالة والسالم أنها ستصير إليه ،وأخفى ذلك ولم يظهره، رجع على نفسه بالعتاب وقال في خاطره تخشى الناس وهللا أحق أن تغشاه ،وجعل يعاتب نفسه بهذا في الباطن ،فأظهر هللا سبحانه ما في باطنه عليه الصالة والسالم، وأنزل الوحي به .قال رضي هللا عنه :ومن فتح هللا عليه وتأمل الكتب السماوية وجد فيها نور الكالم القديم ونور طبع الحالة التي يكون عليها النبي عند نزول الوحي عليه ،وهو تارة يكون على حالة قبض فتنزل اآلية وفيها نور الكالم القديم ونور القبض الذي كانت عليه الذات حينئذ ،وتارة يكون على حالة بسط فتنزل اآلية وفيها نور الكالم القديم ،ونور البسط األول قديم والثاني حادث ،وتارة يكون على حالة تواضع فتنزل اآلية وفيها نور الكالم القديم ونور التواضع ،هكذا كل آية ال تخلو عن شيء من طبع ذاته صلى هللا عليه وسلم ،وهكذا آية) اس َوهللاُ َأ َح ُّق َأنْ َت ْخ َ شاهُ (فيها نور َو َت ْخ َ شى ال َّن َ الكالم القديم ونور طبع ذاته صلى هللا عليه وسلم في حالة نزولها وهو نور العتاب ،فالكالم القديم من هللا ال منه ،والعتاب منه ال من هللا عز وجل. قال رضي هللا عنه :وأهل الفتح رضي هللا عنهم إذا تعاطوا تفسير القرآن فيما بينهم لم يكن لهم هم إال أسباب النزول ،وليس المراد بها أسباب النزول التي في علم الظاهر ،بل األحوال واألنوار التي تكون عليها ذات النبي صلى هللا عليه وسلم وقت النزول ،فيسمع منهم في ذلك ما ال يكيف ،ألنهم يخوضون في البحور التي في باطنه عليه الصالة والسالم، أعني بحر اآلدمية والقبض والبسط والنبوة والروح والرسالة والعلم الكامل ،وقد سبق ذلك س ْب َع ِة َأ ْح ُرفٍ"، في "ِإنَّ ه ََذا ا ْلقُ ْرآنَ ُأ ْن ِزل َ َع َلى َ وهللا تعالى أعلم). آية()41قوله تعالى( َيا َأ ُّي َها ا َّلذِينَ آ َم ُنوا ْاذ ُك ُروا هَّللا َ ذ ِْكراً َكثِيراً) قال فى التقريب(قال سيدى تا ُج الدين:أتحسبُ أنَّهُم فرُّ وا إلى هللا بشٍئ لم تعمله بل بما تقوله أنت من قول(ال إله إاَّل هللا)لكنهم اتَّصفوا بما ذكروه وتحقَّقُوا به و أنت ذاه ٌل وهم متحققون بها وصادقون فيها ولوال علمه بضعفك هَّللا لطالبك بالذكر على الدوام بل قال( ْاذ ُك ُروا َ ذ ِْكراً َكثِيراً)ولم يجعله مؤقتا ً ولكن فتح لك الباب و أراد أن يُدخلك.أليس أنَّه تلطَّف معك وقال( َف ْاذ ُك ُروا هَّللا َ َكذ ِْك ِر ُك ْم َ آباء ُك ْم َأ ْو َأ َ شدَّ ذ ِْكراً)البقرة()200فإذا كان األبُ لم يخلقك ولم يرزقك و لم يُ َس ِّوك وقد طلبك أن تذكره مثل ك ورزقك ك هو الذى خلقك و َس َّوا َ ذكرك له و َربُّ َ و أعطاك فما أخجلك إذا لم تذكره فشارك المالئكةَ فى تالوة الذكر والج ْم ِع على هللا وإيَّاك قت حالوةَ ُحبِّه). أن تخرج من هذه الدار وما ُذ َ ض َنا اَأْلما َن َة َع َلى آية()72قوله تعالى(ِإ َّنا َع َر ْ بال َفَأ َب ْينَ َأنْ َي ْح ِم ْل َنها ض َوا ْل ِج ِ ت َواَأْل ْر ِ السماوا ِ َّ ش َف ْقنَ ِم ْنها َو َح َم َل َها اِإْل ْنسانُ ِإ َّن ُه كانَ َظلُوما ًَوَأ ْ َج ُهوالً)قال فى التقريب( َقل َّ أنْ تجدَ العابد و الزاهد إاَّل مكموداً حزينا ً ألنَّ علِ َم أنَّ هللا طالبه وح َّم َله أعباءها و ألزمه بالعبودية َ ض َوا ْل ِج ِ بال ت َواَأْل ْر ِ السماوا ِ ماعرض( َع َلى َّ َفَأ َب ْينَ َأنْ َي ْح ِم ْل َنها َوَأ ْ ش َف ْقنَ ِم ْنها َو َح َم َل َها اِإْل ْنسانُ ِإ َّن ُه كانَ َظلُوما ً َج ُهوالً) فعاينَ ال ُز َّها ُ ثقل ما ُح َّملُوا ولم ي ْنفذوا غلى شهود لُطف حامل األثقال عن عباده المتوكلين عليه ولذلك لزمهم ال ُك ُمو ُد واستولى عليهم ال ُحزنُ .وأهل ُ المعرفة باهلل علموا أ َّن ُهم ُح ِّملُوا من التكليف أمراً عظيما ً وعلموا ضعفهم عن حمله والقيام به متى ُو ِّكلُوا إلى أنفسهم.قال هللا تعالى( َو ُخل َِق اِإْل ْنسانُ ساء]28 :وعلموا َأ َّنهم إذا رجعوا ضعِيفاً) [ال ِّن َ َ إلى هللا تعالى َح َمل َ عنهم ما َح َّملهم). سورةُ فاطر-آية ( )10قوله تعالى(ِ ..إ َل ْي ِه ُ -30 الصالِ ُح َي ْر َف ُع ُه).. ب َوا ْل َع َمل ُ َّ ص َع ُد ا ْل َكلِ ُم َّ الط ِّي ُ َي ْ عن الشيخ أبى المواهب نقل فى الطبقات ِ الشاذلى(وكان رضي هللا عنه يقول :كل عمل اتصل به شهوده فهو غير متقبل ألنه تعالى يقول( والعمل الصالح يرفعه)فمن شهد له عمالً ،ودام ذلك فعمله عند نفسه ال عند ربه فافهم ).وقال فى التقريب(قال سيدنا على زين العابدين بن الحسين-رضى هللا عنهماُ -كل ُّ شٍئ من أفعالك إذا اتصلت به رؤيتك فذلك دليل ٌ على ب عنك أ َّنه ال ُيقبل ُ منك ألنَّ القبول مرفو ٌع ُم َغ َّي ٌ انقطعت عنه رؤي ُتك فذلك دليل ٌ على ُ وما ُ عالمة قبول بعض العارفين-ما ُ سئل القبول.وقد ُ العمل؟قال (نسيانك إ َّياه و انقطا ُع نظرك عنه ص َع ُد ا ْل َكلِ ُم بالكلية بداللة قوله تعالى(ِإ َل ْي ِه َي ْ الصالِ ُح َي ْر َف ُع ُه)فعالمة رفع الحق ب َوا ْل َع َمل ُ َّ َّ الط ِّي ُ تعالى ذلك العمل أن ال يبقى عندك منه شٌئ .فإ َّنه إذا بقى فى نظرك منه شٌئ لم يرتفع إليه البينونة بين عنديتك وعنديته فينبعى للعبد إذا عمل عمالً أن يكون عنده نسيا ً منس َّيا ً حتى يحصل له قبوله.ولهذا قال ابنُ عطاء هللا-رضى هللا عنه-فى الحكم(قطع السائرين له ، والواصلين إليه ،عن رؤية أعمالهم ،وشهود أحوالهم .أما السائرون فألنهم لم يتحققوا الصدق مع هللا فيها ،وأما الواصلون -فألنه غيبهم بشهوده عنها).وقال أيضاً(ال عمل أرجى للقبول من عمل يغيب عنك شهوده ،ويحتقر عندك وجوده).أى-بأن ال تعتمد على عملك فى أمر من األمور كالوصول إلى هللا تعالى تحصيل ٍ والقُرب منه ون ْيل الدرجات والمقامات لرؤتك التقصير فيه وعدم سالمته من اآلفات المانعة من قبوله). آية()13قوله تعالى( ُيولِ ُج ال َّل ْيل َ فِي ال َّن ِ هار هار فِي ال َّل ْي ِل)..قال فى التقريب(قال َو ُيولِ ُج ال َّن َ سيدى أبو الع َّباس ال ُمرسى( ُيل ُج المعصية فى الطاعة والطاعة فى المعصية .يفعل العب ُد الطاعة َف ُيعجب بها ويعتمد عليها ويستصغر ٌ حسنة ِوض عليها فهذه من لم يفعلها ويطلب الع َ الذنب فيلجأ إلى هللا َ ٌ سيئات و ُي ُ ذنب ْ أحاطت بها تعالى فيه ويعتذر منه ويستصغر نفسه و ٌ سيئة أحاطت بها عظم من لم يفعله.فهذه ُي ِّ ُ المعصية؟) الطاعة و َأ ُّي ُهما ُ حسنات فًأ ُّي ُهما ٌ سورةُ يس-آية()60قوله تعالى(َأ َل ْم َأ ْع َهدْ ُ -31 ِإ َل ْي ُك ْم َيا َبنِي آدَ َم َأنْ اَل َت ْع ُبدُوا ال َّ ش ْيطانَ ِإ َّن ُه َل ُك ْم عن األستاذ َعد ٌُّو ُم ِبينٌ ) نقل فى الطبقات ِ على(كان يقول :في قوله " :ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن ال تعبدوا الشيطان " أي ال تطيعوه، وتنقادوا له راضين بأمره فمن كان هكذا ألحد فقد عبده " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا ً من دون هللا " " التوبة " 31 :وما أكثر ما يعبد المقلدون أئمة الضالل علماء السوء الذين يريدون بعلمهم ما ليس من هللا في شيء سورةُ ُ -32 فافهم). الصا َّفات -آية ( )99قوله تعالى(قال َ ِإ ِّني ذاه ٌ ِب عن األستاذ ِين)نقل فى الطبقات ِ س َي ْهد ِ ِإلى َر ِّبي َ على(وكان يقول :في قوله تعالى " :إني ذاهب إلى ربي " أي إني عدم في وجود ربي ال حول لي ،وال قدرة إنما أمري كله لربي فافهم فما ثم إال هللا في الحقيقة فمتى مألك به أوجدك كل شيء). تعالى(وا ْن َط َل َق ا ْل َمُأَل َ سورة ص-آية()6قوله ُ -33 اص ِب ُروا َعلى آلِ َه ِت ُك ْم ِإنَّ ه ََذا ِم ْن ُه ْم َأ ِن ْ ام ُ شوا َو ْ عن الشيخ أبى َل َ ش ْي ٌء ُيرادُ)نقل فى الطبقات ِ عبد هللا عمرو بن عثمان المكي(وكان رضي هللا عنه بقول :لقد وبخ هللا عز وجل التاركين للصبر على دينهم بما أخبرنا به عن الكفار أنهم قالوا :امشوا واصبروا على آلهتكم) فهذا توبيخ لمن ترك الصبر من المؤمنين على دينه). س َل ْيمانَ ِداودَ ُ اآليتان()30قوله تعالى( َو َو َه ْبنا ل ُ اب) و()40قوله تعالى( َوِإنَّ َل ُه ن ِْع َم ا ْل َع ْب ُد ِإ َّن ُه َأ َّو ٌ ب) نقل فى الطبقات فىعِ ْندَ نا َل ُز ْلفى َو ُح ْسنَ َمآ ٍ ترجمة العالء بن الشخير(كان يقول :العافية، مع الشكر أحب من البالء مع الصبر ،قال سفيان الثوري رضي هللا عنه ،وذلك ألن هللا مدح سليمان ،مع العافية بقوله " :نعم العبد إنه أواب " وقال في صفة أيوب مع البالء الذي كان فيه " ،نعم العبد إنه أواب " فاستوت الصفتان؛ وهذا معافى وهذا مبتلى ،فوجدنا الشكر قد قام مقام الصبر فبما اعتدال كانت العافية مع الشكر أحب من البالء مع الصبر رضي هللا عنه). سورةُ ال ُز َمر -آية()54قوله تعالى( َوَأنِي ُبوا ُ -34 ِإلى َر ِّب ُك ْم َوَأ ْسلِ ُموا َل ُه مِنْ َق ْب ِل َأنْ َيْأ ِت َي ُك ُم ا ْل َع ُ ذاب ص ُرونَ )قال فى الطبقات فى ترجمة ُث َّم اَل ُت ْن َ الشيخ أبى إسحاق إبراهيم بن إسماعيل الخواص(وقال في قوله تعالى " :وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب"اإلنابة أن يرجع بك منك إليه التسليم أن تعلم أن ربك أشفق عليك من نفسك والعذاب عذاب الفراق). آية ()47قوله تعالى(َ ..و َبدا َل ُه ْم مِنَ هَّللا ِ َما َل ْم َي ُكو ُنوا َي ْح َتسِ ُبونَ ) قال فى التقريب(قال القُشيرى(العب ُد ال يدرى أين يصي ُر لك َّنه إنْ رأى نفسه على الصراط المستقيم غلب عليه الرجا ُء,وإن رآها بعكس ذلك خاف عليها طاعاته-يخاف التغيير والتبديل ُ ْ غلبت فهو-وإن و اليغتر بحاله التى هو عليها كما قال تعالى(.. َو َبدا َل ُه ْم مِنَ هَّللا ِ َما َل ْم َي ُكو ُنوا َي ْح َتسِ ُبونَ ) َف ُر َّب معصي ٍة احتقرها فى عينه كانت سبب ُخسرانه ْ انعكست ْ مغبوط فى أحواله عند هللا.فك ْم من سكنت نفس ُه ْ عليه الحال ُ التى هو فيها وإن الناس بها ولين ُظ ْر ما هو ُ إليها وأثنى عليه ت فليقُ ْم به. الواجب عليه هلل تعاى فى ُكل ِّ وق ٍ سمعت األستاذ أبا َعل ِّي الدقاق رحمه هَّللا ينشد كثيرا: أحسنت ظنك باأليام ِإ َذا حسنت َ ...و َل ْم تخف سوء َما َيْأتِي ِب ِه القدر وسالمتك الليالي فاغتررت ِب َها ...وعند صفو الليالي يحدث الكدر سنَ َما ُأ ْن ِزل َ آية()55قوله تعالى( َوا َّت ِب ُعوا َأ ْح َ ِإ َل ْي ُك ْم مِنْ َر ِّب ُك ْم مِنْ َق ْب ِل َأنْ َيْأ ِت َي ُك ُم ا ْل َع ُ ذاب َب ْغ َت ًة ش ُع ُرونَ )قال فى اإلبريز(وسألته رضي َوَأ ْن ُت ْم اَل َت ْ سنَ َما ُأ ْن ِزل َ هللا عنه عن قوله تعالى( َوا َّت ِب ُعوا َأ ْح َ ِإ َل ْي ُك ْم مِنْ َر ِّب ُك ْم) فقلت :إن اآلية تقتضي أن بعض ما أنزل إليه بأحسن ،مع أن القرآن كله أحسن. وذكرت له أجوبة العلماء رضي هللا عنهم: منها أن من ظلم يجوز له االنتقام لقوله تعالى( اع َتدُوا َع َل ْي ِه ِب ِم ْث ِل َما ْ اع َتدَ ى َع َل ْي ُك ْم)واألحسن َف ْ له الصبر لقوله تعالى( َو َلِئنْ َ ص َب ْر ُت ْم َل ُه َو َخ ْي ٌر اب ِرينَ ) فكأنه يقول اتبعوا العفو دون ِلص ِ ل َّ العقوبة ،فالعقوبة حسنة والعفو أحسن .ومنها أن المراد باألحسن الناسخ ،والحسن المنسوخ. ومنها أن هللا تعالى حكى لنا عن عباده أن منهم من أطاع ومنهم من عصى ،فنتبع من أطاعه فهو األحسن .ومنها أن المراد اتبعوا المأمور به دون المنهي عنه .ومنها أن المراد اتبعوا العزائم دون الرخص ،فاألحسن هو العزائم ،والحسن هو الرخص. ثم قلت :إن هذه األوجه ال مناسبة فيها لآلية. أما األول :فإن سياق آخر اآلية يقتضي أن من لم يتبع األحسن يخاف أن تنزل به قارعة من عذاب هللا ،وإنه من الساخرين والكافرين ،ومن لم يعف ال يكون هذا حكمه. وأما الثاني :فإن أريد أن المنسوخ حسن باعتبار اتباعه فليس كذلك ،إذ ما نسخ العمل به ال يجوز اتباعه ،وإن أريد من حيث التالوة فهو والناسخ من األحسن. أما الثالث :فإن من عصى ال يحل اتباعه فضال عن أن يحسن. ومثله يقال في المنهي عنه. وأما الرخص فإنها وإن كانت حسنة لكن مرتكبها ال يستحق األوصاف التي في آخر اآلية ،بمثابة من لم يعف في الوجه األول ،فإنه أيضا ال تتنزل عليه األوصاف التي في آخر اآلية. وبالجملة فاألحسن في األول والخامس ال يناسبان آخر اآلية ،واألحسن في األوجه الباقية فأشكل األحسن في اآلية .فقال رضي هللا عنه: ليس ما ذكر في األوجه السابقة سر اآلية وال نورها ،وإنما سرها ونورها :واتبعوا يا معشر عبادي أحسن ما أنزل إليكم من ربكم كتابا ورسوال .فالقرآن هو أحسن كتاب أنزل إلينا من عند هللا ،والنبي صلى هللا عليه وسلم هو أحسن رسول جاءنا من عند هللا .فالحسن هو الكتب اإللهية غير المبدلة والرسل الذين أرسلهم هللا تعالى قبل نبينا صلى هللا عليه وسلم. فقلت لشيخنا رضي هللا عنه :الكتب اإللهية منها التوراة واإلنجيل ،وزيادة (إليكم) تنافي حمل األحسن على ما ذكرتم القتضائها أن الحسن أنزل إلينا كاألحسن مع أن التوراة أنزلت إلى اليهود ،واإلنجيل أنزل إليهم وإلى النصارى. فقال رضي هللا عنه :بعثة نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم عامة للعرب ولليهود وللنصارى وغيرهم .واألحسن الذي هو القرآن أنزل إلى جميعهم ،والحسن الذي هو الكتب اإللهية أنزل لكل قوم منها ما يخصهم ،فللعرب شريعة إسماعيل ،ولليهود التوراة ،وللنصارى اإلنجيل ،فالحسن أنزل لهم في الجملة على هذا الفرض وهو ظاهر. قلت :وقد صدر جماعة من المفسرين بهذا القول ،وأن المراد باألحسن هو القرآن ،وتمام تقريره ما أوضحه الشيخ رضي هللا عنه ،وال شك في مناسبته لسياق آخر اآلية ،فإن من لم يتبع القرآن والرسول وكفر بهما مستحق لألوصاف التي في آخر اآلية ،وهللا تعالى -35سُورةُ غافر-آية()3قوله أعلم). شدِي ِد ا ْلعِقا ِ ب ب َ قاب ِل ال َّت ْو ِ تعالى(غاف ِِر َّ الذ ْن ِ ب َو ِ ذِي َّ الط ْو ِل اَل ِإل َه ِإالَّ ه َُو ِإ َل ْي ِه ا ْل َمصِ ي ُر) جاء فى الذ ْنبِ" اس ":غاف ِِر َّ تفسير القُرطُبى ( َقال َ ا ْبنُ َع َّب ٍ لِ َمنْ َقالَ ":اَل ِإ َل َه ِإاَّل هَّللا ُ"" َو ِ قاب ِل ال َّت ْوبِ" ِم َّمنْ َقالَ ":اَل ِإ َل َه ِإاَّل هَّللا ُ"" َ شدِي ِد ا ْلعِقابِ" لِ َمنْ َل ْم َيقُلْ ":اَل ِإ َل َه ِإاَّل هَّللا ُ) آية()60قوله تعالى( َوقال َ َر ُّب ُك ُم ادْ ُعونِي َأ ْس َت ِج ْب س َيدْ ُخلُونَ َل ُك ْم ِإنَّ ا َّلذِينَ َي ْس َت ْك ِب ُرونَ َعنْ عِ بادَ تِي َ َج َه َّن َم داخ ِِرينَ )قال فى التقريب(و ال ي ُك ْن ِ -أى العب ُد-قاصداً لحظ نفسه بل يفعل ذلك عبوديةً يضطرب قلبُه إذا َ أن ال وامتثاالً.وعالمةُ صدقه ْ ُ يطمئن لم يحصل مراده بل كان بعضُ العارفين قلبُه وي ْس ُك ُن إذا حصل غير ُمراده أكثر مما إن مراد هللا خي ٌر من حصل مراده ويقولَُّ - مرادى وهو أعل ُم بالمصلحى منى.وأما إذا حصل مراده فإنَّه يقولُ-أخشى أن يكون ذلك استدراجاً). ص َل ْت-آية ()30قوله تعالى(ِإنَّ ورةُ فُ ِّس َ ُ -36 ا َّلذِينَ قالُوا َر ُّب َنا هَّللا ُ ُث َّم ْ اس َتقا ُموا َت َت َن َّزل ُ َع َل ْي ِه ُم ا ْل َمالِئ َك ُة َأالَّ َتخافُوا َوال َت ْح َز ُنوا َوَأ ْبشِ ُروا ِبا ْل َج َّن ِة عن الشيخ وعدُونَ ) نقل فى الطبقات ِ ا َّلتِي ُك ْن ُت ْم ُت َ جاكير( وقال في قوله تعالى " :إن الذين قالوا ربنا هللا ثم استقاموا" معناه استقاموا على المشاهدة ألن من عرف هللا تعالى ال يهاب غيره ،ومن أحب شيئا ً ال يطالع سواه ،وكانت نفقته من الغيب ).قال االما ُم القُشيرى فى ُ الثبات على شرائط تفسيره(االستقامة هي بشيء من ٍ إخالل ٍ اإليمان بجملتها من غير أقسامها .ويقال :هم على قسمين . مستقيم ( في أصول ) التوحيد والمعرفة . . وهذه صفة جميع المؤمنين . ومستقيم في الفروع من غير عصيان . . وهؤالء مختلفون؛ فمنهم . .ومنهم ،ومنهم . { َوَأ ْبشِ ُرو ْا ِبا ْل َج َّن ِة } :الذي لهم البشارة هم كل من استقام في التوحيد ،ولم يشرك .فله األمان من الخلود .ويقال َ :منْ كان له أصل االستقامة َأمِنَ من الخلود في النار ،ومن كمال االستقامة َأمِنَ من الوعيد من غير أن يلحقه بحال . .ثم االستقامة لهم على حسب ٍ سو ٌء أحوالهم؛ فمستقي ٌم في عهده ،ومستقيم في عقده ،ومستقيم في جهده ومراعاة حدِّ ه ، ومستقيم في عقده وجهده حدِّ ه وح ِّبه .وودِّ ه . .وهذا أت ُّمهم . ويقال :استقاموا على دوام الشهود وعلى انفراد القلب باهلل . ويقال :استقاموا في تصفية العقد ثم في توفية العهد ثم صحة القصد بدوام الوجد . ويقال :استقاموا بأقوالهم ثم بأعمالهم ،ثم بصفاء أحوالهم في وقتهم وفي مآلهم . ويقال :أقاموا على طاعته ،واستقاموا في معرفته ،وهاموا في محتبه ،وقاموا بشرائط خدمته . يرجع إلى الدنيا ، َ ٌ استقامة الزاه ِد أال ويقال : ُ واستقامة يمنعه الجاهُ بين الناس عن هللا . وأال َ يشوب معرف َته ح ٌّظ في الدار ْين َ العارفِ أال ُ واستقامة العابدَ أال يعودَ فيحجبه عن مواله . إلى فترته واتباع شهوته ،وال يتداخله ريا ٌء ب من وتص ُّنع واستقامة ال ُمح ِّ ِب أال يكون له َ أر ٌ محبوبه ،بل يكتفي من عطائه ببقائه ،ومن مقتضى جوده بدوام عِ ِّزه ووجوده . { َأالَ َت َخافُوا َوالَ َت ْح َز ُنو ْا } :إنما يكون الخوف حلول مكرو ِه أو ِ في المستقل من الوقت ،ومن ُ فالمالكة يبشرونهم بأن كل فوات محبو ٍ ب محذور لهم ال يكون ٍ مطلو ٍ ب لهم سيكون ،وكل . والحزن من ُح ُزونه الوقت ،ومن كان راضيا ً بما يجري فال حزنَ له في عيشه .والمالئكة يبشرونهم بأنهم ال حزنه في أحوالهم ،وإنما الر ْوح والراحة . هم َّ { َوَأ ْبشِ ُرو ْا ِبا ْل َج َّن ِة } :أي بحسن المآب ،وبما َو َعدَ هَّللا ُ من جميل الثواب . والذي هو موعو ٌد لألولياء بسفارة الم َلكِ لخواص عباده بعطاء ال َملِكِ ؛ فال ٌ موجو ٌد اليو َم مطالعة في المستقبل من حاله بل ٌ يكون ألحدهم خوف؛ ألن ٌ يكون بحكم الوقت؛ فال يكون له الخوف -كما قلنا من قبل -ينشأ من تطلع إلى حصول ِ زوال محبو ٍ ب أو ِ المستقبل إ َّما من مكروه ،وإن الذي بصفة الرضا ال حزونة في حاله ووقته . ويمكن القول { :ال تخافوا } من العذاب { ، وال تحزنوا } على ماخلفتم من األسباب { ، وأبشروا } بحسن الثواب في المآب . ويقال { :ال تخافوا } من عزل الوالية { ،وال تحزنوا } على ما أسلفتم من الجناية « وأبشروا » بحسن العناية في البداية . ويقال { ال تخافوا } مما أسلفتم { ،وال تحزنوا} على ما خلفتم { وأبشروا } بالجنة التي لها تكلفتم .ويقال { :ال تخافوا } المذ َّلة { وال تحزنوا } على ما أسلفتم من الز َّلة { ، وأبشروا } بدوام الوصلة). اآليتان()38-37قوله تعالى(مِنْ آيا ِت ِه ال َّل ْيل ُ سش ْم ِ س َوا ْل َق َم ُر اَل َت ْس ُجدُوا لِل َّ ش ْم ُ َوال َّنها ُر َوال َّ اس ُجدُوا هَّلِل ِ ا َّلذِي َخ َل َق ُهنَّ ِإنْ ُك ْن ُت ْمَوال لِ ْل َق َم ِر َو ْ اس َت ْك َب ُروا َفا َّلذِينَ عِ ْندَ َر ِّب َك ِإ َّياهُ َت ْع ُبدُونَ َ .فِإ ِن ْ هار َو ُه ْم اَل َي ْسَأ ُمونَ )قال س ِّب ُحونَ َل ُه ِبال َّل ْي ِل َوال َّن ِ ُي َ ً مكاشفة فى التقريب(فمن طلب حاالً أو مقاما ً أو فهو مشغول ٌ بحظ نفسه دون اشتغاله بخدمة نت له عبداً وهو ال أحببت شيئا ً إاَّل ُك َ َ ربه.ما س ش ْم ِ يحب أن تكون عبداً لغيره(..اَل َت ْس ُجدُوا لِل َّ ُ اس ُجدُوا هَّلِل ِ ا َّلذِي َخ َل َق ُهنَّ ِإنْ ُك ْن ُت ْم َوال لِ ْل َق َم ِر َو ْ سورةُ ُ -37 ِإ َّياهُ َت ْع ُبدُونَ )) س َط هَّللا ُشورى -آية ( )27قوله تعالى( َو َل ْو َب َ ال ُ ض َولكِنْ ُي َن ِّزل ُ ِب َقدَ ٍر الر ْز َق لِعِبا ِد ِه َل َب َغ ْوا فِي اَأْل ْر ِ ِّ َما َيشا ُء ِإ َّن ُه ِبعِبا ِد ِه َخ ِبي ٌر َبصِ ي ٌر) نقل فى عن األستاذ على(وكان يقول :الضمير الطبقات ِ في قول هللا تعالى " :ولو بسط هللا الرزق لعباده " عائد على الرزق أي لو بسط الرزق لعباد الرزق لبغوا وهم الذين ليس لهم مكنة التصرف كالحكيم الرباني فتصرفاتهم مغلوبة بالشهوات ،والحظوظ فأرباب المكنة عباد هللا الرزاق ال عبيد الرزق فافهم الفرق بين عباد األرزاق ،وعباد الرزاق ،هؤالء األرزاق محتاجة إليهم في كونها ،وعبادها محتاجون إلى عينها بل إلى أثر كونها). السماوا ِ ت اآليتان()50-49قوله تعالى(هَّلِل ِ ُم ْل ُك َّ ب لِ َمنْ َيشا ُء ِإناثا ً ض َي ْخلُ ُق َما َيشا ُء َي َه ُ َواَأْل ْر ِ ور) قال فى التقريب(فمِنْ ب لِ َمنْ َيشا ُء ال ُّذ ُك ََو َي َه ُ ُمكاشفاته-يقص ُد الشيخ أبا الحسن الشاذلى-ما حكاه تلميذه الشي ُخ أبو الع َّباس ال ُمرسى-رضى ُ قال(صليت خلف الشيخ أبى هللا عنه- الحسن-رضى هللا عنه-صالة الصبح فقرأ ب(حم.عسق) َف َل َّما انتهى إلى قوله تعالى( َي َه ُ ب لِ َمنْ َيشا ُء ِإناثا ً)فخطر لى أ َّنها الحسنات( َو َي َه ُ ب ور)فخطر لى أ َّنها العلوم لِ َمنْ َيشا ُء ال ُّذ ُك َ والمعارف(َأ ْو ُي َز ِّو ُج ُه ْم ُذ ْكرانا ً َوِإناثا ً)علوما ً وحسناتٍ( َو َي ْج َعل ُ َمنْ َيشا ُء َعقِيما ً)العلم و ال اطالع الشيخ على ذلك). فتعجبت من ِّ ُ حسنة سورةُ الجاثية-آية()30قوله تعالى( َفَأ َّما ُ -38 ت َف ُيدْ ِخلُ ُه ْم َر ُّب ُه ْم ا َّلذِينَ آ َم ُنوا َو َع ِملُوا َّ الصالِحا ِ فِي َر ْح َم ِت ِه ذلِ َك ه َُو ا ْل َف ْو ُز ا ْل ُم ِبينُ ) قال فى التقريب(قال هللا تعالى( َفَأ َّما ا َّلذِينَ آ َم ُنوا َو َع ِملُوا ت َف ُيدْ ِخلُ ُه ْم َر ُّب ُه ْم فِي َر ْح َم ِت ِه ذلِ َك ه َُو الصالِحا ِ َّ ا ْل َف ْو ُز ا ْل ُم ِبينُ )يعنى الظاهر كونه فوزاً ال فوز وراءه فهو مشتمل ٌ على الفوز العظيم أيضا ً ألنَّ الج َّنة محل ُّ أنواع الرحمة فظهر بهذا أنَّ الفوز العظيم يكونُ فى الدنيا و اآلخرة ففى الدنيا بدخول َج َّنة القلب بإشراق القلوب و المعارف والتشرف بمقام اإلحسان وَأنَّ الفوز المبين الج َّنة وهو مشتمل ٌ على الفوز العظيم يكونُ فى َ اليك ُمل ُ دخول ج َّنة القلب إاَّل فى الدنيا وزيادة و ْ لغرض فى ٍ إاَّل بكمال اإلخالص بأن ُيعبد هللا ال الدنيا و ال فى اآلخرة). ورةُ اَأْل ْح َقافِ -آية ()35قوله س َُ -39 س ِل ص َب َر ُأولُوا ا ْل َع ْز ِم مِنَ ُّ الر ُ تعالى( َف ْ اص ِب ْر َكما َ عن الشيخ َوال َت ْس َت ْع ِجلْ َل ُه ْم)..نقل فى الطبقات ِ أبى الحسن الشاذلى(وكان يقول من الشهوة الخفية للولي إرادته النصرة على من ظلمه، وقال تعالى للمعصوم األكبر " :فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل " أي فإن هللا تعالى قد ال يشاء إهالكهم). سورةُ الفتح -اآليتان()2-1قوله تعالى(ِإ َّنا ُ -40 َف َت ْحنا َل َك َف ْتحا ً ُم ِبينا ً .لِ َي ْغف َِر َل َك هَّللا ُ َما َت َقدَّ َم مِنْ َذ ْن ِب َك َوما َتَأ َّخ َر َو ُي ِت َّم ن ِْع َم َت ُه َع َل ْي َك َو َي ْه ِد َي َك صِ راطا ً ُم ْس َتقِيما ً)قال فى اإلبريز(وسألته رضي هللا عنه عن قوله تعالى( ِإ َّنا َف َت ْح َنا َل َك َف ْت ًحا ُم ِبي ًنا ،لِ َي ْغف َِر َل َك هللاُ َما َت َقدَّ َم مِنْ َذ ْن ِب َك َو َما َتَأ َّخ َر) فقال رضي هللا عنه :المراد بالفتح المشاهدة، أي مشاهدته تعالى ،وذلك أنه سبق في سابق علمه تعالى أن الخلق ال يعرفونه جميعا ،إذ لو عرفوه جميعا لم تكن إال دار واحدة ،وقد قضى تعالى أنه له دارين ،فحجب الخلق عنه تعالى إال من رحمه هللا فمنعهم من مشاهدة الفعل منه تعالى ومن مشاهدة ذاته تعالى ،فإنه لو كشف الغطاء عنهم لشاهدوه تعالى كما قال( َوه َُو (و َن ْحنُ َأ ْق َر ُ ب ِإ َل ْي ِه مِنْ َح ْب ِل َم َع ُك ْم َأ ْينَ َما ُك ْن ُت ْم ) َ سَأ َل َك عِ َبادِي َع ِّني َفِإ ِّني َق ِريب) (وِإ َذا َ ا ْل َو ِريدِ) َ (واَل َأدْ َنى مِنْ َذلِ َك َواَل َأ ْك َث َر ِإاَّل ه َُو َم َع ُه ْم َأ ْينَ َما َ َكا ُنوا) (وشاهدوا أفعالهم كلها مخلوقة له تعالى ،وأنه هو الفاعل لها ال هم ،وإنما هم ظروف وأجرام موضوعة وهو تعالى يحركها كيف يشاء كما قال تعالى( َوهللاُ َخ َل َق ُك ْم َو َما َت ْع َملُونَ ) وعند ذلك ال يعصيه أحد قط ،ألن المعصية ال تكون إال من المحجوب الغافل الساهي عن ربه وقت معصيته .قال: والمؤمنون وإن كانوا يعتقدون أن هللا هو الفاعل فيهم المريد ألفعالهم ،لكن هذا االعتقاد يحضر ويغيب ،وسببه الحجاب ،فاعتقادهم مجرد إيمان بالغيب ال عن مشاهدة وعيان، ومن رحمه هللا تعالى زال عنه الحجاب وأكرمه بمشاهدته تعالى ،فال يرى إال ما هو حق من الحق وإلى الحق ،فهذا هو المشار إليه بالفتح المبين. ُ فقلت :ومتى وقع؟ فقال :مِنْ صغره ،فإنه صلى هللا عليه وسلم لم يحجب عنه تعالى. ُ فقلت :وهذا الفتح ثابت لكل نبي بل ولكل عارف ،فأي خصوصية فيه لنبينا صلى هللا عليه وسلم؟ فقال رضي هللا عنه :الفتح يختلف بالقوة والضعف ،فكل على ما يطيق ،والقوة التي في النبي صلى هللا عليه وسلم عقال وروحا ونفسا وذاتا وسرا وحفظة لم تثبت لغيره ،حتى لو جمع أهل الفتح كلهم من األنبياء وغيرهم وجعلت القوة المشار إليها عليهم لذابوا جميعا وتهافتت ذواتهم ،والمراد بقوله بالذنب في قوله تعالى( َما َت َقدَّ َم مِنْ َذ ْن ِب َك َو َما َتَأ َّخ َر)سببه وهو الغفلة وظالم الحجاب الذي في أصل نشأة الذات الترابية .قال :وهذه الغفلة والحجاب للذنوب بمثابة الثوب العفن والوسخ لنزول الذباب عليه ،فمتى كان ذلك الثوب على أحد نزل عليه الذباب ،ومتى زال عنه ذلك الثوب زال عنه الذباب ،فالثوب مثال الحجاب ،والذباب مثال للذنوب ،فمن سمى ذلك الثوب ذبابا فهي تسمية سائغة ،فكذلك المراد هنا بالذنب هو الحجاب ،والمراد بما تقدم وما تأخر الكناية عن زواله بالكناية ،فكأنه يقول: إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليزول عنك الحجاب بالكلية ،ولتتم النعمة منا عليك ،ولتهتدي وتنصر ،فإنه ال نعمة فوق نعمة زوال الحجاب، وال هداية فوق هداية المعارف ،وال نصرة أبلغ من نصرة من كانت هذه حالته. ُ فقلت :وهل هذا خاص بالنبي صلى هللا عليه ُ فقلت :ولِ َم؟ فقال :ألنه عين وسلم؟ فقال :نعم. كل شيء. ُ فقلت :ولذلك تقول األنبياء عليهم الصالة والسالم في المحشر ،ائتوا محمدا عبدا غفر هللا له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. ُ قلت :وهذا الذي قاله الشيخ رضي هللا عنه من أنفس المعارف ،وألطف اللطائف ،وأليق بالجناب النبوي ،وأبلغ في التنزيه والتعظيم، وأوفق للعصمة المجمع عليها ،وأوفى بحق النبي صلى هللا عليه وسلم ،وأنسب بترتيب اآلية وحسن سياقها ،فجزاه هللا عنا أفضل الجزاء .وقد تكلم في اآلية خالئق ال يحصون كثرة ،وكان في عقولهم هذا المعنى الذي يشير إليه الشيخ رضي هللا عنه وما أظهروه ،فكم حوم عليه السبكي الكبير ،وكم طار في طلبه عقل أبي يحيى الشريف الشهير بابن أبي عبد هللا الشريف التلمساني ،حتى جعل في الذنب ثالث مراتب ،وفي المغفرة ثالث مراتب ،أما الذنب فله مصدر وهو النفس ،وله حقيقة وهو المخالفة ،وله أثر وهو الظالم الذي يكون في القلب ،من الذنب المشار إليه بقوله تعالى( َكاَّل وب ِه ْم َما َكا ُنوا َي ْكسِ ُبونَ ) وفي َبلْ َرانَ َع َلى قُلُ ِ الحديث "ِإ َذا َأ ْذ َن َب ا ْل َع ْب ُد َذ ْن ًبا َح َ ص َل ْت فِي َق ْل ِب ِه ُن ْك َت ٌة َ س ْودَ ا ُء". قال :وتسمية المصدر واألثر ذنبا مجاز من باب تسمية الشي باسم سببه في المصدر ومسببه في األثر .وأما المغفرة فهي مأخوذة من الغفر الذي هو الستر ،والستر على درجات: األولى وهي أقواها :أن ال يوجد الشيء أصال، فهو مستور في ظلمة العدم. الثانية :أن يوجد وال تكون لنا حاسة تدركه أصال. الثالثة :أن يؤيده وتكون لنا حاسة تدركه، ولكن يحول بيننا وبينه حجاب. فالشمس إن لم توجد في السماء أصال فهي مستورة في العدم ،وإن وجدت وكان الناظر إليها أعمى فهي مستورة عنه لعدم الحاسة، وإن حال بيننا وبينها غيم فهي مستورة عنا به ،وهي أضعف مراتب الستر فإنها بعد زوال الغيم تبصر .قال :فالمغفرة في حق النبي صلى هللا عليه وسلم تراد بمعنى العدم ،والذنب في حقه صلى هللا عليه وسلم يراد بمعنى المصدر وبمعنى الحقيقة ،وال شك أن مغفرة كل منهما أي طيه عن العدم تستلزم مغفرة األثر بخالف العكس .فلهذا ال يصح أن يكون الذنب في حقه بمعنى األثر ،ألن محو األثر وطيه عن العدم ال يستلزم رفع حقيقة الذنب الذي هو المخالفة، وألن محو األثر مع بقاء حقيقة المخالفة ينافي العصمة ،وألنه يشاركه في هذا القدر لو كان مرادا آحاد العصاة .فإن أريد بالذنب في اآلية الحقيقة التي هي المخالفة كانت (من) في قوله) مِنْ َذ ْن ِب َك (بمعنى عن ،أي ليغفر هللا ما تقدم عن ذنبك وهو المصدر ،وما تأخر عنه وهو األثر .وإن أريد بالذنب الحقيقة والمجاز كان المراد بالمتقدم هو الحقيقة ،وبالمتأخر هو األثر المجاز .وفاته رحمه هللا تعالى تفسير الفتح بما قاله الشيخ ،وذلك هو روح المسألة، فإنه فسره بالقضاء ولم يبين المقضي به ما هو ليصح تفرع ما بعده عليه ،كما ال يخفى ذلك على من طالع كالمه. وقد ألف في المسألة الحافظ السيوطي جزءا لطيفا جمع فيه أقوال العلماء ،وكذا الشريف المتقدم أبو يحيى بن أبي عبد هللا الشريف التلمساني .وقد جمع بين هذين التأليفين الشيخ أبو العباس سيدي أحمد بابا السوداني في تأليف له في هذه المسألة ،رحم هللا الجميع بمنه وكرمه ونفعنا بهم وبعلومهم آمين ،وهللا آية ()26قوله تعالى أعلم). وب ِه ُم ا ْل َح ِم َّي َة تعالى(ِإ ْذ َج َعل َ ا َّلذِينَ َك َف ُروا فِي قُلُ ِ سولِ ِه سكِي َن َت ُه َعلى َر ُ َح ِم َّي َة ا ْلجا ِهلِ َّي ِة َفَأ ْن َزل َ هَّللا ُ َ َو َع َلى ا ْل ُمْؤ ِمنِينَ َوَأ ْل َز َم ُه ْم َكلِ َم َة ال َّت ْقوى َوكا ُنوا ش ْي ٍء َعلِيماً)قال َأ َح َّق ِبها َوَأهْ َلها َوكانَ هَّللا ُ ِب ُكل ِّ َ فى اإلبريز(وسألته رضي هللا عنه عن قوله تعالى( َوَأ ْل َز َم ُه ْم َكلِ َم َة ال َّت ْق َوى َو َكا ُنوا َأ َح َّق ِب َها َوَأهْ َل َها) ما معنى كانوا أحق بها وأهلها ،مع أنه ال أحقية وال أهلية قبل اإلسالم؟ فقال رضي هللا عنه :األحقية واألهلية بحسب الوعد األول والقضاء السابق قبل خلق المخلوقات ،وهللا تعالى أعلم). آية ()29قوله تعالى(..سِ يما ُه ْم فِي ُو ُجو ِه ِه ْم س ُجو ِد)..قال فى التقريب(كانوا إذا ُرُؤ ا مِنْ َأ َث ِر ال ُّ ت َي ِزيدَ ،اء ِب ْن ِ لت( َعنْ َأ ْس َم َ ُذكر هللاُ تعالى –قُ ُ س َّل َم، ص َّلى هللاُ َع َل ْي ِه َو َسول َ هَّللا ِ َ سم َِع ْت َر ُ َأ َّن َها َ ار ُك ْم؟» َ ،قالُواَ :ب َلىَ ،يا َيقُولَُ« :أاَل ُأ َن ِّبُئ ُك ْم ِب ِخ َي ِ سول َ هَّللا ِ َقالَِ « :خ َيا ُر ُك ُم ا َّلذِينَ ِإ َذا ُر ُءواُ ،ذك َِر َر ُ هَّللا ُ َع َّز َو َجل َّ»أخرجه ابنُ ماجه فى وض َّع َفه األلبانى)- سُننه-حديث(َ )4119 شرق على ٌ ألنَّ نور قلب العارف ُم وجهه(سِ يما ُه ْم فِي ُو ُجو ِه ِه ْم مِنْ َأ َث ِر س ُجو ِد)فمن رآه رأى نور الحق الساطع من ال ُّ قلبه على وجهه.ومن َت َّم له ذلك فاز بالسعد و ْ أشرقت على القُ ْرب و ّم َّثلُوا ذلك بالشمس إذا الجدار استنار الجدا ُر اآلخ ُر لمواجهته لذلك ٌ طريقة الشمس,وهذه ُ ْ أشرقت عليه الجدار الذى ٌ معروفة عند المشايخ يسمونها بالرابطة و هى رئى وجه الشيخ فإ َّنها ُتثم ُر كما ُيثم ُر الذك ُر بل هى أش ُّد تأثيراً من الذكر لمن عرف شروطها وآدابها .وذلك إ َّنما يكونُ للشيخ الكامل العارف المستشرق بالتجليات الذاتية,ومِنْ ذلك كانت وس َّل ًم للصحابة رضى هللاُ تربيته ص َّلى هللاُ عليه َ عنهم.وكانوا يستغنون برؤية طلعته ص َّلى هللاُ وس َّل ًم السعيدة وينتفعون بها أكثر ِم َّما عليه َ ينتفعون باألذكار مدة مديدة.ولهذا كانت درجة الصحابة رضى هللا عنهم ال ُتضاهَى وكذلك ً ساعة.وكانوا االجتما ُع بالمشايخ الكاملين ولو يتباهون ويفتخرون بذلك االجتماع ويعدونه من شخصين اجتمعا فى ِ أكبر االنتفاعُ .حك َِى أنَّ له-ب َم ِ ضيق فقل أحدهما لآلخر-تقد ْم فقال ٍ طريق ٍ صحبت ال ُجنيد َ أستحق التقدم عليك؟قال-أل َّنك يوم.فجعل مصاحبة ال ُجنيد نصف ٍ يوم نصف ٍ يستحق بها التقدم عليه وهكذا أهل ُ ُ ً فضيلة ورةُ ق-آية س َ ُ -41 اإلنصاف). ()16قوله تعالى( َو َل َقدْ َخ َل ْق َنا اِإْل ْنسانَ َو َن ْع َل ُم َما س ُه َو َن ْحنُ َأ ْق َر ُ ب ِإ َل ْي ِه مِنْ َح ْب ِل س ِب ِه َن ْف ُ ُت َو ْس ِو ُ ا ْل َو ِري ِد)نقل فى الطبقات ِ عن األستاذ على(وكان يقول :إنما أبر الحق تعالى بأنه أقرب جار لنا بشارة بإفاضة فضله ،ورحمته علينا قبل كل أحد من الخلق فنحن أقرب إلى عفوه، ومغفرته ،وفضله ومسامحته ألنه ْأولى من وفي بحق الجوار ،وإن كنا نحن لم نوف َ اآلية ُ به).قلت(أعتق ُد أنَّ األستاذ يقص ُد بكالمه ص على ذلك وق ُد يكونُالتى ذكر ُتهاوإن لم ي ُن ْ ّ قصدُه اآلية( )85مِنْ سورة الواقعة-قوله ْ تعالى( َو َن ْحنُ َأ ْق َر ُ ب ِإ َل ْي ِه ِم ْن ُك ْم َولكِنْ اَل ُت ْبصِ ُرونَ ) وهللاُ أعل ُم). ت-آية ()56قوله تعالى( َوما ورةُ َّ الذ ِار َيا ِ س َ ُ -42 س ِإالَّ لِ َي ْع ُبد ِ ُون)نقل فى َخ َل ْق ُ ت ا ْل ِجنَّ َواِإْل ْن َ عن األستاذ على(" وما خلقت الجن الطبقات ِ واآلنس إال ليعبدون " أي ليعرفون فكل من كان أعرف بحال اآلثار كان أعرف بمظاهر األسماء ،والصفات ،وكل من كان أعرف بمظاهر المسمى الموصوف كان أعرف بحقائق تلك المظاهر على قدر معرفته بالحقائق الظاهرة).وقال ابنُ عربى فى تفسيره({إالَّ} ليظهر عليهم صفاتي وكماالتي فيعرفوني ثم يعبدوني إذ العبادة بقدر المعرفة ومن لم يعرف لم يعبد ).وقال االما ُم الغزالى فى تفسيره(تعبد هللا عز وجل الخلق بأن يكون همهم واحدا وهو هللا سبحانه واليوم اآلخر ..أي ليكونوا عبيدا لي ،وال يكون العبد عبدا ما لم يعرف ربه بالربوبية ونفسه بالعبودية ،والبد أن يعرف نفسه وربه ..أي ليعرفون ،وعلى التحقيق فال عبادة إال عن معرفة بمقتضى النص).وقال ابنُ عجيبة فى تفسيره(أي :إال لنأمرهم بالعبادة والخضوع لربوبيتي ،ال لنستعين بهم على شأن من شؤوني ،كما هي عادة السادات في كسب العبيد ،ليستعينوا بهم على أمر الرزق والمعاش ..وقيل المعنى :ما خلقهم إال مستعدين للعبادة ،متمكنين منها أتم استعداد ، وأكمل تم ُّكن ،فمنهم َمن أطاع ،ومنهم َمن كفر ،وهو كقولهم :البقرة مخلوقة للحرث ، أي :قابلة لذلك ،وقد يكون فيها َمن ال يحرث .والحاصل :أنه ال يلزم من كون الشيء ُمعدّ اً لشيء أن يقع منه جميع ذلك . ٍ أو :ما خلقتهم إال ليتذللوا لي ،ولقدرتي ، وإن لم يكن ذلك على قواعد شرع ،وهذا عام في الكل ،طوعا ً أو كرهاً؛ إذ كل ما خلق ُمنقاد لقدرته وقهريته ،عابد له بهذا المعنى .وفي البخاري :وما خلقت أهل السعادة من الفريقين وحدون .وقال بعضهم :خلقهم لي ْفعلوا ، إال ل ُي ِّ بعض .وليس فيه حجة ألهل ٌ بعض وترك ٌ ففعل ورةُ ال َّن ْج ِم- س َُ -43 القدر). اآليتان()2-1قوله تعالى( َوال َّن ْج ِم ِإذا هَوىَ .ما ضل َّ صا ِح ُب ُك ْم َوما َغوى)قال فى اإلبريز(وسألته َ رضي هللا عنه عن قوله تعالى( َوال َّن ْج ِم ِإ َذا صا ِح ُب ُك ْم َو َما غوى)لِ َم أقسم على ضل َّ َ ه ََوىَ .ما َ تصحيح رسالته عليه الصالة والسالم بالنجم مع أن النجم حجر من األحجار؟ وأي مناسبة بينه وبين نور الرسالة حتى وقع به القسم عليها؟ فقال رضي هللا عنه :لم يقع القسم بالنجم من حيث إنه نجم وحجر ،بل من حيث نور الحق الذي فيه ،ونور الحق الذي فيه هو نور االهتداء به في ظلمات البر والبحر .ثم ب َّين ذلك رجلين خرجا ِ بضرب مثال ،فقال :لو أن عن الطريق ،وعدما الزاد ِ مسافرين فضاَّل ِ والرفيق ،حتى أيقنا بالهالك ،وعدما الخالص والفكاك .فأما أحدهما فكانت له معرفة بالنجم الذي يهتدي به إلى جهة سفره ،فرصده إلى أن كان الليل فتبعه إلى أن بلغ غاية قصده ونهاية مراده ،ونجاه هللا تعالى؛ وأما اآلخر فلم تكن له معرفة بالنجم وال كيف يهتدي به ،وال قلد صاحبه في معرفته ،فهو ال يزال يتخطى في أودية الضالل إلى أن يهلك ،وبعد هالكه يرجع كالحممة بسبب ما يمر على ذاته من الحر والقر .وهكذا حالة الناس مع الرسول صلى هللا الرجلين .ففريق ِ هذين ِ عليه وسلم ،فهو بين آمنوا به وصدقوه واتبعوه ،فبلغوا به إلى جنة النعيم ،وما ال يكيف من العطاء الجسيم ،كما بلغ الرجل األول إلى موضع الزاد والرفيق، فأصاب من النعيم والظل الظليل مراده وحاجته. وفريق كذبوه فلم يزالوا في سخط هللا حتى ماتوا فأحرقتهم جهنم بحرها وزمهريرها كما أحرقت ذات الرجل الثاني بالحر والقر .فوقعت المشاكلة بين المقسم به والمقسم عليه ،وفي الحقيقة وقع القسم بفرد من أفراد نور الحق الذي يعرفونه على فرد آخر ال يعرفونه. فقلت :فما المراد بقوله(ِإ َذا ه ََوى)؟ ُ فقال رضي هللا عنه :المراد زال عن وسط السماء ،ألنه إذا كان في وسط السماء ال يهتدي به أحد ،ألنه حينئذ واقف غير مائل إلى جهة من الجهات فال يتأتى به استدالل ،وهللا تعالى أعلم. ُ قلت :وللمفسرين رضي هللا عنهم في اآلية أقوال كثيرة ،قد استقصاها نجم الدين الغيطي في تأليفه في اإلسراء والمعراج ،وهو تأليف َ علمت نباهة ما أشار َ وقفت عليه جليل .وإذا إليه الشيخ رضي هللا عنه ،ولوال اإلطالة والخروج عن الغرض لجلبناها ،وهللا أعلم). آية()37قوله تعالى( َوِإ ْبراهِي َم ا َّلذِي َو َّفى)قال فى بعض العارفين فى قوله ُ التقريب(قال تعالى( َوِإ ْبراهِي َم ا َّلذِي َو َّفى)أى بقوله حسبى حين كان فى المنجنيق وذلك مقا ُم التفويض الحول و القُ َّوة وهو مقا ُم إبراهيم والتبرى من ْ ِّ الحقيقى الذى ُأشير إليه بقوله تعالى( َو َمنْ دَ َخ َل ُه عمران)]97 : َ كانَ آمِنا ً) [آل آية ()42قوله تعالى( َوَأنَّ ِإلى َر ِّب َك ا ْل ُم ْن َتهى) قال ابنُ عطاء فى الحِكم(ال ترحل من كون إلى كون ؛ فتكون كحمار الرحى ،يسير ،والمكان الذي ارتحل إليه -هو الذي ارتحل منه ،ولكن ارحل من األكوان إلى المكون "وأن إلى ربك المنتهى") وقال فى التقريب( ُث َّم اعلم أنَّ الواردات وسائل ُ لحصول مقاصدها وهى صولها.فإذا حصلت ثمراتها التى تكونُ بعد ُح ُ مقاصدها فال وجه لطلب بقاء الواردات كم أ َّنه صول طلب بقا ُء السحاب و األمطار بعد ُح ُ ال ُي ُ اإلثمار( َوَأنَّ ِإلى َر ِّب َك ا ْل ُم ْن َتهى) فإ َّياك أن تقف مع الواردات فتصير حجابا ً فى حقك والمقصو ُد أمامك و التحزنْ على فقد وار ٍد إذا فقدته فلك نى عن ُكل َّ شٍئ وليس ُيغنيك ِ عن هللا فى هللا غِ ً شٌئ .ورحم هللاُ القائل( -ل ُكل ِّ شٍئ إذا فارقته وض -وليس هلل إنْ فارقته مِنْ عِ َوض).فال عِ ٌ وجدت هللا فى ُكل َّ َ تأس على فقد شٍئ إذاَ شٍئ.وكيف َيأسى على فقد شٍئ منْ عنده مال ُك ُكل ِّ شٍئ.وكيف تتع َّل ُق ِه َّم ُة َمنْ رضى عنه المل ُك بغير الملِكِ .وليس ُيغنيك ِ عن هللا شٌئ إذا فقدته).وقال القُشيرى فى تفسيره(قوله جل ّ ذكره َ { :وَأنَّ ِإ َلى َر ِّب َك ا ْل ُمن ُت َهى} . األشياء من هللا ِ إليه المرج ُع والمصي ُر ،فابتدا ُء األشياء إلى هللا مصيراً . ِ َخ ْلقا ً .وانتها ُء ويقال :إذا انتهى الكال ُم إلى هَّللا ِ تعالى ْ فاس ُك ُتوا . صل َ العب ُد إلى معرف ِة هللا فليس ويقال :إذا َو َ منال أو تحقيق ٍ بعدَ ه شي ٌء إال ألطافا ً من ٍ مال أو أحول ُي ْجريها على مرادِه -وهي ٍ آمال أو ٍ حظو ٌظ للعباد). آية ()43قوله تعالى( َوَأ َّن ُه ه َُو َأ ْ ض َح َك َوَأ ْبكى) قال القُشيرى فى تفسيره(قوله جل ّ ذكره َ { :وَأ َّن ُه ه َُو َأ ْ ض َح َك َوَأ ْب َكى} . المتعارف عليهما بين َ أراد به الضحك والبكاء الناس؛ فهو الذي ُي ْجريه و َي ْخلُقُه . السماء َ ت ،وأبكىاألرض بالنبا ِ َ ويقال :أضحك بالمطر . ِ ويقال :أضح َك أهل َ الجنة بالجنة ،وأبكى أهل النار بالنار . ويقال :أضحك المؤمنَ في اآلخرة وأبكاه في الكافر في الدنيا وأبكاه في َ الدنيا ،وأضحك اآلخرة . ويقال :أضحكهم في الظاهر ،وأبكاهم بقلوبهم . ويقال :أضحك المؤمنَ في اآلخرة بغفرانه ، الكافر بهوانه . َ وأبكى العارفِين بالرضا ،وأبكى ِ قلوب َ ويقال :أضحك عيونهم بخوف الفراق . األعداء َ ويقال :أضحكهم برحمته ،وأبكى آية بسخطه) ()44قوله تعالى( َوَأ َّن ُه ه َُو َأ َ مات َوَأ ْحيا) قال القُشيرى فى تفسيره(قوله جل ّ ذكره َ { :وأ َّن ُه ه َُو َأ َم َ ات َوَأ ْح َيا} . أماته في الدنيا ،وأحياه في القبر؛ فالقبر إما للراحة وِإما لإلحساس بالعقوبة . ويقال :أماته في الدنيا ،وأحياه في الحشر . نفوس الزاهدين بالمجاهدة ، َ ويقال :أمات قلوب العارفين بالمشاهدة . َ وأحيا ويقال :أماتها بالهيبة ،وأحياها باُأل ْنس . ويقال :باالستتار ،والتج ِّلي . ويقال :باإلعراض عنه ،واإلقبال عليه . ويقال :بالطاعة ،والمعصية). آية ()50قوله تعالى( َوَأ َّن ُه َأهْ َل َك عاداً اُأْلولى) قال فى اإلبريز(وسألته رضي هللا عنه عن قوله تعالى( َوَأ َّن ُه َأهْ َل َك َعادًا اُأْلو َلى)هل كانت عاد أخرى ثانية؟ وذكرت اضطراب كالم المفسرين فإنهم يقولون إن هودا عليه السالم هو الذي بعث إلى عاد ،وأنه كان قبل إبراهيم عليه السالم بكثير ،ثم ذكروا في قصة هالك قومه وفادة نفر منهم إلى حرم هللا مكة يستسقون ،ومكة إنما بناها إبراهيم وإسماعيل عليهما الصالة والسالم .فأشكل أمر القصة على كثير من الناس حتى ذهبت طائفة إلى أنه لم يكن إال عاد واحدة ،وإنما وصفت باألولى رعاية لثمود فالثانية هي ثمود .وذهبت طائفة أخرى إلى تعدد عاد ،فاألولى هي التي أرسل إليها هود وعذبت بالريح ،وعاد الثانية أرسل إليها نبي آخر وعذبوا بغير الريح ،وهم الذين وفد بعضهم إلى مكة ،ولم يعينوا النبي وال العذاب .ويشكل عليهم ما في سورة األحقاف، فإن القصة فيها أصحاب الوفد وعذابهم بالريح تعالى(و ْاذ ُك ْر َأ َخا َعا ٍد ) َ وصاحبهم هود لقوله أخرى(وِإ َلى َعا ٍد َأ َخا ُه ْم هُودًا). َ وقال في آية وإنما قلنا إن القصة في سورة األحقاف ألصحاب الوفد ،لما أخرجه أحمد بإسناد حسن عن الحارث بن حسان البكري قال: خرجت أنا والعالء بن الحضرمي إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم الحديث ،وفيه :فقلت: أعوذ باهلل ورسوله أن أكون كوفد عاد ،فقال: وما وفد عاد؟ وهو أعلم بالحديث ولكنه يستطعمه ،فقلت :إن عادا قحطوا ،فبعثوا قيل بن عنز إلى معاوية بن بكر بمكة يستسقي لهم، فمكث شهرا في ضيافته .فلما كان بعد شهر خرج فاستسقى لهم فمرت به سحابتان ،فاختار السوداء منهما فنودي خذها رمادا ال تبقي من عاد واحدا .وأخرج الترمذي والنسائي وابن ماجه بعضه .وانظر ابن حجر في سورة األحقاف. وفي رواية أخرى :خرج قيل بن عنز ومرثد بن سعد في سبعين من أعيانهم ،وكان إذ ذاك بمكة العمالقة وسيدهم معاوية بن بكر .فذكر القصة إلى أن قال في آخرها :فقال مرثد بن سعد يا قوم إنكم ال تسقون بدعائكم حتى تطيعوا رسولكم .فقال قيل لمعاوية :احبسه عنا ال يخرج معنا ،فإنه قد آمن بهود وصدقه .فقال رضي هللا عنه :عاد الثانية أرسل إليها هود ليجدد شرع من قبله من األنبياء المرسلين إليهم ،وهو الذي قص علينا قصته في القرآن، وهو الذي وفد قومه إلى مكة وعذبوا بالريح العقيم ،وهو من ذرية إسماعيل عليه السالم، ونسبه هود بن عابر بن شياع بن الحارث بن كالب بن قيدار بن إسماعيل .وليست عاد الثانية كلها من ذرية إسماعيل ،بل هود فيه(وِإ َلى َعا ٍد َأ َخا ُه ْم َ وعشيرته فقط ،وقيل هُودًا)تغليبا ألنه كان هو وعشيرته يساكنونهم ويرحلون معهم ،ومن هؤالء شداد بن عاد الذي له الخيمة العظيمة ذات العماد. قال :والعلماء يظنون أن إرم ذات العماد مدينة مبنية بالذهب على صفة الجنة في كالم طويل وليس كذلك ،بل إرم اسم قبيلة عاد ،وذات العماد نعت للقبيلة أي صاحبة العماد لهذه الخيمة التي لكبيرهم ،أو المراد عماد جميع خيامهم ،فإني رأيت مسكنهم ووصفه بقريب مما وصف به العلماء األحقاف. قال :وهو مسيرة تسعة أيام ،وكبيرهم يسكن في وسط األرض ،وكان من قصده يمشي حافيا عاري الرأس مسيرة أربعة أيام ونصف من كل ناحية بين الخيام لقوة العمارة فيها وكثرة الخالئق مع ضيقها عنهم ،وأرسل هللا تعالى إليهم مياها وعيونا تسيح على وجه األرض من ناحية جبال بعيدة عن بالدهم يزرعون عليها. قال :وخيمة كبيرهم مساحتها في األرض قدر رمية بسهم ،وأوتادها وأعمدتها مطبقة بالذهب الخالص ،وحبالها من الحرير ،وقد رأيت قطعا من ذهبها باقية إلى اآلن مدفونة في أرضهم، وجميع خيمهم مطبقة بالمنف ،ولم يكن في ذلك الزمان إال األبيض منه فيه يبطنون ،وإلى هؤالء القوم أرسل هللا هودا الذي سبق نسبه. قلت :وما ذكره في شأن المدينة المسماة بإرم ذات العماد ورد ما قيل فيها ،إليه ذهب جهابذة العلماء كالحافظ ابن حجر في شرح البخاري، فإنه بعد أن أشار إلى قصة المدينة المذكورة قال :وهي مروية من طريق عبد هللا بن لهيعة، ونقل عن مجاهد ما يؤيد التفسير الثاني في ذات العماد .قال مجاهد :معناه أنهم كانوا أهل عمود أي خيام .وذكر في ذلك أقواال أخر. فانظرها في سورة الفجر .وما قاله رضي هللا عنه في نسب هود محض كشف وعيان ،فإنه أمي ال يعرف تاريخا وال غيره ،فال ينبغي ألحد أن يعارضه بما قال أهل التاريخ في نسب هود ألنه مبني على خبر الواحد ،ومع ذلك فقد اضطرب خبر الواحد في نسب هود ،فقيل في نسبه هود بن عبد هللا بن رباح بن الجارود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح ،وقيل هود بن شارخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السالم ،فهو على هذا ابن عم أبي عاد، قالوا وإنما جعل من عاد وإن لم يكن منهم ألنهم أفهم لقوله وأعرف لحاله وأرغب في اقتفائه. قال رضي هللا عنه :وأما عاد األولى فإنهم كانوا قبل قوم نوح عليه السالم ،وأرسل هللا إليهم نبيا يسمى "هُويد" بهاء مضمومة قريبة من همزة بين بين ،وواو ساكنة سكونا ميتا، بعدها ياء ساكنة سكونا حيا. قال رضي هللا عنه :وهو رسول مستقل بشرعه بخالف هود الذي أرسل إلى عاد الثانية ،فإنه مجدد لشرع من قبله من المرسلين. قال رضي هللا عنه :وكل رسول مستقل فال بد أن يكون له كتاب. قال :ولسيدنا هويد المذكور كتاب وأنا أحفظه كما أحفظ جميع كتب المرسلين. ُ فقلت له :وتعدها؟ قال :أحفظها وال أعدها ،اسمعوا مني. ثم جعل يعدها كتابا كتابا... قال :وأهلك هللا عادا األولى أصحاب هويد بالحجارة والنار ،وذلك أن هللا تعالى أرسل عليهم حجارة من السماء ،فاشتغلوا بها وجعلوا يهربون منها ،فأخرج هللا لهم نارا فأحرقتهم).انتهى بشٍئ من االختصار. ورةُ ا ْل َق َم ِر -اآليتان()55-54قوله س َ ُ -44 ت َو َن َه ٍر .فِي َم ْق َع ِد تعالى(ِإنَّ ا ْل ُم َّتقِينَ فِي َج َّنا ٍ صِ دْ ٍق عِ ْندَ َملِيكٍ ُم ْق َتد ٍِر) نقل فى التقريب ِ عن الشسخ أبى الع َّباس ال ُمرسى(وقال فى قوله تعالى(ِإنَّ ا ْل ُم َّتقِينَ فِي َج َّنا ٍ ت َو َن َه ٍر)فى هذه الدار وفى تلك الدار الدُنيا فى َج َّنات العلوم و الج َّنة التى ُوعدوا المعارف وفى اآلخرة فى َ بها(فِي َم ْق َع ِد صِ دْ ٍق)..فى هذه الدار وفى تلك الدار(..عِ ْندَ َملِيكٍ ُم ْق َتد ٍِر)فى هذه الدار وفى تلك الدار.وبسط الشي ُح ابنُ عطاء كالمه هذا الج َّنة الكائن فيها تكونُ فقال-هو أنَّ نعيم َ لة للمتقين فى هذه الدار فما كانرقائقه ُم َع َّج ً الج َّن ِة ح َّ ِسا ً يكونُ لهم فى هذه الدار لهم فى َ معنى). ً الر ْح َمن-آية ()29قولهورة َّ س َ ُ -45 ت َواَأْل ْر ِ ض ُكل َّ تعالى( َي ْسَئ لُ ُه َمنْ فِي َّ السماوا ِ شْأ ٍن)قال القُشيرى فى تفسيره({ ُكل َّ َي ْو ٍم ه َُو فِي َ شْأ ٍن} مِنْ إحياء وإماتة ،وقبض وم ه َُو فِى َ َي ٍ قوم و َب ْسطِ ٍ قوم وغير ذلك من فنون أقسام المخلوقات ،وما ُي ْجريه عليها من اختالف الصفات . هَّللا وفي اآلية ر ُّد على اليهود حيث قالوا :إنَّ َ يستريح يو َم السبت ال يفعل شيئا ً ،فأخبر أنه ً لحظة كل يوم هو في شأن ،ولو ُأ ْخل َِي العا َلم من ِح ْفظِ ه لتالشى و َب ُطل َ . يغفر ذنبا ً ،و َي ْس ُت َر عيبا ً ،َ ( ومن شأنه أن ب قلبا ً ،و ُي ْقصِ ي َع ْبداً ِب كربا ً ) ،و ُي َط ِّي ُ و ُي ْذه َ و ُيدْ نِي عبداً إلى غير ذلك من فنون األفعال . ساع ٍة ِب ٌّر جدي ٌد ،وسِ ٌّر بينه َ وله مع عباده كل َّ وبين عبده -عن البقاء -بعيد . س ْو ِق المقادير إلى شأن َ ِ ويقال :كل يوم هو في أوقاتها . مستور ٍ إظهار ِ شأن ِ ويقال :كل يوم هو في ب وتغيي ِ ب وإحضار غائ ٍ ِ ظاهر ، ٍ وس ْت ِر َ حاضر).وقال ُ ابن عربى فى تفسيره({كل يوم ٍ هو في شأن} بإفاضة ما يناسب كل استعداد ويستحقه فله كل وقت في كل خلق شأن بإفاضة ما يستحقه ويستأهله باستعداده ,فمن استعدّ بالتصفية والتزكية للكماالت الخيرية واألنوار يفيضها عليه مع حصول االستعداد, ومن استعدّ بتكدير جوهر نفسه بالهيئات المظلمة والرذائل ولوث العقائد الفاسدة, والخبائث للشرور والمكاره وأنواع اآلالم والمصائب والعذاب والوبال يفيضها عليه مع آية حصول االستعداد). سان ِإالَّ ()60قوله تعالى( َهلْ َجزا ُء اِإْل ْح ِ اِإْل ْحسانُ )قال القُشيرى فى تفسيره(يقال : اإلحسانُ األول من هللا والثاني من العبد؛ أي : هل جزاء َمنْ أحس َّنا إليه بالنصرة إالَّ أن ُي ْحسِ ن لنا بالخدمة؟ وهل جزاء َمنْ أحس َّنا إليه بالوالء إال أن يحسن لنا بالوفاء؟ ويصح أن يكون اإلحسانُ األول من العبد والثاني من هللا؛ أي :هل جزاء من أحسن من سنَ إليه من حيث القبول حيث الطاعة إال أن ُي ْح َ والثواب؟ وهل جزاء من احسن من حيث الخدمة إال أن سنَ إليه من حيث النعمة؟ ُي ْح َ الحق؛ أي :هل ِّ ويصح أن يكون اإلحسانان من جزاء َمنْ أحس َّنا إليه في االبتداء إال أن ُن ْحسِ نَ إليه في االنتهاء؟ وهل جزاء َمنْ فاتحناه باللُّطف إال أن ُن ْر ِب َي له في الفضل والعطف؟ ويص ُّح أن يكون كالهما من العبد؛ أي :هل جزاء من آمن بنا إالَّ َأن َي ْثبت في المستقبل على إيمانه؛ وهل جزاء َمنْ َع َقد معنا عقد الوفاء إال َأنْ يقوم بما يقتضيه بالتفصيل؟ ويقال :هل جزاء َمنْ َب ُعدَ عن َن ْفسِ ه إالَّ َأنْ ُن َق ِّر َبه ِم َّنا؟ وهل جزاء َمنْ َفن َِي َعنْ َن ْفسِ ه إالَّ َأنْ يبقى بنا؟ وهل جزاء َمنْ َر َف َع لنا خطوة إالَّ َأن نكافِِئه بكل حظ َوة ،وهل جزاء من حفظ لنا خطوة ألف ْ َط ْر َفه إال أن ُن ْك ِر َمه بلقائنا؟) وقال ُ ابن عربى فى تفسيره({هل جزاء اإلحسان} في العمل وهو العبادة مع الحضور {إالَّ اإلحسان} في الثواب بحصول الكمال والوصول إلى الج ّنتين المذكورتين). ورةُ ا ْل َحدِي ِد -آية ()22قوله تعالى( َما س َ ُ -47 ض َوال فِي َأ ْنفُسِ ُك ْم صاب مِنْ ُمصِ ي َب ٍة فِي اَأْل ْر ِ َأ َ ب مِنْ َق ْب ِل َأنْ َن ْب َرَأها ِإنَّ ذلِ َك َع َلى هَّللا ِ ِإالَّ فِي كِتا ٍ َيسِ ي ٌر)قال فى التقريب(قال الجُني ُدَ -م ْن عرف هللا بالربوبية وافتقر إليه بالعبودية وش ِهد بسره ما ف هللاُ من آثار قُدرته بقوله تعالى( َما َأ َ صاب َك َش َ ض َوال فِي َأ ْنفُسِ ُك ْم ِإالَّ فِي مِنْ ُمصِ ي َب ٍة فِي اَأْل ْر ِ ب مِنْ َق ْب ِل َأنْ َن ْب َرَأها ِإنَّ ذلِ َك َع َلى هَّللا ِ كِتا ٍ َيسِ ي ٌر)فسمع هذا من ربه وش ِهد بقلبه وقع فى الروح والراحة وانشراح الصدر وهان عليه ما ْ ص من يُصيبه.فإذا فنى عن أوصاف النفس تخلَّ َ االضطراب وجاز إلى عالم السكون ومعرفة سر ف-آية ورة َّ الص ّ س َ ُ -48 القدر). ور هَّللا ِ ()8قوله تعالى( ُي ِريدُونَ لِ ُي ْطفُِؤ ا ُن َ هَّللا ِبَأ ْفوا ِه ِه ْم َو ُ ُم ِت ُّم ُن ِ ور ِه َو َل ْو َك ِر َه ا ْلكافِ ُرونَ )نقل عن األستاذ على(وكان رضي هللا فى الطبقات ِ عنه يقول في قوله تعالى " :وهللا متم نوره ولو كره الكافرون " " فيا صاحب الحق ال تهتم بإظهار شأنك اهتماما ً يحملك على كنت على نور حق االستعانة بالخلق فإنك إن َ فهو يظهر باهلل " وكفى باهلل وليا ً وكفى باهلل نصيراً " " النساء " 45 :وإن كنت على ظلمة باطل فال تتسبب في إظهار ذلك ،وإشاعته فإنك ال تتمتع بذلك إن ُم َ تعت به إال قليال ثم "هللا أشد بأساً ،وأشد تنكيال " "أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع -فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه " فافهم). ورةُ ا ْل ُم َنافِقُونَ -آية ( )8قوله س َُ -49 تعالى(َ ..يقُولُونَ َلِئنْ َر َج ْعنا ِإ َلى ا ْل َمدِي َن ِة َل ُي ْخ ِر َجنَّ سولِ ِهاَأْل َع ُّز ِم ْن َها اَأْل َذل َّ َوهَّلِل ِ ا ْلع َِّزةُ َول َِر ُ َولِ ْل ُمْؤ ِمنِينَ َولكِنَّ ا ْل ُمنافِقِينَ اَل َي ْع َل ُمونَ )قال فى التقريب(قال بعضُ العارفين(إذا أراد هللاُ تعالى إظهار أح ٍد من خلقه كساه كسوة الجالل و العظمة والقهروالهيبة وجعل ذلك فى قلوب الناس.وإليه أشار تعالى بقوله( َوهَّلِل ِ ا ْلع َِّزةُ سولِ ِه َولِ ْل ُمْؤ ِمنِينَ )وقال القُشيرى فى َول َِر ُ النبوة ، َّ تفسيره(هلل عِ ُّز اإللهية ،وللرسول عِ ُّز وللمؤمنين عِ ُّز الوالية .وجمي ُع ذلك هلل؛ فع ُِّزه الرسول وعِ ُّز المؤمنين له ِ القديم صِ َف ُته ،وعِ ُّز ضالً ،فإذاً هلل الع َِّزةُ جميعا ً . ف ِْعالً و ِم َّن ًة و َف ْ ويقال :كما انَّ عِ َّز َة هللا -سبحانه -ال زوال َ لها فع َِّزة األنبياء بأن ال َع ْزل َ لهم ،وعِ َّزةُ المؤمنين بأال َي ْب َقى منهم ُم َخ َّل ٌد في النار . ويقال َ :منْ كان إيما ُنهم حقيقيا ً فال زوال َ له . تعز َز باهلل لم يلحقه َت َغ ُّي ٌر عن حاله ويقال َ :منْ َّ بغير هللا . ويقال :ال عِ َّز إالَّ في طاع ِة هللا ،وال ُذل َّ إالَّ في معصية هللا وما سوى هذا فال أصل َ له).وقال ابنُ عجيبة فى تفسيره(قال بعضهم :عزة هللا : قهره ،وعزته لرسوله :إظهاره ،وعز ُته للمؤمنين :نصره إياهم على َمن آذاهم .وقيل :عزة هللا :الوالية { ُه َنالِ َك الوالية هَّلِل ِ الحق } [ الكهف ، ] 44 :وعزة الرسول :الكفاية والعناية ،وعزة المؤمنين :الرفعة والرعاية ، وقيل :عزة هللا :الربوبية ،وعزة الرسول : النبوة ،وعزة المؤمنين :العبودية ،فإذا أردت أيها العبد أن تكون عزيزاً فارفع همتك َ سد باب الطمع ،وتحل َّ بحلية عن الخلق ،و ُ العز إالَّ في رأيت ّ ُ الورع .قال بعضهم :وهللا ما رفع الهمة عن الخلق ،وقال آخر :ما قُ ِّذر لماضغيك أن يمضغاه فال بدّ أن يمضغاه ، فامضغه ويحك بعز ،وال تمضغه بذل.ه) الطاَل ِق -اآليتان()3-2قوله ورةُ َّ س َ ُ -50 تعالى(َ ..و َمنْ َي َّت ِق هَّللا َ َي ْج َعلْ َل ُه َم ْخ َرجاًَ .و َي ْر ُز ْق ُه ب)قال فى الطبقات(قد حكى ث اَل َي ْح َتسِ ُ مِنْ َح ْي ُ الشيخ محيي الدين بن العربي في الفتوحات وغيرها :أن طريق الوصول إلى علم القوم اإليمان ،والتقوى قال هللا تعالى " :ولو أن أهل القرى أمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء واألرض " األعراف 96 :أي أطلعناهم على العلوم المتعلقة بالعلويات والسفليات، وأسرار الجبروت ،وأنوار الملك ،والملكوت وقال تعالى " :ومن يتق هللا يجعل له مخرجا ً ويرزقه من حيث ال يحتسب َو َمنْ َي َت َو َّكلْ َع َلى هَّللا ِ َف ُه َو َح ْس ُب ُه " والرزق نوعان روحاني وجسماني وقال تعالى " :واتقوا هللا ويعلمكم هللا " البقرة .282:أي يعلمكم ما لم تكونوا تعلمونه بالوسائط من العلوم اإللهية ،ولذلك أضاف التعليم إلى اسم هللا الذي هو دليل على الذات ،وجامع لألسماء ،واألفعال والصفات) ونقل عن عامر بن عبد هللا بن قيس( وكان يقول في قوله تعالى" :ومن يتق هللا يجعل له مخرجا ً " أي من كل شيء ضاق على الناس).قال القُشيرى فى تفسيره(قوله جل ّ ذكره َ { :و َمن َي َت َو َّكلْ َع َلى هَّللا ِ َف ُه َو َح ْس ُب ُه} . لم يقل :و َمنْ يتوكل على هللا فتو ُّكلُه َح ْس ُبه ، بل قال َ { :ف ُه َو َح ْس ُب ُه} ؛ أي فاهَّلل ُ َح ْس ُبه أي كافيه . { ِإنَّ هَّللا َ َبالِ ُغ َأ ْم ِر ِه َقدْ َج َعل َ هَّللا ُ لِ ُكل ِّ َ ش ْي ٍء َقدْ راً }. محالة يكون ، َ س َب َق له شي ٌء من التقدير فال إذا َ وي َت َو ُّكله ال يتغير المقدور وال يستأخر ،ولكنَّ التو َّكل بنيانه على أنْ العب ُد ُم َر َّو َح القلب َ غير كار ٍه .وهذا من َأ َجل ِّ ال ِّنعم .التوكل ُ :شهود َن ْفسِ ك خارجا ً عن ال ُم َّنة تجري علي َك أحكا ُم الع ل َك على ٍ ّ اط تدبير منك وال ٍ التقدير من غير ِ ُحكمِه ،وسبيل ُ العب ِد الخمو ُد والرضا دونَ استعالم األمر). س َع ِت ِه س َع ٍة مِنْ َ آية()7قوله تعالى(لِ ُي ْنف ِْق ُذو َ َو َمنْ قُد َِر َع َل ْي ِه ِر ْزقُ ُه َف ْل ُي ْنف ِْق ِم َّما آتاهُ هَّللا ُ اَل س َي ْج َعل ُ هَّللا ُ َب ْعدَ ف هَّللا ُ َن ْفسا ً ِإالَّ َما آ َتاهَا َ ُي َك ِّل ُ الحكم"لينفق ذو ُع ْس ٍر ُي ْسراً)قال ُ ابن عطاء فى ِ س َعة من سعتة"الواصلون إليه "ومن قُد َِر عليه َ رزقه" السائرون إليه ).وقال ابنُ عجيبة فى تفسيره(لِ ُينفق ذو سعة من سعته) وهم الواصلون العارفون ُينفقون من سعة علومهم وأسرارهم على المريدين الذي استرضعوهم (و َمن قُدر عليه رزقه) من المريدين السائرين َ تعلق به من (فل ُينفق مما آتاه هللا)على َمن المريدين ( ،ال ُيكلف هللا نفسا ً إالّ ما آتاها ، وضيق في العلوم ِ سر) سيجعل هللا بعد ُع ٍ واألسرار ( ُيسراً) فتتسع عليه العلوم واألسرار بعد التمكين وهللا تعالى أعلم). يم-آية()3قوله تعالى(َ ..ع َّر َ ف ورةُ ال َّت ْح ِر ِ س َُ -51 ض)..نقل فى الطبقات ض َعنْ َب ْع ٍ ض ُه َوَأ ْع َر َ َب ْع َ بن صالح(وسأله رجل عن الدليل سين ِ عن ال ُح ِ ِ على قولهم الكريم ال يستقصي فقال :دليله قوله تعالى" :عرف بعضه وأعرض عن بعض" وح-آية()19قوله تعالى( َوهَّللا ُ َج َعل َورةُ ُن ٍ س َ ُ -52 عن األستاذ ِ الطبقات فى )نقلً اساطبِ ضَ ر ْ َأْلَل ُك ُم ا على(وكان يقول :إنما جعل لكم األرض بساطا ً ليعلمكم التواضع فتواضعوا تنبسطوا). ورةُ ا ْل ُم َّز ِّم ِل-آية()8قوله تعالى( َو ْاذ ُك ِر س َ ُ -53 اس َم َر ِّب َك َو َت َب َّتلْ ِإ َل ْي ِه َت ْبتِيالً)قال فى التقريب(أ ِ ى ْ انقطع إليه اقطاعا ً كامالً ُّ فأي َه ٍّم يبقى لك يا ْ ُ الرزق و ُرفع ضمن لك أخى فى طلب الدنيا وقد ُ ضمن لك ش َّق ُة الطلب؟فاجتهادك فيما ُ عنك م َ وتقصي ُرك فيما ُطلب منك دليل ٌ على انعدام منك.فأر ْح نفسك من التدبير فما قام به ِ البصيرة غي ُرك ال تقُ ْم فيه لنفسك.قال الشي ُخ أبو الحسن َ أقسمت على هللا بالنبيين و الشاذلى-لو ذر ًة ِم َّما قسم لك ما فعل الصديقين أن ينقصك َّ فكيف وأنت تطلبه بلسان حالك وقالك؟)قال ابنُ اس َم ربك} أي :دُم عجيبة فى تفسيره({واذكر ْ على ذكره في الليل والنهار ،على أي وج ٍه ، من تسبيح وتهليل وتكبير ،وقراءة قرآن ، وتدريس علم { .وتبتلْ ِإليه} أي :انقطع إلى شيء ،بمجامع الهمة ، ٍ عبادته عن كل واستغراق العزيمة .والتب ُّتل :االنقطاع إلى هللا تعالى بتأميل الخير منه دون غيره ،وقيل : رفض الدنيا وما فيها ،والتماس ما عند هللا . وأ ّكده بقوله { :تبتيال} زياد ًة في التحريض ، مع ما فيه من رعاية الفواصل ..وتب ّتل إليه تبتيالً في الظاهر والباطن ،فبالتب ُّتل يحصل الوصول ،وبذكر االسم باللسان يحصل الذكر للجنان ،ثم يسبح في بحر العيان). ورةُ ا ْل ُمدَّ ِّث ِر-آية()4قوله تعالى( َوثِيا َب َك س َُ -54 عن األستاذ على(وكان َف َط ِّه ْر)نقل فى الطبقات ِ يقول :في قوله " وثيابك فطهر" أي لتكون ثياب صالة فافهم .من لم يتجرد عما سوى أمر لم يباشره تحقيقاً).وقال القُشيرى فى َ تفسيره(ط ِّه ْر قلبك عن الخالئق أجمع ،وعن كل ِّ صف ٍة مذمومة . الزالَّت ،وقل َبك عن سك عن َّ وط ِّه ْر َن ْف َ َ المخالفات ،وسِ َّرك عن االلتفاتات . ويقال َ :أهْ َل َك َط ِّه ْرهم بالوعظ؛ قال تعالى { : اس َّل ُك ْم } [ البقرة ، ] 187 :فيعبر هُنَّ لِ َب ٌ عنهن -أحيانا ً -بالثياب وال ِّلباس).و قال ابنُ عجيبة فى تفسيره(أي َ :ن ّزه ثياب إيمانك وعرفانك عن لوث الطمع في الخلق ، وخصوصا ً عند الدعوة ،فال تسأل عليه أجراً ، وال تؤ ّمل في جانبه عوضا ً ،ف ُتحرم بركة إنذارك ،ويقل ّ االنتفاع به .وقال الشيخ أبو النبي َّ الحسن الشاذلي رضي هللا عنه :رأيت صلى هللا عليه وسلم في المنام ،فقال :يا علي َ ،ط ِّهر ثيابك من الدنس َ ،ت ْح َظ بمدد هللا في كل ُ فقلت :وما ثيابي يا رسول هللا؟ فقال : َن َفس ، إنَّ هللا كساك ُحلة المعرفة ،ثم ُحلة المحبة ، ثم ُحلة التوحيد ،ثم ُحلة اإليمان ،ثم ُحلة ص ُغر لديه كل شيء ،اإلسالم ،ف َمن عرف هللا َ وحد أحب هللا هان عليه كل شيء ،و َمن ّ ّ و َمن هللا لم يشرك به شيئا ً ،و َمن آمن باهلل َأمِن من كل شيء ،و َمن أسلم هلل ق ّلما يعصيه ،وإن عصاه اعتذر إليه ،وإذا اعتذر إليه َق ِبل ُعذره . ُ ففهمت حينئذ قوله تعالى { :وثيابك قال : َف َط ّهر}.ه) ورةُ ا ْلقِ َيا َم ِة-اآليتان()19-18قوله س َ ُ -55 تعالى( َفِإذا َق َرْأناهُ َفا َّت ِب ْع قُ ْرآ َن ُهُ .ث َّم ِإنَّ َع َل ْينا الحكم(قلما تكون َبيا َن ُه)قال ُ ابن عطاء فى ِ الواردات اإللهية -إال بغتة ،لئال يدعيها العباد بوجود االستعداد).قال فى التقريب تعليقا ً على ف هللا وهداياه ُمقَ َّدسة عن أن ذلك(أى فهى تُ َح ُ بأمر و ُمنَ َّزهة عن أن تُقاب َل بأعمال برٍّ .بلْ ٍ تُعلَّ َل هى محضُ كرم وفضل من الكريم المتفضل.ثُ َّم كثير من ٍ ُكشف لهم بها عن ُ أن الواردات ي اعلم َّ الحقائق الغيبية وأول ما تت َجلَّى وترد الحقائ ُ ق على قلوبهم ترد ُمجملةً ثُ َّم بعد أن تعيها قلبهم تتبين لهم على طبق قول هللا تعالى( َفِإذا َق َرْأناهُ َفا َّت ِب ْع قُ ْرآ َن ُهُ .ث َّم ِإنَّ َع َل ْينا َبيا َن ُه)وشرطُ قبول تلك الواردات مطابقتها لما جاء مقرراً فى ع فهى باطلة).قال ُ ابن الشريعة.فإذا خالفها الشر ُ حر ْك بالواردات اإللهية عجيبة فى تفسيره(ال ُت ِّ لسانك لِ َت ْع َجل به حين اإللقاء ،بل تم ّهل في إلقائه ل ُيفهم عنك (إنَّ علينا جمعه وقرآنه) أي :حفظه وقراءته (فإذا قرأناه) على لسانك في حال الفيض (فاتبع قرآنه .ثم إنَّ علينا بيانه) . وفي الحِكم « :الحقائق ترد في حال التجلي جملة ،وبعد الوعي يكون البيان { ،فإذا قرأناه فاتبع قرآنه .ثم إنَّ علينا بيانه}وال شك أنَّ ْ ً مجملة ،ال يقدر الواردات في حال الفيض تبرز على حصرها وال َت َف ُّهمِها ،فإذا َف َر َغ منها قوالً َ صحيحة المعنى ، وكتابة ف َتدَ برها وجدها َ واضحة المبنى ،ال نقص فيها وال خلل ،ألنها من وحي اإللهام ،وكان بعض المشايخ يقول ألصحابه :إني ألستفيد مني كما تستفيدون أنتم ،وكان الشيخ أبو الحسن رضي هللا عنه إذا فاض بالمواهب يقول :هالَّ َمن يكتب عنا هذه دون عند أهل األسرار .إلى غير ذلك مما هو ُم َّ ورةس َ ُ -56 الفن .وهللا تعالى أعلم). فجر-اآليتان()16-15قوله تعالى( َفَأ َّما اِإْل ْنسانُ ا ْل ْ ِإذا َما ا ْب َتالهُ َر ُّب ُه َفَأ ْك َر َم ُه َو َن َّع َم ُه َف َيقُول ُ َر ِّبي .وَأ َّما ِإذا َما ا ْب َتالهُ َف َقدَ َر َع َل ْي ِه ِر ْز َق ُه َف َيقُول ُ َأ ْك َر َم ِن َ فصل َر ِّبي َأها َن ِن)قال ُ ابن عجيبة فى تفسيره(ثم ّ أحوال الناس بعد أن أعلم أنه مطلع عليهم ، فقال{فأ ّما اِإلنسانُ } ،فهو متصل بما قبله ، كأنه قيل :إنه تعالى بصدد مراقبته أحوال عباده ومجازاتهم بأعمالهم خيراً أو ًّ شرا {فأ ّما اإلنسان} الغافل فال يهمه ذلك ،وإنما مطمح نظره ومرصد أفكاره الدنيا ولذائذها ِ{ ،إذا ما ابتاله ر ُّبه} أي :عامله معاملة َمن يبتليه فأك َر َمه و َن َّعمه} ،الفاء تفسيرية ، ويختبره { ْ فاإلكرام والتن ُّعم هو عين االبتالء { ،فيقول ربي أكرمن} أي ّ : فضلني بما أعطاني من الجاه ِ والمال حسبما كنت أستحقه ،وال يخطر بباله أنه أعطاه ذلك ليبلوه أيشكر أم يكفر ،وهو خبر المتبدأ الذي هو « اإلنسان » ،والفاء لما في « أ َّما » من معنى الشرط ،والظرف ُّ التأخر ،كأنه قيل :فأ ّما المتوسط على نية اإلنسان فيقول ربي أكرمني وقت ابتالئه باإلنعام ،وإنما قدّ مه لإليذان من أول مرة بأنّ اإلكرام والتن ُّعم بطريق االبتالء{ .وأ ّما ِإذا ما ض ّيق عليه رزقه ابتاله َف َقدَ َر عليه رز َقه} أي َ : ،وجعله بمقدار بلغته ،حسبما تقتضيه ميشئته أهانن} ِ المبينة على ال ِح َكم البالغة {فيقول ربي ،وال يخطر بباله أنَّ ذلك لِيبلوه أيصبر أم شيء بل ٍ يجزع ،مع أنه ليس من اإلهانة في التقتير قد ُيؤدي إلى كرامة الدارين ،والتوسعة قد تفضي إلى خسرانهما ،فالواجب ل َمن علم أنَّ ربه بالمرصاد منه أن يسعى للعاقبة ،وال َته ّمه العاجلة ،وهو قد عكس فإذا امتحنه ربه بالنعمة والسعة ليشكر قال ربي أكرمني وفضلني بما أعطاني ،فيرى اإلكرام في كثرة ّ ّ الحظ من الدنيا ،وإذا امتحنه بالفقر َ ،ف َقدَ ر عليه رزقه ليصبر ،قال :ر ّبي أهانني ،فيرى الهوان في قلة الحظ من الدنيا؛ ألنه ال يهمه إالَّ وينعمه فيها ،وإنما ِّ العاجلة ،وهو ما ّ يلذه أنكر قوله { :ربي أكرمن} مع أنه أثبته بقوله : ونعمه} ،ألنه قاله على قصد خالف {فأكرمه َّ صححه هللا عليه وأثبته ،وهو قصده إلى أن ما ّ هللا أعطاه إكراما ً له الستحقاقه ،كقوله {ِإ َّن َمآ ُأوتِي ُت ُه على عِ ْل ٍم عندى} [ القصص ] 78 : وإنما أعطاه هللا ابتال ًء من غير استحقاق منه ، فردّ تعالى عليه زعمه بقوله { :كالَّ} أي :ليس اإلكرام واإلهانة في كثرة المال وق ّلته ،بل اإلكرام في التوفيق للطاعة ،واإلهانة في الخذالن ف «كال» ردع لإلنسان عن مقالته ، وتكذيب له في الحالتين ،قال ابن عباس : علي ،ولم ّ المعنى :لم أبتله بالغنى لكرامته علي ،بل ذلك بمحض ّ أبتله بالفقر لهوانه القضاء والقدر ..إنَّ ربك لبالمرصاد ،المطلع على أسرار العباد ،العالم ب َمن أقبل عليه أو أدبر عنه ،ثم يختبرهم بالجمال والجالل (فأ ّما فأك َرمه و َن َّع َمه) في اإلنسان إذا ما ابتاله ر ُّبه ْ الظاهر(فيقول ربي أكرمني) ويبطرويتك ّبر(وأ ّما إذا ما ابتاله ف َقدَ ر عليه رزقه فيقول ربي ويتسخط( َكالَّ)لِينزجرا عن ّ أهانني) ويقنط اعتقادهما وفعلهما ،وليعلما أنه اختبار من الحق ،ف َمن شكر النِعم وأطعم الفير والمسكين وأبر اليتيم واأليم ،كان من األبرار ،وإن ّ ، عكس القضية كان من الفُ ّجار و َمن صبر على الفقر ،ورضي بالقسمة ،وفرح بالفاقة ،فهو من األولياء ،و َمن عكس القضية كان من ال ُبعداء َ ،فمن نظر اإلنسان القصير ظنُ النقمة نعمة ،والنعمة نقمة ،فبس ُط الدنيا على العبد قبل معرفته بربه هوانٌ ،وقبضها عنه أحسان ،وفي الحكم « :ربما أعطاك فمنعك ،وربما منعك فأعطاك » ).وأنقُ ُل هُنا كالما ً قَيِّما ً لل ًعاَّل مة ابن القَيَّم فى هاتين اآليتين.قال رحمه هللا(ثم ذكر حال الموسع عليهم في الدنيا والمقتر عليهم، وأخبر أن توسعته على من وسع عليه وإن كان إكراما ً له في الدنيا فليس ذلك إكراما ً على الحقيقة وال يدل على أنه كريم عنده من أهل كرامته ومحبته وأن تقتيره على من قتر عليه ال يدل على إهانته له وسقوط منزلته عنده بل يوسع ابتالء وامتحانا ً ويقتر ابتالء وامتحانا ً فيبتلي بالنعم كما يبتلي بالمصائب وسبحانه هو يبتلي عبده بنعمة تجلب له نقمة وبنعمة تجلب له نعمة أخرى وبنقمة تجلب له نقمة أخرى وبنقمة تجلب له نعمة فهذا شأن نعمه ونقمه سبحانه.
وقال في (عدة الصابرين)
أخبر سبحانه أنه يبتلي عبده بإكرامه له وبتنعيمه له وبسط الرزق عليه كما يبتليه بتضييق الرزق وتقديره عليه وأن كليهما ابتالء منه وامتحان ثم أنكر سبحانه على من زعم أن بسط الرزق وتوسعته إكرام من هللا لعبده ،وأن تضييقه عليه اهانة منه له فقال {كال} أي ليس األمر كما يقول اإلنسان ،بل قد َأبتلِي بنعمتي وُأنعِم ببالئي وإذا تأملت ألفاظ اآلية وجدت هذا المعنى يلوح على صفحاتها ظاهرا للمتأمل .وقال في (المدارج) س ُكل ُّ َمنْ َأ ْع َط ْي ُت ُه َو َن َّع ْم ُت ُه َو َخ َّو ْل ُت ُه َف َقدَْأ ْي َل ْي َ َأ ْك َر ْم ُت ُهَ ،و َما َذا َك لِ َك َرا َم ِت ِه َع َل َّيَ ،و َل ِك َّن ُه ا ْب ِتاَل ٌء ش ُك ُرنِي َفُأ ْعطِ َي ُه َف ْو َق َذلِ َك، امت َِحانٌ َل ُه َأ َي ْ ِم ِّنيَ ،و ْ َأ ْم َي ْكفُ ُرنِي َفَأ ْسلُ َب ُه ِإ َّياهَُ ،وُأ َخ ِّول َ فِي ِه َغ ْي َرهُ؟ ت َع َل ْي ِه ِر ْز َق ُه،ض َّي ْق ُ س ُكل ُّ َم ِن ا ْب َت َل ْي ُت ُه َف َ َو َل ْي َ ضل ُ َع ْن ُهَ ،ف َذلِ َك مِنْ ه ََوا ِن ِه َو َج َع ْل ُت ُه ِب َقدَ ٍر اَل ُي َف َّ ص ِب ُر امت َِحانٌ ِم ِّني َل ُه َأ َي ْ َع َل َّيَ ،و َل ِك َّن ُه ا ْب ِتاَل ٌء َو ْ س َع ِةض َعافِ َما َفا َت ُه مِنْ َ اف َأ ْ ض َع َ َفُأ ْعطِ َي ُه َأ ْ س ْخ َط؟. س َّخ ُط َف َي ُكونَ َح ُّظ ُه ال ُّ الر ْز ِقَ ،أ ْم َي َت َ ِّ الر ْز ِقس َع َة ِّ س ْب َحا َن ُه َع َلى َمنْ َظنَّ َأنَّ َ َف َردَّ هَّللا ُ ُ ِإ ْك َرا ٌمَ ،وَأنَّ ا ْل َف ْق َر ِإهَا َن ٌةَ ،ف َقالََ :ل ْم َأ ْب َت ِل َع ْبدِي ِبا ْل ِغ َنى لِ َك َرا َم ِت ِه َع َل َّيَ ،و َل ْم َأ ْب َتلِ ِه ِبا ْل َف ْق ِر لِ َه َوا ِن ِه ان َع َلى ُور ِ َع َل َّيَ ،فَأ ْخ َب َر َأنَّ اِإْل ْك َرا َم َواِإْلهَا َن َة اَل َيد َ ِيرهَِ ،فِإ َّن ُه ُ س ْب َحا َن ُه الر ْز ِق َو َت ْقد ِس َع ِة ِّ ال َو َ ا ْل َم ِ س ُع َع َلى ا ْل َكاف ِِر اَل لِ َك َرا َم ِتهَِ ،و ُي َق ِّت ُر َع َلى ُي َو ِّ ا ْل ُمْؤ م ِ ِن اَل ِإِلهَا َن ِتهِِ ،إ َّن َما ُي ْك ِر ُم َمنْ ُي ْك ِر ُم ُه اع ِتهَِ ،و ُي ِهينُ َمنْ ُي ِهي ُن ُه ِب َم ْع ِر َف ِت ِه َو َم َح َّب ِت ِه َو َط َ اض َع ْن ُه َو َم ْعصِ َي ِتهَِ ،ف َل ُه ا ْل َح ْم ُد َع َلى ه ََذا ِباِإْل ْع َر ِ َو َع َلى ه ََذاَ ،وه َُو ا ْل َغن ُِّي ا ْل َحمِيدُ. وقال في (الجواب الكافي) الظنَّ ِب َق ْولِهِ: س ْب َحا َن ُه َع َلى َمنْ َي ُظنُّ ه ََذا َّ َو َقدْ َردَّ ُ سانُ ِإ َذا َما ا ْب َتاَل هُ َر ُّب ُه َفَأ ْك َر َم ُه َو َن َّع َم ُه { َفَأ َّما اِإْل ْن َ ِي.وَأ َّما ِإ َذا َما ا ْب َتاَل هُ َف َقدَ َر َع َل ْي ِه َف َيقُول ُ َر ِّبي َأ ْك َر َمن َ ِر ْز َق ُه َف َيقُول ُ َر ِّبي َأهَا َننِي َ .كاَّل } ت َع َل ْي ِه ِر ْز َق ُه س ْع ُ س ُكل ُّ َمنْ َن َّع ْم ُت ُه َو َو َّ َأ ْي َل ْي َ تض َّي ْق ُس ُكل ُّ َم ِن ا ْب َت َل ْي ُت ُه َو َ َأ ُكونُ َقدْ َأ ْك َر ْم ُت ُهَ ،و َل ْي َ َع َل ْي ِه ِر ْز َق ُه َأ ُكونُ َقدْ َأ َه ْن ُت ُهَ ،بلْ َأ ْب َتلِي ه ََذا ِبال ِّن َع ِم، َوُأ ْك ِر ُم ه ََذا ِبااِل ْب ِتاَل ِء. ص َّلى هَّللا ُ َع َل ْي ِه ِي َع ْن ُه َ -َوفِي َجام ِِع ال ِّت ْر ِمذ ِّ ِب َو َمنْ اَل س َّل َمِ« :إنَّ هَّللا َ ُي ْعطِ ي ال ُّد ْن َيا َمنْ ُيح ُّ َو َ ِب» ِب َواَل ُي ْعطِ ي اِإْلي َمانَ ِإاَّل َمنْ ُيح ُّ ُيح ُّ ج ِبن َِع ِم هَّللا ِ َع َل ْي ِه ٍ ر َ دْتَ س ْ م ُ بَّ ر ُ : فِ َ ل الس َّ ضُ ع ْ ب َ َ ل اقَ َو س ْت ِر هَّللا ِ َع َل ْي ِه َوه َُوور ِب َ َوه َُو اَل َي ْع َل ُمَ ،و ُر َّب َم ْغ ُر ٍ اس َع َل ْي ِه َوه َُو اَل اء ال َّن ِ ون ِب َث َن ِ اَل َي ْع َل ُمَ ،و ُر َّب َم ْف ُت ٍ َي ْع َل ُم .وقال أيضا في (المدارج) وح ُه -س هَّللا ُ ُر َ ش ْي ُخ اِإْل ْساَل ِم ا ْبنُ َت ْي ِم َّي َة َ -قدَّ ََقال َ َ َوا ْل َف ْق ُر َوا ْل ِغ َنى ا ْب ِتاَل ٌء مِنَ هَّللا ِ ل َِع ْب ِدهَِ .ك َما َقال َ سانُ ِإ َذا َما ا ْب َتاَل هُ َر ُّب ُه َفَأ ْك َر َم ُه َت َعا َلى { َفَأ َّما اِإْل ْن َ .وَأ َّما ِإ َذا َما ا ْب َتاَل هَُو َن َّع َم ُه َف َيقُول ُ َر ِّبي َأ ْك َر َم ِن َ َف َقدَ َر َع َل ْي ِه ِر ْز َق ُه َف َيقُول ُ َر ِّبي َأهَا َن ِن َ .كاَّل } ت َع َل ْي ِه َوَأ ْع َط ْي ُت ُهَ :أ ُكونُ س ْع ُس ُكل ُّ َمنْ َو َّ َأ ْي َل ْي َ ت:ت َع َل ْي ِه َو َق َّت ْر ُ َقدْ َأ ْك َر ْم ُت ُهَ ،واَل ُكل ُّ َمنْ َ ض َّي ْق ُ َأ ُكونُ َقدْ َأ َه ْن ُت ُهَ ،فاِإْل ْك َرا ُمَ :أنْ ُي ْك ِر َم هَّللا ُ ا ْل َع ْبدَ ان ِبهَِ ،و َم َح َّب ِت ِه َو َم ْع ِر َف ِتهِ. اع ِتهَِ ،واِإْلي َم ِِب َط َ َواِإْلهَا َن ُةَ :أنْ َي ْسلُ َب ُه َذلِ َك. َقال َ َ -ي ْعنِي ا ْبنَ َت ْي ِم َّي َة َ -واَل َي َق ُع ال َّت َفا ُ ضل ُ ِبا ْل ِغ َنى اس َت َو َيا فِي ال َّت ْق َوى َوا ْل َف ْق ِرَ .بلْ ِبال َّت ْق َوىَ ،فِإ ِن ْ اس َت َو َيا فِي الدَّ َر َجةِ. ْ سم ِْع ُت ُه َيقُول ُ َذلِ َك. َ َو َت َذا َك ُروا َه ِذ ِه ا ْل َم ْسَأ َل ِة عِ ْندَ َي ْح َيى ْب ِن ُم َعاذٍ. وزنُ َغدًا ا ْل َف ْق ُر َواَل ا ْل ِغ َنىَ ،وِإ َّن َما َف َقالَ :اَل ُي َ ش ْك ُر. الص ْب ُر َوال ُّ َّ ُي َ وزنُ َو َقال َ َغ ْي ُرهَُ :ه ِذ ِه ا ْل َم ْسَأ َل ُة ُم َحال ٌ مِنْ َو ْج ٍه َ آخ َر. ِير اَل ُّبدَ َل ُه مِنْ ق َ ف ْ ل اوَ ِي ِّ ن غَ ْ ل ا ِنَم َوه َُو َأنَّ ُكاًّل ِ ش ْك ٍر. ص ْب ٍر َو ُ َ ف ص ْب ٌرَ .ون ْ ِص ٌ ف َ ان :ن ْ ِص ٌ ِص َف ِ َفِإنَّ اِإْلي َمانَ ن ْ ش ْك ٌر. ُ الص ْب ِر َّ يب ا ْل َغن ِِّي َوق ِْس ُط ُه مِنَ َبلْ َقدْ َي ُكونُ َنصِ ُ ص ْب ُرهُ َأ َت ُّم َمنْ ص ِب ُر َعنْ قُدْ َرةٍَ ،ف َ َأ ْو َف َرَ .أِل َّن ُه َي ْ ش ْك ُر ا ْل َفق ِ ِير ص ِب ُر َعنْ َع ْج ٍزَ .و َي ُكونُ ُ ص ْب ِر َمنْ َي ْ َ اس ِت ْف َرا ُغ ا ْل ُو ْس ِع فِي َط َ اع ِة ش ْك َر ه َُو ْ َأ َت َّم؛ َأِلنَّ ال ُّ هَّللا َِ ،وا ْل َفقِي ُر َأ ْع َظ ُم َف َرا ًغا لِل ُّ ش ْك ِر مِنَ ا ْل َغن ِِّي. ساقِي َف ِكاَل ُه َما اَل َتقُو ُم َقاِئ َم ُة ِإي َما ِن ِه ِإاَّل َع َلى َ ش ْك ِر .وقال أيضا في (شفاء العليل) الص ْب ِر َوال ُّ َّ سانُ ِإ َذا َما ا ْب َتالهُ َر ُّب ُه َفَأ ْك َر َم ُه قولهَ { :فَأ َّما اِإل ْن َ َو َن َّع َم ُه َف َيقُول ُ َر ِّبي َأ ْك َر َم ِن َوَأ َّما ِإ َذا َما ا ْب َتالهُ َف َقدَ َر َع َل ْي ِه ِر ْز َق ُه َف َيقُول ُ َر ِّبي َأهَا َن ِن} فهو قد اعترف بأن ربه هو الذي آتاه ذلك، ولكن ظن أنه لكرامته عليه. فاآلية على التقدير األول تتضمن ذم من أضاف النعم إلى نفسه وعلمه وقوته ،ولم يضفها إلى فضل هللا وإحسانه ،وذلك محض الكفر بها، فإن رأس الشكر االعتراف بالنعمة ،وأنها من المنعم وحده ،فإذا أضيفت إلى غيره كان جحدا لها ،فإذا قال أوتيته على ما عندي من العلم والخبرة التي حصلت بها ذلك فقد أضافها إلى نفسه ،وأعجب بها ،كما أضافها إلى قدرته الذين قالوا {من أشد منا قوة} فهؤالء اغتروا بقوتهم ،وهذا اغتر بعلمه ،فما أغنى عن هؤالء قوتهم ،وال عن هذا علمه. وعلى التقدير الثاني يتضمن ذم من اعتقد أن إنعام هللا عليه لكونه أهال ومستحقا لها ،فقد جعل سبب النعمة ما قام به من الصفات التي يستحق بها على هللا أن ينعم عليه ،وأن تلك النعمة جزاء له على إحسانه وخيره ،فقد جعل سببها ما اتصف به هو ال ما قام بربه من الجود واإلحسان والفضل والمنة ،ولم يعلم أن ذلك ابتالء واختبار له أيشكر أم يكفر ،ليس ذلك جزاء على ما هو منه ،ولو كان ذلك جزاء على عمله أو خير قام به فاهلل سبحانه هو المنعم عليه بذلك السبب ،فهو المنعم بالمسبب والجزاء والكل محض منته وفضله وجوده، وليس للعبد من نفسه مثقال ذرة من الخير. وعلى التقديرين فهو لم يضف النعمة إلى الرب من كل وجه ،وإن أضافها إليه من وجه دون وجه ،وهو سبحانه وحده هو المنعم من جميع الوجوه على الحقيقة بالنعم وأسبابها فأسبابها من نعمه على العبد ،وإن حصلت بكسبه فكسبه من نعمه فكل نعمة فمن هللا وحده حتى الشكر فإنه نعمة وهي منه سبحانه ،فال يطيق أحد أن يشكره إال بنعمته ،وشكره نعمة منه عليه كما قال داود: "يا رب كيف أشكرك وشكري لك نعمة من نعمك علي تستوجب شكرا آخر فقال :اآلن شكرتني يا داود" ذكره اإلمام أحمد. وذكر أيضا عن الحسن قال :قال داود: "إلهي لو أن لكل شعرة من شعري لسانين يذكرانك بالليل والنهار والدهر كله لما أدّ وا ما لك علي من حق نعمة واحدة" والمقصود أن حال الشاكر ضد حال القائل (إنما أوتيته على علم عندي)[ .فصل :ال ِّن ْع َم ُة ا ْل ُم َق َّيدَ ةُ] َوال ِّن ْع َم ُة ال َّثا ِن َي ُة :ال ِّن ْع َم ُة ا ْل ُم َق َّيدَ ةُ َكن ِْع َم ِة ِّ الص َّحةِ، سدَِ ،و َب ْسطِ ا ْل َجاهَِ ،و َك ْث َر ِة َوا ْل ِغ َنىَ ،و َعافِ َي ِة ا ْل َج َ ال َه ِذهَِ ،ف َه ِذ ِه س َنةَِ ،وَأ ْم َث ِ الز ْو َج ِة ا ْل َح َا ْل َو َلدَِ ،و َّ ش َت َر َك ٌة َب ْينَ ا ْل َب ِّر َوا ْل َفا ِج ِر َوا ْل ُمْؤ م ِ ِن ال ِّن ْع َم ُة ُم ْ َوا ْل َكاف ِِرَ ،وِإ َذا قِيلَ :هَّلِل ِ َع َلى ا ْل َكاف ِِر ن ِْع َم ٌة ِب َه َذا ب ار َف ُه َو َح ٌّقَ ،فاَل َيصِ ُّح ِإ ْطاَل ًقا َّ الس ْل ُ ااِل ْع ِت َب ِ اب ِإاَّل َع َلى َو ْج ٍه َوا ِح ٍد ; َوه َُو َأنَّ ال ِّن َع َم يج ُ َواِإْل َ اجا لِ ْل َكاف ِِر َو َمآلُ َها ِإ َلى استِدْ َر ًت ْ ا ْل ُم َق َّيدَ َةَ ،ل َّما َكا َن ِ اء َف َكَأ َّن َها َل ْم َت ُكنْ ن ِْع َم ًة َوِإ َّن َما َكا َن ْت ش َق ِب َوال َّ ا ْل َع َذا ِ اب ِه َك َذلِ َكَ ،ف َقال َ س َّماهَا هَّللا ُ َت َعا َلى فِي ِك َت ِ َبلِ َّي ًة َك َما َ سانُ ِإ َذا َما ا ْب َتاَل هُ َر ُّب ُه َفَأ ْك َر َم ُه َت َعا َلىَ { :فَأ َّما اِإْل ْن َ َو َن َّع َم ُه َف َيقُول ُ َر ِّبي َأ ْك َر َمنِيَ .وَأ َّما ِإ َذا َما ا ْب َتاَل هُ َف َقدَ َر َع َل ْي ِه ِر ْز َق ُه َف َيقُول ُ َر ِّبي َأهَا َننِي َكاَّل }. . . اآْل َي َة. س ُكل ُّ َمنْ َأ ْك َر ْم ُت ُه فِي ال ُّد ْن َيا َو َن َّع ْم ُت ُه فِي َها َأ ْيَ :ل ْي َ ت َع َل ْي ِه َوِإ َّن َما َكانَ َذلِ َك ا ْب ِتاَل ًء ِم ِّني َل ُه، َف َقدْ َأ ْن َع ْم ُ ت َع َل ْي ِه ِر ْز َق ُه َف َج َع ْل ُت ُه اراَ ،واَل ُكل ُّ َمنْ َقدَ ْر ُ َو ْ اخ ِت َب ً ض ٍل َأ ُكونُ َقدْ َأ َه ْن ُت ُهَ ،بلْ اج ِت ِه مِنْ َغ ْي ِر َف ْ ِب َقدْ ِر َح َ صاِئبِ. َأ ْب َتلِي َع ْبدِي ِبال ِّن َع ِم َك َما َأ ْب َتلِي ِه ِبا ْل َم َ ف َي ْل َتِئ ُم ه ََذا ا ْل َم ْع َنى َو َي َّتف ُِق َم َع َفِإنْ قِيل َ َ -ف َك ْي َ َق ْولِهَِ { :فَأ ْك َر َم ُه َو َن َّع َم ُه} [الفجرَ .]15 :فَأ ْث َب َت اِإْل ْك َرا َم ُث َّم َأ ْن َك َر َع َل ْي ِه َق ْو َل ُهَ { :ر ِّبي َأ ْك َر َمنِي} س َذلِ َك(كاَّل )َ .أ ْيَ :ل ْي َ [الفجرَ ]15 :و َقالََ : ِإ ْك َرا ًما ِم ِّني َوِإ َّن َما ه َُو ا ْب ِتاَل ٌء َف َكَأ َّن ُه َأ ْث َب َت َل ُه اِإْل ْك َرا َم َو َن َفاهُ؟. ت َغ ْي ُر اِإْل ْك َر ِام ا ْل َم ْنف ِِّيَ ،و ُه َما قِيلَ :اِإْل ْك َرا ُم ا ْل ُم ْث َب ُ س ه ََذا س ال ِّن ْع َم ِة ا ْل ُم ْط َل َق ِة َوا ْل ُم َق َّيدَ ةَِ ،ف َل ْي َ مِنْ ِج ْن ِ ِصاح ِِب ِه َأنْ َي ُكونَ مِنْ بل َ اِإْل ْك َرا ُم ا ْل ُم َق َّي ُد ِب ُمو ِج ٍ َأهْ ِل اِإْل ْك َر ِام ا ْل ُم ْط َل ِق. ضا ِإ َذا قِيل َ ِإنَّ هَّللا َ َأ ْن َع َم َع َلى ا ْل َكاف ِِر َو َك َذلِ َك َأ ْي ً ن ِْع َم ًة ُم ْط َل َق ًة َو َل ِك َّن ُه َردَّ ن ِْع َم َة هَّللا ِ َو َبدَّ َل َها َف ُه َو ِيش ِب ِه َف َر َماهُ فِي ِب َم ْن ِز َل ِة َمنْ ُأ ْعطِ َي َمااَل َيع ُ ا ْل َب ْح ِر َك َما َقال َ َت َعا َلىَ{ :أ َل ْم َت َر ِإ َلى ا َّلذِينَ َبدَّ لُوا ن ِْع َم َة هَّللا ِ ُك ْف ًرا َوَأ َحلُّوا َق ْو َم ُه ْم دَ َ ار ا ْل َب َو ِار} {وَأ َّما َث ُمو ُد [إبراهيمَ ]28 :و َقال َ َت َعا َلىَ : اس َت َح ُّبوا ا ْل َع َمى َع َلى ا ْل ُهدَ ى} َف َهدَ ْي َنا ُه ْم َف ْ [فصلتَ ،]17 :ف ِهدَ ا َي ُت ُه ِإ َّيا ُه ْم ن ِْع َم ٌة ِم ْن ُه َع َل ْي ِه ْم صل ُ الضاَل لََ .ف َه َذا َف ْ َف َبدَّ لُوا ن ِْع َم َت ُه َوآ َث ُروا َع َل ْي َها َّ اع فِي َم ْسَأ َلةَِ :هلْ هَّلِل ِ َع َلى ا ْل َكاف ِِر ن ِْع َم ٌة َأ ْم ال ِّن َز ِ اَل ؟ َوَأ ْك َث ُر ْ اخ ِتاَل فِ ال َّن ِ اس مِنْ ِج َه َت ْي ِن: شت َِرا ُك اَأْل ْل َفاظِ َوِإ ْج َمالُ َها. ِإ ْحدَ ا ُه َما :ا ْ َوال َّثا ِن َي ُة :مِنْ ِج َه ِة اِإْل ْطاَل ِق َوال َّت ْفصِ ِ يل).منقول بنصه من كتاب(مصباح التفاسير القرآنية ِّ الجامع لتفسير ابن قيم الجوزية) جمع وترتيب/ العاجز الفقير :عبد الرحمن القماش (من علماء األزهر الشريف) ض َحى-اآليتان ( )4-3قوله ورةُ ال ُّس َ ُ -57 تعالى( َما َودَّ َع َك َر ُّب َك َوما َق َ لى.و َلآْل خ َِرةُ َخ ْي ٌر َل َك عن األستاذ مِنَ اُأْلولى)نقل فى الطبقات ِ على(كان رضي هللا عنه يقول :في قوله تعالى"ما ودعك ربك وما قلى ولألخرة خير لك من األولى" القلي البغض والتوديع البعد أي عدم قاله لك خير لك من عدم توديعه لك ف(ما ودعك ربك)هي األولى من هاتين الكلمتين، (وما قلي)هي األخرى منهما. وإنما كان كذلك ألن البعد مع المحبة ،والرضا خير من القرب مع البغض ،والغضب فافهم فمن جعل آخر أمره في كل حال خيراً له من أوله فهو محمدي له نصيب من كنز "ولآلخرة خير لك من األولى" وأطال في ذلك ).وقال فى ض ُهم-وللحظة المتأخرة خي ٌر التقريب(وقال بع ُ وس َّل َم ص َّلى هللاُ عليه َ لك من المتقدمة لترقيه َ فى المقامات عدد اللحظات).وقال ابنُ عجيبة فى تفسيره(ما ودَّ عك ربك بقطع فيض النبوة والرسالة عن ظاهرك ،وما َق َلى بقطع فيض الوالية عن قلبك { ،ولآلخرةُ خير لك من األولى } يعني :أحوال نهايتك أفضل وأكمل من أحوال بدايتك ،ألنه صلى هللا عليه وسلم ال يزال يطير بجناحي الشريعة والطريقة في جو سماء الحقيقة ،ويتر ّقى في مقامات القٌرب والكرامة .ه .ويمكن الخطاب بالسورة الكريمة لخليفته من العارفين ،الدعاة إلى هللا . وهللا تعالى أعلم). اآليات( )8-6قوله تعالى(َأ َل ْم َي ِجدْ َك َيتِيما ً دى.و َو َجدَ َك عاِئالً َ ضاالًّ َف َه آوى.و َو َجدَ َك َ َ َف َفَأ ْغنى) قال القُشيرى فى تفسيره(قوله جل ذكره َ{:أ َل ْم َي ِجدْ َك َيتِيما ً فآوى} . قيل :إلى ع ِّمه أبي طالب . ويقال :بل آواه إلى َك َنفِ ظِ ِّله ،ور َّباه بلطف رعايته . ويقال :فآوا َك إلى ِبساطِ القربة بحيث انفردْ َت ش ْ اركك فيه أح ٌد . بمقامِك ،فلم ُي َ ضآالًّ َف َهدَ ى} . { َو َو َجدَ َك َ ب مكة َ ،ف َهدَ ى إليك َع َّمكأي :ضل ْل َت في شِ عا ِ ب في حال صباك . أبا طال ٍ ويقال « :ضاالً » فينا متح ِّيراً . .فهديناك بنا إلينا . ويقال « :ضاالً » عن تفصيل الشرائع؛ عرفناك تفصيلها . فهديناك إليها بأن َّ ويقال :فيما بين األقوام ضالل ٌ فهداهم بك . وقيل « :ضاالً » لالستنشاء فهداك لذلك . وقيل « :ضاالً » في محبتنا ،فهديناك بنور القربة إلينا . ويقال « :ضاالً » عن محبتي لك َّ فعرفتك أ ِّني ُأ ِح ُّبك . فعر ْف ُتك َقدْ َر َك . ويقال :جاهالً بمحل ِّ شرفِ َك َّ ، ويقال :مستتراً في أهل مكة ال يعرفك أح ٌد فهديناهم إليك حتى عرفوك . { َو َو َجدَ َك َعآِئالً َفَأ ْغ َنى} . في التفسر :فأغنا َك بمال خديجة . ويقال :أغناك عن اإلرداة والطلب بأن أرضاك بال َف ْقد . بالنبوة والكتاب .ويقال :أغناك َّ ويقال :أغناك باهلل . ويقال :أغناك عن السؤال حينما أعطاك ورةس َ ُ -58 سؤال منك). ٍ ابتدا ًء -بال ش َر ْح َل َكش ْرح-اآليات()8-1قوله تعالى(َأ َل ْم َن ْ ال َّ ضض ْعنا َع ْن َك ِو ْز َر َك.ا َّلذِي َأ ْن َق َ صدْ َر َك َ .و َو َ َ .و َر َف ْعنا َل َك ذ ِْك َر َكَ .فِإنَّ َم َع ا ْل ُع ْس ِر ُي ْسراً. َظ ْه َر َك َ ص ْبَ .وِإلى ِإنَّ َم َع ا ْل ُع ْس ِر ُي ْسراًَ .فِإذا َف َر ْغ َت َفا ْن َ عن الشيخ أبى ار َغ ْب)نقل فى الطبقات ِ َر ِّب َك َف ْ المواهب الشاذلى(وسمعت شيخنا أبا عثمان يقول :إنما جاءت " ألم نشرح " عقب "وأما بنعمة ربك فحدث" إشارة إلى أن من حدث بالنعمة ،فقد شرح هللا تعالى صدره كأنه تعالى يقول :إذا حدثت بنعمتي ،ونشرتها ،فقد شرحت صدرك ثم قال رضي هللا عنه اعقلوا على هذا الكالم ،فإنه ال يسمع إال من الربانيين ).وقال القُشيرى فى تفسيره(قوله جل ّ ذكره َ{ :أ َل ْم صدْ َر َك} .ش َر ْح َل َك َ َن ْ س ْع َق ْل َب َك لِإل سالم؟ ألم ُنل ِّينه لِإل يمان؟ أ َل ْم ُن َو ِّ ويقال ألم نوسع صدرك بنور الرسالة؟ ألم نور ُد عليك . ول ما ِ نوسع صدرك ل َق ُب ِ ِّ ض َظ ْه َر َك} .ض ْع َنا َعن َك ِو ْز َر َك ا َّلذِى َأن َق َ { َو َو َ النبوة . َّ إثم َك قبل أي ْ : الو ْز ِر؛ َف ْ وض ُعه ب ِ ويقال :عصمنا َك عن ارتكا ِ عنه بأ َّنه لم يستوج ْبه ّ قط . النبوة وجعلنا َك َّ أعباء َ ويقال :خفضنا عنك محموالً ال متح ِّمالً . الخ ْلق ، ويقال :قويناك على التح ُّمل من َ وقويناك لمشاهدتنا ،وحفظنا عليك ما َّ الخ ْل َق فيما استحفظت ،وحرسنا َك عن مالحظة َ شرفناك به . َّ ض َظ ْه َر َك} :أثقله ،ولوال َح ْملُنا {الذي َأن َق َ عنك َل ُكسِ َر . { َو َر َف ْع َنا َل َك ذ ِْك َر َك} . كلمة الشهادة إال بي ، ُ ِبذ ِْكرنا؛ فكما ال َتصِ ُّح فإنها ال َتصِ ُّح إال بك . ويقال :رفعنا لك ذكرك بقول الناس :محمد رسول هللا! ويقال :أثبتنا لك شرف الرسالة . { َفِإنَّ َم َع ا ْل ُع ْس ِر ُي ْسراً ِإنَّ َم َع ا ْل ُع ْس ِر ُي ْسراً} . وفي الخبر « :لن يغلب ُع ْس ٌر ُي ْسر ْين » ومعناه :أن العسر باأللف والالم في الموضعين للعهد -فهو واحد ،وال ُي ْسر ُمن َّك ٌر في الموضعين فهما شيئان .وال ُع ْسر الواحد : ما كان في الدنيا ،واليسران :أحدهما في الدنيا في الخصب ،وزوال البالء ،والثاني في اآلخرة من الجزاء وإذاً ف ُع ْس ُر جميع المؤمنين واحد -هو ما نابهم من شدائد الدنيا ،و ُي ْس ُرهم والص ْرفِ ،وغداً َّ اثنان :اليو َم بال َك ْ شفِ بالجزاء .قوله جل ّ ذكره َ { :فِإ َذا َف َر ْغ َت َف َ انص ْب} . فإذا َف َر ْغ َت من الصالة المفروضة عليك ص ْب في الدعاء . فا ْن َ ويقال :فإذا فرغت من العبادة فانصب في الشفاعة . ويقال :فإذا فرغت من عبادة َن ْفسِ ك فا ْن َ ص ْب بقلبك . { َوِإ َلى َر ِّب َك َف ْ ار َغب} . في جميع األحوال . ويقال :فإذا فرغت من تبليغ الرسالة فارغب في الشفاعة ).وقال ابنُ عجيبة فى نشرح لك ْ تفسيره(يقول الحق جالّ جالله { :ألم صدرك} أي :ألم نوسعه ونفسحه حتى حوى عا َلم الغيب والشهادة ،وجمع بين م َلكتي االستفادة واإلفادة ،فما صدتك المالبسة بالعالئق الجسمانية عن اقتباس أنوار الملِكات الروحانية ،وما عاقك التعلُّق بمصالح الخلق عن االستغراق في شهود الحق ،وقيل :المراد صدره في حال صباه ،حين ش ّقه َ شرح جبريل وأخرج منه علقة سوداء ،أو ليلة المعراج فمأله إيمانا ً وحكمة .والتعبير عن الشرح باالستفهام اإلنكاري لإليذان بأن ثبوته من الظهور بحيث ال يقدر أحد أن ُي ِجيب عنه بغير «بلى»{ووضعنا عنك ِو ْز َر َك} ،عطف على مدلول الجملة السابقة ،كأنه قيل :قد شرحنا لك صدرك ووضعنا عنك وزرك ،أي :حططنا ض ظهرك} أي :عنك عبأك الثقيل { ،الذي َأ ْن َق َ أثقله حتى سمع له نقيض ،وهو صوت االنتقاض ،أي :خففنا عنك أعباء النبوة والقيام بأمرها ،أو ُ :يراد ترك األفضل مع إتيان الفاضل ،واألنبياء يعاتبون بمثلها ، ووضعه عنه :أن يغفر له .قال ابن عرفة : يتجوز في الوضع ّ التفسير السالم فيه :أن يتجوز في الوزر ،فإن أريد ّ بمعنى اإلبعاد ،أو بالوزر حقيقته فيكون المعنى :أبعدنا عنك ما يتوهم أن يلحقك من الوزر الالحق لنوعك ، وإن أريد بالوزر المجازي ،وهو ما يلحقه قِ َبل النبوة من الهم والحزن بسبب جهلك ما أنت اآلن عليه من األحكام الشرعية ،فيكون الوضع حقيقة ،والوزر مجازاً .ه .قلت : والظاهر :أنَّ كل مقام له ذنوب ،وهو رؤية التقصير في القيام بحقوق ذلك المقام ، فحسنات األبرار سيئات المقربين ،فكلما عال المقام ُطولب صاحبه بشدة األدب ،فكأنه صلى هللا عليه وسلم خاف أالّ يكون قام بحق المقام الذي أقامه الحق فيه ،فاهت ّم من أجله ،وجعل منه حمالً على ظهره ،فأسقطه الحق تعالى شره بأنه مغفور له على اإلطالق؛ عنه ،وب َّ ليتخ ّلى من ذلك االهتمام . وزاده شرفا ً بقوله { :ورفعنا لك ذِكرك} أي : نوهنا باسمك وجعلناه شهيراً في المشارق ّ والمغارب ،ومِن َر ْف ِع ذكره صلى هللا عليه وسلم أن قرن اس َمه مع اسمِه في الشهادة واألذان واإلقامة وال ُخطب والتش ُّهد ،وفي مواضع من القرآن قال ابن عطية َ :ر ْف ُع الذكر نعمة على الرسول ،وكذا هو جميل حسن للقائمين بأمور الناس ،وخمول الذكر واالسم حسن للمنفردين للعبادة .ه ُ . قلت :واألحسن ما قاله الشيخ المرسي رضي هللا عنه َ :من أحب ّ أحب الظهور فهو عبد الظهور ،و َمنّ أحب هللا فال ّ الخفاء فهو عبد الخفاء ،و َمن عليه أخفاه أو أظهره .ه .والخمول للمريد أسلم ،والظهور للواصل أشرف وأكمل . شر رسو َله وسالَّه عما كان يلقى من أذى ثم ب ّ الكفار بقوله { :فِإنَّ مع ال ُع ْس ِر ُيسراً } أي : إنّ مع الشدة التي أنت فيها من مقاساة بالء المشركين ُيسراً بإظهاره إياك عليهم حتى تغلبهم .وقيل :كان المشركون ُيع ّيرون رسول هللا والمسلمين بالفقر ،حتى سبق إلى وهمه أنهم َرغِ ُبوا عن اإلسالم الفتقار أهله ،فذ ّكره ما أنعم به عليه من جالئل النعم ،ثم قال : {فِإنَّ مع العسر ُيسراً} كأنه قال ّ : خولناك ما خولناك فال تيأس من فضل هللا ِ{ ،إنَّ مع ّ العسر} الذي أنتم فيه {يُسراً} ،وجيء بلفظ « مع » لغاية مقارنة اليسر للعسر؛ زياد ًة في التسلية وتقوية لقلبه صلى هللا عليه وسلم ، وكذلك تكريره ،وإنما قال صلى هللا عليه وسلم عند نزولها«:لن يغلب عسر يسرين» ألنَّ عرفا ً فكان واحداً ،ألنّ المعرفة العسر أعيد ُم ّ إذا أعيدت معرفة كانت الثانية عين األولى ، وال ُيسر أعيد نكرة ،والنكرة إذا ُأعيدت نكرة كانت الثانية غير األولى ،فصار المعنى :إنَّ مع ال ُعسر يسر ْين ،وبعضهم يكتبه بياءين ، وال وجه له . فانصب} ؛ ْ َ فرغت} من التبليغ أو الغزو { {فِإذا فاجتهد في العبادة ،وَأتعب نفسك شكراً لما أوالك من النِعم السابقة ،ووعدك من اآلالء الالحقة ،أو :فإذا فرغت من دعوة الخلق فاجتهد في عبادة الحق ،وقيل :فإذا فرغت من صالتك فاجتهد في الدعاء ،أو :إذا فرغت من تبليغ الرسالة فانصب في الشفاعة ،أي : في سبب استحقاق الشفاعة {وِإلى ربك فارغب} في السؤال ،وال تسأل غيره ،فإنه ْ القادر على إسعافك ال غيره .وقُرىء : ِّ «فرغب» أي :الناس إلى ما عنده). اإلشارة :ما قيل للرسول صلى هللا عليه وسلم من تعديد النعم عليه واستقراره بها ُ ،يقال لخليفته العارف الداعي إلى هللا ،حرفا ً بحرف ،فيقال له :ألم ُنوسع صدرك لمعرفتي ، َ توجهت إلينا ،أو : ووضعنا عنك أوزارك حين وضعنا عنك أثقال السير ،فحملناك إلينا ، فكنت محموالً ال حامالً ،ورفعنا لك ذكرك حين َ هيأناك للدعوة ،بعد أن أخملنا ذكرك حين كنت الناس عنا ،فإنَّ مع ُ في السير لئال يشغلك عسر المجاهدة ُيسر المشاهدة ،فإذا فرغت من الدعوة والتذكير فَأ ْتعِب نفسك في العكوف في الحضرة ،أو :فإذا فرغت مِن كمالك فانصب في تكميل غيرك ،وارغب في هداية ورةُ س َُ -59 الخلق.وباهلل التوفيق). ين-اآليتان()4-5قوله تعالى( َل َقدْ َخ َل ْق َنا ال ِّت ِ يمُ .ث َّم َردَ دْ ناهُ َأ ْس َفل َ اِإْل ْنسانَ فِي َأ ْح َ س ِن َت ْق ِو ٍ سافِلِينَ )نقل فى الطبقات عن الشيخعلي بن ميمون شيخ سيدي محمد بن عراق المعروف بالكازرونى (وكان يقول إنما خلق اإلنسان أوال في (أحسن تقويم)ألنه كان عند الفطرة بال شهوة فلما ابتلى بالشهوات رد إلى (أسفل عن األستاذ على(وقال :في قوله سافلين).ونقل ِ تعالى " :لقد خلقنا اِإْل ْنسانَ في أحسن تقويم " وهو أعلى عليين بإشارة " ثم رددناه أسفل سافلين") ورةُ ا ْل َع َل ِق -آية()19قوله تعالى( َكالَّ اَل س َ ُ -60 اس ُجدْ َوا ْق َت ِر ْب) نقل فى الطبقات ِ عن ُتطِ ْع ُه َو ْ الشيخ أبى العباس أحمد بن محمد بن سهل بن عطاء اآلدمي(وكان يقول :في قوله تعالى":واسجد واقترب" أي اقترب إلى بساط الربوبية نعتقك من بساط العبودية انتهى وهللا أعلم). ص -اآليتان()2-1قوله ورة اِإْل ْخاَل ِ س َ ُ -61 تعالى(قُلْ ه َُو هَّللا ُ َأ َح ٌد .هَّللا ُ َّ الص َم ُد)قال ُ ابن عجيبة فى تفسيره(وأصل {أحد} هنا « َو َحد » فأبدلت الواو همزة ،وليست كأحد المالزم للنفي ،فإنَّ همزة أصلية .ووصفه تعالى بالوحدانية له ثالث معان ،األول :أنه ال ثاني له ،فهو نفي للعدد ،واآلخر :أنه واحد ال نظير له وال شريك له ،كما تقول :فالن واحد عصره ،أي :ال نظير له ،الثالث :أنه واحد يتبعض .واألظهر أن المراد هنا : ال ينقسم وال ّ نفي الشريك ،لقصد الرد على المشركين . انظر ابن جزي . {هللاُ الصم ُد} { هللاُ الصم ُد } وهو َف َعل ٌ بمعنى مفعول ،من :صمد إليه :إذا قصده ،أي : هو الس ّيد المصمود إليه في الحوائج ، المستغني بذاته عن كل ما سواه ،المفتقِر إليه كل ُّ ما عداه ،افتقاراً ضروريا ً في كل لحظة ، إذ ال قيام لألشياء إالّ به .أو الصمد :الدائم الباقي الذي لم يزل وال يزال ،أو :الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ،والذي ُي ْطعِم وال ُي ْط َعم وال يأكل وال يشرب ،أو :الذي ال جوف له ،وتعريفه لعلمهم بصمديته ،بخالف أحديته . وتكرير االسم الجليل ،لإلشعار بأنَّ َمن لم بمعزل عن استحقاق األلوهية ٍ يتصف بذلك فهو ،والتل ُّذذ بذكره .وتعرية الجملة عن العاطف ، ألنها كالنتيجة عن األولى ،ب َّين أوالً ألوهيته عز وجل ،المستوجبة لجميع نعوت الكمال ، ّ ثم أحديته الموجبة ّ لتنزهه عن شائبة التعدد والتركيب بوج ٍه من الوجوه ،وتوهم المشاركة في الحقيقة وخواصها ثم صمديته المقتضية الستغنائه الذاتي عما سواه ،وافتقار المخلوقات إليه في وجودها وبقائها وسائر أحوالها ،تحقيقا ً للحق وإرشاداً إلى التعلُّق بصمديته تعالى ..اإلشارة :قد اشتملت السورةُ على التوحيد الخاص ،أعني :توحيد أهل العيان ،وعلى التوحيد العام ،أعني :توحيد أهل البرهان ،فالتوحيد الخاص له مقامان : مقام األسرار الجبروتية ،ومقام األنوار الملكوتية ،فكلمة ( هو ) ُتشير إلى مقام األسرار اللطيفة األصلية الجبروتية ..قال شيخ شيوخنا ،سيدي عبد الرحمن العارف : والحاصل :أنَّ اإلشارة ب « هو » مختصة بأهل االستغراق والتح ُّقق في الهوية الحقيقة ، فالنطباق بحر األحدية عليهم ،وانكشاف الوجود الحقيقي لديهم ،فقدوا َمن يشار إليه إالّ هو ،ألنّ ال ُمشار إليه ل ّما كان واحداً كانت اإلشارة مطلقة ال تكون إالّ إليه ،لفقد ما سواه في شعورهم ،لفنائهم عن الرسوم البشرية بالكلية ،وغيبتهم عن وجودهم ،وعن إحساسهم وأوصافهم الكونية ،وذلك غاية في التوحيد واإلعظام .منحنا هللاُ ذلك على الدوام ، وجعلنا من أهله ،ببركة نبيه عليه الصالة والسالم .وباهلل التوفيق). ورةُ ا ْل َف َل ِق-اآليات()5-1قوله تعالى(قُلْ س َ ُ - -63 .ومِنْ َ ش ِّر ش ِّر َما َخ َل َق َ َأ ُعو ُذ ِب َر ِّب ا ْل َف َل ِق.مِنْ َ ت فِي ا ْل ُع َق ِد. غاسِ ٍق ِإذا َو َق َبَ .ومِنْ َ ش ِّر ال َّن َّفاثا ِ سدَ )نقل فى الطبقات ِ عن ش ِّر حاسِ ٍد ِإذا َح َ َومِنْ َ األستاذ على(وكان يقول :ال تطلب أن ال يكون لك حاسد ،وال أن ال يحسدك حاسد فإن الحكم الوجودي اقتضى مقابلة النعم بالحسد ،فمن طلب أن ال يكون له حاسد فقد طلب أن ال يكون له نعمة ،ومن طلب الوقاية من شر الحاسد المتحقق الحسد ،فقد طلب ظهور النعمة عليه مع األمان من التشويش فيها فافهم فلذلك قال تعالى" :قل أعوذ برب الفلق" "من شر ما خلق" "ومن شر حاسد إذا حسد" أتى بإذا، ولم يقل إن حسد فافهم).قال القُشيرى فى تفسيره(وفي السورة تعلي ُم استدفاع الشرور من صح َّ ص َّح تو ُّكلُه على هللا فهو الذي هللا .و َمنْ َ تح ُّققُه باهلل ،فإذا تو َّكل َ لم ُي َو ِّف ْقه هَّللا ُ للتو ُّك ِل إالَّ والمعلو ُم من حاله أنه يكفيه ما تو َّكل َ به عليه؛ حاجة إلى دَ ْف ِع البالء عنه -فإنٌ وإنَّ العبدَ به وح ْوله وقُ َّوته ، التحرز من تدبيره َُّ أخ َذ في َ ت استراح من تعب و َف ْهمِه وبصيرته في كل ِّ وق ٍ ب ُي َر َّقى إلى ب في التدبير ،وعن قري ٍ تر ُّد ِد القل ِ حالة الرضا ُ . .كف َِي ُم َرادَ ه أم ال .وعند ذلك الملك األعظم ،فهو بظاهره ال يفتر عن االستعاذه ،وبقلبه ال يخلو من التسليم والرضا).وقال ُ ابن عجيبة فى تفسيره(إلشارة : الفلق هو النور الذي انفلق عنه بحر الجبروت ،وهي القبضة المحمدية ،التي هي بذرة بالتعوذ بربها الذي أبرزها ُّ الكائنات ،فأمر هللا منه ،من شر كل ما يشغل عن هللا ،من سائر المخلوقات ،ومن شر ما يهجم على اإلنسان ، ويقوم عليه من نفسه وهواه وغضبه وسخطه ،ومن شر ما يكيده من السحرة أو ال ُحساد . والحسد مذموم عند الخاص والعام ،فالحسود ال يسود .وحقيقة الحسد :األسف على الخير عند الغير ،وتمني زواله عنه ،وأ ّما تمني مثله مع بقائه لصاحبه فهي الغِبطة ،وهي ممدوحة في الكماالت ،كالعلم والعمل ، والذوق والحال.وباهلل التوفيق). اس-اآليات()6-1قوله تعالى(قُلْ ورةُ ال َّن ِس َ ُ -64 اس .مِنْ ِ نَّ ال ِ ه ل . ِ ِإاس َّ ن ال ِكِ لمَ .اس ِ نَّ ال بِّ ر َ ب ِ ُ ذ وعُ َأ اس. ش ِّر ا ْل َو ْس ِ واس ا ْل َخ َّن ِ َ اس.مِنَ ا ْل ِج َّن ِة ُور ال َّن ِ صد ِس فِي ُ ا َّلذِي ُي َو ْس ِو ُ اس)قال فى التقريب(قال الشي ُخ أبو َوال َّن ِ ليلة من الليالى(قُلْ عنه-قرأت ً ُ الحسن-رضى هللاُ انتهيت إلى قوله(مِنْ ُ )ح َّتى اس َ َأ ُعو ُذ ِب َر ِّب ال َّن ِ اس. ش ِّر ا ْل َو ْس ِ واس ا ْل َخ َّن ِ َ اس.مِنَ ا ْل ِج َّن ِة ُور ال َّن ِ صد ِس فِي ُا َّلذِي ُي َو ْس ِو ُ وسواس يدخل ٌُ ش ُّر الوسواس اس)فقيل لىَ - َوال َّن ِ بينك وبين حبيبك ُينسيك ألطافه الحسنة و ُي ّذ ِّك ُرك أفعاله السيئة و ُي َق ِّلل ُ عندك ذات اليمين و ُيكث ُر عندك ذات الشمال ليعدل َ بك عن ُحسن وء َ الظنِّ باهلل س ِ َ الظنَّ باهلل و رسوله إلى ُ ورسوله.فاحذر هذا الباب فقد ُأخ َِذ منه كثي ٌر من ْ ال ُع َّباد و ال ُزهَّاد و ِ أهل ال ِجدِّ و االجتهاد).وقال ابنُ عجيبة فى تفسيره(قال ابن جزي : وسوسة الشيطان بأنواع كثيرة ،منها :فساد اإليمان والتشكيك في العقائد ،فإن لم يقدر على ذلك ث ّبطه عن الطاعات ،فإن لم يقدر على ذلك أدخل الرياء في الطاعات ل ُيحبطها ، سلِ َم من ذلك أدخل عليه العجب بنفسه ، فإن َ واستكثار عمله ،ومن ذلك :أنه ُيوقد في القلب نار الحسد والحقد والغضب ،حتى يقود اإلنسان إلى سوء األعمال وأقبح األحوال. وعالج وسوسته بثالثة أشياء ،وهي :اإلكثار من ذكر هللا واإلكثار من االستعاذة منه ،ومن شيء في ذلك :قراءة سورة الناس .ه .ٍ أنفع قلت :ال يقلع الوسوسة من القلب بالكلية إالّ صحبة العارفين ،أهل التربية ،حتى ُيدخلوه ُ مقا َم الفناء ،وإالَّ فالخواطر ال تنقطع عن العبد ..اإلشارة :ال ُينجي من الوسوسة بالكلية إالّ التح ُّقق بمقام الفناء الكلي ،وتعمير القلب بأنوار التجليات الملكوتية واألسرار الجبروتيه ،حتى يمتلىء القلب باهلل فحينئذ تنقلب وسوسته في أسرار التوحيد فكر ًة ونظر ًة وشهوداً للذات األقدس).وأنقل ُ اآلن كالما ً ُم ِه َّما ً لإلمام ابن القيم فى تفسيره لهذه السورة((فصل) وهذه السورة مشتملة على االستعاذة من الشر الذي هو سبب الذنوب والمعاصي كلها .وهو الشر الداخل في اإلنسان ،الذي هو منشأ العقوبات في الدنيا واآلخرة. فسورة الفلق :تضمنت االستعاذة من الشر الذي هو ظلم الغير له بالسحر والحسد .وهو شر من خارج. وسورة الناس :تضمنت االستعاذة من الشر الذي هو سبب ظلم العبد نفسه وهو شر من داخل. فالشر األول :ال يدخل تحت التكليف ،وال يطلب منه الكف عنه. ألنه ليس من كسبه. والشر الثاني في سورة الناس :يدخل تحت التكليف ،ويتعلق به النهي .فهذا شر المعائب. واألول شر المصائب ،والشر كله يرجع إلى العيوب والمصائب .وال ثالث لهما. فسورة الفلق تتضمن االستعاذة من شر المصيبات .وسورة الناس تتضمن االستعاذة من شر العيوب التي أصلها كلها الوسوسة.. (فصل) إذا عرف هذا ،فالوسواس :فعالل من وسوس. وأصل الوسوسة :الحركة أو الصوت الخفي الذي ال يحس ،فيحترز منه. فالوسواس :اإللقاء الخفي في النفس ،إما بصوت خفي ال يسمعه إال من ألقي إليه ،وإما بغير صوت ،كما يسوس الشيطان إلى العبد. ومن هذا :وسوسة الحلي وهو حركته الخفية في األذن. والظاهر -وهللا أعلم -أنها سميت وسوسة لقربها ،وشدة مجاورتها لمحل الوسوسة من شياطين اإلنس .وهو اإلذن .فقيل :وسوسة الحلي. ألنه صوت مجاور لألذن ،كوسوسة الكالم الذي يلقيه الشيطان في أذن من يوسوس له. ولما كانت الوسوسة كالما يكرره الموسوس، ويؤكده عند من يلقيه إليه كرروا لفظها بإزاء تكرير معناها .فقالوا :وسوس وسوسة. فراعوا تكرير اللفظ ليفهم منه تكرير مسماه.. فعال ،من خنس يخنس :إذا وأما الخناس :فهو ّ توارى واختفى .ومنه قول أبي هريرة «لقيني النبي ص ّلى هللا عليه وس ّلم في بعض طرق المدينة ،وأنا جنب .فانخنست منه». وحقيقة اللفظ :اختفاء بعد ظهور .فليست لمجرد االختفاء .ولهذا وصفت بها الكواكب في قوله تعالىَ 15 :81{ :فال ُأ ْقسِ ُم ِبا ْل ُخ َّن ِ س قال قتادة :هي النجوم تبدو بالليل وتخنس بالنهار، فتختفي وال ترى .وكذلك قال علي رضي هللا عنه :هي الكواكب تخنس بالنهار فال ترى. وقالت طائفة :الخ ّنس :هي الراجعة التي ترجع كل ليلة إلى جهة المشرق ،وهي السبعة السيارة. قالوا :وأصل الخنوس :الرجوع إلى وراء .و «الخناس» مأخوذ من هذين المعنيين .فهو من االختفاء والرجوع والتأخر .فإن العبد إذا غفل عن ذكر هللا جثم على قلبه الشيطان .وانبسط عليه ،وبذر فيه أنواع الوساوس التي هي أصل الذنوب كلها .فإذا ذكر العبد ربه واستعاذ به، انخنس وانقبض ،كما ينخنس الشيء ليتوارى. وذلك االنخناس واالنقباض :هو أيضا تج ّمع ورجوع ،وتأخر عن القلب إلى خارج .فهو تأخر ورجوع معه اختفاء. وخنس وانخنس :يدل على األمرين معا .قال قتادة :الخناس :له خرطوم كخرطوم الكلب في صدر اإلنسان .فإذا ذكر العبد ربه خنسه. ويقال :رأسه كرأس الحية .وهو واضع رأسه على ثمرة القلب يم ّنيه ويحدثه .فإذا ذكر هللا خنس .وإذا لم يذكره عاد ،ووضع رأسه يوسوس إليه ويمنيه. فعال الذي للمبالغة وجيء من هذا الفعل بوزن ّ دون الخانس والمنخنس :إيذانا بشدة هروبه ورجوعه ،وعظم نفوره عند ذكر هللا .وأن ذلك دأبه وديدنه ال أنه يعرض له ذلك ذكر هللا أحيانا .بل إذا ذكر هللا هرب وانخنس وتأخر. فإن ذكر هللا هو مقمعته التي يقمع بها ،كما يقمع المفسد والشرير بالمقامع التي تردعه من وعصى ونحوها .فذكر هللا يقمع ّ سياط وحديد الشيطان ويؤلمه ويؤذيه ،كالسياط والمقامع التي تؤذي من يضرب بها .ولهذا يكون شيطان المؤمن هزيال ضئيال مضنى ،مما يعذبه المؤمن ويقمعه به من ذكر هللا وطاعته. وفي أثر عن بعض السلف :أن المؤمن ينضي شيطانه كما ينضي الرجل بعيره في السفر. ألنه كلما اعترضه صب عليه سياط الذكر، والتوجه واالستغفار والطاعة ،فشيطانه معه في عذاب شديد .ليس بمنزلة شيطان الفاجر الذي هو معه في راحة ودعة .ولهذا يكون قويا عاتيا شديدا. فمن لم يعذب شيطانه في هذه الدار بذكر هللا تعالى وتوحيده واستغفاره وطاعته عذبه شيطانه في اآلخرة بعذاب النار .فال بد لكل أحد أن يعذب شيطانه أو يعذبه شيطانه. وتأمل كيف جاء بناء «الوسواس» مكررا لتكريره الوسوسة الواحدة مرارا ،حتى يعزم عليها العبد .وجاء بناء «الخناس» على وزن الفعال الذي يتكرر منه نوع الفعل .ألنه كلما ذكر هللا انخنس ،ثم إذا غفل العبد عاوده بالوسوسة .فجاء بناء اللفظين مطابقا لمعنييهما ...فمن شره :أنه لص سارق ألموال الناس .فكل طعام أو شراب لم يذكر اسم هللا عليه فله فيه حظ بالسرقة والخطف .وكذلك يبيت في البيت إذا لم يذكر فيه اسم هللا ،فيأكل طعام اإلنس بغير إذنهم ،ويبيت في بيوتهم بغير أمرهم .فيدخل سارقا ويخرج مغيرا .ويدل على عوراتهم .فيأمر العبد بالمعصية .ثم يلقي في قلوب الناس يقظة ومناما أنه فعل كذا وكذا. ومن هذا :أن العبد يفعل الذنب ال يطلع عليه أحد من الناس ،فيصبح والناس يتحدثون به، وما ذاك إال أن الشيطان زينه له وألقاه في قلبه ،ثم وسوس إلى الناس بما فعل وألقاه إليهم ،فأوقعه في الذنب ،ثم فضحه به. فالرب تعالى يستره والشيطان يجهد في كشف ستره وفضيحته ،فيغتر العبد ويقول :هذا ذنب لم يره إال هللا .ولم يشعر بأن عدوه ساع في إذاعته وفضيحته .وقل من يتفطن من الناس لهذه الدقيقة .ومن شره :أنه إذا نام العبد عقد على رأسه عقدا تمنعه من اليقظة ..ومن شره: أنه يبول في أذن العبد حتى ينام إلى الصباح.. ومن شره :أنه قعد البن آدم بطرق الخير كلها. فما من طريق من طرق الخير إال والشيطان مرصد عليه يمنعه بجهده أن يسلكه .فإن خالفه وعوقه وشوش عليه ّ وسلكه ث ّبطه فيه بالمعارضات والقواطع .فإن عمله وفرغ منه ق ّيض له ما يبطل أثره ويرده على حافرته. ويكفي من شره :أنه أقسم باهلل ليقعدن لبني آدم صراطه المستقيم. وأقسم ليأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم. ولقد بلغ شره :أن أعمل المكيدة وبالغ في الحيلة حتى أخرج آدم من الجنة .ثم لم يكفه ذلك حتى استقطع من أوالده شرطة للنار ،من كل ألف: تسعمائة وتسعة وتسعين .ثم لم يكفه ذلك حتى أعمل الحيلة في إبطال دعوة هللا من األرض وقصد أن تكون الدعوة له ،وأن يعبد هو من دون هللا .فهو ساع بأقصى جهده على إطفاء نور هللا ،وإبطال دعوته ،وإقامة دعوة الكفر والشرك ،ومحو التوحيد وأعالمه من األرض. ويكفي من شره :أنه تصدى إلبراهيم خليل الرحمن حتى رماه قومه بالمنجنيق في النار. فرد هللا كيده عليه .وجعل النار على خليله بردا وسالما .وتصدى للمسيح ص ّلى هللا عليه وس ّلم حتى أراد اليهود قتله وصلبه .فرد هللا كيده. وضان المسيح ورفعه إليه. وتصدى لزكريا ويحيى حتى قتال. واستثار فرعون حتى زين له الفساد العظيم في األرض ،ودعوى أنه ربهم األعلى. وتصدى للنبي ص ّلى هللا عليه وس ّلم وظاهر الكفار على قتله بجهده .وهللا تعالى يكبته ويرده خاسئا. وتف ّلت على النبي ص ّلى هللا عليه وس ّلم بشهاب من نار ،يريد أن يرميه به .وهو في الصالة. فجعل النبي ص ّلى هللا عليه وس ّلم يقول« :ألعنك بلعنة هللا». وأعان اليهود على سحرهم للنبي ص ّلى هللا عليه وس ّلم. فإذا كان هذا شأنه وهمته في الشر ،فكيف الخالص منه إال بمعونة هللا وتأييده وإعاذته؟. وال يمكن حصر أجناس شره ،فضال عن آحادها .إذ كل شر في العالم فهو السبب فيه. ولكن ينحصر شره في ستة أجناس .ال يزال بابن آدم حتى ينال منه واحدا منها أو أكثر. الشر األول :شر الكفر والشرك ،ومعاداة هللا ورسوله .فإذا ظفر بذلك من ابن آدم برد أنينه، واستراح من تعبه معه .وهو أول ما يريد من العبد. فال يزال به حتى يناله منه .فإذا نال ذلك ص ّيره من جنده وعسكره ،واستنابه على أمثاله ونوابه .فإن وأشكاله ،فصار من دعاة إبليس ّ يئس منه من ذلك ،وكان ممن سبق له اإلسالم في بطن أمه نقله إلى المرتبة الثانية من الشر. وهي البدعة ،وهي أحب إليه من الفسوق والمعاصي .ألن ضررها في نفس الدين .وهو ضرر متعد .وهي ذنب ال يتاب منه ،وهي مخالفة لدعوة الرسل ،ودعاء إلى خالف ما جاءوا به .وهي باب الكفر والشرك .فإذا نال منه البدعة ،وجعله من أهلها صار أيضا نائبه، وداعيا من دعاته. فإن أعجزه من هذه المرتبة ،وكان العبد ممن سبقت له من هللا موهبة السنة ،ومعاداة أهل البدع والضالل ،نقله إلى المرتبة الثالثة من الشر .وهي الكبائر على اختالف أنواعها .فهو أشد حرصا على أن يوقعه فيها .وال سيما إن كان عالما متبوعا .فهو حريص على ذلك، لينفر الناس عنه ،ثم يشيع ذنوبه ومعاصيه في الناس ،ويستنيب منهم من يشيعها ويذيعها تدينا وتقربا بزعمه إلى هللا تعالى ،وهو نائب إبليس وال يشعر .فإن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا واآلخرة .هذا إذا أحبوا إشاعتها وإذاعتها .فكيف إذا تولوا هم إشاعتها وإذاعتها ،ال نصيحة منهم ،ولكن طاعة إلبليس ونيابة عنه .كل ذلك لينفر الناس عنه ،وعن االنتفاع به. وذنوب هذا -ولو بلغت عنان السماء -هي أهون عند هللا من ذنوب هؤالء ،فإنها ظلم منه لنفسه ،إذا استغفر هللا وتاب إليه قبل هللا توبته ،وبدّ ل سيئاته حسنات. وأما ذنوب أولئك :فظلم للمؤمنين ،وتتبع لعوراتهم ،وقصد لفضيحتهم .وهللا سبحانه بالمرصاد ،ال تخفى عليه كمائن الصدر، ودسائس النفوس. فإن عجز الشيطان عن هذه المرتبة نقله إلى المرتبة الرابعة :وهي الصغائر التي إذا اجتمعت فربما أهلكت صاحبها .كما قال النبي ص ّلى هللا عليه وس ّلم «إياكم ومح ّقرات الذنوب ،فإن مثل ذلك مثل قوم نزلوا بفالة من األرض» وذكر حديثا معناه :أن كل واحد منهم جاء بعود حطب ،حتى أوقدوا نارا عظيمة فطبخوا واشتووا. وال يزال يسهل عليه أمر الصغائر حتى يستهين بها .فيكون صاحب الكبيرة الخائف منها أحسن حاال منه .فإن أعجزه العبد من هذه المرتبة نقله إلى المرتبة الخامسة :وهي اشغاله بالمباحات التي ال ثواب فيها وال عقاب، بل عاقبتها فوت الثواب الذي ضاع عليه باشتغاله بها. فإن أعجزه العبد من هذه المرتبة ،وكان حافظا لوقته ،شحيحا به ،يعلم مقدار أنفاسه وانقطاعها ،وما يقابلها من النعيم والعذاب: نقله إلى المرتبة السادسة وهي :أن يشغله بالعمل المفضول عما هو أفضل منه ،ليزيح عنه الفضيلة ،ويفوته ثواب العمل الفاضل، فيأمره بفعل الخير المفضول ،ويحضه عليه، ويحسنه له إذا تضمن ترك ما هو أفضل وأعلى منه .وقل ّ من يتنبه لهذا من الناس .فإنه إذا رأى فيه داعيا قويا ومحركا إلى نوع من الطاعة ال يشك أنه طاعة .فإنه ال يكاد يقول: إن هذا الداعي من الشيطان فإن الشيطان ال يأمر بخير ،ويرى أن هذا خير ،فيقول :هذا الداعي من هللا. وهو معذور .ولم يصل علمه إلى أن الشيطان يأمر بسبعين بابا من أبواب الخير ،إما ليتوصل ليفوت بها بها إلى باب واحد من الشر ،وإما ّ خيرا أعظم من تلك السبعين بابا وأجل وأفضل. وهذا ال يتوصل إلى معرفته إال بنور من هللا يقذفه في قلب العبد ،يكون سببه تجريد متابعة الرسول ص ّلى هللا عليه وس ّلم ،وشدة عنايته بمراتب األعمال عند هللا .وأحبها إليه وأرضاها له ،وأنفعها للعبد ،وأعمها نصيحة هلل ولرسوله ،ولكتابه ،ولعبادة المؤمنين ،خاصتهم وعامتهم ،وال يعرف هذا إال من كان من ورثة الرسول ص ّلى هللا عليه وس ّلم ونوابه في األمة، وخلفائه في األرض .وأكثر الخلق محجوبون عن ذلك .فال يخطر ذلك بقلوبهم .وهللا يمنّ بفضله على من يشاء من عباده. فإذا أعجزه العبد من هذه المراتب الست وأعيي عليه :سلط عليه حزبه من اإلنس والجن بأنواع األذى والتكفير والتضليل والتبديع ،والتحذير منه ،وقصد إخماله وإطفاءه ليشوش عليه قلبه .ويشغل بحربه فكره ،وليمنع الناس من االنتفاع به. فيبقى سعيه في تسليط المبطلين من شياطين اإلنس والجن عليه ،ال يفتر وال يني .فحينئذ يلبس المؤمن ألمة الحرب ،وال يضعها عنه إلى الموت ،ومتى وضعها أسر أو أصيب ،فال يزال في جهاد حتى يلقى هللا. فتأمل هذا الفصل .وتدبر موقعه ،وعظيم منفعته ،واجعله ميزانك تزن به الناس ،وتزن به األعمال .فإنه يطلعك على حقائق الوجود ومراتب الخلق .وهللا المستعان ،وعليه التكالن. ولو لم يكن في هذا التعليق إال هذا الفصل لكان نافعا لمن تدبره ووعاه( .فصل) س فِي وتأمل السر في قوله تعالىُ { :ي َو ْس ِو ُ ُور ال َّن ِ اس} ولم يقل: صد ُِ في قلوبهم والصدر :هو ساحة القلب وبيته. فمنه تدخل الواردات إليه ،فتجتمع في الصدر ثم تلج في القلب .فهو بمنزلة الدهليز له .ومن القلب تخرج األوامر واإلرادات إلى الصدر ،ثم تتفرق على الجنود .ومن فهم هذا فهم قوله ُور ُك ْم َولِ ُي َم ِّح َ ص صد ِ{ولِ َي ْب َتل َِي هَّللا ُ ما فِي ُ تعالىَ : وب ُك ْم}. ما فِي قُلُ ِ فالشيطان يدخل إلى ساحة القلب وبيته ،فيلقي ما يريد إلقاءه إلى القلب ،فهو موسوس في الصدر .ووسوسته واصلة إلى القلب .ولهذا قال تعالىَ { :ف َو ْس َو َ س ِإ َل ْي ِه ال َّ ش ْيطانُ } ولم يقل «فيه» ألن المعنى أنه ألقى إليه ذلك ،وأوصله إليه .فدخل في قلبه( ...قاعدة نافعة) فيما يعتصم به العبد من الشيطان ،ويستدفع به شره ،ويحترز به منه وذلك عشرة أسباب. أحدها :االستعاذة باهلل من الشيطان .قال تعالى: اس َتع ِْذ ِباهَّلل ِ طان َن ْز ٌغ َف ْ {وِإ َّما َي ْن َز َغ َّن َك مِنَ ال َّ ش ْي ِ َ السمِي ُع ا ْل َعلِي ُم} ِإ َّن ُه ه َُو َّ وفي موضع آخر {ِإ َّن ُه َ سمِي ٌع َعلِي ٌم} وقد تقدم: أن السمع المراد به هاهنا سمع اإلجابة ال مجرد السمع العام. وتأمل سر القرآن كيف أكد الوصف بالسميع العليم بذكر صيغة «هو» الدال على تأكيد النسبة واختصاصها ،وعرف الوصف باأللف والالم في سورة حم القتضاء المقام لهذا التأكيد ،وتركه في سورة األعراف ،الستغناء المقام عنه .فإن األمر باالستعاذة في سورة حم وقع بعد األمر بأشق األشياء على النفس .وهو مقابلة إساءة المسيء باإلحسان إليه .وهذا أمر ال يقدر عليه إال الصابرون ،وال يلقاه إال ذو حظ عظيم .كما قال هللا تعالى. والشيطان ال يدع العبد يفعل هذا .بل يريه أن هذا ذل ّ وعجز ،ويس ّلط عليه عدوه ،فيدعوه إلى االنتقام ،ويزينه له .فإن عجز عنه دعاه إلى اإلعراض عنه ،وأن ال يسيء إليه وال يحسن ،فال يؤثر اإلحسان إلى المسيء إال من خالفه وآثر هللا وما عنده على حظه العاجل. فكان المقام مقام تأكيد وتحريض .فقال فيه: اس َتع ِْذ ِباهَّلل ِ طان َن ْز ٌغ َف ْ {وِإ َّما َي ْن َز َغ َّن َك مِنَ ال َّ ش ْي ِ َ يسير ٍ باختصار ٍ السمِي ُع ا ْل َعلِي ُم}).منقول ِإ َّن ُه ه َُو َّ من كتاب(مصباح التفاسير القرآنية الجامع لتفسير ابن قيم الجوزية) وأخت ُم بهذا الفصل الذى ذكره أبو حامد الغزالى فى اإلحياء وفيه ِم َن المعانى اإلشارية التى تأ َّملها من خالل جُزء( َع َّم)ذكره صاحبُ التقريب ِمن كتاب الصبرصه ْ وسأنقله من اإلحياء بنَ ِّ –باب -بيان حقيقة الصبر ومعناه (ولجميع أهوال القيامة الكبرى نظير في القيامة الصغرى مثل زلزلة األرض مثالً فإن أرضك الخاصة بك تزلزل في الموت فإنك تعلم أن الزلزلة إذا نزلت ببلدة صدق أن يقال قد زلزلت أرضهم وإن لم تزلزل البالد المحيطة بها بل لو زلزل مسكن اإلنسان وحده فقد حصلت الزلزلة في حقه ألنه إنما يتضرر عند زلزلة جميع األرض بزلزلة مسكنه ال بزلزلة مسكن غيره فحصته من الزلزلة قد توفرت من غير نقصان واعلم أنك أرضى مخلوق من التراب وحظك الخاص من التراب بدنك فقط فأما بدن غيرك فليس بحظك واألرض التي أنت جالس عليها باإلضافة الى بذلك ظرف ومكان وإنما تخاف من تزلزله أن يتزلزل بدنك بسببه وإال فالهواء أبداً متزلزل وأنت ال تخشاه إذ ليس يتزلزل به بدنك فحظك من زلزلة األرض كلها زلزلة بدنك فقط فهي أرضك وترابك الخاص بك وعظامك جبال أرضك ورأسك سماء أرضك وقلبك شمس أرضك وسمعك وبصرك وسائر خواصك نجوم سمائك ومفيض العرق من بدنك بحر أرضك وشعورك نبات أرضك وشعورك نبات أرضك وأطرافك أشجار أرضك وهكذا إلى جميع أجزائك فإذا انهدم بالموت أركان بدنك فقد زلزلت األرض زلزالها فإذا انفصلت العظام من اللحوم فقد حملت األرض والجبال فدكتادكة واحدة فإذا رمت العظام فقد نسفت الجبال نسفا ً فإذا أظلم قلبك عند الموت فقد كورت الشمس تكويراً فإذا بطل سمعك وبصرك وسائر حواسك فقد انكدرت النجوم انكداراً فإذا انشق دماغك فقد انشقت السماء انشقاقا ً فإذا انفجرت من هول الموت عرق جبينك فقد فجرت البحار تفجيراً فإذا التفت إحدى ساقيك باألخرى وهما مطيتاك فقد عطلت العشار تعطيالً فإذا فارقت الروح الجسد فقد حملت األرض فمدت حتى ألقت ما فيها وتخلت ولست أطول بجميع موازنة األحوال واألهوال ولكني أقول بمجرد الموت تقوم عليك هذه القيامة الصغرى وال يفوتك من القيامة الكبرى شيء مما يخصك بل ما يخص غيرك فإن بقاء الكواكب في حق غيرك ماذا ينفعك وقد انتثرت حواسك التي بها تنتفع بالنظر إلى الكواكب واألعمى يستوى عنده الليل والنهار وكسوف الشمس وانجالؤها ألنها قد كسفت في حقه دفعة واحدة وهو حصته منها فاالنجالء بعد ذلك حصة غيره ومن انشق رأسه فقد انشقت سماؤه إذ السماء عبارة عما يلي جهة الرأس فمن ال رأس له ال سماء له فمن أين ينفعه بقاء السماء لغيره فهذه هي القيامة الصغرى والخوف بعد أسفل والهول بعد مؤخر وذلك إذا جاءت الطامة الكبرى وارتفع الخصوص وبطلت السموات واألرض ونسفت الجبال ونمت األهوال واعلم أن هذه الصغرى وإن طولنا في وصفها فإنا لم نذكر عشير أوصافها وهي بالنسبة إلى القيامة الكبرى كالوالدة الصغرى بالنسبة إلى الوالدة الكبرى فإن لإلنسان والدتين إحداهما الخروج من الصلب والترائب إلى مستودع األرحام فهو في الرحم في قرار مكين إلى قدر معلوم وله في سلوكه إلى الكمال منازل وأطوار من نطفة وعلقة ومضغة وغيرها إلى أن يخرج من مضيق الرحم إلى فضاء العالم فنسبة عموم القيامة الكبرى إلى خصوص القيامة الصغرى كنسبة سعة فضاء العالم إلى سعة فضاء الرحم ونسبة سعة العالم الذي يقدم عليه العبد بالموت إلى سعة فضاء الدنيا كنسبة فضاء الدنيا أيضا ً إلى الرحم بل أوسع وأعظم فقس اآلخرة باألولى فما خلقكم وال بعثكم إال كنفس واحدة وما النشأة الثانية إال على قياس النشأة األولى بل أعداد النشآت ليست محصورة في اثنتين وإليه اإلشارة بقوله تعالى وننشئكم فيما ال تعلمون فالمقر بالقيامتين مؤمن بعالم الغيب والشهادة وموقن بالملك والملكوت والمقر بالقيامة الصغرى دون الكبرى ناظر بالعين العوراء إلى أحد العالمين وذلك هو الجهل والضالل واإلقتداء باألعور الدجال فما أعظم غفلتك يا مسكين وكلنا ذلك المسكين وبين يديك هذه األهوال فإن كنت ال تؤمن بالقيامة الكبرى بالجهل والضالل أفال تكفيك داللة القيامة الصغرى أو ما سمعت قول سيد األنبياء كفى بالموت واعظا ً )()1 -------------------------------------------- )1( ------------حديث كفى بالموت واعظا أخرجه البيهقى فى الشعب من حديث عائشة وفيه الربيع بن بدر ضعيف ورواه الطبرانى من حديث عقبة بن عامر وهو معروف من قول الفضيل بن عياض رواه البيهى فى الزهد. -------------------------------------------- خاتمة أسأ ُل ----------- هللاُ حُسنها -فى ال ِختام َأ َو ُّد أنْ ُأ ُن ِّب ُه إلى أ ِّنى إذا شيخ ِمنْ شيوخ الصوفية كالشيخ ٍ ُ نقلت عنْ مُحيى الدين ابن عربى أوغيره فال يعنى هذا َأ ِّنى ُأ ُ وافق على سائر أقواله فاإلنصاف يقتضى أن أنتقى ِمنْ أقوال َم ِن اختلف العُلما ُء بشأنه و أاَّل أترك أقواله الحسنة .وأختم بما قال العما ُد األصفهانى(إذ يقول :رأيت إنه ال يكتب إنسان كتابا في يومه إال قال في غده :لو غ ّير هذا لكان أحسن ،ولو زيد كذا لكان يستحسن ولو قدم هذا لكان أفضل ولو ترك هذا لكان أجمل وهذا من أعظم العبر ،وهو دليل على استيالء النقص على جملة البشر. إن الكمال هلل وحده ،وحسب المرء أن يكون صادقا فيما يعمل وفي هذا كل ّ الرضى والعزاء، ألن العطاء مشفوعا بالطموح إلى األفضل، أجدى من النكوص مع التز ّمت ،وهذا هو معيار الحقيقي ،وهلل الحمد وعليه ال ّتكالن). ّ االرتقاء مِنْ كتاب(محاضرات األدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء) ألبى القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب األصفهانى. (الفهرس) الموضوع الصفحة مقدمة- 1 فصل حول التفسير اإلشارى بين القبول و 17-2 الرفض شروط قبول التفسير اإلشارى 34-17 التفسير اإلشارى لبعض اآليات بترتيب 35 ال ُمصحف الشريف ورةُ ا ْل َفات َِح ِة س َ ُ -1 49-35 ورةُ ا ْل َب َق َر ِة س َ ُ -2 59-49 آل عِ ْم َرانَ ورةُ ِ س َ ُ -3 66-59 اء س ِ ورةُ ال ِّن َ س َ ُ -4 69-66 ورةُ اَأْل ْن َع ِام س َ ُ -5 74-69 ورةُ اَأْل ْع َرافِ س َ ُ -6 86-74 الورةُ اَأْل ْن َف ِس َ ُ -7 90-86 ورةُ ال َّت ْو َب ِةس َُ -8 103-90 س ورةُ ُيو ُن َ س َُ -9 -10 122-103 ورةُ هُو ٍد س َ ُ -11 125-122 ف ورةُ ُيو ُ س َ س َُ 131-125 ورةُ َّ الر ْع ِد س َُ -12 134-131 ورةُ ا ْلح ِْج ِر س َُ -13 137-134 ورةُ ال َّن ْح ِل س َ ُ -14 -15 141-137 اء ورةُ اِإْل ْس َر ِ س َُ -16 143-141 ورةُ ا ْل َك ْهفِ س َُ 149-143 ورةُ َم ْر َي َمس َ ُ -17 150- 149 ورةُ َط َه س َ ُ -18 159-150 ورةُ اَأْل ْن ِب َي ِ اء س َُ -19 165-159 ورةُ ا ْل َح ِّج 165 س َ ُ -20 ور 174-165 ورةُ ال ُّن ِ س َ ُ -21 ورةُ ا ْلفُ ْر َق ِ ان 177-174 س َ ُ -22 اء 182-177 ورةُ ال ُّ ش َع َر ِ س َ ُ -23 ورةُ ال َّن ْم ِل 186-182 س َ ُ -24 ص 190-186 ص ِورةُ ا ْل َق َس َ ُ -25 ورةُ ا ْل َع ْن َك ُبو ِ ت 193-190 س َُ -26 الروم 194-193 ورة ّ س َ ُ -27 ورةُ لُ ْق َمانَ 195-194 س َ ُ -28 ورةُ اَأْل ْح َزا ِ ب 200-195 س َ ُ -29 ورةُ َفاطِ ٍر 202-200 س َ ُ -30 ورةُ يس 202 س َُ -31 الصا َّفا ِ ت 202 ورةُ َّ س َُ -32 ورةُ ص 204-203 س َ ُ -33 ورةُ ُّ الز َم ِر 209-204 س َ ُ -34 ورةُغافر 210-209 س َ ُ -35 ص َل ْت 215-210ورةُ فُ ِّ س َ ُ -36 ورى 216-215 ش َ ورةُ ال ُّس َ ُ -37 ورةُ ا ْل َجا ِث َي ِة 216 س َ ُ -38 ورةُ اَأْل ْح َقافِ 217 س َ ُ -39 ورةُ ا ْل َف ْت ِح 227-218 س َ ُ -40 ورةُ ق 227 س َ ُ -41 ت 230-228 ورةُ َّ الذ ِار َيا ِ س َ ُ -42 ورةُ ال َّن ْج ِم 242-230 س َ ُ -43 ورةُ ا ْل َق َم ِر 243-242 س َُ -44 سورة الرحمن 247-243 ُ -45 سورة الحديد 247 ُ -46 سورة الصف 247 ُ -47 سورة ال ُمنافقون 250-248 ُ -48 سورة الطالق 253-250 ُ -49 سورة التحريم 253 ُ -50 سورة ُنوح 253 ُ -51 ورةُ ا ْل ُم َّز ِّم ِل 254-253 س َ ُ -52 ورةُ ا ْل ُمدَّ ِّث ِر 255-254س َ ُ -53 ورةُ ا ْلقِ َيا َم ِة 258-256 س َُ -54 ورةُ ا ْل َف ْج ِر 272-258 س َُ -55 ض َحى 275-272ورةُ ال ُّس َ ُ -56 ش ْرح 283-275 ورة ال َّ س َ ُ -57 ين 284-283ورةُ ال ِّت ِس َ ُ -58 ورةُ ا ْل َع َل ِق 284 س َُ -59 ص 287-284ورةُ اِإْل ْخاَل ِ س َ ُ -60 ورةُ ا ْل َف َل ِق 288-287 س َ ُ -61 ورةُ ال َّن ِ اس 301-288 س َ ُ -62 فصل ذكره أبو حامد الغزالى فى المعانى اإلشارية فى ُجزء َع َّم 303-301 خاتمة أسأل ُ هللا ُحسنها 303 ت َّم الفرا ُغ منه عصر األربعاء الرابع عشر مِنْ ذى الحجة 1443ه ال ُموافق الثالث عشر من كتبه الفقي ُر إلى يوليو 2022م مواله حام ُد عب ُد الخالق أبو الدهب. ْ