Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 15

‫مجلة الجامعة األسمرية للعلوم األساسية والتطبيقية‬

‫العدد (‪،)03‬الجزء الثاني ‪ ،‬يونيو ‪7302‬‬

‫اثر التحول التاريخي على التحول الفراغي و الوظيفيي للبيئة الحضرية‬


‫دراسة عن نشو و تطور مدينة القاهرة ما قبل االحتالل الفرنس ‪( .8971‬ترجمة وتعديل)‬

‫نادية خليفة الزاوي‬ ‫سعاد سالم بن ضو‬ ‫الهادي على الشطيح‬


‫قسم العمارة ‪ -‬جامعة الزاوية‬ ‫قسم العمارة ‪ -‬جامعة المرقب‬ ‫قسم العمارة ‪ -‬جامعة المرقب‬
‫‪art.nadiakhalifa444@gmail.com‬‬ ‫‪suadsalem9@gmail.com‬‬ ‫‪hasshateh@gmail.com‬‬

‫الملخص‪ :‬تدرس هذه الورقة تاثير التحول التاريخي على التحول الوظيفي و الفراغي‪ ,‬و تحديدا ثاتير توزيع المباني العامة على‬
‫تحديد مركزالمنطقة التجارية و التغيير في نمط التركيبة الفراغية "للقاهرة" خالل المرحلة التاريخية االولي لنشوها(‪146‬م ‪-‬‬
‫‪6011‬م)‪ .‬تساعد الدراسة على فهم تاثير القرارات السياسية على التوزيع الوظيفي و التكوين الفراغي‪ .‬تعتمد الدراسة على‬
‫المنهج الكمي باستخدام نظرية الجملة الفراغية (‪ )Space Syntax‬و تحديدا تقنية الخرائط المحورية ‪ Axial maps‬العادة‬
‫تمثيل التركيبة الفراغية للمدينة لكل تحول تاريخي و وظيفي في المباني العامة‪ .‬وللتحقيق في التشكل الوظيفي والمكاني‪ ,‬حددت‬
‫ثالث خرائط مورفولوجية تمثل المرحلة التاريخية االولي مابين ‪6440‬م و ‪6970‬م الحتواها لقمة التكوين الحضري للمرحلة‬
‫التاريخية االولى‪ .‬تم تحويل الخرائط المورفولوجية الثالثة إلى خرائط محورية و أضيفت عليها المباني العامة والمباني الدينية‬
‫والمباني التجارية و المعالم المهمة للتحقيق من العالقة بين التحول الوظيفي و الفراغي في كل مرحلة مورفولوجية ولوصف‬
‫البنية النحوية للمدينة بمرحلتها التاريخية االولي‪ .‬الدراسة اوضحت ان مع كل أعادة توزيع للمباني العامة في كل مرحلة‬
‫مورفولوجية يعقبه تغير في شكل و موقع المركز النحوي‪ ,‬المعرف بمجموعة الفراغات او الشوارع االكثر اتصاال‪ ,‬والذي‬
‫بدوره يعيد تعريف موقع نواة المركز التجاري وكذلك نمط الشكل الحضري على كل مستوياته‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬القاهرة –التحول التاريخي‪ ،‬التحول الحضري‪ ،‬التحول الوظيفي‪ ،‬التحول الفراغي‪ ،‬نظرية الجملة الفراغية‬
‫‪ .1‬المقدمة‬
‫تاريخيا‪ ،‬وبسبب دورها الهام كمركز محوري للسياسة في الشرق األوسط‪ ،‬تصارعت العديد من القوى السياسية على اعادة‬
‫تشكيل البيئة الحضرية للعاصمة المصرية لتكون امتداد ايديولوجي لها‪ .‬هذا التصارع اعتمد على االدراك باهمية دور البيئة‬
‫الحضرية في اعادة صياغة و توجيه المنظومات الثقافية االجتماعية للسكان‪ .‬ان اوجه االختالف و‪/‬أو التشابه في أالهداف‬
‫السياسية و األيديولوجيات والخلفيات الثقافية للقوى السياسية المختلفة التى حكمت مصر ابتداءا من العباسية ومرورا بالفاطمية‬
‫واأليوبية والمملوكية والعثمانية والفرنسية حتى اإلنجليزية كان لها تاثير مباشر و‪/‬او غير مباشر في اعادة صياغة الشكل‬
‫الحضري للقاهرة‪.‬‬
‫مورفولوجيا‪ ،‬خالل كل فترة من فترات السيطرة‪ ،‬تركت كل من هذه القوى السياسية بصمات فيزيائية كبيرة على عمليات‬
‫التشكيل والتحول الحضري في القاهرة‪ .‬وتتمثل إحدى البصمات الفيزيائية في المباني العامة و الميادين‪ .‬وعادة ما تشكل هذه‬
‫األنواع من المباني و الميادين التي تقدم خدمات عامة أو حكومية المراكز أو نقاط االتصال و‪/‬أو معالم المدينة‪ ،‬وتعتبر أهم‬
‫العناصر الحضرية التي أثرت في تشكيل وأنماط التحول في العالقات المكانية و الخصائص الحضرية‪ .‬أما البصمة المادية‬
‫األخرى التي كان لها تأثير هام على أنماط التوزيع الوظيفية والمكانية فهي تطبيق نظام تخطيط على مستوى المدينة من قبل‬
‫االنظمة السياسية الحاكمة‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬قد نجد بعض االرتباطات بين المباني العامة والمحاور الرئيسية أو مسارات المدينة‪.‬‬
‫وقد توفر هذه االرتباطات طريقة لتتبع تحول الهيكل المكاني من خالل تتبع التغيير في إعادة توزيع المباني العامة و‬
‫الفراغات‪.‬‬
‫غيرأن التغييرات في توزيع المباني العامة والميادين و‪/‬أو في نظام التخطيط‪ ،‬التي تؤثر على الهيكل المكاني‪/‬الفراغي إلى حد‬
‫كبير‪ ،‬ترتبط بالسياسات الحضرية التي تقودها القرارات السياسية‪ .‬وهذا يدل على وجود عالقة بين قرار الحاكم والهيكل‬
‫المكاني الذي يؤثر على إعادة توزيع الحيز العام الحضري أو هيكلة نظام التخطيط‪.‬‬
‫فمن ناحية‪ ،‬قد تمثل هذه التغييرات أحد التكتيكات المكانية العادة تنظيم الخصائص االجتماعية و‪/‬او االقتصادية‪ .‬ومن ناحية‬
‫أخرى‪ ،‬قد يمثل ذلك أيضا تغييرات في الهيكل المكاني أدت إلى إعادة توزيع المباني العامة أو إعادة تخطيط بنية المدينة‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫مجلة الجامعة األسمرية للعلوم األساسية والتطبيقية‬
‫العدد (‪،)03‬الجزء الثاني ‪ ،‬يونيو ‪7302‬‬

‫وكان لها أثر إيجابي أو سلبي على الخصائص الحضرية‪ .‬إن العالقة بين التوزيع الوظيفي والهيكل المكاني تثير سؤاال مهما‬
‫حول العالقة بين التشكل الوظيفي والمكاني تحت تاتير القوى السياسية المختلفة‪ ،‬أو‪ ،‬بشكل ابسط‪ ،‬ما مدى تأثير إعادة توزيع‬
‫الوظائف العامة على تشكيل النمط الفراغي للبنية الحضرية؟‬
‫من أجل اإلجابة على هذا السؤال‪ ,‬قمنا بتحديد الفترة الزمنية للدراسة لتركز على مرحلة زمنية و احدة من اصل ثالث مراحل‬
‫للتحول التاريخي لنشوء و تطور القاهرة بناءا على تحديد الباحتان ‪ Rashid‬و ‪ Shateh‬و اللذان حددا هذه المراحل كاالتي‪:‬‬
‫المرحلة التاريخية االولي و هي مرحلة ماقبل االستعمار تم مرحلة االستعمار (الفرنسي و االنجليزي)‪ ,‬فمرحلة مابعد االستعمار‬
‫المباشر‪ .‬اسس الباحتان هذا التحديد او التصنيف بناءا على التشابة االيدولوجي لفترات الحكم المتعاقبة ضمن دراسة اشمل‬
‫للتحول التاريخي و المكاني و الوظيفي للقاهرة )‪.(Rashid & Shateh, 2012‬‬
‫و بالتالي فقد حددت المدة الزمنية لهذه الدراسة لتركز فقط على المرحلة التاريخية االولى شاملة الفترات الزمنية للقوى‬
‫السياسية ذات التشابة االيديولوجي وهي‪ :‬الفترة العباسية و الفاطمية واأليوبية والمملوكية‪ ،‬وجزء من الفترة العثمانية‪ ،‬النها‬
‫كانت تتقاسم الي حد كبير نفس األيديولوجية والمفاهيم الحضرية‪ .‬وان هذه القوي السياسية اشتركت في التشكيل التاريخي و‬
‫الحضري للمرحلة التارخية االولى للقاهرة ومدتها اربعة قرون و نصف تبدا من ‪146‬م‪ ،‬بداية انشاء قاهرة المعز‪ ،‬حتى‬
‫‪ 6971‬وهو تاريخ االحتالل الفرنسي لمصر وهو نقطة نهاية المرحلة التاريخية االولى و بدء مرحلة ايدويولوجية مختلفة عن‬
‫سابقتها‪.‬‬
‫هذا التصنيف للمورفولوجيا التاريخية بحسب أيديولوجيات القوى الحاكمة قد أستخدم كإطار مرجعي للتشكل الوظيفي والمكاني‬
‫من أجل ربط كل تغيير حضري بظروفه السياسية لتحديد السياسة الحضرية لكل نظام سياسي و حجم تاتيره في كل مرحلة‪.‬‬
‫لربط التحول التاريخي بالتحول الوظيفي و المكاني‪ ،‬وهو اساس الية عمل منهجية هذه الدراسة‪ ،‬فقد قمنا عبر الخط الزمنى‬
‫المحدد‪ ،‬بتحديد و ترتيب ثالث خرائط مورفولوجية للمدينة حسب الترتيب الزمني ليسمح لنا بتتبع التغيرات في التوزيع‬
‫الوظيفي خالل الفترة التاريخية المختارة من المدينة‪ .‬وبالتالي ساعدنا هذا االجراء من جهة ‪ ،‬من تحويل السرد التاريخي‬
‫الوصفي الى شكله الفيزيائي و اسقاط ضمن مكانه و زمانه بدقة لتعقب دوره في التكوين العام للبئية الحضرية‪ .‬و من جهة‬
‫اخرى‪ ،‬سمحت لنا هذه الطريقة أيضا بتتبع التغيرات المحددة في العالقات المكانية على أساس كل تغيير وظيفي خالل أي‬
‫نقطة ومنية ضمن الفترة التاريخية االولى‪ .‬و لعل هذا اهم ما يميز المنهجية التي اتبعتها الدراسة في الربط بين االحداث‬
‫التاريخية و التوزيع المكاني و الوظيفي للبيئة الحضرية‪.‬‬
‫وتعتمد منهجية هذه الدراسة على تحديد مواقع المباني العامة والمساحات ونقاط االتصال الحضرية داخل الهيكل المكاني لكل‬
‫إطار مورفولوجي )‪ .(Rashid & Shateh, 2012‬وقد مكنتنا عملية التداخل هذه من تحديد التغير في النمط المكاني‪ ،‬والنواة‬
‫الحضرية‪ ،‬والتوجهات التوسعية من حيث مواقع المباني العامة في كل إطار مورفولوجي‪ .‬وكما ان استخدام تقنيات الجملة‬
‫الفراغية ‪ Space Syntax‬لدراسة مثل هذه الحاالت‪ ،‬ستمكننا من تحديد األماكن األكثر تكامال و االكثر انعزاال في الهيكل‬
‫المكاني‪ ،‬كما ستوفر هذه المنهجية أيضا تعقب دقيق للتحول الحضري خالل كل فترة سياسية‪ .‬قبل تقديم نظرية تقنية الجملة‬
‫الفراغية ‪ Space Syntax‬المستخدمة في هذه الدراسة‪ ،‬من المهم تقديم وصف موجز للتحوالت السياسية في القاهرة‪.‬‬
‫‪ .7‬وصف موجز لتاريخ القاهرة‬
‫وكانت ذروة التشكل الفراغي للقاهرة اإلسالمية هي مزيج من خمسة أنظمة إسالمية سياسية‪( ،‬أ) العباسية‪( ،‬ب) الفاطمية‪( ،‬ج)‬
‫األيوبية‪( ،‬د) المملوكية‪ ،‬و (ه) العثمانية‪ ،‬التي حكمت القاهرة لمدة ‪ 61‬قرون‪ .‬إن أفضل وصف لإلطار الفيزيائي للهيكل‬
‫العمراني أو اإلطار المورفولوجي عند النقطة العالية للمرحلة اإلسالمية هو الخريطة التي يمثلها الشكل ‪ .6‬وتوفر هذه‬
‫الخريطة اإلطار المورفولوجي وصفا عاما للنمط الحضري والهيكل المكاني‪ ،‬وأهم المعالم والمباني العامة للمدينة‪ .‬المعالم‬
‫الرئيسية ممثلة في الشكل ‪ ،6‬ومرقمة من ‪ 6‬إلى ‪ ،61‬هي المعالم الحضرية الرئيسية من العصور اإلسالمية الخمسة‪ .‬في‬
‫حين أن المعالم المرقمة ‪ ،9 ،5 ،4 ،3‬و ‪ 1‬بنيت خالل العصر الفاطمي؛ تم بناء المعلم ‪ 61‬خالل العصر األيوبي‪ .‬نصب‬
‫‪ 61‬تمثل القلعة‪ ،‬أو مكان العاصمة‪ ،‬من المدينة‪ .‬تم قام األيوبيون بنقل العاصمة من القاهرة إلى القلعة لتحضين المنطقة‬
‫الجنوبية من القاهرة الفاطمية من باب زويلة (المعلم رقم ‪ )5‬إلى مسجد ابن طولون (المعلم رقم ‪ .)6‬هذا المسجد هو أقدم معّلم‬
‫في القاهرة اإلسالمية (المعلم ‪ ،)6‬وقد بني في عام ‪ 191‬خالل العصر العباسي‪ .‬وتعتبر المعالم األثرية ‪ 1‬و ‪ 7‬أيضا نقاط‬
‫اتصال مهمة‪ ،‬وتم بناؤها خالل الفترة األيوبية على التوسعات المكانية للمحاور الرئيسية في العصرالفاطمي‪ .‬وقد حدث التوسع‬

‫‪2‬‬
‫مجلة الجامعة األسمرية للعلوم األساسية والتطبيقية‬
‫العدد (‪،)03‬الجزء الثاني ‪ ،‬يونيو ‪7302‬‬

‫الحضري األقصى للقاهرة اإلسالمية‪ ،‬الممثلة في الشكل ‪ ،6‬خالل العصر المملوكي‪ .‬لم يكن هناك إال خالل هذه الحقبة أن‬
‫جميع المناطق الحضرية مليئة بالمباني‪ ،‬واستبدلت معظم المباني الفاطمية والحدائق ببنايات أخرى‪ .‬وأدى هذا االستبدال‪ ،‬الذي‬
‫يعزى إلى الزيادة في عدد السكان‪ ،‬إلى تحول النمط الحضري األصلي للقاهرة الفاطمية على المستوى المصغر‪ .‬وهو ما قد‬
‫حدث ايضا خالل العصر المملوكي وبداية الحقبة العثمانية حيث قد تجاوزت المدينة قناة الخليج باتجاه الغرب والمناطق‬
‫المحيطة ببحيرة األزبكية (المعلم ‪ )61‬وبحيرة الفيل (المعلم ‪ )66‬و اصبحت كل هذه المناطق جزء من المنطقة الحضرية‬
‫للقاهرة‪.‬‬
‫يظهر اإلطار المورفولوجي ذروة الوضع الحضري للمرحلة اإلسالمية التاريخية التكامل بين البنية المكانية وتوزيع المعالم‬
‫الرئيسية التي بنيت خالل العصور السياسية اإلسالمية المختلفة‪ .‬على الرغم من أنه من حيث معايير األيديولوجية والثقافة‪،‬‬
‫هناك اختالفات هامة بين الفاطميين والنظم اإلسالمية األخرى التي سبقتهم وأعقبتهم‪ ،‬والمعالم الهامة التي بنيت خالل العصر‬
‫الفاطمي‪ ،‬مثل مسجد األزهر‪ ،‬الذي بني في ‪( 791‬المعلم رقم ‪ ،)9‬وبوابة زويلة (المعلم رقم ‪ ،)5‬وباب الفتوح (المعلم رقم‬
‫‪ ،)3‬ظلت معالم هامة في التطورات الحضرية الالحقة‪.‬‬
‫في المرحلة اإلسالمية‪ ،‬كانت أهم المباني العامة هي المساجد والمساجد والمقابر والحمامات والزيوت والسبائل والمآذن‬
‫والكليات وجدران المدينة والقالع ومنازل الحكام والبوابات‪ .‬وبحسب ديفونشاير ‪ ،Devonshire‬الذين سردوا هذه المباني‬
‫على أساس عصورهم‪ ،‬يمكننا أن ندرك حجم التطورات الحضرية في كل من الفترات اإلسالمية والسياسية‪ .‬وأفاد ديفونشاير‬
‫أن هناك حوالي تسعة مبان خالل الفاطمية‪ ،‬و ‪ 61‬مبان خالل األيوبيين‪ ،‬و ‪ 611‬مبنى خالل المملوكي‪ ،‬و ‪ 11‬مبنى خالل‬
‫الفترة العثمانية (‪ .)Devonshire,1917‬ومع ذلك‪ ،‬فإن عدد المباني العثمانية يشمل المباني التي تم بناؤها خالل المرحلة‬
‫االستعمارية حتى عام ‪.6111‬‬
‫خالل العصر العثماني‪ ،‬الذي بدأ في ‪ ،6569‬أصبحت القاهرة ثاني مدينة بعد القسطنطينية‪ ،‬التي كانت عاصمة العثمانيين‪ .‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬وكأكبر مدينة بعد العاصمة‪ ،‬شهدت القاهرة عددا من المباني العامة الجديدة التي تم بناؤها حول بحيرة األزبكية وداخل‬
‫المنطقة الحضرية من القاهرة اإلسالمية‪ ،‬كما هو مبين في الشكل ‪ .6‬بالرغم من ان معظم المراجع التاريخية تشير الى ان‬
‫الحكم العثماني استمر الي منتصف القرن ‪ ،67‬اال ان هذه الفترة تخللها فترة االحتالل االستعماري الفرنسي‪ ،‬و بالرغم من انه‬
‫لم يجر الفرنسيون تغييرات هامة في الهيكل الحضري للقاهرة اإلسالمية نظرا لطردهم بعد اريع سنوات‪ ،‬اال ان مخططاتهم‬
‫لتغيير الشكل الحضري للقاهرة نفذت فيما بعد من خالل تنفيذ مشاريعهم التخطيطية والمعمارية وخصوصا خالل فترة حكم‬
‫إسماعيل باشا (‪ .)6197-6113‬و لذا فاننا اعتبرنا تاريخ االحتالل الفرنسي هي نهاية ذروة العهد االسالمي في التكوين‬
‫المكاني او الشكل الحضري للقاهرة‬

‫‪3‬‬
‫مجلة الجامعة األسمرية للعلوم األساسية والتطبيقية‬
‫العدد (‪،)03‬الجزء الثاني ‪ ،‬يونيو ‪7302‬‬

‫الشكل رقم ‪ :6‬يوضح المعالم الهامة للقاهرة خالل العصر المملوكي )‪) (Raymond, 2000, p. 119‬مع التعديل)‬

‫‪ .0‬نظرية بناء الجملة الفراغية ‪SPACE SYNTAX‬‬

‫نظرية بناء الجملة الفراغية ‪ Space Syntax‬هي مجموعة من النظريات والتقنيات المستخدمة لوصف الترتيب المكاني للبيئة‬
‫المبنية (هيلير & هانسون‪ )4891 ،‬لفهم والتحقق من صحة وظائفها وخصائصها الحضرية‪ .‬وقد تم تصور بناء جملة الفضاء‬
‫‪ Space Syntax‬في ‪ s4891‬من قبل هيلير وزمالئه في كلية جامعة لندن‪ ،‬وقد استخدمت على نطاق واسع من قبل العديد‬
‫من العلماء والباحثين في جميع أنحاء العالم لدراسة العالقة بين الهياكل الحضرية واالجتماعية‪.‬‬

‫ان أحد تقنيات ‪ Space Syntax‬التي استخدمت على نطاق واسع لوصف الهياكل الحضرية تسمى خريطة محورية ‪Axial‬‬
‫‪ .map‬وتعرف الخريطة المحورية بأنها أقل عدد من الخطوط المستقيمة األطول المعروفة بالخط المحوري ‪/ axail line‬‬
‫الفضاء الذي يغطي جميع الشوارع والمساحات المفتوحة للهيكل الحضري‪ .‬كل من الخطوط المحورية لخريطة محورية هو‬
‫تمثيل خطي ألطول مشهد مستقيم (الشكل ‪(Volchenkov & Blanchard, 2008) )2‬‬

‫وتتمثل إحدى المزايا الهامة لتحويل الهيكل المكاني إلى خريطة محورية‪ ،‬وهي في األساس إحدى مساهمات بناء الجملة‪ ،‬في‬
‫تقديم وصف كمي للخصائص الحضرية واالجتماعية التي تشترك في البيئة المبنية‪ .‬لتبسيط النهج الكمي لبناء الجملة‪ ،‬ويبين‬
‫الشكل ‪ 2‬الخطوات الرئيسية الثالث لكيفية التعبير عن هيكل مكاني رياضيا‪ .‬في حين أن الشكل ‪ A-3‬هو هيكل مكاني يتكون‬
‫من عدد من المباني‪ ،‬الشكل ‪ B-3‬هو التمثيل المحوري للهيكل المكاني باستخدام تقنية خريطة المحورية‪.‬‬

‫كما هو الحال في الشكل ‪ ، B-3‬يتم توصيل جميع خطوط محورية لبعضها البعض في نمط اتصال معين‪ .‬في بناء جملة‬
‫الفضاء‪ ،‬نمط االتصال من أي خريطة محورية ‪ /‬هيكل يختلف دائما تقريبا عن أي خريطة محورية أخرى ويستند على قيمة‬
‫االتصال‪ .‬وألن االتصال يتم حسابه استنادا إلى عدد الخطوط التي ترتبط مباشرة بالخط‪ ،‬فإن ذلك هو مقياس محلي ثابت‬
‫)‪ .(Klarqvist, 2003‬وبالتالي‪ ،‬فإن قيمة التوصيلية للهيكل المحوري هو متوسط عدد الوصالت (التقاطعات) لجميع‬

‫‪4‬‬
‫مجلة الجامعة األسمرية للعلوم األساسية والتطبيقية‬
‫العدد (‪،)03‬الجزء الثاني ‪ ،‬يونيو ‪7302‬‬

‫الخطوط المحورية في الخريطة المحورية‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن نمط االتصال وقيمة التوصيل هي الرمز الذي يمثل النمط‬
‫الحضري‪/‬النسيج في الهيكل الحضري‪.‬‬

‫في مفهوم بناء جملة الفضاء‪ ،‬العالقة بين الخطوط محورية الممثلة للفضاءات هي تمثيل نحوي‪ ،‬بدال من متري‪ ،‬والقياس‬
‫( ‪ .)2113 ،Klarqvist‬وهذا يعني أن االنتقال من فراغ إلى أي من الفراغات التالية هو خطوة نحوية أو عمق واحد‪.‬‬
‫وسوف تكون جميع الفراغات التي ترتبط مباشرة إلى الفراغ األصلي أيضا في عمق واحد‪ .‬وبالمثل‪ ،‬من أجل التنقل من أي‬
‫خط يقع في الخطوة األولى‪ ،‬العمق األول‪ ،‬إلى الخط او الخطوط التالية هوالخطوة الثانية‪ ،‬والعمق الثاني‪ ،‬وهكذا‪ ،‬على التوالي‪،‬‬
‫حتى تصل إلى الفراغ األخير في الشبكة‪ .‬ويستخدم هذا النهج الحسابي‪ ،‬الذي يطلق عليه ‪ ،justified graph‬لحساب قيمة‬
‫التكامل للتركيبة الفراغية‪ .‬وتبين األشكال ‪ C‬و‪ D‬بالشكل رقم (‪ )2‬مثالين على استخدام ‪ justified graph‬لفراغين‬
‫عشوائيتين في الهيكل المحوري المبين‪.‬‬

‫وفقا لهذا المفهوم‪ ،‬في منظور بناء الجملة الفضائية‪ ،‬متوسط عمق خط لجميع الخطوط األخرى في الهيكل المحوري يسمى‬
‫التكامل العالمي (الكلي) ( ‪ ،)2113 ،Klarqvist‬ويعتبر مقياسا كليا ثابتا ألن عمق جميع الفراغات يعتبر مترابطا و يشكل‬
‫التكوين الكلي للهسكل الفراغي ‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن حساب متوسط العمق من كل فراغ على جميع الفراغات األخرى في الخريطة‬
‫المحورية يوفر قيمة التكامل العالمي ( )‪ R-n‬للهيكل‪ .‬وبالمثل‪ ،‬فإن حساب متوسط العمق من كل فراغ ولكن فقط لعدد معين‬
‫من الخطوات العمق و يوضح التكامل المحلي‪ ،‬وهو مقياس محلي ثابت‪ .‬في هذه دراسة‪ ،‬أجرينا قيم التكامل المحلية باستخدام‬
‫اعداد مختلفة من الخطوات‪/‬دائرة نصف قطرها‪ .‬غير أن قيم التكامل التي تستعمل نصف قطرها‪ )R-5( ،5 -‬و–‪)R-3( ،3‬‬
‫تؤخذ في االعتبار ألن هذه النطاقات توفر لنا صورة واضحة للمستوى المحلي مقارنة بالخطوات األخرى‪.‬‬

‫ويوفر الترابط بين قيم التوصيلية والتكامل معامل أخر يسمى الوضوح ‪ )r2( intelligibility‬والتي تعني الي أي مدى يمكن‬
‫فهم الفضاء من المساحات األخرى في الهيكل‪.‬‬

‫إجراء قيمة التكامل للهيكل المكاني يوفر نوعين من الوصف‪ :‬أوال‪ ،‬قيم التكامل لكل خط محوري وللهيكل ككل‪ .‬الثانية هي‬
‫خريطة ملونة تمثل الهيكل المحوري على أساس قيمة التكامل لكل فضاء‪/‬فراغ‪ .‬في حين أن الفضاءات التي تحتوي على أعلى‬
‫قيم االندماج تمثل الفضاءات األكثر تكامال وملونة باللون األحمر‪ ،‬والفضاءات التي تحتوي على أدنى قيم التكامل تمثل‬
‫الفضاءات األكثر انعزاال في الهيكل وهي زرقاء اللون‪ .‬ويمثل توزيع الفضاءات األكثر تكامال في الهيكل المحوري النواة‬
‫النحوية للبنية المكانية‪.‬‬

‫ان استخدام تقنية الخريطة المحورية لحساب اية خريطة مورفولوجية يمر بثالثة خطزات كما بالمثال في الشكل رقم ‪ .2‬حيث‬
‫ان الخطوة االولي (‪ )A‬هي اختيار خريطة تنائية االبعاد تعبر بوضوح عن التكوين الحضري لنقطة زمنية معينة و الخطوة‬
‫التانية (‪ )B‬هي اعادة تمتيل الفراغات‪/‬الشوارع بخطوط محورية وترميزها بارقام حتى يسهل قراءة العالقة بينها رياضيا و‬
‫هي الخطوة التالثة (‪ .)C‬ففي هذه الخطوة االخيرة اصبح باالمكان حساب عدد كبير من العالقات الرياضية لفراغ معين ( ‪C,‬‬
‫‪ )D‬او للعالقات العامة للتكوين الفراغي‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مجلة الجامعة األسمرية للعلوم األساسية والتطبيقية‬
‫العدد (‪،)03‬الجزء الثاني ‪ ،‬يونيو ‪7302‬‬

‫الشكل رقم ‪ 1‬يوضح مثال الستخدام الخريطة المحورية العادة ثمتيل الهيكل المكاني و طريقة المحورية للخريطة ‪ justified graph‬لحساب قيم‬
‫التكامل ))‪(After (Rashid & Shateh, 2012‬‬

‫وهنا نورد مثال اخر‪ ,‬يستخدم احد التكوينات الموفولوجية بالمرحل المبكرة لنشوء القاهرة الفاطمية‪ ,‬لتوضيح تطبيق الخطوات‬
‫الثالث الستخدام تقنية الخريطة المحورية إلنتاج القياسات النحوية و التمثيل اللوني ولكن باستخدام الكمبيوتر‪ .‬حيث ان الخطوة‬
‫األولى تعتمد على اختيار خريطة يكون بها الهيكل المكاني والمعالم الرئيسية واضحة‪ ,‬فقد خريطة تمثل اإلطار المورفولوجي‬
‫للقاهرة الفاطمية ترجع الي العام ‪791‬م تقريبا ممثلة في الشكل رقم ‪ .4‬الخطوة الثانية هي رسم الخطوط المحورية التي تغطي‬
‫كل الهيكل المكاني إلنتاج الخريطة المحورية ممتلة في الشكل رقم ‪ .4‬والخطوة الثالثة هي حساب قيمة‬
‫الموصلية‪ ,connectivity/‬وقيم التكامل‪ integration values/‬و غيرها من قيم المعامالت الرياضية التي ينتجها البرنامج‬
‫الحاسوبي المستخدم في شكل جدول‪ ,‬كما ان استخدام البرامج الحاسوبية المتخصصة يمكنها انتاج الهيكل النحوي اللوني‬
‫‪ colored-syntactical structure‬كما بالشكل رقم ‪ .5‬وقد اتبعت هذه الخطوات لتحليل الخرائط المورفولوجية الثالثة‬
‫المستخدمة لدراسة التحول في التكوين الفراغي للقاهرة في المرحلة االسالمية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫مجلة الجامعة األسمرية للعلوم األساسية والتطبيقية‬
‫العدد (‪،)03‬الجزء الثاني ‪ ،‬يونيو ‪7302‬‬

‫الشكل ‪ :5‬يوضح الخريطة النحوية اللونية‬ ‫الشكل ‪ :4‬يوضخ الخريطة المحورية‬ ‫الشكل ‪ 4‬يوضح التكوين الحضري للقاهرة‬
‫موضحة الفراغات االكثر واالقل تكامال‪.‬‬ ‫للقاهرة الفاطمية‪( .‬الباحث)‪.‬‬ ‫الفاطمية ‪ 791‬م( مع التعديل ‪(Wirth, 2000,‬‬
‫(الباحث)‬ ‫))‪p. fig. 22‬‬

‫الشكل (‪ )3‬يمثل القاهرة الفاطمية ‪ .791‬الشكل (‪ )4‬يظهر الخريطة المحورية لخريطة ‪ .791‬الشكل رقم (‪ )5‬يوضح الخريطة‬
‫اللونية للخريطة المحورية باستخدام التكامل ‪ .rn‬أن الفراغ األكثر تكامال هو الشارع المركزي في الهيكل الفراغي‪ .‬وكان هذا‬
‫الشارع‪ ،‬الذي يسمى شارع المعز‪ ،‬مرتبطا بأربعة مبان عامة؛ قصران و البوابات الشمالية والجنوبية‪ .‬وكان شارع المعز هو‬
‫الفضاء التجاري الرئيسي في القاهرة الفاطمية‪ ،‬وتم تمديده الحقا نحو الجنوب‪ .‬تراوحت قيم التكامل للخطوط المحورية بين‬
‫‪ 66113‬للفضاء األكثر تكامال و‪ 16343‬للفضاء األكثر انعزاال‪.‬‬

‫وإلنتاج الخرائط المحورية لإلطارات المورفولوجية الثالثة للقاهرة االسالمية‪ ،‬والتي تراوح عدد خطوطها المحورية بين ‪351‬‬
‫و‪ 1455‬خطا فقد تم استخدم برنامجان حاسوبيان‪ ،)UCL Depthmap v. 10.14.00b( .‬لندن )‪ (Turner, 2004‬و‬
‫‪ ، Space Syntax Software -Mindwalk1.0 -‬طور في ‪ - Recife – Pernambuco‬البرازيل من قبل لوكاس‬
‫فيغيريدو‪ ،Lucas Figueiredo‬يوليو ‪ .)Figueiredo, July 2005( ،1115‬كال من البرنامجين هو برامج رقمي متخصص‬
‫ومصمم للتحليل الفراغي على أساس مفهوم نظرية بناء جملة الفضاء ‪ .Space Syntax‬ويرد في الجدول رقم ‪ 6‬عدد الخطوط‬
‫المحورية في كل خريطة والقياسات التركيبية لكل من األطر المورفولوجية الثالثة‪.‬‬

‫تظهر البيانات الكمية في الجدول رقم ‪ 6‬اثنين من الحقائق المثيرة لالهتمام التي تشير إلى تغييرات مهمة في الهيكل الفراغي‬
‫خالل االربع قرون ونصف االولى من نشوء القاهرة‪ .‬أوال‪ ،‬يبين الجدول أن عدد الخطوط ‪ /‬المساحات المحورية زاد تدريجيا‬
‫من ‪ 351‬حتى ‪ .1455‬وكانت هذه الزيادة موازية لزيادة التوسعات الحضرية خالل المرحلة التاريخية المبكرة‪ .‬هذا النوع من‬
‫التغييرات في الهيكل المكاني‪/‬الفراغي الذي أوضحته قيم الوضوح على الصعيدين الكلي والمحلي؛ (‪ )r2 Rn‬و (‪ (r2 R3‬و ‪(r2‬‬
‫)‪R5‬على التوالي‪ .‬وكانت قيمة الوضوح على المستوى الكلي منخفظة خالل مراحل التوسع الفراغي بالمرحلة اإلسالمية‪،‬‬
‫‪ .6411‬وهذا يمثل أنه على مستوى المدينة‪ ،‬ان النمط الفراغي للمرحلة اإلسالمية قد توسع بالمحافظة على نفس النمط‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫مجلة الجامعة األسمرية للعلوم األساسية والتطبيقية‬
‫العدد (‪،)03‬الجزء الثاني ‪ ،‬يونيو ‪7302‬‬

‫الجدول رقم ‪ 6‬يوضح عدد الفراغات المكانية ومتوسطات قيم الترابط والترابط الكلي والمحلي‪ 3-‬والمحلي‪ 5-‬وقيم الترابط للخرائط‬
‫المحورية الثالثة التي ثمتل المرحلة التاريخية االولي او المبكرة للقاهرة‪( .‬الباحث)‬
‫اجمالي عدد‬ ‫متوسط‬ ‫متوسط‬ ‫متوسط‬ ‫متوسط‬ ‫‪r2‬‬ ‫‪r2‬‬ ‫‪r2‬‬
‫المحاور‪/‬الفراغات‬ ‫الترابط‬ ‫‪Int‐Rn‬‬ ‫‪Int‐R3‬‬ ‫‪Int‐R5‬‬ ‫‪Int‐Rn v.‬‬ ‫‪Int‐R3 v.‬‬ ‫‪Int‐R5 v.‬‬
‫‪Conn‬‬ ‫‪Conn‬‬ ‫‪Conn‬‬
‫‪1348‬‬ ‫‪352‬‬ ‫‪2.840‬‬ ‫‪0.594‬‬ ‫‪1.294‬‬ ‫‪1.048‬‬ ‫‪0.192‬‬ ‫‪0.744‬‬ ‫‪0.532‬‬
‫‪1460‬‬ ‫‪1891‬‬ ‫‪2.579‬‬ ‫‪0.422‬‬ ‫‪1.206‬‬ ‫‪0.980‬‬ ‫‪0.117‬‬ ‫‪0.687‬‬ ‫‪0.467‬‬
‫‪1798‬‬ ‫‪2455‬‬ ‫‪2.673‬‬ ‫‪0.463‬‬ ‫‪1.298‬‬ ‫‪1.078‬‬ ‫‪0.060‬‬ ‫‪0.667‬‬ ‫‪0.432‬‬

‫الشكل رقم ‪ :1‬يوضح المخطط العام للعالقة بين مراحل التغيير السياسي و الحضري و الفراغية لكل مرحلة مورفولوجية عبر المرحلة‬
‫التاريخية االولي للقاهرة حيث خريطة ‪ (Abu-Lughod, 1971, p. 45)(6440‬و‪ (Rhone, Arthur, 1878)6411‬و‪6970‬‬
‫))‪ (Raymond, 2000, p. 119‬التجميع من عمل الباحث)‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫مجلة الجامعة األسمرية للعلوم األساسية والتطبيقية‬
‫العدد (‪،)03‬الجزء الثاني ‪ ،‬يونيو ‪7302‬‬

‫من العرض العام للشكل رقم ‪ 9‬يمكننا أن نرى أيضا التغيرات في النمط المكاني وتحول النواة النحوية (مركز الترابط‬
‫الفراغي) خالل المراحل الثالث وهي التحول في الشكل العام الذي تصنعه مجموع الخطوط ‪/‬المحاور الحمراء من مرحلة الى‬
‫اخري‪ .‬واستنادا إلى مفهوم ‪ ،Space Syntax‬فإن الخريطة المحورية هي تمثيل نظري للهيكل الفراغي الذي يعد الوسط‬
‫الرئيسي للحركة االجتماعية واالقتصادية‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإن التمثيل الخطي للهيكل المكاني‪ ،‬باستخدام تقنية خريطة المحورية‪ ،‬وفر‬
‫لنا نهجا عمليا لوصف العالقة بين التغيرات الوظيفية والمكانية‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬فإن الخريطة المحورية الملونة‪ ،‬في‬
‫دراستنا للحالة‪ ،‬وفرت لنا القدرة على تحديد موقع المباني حسب موقعها الجغرافي بالنسبة للتوزيع المكاني‪ .‬لذلك‪ ،‬وجدنا ان‬
‫استخدام طريقة التمثيل للفراغات بخطوط محورية مريحة لهذه الدراسة ذات تعدد االختصاصات لدراسة و تتبع التحوالت او‬
‫المورفولوجيات التاريخية والوظيفية بالنسبة للمورفولوجيا الفراغية‪.‬‬

‫‪ .4‬تحليل التشكل التاريخي للقاهرة‬

‫وتشمل مجموعة الخرائط المستخدمة الجراء التحليل النحوي خرائط ‪ 6341‬و‪ 6411‬و‪( 6971‬األشكال من ‪ 9‬إلى ‪ ،)65‬والتي‬
‫تمثل النمو الحضري المبكر‪ ،‬واإلطار المورفولوجي الالحق للمراحل التاريخية المبكرة للقاهرة القديمة أو "القاهرة‬
‫اإلسالمية"‪ .‬وقد سلطت هذه الخرائط الضوء على التحوالت الحضرية التي حدثت خالل العصور اإلسالمية من الفاطميين‬
‫واأليوبيين والمماليك وأول ‪ 111‬سنة من العهد العثماني‪ .‬ولذا جاز تسميتها "القاهرة اإلسالمية" في هذه الدراسة‪ ،‬وهو‬
‫مصطلح يصف النمط الحضري لمدينة القاهرة الذي تم بناؤه خالل المرحلة التاريخية المبكرة‪ ،‬والذي تميز بنمط عضوي ونمو‬
‫تدريجي من حيث توسعاتها الحضرية‪ .‬ولذلك‪ ،‬فإن هذه الخرائط للمرحلة التاريخية المبكرة للنشوء والتحول المورفولوجي‬
‫المبكر للقاهرة‪.‬‬

‫‪ .0.4‬تحليل و قراءة للتراكيب الفراغية لخرائط المرحلة التاريخية المبكرة‬

‫كانت المرحلة التاريخية المبكرة‪ ،‬التي تميزت بتاريخ طويل من التغيرات السياسية والحضرية‪ ،‬مرحلة هامة فيما يتعلق‬
‫بتشكيل المدينة‪ ،‬ممثلة في خريطة ‪ ،6341‬و التي تمثل بشكل خاص التطور الحضري للقاهرة اإلسالمية في منتصف المرحلة‬
‫المبكرة‪ .‬وبعد حوالي ‪ 611‬عام‪ ،‬تم نقل العاصمة من القاهرة إلى القلعة‪ ،‬حيث تم ثمتيل التوسعات الحضرية لهذه المرحلة‬
‫بخريطة ‪ .6411‬وتتمثل نقطة الذروة للمرحلة المبكرة في خريطة عام ‪ ،6971‬و التي تظهر الوضع الحضري في نهاية‬
‫مرحلة القاهرة اإلسالمية وبداية المرحلة التاريخية االستعمارية‪ ،‬وهي المرحلة التي سبقت التحول الحضري خالل المرحلة‬
‫االستعمارية‪.‬‬

‫‪ .7.4‬خريطة ‪ :0041‬يمثل الهيكل المحوري لإلطار المورفولوجي ‪ ،6341‬باستخدام التكامل نصف قطر‪radius-n n -‬‬
‫‪( integration‬الشكل ‪ )9‬مدينة القاهرة في عصر العصر المملوكي‪ ،‬وتشمل القاهرة‪ ،‬التي أنشئت في ‪ .717‬توسعاتها‬
‫الحضرية حدث خالل عصر األيوبيين‪ ،‬الذين نقلوا العاصمة من القاهرة إلى القلعة‪ .‬وتظهر الخريطة المحورية لعام ‪،6341‬‬
‫التي تستخدم التكامل بين ‪ ،radius-n integration‬حيث ان الخطوط األكثر تكامال وجدت في وسط المدينة وتحديدا في‬
‫منطقة باب زويلة‪ .‬هذه المنطقة هي التقاطع بين شوارع "المعز" و "الدرب األحمر"‪ .‬شارع المعز‪ ،‬الذي بني في عام ‪،717‬‬
‫يربط بين الفتوح شماال وباب زويلة قي الجنوب القاهرة الفاطمية‪ .‬في هذا الشارع‪ ،‬الذي كان احد من الشوارع الملكية للقاهرة‪،‬‬
‫هناك العديد من المباني العامة و المعالم التي جعلت هذا الشارع الفراغ الرئيسي والمركزي لمعظم األنشطة التجارية خالل‬
‫األيوبيين وعصر اإلسالمية في وقت الحق‪.‬‬

‫وتظهر الخريطة في الشكل ‪ 9‬أيضا وجود تسلسل هرمي تدريجي لقيم التكامل‪ .‬في حين أن منطقة باب زويلة "النواة النحوية"‬
‫‪ the syntactical core‬تعتبر األكثر تكامال‪ ،‬فإن الفراغات بحواف المدينة هي أالكثر انعزاال‪ .‬وتقع أكثر الفراغات‬
‫انعزاال في أربعة مناطق‪ ،‬كما أن إمكانية الوصول إليها منخفضة من شارعي الدرب األحمر وشارع المعز‪ .‬هذه المناطق هي‬
‫جنوب شرق‪ ،‬جنوب غرب‪ ،‬والمناطق الشمالية من المدينة‪ .‬وكانت هذه المناطق الثالثة مناطق سكنية جديدة‪ .‬والمنطقة الرابعة‬
‫‪9‬‬
‫مجلة الجامعة األسمرية للعلوم األساسية والتطبيقية‬
‫العدد (‪،)03‬الجزء الثاني ‪ ،‬يونيو ‪7302‬‬

‫هي منطقة خان الخليلي‪ ،‬التي كانت من المناطق التجارية‪ ،‬حيث يقع مسجد األزهر‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬مع الطرق القصيرة وغير‬
‫الخطية ومع إمكانية الوصول المحدودة إلى المناطق األخرى‪ ،‬تم فصل المنطقة في الهيكل النحوي ‪.6941‬‬

‫تظهر الهياكل المحورية ‪ axial structures‬لخريطة ‪ 6341‬امتدادا تدريجيا للنواة التجارية من وسط حي القاهرة باتجاه‬
‫الجنوب والغرب‪ .‬في حين أن التوسع الحضري في الجنوب نتج عن نقل العاصمة إلى القلعة‪ ،‬كان التوسع الحضري إلى‬
‫الغرب بسبب المباني العامة الجديدة التي تم بناؤها إلى الغرب من قناة الخليج‪ .‬في كلتا الحالتين‪ ،‬الفراغات األكثر تكامال تمتد‬
‫من خالل المساحات الرئيسية لهذه التوسعات الحضرية نحو المعالم العامة‪.‬‬

‫وتوضح الخريطة المحورية لعام ‪ ،6341‬التي تستخدم نصف قطرها ‪ 5‬و ‪ 3‬قيم التكامل ( ‪using radius-5 and -3‬‬
‫‪( )integration‬الشكالن ‪ 1‬و‪ )7‬أن الجزء الشمالي من شارع المعز‪ ،‬من باب الفتوح حتى باب زويلة‪ ،‬هو المكان األكثر‬
‫تكامال في المدينة‪ .‬ويمثل هذا الجزء طول شارع المعز للقاهرة خالل العصر الفاطمي‪ .‬وتظهر الخريطة المحورية لعام ‪6341‬‬
‫م باستخدام دائرة نصف قطرها ‪ )radius-5( 5‬فراغات التقاطع بين الشارع الرئيسي لجامع ابن طولون وشارع المعز‪ ،‬وهي‬
‫جزء من المساحات األكثر تكامال في بنية المدينة‪ .‬استمد هذا التقاطع القيم العالية نسبيا من موقعه بالقرب من العاصمة‪ ،‬القلعة‪.‬‬
‫وظهر هذا الشارع كمركز نحوي جديد خالل العصرين األيوبي والمملوكي‪ ،‬للهيكل الحضري للمنطقة الجنوبية‪.‬‬

‫الشكل ‪ ,9‬الخريطة المحورية ‪1348‬‬ ‫الشكل ‪ ,8‬الخريطة المحورية ‪1348‬‬ ‫الشكل ‪ ,9‬الخريطة المحورية ‪1348‬‬
‫باستخدام قيم الترابط الكلي‪-‬نق‪3 -‬‬ ‫باستخدام قيم الترابط الكلي‪-‬نق‪5-‬‬ ‫باستخدام قيم الترابط الكلي‪-‬نق‪n-‬‬
‫‪radius-3 integration values.‬‬ ‫‪Radius-5 integration values‬‬ ‫‪Radius-n integration values‬‬
‫(الباحث)‬ ‫(الباحث)‪.‬‬ ‫(الباحث)‬

‫الخريطة ‪ :0443‬يظهر الهيكل الفراغي للخريطة ‪ ،6411‬باستخدام التكامل نصف قطر ‪radius-n ( n‬‬ ‫‪.364‬‬
‫‪( )integration‬الشكل ‪ ،)61‬أن معظم الخطوط االكثر تكامال (‪ )most integrated‬تتركز في وسط هيكل المدينة‪ .‬هذه‬
‫المنطقة هي النواة التجارية ‪ commercial core‬للمدينة‪ ،‬والتي تمثلها مرة أخرى التقاطعات بين شوارع الدرب األحمر‬
‫والمعز وبورسعيد في منطقة باب زويلة‪ .‬وتظهر الخريطة المحورية ‪ axial map‬أيضا انخفاضا تدريجيا في قيم التكامل من‬
‫منطقة باب زويلة‪ ،‬والنواة التجارية ‪the commercial core‬والنواة التركيبية ‪ the syntactical core‬للهيكل المحوري‬

‫‪10‬‬
‫مجلة الجامعة األسمرية للعلوم األساسية والتطبيقية‬
‫العدد (‪،)03‬الجزء الثاني ‪ ،‬يونيو ‪7302‬‬

‫‪ ، axial structure‬إلى أكثر الفراغات فصال حول حواف المدينة‪ .‬يظهر هذا العرض النحوي للمدينة خالل عصر المماليك‬
‫أن المنطقة التجارية للمدينة أصبحت أكبر مما كانت عليه في عام ‪ 6341‬ولكنها بقيت حول باب الزوالة‪ .‬وهذا يدل أيضا على‬
‫أن الهيكل البنائي او الحضري للمدينة كان ينمو على نفس النسيج الحضري‪.‬‬

‫على المستوى المحلي‪ ،‬وقيم نصف قطرها ‪ 5‬و‪ 3‬التكامل ‪ radius-5 and 3 integration values‬للخريطة المحورية لعام‬
‫‪( 6411‬األشكال ‪ 66‬و‪ )61‬تظهر قراءة مثيرة لالهتمام من الهيكل النحوي لإلطار المورفولوجي‪ .‬أما الفراغات األكثر تكامال‪،‬‬
‫التي تشكل المنطقة التجارية في الخريطة المحورية لنصف قطرها ‪ ،rn‬فهي غير متكاملة في الخريطة المحورية لنصف‬
‫قطرها ‪ r5‬و ‪ .r3-‬وبدال من ذلك‪ ،‬تبين الخرائط نصف قطرها ‪ 5‬و ‪ 3-‬لعام ‪ 6411‬أن الفراغات األكثر تكامال ‪the most‬‬
‫‪ integrated spaces‬تقع فقط في الفراغات الشمالية والجنوبية لشارع المعز‪ .‬غير أن هذه الخرائط المحورية لم تظهر‬
‫منطقة باب زويلة باعتبارها جزءا هاما من أكثر المناطق تكامال‪ .‬وقد يرجع ذلك إلى االختالفات في التكامل المكاني بين‬
‫المناطق الحضرية في القاهرة التي بنيت في أوقات مختلفة‪.‬‬

‫وتشير دائرة نصف قطرها ‪ 5‬و ‪ 3‬خرائط ‪ 6411‬أيضا المحاور الهامة للنمو المستقبلي للمدينة‪ .‬وتتمثل هذه المؤشرات بقيم‬
‫عالية نسبيا في ثالثة محاور‪ )6( :‬المحور من شارع المعز باتجاه باب البحر غربا‪ )1( .‬محور التمديد لشارع الدرب األحمر‬
‫من باب زويلة باتجاه الغرب‪ .‬و (‪ )3‬محور شارع بورسعيد‪ ،‬الموازي لشارع المعز في الغرب‪ .‬هذه المحاور الثالثة تمثل‬
‫النمو الحضري نحو الغرب خالل عصر المماليك‪ .‬وقد مثلت هذه المحاور كمؤشر للنمو المستقبلي ليس فقط ألن لها قيم تكامل‬
‫عالية نسبيا على القياسات الكلية والمحلية ولكن أيضا ألن عمقها أو نقطة انطالقها هي المساحات األكثر تكامال‪.‬‬

‫الشكل ‪ ,62‬الخريطة المحورية ‪6411‬‬ ‫الشكل ‪ ,66‬الخريطة المحورية ‪6411‬‬ ‫الشكل ‪ ,61‬الخريطة المحورية ‪6411‬‬
‫باستخدام قيم الترابط الكلي‪-‬نق ‪4‬‬ ‫باستخدام قيم الترابط الكلي‪-‬نق ‪5‬‬ ‫باستخدام قيم الترابط الكلي‪-‬نق ‪n‬‬
‫‪Radius-3 integration values‬‬ ‫‪Radius-5 integration values‬‬ ‫‪Radius-n integration values‬‬
‫(الباحث)‬ ‫(الباحث)‪.‬‬ ‫(الباحث)‬

‫‪ .4.4‬خريطة ‪ :0271‬يظهر الهيكل المحوري لخريطة ‪ 6971‬التلوين باستخدام التكامل نصف قطر‪radius-n n-‬‬
‫‪( integration‬الشكل ‪ )63‬ان النواة النحوية ‪ syntactical core‬الموجودة في منطقة باب الزويلة في وسط المدينة‪ .‬حتى‬
‫اآلن‪ ،‬كانت هذه المنطقة النواة التجارية ‪ the commercial core‬للقاهرة اإلسالمية ألكثر من خمسة قرون‪ .‬كما تميزت هذه‬
‫المنطقة بعدد كبير من المساجد والوكاالت واألسواق‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫مجلة الجامعة األسمرية للعلوم األساسية والتطبيقية‬
‫العدد (‪،)03‬الجزء الثاني ‪ ،‬يونيو ‪7302‬‬

‫كما تظهر هذه الخريطة المحورية التحول التدريجي في قيم التكامل ‪ integration‬للهيكل المكاني ‪.spatial structure‬‬
‫وانخفض هذا التغيير التدريجي من النواة الحضرية ‪ -the urban core‬الفراغات األكثر تكامال‪ ،‬إلى حواف المدينة ‪-‬‬
‫المساحات األكثر فصال‪ . the most segregated spaces‬في حين أن مساحات المنطقة التجارية حول باب زويلة لها أعلى‬
‫قيم التكامل‪ ،‬فإن فراغات حواف المدينة لها أدنى قيم التكامل‪ .‬في هذا التوزيع الهرمي للمساحات‪ ،‬من الممكن تحديد ثالث‬
‫خصائص مورفولوجية للمرحلة التاريخية األولى من المدينة‪ )6( :‬الهيكل المكاني للمدينة ينظم قيم التكامل الكلي لشوارعها‬
‫تدريجيا‪ )1( .‬كان هناك مقياس هوية واحد ينظم األشكال الحضرية ‪ urban forms‬وعالقاتها المكانية ‪spatial‬‬
‫‪ )3( .relationships‬كان التسلسل الهرمي والتوزيع المتجانس لقيم االندماج ثابتا تقريبا لكل هيكل المدينة‪ ،‬بما في ذلك حي‬
‫القاهرة الذي بني على نمط غير نظامي‪.‬‬

‫تظهر الخرائط المحورية ‪ 6971‬الملونة باستخدام نصف قطرها ‪ 5‬و ‪ 3‬قيم التكامل (الشكالن ‪ 64‬و ‪ )65‬بعض أوجه التشابه‬
‫واالختالف في خصائص التركيبة الفراغية‪ .‬وتبين الخرائط المحورية أن الفراغات األكثر تكامال تقع في ثالثة مناطق (‪)6‬‬
‫الجزء الشمالي من شارع المعز‪ .‬الشارع من باب الفتوح إلى شارع موسكي أو شارع جوهر القائد‪ )1( .‬المساحة من باب‬
‫الفتوح إلى باب البحر في الجزء الغربي من المدينة‪ .‬و (‪ )3‬الجزء الجنوبي من شارع المعز وتقاطعه مع الفراغات في منطقة‬
‫مسجد ابن طولون‪ .‬وكان هذا الوصف أوضح في الخريطة المحورية للتكامل نصف قطرها ‪ 3‬مما كانت عليه في الخريطة‬
‫المحورية للتكامل نصف قطرها ‪ .5‬وتمثل الخرائط المحورية أيضا أن شارع المعز‪ ،‬أو القصبة‪ ،‬هو المكان األكثر تكامال‬
‫باستثناء بعض انخفاض لقيم االندماج في األجزاء الوسطى‪ .‬وقد ال يظهر ذلك أهمية لشارع المعز في األنشطة التجارية‬
‫فحسب‪ ،‬وإنما أيضا العمود الفقري للهيكل المكاني المحلي‪ .‬وقد يكون ذلك بسبب العالقة بين شارع المعز وأربعة من أهم‬
‫المعالم (الشكل ‪.)64‬‬

‫هذه المعالم األربعة‪ ،‬من الشمال إلى الجنوب‪ ،‬هي‪ )6( :‬باب الفتوح‪ ،‬وهي البوابة الشمالية ونهاية شارع المعز في الهيكل حيث‬
‫يقع مسجد الحكيم والقصور الفاطمية تقع (المعلم ‪ )1( .)1‬مسجد األزهر هو أكبر نصب ديني في المدينة الواقعة في منطقة‬
‫خان القليلي‪ ،‬وهي واحدة من أقدم المناطق التجارية (المعلم ‪ .)9‬موقع مسجد األزهر بين شارع المعز والجدار الشرقي للمدينة‬
‫جعل شارع المعز أهم مساحة لمعظم مناطق المدينة للوصول إلى منطقة المسجد‪ )3( .‬باب بوابة زويلة‪ ،‬هو البوابة الجنوبية‬
‫ونهاية شارع المعز خالل القاهرة الفاطمية (المعلم ‪ .)5‬وبسبب التوسعات العمرانية الكبيرة نحو بوابة زويلة الجنوبية تصبح‬
‫في قلب هيكل المدينة الممثلة في الخرائط ‪ 6341‬و ‪ .6411‬بوابة زويلة هي أيضا تقاطع شوارع المعز والدرب األحمر‪ .‬في‬
‫حين أن شوارع المعز ودرب األحمر هي المساحات التجارية المهمة في المدينة‪ ،‬أصبحت بوابة زويلة مركزا تجاريا للمدينة‬
‫منذ القرن الثاني عشر حتى بداية القرن التاسع عشر‪ .‬خالل ذلك الوقت كانت منطقة بوابة زويلة هي المكان الرئيسي ألهم‬
‫المناسبات واالحتفاالت وعمليات اإلعدام في القاهرة اإلسالمية‪ )4( .‬مسجد ابن طولون الذي يقع في الجزء الجنوبي من‬
‫المدينة اإلسالمية (المعلم ‪ .)6‬هذا المسجد هو أقدم نصب بين جميع اآلثار التي تقع إلى الشمال من هذا المسجد بما في ذلك‬
‫القاهرة الفاطمية‪ .‬كانت المنطقة الحضرية لمسجد ابن طولون منطقة تجارية مهمة نظرا لقربها من القلعة‪ ،‬العاصمة‪ .‬الحظ‬
‫ايضا ان هذه المالم االربعة هي مباني عامة نفذت بقرار حكومي‪.‬‬

‫وبصفة عامة‪ ،‬اتسم النمو العمراني التدريجي في القاهرة بكل من هذه المجاالت الثالثة ببعض االختالفات من حيث تصنيف‬
‫المباني‪ ،‬والربط الفراغي‪ ،‬ونوع األنشطة التجارية‪ .‬في حين أن منطقة مسجد ابن طولون أعيد بناؤها ونمت خالل األيوبيين‬
‫والفترة اإلسالمية في وقت الحق‪ ،‬تم بناء الجزء الشمالي من شارع المعز خالل العصر الفاطمي‪ .‬تمثل منطقة باب زويلة‬
‫منطقة الواجهة بين العاصمة القديمة والجديدة‪ ،‬وبين بنية القاهرة الفاطمية وتوسعها الحضري الجنوبي‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫مجلة الجامعة األسمرية للعلوم األساسية والتطبيقية‬
‫العدد (‪،)03‬الجزء الثاني ‪ ،‬يونيو ‪7302‬‬

‫في مقارنة بين اثنين من الخرائط المحورية من ‪( 6341‬الشكل ‪ )9‬و ‪( 6971‬الشكل ‪ ،)63‬في نهاية المرحلة التاريخية‬
‫المبكرة‪ ،‬تظهر الخريطة النحوية ‪ 6971‬المدينة كان النمو الحضري المهم نحو الجنوب والشمال والشرق ‪ .‬وزاد عدد‬
‫المساحات‪ ،‬ليس فقط على مستوى المدينة ولكن أيضا على مستوى حي القاهرة (الجدول ‪ .)6‬وهذا قد يعني أن التحول‬
‫الحضري في المرحلة المبكرة‪ ،‬والذي حدث تدريجيا خالل التطور الحضري للمدينة‪ ،‬أدى إلى اختفاء النمط الحضري لميدان‬
‫القاهرة في نهاية هذه المرحلة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن المعالم الحضارية للقاهرة ال تزال معالم هامة لنمو المدينة ونقاط االتصال من‬
‫المسارات الجديدة‪ ،‬والتي تمثل العالقة بين التشكل التاريخي والوظيفي خالل تعديل للهيكل الفراغي‪ .‬وعلى الرغم من حدوث‬
‫تغيرات طبعية في المباني‪ ،‬بقيت النواة التجارية ‪ the commercial core‬دون تغيير حول و بين هذه المعالم ونقاط‬
‫االتصال ‪ focal points‬في الهيكل‪.‬‬

‫الشكل ‪ ،65‬الخريطة المحورية ‪6971‬‬ ‫الشكل ‪ ،64‬الخريطة المحورية ‪6971‬‬ ‫الشكل ‪ ,64‬الخريطة المحورية ‪6970‬‬
‫باستخدام قيم الترابط المحلي‪3-‬نق‬ ‫باستخدام قيم الترابط المحلي ‪-‬نق‪5‬‬ ‫باستخدام قيم الترابط الكلي‪-‬نق ‪n‬‬
‫‪Radius-3 integration values‬‬ ‫‪Radius-5 integration values‬‬ ‫‪Radius-n integration values‬‬
‫(الباحث)‬ ‫(الباحث)‬ ‫(الباحث)‬

‫‪ .5‬النتائج‬

‫اإلطار المنهجي الذي المتبع في هذه الدراسة ساعد‪ ،‬إلى حد كبير‪ ،‬على التحقيق أو ربط العالقة بين التشكل التاريخي والمكاني‬
‫أو التغيرات السياسية‪ .‬وبما أن الهيكل المكاني هو أفضل وصف لالدراك و التفاعل الحضري؛ وتغيير المباني العامة واألماكن‬
‫العامة المفتوحة ونظام التخطيط الحضري هي قرارات حكومية‪ ،‬فإن نهج التداخل والتتبع للتحوالت الفراغية والوظيفية وفرت‬
‫صلة واضحة بين التغيرات المكانية والوظيفية‪ ،‬أو بين التحوالت السياسية واالجتماعية‪ .‬كما كشف التحليل النحوي لألطر‬
‫المورفولوجية التسعة عن أربع عالقات مهمة بين التشكل التاريخي والوظيفي‪( :‬أ) التغيرات في البنية التركيبية للهيكل‬
‫الفراغي يخضع للتغيرات في التوزيع الوظيفي و تحديدا إعادة توزيع المباني العامة‪( ،‬ب) المباني العامة و‪/‬أو األماكن العامة‬
‫المفتوحة هي المعالم الهامة التي ترسم صورة المدينة للساكن التي ستستخدم هذه المعالم وتحاكي نمط االتصال بينها على‬
‫المستوى المحلي للهيكل الحضري‪ ،‬و (ج) الفراغات األكثر ارتباطا هي محاور بين أهم المعالم‪ ،‬ونمط االتصال بين المعالم‬
‫هو دليل لتغيير نمط الحركة وهي التي تنشاء حولها المراكز التجارية اعتمادا على كثافة الحركة بها‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫مجلة الجامعة األسمرية للعلوم األساسية والتطبيقية‬
‫العدد (‪،)03‬الجزء الثاني ‪ ،‬يونيو ‪7302‬‬

‫ويكشف التحليل المورفولوجي للمراحل التاريخية الثالث في القاهرة في بداية تكوينها عن حقيقتين هامتين‪ .‬أوال‪ ،‬نشو و توسع‬
‫التركيبة الفراغية للقاهرة قد اعتمد على النمط العضوي‪ .‬و هو نمط يميز الترابط الفراغي للمدن االسالمية العتمادها على‬
‫عامل الخصوصية االجتماعية بشكل كبير في التكوينات الحضرية على كل مستوياتها‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬كل فترة سياسية شيدت مبان عامة جديدة وأماكن عامة مفتوحة و‪/‬أو نظام تخطيط حضري‪ .‬ومن الواضح إلى حد كبير‬
‫أن هذه المهام تنظم بدورها الفراغات االقتصادية؛ واألسواق‪ ،‬والمراكز المالية‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬ادت مباشرة و في كثير من الحاالت‬
‫الى تعديل غير مباشر للشكل الحضري للمدينة‪ .‬وهذا بشير الى أن تأثير هذا التشكل التاريخي كان مسؤوال عن التغيرات‬
‫الفراغية أو التشكل المكاني الذي حدث عبر عدة قرون‪ ،‬وذلك أساسا بسبب التغيرات في التوزيع الوظيفي للمباني العامة‬
‫واستخدامات األراضي المعتمد بدوره على القوى الحاكمة واالقتصادية‪.‬‬

‫ثالثا‪ ،‬خالل معظم فترة الحكم العثماني للقاهرة اصبحت المدينة‪ ،‬و الول مرة في تاريخها‪ ،‬بدون مركز اداري للحكم و الذي‬
‫مكانه الجغرافي عادة ما يؤثر مباشر في تنظيم الشكل الفراغي للمدينة و بالتالي في نشؤ المراكز التجارية‪ .‬اال ان خالل هذه‬
‫الفترة قد لعبت القوى االقتصادية في اعادة صياغة الشكل الفراغي للمدينة و اعادة توجيه اتجهات نموها و قوته‪ .‬و هو ما يتير‬
‫اتجاه جديد لدراسة التغير االقتصادي و تاثيره على نمو و تغير الشكل الحضري للمدن‪.‬‬

‫رابعا‪ ،‬بالنظر الي خريطة القاهرة الفاطمية (الشكل رقم ‪ )3‬يالحظ انها لم تتميز كثيرا بالنمط العضوي وذلك قد يرجع الى انها‬
‫قد بنيت اساسا لتكون معسكرا مسورا واستمرت كذلك لحوالي أكثر من ‪ 111‬عاما وبالرغم من قربها النسبي من التجمع‬
‫الحضري االصلي وهو مدينة الفسطاط‪ ،‬التي تميزت بتشكل فراغي عضوي يضم بتكوين متوافق اجتماعيا‪ .‬وبالنظر الي‬
‫القاهرة اثناء وبعد فترة الحكم االيوبي (الشكل رقم ‪ ،)61‬يالحظ انه قد عم الشكل العضوي على المدينة والتي اصبحت تجمع‬
‫القاهرة الفاطمية والفسطاط معا في تكوين حضري واحد‪ .‬قد اثر بشكل كبير في اعادة تنظيم القاهرة الفاطمية تدريجيا ضمن‬
‫تكوين عضوي كبير يشمل الفسطاط و القاهرة الفاطمية‪ .‬وهذا التغيير في الشكل الحضري للقاهرة الفاطمية و الذي حدث‬
‫تدريجيا انما كان ناتج عن فتح المجال للسكان العادة التنظيم الفراغي بما يناسب خصائصهم االجتماعية‪ .‬ولالنصاف فان هذا‬
‫االجراء يحسب للقائد صالح الذين االيوبي الذي اتخد من القلعة‪ ،‬وهي في مكان متوسط بين المدينتين (الفسطاط والقاهرة)‪،‬‬
‫مقرا له وفتح ابواب القاهرة الفاطمية لكل الفسطاطيين او المصريين‪ .‬فهل كان صالح الدين االيوبي مدركا للعالقة ما بين‬
‫الضوابط االجتماعية و الشكل الفراغي؟ فما قام به هو مجرد لالقتصاد االجتماعي لصياغة الشكل الحضري بما يتناسب مع‬
‫ساكنييه‪ .‬و هو ما جعل القاهرة اتناء و بعد حكم االيوبيين تاخد الشكل العضوي‪.‬‬

‫‪ .4‬التوصيات‪:‬‬

‫ان التوصية الرئيسية لهذه الدراسة‪ ،‬والناتجة عن نتائج الدراسة‪ ،‬تشير الى ضرورة اعادة صياغة العالقة بين الخصائص‬
‫االجتماعية والتخطيطية‪ ،‬او بين العمارة والعمران‪ ،‬لتحل محل انظمة التخطيط الغربية نظرا لوجود ترابط قوي بين العمران‬
‫والعمارة في المجتماعات العربية واالسالمية‪.‬‬

‫‪References‬‬

‫‪Abu-Lughod, J. L. (1971). Cairo: 1001 years of the city victorious. Princeton, N.J.: Princeton‬‬
‫‪University Press.‬‬
‫‪AlSayyad, N. (2011). Cairo: histories of a city. Cambridge, Mass.: Belknap Press of Harvard‬‬
‫‪Universitry Press.‬‬
‫‪Devonshire, R. L. (1917). Rambles in Cairo. Cairo, Egypt: Sphinx Printing Press.‬‬

‫‪14‬‬
‫مجلة الجامعة األسمرية للعلوم األساسية والتطبيقية‬
7302 ‫ يونيو‬، ‫الجزء الثاني‬،)03( ‫العدد‬

Figueiredo, L. (July 2005). Mindwalk 1.0 – Space Syntax Software. Laboratório de Estudos
Avançados de Arquitetura - LA2, Universidade Federal de Pernambuco, Recife,
2010, from
http://www.mindwalk.com.br/papers/Figueiredo_2005_Space_Syntax_Software_en.
pdf
Hamd'an, J. a. a.-D. i. M. h. u. (1980). Shakh*s*iyat Mi*sr. al-Q*ahirah: **Alam al-Kutub.
Hillier, B., & Hanson, J. (1984). The social logic of space. Cambridge Cambridgeshire; New
York: Cambridge University Press.
Klarqvist, B. (2003). "A Space Syntax Glossary", Nordisk Arkitekturforskning 1993, 2. 11-12.
Rashid, M., & Shateh, H. (2012). The dialectics of functional and historical morphology in the
evolution of a city: the case of the Stone Town of Zanzibar. The Journal of
Architecture, 17(6), 889-924.
Raymond, A. (2000). Cairo. Cambridge, Mass.: Harvard University Press.
Rhone, Arthur. "L'Egypte: A Petites Journees, Etudes et Souvenirs (Libraire de la Societe
Asiatique, de L'Ecole des Langues Orientales de la Societe Khediviale du Kaire,
Etc".: Paris, 1878): 024c. Citation: Erhard Plan Du Kaire Ancien (1878)
from Travelers in the Middle East Archive (TIMEA).http://hdl.handle.net/1911/9452.
Turner, A. (2004). "Depthmap 4 - A Researcher's Handbook", Bartlett School of Graduate
Studies, UCL, London., from http://www.vr.ucl.ac.uk/depthmap/depthmap4.pdf
Volchenkov, D., & Blanchard, P. (2008). Scaling and universality in city space syntax: Between
Zipf and Matthew. Physica A: Statistical Mechanics and its Applications, 387(10),
2353-2364.
Wirth, E. (2000). Die orientalische Stadt im islamischen Vorderasien und Nordafrika: städtische
Bausubstanz und räumliche Ordnung, Wirtschaftsleben und soziale Organisation:
von Zabern.
Shateh, H., & Rashid, M., 2014, The Relationship between the Governmental and
Syntactic Cores: The Case of Tripoli, Libya, the 7th International Conference of the Arabic
Society for Computer Aided Architectural Design (ASCAAD), Proceedings of the 7th
ASCAAD Conference 2014, Published by: Effat University (Pp215 – 427).

15

You might also like