الماء في المغرب ماضيا وحاضرا ومستقبلا

‫املاء يف املغرب ماضيا وحاضرا ومستقبال ‪ /‬ذ‪.
‬عبدهللا بوفيم ‪ /‬اإليداع القانوين‪2017MO5144:‬‬
‫‪1‬‬
‫املاء يف املغرب ماضيا وحاضرا ومستقبال ‪ /‬ذ‪.‬عبدهللا بوفيم ‪ /‬اإليداع القانوين‪2017MO5144:‬‬
‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬
‫يع ِيف ْاْلَ ْر ِ‬‫ِ‬ ‫السما ِ‬ ‫اَّلل أ ِ‬ ‫﴿ أَََلْ تَ َر أ َّ‬

‫ض ُثَّ ُيْ ِرج‬ ‫َنز َل م َن َّ َ َ ً َ َ َ َ‬
‫ب‬‫ا‬‫ن‬ ‫ي‬ ‫ه‬‫ك‬‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫س‬‫َ‬‫ف‬ ‫اء‬ ‫م‬ ‫ء‬ ‫َن ََّ َ‬
‫ص َف ًّرا ُثَّ َْي َعله حطَ ًاما إِ َّن ِيف ََٰذلِ َ‬

‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بِه َزْر ًعا خُّمْتَل ًفا أَل َْوانه ُثَّ يَ ِهيج فَ تَ َراه م ْ‬
‫لَ ِذ ْكر َٰى ِْل ِوِل ْاْلَلْبَ ِ‬

‫اب ﴾‬ ‫َ‬
‫‪21‬‬ ‫سورة الزمر اآلية‬
‫صدق هللا العظيم‬
‫داع القانوين‪2017MO5144:‬‬ ‫اإلي‬
‫ك‪978-9954-775-00-4:‬‬ ‫ردم‬
‫‪2017‬‬ ‫الطبعة اْلوىل من الكتاب نشرت بتاريخ‪ 15 :‬دجنرب‬
‫‪2‬‬
‫كلمة شكر وتقدير‬
‫حتية الشكر والتقدير واالحرتام‪ ،‬لكل من سبق أن اطلع على بعض كتيب‪ ،‬فشاركها مع‬
‫اجلميع‪ ،‬تسديدا لثمنها الذي هو املشاركة وعلى أوسع نطاق‪.‬‬
‫كل الشكر والتقدير واالحرتام‪ ،‬لكل من ميلك القدرة على ترمجة أي كتاب من كتيب‬
‫العشرة‪ْ ،‬لي لغة يتقنها مع احرتامه اْلمانة العلمية‪.‬‬
‫أتقدم خبالص الشكر والتقدير لكل أصدقائي ومعاريف يف الواقع ويف االنرتنيت‪ ،‬الذين‬
‫شجعوين على الكتابة ومواصلة التأليف يف جماالت عدة‪.‬‬
‫كما أتقدم بكل الشكر والتقدير لكل الرجال الذين تعلمت منهم واستفدت منهم الكثري‬
‫سنة‪ ،‬فاكتشفت حاليا أهنم حبق كانوا‬ ‫‪20‬‬ ‫وأوهلم والدي وآخرون حكماء انقشتهم قبل أكثر من‬
‫عباقرة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫حتية التقدير واالحرتام لكل نساء العاَل‪ ،‬وأوهلن والديت اليت محلتين وربتين وعلمتين‪ ،‬فرعتين‬
‫صغريا ودربيت طفال‪ ،‬فوجهتين شااب وترشدين كبريا‪.‬‬
‫حتية احلب واحلنان لزوجيت‪ ،‬وحتية الرمحة والعطف ْلبنائي‪ ،‬وحتية اْلخوة الصادقة إلخويت‬
‫ولكل اْلهل واْلحباب‪.‬‬
‫حتية التشجيع والتقدير لكل ُّملص جمد ساعي لإلصالح من موقعه‪ ،‬ما استطاع لذلك‬
‫سبيال‪ ،‬مصداقا لقول هللا عز وجل على لسان سيدان صاحل عليه السالم (( َوَما أ ِريد أَ ْن أ َخالَِفك ْم إِ َ َٰىل‬
‫اإلص َالح ما استطَعت وما تَ وفِ ِيقي إَِّال ِاب َِّ‬

‫َّلل َعلَْي ِه تَ َوَّكلْت َوإِلَْي ِه أنِيب))‬ ‫َما أَنْ َهاك ْم َع ْنه إِ ْن أ ِريد إَِّال ِْ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ‬
‫‪88‬‬ ‫سورة هود آية‬
‫‪4‬‬
‫داء‬ ‫اإله‬
‫إىل والدي ووالديت الذين بفضلهما وجدت وبفضلهما تربيت وبفضلهما تعلمت‪ ،‬لكما مين‬
‫كل التقدير واالحرتام‪ ،‬أيها اْلبوين الصابرين الطيبني‪ ،‬هللا عز وجل أسال أن يدمي عليكما نعمة‬
‫الصحة والعافية وأن يسعدكما يف الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫إىل زوجيت وأبنائي وإخواين وكل اْلهل واْلحباب‪ ،‬وإىل كل الذين يقرؤون كتاابيت يف صمت‪،‬‬
‫ال يراهم وال يعرفهم غري هللا رب العاملني‪ ،‬فيسامهون يف نشرها‪ ،‬لتصل أكرب عدد ممكن من الصادقني‬
‫والصادقات‪.‬‬
‫إىل كل أصدقائي ومعاريف ذكورا وإاناث ممن شجعوين ويشجعونين على الكتابة والتأليف‪،‬‬
‫خاصة يف حسايب يف الفيسبوك‪.‬‬
‫إىل كل العلماء الذين تعلمت منهم‪ ،‬وقرأت هلم‪ ،‬ويف مجيع اجملاالت‪ ،‬حتية التشجيع‬
‫والتحفيز‪ ،‬لكل من يسعى لنيل حظ يف مجيع العلوم‪ْ ،‬لن آفة هذا الزمان هي التخصص‪ ،‬حيث‬
‫‪5‬‬
‫أصبح كل منا ال يرى إال من زاوية واحدة‪ ،‬وْلننا يف الغالب‪ ،‬الكل مزهو معجب بوجهة نظره‪،‬‬
‫فنختلف ونتنافر‪ ،‬بدل أن نتكامل‪ ،‬لذلك لكي نرتقي ويفهم كل منا اآلخرين فيفهموه‪ ،‬البد من‬
‫إشاعة املوسوعية يف كثري من العلوم‪ ،‬كما كان العلماء اْلوائل زمن اإلشعاع العاملي للمسلمني‪.‬‬
‫الكتاب هذا يتعلق مبادة‪ ،‬هي احلياة وهي مصدر احلياة و اخللق‪ ،‬لكل الكائنات احلية‬
‫لسماو ِ‬ ‫ين َك َفروا أ َّ‬ ‫َّ ِ‬

‫ات َو ْاْلَ ْر َ‬
‫ض‬ ‫َن ا َّ َ َ‬ ‫مصدقا لقول العزيز الكرمي يف سورة اْلنبياء اآلية ‪ (( 30‬أ ََوََلْ يَ َر الذ َ‬
‫َكانَتَا َرتْ ًقا فَ َفتَ ْقنَامهَا ۖ َو َج َعلْنَا ِم َن ال َْم ِاء ك َّل َش ْي ٍء َح ٍي ۖ أَفَ َال ي ْؤِمنو َن))‪.‬‬
‫معضلة بلدان املسلمني‪ ،‬هي أن العلوم اليت فرض عليهم تدريسها من املستعمرين السابقني‪،‬‬
‫أغلبها علوم كاذبة خاطئة‪ ،‬تدفع بلداننا إىل اخلراب والتمزق‪ ،‬والكتاب هذا يصحح كثري من‬
‫النظرايت اخلاطئة والكاذبة يف جمال املاء‪ ،‬نظرايت تدرس للمعنيني ابملاء يف املعاهد واجلامعات‪،‬‬
‫ليطبقوها فيسامهوا من حيث ال يعلمون يف القضاء على املاء يف أوطاهنم‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫أخطر نظرية خاطئة‪ ،‬تدرس للمهندسني يف جمال املاء‪ ،‬هي القول أبن اْلرض متتص املاء‪،‬‬
‫لتحوله يف ابطنها ملاء يري يف الفرشات الباطنية‪ ،‬واحلقيقة هي أن املاء ينفذ خاصة إىل الفرشات‬
‫املائية عرب شقوق وثقوب يف قلب اْلودية ويف جنباهتا‪.‬‬
‫ق دم ة‬ ‫م‬
‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬
‫هللا عز وجل‪ ،‬أكد لنا يف كثري من اآلايت‪ ،‬أن املاء هو احلياة‪ ،‬بل هو أصل احلياة لقوله جل‬
‫ض َكانَتَا َرتْ ًقا فَ َفتَ ْقنَامهَا‬ ‫السماو ِ‬ ‫ين َك َفروا أ َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫ات َوا ْْل َْر َ‬ ‫َن َّ َ َ‬ ‫جالله يف سورة اْلنبياء اآلية ‪ (( 30‬أ ََوََلْ يَ َر الذ َ‬
‫ۖ َو َج َعلْنَا ِم َن ال َْم ِاء ك َّل َش ْي ٍء َح ٍي ۖ أَفَ َال ي ْؤِمنو َن))‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫يف اآلية أعاله بني لنا اخلالق املصور أصلي اخللق يف الكون‪ ،‬ومها الرتق اْلول ابلنسبة‬
‫لألرض واجلبال والسماء وما فيها من الكواكب واْلجرام السماوية‪ ،‬واملاء ابلنسبة لكل ُّملوق حي‪،‬‬
‫جنا وإنسا ونباات ووحيشا‪ ،‬فبدون املاء الذي هو أصل كل شيء حي‪ ،‬ال يبقى للحياة استمرار‪.‬‬
‫ض وا ْختِ َال ِ‬ ‫الرمحن الرحيم قال يف سورة البقرة اآلية ‪((164‬إِ َّن ِيف َخل ِْق ا َّ ِ‬
‫ف‬ ‫لس َم َاوات َو ْاْل َْر ِ َ‬
‫َحيَا بِ ِه‬ ‫اَّلل ِمن َّ ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬

‫الس َماء من َّماء فَأ ْ‬ ‫َنز َل َّ َ‬
‫َّاس َوَما أ َ‬ ‫اللَّْي ِل َوالن َ‬
‫َّها ِر َوالْفلْك ال ِيت ََتْ ِري ِيف الْبَ ْح ِر مبَا يَن َفع الن َ‬
‫الس َم ِاء َو ْاْل َْر ِ‬

‫ض‬ ‫س َّخ ِر بَ ْ َ‬
‫ني َّ‬ ‫يف ال ِرَاي ِح َوا َّ ِ‬
‫لس َحاب الْم َ‬
‫ِ‬
‫ث فِ َيها من ك ِل َدابٍَّة َوتَ ْ‬
‫ص ِر ِ‬ ‫ض بَ ْع َد َم ْوِهتَا َوبَ َّ‬
‫ْاْل َْر َ‬
‫ت لَِق ْوٍم يَ ْع ِقلو َن)) والذي يهمين يف اآلية أعاله هو قول امللك القدوس (( َوَما أَ َنز َل َّ‬
‫اَّلل ِم َن‬ ‫َآلاي ٍ‬
‫َ‬
‫ث فِ َيها ِمن ك ِل َدابٍَّة)) املطر هو الذي يعيد احلياة‬

‫ض بَ ْع َد َم ْوِهتَا َوبَ َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ ٍ‬
‫َحيَا بِه ْاْل َْر َ‬
‫الس َماء من َّماء فَأ ْ‬
‫لألرض‪ ،‬واملاء املخزن يف اْلرض ضمانة للحياة عليها‪.‬‬
‫اإلنسان يتوهم أنه قادر على ختزين املاء‪ ،‬لكن السالم املؤمن يؤكد أنه اخلازن للماء وأن‬
‫ح لََواقِ َح‬ ‫اإلنسان أعجز عن خزن املاء‪ ،‬يف قوله جل جالله يف سورة احلجر اآلية ‪َ ((22‬وأ َْر َسلْنَا ِ‬
‫الرَاي َ‬
‫فَأَنزلْنا ِمن َّ ِ‬
‫َس َق ْي نَاكموه َوَما أَنت ْم لَه ِخبَا ِزنِ َ‬
‫ني))‪.‬‬ ‫اء فَأ ْ‬
‫الس َماء َم ً‬ ‫ََ َ‬
‫‪8‬‬
‫بني لنا املهيمن العزيز كيف ُيزن املاء رمحة خبلقه‪ ،‬يف قوله جل جالله يف سورة املؤمنني ((‬
‫شأ َْان لَكم بِ ِه‬ ‫اب بِ ِه لََق ِ‬ ‫وأَنزلْنا ِمن َّ ِ‬

‫ادرو َن (‪ )18‬فَأَن َ‬ ‫ض ۖ َوإِ َّان َعلَ َٰى ذَ َه ٍ‬ ‫اء بَِق َد ٍر فَأ ْ‬
‫َس َكنَّاه ِيف ا ْْلَ ْر ِ‬ ‫الس َماء َم ً‬ ‫َ ََ َ‬
‫رية َوِم ْن َها ََتْكلو َن (‪.)) )19‬‬‫ِ ِ‬ ‫ٍ َّ ِ‬ ‫َّات ِمن ََِّّن ٍ‬

‫يل َوأَ ْعنَاب لك ْم ف َيها فَ َواكه َكث َ‬
‫جن ٍ‬
‫َ‬
‫اجلبار املتكرب أكد لنا أنه جل جالله يسكن املاء يف اْلرض‪ ،‬أي يف ابطنها ال على اْلرض‪،‬‬
‫وبني لنا أنه القادر على تغوير ذلك املاء والذهاب به بعيدا عنا‪ ،‬لذلك فان ختزين املاء فوق اْلرض‬
‫استثناء قد يكون ضروراي يف بعض املناطق القليلة من اْلرض‪ ،‬لكن اْلصل هو ختزين املاء يف ابطن‬
‫اْلرض‪.‬‬
‫أكرب كذبة يف جمال املاء روج هلا املستعمر‪ ،‬هي أن البحريات الباطنية تتغذى من امتصاص‬
‫اْلرض للمطر‪ ،‬وليس من ابتالع الشقوق والثقوب للماء اجلاري يف قلب اْلودية وعلى جنباهتا‪.‬‬
‫البعض يردد أن اْلرض متتص املاء‪ ،‬متومهني أن اْلرض طبقة رملية بسمك مرت واحد حتتها‬
‫طبقة حصى بسمك مرتين أو ثالث وحتت طبقة احلصى فراغ‪ ،‬يتجمع فيه ماء املطر ليشكل عيون‬
‫جارية تصب يف حبريات ابطنية‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫لكن احلقيقة هي أن اْلرض ليست كما صورها املستعمر‪ ،‬الساعي لتخريب بلدان العرب‬
‫واملسلمني‪ ،‬مبنع املاء عن البحريات الباطنية‪ ،‬اليت ختزن وتصفي وتؤمن وتوزع املاء على البالد من‬
‫غري درهم واحد‪.‬‬
‫ما ال يعلمه من يزعمون أن اْلرض كالرمل متتص املاء‪ ،‬هو أن الرمل نفسه ال ميتص املاء إال‬
‫يف حدود مرتين أو أقل‪ ،‬بعدها يتوقف فعل االمتصاص‪ ،‬ليتحول الرمل إىل حاجز مينع تسرب املاء‪،‬‬
‫ومن أراد أن يتعرف على الدليل العلمي التجرييب‪ ،‬يذهب إىل الشاطئ حيث تراجع املاء عن الرمل‬
‫قبل دقائق‪ ،‬وحيفر يف الرمل املشبع مباء البحر‪ ،‬ليكتشف أنه حال يبلغ عمق مرت ونصف إىل مرتين‬
‫سيجد الرمل اجلاف‪.‬‬
‫لذلك فان نظرية املستعمر اليت يتشبث هبا مهندسو وخرباء املاء‪ ،‬نظرية خاطئة وال أساس هلا‬
‫من الصحة مطلقا‪ ،‬ولو سألنا أي عجوز يف ابدية مغربية‪ ،‬هل متتص اْلرض املاء‪ ،‬لقالت لنا أن املطر‬
‫لو استمر يهطل سنة كاملة‪ ،‬فإن أقصى ما سيبلغه املاء يف اْلرض‪ ،‬هو مرتين على أعلى تقدير‪.‬‬
‫هطول املطر وجراين اْلودية‪ ،‬يعين أن اْلرض مشبعة ابملاء يف حدود ‪ 20‬إىل ‪ 30‬سنتمرت على‬
‫أ على تقدير‪ ،‬والفالح الذي حيرث اْلرض يعلم جيدا هذا‪ ،‬لكن الكارثة يف بلدان هي أن كل من‬
‫‪10‬‬
‫حيصل على شهادة‪ ،‬درس فيها علوم املستعمر‪ ،‬يتوهم أنه اخلبري الذي ال يعلم أحد أكثر منه‪ ،‬وهو‬
‫يف احلقيقة لو شرح لصبية يف ابدية‪ ،‬ما يفتخر به لضحكوا عليه‪ ،‬ولشرحوا له أنه ُّمطئ‪ ،‬وأن ما‬
‫درسه كذب وهبتان ال يستحق أن يدرس‪.‬‬
‫الفالح البسيط يعلم أن اْلرض الفالحية اليت حترث كل سنة‪ ،‬يف كل ثالث سنوات على‬
‫اْلقل‪ ،‬يلزمه أن يقلبها‪ ،‬لكي تسمح للماء أن يبلغ عمق ‪ 40‬سنتمرت تقريبا‪ ،‬وعليه فإن كذبة امتصاص‬
‫اْلرض للماء‪ ،‬غري منطقية وغري صحيحة وال أساس هلا من الصحة‪ ،‬والبحريات الباطنية تتغذى من‬
‫جراين اْلودية‪ ،‬يف قلبها عرب الشقوق‪ ،‬ويف جنباهتا عرب ثقوب خلفتها جذور اْلشجار الكبرية‪.‬‬
‫لذلك فان الكتاب هذا حبول هللا وقوته‪ ،‬سيسفه كل النظرايت اخلاطئة يف جمال املاء‪ ،‬اليت‬
‫تبىن عليها مشاريع يتوهم منجزوها أهنم هبا يضمنون املاء‪ ،‬واحلقيقة هي أهنم حياربون هبا املاء من‬
‫حيث ال يعلمون‪.‬‬
‫كانت بالد املغرب أرض اخلريات والثمار واْلهنار اجلارية‪ ،‬اليت تنبع من حبريات ابطنية‬
‫عمالقة‪ ،‬حتت السالسل اجلبلية الشاهقة‪ ،‬وَل يكن قبل أربعني سنة تقريبا‪ ،‬يتصور أي مغريب أن دولة‬
‫املغرب ستعرف شحا وندرة يف املاء‪ ،‬قد تفكر معها الدولة واحلكومة يف استغالل ماء البحر‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫كلمة الصحراء توحي لسامعها أهنا أرض قاحلة جرداء‪ ،‬ال حياة فيها وال اقتصاد وال ازدهار‬
‫وال حضارة‪ ،‬لكن الكلمة حبق كانت تعين أن بني الرمال والكثبان توجد واحات خضراء‪َ ،‬تري فيها‬
‫العيون وافرة فوق اْلرض‪ ،‬فكانت احلياة يف الصحراء مستقرة واخلريات من الثمار والزرع متوفرة‪.‬‬
‫اخلالق العليم احلليم‪ ،‬جعل يف كل مكان من اْلرض‪ ،‬خريات ونعم وثروات‪َ ،‬تعل أهل كل‬
‫منطقة مسرورين مبا لديهم من ثروات وخريات‪ ،‬والناس غالبا إما يحدون ثروات الصحراء‪ْ ،‬لهداف‬
‫يف أنفسهم‪ ،‬أو أهنم ال يريدون للصحراء العمارة واحلضارة‪.‬‬
‫تتميز الصحراء برتبتها اخلصبة الغنية جدا ابملواد العضوية‪ ،‬واليت تتجمع يف املنخفضات‬
‫بفعل الرايح‪ ،‬كما تتميز ابلفرشات املائية القريبة والبحريات الباطنية الكبرية جدا‪.‬‬
‫ما ال يعلمه الكثري‪ ،‬هو أن سقوط املطر ملرة واحدة يف الصحراء‪ ،‬يكفيها لتخضر فتزهر‬
‫وتتمر‪ ،‬لذلك فان املستقبل الفالحي للصحراء مستقبل واعد جدا‪ ،‬ولو َتنب املسريون اْلساليب‬
‫املستوردة لدى الغرب‪ْ ،‬لصبحت الصحراء مزدهرة فالحيا واقتصاداي وعمرانيا أيضا‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫صحيح أن يف الصحراء معوقات صعبة منها الرايح الشديدة وزحف الرمال‪ ،‬لكن ممكن‬
‫وسهل جدا تغيري البنية اجلغرافية للصحراء‪ ،‬بتثبيت الكثبان الرملية‪ ،‬لتتحول إىل جبال مستقرة واثبتة‪،‬‬
‫تلعب دور امللطف للمناخ والتقليل من َتثري الرايح‪.‬‬
‫الواقع يف الصحراء حاضرا ال يبشر ابخلري‪ ،‬فقد أصبحت كل مقومات احلياة يف الصحراء‬
‫متوت وتزول‪ ،‬كان املاء متوفرا ورغم بعد املسافات بني نقاطه إال أنه متوفر ومضمون‪ ،‬لإلنسان‬
‫واملاشية والوحيش أيضا‪ ،‬فكانت العيون جارية يف الواحات‪ ،‬كما يف قلب بعض اْلودية الكبرية‪،‬‬
‫تضمن املاء جاراي تشرب منه كل ُّملوقات هللا الرمحن الرحيم‪.‬‬
‫ارتكب اإلنسان بفعل جهله وجشعه أفعاال خطرية يف الصحراء‪ ،‬قد تصلح يف مناطق أخرى‪،‬‬
‫لكنها مطلقا ال تصلح يف الصحراء‪ ،‬وأخطرها بناء السدود التلية‪ ،‬يف بعض أودية الصحراء يف املواقع‬
‫اجليولوجية اليت تغذي البحريات الباطنية‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫كما ارتكبت جرمية التغوير للفرشات الباطنية يف الصحراء‪ ،‬جهال أو عمدا‪ ،‬يف إطار البحث‬
‫والتنقيب عن املعادن‪ ،‬خاصة يف اْلماكن املنخفضة‪ ،‬حيث الفرشات الباطنية قريبة‪ ،‬فتتغور بفعل‬
‫التنقيب عن املعادن‪ْ ،‬لعماق كبرية قد تتجاوز ‪100‬مرت‪.‬‬
‫حني كانت الصحراء مزدهرة كان املاء يف الغالب قريبا من سطح اْلرض‪ ،‬بل كانت العيون‬
‫خترج فوق اْلرض‪ ،‬وكانت خربة أهلها كافية الستغالل املاء بطرق فعالة‪ ،‬تضمن حق ونصيب كل فرد‬
‫من أفراد اجملموعة‪.‬‬
‫لكن الذي وقع هو االستغالل الفاحش للثروات املائية‪ ،‬ومنع تغذية البحريات الباطنية‪ ،‬من‬
‫خالل منع جراين اْلودية‪ ،‬اليت كانت تغدي البحريات الباطنية‪ ،‬فتضمن للصحراء وأهلها نصيبهم من‬
‫املاء‪ ،‬حىت ولو َل متطر السماء فوق الصحراء‪ ،‬فقد كانت أودية الصحراء اليت َتيت من مسافات بعيدة‬
‫يتجاوز بعضها ‪1000‬كيلومرت‪ ،‬حتمل اخلري للصحراء‪ ،‬تنقل املاء من السالسل اجلبلية الكبرية حنو ختوم‬
‫الصحراء‪ ،‬فيغذي البحريات الباطنية‪ ،‬اليت ختزن وتصفي وتؤمن وتوزع املاء على الصحراء كلها‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫لقد متلكنا الوسائل للحفر عميقا‪ ،‬واستخراج الثروة املائية اليت أسكنها هللا عز وجل يف‬
‫اء بَِق َد ٍر فَأَ ْس َكنَّاه ِيف ْاْل َْر ِ‬

‫ضۖ‬ ‫اْلرض‪ ،‬لقوله جل جالله يف سورة املؤمنني (( وأَنزلْنا ِمن َّ ِ‬
‫الس َماء َم ً‬ ‫َ ََ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ٍ َّ ِ‬ ‫َّات ِمن ََِّّن ٍ‬

‫يل َوأَ ْعنَاب لك ْم في َها فَ َواكه َكث َ‬
‫رية‬ ‫شأ َْان لَكم بِ ِه جن ٍ‬
‫َ‬
‫اب بِ ِه لََق ِ‬
‫ادرو َن (‪ )18‬فَأَن َ‬ ‫َوإِ َّان َعلَ َٰى ذَ َه ٍ‬
‫َوِم ْن َها ََتْكلو َن (‪.)) )19‬‬
‫لكن الغريب حبق‪ ،‬هو أننا استخرجنا الثروة املائية يف أعماق اْلرض‪ ،‬وَل نكلف أنفسنا أن‬
‫نبحث كيف بلغت تلك الثروة اْلعماق‪ ،‬وال كيف َتمعت فيها؟ وال عملنا على إيصال املاء‬
‫لألعماق لنجد ما نستخرجه‪.‬‬
‫حنفر آالف الثقوب املائية واآلابر كل سنة من أجل استخراج املاء‪ ،‬لكننا َل حنفر قط ثقبا‬
‫مائيا واحدا لضخ املاء للبحريات الباطنية‪ ،‬لنجد ما نستخرجه مستقبال‪.‬‬
‫لو علمنا كيف سخر هللا عز وجل الطبيعة مبؤهالهتا‪ ،‬لتضمن لنا املاء اجلاري يف الفرشات‬
‫الباطنية؟ فسخران ما نتوفر عليه من وسائل احلفر‪ ،‬لضخ املاء للفرشات والبحريات الباطنية‪ ،‬بنفس‬
‫املستوى الذي حنفر به‪ ،‬لنستخرج تلك الثروة املائية‪ ،‬لكنا اليوم يف مستوى جد راقي‪ ،‬ولكان املاء‬
‫متوفرا كما كان متوفرا من قبل‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫هللا عز وجل أكرمنا وَل مينع عنا فضله‪ ،‬لكننا حنن من جنين على أنفسنا وَّنرب مقومات‬
‫بقائنا وازدهاران‪ ،‬ودليل نعمة هللا علينا جراين أودية الصحراء مباء كثري‪ ،‬جهلنا كيف نستفيد منه‪،‬‬
‫فسران نقلد غريان‪ ،‬فيما يصلح له وال يصلح لنا مطلقا‪.‬‬
‫اتفاقية كيوتو متنع احلفر يف اْلودية‪ ،‬لكنها ال متنع بناء احليطان يف اْلودية‪ْ ،‬لن احلفر يف‬
‫اْلودية يغذي الفرشات والبحريات الباطنية‪ ،‬لكن بناء احليطان يف اْلودية‪ ،‬يقضي على الفرشات‬
‫والبحريات الباطنية‪ ،‬خاصة يف الدول ذات املناخ القاري‪ ،‬وهو ما تسعى إليه الدول االستعمارية‪،‬‬
‫إضعافا منها ملستعمراهتا السابقة وهتيئتها لتعيد استعمارها من جديد‪.‬‬
‫ت أ َْوِديَة بَِق َد ِرَها‬

‫سالَ ْ‬ ‫قال الرمحن الرحيم يف سورة الرعد اآلية ‪((17‬فأَنز َل ِمن َّ ِ‬
‫اء فَ َ‬
‫الس َماء َم ً‬ ‫َ َ‬
‫اء ِحلْيَ ٍة أ َْو َمتَ ٍاع َزبَد ِمثْ له ۖ َك ََٰذلِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬ ‫الس ْيل َزبَ ًدا َّرابيًا ۖ َوممَّا يوقدو َن َعلَْيه ِيف النَّا ِر ابْتغَ َ‬
‫احتَ َم َل َّ‬
‫فَ ْ‬
‫َّاس فَ يَ ْمكث ِيف ْاْل َْر ِ‬ ‫اَّلل ا ْحل َّق والْب ِ‬

‫ضۖ‬ ‫اء ۖ َوأ ََّما َما يَن َفع الن َ‬
‫الزبَد فَ يَ ْذ َهب ج َف ً‬
‫اط َل ۖ فَأ ََّما َّ‬‫ض ِرب َّ َ َ َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ال ))‪ ،‬الذي يهمين يف اآلية هذه‪ ،‬هو قول امللك القدوس (( َوأ ََّما َما يَن َفع‬ ‫ض ِرب َّ‬
‫اَّلل ْاْل َْمثَ َ‬ ‫َك ََٰذلِ َ‬
‫ك يَ ْ‬
‫َّاس فَ يَ ْمكث ِيف ْاْل َْر ِ‬

‫ض)) الذي ينفع الناس هو املاء الصايف النقي‪ ،‬بعد ذهاب الزبد والرتسبات‪،‬‬ ‫الن َ‬
‫يدخل املاء للبحريات الباطنية ُّمتلطا ابلزبد والرتاب وكثري من الشوائب‪ ،‬فيخرج منها نقيا عذاب‬
‫‪16‬‬
‫صافيا سائغا شرابه‪ ،‬أو ملحا أجاجا‪ ،‬بعد أن سلكه هللا عز وجل ينابيع يف اْلرض‪ ،‬حيمل ملحها‬
‫اَّلل أَنز َل ِمن َّ ِ‬ ‫للبحر‪ ،‬مصداقا لقول السالم املؤمن‪ ،‬يف سورة الزمر اآلية ‪(( 21‬أَََلْ تَ َر أ َّ‬
‫اء‬
‫الس َماء َم ً‬ ‫َن ََّ َ َ‬
‫ِ‬
‫ض ُثَّ ُيْ ِرج بِ ِه َزْر ًعا خُّمْتَل ًفا أَل َْوانه ُثَّ يَ ِهيج فَ تَ َراه م ْ‬
‫ص َف ًّرا ُثَّ َْي َعله حطَ ًاما ۖ إِ َّن ِيف‬ ‫سلَ َكه يَنَابِ َ‬
‫يع ِيف ْاْل َْر ِ‬ ‫فَ َ‬
‫ك لَ ِذ ْكر َٰى ِْل ِوِل ْاْلَلْبَ ِ‬

‫اب))‪.‬‬ ‫َٰ ِ‬
‫َذل َ َ‬
‫الصحراء طبعا هي أول املناطق املغربية اليت تضررت من املشاريع املائية الغري الصاحلة‬
‫للمناخ القاري اجلاف‪ ،‬وما قلته عن الصحراء ينطبق على ابقي مناطق املغرب‪.‬‬
‫قد يفهم البعض أين ضد سياسة السدود عامة‪ ،‬فأقول أان اليوم ضد سياسة السدود‪ ،‬لعدم‬
‫احلاجة إليها مطلقا‪ ،‬عكس املاضي الذي َل يكن أمامنا خيار غري اللجوء إليها‪ ،‬والسدود اليت أقصد‬
‫هي السدود الكبرية اليت تنتج الكهرابء‪ ،‬ال السدود التلية اليت ال فائدة منها على اإلطالق‪.‬‬
‫سياسة السدود إذن كانت الزمة‪ ،‬قبل اكتشاف البدائل يف جمال إنتاج الكهرابء‪ ،‬لكن حاليا‬
‫أصبحت متجاوزة واالستمرار يف بناء السدود ومنع جراين اْلودية‪ ،‬أصبح هتديد فعلي للبحريات‬
‫الباطنية‪ ،‬وابلتاِل هتديد للسدود الكبرية نفسها اليت تعتمد على جراين اْلهنار‪ ،‬اليت تنبع من البحريات‬
‫الباطنية‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫لقد أصبح متاحا وبكل سهولة إنتاج الكهرابء من الريح املولدة بسرعة القطارات حيث‬
‫ميكن حتقيق االستقالل الطاقي التام للمغرب مثال‪ ،‬أي إنتاج حواِل ‪ 30000‬ميكا وات وبتكلفة قد‬
‫ال تتجاوز ‪ 30‬مليار درهم‪ ،‬وقد شرحت هذا جيدا يف كتايب الثاين الذي عنوانه‪ :‬الطاقة املتجددة‬
‫من الريح املولدة ابلسرعة‪.‬‬
‫بناء مزيد من السدود التلية‪ ،‬ختريب خطري للبحريات الباطنية‪ ،‬وابلتاِل منع جراين اْلهنار‬
‫اخلمسة يف املغرب ومعناه موت السدود الكبرية اليت تتغذى على مدار العام‪ ،‬من تلك اْلهنار اجلارية‪.‬‬
‫الباب اْلول‪ :‬املاء يف املغرب ماضيا‬
‫كانت أغلب أودية املغرب الكبرية‪ ،‬أهنارا دائمة اجلراين‪ ،‬كوادي سوس مثال‪ ،‬كان هنرا دائم‬
‫اجلراين‪ ،‬كما وادي درعة كان هنرا دائم اجلراين على مدار السنة‪ ،‬لكن بفعل بناء مزيد من السدود‪،‬‬
‫‪18‬‬
‫قضينا على الكثري من اْلهنار الدائمة اجلراين‪ ،‬اليت كانت تنقل املاء ملسافات بعيدة‪ ،‬تنبع من حبريات‬
‫ابطنية عمالقة‪ ،‬وتغدي البحريات الباطنية اْلصغر والبعيدة‪.‬‬
‫كانت الصحراء نفسها َتري فيها العيون‪ ،‬فوق اْلرض‪ ،‬فكان النخيل والعنب والرمان يف‬
‫الواحات‪ ،‬واخلريات وافرة واملاء وافرا‪ ،‬قنوات املاء يف الواحات جارية فوق اْلرض وماليني النخيل يف‬
‫الصحراء‪ ،‬تضمن الغذاء والزاد للصحراء وأهلها‪.‬‬
‫كان النظام املائي يف الصحراء‪ ،‬جد راقي ونظم تقسيم املاء راقية‪ ،‬فعمل اإلنسان اليوم على‬
‫القضاء على تلك الواحات وحتويل الصحراء إىل أرض موات‪ ،‬ال بقاء فيها لإلنسان والوحيش‬
‫واحلشرات‪.‬‬
‫لو قمنا حبساب الواحات اليت أصبحت مقفرة ميتة‪ ،‬لوجدان أن املشاريع اجلديدة اليت‬
‫يتشدق هبا من يصفقون لربامج الغرس‪ ،‬برامج حبق ميكن أن يقال عنها حتصيل حاصل‪ْ ،‬لن ما‬
‫يقومون به جمرد تعويض مخس ما يقتلون من النخيل املنتج اليوم‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫كمثال بسيط يف ضواحي مدينة كلميم‪ ،‬كانت القصايب تكوست واحة مبا تعنيه كلمة واحة‬
‫من معىن‪ ،‬لكنها اليوم أرض موات‪ ،‬كانت القصايب تنتج التمر والعنب والفواكه واخلريات‪ ،‬واْلرض‬
‫اليت نراها اليوم جرداء قاحلة‪ ،‬كانت قبل مخسني سنة‪ ،‬حقوال وضيعات‪ ،‬فيها من اخلريات الكثري‪.‬‬
‫ما نعيشه حاليا هو موت الواحات‪ ،‬بسبب نذرة املاء الذي هو نتيجة تعاملنا اْلرعن مع‬
‫املاء يف الوطن‪ ،‬وآخرها هالك واحات زاكورة اليت أصبحت على شفا املوت‪.‬‬
‫الواحات اليت ما تزال نشيطة يف إقليم كلميم هي واحة اسرير‪ ،‬واحة تغمرت‪ ،‬واحة‬
‫تغجيجت‪ ،‬واحة إفران اْلطلس الصغري‪ ،‬واحة اتركميات‪ ،‬واحة تيموالي اوفال‪ ،‬واحة تيموالي‬
‫اوزدار‪ ،‬واحة بيزكارن ‪ ،‬واحة زيرويلة واحة اوزرلوت ُث واحة فاصك‪ ،‬هذه الواحات ما تزال غنية‬
‫ابملاء وفيها املاء قريب جدا‪ ،‬لكن املستقبل يهددها ابلفناء‪ ،‬بفعل السياسة املائية اليت ال توافق‬
‫الصحراء مطلقا‪.‬‬
‫البد من اإلشارة إال أن عصب املاء اجلاري حتت اْلرض بكلميم‪ ،‬مير على فاصك‪ ،‬ملتقى‬
‫واديني كبريين يف وادنون‪ ،‬خاصة موقع تشييد سد فاصك حاليا‪ ،‬فهو املوقع اجليولوجي الذي يضمن‬
‫‪20‬‬
‫املاء لوادنون كله‪ ،‬حيث يبلع ماليني اْلمتار املكعبة من املاء اجلاري يف وادي صياد‪ ،‬ميأل البحريات‬
‫الباطنية لوادنون كله‪ ،‬ومستقبل وادنون أصبح يف خطر‪ ،‬إن مألت الرتسبات ذلك املوقع الذي‬
‫تساوي قيمته‪ ،‬أكثر من قيمة ‪ 10‬سدود كبرية‪.‬‬
‫الفصل اْلول‪ :‬وفرة العيون اجلارية‬
‫كانت السمة الغالبة يف بالد املغرب‪ ،‬هي وفرة العيون اجلارية فوق اْلرض‪ ،‬بل وكانت يف‬
‫بعض املناطق تتواجد عيون متعددة‪ ،‬من غري تدخل اإلنسان ابحلفر أو حنوه‪ ،‬فكان املاء ُيرج فوق‬
‫اْلرض‪ ،‬بفعل امتالء البحريات الباطنية‪.‬‬
‫عيون أم الربيع‪ ،‬منوذج للماء الزالل النقي الصاحل للشرب‪ ،‬الذي يدخل للبحريات الباطنية‬
‫ملواث حممال ابلشوائب والزبد والطني‪ ،‬فيخرج صافيا نقيا‪:‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=ASPQLI0fo-g‬‬
‫‪21‬‬
‫عنوان الفيديو‪ :‬املغرب العريب‪ .‬عيون أم الربيع سبحان هللا العظيم‪.‬‬
‫مدينة العيون يف الصحراء‪ ،‬مسيت كذلك ْلن املوقع فيه عدد من العيون‪ ،‬وكانت التجمعات‬
‫السكانية يف املغرب‪ ،‬تتشكل حواِل عيون املاء‪ ،‬وبوجدور اسم بئر فيه جذور أشجار الطلح‪ ،‬لذلك‬
‫مسي البئر بوجدور‪ ،‬حلني مسيت املدينة كذلك‪.‬‬
‫كانت عيون املاء اجلارية‪ ،‬هي الناظمة لتشكل القبائل‪ ،‬كما لتشكل اْلحالف القبلية‪ ،‬فقد‬
‫كانت القبائل بفروعها‪ ،‬حيصل كل منها على حض من املاء اجلاري‪ ،‬وكل قبيلة تقدم أو تضاف على‬
‫احللف‪ ،‬حتصل وجواب على نصيب من املاء اجلاري‪ ،‬مع ما يسقى به من اْلرض‪ ،‬حيث كانت فروع‬
‫القبيلة أو القبائل املشكلة للحلف‪ ،‬تتنازل كل منها على نصيب من املاء وما يسقيه من اْلرض‪،‬‬
‫لفائدة القبيلة اجلديدة املنضمة للحلف القبلي أو للقبيلة‪.‬‬
‫سر تشكل اْلحالف هو محاية املاء اجلاري‪ ،‬فقد كانت القبائل املشكلة للحلف ورغم كون‬
‫مضارهبا تكون بعيدة عن العني اجلاري بعشرات الكيلومرتات‪ ،‬فإهنا وجواب حتصل على نصيبها ولو أن‬
‫تضعه رهن إشارة أعيان القبيلة القريبة للماء‪ ،‬مقابل املال والغذاء‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫سر تغري اْلحالف القبلية يف املغرب مرتبط ابملاء‪ ،‬فحني تظلم قبيلة أو عرش من قبيلة‬
‫حبرماهنا من نصيبها من املاء أو بعض نصيبها‪ ،‬فإهنا تنضم حللف آخر‪ ،‬ميكنها من نصيبها أو أكثر‪،‬‬
‫فكان كل حلف يف حاجة للرجال‪ ،‬لذلك كان العطاء واإلغراء هو نصيب أكثر من املاء‪.‬‬
‫املبحث اْلول‪ :‬أمهية العيون اجلارية يف تكوين بنية القبيلة‬
‫َل يكن الشعب املغريب ميلك وسائل احلفر املتطورة حاليا‪ ،‬بل كانت التجمعات السكانية‪،‬‬
‫تتشكل غالبا جبوار العيون اجلارية فوق اْلرض‪ ،‬فكان االنتماء للقبيلة ليس عرقيا ابلدرجة اْلوىل‪،‬‬
‫بل تعهدا ابملشاركة يف محاية العني‪ ،‬اليت تنتسب إليها القبيلة أو العشرية‪ ،‬مقابل احلصول على‬
‫نصيب من مائها مع ما يسقيه ذلك النصيب من املاء يف اْلرض‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫لذلك فان القبيلة تتوسع ويزداد أفرادها‪ ،‬كلما كان الضغط عليها زائدا‪ ،‬قصد انتزاع املاء‬
‫اجلاري الذي تستفيد منه‪ ،‬حيث أهنا تدخل يف أحالف وتقبل توافد وتشارك العشائر اْلخرى معها‬
‫يف املاء‪ ،‬مقابل اإلبقاء على حقها يف االستفادة منه‪.‬‬
‫ابملقابل كانت القبائل‪ ،‬اليت كانت تسعى للسيطرة على موارد املاء‪ ،‬تتشكل يف أحالف‬
‫ساعية النتزاع موارد املاء الغنية من القبيلة أو القبائل اْلخرى‪ ،‬أو أن تفرض عليها احلصول على‬
‫نصيب من الغالل‪ ،‬مقابل عدم الدخول معها يف حرب‪.‬‬
‫لذلك فان القبائل املستقرة حواِل العيون اجلارية‪ ،‬تكون تركيبتها اإلثنية متعددة متنوعة‪،‬‬
‫تزداد ابملصاهرة كما ابلتحالفات الفردية واجلماعية‪ ،‬عكس القبائل اليت تعيش غري مستقرة‪ ،‬تعيش يف‬
‫القفار بعيدا من مواطن املاء اجلاري‪ ،‬فهي ال تتزايد يف الغالب إال ابلنسب‪ ،‬أو التحالفات الكبرية‪.‬‬
‫لذلك فان التكوين القبلي يف املغرب يف الغالب‪ ،‬ال يعين مطلقا االنتساب جلد واحد‪ ،‬وال‬
‫يعين حتديد اْلصل العرقي وال اللغوي ْلفراد القبيلة‪ ،‬بل القبيلة هلا مفهوم جغرايف‪ ،‬أكثر من املفهوم‬
‫اإلثين أو اللغوي‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫مفهوم القبيلة يف املغرب جغرايف ابلدرجة اْلوىل‪ ،‬فكل من يقطن داخل النفوذ اجلغرايف‬
‫حلدود القبيلة فهو منها‪ ،‬ويستحيل استحالة مطلقة يف املغرب كله تقريبا‪ ،‬أن جند أن مجيع أسر‬
‫القبيلة من أصل واحد أو إثنية واحدة‪.‬‬
‫حىت القبائل اليت يف الصحراء واليت يتعذر لكثري من اْلفراد االندماج فيها‪ ،‬وحتمل شظف‬
‫العيش وقساوة الطبيعة‪ ،‬إال أهنم يعرفون التزايد بفعل اخلدم والرعاة‪ ،‬لذلك ال ختلوا قبيلة من أسر‬
‫املعلمني والرعاة‪ ،‬وهم غالبا وافدين من قبائل بعيدة‪ ،‬لكنهم اليوم ينتسبون للقبيلة انتسااب حقيقيا‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬العيون اجلارية ومحايتها سبب تكون اْلحالف‬
‫املاء كان وسيبقى دائما ضروراي للحياة‪ ،‬لذلك فهو حني يقل يكون سبب خراب الدولة‬
‫وانتشار الفوضى واحلروب‪ْ ،‬لن املصاحل متضاربة بني من َل يدوا املاء لكسبهم وأنفسهم وبني من‬
‫ميلكون ابلكاد ما يكفيهم ْلنفسهم وكسبهم‪ ،‬فيقع التضارب واحلرب واالقتتال‪ْ ،‬لن كال الطرفني‬
‫مهدد ابلفناء إن فقد مورد املاء‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫لذلك فان من يتهاونون يف ضمان املاء لكل الشعب‪ ،‬فهم حبق حيرضون وميهدون للفنت‬
‫والقالقل‪ْ ،‬لن من يعطش ال ميكنه مطلقا أن يبقى يف مكانه‪ ،‬بل ينتقل حبثا عن املاء‪ ،‬ومن يقف يف‬
‫سبيل حصوله على املاء‪ ،‬سيدخل معه يف حرب مباشرة بال تردد‪.‬‬
‫لذلك فان القبائل‪ ،‬سابقا كانت تعلم قيمة املاء اجلاري الذي تستفيد منه‪ ،‬وحني ترى‬
‫القبيلة أو القبائل أهنا ستتعرض هلجومات مكتفة من قبائل أخرى‪ ،‬فإهنا كانت توسع احللف إبشراك‬
‫قبائل أو عشائر أخرى يف املاء‪ ،‬مقابل مشاركتها يف احلماية لذلك املورد املائي‪.‬‬
‫لست حباجة لذكر النماذج‪ ،‬ولدي اْلدلة والواثئق اليت تؤكد هذا‪ ،‬لكن الكتاب مهتم ابملاء‬
‫ال ابلتاريخ‪ ،‬وذكر هذه احلقائق‪ ،‬اهلدف منه أن يتعقل من ال يفهمون بعد‪ ،‬وال يستشرفون املستقبل‪،‬‬
‫ممن يسريون هذا الوطن‪ ،‬ليدركوا أن شح املاء‪ ،‬يعين متزق بنية الدولة وانتشار احلروب القبلية‬
‫والعشائرية‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬الصراع على موارد املاء سبب احلروب القبلية‬
‫‪26‬‬
‫املاء والصراع عليه سيكون سبب احلروب الدولية والقبلية واجلماعية والفردية أيضا‪ْ ،‬لن كل‬
‫ما قمنا به وما نزال نقوم به من نشاطات‪ ،‬حنارب هبا البحريات الباطنية‪ ،‬ونبذر من املاء كميات‬
‫هائلة جدا‪ ،‬مما ال ميكن تعويضه طبيعيا‪ ،‬فيحتاج اْلمر لتدخل اإلنسان من أجل تغذية حقيقية‬
‫للبحريات الباطنية‪ ،‬ال احلرب عليها ببناء مزيد من السدود التلية والسدود واحليطان يف قلب‬
‫اْلودية‪ ،‬وتوجيه اإلنفاق الوطين حنو حتلية ماء البحر‪ ،‬وإعادة تصفية املياه العادمة‪.‬‬
‫يف املستقبل القريب إن َل تعمل الدولة املغربية‪ ،‬على حل مشكلة نذرة املاء حبلول فعالة‬
‫وحقيقية‪ ،‬فان ما سيقع كارثي حبق‪ْ ،‬لن اإلنسان ال ميكنه أن يتفرج وهو عطشان‪ ،‬واملدن اليت‬
‫احتجت على نذرة املاء‪ ،‬لن يكون احتجاجها ابلكالم مستقبال‪ ،‬وان نذرة املاء يف الوطن هلي‬
‫القاصمة لالقتصاد واالستقرار والتنمية‪.‬‬
‫إن ما نعيشه اليوم يندر ابلشر‪ ،‬ارتفاع أسعار املنتجات الفالحية‪ ،‬ملستوى عاِل جدا‪َ ،‬ل‬
‫يعرفه املغرب من قبل‪ ،‬إال يف مناسبات قليلة‪ ،‬فأصبحت تلك اْلسعار االستثنائية رمسية وعلى مدار‬
‫العام‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫نذرة املاء وشحه سيكون سبب احلروب القبيلة والظلم والفنت‪ ،‬فقد كان الكسابون الرحل‪،‬‬
‫حني ال يدون ماء تشربه مواشيهم‪ ،‬يهجمون على ضفائر السكان املستقرين‪ ،‬يسقون فيها‬
‫مواشيهم‪ ،‬فتقع الفنت واحلروب‪.‬‬
‫لقد أصبحت نذرة املاء وشحه هي القاعدة حاليا‪ ،‬يف أغلب املناطق ابملغرب‪ ،‬والصحراء‬
‫تنذر مبوت حمقق‪ ،‬جهة الداخلة وادي الذهب تعرف نقصا مهوال يف املاء‪ ،‬وسيكون لذلك النقص‬
‫َتثر خطري‪ ،‬على مستقبل املغرب واستقراره‪.‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الواحات جمهود أهل الصحراء وليست طبيعية‬
‫البعض قد يتوهم أن الواحات طبيعية وليست جمهود اإلنسان‪ ،‬فكل واحة تدلنا على وجود‬
‫عيون جارية وماء وفري ُيرج فوق اْلرض‪ ،‬أو مبجهود بسيط من الساكنة‪ ،‬كانت اجملاري الرتابية سابقا‬
‫‪28‬‬
‫منتشرة فيها‪ ،‬ومنها يسقى النخيل والعنب وكل املنتجات الفالحية‪ ،‬اليت تضمن احلياة لساكنة‬
‫الواحات‪.‬‬
‫أغلب الواحات حاليا أصبحت جافة‪ ،‬ملنعنا املاء عنها من حيث ال نعلم‪ ،‬حيث أصبحنا‬
‫نطبق التعليمات اليت متلى علينا من املستعمر‪ ،‬الذي أومهنا بعلمه اخلاطئ أن ما نقوم به ُيدم ضمان‬
‫املاء‪ ،‬واحلقيقة هي أن املستعمر يدرك جيدا‪ ،‬أن ما ميليه علينا يقضي على املاء‪ ،‬فيدفعنا للجوع‬
‫والعطش والضعف واهلوان‪.‬‬
‫كان اإلنسان يعتمد على ما تنتجه الواحات من مثور وأعناب وزرع وغريها‪ ،‬فخلف لنا‬
‫السابقون واحات واسعة جدا‪ ،‬كانت تعرف االستقرار والتوسع‪ ،‬لكن مند أن أصبحنا جنهل أسس‬
‫بقاء تلك الواحات ومناءها‪ ،‬أصبحت متوت وتندثر بفعل جهلنا‪.‬‬
‫الدولة رصدت مبالغ مهمة حلماية الواحات وتنميتها‪ ،‬لكن احلقيقة هي أن ما ينجز من أجل‬
‫الواحات‪ ،‬يف نظري ال يرقى إىل ما تستحق تلك الواحات‪ْ ،‬لن استمرار تلك الواحات خضراء‪،‬‬
‫‪29‬‬
‫رهني ابستمرار العيون اجلارية‪ ،‬والعيون اجلارية استمرارها رهني بتغذية البحريات الباطنية‪ ،‬أو على‬
‫اْلقل وقف كل نشاط يؤثر على البحريات الباطنية‪.‬‬
‫الكارثة هي أن اْلودية الكبرية‪ ،‬اليت كانت تنقل املاء من اجلبال حنو ختوم الصحراء حيث‬
‫الواحات‪ ،‬واليت كان هلا الفضل يف تغذية البحريات الباطنية‪ ،‬اليت تنبع منها الفرشات اليت تغذي‬
‫الواحات‪ ،‬تلك اْلودية أصبحنا نشيد عليها مزيدا من السدود‪ ،‬وابلتاِل مننع تغذية البحريات الباطنية‬
‫طبيعيا‪ ،‬وال ننفق درمها واحدا من أجل تغذيتها اصطناعيا‪ ،‬وابلتاِل فإن مستقبل الواحات مستقبل‬
‫كاريت حبق‪.‬‬
‫الواحات أصبحت متوت بفعل جهلنا وغروران‪ ،‬واستعالئنا على العقل املغريب الغيور على‬
‫وطنه‪ ،‬وتطبيق ما ميليه علينا العقل اْلجنيب‪ ،‬الذي يسعى إلخضاعنا له‪ ،‬فجفت العيون جبفاف‬
‫البحريات الباطنية‪ ،‬فأصبح زحف الرمال يهدد النخيل والواحات‪ ،‬واْلموال تنفق بال فائدة‪ْ ،‬لن‬
‫املسريين غري مستعدين لسماع الشعب‪ ،‬وما ينتجه الشعب من حلول ملشاكل الوطن‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫املبحث اْلول‪ :‬النخيل والعنب أهم اْلشجار املثمرة يف الواحات‬
‫يعتمد سكان الواحات يف الصحراء على شجرتني مهمتني‪ ،‬تضمنان هلم الغذاء والفاكهة ومها‬
‫النخيل الذي يضمن الغذاء للساكنة على مدار السنة كلها‪ ،‬والعنب الذي يضمن هلم أيضا فاكهة‬
‫حلوة املذاق‪.‬‬
‫السر يف االعتماد على الشجرتني‪ ،‬هو أهنما ال حتتاجان كميات مهمة من املاء‪ُ ،‬ث إن مثارها‬
‫حلوة املذاق أكثر من غريها من الفواكه‪ ،‬وأهل الصحراء نظرا للمجهود الذي يقومون به‪ ،‬فهم يف‬
‫أمس احلاجة للسكر أكثر من غريه من املواد‪.‬‬
‫لذلك فإن أغلب الواحات اليت تعرف كميات مهمة من املاء‪ ،‬كان فيها العنب‪ ،‬ويقال أن‬
‫سر تسمية كلميم‪ ،‬راجع لتواجد العنب الذي َل يكن يعرفه الطوارق اْلمازيغ‪ ،‬وهم كانوا سكان‬
‫الصحراء كلها من قبل‪ ،‬فكانوا يقولون (يوكل إميم) أي معلق وحلو‪ ،‬واسم كلميم حرف خالل‬
‫الثالثني سنة املاضية حتريفني‪ ،‬فقد كان االسم هو أكلميم‪ُ ،‬ث حول ليصبح كلميم‪ ،‬والبعض حاليا‬
‫يسعى لتحويله أكثر بتسميته‪ ،‬كليميم‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬طرق اقتسام املاء يف الواحات‪.‬‬
‫ختتلف طرق اقتسام املاء يف الواحات‪ ،‬حسب وفرة املاء اجلاري أو قلته‪ ،‬وحسب كثرة‬
‫الساكنة أو قلتهم‪ ،‬ففي املناطق اليت تعرف وفرة املاء يقسم املاء ابلساعات غالبا‪ ،‬وتكون النوبة غالبا‬
‫إما نصف يوم أو ربع يوم أو مثن يوم‪.‬‬
‫ساعة‪ُ ،‬يصص جملوعة حواقل‪ ،‬تسمى الفأس يف بعض املناطق‬ ‫‪12‬‬ ‫نصف اليوم الذي هو‬
‫(منوذج اتركة وساي كلميم) ‪ ،‬حيث يكون اقتسام اْلراضي حسب جودهتا‪ ،‬فيكون لكل أسرة نصيب‬
‫يف اْلرض اجليدة ونصيب يف اْلرض الضعيفة‪.‬‬
‫مع التوارث واقتسام الورثة للماء واْلرض اليت تسقى به‪ ،‬فإن احلصص تصغر‪ ،‬حلني تكون‬
‫ابلدقائق‪ ،‬ما يناسب حظ كل وارث يف اْلرض اليت كانت حتصل على ساعات من املاء‪ ،‬فأصبحت‬
‫السطلة أو (تناست) ابْلمازيغية وهي إانء حناسي‪ ،‬أقرب لنصف كرة حناسية مثقوبة يف اْلسفل‪،‬‬
‫‪32‬‬
‫تطفلوا على املاء‪ ،‬حلني متتلئ ابملاء‪ ،‬هي املعيار الذي يقسم به املاء‪ ،‬يف كثري من الواحات‪ ،‬اليت‬
‫تعرف كثافة سكانية عالية‪.‬‬
‫السطلة املثقوبة يف اْلسفل واملتوازنة‪ ،‬يتوىل العناية هبا مقدم املاء وأمينه‪ ،‬هو الذي حيدد‬
‫نصيب كل فرد وكل أسرة‪ ،‬بعدد السطالت‪.‬‬
‫توضع (السطلة) يف املاء‪ ،‬حلني متأل عن آخرها‪ ،‬واملاء يتسرب إليها من الثقب يف أسفلها‪،‬‬
‫فتلك وجبة ماء‪ ،‬للفرد أو اْلسرة‪ ،‬والكل حسب حضه‪ ،‬فمنهم من تكون له عشر (سطالت) ومنهم‬
‫من تكون له واحدة‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬القانون العريف اخلاص ابملاء يف الواحات‬
‫‪33‬‬
‫التاريخ الرمسي يسمي كل املناطق الغري اخلاضعة لنفوذه‪ ،‬يف مرحلة من املراحل مبناطق‬
‫السيبة‪ ،‬أي أن الفوضى تعمها‪ ،‬واحلقيقة غري ذلك‪ ،‬فعدم اخلضوع للسلطة املركزية‪ ،‬ال يعين دائما‬
‫انعدام النظام والقانون‪.‬‬
‫القانون والنظام يكون يف الغالب مستمرا‪ْ ،‬لنه إن َل يفرض من الدولة املركزية‪ ،‬يفرض من‬
‫القبيلة املهيمنة‪ ،‬اليت َتيب الضرائب واإلاتوات من القبائل اْلخرى‪ ،‬وحتمي بعضها من بعض وتعاقب‬
‫اجلماعات‪ ،‬وقد يكون على مستوى القبيلة نفسها‪ ،‬من مجاعة اْلعيان الذين كانوا يسمون (أيت‬
‫الربعني)‪.‬‬
‫أما الظلم الذي تعرفه مناطق السيبة من القتل والسرقة‪ ،‬فهو موجود يف ظل الدولة املركزية‬
‫نفسها‪ ،‬يقتل الكبار الصغار بال عقاب‪ ،‬ويسرق الكبار املاليري‪ ،‬فال يعاقبون ويسرق الصغار دراهم‪،‬‬
‫فيعاقبون أشد العقاب‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫لذلك فقد كانت يف املغرب كله‪ ،‬سواء اخلاضع منه للدولة املركزية وغري اخلاضع هلا‪ ،‬قوانني‬
‫زاجرة جدا‪ ،‬يف جمال محاية موارد املاء‪ ،‬بل وقوانني يف منع االقرتاب من موارد املاء‪ ،‬لغري القاصد‬
‫للتزود ابملاء‪.‬‬
‫جلب املاء تتواله يف الغالب النساء والفتيات‪ ،‬يف كثري من مناطق املغرب‪ ،‬لذلك فكل رجل‬
‫يضبط متلصصا على موارد املاء أو يقرتب منها‪ ،‬فإنه يعاقب عقااب صارما بغرامة قاصمة للظهر‪.‬‬
‫تصل عقوبة املتلصص على النساء والفتيات‪ ،‬يف موارد املاء حلد الطرد من القبيلة بعد‬
‫تغرميه‪ ،‬فيطرد هنائيا‪ ،‬لكونه مواطن فاسد مفسد‪ ،‬وابلنسبة للشاب إن ضبط متلصصا فالغرامة‬
‫يسددها أهله وذويه‪.‬‬
‫كانت العقوابت الزاجرة‪ ،‬ال تقتصر على الفرد فقط‪ ،‬بل تشمل عائلته أيضا‪ ،‬فالسارق‬
‫مثال‪ ،‬يعاقب أهله كلهم‪ ،‬بتعويض ما سرق‪ ،‬وعلة ذلك أهنم حيمونه من العقاب‪ ،‬فلو كانوا صاحلني ما‬
‫أصبح سارقا وما داموا يوافقونه على السرقة‪ ،‬فعليهم قبول الغرامة اليت تفرض عليه‪ ،‬إن عجز هو‬
‫عن تسديدها‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫أما من يسمم املاء‪ ،‬أو يلوثه‪ ،‬كأن يتبول مثال يف عني املاء أو يتغوط فيه‪ ،‬فإن عقوبته‬
‫قاسية‪ ،‬ليس غرامة فقط بل وجلد أيضا‪ ،‬يف أغلب مناطق املغرب‪ ،‬وقد كان بعض اجملرمني يف‬
‫املغرب‪ ،‬صنعوا (صابونة) أمسوها (الزبنوح)‪ ،‬حني ترمى يف ماء العني أو الضفرية‪ ،‬فكل جمروح‬
‫يشرب ذلك املاء‪ ،‬يهلك بفعل تعفن جرحه‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬النظام اْلمين للماء يف املغرب‬
‫كان املغاربة عموما‪ ،‬يغلب عليهم اهلاجس اْلمين يف املاء‪ ،‬فكانت موارد املاء حممية ومراقبة‬
‫ومضبوطة بقوانني زاجرة‪ ،‬ونظم هندسية َتعل موارد املاء ُّمفية عن اْلعداء‪ ،‬وال يسمح هلم مطلقا‬
‫بتلويثه‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫املغاربة كما وصفهم ابن خلدون‪ ،‬يغلب عليهم طابع التوجس‪ ،‬فهم قوم متوجسون زايدة عن‬
‫اللزوم‪ ،‬استغرب ابن خلدون أثناء زايرته للمغرب ‪ ،‬كيف أن املغاربة يباكرون اْلسواق؟ وطبع‬
‫التوجس طبع متأصل يف املغاربة لليوم‪.‬‬
‫لقد كنا نرى أهل البوادي يرجعون من السوق يف العاشرة صباحا‪ ،‬ويفصلهم عنه أكثر من‬
‫‪ 15‬كيلومرت‪ ،‬وهم طبعا كانوا يذهبون للسوق حواِل الثالثة ليال‪ ،‬يصلون الصبح يف السوق‪ ،‬يذهبون‬
‫يف طوابري الدواب‪.‬‬
‫مباشرة بعد صالة الصبح‪ ،‬تكون كل أسواق املغرب عامرة‪ ،‬البيع والشراء فيها نشيط للغاية‪،‬‬
‫والظلمة ما تزال موجودة وتفرغ اْلسواق اْلسبوعية‪ ،‬خاصة يف البوادي قبل منتصف النهار تقريبا‪،‬‬
‫وال يبقى فيها أحد غري سكان جوار السوق‪.‬‬
‫توجس املغاربة من انقضاء السلع يف اْلسواق‪ ،‬هو الذي يعلهم يباكرون اْلسواق‪،‬‬
‫وتوجسهم يف تسميم املاء وتلويثه‪ ،‬هو الذي جعلهم يبتكرون أنظمة جد مهمة‪ ،‬كنظام اخلطارات‬
‫ونظام اتفضنا‪ ،‬ونظام الضفائر بتقنيات احرتازية جد مهمة‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫املبحث اْلول‪ :‬نظام "تفضنا" منوذج القصايب تكوست‬
‫(اتفضنا) كلمة أمازيغية وتعين موقع َتمع جمموعة من العيون اجلارية حتت اْلرض‪ ،‬حيث‬
‫يتهد السكان حلني معرفة موقع التقاء جمموعة من العيون اجلارية‪ ،‬فيحفرون عليه‪ ،‬ليس من اْلعلى‬
‫بل من قلب الدوار‪.‬‬
‫كانت عملية احلفر تبدأ من قلب الدوار‪ ،‬يف عمق مرتين تقريبا‪ ،‬بعد أن يعرفوا عمق العيون‬
‫تقريبا‪ ،‬فريمسوا مسار بني موقعها وقلب الدوار‪ ،‬يرمسوا ذلك بعالمات كوضع القصب أو أعواد‪ ،‬ما‬
‫بني قلب الدوار وملتقى العيون اجلارية‪.‬‬
‫يتناوب شباب القبيلة وكهوهلا على احلفر يف ابطن اْلرض‪ ،‬لشق قناة بعرض مرت وارتفاع مرت‬
‫ونصف إىل مرتين‪ ،‬ما بني قلب الدوار وملتقى العيون اجلارية‪ ،‬فيتوىل خبري مسن‪ ،‬السري على مسار‬
‫احلفر‪ ،‬يدق فوق املسار املرسوم سلفا مبا يسمى (املركز) وهو خشبة ثقيلة نسبيا يركب فيه عمود‬
‫‪38‬‬
‫حتمل به‪ ،‬يستعمل يف البناء أيضا‪ ،‬هبدف توجيه احلفارين يف اْلسفل‪ ،‬للحفر حتت املسار املرسوم‬
‫بدقة‪.‬‬
‫اهلدف اْلمين هو تقريب املاء من قلب الدوار املستعصي على الغرابء‪ ،‬دون أن يكون‬
‫الغرابء قادرين على التعرف على مصدر ماء الدوار‪ُ ،‬ث إن املاء ال يستعمل غالبا إال بعد مراقبته من‬
‫اخلبري املكلف به‪ ،‬هو الذي يسمح للسكان ابلسقي من العني يف قلب الدوار‪ ،‬أو مينعهم إن توجس‬
‫من تسمم املاء‪.‬‬
‫يف ملتقى املنابع املائية حيفر السكان حفرة دائرية كبرية‪ ،‬بقطر أمتار وعمق أمتار قليلة‪،‬‬
‫خترج كل املواد املستخرجة من احلفر يف هناية العني يف قلب الدوار‪ ،‬لكي ال يد الغرابء أي أثر ملعرفة‬
‫القناة املائية‪ْ ،‬لن ارتفاعها مينع املاء من البلوغ ْلعالها‪ُ ،‬ث إن القناة تكون على شكل هرم‪ ،‬ما‬
‫يعل التعرف عليها فوق اْلرض صعبا‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫النظام اْلمين هذا مطبق سابقا يف منطقة تيسكنان جبماعة القصايب إقليم كلميم ابملغرب‪،‬‬
‫وقد أشرت له ابلتفصيل‪ ،‬يف كتايب اْلول الذي عنوانه‪ :‬هكذا سنحول بلدان املسلمني لتصبح‬
‫مروجا وأهنارا‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬نظام اخلطارات يف الواحات‬
‫كانت قنوات املاء يف القدمي‪َ ،‬تري فوق اْلرض يف الغالب‪ ،‬لكن لتقليص كمية املاء‬
‫املتبخر‪ُ ،‬ث حلماية قنوات املاء من اْلعشاب والشجريات اليت منو حوهلا فتغلقها أحياان‪ ،‬كان البد‬
‫من ابتكار نظام يضمن جمموعة من الفوائد‪.‬‬
‫نظام اخلطارات يقوم بدور نقل املاء من مسافات بعيدة حنو املدن والقرى‪ ،‬وميزته هي أن‬
‫قنواته ابطنية‪ ،‬حيث حيدد خبري مهندس مسار نقل املاء‪ ،‬ما بني العيون اجلارية وقلب املدينة أو‬
‫القرية‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫بعد ذلك يقسم مسار نقل املاء‪ ،‬إىل جمموعة نقاط شبه متساوية املسافة‪ ،‬فيحفر يف تلك‬
‫النقاط حفر دائرية أبعماق ُّمتلفة‪ ،‬حيث كلما اقرتب املاء من املدينة أو القرية‪ ،‬يزداد عمق وقطر‬
‫احلفرة اليت تسمى (اخلطارة)‪ ،‬لتجمع وختزن أكرب كمية من املاء‪.‬‬
‫القناة اليت تنقل املاء بني كل حفرتني حتفر ابطنيا‪ ،‬بنفس الطريقة اليت شرحتها يف نظام‬
‫(اتفضنا) أعاله‪ ،‬حيث يقسم العمل بني الشباب والكهول‪ ،‬وكل فرد يتوىل مسافة معينة‪ ،‬وتفرغ‬
‫املواد املستخرجة من القناة الباطنية يف احلفر الدائرية‪ُ ،‬ث إىل السطح‪.‬‬
‫احلفر الدائرية اليت تسمى (اخلطارات) تلعب دور توزيع املاء وَتميعه وختزينه‪ ،‬حيث أن‬
‫السكان ميكنهم استخراج املاء بسهولة من أي خطارة‪ ،‬على املسار الفاصل بني العيون اليت ينقل‬
‫منها املاء‪ ،‬وقلب املدينة أو القرية‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬نظام الضفائر لتخزين ماء املطر‬
‫‪41‬‬
‫املناطق اجلبلية واهلضاب‪ ،‬اليت تقل فيها العيون اجلارية‪ ،‬أو يتعذر فيها احلفر على الفرشات‬
‫الباطنية العميقة‪ ،‬كان سكاهنا يلجؤون حلفر الضفائر‪ ،‬كخزاانت للماء العذب‪ ،‬تكون يف شكلني‬
‫اثنني‪ ،‬إما شكل ُّمروطي‪ ،‬حيث يكون قطرها يف اْلعلى مرت وقطرها يف اْلسفل مخسة أمتار أو‬
‫أكثر‪ ،‬وإما تكون هرمية الشكل حيث يكون عرضها مرت واحد فوق السطح وعرضها يف اْلسفل‬
‫أربعة أمتار إىل مخسة‪.‬‬
‫يكون ابستعمال الرايضيات حيث يف املرت اْلول يكون القطر أو العرض‬ ‫حفر الضفرية‬
‫(حسب شكل الضفرية هل هو ُّمروطي أو هرمي) مرت والعمق مرت ويف املرت الثاين ابلتدريج قطر مرتين‬
‫وعمق مرتين‪.‬‬
‫اهلدف من اللجوء للشكل املخروطي والشكل اهلرمي هو َتنب هتدم الضفرية واستغالهلا‬
‫لقرون من الزمن‪ ،‬حيث ميكن لضفرية أن تعمر ‪500‬سنة‪ ،‬يستغلها عشرون جيال أو أكثر‪ ،‬وسر‬
‫استمرارها هو أنه‪ ،‬يستعمل اجلري بدل االمسنت يف تبليط جوانبها‪ ،‬وْلن اجلري يستخرج من الكلس‪،‬‬
‫فهو ال يتشقق‪ ،‬بل كلما تشرب الشق املاء‪ ،‬التصق كالزجاج ما يعل الضفرية تعمر لقرون‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫يكون ْلي ضفرية ماء‪ ،‬مدخل للماء عبارة عن قناة‪ ،‬تبىن من احلجارة واجلري‪ ،‬لكن ملنع‬
‫تسميم ماء الضفرية‪ ،‬كانت القناة تكون ملتوية حيث تسري مستقيمة ملرت تقريبا‪ُ ،‬ث يشكلون زاوية‬
‫قائمة لتميل القناة نصف مرت تقريبا ُث تستمر يف اَتاه اجلزء اْلول‪.‬‬
‫اهلدف من جعل قناة دخول املاء للضفرية‪ ،‬كما قناة خروج املاء من الضفرية بعد امتالئها‬
‫ملتوية‪ ،‬هو منع تسميم ماء الضفرية‪ ،‬حيث يستحيل رمي أي مادة سامة يف الضفرية‪ ،‬والباب يكون‬
‫ابلطبع حمكم الغلق‪ ،‬حيث تكون الضفائر غالبا يف أبواب املنازل أو حىت داخلها‪.‬‬
‫لقد كانت صابونة سامة منتشرة سابقا تسمى (الزبنوح)‪ ،‬وهي سامة وخطرية للغاية‪ ،‬كل‬
‫جمروح أو عليل يشرب ماء وضعت فيه‪ ،‬ميوت اثر تعفن جرحه‪.‬‬
‫ابملقارنة مع الضفائر اليت تنجزها مصاحل الدولة حاليا‪ ،‬عمر احلالية ال يتجاوز ‪ 30‬سنة على‬
‫أعلى تقدير‪ ،‬بل منها من يتهدم قبل انتهاء عشر سنوات‪ ،‬لغش يف سقف الضفرية‪ ،‬يف حني أن عمر‬
‫الضفائر اليت ينجزها املواطنون سابقا وحاليا أيضا‪ ،‬تعمر لقرون من الزمن‪ْ ،‬لهنم حيرتمون الرايضيات‬
‫والفيزايء‪ ،‬وْلهنم ينجزون منجزات يستفيد منها اْلجيال املقبلة‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫عقلية املخزن ومصاحل املخزن حاليا‪ ،‬عقلية مؤقتة جدا‪ ،‬كأهنم يتعاملون مع اْلعداء ال مع‬
‫الشعب‪ ،‬لذلك فهم يريدون دائما استمرار تبذير أموال الشعب واإلنفاق‪ ،‬يف مشاريع مدة صالحيتها‬
‫حمدودة للغاية‪.‬‬
‫املبلغ الذي تنجز به ضفرية املخزن‪ ،‬كما يسميها العامة تصل حاليا أكثر من ‪ 80000‬مثانون‬
‫ألف درهم‪ ،‬وهو املبلغ نفسه وأقل منه‪ ،‬الذي ستنجز به ضفرية بنفس السعة من املاء‪ ،‬تعمر أكثر من‬
‫‪ 300‬سنة‪.‬‬
‫تقريبا‪ ،‬وكنت حينها يف‬ ‫‪1999‬‬ ‫لقد سبق وانقشت مع مهندس فالحي هذا املوضوع سنة‬
‫البادية بنواحي مدينة سيدي افين‪ ،‬وحضر املهندس ومعه شخصني آخرين من املديرية اإلقليمية‬
‫للفالحة بتيزنيت‪ ،‬وبعد إكرامهم كضيوف‪ ،‬انقشت معهم‪ ،‬وَل تكن تبدو علي حينها وأان يف البادية‬
‫أعمل عمل أهل البادية‪ ،‬أية عالمة على أين أعرف كتابة امسي‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫بعد املناقشة معهم استغرب املهندس‪ ،‬وتعجب كيف لبدوي أمي أن يناقش أمورا فوق‬
‫مستواه‪ ،‬فلما قلت له مستواي‪ ،‬استغرب وَل يصدق‪ ،‬فكلم صاحبة ابلفرنسية‪ ،‬رددت عليه بكلمات‬
‫من االجنليزية‪ ،‬فاستغرب أكثر‪.‬‬
‫املهم هامجت حينها سياسة حفر الضفائر‪ ،‬بتلك الطريقة اليت ال تصلح للمناطق اجلبلية‪،‬‬
‫فقلت للمهندس أن الضفائر هذه مدة صالحيتها حمدودة للغاية‪ ،‬وكانت بباب منزلنا ضفريتني‬
‫حفرمها اجلد السادس‪ ،‬فكان جوابه أنه يعلم أن مدة صالحيتها مؤقتة جدا‪ ،‬مقارنة ابلضفائر اليت‬
‫نشيدها حنن‪.‬‬
‫علل ذلك ابن أهل اجلبال أهل عصيان‪ ،‬يب أن يكونوا دائما يف حاجة للمخزن‪ْ ،‬لهنم إن‬
‫استغنوا عنه ازداد عصياهنم‪ ،‬املهندس قال ذلك فعال ْلنه استغرب وصدم من هجوم بدوي على‬
‫مهندس‪ ،‬يرى نفسه فوق مستوى املناقشة‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫كان ذلك اللقاء درسا قاسيا للمهندس ومساعديه‪ ،‬تعمدت فيه أن يتوجسوا من أهل اجلبال‬
‫وأن ال يصدروا أحكاما مسبقة على كل من يدوه يف ابدية انئية‪ ،‬فقد يكون يف ابدية انئية حكيم فر‬
‫حبكمته‪ ،‬زاهدا يف نفاق أهل النفاق‪.‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬املاء يف املغرب حاضرا‪.‬‬
‫السمة الغالبة يف جمال املاء حاليا يف املغرب هي الشح والندرة‪ ،‬رغم أن اجلهود املبذولة‬
‫حبق‪ ،‬يف جمال ضمان املاء جهود جبارة ومشكورة للغاية‪ ،‬لكن ينقصها القليل من التفكري‪ ،‬ولو تزامن‬
‫التفكري الوطين مع تلك اجلهود املبذولة‪ ،‬لكان املغرب اليوم يف أحسن حال يف جمال املاء‪.‬‬
‫النية والعزم موجودين‪ ،‬واملال أنفق إنفاقا بسخاء‪ ،‬من أجل ضمان املاء للشعب كله‪ ،‬لكن‬
‫اخللل اخلطري هو يف املنهجية اليت يتحمل وزرها خرباء املاء ابلدرجة اْلوىل‪ْ ،‬لهنم أعلنوا القطيعة‬
‫مع الشعب وَل يسمعوا منه‪ ،‬فكانت تقاريرهم اليت ترفع للسلطات يف الوطن‪ ،‬تؤكد ضرورة استمرار‬
‫‪46‬‬
‫سياسة بناء السدود‪ ،‬بزعم أهنا احلل الوحيد لضمان املاء‪ ،‬وحاليا كل تقارير من يتومهون أهنم خرباء‬
‫املاء‪ ،‬تدعوا لتحلية ماء البحر‪.‬‬
‫لقد كان املرحوم املهدي املنجرة سنة ‪ 1992‬يف حماضرة له مبكناس‪ ،‬اندى بضرورة االهتمام‬
‫ابلبحريات الباطنية‪ ،‬وحذر من عواقب االستمرار يف سياسة بناء السدود‪ ،‬منبها إىل أن اْلهنار اجلارية‬
‫والعيون اجلارية واآلابر املنتشرة على عموم أرض الوطن‪ ،‬مصدرها البحريات الباطنية وليس السدود‪،‬‬
‫لكن رمبا أن أايدي خفية َل تكن تريد اخلري هلذا الوطن‪ ،‬كانت حترض ضده وتعترب كل ما ينادي به غري‬
‫مفيد للوطن‪ ،‬بصفته يف نظرهم معارض سياسي‪ ،‬وكل ما ميليه رمبا مضر للطبقة املسيطرة ويف صاحل‬
‫الشعب أكثر‪.‬‬
‫الصحراء هي أقدم طبقات اْلرض تكوان‪ ،‬من الناحية اجليولوجية وأغلبها كانت أخصب‬
‫اْلرض‪ ،‬وفيها حبريات ابطنية تكونت بفعل إذابة املاء للطبقات امللحية و املعادن اهلشة بني الطبقات‬
‫الصخرية الصلبة‪ ،‬تلك البحريات تعترب سدودا طبيعية‪ ،‬ختزن تصفي تؤمن وتوزع املاء وتغين احلياة‬
‫الربية يف الصحراء‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫املستعمر اْلجنيب تنبه خلطورة الصحراء عليه مستقبال‪ ،‬فأيقن أهنا ستعرف ازدهارا وانتعاشا‬
‫وقد تقوم فيها حضارات راقية هتدد املستعمرين السابقني ابالستعمار‪ ،‬كما هددهم املرابطون من قبل‪.‬‬
‫الفصل اْلول‪ :‬جفاف العيون اجلارية‬
‫على اثر اجلهود املبذولة من قبل الدولة والشعب‪ ،‬يف احلفر ومواصلة احلفر‪ ،‬حلني بلوغ‬
‫الفرشات الباطنية العميقة واستنزافها‪ ،‬مع منع َتدد تلك البحريات‪ ،‬اليت ضمنت املاء للمدن‬
‫والقرى‪ ،‬كما للفالحني سقيا وشراب للكسب ‪ ،‬فتحقق جفاف البحريات الباطنية‪.‬‬
‫من الطبيعي جدا أن ينضب كل ُّمزون أنخذ منه‪ ،‬دون أن نظيف إليه شيئا‪ ،‬طبيعي جدا أن‬
‫تنضب وَتف البحريات الباطنية‪ ،‬اليت حاربناها جهال منا ابلطبع‪ ،‬ال عمدا حسب ظين إال إن كان‬
‫البعض من اخلرباء‪ ،‬ممن يواِل فرنسا االستعمارية‪ ،‬كان حيارب الفرشات املائية‪ ،‬عمدا مقابل املال أو‬
‫اجلاه‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫الصحراء الشرقية أصبحت حاليا على مشارف اهلالك‪ ،‬بفعل نذرة املاء وشحه‪ ،‬وأغلب‬
‫الواحات اليت كانت تضمن التمر الكايف للمغرب‪ ،‬أصبحت متوت وهتلك‪ ،‬بفعل جفاف البحريات‬
‫الباطنية وكذا بفعل زحف الرمال عليها‪.‬‬
‫كلما جفت اآلابر زاد تعميقها‪ ،‬حلني بلغنا البحريات العميقة جدان فاستنزفناها بدورها‪،‬‬
‫فأصبحت كل البحريات جافة‪ ،‬واخلطري أننا غوران البحريات القريبة من السطح‪ ،‬كما الفرشات القريبة‬
‫من السطح‪.‬‬
‫املبحث اْلول‪ :‬أسباب جفاف العيون اجلارية‪.‬‬
‫حنن البشر من سببنا جفاف العيون اجلارية‪ ،‬بل وسببنا جفاف البحريات الباطنية اليت تغدي‬
‫العيون اجلارية‪ ،‬وَل نفلح إال يف احلفر من أجل استخراج املاء املخزن‪ ،‬مند ماليني السنني يف ابطن‬
‫اْلرض‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫ميكن أن أحصر أسباب جفاف العيون اجلارية واآلابر يف جمموعة من النقاط أذكر منها ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫اجلهل والغباء املستحكم يف بعض املسؤولني‪ ،‬الذي بسببه يرتكبون جرائم خطرية يف‬ ‫‪-1‬‬
‫حق املاء يف الوطن‪ ،‬بتبذير املال يف مشاريع ظاهرها يوحي أهنا تضمن املاء وابطنها‬
‫يقضي على املاء يف الوطن ويدفع الشعب للعطش‪.‬‬
‫اخلضوع إلمآلءات املستعمر‪ ،‬الذي يفرض علينا‪ ،‬إتباع سياسته املائية املفيدة له يف‬ ‫‪-2‬‬
‫وطنه صحيح‪ ،‬لكنها لدينا خترب مقومات الوطن‪.‬‬
‫حتقري أبناء الشعب وأفكارهم وابتكاراهتم‪ ،‬فقد حتكم املستعمر يف مؤسسة محاية‬ ‫‪-3‬‬
‫االبتكارات واالخرتاعات‪ ،‬وألزم هبا الوطن أن يبقى حتت رمحته‪ ،‬مبنع عقول الشعب‬
‫من الرقي ابلوطن‪.‬‬
‫احلفر املستمر من أجل استخراج الثروة املائية الباطنية‪ ،‬دون البحث عن طريقة‬ ‫‪-4‬‬
‫تواجدها يف ابطن اْلرض‪ ،‬ودون القيام مبا يلزم لتعويض ما نستخرجه من املاء‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫منع جراين اْلودية‪ ،‬ببناء حيطان يف مواقع تغذية البحريات الباطنية‪ ،‬حيث أن أماكن‬ ‫‪-5‬‬
‫تواجد الرمل واحلصى‪ ،‬هي أماكن نفاذ املاء للفرشات والبحريات الباطنية‪ ،‬وهي‬
‫نفسها املواقع اليت تشيد حتتها احليطان اليت أمسيت سدودا تلية‪.‬‬
‫بناء حيطان صغرية يف قلب اْلودية بزعم تغذية الفرشات والبحريات الباطنية‪ ،‬وهي‬ ‫‪-6‬‬
‫احليطان تلك‪َ ،‬تين على البحريات الباطنية‪ ،‬بتجميع الرتسبات ومنع نفاذ املاء‬
‫بكميات مهمة‪ ،‬يف الشقوق املتكونة بفعل احلركات التكتونية لباطن اْلرض‪.‬‬
‫تعميق احلفر كلما جفت البحريات املائية اْلقرب للسطح‪ ،‬جنم عنه تغوير الفرشات‬ ‫‪-7‬‬
‫والبحريات املائية الباطنية‪ ،‬مما يستدعي حلول فعالة حلل مشكلة التغوير اليت سببناها‬
‫جبهلنا وجشعنا‪.‬‬
‫إغالق املغارات‪ ،‬اليت يهل املعنيون ابملاء يف املغرب‪ ،‬لليوم أهنا متنفسات البحريات‬ ‫‪-8‬‬
‫الباطنية‪ ،‬وأهنا تلعب دور املضخة‪ ،‬وإغالقها يعترب جرمية يف حق املاء‪ْ ،‬لن املغارة‪،‬‬
‫حني يتناقص املاء يف البحرية الباطنية‪ ،‬متتص اهلواء ليضغط على املاء‪ ،‬فينساب املاء‬
‫‪51‬‬
‫يف الفرشات الباطنية‪ ،‬ويف حالة جراين اْلودية ودخول املاء يف البالعات والشقوق‪،‬‬
‫ُيرج اهلواء املضغوط يف البحريات الباطنية‪ ،‬من تلك املغارات‪ ،‬ليحل حمله املاء‪.‬‬
‫عدم إنفاق درهم واحد على التغذية احلقيقية للفرشات والبحريات الباطنية‪ ،‬علما‬ ‫‪-9‬‬
‫أن الدولة واْلشخاص حيفرون كل سنة آالف اآلابر الستخراج املاء‪ ،‬وَل حيفروا قط‬
‫بئرا واحدا من أجل إدخال املاء‪ ،‬ليجدوا ما يستخرجون مستقبال‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬تغور الفرشات الباطنية‬
‫تغور املاء الباطين‪ ،‬نوع من أنواع العقاب الرابين‪ ،‬بدليل قول العلي العظيم يف سورة امللك‬
‫َصبَ َح َماؤك ْم غَ ْوًرا فَ َمن ََيْتِيكم ِمبَ ٍاء َّم ِع ٍ‬

‫ني))‪.‬‬ ‫اآلية ‪(( 30‬ق ْل أ ََرأَيْ ت ْم إِ ْن أ ْ‬
‫‪52‬‬
‫كان املاء يف الغالب يف بالد العرب يف عمق أمتار حمدودة‪ ،‬لكن مع توفر وسائل احلفر‬
‫احلديثة‪ ،‬فقد أمعن الناس يف احلفر‪ ،‬كلما جفت فرشة علوية‪ ،‬زادوا احلفر الستغالل فرشة أسفل منها‪،‬‬
‫من غري أن يتساءلوا عن سبب جفاف الفرشة العلوية؟‬
‫سبق أن أشرت أعاله‪ ،‬أن سبب كل مشاكل املاء يف بالد العرب واملسلمني عامة‪ ،‬هو‬
‫اجلهل بطريقة تغذية الفرشات والبحريات الباطنية طبيعيا‪ ،‬لذلك فقد كان بعض العامة واملختصني يف‬
‫جمال املاء‪ ،‬يتومهون أن اْلرض متتص املاء‪ ،‬لتعصره يف ابطن اْلرض‪ ،‬ليكون صاحلا بعدها‬
‫لالستخراج‪.‬‬
‫اجلهل هو الذي دفع الدولة والشعب حملاربة تغذية البحريات الباطنية‪ ،‬وابلتاِل البحث عن‬
‫املاء يف أعماق اْلرض‪ ،‬فينجم عن ذلك تغوير الفرشات الباطنية‪ْ ،‬لنه كلما عمقنا اآلابر‪ ،‬كلما‬
‫غوران الفرشات اليت كانت تضمن لنا يف السابق‪ ،‬حيث أنه حىت ولو متت تغذيتها طبيعيا‪ ،‬فماؤها‬
‫يسقط لبلوغ الفرشات اْلعمق‪.‬‬
‫‪53‬‬
‫لذلك فإن من أخطر اجلرائم املرتكبة من قبل اإلنسان يف حق املاء‪ ،‬هي تغوير الفرشات‬
‫الباطنية‪ ،‬بعد اجلرمية اْلكرب اليت هي منع تغذية البحريات الباطنية‪ ،‬ببناء كثري من احليطان يف اْلودية‪.‬‬
‫لكن ابلطبع لكل مشكلة حل‪ ،‬وحل مشكلة تغور الفرشات الباطنية‪ ،‬سأشرحه ابلتفصيل يف‬
‫املبحث الثالث من الفصل الثالث من الباب الثالث‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬خطورة احللول املستورة على املاء يف املغرب‬
‫قبل خروج املستعمر من بلدان العرب‪ ،‬صنع من أبنائه الربرة الذين تشبعوا بثقافته‬
‫وحضارته‪ ،‬أبطاال من ورق‪ ،‬ليواصلوا سياسته التخريبية ملستعمراته‪ ،‬مبواصلة تنفيذ كل ما سطره‬
‫املستعمر‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫دليل قوِل هذا من كتاب ذاكرة ملك‪ ،‬للمرحوم احلسن الثاين‪ ،‬الذي ذكر فيه أن مسؤول‬
‫فرنسي كبري‪ ،‬طلب منه كيف ميكن أن يصنع من بعض أبناء فرنسا الربرة‪ ،‬احملبون للغتها وثقافتها‬
‫وحضارهتا‪ ،‬أبطاال يقبلهم الشعب اجلزائري اجملاهد‪.‬‬
‫امللك احلسن الثاين‪ ،‬طيب هللا تراه‪ ،‬ضحك على غباء املسؤول الفرنسي‪ ،‬الذي اقرتح أن‬
‫يطلب أوالئك اْلبطال من ورق‪ ،‬من الشعب اجلزائري‪ ،‬أن حيمل نوع من الدجاج ملواقع معينة‪،‬‬
‫ليتأكد الفرنسيون من قبول الشعب اجلزائري ْلبناء فرنسا الربرة‪ ،‬قبل أن تعلن فرنسا التفاوض معهم‪،‬‬
‫لتعلن حينها االنسحاب‪ ،‬مطمئنة على أن أبناءها هم من سيواصلون تطبيق سياستها االستعمارية‪.‬‬
‫اخلطة اليت خلص إليها الفرنسيون‪ ،‬جلعل أبنائهم الربرة أبطاال من ورق‪ ،‬يسوسون اجلزائر‬
‫اجملاهدة‪ ،‬لتكون اتبعة لفرنسا االستعمارية‪ ،‬هي إحضار أبناء فرنسا الذين اختارهتم هي بنفسها‬
‫للمغرب للتشاور‪ ،‬وبعد رجوعهم للجزائر‪ ،‬اعرتضت الطائرات احلربية الفرنسية الطائرة اليت تقلهم‪،‬‬
‫فنشروا اخلرب على أوسع نطاق‪ ،‬ليتوهم العاَل‪ ،‬أن أوالئك هم اجملاهدون احلقيقيون‪ ،‬فيصدق الشعب‬
‫‪55‬‬
‫ذلك ويبلع الطعم‪ ،‬ليتحقق لفرنسا ما أرادت‪ ،‬فتفاوضت مع أبنائها الربرة‪ ،‬وكان خروجها شكليا‬
‫فقط‪.‬‬
‫سقت مثال اجلزائر‪ْ ،‬لن لدي عليه دليل من كتاب موثوق‪ ،‬وامللك احلسن الثاين‪ ،‬رمحه‬
‫هللا‪ ،‬كان يردد أنه من صنع سرير جبهة التحرير الوطين اجلزائرية‪ ،‬مبعىن أنه من شارك يف صنع أوالئك‬
‫اْلبطال من ورق‪ ،‬الذين طمسوا أمساء أبطال اجلزائر احلقيقيني اجملاهدين الصادقني‪ ،‬الذين ميقتون‬
‫فرنسا‪ ،‬ولو َل متكر هبم فرنسا وأبناء فرنسا‪ ،‬خلرجت فرنسا من اجلزائر صاغرة منهزمة‪.‬‬
‫فهمنا حاليا كيف متكن املستعمر من فرض سياسته علينا؟ املستعمر عرف نقاط قوتنا‬
‫ونقاط ضعفنا‪ ،‬ومهمته هي اإلكثار من نقاط ضعفنا وختريب نقاط قوتنا‪ ،‬ونقطة قوتنا اليت ترعب‬
‫املستعمر هي توفر املاء للشعب يف كل مكان‪ ،‬وصعوبة احتكار املاء يف مواقع حمدودة‪ ،‬لتتعذر‬
‫السيطرة عليها‪ ،‬لذلك فإن أول ما سعى املستعمر له‪ ،‬هو حماربة العيون اجلارية فوق اْلرض‪.‬‬
‫يف نواحي كلميم جبنوب املغرب‪ ،‬سنة قبل خروج املستعمر الفرنسي‪ ،‬قام املستعمر حبملة‬
‫شرسة‪ ،‬للحفر يف نواحي املدينة‪ ،‬اليت كانت فيها العيون َتري فوق اْلرض‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫احلفر والتعميق كان هبدف البحث عن املعادن‪ ،‬ويف نفس الوقت تغوير الفرشات الباطنية‪،‬‬
‫وابلفعل حتقق للمستعمر ذلك‪ْ ،‬لن الواحات اليت كان فيها العنب والرمان والنخيل والعيون جارية‬
‫فوق اْلرض‪ ،‬انتهت ابملرة وحتولت اْلراضي اخلضراء إىل قفر ال حياة فيه‪.‬‬
‫املنفذون لسياسة املستعمر‪ ،‬اليت تعين اخلراب لنا‪ ،‬ينتهجون حماربة البحريات الباطنية ببناء‬
‫السدود التلية‪ ،‬اليت ال يستفيد منها أحد‪ ،‬لكنها حتارب تغذية البحريات الباطنية‪ ،‬كما ينتهجون‬
‫تعميم حتلية ماء البحر‪ ،‬لكي يسهل عليهم ختريبها يف حالة رفضنا اخلضوع هلم‪ ،‬أو منع الطاقة عنا‪،‬‬
‫لنبقى هلم اتبعني خاضعني صاغرين‪.‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬حتلية ماء البحر يف املغرب‬
‫املسؤولون عن املاء يف الوطن‪ ،‬بدل التعقل والتوقف عن بناء احليطان يف قلب اْلودية‪،‬‬
‫لكوهنا خترب البحريات الباطنية‪ ،‬توجهوا خضوعا للمستعمر من جديد‪ ،‬فانساقوا الهثني اتبعني‬
‫‪57‬‬
‫ساعني‪ ،‬حسب أوهامهم لضمان املاء للمغرب‪ ،‬عرب حتلية ماء البحر‪ ،‬وإعادة تصفية املياه العادمة‪،‬‬
‫وإنه ملستقبل مائي مظلم ما يلوح يف اْلفق‪.‬‬
‫السياسة املائية املتبعة حاليا يف املغرب‪ ،‬ويف أغلب الدول العربية‪ ،‬سياسة جد خطرية ميكن‬
‫هبا قتل الشعوب العربية ابجلملة‪ ،‬مبجرد منع قطع الغيار عن حمطات التحلية‪ ،‬أو ختريبها يف حالة أي‬
‫نزاع مسلح‪ ،‬حينها تستسلم الشعوب صاغرة ولن ينفعها االستسالم‪ْ ،‬لهنا سترتك لتموت عطشا‬
‫وجوعا‪ ،‬لكن القوم ال يفكرون وال يرون أكثر من مكان وضع أقدامهم‪ ،‬فهم أبعد عن التفكري‬
‫املستقبلي‪.‬‬
‫أودية سوس لو جرت ابملاء لسنة واحدة كل مخس سنوات‪ ،‬من خالهلا سنضمن لسوس‬
‫كله‪ ،‬ما يكفيه من املاء لعشر سنوات متوالية‪ ،‬وسأقوم بعملية حسابية بسيطة أشرح من خالهلا طريقة‬
‫ضمان املاء لسوس‪ ،‬وكل املغرب صحراء وجباال وهضااب وسهوال‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫أهل سوس يسمون البالعات اليت تبلع اْلودية (اتغيا) لذلك فإن أودية سوس كانت تبلع‬
‫ماليري اْلمتار املكعبة من املاء‪ ،‬ختزن وتصفى وتؤمن وتوزع على جمموع سوس‪ ،‬لسنوات متوالية وال‬
‫تتأثر ابلتبخر وال ابلتوحل‪.‬‬
‫لذلك لكي نضمن املاء لسوس‪ ،‬يب علينا أن نعمل على خلق بالعات يف قلب اْلودية‪،‬‬
‫تبلع كميات جد مهمة من ماء أودية سوس‪ ،‬ليخزن يف البحريات الباطنية اليت تزخر هبا سوس‪ ،‬واليت‬
‫ضمنت كميات خيالية من املاء لسوس‪ ،‬رغم أن الدولة اجتهدت بتعليمات املستعمر طبعا‪ ،‬يف غلق‬
‫بالعات سوس‪ ،‬ببناء كثري من احليطان يف اْلودية‪.‬‬
‫مدة صالحية حمطة التحلية هي أقل من ‪ 30‬سنة‪ ،‬لكن مدة صالحية الثقوب املائية املزودة‬
‫مبصفاة تتجاوز ‪300‬سنة‪ ،‬وكلما تقادمت كلما كانت مردوديتها أكثر‪ ،‬تضخ للبحريات الباطنية‪،‬‬
‫كميات أكرب من املاء لتوزعه على جمموع اجلهة‪ ،‬فنستفيد من كل أودية املنطقة‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫مثال لو أن يف سوس ‪100‬وادي كبري يصب يف البحر‪ ،‬ميكن أن حنفر يف كل وادي ‪ 76‬ثقبا‬
‫مائيا يف املواقع الصلبة أو اليت فيها تراب‪ ،‬أما اليت فيها الرمل واحلصى فال‪ْ ،‬لن حتتها شقوق‬
‫وثقوب بال شك‪ ،‬تضخ ماليني اْلمتار املكعبة من املاء‪ ،‬للبحريات اليت توزعها على جمموع اجلهة‪.‬‬
‫اخلليج الذي كان يضمن لنا نصيبا من البرتول والغاز‪ ،‬أصبح مهددا من الكفار‪ ،‬صهاينة‬
‫وشيعة جموس‪ ،‬واملعطيات املتواصلة عنه توحي أن الكفار عازمون على متزيقه وتسليط إيران اجملوسية‬
‫والصهاينة عليه‪ ،‬بعد خلق الفنت يف داخله ومتزيقه كل ممزق‪.‬‬
‫حمطة التحلية اليت سنشرتيها لنركبها‪ ،‬قد يكون مصريها كمصري القطار السريع ‪ TGV‬الذي‬
‫أنفقنا عليه مبلغ ‪ 20‬مليار درهم‪ ،‬ومع أول َتربة خرج عن مساره‪ ،‬ومن يتوهم أن املستعمر يريد لنا‬
‫االزدهار والنماء فهو واهم‪ ،‬بل املستعمر لنا سابقا‪ ،‬يريد لنا اخلراب والدمار‪ ،‬ليعود الستعماران من‬
‫جديد‪ ،‬لذلك فكل ما نشرتيه من املستعمر السابق‪ ،‬هو طبعا فيه عيوب قاتلة قد َتعله بال فائدة‪.‬‬
‫املبحث اْلول‪ :‬حمطات التحلية وأمهيتها‬
‫‪60‬‬
‫‪8.3‬‬ ‫سأركز كنموذج على مشروع حمطة التحلية بشتوكة سوس ماسة‪ ،‬الذي سيكلف حواِل‬
‫مليار درهم تقريبا‪ ،‬بشراكة بني القطاع العام والقطاع واخلاص‪ ،‬سيضمن يوميا كمية من املاء مقدرة‬
‫حاليا يف حواِل ‪400000‬أربعمائة ألف مرت مكعب من املاء يوميا معناه ‪146‬مليون مرت مكعب من‬
‫املاء سنواي‪.‬‬
‫مليون مرت مكعب من املاء‪ ،‬تضاف إليه تكلفة‬ ‫‪146‬‬ ‫مبلغ ‪3.8‬مليار درهم فقط من أجل‬
‫التوزيع وتكلفة الطاقة اليومية ابلطبع‪ُ ،‬ث حالة املاء امليت تقريبا والذي ال ميكن أن يبلغ مستوى ماء‬
‫الفرشات الباطنية‪ ،‬الغين جدا ابملعادن الالزمة لتغذية النبااتت‪.‬‬
‫إليك أيها القارئ بتصرحيات رئيس قسم مبديرة الري بوزارة الفالحة‪ْ ،‬لين بناء عليها سأشرح‬
‫أمهية أو عدم أمهية حمطة التحلية‪ ،‬اليت تزعم احلكومة أهنا مشروع عمالق ومهم وضروري وال مناص‬
‫منه‪.‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=DxOcruo5ShY‬‬
‫‪61‬‬
‫عنوان الفيديو كما هو مكتوب حتته بال تصحيح هو‪( :‬وزارة الفالحة َتكد أن مثن ماء البحر‬
‫احمللى بواسطة حمطة التحلية استقر يف حدود ‪ 5,4‬درهم للمرت مكعب)‪.‬‬
‫درهم للمرت مكعب من ماء التحلية‪ ،‬ال يوجد‬ ‫‪5.4‬‬ ‫رئيس قسم مبديرة الري‪ ،‬أكد أن مثن‬
‫على اإلطالق يف العاَل كله‪ ،‬حىت يف الدول اليت متنح الطاقة جماان ملواطنيها‪ ،‬فكيف أمكن ذلك لدولة‬
‫مستعمرة طاقيا خاضعة لغريها؟ الذي الحظته هو أن املصرح حني ذكر الثمن ذكر ‪ 5‬بصوت خافت‬
‫وذكر أربعون بصوت واضح‪ ،‬حىت أين حسبت أن الثمن احلقيقي للمرت املكعب هو ‪ 40‬درمها‪ .‬فرمبا‬
‫هو الذي سيكون مستقبال‪ ،‬بعد أن يكون الفالحون قد اكتتبوا وال جمال لديهم للرتاجع ومن يرتاجع‬
‫‪62‬‬
‫سيكون عليه أن يبيع أرضه للكبار‪ْ ،‬لن ذلك هو اهلدف كله قصد َتميع اْلراضي‪ ،‬لتسليمها‬
‫للمعمرين اجلدد بثمن خبس‪.‬‬
‫املصرح أكد أن الفالح الصغري عليه أن يرتقي‪ ،‬فكيف سريتقي؟ االرتقاء الذي يريدون له‪،‬‬
‫هو أن يبيع أرضه للكبار‪ ،‬ليزرعوها ورودا بدل اخلضر والفواكه‪ْ ،‬لن الورود ال تستهلك كثريا من‬
‫املاء ومثنها يف السوق اْلوربية حمرتم‪ ،‬وتسويقها لن حيتاج وقتا وال جهدا‪ ،‬بل ميكن تصديرها عرب‬
‫الطائرات اخلاصة‪.‬‬
‫َتقلم الفالح حسب املصرح‪ ،‬هو عدم غرس املنتوجات اليت حتتاج املاء بكثرة‪ ،‬ومثنها غري‬
‫جمدي‪ ،‬مبعىن أن على الفالحني مستقبال أن يزرعوا البسباس مثال‪ ،‬وهو ال حيتاج كثريا من املاء ويزرعوا‬
‫القنب اهلندي (بعد أن يشرعوا أنه أصبح نبتة طبية) واملنتجات الغالية الثمن يف السوق العاملية‪،‬‬
‫وليذهب الشعب وغذاؤه للجحيم‪.‬‬
‫يف الدقيقة ‪ 5.26‬من الفيديو أعاله‪ ،‬أكد املصرح‪ ،‬أنه حىت الدول اليت متنح الطاقة ملواطنيها‬
‫وفالحيها جماان‪ ،‬ال ميكنها أن تضمن ماء التحلية ابلثمن الذي تلتزم به الدولة املغربية لفالحيها‪.‬‬
‫‪63‬‬
‫اي عجبا لدولة تضاعف مثن الطاقة على مواطنيها أربعة أضعاف مثنها يف السوق العاملية‪،‬‬
‫كيف ستضمن املاء بربع مثنه يف السوق العاملية لفالحيها؟ وهي مستعمرة طاقيا وخاضعة لغريها‪.‬‬
‫الدولة اليت تضاعف مثن الطاقة على مواطنها‪ ،‬أربعة أضعاف مثنها يف السوق العاملية‪،‬‬
‫يستحيل عليها استحالة مطلقة‪ ،‬أن ختفض مثن ماء التحلية على فالحيها‪ ،‬لربع مثنه يف السوق‬
‫العاملية‪ ،‬بل املنطقي هو أن تضاعف الثمن العاملي ملاء التحلية‪ ،‬أربع مرات‪ ،‬كما تضاعف مثن الطاقة‬
‫أربع مرات‪ْ ،‬لهنا دولة فقرية وخاضعة لشروط قاسية من َتار الطاقة‪.‬‬
‫لذلك أقول لكم فالحي شتوكة‪ ،‬استعدوا لتسديد مبلغ على أقل تقدير هو ‪ 40‬درمها للمرت‬
‫املكعب من ماء التحلية‪ ،‬وحاولوا أن تراعوا يف دراساتكم الثمن احلقيقي الذي ستسددونه عن املاء‬
‫وهو ‪ 40‬درمها وليس ‪ْ 5.40‬لن الذي سيقع هو سقوط ‪ 5‬ويبقى الثمن احلقيقي ‪ 40‬درمها يف أحسن‬
‫الظروف‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫وزارة الفالحة واحلكومة املغربية‪ ،‬لو كانوا ميلكون مثقال ذرة من احلكمة والتعقل وبعد النظر‬
‫ما جلئوا لتحلية ماء البحر‪ ،‬وقد بلغ وزير الفالحة كما مجيع املعنيني ابملاء يف املغرب‪ ،‬اخرتاع يف جمال‬
‫املاء بداية يونيو ‪ ،2014‬به ميكن ضمان املاء لكل املغرب وليس لشتوكة وال لسوس فقط‪.‬‬
‫احلكمة السياسية تقتضي استشراف املستقبل‪ ،‬واستشراف املستقبل‪ ،‬يؤكد لنا صراع اإلخوة‬
‫اْلصدقاء‪ ،‬ويؤكد لنا أن االستفادة منهم مجيعا مستحيلة‪ ،‬وان اإلخوة اْلشقاء بلغوا من العداء‬
‫السياسي بينهم‪ ،‬ما يعلهم حياربون كل من يتقرب من بعضهم‪ ،‬لذلك فان االستفادة منهم مجيعا‬
‫أصبحت مستحيلة‪ ،‬بل وميكن يف أي يوم أن يعاقبوان مبنع الطاقة عنا‪ ،‬لنجرب على االسترياد من‬
‫اْلعداء‪ ،‬بثمن أكثر ومشاكل أكثر‪ ،‬حينها ستتوقف كل حمطات التحلية‪ ،‬فيتوقف معها مصري‬
‫اململكة املغربية‪.‬‬
‫العلة واضحة وهي أن الكارثة حتل ابلشعب الذي يكون ساستة َتارا وَتاره ساسة‪ ،‬فيكون‬
‫اهلدف هو جين املال‪ ،‬وإرهاق الشعب ابلضرائب والتحمالت حلني ينفجر‪ ،‬حينها يغري التجار‬
‫الساسة والساسة التجار مكاهنم‪ ،‬هاربني ابلثروات اليت مجعوها من امتصاص دم الشعب‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫اشهدوا يف الدنيا واآلخرة أين أعلنها صراحة وأان يف كامل قواي العقلية والبدنية وبرضاي‬
‫التام أين التزم بضمان املاء للمغرب كله‪ ،‬من أقصاه إىل أقصاه بنصف امليزانية املرصودة لوزارة‬
‫الفالحة والتنمية القروية واملاء والغاابت‪ ،‬ويف مدة أقصاها مخس سنوات تقريبا‪ ،‬ولن نرتك يف املغرب‬
‫كله واداي يري إال قمنا بضخه للفرشات والبحريات الباطنية‪ ،‬لتنبع العيون فوق اْلرض‪ ،‬من جديد‬
‫حبول هللا وقوته‪.‬‬
‫هل تعلم أيها القارئ الكرمي‪ ،‬أن ميزانية وزارة الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية واملاء‬
‫والغاابت خالل سنة ‪ 2018‬تتجاوز ‪100‬مليار درهم‪ ،‬لو خصصنا منها مبلغ ‪ 50‬مليار درهم للماء‪،‬‬
‫مؤكد سنحول املغرب كله جلنات وحقول وسيصبح املغرب دولة مزدهرة‪ ،‬لكن العابثني الكبار ينفقون‬
‫على توزيع الصهاريج على الفالحني إلرغامهم على شراء املاء‪ ،‬وليس ضمان املاء قريبا منهم‪.‬‬
‫تكلفة حفر ثقب مائي بقطر مرت وعمق ‪ 100‬مرت تقريبا‪ ،‬مع تقويته وحفر وبناء ضفرية تلعب‬
‫‪500000‬‬ ‫دور املصفاة‪ ،‬فوق الثقوب يف قلب اْلودية‪ ،‬فوق الفرشات الباطنية‪ ،‬ال ميكن أن تتجاوز‬
‫مليار درهم سيمكننا من حفر حواِل ‪100000‬مائة ألف بئر أو ثقب‬ ‫‪50‬‬ ‫ألف درهم‪ ،‬مبعىن أن مبلغ‬
‫‪66‬‬
‫مائي‪ ،‬يف مجيع أودية املغرب‪ ،‬الصغرية منها والكبرية كل سنة‪ ،‬ويف غضون ‪ 5‬سنوات سنحفر وجنهز‬
‫‪ 500000‬مخسمائة ألف بئر‪ ،‬تلعب دورين تضمن املاء للفالحني واملواطنني طيلة السنة وتضخ مجيع‬
‫ماء أودية املغرب حني جرايهنا‪ ،‬للبحريات والفرشات الباطنية‪.‬‬
‫‪1503‬‬ ‫على‬ ‫‪500000‬‬ ‫مجاعة‪ ،‬لو قسمنا عدد‬ ‫‪1503‬‬ ‫عدد اجلماعات احمللية ابملغرب هو‬
‫سيكون احلاصل هو ‪ 332‬بئرا مزودا مبصفاة‪ ،‬يضمن املاء ويضخ املاء للبحريات الباطنية يف كل مجاعة‬
‫حملية‪ ،‬مبعىن أننا سنضمن املاء يف قلب أودية املغرب‪ ،‬حيث الفرشات الباطنية يف قلب اْلودية‪،‬‬
‫تكون دائما هي اْلكرب وهي اْلغىن‪.‬‬
‫لو جرت أودية املغرب يف السنة الواحدة مدة ‪ 24‬ساعة مثال‪ ،‬فان ما سنضخه لكل مجاعة‬
‫حملية من املاء تقريبا‪ ،‬لو اعتربان أن ما سيضخه كل ثقب مائي خالل السنوات اْلوىل للفرشات‬
‫مبعىن أن كل‬ ‫هو‪30x60x24=43200:‬‬ ‫والبحريات الباطنية‪ ،‬هو ‪ 30‬مرت مكعب من املاء يف الدقيقة‪،‬‬
‫ثقب سيضخ للفرشات والبحريات الباطنية حواِل ‪ 43200‬مرت مكعب من املاء‪ ،‬لذلك فإن ‪ 332‬ثقبا‬
‫مائيا مزودا مبصفاة‪ ،‬سيضخون ‪ 14.3‬مليون مرت مكعب من املاء‪ ،‬لكل مجاعة حملية يف املغرب‪.‬‬
‫‪67‬‬
‫النتيجة هي أن ما سنضخه من املاء يف السنة الواحدة‪ ،‬للفرشات والبحريات الباطنية اليت‬
‫ختزن وتصفي وتؤمن وتوزع على جمموع الوطن‪ ،‬بصفر درهم‪ ،‬بال تبخر وال توحل وال مشاكل‪،‬‬
‫هو‪ 14300000x1503=21400000000:‬أي ‪ 21.4‬مليار مرت مكعب من املاء‪.‬‬
‫مع مرور السنوات وتوسع الفرشات الباطنية يف اآلابر يف قلب اْلودية‪ ،‬ليبلغ كل بئر مزود‬
‫مبصفاة‪ ،‬قدرة ضخ مرت مكعب من املاء يف الثانية‪.‬‬
‫مليار مرت مكعب من‬ ‫‪42‬‬ ‫ساعة جراين اْلودية يف السنة‪ ،‬قادرة على ضمان‬ ‫‪24‬‬ ‫ستكون‬
‫املاء‪ ،‬ولو جرت أودية املغرب يف السنة الواحدة ملدة ‪ 72‬ساعة مثال‪ ،‬فان ما ستضمنه لنا تلك اآلابر‬
‫مليار مرت مكعب من املاء‪ ،‬املخزن واملصفى واملؤمن واملوزع‪ ،‬جماان على‬ ‫‪126‬‬ ‫يف قلب اْلودية هو‬
‫الوطن كله من أقصاه إىل أقصاه‪.‬‬
‫حني حنقق يف السنة املتوسطة التساقطات املطرية حواِل ‪ 126‬مليار مرت مكعب من املاء‪،‬‬
‫ميكن أن حنقق يف سنة الفيضاانت ضعف هذا الرقم‪ ،‬أي حواِل ‪ 250‬مليار مرت مكعب من املاء‪ ،‬أي‬
‫احتياطي املغرب لعشر سنوات متوالية بال مطر تقريبا‪.‬‬
‫‪68‬‬
‫سيكون حينها مثن املرت املكعب من املاء للفالحني حبواِل ربع درهم على أعلى تقدير‪،‬‬
‫ليكون فالحوان قادرين على املنافسة دوليا‪ ،‬ويكون التشغيل واإلنتاج واالستثمار والتصدير لكل دول‬
‫العاَل‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬تصفية املياه العادمة وخطورهتا‬
‫الذوق السليم مينع إنفاق املال على املياه العادمة‪ ،‬إلعادة تصفيتها وتوجيهها للشرب‪،‬‬
‫بدل سقي اْلشجار الغري املثمرة‪ُ ،‬ث إن التصفية وإعادة التصفية‪َ ،‬تعل تركيز املواد السامة يف املاء‬
‫املعاد تصفيته‪ ،‬بنسب خطرية للغاية مهددة لصحة اإلنسان واحليوان‪.‬‬
‫كلمة تصفية املياه العادمة‪ ،‬توهم العامة أن ذلك املاء صاحل للشرب‪ ،‬بل ويكذبون عليهم‬
‫أنه فعال كذلك‪ ،‬واحلقيقة أن عملية التصفية ما هي إال إزالة املواد الصلبة من املاء‪ ،‬والصورة أسفله‬
‫تبني جبالء العمليات اليت تقوم هبا‪ ،‬ما يسمونه حمطات تصفيه املياه املستعملة‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫الذي يعلم حالة املياه العادمة‪ ،‬ويراها‪ ،‬فيكون صاحب ذوق سليم‪ ،‬ال ميكنه مطلقا أن‬
‫يتقبل استعمال تلك املياه امللوثة‪ْ ،‬لي استعمال منزِل وال لسقي غذاء اإلنسان‪ ،‬ولتوضيح حالته‬
‫املقززة وهو يف تلك اْلحواض إليكم هبذه الصورة‪.‬‬
‫‪70‬‬
‫توجه الدول العربية واإلسالمية‪ ،‬حنو إعادة تصفية املياه املستعملة وصبها يف اْلهنار‬
‫واْلودية‪ ،‬أو توجيهها وخلطها مع ماء الشرب‪ ،‬جرمية يف حق الشعوب‪ ،‬مبا تعنيه كلمة اجلرمية من‬
‫معناها‪.‬‬
‫ما سنصل إليه مع استمرار سياسة تصفية املياه العادمة‪ ،‬هو تقدمي مياه مركزة ابلسموم‬
‫للسكان كما هو احلال يف بعض الدول العربية اليوم‪ ،‬والفيديو التاِل يكشف حقيقة حالة املاء‬
‫املصفى الذي سيقدم للسكان‪.‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=2zJRU0D0sdc‬‬
‫عنوان الفيديو هو‪ :‬فضيحة مستشفى عرعر املركزي واملياه امللوثة‪Abu.Fahad‬‬
‫‪71‬‬
‫الصورة مأخوذة من الفيديو أعاله‪ ،‬توضيحا حلالة املاء املعاد تصفيته‪ ،‬الذي تبشر احلكومات‬
‫العربية شعوهبا بضمانه هلا‪.‬‬
‫بالد العرب واملسلمني أنعم هللا عليها ببحريات ابطنية عمالقة وقريبة من السطح‪ ،‬يلزمنا‬
‫فقط أن نفهم ذلك‪ ،‬وأن نعمل على ضخ ماء أوديتنا وشوارعنا حنوها‪ ،‬ولن حنتاج مطلقا لتصفية املياه‬
‫امللوثة واملسمومة والعفنة‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪:‬بناء السدود التلية‬
‫السد التلي هو جدار يبىن يف وادي مومسي صغري‪ ،‬يشيد ابرتفاع متوسط‪ ،‬أقل من ‪ 30‬مرت‬
‫غالبا‪ ،‬يروج املعنيون ابملاء أكاذيب يربرون هبا بناء تلك احليطان‪ ،‬يف مواقع جيولوجية جد مهمة‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫السد التلي مهمته هي َتميع املاء‪ ،‬مع الرتسبات اليت محلها الوادي املومسي‪ ،‬يف موقع‬
‫جيولوجي مهم‪ ،‬يف الغالب كان يبلع كميات مهمة من املاء‪ ،‬يغذي هبا البحريات الباطنية والفرشات‬
‫الباطنية وابلتاِل يرتفع مستوى املاء يف اآلابر‪ ،‬مع كل جراين تلك اْلودية املومسية‪.‬‬
‫أغلب السدود التلية شيدت يف املواقع اليت كانت تبلع ماليني اْلمتار املكعبة من املاء‪،‬‬
‫فقد كان املستعمر إابن استعماره للوطن‪ ،‬يدرك أمهية البالعات‪ ،‬وما يسميه اْلمازيغ (اتغيا)‪ ،‬فقام‬
‫إبحصائها كلها فعرف مواقعها‪ ،‬ورسم خرائط تلك املواقع‪.‬‬
‫لذلك فان املستعمر إمعاان منه يف حرب مستعمراته السابقة‪ ،‬مبنع املاء عنها‪ ،‬لتكون‬
‫خاضعة له‪ ،‬فقد دس يف مقررات تدريس املهندسني يف جمال املاء‪ ،‬أن تلك البالعات وتلك الشقوق‬
‫اليت تبلع املاء‪ ،‬ال فائدة منها وال تلعب أي دور يف ضمان املاء للوطن‪.‬‬
‫لقد أقنع املستعمر مهندسي املاء يف مستعمراته السباقة‪ ،‬بضرورة إغالق البالعات اليت تبلع‬
‫بعض اْلودية‪ ،‬وبعد أن فهم بعضهم أمهية تلك البالعات‪ ،‬أقنعهم أبن بناء سدود تلية فوقها‪ ،‬تساهم‬
‫يف تغذية البحريات الباطنية‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫املستعمر ُيتار من يتقنون حفظ ما يدرسه هلم‪ ،‬فيقنعهم أبمور اتفهة خاطئة ال ميكن لطفل‬
‫أن يصدقها‪ ،‬ومن أغرب ما يردده مهندسو املاء‪ ،‬هو أن اْلرض متتص املاء‪ ،‬لينفذ بعدها للفرشات‬
‫والبحريات الباطنية‪.‬‬
‫لكي مينع املستعمر مهندسي املاء من االحتكاك ابملواطنني واالستفادة من خربهتم‪ ،‬شحنهم‬
‫بشحنة من الغرور والتعاِل‪ ،‬بزعم أن كل من ال يتقن لغة املستعمر‪ ،‬فهو جاهل يف نظر املستعمر‪ ،‬ال‬
‫يعرف كثريا من احلقائق‪ ،‬اليت هي يف حقيقتها أكاذيب وترهات‪ ،‬لو عرضت على فالح بدوي‪ ،‬لسفه‬
‫املهندس واجلامعة اليت درسته‪ ،‬ومعهما واضع ذلك املقرر الذي درس لذلك املهندس‪.‬‬
‫كنت أمسع من جدي أن خريي (النسكيلة) كما يسميها‪ ،‬ال يعرفون الكثري من احلقائق‪،‬‬
‫فرمبا أنه اصطدم مع جهلهم‪ ،‬بصفته واحدا من اْلعيان حينها‪ ،‬حيضر بعض من يعتربون أنفسهم‬
‫مهندسني يشرحون هلم‪ ،‬يف جماالت هم يتقنوهنا غاية اإلتقان‪.‬‬
‫‪74‬‬
‫لذلك مبا أن مهندسي املاء لليوم يرددون ويتشبثون بكذبة أن املاء ينفذ من اْلرض‬
‫للفرشات والبحريات الباطنية‪ ،‬ال من اْلودية خاصة‪ ،‬فإهنم حبق يعطوا الدليل القاطع على جهلهم‬
‫وَتهيلهم من طرف املستعمر‪ ،‬الذي وضع هلم مقررات دراسية اتفهة تستدعي املراجعة‪.‬‬
‫بناء سدود تلية يف املواقع اليت تتغذى منها البحريات الباطنية طبيعيا‪ ،‬ميكن اعتباره جرمية‬
‫خطرية يف حق املاء يف الوطن‪ْ ،‬لن الذي يقع هو أن تلك احليطان َتمع الرتسبات فوق البالعة أو‬
‫الشقوق اليت كانت تبلع ماليني اْلمتار املكعبة من املاء كل سنة‪.‬‬
‫يف السنة اْلوىل والثانية والثالثة ينفذ بعض ماء السد التلي للفرشات والبحريات الباطنية‪،‬‬
‫لكن بعدها تكون تلك الشقوق والبالعات‪ ،‬قد َتمعت فوقها طبقات من احلصى والرمل والرتبة‪،‬‬
‫لتغلق تلك الشقوق والبالعات غلقا أبداي‪ ،‬لنخسر نظام طبيعي‪ ،‬كان يضمن املاء ملئات اآلابر‪ ،‬يف‬
‫سافلة ذلك املوقع اجليولوجي‪ ،‬الذي تساوي قيمته مائة سد تلي وأكثر‪.‬‬
‫الصورة أسفله توضح حالة سد يوسف بن اتشفني بسوس‪ ،‬هناية سنة ‪ ، 2017‬حائطه مجع‬
‫الرتسبات واحلجارة فأصبح السد بركة‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬نذرة املاء يف املغرب‬
‫َل يكن املغرب يعرف نذرة املاء‪ ،‬بل كانت أغلب أودية املغرب الكبرية منها‪ ،‬أهنارا دائمة‬
‫اجلراين‪ ،‬فأصبح عدد اْلهنار ينحصر مع مرور السنوات‪ ،‬حىت أصبح عدد اْلهنار اجلارية يف املغرب‬
‫حاليا‪ ،‬يكاد يكون هنرين فقط‪ ،‬أم الربيع وأبو رقراق‪ ،‬بعد أن جف هنر ملوية وهنر اتنسيفت‪ ،‬وهنر‬
‫سبو على وشك اجلفاف‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫صورة عيون أم الربيع‪ ،‬اليت تشكل هنر أم الربيع‪ ،‬الذي شيدت عليه الدولة املغربية‪ 11‬سدا‬
‫كبريا‪ ،‬تتغذى تلك السدود يف الغالب من ماء العيون النابعة من البحريات الباطنية‪ ،‬لكن الكل ال‬
‫يذكر ذلك‪ ،‬بل ال يذكرون إال سياسة السدود‪.‬‬
‫الفيديو هذا يوضح صبيب عيون أم الربيع‪ ،‬الذي يبلغ يف السنة املمطرة ‪200‬مرت مكعب‬
‫عينا‪ ،‬ما يعين أن جمموع صبيب عيون أم الربيع يف السنة‬ ‫‪47‬‬ ‫يف الثانية وعدد العيون أكثر من‬
‫الواحدة‪ ،‬إن اعتربان معدل الصبيب طيلة السنة هو ‪ 100‬مرت مكعب يف الثانية‪ ،‬هو أكثر من ‪ 3‬ماليري‬
‫مرت مكعب من املاء‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=ASPQLI0fo-g‬‬
‫كانت أغلب مناطق املغرب تعرف خروج العيون اجلارية فوق اْلرض‪ ،‬بعد ذلك كثر التنقيب‬
‫عن املاء‪ ،‬فحفرت آالف اآلابر يف املغرب سنواي‪ ،‬وانتعشت الفالحة والسقي من خالل اآلابر‪ ،‬لكن‬
‫الدولة واحلكومة‪ ،‬ال تتحدث إال عن السقي من خالل السدود‪.‬‬
‫أهل االختصاص يف جمال املاء‪ ،‬هم املهندسون يف جمال املاء‪ ،‬وهلم أمحل املسؤولية وحدهم‪،‬‬
‫فاحلكومة يب عليها أن تستنري بتوجيهاهتم‪ ،‬لكن بعض مهندسي املاء هم أجهل الناس ابملاء‪ْ ،‬لهنم‬
‫درسوا مقررات فرنسا اليت فيها نظرايت خاطئة ال أساس هلا من الصحة‪ ،‬فمنعتهم فرنسا من مناقشة‬
‫اْلميني‪ ،‬يف نظر فرنسا‪ ،‬وهم كل من ال يتقن لغة املستعمر الفرنسي‪.‬‬
‫لو تواضع مهندسو املاء‪ ،‬فناقشوا ما درسوه مع الفالحني‪ ،‬مناقشة من يبحث عن احلكمة‬
‫ال من يستعلي عليهم‪ ،‬لنالوا العلم احلق‪ ،‬لكن كل من مينح شهادة مهندس يف جمال املاء‪ ،‬تشحنه‬
‫فرنسا ومقرراهتا بشحنة من الغرور والتعاِل الزائد‪ ،‬مينعه من االستماع لآلخرين ولو كانوا ميلكون من‬
‫اخلربة‪ ،‬ما ال ميلك ولن ميلكه املهندس‪ ،‬مع استمرار غروره‪.‬‬
‫‪78‬‬
‫أخربين رئيس مجاعة قروية قبل سنوات‪ ،‬أن مهندسة يف جمال املاء‪ ،‬حضرت معهم اجتماعا‬
‫ُث بعده خرجت معهم للميدان‪ ،‬فعاينوا جمرى وادي منبسط جبهة كلميم وادنون‪ ،‬فقالت هلم املهندسة‬
‫أن الوادي يري من الغرب حنو الشرق‪ ،‬فاستغرب الرئيس ومن معه‪ ،‬فقالوا هلا أبن الوادي يري يف‬
‫االَتاه الصحيح حنو الغرب‪.‬‬
‫غضبت املهندسة على الرئيس ومن معه‪ ،‬متشدقة أهنا مهندسة وهي أدرى‪ ،‬فسكت اجلمع‬
‫سكوت املتعففني عن مناقشة جاهل مغرور‪ ،‬فرجعت متومهة أهنا حققت نصرا مبينا على مجع من‬
‫اجلهلة اْلميني‪ ،‬وهم أيقنوا أن من ترسلهم الدولة جهلة مغرورين‪.‬‬
‫العلم ال هناية له‪ ،‬ومن يقرأ النظرايت يف املقررات واجب عليه أن ُيرج للميدان ليتحقق من‬
‫تلك النظرايت‪ ،‬ليتعلم أكثر ممن هم يف امليدان يوميا من الفالحني والرعاة‪.‬‬
‫أورواب ترسل املهندسني اخلريني يف جامعاهتا‪ ،‬ليكونوا حتت إمرة أجانب أميني‪ ،‬يعملون يف‬
‫معاملها‪ ،‬ملدة شهر وزايدة‪ ،‬يتعلمون منهم خربات عملية‪ ،‬قبل حصوهلم على الشواهد‪.‬‬
‫‪79‬‬
‫يف املغرب بدل أن يتدرب املهندس يف امليدان احلقيقي مع الفالحني والرعاة‪ ،‬يكون حتت‬
‫إمرة مهندس سابق له‪ُ ،‬يفي عنه احلقائق اليت توصل هو إليها بعد جهد جهيد‪ ،‬ولو كان املهندس‬
‫حتت إمرة بدوي‪ ،‬لتعلم منه عشرة أضعاف ما تعلمه يف مقرراته‪.‬‬
‫سر تقدم الصني وانتقاهلا من دولة يف احلضيض إىل أرقى اقتصاد عاملي‪ ،‬هو الثورة الثقافية‬
‫اليت قام به ماوتسي تونغ‪ ،‬وهي إجبار املتعلمني على العيش مع اْلميني‪ ،‬فتالقحت اْلفكار بينهما‪،‬‬
‫فتعلم املتعلمون بعض علم وحكمة اْلميني‪ ،‬كما تعلم اْلميون بعض علم وحكمة املتعلمني‪ ،‬فتحقق‬
‫التكامل بينهما‪.‬‬
‫لذلك ما دام كل متعلم ال يقضي وقتا يف العمل اليدوي‪ ،‬يتنافس عضليا مع املياومني‪ ،‬فإنه‬
‫سيبقى يف برجه العاجي‪ ،‬يتوهم أنه يعلم كل شيء‪ ،‬لكن حني حيتك مع اْلميني‪ ،‬سيجدهم أعلم منه‬
‫يف كثري من اْلمور‪ ،‬ليكون جمربا على تعلم علومهم‪ ،‬وابلتاِل يمع العلمني معا‪ ،‬العلم النظري والعلم‬
‫التطبيقي‪ ،‬فيحقق قفزة نوعية يف جمال العلوم‪ ،‬لن يبلغ إليها من يعكف على كراساته حفظا وسردا‪،‬‬
‫‪80‬‬
‫فيتوهم أنه أعلم الناس وهو حقيقة أجهلهم‪ ،‬لكن املصيبة هي أنه ال يعلم جبهله‪ ،‬كما يعلم اْلمي‬
‫جبهله‪ ،‬مع مجعه لعلوم يف جماالت شىت‪.‬‬
‫املبحث اْلول‪ :‬نذرة املاء بسبب االستغالل الفاحش له‪.‬‬
‫املخزون مهما يكن وكيفما يكن‪ ،‬له هناية إن َل يكن يتجدد‪ ،‬ليعوض ما أخذ منه‪ ،‬لذلك‬
‫فمخزون املاء البد أن ينفذ‪ ،‬وخاصة أننا ننفق اْلموال الطائلة‪ ،‬حلرب التجدد الطبيعي ملخزون‬
‫البحريات الباطنية‪.‬‬
‫املنطق والعقل السليم يقتضيان أن من حيفر بئرا ليخرج املاء‪ ،‬واجب عليه تعويض املخزون‬
‫الذي َيخذ منه‪ ،‬ولكي يعوض ذلك املخزون‪ ،‬يب عليه أن يعرف كيف يعوض املخزون طبيعيا‪،‬‬
‫ليساهم يف تعويضه اصطناعيا‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫مهندسو املاء يف املغرب‪ ،‬لكوهنم خريو اجلامعات الفرنسية‪ ،‬أو خريو مقررات فرنسا يف‬
‫جمال املاء‪ ،‬يهلون الكثري عن املاء‪ْ ،‬لن فرنسا تتعمد تضليل مستعمراهتا السابقة‪ ،‬لتحول دون‬
‫معرفتهم بنقاط قوهتم يف جمال املاء‪ ،‬فهي متنعهم من فهم أن البحريات الباطنية هي سر قوة الدول‬
‫ذات املناخ القاري اجلاف‪.‬‬
‫نذرة املاء يف املغرب‪ ،‬يتحمل وزرها مهندسو املاء واملعنيون به عامة‪ْ ،‬لهنم جاهلون ابملاء‬
‫لليوم‪ ،‬وكل ما يقومون به يقضي على املاء يف الوطن‪ ،‬والغريب يف اْلمر أن مهندسي املاء واملعنيني‬
‫به عامة‪ ،‬لليوم يهلون طريقة تغذية البحريات الباطنية طبيعيا‪.‬‬
‫سنة بعد االستقالل‪ ،‬هو‬ ‫‪62‬‬ ‫لذلك فإن ما قامت به الدولة واملواطنون عامة‪ ،‬طيلة مدة‬
‫استنزاف البحريات الباطنية‪ ،‬بتعميق اآلابر وتتبع الفرشات الباطنية اْلقرب فاْلبعد‪ ،‬حلني بلغنا أعماقا‬
‫ال يصح البلوغ إليها‪ ،‬خاصة يف املناطق القريبة من البحر‪ ،‬كسوس حاليا حيث بلغ الفالحون‬
‫الفرشات املاحلة جدا‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫الغريب يف اْلمر أن الدولة ومؤسستها واملعنيون ابملاء يف املغرب‪َ ،‬ل يشرحوا قط للشعب أن‬
‫حبريات عيون أم الربيع‪ ،‬تضمن للمغرب سنواي أكثر من ‪ 03‬ماليري مرت مكعب من املاء‪ ،‬وما ال يعرفه‬
‫الشعب لليوم هو أن كل السدود الكبرية يف املغرب‪ ،‬شيدت حتت العيون اجلارية اليت تنبع من‬
‫البحريات الباطنية‪.‬‬
‫الشعب كالدولة ومؤسساهتا‪ ،‬الكل يهل لليوم أن تلك البحريات الباطنية اليت تنبع منها‬
‫العيون اجلارية املغذية للسدود‪ ،‬قضت عليها الدولة ابلتنقيب اجلائر والبحث عن املعادن وبناء مزيد‬
‫من احليطان يف اْلودية اليت تغذي تلك البحريات الباطنية اليت تضمن لنا املاء‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬نذرة املاء بفعل منع املاء عن البحريات الباطنية‬
‫تكونت البحريات الباطنية بطريقتني اثنتني‪ ،‬أوالمها أثناء إرساء اجلبال يف اْلرض‪ ،‬وهي‬
‫البحريات العمالقة اليت تنبع منها اْلهنار الكبرية‪ ،‬تكون حتت السالسل اجلبلية العمالقة‪ ،‬تشكلت‬
‫‪83‬‬
‫حني كانت اجلبال يف مرحلة العهن املنفوش‪ ،‬الذي كان ينزل يف الشقوق العميقة اليت وقعت يف‬
‫اْلرض‪ ،‬فوقع التماس بني املاء وصهارة نواة اْلرض‪ ،‬فتبخر املاء‪ ،‬فكان هو من ينزل العهن املنفوش‬
‫كمرحلة اثنية من مراحل تشكل اجلبال‪ ،‬وقد شرحت هذا من قبل جيدا‪ ،‬يف كتايب السابع‪ :‬اْلرض‬
‫وما عليها من اخللق إىل الزوال‪.‬‬
‫الطريقة الثانية‪ ،‬هي أن هللا عز وجل سلك املاء ينابيع يف اْلرض‪ ،‬مصداقا لقول العزيز‬
‫اَّلل أَنز َل ِمن َّ ِ‬

‫ض ُثَّ ُيْ ِرج‬ ‫سلَ َكه يَنَابِ َ‬
‫يع ِيف ْاْل َْر ِ‬ ‫اء فَ َ‬
‫الس َماء َم ً‬ ‫َن ََّ َ َ‬ ‫العليم‪ ،‬يف سورة الزمر اآلية ‪(( 21‬أَََلْ تَ َر أ َّ‬
‫ك لَ ِذ ْكر َٰى ِْل ِوِل ْاْلَلْبَ ِ‬‫َٰ ِ‬ ‫ِ‬

‫اب)) تلك‬ ‫ِ‬ ‫بِ ِه َزْر ًعا خُّمْتَل ًفا أَل َْوانه ُثَّ يَ ِهيج فَ تَ َراه م ْ‬
‫ص َف ًّرا ُثَّ َْي َعله حطَ ًاما إ َّن ِيف َذل َ َ‬
‫الينابيع متر بني الطبقات الصلبة فتذيب الطبقات اهلشة‪ ،‬كالطبقات امللحية مثال‪ ،‬مشكلة فراغات‬
‫عمالقة‪ ،‬هي اليت أصبحت حاليا حبريات ابطنية قريبة من سطح اْلرض تقريبا‪ ،‬وهي أصغر من‬
‫البحريات العمالقة اليت تشكلت مع تشكل اجلبال‪.‬‬
‫يطرح السؤال كيف تتغذى البحريات الباطنية؟ سأجيب عليه يف نقطتني‪ ،‬فهي تتغذى‬
‫بطريقتني اثنتني‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫الطريقة اْلوىل‪ ،‬هي الشقوق اليت تشكلت عرب ماليني السنني‪ ،‬عرب احلركات التكتونية اليت‬
‫تقلب الطبقات اْلرضية اْلفقية‪ ،‬لتصبح عمودية لتخرتقها اْلودية‪ ،‬فتتآكل الطبقات اهلشة بفعل‬
‫املاء‪ ،‬لتبقى الصلبة‪ ،‬مشكلة فراغات تبلع ماليني اْلمتار املكعبة من املاء‪ ،‬يف كل جراين للوادي‪.‬‬
‫الدليل على تلك الشقوق يف اْلودية هو تواجد احلصى والرمل‪ ،‬فحيثما يوجد احلصى‬
‫والرمل‪ ،‬فتحته شقوق مهمة تغدي البحريات الباطنية‪ ،‬بكميات هائلة من املاء‪ْ ،‬لن الوادي الذي‬
‫محل احلصى من عشرات الكيلومرتات‪َ ،‬ل يسقطه يف ذلك املوقع‪ ،‬إال بفعل نقصان قوة الدفع لديه‪،‬‬
‫ونقصان قوته كان بفعل ابتالع ذلك املوقع‪ ،‬لكميات من املاء أثرت على ارتفاع الوادي وقوته‪.‬‬
‫البعض يزعم أن سبب تساقط احلصى والرمل يف مكان ما‪ ،‬هو ضعف زاوية احندار الوادي‪،‬‬
‫أو توسعه واحلقيقة أن الوادي لو كانت زاوية احنداره ‪ 2‬درجة‪ ،‬فانه لن ُيلف حصى وال رمل‪ ،‬والدليل‬
‫العلمي التجرييب لدينا يف كلميم‪ ،‬يف الوادي الذي يقسم املدينة‪ ،‬وادي أم لعشار يفرتش طبقة صلبة‬
‫من الكلس‪ ،‬وزاوية احنداره ابلكاد تساوي ‪ 2‬درجة‪ ،‬لكنه ال ُيلف رمال وال حصى على اإلطالق‪ ،‬يف‬
‫حني جند أودية زاوية احندارها تصل ‪ 10‬درجات وختلف احلصى والرمل‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫الطريقة الثانية هي ثقوب على جنبات اْلودية‪ ،‬تشكلت بفعل جذور اْلشجار العمالقة عرب‬
‫ماليني السنني‪ ،‬وما تزال تتشكل تلك الثقوب لليوم‪ ،‬حيث جند يف الشعاب وجبنبات اْلودية بعض‬
‫اْلشجار املخضرة على الدوام‪ ،‬وأهل البوادي يعلمون أن جذورها وصلت للماء‪ ،‬تلك اْلشجار يف‬
‫سنوات الفيضاانت الشديدة‪ ،‬تقتلعها السيول القوية‪ ،‬فتنكسر جذورها املشبعة ابملاء‪ ،‬لتبقى من‬
‫السطح إىل الفرشة املائية‪ ،‬اليت كانت تنهل منها املاء للشجرة‪.‬‬
‫يف غضون سنوات يتعفن اجلذر‪ ،‬ليتحول يف حواِل ‪ 30‬سنة إىل قناة مائية‪ ،‬كانت من قبل‬
‫تنقل املاء حنو السطح‪ ،‬لتنقله مستقبال حنو الفرشة املائية‪ ،‬بفيضان الوادي وخروجه عن مساره‪ ،‬ليبلغ‬
‫املاء ذلك الثقب اهلش‪ ،‬فينساب منه املاء حنو الفرشة الباطنية‪ ،‬وحال يرتاجع الوادي جملراه يتجمع‬
‫الطمي فوق الثقب وحني يهبط يرتك لنا حفرة‪ ،‬يستغرب من ال يفهم كيف تشكلت‪ ،‬ومن يعلمون‬
‫يدركون أن حتتها ثقبا مائيا‪ ،‬كان يبلع كميات هائلة من املاء‪.‬‬
‫الفيديو هذا الذي عنوانه (وادي درعة اليوم ‪ 2014/11/27‬اجلزء ‪ )1‬يبني ثقبا طبيعيا على‬
‫أقصى ضفة وادي درعة يبلع كمية من املاء‪ ،‬ميكن أن تصل مرت مكعب من املاء يف الثانية أو أكثر‬
‫‪86‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=derF_WiwjQY‬‬
‫الصورة هذه‪ ،‬مأخوذة من الفيديو أعاله‪ ،‬توضح الثقب الذي يدخل منه املاء للفرشة‬
‫الباطنية‪:‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬خطورة املشاريع املائية اليت ال توافق املناخ القاري‬
‫‪87‬‬
‫يطرح التساؤل‪ ،‬هل السدود تساهم يف تغذية البحريات الباطنية؟ نعم صحيح تساهم‬
‫السدود يف تغذية البحريات الباطنية خالل الثالث سنوات اْلوىل لتشييدها‪ ،‬لكن بعدها تقضي على‬
‫البحريات الباطنية قضاء مربما‪ ،‬وسأشرح ابلتفصيل كيف وملاذا؟‬
‫السد يف بالد العرب واملسلمني‪ ،‬حائط يف قلب الوادي‪ ،‬يمع املاء مع ترسباته اليت تكون‬
‫أحياان تساوي نصف ارتفاع املاء يف السد‪.‬‬
‫السد اخرتاع جد مهم صحيح‪ ،‬لكن له شروط ضرورية قبل اللجوء إليه‪ ،‬وأول الشروط هو‬
‫مليمرت يف السنة‪ ،‬ومعدل درجة احلرارة‬ ‫‪300‬‬ ‫إىل‬ ‫‪200‬‬ ‫التساقطات املطرية اليت يب أن تتجاوز‬
‫السنوي يب أن ال يتجاوز ‪ 15‬إىل ‪ 20‬درجة مئوية يف أسوأ احلاالت‪ ،‬والغطاء النبايت يب أن يتجاوز‬
‫‪ 80‬يف املائة تقريبا‪ ،‬ومعدل الغبار يف السماء‪ ،‬يب أن يكون أقل من ‪ 2‬إىل ‪ 5‬يف املائة‪.‬‬
‫املوقع الذي تتوفر فيه الشروط املذكورة أعاله‪ ،‬يكون فيه اللجوء للسدود ضروراي وواجبا‬
‫وال ميكن االستغناء عنها مطلقا‪ْ ،‬لن اللجوء هناك للبحريات الباطنية غري جمدي وال فائدة منه‪،‬‬
‫‪88‬‬
‫لعمقها الشديد ولتوفر املياه السطحية العذبة السهلة النقل‪ ،‬هلشاشة الرتبة ولعدم تبخر املاء يف‬
‫السدود‪ ،‬وال يتساقط فيها الغبار وال تتجمع فيها الرتسبات‪.‬‬
‫لذلك فالسد يف بالد املسلمني أساسا‪ ،‬اللجوء إليه غري سليم وغري ضروري‪ْ ،‬لنه سيجمع‬
‫من الرتسبات‪ ،‬كل سنة مقدار ما يمع من املاء تقريبا‪ ،‬بفعل االجنراف الناجم عن ضعف نسبة الغطاء‬
‫النبايت‪ ،‬وابلتاِل سيكون موقع السد موقعا للرتسبات‪ ،‬تتجمع فيه أغصان اْلشجار واجلذوع واحلصى‬
‫والرمل والصخور وكل ما حيمل الوادي‪.‬‬
‫الفيديو أسفله يبني لنا حالة املاء يف أودية الدول ذات املناخ القاري‪ ،‬حيث املاء مشبع‬
‫ابلطني ويعلوه الزبد‪:‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=P7DyI6fcIkQ‬‬
‫‪89‬‬
‫الذي سيقع هو أنه يف السنة اْلوىل‪ ،‬إن كانت يف موقع السد وموقع تراجع املاء داخله‬
‫شقوق أو ثقوب سابقة‪ ،‬ستبلع كميات مهمة من املاء‪ ،‬وسيحس ساكنة سافلة السد ابزدايد صبيب‬
‫اآلابر يف السنة اْلوىل مبستوى جيد‪.‬‬
‫لكن الذي يقع هو أن اجلذوع واْلغصان حني تبلع الثقوب والشقوق املاء‪َ ،‬تدب اجلذوع‬
‫حنو ذلك املوقع‪ْ ،‬لهنا طافية فوق املاء الغري املتحرك‪ ،‬ما يعل قوة ابتالع املاء َتدب اجلذوع حنو‬
‫الثقوب والشقوق‪ ،‬لتسقط فيها فتغلقها مع الوقت مع ما متسك من أعشاب وحنوها‪ ،‬حلني يغلق‬
‫الشق أو الثقب‪ ،‬إن كان بعيدا عن قلب السد‪ ،‬أما قلب السد طبعا‪ ،‬فتتجمع فيه الصخور واحلصى‬
‫ُث الطمي حني يرتسب ليرتك ماء نقيا مؤقتا‪.‬‬
‫‪90‬‬
‫يف السنة الثانية أو اجلراين الثاين للوادي‪ ،‬سيجد السيل السد قد َتمعت فيه طبقات من‬
‫احلجارة الكبرية يف قلبه ُث احلصى والرمل ُث طبقة الطمي اليت ترسبت بعد شهور‪ ،‬وبذلك يلب‬
‫الوادي من جديد حجارة وحصى ورمال مع جذوع اْلشجار واْلعشاب واْلغصان‪ ،‬كلها ترتسب‬
‫فوق الطمي السابق‪ ،‬لتتشكل طبقات متتابعة حجارة وحصى ورمل وطمي وأخرى مثلها فوقها‪ ،‬ويف‬
‫السنة الثالثة كذلك‪ ،‬حلني ال يبقى يف السد كله ثقب وال شقوق إال أغلقت إىل اْلبد إغالقا هنائيا‬
‫أبداي‪ ،‬يف أعماق ال ميكن إيادها وال معاجلتها‪.‬‬
‫لو أن املطر استمر يهطل لشهر كامل‪ ،‬فان أقصى ما ميكن أن يبلغ املاء يف الرتبة اهلشة هو‬
‫مرتين على أعلى تقدير‪ ،‬والبحر نفسه الرمال اليت يف ساحله‪ ،‬ال يبلغ فيها املاء إال مرتين على أعلى‬
‫تقدير‪ ،‬ومن َل يصدق يقم ابلتجربة بنفسه وليحفر يف الرمل الذي تراجع عنه البحر قبل دقائق‪،‬‬
‫وسيجد أنه حال يصل عمق مرتني أو أقل سيجد الرمل اجلاف‪.‬‬
‫‪91‬‬
‫ما يدرس يف مدارس املهندسني من أكاذيب‪ ،‬عن نفاد املاء يف مساحة احلوض املائي كله‪،‬‬
‫كذب مفضوح ال أساس له من الصحة‪ْ ،‬لن املهندسني لو علموا أن املاء ينفذ للبحريات الباطنية يف‬
‫ساعات مباليني اْلمتار املكعبة من املاء‪ ،‬ملا مسحوا يف مناخ قاري مبنع جراين اْلودية‪.‬‬
‫املستعمر أقنع املهندسني واملسئولني أن مساحة احلوض املائي‪ ،‬إن تساقط عليها املطر‪،‬‬
‫فإهنا كلها تسمح بنفاذ نسبة من املاء‪ ،‬هو ما يغذي البحريات الباطنية‪ ،‬وكل من يصدق النظرية هذه‪،‬‬
‫فهو بال شك ال يعلم شيئا عن اْلرض‪.‬‬
‫لذلك فاين أطرح التحدي على كل خرباء ومهندسي املاء‪ ،‬ليقوموا ابلتجربة وحيدثوا حفرا يف‬
‫كل أنواع الرتبة ميلؤها ابملاء يوميا‪ ،‬وبعد أسبوع أو حىت شهر حيفروا لريوا العمق الذي وصله املاء‪ُ ،‬ث‬
‫إين أطلب منهم أن يفسروا القوة اجليولوجية اليت تعيد استخراج املاء من الرتبة بعد تشبعها به‪.‬‬
‫احلقيقة هي أن املاء يدخل للفرشات والبحريات الباطنية ابْلمتار املكعبة‪ ،‬عرب الشقوق يف‬
‫قلب اْلودية أو الثقوب يف جنباهتا‪ ،‬وينقسم داخلها ليقاس بعدها ابللرتات‪ ،‬ومن يزعمون أن املاء‬
‫ينفذ يف سطح اْلرض هم وامهون حقا‪ْ ،‬لهنم يفرتضون أن اْلرض طبقة رملية وحصى حتتها ُث فراغ‪،‬‬
‫‪92‬‬
‫واحلالة هذه ال تكون إال يف الوادي‪ ،‬لذلك ال ميكن نفاذ املاء للبحريات الباطنية‪ ،‬إال من خالل‬
‫اْلودية وجنباهتا‪ ،‬ومن يزعم غري هذا‪ ،‬حيلل حتليال علميا جيولوجيا لعلنا نصدقه‪.‬‬
‫اإلعالم املغريب تزمريا منه وتطبيال‪ ،‬يكاد يوهم الشعب أن السدود هي اليت تضمن املاء‬
‫للمغرب‪ ،‬مع العلم أن السدود ال تضمن املاء لنفسها‪ ،‬فالسدود اليت َييت منها بعض املاء‪ ،‬شيدت‬
‫على اْلهنار والعيون اجلارية‪ ،‬اليت َيتيها املاء من البحريات الباطنية‪.‬‬
‫لذلك فان املبالغة يف تعظيم السدود مفضوحة ويصدقها اليوم من َل يعرف بعد احلقيقة‪،‬‬
‫وهي أن السدود َتين على املاء يف املغرب‪ ،‬وخترب البحريات الباطنية وإن استمر الوضع على ما هو‬
‫عليه حاليا‪ ،‬فان املغرب سيعطش وستموت اْلهنار اجلارية اليت شيدان عليها عشرات السدود‪ ،‬تتغذى‬
‫بنسبة مهمة من ماء اْلهنار‪.‬‬
‫لقد كان وادي سوس هنرا جاراي من قبل‪ ،‬قبل َتميع ماء العيون اليت ينبع منها يف السد‬
‫أعاله ‪ ،‬كما كان وادي درعة هنرا جاراي‪ ،‬ينبع من العيون ويغذي البحريات الباطنية على طول مسافة‬
‫‪ 1300‬كيلومرت‪ ،‬فلم يكن يصل ماؤه للبحر‪.‬‬
‫‪93‬‬
‫البعض حيسب أن الرتسبات املائية اليت حتدث حتت السدود التلية تغذية للبحريات‬
‫الباطنية‪ ،‬واحلال أن الرتسبات تلك تنفذ من السد‪ ،‬بفعل االمتصاص واالرتشاح يف قلب السد‪ ،‬يف‬
‫السنتني أو الثالث سنوات اْلوىل‪ ،‬قبل أن تغلق تلك الشقوق والثقوب بفعل الطني املرتسب‪.‬‬
‫الكثري يعلم أن بعض اْلودية تبلعها الشقوق كليا أو جزئيا‪ ،‬فتدخل لباطن اْلرض‪ ،‬ومنها من‬
‫ُيرج ماؤها بعد مسافة معينة كليا أو جزئيا‪ ،‬وخري مثال ما يقع قي وادي أسكا‪ ،‬جبماعة اتركة‬
‫وساي‪ ،‬وهو الذي يتجمع فيه عشرات اْلودية الكبرية يف اقليم كلميم‪ ،‬حيث يف وسط دواوير‬
‫مجاعة اتركة وساي ُيتفي الوادي الكبري جدا حتت اْلرض‪ ،‬ليخرج بعيدا عن الدواوير يف اْلسفل أو‬
‫ُيرج بعضه‪ ،‬لكن املعنيني ابملاء َل يتحققوا بعد أن فعل البلع يف قلب اْلودية ويف جنباهتا‪ ،‬هو الذي‬
‫يغذي البحريات الباطنية‪.‬‬
‫يعلم خرباء املاء واملواطنون أيضا‪ ،‬حبدوث اجلراين الباطين‪ ،‬لكنهم َل يتحققوا من أين َييت‬
‫ذلك اجلراين؟ هل تشكل بفعل امتصاص الرتبة للماء واالرتشاح؟ كما تدرس مدارس املهندسني؟ أم‬
‫‪94‬‬
‫أن تلك اْلودية الباطنية‪ ،‬تشكلت بفعل دخول املاء بكميات هائلة يف شقوق وثقوب‪ ،‬يف قلب‬
‫اْلودية؟ اليت تبلع نسبة مهمة من سيالن الوادي‪.‬‬
‫نفاذ املاء يكون شبه منعدم يف اْلرض خارج اْلودية‪ْ ،‬لن النفاذ ال يكون إال يف قلب‬
‫اْلودية ‪،‬بداية يكون ابلتسرب القليل لكن حني يرتفع مستوى الوادي يرف كل احلصى والرمل‬
‫لتبدو الشقوق‪ ،‬فتبلع ماليني اْلمتار املكعبة من املاء‪ ،‬يف غضون ساعة أو ساعات ‪،‬حسب طول‬
‫وعرض الشقوق يف الوادي‪.‬‬
‫البعض يتخيل أن احلصى والرمل الذي نراه يف اْلودية ال يتغري‪ ،‬لكن احلقيقة هي أن ذلك‬
‫احلصى حال يكون ارتفاع الوادي قواي يرفه‪ ،‬لتبدو الشقوق يف قلب الوادي‪ ،‬فتبلع كميات جد‬
‫مهمة من املاء‪ ،‬هو ما يشكل البحريات الباطنية وكذلك اْلودية الباطنية‪.‬‬
‫يرتسب حصى جديد ورمل جديد يف الوادي بعد نقصان مستوى جراينه‪ ،‬حيث يكون ما‬
‫تبتلعه الشقوق مؤثرا على قوة جراين الوادي‪ ،‬لتسقط احلجارة الكبرية‪ُ ،‬ث بعدها احلصى ُث الرمل‪،‬‬
‫وأخريا بعض الطمي الرقيق‪ ،‬حال ينتهي الوادي هنائيا‪.‬‬
‫‪95‬‬
‫الذين يزعمون أن املاء ينفذ يف اْلرض عامة‪ ،‬أطرح عليهم التحدي‪ ،‬ما هي القوة اليت تعيد‬
‫املاء إىل حالته‪ ،‬بعد أن تكون اْلرض قد تشبعت به؟ هل يف ابطن اْلرض قوة جديدة تفصل بني‬
‫املاء والرتبة اليت تشبعت به؟ أم أن اْلرض كلها طبقة رمل وطبقة حصى وفراغ حتتهما؟‬
‫حىت لو كانت اْلرض كلها رمل فإنه من املستحيل أن ينفذ املاء يف الرمل‪ ،‬فأقصى عمق‬
‫ميكن للماء أن يصله يف الرمل‪ ،‬إن استمر املطر ليومني كاملني هو مرت واحد‪ ،‬والدليل هو أن أهل‬
‫الصحراء حني يهطل عليهم املطر‪ ،‬حيفرون يف الكثبان الرملي ويدخلون حتته‪ ،‬كبناء متني ْلن طبقة‬
‫الرمل العلوية حينها أصبحت صلبة بفعل املاء‪ ،‬وال يصلهم املاء مطلقا‪ ،‬بل الكثبان نفسه يتحول إىل‬
‫زجاج يري املاء فوقه‪ ،‬بعد تشبع املرت العلوي‪.‬‬
‫الذي أعلمه عن اْلرض يف بالد العرب‪ ،‬هو أهنا طبقات ترابية يف حدود سنتمرتات وطبقات‬
‫صلبة وحتتها طبقات هشة وأخرى صلبة‪ ،‬يف الغالب ُّمتلفة االرتفاع والدليل نراه جيولوجيا يف املقاطع‬
‫الطرقية‪ ،‬حيت نرى طبقة صلبة وطبقة هشة وحتتها صلبة وهكذا اْلرض‪ ،‬فاملاء يري بني الطبقتني‬
‫الصلبتني يف الطبقة اهلشة‪.‬‬
‫‪96‬‬
‫لو كان املاء ينفذ يف اْلرض كلها ما جرت اْلودية أصال‪ ،‬وسر جراين اْلودية هو أن تلك‬
‫القطرات ال تنفذ وتتجمع شيئا فشيئا يف جماري صغرية ُث أودية صغرية‪ ،‬اليت تصب بدورها يف اْلودية‬
‫الكبرية‪.‬‬
‫يطرح التساؤل كيف تتم اإلنزالقات اْلرضية؟ واجلواب هو أهنا تكون يف الرتبة اهلشة‬
‫احلجرية‪ ،‬اليت ُيتلط فيها الرتاب مع احلجارة الصغرية‪ ،‬فتكون غري متماسكة حال تتشبع ابملاء يف مرت‬
‫أو حنوه تنزلق‪ ،‬أما سبب انزالق طبقات اْلرض فهو دخول املاء يف شقوق بني الطبقات‪ ،‬وقد يكون‬
‫بفعل فرشة مائية متر يف طبقة هشة بني طبقتني وحال يتوسع الشق‪ ،‬تنزلق الطبقة العلوية على الطبقة‬
‫السفلية‪ ،‬والدليل التجرييب لدينا يف الطريق السيار بني أكادير ومراكش‪ ،‬حيث جند انزالق الرتبة وهي‬
‫هشة‪ ،‬ينفذ املاء منها لتنزلق تلك اْلجزاء اهلشة أصال‪ ،‬اليت فيها صخور صغرية‪ ،‬هي من تتحرك بفعل‬
‫آتكل الرتاب الذي كان يوقفها‪.‬‬
‫انزالق الطبقات اْلرضية وارتفاعها ال يتجاوز مرتين إىل ثالث‪ ،‬ال يفسر مطلقا نفاذ املاء عرب‬
‫الرتشيح لباطن اْلرض‪ ،‬ال ميكن مطلقا اعتماد هذه النظرية بل املاء يدخل ابْلمتار املكعبة ال ابلنفاذ‬
‫‪97‬‬
‫واالمتصاص‪ ،‬يدخل املاء للبحريات الباطنية أساسا يف اْلودية عرب شقوق تكونت بفعل حركات‬
‫تكتونية‪ ،‬أو يف جنبات اْلودية عرب ثقوب شكلتها جذور اْلشجار الكبرية اليت كانت متتص املاء يف‬
‫الفرشات الباطنية‪.‬‬
‫كنا وحنن صغارا َّنلط املاء ابلرتبة‪ُ ،‬ث حنركها أبيدان جيدا حماولني اسرتجاع املاء الذي‬
‫امتصته‪ ،‬لكن بدون جدوى‪ ،‬لذلك يهمين علميا أن أفهم القوة اجليولوجية‪ ،‬اليت يزعم دعاة‬
‫امتصاص اْلرض للماء وتغذية البحريات الباطنية عرب االمتصاص‪ ،‬أهنا تعيد ترشيح املاء من الرتبة‬
‫اليت نفذ منها‪.‬‬
‫املواقع اجليولوجية اليت يتسرب منها املاء‪ ،‬فيها احلصى والرمل‪ ،‬أسفلهما شقوق كثرية جدا‪،‬‬
‫حسب طول وعرض املوقع الذي يتجمع فيه الرمل واحلصى‪ ،‬وكل بناء سد أسفل ذلك املوقع أو‬
‫عليه‪ ،‬فهو يف نظري‪ ،‬جرمية يف حق البحريات الباطنية‪.‬‬
‫الذي كان يقع قبل بناء حائط السد‪ ،‬هو أن الوادي يرف تلك الرتسبات لتبدو الشقوق‪،‬‬
‫فتبلع كميات هائلة من املاء‪ ،‬لكن حني نبين احلائط فإنه مينع الوادي من جرف تلك الرتسبات‪ ،‬بل‬
‫‪98‬‬
‫احلائط يمع ترسبات جديدة وبكميات هائلة جدا‪ ،‬ليس احلصى والرمل وحده‪ ،‬بل احلشائش‬
‫واْلعشاب واْلغصان واْلشجار والطمي من فوقها‪.‬‬
‫حني يمع السد املاء يف دولة ذات مناخ قاري‪ ،‬فانه يمع معه نسبة من الرتسبات والطمي‪،‬‬
‫تكاد تساوي كمية املاء‪ ،‬مبعىن أنه حني يرتسب الطمي‪ ،‬ينقص ارتفاع السد كل سنة حبواِل ‪ 3‬إىل أربعة‬
‫أمتار‪ ،‬بفعل الرتسبات‪.‬‬
‫يف الدول اْلوروبية اليت فيها غطاء نبايت كثيف واالجنراف فيها ضعيف جدا‪ ،‬فإن املاء‬
‫يكون جاراي يف اْلودية زالال نقيا ال طمي فيه‪ ،‬لكن لدينا حني يري الوادي‪ ،‬لو مألان إانء بعشر‬
‫لرت فقط‪ْ ،‬لن‬ ‫‪5‬‬ ‫لرتات من ماء الوادي‪ ،‬بعد ترسب الطمي‪ ،‬سنجد أن كمية املاء تكاد تساوي‬
‫الغطاء النبايت منعدم تقريبا‪ ،‬واالجنراف شديد واملاء يف أوديتنا أمحر ابلطني‪.‬‬
‫الطني املرتسب فوق الرمل واحلصى يف غضون سنتني أو ثالث مع احلشائش واْلعشاب‬
‫واْلغصان‪ ،‬يغلق كل الشقوق والثقوب‪ ،‬وسر تغذية السدود للبحريات الباطنية خالل الثالث‬
‫سنوات اْلوىل‪ ،‬هو أن الرتسبات َل تتجمع فيه بعد‪ ،‬بكميات هائلة متنع نفاذ املاء‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫من ال يعرف بعد كيف يكون حال اْلودية يف املغرب‪ ،‬كنموذج للدول ذات املناخ القاري‪،‬‬
‫يطلع على هذا الفيديو‪ ،‬فالصورة أسفله مأخوذة منه وهي تبني أن الوادي كان حيمل أطناان من‬
‫أغصان اْلشجار وجذوعها‪ ،‬هي من سببت خترب القنطرة اخلشبية اليت مير منها املواطنون‪:‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=YGBw2v08qJg‬‬
‫بعض مهندسي املاء‪ ،‬يتومهون أن اثين أكسيد الكربون‪ ،‬يذيب الكلس من اْلعلى ليشكل‬
‫املغارات‪ ،‬جاهلني أن فعل احلفر للمغارات والثقوب الطبيعية‪َ ،‬يتيها احلفر من اْلسفل ال من‬
‫اْلعلى‪.‬‬
‫‪100‬‬
‫لكي أؤكد للجميع أن اثين أكسيد الكربون يذيب الكلس من اْلسفل ال من اْلعلى‪ ،‬كما‬
‫يتصور البعض‪ ،‬أقدم دليل علمي َترييب‪ ،‬خسف مبدينة آسفي ابملغرب‪ ،‬أصبح يف ليلة واحدة حفرة‬
‫عميقة بقطر أمتار‪ ،‬فهل متكن اثين أكسيد الكربون من حفر تلك احلفرة يف ليلة واحدة؟ أم أن فعل‬
‫احلفر استمر لعشرات أو آالف السنني رمبا‪ ،‬بفعل الضغط اهلوائي املشبع بثاين أكسيد الكربون يف‬
‫البحريات الباطنية‪ ،‬يذيب الطبقات الكلسية تدرييا‪ ،‬حلني أذاب ما تبقى من الطبقة العلوية‪،‬‬
‫فاهنارت وتسرب اهلواء الذي كان مضغوط داخل البحريات الباطنية‪ ،‬والذي كان سبب احلفر‬
‫واإلذابة للطبقات‪.‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=cPBqZyGf65c‬‬
‫‪101‬‬
‫املغارة واخلسف هذا أصبح مضخة لبحرية ابطنية عمالقة‪ ،‬رمبا أغلق البعض متنفساهتا‬
‫السابقة فحولوها ملزارات سياحية‪ ،‬فأصبحت البحرية جمربة على خلق متنفس جديد‪ ،‬الن البعض ال‬
‫يعلمون أن تلك املغارات اليت حيولوهنا ملزارات سياحية‪ ،‬تساوي قيمتها قيمة عشرة سدود‪ ،‬يغلقوهنا‬
‫لتدر مائة درهم يف اليوم‪ ،‬وهي تساوي قيمتها عشرة ماليري درهم‪ ،‬لكن من يقنع مغرورين‪ ،‬هم‬
‫لسادهتم النصارى خاضعني وسادهتم النصارى للمغرب ُّمربني‪.‬‬
‫الفالحون قبل خرباء املاء‪ ،‬يعلمون علم اليقني أن جراين اْلودية‪ ،‬هو الذي يرفع ويزيد‬
‫مستوى املاء يف آابرهم‪ ،‬مثال وادي درعة قد يفيض والصحراء َل يتساقط فيها املطر لسنوات عدة‪،‬‬
‫لكن حني يري وادي درعة أغلب آابر مشال الصحراء تقريبا يرتفع مستوى املاء فيها‪ْ ،‬لن جراين‬
‫الوادي يتسرب يف الشقوق والثقوب كما شرحت أعاله‪.‬‬
‫ارتشاح املاء يف اْلرض مستحيل أن ُيلق فرشة مائية ابملطلق‪ ،‬لكن قد ُيلق انزالقات‬
‫خفيفة يف املناطق اهلشة‪ ،‬حني يكون املطر كثريا نالحظ ارتشاح املاء‪ ،‬يف جانب الطريق‪ ،‬يسبب بعض‬
‫االنزالقات البسيطة‪.‬‬
‫‪102‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬مستقبل املاء يف املغرب‬
‫املغرب كغريه من بلدان العاَل العريب‪ ،‬ذات املناخ القاري اجلاف‪ ،‬سيعرف مستقبال مائيا ال‬
‫يبشر ابخلري‪ ،‬سيكون عنوانه اجلفاف والندرة والشح والعطش‪ ،‬واجلوع أيضا‪ ،‬ليس بقلة التساقطات‬
‫املطرية‪ ،‬كما حياول البعض أن يوهم الشعب‪ ،‬بل بفعل السياسيات املائية املستوردة‪ ،‬اليت َتين على‬
‫موارد املاء يف الوطن‪.‬‬
‫منذ سنوات أصبح املغرب‪ ،‬كما كثري من بلدان العرب يعاين نذرة املاء‪ ،‬نذرة تتفاقم سنة‬
‫بعد أخرى‪ ،‬حيث جفت اآلابر‪ ،‬وتغورت الفرشات الباطنية‪ ،‬فأصبحت مدن وقرى تواجه خطر‬
‫العطش‪ ،‬كان آخرها ما عاشته مدينة زاكورة ونواحيها‪ ،‬لدرجة خرجت الساكنة حتتج على نذرة املاء‪،‬‬
‫فكان اجلواب عليها مبهامجتها ابملاء‪ ،‬كي يقال هلم إن املاء الذي حتتجون عليه‪ ،‬هو الذي سنفرقكم‬
‫به‪.‬‬
‫‪103‬‬
‫الفصل اْلول‪ :‬جفاف املغرب من املاء‬
‫َل يكن املغرب مهددا ابجلفاف املائي‪ ،‬إال يف بعض مناطقه اجلبلية‪ ،‬اليت تعتمد خاصة نظام‬
‫الضفائر‪ ،‬حيث حتتاج كل سنة للمطر‪ ،‬ليمألها من جديد‪ ،‬يف حني أن أغلب مناطق املغرب اليت‬
‫كانت تعتمد على اآلابر والعيون اجلارية‪َ ،‬ل تكن مطلقا تشكوا من قلة املاء ونذرته‪.‬‬
‫لكن مع تواِل السنوات واإلمعان يف االستغالل الفاحش للفرشات والبحريات الباطنية‪ ،‬مع‬
‫توفر اآلالت احلديثة‪ ،‬اليت سهلت التنقيب الستخراج املاء‪ ،‬لكن من غري االستفادة منها‪ ،‬للتنقيب‬
‫من أجل ضخ ماء اْلودية للفرشات والبحريات الباطنية‪.‬‬
‫لقد بلغنا مستوى خطري جدا من اجلفاف وندرة املاء يف املغرب‪ ،‬بعد أن استنزفنا البحريات‬
‫الباطنية‪ ،‬اليت كانت ختزن املاء بال تبخر وال توحل‪ ،‬فتصفيه وتؤمنه وتوزعه على جمموع الوطن‪ ،‬بصفر‬
‫درهم‪.‬‬
‫‪104‬‬
‫ابعتمادان على املياه السطحية‪ ،‬بدل املياه الباطنية‪ ،‬أصبحنا يف خطر متفاقم‪ْ ،‬لن املغرب‬
‫كغريه من البلدان ذات املناخ القاري‪ ،‬يعرف معدل درجة حرارة مرتفع‪ ،‬يبخر ثلث حبرياتنا السطحية‪،‬‬
‫ومتتص الرتبة اجلافة الثلث من كمية املاء‪ ،‬يف حبرياتنا السطحية‪ ،‬ليتبقى لنا الثلث‪ ،‬لنواجه مشكلة‬
‫توزيع ذلك الثلث‪ ،‬الذي يتناقص كل سنة‪ ،‬بفعل التوحل الذي ميأل البحريات السطحية‪ ،‬حيث‬
‫تزداد كمية املاء املتبخر والكمية اليت ميتصها الوحل والرتبة اجلافة‪ ،‬لنصل ملستوى ال يتبقى لنا من‬
‫كثري من البحريات إال الوحل‪.‬‬
‫لذلك فان سبب جفاف املاء يف املغرب ونذرته‪ ،‬راجع ابلدرجة اْلوىل لسلوك اإلنسان‬
‫وليس لقلة التساقطات‪ ،‬كما يريد البعض أن يزعم‪ْ ،‬لن التساقطات كانت وعرب التاريخ غري منتظمة‪،‬‬
‫لكن يعرف املغرب فيضاانت‪ ،‬مبعدل كل عشرين إىل ثالثني سنة‪ ،‬كانت متأل البحريات الباطنية‪،‬‬
‫فتضمن املاء للوطن والشعب لعشرات السنني‪.‬‬
‫‪105‬‬
‫املبحث اْلول‪ :‬جفاف البحريات الباطنية للمغرب‬
‫يف املائة من جراين اْلودية‪ ،‬والواحد يف املائة ُيص‬ ‫‪99‬‬ ‫البحريات الباطنية تتغذى بنسبة‬
‫بعض الشقوق العميقة اليت تقع يف بعض السالسل اجلبلية الشاهقة جدا‪ ،‬واليت ينزل عليها املطر‬
‫مدرارا ال كزخات‪ ،‬متاما كما لو فتحت أبواب السماء مباء منهمر‪.‬‬
‫لذلك فان سبب شح املياه الباطنية‪ ،‬هو أوال منع جراين اْلودية واْلهنار‪ْ ،‬لن جراين‬
‫الوادي‪ ،‬كما النهر ينتج عنه ابتالع الشقوق‪ ،‬اليت يف قلب اْلودية لكميات هائلة من املاء‪ ،‬تضخ‬
‫مباليني اْلمتار املكعبة حنو البحريات الباطنية‪ ،‬كما يف الثقوب اليت تقع على جوانب بعض اْلودية‪.‬‬
‫منعنا بسياساتنا املستوردة‪ ،‬تغذية البحريات الباطنية منعا كليا‪ ،‬بفعل اإلكثار من بناء السدود‬
‫التلية اليت ال فائدة منها مطلقا‪ ،‬بل واخلطري هو تشييد حيطان صغرية يف قلب اْلودية بزعم تغذية‬
‫البحريات الباطنية‪ ،‬تلك احليطان الصغرية َتين على البحريات الباطنية‪ْ ،‬لهنا َتمع الرتسبات‪ ،‬فتمنع‬
‫الوادي من جرف احلصى والرمل‪ ،‬لتبلع الشقوق كميات هائلة من املاء‪ ،‬فيكتفي املاء ابلتسرب بني‬
‫الرمل واحلصى‪ ،‬حيث أن ارتشاح املاء ال يفي مطلقا ابلغرض‪.‬‬
‫‪106‬‬
‫البحريات الباطنية خزاانت اجتهدان يف احلفر من أجل استخراج املاء منها‪ ،‬ومنعنا الطبيعة‬
‫من فعل فعلها لتغذيتها‪ ،‬مبنع جراين اْلودية وإغالق املغارات‪ ،‬اليت هي متنفسات البحريات الباطنية‪،‬‬
‫فلم نعرف لليوم سر تغذية تلك البحريات الباطنية‪.‬‬
‫مهندسي املاء يروجون أن البحريات الباطنية لن تستطيع ضمان املاء للوطن‪ْ ،‬لهنا يف نظرهم‬
‫لن ختزن ما يكفي من املاء للوطن‪ ،‬متجاهلني أن عيون أم الربيع النابعة من حبرية ابطنية قد تكون‬
‫واحدة‪ ،‬تضمن املاء ْلحد عشر سدا كبريا‪ ،‬وتعطي كل سنة ما بني ‪ 3‬ماليري و ‪ 6‬ماليري مرت مكعب‬
‫من املاء‪.‬‬
‫َل ننفق قط درمها واحدا من أجل تغذية حقيقية للبحريات الباطنية‪ ،‬لنجد املاء الذي‬
‫نستخرج مستقبال‪ ،‬حالنا كحال الولد العاق السفيه‪ ،‬الذي خلف له والده صندوقا من املال‪ ،‬ينهل‬
‫منه وَيخذ فيبذر‪ ،‬حيسب أن الصندوق ال ينتهي أبدا‪ ،‬وحال وجده فارغا لعن حضه‪ ،‬وهو َل يعلم‬
‫قط كيف مجع ذلك املال؟ وال أرجع للصندوق قط درمها واحدا‪ ،‬هذا حالنا عاقون ُّمربون جاهلون‪.‬‬
‫‪107‬‬
‫أجزم أن فعل شح البحريات الباطنية‪ ،‬راجع ابْلساس جلهلنا وجحودان وجشعنا‪ ،‬امتثلنا‬
‫لتعليمات املستعمر‪ ،‬املدرك جيدا لفائدة البحريات الباطنية علينا‪ ،‬فأقنع البعض أن ال سبيل لضمان‬
‫املاء وختزينه إال ببناء مزيد من السدود‪.‬‬
‫صدقنا إمالءآت املستعمر وَل نصدق قول اخلالق املصور يف سورة احلجر اآلية ‪َ ((22‬وأ َْر َسلْنَا‬
‫الرايح لَواقِح فَأَنزلْنا ِمن َّ ِ‬

‫َس َق ْي نَاكموه َوَما أَنت ْم لَه ِخبَا ِزنِ َ‬
‫ني )) فاآلية تؤكد أن القوي اجلبار‬ ‫اء فَأ ْ‬
‫الس َماء َم ً‬ ‫َِ َ َ َ َ َ َ‬
‫هو اخلازن للماء‪ ،‬وحنن العباد عاجزون عن خزن املاء‪ْ ،‬لننا حىت لو حاولنا فإننا لن نفلح‪.‬‬
‫مستقبل املاء يف البلد قامت بال شك‪ ،‬والوطن يسري حنو العطش‪ْ ،‬لن املسريين لليوم‪ ،‬ما‬
‫يزالون موالون لفرنسا االستعمارية‪ْ ،‬لن ما يدرس يف جامعاتنا لليوم‪ ،‬تضليل وَتهيل ودفع حنو‬
‫اخلراب‪.‬‬
‫حني يهل املسؤولون لليوم‪ ،‬أن جراين اْلودية هو الذي يغذي البحريات الباطنية‪ ،‬فأعلم‬
‫أهنم ماضون يف ختريب البحريات الباطنية‪ ،‬جهال منهم طبعا وهم حيسبون أهنم حيسنون صنعا‪ ،‬وال‬
‫هتمهم النتائج‪.‬‬
‫‪108‬‬
‫لقد أصبح املعنيون ابملاء يف املغرب حاليا‪ ،‬سائرون على نفس مسار من قبلهم قبيل دخول‬
‫املستعمر‪ ،‬فقد أوعز املستعمر الفرنسي هناية القرن التاسع عشر للمسؤولني ابنتهاج سياسة حفر‬
‫(إفرض) وهو حفرة يف الرتاب توجه هلا جماري مائية‪ ،‬متأل ابملاء ليبقى فيها شهر أو شهرين أي وقت‬
‫املطر‪.‬‬
‫كان الشعب ُّمدرا ختديرا‪ ،‬فبدل حفر الضفائر واآلابر حفروا (إفرض)‪ ،‬كذلك اليوم‬
‫يضحكون على الشعب‪ ،‬كل مجاعة قروية يبنون فيها حائطا يسمونه سدا‪ ،‬يزعمون أهنم به ضمنوا‬
‫املاء لتلك اجلماعة‪ ،‬وهم حبق جنوا على تلك اجلماعة‪ْ ،‬لهنم منعوا أوديتها من تغذية البحريات‬
‫الباطنية‪ ،‬وابلتاِل منع استمرار اآلابر من ضمان املاء للساكنة‪.‬‬
‫هل علمتم قط أن سدا تليا يف املغرب استفاد منه الساكنة؟ هل ميكن حقيقة االستفادة من‬
‫السد الثلي؟ ما هي املخلوقات اليت تستفيد من السد التلي؟ يستحيل استحالة علمية االستفادة من‬
‫السد الثلي‪ْ ،‬لن استخراج املاء منه صعب جدا‪ ،‬وقت املطر حيث يبقى فيه بعض املاء‪.‬‬
‫‪109‬‬
‫الصورة أسفله تعود لسد تلي يف سوس‪ .‬طبعا ما هلك سوس وما جفت حبرياته الباطنية‬
‫وتغورت فرشاته الباطنية إال بعد أن أكثرت الدولة من بناء تلك احليطان التافهة‪ ،‬اليت جنت على‬
‫البحريات الباطنية وابلتاِل على املاء يف سوس كله‪.‬‬
‫يف عز فصل الصيف الذي حيتاج الساكنة للماء‪ ،‬ولو أن يضعوا حمركا وقناة بالستيكية‬
‫تستخرج املاء ‪ ،‬ال يبقى يف السد التلي إال الوحل‪ ،‬أما املخلوقات اليت تستفيد من السد التلي فهي‬
‫الضفادع والثعابني‪ ،‬رمبا والطيور وبعض الوحيش‪ ،‬لكن كثري منه يغرق يف السد التلي بفعل الوحل‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫لقد حبثت وسألت عن املواقع اليت شيدت فيها السدود التلية‪ ،‬فأيقنت أن تلك املواقع أجنز‬
‫دراساهتا املستعمر‪ ،‬حني استعمران فأهنى الدراسة بعد خروجه‪ ،‬بفضل شركاته اليت تنجز الدراسات‬
‫اليت حتدد مصري الشعب‪.‬‬
‫سد تيكتان بنواحي مدينة كلميم‪ ،‬علمت أنه شيد أسفل موقع جيولوجي‪ ،‬كان يبلع الوادي‬
‫كله فكان يضمن املاء لوادي نون كله‪ ،‬وحني شيدوا عليه السد منع اجلدار الوادي من جرف‬
‫الرتسبات‪ ،‬بل ورسب ترسبات زائدة‪ ،‬حلني أصبح املكان الذي كان يبلع الوادي كله‪ ،‬مغلقا وإىل‬
‫اْلبد‪.‬‬
‫بعد سنوات سيمر الوادي فوق الرتسبات‪ ،‬فقد حتقق هدف املستعمر إبغالق شقوق‪،‬‬
‫كانت ختزن املاء وتصفيه وتؤمنه وتوزعه‪ ،‬ليتحقق له إضعاف مستعمراته السابقة‪ ،‬لريجع إليها ليس‬
‫مستعمرا بل معمرا وإىل اْلبد‪.‬‬
‫أطلب من كل شباب املغرب‪ ،‬أن يسألوا أهل املناطق اليت شيدت فيها السدود التلية‪ ،‬هل‬
‫كانت فيها البالعات والشقوق‪ ،‬أو ما يسمى ابْلمازيغية (اتغيا) اليت تبلع الوادي كله‪ ،‬إن كانت يف‬
‫‪111‬‬
‫أغلب مواقع السدود التلية‪ ،‬فاعلموا أن املستعمر سخر أموالنا ومسؤولينا‪ ،‬ليخربنا عن قصد‬
‫ومسؤولينا لليوم‪ ،‬منتشون متومهني أهنم فعلوا اخلري هبذا الوطن‪.‬‬
‫لو تركنا أوديتنا َتري كما هي‪ ،‬وتوقفنا على اْلقل عن بناء السدود التلية‪ ،‬اليت ال فائدة‬
‫منها مطلقا‪ ،‬فحفران مقابل كل بئر َّنرج منه املاء‪ ،‬ثقبا لندخل منه املاء للبحريات الباطنية يف قلب‬
‫اْلودية‪ ،‬أو حنفر اآلابر يف قلب اْلودية‪ ،‬نستخرج منها املاء وندخله منها أيضا وقت جراين اْلودية‪،‬‬
‫لكنا يف أحسن حال وملا نقص املاء يف حبرياتنا الباطنية‪ ،‬ولضمنا لنا ولألجيال القادمة املاء متوفرا‪،‬‬
‫لكننا اليوم موقنون أن ما لدينا من املاء ميكن أن ينضب يف غضون سنوات‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬انقراض الوحيش يف املغرب‬
‫ال حياة للوحيش يف وطن‪ ،‬تعاين أوديته اجلفاف من املاء‪ْ ،‬لن احلياة تتطلب املاء‪ ،‬وْلن‬
‫البحريات الباطنية هي اليت كانت تنبع منها عيون يف كثري من اْلودية‪ ،‬مشكلة بركا مائية صغرية‪،‬‬
‫تضمن احلياة لكثري من املخلوقات ابختالف أنواعها وأحجامها‪ ،‬من الطيور والوحيش عامة‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫لقد أمعنا يف استنزاف البحريات الباطنية‪ ،‬فجفت العيون اجلارية فوق اْلرض أوال‪ُ ،‬ث بعد‬
‫ذلك جفت اآلابر‪ ،‬فأصبحت الطيور نفسها‪ ،‬اليت كانت تشرب يف اآلابر التقليدية‪ ،‬ال َتد ماء‬
‫الشرب‪ ،‬لتضطر للهجرة أو املوت عطشا‪.‬‬
‫االعتماد على املياه السطحية‪ ،‬يف دولة تعرف قلة التساقطات املطرية‪ ،‬ومعدل درجة‬
‫حرارة مرتفع‪ ،‬وغطاء نبايت ضعيف جدا‪ ،‬يعل البحريات السطحية غري جمدية‪ ،‬بفعل التبخر‬
‫والتوحل وامتصاص الرتبة اجلافة‪ ،‬لكميات هائلة من املياه السطحية‪.‬‬
‫القول املأثور املنسوب للخليفة عمر بن عبد العزيز يقول ( أنثروا القمح على رؤوس‬
‫اجلبال‪ ،‬لكي ال يقال جاع الطري يف بالد املسلمني) يف بالدان اليوم ميوت الطري والوحيش عامة عطشا‬
‫وال نقوم أبي مبادرة مفيدة‪.‬‬
‫لو كانت سياستنا املائية حبق فعالة‪ ،‬لسالت مجيع أوديتنا ابملاء على طول السنة‪ ،‬ليجد‬
‫الطري والوحيش املاء جاراي‪ ،‬أو بركا يف كل أودية املغرب‪ ،‬فيجد ابلقرب منه الغذاء أيضا‪ ،‬فنكون‬
‫بذلك حافظنا على التنوع البيولوجي يف وطننا‪.‬‬
‫‪113‬‬
‫حقيقة سياستنا هي استنزاف البحريات الباطنية ومنع تغذيتها الطبيعية وَتاهل تغذيتها‬
‫الصناعية‪ ،‬لنتجه يف اْلخري حنو احللول املستوردة‪ ،‬اليت ال تصلح للوطن اقتصاداي وال مائيا وال فالحيا‬
‫وال سياسيا وال عسكراي‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬احنصار اإلنسان على السواحل‬
‫النتيجة اليت أوصلتنا إليها السياسة املائية املتبعة يف املغرب‪ ،‬واليت هي نتاج سياسة املستعمر‬
‫الفرنسي‪ ،‬حني استعماره لنا‪ ،‬استمرت بعد خروجه ورغما عنا‪ْ ،‬لن املهندسني الذين خترجوا يف جمال‬
‫املاء‪ ،‬انطلت عليهم أكاذيب مقررات فرنسا االستعمارية يف جمال املاء‪ ،‬النتيجة هي احنصار اإلنسان‬
‫على السواحل مستقبال‪ ،‬لكي يشرب من ماء التحلية‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫لقد فرض علينا املستعمر بناء كثري من السدود التلية‪ ،‬اليت ال قيمة له يف احلقيقة مائيا وال‬
‫طاقيا‪ ،‬وال يستفيد منها أحد‪ ،‬إال الضفادع واملستعمر الذي يعلم أنه يقضي على املاء يف وطننا‪ ،‬مبنع‬
‫تغذية البحريات الباطنية‪ ،‬يف أحسن مواقع تغذيتها الطبيعية‪.‬‬
‫احنصار اإلنسان على الشواطئ ليشرب‪ ،‬معناه ارتباط حياته ابلشاطئ‪ ،‬ويف حالة أي طارئ‬
‫دوِل‪ ،‬كحصار طاقي مثال‪ ،‬أو ارتفاع مهول للطاقة عامليا‪ ،‬أو أي عدوان على تلك احملطات‪ ،‬ستكون‬
‫النتيجة هالك الشعب عطشا‪ ،‬بال أي جمهود من اْلعداء‪.‬‬
‫اعتماد التحلية جبوار الشواطئ‪ ،‬معناه هالك النشاط الفالحي كله‪ ،‬زراعة وكسبا وابلتاِل‬
‫اعتماد الدولة على غريها من الدول‪ ،‬لتنتج هلا الغذاء‪ ،‬ما يعين أن الدولة تكون حينها على حافة‬
‫الزوال‪ ،‬ليتوىل أمرها من يضمن هلا الغذاء واملاء من الدول اْلخرى‪ ،‬فينتهي أمر من سهلوا لألعداء‪،‬‬
‫دفع الدولة حنو الضعف واهلوان‪.‬‬
‫شاهدت فيديو‪ ،‬نشره أحد اإلخوة يف مدينة طانطان بداية شهر دجنرب ‪ ،2017‬صور فيه‬
‫جمموعة خنازير برية‪َ ،‬توب بشوارع مدينة طانطان ليال‪ ،‬ابحثة رمبا عن قطرة املاء أو الغذاء‪ ،‬بعد أن‬
‫‪115‬‬
‫جفت الربك املائية اليت كانت منتشرة على طول وادي بن خليل‪ ،‬واليت كانت تضمن احلياة للطري‬
‫والوحيش يف اإلقليم عامة‪.‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=SFxhDlrpRb0‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬خراب اقتصاد املغرب بفعل نذرة املاء‬
‫املغرب يعتمد يف اقتصاده على الفالحة‪ ،‬وال فالحة بدون ماء‪ ،‬ومبا أن املاء قل وشح يف‬
‫املغرب‪ ،‬بفعل السياسة املائية اليت َل تراعي مناخ املغرب وجيولوجية بالد املغرب‪ ،‬فان اقتصاد‬
‫املغرب أصبح يف مهب الريح‪.‬‬
‫لقد كان الشعب املغريب يعيش جد مراتح‪ ،‬بفعل توافر اخلريات من املنتجات الفالحية‬
‫وأبمثان مقبولة جدا‪ ،‬فكان الشعب كل الشعب يد الغذاء ميسرا‪ ،‬فتمن كيلوغرام من اخلضر َل يكن‬
‫يتجاوز ‪ 3‬إىل ‪ 4‬دراهم‪ ،‬ومثن البصل ال يتجاوز يف الغالب درمهني‪ ،‬لكن مع شح وندرة املاء‪ ،‬الناتج‬
‫‪116‬‬
‫عن استنزاف البحريات الباطنية‪ ،‬فجفاف اآلابر والعيون اجلارية‪ ،‬أصبحت كل املنتجات الفالحية جد‬
‫غالية‪ ،‬حيث تضاعف مثنها مرتني إىل ثالث مرات‪.‬‬
‫العمود الفقري القتصاد املغرب‪ ،‬هو النشاط الفالحي‪ ،‬ومبا أن املاء شح يف املغرب‪ ،‬فان‬
‫النشاط الفالحي سيتدهور‪ ،‬حلني ينعدم وابلتاِل ينهار اقتصاد املغرب ومعه املغرب كله‪ ،‬إن َل نتدارك‬
‫ونعاجل سياستنا املائية‪ ،‬مبا يتوافق مع مناخنا وإمكاانتنا الطاقية‪.‬‬
‫البعض يتوهم أن الشعب املغريب الذي يتميز بكونه شعب مستهلك ابمتياز‪ ،‬ميكنه أن‬
‫يتحمل استرياد غذائه‪ْ ،‬لنه إن كان الغذاء يف املغرب اليوم غاليا‪ ،‬وهو ينتج أغلبه داخل الوطن‪،‬‬
‫فكيف سيكون حال الشعب الفقري أو املفقر املنهوبة ثروات وطنه؟‬
‫املبحث اْلول‪ :‬عطش الكسب يف املغرب‬
‫‪117‬‬
‫النشاط الرعوي يف املغرب من اْلنشطة املهمة اليت تشغل وتضمن إنتاج اللحوم للوطن‪،‬‬
‫وهذا النشاط منتشر يف اجلنوب والشرق عامة‪.‬‬
‫لكن ختريب ومنع تغذية الفرشات والبحريات الباطنية‪ ،‬وابلتاِل جفاف العيون اجلارية واآلابر‬
‫وتوجه الدولة حنو سياسة التحلية جبانب البحر‪ ،‬معناه ترك القطاع الرعوي ملصريه احملتوم‪ ،‬ليعاين‬
‫العطش واملوت‪ ،‬وابلتاِل اهنيار القطاع وانعدام اللحم‪ ،‬كمادة حيوية جد مهمة يف معاش املغاربة‪،‬‬
‫ليتفاقم الفقر وتتأزم أوضاع الشعب‪.‬‬
‫سياسة وزارة الفالحة سياسة َتارية تقريبا‪ ،‬تتعمد توزيع الصهاريج على الفالحني بدل السعي‬
‫لضمان املاء هلم قريبا من املراعي‪ ،‬وكلما أمعنت الوزارة يف توزيع الصهاريج كلما أمهلت نقاط املاء‪،‬‬
‫فتكبد الكسابون العناء جللب املاء‪ ،‬وابلتاِل إرغامهم على عدم االبتعاد عن موارد املاء‪ ،‬رغم توفر‬
‫العشب والكأل للماشية واإلبل يف عموم الوطن‪ ،‬لكن املشكلة هي نذرة املاء‪.‬‬
‫خالل السنة املاضية كانت جهة الداخلة وادي الذهب غنية ابلكأل‪ ،‬لتساقط املطر يف شهر‬
‫غشت تقريبا‪ ،‬فتجمع أغلب كسايب الوطن يف اجلهة الشاسعة مراعيها اخلصيبة‪ ،‬لكنهم اصطدموا‬
‫‪118‬‬
‫ساعة تقريبا‬ ‫‪24‬‬ ‫مبشكلة نذرة املاء‪ ،‬فكان طابور صهاريج املاء اخلاص ابلكسابني ميتد على طول‬
‫وكان كل فالح حيصل على صهريج ماء يف ‪ 12‬ساعة‪.‬‬
‫الدولة املغربية يتوهم املعنيون ابملاء فيها‪ ،‬أهنم قادرون على ضمان املاء للوطن فالحة وكسبا‬
‫وشراب للمواطنني من خالل حتلية ماء البحر‪ ،‬متجاهلة أن ماء التحلية ماء ميت‪ ،‬ال ميكنه أن ينفع يف‬
‫الفالحة وال يف الكسب‪ ،‬بل هو أقرب للسحت منه للماء‪.‬‬
‫ماء التحلية ماء أزيلت فيه كل اْلمالح املعدنية واملعادن الضرورية للحياة‪ ،‬لذلك فهو لن‬
‫ينفع مطلقا يف تروية الكسب‪ ،‬بل قد يهلكه‪ ،‬ما يعين أننا نسري يف سياستنا املائية يف مسار يقودان‬
‫للخراب‪ ،‬وحنن نتوهم ونتشدق أننا نرتقي ونتقدم يف مسار التنمية‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬عطش املواطنني يف املغرب‬
‫‪119‬‬
‫التكلفة العاملية ملاء التحلية هي تقريبا ‪ 20‬عشرون درمها للمرت املكعب‪ ،‬لكن حاليا لعدم‬
‫اعتماد كثري من املدن على ماء التحلية‪ ،‬فان املكتب الوطين للماء‪ ،‬يدعم املاء احمللى يف املدن اليت‬
‫تعتمد التحلية‪ ،‬مبا ينيه من ماء املدن اليت تعتمد الفرشات الباطنية‪ ،‬حيث يسدد املواطنون مثنا‬
‫مرتفعا جدا‪ ،‬ما يعل املكتب الوطين قادرا على حتقيق التوازن حلد اليوم‪.‬‬
‫لكن كلما توسعت دائرة املدن اليت تعتمد على ماء التحلية‪ ،‬كلما عجز املكتب عن حتقيق‬
‫التوازن‪ ،‬ما يعين ارتفاع تكلفة ماء التحلية على املواطنني‪ ،‬وْلن كل مواطن يبدر يوميا يف الصرف‬
‫الصحي عشرة أضعاف ما يشرب من املاء تقريبا‪ ،‬مما يعين أن املواطن سيسدد على صرف‬
‫فضالته كل شهرا مبلغا كبري‪.‬‬
‫الدولة الفقرية طاقيا مثل املغرب‪ ،‬والفقرية تكنولوجيا أيضا‪ ،‬ال حيق هلا مطلقا اللجوء حنو‬
‫حمطات التحلية‪ْ ،‬لن توقف احملطات ْلي عطب تقين‪ ،‬أو ختريب متعمد أو غري متعمد‪ ،‬يعين خراب‬
‫املدينة اليت تعتمد على تلك احملطة‪ ،‬خراهبا صحيا أوال ابنعدام ماء صرف الفضالت‪ ،‬وابلتاِل حتول‬
‫املدينة إىل مرحاض عمومي عفن‪.‬‬
‫‪120‬‬
‫الدولة الفقرية التابعة الغارقة يف القروض‪ ،‬اليت كان أغلبها بسبب سوء التدبري والتسيري‪ ،‬ال‬
‫ميكنها مطلقا أن تطالب مواطنيها بتسديد مبالغ ضخمة‪ ،‬عن املاء الذي به تصرف فضالهتم‪.‬‬
‫الدولة اليت يبلغ مستوى دخل بعض مواطنيها أقل من دوالرين يف اليوم‪ ،‬ونسبة البطالة أكثر‬
‫يف املائة من الساكنة النشيطة‪ ،‬إال يف املواسم الفالحية اجليدة‪ ،‬دولة ال حيق هلا اللجوء‬ ‫‪30‬‬ ‫من‬
‫للحلول املستوردة يف جمال املاء‪ ،‬بل العقل واحلكمة والرشاد يقتضيان منها أن تدرس مؤهالهتا اليت‬
‫ضمنت هلا املاء لقرون من الزمن‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬انقراض شجرة الطلح يف املغرب‬
‫شجرة الطلح شجرة صحراوية مباركة طيبة‪ ،‬تضمن الكأل لإلبل والظل لإلنسان يف‬
‫الصحراء‪ ،‬وبل وتضمن املاء أيضا يف عروقها لإلنسان العطشان‪.‬‬
‫‪121‬‬
‫الشجرة الوحيدة تقريبا اليت تعتمد يف منوها على الفرشات الباطنية هي شجرة الطلح‪،‬‬
‫حيث تنموا صغرية معتمدة على خبار املاء‪ ،‬املنبعث يف الفرشات الباطنية ليال‪ ،‬وحني تكرب تنفذ‬
‫جذورها حلني بلوغها الفرشات الباطنية لتنهل منها املاء‪.‬‬
‫أهل الصحراء يعرفون أن جذور شجرة الطلح من نوع (أفركيك) تكون مشبعة ابملاء لدرجة‬
‫ميكن لإلنسان أن يشرب من تلك اجلذور ماء نقيا يروي ظمأه‪.‬‬
‫ما يقع يف الصحراء حاليا من تغوير للفرشات الباطنية‪ ،‬جراء احلفر والتنقيب عن املعادن‪،‬‬
‫خاصة يف اْلراضي املنبسطة‪ ،‬يهدد شجرة الطلح ابلفناء‪ْ ،‬لن تغوير الفرشات الباطنية يعين حرمان‬
‫الشجرة من املاء وابلتاِل موهتا‪.‬‬
‫حني كانت شجرة الطلح منتعشة يف الصحراء كانت الفرشات املائية ما بني مرتين وعشرون‬
‫مرتا على أبعد تقدير‪ ،‬لكنها حاليا بفعل التنقيب اجلائر عن املعادن‪ ،‬دون مراعاة الفرشات املائية‬
‫ودون احرتام شجرة الطلح اليت يرتبط مصريها مبصري الفرشات املائية‪ ،‬بلغ عمق الفرشات املائية‬
‫‪122‬‬
‫مرت‪ ،‬فمن الصعب أن تبلغ جذور أشجار الطلح‪ ،‬خاصة الغري املعمرة منها‪،‬‬ ‫‪100‬‬ ‫حاليا أكثر من‬
‫للفرشات املائية العميقة جدا‪ ،‬ابلتاِل ستموت وستنقرض شجرة الطلح‪.‬‬
‫انقراض شجرة الطلح‪ ،‬يعين انقراض كثري من املخلوقات الصحراوية‪ ،‬اليت َتد الظل‬
‫والغذاء واملأوى وكذلك الشرب من جذور الشجرة املباركة‪.‬‬
‫لذلك واجب وضروري معاجلة مشكلة تغور الفرشات الباطنية‪ ،‬للحفاظ على احلياة الربية يف‬
‫الصحراء‪ ،‬وحل مشكلة التغور سأشرحه مفصال حبول هللا وقوته يف املبحث الثالث من الفصل‬
‫الثالث أسفله‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬احللول املبتكرة لضمان املاء للمغرب‬
‫يف ظل اْلزمة اخلانقة للماء‪ ،‬اليت تتزايد حدهتا سنة بعد أخرى‪ ،‬تنذر ابلفناء واملوت عطشا‬
‫للخلق كلهم‪ ،‬إنساان ووحيشا ونباات‪ ،‬يف البلدان ذات املناخ القاري اجلاف‪ ،‬اليت منها املغرب طبعا‪،‬‬
‫‪123‬‬
‫ْلن املاء أصل احلياة وهو أساسها وال حياة بدون ماء‪ ،‬البد من إياد حلول فعالة‪ ،‬تتوافق مع املناخ‬
‫اجلاف القاري الصحراوي‪ ،‬الذي نعيش فيه‪ ،‬يف أغلب الدول اإلسالمية‪ ،‬اليت منها املغرب طبعا‪.‬‬
‫لقد َتكد للجميع أن احللول املستوردة ‪ ،‬اليت تصلح للمناخ املمطر البارد‪ ،‬ال ميكن أن‬
‫تصلح لدينا‪ ،‬وبعض احللول املؤقتة املعتمدة على الطاقة‪ ،‬كتحلية ماء البحر‪ ،‬ال ميكن أن تصلح‬
‫لدولة فقرية طاقيا‪ ،‬والعقل واحلكمة يقتضيان عدم ربط املاء ابلطاقة‪ ،‬خاصة بوجود حلول فعالة سهلة‬
‫التطبيق‪ ،‬فعالة يف ضمان املاء وتصفيته وَتمينه وتوزيعه على أوسع نطاق‪.‬‬
‫العقل واحلكمة يقتضيان أن نفهم الطبيعة جيدا‪ ،‬وحناول عدم االعتداء عليها ومحايتها‪ ،‬وإن‬
‫كان ضروراي أن نسايرها ونساعد يف فعالية تدخلها‪ ،‬بعد أن نفهمها جيدا‪.‬‬
‫الطبيعة ضمنت وتضمن لنا املاء‪ ،‬بطرقها الفعالة اجليدة‪ ،‬أعطتنا أهنارا دائمة اجلراين وعيون‬
‫ابملاليني‪ ،‬ننهل منها املاء‪ ،‬فنسقي ونشرب وننتج‪ ،‬لكن أغلبنا َل يفكر من أين جاء ذلك املاء؟ وكيف‬
‫توفر لنا؟ واْلخطر هو أن رجال الدولة واملسؤولني عن قطاع املاء أنفسهم‪ ،‬يهلون عن املاء‬
‫‪124‬‬
‫الكثري‪ ،‬ومعلوماهتم عنه خاطئة‪ ،‬تدفعهم لتخريب الطبيعة‪ ،‬مبنعها من القيام بعملها يف ضمان املاء‬
‫لنا‪.‬‬
‫لذلك فان الطرق املقرتحة مين‪ ،‬لضمان املاء للمغرب‪ ،‬كما لكل البلدان ذات املناخ القاري‬
‫محاية املدن من الفيضاانت‬ ‫‪)2‬‬ ‫اجلاف‪ ،‬هي‪ )1 :‬ضخ مياه اْلودية للفرشات والبحريات الباطنية‪،‬‬
‫وتطعيم الفرشات الباطنية ‪ )3‬منع تغور الفرشات الباطنية‪.‬‬
‫املبحث اْلول‪ :‬ضخ مياه اْلودية للفرشات والبحريات الباطنية‬
‫بعض خرباء املاء يف بالد العرب‪ ،‬غرورا وتعاليا‪ ،‬يهلون لليوم أن اْلودية اجلارية هي اليت‬
‫تغدي البحريات الباطنية‪ ،‬فيزعمون أن املطر ينزل من السماء‪ ،‬لتمتصه اْلرض‪ ،‬فتتغذى البحريات‬
‫والفرشات الباطنية بفعل االمتصاص‪ ،‬ال بفعل بلع الشقوق والثقوب يف اْلودية‪ ،‬للماء بكميات‬
‫هائلة‪.‬‬
‫‪125‬‬
‫لذلك يف هذا املبحث البد من تقدمي فيديوهات تبني وتوضح لنا فعل الطبيعة يف بلع‬
‫الثقوب والشقوق لكميات هائلة من املاء‪ ،‬لنستفيد منها ونقوم مبا تقوم به الطبيعة‪.‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=derF_WiwjQY‬‬
‫اثر الفيضاانت‬ ‫‪2014‬‬ ‫نونرب‬ ‫بتاريخ‪27:‬‬ ‫الفيديو صور إبقليم أسا الزاك ابململكة املغربية‬
‫املهمة اليت عرفها جنوب املغرب‪ ،‬ما جعل وادي درعة الذي يعد شراين احلياة يف الصحراء ابملغرب‪،‬‬
‫يري ملدة أايم‪ ،‬فضمن املاء للبحريات الباطنية ابلصحراء كلها تقريبا‪.‬‬
‫أهل الصحراء يسمون الثقوب اليت يف الفيديو أعاله‪ ،‬واحد منها ابلبالعات‪ ،‬فقد أكد ِل‬
‫صديق يف مدينة الزاك إبقليم أسا الزاك‪ ،‬بعد أن أريته الفيديو أعاله‪ ،‬أنه ميكن أن يدلين على أكثر‬
‫من ‪ 4000‬بالعة مثل اليت يف الفيديو‪.‬‬
‫سألته كيف ميكنك أن تتعرف عليها؟ فشرح ِل أن كل بالعة‪ ،‬حال ينتهي جراين الوادي‪،‬‬
‫تظهر جبانب الوادي عبارة عن حفرة‪ ،‬يف طني منبسط متام االنبساط‪ ،‬وسر تلك احلفرة هو أنه بعد‬
‫نفاذ املاء‪ ،‬يتبقى الطمي املرتسب على جنبات الوادي‪ ،‬فيتسرب الطمي يف الثقب البالعة‪ ،‬تدرييا‪،‬‬
‫‪126‬‬
‫حلني يغلق الثقب كلية‪ ،‬لكن لكون الثقب عميق يسري فيه الطمي‪ ،‬فانه مع هناية الرتسب يهوي‬
‫الطمي يف الثقب‪ُّ ،‬ملفا حفرة واضحة‪.‬‬
‫أهل الصحراء حال يدون حفرة جبانب الوادي‪ ،‬يعلمون أهنا بالعة تبلع املاء‪ ،‬ومن قطر‬
‫احلفرة يعرفون قطر البالعة‪ ،‬فالبالعات ابلطبع ُّمتلفة القطر‪ ،‬فمنها من تبلع اجلمل كله‪ ،‬لذلك هم‬
‫يتخوفون منها وال يقرتبون من جنبات اْلودية‪ ،‬إال بعد أن يكون الطمي قد جف متاما‪.‬‬
‫لذلك فبذل بناء حيطان يف اْلودية‪ ،‬حتت مسميات السدود التلية‪ ،‬ميكننا ضخ ماء عشرة‬
‫أودية للبحريات الباطنية‪ ،‬بنفس مبلغ بناء حائط واحد‪ ،‬ليجمع املاء والرتسبات‪ ،‬فيتبخر ذلك املاء‬
‫بال فائدة‪ ،‬ليتحول اجلدار يف غضون سنوات قليلة إىل أرض صاحلة للحرث‪.‬‬
‫لكي نضخ ماء الوادي للفرشات والبحريات الباطنية‪ ،‬نبحث عن فرشة مائية يف قلب‬
‫الوادي لنحفر عليها‪ ،‬بئرا بقطر مرت وعمق يتجاوز عمق الفرشة املائية أبمتار‪ُ ،‬ث حنفر فوق البئر‬
‫ضفرية مربعة أو مستطيلة حسب عرض الوادي‪ ،‬يكون عمقها مرتين إىل ‪ 4‬أمتار حسب هشاشة‬
‫موقع احلفر‪.‬‬
‫‪127‬‬
‫احلفر على الفرشات املائية‪ ،‬ال يكون إال يف املواقع الصلبة أو املواقع اليت فيها تراب‪ ،‬أما‬
‫اليت جند فيها الرمل واحلصى فال‪ ،‬لكوهنا تبلع كميات مهمة من املاء‪ ،‬طبيعيا ولن حيتاج ذلك املوقع‪،‬‬
‫لتدخلنا بل حنرتم قوانني الطبيعة‪.‬‬
‫نقوي الضفرية بعد حفرها‪ ،‬ابالمسنت املسلح من اجلوانب واْلسفل‪ ،‬ليتبقى لنا من عمقها‬
‫‪ 1.5‬مرت فقط‪ ،‬ومن ضلعها إن كانت مربعة‪ ،‬حواِل أربعة أمتار‪ ،‬فنقوي البئر جيدا من جنباته‪ ،‬حلني‬
‫بلوغ الطبقات الصلبة‪ُ ،‬ث بعد ذلك نبين أربع حيطان يف منتصف كل ضلع من أضالع الضفرية‪،‬‬
‫يكون طول كل جدار ‪ 1.25‬مرت وارتفاعه كذلك‪.‬‬
‫اهلدف من احليطان اْلربعة‪ ،‬هو أن حتمل عمودين إمسنتيني‪ ،‬يتقاطعان يف مركز أعلى البئر‪،‬‬
‫سنتمرت أو أكثر حسب عمق الوادي‬ ‫‪25‬‬ ‫مرت ومسكه‬ ‫‪1.5‬‬ ‫العمودين حيمالن سقفا إمسنتيا قطره‬
‫وعرضه‪ ،‬يكون فيه شباكني إىل ثالث‪ ،‬حسب عرض الوادي‪ ،‬لكي يتحمل السقف اإلمسنيت الصخور‬
‫اليت حيملها الوادي‪.‬‬
‫‪128‬‬
‫نركب حتت حواف السقف اإلمسنيت الدائري‪ ،‬ويف أسفل من الضفرية قضباان من إنوكس‬
‫مليمرت‪ ،‬حتيط بفتحة البئر‪ ،‬وأخرى متقاطعة معها عرضيا‪ُ ،‬ث نركب شباك من‬ ‫‪14‬‬ ‫تكون بسمك‬
‫إنوكس مشدود للقضبان جيدا تكون فتحاته‪ ،‬بضلع سنتمرتين تقريبا‪.‬‬
‫اهلدف من الشباك املشدود مع القضبان هو منع حصى البحر‪ ،‬الذي سنمأل به الضفرية‬
‫من الدخول للبئر‪ ،‬واحلصى ابلطبع مهمته أن يصفي ماء الوادي‪ ،‬لكي ال تدخل الرتسبات للبئر‪.‬‬
‫سأقدم بعد الفيديوهات اليت شرحت فيها‪ ،‬اخرتاع ضخ مياه اْلودية للفرشات والبحريات‬
‫الباطنية‪:‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=O-g8tNLfyI4‬‬
‫عنوان الفيديو هو‪ :‬ذ‪.‬عبد هللا بوفيم‪ -‬شرح اخرتاع ضخ مياه اْلودية للبحريات الباطنية‬
‫بعد بناء السقف اإلمسنيت الدائري الذي يغطي فتحة البئر‪ ،‬وتركيب الشباك والقضبان اليت‬
‫ال تصدأ‪ ،‬منأل الضفرية حبصى البحر الذي يتجاوز قطره مخس سنتمرت تقريبا‪ ،‬وبعد االنتهاء من تعبئة‬
‫كل الضفرية‪ ،‬نركب فوق احلصى يف حواف الضفرية شباكا فوالذاي ذي السمك ‪ 2.4‬سنتمرت‪ ،‬ليتحمل‬
‫‪129‬‬
‫الصخور اليت حيملها الوادي‪ ،‬وحتت الشباك الفوالذي شباك من نوع إنوكس‪ ،‬يكون أكثر مسكا من‬
‫الذي حييط بفتحة البئر‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫لكي حنمي السقف اإلمسنيت املغطي لفتحة البئر‪ ،‬نركب فوقه قطعة مطاط بسمك‬
‫سنتمرت‪ ،‬تركب فوق السقف بلوالب ال تصدأ‪ ،‬مهمة القطعة املطاطية‪ ،‬هي محاية السقف من احلجارة‬
‫الثقيلة اليت قد تكسره تدرييا‪.‬‬
‫الذي سيقع بعد انتهاء جراين الوادي‪ ،‬هو أننا قد جند الرمل واحلصى غطى الثقب املائي‬
‫كلية‪ ،‬فال يظهر له أثر تقريبا‪ ،‬إن حدث هذا فهو دليل كايف على أن الثقب املائي املزود ابلضفرية‬
‫املصفاة‪ ،‬نشيط يف ضخ ماء الوادي للفرشات والبحريات الباطنية‪.‬‬
‫الرمل واحلصى الذي ستجمع على الثقب املائي‪ ،‬يعلب دورا جد مهم يف محاية الفرشات‬
‫املائية من تسرب امللواثت‪ ،‬حيث يتعذر على اجملرمني تسميم الفرشات املائية‪ْ ،‬لن احلصى الذي يف‬
‫الضفرية يكون ملتحما ابلطني وال يسمح مطلقا مبرور أي ملواثت‪.‬‬
‫‪130‬‬
‫بعد جراين الوادي من جديد‪ ،‬ال ينفذ املاء للفرشات الباطنية إال بعد حواِل ‪ 10‬دقائق من‬
‫جراين الوادي أي بعد مرور كل املاء الذي قد يكون ملواث ابلدخان يف السماء‪ ،‬كما متر كل الشوائب‬
‫اليت حيملها الوادي يف مقدمته مع أول جراين له‪.‬‬
‫الرتسبات من الرمل واحلصى والطني‪ ،‬الذي يكون قد حلم احلصى الذي يف الضفرية‪ ،‬لن‬
‫تزول إال حني يشتد جراين الوادي‪ ،‬حيث حيمل الوادي الرتسبات فوق الضفرية‪ُ ،‬ث يذيب الطني‬
‫الذي كان حلم احلصى‪ ،‬فيتحرك احلصى من جديد ساحما للماء ابلنفاذ للبئر‪ُ ،‬ث حنو الفرشات‬
‫والبحريات الباطنية‪.‬‬
‫حني جند الضفرية املصفاة‪ ،‬فوق البئر غري ُّمتفية ابلرتسبات‪ ،‬بعد انتهاء جراين الوادي‪،‬‬
‫فذلك دليل على أن الفرشة املائية اليت حفران عليها البئر‪َ ،‬ل تتوسع بعد مبا يكفي لتبلع كميات مهمة‬
‫من ماء الوادي‪ ،‬والعلة يف ذلك هو أن الطبقات اهلشة‪ ،‬اليت تنفذ فيها الفرشات الباطنية بني‬
‫الطبقات الصلبة‪ ،‬ختتلف هشاشة وصالبة تلك الطبقات‪ ،‬وبعضها حيتاج جهدا ووقتا أطول لتتوسع‬
‫الفرشات فيه‪.‬‬
‫‪131‬‬
‫قد حتتاج بعض الفرشات لتتوسع سنوات‪ ،‬لكن مؤكد أن كل جراين للوادي يوسعها تدرييا‪،‬‬
‫حلني يتحقق اهلدف املنشود‪ ،‬واملفيد جدا يف هذا االخرتاع هو أن مرور الزمن يزيده فعالية‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬محاية املدن من الفيضاانت وتطعيم الفرشات الباطنية‬
‫املدينة هي جمموعة من اْلسطح اإلمسنتية والشوارع املعبدة واْلرصفة املبلطة‪ ،‬كلها ال تسمح‬
‫بنفاذ املاء وامتصاص اْلرض له‪ ،‬لذلك فإن مساحة املدينة‪ ،‬كلما توسعت كانت كمية املاء اليت‬
‫تتجمع يف شوارعها مهمة‪ ،‬ميكن استغالهلا لضمان املاء للمدنية نفسها ولنواحيها‪ ،‬بضخ تلك الثروة‬
‫املائية املهمة‪ ،‬للفرشات والبحريات الباطنية‪.‬‬
‫املعروف حاليا يف أغلب املدن ابلعاَل‪ ،‬هو أن احلواضر ختصص قنوات لصرف ماء املطر‪،‬‬
‫لكن وْلن احلواضر تتوسع بسرعة‪ ،‬أكثر مما ميكن توسيع تلك القنوات السابقة‪ ،‬اليت ُيلق توسيعها‬
‫مشاكل مادية وتقنية وعمرانية‪َ ،‬تعل البحث عن حل فعال سهل يكون ضروراي‪ ،‬خاصة يف الدول‬
‫‪132‬‬
‫ذات املناخ القاري اجلاف‪ ،‬اليت تفرتش أرضها يف الغالب بطبقات صخرية صلبة‪ ،‬عكس املدن‬
‫الواقعة يف مناطق املناخ املمطر‪ ،‬حيث تكون طبقات الرتبية بعمق أمتار‪َ ،‬تعل شق القنوات فيها‬
‫سهال ميسرا‪ ،‬البد من حل وابتكار جديد يكون صاحلا هلا‪.‬‬
‫يف كثري من املدن ابلبلدان العربية‪ ،‬ما يزال ماء املطر يوجه حنو قنوات الصرف الصحي‪،‬‬
‫لتفور تلك القنوات حني متتلئ ابملاء‪ ،‬يف املناطق املنخفضة خاصة‪ ،‬مهددة الصحة العامة للمواطنني‪.‬‬
‫لذلك فان املنطق واالقتصاد واحلكمة‪ ،‬تقتضي إياد حلول مناسبة للمناخ واجليولوجيا‬
‫اخلاصة ابلبلدان ذات املناخ القاري اجلاف‪ ،‬ونظرا ْلن هذه البلدان تعاين نذرة املاء يف أغلب‬
‫السنوات‪ ،‬لكنها يف السنوات املمطرة تعاين الفيضاانت‪ ،‬البد من نظام آخر يوازن بني نذرة املاء‬
‫والفيضاانت اليت هتدد املدن‪.‬‬
‫اخرتاع محاية املدن من الفيضاانت وتطعيم الفرشات املائية‪ ،‬يعتمد على النظام املتبع يف‬
‫الطبيعة‪ ،‬لتغذية الفرشات والبحريات الباطنية‪ ،‬والذي يلخصه الفيديو التاِل‪:‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=HA1QVq1lOgY‬‬
‫‪133‬‬
‫الفيديو أعاله يوضح ثقبا مائيا يف جانب وادي درعة ينفذ منه املاء‪ ،‬ليصل الفرشة املائة اليت‬
‫تتغذى منها البحريات الباطنية‪،‬وبنفس الطريقة ميكن أن نضخ ماء املدن يف الفرشات املائية حنو‬
‫البحريات الباطنية‪ ،‬وذلك حبفر آابر يف قلب الشوارع واْلزقة نضخ منها ماء الشوارع واْلزقة‬
‫لآلابر‪.‬‬
‫يف هذا الفيديو شرحت شرحا مبسطا‪ ،‬كيفية ضخ ماء املطر النازل على املدينة حنو الفرشات‬
‫الباطنية‪ ،‬محاية للمدينة من الفيضاانت وتطعيما للبحريات الباطنية‪:‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=Zb0TUBtJNWc‬‬
‫عنوان الفيديو هو‪ :‬ذ‪.‬عبد هللا بوفيم‪-‬اخرتاع محاية املدن من الفيضاانت وتطعيم الفرشات املائية‪.‬‬
‫البئر يعين احلفر حلني قطع قناة مائية ابطنية‪ ،‬ليخرج منها املاء للخزان الذي نوسعه بعد‬
‫بلوغ الفرشة املائية‪ ،‬مبعىن أنه ال يوجد بئر إال بوجود قناة مائية َتري بني طبقتني صلبتني يف طبقة‬
‫هشة‪.‬‬
‫‪134‬‬
‫حني نوجه ماء الشوارع واْلزقة حنو آابر يف قلب الشوارع‪ ،‬معناه أهنا متتلئ ابملاء‪ ،‬ولو‬
‫كانت الفرشة املائية مثال يف عمق ‪ 60‬مرتا‪ ،‬فإننا سنشكل ضغط مائي على تلك القناة حبواِل ‪ 60‬طنا‬
‫من املاء‪ ،‬لو كان قطر البئر مرت واحد مثال‪ ،‬والثقل والضغط ذلك‪ ،‬مؤكد سيتشكل كله على الفرشة‬
‫املائية‪ ،‬ليوسعها جراين املاء فيها بضغط مرتفع‪.‬‬
‫توسع الفرشات املائية رهني مبدى هشاشة الطبقة اليت َتري فيها كل فرشة مائية‪ ،‬وبقوة‬
‫الضغط املائي الذي يضغط عليها‪ ،‬ابلطبع فإن تلك الفرشات‪ ،‬ميكن أن تتوسع كلما استمر‬
‫الضغط‪ ،‬فيكون توسعها مستمرا‪ ،‬حلني يكون جمموع ما ميكن أن حتمله من املاء أكثر من مرت مكعب‬
‫من املاء يف الثانية‪.‬‬
‫يواجهنا مشكل عويص‪ ،‬هو أن ماء الشوارع واْلزقة واْلسطح يكون ملواث بفعل بقااي‬
‫العجالت والزيوت وحنوها‪ ،‬لذلك البد من نظام يكون تطبيقه سهال‪ ،‬ويكون غري قابل للتلف‪،‬‬
‫بضمانة قد تتجاوز ثالثني سنة على أقل تقدير‪.‬‬
‫‪135‬‬
‫ميكن استخدام أي نظام متطور‪ ،‬لتصفية ذلك املاء امللوث‪ ،‬لكن اْلسهل واْليسر هو‬
‫السهل املمتنع‪ ،‬ولكي نصفي املاء امللوث‪ ،‬الذي يكون يف الغالب يف بداية نزول املطر‪ ،‬نستعمل‬
‫نظام غاية البساطة‪ ،‬وهو حفر خندق يساوي طوله عرض الشارع أو الزنقة‪ ،‬وعرض اخلندق مرتين‬
‫تقريبا‪ ،‬وعمقه مرتين‪ُ ،‬ث نقوي اخلندق من اجلوانب واْلسفل ابالمسنت املسلح‪ ،‬ليتبقى لنا من عمقه‪،‬‬
‫يف طريف عرض الشارع عمق ‪ 1.5‬مرت‪ ،‬وقرب البئر من اجلهتني يكون عمق اخلندق مرت واحد فقط‪،‬‬
‫وعرض اخلندق مرت واحد‪.‬‬
‫منرر يف اإلمسنت املسلح‪ ،‬الذي نقوي به جانيب اخلندق قنوات من إنوكس‪ ،‬لنستغلها يف‬
‫استخراج املاء من البئر‪ ،‬كنقطة جلب املاء للمطافئ‪ ،‬أو للساكنة يف حالة الضرورة‪ ،‬يف أرصفة‬
‫الشوارع‪.‬‬
‫حني نقوي اخلندق الذي فوق البئر يف قلب الشارع أو الزنقة‪ ،‬جنعل عمق اخلندق على‬
‫مرت‪ ،‬لكي يتوجه املاء امللوث يف بداية نزول‬ ‫‪1.5‬‬ ‫جانيب البئر مرت واحد فقط وعلى طريف اخلندق‬
‫‪136‬‬
‫املطر حنو اجلانبني‪ ،‬الذين نربطهما بقناتني بالستيكيتني‪ ،‬حنو مربع إمسنيت يف كل جهة‪ ،‬يكوانن بعد‬
‫اخلندق يف اَتاه جراين املاء‪.‬‬
‫املربعني اإلمسنتيني الذين يكون ضلعهما هو مرت واحد فقط‪ ،‬وعمقهما مرتين يكوانن مرتبطني‬
‫مع قناة الصرف الصحي‪ ،‬لكن القنوات الرابطة بني اخلندق وقناة الصرف الصحي‪ ،‬تكون مزودة‬
‫بضابط سري املاء يف اَتاه قناة الصرف الصحي‪ ،‬دون العكس‪ ،‬ما يسمى ابلفرنسية (كاليب)‬
‫سنتمرت‪ .‬الذي يقع‬ ‫‪3‬‬ ‫اخلندق جنعل له حافتني حتمالن شباكا من الفوالذ‪ ،‬مبربعات بضلع‬
‫حني نزول املطر هو جراين املاء يف الشارع‪ ،‬ليصب يف اخلندق فيتجه املاء امللوث حنو طريف‬
‫اخلندق‪ ،‬قرب الرصيف ليتجه مباشرة حنو املربعني اإلمسنتيني املذكورين‪ُ ،‬ث حنو قناة الصرف الصحي‪،‬‬
‫ولن يتسرب ماء املطر للبئر‪ ،‬إال بعد دقائق من نزول املطر‪ ،‬تكون كافية لغسل الشوارع واْلزقة‬
‫واْلسطح اليت تصب فيه‪.‬‬
‫‪137‬‬
‫دور (الكالبيات) هو منع تسرب املاء من قناة الصرف الصحي حنو اخلندق ُث البئر‪ ،‬حيث‬
‫أنه حني متتلئ قناة الصرف الصحي تضغط على (الكاليب) ليغلق ومينع دخول املاء حنو قناة الصرف‬
‫الصحي‪ ،‬كما مينع خروجه منها‪.‬‬
‫حني يتوجه ماء املطر النازل على املدينة‪ ،‬حنو اآلابر يف الشوارع واْلزقة ميألها يف غضون‬
‫دقائق‪ ،‬ما سيشكل ضغطا قواي على الفرشات اليت حفران عليها‪ ،‬ليتسرب منها املاء حنو البحريات‬
‫الباطنية‪.‬‬
‫البحريات الباطنية يف ابطن اْلرض متسلسلة‪ ،‬حيث جند حبرية عمالقة خترج منها جمموعة‬
‫من الفرشات كل منها تصب يف حبرية أصغر لتخرج من اْلخرية فرشات أخرى تصب يف حبرية أخرى‪،‬‬
‫وهكذا حلني االقرتاب من الشاطئ حيث ميكن أن تلتقي جمموعة من الفرشات‪ ،‬لتصب بدورها يف‬
‫حبرية قد تكون عمالقة‪ ،‬تصب اْلخرية يف البحر غالبا‪ ،‬تضمن احلياة للمخلوقات فيه‪ ،‬بنقل امللح‬
‫واملعادن اليت يذيبها املاء‪ ،‬ملح جديد ومعادن‪ ،‬هي ما يغذي كثريا من املخلوقات البحرية اجملهرية‪،‬‬
‫اليت تغذى عليها ُّملوقات أكرب منها وتستمر السلسلة الغذائية يف البحر‪.‬‬
‫‪138‬‬
‫حني نطبق اخرتاع محاية املدن من الفيضاانت وتطعيم الفرشات والبحريات الباطنية‪ ،‬ال ميكن‬
‫السماح للمواطنني بربط قنوات أسطح منازهلم مع قنوات الصرف الصحي‪ ،‬بل يوجه ماء اْلسطح‬
‫حنو اْلزقة والشوارع‪ ،‬ليجري فيها حلني يصب يف اخلنادق ُث اآلابر‪ ،‬ليبلغ البحريات الباطنية‪.‬‬
‫ما يضيع يف املدن من املاء‪ ،‬يعترب ثروة وطنية وال يصح مطلقا التفريط فيها‪ ،‬مثال لو كانت‬
‫هكتار‪ ،‬كالدار البيضاء مثال‪ ،‬وتساقط عليها يف السنة الواحدة ما‬ ‫‪60000‬‬ ‫مساحة املدينة حواِل‬
‫مليمرت‪ ،‬فإن كمية املاء اليت تضيع‪ ،‬أو قد تكون سباب ضياع ممتلكات املواطنني‬ ‫‪200‬‬ ‫جمموعه‬
‫النتيجة هي ‪ 1.2‬مليار مرت مكعب من‬ ‫هي‪200mm x 60000h x 10000m = 120000000m3 :‬‬
‫املاء تقريبا‪ ،‬تضيع يف شوارع مدينة كبرية لتتلف ممتلكات املواطنني‪.‬‬
‫مليار درهم‪ ،‬دون املصاريف اليومية‬ ‫‪3.8‬‬ ‫حمطة التحلية بشتوكة بسوس‪ ،‬ستكلف حواِل‬
‫مليون مرت مكعب من املاء‪ ،‬يف حني لو أنفقنا املبلغ ملكننا من‬ ‫‪60‬‬ ‫للطاقة‪ ،‬لتنتج لنا سنواي حواِل‬
‫ضخ ماء املدن الكبرية ابملغرب‪ ،‬للبحريات الباطنية ليضمن لنا أكثر من ‪ 3‬مليار مرت مكعب من املاء‬
‫كل سنة تقريبا‪.‬‬
‫‪139‬‬
‫مبلغ ‪ 3.8‬مليار درهم ميكنه أن يضمن لنا عدد اآلابر املزودة خبنادق‪ ،‬تلعب دور املصفاة يف‬
‫‪500000‬‬ ‫الشوارع واْلزقة ابملدن‪ ،‬لو حددان تقريبيا تكلفة حفر بئر وتزويده مبصفاة يف حدود مبلغ‬
‫درهم يبلغ عددها إىل ما يلي‪ 3800000000 :‬مقسوم على ‪ 500000‬النتيجة هي‪ 7600 :‬بئر مزود‬
‫مبصفاة‪ ،‬تكفي على أقل تقدير لسبعة مدن كبرية‪ ،‬لو تساقط من املطر يف السنة الواحدة على كل‬
‫‪8‬‬ ‫مليار درهم‪ ،‬كل سنة هو حواِل‬ ‫‪3.8‬‬ ‫مدينة حواِل ‪200‬مليمرت‪ ،‬فإن جمموع ما سيضمنه لنا مبلغ‬
‫مليار مرت مكعب من املاء‪ُّ ،‬مزان ومصفى ومؤمنا وموزعا على مساحة شاسعة من الوطن‪.‬‬
‫مشاكل الفيضاانت لن تقع مطلقا يف املدن‪ ،‬وفوران الصرف الصحي يف بعض املناطق‬
‫املنخفضة يف املدن وقت الفيضاانت لن يقع مطلقا‪ ،‬مثال ما يقع يف كلميم‪ ،‬حيث ماء املطر يصب‬
‫يف قنوات الصرف الصحي‪ ،‬لتفور القنوات يف الشوارع ويف مراحيض املنازل‪ ،‬لتجري املياه العادمة يف‬
‫الشوارع بدل مياه املطر‪ ،‬ولتمأل املنازل‪.‬‬
‫بتطبيق اخرتاع محاية املدن من الفيضاانت وتطعيم الفرشات املائية‪ ،‬كما شرحته مفصال من‬
‫قبل يف كتايب اْلول‪ :‬هكذا سنحول بلدان املسلمني لتصبح مروجا وأهنارا‪ ،‬ميكن أن نضمن لكل‬
‫‪140‬‬
‫مدينة ما يكفيها من املاء‪ ،‬من خالل ما ينزل عليها من مطر‪ ،‬ولن حنتاج لشق قنوات صرف ماء‬
‫املطر‪ ،‬ليصب يف اْلودية‪ ،‬بل نضخه للفرشات والبحريات الباطنية‪.‬‬
‫اخلنادق اليت سنشيدها بعرض مرت يف الشوارع واْلزقة‪ ،‬ستساهم يف حتديد السرعة داخل‬
‫املدن‪ ،‬مستحيل على السائقني وخاصة سائقي الدراجات النارية‪ ،‬أن يسريوا بسرعة تفوق ‪ 40‬كيلومرت‬
‫يف الساعة‪.‬‬
‫حني نركب وسط االمسنت املسلح جبانيب اخلندق‪ ،‬قنوات من إنوكس‪ ،‬تصل إىل أسفل البئر‬
‫الذي يكون فيه املاء ابلطبع‪ ،‬ونركب على القناة يف الرصيف حنفية كبرية‪ ،‬كنقطة ماء للمطافئ سنزود‬
‫كل مدينة أبكثر من ‪ 100‬نقطة ماء يف الشوارع واْلزقة‪ ،‬تضمن املاء للمطافئ جماان ومتوفرا وقريبا يف‬
‫حالة احلاجة إليه‪.‬‬
‫يف حالة وقوع أي عطب يف مضخات تزويد املدينة ابملاء الصاحل للشرب‪ ،‬ميكن جلمعيات‬
‫اْلحياء‪ ،‬أو للمجلس احلضري أن يستعمل حمركات‪ ،‬تركب يف احلنفيات الكبرية ابْلرصفة‪،‬‬
‫الستخراج ماء اآلابر يف املدينة‪ ،‬لضمان املاء للمطافئ ولضمان املاء للساكنة‪.‬‬
‫‪141‬‬
‫ضغط املاء‪ ،‬حني امتالء البئر سيسبب توسع الفرشة املائة اليت قطعناها‪ ،‬عكس ما يرتكب‬
‫من جرمية إفساد الفرشات الباطنية حاليا‪ ،‬حيث حتفر اآلابر لتمأل ابحلجارة‪ ،‬فينعدم ضغط املاء‪ ،‬بل‬
‫وَتمع تلك احلجارة الرتسبات‪ ،‬فتمنع جراين الفرشة املائية السابقة نفسها‪ ،‬ابلتاِل يكون ما تقوم به‬
‫بعض املصاحل املعنية ابملاء يف املغرب حاليا‪ ،‬جرمية يف حق املاء‪ ،‬وهم حيسبون أهنم حيسنون صنعا‪.‬‬
‫نتيجة تطبيق اخرتاع محاية املدن من الفيضاانت وتطعيم الفرشات املائية‪ ،‬هي أن تتوسع‬
‫الفرشات اليت نقطعها حبفر اآلابر‪ ،‬لتضخ للبحريات الباطنية‪ ،‬ما ميكن أن يبلغ مرت مكعب من املاء يف‬
‫الثانية‪ ،‬لو كان قطر البئر مرتا واحدا‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬منع تغور الفرشات الباطنية‪.‬‬
‫‪142‬‬
‫املغرب اليوم‪ ،‬كغريه من البلدان ذات املناخ الصحراوي اجلاف‪ ،‬يعاين من تغور الفرشات‬
‫الباطنية‪ ،‬نتيجة إتباع سياسات مائية مستوردة‪ ،‬أو مفروضة من املستعمر اهلادف لتخريب مستعمراته‬
‫السابقة‪ ،‬لتهيئتها ليعيد استعمارها من جديد‪.‬‬
‫النتيجة اليت وصلنا إليها‪ ،‬من جفاف البحريات الباطنية وتغور الفرشات املائية‪ ،‬منطقية بفعل‬
‫اجلرائم اليت ارتكبت وما تزال ترتكب يف حق املاء يف بلداننا‪ْ ،‬لنه حني تدرس للمهندسني يف جمال‬
‫املاء نظرايت خاطئة‪ ،‬حتت مسمى العلوم احلقة‪ ،‬فيصدقها املهندسون تصديقا مطلقا‪ْ ،‬لهنم درسوها‬
‫بلغة املستعمر‪ ،‬الذي هو لديهم صاحب العلم واملعرفة‪.‬‬
‫لقد سبق وشرحت أسباب تغور الفرشات املائية وخطورته على الوطن والشعب‪ ،‬ويف هذا‬
‫املبحث سأشرح احلل الذي أرى إتباعه حلل املشكلة ومعاجلتها‪ ،‬معاجلة فعالة‪ْ ،‬لن الذي وقع هو أن‬
‫وزارة الطاقة واملعادن‪ ،‬يف إطار التنقيب عن املعادن‪ ،‬قضت على الفرشات املائية‪ ،‬فغورهتا فأصبح‬
‫املاء منعدما يف كثري من اآلابر والعيون اجلارية من قبل‪.‬‬
‫‪143‬‬
‫الفرشات املائية غالبا يكون بعضها فوق بعض‪ ،‬لذلك فإن الدولة والفالحني واملواطنني‬
‫عامة‪ ،‬حني َتف فرشة يعمقوا اآلابر‪ ،‬حلني البلوغ لفرشة أخرى أسفل من السابقة‪ ،‬واحلفر والتعميق‬
‫هو ما يغور الفرشات العلوية‪ ،‬لتصب يف اليت أسفل منها‪.‬‬
‫الواقع يف الفرشات املائية هو أنه مثال حني حيفر أي شخص بئرا بعيدا عن مستوى البحر‬
‫مرت‪ ،‬فانه حني ميتلئ بئره‬ ‫‪40‬‬ ‫مرت والفرشة اليت بلغها توجد يف عمق‬ ‫‪50‬‬ ‫حبواِل ‪ 200‬كيلومرت بعمق‬
‫ابملاء‪ ،‬ملستوى الفرشة املائية‪ ،‬فان املاء حينها مير للبئر الذي أسفل منه‪ ،‬ليستفيد بدوره وهكذا‪.‬‬
‫حني يكون البئر الذي يف اْلعلى مستغال من فالح‪ ،‬ميلك مضخة ميأل هبا حوضا كبريا‪ ،‬فإن‬
‫اآلابر اليت كانت تستغل نفس الفرشة املائية سابقا‪َ ،‬تف إال قليال‪ ،‬إال إن توقفت مضخات الفالح‬
‫الذي يستغل نفس الفرشة‪.‬‬
‫بلغ مستوى تغور الفرشات املائية يف الصحراء وسوس حاليا مستوايت خطرية جدا‪ ،‬حىت لو‬
‫طبقنا اخرتاع ضخ مياه اْلودية للفرشات والبحريات الباطنية واخرتاع محاية املدن من الفيضاانت‬
‫وتطعيم الفرشات املائية‪ ،‬فان ذلك سيكون بال فائدة‪ْ ،‬لن املاء الذي سنضخه يف الفرشات املائية‬
‫‪144‬‬
‫بعمق أقل من ‪ 100‬مرت‪ ،‬سيسقط يف الفرشات اليت هي بعمق أكثر من ‪ 300‬مرت‪ ،‬وابلتاِل تكون كل‬
‫اجلهود اليت سنقوم هبا بال فائدة تذكر‪.‬‬
‫لذلك فإن أول ما يب القيام به هو معاجلة مجيع الثقوب اليت قامت هبا وزارة الطاقة‬
‫واملعادن‪ ،‬على املستوى الوطين كله‪ ،‬لتتحمل وزارة الطاقة نفسها تطبيق اخرتاع منع تغور الفرشات‬
‫املائية‪ْ ،‬لهنا من غورت تلك الفرشات وهي اليت يب عليها أن حتل تلك املشكلة‪ ،‬اليت سببتها‬
‫ابجلشع يف البحث عن املعادن‪ ،‬مع َتاهل الثروة املائية اليت هلا قيمة أغلى من املعادن نفسها‪،‬‬
‫والدليل أن أابطرة كبار يف الوطن‪ ،‬يبيعون لرت من املاء املعدين للمواطنني خبمسة دراهم‪ ،‬ينون منه‬
‫ربح ‪ 4.20‬درهم‪ ،‬يف حني أن مثن املاء الصاحل للشرب‪ ،‬عامليا ال تتجاوز قيمته درمها واحدا‪.‬‬
‫الذي يفهم اجلرائم اليت ارتكبت يف حق املاء يف الوطن واستغالل بعض اْلابطرة الكبار للماء‬
‫احتكارا وبيعا‪ ،‬ميكن أن يتوقع أن كبار َتار املاء حياربون املاء‪ ،‬ليسهل عليهم تسويق ما احتكروه منه‪.‬‬
‫‪145‬‬
‫طريقة منع تغور الفرشات املائية لن تكلف الكثري‪ ،‬لكن ختتلف التكلفة حسب قطر الثقب‬
‫املائي أو البئر‪ ،‬وميكن أن أقدر تكلفة منع تغور الفرشة املائية بثقب مائي بقطر ‪ 30‬سنتمرت‪ ،‬مثال يف‬
‫حدود مبلغ ‪ 5000‬درهم‪ ،‬يشمل مجيع املصاريف والضريبة على القيمة املضافة‪.‬‬
‫مشكلة تغور الفرشات املائية هي سقوط املاء اجلاري‪ ،‬مثال يف الفرشة اليت يف عمق ‪ 50‬مرت‬
‫لعمق ‪ 300‬مرت‪ ،‬لذلك فحل مشكلة تغور الفرشات املائية هو منع سقوط ماء الفرشة اليت يف ‪ 50‬مرت‬
‫لعمق ‪ 300‬مرت‪ ،‬ولكي حنل املشكلة‪ ،‬نستعمل أسهل الطرق وأيسرها واليت ال تكلف الكثري‪.‬‬
‫البعض قد يتوهم أن ردم الثقوب املائية العميقة‪ ،‬حل ملشكلة تغور الفرشات الباطنية‪ ،‬لكنه‬
‫جرمية كاملة‪ْ ،‬لن ردم اآلابر‪ ،‬كما تفعل السلطات احمللية‪ ،‬اخطر جرمية ترتكب يف حق الفرشات‬
‫املائية‪.‬‬
‫ردم أي ثقب مائي‪ ،‬معناه إغالق مجيع الفرشات املائية اليت فيه‪ ،‬وقطعها هنائيا‪ ،‬ما يعين‬
‫القضاء على تلك الفرشات‪ ،‬حىت لو قمنا بضخ ماء اْلودية واملدن للبحريات الباطنية‪ ،‬فإن كثري من‬
‫الفرشات‪ ،‬سنكون قد قضينا عليها إىل اْلبد‪.‬‬
‫‪146‬‬
‫لذلك فإن احلل السليم هو إغالق تلك الثقوب واآلابر يف مستوى معني‪ ،‬حسب عمق‬
‫الفرشات املائية يف كل منطقة‪ ،‬ولكي نتمكن من تطبيق الغلق بسالمة‪ ،‬نستعمل حفارة جانبية ننزهلا‬
‫داخل الثقب‪ ،‬فنحفر هبا يف جنبات الثقب املائي‪ ،‬يف العمق الذي نريد‪ ،‬لنحمي الفرشات الغنية ابملاء‬
‫ومننع ماءها من السقوط لعمق أكثر‪.‬‬
‫‪30‬‬ ‫نستعمل الكرات البالستيكية اليت يستعملها البحارة‪ ،‬مثال حني يكون قطر الثقب املائي‬
‫سنتمرت‪ ،‬ننزهلا حلني تتجاوز احلفر اجلانيب حتث الفرشة‬ ‫‪40‬‬ ‫سنتمرت نستعمل كرة بالستيكية بقطر‬
‫املائية يف الثقب املائي‪ ،‬فننفخ تلك الكرة‪ ،‬حلني تغلق إغالقا حمكما الثقب املائي‪.‬‬
‫املاء يف البئر أو الثقب املائي يزن أطناان‪ ،‬لذلك البد من سقف من االمسنت املسلح يكون‬
‫أعلى الكرة املنتفخة‪ ،‬معتمد على احلديد الداخل يف احلفر اجلانيب يف جنبات الثقب املائي‪.‬‬
‫قبل استعمال االمسنت‪ ،‬البد من تصنيع شباك حديدي‪ ،‬من احلديد املوافق لقطر كل ثقب‬
‫وكل بئر‪ ،‬حيث يزداد قطر احلديد‪ ،‬كلما ازداد قطر البئر أو الثقب املائي‪ ،‬لتحمل ثقل املاء‪ ،‬يكون‬
‫شكل الشباك دائراي ‪،‬كشكل الثقب املائي ومساواي له تقريبا يف القطر‪.‬‬
‫‪147‬‬
‫سنتمرت مثال نصنع شباكا من احلديد‬ ‫‪30‬‬ ‫ملنغ تغور الفرشات املائية يف ثقب مائي بقطر‬
‫بسمك ‪ 14‬مليمرت‪ ،‬يكون قطر دائرة الشباك حواِل ‪ 28‬سنتمرت تقريبا‪ ،‬تركب فيه قطع حديدية بقطر‬
‫‪ 24‬مليمرت وطول ‪ 10‬سنتمرتات‪ ،‬مزودة بنابض‪.‬‬
‫حني ننزل الشباك احلديدي‪ ،‬جنمع القطع احلديدة اليت بطول ‪ 10‬سنتمرتات حنو اْلسفل‪،‬‬
‫كما لو مجعنا أصابع اليد حنو اْلسفل‪ ،‬لندخل اليد يف فتحة ضيقة‪ ،‬وحني نصل ابلشباك ملستوى‬
‫احلفر اجلانيب يف الثقب‪ ،‬أعلى الكرة البالستيكية نفتح احلبل الذي مجعنا به القطع احلديدة‪ ،‬لتدخل‬
‫كلها يف احلفر جبنبات الثقب املائي‪.‬‬
‫بعد إدخال القطع احلديدة يف احلفر جبنبات الثقب املائي‪ ،‬نكون قد ركبنا احلديد الذي‬
‫سيتحمل ثقل االمسنت‪ ،‬بعد ذلك نصب االمسنت املختلط ابلرمل واحلصى‪ ،‬ابستعمال خرطوم‬
‫لذلك حلني امتالء الشق الذي حنفره إلدخال احلديد فيه‪.‬‬
‫‪148‬‬
‫نتحكم يف الشباك احلديدي وال نزيل احلبل الذي يشده‪ ،‬إال بعد أن يف االمسنت‪ ،‬لكي‬
‫يبقى متوازان‪ ،‬والكرة البالستيكية دورها أن متنع سقوط االمسنت يف عمق الثقب‪ ،‬متاما كدور اخلشب‬
‫يف تسقيف أي بناء‪.‬‬
‫الشباك احلديدي ميكن أن يكون من طبقة واحدة من احلديد‪ ،‬وميكن أن يكون من ثالث‬
‫طبقات‪ ،‬أي ثالث شبابيك مشدود بعضها لبعض‪ ،‬حسب قطر الثقب املائي أو البئر‪ْ ،‬لنه كلما كان‬
‫القطر أكرب‪ ،‬كان الشباك مضاعفا واحلديد املستعمل فيه أمسك‪ ،‬لكي يتحمل ثقل املاء الذي‬
‫سيجمعه البئر أو الثقب املائي‪.‬‬
‫حني نعاجل تغور الفرشات املائية أوال‪ُ ،‬ث بعده نطبق ضخ مياه اْلودية للفرشات والبحريات‬
‫الباطنية‪ُ ،‬ث محاية املدن من الفيضاانت وتطعيم الفرشات الباطنية‪ ،‬سنتمكن من ضمان احتياطي مائي‬
‫سنوي‪ ،‬يتجاوز على أقل تقدير ‪100‬مليار مرت مكعب من املاء‪ُّ ،‬مزان ومصفى ومؤمن وموزع على‬
‫جمموع الوطن‪.‬‬
‫‪149‬‬
‫رس‬ ‫ه‬ ‫الف‬

‫‪03‬‬ ‫كلمة شكر وتقدير‬
‫‪05‬‬ ‫اإلهداء‬
‫‪07‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪18‬‬ ‫الباب اْلول‪ :‬املاء يف املغرب ماضيا‬
‫‪21‬‬ ‫الفصل اْلول‪ :‬وفرة العيون اجلارية‬
‫‪23‬‬ ‫املبحث اْلول‪ :‬أمهية العيون اجلارية يف تكوين بنية القبيلة‬
‫‪25‬‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬العيون اجلارية ومحايتها سبب تكون اْلحالف‬
‫‪27‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬الصراع عن موارد املاء سبب احلروب القبلية‬
‫‪29‬‬ ‫الفصل الثاين‪ :‬الواحات جمهود أهل الصحراء وليست طبيعية‬
‫‪31‬‬ ‫املبحث اْلول‪ :‬النخيل والعنب أهم اْلشجار املثمرة يف الصحراء‬
‫‪32‬‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬طرق اقتسام املاء يف الواحات‪.‬‬
‫‪34‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬القانون العريف اخلاص ابملاء يف الصحراء‪.‬‬
‫‪37‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬النظام اْلمين للماء يف املغرب‬
‫‪38‬‬ ‫املبحث اْلول‪ :‬نظام "تفضنا" منوذج القصايب تكوست‬
‫‪40‬‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬نظام اخلطارات يف الواحات‬
‫‪42‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬نظام الضفائر لتخزين ماء املطر‬
‫‪46‬‬ ‫الباب الثاين‪ :‬املاء يف املغرب حاضرا‪.‬‬
‫‪48‬‬ ‫الفصل اْلول‪ :‬جفاف العيون اجلارية‬
‫‪50‬‬ ‫املبحث اْلول‪ :‬أسباب جفاف العيون اجلارية‬
‫‪53‬‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬تغور الفرشات الباطنية‬
‫‪54‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬خطورة احللول املستورة على املاء يف املغرب‬
‫‪58‬‬ ‫الفصل الثاين‪ :‬حتلية ماء البحر يف املغرب‬
‫‪150‬‬
‫‪61‬‬ ‫املبحث اْلول‪ :‬حمطات التحلية وأمهيتها‬

‫‪70‬‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬تصفية املياه العادمة وخطورهتا‬
‫‪72‬‬ ‫املبحث الثالث‪:‬بناء السدود التلية‬
‫‪76‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬نذرة املاء يف املغرب‬
‫‪79‬‬ ‫املبحث اْلول‪ :‬نذرة املاء بسبب االستغالل الفاحش للماء‪.‬‬
‫‪81‬‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬نذرة املاء بفعل منع املاء عن البحريات الباطنية‬
‫‪85‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬خطورة املشاريع املائية اليت ال توافق املناخ القاري‬
‫‪99‬‬ ‫الباب الثالث‪ :‬مستقبل املاء يف املغرب‬
‫‪100‬‬ ‫الفصل اْلول‪ :‬جفاف املغرب من املاء‬
‫‪102‬‬ ‫املبحث اْلول‪ :‬جفاف البحريات الباطنية للمغرب‬
‫‪108‬‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬انقراض الوحيش يف املغرب‬
‫‪109‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬احنصار اإلنسان على السواحل‬
‫‪111‬‬ ‫الفصل الثاين‪ :‬خراب اقتصاد املغرب بفعل نذرة املاء‬
‫‪113‬‬ ‫املبحث اْلول‪ :‬عطش الكسب يف املغرب‬
‫‪114‬‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬عطش املواطنني يف املغرب‬
‫‪116‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬انقراض شجرة الطلح يف املغرب‬
‫‪118‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬احللول املبتكرة لضمان املاء للمغرب‬
‫‪120‬‬ ‫املبحث اْلول‪ :‬ضخ مياه اْلودية للفرشات والبحريات الباطنية‬
‫‪127‬‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬محاية املدن من الفيضاانت وتطعيم الفرشات الباطنية‬
‫‪139‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬منع تغور الفرشات الباطنية‬
‫اب‬ ‫ؤلف الكت‬ ‫البطاقة الوطنية مل‬
‫‪151‬‬
‫للتواصل مع املؤلف خبصوص الكتاب ومضمونه‬

‫عنوان املراسلة‪ :‬رقم ‪ 10‬زنقة سيدي أمحد الدرهم شارع املسرية اخلضراء ‪ 81000‬كلميم اململكة‬
‫املغربية‬
‫‪00212528770686‬‬ ‫رقم اهلات ف‪:‬‬
‫‪alwahda2008@gmail.com‬‬ ‫الربيد اإللكرتوين‪:‬‬
‫‪152‬‬
‫‪https://www.facebook.com/profile.php?id=100006468323553‬‬ ‫الفايسبوك‪:‬‬
‫‪https://www.youtube.com/user/MrBoufim/videos‬‬ ‫قناة اليوتوب‪:‬‬
‫‪CREDIT AGRICOLE GUELMIM BIR ANZ‬‬ ‫احلساب البنكي للمؤلف‪:‬‬
‫‪81000‬‬ ‫‪GUELMIM MAROC‬‬
‫‪R.I.B : 225320017106122661012689‬‬
‫‪SWIFT :CNCA.MA.MR‬‬
‫حدد بنفسك قيمة الكتاب وأدفعها يف احلساب البنكي أعاله‬
‫وإن تعذر عليك‪ ،‬فتصدق بتلك القيمة ليكون أجرها للمؤلف‪ ،‬وإن‬
‫تعذر عليك فشارك الكتاب مع كل معارفك‪ ،‬لتكون سددت مثنه‪.‬‬
‫‪153‬‬
‫‪154‬‬

الماء في المغرب ماضيا وحاضرا ومستقبلا

Uploaded by

Copyright:

Available Formats

You might also like

الماء في المغرب ماضيا وحاضرا ومستقبلا

Uploaded by

Document Information

Copyright

Available Formats

Share this document

Share or Embed Document

Sharing Options

Did you find this document useful?

Is this content inappropriate?

Copyright:

Available Formats

الماء في المغرب ماضيا وحاضرا ومستقبلا

Uploaded by

Copyright:

Available Formats

‫املاء يف املغرب ماضيا وحاضرا ومستقبال ‪ /‬ذ‪.

‬عبدهللا بوفيم ‪ /‬اإليداع القانوين‪2017MO5144:‬‬

‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬

‫يع ِيف ْاْلَ ْر ِ‬‫ِ‬ ‫السما ِ‬ ‫اَّلل أ ِ‬ ‫﴿ أَََلْ تَ َر أ َّ‬

‫ص َف ًّرا ُثَّ َْي َعله حطَ ًاما إِ َّن ِيف ََٰذلِ َ‬

‫لَ ِذ ْكر َٰى ِْل ِوِل ْاْلَلْبَ ِ‬

‫‪21‬‬ ‫سورة الزمر اآلية‬

‫صدق هللا العظيم‬

‫داع القانوين‪2017MO5144:‬‬ ‫اإلي‬

‫‪2017‬‬ ‫الطبعة اْلوىل من الكتاب نشرت بتاريخ‪ 15 :‬دجنرب‬

‫كلمة شكر وتقدير‬

‫اجلميع‪ ،‬تسديدا لثمنها الذي هو املشاركة وعلى أوسع نطاق‪.‬‬

‫العشرة‪ْ ،‬لي لغة يتقنها مع احرتامه اْلمانة العلمية‪.‬‬

‫شجعوين على الكتابة ومواصلة التأليف يف جماالت عدة‪.‬‬

‫صغريا ودربيت طفال‪ ،‬فوجهتين شااب وترشدين كبريا‪.‬‬

‫ولكل اْلهل واْلحباب‪.‬‬

‫اإلص َالح ما استطَعت وما تَ وفِ ِيقي إَِّال ِاب َِّ‬

‫‪88‬‬ ‫سورة هود آية‬

‫الصحة والعافية وأن يسعدكما يف الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫خاصة يف حسايب يف الفيسبوك‪.‬‬

‫لسماو ِ‬ ‫ين َك َفروا أ َّ‬ ‫َّ ِ‬

‫ليطبقوها فيسامهوا من حيث ال يعلمون يف القضاء على املاء يف أوطاهنم‪.‬‬

‫املائية عرب شقوق وثقوب يف قلب اْلودية ويف جنباهتا‪.‬‬

‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬

‫ۖ َو َج َعلْنَا ِم َن ال َْم ِاء ك َّل َش ْي ٍء َح ٍي ۖ أَفَ َال ي ْؤِمنو َن))‪.‬‬

‫َحيَا بِ ِه‬ ‫اَّلل ِمن َّ ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬

‫الس َم ِاء َو ْاْل َْر ِ‬

‫ث فِ َيها ِمن ك ِل َدابٍَّة)) املطر هو الذي يعيد احلياة‬

‫لألرض‪ ،‬واملاء املخزن يف اْلرض ضمانة للحياة عليها‪.‬‬

‫شأ َْان لَكم بِ ِه‬ ‫اب بِ ِه لََق ِ‬ ‫وأَنزلْنا ِمن َّ ِ‬

‫رية َوِم ْن َها ََتْكلو َن (‪.)) )19‬‬‫ِ ِ‬ ‫ٍ َّ ِ‬ ‫َّات ِمن ََِّّن ٍ‬

‫جارية تصب يف حبريات ابطنية‪.‬‬

‫غري درهم واحد‪.‬‬

‫سيجد الرمل اجلاف‪.‬‬

‫درسه كذب وهبتان ال يستحق أن يدرس‪.‬‬

‫يف أنفسهم‪ ،‬أو أهنم ال يريدون للصحراء العمارة واحلضارة‪.‬‬

‫تلعب دور امللطف للمناخ والتقليل من َتثري الرايح‪.‬‬

‫تضمن املاء جاراي تشرب منه كل ُّملوقات هللا الرمحن الرحيم‪.‬‬

‫اجليولوجية اليت تغذي البحريات الباطنية‪.‬‬

‫التنقيب عن املعادن‪ْ ،‬لعماق كبرية قد تتجاوز ‪100‬مرت‪.‬‬

‫من أفراد اجملموعة‪.‬‬

‫اء بَِق َد ٍر فَأَ ْس َكنَّاه ِيف ْاْل َْر ِ‬

‫ِ ِ‬ ‫ٍ َّ ِ‬ ‫َّات ِمن ََِّّن ٍ‬

‫َوِم ْن َها ََتْكلو َن (‪.)) )19‬‬

‫لألعماق لنجد ما نستخرجه‪.‬‬

‫مائيا واحدا لضخ املاء للبحريات الباطنية‪ ،‬لنجد ما نستخرجه مستقبال‪.‬‬

‫متوفرا كما كان متوفرا من قبل‪.‬‬

‫فسران نقلد غريان‪ ،‬فيما يصلح له وال يصلح لنا مطلقا‪.‬‬

‫إضعافا منها ملستعمراهتا السابقة وهتيئتها لتعيد استعمارها من جديد‪.‬‬

‫ت أ َْوِديَة بَِق َد ِرَها‬

‫َّاس فَ يَ ْمكث ِيف ْاْل َْر ِ‬ ‫اَّلل ا ْحل َّق والْب ِ‬

‫َّاس فَ يَ ْمكث ِيف ْاْل َْر ِ‬

‫ك لَ ِذ ْكر َٰى ِْل ِوِل ْاْلَلْبَ ِ‬

‫من الريح املولدة ابلسرعة‪.‬‬

‫الباب اْلول‪ :‬املاء يف املغرب ماضيا‬

‫ابطنية عمالقة‪ ،‬وتغدي البحريات الباطنية اْلصغر والبعيدة‪.‬‬

‫الصحراء‪ ،‬تضمن الغذاء والزاد للصحراء وأهلها‪.‬‬

‫يقومون به جمرد تعويض مخس ما يقتلون من النخيل املنتج اليوم‪.‬‬

‫تساوي قيمته‪ ،‬أكثر من قيمة ‪ 10‬سدود كبرية‪.‬‬