عمر فخار

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 101

‫الحركة اإلصالحية في مزاب مطلع القرن ‪02‬م‬ ‫الفصل األول‬

‫الفصل األول‪ :‬الحركة اإلصالحية في مزاب(‪ )1‬مطلع القرن ‪02‬م‪.‬‬


‫لقد سانبت ثػيلٌة من العلماء اؼبصلحٌن يف ددمة اعباار من صبع اعبااب اليعاسعة كالققايعة‬
‫كاالجتماععة‪ ،‬كىذا يف إطار مااجهة اؼبش كع االستعمارم الف بيي‪ ،‬الٌامي إُف ىؿب ًا الققاية‬
‫اإلسبلمعة كتقاًن الشذصعة اإلسبلمعة الع بعة كاؽبايٌة اعباار ية‪ ،‬كبش الفك التغ ييب يف أكساطها‪.‬‬

‫رد‬
‫كابطبلقنا من ىذا الضغط لليعاسة الف بيعة اليت ىميت يمقامات الشذصعة اعباار ية‪ ،‬جاء ٌ‬
‫كداصة‬
‫ٌ‬ ‫يعل العلماء‪ ،‬الذم كاف على شكل ؾبهادات جبٌارة إصبلحعة‪ ،‬ىميت صبع اجملاالت‬
‫ربملاا ميؤكلعة مااجهة ىذه اؼبشاري اؽبدامة يف‬
‫االجتماععة منها‪ ،‬كمن بٌن ىؤالء األعبلـ الذين ٌ‬
‫ؿبل دراسيت الشعخ ضبا بن عم يذار‪ ،‬الذم ييعترب أحد‬
‫منطقة مااب‪ ،‬ىذه الشذصعة اليت ىي ٌ‬
‫أقطاب اغبكة اإلصبلحعة يف اعبناب اعباار م‪.‬‬

‫و‬
‫باحث يف الي ىًن كالاراج ال ييبكن ِف إففاؿ البعةة كالر كؼ اليت عاشتها الشذصعة‬ ‫كأم‬
‫ك ٌ‬
‫اؼب اد دراستها‪ ،‬لًما ؽبا من تأثًن يف تكاينها كيف ديعها ألعماؿ كمنجا و‬
‫ات مععنة‪ ،‬لذلك سأتط ؽ يف‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الفصل األكؿ الذم ىا عبارة عن يصل مددلي للماضاع‪ ،‬للحديث عن األكضاع اليعاسعة‬
‫كاالقتصادية كاالجتماععة كالققايعة ؼبااب دبلؿ الق ف العش ين‪ ،‬مث اغبكة اإلصبلحعة يف اعباار‬
‫كالعاامل اليت ٌأدت إُف ظهارىا كمآث ىا يف مااب‪.‬‬

‫إذف دباذا سبعٌات أكضاع مااب مطل الق ف العش ين؟ كما ىي أب ز جهاد رجاؿ اإلصبلح‬
‫يف اعباار كمااب من أجل النهاض باجملتم كإصبلح أكضاعو؟‬

‫اب‪،‬‬ ‫و‬ ‫( ‪)1‬‬


‫اب‪ٍ ،‬مىا ٍ‬
‫ادتلف اؼبؤرداف كعلماء الليابعات يف أصل الكلمة‪ ،‬كتينطى يق على ع ٌدة أشكاؿ كىي على ىذا النحا‪ :‬يمىا ٍ‬
‫اب بيبة إُف مصاب من بين كاسٌن كابو أحد بطاف قبعلة زباتة األمازيغعة‪ .‬للمايد يينر ‪ :‬اؼبلحق رق‬
‫ص ٍ‬‫اب‪ ،‬كأصل الكلمة يم ى‬
‫بٍػىا ٍ‬
‫‪ .01‬كيينر ‪ :‬ؿبمد بن ماسى بابا عمي كآد كف‪ :‬معجم مصطلحات اإلباضية‪ ،‬بش كزارة األكقاؼ كالشؤكف الدينعة‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫عماف ‪ ،2008‬ج‪ ،2‬ص ‪ .951‬كيينر ‪ :‬عبد ال ضبن ابن دلدكف‪ :‬كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب‬
‫والعجم والبربر ومن عاصرىم من ذوي السلطان األكبر‪ ،‬دار الكتاب اللبناين‪ ،‬بًنكت ‪ ،1960‬ج‪ ،7‬ص ‪ .123‬كيينر ‪:‬‬
‫ياسف بن بكًن اغباج سععد‪ :‬تاريخ بني مزاب‪ ،‬دراسة اجتماعية واقتصادية وسياسية‪ ،‬اؼبطبعة الع بعة‪ ،‬ط‪ ،3‬اعباار ‪،2014‬‬
‫ص ‪.06‬‬
‫~‪~21‬‬
‫الحركة اإلصالحية في مزاب مطلع القرن ‪02‬م‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الثاني‪ :‬ظهور الحركة اإلصالحية في الجزائر ومآثرىا في مزاب‪.‬‬


‫تكابت يف هناية الق ف التاس عش كأكارل الق ف العش ين يف اعباار ‪ ،‬طارفةه كبًنةه من العلماء‬
‫ٌ‬
‫دالصا كثقايتو‬
‫تعلعمو ع بعنا ن‬
‫اؼبيصلحٌن‪ ،‬الذين كاباا با يك ىارةى ٌركاد النهضة كاإلصبلح‪ ،‬يمنه من كاف ي‬
‫دينعة ًص يىة‪ ،‬كمنه من التحق باؼبدرسة الف بيعة منذ الصبا‪ ،‬يكابت ثقايتو كتعلعمو مادكجٌن‬
‫(ع يب‪ -‬ي بيي)‪ ،‬كما تعلٌ يف ال يكتاب قبل دداؿ اؼبدرسة الف بيعة االبتدارعة كالقاباية‪ ،‬كمنه من‬
‫رحل إُف ي بيا كدرس جبامعاهتا‪ ،‬مث رج إُف اعباار ككاف من دعاة اإلصبلح‪ ،‬من ىؤالء الشعخ‬
‫ؿبمد بن رحاؿ‪ ،‬كعم راس ‪ ،‬كعم بن قدكر‪ ،‬كاألمًن دالد‪ ،‬كاألمٌن العمادم‪ٌ .‬أما دٌهبا‬
‫اعبامعات من أبناء اعباار يمنه ‪ :‬الدكتار ؿبمد بن الع يب‪ ،‬ؿبمد بن أيب شن ‪ ...‬كفًنى (‪.)1‬‬

‫لقد رأل العلماء اؼبصلحاف األكارل‪ ،‬أ ٌف التعلع الف بيي يمفع هد عكس ما كاف يعتقد فالبعة‬
‫دالص ال بف يعو‪ ،‬بش ط أف يي ٌّب األكالد ت بعة دينعة‬
‫ه‬ ‫اعباار يٌن منذ أياـ االحتبلؿ األكُف‪ ،‬بأبٌو شٌّ‬
‫صحعحة‪ ،‬كيأدذكف حرٌه من العلاـ الدينعة كاللغة الع بعة(‪.)2‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم اإلصالح‪:‬‬


‫التع يف اللغام‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫"صلى ىح" ك‬ ‫ً‬ ‫اإلصبلح يف اللٌغة ًضد‬
‫ال ىف ىياد‪ ،‬من يعل ى‬ ‫كبقعض اإليياد‪ ،‬كالص ىبل يح ض ٌد‬
‫ي‬
‫كأ ً‬
‫ينب ىل من األمار كاؼبذلاقات‬ ‫"صليح"‪ ،‬كىا اعبرب كالتياية كاإلقامة‪ ،‬كالتعهد ؼبا أ ً‬
‫ييي ىد كتيً ىؾ‬ ‫ٌ‬ ‫ى ى‬
‫كاؼباجادات(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬ؿبمد علي دباز‪ :‬نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركة‪ ،‬اؼبطبعة الع بعة‪ ،‬ف داية‪ ،‬اعباار ‪ ،1981‬ج‪ ،2‬ص ص ‪،04‬‬
‫‪.07‬‬
‫(‪ )2‬ؿبمد علي دباز‪ :‬اؼبصدر بفيو‪ ،‬ص ‪.08‬‬
‫(‪ )3‬ابن منرار‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار إحعاء الاراث الع يب‪ ،‬ط‪ ،3‬بًنكت ‪1993‬ـ‪ ،‬مج‪ ،8‬ص ‪.26‬‬
‫~‪~21‬‬
‫الحركة اإلصالحية في مزاب مطلع القرن ‪02‬م‬ ‫الفصل األول‬

‫التع يف االصطبلحي‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫تع ٌد كلمة "اإلصبلح" من أى ٌ ما احتاتو اغبضارة الع بعة اإلسبلمعة على مدل تارىبها‬
‫العقائد والعوائِ ِد‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفاسد من‬ ‫اإلصبلح بأبٌو‪ «:‬نب ُذ‬
‫ى‬ ‫الطايل‪ ،‬كقد عٌؼ الشعخ مبارؾ اؼبعلي‬
‫السعادتين‬ ‫ِ‬
‫ؤخ َذ‪ ،‬وغايتو ترقية المجتمع في ُسلم ّ‬ ‫صالح منها ليُ َ‬
‫ٌ‬ ‫وإرشاد النّاس إلى ما ىو‬
‫الدنيوية واألخروية »(‪ ،)1‬كي ل الدكتار أبا القاس سعد ا﵁‪ «:‬أ ّن اإلصالح بمفهومو الشامل‬
‫قد يبدأ بالثقافة أو بال ّدين أو بالمجتمع‪ ،‬لكنو في نهاية األمر يُعطي كل مظاىر الحياة في‬
‫مجتمع ما‪ ،‬بما في ذلك السياسة »(‪.)2‬‬

‫كجل‪ ﴿:‬ىكالى‬
‫ٌ‬ ‫عا‬
‫كبقعضا لو‪ ،‬يقاؿ ٌ‬
‫ن‬ ‫كقد ىكىرىد لفظ اإلصبلح يف الق آف الك ًن يمقاربنا بالفياد‬
‫صبلى ًح ىها ﴾(‪ ،)3‬كاآليات اليت تدعا إُف اإلصبلح كقًنةه يف الق آف الك ًن‪،‬‬
‫عد إً ٍ‬
‫تي ً‬
‫في يدكا ًيف األ ً‬
‫ىرض بى ى‬
‫ت‪ ،‬ىكىما‬
‫استىطى ٍع ي‬ ‫يد إًال ا ًإل ٍ‬
‫صبلى ىح ىما ٍ‬ ‫شعارا غبكاهت ‪ ﴿:‬إً ٍف أي ًر ي‬
‫منها اآلية اليت ٌازبذىا اؼبصلحاف ن‬
‫ت ىكإًلىٍع ًو أيبًع ي ﴾(‪ ،)4‬كعن أيب ى ي ة ‪ ‬قاؿ‪ :‬قاؿ رساؿ ا﵁ ‪ «:‬إ ٌف‬ ‫ً ً‬ ‫ًً‬
‫تىػ ٍايعقي إًال بًا﵁ ىعلىٍعو تىػ ىاك ٍل ي‬
‫األمة على رأس كل مارة سنة من هب ٌدد ؽبا أم دينها»(‪.)5‬‬
‫ا﵁ يبعث ؽبذه ٌ‬
‫ياإلصبلح ىا عملعةه اجتماععة مع ٌقدة‪ ،‬م جععتها ال ٌدين اإلسبلمي عقعد نة كش يعةن‪ ،‬ىديها‬
‫إحداث تغعًن إهبايب كبقل باعي للمجتم على ميتال حعاة األي اد ال كحعة كالعقلعة كاليلاكعة‪،‬‬
‫كعلى ميتال اؼبنرامة االجتماععة ؽب يف كل أبعادىا‪ ،‬حت تيتقع ىذه اغبعاة على طاعة ا﵁‬
‫تعاُف‪ ،‬كإدبلص العبادية لو‪ ،‬كربقعق االستذبلؼ يف األرض‪ ،‬كالتمكٌن لدين ا﵁ تعاُف‪ ،‬كىذا‬

‫( ‪)1‬‬
‫علي بن طاى ‪ :‬مبارك الميلي وجهوده في الحركة اإلصالحية ‪ ،1945 – 1897‬رسالة ماجيتًن‪ ،‬جامعة األمًن عبد‬
‫القادر‪ ،‬قينطعنة ‪ ،2001‬ص ‪.75‬‬
‫(‪ )2‬أبا القاس سعد ا﵁‪ :‬الحركة الوطنية الجزائرية‪ ،‬دار البصار ‪ ،‬اعباار ‪ ،2007‬ج‪ ،3‬ص ‪.87‬‬
‫(‪ )3‬سارة ال عد ‪ /‬اآلية‪.56 :‬‬
‫(‪ )4‬سارة ىاد ‪ /‬اآلية‪.88 :‬‬
‫(‪ )5‬ؿبمد بن عبد ا﵁ اغباك النعيابارم‪ :‬المستدرك على الصحيحين‪ ،‬دار الكت العلمعة‪ ،‬ط‪ ،1‬بًنكت ‪ ،1990‬مج‪ ،4‬ص‬
‫‪.522‬‬
‫~‪~16‬‬
‫الحركة اإلصالحية في مزاب مطلع القرن ‪02‬م‬ ‫الفصل األول‬

‫م الر كؼ الامنعة كاؼبكابعة اليت ربدث يعها‬ ‫يقتضي ربديد ىدؼ كاضح اؼبعاَف‪ ،‬دبا يتناس‬
‫عملعة التغعًن(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪ :‬تعريف الحركة اإلصالحية‪:‬‬


‫ي ً‬
‫عترب الشعخ ؿبمد البشًن اإلب اىعمي(‪ )2‬أ ٌف لفظ "حكة " يف العي ؼ العص م العاـ ال ييطلق‬‫ى‬
‫كل مبدأ تعتنقو صباعة كتنياؽ لنص تو كبش ه كالدعاية كالعمل لو عن عقعدة‪ ،‬كيهتعٌئ لو‬
‫ٌإال على ٌ‬
‫براما ؿب ٌد ندا‪ ،‬كدطٌة م سامةن‪ ،‬كفايةن مقصادةن(‪.)3‬‬
‫ن‬
‫‪ -‬العاامل اؼبياعدة على ظهار اغبكة اإلصبلحعة باعباار ‪:‬‬
‫استيم ٌد الفك اإلصبلحي يف اعباار من اؼببادرات العديدة اليت يتبنٌاىا العديد من اؼبشايخ‬
‫كالعلماء أمقاؿ كل من ضبداف داجة(‪ ،)4‬كعبد القادر اجملاكم(‪ ،)5‬كمن دبلؿ كتابات عبد اغبلع‬

‫(‪ )1‬قاس بن أضبد الشعخ باغباج‪ :‬معالم النهضة اإلصالحية عند إباضية الجزائر ‪1157‬ىـ ‪1744‬م إلى ‪1382‬ىـ ‪1962‬م‪،‬‬
‫اؼبطبعة الع بعة‪ ،‬ط‪ ،1‬اعباار ‪ ،2011‬ص ‪.199‬‬
‫(‪ )2‬الشعخ البشًن بن اليعدم اإلب اىعمي (‪1965 – 1889‬ـ)‪ :‬كلد بق ية الاادم (كىي ق ية اإلب اىعمعة حالعان) بناحعة‬
‫سطعف‪ ،‬حفظ الق آف يف صغ ه على يد عمو اؼبكي اإلب اىعمي‪ ،‬كيف ‪1911‬ـ ىاج إُف اؼبش ؽ ‪ ،‬كجلس إُف علماء األزى‬
‫كاؼبدينة اؼبنارة ‪ ،‬كالتقى يف أثناء إقامتو باؼبدينة اؼبنارة بالشعخ عبد اغبمعد بن باديس يف ماس اغبج ‪1913‬ـ كط حت يك ة‬
‫تأسعس صبععة العلماء اؼبيلمٌن ألكؿ م ة‪ ،‬كيف ‪1920‬ـ عاد إُف اعباار كأسس مدرسة بيطعف‪ ،‬كاتصل بابن باديس لتاحعد‬
‫يعٌن باربا لل رعس مث أصبح ال رعس اؼبباش بعد كياة ابن‬‫اعبهاد‪ ،‬كبالفعل تاصل إُف تأسعس صبععة العلماء سنة ‪1931‬ـ ي‬
‫باديس سنة ‪1940‬ـ‪ .‬للمايد يينر ‪ :‬أضبد طال اإلب اىعمي‪ :‬آثار اإلمام محمد البشير اإلبراىيمي‪ ،‬ج كتق‪ :‬أضبد طال‬
‫اإلب اىعمي‪ ،‬دار الغ ب اإلسبلمي‪ ،‬ط‪ ،1‬لبناف ‪ ،1997‬ج‪ ،1‬ص ص ‪.13 ،09‬‬
‫(‪ )3‬أضبد طال اإلب اىعمي‪ :‬اؼب ج بفيو‪ ،‬ص ‪.181‬‬
‫(‪ )4‬ضبداف داجة (‪1840 -1775‬ـ)‪ :‬جاار م اؼبالد كالنشأة‪ ،‬يك فيلي األصل ذك ثقاية إسبلمعة ع بعة‪ ،‬تقلٌد الكقًن من‬
‫اؼبناص دبلؿ اغبك العقماين باعباار ‪ ،‬كعند االحتبلؿ الف بيي داي عن الاطن كطال باستقبللو‪ ،‬ابتذبو أععاف اعباار‬
‫كعلمارها عضاا فبقبل عنه للدياع عن القضعة اعباار ية‪ ،‬اشتغل بالتألعف كالارصبة‪ ،‬كدلٌف كقًنا من اؼبؤلفات منها‪ :‬كتاب اؼب آة‪،‬‬
‫إرباؼ اؼبنصفٌن كاألدباء دبباحث االحاراز عن الاباء كفًنىا‪ .‬للمايد يينر ‪ :‬عادؿ بايهض‪ :‬معجم أعالم الجزائر‪ ،‬مؤسية‬
‫بايهض للققاية‪ ،‬ط‪ ،2‬لبناف ‪ ،1980‬ص ص ‪.137 -136‬‬
‫( ‪)5‬‬
‫صغًنا‪ ،‬كما كاصل تعلعمو يف تابس‬
‫الشعخ عبد القادر اجملاكم (‪1913 -1848‬ـ)‪ :‬من ماالعد مدينة تلمياف حفظ الق آف ن‬
‫تابس كاؼبغ ب‪ ،‬عمل على إصبلح الاربعة كتألعف العديد من الكت يف ىذا اجملاؿ بذك منها "إرشاد اؼبتعلمٌن" كاؼب صاد يف‬
‫~‪~12‬‬
‫الحركة اإلصالحية في مزاب مطلع القرن ‪02‬م‬ ‫الفصل األول‬

‫بن ظباية(‪ )1‬كفًنى ‪ ،‬يقد سعاا إُف إصبلح اجملتم كببذ أيكار اعبماد كتصحعح مفاىع العقعدة‪،‬‬
‫ً ً‬
‫إرىاصا ؼبعبلد اغبكة اإلصبلحعة يف اعباار (‪.)2‬‬
‫ن‬ ‫كضبل لااء اإلصبلح يف اعباار ياعتيً ىربت يج يه ي‬
‫اد يى‬
‫كاؽبدؼ من ال ٌدعاة اإلصبلحعة تطهًني العقاؿ كت قعةي النٌفس البش ية من أىااؿ البً ىدع‬
‫كاػب ايات‪ ،‬كبفي اعبهل‪ ،‬كتكاين ي ود ي تقي يف درجات اغبعاة األس ية كاالجتماععة‪ ،‬كالنٌضاؿ يف‬
‫سبعل الاطن(‪ ،)3‬كما أف النٌهضة اإلصبلحعة يف اعباار اعتمدت يف هنجها اإلصبلحي على كسارل‬
‫كابت يف أفل األحعاف ي دية‪ ،‬كفالبعٌة اؼبصلحٌن كاباا ييااكلاف أعماؽب يف اإلدارة اغبكامعة‪ ،‬كفبا‬
‫شك يعو م اعاهت ؽبذا اعباب كامتعازى بالتذفي كالتيار على بشاطاهت كاحتفاظه بأيكارى‬ ‫ال ٌ‬
‫داصةن كأف االحتبلؿ الف بيي ىا اؼبناىض األكؿ كاألدًن للفك‬ ‫ٌ‬ ‫اإلصبلحعة ألبفيه ‪،‬‬
‫اإلصبلحي كيك التجديد(‪.)4‬‬
‫تبلارت العاامل اػبارجعة كالدادلعة على أيكار اؼبققفٌن‪ ،‬كسانبت يف ظهار اغبكة اإلصبلحعة كمن‬
‫بٌن ىذه العاامل‪:‬‬
‫العاامل اػبارجعة‪:‬‬
‫الفك اإلصبلحي الذم ابتهجو صباؿ ال ٌدين األيغاين(‪ )5‬يف اإلصبلح العلمي كالديين‪،‬‬ ‫‪ً -‬‬

‫كدعاتو لكاية العلماء من مش قو كمغ بو لل جاع إُف مناب ال ٌدين الصحعح‪ ،‬كببذ اػب ايات‬
‫كالبدع الطييقعٌة اؼبنح ية اؼبضللىة عن اإلسبلـ الصحعح(‪.)1‬‬

‫ميارل =االقتصاد" كاىت بالتعلع كداي عن حق اؼب أة يف التعلع ‪ .‬للمايد يينر ‪ :‬عمار الطاليب‪ :‬آثار ابن باديس‪ ،‬ش ك ف‬
‫ت‪ ،‬ط‪ ،3‬اعباار ‪ ،1997‬ج‪ ،1‬ص ص ‪.21 ،19‬‬
‫مشايخ كبار أمقاؿ "أيب القاس‬
‫ى‬ ‫(‪ )1‬الشعخ عبد اغبلع بن ظباية (‪1933 -1866‬ـ)‪ :‬حايظ للق آف الك ًن‪ ،‬أدذ العل عن‬
‫اغبفناكم" ك"ابن ععيى اعباار م" كفًنى ‪ ،‬من الطبلب اؼبتذ جٌن من اؼبدرسة القعالبعة بتابس‪ ،‬شغل منص التدريس دبدرسة‬
‫القعالبعة‪ ،‬من كتبو "يليفة اإلسبلـ"‪ .‬للمايد يينر ‪ :‬عمار الطاليب‪ :‬اؼب ج اليابق‪ ،‬ص ص ‪.34 ،28‬‬
‫(‪ )2‬أبا القاس سعد ا﵁‪ :‬أفكار جامحة‪ ،‬عاَف اؼبع ية‪ ،‬ط خ‪ ،‬اعباار ‪ ،2011‬ص ‪.49‬‬
‫( ‪)3‬‬
‫عبد الك ًن باصفصاؼ‪ :‬جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ودورىا في تطوير الحركة الوطنية ‪،1945 – 1931‬‬
‫دار البعث للطباعة كالنش ‪ ،‬قينطعنة‪ ،‬اعباار ‪ ،1978‬ص ‪.52‬‬
‫(‪ )4‬أضبد اػبطع ‪ :‬جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأثرىا اإلصالحي في الجزائر‪ ،‬ـ‪.‬ك‪.‬ؾ‪ ،‬اعباار ‪ ،1985‬ص ‪.93‬‬
‫(‪ )5‬صباؿ الدين األيغاين (‪1897-1839‬ـ)‪ :‬كلد دبدينة أباد بأيغابيتاف‪ ،‬ارربل يف عم القالقة عش إُف النجف لكي يكمل‬
‫تعلعمو‪ ،‬كبعد م كر أرب سناات ش ع يف سليلة من ال حبلت ينش أيكاره التجديدية ابطبلقا من اؽبند م كرا باغبجاز كاستق‬
‫دبص ؼبدة شباين سناات‪ ،‬أين زب جت على يده ثلٌة من العلماء أب زى الشعخ "ؿبمد عبده" ك "سعد زفلاؿ"‪ ،‬مث رحل إُف‬
‫~‪~11‬‬
‫الحركة اإلصالحية في مزاب مطلع القرن ‪02‬م‬ ‫الفصل األول‬

‫ب من اؼبش ؽ‬ ‫ً‬
‫‪ -‬ازدىار الطباعة كحكة التألعف اليت صحبتها ذبارة الكت اليت كابت تتي ي‬
‫داصة من مص كساريا عرب قاايل اغبجاج أك ذبار الكت الذين مارساا ىذه‬
‫ٌ‬ ‫كبا اعباار‬
‫التجارة ربت أبرار ا﵀تل الف بيي من لبناف كبا اعباار (‪.)2‬‬
‫‪ -‬بشاط الدعاة كالاعظ كذلك من دبلؿ زيارة ؿبمد عبده كاجتماعو بعلماء اعباار يف عاـ‬
‫‪2161‬ـ‪ ،‬كسععو يف تاحعد رأم اؼبيلمٌن ككلمته كتذكًنى بأؾباد اػببلية اإلسبلمعة فبا‬
‫ظبح برهار اعبامعة اإلسبلمعة لتاحعد أقطار العاَف اإلسبلمي(‪.)3‬‬
‫‪ -‬إي ازات اغب ب العاؼبعة األكُف على اعباار يٌن‪ ،‬كؿباكلة صبعه بٌن ح ٌ الاطنعة‬
‫كالنهضة(‪.)4‬‬
‫العاامل الدادلعة‪:‬‬

‫‪ -‬إيباف العديد من اؼبف ٌك ين اعباار يٌن بالفك اإلصبلحي ابطبلقنا من قالو تعاُف‪... ﴿:‬إًف ا﵁ى‬
‫ىال يػيغىعػ ي ىما بًىق ٍاوـ ىحت يػيغىعػ يكاٍ ىما بًأىبٍػ يف ًي ًه ٍ ‪.)5(﴾ ...‬‬
‫ذبيد ذلك يف أكارل الق ف العش ين‬
‫‪ -‬بش الفك اإلصبلحي عرب الصحاية اؼبكتابة‪ ،‬حعث ٌ‬
‫يف تاجعو ال أم الاطين‪ ،‬كهتعةتًو لتىػ ىقبل الفك اإلصبلحي كاستيغًلت بعض اعب ارد للقعاـ‬
‫بذلك ينجد منها ج يدة "اإلقداـ" لؤلمًن دالد(‪ ،)6‬كج يدة "اؼبنتقد" ك "الشهاب" للشعخ‬

‫=أكركبا كأصدر ىناؾ ج يدة (الع كة الاثقى)‪ ،‬تايف باألستابة إث م و‬


‫ض عضاؿ سنة ‪1897‬ـ‪ ،‬للمايد يينر ‪ :‬تايعق ؿبمد مقبل‪:‬‬
‫من أعالم الحضارة العربية واإلسالمية رؤى ثقافية وفكرية‪ ،‬بد د ف‪ ،‬بد ط‪ ،‬اليعادية بد س‪ ،‬ص ص ‪.94 ،87‬‬
‫(‪ )1‬عبد الك ًن باصفصاؼ‪ :‬اؼب ج اليابق‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫(‪ )2‬أبا القاس سعد ا﵁‪ :‬تاريخ الجزائر الثقافي‪ ،‬عاَف اؼبع ية‪ ،‬ط خ‪ ،‬اعباار ‪ ،2011‬ج‪ ،5‬ص ص ‪.308 –307‬‬
‫(‪ )3‬صاٌف باغباج‪ :‬الحركة الوطنية الجزائرية بين الحربين ‪ ،1939 -1910‬دار بن م ابط‪ ،‬اعباار ‪ ،2015‬ص ‪.247‬‬
‫(‪ )4‬ؿبفاظ قداش‪ ،‬جعبلِف صارم‪ :‬الجزائر صمود ومقاومات ‪ ،1962 -1830‬د ـ ج‪ ،‬اعباار ‪ ،2012‬ص ‪.31‬‬
‫(‪ )5‬سارة ال عد ‪ /‬اآلية‪.11 :‬‬
‫(‪ )6‬األمًن دالد بن اؽبامشي بن األمًن عبد القادر (‪1936 -1875‬ـ)‪ :‬يكلد بدمشق‪ ،‬درس يف اعباار ‪ ،‬مث فادرىا كبا باريس‬
‫كالتحق باؼبدرسة العيك ية ساف سًن عاـ ‪1892‬ـ‪ ،‬يعترب أحد أكرب اؼبصلحٌن كاليعاسعٌن‪ ،‬كأحد مؤسيي قب مشاؿ إي يقعا‪،‬‬
‫كمن ركاد الصحاية الاطنعة‪ ،‬أبشأ عدة ج ارد من بعنها "اإلقداـ" ‪ ،1920‬تايف بياريا بعد بفعو سنة ‪1923‬ـ‪ .‬للمايد يينر ‪:‬‬
‫ؿبمد علي دباز‪ :‬نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركة‪ ،‬اؼبصدر اليابق‪ ،‬ص ص ‪.30 -29‬‬
‫~‪~11‬‬
‫الحركة اإلصالحية في مزاب مطلع القرن ‪02‬م‬ ‫الفصل األول‬

‫(‪)4‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫إب اىع أيب‬ ‫للشعخ‬ ‫ك"اؼبغ ب"‬ ‫كج يدة "كادم معااب"‬ ‫عبد اغبمعد بن باديس‬
‫العقراف‪.‬‬
‫‪ -‬ابتشار الط ؽ الصايعة اؼبنح ية اليت عملت على إبعاد الدين اإلسبلمي عن أصالو اغبقعقعة‬
‫باعتمادىا على بعض الطقاس اؼبنح ية مقل اػبلاة كالتاسل لغًن ا﵁(‪.)5‬‬
‫‪ -‬تأثًن دركس الشعخ عبد اغبمعد بن باديس اليت كاف ييلقعها لع ٌدة سناات يف اعبام‬
‫األدض بقينطعنة يف ال ٌدعاة إُف اإلصبلح ً‬
‫كببذ البًدع كمقاكمة اػبي ايات كاعبي يماد كرب ي‬
‫ً‬
‫الفك اعباار م من سعط هتما(‪.)6‬‬
‫‪ -‬ميانبة الطلبة العاردين من الببلد الع بعة دبا يف ذلك اغبجاز كمص كتابس يف تفععل‬
‫ط الااي من العل ‪ ،‬بذك منه الشعخ‬ ‫أدذ ًى ً‬
‫القي ى‬ ‫النهضة العلمعة‪ ،‬بعد هناية دراسته ك ً‬

‫(‪ )1‬الشعخ عبد اغبمعد بن ؿبمد بن مصطفى بن باديس الصنهاجي (‪1940 -1889‬ـ)‪ :‬يكلد بقينطعنة‪ ،‬حفظ الق آف يف سن‬
‫القالقة عش ‪ ،‬درس يف الايتابة كزبٌ ىج منها كتاب دراستو يف اؼبش ؽ كاغبجاز كمص ‪ ،‬كقف ضد اآليات االجتماععة كالبدع‪،‬‬
‫ردا على مبدأ بعض الاكايا (اعتقد كال تنتقد) كقد ربالت ىذه اعب يدة إُف صحعفة الشهاب‪،‬‬‫أسس عاـ ‪1925‬ـ ج يدة اؼبنتقد ن‬
‫أسس ريقة ثلة من العلماء صبععة العلماء اؼبيلمٌن اعباار يٌن يف ‪1931‬ـ ‪ ،‬كيعد رارد اغبكة اإلصبلحعة يف اعباار ‪ .‬للمايد‬
‫يينر ‪ :‬ؿبمد اؼبعلي‪ :‬ابن باديس وعروبة الجزائر‪ ،‬إصدار كزارة الققاية‪ ،‬بد ط‪ ،‬اعباار ‪ ،2007‬ص ص ‪.15 ،09‬‬
‫(‪ )2‬ج يدة كادم معااب (‪1929 -1926‬ـ)‪ :‬أبشأىا الشعخ أبا العقراف باعباار العاصمة‪ ،‬كىي ج يدة أسباععة تصدر كل‬
‫ياـ صبعة‪ ،‬هتت بقضايا مااب‪ ،‬كاعباار ‪ ،‬كالفك اإلسبلمي بصفة عامة‪ ،‬صدر أكؿ عدد ؽبا يف أكتاب ‪ ،1926‬كربمل الشعخ‬
‫أبا العقراف تكالعف طباعتها يف تابس‪ ،‬كمت طب حااِف ‪ 119‬عدد‪ ،‬كمت تاقعفها عن الصدكر ياـ ‪1929/01/18‬ـ بأم من‬
‫ا﵀تل الف بيي‪ .‬للمايد يينر ‪ :‬ؿبمد باص ‪ :‬أبو اليقظان وجهاد الكلمة‪ ،‬ش ك ف ت‪ ،‬اعباار ‪ ،1980‬ص ص ‪.197 ،179‬‬
‫(‪ )3‬ج يدة اؼبغ ب (‪1931 -1930‬ـ)‪ :‬ج يدة أسباععة أبشأىا الشعخ أبا العقراف‪ ،‬طيب العدد األكؿ منها باعباار العاصمة‬
‫باؼبطبعة اإلرشادية‪ ،‬يصدر منها اثين كثبلثاف عددا منها‪ ،‬كطب األعداد اليتة األدًنة باؼبطبعة الع بعة اليت أبشأىا الشعخ أيب‬
‫العقراف‪ .‬للمايد يينر ‪ :‬ؿبمد باص ‪ :‬أبو اليقظان وجهاد الكلمة‪ ،‬اؼب ج اليابق‪ ،‬ص ص ‪.221 ،201‬‬
‫(‪ )4‬ؿبمد بن أضبد جهبلف‪ :‬قضايا اإلصالح االجتماعي في مقاالت جريدة األمة ألبي اليقظان (‪ ،)1938 -1934‬بش‬
‫صبععة الاراث‪ ،‬الق ارة‪ ،‬ف داية‪ ،‬اعباار ‪ ،2013‬ص ص ‪.70 ،61‬‬
‫(‪ )5‬أضبد اػبطع ‪ :‬اؼب ج اليابق‪ ،‬ص ‪.94‬‬
‫( ‪)6‬‬
‫تكي رابح عمام ة‪ :‬الشيخ عبد الحميد بن باديس رائد اإلصالح اإلسالمي والتربية في الجزائر‪ ،‬اؼبؤسية الاطنعة‬
‫لبلتصاؿ كالنش كاإلشهار‪ ،‬اعباار ‪ ،2009‬ص ص ‪.199 -198‬‬
‫~‪~10‬‬
‫الحركة اإلصالحية في مزاب مطلع القرن ‪02‬م‬ ‫الفصل األول‬

‫العقيب‪ ،‬كالشعخ مبارؾ اؼبعلي‪ ،‬كالشعخ إب اىع أيب‬ ‫البشًن اإلب اىعمي‪ ،‬كالشعخ الطع‬
‫العقراف‪ ،‬كالشعخ إب اىع أبا إسحاؽ أطفعش كفًنى (‪.)1‬‬

‫ثالثا‪ :‬مآثر الحركة اإلصالحية في مزاب‪:‬‬


‫تعاد بدايات اغبكة اإلصبلحعة يف مااب إُف مطل الق ف القاين عش اؽبج م‪ ،‬القامن عش‬
‫اؼبعبلدم بتعجة األكضاع االجتماععة اؼباردية اليت ىم ت هبا اؼبًنطقة يف أثناء ىذه الفارة‪ ،‬حعث‬
‫تى ىشكلت إرىاصاهتا على يد ثػيلٌة من العلماء أمقاؿ الشعخ أيب زك ياء وبي األيضلي(‪ ،)2‬كالشعخ عبد‬
‫العايا القمعين ‪ ،‬كالشعخ أؿبمد أطفعش‪ ،‬الذين أدذكا على عاتقه ؿباربة البً ً‬
‫(‪)3‬‬
‫دع كاؼبنك ات‪،‬‬

‫كاػباض يف ص واع بٌن اغبق كالباطل‪ ،‬كالعمل على التجديد كالقضاء على يك اعبماد ًك ى‬
‫يق ش ًع‬
‫ا﵁ كمنهج الق آف الك ًن اقتداء بيًنة اؼبصطفى ‪.)4(‬‬
‫كَف تكن يف مااب إُف حدكد اغب ب العاؼبعة األكُف مدارس على النمط اغبديث‪ ،‬حعث َف‬
‫ؿبصارا يف اؼبياجد كيف بعض يدكًر العل ً اليت كاف يييعػ يىا يف الغال اؼبش ياف على‬
‫ن‬ ‫يىفتىأ التعلع يعو‬
‫سًن اؼبياجد كالقارماف بأم الفتال كاإلرشاد يف البلدة‪ ،‬كَف ييقبل الناس على األسلاب العص م‬
‫تجار‬
‫ٌإال بعد أف ى ٌ فًنى إُف إبشاء اؼبدارس النرامعة يف فًن مااب‪ ،‬كاليت كاف العديد من ال ٌ‬
‫(‪ )1‬ؿبفاظ قداش‪ ،‬جعبلِف صارم‪ :‬اؼب ج اليابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫(‪ )2‬الشعخ وبي بن صاٌف بن وبي األيضلي اؼبل ٌق بػ أبا زك ياء (‪1788 -1714‬ـ)‪ :‬كلد دبدينة بين ييجن‪ ،‬تل ٌقى اؼب حلة‬
‫األكُف من تعلعمو ببلدتو‪ ،‬مث ابتقل إُف ج بة بتابس‪ ،‬كاعتكف للعل ‪ 12‬سنة كمن بٌن اؼبشايخ الذين تتلمذ على يدى الشعخ‬
‫"أبا يعقاب بن ياسف بن ؿبمد اؼبصعيب اؼبلعكي"‪ ،‬كابتقل بعد ذلك إُف مص كدرس يف اؼبدرسة اإلباضعة باكالة اعباماس‪،‬‬
‫كقد افتن ي صة تااجده دبص يقاـ باستنياخ بفارس الكت كاليت جلبها معو إُف مااب بعد عادتو سنة ‪1744‬ـ‪ ،‬اشتغل‬
‫بالتعلع كاإلصبلح االجتماعي‪ ،‬كما ت ؾ ‪ 20‬بصا بٌن رسالة كحاشعة‪ ،‬للمايد يينر ‪ :‬إب اىع بن بكًن حباز كآد كف‪ ،‬اؼب ج‬
‫اليابق‪ ،‬ج‪ ،4‬ص ص ‪ .968 ،965‬كيينر ‪ :‬عادؿ بايهض‪ :‬اؼب ج اليابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫(‪ )3‬عبد العايا بن إب اىع بن عبد ا﵁ بن عبد العايا القمعين اؼبلق بػ "ضعاء الدين" (‪1808 -1718‬ـ)‪ :‬من أعر علماء‬
‫أسس معو أكؿ‬ ‫مااب‪ ،‬اشتغل يف بداية حعاتو بالتجارة‪ ،‬كبعد عادة الشعخ األيضلي من اؼبش ؽ سنة ‪1744‬ـ ابض إُف حكتو ك ٌ‬
‫حكة إصبلحعة علمعة دبااب‪ ،‬لعشتغل بعد ذلك بالتدريس مث اعتكف للتألعف‪ ،‬للمايد يينر ‪ :‬إب اىع بن بكًن حباز كآد كف‪،‬‬
‫اؼب ج اليابق‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ص ‪ .536 ،532‬كيينر ‪ :‬عم إظباععل‪ :‬الشيخ عبد العزيز بن الحاج إبراىيم الثميني حياتو‬
‫وآثاره‪ ،‬مطبعة الااحات‪ ،‬بد ط‪ ،‬اعباار ‪ ،1990‬ص ص ‪.73 ،10‬‬
‫(‪ )4‬قاس بن أضبد الشعخ باغباج‪ :‬اؼب ج اليابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫~‪~18‬‬
‫الحركة اإلصالحية في مزاب مطلع القرن ‪02‬م‬ ‫الفصل األول‬

‫التاجو إُف‬
‫يضلت ٌ‬‫اؼباابعٌن ينذ طاف يعها كيتٌصلاف بالعناص اؼبققفة هبا‪ ،‬باإلضاية إُف العناص اليت ٌ‬
‫تابس ؼبا كاف ىناؾ من حعاة و‬
‫أدبعة زاد ةو كبراـ بدي (‪.)1‬‬
‫كشهدت اغبكة اإلصبلحعة يف مااب يمعارضةن دادلعٌةن شديدة‪ ،‬ش ٌقت اجملتم إُف تعٌارين‬
‫لكل‬
‫متصارعٌن‪ ،‬تعار اإلصبلح كالتجديد من جهة‪ ،‬كتعار ا﵀ايرة كاعبماد من جهة أد ل‪ ،‬ككاف ٌ‬
‫(‪)3‬‬
‫عدد ًمن العلماء كاؼبشايخ كاألععاف كصباىًن من العااـ (‪ ،)2‬كيصف الشعخ ؿبمد علي دباز‬
‫ي ويق ه‬
‫شاىدا يعو يعقاؿ‪ «:‬لقد اشتدت تلك المعارك في وسط‬ ‫ن‬ ‫الص اع الذم كاف ط ينا‬
‫طبععة ىذا ٌ‬
‫الثالثينيات بين الشيخ إبراىيم بيوض زعيم اإلصالح في الجنوب وأعداء اإلصالح األلِ ّداء‬
‫‪ ...‬ولما جاء المصلحون ‪َ ...‬د َعوا إلى النهضة في كل النواحي‪ ،‬واتّباع الطرق الحسنة‬
‫والجمود والخمول والجهل والفقر‬
‫القريبة في كل الميادين‪ ...‬وأنكر المصلحون االنكماش ُ‬
‫فسول لهم الحسد واألنانية وحقد الضعيف على القوي والثورة على‬
‫والرضا بالدون‪َ ...‬‬
‫اإلصالح‪ ،‬فوقفوا تحت راية ُرؤوس المعارضة لإلصالح يُؤيدونهم في حربهم للمصلحين‬
‫»(‪.)4‬‬
‫كقد اتٌضحت معاَف اغبكة اإلصبلحعة دبااب م مطل العش ينعات حبيك العبلقة اليت كابت‬
‫ذبم بٌن الشعخ عبد اغبمعد بن باديس كزعماء اغبكة اإلصبلحعة باؼبنطقة فبا ٌأدل إُف ظهار‬

‫(‪ )1‬عبد ال ضبن بن عم بكلي (البك م)‪ :‬مسيرة اإلصالح في جيل ‪ ،1948 -1918‬إع كتق مصطفى صاٌف باجا‪ ،‬بش‬
‫مكتبة البك م‪ ،‬العطف‪ ،‬ف داية‪ ،‬اعباار ‪ ،2004‬ص ‪.167‬‬
‫(‪ )2‬قاس بن أضبد الشعخ باغباج‪ :‬اؼب ج اليابق‪ ،‬ص ‪.209‬‬
‫(‪ )3‬الشعخ ؿبمد علي دباز (‪1981- 1919‬ـ)‪ :‬يكلد دبدينة ب ياف‪ ،‬زاكؿ دراستو يف اؼب حلة االبتدارعة على يد الشعخ "صاٌف بن‬
‫ياسف أبيعس" مث ابتقل إُف معهد اغبعاة يف القبلثعنعات كدرس على يد الشعخ بعاض كالشعخ عدكف كفًنى ‪ ،‬مث ابتقل إُف‬
‫تابس كدرس يف الايتابة مث ابتقل إُف مص كدرس باألزى كزب ج يعها يف زبصص التاريخ‪ ،‬كاشتغل أستاذا للتاريخ دبعهد اغبعاة‬
‫كزب ج على يده العديد من الطلبة‪ ،‬ألٌف عدة كت من بعنها (هنضة اعباار اغبديقة كثارهتا اؼبباركة يف ‪ 3‬أجااء‪ ،‬تاريخ اؼبغ ب‬
‫الكبًن يف ‪ 3‬أجااء‪ ،‬أعبلـ اإلصبلح يف اعباار يف ‪ 5‬أجااء)‪ ،‬كما شارؾ بع ٌدة مقاالت يف ج يدة البصار ‪ .‬للمايد يينر ‪ :‬ؿبمد‬
‫بن قاس باص باحجاـ‪ :‬مفهوم التاريخ عند الشيخ محمد علي دبوز‪ ،‬بش صبععة الاراث‪ ،‬ط‪ ،1‬اعباار ‪ ،2011‬ص ص‬
‫‪.27 ،15‬‬
‫(‪ )4‬ؿبمد علي دباز‪ :‬أعالم اإلصالح في الجزائر‪ ،‬عاَف اؼبع ية‪ ،‬ط‪ ،1‬اعباار ‪ ،2013‬ج‪ ،4‬ص ص ‪.29 -28‬‬
‫~‪~10‬‬
‫الحركة اإلصالحية في مزاب مطلع القرن ‪02‬م‬ ‫الفصل األول‬

‫اعبمععات اػبًنية اؼبتجهة إُف التعلع كيق األىداؼ اإلصبلحعة اؼبشاركة‪ ،‬باإلضاية إُف ظهار‬
‫الصحف الع بعة‪ ،‬لذا تيع ٌد يارة (‪2121‬ـ – ‪2112‬ـ) يارة ال ٌدعاة إُف التعلع ‪ ،‬كض كرة تعمعمو لعفتح‬
‫يتجيدت تلك الدعاة يف يتح اؼبدارس اغبٌة ىنا كىناؾ‪ ،‬تتاُف‬ ‫ٌ‬ ‫آياقنا يمش قةن للمجتم اعباار م‪،‬‬
‫كمادينا(‪.)1‬‬ ‫صبععات دًنية رعايتها كتيعًنىا ً‬
‫علمعنا ٌ‬

‫( ‪)1‬‬
‫ؿبمد صاٌف باص ‪ :‬الشيخ عبد الحميد بن باديس وعالقتو بالحركة اإلصالحية بوادي ميزاب‪ ،‬يف مجلة الوعي‬
‫الفكرية‪ ،‬ع‪ ،01‬دار الاعي‪ ،‬اعباار جايلعة ‪ ،2010‬ص ‪.23‬‬
‫~‪~10‬‬
‫الحركة اإلصالحية في مزاب مطلع القرن ‪02‬م‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الثالث‪ :‬معالم شخصية الشيخ حمو بن عمر فخار‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مولده ونشأتو‪:‬‬


‫ربع األكؿ ‪2110‬ق‬ ‫‪10‬‬ ‫يكلد ضبا بن عم بن إظباععل يذار(‪ )1‬بقص ف داية ياـ اليبت‬
‫اؼباايق لػ ػ ‪ 16‬دييمرب ‪2120‬ـ(‪ ،)2‬كىا ابن منٌة بنت ضبا اشقبق ‪ ،‬اؼب أة اؼبق ٌقفة ثقاية شعبعة‪ ،‬كاليت‬
‫ت ضبا" أم بنات ضبا(‪.)3‬‬ ‫كابت عضاة يف عبنة األي اح كاؼبدارح اليت تيمى بػ ػ ً‬
‫"س ىعا ٍ‬ ‫ي‬
‫يف أس ة أصعلة ؿبايرة على األدبلؽ الق آبعة كالاربعة اإلسبلمعة الصاغبة‪ ،‬بشأ ضبا بن عم‬
‫ايف كالده كىا َف يبلغ عامو األكؿ‪ ،‬يتك ٌفل بو أدااه إظباععل كؿبمد ‪ -‬رضبهما ا﵁‪-‬‬
‫يذار‪ ،‬الذم تي ٌ‬
‫ٌ‬
‫‪ ،‬ي بعاه أحين ت بعة ًكيػق األسس األدبلقعة الفاضلة‪ ،‬إيبابنا منهما بالدكر اؽباـ الذم كج على‬
‫األس ة اؼبيلمة أف تقاـ بو‪ ،‬كيف ىذا يقاؿ بكًن بن سععد أعاشت‪ »:‬إن الوظيفة األساسية‬
‫دوما إلعداد األجيال لتحمل المسؤولية االجتماعية‪،‬‬
‫لألسرة المسلمة بمزاب‪ ،‬ىو السعي ً‬
‫وخلق التواصل الحضاري بين الماضي والحاضر والمستقبل‪.)4(»...‬‬
‫و‬
‫تاكج يف ‪ 10‬يعف م ‪2111‬ـ بػػاكجة طاى ةو كيعٌة كابت لو دًن سند يف ٌ‬
‫شق الط يق كبا العمل‬ ‫ٌ‬
‫معا ثبلثة‬
‫اإلصبلحي الكبًن الذم قاـ بو الحقا كىي بابٌة بنت باضبد بن ماسى يذار‪ ،‬كقد أقببا ن‬
‫عش ك نلدا بقي من األحعاء أربعة أبناء كى ‪ :‬عبد الاىاب‪ ،‬أضبد‪ ،‬ؿبمد‪ ،‬دالد‪ ،‬كطبس بنات‬

‫(‪ )1‬يينر اؼبلحق رق ‪.02‬‬


‫(‪ )2‬عبد الاىاب بن ضبا يذار‪ :‬الشيخ حمو فخار سيرة زاىرة ومسيرة عطرة‪ ،‬ؿباض ة ميجلة ألقاىا يف الملتقى الوطني‬
‫األول حول فكر القائد الرمز الشيخ حمو بن عمر فخار‪ ،‬دبيجد بابا اليعد الغ يب‪ ،‬ف داية ‪ 14 /11‬جايلعة ‪2006‬ـ‪.‬‬
‫(‪ )3‬عبد الاىاب بن ضبا يذار‪ :‬ا﵀اض ة بفيها‪.‬‬
‫( ‪)4‬‬
‫بكًن بن سععد أعاشت‪ :‬أصالة الفكر اإلصالحي للشيخ حمو بن عمر فخار ‪2005 -1917‬م‪ ،‬ب د ف‪ ،‬بد ط‪،‬‬
‫اعباار بد س‪ ،‬ص ص ‪.26 ،11‬‬
‫~‪~10‬‬
‫الحركة اإلصالحية في مزاب مطلع القرن ‪02‬م‬ ‫الفصل األول‬

‫كى ٌن‪ :‬صلعحة‪ ،‬بععمة‪ ،‬عارشة‪ ،‬صفعة‪ ،‬منٌة عاياة‪ ،‬كبقعا ـبلصٌن لبعضهما إُف أف تايف – رضبو ا﵁‬
‫ي‬
‫– ياـ اعبمعة ‪ 26‬صبادل األكُف ‪2010‬ق اؼباايق ل ػ ‪20‬جااف ‪1668‬ـ(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪ :‬حياتو العلمية‪:‬‬


‫س علامو االبتدارعة حٌن بلغ اليادسة من عم ه بدار اؼبع اض بقينطعنة على الط يقة‬
‫ىد ىر ى‬
‫العي يعة التقلعدية‪ ،‬مث ابتقل إُف ميقط رأسو بغ داية كىا ابن تي سناات‪ ،‬لعلتحق ب يكتٌاب‬

‫تاجع ًا ٍ‬
‫(‪)2‬‬
‫كل من اؼبشايخ صبة بن بالٌو‪ ،‬كصاٌف باهباف‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫يد‬ ‫على‬ ‫درس‬ ‫حعث‬ ‫العتعق‪،‬‬ ‫باؼبيجد‬ ‫ين‬
‫كباضبد بن يعقاب‪ ،‬كحعنما ايتيتً ىحت مدرسة اإلصبلح االبتدارعة سنة ‪2111‬ـ حبي بايعام(‪ )3‬ب راسة‬
‫األكؿ من تبلمعذىا(‪ ،)5‬أين تل ٌقى اللغة الع بعة‬
‫ٌ‬ ‫ععل‬ ‫ال‬ ‫من‬ ‫كاف‬ ‫(‪)4‬‬
‫الشعخ صاٌف بن قاس بابك‬
‫كالعلاـ العص ية كدت الق آف الك ًن على يد الشعخ بناح مصباح(‪ )6‬م بعض زمبلرو منه ‪ :‬اغباج‬

‫(‪ )1‬عبد الاىاب بن ضبا يذار‪ :‬ا﵀اض ة اليابقة‪.‬‬


‫تاجع ًا ٍ‬
‫( ‪)2‬‬
‫ين‪ :‬كلمة باللغة ا﵀لعة‪ ،‬صب تىاج‪ ،‬كىا النعش الذم يوبمل يعو اؼبعت إُف قربه‪ٌ ،‬‬
‫ييمي ذلك اؼبكاف بو أل ٌف النعاش‬
‫كابت تاض ىناؾ‪.‬‬
‫(‪ )3‬حي باسط قص ف داية‪.‬‬
‫(‪ )4‬الشعخ صاٌف بن قاس بابك (‪1976 – 1904‬ـ)‪ :‬من زعماء اغبكة اإلصبلحعة اغبديقة دبااب‪ ،‬كلد دبدينة ف داية كبدأ‬
‫دراستو هبا‪ ،‬يف سنة ‪1917‬ـ ابتقل إُف تابس ضمن البعقة العلمعة اؼباابعة‪ ،‬عاد إُف ميقط رأسو لنش العل كاإلصبلح‪ ،‬أسس‬
‫يرل مدي ا ؽبا ق ابة طبيٌن سنة إُف‬
‫ريقة دًنة من رياقو صبععة اإلصبلح سنة ‪1928‬ـ‪ ،‬إضاية إُف مدرسة اإلصبلح االبتدارعة ٌ‬
‫يعاؿ يف اغبكة الاطنعة عرب م احلها اؼبذتلفة‪ ،‬إذ كاف ضمن‬‫دكر ٌ‬
‫ياـ كياتو‪ ،‬أبشأ أكؿ مدرسة للبنات بغ داية سنة ‪1950‬ـ‪ ،‬لو ه‬
‫كز ٌج بو يف سجن األفااط مدة ستة أشه ‪ ،‬كبعد‬ ‫أعضاء اللجنة القارية دبااب سنة ‪1956‬ـ‪ ،‬ألقي علعو القبض سنة ‪1957‬ـ ي‬
‫د كجو كاصل اعبهاد كمناص ة القارة حت االستقبلؿ‪ .‬للمايد يينر ‪ :‬إب اىع بن بكًن حباز كآد كف‪ :‬اؼب ج اليابق‪ ،‬ص ‪-480‬‬
‫‪.481‬‬
‫(‪ )5‬يينر اؼبلحق رق ‪.03‬‬
‫(‪ )6‬الشعخ بناح مصباح (‪2006 -1909‬ـ)‪ :‬أحد أركاف اغبكة اإلصبلحعة بغ داية كاعباار ‪ ،‬كلد دبدينة ف داية‪ ،‬كتلقى تعلعمو‬
‫األكؿ هبا‪ ،‬ابتقل م كالده يف أكارل العش ينعات إُف مدينة قينطعنة‪ ،‬كىناؾ استره الق آف كعم ه ال يتجاكز أرب عش ة سنة‪،‬‬
‫لعلتحق بعدىا باؼبعهد الديين لئلماـ عبد اغبمعد بن باديس‪ ،‬التحق بالبعقة العلمعة اؼباابعة جبام الايتابة سنة ‪1927‬ـ‪ ،‬يف سنة‬
‫عضاا يف حلقة العاابة‪ ،‬مث يف سنة ‪1933‬ـ رج إُف تابس على رأس لببة من طلبة البعقة‬ ‫‪1932‬ـ عاد إُف ميقط رأسو لعيعٌن ن‬
‫العلمعة اؼباابعة ي عى شؤكهن من سنة ‪1934‬ـ إُف ‪1940‬ـ‪ ،‬عاد إُف مااب لعنذ ط يف إدارة صبععة اإلصبلح حت ابتذ أمعنا‬
‫~‪~11‬‬
‫الحركة اإلصالحية في مزاب مطلع القرن ‪02‬م‬ ‫الفصل األول‬

‫ػبض قارة‪ ،‬اغباج بناح طبٌاخ‪ ،‬اغباج داكد كعاكعا‪ ،‬كيقاؿ عن ذلك‪ّ «:‬أما افتتاح التعليم فكان‬
‫ِبق ْسمين في حي "بَايي ِزي"‪ ،‬الطابق األرضي للقرآن‪ ،‬والعُل ِوي لل ُدروس‪ ،‬وبأح َد عشر تلمي ًذا‪،‬‬
‫مرتهم آنذاك »(‪ ،)1‬كعنو يقاؿ األستاذ بكًن بن سععد أعاشت‪«:‬‬
‫كنت من ُز َ‬
‫شرف أنّي ُ‬ ‫لي ال ّ‬
‫ففي ىذه المرحلة االبتدائية بدأت مالمح شخصيتو في الظهور وبرزت مواىبو الفكرية‪ ،‬فوعى‬
‫والسياسية«(‪.)2‬‬
‫بكل أبعادىا ال ّدينية واالجتماعية ِّ‬
‫الحركة اإلصالحية ِّ‬

‫ابتقل إُف بلدة الق ارة سنة ‪2110‬ـ لعااصل دراستو يعها‪ ،‬كبعد عاـ استره الق آف على يد‬
‫الشعخ اغباج أضبد ضبعد أكجابة(‪ ،)3‬يالب ط يف سلك "إركاف"(‪ ،)4‬كما لبث أف ابتقل إُف معهد‬
‫الشباب(‪ )5‬البعٌاضي (معهد اغبعاة بالق ارة) أين تاب دراستو على يد أساتذتو الشعخ بعاض كالشعخ‬

‫=عاما ؽبا سنة ‪1946‬ـ‪ .‬للمايد يينر ‪ :‬ؿبمد علي دباز‪ :‬أعالم اإلصالح في الجزائر‪ ،‬اؼبصدر اليابق‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ص ‪،257‬‬
‫‪.259‬‬
‫(‪ )1‬ضبا بن عم يذار‪ :‬على درب األنبياء الشيخ صالح بابكر‪ ،‬صبععة الاراث‪ ،‬الق ارة‪ ،‬ف داية‪ ،‬اعباار ‪ ،2002‬ص ‪.57‬‬
‫(‪ )2‬بكًن بن سععد أعاشت‪ :‬أصالة الفكر اإلصالحي للشيخ حمو بن عمر فخار ‪2005 -1917‬م‪ ،‬اؼبصدر اليابق‪ ،‬ص‬
‫‪.12‬‬
‫(‪ )3‬أضبد بن اغباج إب اىع بن كاسي ضبعد أكجابة (ت ‪1964‬ـ)‪ :‬من أركاف اإلصبلح كالنهضة اغبديقة بالق ارة‪ ،‬التحق دبعهد‬
‫الشعخ أطفعش يف بين ييجن‪ ،‬كبعد زب جو تاجو إُف تابس كابض إُف البعقة اؼباابعة طالبا يف جام الايتابة‪ ،‬يع ٌٌن عضاا يف‬
‫عاما‪ ،‬آزر‬
‫كإماما للميجد بعد كياة كالده سنة ‪1921‬ـ‪ ،‬كاف يكفءنا ـبلصا لذلك دامت إمامتو كاحدا كأربعٌن ن‬ ‫حلقة العاابة ن‬
‫الشعخ بعاض يف جهاده اإلصبلحي‪ ،‬كعلى يده يتذٌج يح ٌفاظ الق آف لعنذ طاا بصفة رظبعة يف حلقة "إركاف"‪ .‬للمايد يينر ‪:‬‬
‫إب اىع بن بكًن حباز كآد كف‪ :‬اؼب ج اليابق‪ ،‬ص ‪.80 -79‬‬
‫(‪ )4‬إًٍرىكا ٍف‪ :‬ىعةة ينذ ط يعها الطلبة اؼبيتره كف للق آف الك ًن‪ ،‬كمف د إًٍرىكا ٍف ىا إًيرك‪ ،‬كادتلف يف أصل الكلمة‪ ،‬يمنه من قاؿ‬
‫بأف أصلها من اللغة الع بعة دبعىن ي ككف العل ‪ ،‬كمنه من قاؿ بأف أصلها أمازيغي دبعىن يتعاف‪ .‬للمايد يينر ‪ :‬صاٌف بن عم‬
‫أظباكم‪ :‬العزابة ودورىم في المجتمع اإلباضي بميزاب‪ ،‬مطبعة الفناف اعبمعلة‪ ،‬ح‪ ،3‬اعباار ‪2008‬ـ‪ ،‬ط‪ ،1‬ص ص ‪-458‬‬
‫‪.459‬‬
‫(‪ )5‬معهد الشباب‪ :‬ىي التيمعة األكُف اليت أيطلقت على "معهد اغبعاة" يف الق ارة كالية ف داية جناب اعباار ‪ ،‬بقي ييع ؼ‬
‫كتاِف أمار‬
‫باس معهد الشباب إُف فاية سنة ‪1954‬ـ‪ ،‬كبعدىا يظبٌي دبعهد اغبعاة بيبة إُف صبععة اغبعاة اػبًنية اليت تقاـ بإدارة ٌ‬
‫تيعًنه‪ .‬للمايد يينر ‪ :‬ؿبمد علي دباز‪ :‬نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركة‪ ،‬اؼبصدر اليابق‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ص ‪.31 ،26‬‬
‫~‪~16‬‬
‫الحركة اإلصالحية في مزاب مطلع القرن ‪02‬م‬ ‫الفصل األول‬

‫عدكف(‪ )1‬كفًنى ‪ ،‬يكاف من أقب طيبلبًو كأؼب أيىدبارًو حعث زبٌج يف أكاد سنة ‪2100‬ـ(‪ ،)2‬مث‬
‫ى‬
‫تاُف رراسة البعقة العًلمعة البعٌاضعة بالق ارة لفارة كجعاة بعابة عن الشعخ اغباج أضبد أكراغ ‪.‬‬
‫(‪)4‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ٌ‬

‫الشعخ إب اىع بعاض‪ ،‬رف يف‬


‫كقد يك يف االلتحاؽ بالبعقة العلمعة بتابس‪ ،‬إالٌ أ ٌف أستاذه ٌ‬
‫أف ياجو اىتمامو كبا استاادة العل بالق ارة‪ ،‬م رعاية أمار الطٌلبة يف دار البعقات العلمعة‬
‫الشعخ إب اىع بعاض يف الذك ل‬
‫البعٌاضعة‪ ،‬كيقاؿ عن يارة تلقعو العل بالق ارة كعن عبلقتو بأستاذه ٌ‬
‫عدت بالبقاء ىنا بالقرارة متعلِّما ثماني حجج أُصنع على عيني ِ‬
‫األب‬ ‫الٌابعة لاياتو‪َ ...»:‬س ُ‬
‫ْ‬
‫انتقال‬
‫َ‬ ‫عشرا‪ ،‬ولكن‬
‫شئت أن أش ّق عليو ألتممت ً‬
‫شيخ بيوض ‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬ولو ُ‬ ‫الحاني ال ّ‬
‫فلحقت بهم سريعا إلى وطني‪.)5(«...‬‬
‫ُ‬ ‫أتْرابي أوحشني‬

‫(‪ )1‬الشعخ سععد بن بلحاج ش يفي "عدكف" (‪2004 -1902‬ـ)‪ :‬من ماالعد الق ارة‪ ،‬كالية ف داية‪ ،‬جناب اعباار ‪ ،‬زبٌج من‬
‫معهد اغباج عم بن وبي اؼبلعكي عاـ ‪1920‬ـ‪ ،‬شارؾ يف تنرع التعلع كتطاي ه عاـ ‪1923‬ـ بالق ارة‪ ،‬عضا جبمععة العلماء‬
‫اؼبيلمٌن اعباار يٌن‪ ،‬ساى يف تأسعس صبععة اغبعاة عاـ ‪1937‬ـ‪ ،‬عيٌن عضاا حبلقة العاابة عاـ ‪1943‬ـ‪ ،‬كررعس ؾبلس الشعخ‬
‫عمي سععد عاـ ‪1989‬ـ‪ .‬للمايد يينر ‪ :‬ؿبمد صاٌف باص ‪ :‬مشايخي كما عرفتهم‪ ،‬دار باص ‪ ،‬ط‪ ،2‬اعباار ‪ ،2013‬ص‬
‫‪ .301 ،300‬كيينر ‪ :‬سلعماف الاعيب‪ :‬جهود الشيخ عدون في التربية واإلصالح بوادي مزاب ما بين (‪1425 -1343‬ه‪/‬‬
‫‪2004-1925‬م)‪ ،‬مذك ة لنعل شهادة اؼباسار يف التاريخ اغبديث كاؼبعاص ‪ ،‬قي العلاـ اإلبيابعة‪ ،‬جامعة ف داية‪ ،‬اعباار‬
‫‪2015‬ـ‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫(‪ )2‬يينر اؼبلحق رق ‪.04‬‬
‫(‪ )3‬ؿبمد صاٌف باص ‪ :‬مشايخي كما عرفتهم‪ ،‬اؼبصدر اليابق‪ ،‬ص ‪.385‬‬
‫(‪ )4‬اغباج أضبد بن عم أكراغ (‪ 2004 -1917‬ـ)‪ :‬من ماالعد ب ياف‪ ،‬د يج معهد اغبعاة‪ ،‬كاف ررعيا للبعقة العلمعة البعاضعة‬
‫بالق ارة من ‪1941‬ـ إُف فاية ‪ 1949‬ـ‪ ،‬كأحين قعادهتا يف ظ كؼ اغب ب العاؼبعة القابعة الصعبة‪ ،‬كت قت البعقة على يده ككق‬
‫اإلقباؿ من اػبارج على اؼبعهد كالبعقة‪ ،‬ابتدأ العمل يف القارة من ‪1956‬ـ إُف ‪1962‬ـ‪ ،‬م اليعد فااؿ اغباج سلعماف يف‬
‫حاسي الدالعة اؼبكلف بتنرع اػببليا دبناطق مااب‪ .‬للمايد يينر ‪ :‬ؿبمد علي دباز‪ :‬نهضة الجزائر الحديثة وثورتها‬
‫المباركة‪ ،‬اؼبصدر اليابق‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ص ‪ .148 -147‬كيينر ‪ :‬ضبا ؿبمد ععيى النارم‪ :‬اؼب ج اليابق‪ ،‬مج‪ ،4‬ص ص‬
‫‪.160 -159‬‬
‫(‪ )5‬ضبا بن عم يذار‪ :‬كان حديثا حسنا‪ ،‬بش صبععة الاراث‪ ،‬بد ط‪ ،‬الق ارة‪ ،‬ف داية‪ ،‬اعباار ‪ ،2000‬ص ص ‪.68 -67‬‬
‫~‪~12‬‬
‫الحركة اإلصالحية في مزاب مطلع القرن ‪02‬م‬ ‫الفصل األول‬

‫ثالثا‪ :‬مميّزات شخصيتو‪:‬‬


‫الصفات كاػبصارص اليت ابف د هبا عن اآلد ين‪،‬‬
‫سبعٌا الشعخ ضبا بن عم يذار بالعديد من ٌ‬
‫استقاىا من تعالع ديننا اغبنعف‪ ،‬كمن دبلؿ جلاسو كاحتكاكو بأساتذتو كمشاىبو‪ ،‬كمن أب زىا‪:‬‬

‫‪ -1‬تشجععيوي للطٌاقات الشبابعة‪:‬‬

‫إ ٌف أى معاةو سبعٌا هبا الشعخ ضبا يذار يف كامل حعاتو تشجععيو للطٌاقات ي‬
‫الشبٌابعة من أبناء‬
‫كل األمار‪،‬‬
‫هبلس إلعه كينصحه كييعلمه ال زابة كالتع ٌقل يف ٌ‬‫اجملتم على ادتبلؼ مشارهب ‪ ،‬ي‬
‫صطنًعاا يجاةن أك ىجفاةن بٌن الكبار‬
‫كوب ص أف ييايق بٌن األجعاؿ كييفهمه أف ال يوبدثاا أك يى ٍ‬
‫كالصغار‪ ،‬كأف يعلماا أبٌو إذا اجتمعت حكمة الشعاخ كالكبار حبعاية الشباب كالصغار ييًنتف‬
‫عاب كالناارً ي ‪ ،‬كما‬ ‫و‬
‫الص ي‬
‫البناء بيبلسة دكمبا عناء‪ ،‬كستتح ٌقق اؼبعجاات كالعجار ‪ ،‬كتييتيهل ٌ‬
‫كقًنا من الشباب إللقاء الكلمات كاػبيط كالدركس حبض تو تدريبنا ؽب‬ ‫ن‬ ‫كيشج‬
‫ٌ‬ ‫كاف ييق ٌدـ‬
‫صحح أدطاءى ب و‬
‫يق‬ ‫كوب ٌمل بعضه بعض اؼبيؤكلعات كاؼبهاـ مث يي اقبه عن قي ب كيي ٌ‬
‫(‪)1‬‬
‫كتأىعبل ‪ ،‬ي‬
‫ن‬
‫كيهقايـ اع ًاجاجه حبكمة‪ ،‬كيف يح كقًنا عندما ييم أف طالبا باؿ شهادة علعا أك منصبنا سعاسعنا أك‬
‫درجةن علمعة عالعة يعيي ع إُف هتنةتو كتشجععو‪ ،‬بل يتااض لو كييبدم لو كجو اؼبتعل ً منو(‪.)2‬‬

‫‪ -2‬يحبو للعل كالعلماء كاؼبتعلمٌن‪:‬‬

‫ييع ؼ عن الشعخ ضبا يذار يحبو للعل كحلقات الذك كعمارة اؼبياجد‪ ،‬حت آد حعاتو‪،‬‬
‫إذ كاف دادما للعلماء كاؼبشايخ ً‬
‫يقتفي آثارى كيي ًاسله كييتنًن بآراره كمن أمقلة ذلك استجبلبو‬ ‫ن‬
‫للعديد من اؼبشايخ على سبعل اؼبقاؿ ال اغبص الشعخ الناص بن ؿبمد اؼب مارم(‪ )3‬من الق ارة إُف‬

‫(‪ )1‬يينر اؼبلحق رق ‪.05‬‬


‫(‪ )2‬إب اىع بن عم ككاشة‪ :‬مميّزات شخصية الشيخ حمو بن عمر فخار‪ ،‬ؿباض ة ميجلة ألقاىا يف الملتقى الوطني‬
‫األول حول فكر القائد الرمز الشيخ حمو بن عمر فخار‪ ،‬دبيجد بابا اليعد الغ يب‪ ،‬ف داية ‪ 14 /11‬جايلعة ‪2006‬ـ‪.‬‬
‫(‪ )3‬الشعخ الناص بن ؿبمد اؼب مارم (‪2012 -1927‬ـ)‪ :‬يكلد دبدينة الق ارة‪ ،‬تتلمذ يف مدرسة اغبعاة‪ ،‬يع ٌٌن أستا نذا دبعهد اغبعاة‬
‫عضاا يف حلقة العاابة‬
‫علما إُف فاية كياتو‪ ،‬عي ٌٌن على رأس البعقة العلمعة اؼباابعة إُف القاى ة سنة ‪1962‬ـ‪ ،‬عي ٌٌن ن‬
‫‪1947‬ـ كبقي يم ن‬
‫~‪~11‬‬
‫الحركة اإلصالحية في مزاب مطلع القرن ‪02‬م‬ ‫الفصل األول‬

‫كإماتىة‬
‫ف داية إللقاء الدركس كاؼبااعظ على ال جاؿ كالنياء‪ ،‬بيغعة تناي العقاؿ كتصحعح اؼبفاىع ى‬
‫البًدع كاػب ايات كإحعىاء الضمار (‪.)1‬‬

‫‪ -3‬ب اعتو يف الاربعة كالتدريس‪:‬‬

‫همة كرسالة الاربعة كالتعلع ‪ ،‬ييعل ي بإدبلص كيي ٌيب حبكمة‪،‬‬


‫بارعا يف يم ٌ‬
‫كاف الشعخ ضبا يذار ن‬
‫كيدرس بتفاف‪ ،‬دركسو يف األدبلؽ يفبتعة‪ ،‬س ده لل ىقصص كالناادر كالط ارف كالغاكات ك ً‬
‫اليًن‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬
‫شعٌ هق‪ ،‬إلقاؤه للقصارد كاألشعار رار ه‪ ،‬ش يحو للدركس أكىف‪ ،‬يوببٌ ي العل إُف تبلمعذه الذين يديناف‬
‫لو بالفضل يف تيايق العل كاألدبلؽ إلعه كرببع النصاص األدبعة كالشع ية كالعلمعة كالتارىبعة‬
‫كمعاعبنا للمشكبلت العارلعة لتبلمعذه‪ ،‬إذ يدعا اؼب ٌيب‬ ‫ً‬
‫رحعما يمطٌل نعا ي‬
‫كالققايعة ؽب ‪ ،‬م كابو أبنا ن‬
‫دارما أف يكاف أبا ً‬
‫ركحعنا لتلمعذه قبل أف يكاف يمعلٌ نما أك أستا نذا (‪.)2‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫‪ -4‬اعبً ٌدية كمع ية قعمة الاقت‪:‬‬

‫عارؼ قعمة الاقت‪ ،‬ييتغلٌو ٌإما يف‬


‫ه‬ ‫ييعىؼ عن الشعخ ضبا يذار أبو إبياف ج ٌدم بامتعاز‬
‫الدراسة أك التدريس أك يف الاعظ كاإلرشاد كالصلح بٌن ذات البٌن ككتابة الاصايا للناس‪ ،‬باإلضاية‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫و (‪)3‬‬ ‫و‬ ‫و‬
‫إُف ما كاف يتمتٌ بو من حكمة كص ورب كدأب كتضحعة ‪ ،‬حعث كاف يف عين يفااف شبابو ن‬
‫حازما‬
‫حفل ٌإال كذبده يف الصدارة‪ ،‬كال سب جنازة إال‬‫طماحا ال يع ؼ للٌاحة معىن‪ ،‬يبل ينعقد ه‬
‫ن‬ ‫باشطنا‬

‫رعيا ؽبا بعد كياة الشعخ عدكف سنة ‪2004‬ـ‪ ،‬يع ؼ بدركس كعرو‪ ،‬كادتصاصو يف ؾباؿ الفتال يف اؼبذى‬
‫سنة ‪1971‬ـ‪ ،‬كر ن‬
‫اإلباضي‪ .‬للمايد يينر ‪ :‬ؿبمد صاٌف باص ‪ :‬مشايخي كما عرفتهم‪ ،‬اؼبصدر اليابق‪ ،‬ص ص ‪.520 ،470‬‬
‫(‪ )1‬إب اىع بن عم ككاشة‪ :‬ا﵀اض ة اليابقة‪.‬‬
‫(‪ )2‬بفيها‪.‬‬
‫(‪ )3‬ؿبمد صاٌف باص ‪ :‬مشايخي كما عرفتهم‪ ،‬اؼبصدر اليابق‪ ،‬ص ‪.386‬‬
‫~‪~11‬‬
‫الحركة اإلصالحية في مزاب مطلع القرن ‪02‬م‬ ‫الفصل األول‬

‫كذبده ىناؾ شاـبنا يف اؼبقدمة يعي اعبماىًن كيذك ى دبصًنى كوبفاى على العمل للدبعا كاآلد ة‪،‬‬
‫كييعاًف األم اض االجتماععة باغبكمة كبأسلابو الذكي اؼبتمعٌا(‪.)1‬‬

‫‪ -5‬يحبو للذًن كاليعي من أجلو‪:‬‬

‫كل ياـ لعقاـ‬


‫ت الف صة يف ٌ‬
‫صبععا‪ ،‬حعث ال ييفا ي‬
‫كاف الشعخ ضبا يذار وب ٌ اػبًن للناس ن‬
‫داصةن طلبة العل كجناد اػبفاء يف العمل‬ ‫بعمل دًنم لعتع و أك و‬
‫أرملة أك يق وًن أك ميك و‬ ‫و‬
‫ٌن ٌ‬
‫االجتماعي‪ ،‬كجناد اػبدمة الاطنعة الذين كاباا يي اسلابو للطمأبة علعو كاشتعاقا إلعو كاستفتاءن لو‪،‬‬

‫يعجعبه كىا ياصعه بالتقال كالعمل الصاٌف كربٌم اغبكمة كاألدب كيعل اػبًنات كالتشبٌ‬
‫كل حٌن‬
‫بال كح الاطنعة الصادقة اؼبذلصة ددمة للجاار ‪ ،‬كال يتااىن عن زيارة العجاة كاؼب ضى ٌ‬
‫و‬
‫كشهادات عن تارىبه ‪،‬‬ ‫و‬
‫معلامات‬ ‫حي الر ؼ‪ ،‬إذ كاف يتف ٌقد أحااؽب كيف بفس الاقت يييجل‬
‫يها الٌجل اؼبصلح كاؼب ٌيب لؤلجعاؿ كلٌها(‪.)2‬‬

‫‪ -6‬الاعامة كالقعادة‪:‬‬

‫أحق بالاعامة‪ ،‬ي يعاف من‬‫ٌ‬ ‫زععما ح نقا‪ ،‬كإ ٌف الاعماء الذين ى‬
‫لقد كاف الشعخ ضبا يذار ن‬
‫مقامه خبصاؽب كأعماؽب كتضحعاهت كإدبلص أعماؽب ل هب ‪ ،‬إذ يؤدم ما علعو متاك نبل على ا﵁‬
‫ال زبابو الشجاعة‪ ،‬كال تغع عنو اغبكمة يف تص و‬
‫ؼ أك كبلـ‪ ،‬يتااض إذا لاـ التااض ي كياريٌ ما‬
‫ظ على أمتو ً‬
‫كقامو‬ ‫ينتقص أحد من قد ًره بالباطل‪ ،‬يها يتصٌؼ حي اؼبااقف‪ ،‬وباي ي‬‫حاكؿ أف ً‬
‫ٌ‬

‫(‪ )1‬باضبد بن صاٌف دطارة‪ :‬صور ُمشرقة من حياة أستاذنا المرحوم حمو بن عمر فخار‪ ،‬ؿباض ة ميجلة ألقاىا يف الملتقى‬
‫الوطني األول حول فكر القائد الرمز الشيخ حمو بن عمر فخار‪ ،‬دبيجد بابا اليعد الغ يب‪ ،‬ف داية‪ 14 /11 ،‬جايلعة‬
‫‪2006‬ـ‪ ،‬ص ‪.04‬‬
‫(‪ )2‬مقابلة م األستاذ مصطفى بن عم قبار حاؿ ماضاع‪ :‬مميزات شخصية الشيخ حمو فخار وعالقتو بمجتمعو‪ ،‬يف‬
‫منالو بغ داية‪ ،‬اعباار ‪ ،‬ياـ ‪ 30‬أكتاب ‪2016‬ـ‪ ،‬من الياعة ‪ 16:30‬إُف ‪ 19:00‬مياء‪.‬‬
‫~‪~10‬‬
‫الحركة اإلصالحية في مزاب مطلع القرن ‪02‬م‬ ‫الفصل األول‬

‫بكل ما ارتأل لو من إمكابات‪ ،‬كيتقلٌ حي ما يسبلعو الرٌ كؼ ٌإما ًش ٌدة من فًن عنف‬ ‫ً‬
‫ككطنو ٌ‬
‫ضعف(‪.)1‬‬ ‫ً‬
‫كإما لٌن من فًن ي‬
‫ٌ‬
‫‪ -7‬زىده عن اؼبناص كاغبراظ الدبعاية‪:‬‬

‫كاغبراظ الدبعاية‪ ،‬كب يق مراى ىا اػبداعة‪،‬‬ ‫اىدا عن اؼبناص‬


‫كاف الشعخ ضبا يذار ز ن‬
‫كييعى سععنا حقعقنا للرف باألج كالقااب من ا﵁‪ ،‬كقد كاف ي ٌدد على عادتو اآلية الك يبة كععناه‬
‫ً ً‬ ‫ؼ يػي ٍع ًط ى‬ ‫ك ًم ىن األي ى‬ ‫تذرياف الدماع‪ ﴿:‬كلى ً‬
‫ضى أى ىَف ىهب ٍد ىؾ يىت ن‬
‫عما‬ ‫ك يىػتىػ ٍ ى‬‫عك ىرب ى‬ ‫كُف ىكلى ىي ٍا ى‬ ‫آلدىةي ىدٍعػه ل ى‬ ‫ى‬
‫قه ىكأىما اليارً ىل يى ىبل تىػٍنػ ىه ىكأىما‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ض ناال يىػ ىه ىدل ىكىك ىج ىد ىؾ ىعار نبل يىأى ىف ىىن يىأىما العىتع ى يى ىبل تى ى‬
‫آكل ىكىك ىج ىد ىؾ ى‬ ‫يى ى‬
‫بًنً ٍع ىم ًة ىرب ى‬
‫(‪)2‬‬
‫إلي وتعنيني بالدرجة‬ ‫ّ ّ‬ ‫ي‬ ‫رب‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫رسال‬ ‫اآليات‬ ‫ىذه‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫«‬ ‫ىا‪:‬‬ ‫إث‬ ‫على‬ ‫د‬‫ث﴾ ي ي‬
‫د‬ ‫كي‬ ‫ك يى ىحد ٍ‬
‫ككرعا كداينا من‬ ‫كقًنا ما ي يض بعض عطايا الناس ربٌنزا ن‬ ‫األولى أسأل اهلل التوفيق والسداد»‪ ،‬ك ن‬
‫العااق الادعمة كشعاره "العد العلعا دًنه من العد اليفلى"‪ ،‬كقد كاف يفض يل أف يدعاه ال ٌداعاف‬
‫اضعا‪ ،‬كما ياعجو ظباع الشعخ ضبا أك اغباج ضبا ‪...‬اٍف(‪.)4‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫باس "داديك ضبا" تا ن‬
‫‪ -8‬أدبو ال يع كليغتو الفصعحة‪:‬‬

‫عي ًؼ عن الشعخ ضبا يذار منذ تلمذتو األكُف ىكلىعوي باألدب كاألدباء‪ ،‬حعث حٌر العديد من‬
‫اؼبقاالت اليت كاف يياقٌعها باظبو القارم كالنضاِف "ي يد"(‪ )5‬كذلك أياـ مااكلتو لدراستو بالق ارة‪،‬‬
‫كتصحعحا لؤلكزاف كاأليكار كالقاايف‪ ،‬كما أ ٌف‬
‫ن‬ ‫كتعديبل‬
‫ن‬ ‫يكاف م ًج نعا للشع كالشع اء ًحفرنا كدراسةن‬
‫الشعيب األصعل أعطى لكتاباتو النق ية بكهةن‬‫يهمو كتدبػىه كحفرو للق آف الك ًن‪ ،‬كسبكنو من ت اثو ٌ‬
‫( ‪)1‬‬
‫أضبد بن عم أكبكة‪ :‬ومضات من فكر الشيخ حمو فخار‪ ،‬ؿباض ة ميجلة ألقاىا يف الملتقى الوطني األول حول‬
‫فكر القائد الرمز الشيخ حمو بن عمر فخار‪ ،‬دبيجد بابا اليعد الغ يب‪ ،‬ف داية ‪ 14 /11‬جايلعة ‪2006‬ـ‪.‬‬
‫(‪ )2‬سارة الضحى‪ /‬اآلية‪.11-04 :‬‬
‫(‪ )3‬كتعين يف اللغة اؼباابعة ا﵀لعة أدي الكبًن‪.‬‬
‫(‪ )4‬مقابلة م األستاذ ضبا سلعماف باسعدة حاؿ ماضاع‪ :‬دور الشيخ حمو فخار في تربية النشء‪ ،‬يف منالو بغ داية‪،‬‬
‫اعباار ‪ ،‬ياـ ‪ 09‬أي يل ‪2017‬ـ‪ ،‬من الياعة ‪ 18:00‬إُف ‪ 20:00‬مياء‪.‬‬
‫(‪ )5‬ينر اؼبلحق رق ‪.06‬‬
‫~‪~18‬‬
‫الحركة اإلصالحية في مزاب مطلع القرن ‪02‬م‬ ‫الفصل األول‬

‫نفاق إ ّن‬ ‫ٍ‬


‫مجاملة أو ٍ‬ ‫أقول دون‬
‫داصة كيقاؿ عنو الدكتار ؿبمد صاٌف باص ‪ ... «:‬والحق ُ‬
‫الشيخ حمو فخار يُعد في نظري شيخ األدب في وادي ميزاب في العصر الحديث وال‬
‫للغة دكف و‬
‫لغة‬ ‫أدب كال و‬
‫ب دكف و‬ ‫يتعص ألد و‬ ‫ال‬ ‫كاف‬ ‫كما‬ ‫‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫أتح ّفظ فيما أقول وال أستدرك »‬
‫ٌ‬
‫أد ل‪ ،‬حعث كاف يض اللٌغة الع بعة ياؽ كل اعتبار على ٌأهنا لغة ال ٌدين كالفصاحة كالبعاف(‪.)2‬‬

‫ومما سبق يمكن القول‪:‬‬

‫العامة اؼبتدىارة اليت ع يتها منطقة مااب دبلؿ الق ف العش ين‪ ،‬ىي مباذج من‬
‫‪ )1‬إ ٌف األكضاع ٌ‬
‫داصة اؼبناطق اعبنابعة اليت تى ىز يح ربت‬
‫بٌن العديد من النماذج اليت ع يها اجملتم اعباار م‪ٌ ،‬‬
‫طارلة اغبك العيك م الف بيي الغاش ‪.‬‬
‫‪ )2‬كاف لرهار اغبكة اإلصبلحعة بببلد اؼبش ؽ اإلسبلمي األث الااضح على اعباار يٌن‪ ،‬من‬
‫دبلؿ األيكار اإلصبلحعة لبعض العلماء‪ ،‬كاليت ريعاىا كبش كىا عرب الصحف كاعب ارد‬
‫اليت كابت تصل إُف اعباار عن ط يق طلبة البعقات العلمعة أك اغبيجاج العاردين من البقاع‬
‫اؼبقدسة‪ ،‬أك حت زيارات بعضه للجاار قصد تاععة اؼبيلمٌن‪.‬‬
‫‪ )3‬لقد كابت للر كؼ اليت بشأ يعها الشعخ ضبا يذار كإحياسو دب ارة العيت ً منذ صغ ه‪،‬‬
‫كتن يقلًو للق ارة ؼبااكلة تعلعمو دبعهد اغبعاة‪ ،‬األث الكبًن كال ٌداي القام كبا يكلياج العمل‬
‫اإلصبلحي قصد تغعًن األكضاع‪.‬‬
‫‪ )4‬لقد كاف غبنكة كمع ية ً‬
‫كعل ً الشعخ ضبا يذار كحبٌو الكبًن ؽبذا الاطن العايا‪ ،‬الفضل يف‬
‫التحاقو بصفاؼ اعبهاد اإلصبلحي ريقة الشعخ بعاض‪ ،‬كالشعخ عدكف‪ ،‬كالشعخ صاٌف‬
‫الفعاؿ يف ىذا اجملاؿ فبا جعلو يتقلٌد العديد من‬
‫بابك كفًنى الكقًن‪ ،‬فبن اعارياا لو بدكره ٌ‬
‫اؼبيؤكلعات يف مااب‪.‬‬

‫(‪ )1‬ضبا بن عم يذار‪ :‬كان حديثا حسنا‪ ،‬اؼبصدر اليابق‪ ،‬ص ج‪.‬‬
‫(‪ )2‬عبد الاىاب بن ضبا يذار‪ :‬ا﵀اض ة اليابقة‪.‬‬
‫~‪~10‬‬
‫الحركة اإلصالحية في مزاب مطلع القرن ‪02‬م‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ )5‬تيعتبىػ ي شذصعة الشعخ ضبا يذار ٌأمةن يف صفاهتا‪ ،‬ؼبا يبتلك من صفات اغبعاية كاغبنكة‬
‫صلحا‪ ،‬يارتبط اظبو بالاربعة كالتعلع ‪.‬‬
‫قاردا يم ن‬
‫كال ٌدىاء االجتماعي‪ ،‬كاليت ٌأىلتو لعكاف ن‬

‫~‪~10‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬

‫المبحث األول‪:‬‬
‫جهود الشيخ حمو فخار في إصالح التربية والتعليم‬

‫المبحث الثاني‪:‬‬
‫دوره في إصالح مناىج تعليم المرأة‬

‫المبحث الثالث‪:‬‬
‫نشاطو في الجمعيات الثقافية والتربوية‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفصل الثاني‪ :‬إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‪.‬‬


‫سللصا يف رلاؿ‬
‫ائدا ً‬
‫يُعترب الشيخ ضبو فخار العمود الفقري للحركة اإلصبلحية بغرداية‪ ،‬ور ً‬
‫الًتبية والتعليم‪ ،‬وشخصية ذات مواىب وإرىاصات ُزب ّْولو لقيادة األمم وآّتمعات‪ ،‬ومن خبلؿ‬
‫الفصل الثاين سأُبُت جهود الشيخ ضبو فخار يف ِ‬
‫ربد ِ‬
‫يث الًتبية والتعليم بغرداية ومزاب‪ ،‬فما ىي‬ ‫َ ُُ‬
‫أىم زلطّات مسَتتِِو يف تبلي ِغ رسالة ّ‬
‫الًتبية والتعليم؟ وكيف ساىم يف بناء العديد من ادلشاريع‬
‫بغرض خدمة طلبة العلم وهتيئة الظّروؼ ادلناسبة ذلم؟‬

‫األوؿ من القرف العشرين دل يُسمح للمرأة يف مزاب بالتعلُّم ِس َوى ما يتعلَّق‬


‫خبلؿ النصف ّ‬
‫بأمور دينها‪ ،‬إذف كيف كاف مستوى تعليم ادلرأة بغرداية ومزاب قبل رليء الشيخ ضبو فخار؟ وفيما‬
‫ومواكبَة التّعليم احلضاري؟‬
‫الرفع من شأف تعليم الفتاة ُ‬
‫سبثّلت إسهاماتو من أجل ّ‬
‫وإصبلح األوضاع االجتماعية يف مزاب عرب‬
‫ِ‬ ‫حرص الشيخ ضبو فخار على تغي َِت الطّْ ِ‬
‫باع‬
‫أىم ىذه اجلمعيات وادلنظمات؟ وفيم تتمثل‬
‫العديد من الوسائط وادلنظّمات واجلمعيات‪ ،‬ما ىي ّ‬
‫برارلها وأنشطتها؟‬

‫~=‪~8‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث األول‪ :‬جهود الشيخ حمو فخار في التربية والتعليم‪.‬‬

‫أوال‪ :‬أىمية التربية والتعليم في إصالح المجتمع‪:‬‬


‫طالبو واحتياجاتِِو وحاجات‬
‫وسيلة لتطوير آّتمع وتنمية قُ ُدراتو وطاقاتو‪ ،‬وربقيق م ِ‬
‫َ‬
‫الًتبية خَت ٍ‬
‫عٌت بتغيَت سلوكو‬ ‫أفر ِادهِ‪ ،‬وإغلاد ح ٍ‬
‫ُّح يف شخصية الفرد‪ ،‬إذ تُ َ‬
‫ظلو وتفت ٍ‬ ‫لوؿ دلشكبلتو‪ ،‬وعملية ٍّ‬ ‫ُ‬
‫وإكسابو خربات جديدة‪ ،‬سباشيًا مع ُسنّة التطور يف الكوف واحلياة(‪.)1‬‬

‫عوؿ عليها من طرؼ‬


‫وتُعترب ادلدرسة إحدى زلطّات الًتبية واإلعداد والتكوين األساسية اليت يُ َّ‬
‫ِ‬
‫وصقل‬ ‫الروح القومية‬‫األمة لغرس ادلبادئ وزرع األفكار وترسيخ العقيدة وتقوية اإلؽلاف‪ ،‬وتغذية ّ‬ ‫ّ‬
‫ظ أف كثَتا من النهضات اإلصبلحية‪ ،‬والنزعات القومية‪ ،‬واالنتفاضات‬ ‫ادلواىب‪ ،‬فلذلك نلح ُ‬
‫ث أفكارىا(‪.)2‬‬ ‫الثّورية‪ ،‬اليت تريد إثبات ىويّتِها وإبرا ِز شخصيّتِها‪ ،‬تنطلق من ادلدرسة وترتبط ّٔا لتبُ ّ‬

‫ّْدا الغاية من التعليم بقولو‪ ...«:‬تكوين الملَ َكات العلمية في‬


‫الشيخ عدوف ُزلد ً‬
‫ويقوؿ ّ‬
‫مختلف الفنون وتثقيف العقل‪ ،‬وتَن ِوير ال ّذىن‪ ،‬وتربية النفس تربيةً صحيحةً وإعدادىا ُّ‬
‫لتحمل‬
‫ب ِمنّا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫قسط من عبء اإلصالح الديني والملّي والوطني‪ ،‬فإن ال ّدين والملّة والوطن يتطلّ ُ‬
‫الخطَابة‬
‫اء للعزابة والقضاء والعدالة والوكالة والنيابة واإلفتاء والتدريس والكتابة و َ‬ ‫ِ‬
‫رجاالً أكفيَ َ‬
‫والشعر ونحو ذلك من األعمال الجليلة والمشاريع العظيمة واإلصالحات العامة »(‪.)3‬‬

‫ومربّيًا‪:‬‬
‫ثانيا‪ :‬الشيخ حمو فخار أستاذًا ُ‬
‫الشباب بالقرارة سنة <‪7>9‬ـ‪ ،‬وحصولِو‬
‫وزبرجو يف معهد ّ‬
‫بعد إهناء الشيخ ضبو فخار دراستو ُّ‬
‫الشيخ إبراىيم بيوض وشهادة على ُحسن سلوكو وأمر لو بالتدريس‬ ‫ِ‬
‫أستاذه ّ‬ ‫على إجازةٍ من‬

‫( ‪)1‬‬
‫يحل كثيرا من مشاكل التعليم‪ ،‬يف مجلة الحياة‪ ،‬ع‪ ،1‬ادلطبعة العربية‪،‬‬
‫زلمد بن قاسم ناصر بوحجاـ‪ :‬المعلم ال ُكفء ّ‬
‫ط‪ ،1‬اجلزائر ‪1997‬ـ‪ ،‬ص‪.87‬‬
‫(‪ )2‬زلمد بن قاسم ناصر بوحجاـ‪ :‬ادلرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.88‬‬
‫(‪ )3‬سعيد شريفي‪ :‬معهد الحياة نشأتو وتطوره‪ ،‬ادلطبعة العربية‪ ،‬ط‪ ،1‬غرداية ‪1989‬ـ‪ ،‬ص ص ‪.58 -57‬‬
‫~>‪~8‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫كتاب اهلل أداءً‬


‫قائبل‪...«:‬فإ ّن تلميذنا النّجيب السيد فخار حمو بن عمر قد حفظ عنّا َ‬ ‫ً‬
‫ود َرس قواعد اللغة العربية‬‫وحذ َق قواعد الفقو اإلسالمي في العبادات والمعامالت َ‬ ‫ورسما َ‬
‫ً‬
‫س َن السيرة صافي الطّ ِويّة وقد‬ ‫ٍ‬
‫واشتقاق ُ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫من نح ٍو‬
‫وتأدب باآلداب اإلسالمية فكان َح َ‬ ‫وصرف‬

‫أج ْزناهُ أن يُعلِّم أوالد المسلمين َ‬


‫كتاب ربّهم وأصول دينهم وقواعد لُغتهم أخ َذ اهلل بيده ووفّقو‬ ‫َ‬
‫إنو سميع مجيب »(‪.)1‬‬

‫انتقل مباشرة دلزاولة رسالة التدريس دبسقط رأسو‪ ،‬فاطلرط يف ِ‬


‫سلك ُمعلّْمي مدرسة‬
‫اإلصبلح(‪ )2‬ربت إدارة الشيخ صاحل بن قاسم بابكر‪ ،‬وانتدب ُمعلّْ ًما يف أقساـ البنُت و أقساـ‬
‫البنات ألزيد من ثبلثُت عاما(‪ ،)3‬حيث شرع يف تبليغ األمانة اليت ُضبّلها تعلي ًما وتأديبًا وتثقي ًفا‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بأسلوب شيّْ ٍق‪ ،‬ال يًتؾ شا ِرَدة وال‬ ‫ص فيسردىا‬ ‫ص َ‬‫فكانت ُدروسو يف األخبلؽ شلتعةً دبيلو إذل ال َق َ‬
‫شوا أيّامكم واطّلعوا على واقِ ِعكم واعتبِروا‬ ‫وا ِرَدة يف آّتمع إال أطْلَ َع ُهم عليها ً‬
‫قائبل‪ «:‬تعل ُموا وعي ُ‬
‫ظ بغيره »(‪ ،)4‬ويقوؿ للطالب‪ «:‬أي ولدي‪ ،‬كن ابن مصرك وعصرك‬
‫بالتّاريخ فالعاقل من ات َع َ‬
‫وال تكن نسخة لغيرك وكن أنت أنت حيث كنت‪ ،‬واتق اهلل يجعل لك مخرجا»(‪.)5‬‬

‫حرضهم‬
‫كما كاف يُل ّقن الطلبة أف غلعلوا طلب العلم واجل ّدية يف ربصيلهم أوذل أولوياهتم‪ ،‬فيُ ّْ‬
‫األعزاء ال تنسوا‬
‫مو يف التفكَت فيقوؿ‪ «:‬أبنائي ّ‬
‫الس ّ‬
‫على اجل ّد وادلطالعة واالرتقاء يف األسلوب و ُ‬

‫(‪ )1‬إبراىيم بن عمر كركاشة‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬


‫(‪ )2‬مدرسة اإلصبلح‪ :‬افتتحت ىذه ادلدرسة يف ‪ 15‬نوفمرب ‪1932‬ـ من طرؼ بعض أعضاء صبعية اإلصبلح وعلى رأسهم‬
‫سليماف بن بنوح الذي سبق إذل إنشاء مدرسة تدعى مدرسة "بوكحلة" سنة ‪1919‬ـ‪ ،‬صبع فيها ثلة سلتارة من ادلعلّمُت‪ ،‬غَت‬
‫فحز يف قلبو ذلك االهنيار وسعى جاىدا لتأسيس مدرسة‬‫أهنا أصيبت بعوامل داخلية فانقرضت بعد أربع سنوات من ازدىارىا‪ّ ،‬‬
‫اإلصبلح ربت إدارة رئيس اجلمعية الشيخ صاحل بابكر‪ .‬للمزيد يُنظر‪ :‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬على درب األنبياء الشيخ صالح‬
‫بابكر‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.73 -72‬‬
‫(‪ )3‬يُنظر ادللحق رقم ‪.07‬‬
‫(‪ )4‬إبراىيم بن عمر كركاشة‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )5‬ضبو سليماف بوسعدة‪ :‬ادلقابلة السابقة‪.‬‬
‫~‪~94‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫التفوق والتألّق وغزو الفضاء ‪ ...‬فاشتغلوا باللُّباب ودعُوا الفضول والفضالت‬


‫أنّكم في عصر ّ‬
‫كل‬
‫ؤدد ّ‬ ‫والس َ‬
‫العز ُ‬ ‫واطرقُوا لنيل ّ‬ ‫الصعاب‪ُ ،‬‬ ‫الركاب‪ ،‬واقتحموا ّ‬ ‫لل ّذباب‪ ،‬وحثوا للمجد ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫س بَيانُو فكاف يتدبّر القرآف الكرمي‬ ‫ل‬
‫ُ‬
‫َ َ‬ ‫وس‬ ‫أسلوبو‬ ‫ى‬‫ّ‬‫ق‬
‫ر‬ ‫ف‬ ‫بادلطالعة‬ ‫ا‬ ‫غرم‬
‫ُ ً‬‫م‬ ‫بدوره‬ ‫كاف‬ ‫كما‬ ‫‪،‬‬ ‫باب»‬
‫توصل إليو‬ ‫ِ‬
‫ويُطالعو كما يُطالع الكتب الفكريّة واألدبيّة ويتوقّف لفهم معانيو ويسأؿ من حولو فيما ّ‬
‫يف فَه ِم آية أو كلمة وكاف يقوؿ‪ «:‬إ ّن القراءة المستمرة ىي للحفظ أما المطالعة أي القراءة‬
‫المتأنية فهي للفهم وال يُمكن التطبيق الصحيح ّإال بعد الفهم الصحيح»(‪.)2‬‬

‫وتوسع النسيج العمراين أنشأ مدارس فرعية يف ع ّدة أحياء من غرداية ٍ‬


‫تابعة‬ ‫ودبرور السنوات ُّ‬
‫يتخل عن قيامو دبهمة‬‫توذل حينها نيابةَ ادلدير سنة >;>‪7‬ـ مع أنّو دل َّ‬ ‫جلمعية اإلصبلح‪ ،‬حيث َّ‬
‫التدريس والتعليم إذل حدود سنة ;<>‪7‬ـ أين أ ِ‬
‫ُعف َي عن التدريس هنائيًا‪ ،‬وأُوكِلَت إليو َم َّ‬
‫همة ادلدير‬
‫عاما‬
‫مديرا ومشرفًا ً‬
‫العاـ َخل ًفا للشيخ صاحل بابكر الذي وافتوُ ادلنيّة يف ‪ 40‬مارس ;<>‪7‬ـ‪ ،‬ليُصبح ً‬
‫دلدارس اإلصبلح(‪ ،)3‬فواصل ادل َه َّمةَ واضطلع بادلسلولية وأخذ يُػف ّكر بالنهوض دبشروع التّعليم‬
‫َ‬
‫حصة‬ ‫ٍ‬ ‫وعصر ِنة ِ‬
‫أحدثوُ من أنظمة تربويّة مفيدة ق ػيّْمة يف ادلدرسة ىو برنامج ّ‬
‫مدارسو‪ ،‬ومن ُصبلة ما َ‬ ‫َ َ‬
‫ع‬‫ر‬ ‫ش‬ ‫كما‬ ‫افات‪،‬‬‫ر‬‫االضل‬ ‫من‬ ‫ٍ‬
‫َت‬‫لكث‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫التّنبيهات العامة(‪ )4‬للتبلميذ والتلميذات‪ ،‬والذي كاف دواء ِ‬
‫ناج‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ً ً‬
‫خاصة من عنصر الشباب‪ ،‬حيث‬ ‫حينها يف توزيع ادلسلوليات على العاملُت معو يف حقل التعليم ّ‬

‫( ‪)1‬‬
‫ضبو بن عمر فخار‪ :‬من خطب األعياد عيد الفطر وعيد األضحى‪ ،‬تخ وفهػ زلمد بن موسى بابا عمي‪ ،‬نشر صبعية‬
‫الًتاث‪ ،‬القرارة‪ ،‬اجلزائر ‪ ،1998‬ص ‪.83‬‬
‫(‪ )2‬باية بوسعدة‪ :‬الشيخ حمو فخار ودوره في الحركة اإلصالحية بواد مزاب‪ ،‬مذكرة زبرج‪ ،‬قسم الًتبية والعلوـ اإلسبلمية‪،‬‬
‫معهد اإلصبلح للبنات‪ ،‬غرداية‪ ،‬اجلزائر ‪2006‬ـ‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫(‪ )3‬عبد الوىاب بن ضبو فخار‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )4‬وىو أف غلمع التلميذات صباح كل ِ‬
‫يوـ األحد من األسبوع‪ ،‬والتبلميذ الذكور يف عشية نفس اليوـ برقابة ادلعلمُت‪ ،‬فيقوـ‬ ‫ّْ‬
‫ىو أو من ينوبو بالتوجيو واإلرشاد والتوعية وػل ّذر من بعض أخطاء التبلميذ ادلرتكبة يف منازذلم ويف الطرقات أو الساحات أو‬
‫الغابات فيصححها‪ ،‬أو إذل بعض ادلخالفات اليت تصدر من بعضهم يف ادلدرسة‪ ،‬فيوجههم إذل أحسن السلوكات وخَت‬
‫الطبائع‪ ،‬ىذا عبلوة على ما يتلقونو يف أقسامهم من دروس األخبلؽ من طرؼ معلميهم‪ .‬للمزيد يُنظر‪ :‬أضبد بن عمر أوبكة‪:‬‬
‫ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬
‫~‪~97‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فسح المجال‬ ‫قائبل‪... «:‬كان الشيخ حمو فخار يدعونا إلى ِ‬ ‫ِ‬
‫تبلميذه ً‬ ‫أحد‬
‫وض ُح ذلك ُ‬ ‫يُ ّْ‬
‫صح َح‬ ‫للشباب وعدم االستحواذ على المناصب فاألفضل لنا أن يخطئ أبنا ُؤنا بين ِ‬
‫أيدينَا ونُ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫شهم ثم بعد ذلك يرتكبون أخطاء ونحن‬ ‫هم ُ‬ ‫أخطائهم ونُ َق ِّوم اع ِوجاج ُهم‪ ،‬على أن نُ ِ‬
‫قصي ِهم ونُ ِّ‬ ‫َ َ َ‬
‫(‪)1‬‬ ‫ِ ِ‬
‫يتبُت رل أ ّف الشيخ ضبو فخار‬‫حينها نكون في ع َداد الموتى ‪ ، »...‬ومن خبلؿ ىذا الكبلـ ُّ‬
‫جاىدا‬
‫ً‬ ‫كاف يرى يف الشباب األساس الذي تقوـ عليو احلركة اإلصبلحية دبزاب فلذلك سعى‬
‫ؼلد ُـ الببلد والعباد‪.‬‬
‫لتوجيههم إذل ما ُ‬

‫ويتميّز الشيخ ضبو فخار حبضوره ال ّدائم ومتابعتو ال ّدقيقة لشلوف الًتبية والتعليم احلر اخلاصة‬
‫اَن عن حضور ادلهرجانات الثّقافية واألياـ الدراسية‬
‫بادلزابيُت يف مدف مزاب أو خارجها‪ ،‬إذ ال يَ َتو َ‬
‫وادللتقيات الفكرية ادلنَظَّ َمة ىنا وىناؾ‪ ،‬وذلك لئلفادة واالستفادة شلا يُطرح فيها من أصحاب‬
‫وتقديرا للعناء والتّكاليف وآّهودات اليت تب ُذ ُذلا اجلمعيات‬
‫ً‬ ‫االختصاص حوؿ رسالة الًتبية والتعليم‪،‬‬
‫ض ّي يف ىذا السبيل اخلَتي‪ ،‬إضافة إذل توجيو النُّصح واإلرشاد‬ ‫يف كل ناحية‪ ،‬وتشجيعا على ادل ِ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫يد من اجلُهود واإلخبلص يف العمل لوجو ا﵁‬ ‫بذؿ ادلز ِ‬
‫ألبنائو األساتذة وادلعلّمُت وحثّْهم على ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫(‪)2‬‬ ‫ِ‬
‫الكرمي‪ ،‬فقليل مع اإلخبلص كثَتٌ‪ ،‬وكثَتٌ مع َع َدمو ىباء ‪.‬‬

‫الشاقة كما يُ َس ّميها وىي إشرافُوُ وإدارتُوُ لفروع ملسسة‬


‫ورغم ضبل الشيخ ضبو فخار دلهنتو ّ‬
‫توذل إذل‬
‫ويردد قوؿ سيدنا موسى حُت ّ‬ ‫ادلرات يتواضع ّ‬ ‫اإلصبلح الًتبوية‪ّ ،‬إال أنّو كاف يف العديد من ّ‬

‫( ‪)1‬‬
‫مقابلة مع األستاذين صاحل حدبوف‪ ،‬عيسى احلاج موسى حوؿ موضوع‪ :‬مسيرة الشيخ حمو فخار في حقل التربية‬
‫والتعليم بمزاب‪ ،‬دبنزؿ األستاذ عيسى احلاج موسى بغرداية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬يوـ ‪ 04‬جانفي ‪2017‬ـ‪ ،‬من الساعة ‪ 09:30‬إذل‬
‫‪ 11:15‬صباحا‪.‬‬
‫(‪ )2‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬على درب األنبياء الشيخ صالح بابكر‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.145 ،137‬‬
‫~‪~90‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ّْـ التوجيهات والنصائح إلخوانو ادلعلمُت‬


‫قد‬
‫ُ ُ‬ ‫وي‬ ‫‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫إرل ِم ْن َخ ٍَْت فَ ِقَتٌ ﴾‬ ‫إين دلَا أَنْػَزلْ َ‬
‫ت ََّ‬ ‫الظّل‪َ ﴿:‬ر ّْ‬
‫ب ّْ‬
‫بعضا منها(‪:)2‬‬‫سأذكر ً‬ ‫ُ‬ ‫واألساتذة‪،‬‬

‫مهمتو أف يَػتَ َخلَّ َق بأخبلؽ ا﵁ سبحانو وتعاذل‪ ،‬وأف‬ ‫ناجحا يف ّ‬‫‪ -1‬على ادلعلّم لكي يكوف ً‬
‫ٍ‬
‫وحديث يف‬ ‫فًت وال يَ ِك َّل وال ؽلََ َّل من تزويد دماغو بادلعرفة‪ ،‬واالطّبلع على كل ٍ‬
‫قدمي‬ ‫ال يَ ُ‬
‫ّ‬
‫اتساع دائرة معلوماتو يَعظُ ُم عطَ ُاؤهُ وتَينَ ُع َشبََرة رلهوداتو‪.‬‬
‫الًتبية‪ ،‬فبقدر ِ‬
‫رلاؿ ّ‬
‫بالتفرغ لرسالة الًتبية‪ ،‬وعدـ التػََػوزُّع‬
‫‪ -2‬التكوين واإلبداع الكتساب ال ُق ُدرات وذلك ّ‬
‫والتشتّت خارج ادلدرسة واالنشغاؿ بأمور أخرى‪ ،‬فاألجرة اليت يتقاضاىا األستاذ وسيلة‬
‫الدخار الثّروة والغِػػٌت والكسب‪.‬‬
‫للكفاؼ‪ ،‬وليست ّْ‬

‫‪ -3‬اذليمنة على ما َرب ِويو غرفة الدرس اليت ىو ّٔا‪ ،‬بالطّواؼ حوؿ مقاعد الطلبة و ّ‬
‫التقرب‬
‫التعرؼ على عائبلهتم وظروفهم االجتماعية‬
‫منهم ومتابعة دفاترىم وكراريسهم‪ ،‬و ّ‬
‫اى ِاهتم‪.‬‬
‫وع َ‬
‫ِ‬
‫وملَ َكاهتم َ‬
‫َ‬
‫الرضبة‪ ،‬ورببيب ادلدرسة للتلميذ‪ ،‬حىت يراىا روضةً من رياض اجلنة‪،‬‬ ‫‪ -4‬التحلّي خبلق ّ‬
‫يتمٌت دخوذلا ويأسى على فراقها‪.‬‬
‫ّ‬

‫دور كبَت يف إدراج اللّغة ادلزابية كمادة رمسية يف ادلعاىد اليت يُش ِر ُ‬
‫ؼ‬ ‫كاف للشيخ ضبو فخار ٌ‬
‫عليها‪ ،‬حيث يُعتربُ ّأوؿ من آمن يف مزاب من أصحاب القرار بضرورة تدريسها‪ ،‬وذلك يف وقت‬
‫ُمبَ ّْكر وبالتحديد يف سنة ;=>‪7‬ـ‪ ،‬أي قبل ادلطالبة بإدراج األمازيغية يف ادلنظومة الًتبوية رمسيا‪،‬‬

‫(‪ )1‬سورة القصص ‪ /‬اآلية‪.24 :‬‬


‫(‪ )2‬كلمة ألقاىا الشيخ ضبو فخار يف ادللتقى السادس دلدارس وحدة التعليم يف الشماؿ‪ ،‬دبدرسة التهذيب بسطيف يف ‪– 24‬‬
‫‪ 25‬أكتوبر ‪1991‬ـ وىي عبارة عن نصائح وتوجيهات حوؿ منهجية التعليم‪ .‬للمزيد يُنظر‪ :‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬على درب‬
‫األنبياء الشيخ صالح بابكر‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.145 ،140‬‬
‫~‪~98‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫كل اعتبار على أ ّهنا لُغة ال ّدين‬


‫يضع اللغة العربية فوؽ ّ‬
‫ورغم موقفو الصريح ىذا إال أنّو كاف ُ‬
‫والفصاحة والبياف ومن ؽلتلكها ؽلتلك مفاتيح القرآف(‪.)1‬‬

‫ومسلوؿ على ُشلوف رعيّتِو‪ ،‬وقفت العديد من العراقيل‬


‫ٍ‬ ‫كأي إنساف ُمصلِ ٍح ألوضاع رلتمعو‬
‫و ّ‬
‫ؼ كيف‬ ‫والعقبات ٍ‬
‫كعائق أماـ الشيخ ضبو فخار يف سبيل إصبلح الًتبية والتعليم دبزاب‪ ،‬لكنّو َعَر َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫فن التعامل مع األزمات‬ ‫يتعامل معها حبكمة َورِويَّػة وتشاوٍر‪ ،‬ضاربًا بذلك أروع األمثلة يف ّ‬
‫ص َد َر مرسوـ تأميم ادلدارس احلُّرة سنة ;<>‪7‬ـ‪ ،‬وكاف تطبيقو مباشرة على ادلستوى‬
‫وتسيَتىا‪ ،‬حيث َ‬
‫ا﵀لّي باستدعاء الشيخ ضبو فخار من طرؼ احلزب احلاكم لتسليم مفاتيح ادلدرسة باعتباره ادلدير‬
‫سطح‬
‫صدمة يف حياتو‪ ،‬فكاف ؼللُو بنفسو يف ِ‬ ‫ٍ‬ ‫العاـ دلدارس اإلصبلح بغرداية‪ ،‬شلا اعتربىا أكرب‬
‫تسليم‬ ‫ويرجو ا﵁ أف ال يكوف ّأوَؿ عهدهِ بادلسلولية ىو‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ادلدرسة ادلركزيّة يف َجوؼ اللّيل‪ ،‬يُصلّي ُ‬
‫العزابة بتوزيع أجزاء من القرآف وأُقيمت لو َختَ َمات يف‬
‫مفاتيح مشروعو إذل غَته‪ ،‬كما قامت حلقة ّ‬‫ِ‬
‫ادلشايخ واجلمعيات ادلشرفة على‬
‫ِ‬ ‫ص َد الشيخ مع ثػُلّة سلتارةٍ من‬
‫كل اذليئات على مستوى مزاب‪ ،‬وقَ َ‬
‫ّ‬
‫التعليم احلر يف مزاب رئيس ال ّدولة بالعاصمة‪ ،‬وانفرجت األزمة(‪.)2‬‬

‫ثالثا‪ :‬إرسالوُ للبعثات العلمية‪:‬‬


‫إ ّف مسَتة التعليم يف مزاب تعود إذل ٍ‬
‫قروف ماضية كثَتة‪ ،‬كما ّأهنا دل تشهد االنقطاع أو‬
‫كل الظُروؼ وتقلّبات العصور اليت شهدىا آّتمع‪ ،‬حيث دل ي ّدخر ادلشايخ والعلماء‬
‫التوقّف رغم ّ‬
‫جهدا يف احلفاظ على قبس العلم ونوره‪ ،‬والعمل على إشاعتو‪ ،‬وأفرغوا ُجهودىم وأمواذلم وأوقاهتم‬‫ً‬
‫يف سبيل تطويره وتوسيع رقعتو ورفع شأنِو لدى الناس(‪.)3‬‬

‫( ‪)1‬‬
‫عبد الوىاب بن ضبو فخار‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬
‫( ‪)2‬‬
‫نفسها‪.‬‬
‫( ‪)3‬‬
‫قاسم بن أضبد الشيخ باحلاج‪ :‬األسس الفكرية للنهضة اإلصالحية في وادي ميزاب‪ ،‬يف مجلة الحياة‪ ،‬ع‪ ،12‬صبعية‬
‫الًتاث‪ ،‬ادلطبعة العربية‪ ،‬القرارة‪ ،‬غرداية‪ ،‬اجلزائر ‪2008‬ـ‪ ،‬ص ‪.302‬‬
‫~‪~99‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ومع مطلع اخلمسينيات أخذت حركة التعليم يف غرداية تقوى وتنشط‪ ،‬والظروؼ تُبلئم‬
‫سَتىا بالنسبة لذي قبل‪ ،‬وآثارىا احلسنة تظهر شيئا فشيئا يف آّتمع فأخذ الشيخ ضبو فخار‬
‫ورجاؿ الغد فبذؿ أقصى ِ‬
‫جهده يف تكوين‬ ‫مدة ادلستقبل‬
‫ُ‬ ‫يستثمر يف عنصر الشباب الذين ُىم عُ َ‬
‫اإلطارات ال َك ِفيَّة‪ ،‬حيث عمد إذل انتقاء التبلميذ النّجباء وتأطَتىم يف البعثة العلمية بالقرارة‬
‫وإرساذلم إذل تونس وليبيا ومصر وزصلبار وعماف والعراؽ ضمن البعثات العلمية ادلزابية‪ ،‬مستعينًا يف‬
‫نظرا لظروؼ معيشتهم‬ ‫م‬‫ه‬‫رفضا من ذوي ِ‬ ‫أو‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫معارض‬ ‫ي‬‫ذلك بادلخلصُت من أوليائهم وأحيانًا ما يبلقِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫كثَتا ما يلجأ إذل ا﵀سنُت للتك ّف ِل‬ ‫القاسية‪ ،‬فيعقد اجللسات ادلُضنية وادلتتالية إلقناعهم‪ ،‬و ً‬
‫حل القضايا والعوائق الكربى ذللالء‬ ‫دبصاريفهم يف البعثات‪ ،‬إضافة إذل سعيو احلثيث من أجل ّ‬
‫الطلبة وما أكثرىا وأقساىا ومن أبرزىا الفقر واحلاجة واألمراض واحلوادث واألسفار والتيتُّم والسكن‬
‫مستمرة ويطّلِ ُع على‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫بصفة‬ ‫الرحيم ذلم‪ ،‬يتف ّقد أحواذلم‬
‫الزواج ‪...‬اخل‪ ،‬فقد كاف األب احلاين ّ‬ ‫وّ‬
‫نتائجهم ويستقبلهم عند عودهتم يف العطلة الصيفية استقباؿ احلجيج فيكوف يف صدارة اجلُموع‬
‫عاـ مع األساتذة يف إحدى‬ ‫الًتحيب التارؼلية عليهم ويعدىم ٍ‬
‫بلقاء ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ادلستقبِلَ ِة ذلم ليُ ِلقي كلمةَ‬
‫ُُ‬ ‫ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫األمسيات ‪.‬‬

‫دارا لطلبة البعثة كل صيف غلتمعوف فيها‬


‫لقد كاف الشيخ ضبو فخار يف اخلمسينيات يكًتي ً‬
‫كل مساء مع صباعة من ادلعلمُت وقدماء التبلميذ للمذاكرة وادلطالعة‪ ،‬كما يقوموف فيها بأنشطة‬
‫دشن الشيخ ضبو فخار‬
‫سلتلفة كالتمثيل ادلسرحي والفن وا﵀اضرات وغَتىا‪ ،‬ويف ‪ 78‬أوت >;>‪7‬ـ ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫لدي َد َورىا الثقايف إذل اليوـ كمركز‬
‫دار البعثة العلمية بناحية "بومشجاف" بواحة غرداية‪ ،‬وىي تُ ّ‬
‫للملتقيات العلمية وا﵀اضرات والندوات الفكرية ومأوى لطلبة البعثات العلمية واجلامعية(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬باضبد بن صاحل خطارة‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪ ،‬ص ‪.02‬‬


‫(‪ )2‬ناحية من نواحي واحة قصر غرداية‪.‬‬
‫(‪ )3‬باضبد بن صاحل خطارة‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪ ،‬ص ‪.02‬‬
‫~‪~9:‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫رابعا‪ :‬إصالحو للمجتمع عبر المسجد‪:‬‬


‫وهنارا‪ ،‬إلصبلح سلوؾ آّتمع من خبلؿ‬ ‫ِ‬
‫ليبل ً‬‫ساعده ً‬ ‫لقد مشَّر الشيخ ضبو فخار عن‬
‫لكل‬
‫الشايف ّ‬
‫احلل الوحيد والعبلج ّ‬
‫بأهنا ىي ّ‬
‫جازما ّ‬
‫اعتقادا ً‬
‫ً‬ ‫عتقدا‬
‫األخبلؽ القرآنية اليت آمن ّٔا‪ُ ،‬م ً‬
‫اآلفات االجتماعية مهما كانت طبيعتها ذاتية أو اجتماعيّة أو اقتصادية أو ثقافيّة(‪ )1‬وأدرؾ بثاقب‬
‫فك ِرهِ الواعي‪ ،‬وذكائِِو االجتماعي أ ّف الًتبية اإلسبلمية اذلادفة واألصيلة‪ ،‬غلب أف تنطلق من‬
‫شد ِ‬
‫وىدايَة ووحدة بُت ادلسلمُت كافّة مهما تباينت مذاىبهم ادلعتدلة(‪.)2‬‬ ‫ادلسجد باعتباره منارَة ر ٍ‬
‫ُ‬
‫ائدا وم ِ‬
‫رش ًدا بل من السبّاقُت‬ ‫إف ىذه احلقيقة االجتماعية والًتبوية جعلت الشيخ ضبو فخار ر ً ُ‬
‫وجل ﴿ أُولَئِ َ‬
‫ك‬ ‫عز ّ‬ ‫يف بناء ع ّدة مدارس ومساجد يف ربوع اجلزائر وغرداية‪ ،‬اعتمادا على قوؿ ا﵁ ّ‬
‫هده ِ‬‫ات وىم َذلا سابِ ُقوف ﴾(‪ ،)3‬حيث سعى بكل ج ِ‬
‫ِ‬
‫الفكري واتصاالتو ال ّدائمة‬ ‫ُ‬ ‫يُ َسا ِرعُو َف ِيف اخلَْيػَر ُ ْ َ َ‬
‫مع أىل اخلَت واإلحساف والعلم لتشييد ع ّدة مساجد يف أحياء متعددة من غرداية سواء يف القصر‬
‫أو الغابة(‪ ،)4‬كمسجد حواشة الذي ش ِرع يف بناءه يف ‪ 00‬أفريل ‪7>=9‬ـ‪ ،‬وأ ِ‬
‫ُلقيَت فيو ّأوؿ خطبة‬ ‫ُ‬
‫فخار(‪ ،)5‬ومسجد َم َّام ْو َحنَّة الذي كاف مأوى لآلباء البيض طيلة‬
‫صبعة من طرؼ الشيخ ضبو ّ‬
‫ويعم ُرهُ ادلصلُّوف يف‬
‫عز وعبل‪ُ ،‬‬
‫مسجدا سنة ‪7>=0‬ـ يُعبَ ُد فيو اخلالق ّ‬‫ً‬ ‫ٍت‬
‫سنوات االستعمار وبُ َ‬
‫روس ِ‬
‫الوعظ واإلرشاد‪ ،‬وعن ذلك يقوؿ‬ ‫العديد من ُد ِ‬
‫ُ‬ ‫الصلوات اخلمس وصبلة اجلمعة‪ ،‬وتُلقى فيو‬
‫كنت أنا والشيخ حمو فخار في زيارةٍ إلى بعض مدن الشرق‬ ‫أحد رفقاء الشيخ‪ُ ... «:‬‬
‫الجزائري‪ ،‬وفي إحدى اللّيالي ونحن في جلسة بمدينة سطيف مع السيد نجار سليمان‬
‫سكرتير ببلدية غرداية الذي بدوره أعلن لنا أن مأوى اآلباء البيض المتواجد بالغابة بغرداية‬

‫(‪ )1‬بكَت بن سعيد أعوشت‪ :‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬


‫(‪ )2‬نفسو‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫(‪ )3‬سورة ادللمنوف ‪ /‬اآلية‪.61 :‬‬
‫(‪ )4‬يُنظر ادللحق رقم ‪.08‬‬
‫(‪ )5‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬من خطب الجمعة إقناع لتغيير الطباع وإصالح األوضاع‪ ،‬صبعية الًتاث‪ ،‬القرارة‪ ،‬غرداية ‪،1994‬‬
‫ج‪ ،1‬ص ص ‪.02 -01‬‬
‫~;‪~9‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فهم الشيخ وجمع متاعو للعودة إلى غرداية قصد‬ ‫ٍ‬


‫ىو للبيع وقد تم إعالن مناقصة لذلك‪ّ ،‬‬
‫شراء ىذه المنزل وتحويلو إلى مسجد‪ ،‬وىذا ما كان في صباح اليوم الموالي حين عُدنا إلى‬
‫غرداية لتحقيق ىذا المبتغى‪ ،‬وما ىي إلى أيام قالئل حتى تمكنت جمعية اإلصالح وبفعل‬
‫جهود الشيخ حمو فخار من شرائها ‪.)1(»...‬‬

‫إضافة إذل مسجد اإلصبلح الكبَت ببابا السعد الغريب الذي وضع الشيخ ضبو فخار احلجر‬
‫فيفري‬ ‫‪07‬‬ ‫سبتمرب ;=>‪7‬ـ‪ ،‬وتدشينو بإلقائو ألوؿ خطبة صبعة بو يف‬ ‫‪78‬‬ ‫األساسي لو يف‬
‫‪7>>0‬ـ ‪ ،‬ومسجد تَ ْاوِر ْير ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫ت يف سنة >=>‪7‬ـ والذي كاف يعتزـ الشيخ ضبو فخار بناء مرصد‬
‫دشنوُ يف =‪ 7‬مارس‬‫نظرا دلوقعو ادلتميز وادلرتفع‪ ،‬ومسجد ال َف َبلح الذي ّ‬
‫فلكي فيو لرصد األىلّة ً‬
‫فضبل عن ادلصلّيات ادلنتشرة ىنا وىناؾ واليت دائما ما تكوف متَّ ِ‬
‫صلة بفروع للتعليم‬ ‫ً‬ ‫‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫‪044:‬ـ‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫الصلَة‬
‫الصحيح وتوثيق ارتباطهم بادلسجد‪ ،‬لتظل ىذه ّ‬ ‫قصد تنشئة التبلميذ على ادلنهج اإلسبلمي ّ‬
‫وتعليما‪ ،‬وإذل‬
‫ً‬ ‫الروحيّة وادلادية قائمةً بُت ادلدرسة وادلسجد‪ ،‬ولينشلوا يف حضن بيت ا﵁ تربيةً‬
‫ُّ‬
‫وصبعيات ثقافية ونو ٍاد للفن وادلسرح‪ ،‬ضمنت‬
‫ٌ‬ ‫ات‬
‫مكتبات وداخليّ ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ُس َست‬
‫جانب ىذه ادلساجد أ ّْ‬
‫للتبلميذ والطُّبلب االستفادة منها رلّانًا(‪.)4‬‬

‫أكتوبر‬ ‫دور كبَت يف تأسيس فرع دلعهد اإلصبلح للبنُت يف‬


‫‪47‬‬ ‫وكاف للشيخ ضبو فخار ٌ‬
‫ٍ‬
‫زلاوالت قاـ ّٔا إلقناع الشيخ بيوض والشيخ عدوف وإدارة صبعية اإلصبلح بضرورة‬ ‫><>‪7‬ـ‪ ،‬بعد‬
‫نظَتا دلعهد احلياة بالقرارة ومعهد الشيخ عمي‬
‫إنشاء ىذا ادلعهد يف تلك الظروؼ‪ ،‬على أف يكوف ً‬

‫(‪ )1‬مقابلة مع قاسم بن باحلاج فخار حوؿ موضوع‪ :‬النشاط االجتماعي للشيخ حمو فخار بغرداية‪ ،‬دبنزلو بغرداية‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫يوـ ‪ 31‬أكتوبر ‪2016‬ـ‪ ،‬من الساعة ‪ 17:40‬إذل ‪ 19:15‬مساء‪.‬‬
‫( ‪)2‬‬
‫ضبو بن عمر فخار‪ :‬من خطب الجمعة ترسيخ للعقيدة وتقويم للخلق‪ ،‬تخ وفهػ‪ :‬زلمد بن موسى بابا عمي‪ ،‬صبعية‬
‫الًتاث‪ ،‬القرارة‪ ،‬غرداية ‪ ،1997‬ج‪ ،3‬ص ص ‪.56 ،54‬‬
‫(‪ )3‬مقابلة مع األستاذ مصطفى بن عمر صلار حوؿ موضوع‪ :‬الشيخ حمو فخار والمشاريع الخيرية‪ ،‬دبدرسة الفبلح القرآنية‬
‫بغرداية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬يوـ ‪ 05‬فيفري ‪2017‬ـ‪ ،‬من الساعة ‪ 19:30‬إذل ‪ 20:45‬مساء‪.‬‬
‫(‪ )4‬بكَت بن سعيد أعوشت‪ :‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.23 -22‬‬
‫~<‪~9‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫سعيد بغرداية‪ ،‬وغرضو ادلشاركة يف تدريس ودعم طبلبو بعد ادلرحلة االبتدائية يف مرحليت ادلتوسط‬
‫حر‪ ،‬من نقطة‬‫السياؽ‪ «:‬إ ّن إنشاء معهد ّ‬
‫والثانوي‪ ،‬حيث يقوؿ الشيخ ضبو فخار يف ىذا ّ‬
‫مقومات العصر‪ ،‬لمحاولةٌ تَ ِ‬
‫قصم الظّهر‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بإمكانيات محدودة ال ُفرص‪ ،‬وتجهيزه بِ ُك ِّل ِّ‬ ‫الصفر‪،‬‬
‫قوة العزيمة‪ ،‬ومتانة العقيدة‪ ،‬وابتغاء ما عند اهلل »(‪ ،)1‬ويذكر الشيخ أىم مزايا ىذه ادلعاىد‬
‫لوال ّ‬
‫الطالب ممن ُشطِّب على أسمائهم في المجال ّ‬
‫الرسمي‬ ‫احلرة قائبل‪ ... «:‬إيواء العديد من ّ‬
‫خاصة ِ‬
‫صغار السن الذين ال يليق وال يحيق التحاقهم بالعمل‪،‬‬ ‫الر ُسوب‪ّ ،‬‬
‫لضرورات تُ َوِّرثُ ُهم ُّ‬
‫‪...‬فكم أنقذت ىذه المعاىد من فَ لَ َذات أكبادنا‪ ،‬كانت ستغدو لعبة في أيدي المتربِّصين‬
‫بالسذج يدفعون بهم إلى اآلفات واإلجرام‪ ،‬فيشقى بهم أىلوىم ومجتمع اإلسالم »(‪،)2‬كما‬
‫ُ‬
‫وإمدادا بال ُكتب القيّمة وآّلّدات النّفيسة‬
‫ً‬ ‫وذبهيزا‬
‫ً‬ ‫كبَتا يف إنشاء ادلكتبات بناءًا‬
‫إسهاما ً‬
‫ً‬ ‫ساىم‬
‫الراعي بالقصر ومكتبة دار العلم بالواحة ومكتبة‬ ‫ادلهمة وادلخطوطات النّادرة كمكتبة ّ‬
‫آّبلت ّ‬
‫و ّ‬
‫معهد الذكور ومكتبة معهد البنات ومكتبتو اخلاصة(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬وقفات ومواقف‪ ،‬صبعية الًتاث‪ ،‬بد ط‪ ،‬اجلزائر ‪ ،2001‬ص ‪.83‬‬
‫(‪ )2‬ضبو بن عمر فخار‪ ،‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫(‪ )3‬باية بوسعدة‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫~=‪~9‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث الثاني‪ :‬دوره في إصالح مناىج تعليم المرأة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬واقع تعليم المرأة في الجزائر‪:‬‬


‫ظ الرجل‪ ،‬وذلك منذ الفًتة احلديثة‪،‬‬
‫تناؿ من العلم ح ّ‬
‫إف ادلرأة يف آّتمع اجلزائري دل تكن ُ‬
‫فساد‬ ‫ِ‬ ‫وسبب ذلك انتشار بعض ادلعتقدات الفاسدة واألفكار ِ‬
‫ادلميتة حوؿ تعليم ادلرأة وأ ّف تعليمها ٌ‬
‫أستدؿ‬
‫للمجتمع‪ ،‬فكانت ىذه األفكار تسود العادل اإلسبلمي بكاملو وليست اجلزائر وحدىا‪ ،‬و ّ‬
‫بقوؿ الشيخ البشَت اإلبراىيمي‪ «:‬كانت المرأة المسلمة في الجزائر إلى عهد قريب ‪،...‬‬
‫تعليما ّإال شياا من القرنن يُؤدي إلى معرفة القراءة والكتابة‬
‫محرومة من كل ما يسمى ً‬
‫البسيطة ‪ ،...‬ىذه ىي الحالة السائدة في الجزائر منذ قرون وتُشاركها فيها جميع األقطار‬
‫اإلسالمية ‪.)1( »...‬‬

‫ومن بُت الفئات اجلزائرية آّتمع ادلزايب‪ ،‬الذي ىو اآلخر دل يَ ْسلَم من ىذه األفكار ادليتة‬
‫حاال مقارنةً‬
‫أحسن ً‬
‫َ‬ ‫خصها للمرأة‪ ،‬وادلستوى التّعليمي الذي بلغتوُ حيث كانت‬ ‫رغم ادلكانة اليت ّ‬
‫تاح جلميع النّسوة يف آّتمع ودل تكن ىناؾ مدارس‬ ‫بآّتمعات األخرى‪ ،‬إال أنّو دل يكن التعليم ُم ٌ‬
‫نِظامية ومناىج علمية تسهر على تعليم ادلرأة ورفع ُمستواىا ادلعريف(‪ ،)2‬فحياة ادلرأة ال تتعدى بيت‬
‫بالرجاؿ سوى زلارمها‬
‫ػلق ذلا أف تلتقي ّ‬ ‫أىلها قبل الزواج‪ ،‬وال تتع ّدى بيت زوجها بعد الزواج‪ ،‬فبل ُّ‬
‫صونًا لكرامتها)‪.(3‬‬

‫(‪ )1‬أضبد طالب اإلبراىيمي‪ :‬ادلصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،4‬ص ص ‪.264 -263‬‬
‫بكَت بن سعيد أعوشت‪ ،‬أضبد بن ضبو كروـ‪ُ :‬مسلِ ٌ‬
‫( ‪)2‬‬
‫صالحات في روضة اإليمان‪ ،‬ادلطبعة العربية‪ ،‬بد ط‪ ،‬اجلزائر بد‬
‫ٌ‬ ‫مات‬
‫س‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫)‪(3‬‬
‫‪Aicha daddi addoun : Sociologue et histoire des algériens ibadites, Imprimerie el‬‬
‫‪ARABIA, Algérie 1997, pp 35- 36.‬‬

‫~>‪~9‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ثانيا‪ :‬واقع التعليم لدى المرأة المزابية‪:‬‬


‫يعترب آّتمع ادلزايب من آّتمعات اليت دل تُ ِ‬
‫وؿ أعلّية كربى لتعليم ادلرأة ّإال فيما يتعلّق بأمور‬ ‫ُ‬
‫فنجده يقتصر على تعليم البنت القرآف الكرمي واألحكاـ الفقهية‪ ،‬ويكوف على يد أحد‬ ‫دينها‪ُ ،‬‬
‫ادلعلّْمات اليت تنتمي إذل ىيئة "سبسردين"(‪ ، )1‬وتكوف ىذه ادلعلمة قد تَػ َعلَّ َمت على يد إحدى‬
‫الفقيهات أو أحد الفقهاء من زلارمها(‪ ،)2‬كما أ ّف ىلالء العادلات ساعلن يف إنشاء مدارس خاصة‬

‫ّٔن يػُ َعلّْمن فيها البنات أُمور دينهن‪ ،‬ومن بُت ىلالء العادلات أذكر‪َ :‬‬
‫(‪)3‬‬
‫"م َّامة بنت سليماف باباز"‬ ‫ّ‬
‫و"احلاجة بنت الشيخ الثميٍت"(‪ )4‬و"نوح عائشة بنت عمر"(‪ )5‬وغَتىن كثَت‪.‬‬
‫ّ‬

‫(‪ )1‬ىيئة سبسردين‪ :‬نظاـ حضاري أنتجو إباضية اجلزائر‪ ،‬وىي ىيئة العزابات زبتص بالنساء‪ ،‬ومصطلح "سبسردين" مصطلح‬
‫أمازيغي مفرده "سبسَتت"‪ ،‬وتتكوف ىذه اذليئة من اثٍت عشر امرأة عادلة وفقيهة‪ ،‬يقمن بغسل ادلوتى من النساء واألطفاؿ‪ ،‬كما‬
‫يُشرفن على تعليم ادلرأة أمور دينها ويعملن على اإلصبلح االجتماعي واألمر بادلعروؼ والنهي عن ادلنكر‪ ،‬وىذه اذليئة تابعة‬
‫إذل حلقة العزابة بادلسجد‪ ،‬وىي توازي حلقة العزابة لدى الرجاؿ يف مهامهم‪ ،‬لكن يف األمور ادلتعلقة بالنسوة‪ ،‬ويكوف مقرىا‬
‫خلف ادلسجد‪ .‬للمزيد يُنظر‪ :‬زلمد بابا عمي وآخروف‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪ .157-156‬ويُنظر‪ :‬صاحل بن عمر أمساوي‪:‬‬
‫ادلرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.499 ،483‬‬
‫(‪ )2‬بكَت بن سعيد أعوشت أضبد بن ضبو كروـ‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫(‪ )3‬مامة بنت سليماف بن إبراىيم بباز ( ‪1931 -1863‬ـ)‪ُ :‬ولدت بقصر غرداية وتعلمت على يد كثَت من ادلشايخ أمثاؿ‬
‫الشيخ "بابكر بن مسعود القاضي" والشيخ "ّٔوف بن موسى" والشيخ "أضبد دادي واعمر" وغَتىم‪ ،‬فتحت منزذلا لتعليم‬
‫البنات أمور دينهن وعقيدة مذىبهن وتاريخ أجدادىن‪ ،‬انضمت إذل حلقة سبسردين وصارت رئيسة احللقة‪ ،‬عُرفت بانضباطها‬
‫وصرامتها‪ ،‬وكانت النساء يف آّتمع ؼلفنها وحىت الرجاؿ‪ ،‬لعلمها وورعها‪ ،‬قاومت االحتبلؿ الفرنسي منذ أف وطأت أقدامو‬
‫وع ِرفت بسياسة مقاطعتها لبلحتبلؿ خاصة ادلقاطعة االقتصادية وكل من تعامل مع فرنسا أعلنت عليو‬ ‫غرداية سنة ‪1882‬ـ‪ُ ،‬‬
‫الرباءة‪ .‬للمزيد يُنظر‪ :‬إبراىيم بن بكَت حباز وآخروف‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،4‬ص ص ‪ .743 -742‬ويُنظر‪ :‬بكَت بن سعيد‬
‫أعوشت أضبد بن ضبو كروـ‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.100 ،92‬‬
‫(‪ )4‬حاجة بنت الشيخ عبد العزيز الثميٍت (حية يف‪1808‬ـ)‪ُ :‬ولدت ببٍت يسجن‪ ،‬أخذت العلم عن والدىا‪ ،‬اعتكفت على‬
‫تعليم البنات وتدريسهن وتلقينهن أمور دينهن‪ ،‬واشتهرت بدروسها وإرشاداهتا يف التجمعات النسوية يف ىيئة سبسردين‪ ،‬وبرزت‬
‫كمصلحة اجتماعية ووقفت يف وجو الفساد‪ ،‬وحاربت اجلهل والبدع بُت النساء‪ .‬للمزيد يُنظر‪ :‬بكَت بن سعيد أعوشت أضبد‬ ‫ُ‬
‫بن ضبو كروـ‪ :‬ادلرجع السابق‪ :‬ص ص ‪ .78 ،76‬ويُنظر‪ :‬إبراىيم بن بكَت حباز وآخروف‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.239‬‬
‫(‪ )5‬عائشة بنت عمر بن سليماف نوح (‪1938 -1855‬ـ)‪ُ :‬ولِدت بقصر مليكة‪ ،‬أخذت العلم عن والدىا الشيخ "عمر بن‬
‫سليماف نوح" وعن زوجها الشيخ زلمد أطفيش "قطب األئمة"‪ ،‬قاؿ عنها الشيخ "أبو اليقظاف"‪ ( :‬قمر منَت سطع نوره من‬
‫أقطاب زماهنا‪ )...‬سخرت منزذلا لتعليم البنات وربفيظهن القرآف الكرمي وأمور دينهن‪ ،‬كمرشدة وواعظة تأمر بادلعروؼ وتنهى‬
‫~‪~:4‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫سن التّكليف تُػ َعلَّ ُم فيها البنات‬


‫وقد قُ ّْسم تعليم ادلرأة إذل مرحلتُت‪ ،‬مرحلة ما قبل بلوغ ّ‬
‫الس َور القرآنية الصغَتة وبعض األدعية‪ ،‬ومرحلة البلوغ وىي ادلرحلة اليت تكوف فيها البنت قريبة من‬
‫ُ‬
‫دروس يف احلياة‬
‫ٌ‬ ‫َّـ ذلا‬ ‫البلوغ أو قد بلغت‪ ،‬فتُػ َعلَّ ُم ُأم َور دينها من أحكاـ ّ‬
‫الصبلة والطّهارة‪ ،‬وتػُ َقد ُ‬
‫وقت زواجها(‪.)1‬‬ ‫يقًتب ُ‬
‫الزوجية دلا ُ‬‫ّ‬
‫ت ُدوف تعليم ادلرأة يف آّتمع ادلزايب‪:‬‬
‫ومن بُت أبرز األسباب اليت َحالَ ْ‬
‫أفكارا جديدةً‬
‫تستورد ً‬ ‫خوؼ بعض الناس من اطّبلع ادلرأة على آّتمعات األخرى‪ ،‬ف ُ‬ ‫‪ُ -1‬‬
‫فتشوش على منظومة زليطها(‪.)2‬‬ ‫ّ‬
‫وتتعرض للمضايقات وضلو‬ ‫ط بالرجاؿ ّ‬ ‫وخروجها إذل ادلدارس‪ ،‬غلعلها زبتلِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -2‬إ ّف تعليم ادلرأة‬
‫وشرؼ عائلتها ورلتمعها‪ ،‬وأخ ًذا بالنص القرآين الصريح‬ ‫ِ‬ ‫بشَرفِها‬‫ؽلس َ‬‫ذلك‪ ،‬شلا قد ُّ‬
‫وذل﴾(‪ )3‬وباستقرارىا يف بيت الزوجية‬ ‫اىلِيَّ ِة األُ َ‬
‫﴿وقَػر َف يف بػيوتِ ُك َّن وَال تَػبػَّرجن تَػبػُّرج اجل ِ‬
‫َ َ َْ َ َ َ‬ ‫ُُ‬ ‫َْ‬
‫تلدىا(‪.)4‬‬
‫نشئ احلضارة بل ُ‬ ‫العامر تُ ِ‬
‫فتخر ُج من إطار رلتمعِ َها ادلق ّدس إذل‬
‫خوؼ آّتمع من استدر ِاج ادلرأة من خبلؿ التعليم‪ُ ،‬‬ ‫‪ُ -3‬‬
‫منصب أو غَتىا من ُمغريات الدنيا ادلختلفة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫إدارةٍ أو ٍ‬
‫وظيفة أو‬
‫يسٌر دلا ُخلق لو‪،‬‬
‫‪ -4‬العمل على جعل ادلرأة ّأال تكوف شلن يُباري األسود‪ ،‬بل أف تلدىا وكلّّ ُم َّ‬
‫فقوة ادلرأة من قُػوة أنوثتها‪ ،‬وال ػليق خدشها ٍ‬
‫بشيء يليق خبشونة الرجل‪.‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫=عن ادلنكر‪ ،‬عُرفت بغزارة علمها وتفقهها يف الدين‪ ،‬اعتكفت على التعليم والنصح وتوجيو ادلرأة ادلزابية أحسن توجيو‪ .‬للمزيد‬
‫يُنظر‪ :‬بكَت بن سعيد أوعوشت أضبد بن ضبو كروـ‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪ .105 ،101‬ويُنظر‪ :‬إبراىيم بن بكَت حباز‬
‫وآخروف‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،4‬ص ص ‪.498 -497‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫مرمي سيوسيو‪ :‬األىداف التربوية من تعليم البنت المزابية في المدرسة الحرة‪ ،‬مذكرة زبرج‪ ،‬قسم الًتبية والعلوـ‬
‫اإلسبلمية‪ ،‬معهد اإلصبلح للبنات‪ ،‬غرداية‪ ،‬اجلزائر ‪1427‬ىػ‪2006 /‬ـ‪ ،‬ص ‪.04‬‬
‫(‪ )2‬عبد الرضبن بن عمر بكلي‪ :‬فتاوى البكري‪ ،‬ادلطبعة العربية‪ ،‬بد ط‪ ،‬اجلزائر ‪ ،1982‬ج‪ ،1‬ص ‪.261‬‬
‫(‪ )3‬سورة األحزاب ‪ /‬اآلية‪.33 :‬‬
‫(‪ )4‬ضبو سليماف بوسعدة‪ :‬ادلقابلة السابقة‪.‬‬
‫~‪~:7‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ٍ‬
‫دبجهودات مضاعفة فوؽ طاقتها خارج ادلنزؿ بدعوى‬ ‫العطف عليها بعدـ شغلِها‬
‫ُ‬ ‫‪-5‬‬
‫مساعدة الرجاؿ‪ ،‬يف حُت أهنم داخل ادلنزؿ يتقاعسوف يف مساعدهتا يف بعض أعماذلا(‪.)1‬‬

‫ثالثا‪ :‬جهود الشيخ حمو فخار لتعليم المرأة المزابية‪:‬‬


‫يف سنة =‪7>9‬ـ ساىم الشيخ ضبو فخار دبعِيَّة إدارة صبعية اإلصبلح اليت ضبلت على عاتِِقها‬
‫نجيَتِو‬‫إخراج النّاس من ظُلمات اجلهل إذل أنوار العِرفاف‪ ،‬وتنظيم األسر وآّتمع ِوفق ال ّدين القومي وتَ ِ‬
‫ويأس ٍ‬
‫وبلس‪ ،‬إذ َرب َّم َل‬ ‫كل فق ٍر وكف ٍر ٍ‬‫من سيطرة ادلستعمر الفرنسي الذي حطّم الببلد وأ ََرى العباد ّ‬
‫ستنجم ِمن وراء‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ادلسلولية وسعى إذل إغلاد مدرسة للبنات كاليت أُنشئت للبنُت‪ ،‬رغم ادلشاكل اليت ُ‬
‫ىذه الفكرة‪ ،‬باعتبارىا دخيلةً على أعراؼ آّتمع آنذاؾ‪ ،‬وحىت العديد من ادلشايخ عارضوا فكرة‬
‫خاصة ّٔا‪ ،‬وذلك خوفًا منهم على ادلرأة ادلزابية وضياع شخصيتها‪ ،‬إال‬
‫تعليم البنت وإنشاء مدارس ّ‬
‫الرجوع إذل الوراء أو انتظار أحد(‪.)2‬‬
‫أنّو َّقرر رفقة إدارة اجلمعية على ادلضي قُ ُد ًما دوف ُ‬
‫وىنا ؽلكنٍت اإلشارة إذل جهود الشيخ عدوف الذي حاوؿ مر ًارا وتِكر ًارا إنشاءَ ّأوؿ مدرسة‬
‫لتعليم البنت بالقرارة باعتبارىا معقل احلركة اإلصبلحية‪ ،‬لكن لسوء حظّو أف رفيقو يف الدرب‬
‫عارضوُ دلربر عدـ ُّ ِ‬
‫ربُت الظّرؼ‪ ،‬فانتقل مشروعو من‬ ‫اإلصبلحي وزعيم احلركة الشيخ إبراىيم بيوض َ ّ‬
‫(‪)4‬‬
‫زبرجوا يف معهد احلياة(‪ ،)3‬وظهر أوؿ قسم للبنات‬
‫بلدة القرارة إذل غرداية وتبنَّاه تبلميذه الذين ّ‬
‫يف صبيحة يوـ السبت ‪ 74‬ديسمرب ‪7>:4‬ـ على الساعة الثامنة صباحا‪ ،‬حيث بلغ عدد الوافدات‬

‫( ‪)1‬‬
‫ضبو سليماف بوسعدة‪ :‬ادلقابلة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )2‬عمر بن إبراىيم راسنعامة‪ :‬نشأة التعليم مدرسة اإلصالح غرداية‪ ،‬نسخة مرقونة متوفرة دبكتبة اإلصبلح بغرداية‪ ،‬ص ص‬
‫‪.05 -04‬‬
‫(‪ )3‬سليماف الزعيب‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.104‬‬
‫(‪ )4‬من بُت األساتذة األوائل أذكر‪ :‬الشيخ "عمر بن إبراىيم راسنعامة"‪ ،‬والشيخ "احلاج خلضر قارة"‪ ،‬والشيخ "احلاج سعيد‬
‫كربوش"‪ .‬يُنظر ادللحق رقم ‪.09‬‬
‫~‪~:0‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫هد ادلبذوؿ فيها تعليم القراءة والكتابة والتّوعية ال ّدينية احلسنة واللُّغة‪ ،‬وما ىي‬
‫ستُت بنتا‪ ،‬وكاف اجلُ ُ‬
‫اسلة والكتابة(‪.)1‬‬
‫وفن ادلر َ‬
‫سن اخلَطَابَة ّ‬
‫أشهر قليلة حىت كاف ُج ُّل البنات ُػل ُ‬
‫ّإال ٌ‬
‫إعجاب اجلمعيات األخرى‬‫َ‬ ‫لقد لقيت زلاولة صبعية اإلصبلح بغرداية يف تعليم البنات‬
‫فخصصوا لِبَػنَاهتم ىم‬
‫السليم‪ّ ،‬‬
‫خصوصا بعد صلاحها الباىر‪ ،‬فسارعوا إذل اتّباع ىذا ادلنهج ّ‬ ‫ً‬ ‫دبزاب‪،‬‬
‫اآلخرين مدارس لتعلِيمهن‪ّ ،‬إال أ ّف األمر دل ي ُكن ىيّْػنًا يف بداية ادلطاؼ‪ ،‬حيث كانت ىناؾ ُرُدود‬
‫ٍ‬
‫أفعاؿ اجتماعيّة سلتلفة(‪.)2‬‬

‫قاـ الشيخ ضبو فخار بالدعوة لتعليم البنت وال ّدفاع عنها يف العديد من ادلنابر وادلساجد‪ ،‬شلا‬
‫(‪)3‬‬
‫ظلو الوعي احلضاري لدى العديد من العائبلت‬
‫ّ‬ ‫بسبب‬ ‫ّأدى إذل تزايد عدد الوافدات على التعليم‬
‫حرة كانت أـ رمسية‪ ،‬وبالبعثات العلمية إذل‬
‫خاصة الشباب الذين التحقوا دبختلف ادلدارس العصرية ّ‬
‫ّ‬
‫بٍت يسجن والقرارة وتونس‪ ،‬والذين رأوا ضرورة تعليم البنت لتحريك عجلة اإلصبلح والتّغيَت‪،‬‬
‫جو من االنسجاـ بُت األزواج‪ ،‬وذلك بتقليص اذلػُ ّػوة بُت مستوياهتم العلمية‪ ،‬حىت يسهل‬‫وإغلاد ّ‬
‫التفاىم‪ ،‬فتتأكد األواصر بينهم(‪.)4‬‬

‫فَ َّكر الشيخ ضبو فخار مع ثػُلّ ٍة ُسل ٍ‬


‫لصة من إدارة التعليم يف ضرورة تطوير ادلستوى التعليمي‬ ‫َ‬
‫للبنت يف اجلمعية وتوسيعو(‪ ،)5‬نظرا النتشار التعليم الرمسي الفرنسي يف غرداية وصبيع قرى مزاب‪،‬‬
‫حيث متّ عاـ ;‪7>:‬ـ يف غرداية إحصاء >=‪ 7‬تلميذة يف أربعة أقساـ‪ ،‬إذل جانب ‪ <94‬تلميذا يف‬
‫‪ 7:‬قسما(‪ ،)6‬باإلضافة إذل انتشار مدارس اآلباء البيض الذين ال يُظ ِه ُروف للناس ّإال النّوايا احلسنة‬

‫(‪ )1‬عمر بن إبراىيم راسنعامة‪ :‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.07 -06‬‬


‫(‪ )2‬نفسو‪ ،‬ص ص ‪.08 -07‬‬
‫(‪ )3‬نفسو‪ ،‬ص ‪.09‬‬
‫(‪ )4‬بشَت بن عمر مرموري‪ :‬الفتاة في ميزاب‪ .‬نشأتها وتعليمها بين الثابت والمتغير‪ ،‬صبعية الًتاث‪ ،‬ط‪ ،1‬اجلزائر ‪،2005‬‬
‫ص ص ‪.134 -133‬‬
‫(‪ )5‬عبد الوىاب بن ضبو فخار‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )6‬يوسف احلاج سعيد‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.306‬‬
‫~‪~:8‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تلميذة‬ ‫<‪8‬‬ ‫وحوف بأ ّف مقصدىم ىو زلو اجلهل ونشر الثقافة اإلنسانية‪ ،‬حيث متّ إحصاء‬ ‫ويبُ ُ‬
‫منخرطة يف التعليم ادلهٍت الذي تُش ِرؼ عليو األخوات البيض سنة ;‪7>:‬ـ‪ ،‬ويف مدرسة أخرى‬
‫يصة لتعليم شلوف ادلنزؿ والنسيج بلغ فيها عدد التلميذات =‪ 7:‬تلميذة عاـ‬
‫ص َ‬‫لؤلخوات البيض ِخ ّْ‬
‫>‪7>:‬ـ من بينهن ‪ 74‬مزابيات(‪ ،)1‬شلّا دفع بالشيخ ضبو فخار إذل إدخاؿ بعض ادلواد اليت تُعٌت‬
‫األولية(‪.)2‬‬
‫كالصناعات التقليدية واألشغاؿ اليدوية والنسيج واإلسعافات ّ‬
‫بشلوف ادلنزؿ واألسرة ّ‬
‫السنوات وجدت إدارة صبعية اإلصبلح إشكاليّة يف استيعاب العدد الكبَت‬ ‫مع مرور ّ‬
‫خاصةً مع النمو ال ّدؽلوغرايف ادلتزايد بغرداية بعد االستقبلؿ‪،‬‬
‫للطّالبات ادلقببلت على التعليم احلر‪ّ ،‬‬
‫تعرؼ ادلستحيل يف بناء‬
‫فعالة ال ُ‬ ‫ٍ‬
‫إخبلص وتضحية وثَبات وإدارة ّ‬ ‫بكل‬
‫فبدأ الشيخ ضبو فخار ّ‬
‫ِ‬
‫عارهُ الذي‬ ‫ووضع َح َج ِر األساس للعديد من ادلشاريع التّعليمية وادللسسات الًتبوية‪ ،‬و ً‬
‫دوما كاف ش ُ‬
‫أىم ىذه ادلشاريع متوسطة‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫يرفعو " ِمن ِ ٍ‬
‫أجل زوجة صاحلة و ٍّأـ مثاليّة‪ ،‬وربّة بيت حاذقَة‪ ،‬وداعية"‪ ،‬و ّ‬ ‫ْ‬
‫اإلصبلح للبنات اليت مت افتتاحها سنة ;=>‪7‬ـ‪ ،‬كما وضع الشيخ ضبو فخار حجر األساس لبناء‬
‫معهد اإلصبلح للبنات يف >‪ 4‬أوت =>>‪7‬ـ إلهناء التزاحم الواقع بُت ادلستوى ادلتوسط واالبتدائي‬
‫خصص وقسم القرآف الكرمي(‪.)3‬‬
‫وإضافة قسم التّ ّ‬
‫وىكذا كانت عبلقتو بتبلميذه عبلقة أبوية روحية‪ ،‬بفضل تشجيعاتو للطلبة والطالبات يف‬
‫صبيع الفنوف وادلستويات‪ ،‬فكاف يبتهج باخلرغلُت الذين ُػل ِرُزوف ال ّدرجات وادلراتب العلمية إذ يُسا ِرع‬
‫شىت ميادين احلياة‪،‬‬
‫اض ٍع لتهنئتهم ولبلستفادة من خرباهتم‪ ،‬وإلرشادىم وتوجيههم يف ّ‬‫إليهم يف تو ُ‬
‫دائما "ان ِزل إلى الميدان يع ِرفك النّاس"(‪.)4‬‬
‫وكاف يُ ّْردد ً‬

‫(‪ )1‬يوسف احلاج سعيد‪ :‬ادلرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.308‬‬


‫(‪ )2‬صاحل حدبوف وعيسى احلاج موسى‪ :‬ادلقابلة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )3‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬وقفات ومواقف‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫( ‪)4‬‬
‫مقابلة مع األستاذ ضبو سليماف بوسعدة حوؿ موضوع‪ :‬عالقة الشيخ حمو فخار بطلبتو‪ ،‬دبنزلو بغرداية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬يوـ ‪19‬‬
‫أكتوبر ‪2016‬ـ‪ ،‬من الساعة ‪ 19:00‬إذل ‪ 20:15‬مساء‪.‬‬
‫~‪~:9‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث الثالث‪ :‬نشاطاتو في الجمعيات الثقافية والتربوية‪.‬‬


‫خاصة أ ّف اإلنساف ماداـ حيِّا فهو‬
‫عموما ويف مزاب ّ‬
‫اقتنعت احلركة اإلصبلحية يف اجلزائر ً‬
‫بلزمةً لوُ إذل‬
‫للسلوؾ‪ ،‬فهي تبتدئ مع اإلنساف منذ ادليبلد وتبقى ُم َ‬ ‫حباجة إذل تربية وتوجيو ٍ‬
‫وتقومي ُّ‬
‫الًتبية على ِ‬
‫تقومي ُسلُوؾ الفرد يف رلاالت حياتو ادلختلفة‪ ،‬بدايةً حبياتو‬ ‫الوفاة‪ ،‬حيث تعمل ىذه ّ‬
‫اخلاصة إذل حياتو األسرية‪ ،‬فاالجتماعية وادلهنيّة(‪.)1‬‬
‫ّ‬
‫سبيل تربية النّ ِ‬
‫شء وتقومي سلوكها وزلاربة‬ ‫ولقد انتهج الشيخ ضبو فخار ىذا ادلنهج يف ِ‬
‫أوضاع آّتمع‪ ،‬حيث كانت لو إسهامات وأنشطة كثَتة‬
‫ِ‬ ‫وإصبلح‬
‫ِ‬ ‫مظاىر االضلراؼ والفساد فيها‪،‬‬
‫ضمن العديد من اجلمعيات الثقافية والًتبوية‪ ،‬كجمعية قدماء التبلميذ‪ ،‬وصبعية اإلسعافيُت (اذلبلؿ‬
‫األضبر)‪ ،‬واجلمعية الصوتية لؤلفراح‪ ،‬واجلمعية الرياضية (‪ )JSM‬يف كرة القدـ‪ ،‬وصبعية ال ُفتُػ ّوة‬
‫السبيل األمثل للنّهوض بآّتمع من صبيع‬ ‫ِ‬
‫صاحلة‪ ،‬وصبعية ُرَّواد ادلعارل‪...‬اخل‪ ،‬واليت يراىا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫نواحيو(‪ ،)2‬ودبا أ ّف الشيخ ضبو فخار كانت لو العديد من ادلساعلات اجلمعوية على ادلستوى ا﵀لّي‬
‫حصرىا‪ ،‬فإين سأتطرؽ إذل جهودهِ يف منظّمة ّ‬
‫الكشافة اإلسبلمية اجلزائرية وصبعية‬ ‫ب ُ‬ ‫والوطٍت يصعُ ُ‬
‫خاصة يف اجلانب‬ ‫الشباب ّ‬ ‫رياضة ادلصارعة اليابانية "الكراتيو"(‪ ،)3‬دلا ذلما من أث ٍر كب ٍَت وو ٍ‬
‫اضح على ّ‬
‫الًتبوي‪:‬‬
‫ّ‬

‫أوال‪ :‬نشاطو ضمن الكشافة اإلسالمية الجزائرية‪:‬‬


‫قائدا‬
‫عضوا مث ً‬ ‫ِ‬
‫ائدا بامتياز‪ُ ،‬شلار ًسا يف كامل أطوار حياتو‪ ،‬أي ً‬ ‫كشافًا ر ً‬
‫يُعترب الشيخ ضبو فخار ّ‬
‫مامو ّٔا عف ِويًا بل إلدراكِو أعليّة احلركة الكشفية يف تربية‬ ‫ِ‬
‫عاما دبزاب‪ ،‬ودل يكن اىت ُ‬
‫عميدا فم ِ‬
‫رش ًدا ِّ‬ ‫مث ً ُ‬
‫الكشاؼ حيويًا‪ ،‬و ِاس َع االطّبلع‪ ،‬وتُعلّْ ُمو الكثَت من اخلربات‬‫النشء‪ ،‬ودلا فيها من فوائد صبّة ذبعل ّ‬
‫ات ِ‬
‫باىرة‬ ‫اليت يكتسبها يف أثناء التدريب‪ ،‬إضافة إذل تَفت ُِّق مو ِاىبِو واتّقاد ذىنو‪ ،‬شلا جعلو يتميز دبهار ٍ‬

‫(‪ )1‬قاسم بن أضبد الشيخ باحلاج‪ :‬األسس الفكرية للنهضة اإلصالحية في وادي ميزاب‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.306‬‬
‫(‪ )2‬باضبد بن صاحل خطارة‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪ ،‬ص ‪.03‬‬
‫(‪ )3‬ينظر ادللحق رقم ‪.10‬‬
‫~‪~::‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ُسب ّكنو من إغلاد احللوؿ لكث ٍَت من ادلعضبلت اليت تعًتض سبيلو يف ىذه احلياة‪ ،‬فأيَّ َدىا وسايَػَرىا‬
‫ؽللك من ّقوة(‪.)1‬‬
‫بكل ما ُ‬‫وشج َعها ّ‬
‫َّ‬

‫وتعود بدايتو الكشفية إذل ما قبل االستقبلؿ حُت كاف طالبًا بالقرارة‪ ،‬إذ كاف من الُمف ّكرين‬
‫كشافة اجلنوب‪ ،‬ومع بزوغ فجر االستقبلؿ انبثق فوج اإلصبلح للكشافة‬ ‫األوائل يف إنشاء فرع ّ‬
‫هي ِكل إدارة ّ‬
‫الكشافة مستعينًا بزمبلئو‬ ‫اإلسبلمية اجلزائرية بغرداية‪ ،‬إذ أخذ الشيخ ضبو فخار يُنظّْم ويُ ْ‬
‫األساتذة وادلعلّمُت وعلى رأسهم احلاج قاسم بابكر(‪ )2‬وأضبد بن عمر أوبكة(‪ )3‬باإلضافة إذل بعض‬
‫العاملَة يف البلديّة‪ ،‬حيث كانت التدريبات الكشفية ذبرى يف سطح مدرسة‬ ‫الشباب واإلطارات ِ‬
‫فوج ٍ‬
‫ثاف ُمسّْي فوج "ادلختار"‬ ‫تكوين ٍ‬ ‫(‪)4‬‬
‫ُ‬ ‫ونظرا لتزايد عدد أعضاء الكشافة متّ‬
‫اإلصبلح "حواشة" ‪ً ،‬‬
‫بقيادة باضبد بن صاحل خطّارة(‪ ،)5‬حيث ضربت ىذه األفواج أروع األمثلة يف النشاط الثقايف‬

‫( ‪)1‬‬
‫مقابلة مع الشيخ باضبد بن صاحل خطارة حوؿ موضوع‪ :‬عالقة الشيخ حمو فخار بالكشافة اإلسالمية الجزائرية‬
‫ونشاطو بها‪ ،‬يف مدرسة اإلصبلح االبتدائية "حواشة" بغرداية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬يوـ ‪ 06‬فيفري ‪2017‬ـ‪ ،‬من الساعة ‪ 19:15‬إذل‬
‫‪ 20:30‬مساء‪.‬‬
‫(‪ )2‬احلاج قاسم بن صاحل بابكر (‪1962 -1928‬ـ)‪ُ :‬ولد بغرداية‪ ،‬تلقى تعليمو اإلبتدائي األوؿ بتونس‪ ،‬استأنف تعليمو‬
‫ادلتوسط دبعهد احلياة بعد أف استظهر القرآف الكرمي سنة ‪1947‬ـ‪ ،‬سافر إذل تونس ليكمل دراستو جبامع الزيتونة سنة ‪1952‬ـ‬
‫إذل غاية ‪1955‬ـ أين عاد إذل غرداية واطلرط يف سلك التعليم‪ ،‬كاف من ادلتحمسُت ألسلمة الكشافة يف ادللسبر األوؿ للكشافة‬
‫باجلزائر العاصمة يف ‪ 03‬نوفمرب ‪ 1962‬ـ‪ ،‬كاف لو دور كبَت يف تسمية الكشافة اإلسبلمية اجلزائرية بعدما كانت تسمى‬
‫بالكشافة اجلزائرية من طرؼ الفرنسيُت واآلباء البيض‪ .‬للمزيد يُنظر‪ :‬مصطفى بن بكَت حواش‪ :‬بابكر الحاج قاسم بن صالح‬
‫رائد الشباب األول‪ ،‬ادلطبعة العربية‪ ،‬ط‪ ،1‬غرداية ‪2008‬ـ‪ ،‬ص ص ‪.38 ،15‬‬
‫(‪ )3‬أضبد بن عمر أوبكة (‪ 1930‬ـ)‪ :‬من مواليد غرداية‪ ،‬تلقى تعليمو االبتدائي دبدينة غليزاف‪ ،‬التحق دبعهد احلياة بالقرارة سنة‬
‫‪1946‬ـ إذل غاية ‪1951‬ـ‪ ،‬اشتغل بالتعليم بداية من سنة ‪1952‬ـ دبدرسة اذلدى بقسنطينة‪ ،‬مث دبدرسة سطيف من ‪1953‬ـ‬
‫درسا دبدرسة‬‫إذل غاية ‪1959‬ـ‪ ،‬اشتغل با﵀كمة اإلباضية بوىراف مابُت ‪1960‬ـ و‪1961‬ـ‪ ،‬استقر بعد ذلك بغرداية ُم ّْ‬
‫اإلصبلح ومعهد اإلصبلح للبنُت والبنات‪ ،‬وىو عضو بارز وملسس للندوة الفقهية للشيخ عبد الرضبن بكلي بربياف ادلنعقدة‬
‫كل يوـ أربعاء‪ ،‬ويعترب مرجع الفتوى يف غرداية إذل ح ّد اليوـ‪ .‬للمزيد ينظر‪ :‬أضبد بن عمر أوبكة‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )4‬باضبد بن صاحل خطّارة‪ :‬ادلقابلة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )5‬باضبد بن صاحل خطّارة (‪1937‬ـ)‪ :‬من مواليد غرداية‪ ،‬خريج مدرسة اإلصبلح ومعهد احلياة بالقرارة‪ ،‬التحق بسلك التعليم‬
‫توذل نيابة اإلدارة للتعليم االبتدائي جبمعية اإلصبلح سنة ‪1982‬ـ‪ ،‬وتوذل اإلدارة العامة بعد‬‫دبدرسة اإلصبلح‪ ،‬سنة ‪1958‬ـ‪ّ ،‬‬
‫~;‪~:‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مرة خارج مزاب سنة‬ ‫ِ‬


‫ألوؿ ّ‬
‫الرياضي واإلبداعي دبخيّماهتا النّموذجيّة ا﵀كمة التنظيم كالذي عُق َد ّ‬
‫وّ‬
‫‪7>;9‬ـ يف سكيكدة حيث كاف الشيخ ضبو فخار ُمش ِرفًا ِّ‬
‫عاما عليها يُتابع ويُنظّم أمورىا‪.‬‬

‫وقد واجهت الكشافة بغرداية يف طريقها العديد من العقبات والصعوبات وادلضايقات مثل‬
‫ادلعارضة اليت كانت تتلقاىا من طرؼ إدارة احلزب الواحد‪ ،‬وذلك بادلنع من ادلشاركة يف احلفبلت‬
‫والتظاىرات الوطنية‪ ،‬وبقطع الصلة بينها وبُت القيادة العامة باجلزائر‪ ،‬وحبجز الربيد الوارد والصادر‬
‫وحرماهنم من ادلشاركة يف الًتبصات الوطنية وال ّدولية‪ ،‬وأماـ ىذا الوضع ادلًتدي عقد الشيخ ضبو‬
‫فخار العزـ على السفر وخوض ادلعركة بنفسو حيث ضبل ادللف ادلثقل بادلصادمات والتع ّديات‬
‫كثَتا‪ ،‬ودل سبض إال‬
‫للقيادة العامة باجلزائر وشرح للمسلولُت الوطنيُت الوضع ادلتأزـ‪ ،‬فتأسفوا لذلك ً‬
‫أياـ قبلئل حىت نزؿ وفد من القيادة العامة إذل غرداية واتصلوا بأعياف مزاب وعلى رأسهم الشيخ‬
‫بيوض والشيخ عدوف والشيخ ضبو فخار وأقنعوىم باألوضاع السائدة فأنصفوىم‪َ ،‬وُو ِض َعت ُخطّة‬
‫وحلّت ادلشكلة وأصبحت مشاركة أفواج اإلصبلح يف الًتبصات‬ ‫لبلتصاؿ بالقيادة العامة مباشرة ُ‬
‫عادية يف طابع تقليدي أصيل بادلنطقة(‪.)1‬‬

‫قائبل يف إحدى‬
‫يصا على توجيو النصح واإلرشاد للكشافُت ً‬‫لقد كاف الشيخ ضبو فخار حر ً‬
‫ادلناسبات‪ ...«:‬حافظ على ُسمعتك الطيبة باالستقامة والتحلّي بالفضائل‪ ،‬والتخلي عن‬
‫الرذائل‪ ،‬وفي مقدمة ذلك أن تكون الرائد إلى طاعة اهلل‪ ،‬وإشاعة المحبة والرحمة بين خلق‬
‫اهلل‪ ،‬فالكشاف باإلضافة إلى أنو مثال الحزم والنشاط والنجدة والنظام‪ ،‬رسول المحبة بين‬
‫األنام‪ ،‬وسفير الخير وبشير الدين في أمة اإلسالم »(‪ ،)2‬فكاف نِ ْع َم ادلوجو وادلرشد‪ ،‬من خبلؿ‬

‫=وفاة الشيخ ضبو فخار‪ ،‬وىو القائد العاـ لكشافة أفواج اإلصبلح إذل حد اليوـ‪ .‬للمزيد يُنظر‪ :‬باضبد بن صاحل خطارة‪،‬‬
‫ا﵀اضرة السابقة‪ ،‬ص ‪.01‬‬
‫(‪ )1‬باضبد بن صاحل خطارة‪ :‬ادلقابلة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )2‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬وقفات ومواقف‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.08 -07‬‬
‫~<‪~:‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫دروسو وتوجيهاتو اليت كاف يُقدمها ذلم يف كل ضائقة ويف كل َكْبػ َوةٍ‪ ،‬يُعلّمهم فيها الصرب على‬
‫(‪)1‬‬
‫الص َعاب‬
‫الشدائد‪ ،‬واألناة واحلكمة يف تسيَت شلوف آّتمع‪ ،‬والشجاعة والنفس الطويل ّٓأّة ّْ‬

‫ثانيا‪ :‬نشاطو ضمن جمعية رياضة المصارعة اليابانية "الكراتيو"‪:‬‬


‫تعود فكرة إنشاء أوؿ فرع لرياضة "الكراتيو" يف اجلنوب اجلزائري إذل سنة ‪7>90‬ـ‪ ،‬أين كاف‬
‫(‪)2‬‬
‫ربت إشراؼ‬ ‫أعضاء قدماء الكشافة يتلقوف تدريبات يف "الكراتيو" دبنزؿ يف حي "تيضفت"‬
‫ادلدرب إبراىيم بابنات(‪ )3‬الذي كاف ينتقل باستمرار بُت اجلزائر وغرداية(‪.)4‬‬

‫حبرص و ٍ‬
‫اىتماـ ويفكر يف مستقبل الشباب‬ ‫كاف الشيخ ضبو فخار يتتبع تدريبات الكوكبة ٍ‬
‫سليما بسيدي فرج‬
‫وتكوينهم رياضيا وأخبلقيا‪ ،‬واستغل الفرصة حُت عقدت أفواج اإلصبلح ً‬
‫ٍ‬
‫بعرض ق ّدمو بعض األعضاء‪ ،‬فطلب من ادلدرب إبراىيم بابنات القدوـ إذل غرداية‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫وأُعج َ‬
‫لتأسيس ٍ‬
‫ناد لػػ"الكراتيو" جبمعية اإلصبلح‪ ،‬وبعد معارضة من بعض األطراؼ وافق ادلدرب على‬
‫العرض‪ ،‬وانطلقت التدريبات سنة ‪7><7‬ـ بقاعة حبي الراعي(‪.)5‬‬

‫ومن أجل سبك ِ‬


‫ُت التبلميذ من شلارسة الرياضة يف فصل الصيف وإشغاذلم دبا يعود عليهم‬
‫بالفائدة وقت فراغهم يف العطلة‪َّ ،‬‬
‫فكَر ادلشرفوف يف بناء قاعة للتدريب بالواحة فكاف السبيل أف‬
‫يلجلوا إذل الشيخ الذي ال يقبل أف يكوف عدـ وجود الوسائل سببًا لتعطيل ادلشاريع ادلهمة فقاؿ‬

‫(‪ )1‬باضبد بن صاحل خطارة‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪ ،‬ص ‪.03‬‬


‫(‪ )2‬حي من أحياء مدينة غرداية يف اجلهة الغربية‪.‬‬
‫(‪ )3‬إبراىيم بن عيسى بابنات (‪1943‬ـ)‪ُ :‬ولد بغرداية‪ ،‬بدأ رياضة الكرايت كهواية سنة ‪1958‬ـ يف مدينة سطيف يف عمر يناىز‬
‫‪ 15‬سنة‪ ،‬وبعدىا انتقل إذل العاصمة واطلرط يف أحد النوادي الفرنسية‪ ،‬ويف سنة ‪1965‬ـ اطلرط يف أكادؽلية رياضة القتاؿ‬
‫ربصل على احلزاـ األسود ربت إشراؼ اليابانيُت‪ ،‬للمزيد يُنظر‪ :‬عبد العزيز‬
‫تدر َج يف سلتلف ال ّدرجات إذل أف ّ‬‫بالعاصمة وىناؾ َّ‬
‫بن صاحل تاغدة‪ :‬نادي اإلصالح للكراتي ثمرة من ثمرات جهود الشيخ حمو فخار‪ ،‬زلاضرة ألقاىا يف الملتقى الوطني‬
‫األول حول فكر القائد الرمز الشيخ حمو بن عمر فخار‪ ،‬دبسجد بابا السعد الغريب‪ ،‬غرداية ‪ 14 /11‬جويلية ‪2006‬ـ‪.‬‬
‫(‪ )4‬عبد العزيز بن صاحل تاغدة‪ :‬ا﵀اضرة نفسها‪.‬‬
‫(‪ )5‬نفسها‪.‬‬
‫~=‪~:‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الشيخ حينها أنو يزعم إقامة مكتبة بالغابة ومن أجل احلصوؿ على قاعة للتدريب سيقيم ادلكتبة يف‬
‫الطابق األوؿ ليكوف الطابق األرضي قاعة ل ػ "الكراتيو"(‪.)1‬‬

‫ودبرور السنوات تزايد عدد ادلنخرطُت والوافدين إذل نادي اإلصبلح لػػ"الكراتيو" حىت من‬
‫س احلاجة لقاعات أخرى‪ ،‬فقاـ الشيخ ضبو فخار بتدعيم النادي‬ ‫خارج غرداية‪ ،‬وأصبحوا يف أ ََم ّْ‬
‫بقاعات جديدة‪ ،‬كما كاف لو الفضل يف فتح فروع لػهذا النوع من الرياضة بقصور مزاب آّاورة‬
‫حيث كاف أعياهنا يطلبوف ذلك منو مباشرة فيعرض الفكرة على ادلشرؼ إبراىيم بابنات ليوافق‬
‫– ;<>‪7‬ـ بالقصور‬ ‫‪7><:‬‬ ‫عليها‪ ،‬وتعقد جلسة اتفاؽ حبضور الشيخ فتنطلق العملية يف موسم‬
‫التالية‪ :‬مليكة‪ ،‬وبنورة‪ ،‬وبٍت يسجن‪ ،‬والقرارة‪ ،‬ووارجبلف (ورقلة)‪ ،‬أما يف برياف فكاف يف موسم‬
‫‪7>=; – 7>=:‬ـ‪ ،‬ودل يكتف نادي اإلصبلح لػ "الكراتيو" بنشر ىذه الرياضة على مستوى مزاب‬
‫ربمل الشيخ مش ّقة السفر إذل تلك ادلدف‬
‫فقط‪ ،‬بل تع ّدى ذلك إذل مدف أخرى يف الشماؿ حيث ّ‬
‫وعظم مسلولياتو حبِّا يف مرافقة أبناء ّأمتِو‪ ،‬وأعلها‪ :‬سطيف <<>‪7‬ـ‪ ،‬بسكرة‬
‫رغم كرب سن ِّْو ِ‬
‫=<>‪7‬ـ‪ ،‬تقرت ><>‪7‬ـ‪ ،‬باتنة ><>‪7‬ـ‪ ،‬قسنطينة ‪7>=7‬ـ‪ ،‬تبسة ‪7>=7‬ـ‪ ،‬عُت مليلة ==>‪7‬ـ‪،‬‬
‫اجلزائر العاصمة ;=>‪7‬ـ(‪.)2‬‬

‫إ ّف ىدؼ الشيخ ضبو فخار يف إرساء قواعد رياضة "الكراتيو" بغرداية كاف لتمكُت قوة‬
‫وعزتو‪ ،‬واألخذ بيد الشباب ليصرفوا قوهتم وفتوهتم فيما يعود عليهم بالنفع والفائدة دوظلا‬
‫ادللمن ّ‬
‫دفاعا‪ ،‬حيث يقوؿ‪ ...«:‬بفضل ما بذلو اإلصالح في ىذا الميدان نشأ في األمة‬ ‫ظلم إال ً‬
‫المزابية عموما وبغرداية خصوصا جيل بل أجيال ُمعت ّدة بنفسها ال يشينها ما شان من سبقها‬

‫( ‪)1‬‬
‫عبد العزيز بن صاحل تاغدة‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬
‫( ‪)2‬‬
‫نفسها‪.‬‬
‫~>‪~:‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫من مركبات النقص‪ ،‬وال تستشعر إال أنها خليقة بالحياة قادرة على الدفاع عن نفسها وعن‬
‫كل مظلوم على وجو الجزائر فساد المنطقة الطمأنينة واختفى الظلم »(‪.)1‬‬

‫ومن ىذا أستنتج أف الشيخ ضبو فخار كانت لو أىداؼ وغايات من وراء ىذه الرياضة‬
‫الشاب ادلسلم من خبلؿ تكوين‬
‫وغَتىا من الرياضات‪ ،‬حيث يسعى إذل تكوين وهتذيب روح ّ‬
‫جسده‪ ،‬فالرياضة عنده وسيلة لًتبية النفس على الصرب والروح الرياضية‪ ،‬ال غاية يسعى إليها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تنظيمو للمهرجانات الثقافية‪:‬‬


‫ٍ‬
‫قياسية‪ ،‬شلا يدفع‬ ‫ٍ‬
‫درجات‬ ‫الصيف بارتفاع درجة احلرارة إذل‬
‫يتميّز ُمناخ منطقة مزاب يف فصل ّ‬
‫للمناخ ادلناسب الذي يكو ُف ىناؾ‪ ،‬ومن عادة س ّكاف‬
‫نظرا ُ‬
‫بسكاف القصر إذل االنتقاؿ للواحة ً‬
‫ُّ‬
‫الفضل‬
‫ُ‬ ‫صيف إذل غاية بداية فصل اخلريف‪ ،‬فكاف‬ ‫القياـ بذلك مع بداية فصل ال ّ‬
‫قصر غرداية ُ‬
‫للشيخ ضبو فخار يف سنة =<>‪7‬ـ أف َس َّن ُسنّة حسنةً بإقامة مهرجاف ثقايف سنوي كبَت ربتفي فيو‬
‫صبيع عشائِِر البلدة و ادلنظمات‬
‫كامل ونيّف‪ ،‬تُشارؾ فيو ُ‬ ‫سبوع ٍ‬‫ويدوـ أل ٍ‬
‫ُ‬ ‫البلدة يف صبيع ربوعها‪،‬‬
‫ٍ‬
‫مسابقات ثقافيّ ٍة ومعارض للكتب وآّبلت‬ ‫تنظيم‬ ‫ِ‬
‫العرفية‪ ،‬واجلمعيات الفاعلة النّشيطة‪ ،‬حيث يت ُّم ُ‬
‫ومعارض لؤلشغاؿ اليدوية واخلط والزخرفة‬ ‫ٍ‬
‫جديد يف الفكر والثقافة زلليًا ووطنيًا ودوليًا‪،‬‬ ‫وكل‬
‫َ‬
‫الصناعات التقليدية لِكِ َبل اجلنسُت منفصلُت زمانًا ومكانًا دبدرسة‬ ‫والنسيج واخلياطة والطرز و ّ‬
‫ِ‬
‫العديد من‬ ‫فن بدي ٍع وذ ٍ‬
‫وؽ رفي ٍع‪ ،‬باإلضافة إذل‬ ‫اإلصبلح‪ ،‬ربفةً للنُظَّار مب ِهرًة لعيوف الزوار يف ٍّ‬
‫الضيوؼ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ا﵀اضرات والنّدوات العلميّة اليت تُل َقى يف ادلساء بدار العلم من طرؼ األساتذة وادلشايخ و ُ‬
‫األشراؼ ِ‬
‫القادمُت من مزاب وسائر القطر اجلزائري على الطّلبة واجلامعيُت وادلعلّْ ِمُت‪ ،‬ويف نفس‬
‫الع ْد ِو‬
‫الوقت ت ُكو ُف بالتوازي أنشطةٌ رياضيّةٌ سلتلفة يف فضاء الواحة‪ ،‬مثل كرة القدـ و"الكاراتيو" و َ‬
‫باقات اخليل وحىت احلمَت‪ ،‬ليضمن اذلدوء واالستقرار وحسن‬ ‫وس ِ‬‫وتَسلُّق النَّخيل والسباحة ِ‬
‫ّ‬
‫اإلنصات يف الندوات‪ ،‬كما يضمن رلاال يتنفس فيو الشباب ويػُ َفتّ ُق طاقتهم ويُف ِرغُ شحناهتم يف‬

‫(‪ )1‬عبد العزيز بن صاحل تاغدة‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬


‫~‪~;4‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫جو من األخبلؽ والعرؼ واحليوية واألمل‬ ‫إطا ٍر منظّم ّ‬


‫تتواله طلبة من الشباب العاقل ادلتزف يف ّ‬
‫سحة‪ ،‬وقد مت اإلعداد ذلا منذ ادلوسم الفارط‪ ،‬كما يستدعي إذل مسجد "مامة‬
‫التنزه والفرجة وال ُف َ‬
‫و ّ‬
‫ويكرمهم‬
‫دروسا بادلناسبة بُت ادلغرب والعشاء ّ‬
‫أجبلء من داخل الوطن وخارجو ليلقوا ً‬ ‫حنة" علماء ّ‬
‫استنهاضا ذلمم الشباب أف يتعلّموا ويتث ّقفوا‬
‫ً‬ ‫لؤلمة أمر دينها ودنياىا وآخرهتا‪ ،‬و‬
‫فيها‪ ،‬تثقي ًفا ّ‬
‫ويتق ّدموا ويَػتَ َموقعُوا وال يتقوقعوا‪ ،‬وأف يتج ّددوا وال يتب ّددوا‪ ،‬غَت ىيّابُت وال مستكينُت(‪.)1‬‬

‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬


‫ّْمها ُسلتل ُ‬
‫اخرا باألنشطة بدايةً حبفبلت فنّية راقية تُقد ُ‬ ‫دائما ز ً‬
‫السهرة فيكو ُف ً‬
‫نامج ّ‬ ‫ّأما بر ُ‬
‫الصوتِية من ُدوِر العشائر واجلمعيات الفنّية‪ ،‬تتخلّلُها نشاطات أدبية ساحرة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫آّموعات ّ‬
‫ف قضايا آّتمع‪ ،‬واستعراضات‬ ‫ِ‬ ‫داخبلت ِشع ِريّة رائعة‪،‬‬
‫ومسرحيات اجتماعية ىادفة‪ ،‬تُعاجلُ سلتل َ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وُم‬
‫وع النّاس‬
‫تستقطب ُصب َ‬
‫ُ‬ ‫كشفيّة باىرة بقيادة وتنشيط القائد باضبد بن صاحل خطارة أو من يكلّْ ُفوُ‪،‬‬
‫السنوية‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الكثَت من العُ ّماؿ ادلغًتبُت يف الوطن وخارجو َح َّولُوا عُطَلَ ُهم ّ‬
‫كل حدب وصوب‪ ،‬إذ أ ّف َ‬ ‫من ّ‬
‫وحب‬
‫الصيفيّة إعجابًا ّٔذه ادلهرجانات حىت ػلضروىا ويشاركوىا ويباركوىا يف غَتة ّ‬ ‫إذل ىذه الفًتة ّ‬
‫وإفادة واستفادة‪ ،‬ؤّذا قد دخلوا بشرؼ يف صفحات التاريخ(‪.)2‬‬

‫ِ‬
‫وصيات اليت يُق ّد ُمها‬ ‫وقد كانت للشيخ ضبو فخار يف ىذه ادلهرجانات ِ‬
‫يد من التّ‬ ‫العد ُ‬
‫وحي بالتّ ِ‬
‫جديد واالبتكا ِر‬ ‫توجيو االىتِم ِاـ فيها إذل ما ي ِ‬‫ِ‬ ‫اىم إذل و ِ‬
‫جوب‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫للحاضرين‪ ،‬داعيًا إيّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبتُت أسباب‬ ‫ىداؼ النّبيلة من إقامة ادلهرجاف تق ِويَةَ أواص ِر األ ُ‬
‫ُخ ّوة‪ ،‬و َ‬ ‫اإلبداع‪ ،‬وأف تكوف األ ُ‬ ‫و ِ‬
‫ِ‬
‫األحقاد والضغائن اليت‬ ‫وتناس َي‬ ‫ِ‬
‫االنتماءات التّافهة‪ِ ،‬‬ ‫التّصايف بُت شباب البلدة‪ ،‬وإلغاء الفو ِ‬
‫ارؽ و‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين واخلُلُق قبل الثّقافة‪،‬‬
‫عارهُ شعار األ ُّمة ادلُسلمة احل ّقة‪" :‬ال ّد ُ‬
‫ضوف‪ ،‬وأف ي ُكوف ش ُ‬ ‫يَصطَنعُها ادلغ ِر ُ‬

‫( ‪)1‬‬
‫مقابلة مع األستاذ ضبو سليماف بوسعدة حوؿ موضوع‪ :‬الشيخ حمو فخار وخدمتو للمجتمع‪ ،‬دبنزلو بغرداية‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫يوـ ‪ 16‬أفريل ‪2017‬ـ‪ ،‬من الساعة ‪ 17:30‬إذل ‪ 20:00‬مساء‪.‬‬
‫(‪ )2‬ضبو سليماف بوسعدة‪ :‬ادلقابلة نفسها‪.‬‬
‫~‪~;7‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫احلق ِيقي واألَمسَى من ىذه‬


‫اذلدؼ ِ‬
‫َ‬ ‫قبل مصلحة الفرد"(‪ ،)1‬ويُ ّْبُت الشيخ ضبو فخار‬
‫ومصلَحةُ األ ُّمة َ‬
‫َ‬
‫فه ُم حديثًا من أنّوُ‬ ‫نود أن ال يُ ْف َه َم من عنوان المهرجان الثقافي ما يُ َ‬ ‫قائبل‪ُّ «:‬‬
‫ادلهرجانات ً‬
‫تفرقَة‪ ،‬وما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شابة‪ ،‬وتِبيَا ٌن‬ ‫اكتشاف للط ِ‬
‫الم ّ‬
‫وجمع للمعلومات ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ودة‪،‬‬
‫الموج َ‬
‫ُ‬ ‫للمهارات‬ ‫اقات ال ّ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫وألوانو ‪ ...‬لقد ن َن األوا ُن‬ ‫ِ‬
‫بأشكالو‬ ‫كالشع ِر والتصوي ِر ُّ‬
‫والرسوم الجامدة وال ُفولْكلُور‬ ‫أشبَوَ ذلك ِّ‬
‫ضمي ِر ال ّديني‪،‬‬
‫وتثقيف ال ّ‬
‫ُ‬ ‫السلُوك الفردي‪،‬‬
‫تهذيب ُّ‬ ‫ِ‬
‫الحقيقي‪ ،‬وىو‬ ‫أن نَفهم من الثّ ِ‬
‫قافة جانبَ َها‬
‫ُ‬ ‫ََ‬
‫الع َق ِدية في ِ‬
‫نفوس النّاشاة »(‪.)2‬‬ ‫وح َ‬‫الر ِ‬
‫وتركيز ُّ‬
‫ومما سبق ي ِ‬
‫مكن القول‪:‬‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫جهود الشيخ ضبو فخار ومن معو يف صبعية‬ ‫ومعاىد اإلصبلح شبرة‬
‫ُ‬ ‫مدارس‬ ‫لقد كانت‬ ‫‪-1‬‬
‫ُ‬
‫اإلصبلح‪ ،‬والذي سهر على تطوير مناىجو وبرارلو‪ ،‬لتتماشى ومتطلبات العصر‪.‬‬
‫األمة يف سلتلف آّاالت‪ ،‬فهو‬
‫يُلكد الشيخ ضبو فخار على أعلّية استغبلؿ طاقات ّ‬ ‫‪-2‬‬
‫كنزا شبينًا ونػَ َف ًسا وطاقةً جديدةً للحركة اإلصبلحية دبزاب‪.‬‬
‫طالب علم ً‬
‫كل َ‬ ‫يرى ّ‬
‫الفعاؿ يف ترسيخ‬
‫يُعترب الشيخ ضبو فخار من األوائل الذين عرفوا قيمة ودور ادلسجد ّ‬ ‫‪-3‬‬
‫هودا جبّارة لبناء العديد من ادلساجد‬ ‫ِ‬
‫السمحة بآّتمع‪ ،‬لذلك بَذؿ ُج ً‬
‫القيَم اإلسبلمية ّ‬
‫يف مزاب وخارجو‪.‬‬
‫استقرت مكانػَتُها‪،‬‬
‫ربسنت أوضاع ادلرأة و ّ‬‫بفضل إصبلح مناىج تعليم الفتاة يف مزاب‪ّ ،‬‬ ‫‪-4‬‬
‫وبَػلَغَت مستوى ال يُ ْستَػ َها ُف بو يف العلم والثّقافة وخدمة األسرة وآّتمع‪.‬‬
‫ٍ‬
‫وإرىاصات زبولو لقيادة األمم وآّتمعات‪ ،‬استطاع‬ ‫امتلك الشيخ ضبو فخار مو ِاىب‬ ‫‪-5‬‬
‫بذلك تأسيس العديد من اجلمعيات وادلنظّمات لتأط َِت الشباب‪ ،‬فهو يُلمن بضرورة‬

‫(‪ )1‬ىذا ىو الشعار الذي تبنّاه معهد احلياة بالقرارة‪ ،‬منذ تأسيسو سنة ‪1925‬ـ إذل اليوـ‪ ،‬والشيخ ضبو فخار من خرغلي ىذا‬
‫ادلعهد‪.‬‬
‫(‪ )2‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬وقفات ومواقف‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.33 ،20‬‬
‫~‪~;0‬‬
‫إسهامات الشيخ حمو فخار في اإلصالح والتربية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ربمل ادلسلولية مستقببل يف‬


‫اطلراط الفرد يف اجلمعيات من أجل تنشئتو وتربيتو على ُّ‬
‫رلتمعو‪.‬‬
‫افعا شعار "العقل‬
‫الرياضة وأثرىا على جسم اإلنساف ر ً‬ ‫عرؼ الشيخ ضبو فخار قيمة ّ‬ ‫‪-6‬‬
‫وج َس َده من‬
‫دائما أف يُهيّ َئ نفسو َ‬ ‫ِ‬
‫الرياضي ً‬
‫لسليم" إذ الب ّد على ّ‬‫السليم يف اجلسم ا ّ‬ ‫ّ‬
‫أجل نُصرة دينِو‪ ،‬ورف ِع راية بلده‪ ،‬وخدمة رلتمعو‪.‬‬
‫استطاع الشيخ ضبو فخار أف ػلمي آّتمع من عديد اآلفات االجتماعية بتنظيمو‬ ‫‪-7‬‬
‫للمهرجانات الثقافية سنويا‪ ،‬واليت يهدؼ من ورائها إذل دلّ مشل األمة وتوحيدىا وتعزيز‬
‫األخ ّوة بُت أبناء آّتمع‪.‬‬
‫الًتابط و ُ‬
‫قيم ّ‬

‫~‪~;8‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطه السياسي واالجتماعي‬

‫المبحث األول‪:‬‬
‫نضال الشيخ حمو فخار السياسي والثوري‬

‫المبحث الثاني‪:‬‬
‫وقفات الشيخ ومواقفه االجتماعية‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫الفصل الثالث‪ :‬الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‪.‬‬


‫يُعترب الشيخ محو فخار أحد الذين كاف ذلم احلظ أف عايشوا أىم األحداث والتطورات‬
‫السياسية احلاصلة يف اجلزائر والعامل طيلة ثالثة أرباع القرف العشرين‪ ،‬من سنة ‪5291‬ـ إىل غاية سنة‬
‫‪9222‬ـ‪ ،‬ومن خالؿ الفصل الثالث سأعمل على إبراز الفكر السياسي الذي كاف يتبناه الشيخ‬
‫أىم اآلراء اليت نادى هبا؟ وكيف عاجل القضايا ا﵀لية والوطنية والعادلية؟ ومباذا‬
‫محو فخار‪ ،‬فما ىي ّ‬
‫دتيزت مواقفو السياسية؟ وما أبرز ِ‬
‫جهوده إبّاف الثورة التحريرية؟‬ ‫ّ‬
‫يعيش‬
‫دتكن الشيخ محو فخار من جتسيد أىداؼ احلركة اإلصالحية يف رلتمعو‪ ،‬فكاف واقعيِّا ُ‬ ‫َّ‬
‫حتمل ِعبئَػ َها؟ وىل‬ ‫ِ‬
‫يف ّأمة وألجل َها‪ ،‬ففيم تتمثّل مواقفو القيادية؟ وما مدى َج َس َامة ادلسؤوليات اليت ّ‬
‫غَت من خالذلا واقع رلتمعو؟‬
‫استطاع أف يُ ر‬

‫~ ‪~ 64‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المبحث األول‪ :‬نضال الشيخ حمو فخار السياسي والثوري‪.‬‬


‫عايش الشيخ محو فخار فًَتَة مابُت احلربُت‪ ،‬واليت عرفت ظهور مجعية العلماء ادلسلمُت‬
‫اجلزائريُت سنة ‪5295‬ـ‪ ،‬مثّ تتبّع ُرلريَات ومراحل احلرب العادلية الثانية ومشاركة إخوانو الثوار‬
‫اجلزائريُت يف حترير فرنسا‪ ،‬مث تطورات احلركة الوطنية يف اجلزائر وكل اإلرىاصات اليت ّأدت إىل‬
‫اندالع الثورة اجلزائرية‪ ،‬كما عايش فًتة ما بعد االستقالؿ وبروز القطبية الثنائية يف ما عُ ِرؼ‬
‫باحلرب الباردة وانتهاج اجلزائر للنّهج االشًتاكي إىل غاية هناية الثمانينيات‪ ،‬أين كانت ُىناؾ‬
‫سياسيةٌ وجت ِربَة تعدُّديَّة ِخالفًا دلا كاف األمر يف السابق‪.‬‬
‫حتوالت ِ‬
‫ّ ٌ‬

‫أوال‪ :‬وطنية الشيخ حمو فخار‪:‬‬


‫بالروح الوطنية‪ ،‬ومدرسةً سياسيّةً متميرزة‬
‫فعمةً ّ‬
‫يُعترب الشيخ محو فخار طاقةً فاعلةً بامتياز ُم َ‬
‫ومواكبَةً لألحداث وال ختلو‬ ‫ِ‬
‫أكثر واقعيّةً ُ‬
‫فخطَبُو وكتابَاتُوُ ُ‬
‫وحب الوطن والعادلية‪ُ ،‬‬
‫بالتفتح واالعتداؿ ّ‬
‫وخصوصا العامل اإلسالمي‬
‫ً‬ ‫لكل ما غلري زللريًا ووطنيًا وعادليًا‪،‬‬
‫أبدا من التصريح أو التلميح ّ‬ ‫ً‬
‫كبَتا من كِتاباتو(‪.)1‬‬
‫والعريب‪ ،‬فكانت السياسة مبفهومها الواسع تشغل حيّػًزا ً‬
‫استِو بالقرارة على يد أستاذه الشيخ‬ ‫ويعود تكوين الشيخ محو فخار السياسي إىل أيّاـ در َ‬ ‫ُ‬
‫الدفاع‬
‫وحب اجلزائر و ِ‬ ‫ِ‬
‫احلس الوطٍت ّ‬
‫حب الوطن ويُوقد فيهم ّ‬ ‫رن لطلبتو ّ‬‫إبراىيم بيوض الذي كاف يػُلَق ُ‬
‫بإخالص وتَػ َف ٍ‬
‫اف‪ ،‬علُّوُ يف‬ ‫ٍ‬ ‫عنها‪ ،‬حيث َوِرث الشيخ محو فخار ذلك عنو وراح يَ ُ‬
‫نص ُر القضايا الوطنية‬
‫كل اآلفات‬ ‫ِ‬ ‫ُّ ِ‬
‫صت من التّخلف واجلَهل ومن ّ‬ ‫ذلك أف يرى اجلزائر رائد ًة بُت األمم‪ ،‬وقد ختلّ َ‬
‫مصالِح ِجه ِويّة ضيّػ َقة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫االجتماعية‪ ،‬فهو يتميػز ٍّ ٍ ِ‬
‫مادية أو َ‬
‫حبب بريء من أيَّة مصلَحة أو َمطام َع ّ‬ ‫ُّ‬
‫ض ُحو‬ ‫ويرى الوطنية يف التضحية من أجل الوطن و ِ‬
‫أداء الواجبات‪ ،‬قبل ادلطالبة باحلقوؽ كما يُو ر‬

‫( ‪)1‬‬
‫صاحل بن عبد ا﵁ أبو بكر‪ :‬الشيخ حمو فخار وفكره السياسي دروس لشبابنا وحلول لواقعنا‪ ،‬يف مجلة الحياة‪،‬‬
‫ع‪ ،10‬نشر مجعية الًتاث‪ ،‬القرارة‪ ،‬غرداية‪ ،‬اجلزائر ‪ ،2006‬ص ‪.49‬‬
‫~ ‪~ 65‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫َ قاِِلُاا َحيَاحَوُ‬
‫السياسة ّإال إاا َو َ‬
‫قائال‪ «:‬يا شباب اإلصالح إ ّن كلمة "ح ّقي" ال ححيا في ّ‬
‫ً‬
‫فياا »(‪.)1‬‬

‫ومتابعتِو‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫ادلرات من خالؿ حرصو ُ‬ ‫ِ‬
‫حب الشيخ محو فخار للجزائر يف الكثَت من ّ‬ ‫ويظهر ّ‬
‫وحزنِِو العميق على ما َوقَ َع للجزائر يف بداية التسعينيات‬ ‫األحداث‪ ،‬فهاىو يعبرػر عن ِ ِ‬
‫ِ‬
‫أسفو ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫جملريات‬
‫األمثال في السياسة والن ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضال ما حشاده اليوم‬ ‫ّ‬ ‫إذ يقوؿ‪ «:‬اليوم نُشاى ُد جزاِرنا الحبيبة َمض ِر َ‬
‫ب‬
‫تاحاا على‬ ‫وانف ِ‬
‫زوغ األحزاب السياسية في سماِِاا ِ‬ ‫ك بين عناصرىا‪ ،‬من ُذ بُ ِ‬ ‫حفك ٍ‬
‫من ُّ‬
‫َ‬ ‫ّ ّ‬
‫قبل أوانِ َاا‪ ،‬ما ىو ّإال بدايةٌ لي يَد ِري ّإال اللُ كيف حكو ُن النااية »(‪ ،)2‬ويف‬
‫الديمقراطية َ‬
‫اِرنا‬ ‫وغلنربها ِ‬
‫فيارب جنب جز َ‬
‫ّ‬ ‫ادلصائب فيقوؿ‪«:‬‬
‫َ‬ ‫الف ََت و‬ ‫ينصَر اجلزائر ُ َ‬
‫أغلب ُخطبو يدعُو ا﵁ كي ُ‬
‫بطن »(‪.)3‬‬
‫ار مناا وما َ‬
‫المصير األليم‪ ،‬ويارب جنباا الفتن ما ظَ َ‬
‫َ‬ ‫ىذا‬

‫لكل االحتفاالت الرمسية اليت‬ ‫ِ‬ ‫وشلا يتميّز بو الشيخ محو فخار يف حبّو لوطنِ ِو‬
‫حضورهُ ال ّدائم ّ‬
‫ُ‬
‫تُنظَّم زلليا ِ‬
‫وج َهويًا ووطنيا‪ُ ،‬مستغِ ِّال بذلك فرصة االعتزاز باألعياد الدينية والوطنيّة كادلولد النبوي‬ ‫ُ‬
‫يد من الشخصيات السياسية‬ ‫للعد ِ‬
‫الشريف(‪ )4‬وعيد النّصر واالستقالؿ‪ ،‬باإلضافة إىل استقبالِِو ِ‬

‫الراحل ىواري بومدين وغَته‪ ،‬فكاف يستغل الفرصة لتمرير‬ ‫الكبَتة اليت تزور غرداية أمثاؿ الرئيس ّ‬
‫تتناسب مع مرك ِزهِ‬ ‫ٍ‬
‫نصائح وتوجيهات َ ُ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫وتقدمي‬ ‫ِ‬
‫انشغاالت ادلواطنُت بادلنطقة‪،‬‬ ‫رسائلِ ِو اإلصالحيّة ورف ِع‬
‫صرةِ اجلزائر‬ ‫ِ‬ ‫حب الوط ِن و‬ ‫ِ‬ ‫ومكانتِ ِو السياسية‪،‬‬
‫اإلخالص يف نُ َ‬ ‫دائما حوؿ ّ‬ ‫وتتمحور نصائ ُحوُ ً‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫واإلسالـ والعربية‪ ،‬ففي استقبالِِو لرئيس اجلمهورية الشاذيل بن جديد(‪ )5‬يوـ ‪ 51‬جانفي ‪5291‬ـ‪،‬‬

‫(‪ )1‬محو بن عمر فخار‪ :‬من خطب األعياد عيد الفطر وعيد األَحى‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.06‬‬
‫(‪ )2‬محو بن عمر فخار‪ :‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫(‪ )3‬صاحل بن عبد ا﵁ أبو بكر‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.53 -52‬‬
‫(‪ )4‬يُنظر ادللحق رقم ‪.11‬‬
‫(‪ )5‬الشاذيل بن جديد (‪2012 –1929‬ـ)‪ :‬ولػد بوالية عنابة‪ ،‬إلتحق سنة ‪1954‬ـ بالتنظيم السياسي العسكري جلبهة التحرير‬
‫الوطٍت‪ ،‬بعد االستقالؿ عُت قائدا للناحية العسكرية الثانية بوىراف سنة ‪1964‬ـ‪ ،‬ويف ‪1979‬ـ انتخب رئيسا للجمهورية وأعيد‬
‫~ ‪~ 66‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫َّـ لو ُمجلةً من النّصائح أعلّها ُجرأَتو احلازمة يف مراجعة األخطاء الفارطة اليت وقع فيها ساب ُقوهُ‬
‫قد َ‬
‫التوج ِو‬
‫اجع عن ُّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ ٍِ‬ ‫ِ‬
‫الًت ُ‬
‫شَتا بذلك إىل ّ‬
‫على ُس ّدة احلكم‪ ،‬وانتهاج أسلُوب َحكيم يف تصحيح َها ُم ً‬
‫ادلف ِرط إىل االشًتاكيّة‪ ،‬والتأميم والثورة الزراعيّة‪ ،‬وإعادة ىي َكلَة االقتصاد‪ُ ،‬مذ ركًرا إيّاهُ بتهميش الوالية‬
‫بكل َج َدارةٍ‪ ،‬متى فُ ِس َح لاا‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بقولو‪ «:‬إ ّن بغرداية لطاقات وَك َفاءات حُشرؼ القيادة والثّورة ّ‬
‫تحا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القمة بعي ِن‬
‫رجوة فَ ً‬ ‫الم ُ‬
‫زيارحُ ُكم َ‬
‫وأملُنا َوطي ٌد أن حكون َ‬ ‫اإلجالل‪َ ،‬‬ ‫المجال‪ ،‬ونَظََرت إلياا ّ‬
‫لشباب غرداية ‪.)1(»...‬‬

‫ثانيا‪ :‬اىتمامو بالقضايا المحلية والوطنية والعالمية‪:‬‬


‫عصيبَة بعد االستقالؿ‪ ،‬نتيجة ما َخلََّفوُ ادلستد ِم ُر الفرنسي من‬ ‫ؼ مزاب فًت ٍ‬
‫ات تارؼلي ٍة ِ‬ ‫َعَر َ‬
‫ّ‬
‫اب‪ ،‬إضافة إىل السياسة االشًتاكية ادلنتهجة من طرؼ الدولة‪ ،‬واليت استغلها بعض االنتهازيُت‬ ‫خر ٍ‬
‫مناصبَػ ُهم ومراكِزىم اإلدارية واحلِزبيّة‪.‬‬
‫أياـ احلزب الواحد خلدمة مصاحل ِهم اخلاصة مستَغِلرُت ِ‬
‫ّ ُ‬ ‫ّ‬
‫وبقدر ما كاف الشيخ محو فخار يزرع الوطنية يف شباب ّأمتو‪ ،‬ويُعلرمو النّقد البنّاء ال النّقد‬
‫يد بادلواقف البطُولية ألبناء اجلزائر ويُث رم ُن إصلازاهتم‪ ،‬ولن يَستَػْن ِكف يف انتقاد‬ ‫اذل ّداـ‪ ،‬فهو يُ ِش ُ‬
‫ض ِاذل َم َم‬ ‫ِ‬
‫نصرية واجل َه ِويّة ادلػَقيتة ‪ ،‬إذ كاف يُو رجوُ ويستَن ِه ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫البَتوقراطية ا﵀لّية والفساد اإلداري والعُ ُ‬
‫عاملة ‪ ،...‬ال ّدين‬ ‫ِ‬
‫الم َ‬
‫ويقًتح احللوؿ اليت غلب أف يكوف َمرجعها ال ّدين واألخالؽ فيقوؿ‪ «:‬ال ّدين ُ‬ ‫ُ‬
‫وح االنتاا ِزيّة واالستغالل‪،...‬‬ ‫ِ‬
‫ص ُر ُ‬‫السرقات المتفشية في ُمؤسسات دولتنا وحتقلّ َ‬ ‫أن حختفي ّ‬
‫والرشوة المستَأ ِْس َدة المستَعلِيَة ‪ ،...‬ال ّدين أن حسود‬ ‫المستش ِريَة‪ّ ،‬‬
‫المحسوبيّة ُ‬
‫ُ‬ ‫ال ّدين أن حُمحى‬

‫=انتخابو مرتُت يف ‪1984‬ـ و‪1988‬ـ‪ .‬للمزيد يُنظر‪ :‬عمار بومايدة‪ :‬بومدين واآلخرون ما قالو وما أثبتتو األيام‪ ،‬تق عبد‬
‫احلميد مهري‪ ،‬دار ادلعرفة‪ ،‬اجلزائر ‪2008‬ـ‪ ،‬ص ص ‪.45 -44‬‬
‫(‪ )1‬محو بن عمر فخار‪ :‬وقفات ومواقف‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪ .294‬ويُنظر‪ :‬صاحل بن عبد ا﵁ أبو بكر‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫ص ‪.55 -54‬‬
‫(‪ )2‬صاحل بن عبد ا﵁ أبو بكر‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫~ ‪~ 67‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫رشيحات ‪،)1(»...‬‬ ‫النّزاىة وحُقدم الكفاءة‪ ،‬ويطب ُق مبدأ االلتزام في التّعيينات والتّرقيات والتّ ِ‬
‫َ ُ ّ‬
‫التهرب منها‪،‬‬ ‫الشباب ِ‬
‫وحتمل ادلسؤولية وعدـ ّ‬ ‫تويل ادلناصب اإلدارية ّ‬‫األكفياء إىل ّ‬ ‫ػلث ّ‬
‫كما كاف ّ‬
‫للصالحين األك ِفيَاء أن‬
‫فيقوؿ مبناسبة ترقية دائرة غرداية إىل والية سنة ‪5291‬ـ‪ «:‬آ َن والل ّ‬
‫يتق ّدموا إلى المناصب الحساسة ال حبا في الرِاسة‪ ،‬لكن ِحفاظًا على المكاسب الكثيرة‪،‬‬
‫صح وال ِا َم ِم الثّاِرة ‪.)2(»...‬‬ ‫العزيزة النادرة‪ ،‬وحوطي ًدا لدعاِِ ِم ال ّدولة ِ‬
‫بالخبرة والنُّ ِ‬

‫ص َل إليو الشيخ محو فخار‪ ،‬اىتمامو بقضايا‬ ‫السياسي الذي َو َ‬ ‫وشلا ُ ُّ‬
‫يدؿ على درجة الوعي ّ‬
‫كل‬
‫الس ُرور يف ّ‬ ‫ض رم ُن ُخطَبَوُ ُشعُ َوره العميق بالفرحة و ُ‬
‫العامل اإلسالمي والعريب‪ ،‬فقد كاف يُ َ‬
‫ف ويَػتَ َح ّس ُر لِواقع‬ ‫االنتصارات اليت ُػل رق ُقها ادلسلموف يف مشا ِرؽ األرض ومغا ِرهبا‪ ،‬كما كاف يَ َ‬
‫أس ُ‬
‫وـ‬ ‫حتل هبم‪ ،‬وعلى ر ِ‬ ‫ٍ‬
‫صلد القضيّة الفلسطينيّة اليت يلُ ُ‬‫القضايَا ُ‬
‫أس ىذه َ‬ ‫فاجعة ُّ‬ ‫العرب وادلسلمُت يف ُك رل‬
‫الصهايِنَة‪ ،‬وأَذنَاهبِم من الغرب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فيها ذُ َّؿ الرؤساء وادللوؾ الذين يق ُفوف موقف ادلتفرج من جتاوزات ّ‬
‫بد ْوِرىم إىل ادلسانَ َدة ّ‬
‫ادلادية للشعب الفلسطيٍت‪ ،‬ويف ُك رل تلك ادلواقف كاف يَعتَػُّز‬ ‫ويدعُو ادلسلمُت َ‬
‫ثاال على العرب وادلسلمُت أف يَقت ُفوا أثَػَرَىا‪ ،‬كي‬
‫وم ً‬‫بالوطنية اجلزائرية ويتّخ ُذ الثورة التحريرية ظلو َذجا ِ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫ُػل رق ُقوا االنتصار على االحتالؿ الصهيوين(‪.)3‬‬

‫ثالثا‪ :‬نضالو السياسي‪:‬‬


‫ِ‬
‫ب نائبًا‬ ‫العم ِل ّ‬
‫السياسي بغرداية‪ ،‬إذ انتُخ َ‬ ‫عًت َؾ َ‬ ‫خاضوا ُم َ‬
‫َح َد الذين ُ‬ ‫يُعترب الشيخ محو فخار أ َ‬
‫ِ‬ ‫(‪)4‬‬
‫ب من خالؿ ىذه التجربة خ َربةً َّأىلَتوُ‬ ‫َ َ‬ ‫س‬ ‫اكت‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫وجدرد انتخابُو يف َد َورتَػ ُْت‬
‫بلديًا يف سنة ‪5211‬ـ‪ُ ،‬‬
‫ومد ِرًكا دلدى أعلّية االطلراط يف األحزاب السياسية إلثبات‬ ‫ِ‬
‫أوضاع رلتمعو‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫لي ُكو َف ُمطّلِ ًعا أكثر على‬
‫السياسية يف البلد‪ ،‬فهو مع‬ ‫ِ‬ ‫اعيا الشباب َدائما إىل االطلراط فيها‪ِ ُ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ودخوؿ ُمعتَػَرؾ احلياة ّ‬ ‫ً‬ ‫الوجود‪َ ،‬د ً‬

‫(‪ )1‬محو بن عمر فخار‪ :‬من خطب األعياد عيد الفطر وعيد األَحى‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫(‪ )2‬محو بن عمر فخار‪ :‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫(‪ )3‬صاحل بن عبد ا﵁ أبو بكر‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.57 ،55‬‬
‫(‪ )4‬عبد الوىاب بن محو فخار‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬
‫~ ‪~ 68‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫اىم على‬ ‫الفاعلَة يف اجملتمع مهما كاف انتِم ُاؤىا السياسي دو َف إقص ٍاء أو ِ‬
‫هتمي ٍ‬ ‫النُّخبة ِ‬
‫ش‪ُ ،‬مثَ رمنًا إيّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬ ‫ِ‬
‫إلثبات َّ‬ ‫مواصلَ ِة الن ِ‬
‫اجد يف ادلكاف ادلناسب فيقوؿ‪«:‬‬ ‫وحتم ِل ادلسؤوليات ‪ ،‬والتَّو ُ‬
‫الذات‪ُّ ،‬‬ ‫رضاؿ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬
‫المناسبَين »(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫بوجودك فَػ ّع ًاال في المكان والوقت‬ ‫ع ماانتك‬
‫ك حود ْ‬ ‫انت ِزع َمكانَػتَ َ‬
‫الرجاؿ للمجالِ ِ‬
‫س ادلنتَ َخبَة‪ ،‬فهو‬ ‫خاصة الختيار ّ‬
‫أ َْوَىل الشيخ محو فخار أعلّية ُكربى وعنايةً َّ‬
‫خالؿ اختيَا ِر األشخاص‬ ‫ضر الذي ال ُؽل ِكن ِ‬
‫حتقي ُقو ّإال من ِ‬ ‫ِ‬
‫لتجسيد اجملتمع اإلسالمي ادلتح ر‬ ‫يسعى‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عوحُنا الختيا ِر األكفياء لتمثيلِنَا في المجال اإلدارية‬ ‫ِ‬
‫األكفياء لتَػ َوريل ادلناصب‪ ،‬فيقوؿ‪ «:‬ف َد َ‬
‫المثُل العُليَا والتوجيو‬ ‫ِ‬ ‫رصا على ُم َقوماحِنا ُّ‬ ‫ِ‬
‫الروحية التي نَستَقي مناا ُ‬ ‫والسياسية‪ ،‬إنّما كان ح ً‬ ‫ّ‬
‫والدنيا»(‪.)3‬‬
‫األسمى لل ّدين ُّ‬
‫َ‬
‫ات‪ ،‬فيقوؿ‪«:‬‬ ‫لألشخاص الذين حتملُوا ادلسؤولي ِ‬
‫ِ‬ ‫ُّصح و ِ‬
‫اإلرشاد‬ ‫توج ِيو الن ِ‬ ‫كما مل يغ َفل يف ِ‬
‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫آراء ُكم فيرفضوكم »(‪ ،)4‬ويف ِ‬
‫نفس الوقت يُ َذ رك ُرُىم‬ ‫َوا عليام َ‬ ‫اس يُ ِطيعُوُكم وال حف ِر ُ‬ ‫اخ ُد ُموا النّ َ‬
‫وهنا على عاتِِق ِهم فيقوؿ‪«:‬‬ ‫دلناصبِ ِهم‪ ،‬وبادلسؤوليّة اليت َػل ِملُ َ‬
‫بالوعود اليت ق ّدموىا للنّاس قبل تَػولري ِهم ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫للحلَبَة ‪ ...‬إيّاكم‬‫فَػيَا من َرش َحت ُكم الطّبِيعة لألمانات ‪ ...‬إيّاكم من النُّ ُكوص‪ ،‬ويا من ح َقدمتم َ‬
‫(‪)5‬‬
‫ص َعدحُم إلى خشبة المسرح ‪ ...‬حذار من الغفلة‪ ،‬واجعلوا عُدحَ ُكم‬ ‫ِ‬
‫من الغيَاب‪ ،‬ويا من َ‬
‫ص ُرهُ إِن اللَ لََق ِو ٌّ‬
‫ي َع ِز ٌيز ﴾(‪.»)6‬‬ ‫ص َرن اللُ َم ْن يَػ ْن ُ‬
‫قولَوُ حعالى ﴿ َولَيَػ ْن ُ‬

‫أس‬ ‫فاؤؿ ِ‬
‫وعدـ اليَ ِ‬ ‫صلدهُ يَدعُو الشباب إىل ادلشارَك ِة فيها ِ‬
‫مبنطق التّ ُ‬ ‫ؼلص االنتخابات ُ‬ ‫وفيما ّ‬
‫رسي‬ ‫بإدال ِء أصواهتِم وعدـ ِ‬
‫ترؾ ال ُفرصة لالنتِها ِزيُت‪ ،‬فهو يرفُض سياسةَ ال ُك ِ‬ ‫ادلباد َرة َ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫واالستسالـ‪ ،‬و َ‬
‫(‪ )1‬صاحل بن عبد ا﵁ أبو بكر‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫(‪ )2‬محو سليماف بوسعدة‪ :‬عالقة الشيخ حمو فخار بطلبتو‪ ،‬ادلقابلة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )3‬محو بن عمر فخار‪ :‬من خطب الجمعة إقناع لتغيير الطباع وإصالح األوَاع‪ ،‬تخ وفهػ‪ :‬زلمد موسى بابا عمي‪ ،‬مجعية‬
‫الًتاث‪ ،‬القرارة‪ ،‬غرداية ‪ ،1996‬ج‪ ،2‬ص ‪.139‬‬
‫(‪ )4‬محو سليماف بوسعدة‪ :‬عالقة الشيخ حمو فخار بطلبتو‪ ،‬ادلقابلة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )5‬محو بن عمر فخار‪ :‬من خطب الجمعة إقناع لتغيير الطباع وإصالح األوَاع‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.140‬‬
‫(‪ )6‬سورة احلج ‪ /‬اآلية‪.40 :‬‬
‫~ ‪~ 69‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫اغر‪ ،‬ويدعو إىل ادلنافَسة واليقظَة سواء يف أي ِاـ احلزب الواحد أو التعد ِ‬
‫ُّدية احلزبِيّة‪ ،‬وعدـ‬ ‫الش ِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ََ ً‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫الر ِعيّة(‪.)1‬‬ ‫بآالـ‬ ‫مل‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ػ‬‫ي‬ ‫ال‬ ‫من‬ ‫ىا‬‫ؤ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ؽل‬ ‫ي‬ ‫اس‬ ‫االكت َف ِاء بدوِر ادلتفرج ِ‬
‫وترؾ ال َكر ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫أف الشيخ محو فخار كاف يتميَّػز ٍ‬
‫الشورى‪ ،‬وعدـ‬‫بد َىاء ِسياسي قائِ ٍم على ُ‬
‫ُ َ‬ ‫ومن ُىنَا أستنتج َّ‬
‫رص على‬‫شديد احلِ ِ‬ ‫يد ِمن ادلشاكل يف رلتمعو‪ ،‬فهو‬ ‫إصالح الع ِد ِ‬ ‫الرأي‪َ ،‬م َّكنَوُ من‬ ‫َِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ َ‬ ‫االستبداد ب ّ‬
‫موما‪ ،‬واليت‬ ‫اج َه ِة التّ َحدريات اليت تعًتض اجملتمع اجلزائري َخ َّ‬ ‫ِو َ ِ‬
‫اصةً‪ ،‬واإلسالمي عُ ً‬ ‫الصف دلو َ‬
‫حدة ّ‬
‫نعيش َزم َن التكتّالت‬
‫ُ‬ ‫خاصة وضلن‬
‫الراىنة‪ّ ،‬‬
‫احلاجة إليها يف الظُُروؼ احلرجة ّ‬
‫َ‬ ‫س‬
‫ضلن يف أ ََم ر‬
‫والتحالفات‪.‬‬

‫جاادهُ الثوري‪:‬‬
‫رابعا‪ُ :‬‬
‫ٍ‬
‫وتنظيمات ِس ِ‬
‫ياسيّة‬ ‫اعتمدت جبهة التح ِرير الوطٍت إبا َف الثورة التحريرية على ىياكِل ِ‬
‫قاعديّة‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫أىم ىذه‬ ‫ِ‬ ‫وإدارية عسكرية ُزل َكمة يف مجيع ِج ِ‬
‫قصد ُمواجهة ُسلططات العدو الفرنسي‪ ،‬و ّ‬ ‫هات الوطن َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫يم النّشاط الثوري يف أوساط طلبة‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اذلياكل اجملالس البلديّة للثّورة اليت كاف من بَُت َمهام َها تعم ُ‬
‫عم ِو َما رديًا ومعنويا(‪.)2‬‬ ‫وإعداد ادلراكِ ِز اإلسًتاتيجية لِتَ َمرُك ِز ِ‬
‫جيش التحرير الوطٍت ود ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ادلواطنُت‬

‫وقد كاف الشيخ محو فخار من بُت أعضاء ادلنظمة ادلدنية جلبهة التحرير الوطٍت بالوالية ‪،21‬‬
‫رفقة إبراىيم رمضاف ‪ ،‬محو بن بامحد بابكر ‪ ،‬إبراىيم دادي واعمر‪ ،‬ػلي حواش وغَتىم(‪ ،)3‬كما‬
‫ِ‬
‫جانب‬ ‫من جلنة العمل الثوري بغرداية‪ ،‬ويظهر ذلك من خالؿ مساندتو ووقوفو إىل‬ ‫ِ‬
‫كافح ض َ‬
‫منظر ِمي ص ُفوؼ الثػوار بادلنطقة‪ ،‬فكاف ِمن عادتِو أنّو يتَّ ِجو صباح كل ِ‬
‫يوـ أحد إىل ادلستودع‬ ‫ّ‬ ‫ََ ُ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫(‪ )1‬صاحل بن عبد ا﵁ أبو بكر‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.71‬‬


‫(‪ )2‬محو بن عمر فخار‪ :‬إبراىيم بن بابا بوعروة "الشيخ بابا ثامر" حياحو وآثاره‪ ،‬إع وتق مصطفى صاحل باجو‪ ،‬بد ط‪ ،‬نشر‬
‫مجعية الًتاث‪ ،‬القرارة‪ ،‬غرداية‪ ،‬اجلزائر ‪ ،2003‬ص ‪.180‬‬
‫(‪ )3‬يُنظر ادللحق رقم ‪.12‬‬
‫~ ‪~ 70‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ِ‬
‫وتقدمي يد ادلعونة‬ ‫لصاحبِ ِو علي بن عمر النّاص ِري (‪ )1‬للتّشاوِر حوؿ ُرلري ِ‬
‫ات الثّ َورة بادلنطقة‬ ‫التّجا ِري ِ‬
‫ََ‬ ‫ُ‬
‫وإسد ِاء‬
‫الرأ ِي َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذلم سواءً َم ّادية كاالشًتا َكات وادلؤونة اليت مت مجعُ َها م َن ادلواطنُت‪ ،‬أو َمعنَ ِويّة بتقدمي ّ‬
‫ادلضي قُ ُدما ِ‬
‫لطرد فرنسا وانتزاع‬ ‫اى ِدين علَى ِ‬ ‫وتشجي ِع اجمل ِ‬
‫ِ‬ ‫ُّصح ذلم ورف ِع َمعنَ ِويّاهتم عن قرب‬‫الن ِ‬
‫ر ً‬ ‫َ‬
‫االستقالؿ واسًتجاع السيادة الوطنية(‪.)2‬‬

‫ئيسا لبلدية غرداية يف ‪ 08‬مارس ‪1958‬ـ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫( ‪)1‬‬


‫الناصري علي بن عمر (‪1980 -1905‬ـ)‪ :‬من أعياف مدينة غرداية‪ ،‬انتُخب ر ً‬
‫سعى مع الشيخ بيوض إلبعاد حركة ابن لونيس عن مزاب‪ ،‬وكاف متجره بغرداية مركز االجتماعات خللية الثورة‪ ،‬توىل منصب‬
‫نائب لرئيس مجعية اإلصالح الشيخ صاحل بابكر زميلو يف الكفاح‪ ،‬واعتقل معو سنة ‪1957‬ـ يف سجن تعظميت ستة أشهر‪،‬‬
‫وبعد خروجهما واصال اجلهاد ومناصرة الثورة حىت االستقالؿ‪ .‬للمزيد يُنظر‪ :‬محو بن عمر فخار‪ :‬إبراىيم بن بابا بوعروة‬
‫"الشيخ بابا ثامر" حياحو وآثاره‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.181 -180‬‬
‫(‪ )2‬مقابلة مع اجملاىد صاحل بن بامحد كركاشة حوؿ موضوع‪ :‬جاود الشيخ حمو فخار إبان الثورة التحريرية‪ ،‬مبنزلو بغرداية‪،‬‬
‫اجلزائر‪ ،‬يوـ ‪ 04‬جانفي ‪2017‬ـ‪ ،‬من الساعة ‪ 16:30‬إىل ‪ 18:00‬مساء‪.‬‬
‫~ ‪~ 71‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المبحث الثاني‪ :‬وقفات الشيخ ومواقفو االجتماعية‪.‬‬


‫اقف يف‬
‫وقفات ومو ُ‬
‫ٌ‬ ‫أحد ُرّواد احلركة اإلصالحية الذين كانت ذلم‬
‫يُعتَبَػ ُر الشيخ محو فخار َ‬
‫ٍ‬
‫حافلة‬ ‫يد عن نِ ِ‬
‫صف قرف‬ ‫وسياسيا و ِ‬
‫اقتصاديًا‪ ،‬لفًتة زمنية طويلة تز ُ‬ ‫مي ِادين شىت اجتماعيا وتربويا ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ََ َ ّ‬
‫يادي‪.‬‬ ‫تعكس لَنا مستواه يف األداء ِ‬
‫الق ِ‬ ‫باألحداث والوقائِ ِع اليت ِ‬
‫ُ َ ُ َُ‬
‫أوال‪ :‬مصادر كفاءحو القيادية‪:‬‬
‫جتاه اجملتمع يف سبيل‬ ‫ِ‬
‫ومسؤوليّةٌ َ‬
‫إ ّف القيادة احل ّقة ليست َمغنَ ًما يتمتّع هبا القائد‪ ،‬بل ىي َعنَاءٌ ُ‬
‫اؽ ويػتَػوّىل إرشاد النّاس ِ‬
‫وتبص ََتُىم‬ ‫ٍ‬ ‫عمل َ ِ‬‫ألي ٍ‬
‫َ‬ ‫ادلش ّ َ َ‬‫يتحمل َ‬
‫إصالح ّي من قائد ىو الذي ّ‬ ‫ا﵁‪ ،‬والب ّد ّ‬
‫ٍ‬
‫أىداؼ‬ ‫ص َال ُح ُهم‪ ،‬وإذا نظرنا نظرًة فاحصةً إىل ما بَػلَغَو وح ّققو الشيخ محو فخار من‬
‫إىل ما فيو َ‬
‫يادة من خالؿ ما يلي‪:‬‬ ‫صلده قد استلهم العديد من مو ِ ِ‬
‫اص َفات الق َ‬
‫ُ َ‬ ‫َََ‬ ‫طواؿ مسَتتو اإلصالحيّة ُ ُ‬
‫فات فِط ِرية كاحلِكم ِة واألَنَاةِ‬
‫حيث أويت ِص ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫استعدادهُ الفط ِري للقيادة وادلوىبة اليت ؽلتلكها‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫وس َعة الصدر(‪.)1‬‬
‫والرفق َ‬
‫كثَتا ما يستش ِه ُد‬ ‫ِِ‬
‫‪ -‬نشأتُو العائليّة وتربيتو على يد ّأمو اليت أثػَّرت يف شخصيَّتو‪ ،‬إذ كاف ً‬
‫يعًتؼ الشيخ يف كث ٍَت‬ ‫وس ِو‪ ،‬مع أنَّوُ َذ َ‬ ‫العد ِ‬
‫يد ِمن در ِ‬ ‫بأقواذلا البلِيغَة يف ِ‬
‫ُ‬ ‫اؽ مر َارَة اليُت ِم ُ‬
‫حيث‬ ‫ُُ‬ ‫َ َ‬
‫وصلت لما أنا عليو اآلن »‪ ،‬باإلضافة إىل‬
‫ُ‬ ‫ادلرات أنّو‪ «:‬لوال مدرسة اليُ ِ‬
‫تم لما‬ ‫من ّ‬
‫استفادتو الكبَتة من أخويو الشقيقُت زلمد واحلاج إمساعيل(‪.)2‬‬
‫‪ -‬تكوينُوُ على يد إماـ احلركة اإلصالحية باجلنوب اجلزائري الشيخ إبراىيم بيوض حُت كاف‬
‫ووفاؤه لو حىت عندما نزؿ إىل ادليداف االجتماعي بغرداية‬
‫تلمي ًذا مبعهد الشباب بالقرارة‪ُ ،‬‬

‫(‪ )1‬خضَت بن بكَت بابا واعمر‪ :‬مواصفات القيادة عند القاِد الرمز الشيخ حمو فخار‪ ،‬زلاضرة مسجلة ألقاىا يف الملتقى‬
‫الوطني األول حول فكر القاِد الرمز الشيخ حمو بن عمر فخار‪ ،‬مبسجد بابا السعد الغريب‪ ،‬غرداية ‪ 14 /11‬جويلية‬
‫‪2006‬ـ‪.‬‬
‫( ‪)2‬‬
‫مقابلة مع األستاذ عبد الوىاب بن محو فخار حوؿ موضوع‪ :‬نشاط الشيخ حمو فخار في العشيرة والايئات العرفية‬
‫بمزاب‪ ،‬مبنزلو بغرداية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬يوـ ‪ 27‬فيفري ‪2017‬ـ‪ ،‬من الساعة ‪ 17:30‬إىل ‪ 20:30‬مساء‪.‬‬
‫~ ‪~ 72‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ُمصلِ ًحا(‪ ،)1‬ويظهر لنا ذلك من خالؿ العديد من ادلراسالت اليت كانت بينهما(‪ ،)2‬كما‬
‫خترجهم يف ادلعهد‬
‫وصى هبا تالميذه عند ّ‬
‫سعى الشيخ محو فخار لتنفيذ وصيّة شيخو اليت ّ‬
‫ودوا وال أن حتص ّدروا‪ ،‬وإنّما عليكم أن حعملوا‬ ‫حس ُ‬
‫قائال ذلم‪... «:‬ال حكن غايتكم أن ُ‬ ‫ً‬
‫سيادةٍ فال حدفعوىا فِر ًارا‬
‫رِاسة أو َ‬ ‫ٍ‬
‫ص َد َارة أو َ‬
‫خير وكفى‪ ،‬فإاا حملتُم على َ‬ ‫الخير ألنو ٌ‬
‫أقد ُموا غير ىيّابين وال وكيلين ‪ ،...‬كذلك‬ ‫من المسؤولية إن استَشعرحُم الكفاءة‪ ،‬بل ِ‬
‫َْ‬
‫أساء إليكم‪ ،‬وأرفِقوا‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ ِ‬
‫أري ُد أن حكونُوا اوي كرم وأريَحيّة وى ّمة عالية‪ ،‬وأحسنُوا إلى من َ‬
‫ضبَةً‬ ‫ِ‬
‫فاغضبُوا غَ ْ‬ ‫الج ّد‬ ‫َ‬ ‫وَ َع َفاء النّاس‪ ،‬وألِينُوا َ‬
‫القول لام‪ ،‬فإاا ج ّد ِ‬ ‫بالجالَة واألغبياء ُ‬
‫َ‬
‫فسلُ َ‬
‫القلوب‪ ،‬وحح ّكمتُم في النّفوس‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ض ِريةً ال حلين‪ ،‬إنّكم إاا فعلتم امتلكتُم‬ ‫ُم َ‬
‫وقوة عطائِِو‪.‬‬ ‫لكم قِيَ ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫ّ‬ ‫شبابو‬ ‫اف‬ ‫و‬ ‫ف‬‫ُ‬ ‫ن‬‫ُ‬‫ع‬ ‫يف‬ ‫وىو‬ ‫للقيادة‬ ‫لو‬‫أى‬
‫ّ‬ ‫ما‬ ‫وىذا‬ ‫‪،‬‬ ‫ادىا »‬
‫ِ‬
‫يخ األُمم‬
‫الرسل وتوار ِ‬ ‫ص ِ‬
‫ص األنبياء و ّ‬ ‫فكثَتا ما يستد ُّؿ ب َق َ‬
‫ص ال ُقرآين‪ً ،‬‬ ‫ص ِ‬‫‪ -‬اعتباره بالتّاريخ وال َق َ‬
‫السابقة‪ ،‬ويُوظُّفها يف ُخطَبِو وقصصو‪ ،‬إضافةً إىل اعتبارهِ مبحطات السَتة النبوية‪ ،‬فكاف‬ ‫ّ‬
‫وصي طلَبَتو بقراءَة سَتةِ ادلصطفى ‪‬‬ ‫حافظًا ذلا ودارسا لشخصية الرسوؿ ‪ ‬وكثَتا ما ي ِ‬
‫ً ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫فيقوؿ‪ «:‬من لم يقرأ عبقرية محمد ال زال لم يعرؼ محم ًدا جيدا »‪ ،‬باإلضافة إىل‬
‫يد الشخصيات اإلسالمية أمثاؿ أيب بكر الصديق ‪ ‬يف‬ ‫وعد ِ‬
‫إعجابِِو باخلل َفاء الر ِاشدين ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وفائو‪ ،‬والفاروؽ عمر بن اخلطاب‪ ‬يف عدلو‪ ،‬وخالد بن الوليد ‪ ‬يف ختطيطو‪ ،‬ومعاوية‬
‫بن أيب سفياف وعمرو بن العاص وإيّاس بن معاوية يف دىائهم‪ ،‬واألحنف بن قيس يف‬
‫لم ِو ‪.‬‬
‫ِ ِ (‪)4‬‬
‫ح‬

‫(‪ )1‬خضَت بن بكَت بابا واعمر‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬


‫(‪ )2‬ينظر ادللحق رقم ‪.13‬‬
‫(‪ )3‬زلمد علي دبوز‪ :‬ناضة الجزاِر الحديثة وثورحاا المباركة‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ص ‪.202 -201‬‬
‫(‪ )4‬خضَت بن بكَت بابا واعمر‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬
‫~ ‪~ 73‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫يشهد حتوَال ٍ‬ ‫ٍ‬


‫ت سياسيّة واجتماعيّة جديدة يف ادلستوى ا﵀لّي‬ ‫الشيخ يف عهد متميّ ٍز ُ ّ‬
‫‪ -‬ظهور ّ‬
‫وخاصة فًتة‬
‫ّ‬ ‫والوطٍت‪ ،‬حيث واكب يف فًتة شبابو وجود االستعمار الفرنسي باجلزائر(‪،)1‬‬
‫الشخصية اجلزائرية‬‫مابُت (‪5211 – 5295‬ـ) اليت اشتدت ضغوط االحتالؿ ومؤ َامَراتِِو على ّ‬
‫وسيلة‪ ،‬ومن بينِ َها ُزل َاربَةُ التّعليم احلُر واعتبا ِر اللّغة العربية لغةً‬
‫ٍ‬ ‫بأي‬
‫هبدؼ القضاء عليها ّ‬
‫أجنبيّةً يف اجلزائر(‪.)2‬‬

‫ثانيا‪ :‬مواصفات قُ ُدراحو القيادية‪:‬‬


‫أقدـ ِ‬
‫عليو م ِ‬ ‫ِ‬
‫عتم ًدا على قولو تعاىل‪﴿:‬‬ ‫ُ‬ ‫كل أم ٍر َ َ‬
‫كاف الشيخ يث ُق با﵁ تعاىل ويتوّك ُل عليو يف ّ‬
‫ب ادلتوركلُِت ﴾(‪ ،)3‬كما كاف واثًِقا من ِ‬
‫نفس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يعرؼ‬
‫دائما وال ُ‬
‫ً‬ ‫و‬ ‫فَِإ َذا َعَزْم َ‬
‫ت فَػتَوَّكل َعلَى ا﵁ إ َّف ا﵁َ ُػل ُّ َ‬
‫الشاعر‪:‬‬ ‫يستدؿ ويشرح لطلبتِ ِو وإخوانِِو ِ‬
‫بقوؿ ّ‬ ‫كثَتا ما‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫الًتدد واخلنوع‪ ،‬و ً‬ ‫ّ‬
‫الدنيا وو ِ‬ ‫ِ‬
‫الدنيَا َعلَى َر ُج ِل‬
‫َمن َال يػُ َع رو ُؿ يف ُ‬ ‫اح ُد َىا‬ ‫وإَّظلَا َر ُج ُل ُ َ َ َ‬
‫مجيع أم ِرؾ"‪ ،‬باإلضافة إىل‬ ‫جلد َؾ مثل ظُف ِرَؾ َّ‬
‫فتوؿ أنت َ‬ ‫حك َ‬ ‫العامي‪":‬ما ّ‬
‫أو من خالؿ ادلثل ّ‬
‫ُ‬
‫ثقتو باآلخرين يف ّاختاذ القرار واستشارهتم‪ ،‬ورغبتِ ِو يف حتمل اجلميع للمسؤولية وعدـ تكل ِ‬
‫يف‬ ‫ّ‬
‫احد هبا‪ ،‬وىذا لتفادي عواقب القرارات االنفرادية واالرجتالية اليت ال ختدـ ادلصلحة‬ ‫شخص و ٍ‬
‫ٍ‬
‫إقناع ِ‬
‫أعياف إدارة مجعية اإلصالح بتعيُت احلاج‬ ‫ع إىل ِ‬ ‫سار‬ ‫(‪)4‬‬
‫العامة‪ ،‬وبعد وفاة الشيخ بابا ثامر‬
‫َ‬ ‫ّ‬

‫(‪ )1‬خضَت بن بكَت بابا واعمر‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬


‫(‪ )2‬رابح تركي‪ :‬التعليم القومي والشخصية الجزاِرية‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.07‬‬
‫(‪ )3‬سورة آؿ عمراف ‪ /‬اآلية‪.159 :‬‬
‫(‪ )4‬بابا بن إبراىيم بوعروة "بابا ثامر" (‪1988 -1908‬ـ)‪ :‬من أعالـ غرداية‪ ،‬التحق بالبعثة العلمية ادلزابية بتونس سنة‬
‫‪1920‬ـ‪ ،‬وعاد إىل مسقط رأسو سنة ‪ 1927‬ـ دلواصلة تعليمو الديٍت شارؾ يف تأسيس مجعية اإلصالح بغرداية سنة ‪1928‬ـ‪،‬‬
‫دخل يف سلك القضاء اإلسالمي با﵀كمة الشرعية اإلباضية بقسنطينة سنة ‪1931‬ـ‪ ،‬وشارؾ يف تأسيس مجعية اذلدى‬
‫بقسنطينة سنة ‪1932‬ـ‪،‬كما كانت لو جهود كبَتة بغرداية خالؿ الثورة التحريرية ضمن خلية العمل الثوري‪ ،‬انتخب نائبا‬
‫لرئيس مجعية اإلصالح صاحل بابكر‪ ،‬مث عقب وفاتو خلفو يف الرئاسة‪ .‬للمزيد يُنظر‪ :‬محو بن عمر فخار‪ :‬إبراىيم بن بابا‬
‫بوعروة "الشيخ بابا ثامر" حياحو وآثاره‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.181‬‬
‫~ ‪~ 74‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ألي تنافُ ٍ‬ ‫ِ‬


‫س على األمر أو‬ ‫إدريس بن سعيد أُعُوشت على رأس اجلمعية خل ًفا لو‪ ،‬وذلك تفاديًا ّ‬
‫إلي وما أنا‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ألصر الكثير على إسناد َىا ّ‬
‫اختالؼ فيو‪ ،‬فيقوؿ يف إحدى مذكراتو‪ ... «:‬لوال الك ّ‬
‫أرمي من ىذا التعيين ألعوشت‬ ‫كنت ِ‬ ‫بالِق لاا وال ٍ‬
‫راغب فياا فكفاني الل أمرىا‪ ،‬على أني ُ‬ ‫ٍ‬
‫وليتدربُوا علياا‪ ،‬ويَألََف ُام‬
‫ّ‬ ‫أن يتقدم من دوني للمسؤوليات في حياحي‪ ،‬ليستشعروا المسؤولية‬
‫نحن الكبار»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫الجماور فينصاع لام في غيابنَا ُ‬
‫ادلباد َرةِ إىل‬
‫نيل رضا ا﵁ سبحانو وتعاىل‪ ،‬وذلك من خالؿ َ‬ ‫ادلبادرة واإلقداـ والعمل من أجل ِ‬
‫مشروع خَت ٍي ىنا وىناؾ‪،‬‬ ‫التربع على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬ ‫ادللهوفُت كالتّ ّربع بالدـ على مريض‪ ،‬و ّ‬
‫تنفيس ال ُكَرب‪ ،‬وإغاثَة ُ‬
‫أجل‬ ‫ضاؿ يف طريق‪ ،‬أو نُ ِ‬ ‫أو ِ‬
‫إرشاد ٍّ‬
‫صرة ادلظلوـ ادلهضوـ احلقوؽ‪ ،‬فيقوؿ‪ «:‬ادلبادرة يف األمور من ّ‬ ‫َ‬
‫خاصة‬ ‫ِ‬ ‫أروعها‪ ،‬إذ ِىي خَت ٍ‬ ‫ِ‬
‫ض ّم احلياة‪ّ ...‬‬ ‫عوف على بػُلُوغ ادلراد‪ ،‬وحتقيق األىداؼ يف خ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫األخالؽ و َ‬
‫وحج‪ ،‬وسع ٍي‬ ‫ٍ‬
‫وصياـ ٍّ‬ ‫احلصوؿ على مرضاتِِو وِرضاهِ‪ ،‬من صالةٍ‬
‫ما كاف منها يف تلبية أوامر ا﵁‪ ،‬و ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وؼللِد الذكر وحتمد عقباه‪.)2(»...‬‬
‫فيما يُسعِ ُد البشريّة‪ُ ،‬‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫حتمل ادلسؤوليات سواءً على مستوى‬ ‫يتميّز الشيخ محو فخار بقدرةٍ عاليَة وص ٍرب شديد على ّ‬
‫مات ال ّدينيّة واالجتماعية والًتبوية اليت‬ ‫ِ‬
‫العديد ِمن ادلنظّ ِ‬ ‫نشاط ِو يف‬
‫خالؿ ِ‬
‫العائلَة والعشَتة أو ِمن ِ‬
‫َ‬
‫العامة ونش ِر أفكا ِره اإلصالحيّة‪ ،‬كما كانت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العديد ِمن ُّ ِ‬
‫السلُوكات يف أوساط ّ‬ ‫اختذىا وسيلةً لتغيَت‬
‫ات اآلخرين‪ ،‬ويتميز بسعة األُفق يف رس ِم اخلطط ِ‬
‫وع َالج‬ ‫ونفسي ِ‬
‫لو قدرةٌ على فه ِم طبائِ ِع ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ ََ‬ ‫ّ‬
‫دع بُت‬‫الص ِ‬
‫ب ّ‬ ‫خاصة يف رلاؿ اإلصالح بُت األزواج وحل ادلشاكِ ِل األُسرية‪ ،‬ورأْ ِ‬ ‫ادلشكالت ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ُّ ِ‬
‫"ريب حنُت‬
‫دوما على طرؼ لسانو ّ‬ ‫الشرَكاء وادلتخاصمُت‪ ،‬فكلَّ َما يشكل ٌ‬
‫أمر يُررد ُد العبارة اليت ىي ً‬
‫وكرمي"(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬أمحد بن عمر أوبكة‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬


‫(‪ )2‬محو بن عمر فخار‪ :‬من خطب الجمعة إقناع لتغيير الطباع وإصالح األوَاع‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.23‬‬
‫(‪ )3‬أمحد بن عمر أوبكة‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬
‫~ ‪~ 75‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫بفضل ذكائِِو االجتماعي إىل استشارة و ِ‬


‫إقناع الشيوخ الذين سب ُقوهُ‬ ‫سعى الشيخ محو فخار ِ‬
‫لتقب ِل أفكا ِره ومبادراتِو‪ ،‬ومن ِ‬
‫أمثلة ذلك حُت أر َاد إنشاءَ معهد اإلصالح للذكور بغرداية‪ ،‬قاـ‬ ‫َُ‬ ‫ّ‬
‫دادا دلعهد احلياة‬
‫كل من الشيخ بيوض والشيخ عدوف يف ذلك‪ ،‬وأقنعهما بأف يكوف امت ً‬‫باستشارة ٍّ‬
‫عمي سعيد بغرداية‪ ،‬تستقطب الطلبة من مزاب وخارجو‪ ،‬كما أ ّف للشيخ قدرةً يف‬ ‫بالقرارة ومعهد ّ‬
‫إقناع الشباب وتشجيعهم لالىتماـ بقضايا ُزل ِ‬
‫يط ِهم االجتماعي ا﵀لّي والوطٍت‪ ،‬ويَدفَػعُ ُهم للمشاركة‬ ‫ِ‬
‫ؼلدـ ادلصلحة العامة اعتمادا على لَباقَة الكالـ وفن األسلوب(‪ ،)1‬وىو ال ِ‬
‫يعتم ُد على‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫كل ما ُ ُ‬ ‫يف ّ‬
‫يعتمد على الثّ ِ‬
‫قة‪ ،‬واحلُ ّجة والثّقة ُعلا‬ ‫أكثر ما‬ ‫ىاف يف كل ٍ‬ ‫اإلقناع باحلجة والرب ِ‬
‫ُ‬ ‫يعتمد َ‬
‫ُ‬ ‫وقت‪ ،‬إّظلا‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬
‫ال ّدعامتاف الق ِويّتاف لقيادة األ ُّمة(‪.)2‬‬

‫مادية أو ِع ِ‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫ِ‬
‫لميّة أو‬ ‫األمة وشباهبا بكلمة طيّبَة أو هبديّة ّ‬ ‫وللشيخ قدرةٌ على حتفي ِز ِر َج َاالت ّ‬
‫يستطيع أف يقود النّاس‪ ،‬أل ّف االبتسامة‬‫ُ‬ ‫بابتسامة‪ ،‬فالذي ال ُػل ِس ُن إخراج االبتسامة الربيئة ال‬
‫ِ‬
‫صة وال ِوَد َاد ّ‬
‫الصايف‪ ،‬كما‬ ‫رمز ا﵀بّة اخلال َ‬ ‫الصداقة والتّعاوف مع اآلخرين‪ ،‬فهي ُ‬ ‫وسيلةٌ ىامة لكسب ّ‬
‫ادلعاملَة فكاف‬
‫فق واللُّت يف َ‬ ‫ؼ بالر ِ‬‫ؼلدـ النّاس كافّة دوف دتيي ٍز مذى ٍب أو ِع ْرقِ ٍي‪ ،‬وعُ ِر َ‬
‫كاف َعلُّو أف ُ‬
‫شيء ّإال زانَو وما نُِزع من ٍ‬
‫شيء ّإال َشانَوُ »(‪.)3‬‬ ‫كثَتا ما يػرردد قوؿ الرسوؿ ‪ « ‬ما كاف الرفق يف ٍ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً َُ ُ‬

‫ادلشورةِ لِمن حولَوُ من طلبة ّ‬


‫الشيوخ‬ ‫َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ومن ظلط القيادة عند الشيخ أنّوُ حازٌـ يف قراراتو‪ ،‬كثَتُ‬
‫ِ‬
‫ات ادلثقفة ِمنها والعامة يف كل قضية ِ‬
‫تستح ُّق‬ ‫الصاعد ودلختلِ ِ‬
‫ف الطّب َق ِ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكبار ومن خَتة الشباب ّ‬
‫حسن‬
‫ُ‬ ‫وم َكانَػتُو‪ ،‬فهو‬
‫هما تَ ُكن َد َرجتُوُ َ‬
‫بأي رأي شخص كاف َم َ‬ ‫ُت ّ‬ ‫النّظر وال ردراسة‪ ،‬فال يَستَ ِه ُ‬
‫ٍ‬
‫باىتماـ كبَت(‪.)4‬‬ ‫بكل َج َوا ِرِحو يُصغِي إليو وإىل قضيّتِ ِو‬ ‫ِ ِ‬
‫االست َم ِاع لمن حولَوُ ّ‬

‫(‪ )1‬خضَت بن بكَت بابا واعمر‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬


‫(‪ )2‬زلمد علي دبوز‪ :‬ناضة الجزاِر الحديثة وثورحاا المباركة‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.202‬‬
‫(‪ )3‬خضَت بن بكَت بابا واعمر‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )4‬نفسها‪.‬‬
‫~ ‪~ 76‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ثالثا‪ :‬حعاونو م المنظمات االجتماعية والخدماحية العرفية والرسمية‪:‬‬


‫تتع ّدد أدوار الشيخ محو فخار وادلناصب اليت تَ َّوالىا‪ ،‬بُت منظّ ٍ‬
‫مات اجتماعيّة تربوية وأخرى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الصاحل‬ ‫ِِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫فية ٍ‬
‫ورمسية‪ ،‬إذ عُ ِر َ‬ ‫خ َدماتِية عر ٍ‬
‫ؼ لدى مجي ِع أعضاء ىذه اذليئات بإخالصو وتفانيو يف خدمة ّ‬ ‫َ َ ّ‬
‫حضور فيها أذكر‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫العاـ واجملتمع والوطن اجلزائري‪ ،‬ومن بُت ادلنظمات اليت كاف لَوُ‬
‫عزابة يف ادلسجد العتيق واإلصالح‪:‬‬ ‫‪ -‬حلقة ال ّ‬
‫مبهاـ كثَتةٍ وأدوا ٍر متنوعة يف رلاالت احلياة ادلختلفة يف اجملتمع ادلزايب‪ ،‬دينيّة‬
‫العزابة ٍ‬
‫يقوـ ّ‬
‫قروف طويلَ ٍة‪ِ ،‬‬
‫بفضل‬ ‫ك اجملتمع عرب ٍ‬ ‫اؿ يف دتاس ِ‬
‫ُ‬ ‫فع ٌ‬
‫دور ّ‬
‫وتعليميّة واجتماعيّة وسياسيّة‪ ،‬فكاف ذلم ٌ‬
‫فع ٍاؿ(‪.)1‬‬ ‫بروح قويٍّة‬ ‫نظاـ العزابة و ِ‬
‫ٍ‬
‫وتنسيق ّ‬ ‫اذليئات التّابِ َعة ذلا ٍ‬ ‫ِ ّ‬
‫الوعظ و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلرشاد‪،‬‬ ‫وإلقاء ُد ُر ِ‬
‫وس‬ ‫كاف دور الشيخ متَمثّال يف حتري ِر زلاض ِر جلسات ّ‬
‫العزابة‬
‫يع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫يتناو ُؿ ادلواض َ‬
‫للشجاعة اليت كاف يتحلّى هبا ورغبَتو يف اإلصالح ادلستَمر‪ ،‬فقد كاف َ‬ ‫ونظرا ّ‬‫ً‬
‫ِ‬
‫األحاديث‬ ‫ِ‬
‫باآليات القرآنيّة و‬ ‫احلساسة اليت أصبح اجملتمع يف حاج ٍة َإىل ِع َال ِجها‪ ،‬ويط رعم ِ‬
‫توج َيهاتِِو‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ْ َ ََ ُ َ َ‬ ‫ّ َ‬
‫األمثاؿ واألشعا ِر(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫استشهادهِ باحلِ َك ِم و ِ‬ ‫النبويّة زياد ًة على‬

‫عزابة تابعة جلمعية اإلصالح‪ ،‬وقد كاف يف‬‫كما َعَزَـ الشيخ محو فخار على تأسيس حلقة ّ‬
‫شيخ ِو و ِ‬
‫أستاذهِ‬ ‫وعمال بوصية ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫الصف ً‬ ‫باد ِئ األم ِر ُمًترد ًدا يف إنشاء ذلك اجمللس سعيًا منوُ إىل وحدة ّ‬
‫الشيخ إبراىيم بيوض الذي طادلا يدعُوهُ إىل اإلصالح(‪ ،)3‬كما بَػ َُّت أ ّف اذلدؼ من تأسيس ىذه‬
‫ات ىي‪:‬‬ ‫احللقة إظلا كاف نتيجة اعتبار ٍ‬

‫‪ -‬احتياج اجملتمع ادلزايب إىل طلب متعلّ ٍ‬


‫مة رائدة تقوـ بالعمل الدعوي واإلصالح االجتماعي‬
‫والديٍت‪.‬‬

‫(‪ )1‬صاحل بن عمر أمساوي‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬حل‪ ،2‬ص ‪.635‬‬


‫(‪ )2‬أمحد بن عمر أوبكة‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )3‬عبد الوىاب بن محو فخار‪ :‬نشاط الشيخ حمو فخار في العشيرة والايئات العرفية بمزاب‪ ،‬ادلقابلة السابقة‪.‬‬
‫~ ‪~ 77‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ادلوت أو العجز‪ ،‬بعناصر جديدة شابة متم ّكنة مض رحيَة‪.‬‬


‫‪ -‬استخالؼ من أدرَكوُ ُ‬
‫‪ -‬توسع الرقعة اجلغرافية للبلدة وحاجة األوساط االجتماعية لكفاءات تنظم أعراسهم‬
‫ومآدتهم ومساجدىم ادلستحدثة‪ ،‬ومؤسساهتم التعليمية القرآنية(‪.)1‬‬
‫بيت ِ‬
‫أحد‬ ‫اجتماع أُقِيم يف ِ‬ ‫عزابة اإلصالح يف ‪ 21‬فيفري ‪5299‬ـ‪ ،‬بعد‬
‫ٍ َ‬ ‫تأس َست ىيئَةُ ّ‬
‫ّ‬
‫ضم ‪ 59‬عضوا(‪ )2‬يرأسهم الشيخ محو فخار‪ ،‬حيث شرعُوا بعد ذلك يف إعداد مهاـ‬ ‫ادلشايخ ّ‬
‫الًتكات‪ ،‬واإلشراؼ‬ ‫ِ‬
‫يم ّ‬‫صايَا وتقس َ‬
‫الو َ‬
‫كاإلمامة والوعظ واإلرشاد واإلفتاء‪ ،‬وجتهيز ادلوتى‪ ،‬وحترير َ‬
‫على إقامة األعراس وادلآمت‪ ،‬وإصالح ذات البُت وزلاربة اآلفات االجتماعية‪ ،‬وادلساعلة يف ا﵀افل‬
‫الدينية والعلمية والثقافية(‪.)3‬‬
‫دتس ِر ِ‬
‫يدين"(‪:)4‬‬ ‫‪ -‬ىيئة " ِ‬

‫أىم ما كاف الشيخ محو فخار يصبُوا إليو‪ ،‬ويظهر ذلك من‬ ‫إ ّف إصالح اجملتمع النسوي من ّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ستقيما‪ ،‬كما‬
‫تمعا ُم ً‬‫س صحيحة ليضمن بذلك ُرل ً‬ ‫خالؿ اىتمامو بتعلي ِم البنت وتنشئتها على أ ُ‬
‫ُس ٍ‬
‫مهمة ال ّدعوة والتوجيو‪ ،‬ورعاية‬ ‫ِ‬
‫العزابة وتُسان ُدىا يف ّ‬
‫اىتم هبيئة "دتسريدين" اليت تُ َك رم ُل عمل ىيئة ّ‬
‫ّ‬

‫(‪ )1‬محو سليماف بوسعدة‪ :‬الشيخ حمو فخار وخدمتو للمجتم ‪ ،‬ادلقابلة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )2‬وىم‪ :‬احلاج إدريس أعوشت‪ ،‬عبد الرمحن عيسى حواش‪ ،‬خلضر أمحد قارة‪ ،‬زلمد سليماف بكوش‪ ،‬سليماف الشيخ صاحل‪،‬‬
‫سعيد بن موسى كربوش‪ ،‬بنوح طباخ‪ ،‬عمر صاحل الشيخ صاحل‪ ،‬أمحد عمر أوبكة‪ ،‬زلمد موسى بشيش‪ ،‬ػلي بابا واعمر‪ ،‬أمحد‬
‫صاحل خطارة‪ ،‬إبراىيم الواىج‪ ،‬زلمد خطارة‪ ،‬إبراىيم بامحد باحريز‪ ،‬ػلي بامحد بوسعدة‪ ،‬عمر عيسى علواين‪ .‬للمزيد ينظر‪:‬‬
‫أمحد بن عمر أوبكة‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )3‬باية بوسعدة‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫(‪ )4‬دتسريدين‪ :‬كلمة باللغة ادلزابية ومعناىا الغاسالت‪ ،‬وىي ىيئة نسوية مبثابة حلقة العزابة ختتص بشؤوف اجملتمع النسوي‬
‫ورعايتو وتنظيمو واحلرص عليو‪ ،‬وزلاربة البدع وكل ما يؤدي إىل االضلراؼ والتفكك‪ُ ،‬مسرُت هبذا االسم ألهنن يقمن بغسل‬
‫األموات من النساء والصغار وتكفينهم‪ .‬للمزيد ينظر‪ :‬صاحل بن عمر أمساوي‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬حل‪ ،2‬ص ص ‪.497 ،483‬‬
‫~ ‪~ 78‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ِ‬
‫بادلعروؼ والنّهي عن‬ ‫وتتوىل ُم ِه َّمةَ األم ِر‬
‫وإرشادا‪ّ ،‬‬ ‫توجيها‬
‫ً‬ ‫عٌت باجملتمع النّسوي ً‬
‫الصاحل العاـ‪ ،‬واليت تُ َ‬
‫ّ‬
‫ادلنكر(‪.)1‬‬

‫اس َالت مع ىيئة "دتسريدين" بواسطة زوجتو نانة‬‫وقد كانت للشيخ محو فخار العديد من ادلُر َ‬
‫ونشاط اجملتمع النّسوي‪ ،‬الذي يقوـ ِوفق‬‫ِ‬ ‫بنت بامحد فخار‪ ،‬يطّلِ ُع من ِخالذلا على ُرلَريَات‬
‫ويطلب رأيَػ ُه ّن يف الكثَت من القضايا‬
‫ُ‬ ‫العزابة‪ ،‬كما يستشَتىن‬
‫تعليمات مجعية اإلصالح وحلقة ّ‬
‫الصالة‪ ،‬وبدوِرهِ يُقد ُ‬
‫رـ‬ ‫ببعض نُظُ ِم األعر ِ‬
‫اس ومشاري ِع ّ‬ ‫وخاصة فيما يتعلّ ُق ِ‬
‫ّ‬ ‫ادلتعلقة بادلرأة أو الرجل‪،‬‬
‫يما يعود بالنّفع على اجملتمع(‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِِ‬
‫ذلذه اذليئة إرشادات وتنابيو ف َ‬
‫كبَتا‪ ،‬حيث‬
‫اىتماما ً‬
‫ً‬ ‫أوىل ذليئة "دتسريدين"‬‫يتضح يل أ ّف الشيخ محو فخار قد َ‬ ‫ُ‬ ‫ومن ىنا‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫فس َعى إىل تثقيفها وتك ِوين َها ِو َ‬
‫فق تعاليم اإلسالـ والعُرؼ‬ ‫ؼ قيمة ادلرأة يف اجملتمع ادلزايب َ‬
‫َعَر َ‬
‫أف ص َالح ادلرأةِ وحسن ِ‬
‫توجي ِه َها‬
‫رلتمعا صاحلًا سويِّا‪.‬‬
‫سيضم ُن ً‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫االجتماعي‪ ،‬إذ َّ َ َ‬
‫‪ -‬العشَتة‪:‬‬

‫كانت لألوضاع ادلعيشية اليت عاشها الشيخ محو فخار يف ِصغَ ِرهِ‪ ،‬وحياة اليُتم اليت نشأ عليها‬
‫ُسرةِ والعشَتة يف حياة اجملتمع ادلزايب‪ ،‬حيث ُ‬
‫صلدهُ يُويل أعلّيةً بالغةً‬ ‫ِ‬
‫أثر كبَتٌ يف إدراؾ الشيخ لدور األ َ‬ ‫ٌ‬
‫ؼلد ُـ مجيع عشائر البلدة كلّها دوف استثناء‪،‬‬ ‫الع َشائِِري‪ ،‬إذ ُ‬
‫صلدهُ ُ‬ ‫ُس ِري و َ‬ ‫وعنايةً فائقةً للجانِ ِ‬
‫ب األ َ‬
‫أوضاع اجملتمع‪ ،‬كما يُؤرك ُد يف العديد من‬
‫ِ‬ ‫رح غَت ضير ٍق َلد ْوِر العشَتة يف إصالح‬‫ويتميّز ِبفك ٍر ُمتفت ٍ‬
‫دروس ِو على االىتماـ بقضايا األسرة والعشَتة ّأوًال‪ ،‬مث االنفتاح على قضايا اجملتمع وعدـ البقاء‬ ‫ِ‬
‫صُّر على مبدأ وحدة العشَتة يف أعراسها‪ ،‬رغم التوجهات‬ ‫منغل ًقا ضمن اإلطار العشائري فقط‪ ،‬وي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫( ‪)1‬‬
‫حفصة حواش‪ :‬المناج اإلصالحي للشيخ حمو فخار‪ ،‬مذكرة خترج‪ ،‬قسم الًتبية والعلوـ اإلسالمية‪ ،‬معهد اإلصالح‬
‫للبنات‪ ،‬غرداية‪ ،‬اجلزائر ‪ ،2009‬ص ص ‪.67-66‬‬
‫(‪ )2‬حفصة حواش‪ :‬ادلرجع نفسو‪.‬‬
‫~ ‪~ 79‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫رسا مسجديِّا قرآنِيِّا حتت إشراؼ العشَتة‬


‫واآلراء ادلختلفة ادلوجودة يف اجملتمع‪ ،‬على أف يكوف عُ ً‬
‫ٍ‬
‫اختالط أو ما شابو ذلك(‪.)1‬‬ ‫وخاؿ من أي تبذي ٍر أو ُرل ٍ‬
‫وف أو‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫فخار)‪ ،‬حيث استحدث يف وقت‬ ‫"إفخارف" (آؿ ّ‬‫جهود كبَتة يف عشَتتو ّ‬ ‫وللشيخ محو فخار ٌ‬
‫رللسا للشباب تَػَرأَّ َسوُ ىو‪ ،‬وغايػَتُوُ يف ذلك تكوينهم وتدريبهم على‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ُمبكر إىل جانب إدارة العشَتة ً‬
‫ِ‬
‫كثَتا ما كاف يوصيهم بقولو‪ «:‬لعلّ ُكم حعتقدون‬
‫ف للمستقبل‪ ،‬و ً‬ ‫حتم ِل ادلسؤوليات ليكونوا خالئ َ‬
‫ُّ‬
‫أنّكم لستم في اإلدارة‪ ،‬فاإلدارة الفعلية والحقيقية ىم أنتم أيّاا الشباب»(‪.)2‬‬

‫ئاسةَ العشَتة بعد وفاة أخيو األكرب زلمد رئيسها السابق‪ ،‬إذ عمل‬ ‫توىل ر َ‬
‫ويف سنة ‪5292‬ـ ّ‬
‫ِ‬
‫على ترقية بعض العناصر الشابة إىل اإلدارة وتكليف ِهم بادلسؤوليّات‪ ،‬كما َو َ‬
‫ض َع َح َجَر األساس‬
‫مقرا ألنشطة الشباب والطلبة بعدما‬ ‫َِ ٍ‬
‫إلقامة دار أخرى للعشَتة خارج أسوار قصر غرداية‪ ،‬تكوف ً‬
‫حل مشاكلهم‬ ‫دارا ذلم‪ ،‬كما تص ّدى للتكف ِ‬
‫ُّل بشؤوف ا﵀تاجُت واليتامى واألرامل و ر‬ ‫ِ‬
‫كاف يَك ًَْتي ً‬
‫ب عن‬‫يقر ُ‬
‫يضم فيو حسابات ما ُ‬‫خاص ّ‬ ‫اس ّ‬ ‫كر ٌ‬
‫ويقوؿ يف ذلك ابنو عبد الوىاب‪ ... «:‬كان لو ّ‬
‫لان وحقديماا وإعالتان‪،‬‬ ‫ِِ‬
‫ومطلّقة‪ ،‬إا كان يتولّى بنفسو جلب النفقة ّ‬ ‫‪ 71‬عاِلة ما بين أرملة ُ‬
‫أب لاذه العاِالت التي ىي من عشيرحو وحتى من خارج عشيرحو»(‪.)3‬‬ ‫فكان خير ٍ‬

‫ومن خالؿ ىذا أستنتج مدى حرص واىتماـ الشيخ بدفع الشباب لتحمل ادلسؤوليات‬
‫إحدى وصايَاهُ‪ «:‬إن‬
‫فيقوؿ يف َ‬
‫ودخوؿ معًتؾ احلياة االجتماعية وعدـ اجللوس واالكتفاء بالنقد‪ُ ،‬‬
‫اران ُمحرقتان فحذار من ايوعاما في‬ ‫النّقد الجارح وإشاعة التذمر ِم ِ‬
‫عوَالن َىد َامان ونَ َ‬
‫ّ َ‬
‫أوساطكم فإنّكم سوؼ ال حجدون من يتولّى أموركم وال من يتق ّدم لمسؤولية أمامكم‪ ،‬حعلّموا‬
‫الرفق في النقد واستعملوا الحكمة في النصح‪ ،‬واقتصدوا في القول إاا وجب الكالم‬

‫(‪ )1‬عبد الوىاب بن محو فخار‪ :‬نشاط الشيخ حمو فخار في العشيرة والايئات العرفية بمزاب‪ ،‬ادلقابلة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )2‬عبد الوىاب بن محو فخار‪ :‬ادلقابلة نفسها‪.‬‬
‫(‪ )3‬نفسها‪.‬‬
‫~ ‪~ 80‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫واعلموا أن الذي يعمل البد أن يُخطئ وخطؤه مغفور ألنو حق ّدم ونزل إلى الميدان‪ ،‬وبذل ما‬
‫على الربوة يحصي‬ ‫يتارب من المسؤولية ويجل‬
‫ق ّدر عليو من جاد‪ ،‬وإنما الملوم ىو الذي ّ‬
‫عثرات العاملين‪ ،‬ويُش ّكك في نوايا المخلصين»(‪.)1‬‬

‫‪ -‬ىيئة "إِْرَوا ْف"‪:‬‬

‫بعد استظهار الشيخ محو فخار للقرآف اطلرط يف ِ‬


‫سلك " ْإرَواف" بالقرارة‪ ،‬وبعد عودتو إىل‬
‫سلك "إرواف" بادلسجد العتيق‪ ،‬وساىم أوائل الستينيات يف إدراج العديد من‬ ‫غرداية اطلرط يف ِ‬
‫احة سنة‬ ‫ِ‬
‫بإنشاء دا ٍر للعل ِم بالو ِ‬ ‫الشباب ادلستظهرين للقرآف يف اذليئة‪ ،‬وسعى جلم ِع رابِطتِ ِهم‬
‫ُّصح و ِ‬
‫اإلرشاد‬ ‫يتوجوُ إليهم بالن ِ‬
‫كثَتا ما كاف ّ‬
‫‪5212‬ـ‪ ،‬ليستذكروا كتاب ا﵁ أثناء عطلتهم الصيفية‪ ،‬و ً‬
‫قصد توجيههم(‪.)2‬‬

‫حفالت ِ‬
‫تكرمي ادلستظهرين‬ ‫ِ‬ ‫كل‬
‫حضورهُ يف ّ‬
‫ُ‬ ‫سجلُها الشيخ محو فخار‬ ‫ومن ادلواقف اليت يُ ّ‬
‫ٍ‬
‫بكلمات تستنهض اذلمم‬ ‫ودائما ما كاف يُ ّتو ُج ىذه اجللسات‬
‫لكتاب ا﵁ بغرداية والقرارة وغَتىا‪ً ،‬‬
‫حفظ ِ‬
‫القرآف فحسب‪،‬‬ ‫ظ القرآف إىل عدـ االقتصا ِر على ِ‬ ‫أثرَىا يف القلوب‪ ،‬حيث يدعو حاف َ‬ ‫وتًتؾ َ‬
‫أحكام ِو كلرها‪ ،‬حىت ي ِ‬
‫عطي صورةً مشرق ًة‬ ‫ِ‬ ‫ذلك يف فه ِم معانِ ِيو و ِ‬
‫العمل مبقتضى‬ ‫يظهَر َ‬ ‫ِ‬
‫َ ّ ُ‬ ‫إّظلا ينبغي أف َ‬
‫ينتسب إليها(‪.)3‬‬
‫ُ‬ ‫للهيئة اليت‬

‫ِ‬
‫تأسيس ىيئة‬ ‫فعالةً يف‬
‫العزابة‪ ،‬شارؾ ُمشارَكةً ّ‬
‫بعد أف أرسى الشيخ محو فخار قواعد حلقة ّ‬
‫يعق ُد العديد من اجللسات مع الشباب القرآين‬ ‫"إرواف" بغرداية التابعة دلساجد اإلصالح‪ ،‬وراح ِ‬

‫العزابة‬ ‫وأعضاء حلقة العزابة من أجلها‪ ،‬فيقوؿ يف إحدى لقاءاتو‪ ...«:‬باسمي وباسم مجل‬
‫( ‪)1‬‬
‫سجلة ألقاىا يف الملتقى الوطني األول حول فكر القاِد الرمز الشيخ حمو‬
‫عبد الوىاب بن محو فخار‪ :‬كلمة ختامية ُم ّ‬
‫بن عمر فخار‪ ،‬مبسجد بابا السعد الغريب‪ ،‬غرداية ‪ 14 /11‬جويلية ‪2006‬ـ‪.‬‬
‫(‪ )2‬إبراىيم بن بنوح مصباح‪ :‬مواقف الشيخ حمو فخار م ىيئة إروان‪ ،‬زلاضرة مسجلة ألقاىا يف الملتقى الوطني األول‬
‫حول فكر القاِد الرمز الشيخ حمو بن عمر فخار‪ ،‬مبسجد بابا السعد الغريب‪ ،‬غرداية ‪ 14 /11‬جويلية ‪2006‬ـ‪.‬‬
‫( ‪)3‬‬
‫إبراىيم بن بنوح مصباح‪ :‬ا﵀اضرة نفسها‪.‬‬
‫~ ‪~ 81‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫الالحقون في ىذا الكيان‪،‬‬


‫السابقون وأنتم ّ‬‫ب بكم في داركم دار "إروان" ألننا ّ‬ ‫الموقر نرح ُ‬
‫سبيل إصالح‬ ‫ٍ‬
‫خطوات مباركة في ِ‬ ‫ت‬‫ىيئة دينيّ ٍة َخطَ ْ‬
‫حشكيل ٍ‬
‫ِ‬ ‫‪ ...‬كما نحمده أن َوفػ َقنَا إلى‬
‫المجتم ‪ ،‬وأنتم حواكبون المسيرة عن كثب منذ نشأحاا إلى يومنا ىذا‪ ،‬فال نبغي بذلك‬
‫األمة ونرف كلمة الل»(‪.)1‬‬ ‫ٍ‬
‫مزاحمةَ أحد‪ ،‬وإنّما لنواصل المسيرة فنخدم ّ‬

‫‪ -‬ىيئة "إِؽلَ ُّ‬


‫ص ْورَدا ْف"‪:‬‬

‫ط فيها‬ ‫ص ْورَدا ْف" مبثابة جلنة عرفية تشرؼ على خدمات ادلسجد وملحقاتو‪ ،‬ينخر ُ‬ ‫إ ّف ىيئة "إِؽلَ ُّ‬
‫ٍ‬
‫حسنة وأمينًا صادقا‪ ،‬بالغًا‬ ‫ٍ‬
‫أخالؽ‬ ‫ط للمنخرط أف يكوف ملتزما مض رحيًا ذا‬ ‫أنشط الشباب‪ ،‬ويُشتَػَر ُ‬
‫بص َّح ٍة جيّ َدة‪ ،‬ومن خدماهتم‪ :‬تنظيف ادلساجد وترميمها واإلشراؼ على‬ ‫عاقال متزوجا‪ ،‬يتمتّع ِ‬
‫ُ‬ ‫ً ُ َّ ً‬
‫وث الكوارث‬ ‫توزيع الصدقات فيها‪ ،‬باإلضافة إىل تنظيم اجلنائز يف ادلقابر أو التجن ِ‬
‫ُّد حُت ح ُد ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تطوع ٍي يف‬ ‫كل ٍ‬
‫عمل ُّ‬ ‫فهم العمدة يف ّ‬‫الطّبيعية أو من خالؿ األم ِر بادلعروؼ والنه ِي ع ِن ادلُن َك ِر ُ‬
‫البلدة(‪.)2‬‬

‫وصيهم بادلداومة على حضور‬ ‫وقد كاف الشيخ محو فخار يوجو الشباب يف ىذه اذليئة وي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ّ‬
‫جلساهتا لالستفادة من األنشطة ادلقامة فيها كجلسات الذكر والتفسَت ودروس الوعظ ادلق ّد َم ِة من‬
‫ُ‬
‫اجتماعا سنويِّا مع مسؤويل ىذه اذليئة للتباحث يف سلتلف القضايا‬ ‫طرؼ ادلشايِ ِخ‪ ،‬كما كاف ِ‬
‫يعق ُد‬ ‫ِ‬
‫ً‬
‫ومتابعة نشاطها وتوجي ِه َها(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬إبراىيم بن بنوح مصباح‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬


‫(‪ )2‬بكَت بن سعيد أعوشت‪ :‬ميزاب في ظل الحضارة اإلسالمية دينيا‪ ،‬حاريخيا‪ ،‬اجتماعيا‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪-108‬‬
‫‪.109‬‬
‫(‪ )3‬بامحد بن صاحل خطارة‪ :‬ادلقابلة السابقة‪.‬‬
‫~ ‪~ 82‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ٍ‬
‫كوسيلة لإلصالح االجتماعي‬ ‫يتبُت يل أ ّف الشيخ محو فخار استغَ َّل ىذه اذليئة‬
‫ومن ىنا َّ ُ‬
‫تضم يف صفوفِ َها أغلب شباب البلدة والذين ُىم عُ َ‬
‫مد ُهتا‪ ،‬باإلضافة إىل الطابع اخلَتي‬ ‫خاصة وأ ّهنا ّ‬ ‫ّ‬
‫التطو ِعي يف َع َملِ َها‪.‬‬
‫و ّ‬
‫عمي سعيد(‪:)1‬‬ ‫ِ‬
‫‪َْ -‬رللس ّ‬
‫العزابة يف قصور مزاب واستكماؿ ىيئاهتا اليت تسَتُ حتت إشرافِها‪َ ،‬ع َم َل‬
‫بعد استقرار ىيئات ّ‬
‫ٍ‬
‫جلسات دوريّة‪ ،‬الغاية منها‬ ‫كل علماء مزاب يف‬ ‫ٍ‬
‫بعض ادلشايخ العلماء على إغلاد ىيئة عُليَا جتمع ّ‬
‫توحيد األحكاـ الفقهية واختيار ِ‬
‫القوؿ الذي يُعتمد يف الفتوى وػلكم بو القضاة(‪.)2‬‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫ساىم الشيخ محو فخار يف كتابَِة تقارير زلاضر وجلسات أعلى ىيئة عرفية يف مزاب رللس‬
‫عمي سعيد منذ تعيينو سنة ‪5219‬ـ(‪ ،)3‬حيث ؼلتص ىذا اجمللس التشريعي ال ّديٍت بالنظر يف‬ ‫ّ‬
‫َّد يف أمور احلياة(‪ ،)4‬وىذا ما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وما يَػتَجد ُ‬
‫ادلسائل ال ّدينية والفقهية‪ ،‬ومواجهة ما ُػلدثُوُ الناس من ب َد ٍع َ‬
‫كاف يسعى إليو الشيخ طيلة مساره اإلصالحي‪.‬‬

‫( ‪)1‬‬
‫عمي سعيد‪ :‬نظاـ حضاري ظهر يف مزاب‪ ،‬يعترب رللس عمي سعيد اجمللس األعلى للعزابة يف مزاب‪ ،‬ومسي هبذا‬ ‫رللس ّ‬
‫اإلسم ألنو تعقد اجتمعاتو يف روضة الشيخ عمي سعيد اجلريب (ت‪1521‬ـ) مبدينة غرداية‪ ،‬يضم ىذا اجمللس شلثلي رللس‬
‫العزابة لقرى مزاب السبع ووارجالف‪ ،‬ويعترب اجمللس الديٍت األعلى إلباضية اجلزائر‪ ،‬يعُت على رأسو أكرب العلماء‪ ،‬ويعقد ىذا‬
‫اجمللس جلسات دورية ‪ ،‬ومل يعرؼ تاريخ ظهور ىذا اجمللس بالضبط ولكن يشَت الباحثوف إىل أنو ظهر بعد تشكل القرى ادلزابية‬
‫فكاف ىذا اجمللس غلمعهم لكي ػلُلُّوا مشاكلهم‪ .‬للمزيد يُنظر‪ :‬زلمد بن موسى بابا عمي وآخروف‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‬
‫ص ‪ .752،750‬ويُنظر‪ :‬صاحل بن عمر أمساوي‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬حل‪ ،1‬ص ص ‪ .447 ،437‬ويُنظر‪ :‬بشَت بن موسى احلاج‬
‫موسى‪ :‬الشيخ سعيد بن علي بن يحي الخيري الجربي – حياحو ودوره في ناضة وادي مزاب‪ ،-‬نشر مؤسسة الشيخ‬
‫عمي سعيد‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر ‪ ،2006‬ص ص ‪.64 ،61‬‬
‫(‪ )2‬إبراىيم بن ػلي احلاج أيوب‪ :‬الشيخ القرادي – رسالة في بعض أعراؼ وعادات وادي مزاب‪ ،-‬تق وتح ػلي بن هبوف‬
‫حاج زلمد‪ ،‬نشر مجعية النهضة‪ ،‬ط‪ ،1‬العطف‪ ،‬غرداية‪ ،‬اجلزائر ‪ ،2009‬ص ‪.76‬‬
‫(‪ )3‬عبد الوىاب بن محو فخار‪ :‬ا﵀اضرة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )4‬إبراىيم بن ػلي احلاج أيوب‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫~ ‪~ 83‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫اعْب َد الرمحن ال ُك ْرثِي"(‪:)1‬‬


‫‪ -‬رللس "بَ َ‬
‫ساىم الشيخ محو فخار وثػُلّةٌ من ادلشايخ والعلماء يف إعادة إحياء رللس "باعبد الرمحن‬
‫ال ُكرثِي" من جديد‪ ،‬بعدما كاف عبارة عن تراث قصة وحكاية رلد تارؼلية يف التنظيم والتنظَت‬
‫باشر مهامو من جديد‪ ،‬ففي كلمة لو أماـ‬ ‫االجتماعي‪ ،‬فتم تفعيلو ىيكليا وماديا ومعن ِويا‪ ،‬وأصبح ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً ًّ‬
‫أعضاء اجمللس يقوؿ‪ ... «:‬نحمد الل ونشكره جميعا جزيل الشكر على ما ىدانا الل من‬
‫باعبد الرحمن الكرثي" العريق الجذور في حاريخنا وأصالتنا‪،‬‬ ‫"مجل‬ ‫إحياء ىذا المجل‬
‫فكان بعثو سببا في اجتماع كلمتنا‪ ،‬والتفافنا حول بعضنا‪.)2(»...‬‬

‫ومما سبق يمكن القول‪:‬‬

‫ور‬
‫شخص َغيُ ٌ‬
‫ٌ‬ ‫‪ -‬أثبتت مواقف الشيخ محو فخار إبّاف الثورة التحريرية وبعد االستقالؿ أنّو‬
‫ِ‬
‫ويستنك ُر الدكتاتورية‬ ‫على اجلزائر ورافِض لكل ألواف االستعمار األجنب‪ ،‬ي ِ‬
‫نادي بالدؽلقراطية‬‫ُ‬ ‫ٌ ّ‬
‫التعصب ادلذىب أو العِرقِي‪.‬‬
‫ويدعو لالبتعاد عن ّ‬
‫‪ -‬يُعترب الشيخ محو فخار قُطبًا يف السياسة احلكيمة‪ ،‬حيث كاف ُمطَّلِ ًعا على األوضاع ا﵀لية‬
‫لكل‬ ‫ِ‬
‫والوطنية والعادلية‪ ،‬فهو ؽلتاز باحلنكة وال ّدىاء السياسي الذي ؽلَُكنُو من التص ّدي ّ‬
‫ادلشاكل السياسية الطارئة‪.‬‬

‫(‪ )1‬رللس باعبد الرمحن الكرثي‪ :‬نسبة إىل الشيخ عبد الرمحن الكرثي الذي عاش خالؿ القرف ‪06‬ىػ ‪12 /‬ـ‪ ،‬وقد ُمسي اجمللس‬
‫هبذا اال سم ألف جلساتو تعقد يف روضة الشيخ الكرثي بقصر مليكة مبزاب‪ ،‬ويضم ىذا اجمللس شلثلي ىيئات العزابة من مجيع‬
‫قرى مزاب ورؤساء اجلماعات واألعياف‪ ،‬ينظر ىذا اجمللس يف القضايا االجتماعية والسياسية اليت تتعلق بادلزابيُت‪ .‬للمزيد يُنظر‪:‬‬
‫زلمد بن موسى بابا عمي وآخروف‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ص ‪ .908 -907‬وينظر‪ :‬صاحل بن عمر أمساوي‪ ،‬ادلرجع‬
‫السابق‪ ،‬حل‪ ،1‬ص ص ‪.447 ،437‬‬
‫(‪ )2‬محو بن عمر فخار‪ :‬وقفات ومواقف‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.86‬‬
‫~ ‪~ 84‬‬
‫الشيخ حمو فخار ونشاطو السياسي واالجتماعي‬ ‫الفصل الثالث‬

‫استغل الشيخ محو فخار مجيع اذليئات وادلنظمات االجتماعية لنشر أفكاره اإلصالحية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫الرقي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعم َل من خالذلا على وحدة اجملتمع اجلزائري‪ ،‬واستنهاض علَم الشباب من أجل ّ‬ ‫َ‬
‫باجملتمع‪.‬‬
‫الرأي‪ ،‬فكاف يُعاجلُ القضايا بالنّظر إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -‬دتيّز الشيخ محو فخار بعمق التّفكَت وأصالَة ّ‬
‫زلل ثقة من طرؼ العديد من ادلنظمات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُم َقدرماهتا ونتائجها وأبعادىا‪ ،‬لذلك كاف ّ‬
‫االجتماعية العرفية والرمسية ا﵀لية والوطنية‪.‬‬
‫ِ‬
‫جروح َها‬ ‫لكل‬ ‫ِ‬
‫لس ًما شافيًا ّ‬
‫األمة‪ ،‬فكاف بَ َ‬
‫‪َ -‬حت َّم َل الشيخ محو فخار طواؿ حياتو علوـ ّ‬
‫اض ٍع وزلبّة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لكل من استشاره يف تو ُ‬
‫ومفتاحا لسرورىا‪َ ،‬ػلم ُل ال َك َّل ويأوي الضعيف ويسمع ّ‬
‫ً‬
‫السديد‪.‬‬
‫إىل أف ؽلنحو الرأي ّ‬
‫ض رم ُن ُخطَبَوُ وكتاباتو ومقاالتو آراءه حوؿ العديد من القضايا السياسية‬
‫‪ -‬كاف يُ َ‬
‫واالجتماعية‪.‬‬

‫~ ‪~ 85‬‬
‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬

‫المبحث األول‪:‬‬
‫مؤلفاته وآثاره‬

‫المبحث الثاني‪:‬‬
‫الشيخ حمو فخار أديبا‬

‫المبحث الثالث‪:‬‬
‫مراسالته واهتمامه باللغة العربية‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫الفصل الرابع‪ :‬آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‪.‬‬


‫اعتمدت يف الفصل الرابع على إبراز شخصية الشيخ ضبو فخار العلميٌة كاألدبيٌة‪ ،‬بطرح‬
‫التساؤالت التالية‪ :‬ما ىي أبرز يمؤلٌفاتًو ادلطبوعة؟ كما ىي ادلوضوعات اليت ييعاجلها يف خطبو؟‬

‫الشيخ ضبو فخار أديب الفقهاء كفقيو األدباء‪ ،‬كحكيم اخلطباء كخطيب احلكماء‪ ،‬ما ىي‬
‫ب اليت كاف يستقي منها ًحكمتىوي؟ كدباذا سبتاز كًتىاباتًًو عن بقي ًة ال يكت ً‬
‫َّاب يف مزاب؟‬ ‫األد ً‬
‫منابً يع ى‬
‫ٌ‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫اس ىَلتيوي اليت اشتهر هبا‬ ‫ً‬
‫لعل أبرزىا‪ ،‬يمر ى‬
‫أصناؼ كتابات الشيخ ضبو فخار‪ ،‬ك ٌ‬
‫رلاالت ك ي‬ ‫ي‬ ‫تىػ ىعدَّدت‬
‫ات رسائًلً ًو؟ كما ىي احملا ًكر كادلوضوعات‬ ‫ًً ً ً ً‬ ‫ًً‬
‫بينىوي كبٌن مشاؼلو كأصدقائو كتَلميذه‪ ،‬إذف ما ىي شليز ي‬
‫اليت اىتى َّم هبا يف رسائًلً ًو؟‬

‫قومات الشخصية اجلزائرية يف تك ًوينًها‪ ،‬كاليت ىع ىم ىل االحتَلؿ‬ ‫تي ُّ‬


‫عد اللٌغة العربية إحدل يم ِّ‬
‫جهود جبٌارةه يف سبيل نش ًر اللٌغة العربية‬ ‫الفرنسي على ً‬
‫طمس ىها‪ٌ ،‬إال أ ٌف الشيخ ضبو فخار كانت لو ه‬
‫كالنهوض هبا عاليا‪ .‬كيف كظٌف اللغة العربية ؟ ككيف كاكب نظراءه يف العامل العريب كاإلسَلمي؟‬
‫كما أثر يف كتاباتو؟‬

‫~ ‪~ 86‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫المبحث األوؿ‪ :‬مؤلفاتو وآثاره‪.‬‬


‫ييعترب الشيخ ضبو فخار إحدل الشخصيات الف ٌذة اليت ال ترتؾ صغًنةن كال كبًنةن ٌإال كيي ىد ِّكيُنا‬
‫كيؤرخها كيوثقها‪ ،‬كذلك من يذ ادلراحل األكىل من حياتو أيٌاـ كاف طالبنا دبعهد احلياة‪ ،‬كدأب على‬ ‫ٌ‬
‫و‬ ‫تنوعة‪ً ،‬مشلت‬ ‫ًً‬
‫رلاالت عديد نة من فنوف الكتابة‪ :‬كالشعر‬ ‫آثارا علميٌة يم ٌ‬
‫ف لنا ن‬ ‫ذلك إىل شلاتو‪ ،‬فى ىخلَّ ى‬
‫فن اخلطابة كادلقالة حبكم كظيفتً ًو االجتماعيٌة‬
‫ؽليل إىل ٌ‬
‫كادلقالة كالقصة كاخلاطرة كضلوىا‪ٌ ،‬إال أنٌو كاف ي‬
‫ساىمت‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫يستخد يـ األدب لتبلي ًغ أفكا ًرهً‪ ،‬حيث يقوؿ عن نفسو‪ «:‬اإلبداع الذي‬ ‫مصلح‬ ‫فهو قائ هد‬
‫ه‬
‫وتمثيل ‪ ،‬والخببة والمقالة ُىما ىوايتي ‪ ،‬وربّما كاف في ِهما‬
‫ً‬ ‫فيو ‪ ...‬القصة والمسرحية تألي ًفا‬
‫ٍ‬
‫وسيلة لإلبلغ واالتصاؿ‬ ‫براعتي أو ثرثرتي ‪ ،‬وآثرتُػ ُهما ألنّهما في تصوِري وتج ِربَتي ُ‬
‫خير‬
‫المفصح واالجتماعي المصلِح »(‪.)1‬‬
‫ِ‬ ‫باألفراد والجماعات ‪ ،‬للداعية‬

‫ًً‬ ‫ً‬
‫بأىم يمؤلَّفاتو ادلطبوعة اليت ربصلت عليها كيبلغ ي‬
‫عدد ىىا‬ ‫ؼ ِّ‬ ‫سأعر ي‬
‫كمن خَلؿ ىذا ادلبحث ِّ‬
‫‪ 11‬يم ىؤلَّنفا‪ ،‬كأيقىدِّـ بعض ًم ىيزاتًو يف دركسو كزلاضراتو الغًن ادلطبوعة‪ ،‬كىي كلُّها عبارة عن و‬
‫نتاج فكر وم‬
‫أكضاع اجملتمع‪.‬‬
‫ً‬ ‫إصَلح‬
‫ً‬ ‫الشاقة يف ً‬
‫سبيل‬ ‫كعلم وي ييربز لنا مسًنتو الطٌويلة ك ٌ‬ ‫ً‬

‫أوال‪ :‬مؤلفاتو المببوعة‪:‬‬


‫التخلٌف الفكرم كتأثًنه يف تطور اجملتمع‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫سبتمرب‬ ‫‪11‬‬ ‫ييعترب ىذا الكتيب عبارة عن زلاضرة مطبوعة ألقاىا الشيخ ضبو فخار يف‬
‫‪1791‬ـ دبسجد رأس الغابة يف إطار سهرات شهر رمضاف اليت يػلييها حزب جبهة التحرير‬
‫الوطين قسمة غرداية‪ ،‬حيث بدأىا بتقدًن تعريف للتخلٌف‪ ،‬كأىم أقسامو كأخطاره‪ ،‬مث‬
‫انتقل إىل طرح صور كظلاذج من الواقع دلظاىر التخلٌف الفكرم‪ ،‬بعدىا كضع أربع كسائل‬
‫لعَلج ظاىرة التخلٌف الفكرم‪ ،‬كيف األخًن أكرد تعلي نقا لعضو حزب جبهة التحرير األستاذ‬

‫(‪ )1‬زلمد صاحل ناصر‪ :‬مشايخي كما عرفتهم‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.446‬‬
‫~ ‪~ 87‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫األخضر الدعلة الذم شكر األستاذ على تشخيصو ذلذا الداء‪ ،‬كاقرتاحو للعَلج الذم‬
‫توجو ببعض النصائح القيِّمة للشباب ادلسلم(‪.)1‬‬
‫يقضي عليو‪ ،‬كالذم ىو بدكره ٌ‬
‫الطٌَلؽ أسبابو كعَلجو‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫طيبع ىذا الكتاب سنة ‪1711‬ـ‪ ،‬كىو عبارة عن زلاضرة مطبوعة مستخلصة من‬
‫يخطىبً ًو اجلي ىمعًيَّة ألقاىا دبسجد العالية باجلزائر العاصمة دبناسبة تظاىرةو دينيٌة أقامتها صبعية‬
‫تطرؽ يف‬
‫االستقامة باجلزائر يومي ‪ 11‬ك‪ 19‬جواف ‪1711‬ـ‪ ،‬كقد قى َّس ىم ىها إىل شبانية زلاكر‪ٌ ،‬‬
‫األكؿ إىل أسباب الطَلؽ‪ ،‬كيف الثاين إىل أنواع ادلطلِّ ًقٌن كحالىتً ًهم يف أثناء الطَلؽ‪ ،‬كيف‬ ‫ٌ‬
‫ي‬
‫الواقًيىة من الطَلؽ‪ ،‬كيف‬‫الرابع إىل العوامل ى‬ ‫الثالث إىل األخطار النٌاصبة عن الطَلؽ‪ ،‬كيف ٌ‬
‫تشجيع للطَلؽ‪ ،‬كيف السادس رب ٌدث عن‬ ‫ه‬ ‫اخلامس ٍأكىرىد فيو أ ٌف سًنة األنبياء مل يوجد فيها‬
‫فض نزاعات‬
‫رلالس العشائر يف ٌ‬ ‫ب الطَلؽ‪ ،‬كيف السابع ٌبٌن دكر ً‬ ‫العواقب كادلظامل اليت تع يق ي‬
‫و‬
‫إحصائيات عن الزكاج كالطَلؽ‪ ،‬كخاسبة ىك َّجوى فيها نصائح‬ ‫الطَلؽ‪ ،‬كيف الثامن ق ٌدـ‬
‫و‬
‫كتوجيهات للشباب(‪.)2‬‬
‫‪ -3‬من خطب اجلمعة "إقناع لتغيًن الطباع كإصَلح األكضاع" اجلزء األكؿ‪:‬‬
‫ييعتبىػ ير ىذا الكتاب ًمن ٌأكؿ ما ألٌفو الشيخ سنة ‪1771‬ـ يف رلاؿ اخليطىب اجلي ىمعًيَّة‪،‬‬
‫حيث استهلٌو الشيخ ع ٌدكف دبق ٌدمة أدىل فيها بإعجابًًو البالغ ككصف عملىو ببصًنةً ً‬
‫ادلؤم ًن‬ ‫ىى ى ى ى ي‬ ‫ي‬
‫أبلغ شهادةو يػي ىق ِّد يمها لو الشيخ‬ ‫الصادؽ كالطيب ً‬
‫احلاذؽ كاألب احلاين كادلرشد النٌصوح‪ ،‬ك ي‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫جيل أفنى من العمر نصف‬ ‫ع ٌدكف ىي قولو‪ «:‬الشيخ حمو فخار جندي خفاء وشاى ُد ٍ‬
‫وتعليما والسع ِي في اإلصلح االجتماعي بأوسع‬ ‫ٍ‬
‫قرف أو يزيد في تنشئة األجياؿ تربيةً‬
‫ً‬
‫صلد أكىؿ و‬
‫معانيو فعرك ػَتوُ الحياة وىي ُح َّو ٌؿ قُػلَّ ٌ‬
‫(‪)3‬‬
‫خطبة ألقاىا‬ ‫ب ‪ ، » ...‬كيف ىذا الكتاب ي ٌ‬

‫(‪ )1‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬التخلف الفكري وتأثيره في تبور المجتمع‪ ،‬ب د ف‪ ،‬بد ط‪ ،‬بد ب ‪ ،1975‬ص ص ‪.35 ،01‬‬
‫(‪ )2‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬البلؽ أسبابو وعلجو‪ ،‬مكتبة الضامرم للنشر كالتوزيع‪ ،‬ط‪ ،2‬سلطنة عماف ‪ ،1992‬ص ‪.46‬‬
‫(‪ )3‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬من خبب الجمعة إقناع لتغيير البباع وإصلح األوضاع‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ص ج‪ -‬د‪.‬‬
‫~ ‪~ 88‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫دبناسبة تدشٌن مسجد اإلصَلح يف ‪ 11‬مام ‪1719‬ـ‪ ،‬كاليت دعا ىكر َّغ ى‬
‫ب فيها النٌاس إىل‬
‫تطر ىؽ يف و‬
‫بعض منها‬ ‫يضم الكتاب ‪ 19‬خطبةن َّ‬ ‫عمارة ادلساجد لنيل الثواب كادلغفرة‪ ،‬كما ُّ‬
‫كربم ًل ادلسؤكلية كالصرب‬
‫يخ كادلذ ٌكرات‪ُّ ،‬‬ ‫احلث على الكسب احلَلؿ‪ ،‬كأعلية ً‬
‫كتابة التٌار ً‬ ‫إىل ٌ‬
‫ٌ‬
‫ٌن ربت عنواف "الطٌَلؽ أخطاره كمضاره" كانت يف‬ ‫عليها‪ ،‬كما يضم خطبتٌن متىس ً‬
‫لسلت ً‬
‫ي ى‬ ‫ٌ ي‬
‫جزأين(‪.)1‬‬
‫‪ -4‬من خطب اجلمعة "إقناع لتغيًن الطباع كإصَلح األكضاع" اجلزء الثاين‪:‬‬
‫خبطبة يف يوـ ‪ 11‬جانفي‬‫طيبًع ىذا الكتاب سنة ‪1771‬ـ‪ ،‬حيث استهلٌو الشيخ و‬
‫ى‬
‫كل ما‬
‫رؽ القرآف" حيث أصبى ىل يف ىذه اخلطبة ٌ‬ ‫فإُنا طي ي‬
‫‪1717‬ـ بعنواف "طيٌبيوا أفو ىاى يكم ٌ‬
‫كَلـ طيٌب‪ ،‬فهو الطٌريق األسلم لصحة اللٌساف‬ ‫و‬
‫ككضوء كذك ور ك و‬ ‫ب فم ادلسلم من ًسو واؾ‬‫ييطىيِّ ي‬
‫كيضم الكتاب ‪ 11‬خطبةن‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ساع يد على تدبًُّر القرآف يف أحس ًن و‬
‫حاؿ‪،‬‬ ‫كاإلنساف‪ ،‬كىذا ما ي ً‬
‫ي‬
‫السمع‪ ،‬ك ىأدب زيارةً ادلريض كفضلًها‪،‬‬
‫ث فيها عن اآلفات االجتماعية كعواقبها‪ ،‬كنعمة ٌ‬ ‫رب ٌد ى‬
‫ط ال ٌذىيب بٌن ً‬
‫العبد كربِّو" كانت على‬ ‫خطب متىس ً‬
‫لسلىة ربت عنواف "اخلي ي‬ ‫و‬ ‫يضم ‪11‬‬
‫كما ُّ‬
‫ي ى‬
‫شكل أجزاء(‪.)2‬‬
‫من خطب اجلمعة "ترسيخ للعقيدة كتقوًن للخلق" اجلزء الثالث‪:‬‬ ‫‪-5‬‬
‫طيبع ىذا الكتاب سنة ‪1779‬ـ‪ ،‬كىو دبثابة اجلزء الثالث يف سلسلة يخطىبً ًو اجلي ىمعًيٌة‪،‬‬
‫قد يم ىها الشيخ‬ ‫قيمةى اخليطىب اليت يي ِّ‬
‫ض ىع األستاذ أضبد بن عمر أكبكة مق ٌدمةن ٌبٌن فيها ى‬
‫إذ ىك ى‬
‫ف ‪ ،‬ويستوحي‬ ‫ضبو فخار فيقوؿ‪ ... «:‬يقبَع مواضيعها من الواقع الم ِعيش من غير تكل ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سواء‬ ‫ب أو تزل ٍ‬
‫ضيَات األحواؿ من غير تهي ٍ‬
‫ِّص فيها األدواء ‪ً ،‬‬ ‫شخ ُ‬ ‫ف ‪ ،‬يُ َ‬ ‫معانيها من ُمقتَ َ‬
‫خبب تنفعل لها‬ ‫ِ‬
‫الخفي منها والظّاىر ‪ ،‬ويصف الدواء وصف الحاذؽ الماىر ‪،‬‬
‫ٌ‬

‫(‪ )1‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬من خبب الجمعة إقناع لتغيير البباع وإصلح األوضاع‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.205‬‬
‫(‪ )2‬نفسو‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.227‬‬
‫~ ‪~ 89‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫العواطف جانحة إلى الخير ‪ ،‬وتنهض بها ال ِه َم ُم عازمةً على السير»(‪ ،)1‬ك ٌأكؿ خطبة فيو‬
‫ألقاىا يوـ ‪ 81‬فيفرم ‪1778‬ـ بعنواف "أربع حقائق إؽلانية تىدعيونىا إىل ادلبادرة يف الطاعات"‪،‬‬
‫ً‬
‫فضل ادلسارعة يف اخلًنات كح ٌذر من التسويف يف كث وًن من أمور ديننا ي‬
‫كدنيىانىا‪،‬‬ ‫حيث ٌبٌن ى‬
‫الصوـ‪،‬‬‫كيضم الكتاب ‪ 11‬خطبة رب ٌدث فيها عن مسًنة اإلصَلح ادلباركة‪ ،‬كنعمة الولد‪ ،‬ك ٌ‬ ‫ٌ‬
‫األمة"‬ ‫و‬ ‫و‬
‫"الرضاع بٌن التوجيهات الربٌانية ككاقع ٌ‬ ‫يضم ‪ 11‬خطب متسلسلة ربت عنواف ٌ‬ ‫كما ي‬
‫كانت على شكل أجزاء(‪.)2‬‬
‫من خطب األعياد عيد الفطر كعيد األضحى‪:‬‬ ‫‪-6‬‬
‫طيبع ىذا الكتاب سنة ‪1771‬ـ‪ ،‬كقاـ بتقدؽلو األستاذ مصطفى بن صاحل باجو الذم‬
‫كخطبو فيقوؿ‪... «:‬‬ ‫ً‬
‫الشيخ ي‬
‫كبٌن مكانةى ٌ‬
‫كضع يف البداية خَلصةن شاملةن دلا ػلويو الكتاب‪ٌ ،‬‬
‫إنّو َمثَ ٌل في العبقرية والنبوغ ‪ ،‬وشهادة ىذه الخبب أفضل من كل شاىد قد يُحابي أو‬
‫كشف جدي ٌد‬
‫وس ٌبر دقي ٌق ألغواره ‪ ،‬و ٌ‬ ‫ِ‬
‫فهم ُمتميِّػ ٌز لحدث العيد ‪َ ،‬‬
‫كل خببة ٌ‬ ‫يُصانع ‪ ،‬ففي ّ‬
‫خطب لعيد الفطر‪ ،‬كثَلثة عشر خطبة لعيد‬ ‫و‬ ‫كيضم الكتاب تسع‬ ‫‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ألسراره »‬
‫ي‬
‫األضحى‪ ،‬كقد سبيٌزت يخطىبيوي بتنوع ادلواضيع‪ ،‬فمنها ما كاف يتح ٌدث عن الشباب‪ ،‬كمنها ما‬
‫لمح إىل أخذ‬ ‫طب عيد األضحى فكانت تي ِّ‬‫كاف ييعاجل قضايا اجتماعية كسياسية‪ ،‬أما يخ ي‬
‫قصة أبينا إبراىيم ‪ ‬كابنو إمساعيل‪ ،‬كتيشًني إىل بعض التٌعاليم الدينية‬
‫العربة من ٌ‬
‫محة(‪.)4‬‬
‫الس ى‬
‫َّ‬
‫ؼ؟!‬ ‫ماذا بعد ُّ‬
‫الد ٍ‬ ‫‪-7‬‬
‫طيبع ىذا الكتاب سنة ‪1777‬ـ‪ ،‬كىو عبارة عن جواب لرسائل ىكىرىدت للشيخ تسألو‬
‫جه ًة نظ ًرهً يف استحداث نق ًر ال ٌدؼ مع األناشيد يف حفَلت األعراس دبزاب‪،‬‬ ‫ً‬
‫عن رأيًو كًك ى‬
‫(‪ )1‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬من خبب الجمعة ترسيخ للعقيدة وتقويم للخلق ‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ق‪.‬‬
‫(‪ )2‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.204‬‬
‫(‪ )3‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬من خبب األعياد عيد الفبر وعيد األضحى ‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.06‬‬
‫(‪ )4‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ص ‪.262 -261‬‬
‫~ ‪~ 90‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫عجزا يف اجملاؿ الفين ؽلكن االستغناء عنو سدِّا لفركج ىدـ أصالة اجملتمع‪،‬‬
‫حيث اعترب ذلك ن‬
‫باكرا غًنة على‬
‫كحاجزا ؽلنع اجملتمع من أعراض االضلَلؿ كادليوعة كاالختَلط اليت تنبٌأىا ن‬ ‫ن‬
‫نوعيٌة نشاط رلتمعو‪ ،‬فَل يرضى استبداؿ الذم أدىن بالذم ىو خًن‪.‬‬
‫تنج يم إذا ما انتشر كأي ًج ىيز ال ٌدؼ يف األعراس‪ ،‬كما ٌبٌن‬
‫كأشار إىل النتائج اليت ي‬
‫سيؤدم ال زلالةى‬ ‫ً‬
‫احةى ال ٌدؼ ٌ‬ ‫أصناؼ ادلزابيٌن ذباه ىذا ال ٌدؼ إذا ما انتشر‪ ،‬كرأل أف استبى ى‬
‫عادات كأعر ً‬
‫اؼ‬ ‫ً‬ ‫إىل أف يتجاكز إىل اآلالت ادلوسيقية األخرل‪ ،‬كما نبٌوى إىل أثرىا على‬
‫ترسيم ال ّدؼ إلىانةٌ شنعاء ِلقيَ ِمنا المعروفة‬
‫ِ‬ ‫ادلنطقة احملافًظة ن‬
‫قائَل‪ «:‬إ ّف اإلقداـ على‬
‫كل األوساط‬ ‫ِ‬
‫المعهودة فينا بين جماىير الجزائريين وىوا ٌف لشخصيّتنا المرموقة في ّ‬
‫ض مسًنة اإلصَلح يف زلاربة مثل ىذه البً ىد ًع كاخليرافىات‪،‬‬ ‫ى ى‬‫استعر‬ ‫األخًن‬ ‫كيف‬ ‫‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫»‬
‫كمسلٌية(‪.)2‬‬ ‫ً و‬ ‫و‬ ‫و ً‬ ‫كاستً ى‬
‫بدركس ىادفىة كزلاضرات قيِّ ىمة كسبثيليَّات ج ٌدية ي‬ ‫بداذلا‬
‫‪ -8‬كاف حديثا حسنا "مناقب ادلريب الشيخ بيوض إبراىيم"‪:‬‬
‫تطر ىؽ‬ ‫طيبع ىذا الكتاب سنة ‪8111‬ـ‪ ،‬حيث استهلٌو الدكتور زلمد ناصر دبق ٌد و‬
‫مة َّ‬ ‫ي‬
‫فيها إىل عَلقة الشيخ ضبو فخار بأستاذه الشيخ إبراىيم بيوض ‪ ،‬كأسلوب الشيخ ضبو‬
‫ىامة يف التاريخ‬ ‫ً ًً ً ً‬
‫الرسائل اليت ىي عبارة عن كثائق ٌ‬ ‫فخار يف الكتابة‪ ،‬كدكافع طبعو ذلذه ٌ‬
‫الثقايف للجزائر(‪.)3‬‬
‫قسم الشيخ ضبو فخار الكتاب إىل ثَلثة أقساـ‪ ،‬القسم األكؿ رب ٌدث فيو عن‬ ‫كقد َّ‬
‫شخصية الشيخ إبراىيم بيوض كمناقًبً ًو‪ ،‬كالقسم الثاين كاف بعنواف "كاف حديثنا حسننا"‬
‫خطبة ألقاىا يف ‪ 88‬جانفي ‪1711‬ـ‪ ،‬كذلك دبناسبة الذكرل الرابعة لوفاة‬‫و‬ ‫كىو عبارة عن‬
‫الرسائل اليت كانت بينهما(‪.)4‬‬ ‫لعرض ً‬
‫بعض ٌ‬ ‫صوي ً‬‫خص ى‬
‫الشيخ إبراىيم بيوض‪ ،‬كالقسم الثالث َّ‬

‫(‪ )1‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬ماذا بعد الدؼ‪ ،‬نشر صبعية الرتاث‪ ،‬القرارة‪ ،‬غرداية ‪ ،1999‬ص ‪.08‬‬
‫(‪ )2‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫(‪ )3‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬كاف حديثا حسنا‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ش‪.‬‬
‫(‪ )4‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.141‬‬
‫~ ‪~ 91‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫كقفات كمواقف‪:‬‬ ‫‪-9‬‬


‫طيبع الكتاب سنة ‪8111‬ـ‪ ،‬كأبرز فيو الشيخ ضبو فخار ما لديو من ًخ و‬
‫طابات‬
‫و‬
‫مقامات ً‬
‫ربم يل طابع كقتها‪ ،‬يػيلى ِّم يح‬ ‫ألقاىا يف مواقف سلتلفة ك ىصبى ىع فيها رلهوداتًًو الفكرية‪ ،‬يف‬
‫حملات عن ادلواقف اليت كاف يقفها‪ ،‬عسى أف يقتدم بو من كاف يع يقبيوي من األجياؿ‪،‬‬ ‫قارئيو و‬
‫ي‬
‫كلمات ألقاىا إثر‬ ‫و‬ ‫فمنها ما كاف يف كلمات ادلناسبات كالتٌهاين العرسية‪ ،‬كمنها ما كاف يف‬
‫شّت الربوع‬
‫استقباؿ الشخصيات العلميٌة كالسياسيٌة كاالجتماعيٌة الوافدة إىل غرداية من ٌ‬
‫كاألصقاع(‪.)1‬‬
‫‪ -10‬على درب األنبياء الشيخ صاحل بابكر‪:‬‬
‫طيبع ىذا الكتاب سنة ‪8118‬ـ‪ ،‬ككضع األستاذ مصطفى بن صاحل باجو مق ٌدمةن‬
‫موجود يف ثنايا ىذا الكتاب‪ ،‬كاجلهد الذم بذلو يف سبيل تر ً‬
‫تيب الوثائق‬ ‫ه‬ ‫ٌن فيها ما ىو‬
‫بىػ َّ ى‬
‫مهمة الباحثٌن كال ٌدارسٌن(‪ ،)2‬كأكرد الشيخ يف ىذا‬
‫كالتصويبات اليت قاـ هبا قصد تسهيل ٌ‬
‫قصة نشأة صبعية‬ ‫ً‬ ‫و‬
‫الكتاب كمضات من مسًنة اإلصَلح يف غرداية‪ ،‬كفيو كثائق عن ٌ‬
‫كبعض يمنجزاهتا‪ ،‬كما‬ ‫ً‬ ‫تطوًرىا‬
‫اإلصَلح كالعقبات اليت اعرتضتها يف مسًنهتا كمراحل ُّ‬
‫للحديث عن شخصيٌة الشيخ صاحل بابكر كأعمالًًو كمواقً ًف ًو اجلليلة‬ ‫ً‬ ‫ص جزءنا‬ ‫خص ى‬
‫َّ‬
‫تطرؽ إىل قضية ادلياه األرتوازية بغرداية‪ ،‬كزلاكلة‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ًً‬
‫كرفقائو‪ ،‬كيف األخًن ٌ‬
‫كمراسَلتو مع تَلميذه ي‬‫ي‬
‫ٌن مساعي ادلسؤكلٌن احملليٌن إلحباط مؤامراهتم(‪.)3‬‬
‫االستعمار استغَلذلا إلذالؿ األىايل‪ ،‬كبىػ َّ ى‬
‫‪ -11‬الشيخ إبراىيم بن بابا بوعركة "الشيخ بابا ثامر" حياتو كآثاره‪:‬‬
‫طيبع ىذا الكتاب سنة ‪8111‬ـ‪ ،‬كيبدك يل أنٌو كقع خطأه يف عنواف الغَلؼ اخلاص‬
‫بالكتاب فاألصل ىو بابا بن إبراىيم بوعركة ًكف نقا دلا ذكره يف مذ ٌكراتًو اليت ق ٌدمها للشيخ‬

‫(‪ )1‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬وقفات ومواقف‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.319 -317‬‬
‫(‪ )2‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬على درب األنبياء الشيخ صالح بابكر‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.09‬‬
‫(‪ )3‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ص ‪.421 -417‬‬
‫~ ‪~ 92‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫و‬
‫خَلصة‬ ‫مة يف ً‬
‫شكل‬ ‫ضبو فخار(‪ ،)1‬كقد قاـ األستاذ مصطفى بن صاحل باجو بوضع مق ٌد و‬
‫تناكىؿ الشيخ ضبو فخار يف ىذا الكتاب شخصيٌة‬ ‫شاملى وة لكل ما ػل ً‬
‫ً‬
‫حيث ى‬ ‫ويو الكتاب‪ ،‬ي‬ ‫ٌ‬
‫بدنػي ِّو‬
‫س ي‬ ‫و‬
‫أح َّ‬
‫ص ىها من مذكرات أىداىا لو دلا ى‬ ‫الشيخ بابا بن إبراىيم بوعركة‪ ،‬كاليت استخلى ى‬
‫و‬ ‫ًً‬
‫بعد ىىا إىل كفاح‬ ‫كتعرض ى‬ ‫أى ىجلو‪ ،‬كما كضع تعري نفا جملموعة من األعَلـ كادلعامل يف مزاب‪ٌ ،‬‬
‫و‬
‫مناسبات‬ ‫كخطابات ً‬
‫ألقيىت يف‬ ‫و‬ ‫و‬
‫كلمات‬ ‫كض َّم ىن كتابو‬
‫ادلزابيٌن يف أثناء الثٌورة التحريرية‪ ،‬ى‬
‫ع ٌدة‪ ،‬كيف األخًن كضع أرشي نفا للمر ً‬
‫اسَلت اليت كانت بينىوي كبٌن الشيخ بابا ثامر(‪.)2‬‬ ‫ىى‬
‫ثانيا‪ :‬آثاره المخبوطة ِ‬
‫وحرصو على كتابة التاريخ‪:‬‬
‫اىتم الشيخ ضبو فخار بكتابة كتدكين األحداث كالوقائع كتوثيقها طواؿ حياتو‪ ،‬إذ كاف‬
‫أسجلُها حتى تكوف‬
‫دكما بضركرة الكتابة‪ ،‬حيث يقوؿ يف شأف ما يقوـ بتسجيلو‪ِّ «:‬‬ ‫ً‬
‫ييوصي طلبتو ن‬
‫أسجلها ت ُكن َعلَ ّي »‪ ،‬كانطَلقنا من ىذا ادلبدأ فإنٌو ىخلَّف لنا تراثنا سلطوطنا ن‬
‫ضخما ىو‬ ‫لي ‪ ،‬وإف لم ِّ‬
‫كمقرنرا‬ ‫دبثابة مصد ور ٍّ‬
‫ىاـ للدارسٌن كالباحثٌن يف تاريخ احلركة اإلصَلحية دبزاب‪ ،‬حيث كاف كاتبنا ِّ‬
‫للجلسات يف العديد من اذليئات كادلنظمات اليت اشتغل فيها(‪ ،)3‬كما يعود الفضل إليو يف كتابة‬
‫اجلزء ادلتبقي من تفسًن القرآف الكرًن للشيخ بيوض إبراىيم الذم مل يتم تسجيلو من سورة البقرة‬
‫مَلزما لدركس شيخو يكتب‬ ‫ٌن كاف‬ ‫ً‬
‫ن‬ ‫إىل سورة اإلسراء‪ ،‬كذلك أثناء فرتة تعليمو بالقرارة‪ ،‬ح ى‬
‫و‬
‫قصاصات مازالت سلطوطة(‪.)4‬‬ ‫ط يده يف‬
‫كيلخص ما يقولو خب ٌ‬

‫(‪ )1‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬إبراىيم بن بابا بوعروة "الشيخ بابا ثامر" حياتو وآثاره ‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫(‪ )2‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ص ‪.252 -249‬‬
‫(‪ )3‬مقابلة مع األستاذ ضبو سليماف بوسعدة حوؿ موضوع‪ :‬شخصية الشيخ حمو فخار األدبية‪ ،‬دبنزلو بغرداية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬يوـ‬
‫‪ 03‬أفريل ‪2017‬ـ‪ ،‬من الساعة ‪ 17:15‬إىل ‪ 20:00‬مساء‪.‬‬
‫(‪ )4‬عبد الوىاب بن ضبو فخار‪ :‬احملاضرة السابقة‪.‬‬
‫~ ‪~ 93‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫كشلا يتميز الشيخ ضبو فخار خَلؿ مسًنتو اإلصَلحية اىتمامو البالغ بكتابة التاريخ‬
‫كجين‬ ‫للماضي‬ ‫غرس‬ ‫كىو‬ ‫الشعوب‪،‬‬ ‫كمرآة‬ ‫الزمن‬ ‫ل‬ ‫كادلذكرات‪ ،‬فهو يعترب أف التاريخ دبثابة ًس ً‬
‫ج‬
‫ه‬ ‫ه‬ ‫ٌ‬
‫و‬
‫بأبيات شعر وية يقوؿ فيها‪:‬‬ ‫كثًنا‬
‫كيستدؿ ن‬
‫ٌ‬ ‫للحاضر لزرًع ادلستقبل‪،‬‬

‫قوـ ليس يدركف اخلرب‬ ‫ضاع ه‬ ‫إقرأكا التػ ػ ػػاري ػػخ إذ ف ػ ػي ػػو العػ ػ ػ ػػرب‬
‫أعمارا إىل عيم ًره(‪.)1‬‬
‫أضاؼ ن‬ ‫فمن حول التاريخ يف صدره‬
‫يدكف‬
‫ربص ىل عليها‪ ،‬حيث ٌ‬ ‫كل فائدةو مسعها أك كجدىا أك َّ‬
‫اىتم الشيخ ضبو فخار بتدكين ٌ‬ ‫ٌ‬
‫سه ىل عليو العودة إليها يف كقت ما‪ ،‬كما يهتم‬
‫معها قائلها كتاريخ احلصوؿ عليها كمكاُنا‪ ،‬حّت يى ي‬
‫بكتابة التاريخ اذلجرم كادليَلدم يف كل خطبو كمراسَلتو‪ ،‬كيوصي بذلك يف العديد من خطبو‬
‫فيقوؿ‪ «:‬إ ّف الوقت ليفرض عليكم أف تستحدثوا منظمة تحظى بعنايتكم ‪ ،‬لتدوين نشاطات‬
‫(‪)2‬‬
‫كل حقل من حقوؿ تحركاتكم وتحركات غيركم» ‪ ،‬كيضيف ن‬
‫قائَل يف ما يتعلٌق‬ ‫يومكم ‪ ،‬في ّ‬
‫بأعلية التأريخ‪ ... «:‬اعلموا أنّكم بتدوي ِن َوقائِ ِع زمانكم تحفظوف تاريخكم ‪ ،‬وتُثبِتوف وجودكم ‪،‬‬
‫مرة األحياء ‪ّ ،‬أما إذا‬ ‫رىنُوف ًّ‬‫وتحفظوف كرامة خلئِِفكم ‪ ،‬وبكلمة واحدة‪ :‬تُػب ِ‬
‫حقا على أنّكم من ُز َ‬ ‫َ‬
‫س ِّج ُل التاريخ أنّكم في ِع َد ِاد الموتى وما أنتُم ّإال‬
‫تهاونتُم في ذلك لحظةً واحد ًة ‪ ،‬فسوؼ يُ َ‬
‫قبور تمشي على ظهر األرض ‪.)3(»...‬‬
‫ٌ‬

‫ثالثا‪ :‬دروس الوعظ والمحاضرات‪:‬‬


‫ىائَل من احملاضرات كدركس الوعظ كاإلرشاد يف‬‫عددا ن‬
‫ؽلتلك الشيخ ضبو فخار يف رصيده ن‬
‫ادلساجد ادلختلفة زلليا ككطنيا كعادليا‪ ،‬كيف دكر العشائر كاحملاضر كالنوادم كاألعراس كادلآمت‬
‫كالزيارات كالنشاطات الثقافية كالرحَلت كادلخيمات كادلهرجانات أغلبها ال يزاؿ سلطوطنا‪ ،‬كبعضها‬

‫(‪ )1‬ضبو سليماف بوسعدة‪ :‬شخصية الشيخ حمو فخار األدبية ‪ ،‬ادلقابلة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )2‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬من خبب الجمعة إقناع لتغيير البباع وإصلح األوضاع‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.116‬‬
‫(‪ )3‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ص ‪.120 -119‬‬
‫~ ‪~ 94‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫و‬
‫مناسبات علمية ككطنية كدكلية(‪ )1‬كإذا الحظنا أسلوبو يف دركسو‬ ‫و‬
‫أشرطة‪ ،‬ق ٌد ىم ىها يف‬ ‫يم ىس َّج هل يف‬
‫كزلاضراتو فإننا صلده يعتمد على أسلوب ىسلًس‪ ،‬حيث يلقيها حسب الفئة ادلتل ٌقية لذلك‪ ،‬فإذا‬
‫كاف مع الطبقة العامة يف اجملتمع ذبده يعاجل قضايا من الواقع اليومي يف اجملتمع‪ ،‬كإذا كاف يف‬
‫يوجوي اىتمامو للجانب الرتبوم كضركرة التحصيل ادلعريف‪ ،‬كإذا كاف‬
‫حضرة األساتذة كالطلبة ُّ‬
‫احلضور غالبيتو من األطفاؿ فإنٌو يعتمد على األسلوب القصصي(‪.)2‬‬

‫يف مواضيعو كدركسو أنٌو يستل ًه يمها من كاقًعً ًو ادلعيش‪ ،‬ففي بعض‬ ‫كشلا يتميٌز بو الشيخ‬
‫ألم درس ليلقيو يف ادلسجد نتيجة انشغالو بالعمل االجتماعي‬ ‫زلضنرا‬
‫األحياف يكوف غًن ٌ‬
‫كاإلصَلحي يلجأ إىل اقتباس إحدل اآليات اليت مت تَلكهتا يف رللس ال ٌذكر‪ ،‬كيقوـ بتفسًنىا‬
‫كتدعيمها دبا طالعو كػلفظو من ًح ىك وم كأمثاؿ‪ ،‬فاألحداث كالوقائع اليومية بالنسبة إليو دبثابة‬
‫اإلحداثية اليت تكوف يمنطل نقا لصياغة موضوع أك فكرة يريد أف يػيىر ِّس ىخها لدل يمستى ًمعيو(‪.)3‬‬

‫رابعا‪ :‬إذاعة "اِرـ ذات العماد"(‪:)4‬‬


‫ؽللك‬
‫كعرؼ خباياهي‪ ،‬فقد مضى يب يذ يؿ أقصى ما ي‬
‫ى‬ ‫س الشيخ ضبو فخار رلتمعو جيٌ ندا‪،‬‬
‫لقد ىد ىر ى‬
‫كتصحيح أخطائًًو‪ ،‬كأنشأ حبس ًن ذكائًًو‬ ‫مادية كأدبية يف معاجلة أمراض ىذا اجملتمع‪،‬‬ ‫و‬
‫ً‬ ‫من إمكانات ٌ‬
‫إذاعةن زللية مسٌاىا بإذاعة "اًرـ ذات العماد" كذلك سنة ‪1717‬ـ‪ ،‬كىي إذاعة مكتوبة كمسموعة بٌن‬
‫أفراد اجملتمع كمتن ٌقلة بٌن احلى ٍجبىات(‪ )5‬كالنوادم كحفَلت األعراس كاألفراح‪ ،‬ك ٌازب ىذ ىىا كسيلةن ليعاجل‬

‫(‪ )1‬ضبو سليماف بوسعدة‪ :‬شخصية الشيخ حمو فخار األدبية ‪ ،‬ادلقابلة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )2‬ضبو سليماف بوسعدة‪ :‬ادلقابلة نفسها‪.‬‬
‫(‪ )3‬نفسها‪.‬‬
‫(‪ )4‬يينظر ادللحق رقم ‪.14‬‬
‫(‪ )5‬احلجبات صبع "حجبة"‪ ،‬كىي دار العشًنة اليت تقاـ فيها أنشطة أبنائها‪ ،‬كمنها مراسم التٌهاين للعرس‪ ،‬تيستغل لتقدًن‬
‫نشاطات ثقافيٌة كفنية مفيدة للجمهور‪ .‬للمزيد يينظر‪ :‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬على درب األنبياء الشيخ صالح بابكر‪ ،‬ادلصدر‬ ‫و‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪.301‬‬
‫~ ‪~ 95‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫أفكارا يمنح ًرفىة‪ ،‬كيقضي على تقاليد ال أساس ذلا‪ ،‬كينبِّوى هبا من حولو من الغافلٌن كىي كلٌها‬
‫هبا ن‬
‫ات يفهمها من تعنيو‪ ،‬كيستفيد منها من يبحث عن احلقيقة(‪.)1‬‬ ‫رموز كإشار ه‬
‫ه‬

‫بٌن الشيخ ضبو فخار سبب تسميتها بذلك فيما يلي‪ «:‬ليست الديار التي بناىا قوـ‬
‫كيي ِّ ي‬
‫عاد ‪ ، ...‬وإنما ىو اسم أخذناه واستعرناه إلذاعتنا لكي نلفت إليها األنظار ألنها شيء‬
‫عجيب لم يُخلق مثلو في البلد قبل ‪ ...‬فل معنى لما يقولو البعض من أننا فعلنا محرما‬
‫بهذه التسمية »(‪.)2‬‬

‫ككانت ىذه اإلذاعة تتطرؽ إىل أحداث األسبوع الواقعة بغرداية كخارجها‪ ،‬كفيها سؤاؿ‬
‫كجواب كتصحيح للعقيدة أك لبدعة أك خرافة‪ ،‬كفيها كل أنواع الفنوف كاإلبداع‪ ،‬حبيث ذاع صيتها‬
‫كعاجلىت كأصلحت الكثًن من ادلفاسد‪ ،‬كتستهدؼ بالنقد‬
‫يف اجملتمع يف فرتة اخلمسينيات‪ ،‬كقىػ َّوىمت ى‬
‫كالتحليل صبيع فئات اجملتمع كالشيوخ كالكهوؿ كالشباب كالنساء‪ ،‬حّت يف زمن احلكم العسكرم‬
‫أين كاف كثًنا ما يستدعى من طرؼ احلاكم العسكرم لتأنيبو كمنعو من اإلذاعة كسجنو(‪،)3‬‬
‫كل الطبقات‪ ،‬حّت يػي ىو ِّجو رسائل ذلم من خَلؿ ىذه اإلذاعة‬
‫ذبم ىع الناس من ٌ‬
‫يستغل ُّ‬
‫ٌ‬ ‫فالشيخ كاف‬
‫و‬
‫بأسلوب فكاى وي‪ ،‬كىو منهج غًن مباشر يف العَلج اعتمده حّت ييغيِّػىر من أسلوب اإلرشاد الذم‬
‫اعتاده الناس(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬حفصة حواش‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.69‬‬


‫(‪ )2‬حفصة حواش‪ :‬ادلرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫(‪ )3‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬على درب األنبياء الشيخ صالح بابكر‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.18 -17‬‬
‫(‪ )4‬حفصة حواش‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫~ ‪~ 96‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الشيخ حمو فخار أديبًا‪.‬‬


‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كاف الشيخ ضبو فخار مرج نعا للشع ًر كفي يحوؿ الشعراء حفظنا كدراسةن كتعد نيَل كتصح ن‬
‫يحا‬
‫لم ىذتًًو بالقرارة‪ ،‬أك يف‬
‫كتب بعض القصائد يرجع عهدىا إىل أياـ تى ى‬‫لألكزاف كاألفكار كالقوايف‪ ،‬إذ أنٌو ى‬
‫أثناء مسًنتًًو اإلصَلحية بغرداية(‪.)1‬‬

‫لم ىذتًو األكىل دبدرسة اإلصَلح‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫كيعود اىتماـ الشيخ ضبو فخار باألدب كاأل ىيدبىاء إىل أيٌاـ تى ى‬
‫و‬
‫مقاالت كثًنةن‬ ‫فحرر‬ ‫ً‬ ‫ًً ً‬
‫كعند انتقالو إىل القرارة دلواصلة دراستو دبعهد احلياة‪ ،‬حيث تىػ ىفتَّػ ىقت موىبتيو ٌ‬
‫صح أف نُبلِق‬
‫متميٌزنة بأسلوهبا العريب الفصيح‪ ،‬حيث يقوؿ عنو الدكتور زلمد صاحل ناصر‪ «:‬ولو ّ‬
‫ظ األدب العربي بوادي ميزاب»(‪.)2‬‬
‫عليو لقبًا أدبيًا لقلنا عنو إنّو جاح ُ‬

‫ادلقاالت اليت كاف يي ًلق ىيها الشيخ‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫العديد من اخليطب كال ٌد ً‬
‫ركس ك‬ ‫َلعي على‬‫كمن خَلؿ اطٌ ً‬
‫ب عليها الطابع األديب‪ ،‬شلا ىدفىػ ىعين‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ً‬
‫ضبو فخار يف العديد من ادلواقف كادلناسبات‪ ،‬كجد يهتا ٌأُنا يغلي ي‬
‫إىل طرح و‬
‫تساؤؿ حوؿ مصادر األدب عند الشيخ ضبو فخار؟‬

‫أوال‪ :‬مصادر األدب عند الشيخ حمو فخار‪:‬‬


‫كتابات الشيخ ضبو فخار ً‬
‫ببعض ادلميٌزات اليت ىي عبارة عن خَلصة دلنابع‬ ‫دركس ك ي‬ ‫ي‬ ‫سبيٌزت‬
‫كمؤلَّىفاتًًو‪ ،‬كىي‪:‬‬
‫يستقي منها أفكاره‪ ،‬كيبين عليها يخطىبىوي ي‬
‫‪ -12‬الثقافة القرآنية‪:‬‬
‫تتجلٌى الثقافة العربية اإلسَلمية األصيلة يف دركس الشيخ ضبو فخار يمتىمثِّلة يف القرآف‬
‫جل‬
‫ٌ‬ ‫تاج ىذه الثقافة‪ ،‬فهو يستش ًه يد باآليات القرآنية يف‬
‫الكرًن‪ ،‬كيغدك القرآف الكرًن ى‬
‫فيها‬ ‫و‬
‫برسالة إىل الشيخ بيوض ييهنِّئي يو‬ ‫توجو‬ ‫أنو‬ ‫احلصر‬ ‫ال‬ ‫ادلثاؿ‬ ‫سبيل‬ ‫كعلى‬ ‫‪،‬‬ ‫ًً (‪)3‬‬
‫كتاباتو‪،‬‬
‫ٌ‬

‫(‪ )1‬عبد الوىاب بن ضبو فخار‪ :‬احملاضرة السابقة‪.‬‬


‫(‪ )2‬زلمد صاحل ناصر‪ :‬مشايخي كما عرفتهم‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.388‬‬
‫(‪ )3‬زلمد صاحل ناصر‪ :‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.392‬‬
‫~ ‪~ 97‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫العزـ ‪ ،‬ولم‬ ‫برجوع شلتلكاتو إليو إذ يقوؿ‪ ... «:‬أستاذي إنّ ُكم اقتبستم من صب ِر أُولِي ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫والع ِش ِّي يُريدوف‬ ‫ِ‬ ‫عج ْل لهم ‪ ،‬وأنَّ َ‬ ‫تَستَ ِ‬
‫ك مع الذين يَدعُو َف ربّهم بالغَ َداة َ‬ ‫فس َ‬
‫رت نَ َ‬ ‫صبَ َ‬ ‫ك َ‬
‫ك لم تُ ِبع من أغ َف َل اهلل‬ ‫عنهم تُري ُد زينةَ الحياة الدنيا ‪ ،‬وألنّ َ‬ ‫عيناؾ ُ‬ ‫وجهوُ ‪ ،‬ولم تَػ ْع ُد َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫قلبَوُ عن ذك ِره ‪ ،‬واتَّػبَ َع َى َواهُ وكاف ُ‬
‫أمرهُ فُػ ُرطا »(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫العديد من‬ ‫األنبياء كادلرسلٌن الواردة يف القرآف الكرًن يف‬ ‫ً‬ ‫كما كاف يستش ًه يد ب ىق ً‬
‫صص‬
‫أبرز‬ ‫االقتباس كالتضم ً‬
‫ً‬ ‫و و و‬ ‫ًً ً‬ ‫ًً ً‬ ‫ًً‬
‫ٌن‪ ،‬ك ي‬ ‫ذبم يع بٌن‬ ‫يخطىبو كرسائلو كجلساتو احلميميٌة‪ ،‬بطريقة فنٌية بارعة ى‬
‫نصائح للشباب ادلنخرطٌن يف حزب جبهة التحرير‬ ‫ى‬ ‫خطبة تلك اليت قاـ فيها بتوج ًيو‬ ‫و‬

‫نردد‬
‫نصح أف ِّ‬ ‫وخير ما نُػ َزِّود ُكم بو من ٍ‬ ‫و‬
‫قصة موسى ‪ ‬فيقوؿ‪ُ «:‬‬ ‫الوطين‪ ،‬يمستىوحاة من ٌ‬
‫ض ِ‬
‫هلل يُوِرثُػ َها َم ْن‬ ‫اصبِ ُرواْ إِ َّف األ َْر َ‬ ‫استَ ِعينُوا بِ ِ‬
‫اهلل َو ْ‬ ‫على مسامعكم مقالة موسى لقومو‪ْ ﴿:‬‬
‫ُوذينَا ِم ْن قَػ ْب ِل أَ ْف‬
‫ادهِ والعاقِبةُ لِلمت َِّقين ﴾(‪ ، )2‬وإف قلتم كبني إسرائيل‪ ﴿:‬أ ِ‬
‫شاءُ م ْن عبَ َ َ َ ُ َ‬
‫يَ ِ ِ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصارـ‪:‬‬‫تَأْتِيَػنَا َوم ْن بَػ ْعد َما ِج ْئتَػنَا﴾ ‪ ...‬أجابَ ُكم لساف الحاؿ (الواقع) بجواب نبيِّ ِهم ّ‬
‫ف‬‫ض فَػيَػ ْنظَُر َك ْي َ‬ ‫ك َع ُد َّوُك ْم َويَ ْستَ ْخلِ َف ُك ْم فِي األ َْر ِ‬ ‫سى َرب ُك ْم أَ ْف يُػ ْهلِ َ‬ ‫﴿ َع َ‬
‫(‪)3‬‬

‫تَػ ْع َملُو َف﴾(‪»)4‬‬


‫ً‬
‫مصدرا للعديد من‬ ‫ن‬ ‫كىكذا صلد الشيخ ضبو فخار قد فى ًه ىم ما يف القرآف كتدبػَّىرهي‪ ،‬كازبى ىذهي‬
‫ات كالعًىرب‪.‬‬‫العًظى ً‬
‫‪ -13‬السًنة كالسنة النبوية‪:‬‬
‫كَلـ و‬
‫بارد‬ ‫لقد رفع الشيخ ضبو فخار من مستول ما كاف يلقى على بعض ادلنابر من و‬
‫ي‬
‫ظ ثقيل‪ ،‬ذلك أل ٌف يخطىبىوي كانت تتميَّػ يز خباصيتٌن اثنتٌن قىػلَّ ىما توفَّػىرتىا عند‬ ‫و‬
‫بأسلوب ف ٌ‬ ‫و‬
‫شللوؿ‬
‫ً‬ ‫ُّ‬
‫يستمد من السًنة النبوية مواق ىفوي‬ ‫اخلطباء اآلخرين علا " اإلغلاز كاإلعجاز" حيث كاف‬

‫(‪ )1‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬كاف حديثا حسنا‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫(‪ )2‬سورة األعراؼ ‪ /‬اآلية‪.128 :‬‬
‫(‪ )3‬زلمد صاحل ناصر‪ :‬مشايخي كما عرفتهم‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.395‬‬
‫(‪ )4‬سورة األعراؼ ‪ /‬اآلية‪.129 :‬‬
‫~ ‪~ 98‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫يكتفي ً‬
‫بسرد الوقائً ًع ًمن أحداث‬ ‫َلع كاس وع عليها‪ ،‬إذ ال ً‬ ‫كآراءه بطر و‬
‫يقة ُّ‬
‫تدؿ على اطِّ و‬ ‫ى‬
‫ً‬
‫احلكمة مباشرةن يسند هبا‬ ‫ات كانكسارات‪ ،‬بل كاف يذىب إىل منى ً‬
‫اط‬ ‫ات‪ ،‬كانتصار و‬ ‫كغزك و‬
‫ى‬ ‫ي‬
‫رأيىوي‪ ،‬كيػي ىؤيِّ يد موقفو(‪.)1‬‬
‫يقوؿ يف خطبة لو ربت عنواف‪" :‬اذلجرة النبوية كاذلجرة بعد الفتح"«‪ ...‬لعلّ ُكم‬
‫كل ‪ ،‬تلك‬
‫دولة لنيل الدريهمات ‪ّ ، ...‬‬ ‫دولة إلى ٍ‬‫ات من ٍ‬ ‫تظنونَنِي أعنِي ىجرَة الكفاء ِ‬
‫َ‬
‫ىجرةٌ أُري َد بها زينة الحياة الدنيا ولم يقصد بها وجوَ اهلل ‪ ،‬وإنّما أعني الهجرة من أجل‬
‫ط‬
‫محمد ‪ ‬مسق َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ح ّ‬ ‫ار َ‬
‫صرة المبادئ الخالدة السامية ‪ ،‬تلك التي من أجل َها وألجل َها بَ َ‬ ‫نُ َ‬
‫ريق إلى يثرب ىادفًا ‪ ،‬وترؾ وراءه زمرة‬ ‫ف عن البّ ِ‬‫س َ‬‫وتع َّ‬ ‫ِِ‬
‫رأسو ّأـ القرى كاس ًفا ‪َ ،‬‬
‫قاسو َف التعذيب آس ًفا »(‪.)2‬‬
‫المؤمنين يُ ُ‬
‫‪ -14‬الرتاث األديب‪:‬‬
‫و‬
‫كمقاالت كرسائً ىل‪،‬‬ ‫بكل فنوُنا يخطبنا‬
‫ذبلٌت ثقافةي الشيخ ضبو فخار األدبيٌة يف كتاباتو ٌ‬
‫َّل يف الشعر كالنثر كاحلً ىك ًم كاألمثاؿ الشعبية كاحمللٌية‪ ،‬فَل ُّ‬
‫سبر‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫ك تيراثنا أدبيِّا ىزاخنرا يتمث ي‬
‫إذ ؽلتل ي‬
‫منتجا للقصائد‬ ‫ًً‬ ‫الفقرة كالفقرتاف حّت يستش ًه ىد بالشِّعر على َّ ً‬
‫شاعرا ن‬‫الرغم من كونو ليس ن‬
‫(‪)3‬‬
‫شاعرا بادلقاصد كالغايات ‪ ،‬كإٌظلا كاف يػيىر ِّ‬
‫ص يع هبا يخطىبىوي اليت كاف من‬ ‫كاألبيات بل كاف ن‬
‫احلكمةى‬ ‫ًج‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫ب ىعلى ىيها اجلانب الفقهي على اجلانب األديب‪ ،‬لكنٌوي كاف يستخر ي‬ ‫ادلفركض أف يىغل ى‬
‫تك ًز بطبيعتً ًو على الوزف كالقافية‪ ،‬كأكعى إىل التأثًن كاحلً ً‬
‫فظ‬ ‫الشعر ادلر ً‬ ‫ك ً‬
‫ادلوعظىةى احلسنة من ٌ‬
‫التذك ًر لدل ادلستمعٌن(‪.)4‬‬
‫ك ُّ‬

‫(‪ )1‬زلمد صاحل ناصر‪ :‬مشايخي كما عرفتهم‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.397-396‬‬
‫(‪ )2‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬من خبب الجمعة إقناع لتغيير البباع وإصلح األوضاع‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.108‬‬
‫(‪ )3‬ضبو سليماف بوسعدة‪ :‬شخصية الشيخ حمو فخار األدبية ‪ ،‬ادلقابلة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )4‬زلمد صاحل ناصر‪ :‬مشايخي كما عرفتهم‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.399-398‬‬
‫~ ‪~ 99‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫كمثاؿ ذلك نَلحظو يف خطبة بعنواف "اإلجراـ عند األحداث كادلراىقٌن أسبابو‬
‫انح َللِ ِهم ‪،‬‬
‫كعَلجو"‪ ،‬فيقوؿ‪ «:‬من بين األسباب التي نذكرىا في انحراؼ المراىقين و ِ‬

‫المتخلِّية واألب المشغوؿ ‪ ...‬ثم يقوؿ‪:‬‬


‫األـ ُ‬
‫ّ‬
‫ذليل‬ ‫ىم الحياةِ َ‬
‫وخلََّفاهُ ً‬ ‫ِّ‬ ‫اليتيم من انتهى أبواهُ ِمن‬
‫يس ُ‬ ‫لَ َ‬
‫مشغوال»(‪.)1‬‬
‫َ‬ ‫أًُّما تخلّت أو أبًا‬ ‫اليتيم ىو الذي تل َقى لَوُ‬
‫إف َ‬ ‫َّ‬
‫‪ -15‬الواقع كالوقائع التارؼلية‪:‬‬
‫شلا كاف الشيخ ضبو فخار يستقي منو أدبو كأفكاره‪ ،‬ما يعيشو يف تلك األيٌاـ من‬
‫دائما ما ينبٌو إىل أعلية االعتبار من األحداث ادلعاصرة‪،‬‬
‫ككقائع تارؼليٌة‪ ،‬إذ صلده ن‬
‫ى‬ ‫أحداث‬
‫سواءن احمللٌية منها أك العادلية‪ ،‬حيث يقوؿ يف إحدل يخطىبًو‪ «:‬إ ّف الجاليات الفلسبينية‬
‫خ ‪ ،‬وال آسى عليهم في‬ ‫راحت تَػػتِيو في األرض أربعين سنة‪ ...‬لم يُسمع لهم صرا ٌ‬
‫فلما عقدوا العزـ أف يعيشوا عيش األحرار ‪ ،‬وشفعوا‬ ‫البسيبة أح ٌد من العالمين ‪ّ ،‬‬
‫صراخهم بأحجار‪ ...‬اِلتفت العالم كلّو إليهم ‪ ،‬وتح ّدثت اإلذاعات والصحف عن‬ ‫ُ‬
‫المتفرج‬ ‫يدب داخل اإلسرائيليين‪ ...‬أيها الشباب‬ ‫الشقاؽ ِ‬
‫عدالة قضيتهم‪ ...‬وىاىو ِّ‬
‫ّ‬
‫الحائر ‪ ،‬إذا كاف الشيباف قد أنساكم درس حرب التحرير بالجزائر ‪ ،‬فخذوا العبرة من‬
‫فتحركوا‬
‫العزة والسؤدد في عهدكم الوقح الغادر ‪ّ ،‬‬
‫وقائع العصر الحاضر ‪ ،‬وإذا ُرمتُم ّ‬
‫وانتفضوا‪.)2(» ...‬‬

‫( ‪)1‬‬
‫ضبو بن عمر فخار‪ :‬من خبب الجمعة إقناع لتغيير البباع وإصلح األوضاع‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ص ‪-41‬‬
‫‪.42‬‬
‫(‪ )2‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬من خبب األعياد عيد الفبر وعيد األضحى‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ص ‪.58 -57‬‬
‫~ ‪~ 100‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ثانيا‪ :‬الخصائص األسلوبية لكتاباتو‪:‬‬


‫بسم و‬
‫ات فنية أسلوبًيٌة‪ ،‬أعلٌها‪:‬‬ ‫ً‬
‫كتابات الشيخ ضبو فخار ى‬
‫ي‬ ‫تتميٌػ يز‬

‫‪ -16‬القوة كادلتانة‪:‬‬
‫السبك كالنَّظٍ ًم‪ ،‬فَل‬
‫كمتىانىةن تتجلٌياف يف ٌ‬
‫يلحظ ال ٌدارس ألسلوب الشيخ ضبو فخار قيػ َّونة ى‬
‫شب على ىذا‬ ‫ىى ٍل ىهلىةى كال ىرىكاكة‪ ،‬كال أخطاء ضلوية أك صرفية‪ ،‬كال تى ىكلُّ ى‬
‫ف كال ىرتىابىة‪ ،‬كقد َّ‬
‫أىم دكافعً ًو كأىدافً ًو‬
‫طالب دبعهد احلياة الذم كاف من ٌ‬
‫ًً‬
‫النٌحو قويِّا كمتيننا منذ بداياتو كىو ه‬
‫أحس ًن أساتذتو أمثاؿ الشيخ‬ ‫خدمةى اللٌغة العربية الفصحى استقاءن من مصادرىا‪ ،‬كعلى يد ى‬
‫بيوض كالشيخ عدكف(‪.)1‬‬
‫صلدهي أنَّوي تسته ًو ًيو احلكمة البالغة كالبيا يف الساحر‪ ،‬كمن‬
‫كإذا الحظنا أسلوبو يف الكتابة ي‬
‫خاصة حٌن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مظاىرىا تلك العقَلنيٌة اليت تدعوهي إىل عقد ادلقارنات كادلفارقات كادلقاربات‪ٌ ،‬‬
‫ً‬
‫عربا من مسًنة شيخ أك ىعلى وم من األعَلـ‪ ،‬كذلك لييش ى‬
‫يع‬ ‫يعاجل قضيٌة اجتماعيٌة‪ ،‬أك يستنبط ن‬
‫الرتابة سببنا ذلا‪،‬‬
‫كثًنا ما كاف التَّكرار ك َّ‬
‫إبعادا للملل الذم ن‬
‫جوا من احليويٌة يف ثنايىا األسلوب ن‬
‫ِّ‬
‫ب أستاذيهي الشيخ عدكف هبذه اخلاصيٌة فيو‪ ،‬فأشاد بو حيث قاؿ(‪ «:)2‬أحسنت‬ ‫ً‬
‫كلقد أيعج ى‬
‫وهلل أنت يا فريد(‪ )3‬في الغوص على ِح َك ِم اهلل وأسراره في خلقو ‪ ،‬ما أبدع ىذه‬
‫المقارنات ‪ ،‬وما أعظم توفيقك واىتداءؾ إليها ‪ ،‬وما وفّقك اهلل إليها وأجراىا على‬
‫قلمك إال ليجعل من ىذه المقارنات حقائق نؤمن بها وتُ ِرينَا عجيب أمر اهلل ‪ ،‬وتُبلِ َعنَا‬
‫على حكمتِ ِو في خلقو‪.)4(»...‬‬

‫(‪ )1‬زلمد صاحل ناصر‪ :‬مشايخي كما عرفتهم‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.401‬‬
‫(‪ )2‬زلمد صاحل ناصر‪ :‬ادلصدر نفسو‪.402 ،‬‬
‫(‪ )3‬كيقصد بو اللقب األديب الذم كاف ييوقٌع بو الشيخ ضبو فخار مقاالتو يف رللة الشباب‪.‬‬
‫( ‪)4‬‬
‫ضبو بن عمر فخار‪ :‬السر األوؿ في عبقرية األستاذ وزعامتو‪ ،‬يف مجلة الحياة‪ ،‬ع‪ ،09‬نشر صبعية الرتاث‪ ،‬القرارة‪،‬‬
‫غرداية‪ ،‬اجلزائر ‪ ،2005‬ص ‪.208‬‬
‫~ ‪~ 101‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ -17‬األسلوب التصويرم الشاعرم‪:‬‬


‫تأثٌر الشيخ ضبو فخار يف أسلوبو التصويرم بكتابات "سيد قطب" تأثرا بالغا كخباصة‬
‫الفين يف القرآف الكرًن"‪ ،‬كمن كتاب "من كحي‬
‫يف كتابيو‪" :‬يف ظَلؿ القرآف"‪" ،‬التصوير ٌ‬
‫القلم" دلصطفى صادؽ الرافعي‪ ،‬كأشعار "زلمود غينىيم" ك"أضبد شوقي" ك"حافظ إبراىيم"‬
‫كغًنىم‪ ،‬كتفسًن "التحرير كالتنوير" للشيخ الطاىر بن عاشور‪ ،‬ك تفسًن "اجلامع ألحكاـ‬
‫عجيبة على‬‫و‬ ‫القرآف" لإلماـ القرطيب(‪ ،)1‬كهبذا سبتٌ يع الشيخ ضبو فخار يف أسلوبًًو بقدرةو‬
‫يزى يد يف ذلك كال يػيغىًِّن حّت كلو كاف ادلوضوع‬ ‫تطوي ًع أساليبو الفنية ادلش ًرقة دلوضوعاتو‪ ،‬ال ى‬
‫سبكنً ًو يف‬
‫اجتماعي‪ ،‬كىذا دليل على ُّ‬
‫ه‬
‫ً‬ ‫ادلعا ىجلي ذا طاب وع سياس وي أك اقتصاد وم أك دي وين أك‬
‫ثقافتو األدبيٌة من جهة‪ ،‬كعلى قدرتًًو على ً‬
‫تقدًن أفكا ًرهً يف صوور تعبًنيٌة شاعريٌة‪ ،‬فهو الناثر‬
‫ظ اآلالؼ من األبيات الشعرية‪،‬‬ ‫بأسلوب نثرم‪ ،‬حيث ىح ًف ى‬ ‫و‬ ‫بأسلوب شعرم‪ ،‬كالشاعر‬‫و‬
‫كالنصوص احلكيمة‪ ،‬فأصبحت جزءنا من ثقافتو‪ ،‬كعَلمةن شليزة ألدبو(‪.)2‬‬
‫يقوـ بإصَلح األكضاع‬ ‫صلد أ ٌف الشيخ ضبو فخار ي‬ ‫الصور التعبًنية ي‬
‫كمن خَلؿ ىذه ي‬
‫االجتماعية بتص ًوي ًره للواقع ادلعيش‪ ،‬فيمس العديد من الشرائح االجتماعية بفقر و‬
‫ات موجزة‬ ‫ٌ‬ ‫ى‬
‫(‪)3‬‬
‫كيصر يح كيػيلى ِّم يح ذلا ‪ ،‬ففي‬ ‫ً‬ ‫و‬
‫إطناب‪ ،‬كهبذه الطريقة يينبِّوي كينتق يد‪ِّ ،‬‬ ‫و‬
‫إسهاب أك‬ ‫يمرَّكىزة دكف‬
‫فلنواظب أيّها المصلوف على أداء المكتوبات مواظبة‬ ‫ِ‬ ‫و‬
‫خطبة عن الصَلة يقوؿ‪... «:‬‬
‫(‪)4‬‬
‫الباحث عن الكنز المدفوف حتى يعثر عليو ‪ ،‬والمعلّم النصوح في تربية المأفوف‬
‫يتلمس الثريا براحتيو ‪ ،‬والببيب‬
‫حتى يرفع مستواه إليو ‪ ،‬والبالب البموح حتى ّ‬
‫(‪)5‬‬
‫دكما أف‬
‫ن‬ ‫ػلاكؿ‬
‫ي‬ ‫فهو‬ ‫‪،‬‬ ‫المخلص في علج المجنوف حتى يضع عقلو في يديو‪»...‬‬

‫(‪ )1‬ضبو سليماف بوسعدة‪ :‬شخصية الشيخ حمو فخار األدبية ‪ ،‬ادلقابلة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )2‬زلمد صاحل ناصر‪ :‬مشايخي كما عرفتهم‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.403‬‬
‫(‪ )3‬زلمد صاحل ناصر‪ :‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.404‬‬
‫( ‪)4‬‬
‫أفٌن كمأفو هف‪ :‬أم ضعيف العقل كالرأم‪ .‬للمزيد يينظر‪ :‬ابن منظور‪ :‬لساف العرب‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬مج‪ ،1‬ص ‪.168‬‬
‫رجل ه‬‫ه‬
‫(‪ )5‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬من خبب الجمعة إقناع لتغيير البباع وإصلح األوضاع‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.77‬‬
‫~ ‪~ 102‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫الثقل الذم‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫ًً ًً‬


‫تك ي‬ ‫التزم ي‬
‫ِّـ كتابىاتو لقارئو أك يمتلقِّيو بأسلوب ظريف طريف‪ ،‬ليس فيو ىذا ٌ‬ ‫ييقد ى‬
‫ظ يف كثًن من الكتابات‪ ،‬ال سيما خطب اجلمعة اليت تىػ ىع َّوىد اخليطىبىاء أف يطبعوىا‬ ‫ييَلح ي‬
‫بًطىابىع اجل ٌد ٌ‬
‫الصارـ كالوعظ احلا ًزـ(‪.)1‬‬
‫‪ -18‬السجع الطوعي كالرتادؼ الصويت‪:‬‬
‫أضحى السجع يف كل العصور يم ىَل ًزنما للنثر الفين لزكـ القافية للشعر‪ ،‬تيزيِّ ين الكَلـ‪،‬‬
‫فس‬ ‫الن‬
‫ٌ‬ ‫ت‬ ‫ل‬
‫ى‬ ‫بإيقاع ًو‪ ،‬فقد يجبً‬
‫ً‬ ‫س‬ ‫ن‬
‫ى‬ ‫كتأ‬ ‫‪،‬‬ ‫مساع ً‬
‫و‬ ‫عليو جرسا شلتعا ترتاح النٌفس إىل ً‬ ‫ضفي ً‬ ‫كتي ً‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫اإليقاع كلو تظاىرت بغًن ذلك عند االستماع‪ ،‬كالشيخ ضبو فخار‬ ‫ً‬ ‫حب‬
‫اإلنسانيٌة على ٌ‬
‫من الذين غليدكف استخداـ السجع يف الكَلـ عن طواعيٌة كعف ًوية كدكظلا تكلٌف كتصنُّع‪،‬‬
‫ً‬
‫كشلا ساعده على ىذا امتَلكوي الق ًوم لناصيىة بياف اللغة العربية‪ ،‬كاطٌَلعيوي الو ي‬
‫اسع على‬
‫متأص ولة(‪.)2‬‬ ‫بثقافة و‬
‫قرآنية ِّ‬ ‫آداهبا‪ ،‬كسبتُّعًو و‬
‫ككدليل على ىذه اخلاصية يف كتابة الشيخ ضبو فخار يقوؿ يف خطبة عنواُنا " اتقوا‬
‫اهلل يف النساء"‪ «:‬فالخبر يا عباد اهلل ليس في النمو الديموغرافي ‪ ،‬ولكن في سلب‬

‫الوفي المخلص الصافي ‪ ،‬فأعيدوا للبيت األـ التي تخلَّت ‪ ،‬وتَػ َع َّه ُد َ‬
‫وىا‬ ‫المنزؿ راعيَو َّ‬
‫استقرت ‪ ،‬تُنجب‬ ‫ّ‬ ‫قومات التي تُغنِ َيها عن الخروج تَػ َروا منها العجب العُ َجاب متى‬
‫بالم ِّ‬
‫ُ‬
‫وجيل ‪ ،‬كما‬ ‫جيل ً‬ ‫لكم األحرار وتُب ِرُز لكم األخيار ‪ ،‬فإنها قادرةٌ أف ترعى في البيت ً‬
‫وإال تفعلوا كاف لها في النهار‬
‫ورعيل ‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫استباعت أف تعلِّم في غرفة الدرس ً‬
‫رعيل‬
‫طويل ‪ ،‬وأخذكم اهلل بذنبِ َها أخ ًذا ً‬
‫وبيل»(‪.)3‬‬ ‫سبحا ً‬
‫ً‬

‫(‪ )1‬زلمد صاحل ناصر‪ :‬مشايخي كما عرفتهم‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.405‬‬
‫(‪ )2‬زلمد صاحل ناصر‪ :‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.407‬‬
‫(‪ )3‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬من خبب الجمعة ترسيخ للعقيدة وتقويم للخلق‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.126‬‬
‫~ ‪~ 103‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫المبحث الثالث‪ُ :‬مراسلتو واىتمامو باللغة العربية‪:‬‬

‫أوال‪ُ :‬مراسلتو(‪:)1‬‬
‫كتابات الشيخ ضبو فخار يف الكتب كادلقاالت كاخلطب كاحملاضرات فحسب‪ ،‬بل‬ ‫ي‬ ‫مل تنحصر‬
‫خطَّت ؽلينو من صنوؼ الرسائل ما غلعلو مصلًحا رائً ندا كاف لو من س ىد ًاد الرأم كب ً‬
‫عد النٌظر كقوة‬‫ٌ ي‬ ‫ى‬ ‫ي ن‬ ‫يي‬ ‫ى‬
‫يتبوأى تلك ادلنزلة الرفيعة بٌن‬ ‫كصبيل اخللق ً‬
‫كمست التٌواضع‪ ،‬ما َّأىلىوي أف َّ‬ ‫كثبات الشخصية ً‬‫ً‬ ‫احلي ٌجة‬
‫رلتمعو كأ َّيمتً ًو(‪.)2‬‬

‫كبًنا رغم مشاغلو يف جبهات العمل الرتبوم‬ ‫اىتماما ن‬


‫ن‬ ‫كقد أكىل الشيخ ضبو فخار للرسائل‬
‫كاالجتماعي‪ ،‬كاستنزاؼ أعباء اإلصَلح العاـ دلعظى ًم أكقاتًًو كطاقتً ًو‪ ،‬شلا ػليوليوي دكف االىتماـ بالكتابة‬
‫صربا كعزؽلةن يف االىتماـ بادلراسلة(‪ ،)3‬رغم نقص اإلمكانيات فيقوؿ‬ ‫التفرًغ ذلا‪ ،‬لكن الشيخ أكيت ن‬
‫ك ُّ‬
‫عن ذلك‪ ... «:‬الرسالة وما أدراؾ ما الرسالة ‪ ...‬وكم كانت حسرتي أني ال أملك في القديم‬
‫ناسخة العصر ‪ ،‬إذف لكاف عندي من ذلك مجلدات»(‪.)4‬‬

‫ادلرس ًل إليهم‪ ،‬فحيننا يرسلي ىها‬


‫اعا شّت من الرسائل حسب ى‬
‫كيضم أرشيف الشيخ ضبو فخار أنو ن‬
‫ُّ‬
‫ابتداءن منو‪ ،‬كأحيانا تكوف جوابنا على رسائلهم‪ ،‬ففيها اإلخوانيات‪ ،‬كاإلداريات‪ ،‬كرسائل النُّصح‬
‫صنوؼ شّت من طبقات اجملتمع‪ ،‬من ادلشايً ًخ‬ ‫و‬ ‫كاإلرشاد‪ ،‬كأسئلة االستفتاء كأجوبة اإلفتاء‪ ،‬مع‬
‫اخلَلف‪ ،‬إىل ادلسؤكلٌن كاإلداريٌن‪ ،‬إىل ادلربٌٌن كادلعلٌمٌن‪ ،‬إىل الشباب‬ ‫ً‬
‫األصدقاء ك ٌ‬ ‫ك ً‬
‫األعياف‪ ،‬إىل‬
‫كالطلبة كالباحثٌن كالصحفيٌن‪ ،‬كتتمحور موضوعات ىذه الرسائل حوؿ قضيٌة جوىريٌة‪ ،‬كىي‬

‫(‪ )1‬يينظر ادللحق رقم ‪.15‬‬


‫( ‪)2‬‬
‫مصطفى بن صاحل باجو‪ :‬معالم شخصية الشيخ حمو فخار من خلؿ مراسلتو‪ ،‬زلاضرة مرقونة ألقيت يف الملتقى‬
‫الوطني األوؿ حوؿ فكر القائد الرمز الشيخ حمو بن عمر فخار‪ ،‬دبسجد بابا السعد الغريب‪ ،‬غرداية ‪ 14 /11‬جويلية‬
‫‪2006‬ـ‪ ،‬ص ‪.02‬‬
‫(‪ )3‬مصطفى بن صاحل باجو‪ :‬ادلرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.03‬‬
‫(‪ )4‬زلمد صاحل ناصر‪ :‬مشايخي كما عرفتهم‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.446‬‬
‫~ ‪~ 104‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ً‬
‫كتقدًن يد العوف ذلم دبا استطاع‪ ،‬فكاف‬ ‫كحل مشاكلهم‪،‬‬
‫خدمة الناس كادلسارعة إىل قضاء مآرهبم ِّ‬
‫ػلرص على اجلواب عن الرسائل ً‬
‫كيباد ير بو(‪.)1‬‬ ‫ٌ‬
‫ثانيا‪ :‬مميزات رسائلو‪:‬‬
‫سبيَّػزت رسائل الشيخ ضبو فخار و‬
‫جبملة من اخلصائص أبرزىا‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ى‬
‫كتنقيحا‬
‫ن‬ ‫يكتب‪ ،‬تأنػُّ نقا يف العبارة ك ن‬
‫اختيارا ألحسنها‪ ،‬كمراجعةن كهتذيبنا‪،‬‬ ‫ي‬ ‫‪ -19‬عنايتيوي دبا‬

‫سر ذلك عليو‪ ،‬كما ييكابً يدهي‬ ‫صِّر يح دبعاناتو آالـ الكتابة كيشكو عي ى‬
‫كتعديَل‪ ،‬كقد كاف يي ى‬‫ن‬
‫يج خط وبة أك و‬
‫رسالة(‪.)2‬‬ ‫من مشق وَّة يف تدبً ً‬
‫كآثارا‪ ،‬كسَلسة‬ ‫ًً‬
‫كشعرا ن‬
‫سن توظيفو لرصيده ادلعريف من الرتاث األديب‪ ،‬قرآنا كحديثنا‪ ،‬ن‬ ‫‪ -20‬يح ي‬
‫كرسائل‪.‬‬ ‫و‬
‫كمقاالت‬ ‫عباراتًًو‪ ،‬كتلك مسةه طبعت كتابىاتًًو كلَّها‪ ،‬خطبنا‬
‫ى‬
‫‪ -21‬احلكمة يف التوجيو كالتصويب‪ ،‬فلم يكن يف ً‬
‫نقدهً للخطأ‪ ،‬سواءن صدر من كب وًن أـ‬
‫حبكمة كبصًنةو حّت يعود بو إىل سو ًاء‬
‫و‬ ‫األخذ بيد ادلخطئ‬‫فق ك ً‬ ‫مثاال للر ً‬
‫صغًن ٌإال ن ٌ‬
‫و‬
‫السبيل عن و‬
‫قناعة كاختيار‪.‬‬
‫‪ -22‬تشجيعو للطلبة عند النجاح‪ ،‬كربفيزىم لَلستمرار بواسطة رسائل التشجيع ك ً‬
‫التأييد‬ ‫يي‬ ‫يي‬
‫اىم بالصرب كالتضحية كعدـ الوقوؼ دكف الغاية الكربل‪،‬‬ ‫ناصحا إيٌ ي‬
‫ن‬ ‫كطلب ادلزيد‪،‬‬
‫سبيَل كمطيٌةن للفوًز يوـ اجلزاء‪ ،‬كما كاف يؼلف ي‬
‫ِّف من كق ًع‬ ‫الدنيى ًوم ن‬ ‫ك ٌازباذ النجاح ي‬
‫للقياـ من عثرتًًو كاحملاكلة من جديد(‪.)3‬‬ ‫الصدمة على من مل يػلالًفوي احل ٌ‬
‫ظ‪ ،‬فيحفِّزه ً‬
‫يي‬ ‫ٌ‬

‫(‪ )1‬مصطفى بن صاحل باجو‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.06 -05‬‬


‫(‪ )2‬مصطفى بن صاحل باجو‪ :‬ادلرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.08‬‬
‫(‪ )3‬نفسو‪ ،‬ص ‪.09‬‬
‫~ ‪~ 105‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫رصوي على زلاربة التواكل كالوىن‪ ،‬كربفيز من ير ًاسليوي على التحلٌي بالعزؽلة كاإلرادة‪،‬‬ ‫ً‬
‫‪ -23‬ح ي‬
‫بٌن ذلم كيف تصنع اإلرادة ادلعجزات‪ ،‬كبادلقابل يػل ٌذ يريىم من االنبهار كالغركر الذم‬‫كيي ي‬
‫ً ً‬
‫يتسلَّ يل إىل ضعاؼ النفوس كما ى‬
‫ينجُّر عنوي من عواقب(‪.)1‬‬
‫شديدا من باب األمانة‬
‫حرصا ن‬ ‫يخ يمراسَلتو بالتاريخ اذلجرم كادليَلدم ن‬ ‫‪ -24‬حرصو على تأ ًر ً‬
‫التارؼلية‪.‬‬
‫‪ -25‬دمج كتغذية رسائلو ببعض األحداث السائرة يوـ أك شهر إرسالو ذلا‪ ،‬كذلك بازباذىا‬
‫فن الرتاسل(‪.)2‬‬
‫مادة أدبيةن يف ٌ‬
‫اىتماموُ البالغ باللغة العربية‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ثالثا‪:‬‬
‫كاكب الشيخ ضبو فخار نيظرائو يف العامل العريب كاإلسَلمي‪ ،‬من خَلؿ حبٌو الشديد ذلؤالء‬
‫األقطاب كتأثًُّرهً هبم كبكتاباهتم األدبية الفنية عن اللغة العربية‪ ،‬أمثاؿ عبد الرضبن الكواكيب(‪ )3‬ككتابًًو‬
‫"فيض اخلاطر"‪ ،‬كحافظ إبراىيم كقصيدتو "لساف اللغة‬
‫ي‬ ‫"طبائع االستبداد"‪ ،‬كأضبد أمٌن(‪ )4‬ككتابو‬
‫العربية"‪ ،‬كما كاف يستشهد خبطابات الشيخ بيوض كأشعار أضبد شوقي كمفدم زكرياء‪ ،‬حّت‬

‫(‪ )1‬مصطفى بن صاحل باجو‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬


‫(‪ )2‬ضبو سليماف بوسعدة‪ :‬شخصية الشيخ حمو فخار األدبية ‪ ،‬ادلقابلة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )3‬عبد الرضبن الكواكيب (‪1902 -1854‬ـ)‪ :‬كلد دبدينة حلب بسوريا‪ ،‬تلقى تعليمو ىناؾ‪ ،‬يف سنة ‪1899‬ـ‪ ،‬ىرب إىل‬
‫القاىرة نتيجة اضطهاده من طرؼ العثمانيٌن‪ ،‬لو العديد من الرحَلت إىل سلتلف أصقاع العامل اإلسَلمي‪ ،‬ترؾ العديد من‬
‫ادلقاالت الصحفية كالكتب اليت ينادم فيها بالتحرر كاإلصَلح أعلها "أـ القرل"‪" ،‬طبائع االستبداد كمصارع االستعباد"‪.‬‬
‫للمزيد يينظر‪ :‬صَلح زكي أضبد‪ :‬أعلـ النهضة العربية اإلسلمية في العصر الحديث‪ ،‬مركز احلضارة العربية‪ ،‬ط‪ ،1‬القاىرة‬
‫‪2001‬ـ‪ ،‬ص ص ‪.55 ،49‬‬
‫(‪ )4‬أضبد أمٌن (‪1954 -1886‬ـ)‪ :‬كلد بالقاىرة دبصر‪ ،‬درس يف األزىر‪ ،‬كاف متضلعا يف علوـ الدين كاللغة‪ ،‬كعلو يف الكتابة‬
‫توىل اإلدارة الثقافية جبامعة الدكؿ العربية‪ ،‬ألٌف طواؿ حياتو ‪ 29‬كتابا‪ ،‬أبرزىا‪" :‬فجر‬
‫أف يقرر كيقنع‪ ،‬ال أف يؤثر كؽلتع‪ٌ ،‬‬
‫اإلسَلـ"‪" ،‬ضحى اإلسَلـ"‪" ،‬ظهر اإلسَلـ" كىي يف تسعة أجزاء‪ .‬للمزيد يينظر‪ :‬صَلح زكي أضبد‪ :‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ص‬
‫‪.123 -117‬‬
‫~ ‪~ 106‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫و‬
‫معرض لألدباء‪ ،‬فهو متأثر هبؤالء الشعراء‬ ‫يشعر ككأنَّوي أماـ‬ ‫ًً‬
‫ليجعل ادلستمع خلطبو كدركسو ي‬
‫كاألدباء‪ ،‬كيؤثر بكتاباهتم يف رلتمعو(‪.)1‬‬

‫اىتماما بالغنا كعناية فائقة يف حياتو اليومية‪ ،‬فقد‬


‫ن‬ ‫أكىل الشيخ ضبو فخار للٌغة العربية‬
‫ص يع رللة‬
‫ىاما يف يومياتو‪ ،‬كاعتىن هبا منذ أياـ دراستو بالقرارة حٌن كاف يػيىر ِّ‬ ‫ىشغىلىت عنده حيٌػنزا ن‬
‫مفتاح الكتابة كاخلطابة‪،‬‬
‫ي‬ ‫الشباب دبقاالتو الراقية كليغتً ًو الرصينة‪ ،‬فهو يرل بأ ٌف اللغة العربية ىي‬
‫ك العديد من ادلدا ًرس كاجلمعيات الثقافية‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ً‬
‫س لذل ى‬ ‫أس ى‬
‫ػلرص على تعليم ىها لتَلميذه‪ ،‬ك ٌ‬ ‫ي‬ ‫لذلك كاف‬
‫كشعرا(‪.)2‬‬
‫كالفنٌية يىػتىبى ىارل فيها الطلبة خطابةن ن‬
‫ككغًنه من ٌركاد احلركة اإلصَلحية الذين رفعوا شعار "اجلزائر كطننا كاإلسَلـ ديننا كاللغة‬
‫العربية لغتنا كاألمازيغية ىويتنا"‪ ،‬فإننا صلد الشيخ ضبو فخار قد ازبذ اللغة العربية الفصيحة بالدرجة‬
‫حرص ًو الشديد كثنائًًو ادلستمر‬
‫األكىل كسيلةن إلصَلح اجملتمع كزلاربة الفساد‪ ،‬كذلك من خَلؿ ً‬

‫صر على النبق بلغة العرب األقحاح ‪ ،‬كما لو أنّػنَا بسوؽ‬ ‫عليها حيث يقوؿ‪ «:‬يجب أف نُ َّ‬
‫لألرض ‪ ،‬التي ُكتِب‬
‫ِ‬ ‫السماء‬
‫طلوةً فحسب ‪ ،‬بل ألنّػ َها لُغة ّ‬
‫عكاظ ‪ ،‬ال أل ّف لها حلوةً وعليها َ‬
‫يوصي اخلطباء كغًنىم باالعتزا ًز هبا ك ً‬
‫احلفاظ عليها‬ ‫الخلود إلى قياـ الساعة‪ ،)3(»...‬كما ً‬
‫ُ‬ ‫لها‬
‫ى‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫وجوب االعتزا ِز بالعربيّة‬ ‫قائَل‪ «:‬أخي الخبيب ال تعجب إذا ما رأيتني أُ ِ‬
‫بدئ القوؿ وأعي ُد في‬ ‫ن‬
‫سليل اللغة المزابية ‪ ،‬فإنما أر ّدد صيحة أعلـ الجزائر في الشعر والنثر ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والحفاظ عليها وأنا ُ‬
‫عربني اإلسلـ ‪ ،‬وخلّد العربية للجزائر‬ ‫وعلى رأسهم اإلماـ ابن باديس الذي قاؿ‪ :‬أنا أمازيغي ّ‬
‫بقصيدتو المشهورة ‪ ،‬حيث يقوؿ في مستهلها‪:‬‬
‫وإلى العروبة ينتسب‬ ‫شعب الجزائر مسلم‬

‫(‪ )1‬ضبو سليماف بوسعدة‪ :‬شخصية الشيخ حمو فخار األدبية ‪ ،‬ادلقابلة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )2‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬من خبب الجمعة إقناع لتغيير البباع وإصلح األوضاع‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ط‪.‬‬
‫(‪ )3‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص م‪.‬‬
‫~ ‪~ 107‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫(‪)1‬‬
‫أو قاؿ مات فقد كذب‬ ‫من قاؿ حاد عن أصلو‬
‫كيعود اىتماـ الشيخ ضبو فخار باللٌغة العربية كدعوتو لنصرهتا إىل كوف العديد من الناس‬
‫يمة أك أعليٌة أك يؼللًطوُنا بلغة الشارع أك ليغة ادلستعمر فيقوؿ‪ «:‬إنّما‬
‫أصبحوا ال يوليوف ذلا أم قً و‬
‫ٌ‬ ‫ي‬
‫أجياال في العرب شرقًا وغربًا قد نشأت في ّأم ٍية بها ‪،‬‬ ‫يب باألبناء لنصرة العربية أل ّف‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫أَى ُ‬
‫يقيم لها وزنًا‬ ‫بعضهم يجهلها بتاتًا ‪ ،‬وبعضهم يعرفها َّ‬
‫ويتنك ُر لها عم ًدا ‪ ،‬وأخ ّفهم عداوةً من ال ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫ِّمهم ألداء خطب اجلمعة أك دركس‬
‫قد‬
‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫الذين‬ ‫لتَلميذه‬ ‫التصويبات‬ ‫توجيو‬ ‫على‬ ‫ػلرص‬ ‫كما‬ ‫‪،‬‬ ‫»‬
‫الوعظ أك كلمات التهاين العرسية‪ ،‬كال يقبل منهم الوقوع يف أخطاء لغوية أك ضلويٌة فيقوؿ‪ «:‬الخبأ‬
‫علي‬
‫علي لوجدتني على األرض مغشيًّا مغمى ّ‬
‫اللغوي بمثابة مسمار يثقب أذني‪ ...‬لو أعدتها َّ‬
‫فهمو ىو زبريج و‬
‫طلبة من اخليطباء كالشعراء كاألدباء(‪.)3‬‬ ‫»‪ُّ ،‬‬
‫ي‬
‫كيتوجوي الشيخ ضبو فخار باللٌوـ كالعتاب على الذين يستهزؤكف باللٌغة العربية فيقوؿ‪ «:‬إف‬
‫َّ‬
‫معالمها في‬
‫َ‬ ‫طمسها وطمس‬‫َ‬ ‫آجل إلى‬
‫عاجل أو ً‬‫حتما إف ً‬‫سيؤدي ً‬ ‫التسيّب في لُغتِنَا الوطنية ِّ‬
‫ِ‬
‫األخباء في العربية‬ ‫فاحش‬ ‫الدستور والمدارس وال ّدواوي ِن‪ ، ...‬ولقد استشرى مع األسف‬
‫ُ‬
‫حتى في بعض َح َملَ ِة الشهادات من أبناء الوطن »(‪.)4‬‬

‫ومما سبق يمكن القوؿ‪:‬‬

‫استغل الشيخ ضبو فخار مناصبىو كأدك ىاره االجتماعية لرتكيج أفكاره اإلصَلحية‪ ،‬كزلاربة‬
‫ٌ‬ ‫‪-1‬‬
‫البً ً‬
‫دع كادلخالفات الدينية داخل اجملتمع‪ ،‬كعمل من خَلؿ دركسو كزلاضراتو على تغيًن‬
‫الطٌباع السيئة‪ ،‬كإصَلح األكضاع العامة يف مزاب‪.‬‬

‫(‪ )1‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬من خبب الجمعة إقناع لتغيير البباع وإصلح األوضاع‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ص ؾ‪ -‬ؿ‪.‬‬
‫(‪ )2‬ضبو بن عمر فخار‪ :‬مرحبا بالتاريخ يعيد نفسو‪ ،‬يف مجلة الحياة‪ ،‬ع‪ ،1‬ادلطبعة العربية‪ ،‬ط‪ ،1‬اجلزائر ‪ ،1998‬ص ‪.10‬‬
‫(‪ )3‬ضبو سليماف بوسعدة‪ :‬شخصية الشيخ حمو فخار األدبية ‪ ،‬ادلقابلة السابقة‪.‬‬
‫(‪ )4‬ضبو سليماف بوسعدة‪ :‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫~ ‪~ 108‬‬
‫آثار الشيخ حمو فخار الفكرية‬ ‫الفصل الرابع‬

‫يعاجل يف خطبو ع ٌدة مواضيع منها ما كانت تتح ٌدث عن العَلقة بٌن ً‬
‫العبد كربٌو‪ ،‬كعن‬ ‫‪-2‬‬
‫ادلسلم مع رلتمعو‪ ،‬كعن ادلشاكل االجتماعية اليت تنشأ من قًبى ًل الشباب‪ ،‬فلم ييغفل‬
‫جانب ادلرأة كادلريض‪ ،‬فكانت رلمل خطبو تعاجل اجلانب االجتماعي‪.‬‬
‫استغل الشيخ ضبو فخار منرب ادلسجد دلعاجلة قضايا األمة اجلزائرية كالعامل اإلسَلمي‪،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫كطبعها يف مؤلفاتو‪ ،‬فكتب يف اجلانب اإلصَلحي كالديين كاالجتماعي كالرتبوم‬
‫كالسياسي‪ ،‬ككتب يف القضايا العادلية كغًنىا‪ ،‬فتميٌزت كتاباتو بالتحليل كالنقد البناء‪.‬‬
‫أبعاد اجتماعية كأخوية صادقة‪،‬‬‫تع ٌد رسائل الشيخ ضبو فخار اليت كاف ير ًاسليها ذات و‬ ‫‪-4‬‬
‫ي‬
‫فشملت اجلانب اإلصَلحي كالديين كالسياسي كاالجتماعي كاالقتصادم كاألسرم‬
‫كمست معظم أطياؼ اجملتمع كاذليئات العرفية كالرمسية‪ ،‬فغدت بذلك أرشي نفا‬
‫كاإلدارم‪ٌ ،‬‬
‫تارؼلينا دلختلف األحداث من هتاين كتعازم ككقائع تارؼلية كغًنىا‪.‬‬
‫رفع الشيخ ضبو فخار من شأف العلم كأىلًو‪ ،‬كأكىل عناية خاصة لألدب كاللغة العربية‬ ‫‪-5‬‬
‫السماء‬
‫من خَلؿ مؤلفاتو كمقاالتو كخطبو‪ ،‬كساىم كثًنا يف الدفاع عنها باعتبارىا ليغة ٌ‬
‫الساعة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اخللود إىل قياـ ٌ‬
‫لألرض‪ ،‬اليت يكتب ذلا ي‬

‫~ ‪~ 109‬‬
‫الخـ ــات ـمــة‬
‫اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ‬

‫اﺗﻀﺢ ﱄ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﳌﺘﻮاﺿﻊ أن ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر ﻣﻦ‬
‫ﻧﻈﺮا ﳌﺴﺘﻮاﻫﺎ اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﻔﻜﺮي وإﳝﺎ ﺎ‬ ‫ِ‬
‫وﺟ ُﻬﻮدﻫﺎ اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ً‬
‫اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﻔ ّﺬة واﻟﺜﺮﻳﺔ ﺑﺄﻋﻤﺎﳍﺎ ُ‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﰲ أﺛﻨﺎء اﻟﻮﺟﻮد اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري‪ ،‬وﰲ‬
‫ﻟﻸﻣﺔ اﳉﺰاﺋﺮﻳﺔ ّ‬
‫اﻟﺮاﺳﺦ ﺑﺎﳊﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﳌﻘ ﱢﻮﻣﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ّ‬‫ّ‬
‫دﻓﺎﻋﺎ ﻋﻦ دﻳﻨﻪ‪ ،‬وﻟﻐﺘﻪ‪ ،‬ووﻃﻨﻪ‪ ،‬وﺑﻌﺪ ﻫﺬﻩ‬
‫ﻛﻞ وﻗﺘﻪ وﺟﻬﺪﻩ ً‬
‫ﻓﱰة ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻻﺳﺘﻘﻼل‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ َﻛﱠﺮس ّ‬
‫ﺺ إﱃ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺗﺆﻛﺪ اﳉﻬﻮد اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ﻟﻠﺸﻴﺦ‪ ،‬وﻣﻦ أﳘّﻬﺎ‪:‬‬
‫اﻟﺪراﺳﺔ ﳝﻜﻦ أن أﺧﻠُ َ‬
‫دورا ﻫﺎﻣﺎ ﰲ وﺟﻮد ﳎﺘﻤﻊ ﳏﻠﻲ اﺳﺘﻤﺮ ﰲ اﳊﻴﺎة اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ‬
‫‪ .1‬ﻟﻌﺒﺖ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﳌﺰاب ً‬
‫ﳕﻂ ﻣﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت وﻇﺮوف ﺣﻴﺎةٍ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻨﻪ ﻋﱪ اﻟﺰﻣﻦ وﺣﺪ ًة اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔً ذات‬ ‫ِوﻓﻖ ٍ‬
‫َ‬
‫ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ وﲤﻴّﺰ ﻋﻦ ﺑﺎﻗﻲ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ‪.‬‬
‫‪ .2‬ﺳﺎﳘﺖ اﻷوﺿﺎع اﻟﻌﺎﻣﺔ ﳌﺰاب ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن ‪20‬م ﰲ إﺣﻴﺎء ﺿﻤﺎﺋﺮ اﳌﺼﻠﺤﲔ اﻟﺬﻳﻦ ﲝﺜﻮا‬
‫ﻋﻦ اﻟﺘﻐﻴﲑ ﰲ اﳌﺪارس‪ ،‬واﺳﺘﻐﻠّﻮا اﳌﺴﺎﺟﺪ ﻟﻸﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮوف واﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﳌﻨﻜﺮ‪ ،‬وإﺻﻼح‬
‫اﻟﺘﻌﺼﺐ واﻟﺘﻔﺮﻗﺔ‪.‬‬ ‫ﺷﺨﺼﻴﺔ و ٍ‬
‫ٍ‬
‫ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ ّ‬
‫اﻋﻴﺔ ﲟﺼﲑ أﻣﺘﻬﺎ ً‬ ‫ا ﺘﻤﻊ وﺑﻨﺎء‬
‫‪ .3‬إ ّن ﻇﻬﻮر اﳊﺮﻛﺔ اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ﰲ اﳉﺰاﺋﺮ ﰲ اﻟﻘﺮن ‪19‬م وأواﺋﻞ اﻟﻘﺮن ‪20‬م ﻫﻮ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﻘﻬﺮ‬
‫اﻟﺬي ﻟﻘﻴَﻪُ اﻟﺸﻌﺐ اﳉﺰاﺋﺮي ﻣﻦ ﻃﺮف اﶈﺘﻞ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻓﺘﻨﻮﻋﺖ أﺳﺎﻟﻴﺐ اﳌﻘﺎوﻣﺔ ﺑﲔ‬
‫اﻟﺴﻼح واﻟﻌﻠﻢ‪.‬‬
‫‪ .4‬ﻟﻘﺪ ﻋﺎش اﻟﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر ﻃﻔﻮﻟﺔً ﺻﻌﺒﺔً ﻧﺘﻴﺠﺔ وﻓﺎة واﻟﺪﻩ‪ ،‬واﻏﱰاﺑﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻋﻦ‬
‫ﻣﺴﻘﻂ رأﺳﻪ ﺛﻼث ﺳﻨﲔ ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﰒ ﺗﻨﻘﻠﻪ ﻟﻠﻘﺮارة ﳌﺪة ﲦﺎﱐ ﺳﻨﲔ ﳌﺰاوﻟﺔ ﺗﻌﻠﻴﻤﻪ ﲟﻌﻬﺪ‬
‫اﳊﻴﺎة‪ ،‬وﻫﺬا ﻣﺎ ﺳﺎﻫﻢ ﰲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ‪.‬‬
‫‪ .5‬ﻳﻌﺘﱪ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﳌﺴﺠﺪي واﳌﺸﻴَ ِﺨﻲ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﱵ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﻣﻨﻬﺎ اﳊﺮﻛﺔ اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ﰲ ﻣﺰاب‬
‫رﻏﻢ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻧﻘﺎﺋﺺ‪.‬‬
‫‪ .6‬ﺗُﻌﺘﺒَـ ُﺮ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر ّأﻣﺔً ﰲ ﺻﻔﺎ ﺎ‪ ،‬ﳌﺎ ﳝﺘﻠﻚ ﻣﻦ ﺻﻔﺎت اﳊﻴﻮﻳﺔ واﳊﻨﻜﺔ‬
‫ﺼﻠﺤﺎ‪ ،‬ﻓﺎرﺗﺒﻂ اﲰﻪ ﺑﺎﻟﱰﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ‪.‬‬
‫ﻗﺎﺋﺪا ُﻣ ً‬
‫واﻟ ّﺪﻫﺎء اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‪ ،‬واﻟﱵ ّأﻫﻠﺘﻪ ﻟﻴﻜﻮن ً‬

‫~ ‪~ 110‬‬
‫اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ‬

‫‪ .7‬ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﺪارس واﳌﺴﺎﺟﺪ ﲟﺰاب وﺧﺎرﺟﻪ ﲦﺮة ﺟﻬﻮد اﻟﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر وﻣﻦ‬
‫ﻣﻌﻪ ﻣﻦ ُرّواد اﳊﺮﻛﺔ اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ‪ ،‬واﻟﱵ ﺳﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻣﻨﺎﻫﺠﻬﺎ وﺑﺮاﳎﻬﺎ‪ ،‬ودروس‬
‫ﺷﺪ ِ‬
‫وﻫﺪاﻳَﺔ ووﺣﺪة ﺑﲔ اﳌﺴﻠﻤﲔ ﻛﺎﻓّﺔ ﻣﻬﻤﺎ‬ ‫ات ر ٍ‬
‫ِ‬
‫أﺿﺤﺖ ﻣﻨﺎر ُ‬
‫اﻟﻮﻋﻆ واﳋﻄﺐ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﺣﱴ َ‬
‫ﺗﺒﺎﻳﻨﺖ ﻣﺬاﻫﺒﻬﻢ اﻟ ّﺪﻳﻨﻴﺔ‪.‬‬
‫‪ .8‬رﻏﻢ ﺗﻄﻮر اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﰲ ﻣﺰاب ﻋﱪ ﻣﺮاﺣﻠﻪ ﻟﻜﻨّﻪ ﱂ ﻳﺼﻞ إﱃ اﳌﻨﺎﻫﺞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﳌﻌﻤﻮل ﺎ ﰲ‬
‫ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻠﺪان اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬وﱂ ﻳُﺘِﺢ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺘﻌﻠﱡ ِﻢ اﳌﺮأة ﰲ ﻣﺪارس ﻧﻈﺎﻣﻴﺔ‪ ،‬رﻏﻢ وﺟﻮد ﻋﺎﳌﺎت‬
‫ﺤﻦ ﺑﻴﻮ ﻦ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ‪.‬‬
‫ﻓَـﺘَ َ‬
‫‪ .9‬ﺳﺎﻫﻢ اﻟﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر ﰲ ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳉﻤﻌﻴﺎت واﳌﻨﻈّﻤﺎت ﻟﺘﺄﻃ ِﲑ اﻟﺸﺒﺎب‪،‬‬
‫ﻓﻬﻮ ﻳُﺆﻣﻦ ﺑﻀﺮورة اﳔﺮاط اﻟﻔﺮد ﰲ اﳉﻤﻌﻴﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻨﺸﺌﺘﻪ وﺗﺮﺑﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﲢ ﱡﻤﻞ اﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ‬
‫ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ ﰲ ﳎﺘﻤﻌﻪ‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .10‬ﻳُﻌﺘﱪ اﻟﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر ﻗُﻄﺒًﺎ ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﳊﻜﻴﻤﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ُﻣﻄﱠﻠِ ًﻌﺎ ﻋﻠﻰ اﻷوﺿﺎع اﶈﻠﻴﺔ‬
‫ﻟﻜﻞ‬ ‫ِ‬
‫واﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﳝﺘﺎز ﺑﺎﳊﻨﻜﺔ واﻟ ّﺪﻫﺎء اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺬي ﳝَُﻜﻨُﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﺼ ّﺪي ّ‬
‫اﳌﺸﺎﻛﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻄﺎرﺋﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻴﺎت ﰲ آن واﺣﺪ رﻏﻢ ﺛﻘﻞ‬ ‫ﻣﻬﺎم وﻣﺴﺆو ٍ‬
‫‪ .11‬ﻗﻮة ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر ﰲ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻋ ّﺪة ٍ‬
‫ﻫﺬﻩ اﳌﺴﺆوﻟﻴﺎت واﳌﻬﺎم اﳌﻮَﻛﻠَﺔُ إﻟﻴﻪ‪ ،‬واﻷوﺿﺎع اﶈﻴﻄﺔ ﺑﻪ‪ ،‬ﻓﺘﻌﺪدت أدوارﻩ اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ‬
‫واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﲔ رﺋﺎﺳﺔ وإﺷﺮاف ﻋﻠﻰ اﳍﻴﺌﺎت اﻟﻌﺮﻓﻴﺔ واﳉﻤﻌﻴﺎت اﻟﺮﲰﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺎﺳﺘﻐﻞ ﺗﻠﻚ‬
‫اﳌﻬﺎم ﻟﻨﺸﺮ أﻓﻜﺎرﻩ اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ وﳏﺎرﺑﺔ ﻓﻜﺮ اﳉﻤﻮد واﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ اﳌﺨﺎﻟﻔﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ داﺧﻞ‬
‫ا ﺘﻤﻊ‪.‬‬
‫‪ .12‬اﺳﺘﻐﻞ اﻟﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻟﻄﺮح وﻣﻌﺎﳉﺔ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻷﻣﺔ اﳉﺰاﺋﺮﻳﺔ واﻟﻌﺎﱂ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪،‬‬
‫ﻓﻜﺘﺐ ﰲ اﳉﺎﻧﺐ اﻹﺻﻼﺣﻲ واﻟﺪﻳﲏ واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﱰﺑﻮي‪ ،‬ﻟﺬا ﲤﻴﺰت‬
‫ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ وﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ﺑﺎﻟﺘﺤﻠﻴﻞ واﻟﻨﻘﺪ اﻟﺒﻨﺎء‪.‬‬

‫~ ‪~ 111‬‬
‫اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ‬

‫ﻛﻮﻧﺖ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻷدﺑﻴﺔ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﲪﻮ‬


‫‪ .13‬ﻟﻘﺪ ﺷﻜﻠﺖ اﻟﻘﺮارة أﺣﺪ أﻫﻢ اﻟﺮواﻓﺪ اﻟﱵ ّ‬
‫ﻓﺨﺎر اﻟﺬي درس اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﲨﻠﺔ ﻣﻦ اﳌﺸﺎﻳﺦ اﳌﺸﻬﻮد ﳍﻢ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎءة واﳌﻘﺪرة‬
‫اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻣﻦ أﺑﺮز اﻟﻄﻠﺒﺔ ﰲ ﻋﺼﺮﻩ ﻻ ِﺳﻴَ َﻤﺎ اﻟﺸﻴﺦ ﺑﻴﻮض واﻟﺸﻴﺦ ﻋﺪون‪.‬‬
‫‪ .14‬رﺑﻄﺖ اﻟﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر ﻋﻼﻗﺎت ﻃﻴﺒﺔ ﻣﻊ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء واﳌﻔﻜﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﳉﺰاﺋﺮ وﻛﺬا‬
‫ﻣﻦ ﺧﺎرج اﳉﺰاﺋﺮ ﻣﺜﻞ‪ :‬ﺗﻮﻧﺲ‪ ،‬اﳌﻐﺮب‪ ،‬ﻟﻴﺒﻴﺎ‪ ،‬ﻣﺼﺮ‪ ،‬ﻋﻤﺎن‪ ،‬زﳒﺒﺎر‪...‬اﱁ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﻪ‬
‫ﻣﺮاﺳﻼت ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻊ ﺷﺨﺼﻴﺎت إﺳﻼﻣﻴﺔ وﻋﺮﺑﻴﺔ وذﻟﻚ ﺪف ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﳌﺴﻠﻤﲔ‬
‫ﻟﻜﻞ اﳌﺴﺘﺠﺪات اﻟﱵ ﺗﻄﺮأ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﺔ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫واﺳﺘﻌﺮاض أﺣﻮاﳍﻢ‪ ،‬وﳏﺎوﻟﺔ إﳚﺎد ﺣﻠﻮل ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ّ‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ واﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪.‬‬

‫وﻣﻦ اﻟﺘﻮﺻﻴﺎت اﻟﱵ ﺗﻮﺻﻠﺖ إﻟﻴﻬﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻘﺪ ﻣﻠﺘﻘﻴﺎت وﻃﻨﻴﺔ ودوﻟﻴﺔ وﲣﺼﻴﺺ دراﺳﺎت أﻛﺎدﳝﻴﺔ ُﻣﻌ ﱠﻤ َﻘﺔ ﺣﻮل ﺷﺨﺼﻴﺔ وﻓِﻜ ِﺮ‬
‫اﻟﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر ﰲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳉﻮاﻧﺐ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﻘﻴﺎدﻳﺔ‪ ...‬اﱁ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻧﻈﲑ‬
‫ﺟﻬﻮدﻩ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ وﺣﺪة ﺻﻔﻮف اﳌﺴﻠﻤﲔ وﻧﺒﺬﻩ ﻟﻠﻔﺮﻗﺔ واﻟﺘﻌﺼﺐ اﳌﺬﻫﱯ‪.‬‬
‫وﻣﺮاﺳﻼﺗﻪ اﳌﺨﻄﻮﻃﺔ‪ ،‬وﻃﺒﻌﻬﺎ‬
‫‪ -2‬ﲨﻊ ﻣﻘﺎﻻت اﻟﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر اﻟﱵ َد ﱠوَ ﺎ ﰲ ﳎﻠّﺔ اﻟﺸﺒﺎب‪ُ ،‬‬
‫ﻫﺎﻣﺔ ﺗﺆرخ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ اﶈﻠﻲ واﻟﻮﻃﲏ‪ ،‬وﻟﻴﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن‪.‬‬
‫ﻣﺎدة ﺗﺎرﳜﻴﺔ ّ‬
‫ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ّ‬
‫‪ -3‬اﻟﻘﻴﺎم ﲜﻤﻊ وﺗﺪوﻳﻦ وﺣﻔﻆ اﻟﱰاث اﳌﺎدي واﻟﺸﻔﻬﻲ ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺎت واﳌﺸﺎﻳﺦ اﻟﱵ ﻋﺎﺷﺮت‬
‫اﻟﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻳﺦ وأﺻﺪﻗﺎء وﻃﻠﺒﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﻢ ﻣﺼﺎدر ﻻ ﻏﲎ ﻋﻨﻬﺎ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺔ‬
‫اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﱰاﺟﻢ واﻷﻋﻼم واﻟﺸﺨﺼﻴﺎت‪ ،‬ﻓﺈن واﻓﺘﻬﻢ اﳌﻨﻴّﺔ دون‬ ‫ّ‬ ‫اﳌﺬﻛﺮات واﻟﺒﺤﻮث‬
‫ٍ‬
‫ﻣﻜﺘﺒﺎت أﺣ ِﺮﻗَﺖ‪.‬‬ ‫اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﲟﺜﺎﺑﺔ‬
‫ﺼﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳊﻘﺎﺋﻖ‬ ‫‪ -4‬أرﺟﻮ ﻣﻦ وراء ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ أن ﻳﻜﻮن ﺧﲑ ٍ‬
‫ﻋﻮن ﻟﻠﺒﺎﺣﺜﲔ ﻟﺘﻘ ﱢ‬
‫ﻋﻠﻤﺎ أﻧّﻪ ﻳﺒﻘﻰ ﲝﺎﺟﺔ إﱃ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واﻟﻌ َﱪ ﻣﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر ﰲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ا ﺎﻻت‪ً ،‬‬

‫~ ‪~ 112‬‬
‫اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ‬

‫ﺧﺎﺻﺎ‬
‫اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ً‬
‫ً‬ ‫ﻷﻫﻴﺐ ﺑﺎﻟﺒﺎﺣﺜﲔ اﻷﻛﺎدﳝﻴﲔ أن ﻳُﻮﻟُﻮا‬
‫ُ‬ ‫ﺗﻮﺳ ٍﻊ أﻛﱪ ﰲ اﻟﺒﺤﺚ‪ ،‬وإﱐ‬
‫ّ‬
‫أﺟﺪر وأوﱃ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﳌﻌ ﱠﻤ َﻘﺔ‪.‬‬
‫ﺑﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر ﻷن ﻣﺴﲑﺗﻪ وآﺛﺎرﻩ ُ‬
‫أﺳﺄت ﻓﺎﻋﺬروا ﺑﺎﺣﺜًﺎ ﻣﺎزال‬
‫ﺎي اﻷﲰﻰ‪ ،‬وإن ُ‬
‫أﺻﺒﺖ ﻓﻤﻦ اﷲ اﻟﻌﺰﻳﺰ اﻟﻘﺪﻳﺮ‪ ،‬وذاك ُﻣﺒﺘﻐَ َ‬
‫ُ‬ ‫ﻫﺬا وإن‬
‫ﻳَﺘﻠ ﱠﻤﺲ ﺧﻄﻮاﺗﻪ اﻷوﱃ ﰲ ﻣﻀﻤﺎر اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ‪.‬‬

‫~ ‪~ 113‬‬
‫ﻣﻼﺣﻖ اﻟﺪراﺳﺔ‬
‫اﻟﺼﻔﺤﺔ‬ ‫اﻟﻌﻨﻮان‬ ‫رﻗﻢ اﻟﻤﻠﺤﻖ‬
‫‪114‬‬ ‫ﻗﺼﻮر ﻣﺰاب وﺗﻮارﻳﺦ ﺗﺄﺳﻴﺴﻬﺎ‬ ‫‪01‬‬
‫‪115‬‬ ‫ﺻﻮر ﻟﻠﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر‬ ‫‪02‬‬
‫‪116‬‬ ‫ﺻﻮرة ﺗﺬﻛﺎرﻳﺔ ﻟﺘﻼﻣﻴﺬ ﻣﺪرﺳﺔ اﻹﺻﻼح ﺳﻨﺔ ‪1932‬م‬ ‫‪03‬‬
‫‪117‬‬ ‫ﺻﻮر ﻟﻠﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر ﺿﻤﻦ اﻟﺒﻌﺜﺔ اﻟﺒﻴﻮﺿﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺮارة ﰲ اﻷرﺑﻌﻴﻨﺎت‬ ‫‪04‬‬
‫‪118‬‬ ‫ﳕﻮذج ﻣﻦ ﻣﺘﺎﺑﻌﺘﻪ ﻷﺣﺪ دروس ﺗﻼﻣﻴﺬﻩ‬ ‫‪05‬‬
‫‪119‬‬ ‫ﻣﻘﺎل ﻟﻠﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر ﲟﺠﻠﺔ اﻟﺸﺒﺎب‬ ‫‪06‬‬
‫‪120‬‬ ‫ﺻﻮرة ﳌﺪﻳﺮ وﻣﻌﻠﻤﻲ ﻣﺪرﺳﺔ اﻹﺻﻼح ﺳﻨﺔ ‪1966‬م‬ ‫‪07‬‬
‫‪121‬‬ ‫وﻗﻮﻓﻪ وﺣﺮﺻﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﲑ اﳌﺸﺎرﻳﻊ اﳋﲑﻳﺔ‬ ‫‪08‬‬
‫‪122‬‬ ‫أول أﺳﺘﺎذﻳﻦ ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻔﺘﺎة ﰲ ﻣﺰاب‬ ‫‪09‬‬
‫‪123‬‬ ‫ﺻﻮر ﳉﻬﻮد اﻟﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر ﰲ إﻃﺎر اﻟﻜﺸﺎﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﳉﺰاﺋﺮﻳﺔ‬ ‫‪10‬‬
‫وﲨﻌﻴﺔ رﻳﺎﺿﺔ اﳌﺼﺎرﻋﺔ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ "اﻟﻜﺎراﺗﻴﻪ"‬
‫‪124‬‬ ‫ﳕﻮذج ﻣﻦ ﺧﻄﺎﺑﺎت اﻟﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر‬ ‫‪11‬‬
‫‪126‬‬ ‫أﻋﻀﺎء ا ﻠﺲ اﻟﺒﻠﺪي ﻟﻠﺜﻮرة ﻟﺒﻠﺪﻳﺔ ﻏﺮداﻳﺔ ﻣﺎرس ‪1962‬م‬ ‫‪12‬‬
‫‪127‬‬ ‫ﳕﻮذج ﳌﺮاﺳﻠﺔ ﺑﲔ اﻟﺸﻴﺦ ﺑﻴﻮض وﺗﻠﻤﻴﺬﻩ اﻟﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر‬ ‫‪13‬‬
‫‪128‬‬ ‫ﻣﻘﺎل ﲞﻂ ﻳﺪ اﻟﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر ﲜﺮﻳﺪة إرم ذات اﻟﻌﻤﺎد‬ ‫‪14‬‬
‫‪129‬‬ ‫ﳕﻮذج ﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺑﲔ اﻟﺸﻴﺦ ﲪﻮ ﻓﺨﺎر واﻟﺪﻛﺘﻮر ﳏﻤﺪ ﻧﺎﺻﺮ‬ ‫‪15‬‬

You might also like