مذكرة التخرج النهائية

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 156

‫جامعة ‪ 8‬ماي ‪ 1945‬ق المة‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬


‫قسم العلوم السياسية‪.‬‬
‫رقم التسجيل ‪09/6030215:‬‬
‫الرقم التسلسلي‪:‬‬

‫األمن واالنتقال الديمقراطي في العالم‬


‫العربي"دراسة حالة مصر"‬
‫مذكرة مقدمة لنيل شهادة ماستر في العلوم السياسية‬
‫تخصص‪ :‬دراسات إستراتيجية وأمنية‬

‫إشراف الدكتور‪:‬‬ ‫إعداد الطالبة‪:‬‬


‫راﺑﺢ زغوني‬ ‫دﻧﯾﺎ لعقون‬
‫أعضاء لجنة المناقشة‬
‫الصفة‬ ‫الجامعة‬ ‫الدرجة العلمية‬ ‫األستاذ‬ ‫الرقم‬
‫رئيسا‬ ‫‪ -‬أستاذة التعليم العالي ‪ 8‬ماي‪-1945‬قالمة‬ ‫وداد غزالني‬ ‫‪1‬‬
‫مشرفا‬ ‫‪ 8‬ماي‪-1945‬قالمة‬ ‫‪ -‬أستاذ محاضر" أ"‬ ‫رابح زغوني‬ ‫‪2‬‬
‫مناقشا‬ ‫‪ 8‬ماي‪-1945‬قالمة‬ ‫‪ -‬أستاذ محاضر" أ"‬ ‫إسماعيل بوقنور‬ ‫‪3‬‬

‫السنة الجامعية‪2018 :‬م‪2019/‬م‬


‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫"‪...‬إن اهلل ال يغير ما بقوم‬


‫حتى يغيروا ما بأنفسهم ‪"...‬‬
‫الرعد اآلية ‪11:‬‬
‫اإلهــــداء‬

‫أهدي هذا العمل المتواضع‪:‬‬

‫إلى روح والدي الطاهرة رحمه هللا‬

‫إلى والدتي الفاضلة أطال هللا في عمرها‬

‫إلى اخوتي و اخواتي و ابنائهم و بناتهم‬

‫و الى كل عائلتي الكريمة واألهل واألقارب‬

‫و األصدقاء وزمالء الدفعة‬

‫إلى من اقترح فكرة إكمال دراستي الحكيم"لطفي فؤاد"‬


‫الشكر والعرفان‬

‫الشكر هلل قبل كل شيئ على توفيقه النجاز هذا العمل‪.‬‬

‫أتقدم بجزيل الشكر الى االستاذ الفاضل الدكتور "زغوني رابح"‬


‫على قبوله اإلشراف على هذه المذكرة‪ ،‬وعلى متابعته المستمرة‬
‫ومساعدته وتوجيهاته ومالحظاته التي كانت العامل الرئيسي في‬
‫إخراج البحث على نحو ما انتهى اليه كما اتقدم بالشكر إلى أعضاء‬
‫لجنة المناقشة على قبولهم مناقشة هذا العمل‪.‬‬

‫وال يفوتني أن اشكر كل أساتذة قسم العلوم السياسية بجامعة قالمة و كل‬
‫من كان له فضل وساندني من قريب أو من بعيد حتى بالكلمة الطيبة‪.‬‬

‫دنيا‬
‫خطة البحث‪:‬‬

‫مقدمة‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلطار المعرفي لألمن‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم األمن‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مستويات األمن‬

‫المطلب الثالث‪ :‬قطاعات األمن‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الديمقراطية واالنتقال الديمقراطي‪ :‬دراسة في المفهوم‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الديمقراطية ومبادئها‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم االنتقال الديمقراطي‬

‫المبحث الثالث‪ :‬األمن والديمقراطية‪ :‬دراسة في حدود العالقة‬

‫المطلب األول‪ :‬العالقة ما بين األمن والديمقراطية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬آليات تحقيق األمن والديمقراطية‬

‫الفصل الثاني‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال الديمقراطي‬

‫المبحث األول‪ :‬العالم العربي كوحدة تحليل في االنتقال الديمقراطي‬

‫المطلب األول‪ :‬التركيب البنيوي لألنظمة السياسية العربية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬سمات ومميزات النظام السياسي العربي‬


‫المبحث الثاني‪ :‬خصوصية االنتقال الديمقراطي في العالم العربي‬

‫المطلب األول‪ :‬أسباب االنتقال الديمقراطي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أنماط االنتقال الديمقراطي‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مخرجات االنتقال الديمقراطي‬

‫المبحث الثالث‪ :‬تحديات االنتقال الديمقراطي في العالم العربي‬

‫المطلب األول‪ :‬التحديات السياسية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التحديات االقتصادية واالجتماعية‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التحديات األمنية‬

‫الفصل الثالث‪ :‬عالقة األمن والديمقراطية في تجربة االنتقال الديمقراطي في‬


‫مصر (‪)2019-2011‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التسلطية سمة النظام السياسي المصري‬

‫المطلب األول‪ :‬االنتقال من الملكية إلى الجمهورية وتعزيز التسلطية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور المؤسسة العسكرية في النظام السياسي‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الخصائص العامة للنظام السياسي المصري‬

‫الديمقرطي في مصر‬
‫ا‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬تجربة االنتقال‬

‫المطلب األول‪ :‬ظروف بداية االنتقال الديمقراطي في مصر‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االنتقال من نظام الحزب الواحد الى التعددية المقيدة‬


‫المطلب الثالث‪ :‬أي دور للمؤسسة العسكري في العملية االنتقالية؟‬

‫المبحث الثالث‪ :‬جدلية االنتقال الديمقراطي في مصر بين تحقيق الديمقراطية واألمن‬

‫المطلب األول‪ :‬بيئة النظام المصري قبل ثورة ‪25‬يناير ‪2011‬م‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نظام مرسي وفرصة تحقيق االنتقال الديمقراطي‬

‫المطلب الثالث‪ :‬نظام السيسي والعودة للنمط التسلطي بذريعة األمن‬

‫خاتمة‬

‫قائمة المصادر والمراجع‬


‫ملخــــــــــــــــــــــــــــــص‬

‫ملخــــص ‪:‬‬
‫نتيجة لموجة التحوالت السياسية التي اطلقت في الدول العربية عام‬
‫‪2011‬م‪ ،‬بداية بتونس و انتشرت الى العديد من الدول العربية األخرى‬
‫كمصر‪ ،‬سوريا‪ ،‬ليبيا‪ ،‬اليمن ‪...‬متفائلة بتغيير طبيعة النظام السياسي من‬
‫السلطوي الى الديمقراطي ‪ ،‬و تمثل دراسة المرحلة االنتقالية التي أعقبت‬
‫سقوط أنظمة سلطوية مكثت طويل في الحكم وطبعها التغيير السريع في‬
‫هذه المرحلة و اهتمت هذه الدراسة بتحليل طبيعة العالقة بين األمن و‬
‫االنتقال الديمقراطي في العالم العربي عامة و مصر خاصة ‪ ،‬غير أن هذه‬
‫العالقة تبدو أكثر تعقيدا بسبب غياب ديمقراطية حقيقية فاألمن يشكل‬
‫ركيزة اساسية لعملية االنتقال الديمقراطي‪ ،‬و هو محدد لنجاح أو فشل هذه‬
‫العملية ‪ ،‬و المتتبع للشأن المصري يدرك بأن المؤسسة العسكرية ليست‬
‫مهمتها تلبية مطالب الثورة التي تنادي بالتغيير ‪ ،‬بل مهمتها الحفاظ على‬
‫األمن القومي المصري من األخطار الداخلية والخارجية‪ ،‬غير أن الواقع‬
‫يثبت عكس ذلك‪ ،‬الن ثورة ‪ 25‬ينايير ‪2011‬م فتحت من جهة باب‬
‫االنتقال الديمقراطي‪ ،‬و من جهة أخرى تكريس دور المؤسسة العسكرية في‬
‫السياسة‪ ،‬أي هناك تداخل و هذا ما تجسد فعال بعد ثورة ‪ 30‬يونيو‬
‫‪2013‬م لتعود من جديد مكانة المؤسسة العسكرية في النظام السياسي‬
‫المصري‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬األمن‪ ،‬اإلنتقال الديموقراطي‪ ،‬األنظمة السياسية العربية‬
Abstract

Abstract
As a result of the wave of political transformations launched in
the Arab countries in 2011, beginning in Tunisia and spread to
many other Arab countries such as Egypt, Syria, Libya, Yemen
... optimistic about changing the nature of the political system
from authoritarian to democratic, and represents the study of the
transitional period that followed the fall This study examined
the nature of the relationship between security and democratic
transition in the Arab world in general and Egypt in particular,
but this relationship seems more complex because of the
absence of true democracy. Security is a fundamental pillar of
the transition process. The Egyptian observer is aware that the
military is not only responsible for meeting the demands of the
revolution, but rather its task is to preserve Egyptian national
security from internal and external dangers. However, reality
proves otherwise, because the revolution of 25 January 2011
opened on the one hand the door of democratic transition, and
on the other hand dedicate the role of the military in politics,
that is, there is overlap and this is what actually embodied after
the revolution of 30 June 2013 to re-establish the status of the
military establishment in the Egyptian political system.
Keywords: Security, Democratic Transition, Arab Political
Systems
‫مقدمة‬
‫مقدمة‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫انتشرت الديمقراطية وغزت العالم عمى شكل موجات متعدية‪ ،‬فكانت األولى إثر‬
‫الثورة األمريكية والثورة الفرنسية‪ ،‬وواصمت موجتيا الثانية بعد الحرب العالمية الثانية‪،‬‬
‫لتنطمق الموجة الثالثة مع بداية السبعينات والى غاية سقوط المعسكر الشرقي سنة‬
‫‪9191‬م لتشمل أوروبا الجنوبية مثل ‪:‬اسبانيا‪ ،‬اليونان‪ ،‬البرتغال‪ ،‬وأوروبا الشرقية وأمريكيا‬
‫الالتينية‪ ،‬وأما ما تشيده بعض الدول العربية منذ سنة‪1199‬م فيما يسمى بـ " الربيع‬
‫العربي" فإنيا يمكن أن تعد موجة متأخرة في إطار السعي لالنتقال من وضع سياسي‬
‫يطبعو االستبداد والطغيان إلى وضع يحفظ كرامة الفرد‪ ،‬برغم العوائق التي وقفت أماميا‬
‫والتي يمكن اعتبارىا مانعة لالنتقال الديمقراطي‪ ،‬حيث تعددت األصوات المنادية بضرورة‬
‫العمل إلى إدخال إصالحات جذرية في نظم الحكم ومؤسساتو وممارساتو‪ ،‬وعمى كافة‬
‫مستوياتو في العالم العربي‪.‬‬

‫التحوالت والتطورات التي مست األنظمة العربية كانت سببا رئيسيا في إرساء معالم‬
‫التغيير في العديد من الدول العربية التي عاشت لفترة طويمة تحت وطأة أنظمة ديكتاتورية‬
‫حالت دون تحقيق التغيير‪ ،‬والتعبير عن رؤيتيا لمسألة ىذا التغيير‪ ،‬فالحراك العربي كان‬
‫تعبي ار حقيقيا عمى الرغبة في التغيير والعبور إلى مرحمة االنتقال الديمقراطي الحقيقي‪،‬‬
‫حيث يعد االنتقال إلى الديمقراطية من أىم عوامل توطيد اإلستقرار السياسي واإلجتماعي‬
‫وتحقيق األمن وذلك ألن التداول عمى السمطة يساىم في إقرار حقوق اإلنسان وسيادة‬
‫القانون ويدعم المشاركة السياسية وىو من شأنو يؤسس مشروعية لمنظام السياسي‪ ،‬غير‬
‫أن إقامة عالقة ثابتة ومؤطرة بين األمن والديمقراطية يعد أم ار بالغ األىمية لالنتقال إلى‬
‫الديمقراطية‪ ،‬فالوصول إلى عالقة إعادة التوازن في عالقات السمطة قد يكون بالغ‬
‫الصعوبة في الوقت نفسو‪ ،‬ويتطمب أن يكون األمن العام محققا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬

‫يمثل مسار االنتقال الديمقراطي اإلطار الحاكم إلقامة عالقة متوازنة بين الدولة‬
‫والمجتمع‪ ،‬والتأسيس لنظام ديمقراطي يقوم عمى الشرعية الشعبية‪ ،‬ومن جية أخرى يمثل‬
‫تحقيق األمن مبر ار رئيسا لوجود الدولة‪ ،‬وتحقيق وظيفتيا األساسية وىي حماية مصالح‬
‫مواطنييا في كافة المجاالت‪ ،‬وذلك ألىمية المكون األمني في الحياة اإلنسانية واتساع‬
‫نطاق عالقة اإلعتماد المتبادل بين المجاالت األمنية والسياسية واإلقتصادية واإلجتماعية‪،‬‬
‫وفي ىذا اإلطار تتعرض الدول العربية إلى مجموع من التحديات ناتجة بفعل العالقة بين‬
‫متغيري األمن واالنتقال الديمقراطي ومن ثم تأتي ىذه الدراسة لتعالج الموضوع من خالل‬
‫دراسة الحالة المصرية‪ ،‬حيث اسفر التغير السياسي الذي شيدتو مصر عن سقوط النظام‬
‫السياسي‪ ،‬والعالقة بين االنتقال الديمقراطي واألمن تمثل جوىر التغيرات السريعة في‬
‫جميا أن ىناك ارتباط ين مستوى الديمقراطية ومستوى األمن‬
‫المجتمع المصري ويظير ّ‬
‫واإلستقرار فييا‪ ،‬فتمركز السمطة في يد نظام عسكري سمطوي وتجريف الحياة السياسة‬
‫وتخريب البنى اإلجتماعية جعل مصر رىينة نظام استبدادي بحجة تحقيق األمن‬
‫واإلستقرار‪.‬‬

‫أهمية الدراسة‪:‬‬

‫إن أىمية الدراسة تنبع من كونيا محاولة لدراسة العالقة المتبادلة بين األمن‬
‫واإلنتقال الديمقراطي‪ ،‬ىذين المفيومين المذين يتحكمان في المسار اإلنتقالي‪ .‬وتعتبر ىذه‬
‫المسألة من المواضيع اليامة التي تطرح عند الحديث عن أنظمة الحكم في العالم العربي‪،‬‬
‫فيما يتعمق بالدساتير في األنظمة السياسية العربية من حيث تناوليا لعممية تداول السمطة‬
‫ومدى تطابق ذلك مع األسس والمبادئ التي ترتكز عمييا الديمقراطية والعدالة واإلستقرار‪،‬‬
‫فالقضية اآلن تتعمق بنظام الحكم في العالم العربي الذي يحتكر فيو الحاكم السمطة والثروة‬
‫معا‪ ،‬ويجعل من الصعب إحداث تغيير ديمقراطي حقيقي‪ ،‬وتتمثل أىمية الموضوع في‬
‫جانبين ىما‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة‬

‫الجانب العممي‪ :‬حيث تتمثل القيمة العممية لمبحث في كونو يعالج أحد أىم القضايا‬
‫البحثية المثيرة لمنقاش عمى المستوى األكاديمي في العالم العربي‪ ،‬كما تبرز أىميتو في‬
‫تزايد األصوات المنادية بضرورة العمل عمى إدخال إصالحيات جذرية في نظم الحكم‬
‫وممارساتو في العالم العربي‪.‬‬

‫الجانب العممي‪ :‬يبرز ىذا الجانب في محاولة دراسة عالقة متغيري األمن واالنتقال‬
‫الديمقراطي واختيار تجسيدىا في العالم العربي‪ ،‬عبر تحميل طبيعة العالقة بين دور األمن‬
‫وحدوث عممية االنتقال إلى الديمقراطية‪.‬‬

‫مبررات اختيار الموضوع‪:‬‬

‫تبرز الرغبة في اختيار الموضوع البحثي في اجتماع عدة دوافع ذاتية وأخرى موضوعية‪:‬‬

‫األسباب الموضوعية‪:‬‬

‫توجد عدة دوافع موضوعية أىميا‪:‬‬

‫‪ -‬تسعى ىذه الدراسة إلى توفير مادة عممية تساىم إلى جانب الدراسات األخرى المختمفة‬
‫في بناء تراكم عممي؛‬

‫‪ -‬تزايد اإلىتمام بعممية اإل نتقال الديمقراطي في الدول العربية‪ ،‬خصوصا مع المحاوالت‬
‫المتكررة من قبل األنظمة العربية لتحقيق اإلنتقال الديمقراطي ؛‬

‫‪ -‬محاولة إبراز إف ارزات استمرار األنظمة التسمطية في الدول العربية ؛‬

‫‪-‬كون الدراسة تعالج موضوعا حيويا في العموم السياسية يتمثل في معرفة طبيعة العالقة‬
‫بين األمن واالنتقال الديمقراطي والديمقراطية‪ ،‬وكذا معالجة مشكمة اإلنتقال الديمقراطي في‬
‫الواقع العربي من خالل رصد مظاىر الديمقراطية وعواقب التخمي عنيا‪.‬‬

‫األسباب الذاتية‪ :‬نجمميا في عدة نقاط‪:‬‬

‫‪ -‬يعد الموضوع من بين المواضيع المطروحة لمنقاش في البمدان العربية عقب ثورات‬
‫"الربيع العربي"‪ ،‬وقد تممكتنا الرغبة لتقديم رؤية خاصة في ىذا النقاش؛‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة‬

‫‪ -‬التحمس إلنجاز ىذا البحث والميل إلى دراسة تتعمق باألنظمة السياسية العربية؛‬

‫‪ -‬الرغبة في فيم وتكوين رصيد معرفي في مجال الدراسات العربية‪ ،‬كما أن الواقع‬
‫المأسوي التي تعاني من الدوال العربية والتأمل إلى الخروج من ىذا الوضع يعد دافعا‬
‫لمبحث في الموضوع‪.‬‬

‫أهداف الدراسة‪:‬‬

‫تتمخص أىداف الدراسة في عدد من النقاط كما يمي‪:‬‬

‫‪ -‬توسيع الفيم حول السياق العام الذي يحكم العالقة بين األمن و الديمقراطية؛‬

‫‪ -‬تزويد المكتبة الجامعية ببحث أكاديمي ييتم بدراسة المتغيرات التي تحكم المسار‬
‫الديمقراطي في المرحمة االنتقالية لمتحول السياسي في المنطقة العربية‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫دراسة الحالة المصرية؛‬

‫‪ -‬رصد المسار االنتقالي في مصر بعد التغيير الذي حدث اثر ثورة ‪ 12‬يناير‪1199‬م‬
‫بتحديد ما آلت إليو عممية االنتقال الديمقراطي في إطار تحقيق األمن القومي المصري‪.‬‬

‫مجال الدراسة‪:‬‬

‫يمكن تحديد مجال الدراسة من خالل وضعيا في إطارىا المكاني والزماني‪.‬‬

‫‪ -‬الحيز المكاني‪ :‬الحيز المكاني ليذه الدراسة يتسع ليشمل العالم العربي كوحدة مكانية‬
‫لمتحميل تتوافر فييا تقريبا نفس الظروف والشروط الموضوعية لمتعميم‪ ،‬ويضيق بدراسة‬
‫الحالة المصرية حيث بدا نقاش متغيري األمن واالنتقال الديمقراطي وأثرىما عمى أنظمة‬
‫الحكم العربية أكثر وضوحا بعد تجربة الثورة المصرية في ‪.1199‬‬

‫‪ -‬المجال الزمني‪ :‬يحدد اإلطار الزمني بالتطورات التي طرأت عمى المشيد السياسي‬
‫المصري من منذ ‪1199‬م إلى الوقت الراىن‪ ،‬ألنيا الفترة التي شيدت مسا ار مبش ار بانتقال‬
‫ديمقراطي حقيقي ليتم االنقالب عميو بعد ‪ 1192‬بحجة األمن القومي‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫مقدمة‬

‫إشكالية الدراسة‪:‬‬

‫ظمت المنطقة العربية تعاني لفترة طويمة حالة من االستبداد السياسي وسوء التدبير‬
‫والفساد عمى جميع المستويات حيث دخمت من خالل التحوالت التي طرأت عمى المشيد‬
‫السياسي مرحمة جديدة يمكن أن تؤطرىا مبادئ الديمقراطية‪ ،‬غير أن التفاؤل المفرط‬
‫اصطدم مع حقائق الواقع الشديد إذ لم تكن الفئة الماسكة بزمام الحكم مستعدة لمتنازل‬
‫عمى السمطة ونظ ار لما افرزتو التطورات السياسية داخل الدول العربية من مشكالت أمنية‬
‫أدت إلى اثارة قضية تتعمق باالختيار بين الديمقراطية أو األمن‪ ،‬أييما أولى؟ وىل العالقة‬
‫بينيما بالضرورة صفرية؛ أي يقتضي اختيار أحدىما إقصاء الخيار اآلخر؟ وانطالقا من‬
‫ىذا النقاش ‪-‬وتطبيقا عمى الحالة المصرية‪ -‬تطرح الدراسة اإلشكالية التالية‪ :‬هل يمكن‬
‫لمدواعي األمنية أن تبرر االنقالب عمى االنتقال الديمقراطي؟‬

‫تندرج ضمن ىذه اإلشكالية مجموعة من األسئمة الفرعية‪:‬‬

‫‪ -‬ما ىي معيقات االنتقال الديمقراطي في العالم العربي؟‬

‫‪ -‬ىل النظم التسمطية أفضل من النظم الديمقراطية في التعامل مع قضايا األمن؟‬

‫‪ -‬ىل أدت عممية االنتقال الديمقراطي إلى تقويض األمن القومي المصري؟‬

‫‪ -‬ىل يمكن الحديث عن نتائج مرضية في مجال االنتقال الديمقراطي في مصر بعد‬
‫الحراك الشعبي لعام ‪1199‬م؟‬

‫‪ -‬ىل يمكن الحديث عن نتائج مرضية في مجال األمن في مصر بعد انقالب ‪1192‬م؟‬

‫فرضيات الدراسة‪:‬‬

‫بناءا عمى اإلشكالية واألسئمة الفرعية المطروحة‪ ،‬فان الفرضيات التي تستيدف الدراسة‬
‫اختبارىا ىي كاألتي‪:‬‬

‫‪ -‬السعي لتحقيق االنتقال الديمقراطي في بيئة أمنية غير مستقرة يؤدي إلى فوضى تضر‬
‫بخياري األمن والديمقراطية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مقدمة‬

‫‪ -‬ال يمكن تحقيق االستقرار األمني في بيئة غير ديمقراطية؛ ألن األمن بمفيومو الموسع‬
‫يشمل األبعاد السياسية المجتمعية واالقتصادية التي ال يمكن تحقيقيا في ظل نظام‬
‫تسمطي‪.‬‬

‫مناهج الدراسة‪:‬‬

‫عمى اعتبار أن المنيج ىو الطريقة التي يتبعيا الباحث في دراسة لممشكمة‪،‬‬


‫فطبيعة الموضوع واألىداف المحددة من خاللو تفرض عمى الباحث أن يتبع منيج دون‬
‫أخر‪ ،‬وألجل ذلك فإن ىذه الدراسة اعتمدت عمى توظيف التكامل المنيجي؛ بحيث تأخذ‬
‫الدراسة الطابع الوصفي االستكشافي كونيا تبحث في تحديد طبيعة العالقة بين األمن‬
‫والديمقراطية في نظم االنتقال الديمقراطي العربية‪ ،‬وفي ذلك ال تستغني عن مستوي‬
‫التحميل في مناقشة تبعات تفضيل الخيار األمني عمى حساب الديمقراطي في الحالة‬
‫المصرية‪ ،‬وعموما فقد تم توظيف المنيجين التاريخي ودراسة الحالة بشكل أكثر وضوحا‪:‬‬

‫المنهج التاريخي‪ :‬من خالل تتبع المسار التاريخي لمنظام السياسي المصري‪ ،‬ومجموع‬
‫اإلحداث الحاسمة التي أعطت لمنظم المصري سماتو الخاصة بو كنظام تسمطي عسكري‪.‬‬

‫منهج دراسة حالة‪ :‬ويقوم ىذا المنيج عمى دراسة حالة قائمة‪ ،‬وىذا يتم من خالل جمع‬
‫معمومات قضية معينة حول الوضع الخالي والسابق لمقضية محل الدراسة‪ ،‬ومعرفة‬
‫العوامل التي أثرت وتؤثر عمييا حيث عمدت الدراسة منيج دراسة الحالة البارز في نواتيا‬
‫واستعممنا ىنا نموذج حالة دولة مصر‪ ،‬إذ خصت نظام الحكم في مصر لمتعرف عمى‬
‫طبيعة االنتقال الديمقراطي والمراحل التي مرت بيا‪ ،‬ودور األمن في ذلك‪.‬‬

‫أدبيات الدراسة‪:‬‬

‫أي بحث عممي تقتضي فيو ضرورة البحث والتقصي حول ماكتب بخصوص‬
‫موضوع الدراسة‪ ،‬ومن خالل االطالع محل الدراسة وبعد البحث حول مختمف الدراسات‬
‫التي ليا عالقة بالموضوع نحاول عرض دراسات بحثت الموضوع عمى النحو التالي‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫مقدمة‬

‫‪ -‬دراسة دحماني مولود بعنوان "اثر مخرجات العالقة االرتباطية بين مسار االنتقال‬
‫الديمقراطي ومحددات األمن القومي عمى قوة الدولة من مراحل التحول السياسي دراسة‬
‫مقارنة‪ :‬تونس وليبيا ‪1192-1199‬م"‪ ،‬وىي رسالة مقدمة لنيل شيادة الماجيستير في‬
‫العموم السياسية‪ ،‬حيث اىتمت بدراسة التحوالت السياسية العربية التي بدأت في سنة‬
‫‪1199‬م وما صاحبيا من ظروف عصيبة ومعقدة تمر بيا كافة األصعدة خاصة الجانب‬
‫األمني في مستوياتو الداخمية والخارجية نظ ار ليشاشة البنى الموروثة عن األنظمة السابقة‬
‫ودراسة مقارنة بين حالتي تونس وليبيا‪.‬‬

‫‪ -‬دراسة بوروني زكرياء‪ ،‬بعنوان "النخبة السياسية واشكالية االنتقال الديمقراطي ‪ :‬دراسة‬
‫حالة الجزائر"وىي رسالة ماجستير في العموم السياسية‪ ،‬حيث تناولت ىذه الدراسة كيفية‬
‫االنتقال الديمقراطي‪ ،‬ودور الظروف والمتغيرات المحيطة بالنظام السياسي وتأثيراتيا عميو‪.‬‬

‫‪ -‬دراسة محمد الشريف أقضى‪ ،‬بعنوان " الديمقراطية واألمن اإلنساني في ظل العولمة‪:‬‬
‫دراسة حالة العالم العربي" وىي رسالة ماجستير في العموم السياسية‪ ،‬حيث عالجت ىذه‬
‫الدراسة إشكالية ترسيخ القيم الديمقراطية كمدخل لتحقيق األمن اإلنساني في العالم العربي‬
‫"وىي رسالة ماجستير في العموم السياسية‪ ،‬حيث عالجت ىذه الدراسة إشكالية ترسيخ القيم‬
‫الديمقراطية كمدخل لتحقيق األمن اإلنساني في العالم العربي في ظل تحديات العولمة‪،‬‬
‫حيث أكدت عمى عدم قدرة الدول العربية عمى تفعيل القيم الديمقراطية إلى ممارسات‬
‫ميدانية نظ ار لمتحديات المحمية واإلقميمية والدولية التي ساىمت في تعميق أزمات بناء‬
‫الدولة العربية‪.‬‬

‫‪ -‬دراسة مخموف بشير بعنوان "موقع الدين في عممية االنتقال الديمقراطي في الجزائر فترة‬
‫(‪)9112-9191‬دراسة في التمثالت السياسية لواقع التعددية الحزبية عند بعض‬
‫المنتسبين لمجبية اإلسالمية لإلنقاذ‪-‬المحمة‪"-‬وىي أطروحة دكتوراه في عمم االجتماع‬
‫السياسي‪ ،‬حيث اىتمت ىذه الدراسة بتجربة لم يسمح ليا باالستمرار نظ ار لما تخمميا من‬

‫‪7‬‬
‫مقدمة‬

‫فقد استعممت‬ ‫عنف وعدم استقرار سياسي فالوضع في الجزائر اخذ معنى أخر‪،‬‬
‫الديمقراطية بطريقة ذرائعية من طرف كل القوى السياسية الفاعمة‪ ،‬فكل طرف وظفيا‬
‫حسب غاياتو وأىدافو خاصة النظام السياسي‪.‬‬

‫اختيرت ىذه الدراسات لعالقاتيا بموضوع البحث‪ ،‬حيث ركزت عمى خطورة‬
‫االوضاع التي ال الييا العالم العربي‪ ،‬وفيما يمكن مالحظتو في ىذه الدراسات أن أغمبيا‬
‫تناولت أحد متغيرات البحث محل الدراسة‪ ،‬وقد جاءت دراستنا من أجل تقديم تصور حول‬
‫عالقة األمن باالنتقال الديمقراطي من ناحية االختيار بينيما أييما أوال تحقيق األمن أم‬
‫تحقيق الديمقراطية واسقاطيا عمى العالم العربي‪ ،‬وبصفة خاصة الجميورية المصرية‪ ،‬اذن‬
‫تختمف ىذه الدراسة كونيا تعالج عالقة االمن بالديمقراطية‪ ،‬ووضع احدى المتغيرين‬
‫موضع االختيار بينيما من خالل دراسة الحالة المصرية‪ ،‬وكيفية اقصاء أحد المتغيرين‬
‫عمى حساب االخر نظ ار ألىمية المكون األمني في حياة االنسان‪.‬‬

‫صعوبات الدراسة‪:‬‬

‫لكل عمل مجموعة صعوبات تعترضو‪ ،‬وفيما يتعمق بصعوبات ىذه الدراسة فقد‬
‫تمثمت أساسا في غياب دراسات تحميمية جادة بمغة الدراسة لمعالقة المتبادلة بين األمن‬
‫والديمقراطية فرغم تعدد الدراسات التي تناولت المفيومين عمى حدا وبإسقاطاتيما عمى‬
‫العالم العربي‪ ،‬إال أن تمك الدراسات التي تناقش عالقة التأثير المتبادل بينيما بعيدا عن‬
‫المغة النظرية تكاد تكون منعدمة‪.‬‬

‫تفصيل الدراسة‪:‬‬

‫لإلجابة عمى األسئمة المطروحة في ىذه الدراسة واختيار الفرضيات‪ ،‬فقد تم‬
‫االعتماد عمى خطة من ثالث فصول‪ ،‬خصص الفصل األول لإلطار المفاىيمي والنظري‬
‫لمدراسة حيث اختص المبحث األول برصد مفيوم األمن ومستوياتو وقطاعاتو‪ ،‬أما‬
‫المبحث الثاني فقد تناول مفيوم كل من الديمقراطية واالنتقال الديمقراطي في حين‬

‫‪8‬‬
‫مقدمة‬

‫خصص المبحث الثالث لمعالقة بين األمن والديمقراطية‪ ،‬وتناول الفصل الثاني الحديث‬
‫عن بنية النظام السياسي العربي وصعوبة االنتقال الديمقراطي‪ ،‬وذلك من خالل التطرق‬
‫في المبحث األول لمعالم العربي كوحدة تحميل في االنتقال الديمقراطي‪ ،‬أما المبحث الثاني‬
‫تناول تحميل خصوصية االنتقال الديمقراطي في العالم العربي‪ ،‬وجاء المبحث الثالث فقد‬
‫خصص لدراسة تحديات االنتقال الديمقراطي في العالم العربي‪ ،‬أما الفصل الثالث فعني‬
‫بدراسة الحالة‪ ،‬أي التجربة المصرية لالنتقال الديمقراطي واالنقالب عمى الديمقراطية‪،‬‬
‫بداعي األمن منذ ثورة ‪1199‬م والى غاية اليوم‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪:‬‬ ‫الفصؿ األوؿ‬

‫اإلطار المفاىيمي والنظري‬

‫لمدراسة‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫يمثؿ ىذا الفصؿ التأصيؿ النظري لممفاىيـ األساسية التي تستخدميا الدراسة وىي‬
‫مف المفاىيـ األكثر تعقيدا التي تناوليا التحميؿ العممي في العموـ السياسية باعتبارىا‬
‫مفاىيـ نسبية وغامضة‪ ،‬وتتمثؿ في األمف والديمق ارطية‪ ،‬واالنتقاؿ الديمقراطي‪ ،‬وحاولنا‬
‫اإلحاطة بيذه المفاىيـ‪ ،‬حيث يشمؿ ىذا الفصؿ ثالث مباحث يتناوؿ المبحث األوؿ‬
‫اإلطار المعرفي لمفيوـ األمف‪ ،‬فمسألة األمف تمثؿ دافعا طبيعيا يوجو سموؾ األفراد‬
‫والمجتمعات منذ وجود اإلنساف‪ ،‬وصراعو مف أجؿ البقاء‪ ،‬وبارتباط المجتمعات بعضيا‬
‫ببعض أصبحت الحاجة ممحة لتحقيقو‪ ،‬وقد شيد ىذا المفيوـ تطورات عبر الزمف في‬
‫مضمونو ومستوياتو وأبعاده‪.‬‬

‫أما المبحث الثاني فاستعرض بعض التعريفات التي ذكرىا الباحثوف‬


‫لمديمقراطية واالنتقاؿ الديمقراطي‪ ،‬حيث ازداد االىتماـ أكثر بالديمقراطية مع نياية‬
‫فأصبحت كإحدى األولويات فيما يخص تحقيؽ األمف واالنتقاؿ‬ ‫الحرب الباردة‪،‬‬
‫الديمقراطي الذي يستدعي تغيير األوضاع‪ ،‬أي حصوؿ تغيير في طبيعة النظاـ ذاتو‬
‫وبالتالي االنتقاؿ مف نمط التنظيـ السياسي غير الديمقراطي التسمطي إلى نمط‬
‫ديمقراطي‪ ،‬يفترض تداوؿ سممي عمى السمطة‪ ،‬وتفعيؿ أنماط المشاركة السياسية‪.‬‬

‫أماالمبحث الثالث فتناوؿ حدود العالقة بيف األمف والديمقراطية‪ ،‬ىذيف المفيوميف‬
‫المذيف لقيا تطو ار واىتماما مف قبؿ الباحثيف والمحمميف‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلطار المعرفي لألمن‬

‫يعتبر األمف مف أكثر المواضيع المثيرة لمجدؿ والنقاش ألنو يمثؿ قيمة إنسانية‬
‫مالزمة لإلنساف منذ القدـ‪ ،‬وذلؾ الرتباطو ببقاء األفراد والشعوب والدوؿ واستمرارىا‪،‬‬
‫فيو يعب ر عف حركة دائمة تواكب الحاجات والتطورات الدولية والمجتمعية بجميع‬
‫أبعادىا وتفاعالتيا ومستوياتيا‪ ،‬ليشكؿ مطمبا شامال لمجميع‪ ،‬دوال ومجتمعات وأفراد؛ إذ‬
‫تسعى دائما لمبحث عما يجنبيا الخوؼ والضرر وما يوفر ليا االستقرار واألماف‪ ،‬وفي‬
‫ىذا المبحث سنحاوؿ اإلحاطة بيذا المفيوـ كأحد متغيرات الدراسة‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬مفهوم األمن‬

‫األمف مف األولويات األولى في حياة اإلنساف‪ ،‬وفي ترسيخ دعائـ استق ارره وتطوره‬
‫فالحاجة إلى األمف بكافة صوره وأشكالو مف أىـ الحاجات الفطرية اإلنسانية‪ ،‬وغيابو‬
‫يؤثر عمى نمط العالقات بيف األفراد والمجتمعات والدوؿ‪.‬‬

‫يعتبر مفيوـ األمف مف المفاىيـ الغامضة في حقؿ العالقات الدولية فقد أشار‬
‫"تيري بال ازؾ"‪ Terry Balzaq‬إلى أف تعريؼ األمف ال يتـ دوف مخاطر‪ ،‬وذلؾ ليس‬
‫بسبب تواجده في أغمب مجاالت الحياة االجتماعية‪ ،‬وانما ألف المفيوـ حساس‪ ،‬كما‬
‫أكدت "ىيمغا ىافتندورف" ‪ Helaga Haftendorn‬عدـ وجود فيـ مشترؾ حوؿ ماىية‬
‫‪1‬‬
‫األمف وكيفية تصوره‪ ،‬وماىية القضايا البحثية المتعمقة بو‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى إستخداـ ىذا المصطمح نجد أنو يعود إلى نياية الحرب العالمية‬
‫الثانية‪ ،‬حيث ظير تيار يبحث في كيفية تحقيؽ األمف واالستقرار بعيدا عف الحروب‬
‫ومنذ ذلؾ التاريخ انتشر استخداـ مفيوـ األمف بمستوياتو المختمفة طبقا لطبيعة‬

‫‪1‬‬
‫سيد احمد قوجيمي‪ ،‬الدراسات األمنية النقدية‪ :‬مقاربات جديدة إلعادة تعريؼ األمف(عماف‪ :‬المركز العممي لمدراسات‬
‫السياسية‪.15،)2014،‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫الظروؼ المحمية واإلقميمية والدولية‪1،‬كما نجد كممة أمف التينية األصؿ واإلستخداـ‬
‫حيث اشتقت مف ‪:‬‬

‫'‪ Securitas‬المتكونة مف ‪ ،sine‬بمعنى غير أو‪ sans‬بالفرنسية وفكرة‪ cura‬السالمة‪/‬‬


‫‪2‬‬
‫‪soin‬؛ أي غياب السالمة واألمف عمى عكس ماجرى تداولو فيما بعد'‪.‬‬

‫ويعد مفيوـ األمف مف المفاىيـ المغوية ذات الثراء في المعنى‪ :‬زواؿ الخوؼ‬
‫والطمأنينة‪ ،‬الثقة ‪ ....‬وغيرىا مف المعاني التي عددىا عمماء المغة لألمف‪ ،‬فاألمف لغة‬
‫يقصد بو الطمأنينة وزواؿ الخوؼ‪ ،‬أي إحساس األفراد والجماعات التي ‪j‬يتشكؿ منيا‬
‫المجتمع بالطمأنينة واالستقرار‪3،‬وقد ارتبط مفيوـ األمف لدى الدارسيف والمختصيف منذ‬
‫القديـ باختالؼ توجياتيـ وانتماءاتيـ لمتغير الالأمف؛ أي ميددات األمف‪ ،‬بحيث‬
‫» ‪ « security‬دوف الحديث عف الالأمف‬ ‫اليمكف الحديث عف األمف‬
‫"‪ "Insecurity‬لمقولة األشياء تعرؼ بأضدادىا‪ ،‬وفي ىذا الصدد يعرؼ "مايكؿ‬
‫ديموف" ‪ Michael Dillon‬األمف عمى أنو مفيوـ مزدوج‪ ،‬إذ ال يعني فقط وسيمة لمتحرر‬
‫مف الخطر‪ ،‬وانما يعني أيضا وسيمة لمحد مف نطاؽ إنتشاره‪ ،‬فاألمف يتضمف في الوقت‬
‫‪4‬‬
‫ذاتو األمف والألمف‪.‬‬

‫ولعؿ أدؽ تعريؼ كما ورد في القرآف الكريـ في قولو تعالى ‪ ":‬و إذا جآءىـ أمر‬
‫مف األمف أو الخوؼ أذاعوا بو و لو ردوه إلى الرسوؿ و إلى أولي األمر منيـ لعممو‬

‫‪1‬عيسى موسى أبو شيخو‪ ،‬إستراتيجية األمف القومي العربي في ظؿ المتغيرات الدولية (عماف‪ :‬السواقي العممية‬
‫‪.15،)2016،‬‬
‫‪2‬سميـ قسوـ‪" ،‬االتجاىات الجديدة في الدراسات األمنية"‪:‬دراسة في تطور مفيوـ األمف عبر مناظرات العالقة‬
‫الدولية"(رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪.18،)2010،3‬‬
‫‪3‬نسيمو طويؿ‪"،‬اإلستراتيجية األمنية األمريكية في منطقة شماؿ أسيا‪:‬دراسة لمرحمة مابعد الحرب الباردة"(أطروحة‬
‫دكتوراه ‪،‬جامعة باتنة‪.36،)2016،‬‬
‫‪ 4‬عمي مدوني‪"،‬قصور متطمبات بناء الدولة في إفريقيا وانعكاساتيا عمى األمف واالستقرار فييا"(أطروحة دكتوراه‪،‬‬
‫جامعة بسكرة‪.51،)2014،‬‬

‫‪12‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫الذيف يستنبطونو منيـ و لو ال فضؿ اهلل عميكـ و رحمتو ال تبعتـ الشيطاف إال قميال "ﱠ‬
‫النساء‪ ،83 :‬وفي قولو عزوجؿ ‪" :‬وىذا البمد األميف" التيف‪03 :‬‬

‫واألمف اصطالحا ال يختمؼ عف معناه المغوي مف الناحية الجوىرية‪ ،‬إال أنو أخذ‬
‫أبعاد أخرى مع طبيعة العالقات الدولية ومستجداتيا‪.‬‬

‫يعرؼ عف المفاىيـ في العالقات الدولية غموضيا‪ ،‬وعدـ وجود تعريؼ جامع‬


‫مانع ليا وذلؾ الرتباطيا بمختمؼ جوانب الحياة التي تتميز بالدينامية المستمرة‪ ،‬وتواجو‬
‫تيديدات متنوعة المصادر‪ ،‬حيث توسع استخداـ لغة الخطر في أوساط الباحثيف في‬
‫مجاؿ األمف‪ ،‬وبالتالي يصعب تحديد مفيوـ واحد وشامؿ لألمف وىذا ماتؤيده دائرة‬
‫‪1‬‬
‫المعارؼ البريطانية بكوف‪":‬األمف ماىو إال حماية لألمة مف خطر القير عمى يد قوة أجنبية "‪.‬‬

‫ويعرؼ األمف في قاموس المفاىيـ األساسية في العالقات الدولية بأنو‪" :‬أف تكوف‬

‫آمنا يعني أف تكوف سميما مف األذى"‪ 2،‬وكذلؾ يعرؼ "ارنولد وولفرز" ‪Arnold wolfers‬‬
‫األمف‪ ،‬حيث يقوؿ أنو في جانبو الموضوعي يعني "غياب أية تيديدات تجاه قيـ‬
‫مكتسبة"‪ ،‬وفي جانبو الذاتي فيو يعني "غياب الخوؼ مف أف يتـ المساس بأي مف ىذه‬
‫‪3‬‬
‫القيـ"‪.‬‬

‫أما القاموس االنجميزي "أوكسفورد" ‪ Oxford English Dictionary‬فيعطي‬


‫معنييف لمفيوـ األمف‪ ،‬حيث يركز األوؿ عمى الشروط التي تجعمنا في أماف‪ ،‬أما الثاني‬
‫يركز عمى الوسائؿ‪ ،‬أي توفير بيئة آمنة والحماية مف التيديدات ومف الخوؼ مف ىذه‬

‫‪1‬حناف بف بدف عبد الرزاؽ "تأثير المأزؽ األمني اإلثني عمى االستقرار الداخمي لمدولة ‪:‬دراسة لمنموذج االسباني‬
‫منذ ‪("1936‬اطروحة دكتوراه‪،‬جامعة بسكرة‪.16،)2017،‬‬
‫‪2‬‬
‫مارتف غريفيتش وتيري اوكالىاف‪ ،‬المفاىيـ األساسية في العالقات الدولية (دبي‪ :‬مركز الخميج ألبحاث‪،‬‬
‫‪78،)2008‬‬
‫‪3‬عادؿ زقاع‪" ،‬المعضمة األمنية المجتمعية ‪:‬خطاب األمننة وصناعة السياسة العامة"‪ ،‬دفاتر السياسة والقانوف‬
‫‪.105،)2011(5‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫التيديدات‪ ،‬وتوفير بيئة أمنة والحفاظ عمى القوة والمكانة‪ ،‬وتحقيؽ الحماية لألفراد‬
‫والممتمكات ‪...‬‬

‫وفي القاموس الفرنسي" لروس" ‪ Larousse‬يشير إلى أف األمف يعني الثقة‬


‫‪1‬‬
‫وغياب القمؽ و اإلضطراب‪ ،‬واألمف يتعمؽ أساسا بسالمة األفراد وممتمكاتيـ‪.‬‬

‫وفي القاموس العربي يرى األميف العاـ األسبؽ لألمـ المتحدة "بطرس غالي"‬
‫‪ Botrs Ghali‬أف مفيوـ األمف‪" :‬اليقتصر عمى التحرر مف التيديد العسكري الخارجي‬

‫واليمس فقط سالمة الدولة وسيادتيا ووحدتيا اإلقميمية وانما يمتد ليشمؿ االستقرار السياسي‬
‫واالقتصادي واالجتماعي‪ ،‬ألف األمف متعمؽ باالستقرار الداخمي بقدر ما ىو مرتبط بالعدواف‬
‫‪2‬‬
‫الخارجي‪".‬‬

‫ويشير المعنى العاـ لألمف إلى‪" :‬السالـ والطمأنينة وديمومة مظاىر الحياة واستمرار‬
‫‪3‬‬
‫مقوماتيا وشروطيا بعيدا عف عوامؿ التيديد ومصادر الخطر"‪.‬‬

‫فاألمف ىو إحساس الفرد والجماعة البشرية بإشباع دوافعيا العضوية والنفسية‬


‫وعمى قمتيا دافع األمف‪ ،‬بمظيريو المادي والنفسي والمتمثميف في اطمئناف المجتمع الى‬
‫زواؿ ما ييدد مظاىر ىذا الدافع المادي كالسكف الدائـ المستقر‪ ،‬والتوافؽ مع الغير‬
‫‪4‬‬
‫والدوافع النفسية كاعتراؼ المجتمع بالفرد ودوره ومكانتو‪.‬‬

‫‪1‬قسوـ‪ ،‬االتجاىات الجديدة في الدراسات األمنية ‪.19،‬‬


‫‪2‬زكريا بودف‪" ،‬اثر التيديدات اإلرىابية في شماؿ مالي عمى األمف الوطني الجزائري واستراتيجيات مواجيتيا‬
‫‪("2014-2010‬رسالة ماجيستير‪ ،‬جامعة بسكرة ‪.19،)2015،‬‬
‫‪3‬‬
‫عمي عباس مراد ‪،‬األمف واألمف القومي‪":‬مقاربات نظرية (بيروت ‪:‬دار الروافد الثقافية ‪.15،)2017،‬‬
‫‪4‬محمد األميف البشري‪"،‬دور مؤسسات المجتمع الديني في التوعية األمنية "مركز الدراسات والبحوث قسـ الندوات‬
‫والمقاءات العممية(‪9،)200‬‬

‫‪14‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫وبعبارة أخرى‪ ،‬األمف يعني كؿ التدابير التي يتبعيا مجتمع ما لحماية البقاء ضد‬
‫األخطار الداخمية والخارجية‪ ،‬والسياسية واالقتصادية والبيئية‪ ،‬أو أية أخطار أخرى تيدد‬
‫‪1‬‬
‫ىذا البقاء وتمس المصالح القائمة والمترتبة عميو في المستقبؿ‪.‬‬

‫مع نياية الحرب الباردة‪ ،‬طاؿ اإلنتقاد لمتيار التقميدي الذي يعرؼ األمف بشكؿ‬
‫ضيؽ‪ ،‬إذ كاف إىتماـ األكاديمييف ورجاؿ الدولة بالقدرات العسكرية التي يتوجب عمى‬
‫دوليـ تطويرىا لمواجية التيديدات‪ ،‬وبالتالي نادى العديد مف المؤلفيف المعاصريف ببناء‬
‫مفيوـ موسع ومعمؽ لألمف بعيدا عف المفيوـ الضيؽ‪.‬‬

‫تبنى "باري بوازف"‪ Barry Buzan‬رؤية حوؿ األمف تشمؿ عدة جوانب سياسية‬
‫‪2‬‬
‫واقتصادية‪ ،‬ومجتمعية وبيئية وعسكرية‪ ،‬ويعبر عنيا مف منطمقات دولية أكثر اتساعا‪.‬‬

‫وىذا معناه أف مفيوـ األمف لـ يعد مقتص ار عمى األمف العسكري وتصوره التقميدي‬
‫الدولية‪ ،‬ليشير إلى حماية‬ ‫الذي ربط األمف بالدولة كفاعؿ أساسي في العالقات‬
‫وسالمة الدولة مف التيديدات‪ ،‬وانما تجاوزه وأصبح مفيوما شامال يتصؿ بجوانب‬
‫عديدة‪.‬‬

‫وبالتالي‪ ،‬يمكف القوؿ أنو طبقا لمرىانات والتحديات الجديدة التي برزت عقب نياية‬
‫الحرب الباردة صار األمف ذو طبيعة معقدة‪ ،‬إذ بات مف الضروري إعادة تنظيـ النظاـ‬
‫الدولي والعالقات الدولية‪ ،‬وصياغة مفاىيـ جديدة لألمف لتستجيب ليذه التحديات‬
‫والرىانات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫رواء زكي الطويؿ‪،‬األمف الدولي واستراتجيات التغيير اإلصالح(عماف‪:‬دار أسامة لمنشر والتوزيع ‪.194،)2012،‬‬
‫‪2‬جوف بيميس وستيؼ سميث‪،‬عولمة السياسة العالمية‪،‬تر‪.‬مركز الخميج لألبحاث (دبي‪:‬مركز الخميج‬
‫لألبحاث‪.412،)2004،‬‬

‫‪15‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫وعميو‪ ،‬فاألمف بصوره المختمفة يعد مف ضرورات الحياة‪ ،‬بؿ ميـ لكؿ جيد بشري‬
‫لتحقيؽ مصالح األفراد والشعوب‪ ،‬فيو ليس مفيوـ جامد بؿ ىو مسألة متغيرة تتأثر‬
‫بتطور األوضاع الداخمية‪ ،‬واألوضاع القائمة في النظاـ الدولي‪.‬‬

‫ومف خالؿ استعراض التعاريؼ السابقة لألمف يمكف استخالص ثالث خصائص‬
‫أو صفات رئيسية وىي‪:‬‬

‫‪" -‬النسبية‪ :‬أي ال يوجد أمف مطمؽ يمكف تحقيقو اآلف‪ ،‬ألف ذلؾ تيديد اآلخريف‪.‬‬
‫‪ -‬الشمولية‪ :‬أي أف األمف ال يتوقؼ عمى بعد واحد فيو شامؿ ويرتبط بمجموعة مف األبعاد السياسية‬
‫منيا والعسكرية واالقتصادية‪.‬‬
‫‪ -‬الديناميكية‪ :‬أي أف األمف مفيوـ متطور يعني أشياء مختمفة في أوقات وأماكف مختمفة‪ ،‬أي أنو‬
‫‪1‬‬
‫متغير‪".‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬مستويات األمن‬

‫يعرؼ األمف تدخالت عديدة بيف مختمؼ مجاالتو يمكف استيعابيا عبر مفيوـ‬
‫المستويات‪ ،‬وذلؾ ألف التفاعؿ مع ىذه المجاالت ال يتـ بطريقة واحدة‪ ،‬فقد تكوف‬
‫مسائؿ تتعامؿ معيا الدولة بشكؿ خاص‪ ،‬وىي ما يتعمؽ بالسيادة وىناؾ ما يتـ التعامؿ‬
‫معيا في إطار العالقات الخارجية الجماعية‪ ،‬كما برزت مخاطر وتيديدات عديدة‬
‫مست فواعؿ غير الدولة‪ ،‬وكذلؾ الفواعؿ فوؽ الوطنية‪ ،‬كما أف متغيرات الواقع أفرزت‬
‫مستوى جديد مف مستويات األمف والمتمثؿ في المستوى الفردي‪ ،‬لذلؾ نجد العديد مف‬
‫التقسيمات لمستويات األمف وىي‪ :‬األمف عمى المستوى الوطني‪ ،‬وعمى المستوى‬
‫اإلقميمي‪ ،‬وعمى المستوى الدولي‪ ،‬وعمى المستوى الفردي‪ ،‬حيث كؿ فترة زمنية مر بيا‬

‫‪1‬وىيبة تباني‪"،‬األمف المتوسطي في إست ارتيجية الحمؼ األطمسي ‪ :‬دراسة حالة ظاىرة اإلرىاب "(رسالة‬
‫ماجستير‪،‬جامعة تيزي وزو‪24،)2014،‬‬

‫‪16‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫ىذا المفيوـ إال وكاف ليا مستوى تحميمي‪ ،‬وذلؾ حسب الظروؼ الدولية السائدة في كؿ‬
‫فترة‪.‬‬

‫‪/1‬األمن عمى المستوى الوطني‪:‬‬

‫يعد األمف في ىذا العصر أكبر ىاجس لمدوؿ‪ ،‬إذ ال تنمية وال استقرار سياسي أو‬
‫‪1‬‬
‫اقتصادي دوف توافر منظومة أمنية تحمي المكتسبات والجيود المبذولة لمتقدـ‪.‬‬

‫واألمف الوطني كما يعرفو "بترسوف"‪" :Peterson‬اإلدراؾ الجمعي لإلحساس باألمف"‬

‫حيث تقوـ أعضاء في مجموعة محددة مف الدوؿ وتتعيد بالدفاع المشترؾ عف أي‬
‫‪2‬‬
‫عضو في المجموعة يتعرض ليجوـ أو تيديد خارجي مف أي طرؼ‪.‬‬

‫وحسب الكاتب السياسي األمريكي "والتر ليبماف"‪" :Walter Lippman‬األمف الوطني‬


‫ىو شعور األمة باألماف طالما لـ تمس قيميا األساسية‪ ،‬وتتعرض لمخطر‪ ،‬وتكوف قادرة‬
‫عمى مجابية ىذه التحديات وصياغة أمنيا واالنتصار في الحرب‪ ،‬أي أنو يركز عمى‬
‫القوة العسكرية"‪3،‬حيث يركز ىذا المستوى عمى أىمية الدولة كفاعؿ أساسي ومحوري‬
‫والتركيز عمى القوة العسكرية لتحقيؽ األمف‪.‬‬

‫ورغـ تعدد الصيغ المفاىيمية لألمف‪ ،‬لـ يمنع ذلؾ عمى حد قوؿ "صاموئيؿ‬
‫ىنتنغتوف" بقاء األمف مرادفا لبقاء الدولة‪ ،‬األمر الذي يؤكد الجوىر الموحد والمشترؾ‬

‫‪1‬محمود شاكر سعيد وخالد بف عبد العزيز الحرفش‪،‬مفاىيـ أمنية (الرياض‪:‬جامعة نايؼ العربية لمعموـ األمنية‬
‫‪15،)2010،‬‬
‫‪2‬‬
‫ذياب البدانية‪،‬األمف وحرب المعمومات (بدوف مكاف النشر‪:‬دار الشرؽ لمنشر ‪،‬بدوف سنة الشر )‪.21،‬‬
‫‪3‬‬
‫مميود عامر حاج‪،‬األمف القومي العربي وتحدياتو المستقبمية(الرياض‪:‬دار جامعة نايؼ لمنشر ‪.20،)2006،‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫لكؿ مفاىيـ األمف أيا كانت الصياغات النظرية التي تعبر عف ىذه المفاىيـ أو‬
‫‪1‬‬
‫السياسات واألىداؼ والمشكالت التي تدور حوليا‪.‬‬

‫فاألمف الوطني بذلؾ يشمؿ اإلجراءات المتخذة مف الدولة في مواجية ما ييددىا‬


‫عمى مستوى حددوىا‪ ،‬ومع ظيور تيديدات جديدة بعد نياية الحرب الباردة لـ يعد‬
‫األمف الوطني يقتصر عمى التيديد العسكري‪ ،‬حيث اتسع ليشمؿ كؿ ما يحقؽ‬
‫االستقالؿ السياسي لمدولة وسالمة أراضييا‪ ،‬وأخذ أبعاد وجوانب كثيرة ومعقدة مثؿ‬
‫التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬والعوامؿ الثقافية والعرقية ألنيا تتحكـ في العالقة بيف‬
‫المجتمعات وتشكؿ أحيانا مصدر تيديد ليا‪ ،‬حيث جاء في الموسوعة السياسية ما يؤيد‬
‫ىذا االتجاه‪:‬‬

‫" األمف ىو ماتقوـ بو الدوؿ لمحفاظ عمى سالمتيا ضد األخطار الخارجية والداخمية التي قد‬
‫‪2‬‬
‫تؤدي بيا إلى الوقوع تحت سيطرة أجنبية نتيجة ضغوط أجنبية أو إنييار داخمي"‪.‬‬

‫يتمحور المستوى الوطني أساسا حوؿ مجموعة األخطار الداخمية والخارجية التي‬
‫تمس الكياف الداخمي لمدولة‪.‬‬

‫‪/2‬األمن عمى المستوى اإلقميمي‪:‬‬

‫ظير ىذا المستوى خالؿ الحرب الباردة‪ ،‬التي عرفت تنافس شديد بيف المعسكريف‬
‫الشرقي والغربي‪ ،‬ويقصد باألمف في إطاره اإلقميمي‪" :‬اتفاؽ عدة دوؿ في إطار إقميـ واحد‬
‫‪3‬‬
‫عمى التخطيط لمواجية التيديدات التي تواجييا داخميا وخارجيا"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عباس مراد‪ ،‬األمف واألمف القومي ‪.24،‬‬
‫‪2‬ليندة عكروـ ‪،‬تأثير التيديدات األمنية الجديدة عمى العالقات بيف شماؿ وجنوب المتوسط(األردف‪:‬دار ابف بطوطة‬
‫لمنشر والتوزيع ‪20-18،)2011،‬‬
‫‪3‬‬
‫موسى أو شيخة ‪ ،‬إستراتيجية األمف القومي العربي ‪.19،‬‬

‫‪18‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫أي أنو مفيوـ سياسي يطمؽ عمى السياسة األمنية المشتركة التي تتخذىا الوحدات‬
‫السياسية المشكمة لمنظاـ اإلقميمي‪ ،‬لمواجية مخاطر التيديدات الخارجية المشتركة‬
‫لإلقميـ‪ 1،‬ويرجع الفضؿ في صياغة مضموف ىذا المصطمح إلى "باري بوزاف" في‬
‫كتابو "الشعب‪ ،‬الدوؿ والخوؼ" مشي ار إلى تحوؿ المفاىيـ التقميدية لقضية األمف في‬
‫السياسة الدولية المعاصرة‪ ،‬حيث انتقؿ مف المستوى الوطني إلى المستوى اإلقميمي‪،‬‬
‫الذي ركز عمى أف االستقرار األمني المحمي محددا بما يحدث في المنطقة اإلقميمية‬
‫‪2‬‬
‫التي تحيط بالدولة‪.‬‬

‫وفي ىذا السياؽ يشير "بوزاف" باستخدامو مصطمح المجمع األمني اإلقميمي إلى‬
‫مجموعة مف الدوؿ ترتبط إىتماماتيا األساسية مع بعضيا بشكؿ وثيؽ لدرجة أف‬
‫‪3‬‬
‫أوضاعيا األمنية الوطنية اليمكف بحثيا واقعيا وبمعزؿ عف بعضيا البعض‪.‬‬

‫فالنطاؽ اإلقميمي لألمف يمكف تحديده مف خالؿ ثالث معايير ‪:‬‬

‫‪ -‬المعيار السياسي واأليديولوجي‪ :‬ويتعمؽ بنوع األفكار السائدة في الدولة وعقيدتيا‬


‫السياسية‪ ،‬وما توجده مف ارتباطات وانتماءات وما تيدؼ إليو‪.‬‬

‫‪ -‬معيار قوة الدولة‪ :‬كمما زادت قوة الدولة كمما تنوعت مصالحيا وبذلؾ يتسع مجاؿ‬
‫أمنيا‪ ،‬وتتخذ تدابير أمنية لمحفاظ عمى استقرارىا في محيطيا اإلقميمي‪.‬‬

‫‪ -‬المعيار الجغرافي‪ :‬ومايوجده مف تفاعالت ومصالح اقتصادية وأمنية تنعكس عمى‬


‫‪4‬‬
‫األطراؼ المتجاورة ايجابيا وسمبيا‪.‬‬

‫‪1‬تباني ‪ ،‬األمف المتوسطي في إستراتيجية الحمؼ األطمسي ‪.42،‬‬


‫‪2‬صورية زواشي ‪،‬التيديدات األمنية واألمف اإلقميمي ‪:‬غرب المتوسط (عماف‪:‬دار المناىج لمنشر والتوزيع‬
‫‪14،)2016،‬‬
‫‪3‬‬
‫بف عبد الرزاؽ‪ ،‬تأثير المفاىيـ األساسية في العالقات‪.22 ،‬‬
‫‪4‬عكروـ‪ ،‬تأثير التيديدات األمنية الجديدة‪.22 ،‬‬

‫‪19‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫ومف خالؿ ما سبؽ يمكف القوؿ بأف األمف اإلقميمي‪" :‬ىو سياسة مجموعة مف الدوؿ تنتمي‬

‫إلى إقميـ جغرافي واحد تسعى مف خاللو إلى تنظيـ تعاوف شامؿ فيما بينيا لمدفاع عف أمنيـ‬
‫واستقرارىـ‪ ،‬ولمتصدي ألي قوى أجنبية أو خارجية لمنعيا مف التدخؿ في شؤونيا وذلؾ في حدود ما‬
‫‪1‬‬
‫نص عميو ميثاؽ األمف العالمي الدولي"‪.‬‬

‫‪/3‬األمن عمى المستوى الدولي‪:‬‬

‫يعتبر األمف الدولي أكبر وأوسع وحدة تحميؿ في الدراسات األمنية كونو مرتبط‬
‫بأمف كؿ دولة عضو في النسؽ الدولي‪ ،‬والذي تتواله المنظمات الدولية سواء منيا‬
‫الجمعية العامة لألمـ المتحدة‪ ،‬أو مجمس األمف الدولي ودورىما في الحفاظ عمى السمـ‬
‫‪2‬‬
‫واألمف الدولييف‪ ،‬وعميو األمف الدولي ىو‪" :‬مجموعة التدابير واإلجراءات التي تتخذىا‬

‫المنظمات والييئات الدولية في شكؿ سياسات منظمة تحكـ بيا المنازعات بيف الدوؿ وتحدد مظاىر‬
‫‪3‬‬
‫ومصادر االنتظاـ والخمؿ فييا خالؿ فترات زمنية معروفة"‪.‬‬

‫ونتيجة لمتغيير في طبيعة التيديدات‪ ،‬برزت تيديدات جديدة تتمثؿ في انتشار‬


‫أسمحة الدمار الشامؿ‪ ،‬الصراعات االقتصادية‪ ،‬وكذلؾ بشكؿ خاص اإلرىاب‪...‬‬

‫ولممحافظة عمى ظروؼ السالـ‪ ،‬يتعمؽ االمر بإيجاد اتفاقيات سياسية واقتصادية تسمح‬
‫‪4‬‬
‫بتحديد قواعد عالمية قابمة لمتطبيؽ عمى كؿ الشعوب‪.‬‬

‫فاألمف الدولي ال يتوقؼ عمى استتباب األمف بيف الدوؿ مف الناحية السياسية‪ ،‬بؿ‬
‫أصبحت مسؤولية دولية‪ ،‬وذلؾ ألف ميددات البقاء ال تميز بيف دولة نامية أو متقدمة‬

‫‪1‬اشرؼ سميماف غيلاير‪ ،‬عمـ االجتماع العسكري‪ :‬دور المؤسسة الرئاسة و العسكرية في تحقيؽ األمف القومي‬
‫(اإلسكندرية‪ :‬مؤسسة شباب الجامعة‪.206 ،)2006،‬‬
‫‪2‬ابوشيخة‪ ،‬إستراتيجية األمف القومي العربي ‪20،‬‬
‫‪3‬سميماف غبلاير‪ ،‬عمـ االجتماع العسكري‪.208،‬‬
‫‪4‬جاؾ فونتاناؿ‪ ،‬العولمة االقتصادية واآلمف الدولي‪ :‬مدخؿ إلى الجيو اقتصاد‪ ،‬تر‪.‬محمود براىـ (الجزائر‪:‬ديواف‬
‫المطبوعات الجامعية‪. 370 ،)2009،‬‬

‫‪20‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫فمثال مشكمة األوزوف والتموث‪ ،‬وأسمحة الدمار الشامؿ وتيديد الثروة النباتية‬
‫‪1‬‬
‫والحيوانية‪ ...‬كميا ميددات تمس البشرية جمعاء‪.‬‬

‫وبالتالي‪ ،‬فتحقيؽ األمف الدولي يتطمب آليات نظاـ األمف الجماعي‪ ،‬والمقصود بو‬
‫النظاـ الذي ال تعتمد فيو الدوؿ لحماية أمنيا ووسائميا الدفاعية الخاصة‪ ،‬بؿ يعتمد‬
‫باألساس عمى التضامف والتعاوف عف طريؽ تنظيـ دولي مدعـ بالوسائؿ الفعالة لتحقيؽ‬
‫ىذه الحماية‪ ،2‬ولتعزيز أمف الدوؿ ىناؾ ثالث مبادئ أساسية وىي ‪:‬‬

‫‪ -‬تفعيؿ الدوؿ لممفاوضات وسعييا نحو تسوية منازعاتيا بشكؿ سممي والتخمي عف‬

‫استعماؿ القوة العسكرية؛‬

‫‪ -‬يجب عمى الدوؿ أف توسع مفيوميا لممصمحة الوطنية‪ ،‬حيث تشمؿ مصالح‬

‫الجماعة الدولية ككؿ؛‬

‫‪ -‬عمى الدوؿ التغمب عمى الخوؼ الذي يسود السياسة العالمية والتعود عمى الثقة‬

‫‪3‬‬
‫بينيـ‪.‬‬

‫فاألمف الدولي مسؤولية الدوؿ والشعوب والمنظمات الدولية‪ ،‬ما يركز عمى التعاوف‪.‬‬

‫‪/4‬األمن عمى المستوى الفردي‪:‬‬

‫حدثت تحوالت بعد نياية الحرب الباردة في البيئة في البيئة األمنية الدولية‪ ،‬حيث‬
‫انتقؿ تركيز الد ارسات األمنية إلى االىتماـ بقضايا ومصادر تيديد أمف األفراد ومشاكؿ‬
‫البيئة ‪ ...‬بدال مف التركيز عمى كيفية تجنب حرب نووية‪ ،‬وتغيرت طبيعة الصراعات‬

‫‪1‬‬
‫ذياب البدانية‪ ،‬األمف وحرب المعمومات ‪.208،‬‬
‫‪ 2‬تباني‪ ،‬األمف المتوسطي في إستراتيجية الحمؼ األطمسي‪.45،‬‬
‫‪3‬بف عبد الرزاؽ‪"،‬تأثير المفاىيـ األساسية في العالقات الدولية ‪.24،‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫التي كانت ذات صيغة دولية‪ ،‬لكف بعد الحرب الباردة تحولت إلى داخؿ الدولة‬
‫الوطنية‪ ،‬وبالتالي لـ يعد األمف متعمؽ بحماية الدولة وحدىا بؿ أصبح متعمقا بأمف‬
‫األفراد والمجتمعات‪ ،‬يعني " امف الفرد ضد أية أخطار تيدد حياتو أو ممتمكاتو أو‬
‫أسرتو‪ 1"،‬حيث يجب أف يشعر الفرد بغياب التيديد الداخمية والخارجي عمى حقوقو‬
‫الطبيعية‪ ،‬ىناؾ العديد مف التشريعات الدولية تختص باألفراد‪ ،‬إذ ورد في ميثاؽ األمـ‬
‫المتحدة تأكيد عمى الحقوؽ األساسية لإلنساف التي تعززت باإلعالف العالمي لحقوؽ‬
‫اإلنساف سنة‪ ،1984‬حيث تشير المادة الثالثة منو إلى ‪" :‬أف لكؿ فرد الحؽ في الحياة‬
‫والحرية وسالمة شخصيتو‪ ،‬وكذا الحصوؿ عمى الخدمات العامة رفي مقدمتيا التعمـ‬
‫‪2‬‬
‫والصحة"‪.‬‬

‫باإلضافة إلى اتفاقيات منع جريمة إبادة الجنس البشري والمعاقبة عمييا‪ ،‬وكذا‬
‫اتفاقيات جنيؼ عاـ ‪ 1949‬لحماية األفراد في الصراعات المسمحة سواء كانوا مقاتميف‬
‫‪3‬‬
‫أو مدنييف‪ ...‬وكذلؾ إدانة كؿ أشكاؿ التمييز العنصري‪.‬‬

‫إف وجود الدولة والسياسات المختمفة التي تتبناىا كميا تعمؿ في خدمة الفرد‬
‫‪4‬‬
‫والحفاظ عمى أمنة و سالمتو لتحقيؽ أسمى ىدؼ وىو وجوده أي بقائو‪.‬‬

‫فاألمف الفردي ىو شعور الفرد باألمف واالستقرار‪ ،‬وال تستطيع الدولة أف تكوف‬
‫مسؤولة عف كؿ فرد بمعزؿ عف األفراد اآلخريف‪ ،‬وبذلؾ فإف إحساس األفراد باألمف‬

‫‪1‬‬
‫أبو شيخة ‪ ،‬إستراتيجية األمف القومي العربي ‪.19،‬‬
‫‪2‬عبد الرزاؽ‪"،‬تأثير المفاىيـ األساسية في العالقات الدولية ‪21،‬‬
‫‪3‬لخميسي شيبي ‪"،‬األمف الدولي والعالقة بيف حمؼ شماؿ األطمسي والدوؿ العربية "‪:‬فترة ما بعد الحرب الباردة‬
‫‪("2008-1991‬رسالة ماجيستير جامعة الدوؿ العربية‪.12،)2009،‬‬
‫‪4‬بودف‪ ،‬اثر التيديدات اإلرىابية ‪.27،‬‬

‫‪22‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫‪1‬‬
‫بالخصوص عمى حاضرىـ ومستقبميـ يكوف إحساسا اجتماعيا عاما باألمف الدولي‪.‬‬

‫المطمب الثالث‪ :‬قطاعات األمن‬

‫القضايا األمنية الراىنة متنوعة ومتعددة إضافة إلى أنيا متشابكة حيث أنيا تأخذ‬
‫أبعادا جديدة‪ ،‬فمـ يعد األمف يقتصر عمى بعد أو قطاع واحد بؿ تعددت مجاالتو وذلؾ‬
‫بسبب اتساع نطاؽ الدراسات األمنية‪ ،‬فاألمف توسع ليشمؿ قطاعات وأبعاد عديدة‬
‫نتيجة لمتحوالت التي ظيرت بعد الحرب الباردة‪ ،‬وقد ميز "بوزاف" بيف خمسة أبعاد‬
‫أساسية لألمف نستطيع تمخيصيا فيما يمي‪:‬‬

‫‪/1‬القطاع السياسي‪:‬‬

‫ويتمثؿ في الحفاظ عمى الكياف السياسي لمدولة‪ 2،‬يعرؼ األمف ضمف ىذا البعد عمى‬
‫أنو‪" :‬الجيود المبذولة في الحفاظ عمى أسرار الدولة وسالمتيا والعمؿ عمى منع ما مف شأنو إفساد‬
‫‪3‬‬
‫العالقة بيف السمطة والشعب‪ ،‬أو تشويو صورة الدولة"‪.‬‬

‫بمعنى األمف يدؿ عمى سالمة أراضي الدولة واستقالليا السياسي وسيادتيا وحمايتيا‬
‫مف التيديدات في الداخؿ و الخارج ‪،‬إليجاد الظروؼ المالئمة لكي تتمكف الدولة مف‬

‫‪4‬‬
‫تحقيؽ أىدافيا ومصالحيا الوطنية ‪.‬‬

‫‪1‬أميف بولنوار ويونس مسعودي‪" ،‬مفيوـ األمف في نظرية العالقات الدولية"(ورقة مقدمة لمممتقى الدولي حوؿ المقاربة‬
‫األمنية الجزائرية في الساحؿ اإلفريقي‪ ،‬قالمة ىيميوبوليس‪ 25-24،‬نوفمبر‪.9:)2013،‬‬
‫‪2‬أبو شيخيو‪"،‬تأثير المفاىيـ األساسية في العالقات الدولية‪.18،‬‬
‫‪3‬عادؿ عبد الحمزة دخيؿ‪" ،‬األمف القومي واألمف اإلنساني دراسة في المفاىيـ"‪ ،‬اطمع عميو بتاريخ ‪6‬فيفري ‪،2019‬‬
‫‪https://www.iasj.net,func :fulltext cald :120552‬‬
‫‪4‬‬
‫عزيز نوري‪" ،‬الواقع في منطقة المتوسط دراسة الرؤى المتضاربة بيف ضفتي المتوسط مف منظور بنائي"(رسالة‬
‫ماجستير جامعة باتنة ‪.51،)2012،‬‬

‫‪23‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫كافة األنشطة‬ ‫ومف ىذا المنطمؽ‪ ،‬تبرز أىمية األمف السياسي ‪،‬أي محاربة‬
‫اليدامة سواء التابعة مف مواطني الدولة أو اآلتية مف جيات أجنبية ‪،‬إذ يمكف إب ارزه‬
‫في العناصر التالية‪:‬‬

‫‪ -‬تدابير وقواعد األمف الخاص –حماية أسرار الدولة؛‬

‫‪ -‬مكافحة التجسس بشتى الوسائؿ؛‬

‫‪ -‬تأميف النظاـ الداخمي لمدولة‪ ،‬تتمثؿ في مقاومة األنشطة الضارة بيذا النظاـ؛ ويمكف‬
‫تحديد ثالث مرجعيات أمنية داخؿ القطاع السياسي وتتمثؿ في الدولة‪ ،‬األنظمة‬
‫الفرعية‪ ،‬والحركات عبر الوطنية‪.1‬‬

‫‪/2‬القطاع االقتصادي‪:‬‬

‫عمى الرغـ مف أىمية البعد السياسي‪ ،‬إال أف القوة االقتصادية توفر لمدولة نقال‬
‫سياسيا عمى المستوييف اإلقميمي والعالمي‪ ،‬ويمثؿ التركيز الحيوية لمقوة العسكرية لتأميف‬
‫إحتياجاتيا مف المعدات واألجيزة الالزمة‪ ،‬فاألمف االقتصادي مرتبط بالموارد واألسواؽ‬
‫الضرورية لمحفاظ بشكؿ دائـ عمى مستويات مقبولة مف الرفاه وقوة السمطة الدولة وعميو‬
‫فالقدرات االقتصادية ليا تأثير كبير في إبراز دور الدولة ‪ ،‬وفي تأثيرىا عمى عالقاتيا‬
‫‪2‬‬
‫مع الدوؿ األخرى‪.‬‬

‫بمعنى يتطمب مف الدولة المحافظة عمى مواردىا الطبيعية مف اإلستنزاؼ وحسف‬


‫إستغالليا لبناء اقتصاد قوي يخدـ مصالحيا الحيوية في الحاضر والمستقبؿ بحسب‬
‫التقميدييف‪ ،‬األمف االقتصادي يعني األسس االقتصادية لمقوة العسكرية لمدولة‪ ،‬ومف‬

‫‪1‬بودف‪ ،‬اثر التيديدات اإلرىابية ‪36،‬‬


‫‪2‬‬
‫نفس المرجع ‪37،‬‬

‫‪24‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫وجية نظر التوسعييف فاألمف يرتبط بقدرة الدوؿ لموصوؿ إلى األسواؽ الخارجية‪ :‬وما‬
‫‪1‬‬
‫تفرزه مف حدة التنافس بيف الدوؿ‪.‬‬

‫‪/3‬القطاع العسكري‪:‬‬

‫يشمؿ القطاع العسكري القدرات العسكرية لمدولة عمى المستوييف الدفاعي و‬


‫اليجومي‪ ،‬أي قدرة الدولة عمى الدفاع والحفاظ عمى بقائيا وقدرتيا عمى ردع مختمؼ‬
‫االعتداءات التي تمس بقائيا‪ ،‬ونجد في حاالت أخرى إف بعض القيـ والظواىر‬
‫‪2‬‬
‫موضوع لمسياسة األمنية لمدولة كظاىرة اإلرىاب‪ ،‬والجماعات الوطنية المتطرفة‪،‬‬
‫فالوحدة المرجعية في ىذا البعد ىي الدولة وسيادتيا‪.‬‬

‫وعميو فاألمف العسكري يخص المستوييف المتفاعميف لميجوـ المسمح والقدرات‬


‫الدفاعية وكذلؾ مدركات الدوؿ لنوايا بعضيا اتجاه البعض األخر‪ 3،‬ويرتبط ىذا البعد‬
‫بباقي أبعاد األمف األخرى‪ ،‬فضعؼ أي منيما يؤثر عمى القوة العسكرية‪.‬‬

‫‪/4‬القطاع المجتمعي‪:‬‬

‫القطاع المجتمعي يعتبر احد المجاالت األساسية لألمف ‪:‬‬

‫"األمف المجتمعي ويخص قدرة المجتمعات عمى إعادة إنتاج أنماط خصوصياتيا‪ ،‬في المغة والثقافة‬
‫‪4‬‬
‫واليوية الوطنية والدينية والعادات والتقاليد في إطار شروط مقبولة لتطويرىا و إستم ارريتيا"‪.‬‬

‫وييدؼ إلى تطوير األمف بالقدر الذي يعزز الشعور باالنتماء والوالء وتعزيز‬
‫اليوية الوطنية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫نوري‪ ،‬الواقع األمني في منطقة المتوسط‪.53،‬‬
‫‪2‬‬
‫بودف‪ ،‬اثر التيديدات اإلرىابية ‪.37،‬‬
‫‪Drkhalil 2019،‬‬ ‫‪3‬خميؿ حسيف‪" ،‬مفيوـ األمف في القانوف الدولي العاـ"‪،‬اطمع عميو بتاريخ ‪ 02‬مارس‬
‫‪hussein.blogs pot.com /2009/01/blog-post-16.html‬‬
‫‪4‬‬
‫مدوني‪ ،‬األمف واألمف القومي ‪.74،‬‬

‫‪25‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫كما يحدد "مولر" ‪ Muller‬األمف المجتمعي عؿ انو مرتبط بقدرة المجموعة عمى‬
‫االستمرار والحفاظ عمى خصوصياتيا‪ ،‬في ظؿ الظروؼ المتغير والتيديدات القائمة أو‬
‫الممكنة‪ ،‬وخاصة مف خالؿ إحساس المجموعة بوجود مساس مكونات ىويتيا مف لغة‬
‫‪1‬‬
‫وثقافة وديف وغيرىا‪...‬‬

‫‪/5‬لقطاع البيئي‪:‬‬

‫يتعمؽ األمف البيئي بالمحافظة عمى المحيط المحمي والكوني لكؿ نشاط إنساني‬
‫وفي ىذا اإلطار يعتقد "كيث كروس" ‪:keith krause‬‬

‫"إف النتائج الخطيرة ألضرار التدىور البيئي أصبحت تدرؾ عمى أنيا أكثر أولوية مف التيديدات‬
‫الخارجية إذ بإمكانيا أف تفرز عنيا مسمحا‪ ،‬أو أكثر مف ذلؾ تعتبر ورفاىية األفراد أكثر أىمية مف‬
‫‪2‬‬
‫المصمحة الوطنية والسيادة"‪.‬‬

‫فأمف القطاع البيئي يقوـ عمى وحدتيف ىما‪ :‬التيديدات الطبيعية والتيديدات‬
‫االجتماعية‪ ،‬أي توفير األماف ضد التيديدات ومخاطر البيئة‪ ،‬وعميو فإف النتائج‬
‫الخطيرة ألضرار التدىور البيئي أصبحت تدرؾ عمى أنيا أكثر أولوية‪3،‬وىذا ما ركز‬
‫عميو أصحاب مدرسة كوبنياجف أي عمى موضوعيف مرجعييف لألمف ‪:‬‬

‫األوؿ‪ :‬المتعمؽ بالبيئة نفسيا ما تحتويو مف أخطار طبيعية كالزالزؿ والبراكيف وتأثيرىا‬
‫عمى الحياة األفراد‪.‬‬

‫أما الثاني‪ :‬متعمؽ بالحضارة اإلنسانية‪ ،‬أي ما ينتج مف خالؿ أنشطة اإلنساف المضرة‬
‫بالبيئة‪.‬‬

‫‪1‬نوري ‪"،،‬الواقع في منطقة المتوسط ‪.53،‬‬


‫‪2‬نفس المرجع ‪.54،‬‬
‫‪ 3‬إنعاـ عبد الكريـ ابومور‪"،‬مفيوـ األمف اإلنساني في حقؿ العالقات الدولية ‪:‬مقاومة معرفية "(رسالة ماجستير‬
‫‪،‬جامعة األزىر (غزة)‪.27،)2013،‬‬

‫‪26‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫وبالتالي فيناؾ ارتباط قوي بيف الالتوازف البيئي واألمف‪ ،‬وىذا األخير يشكؿ الفرد‬
‫‪1‬‬
‫مرجعيتو األساسية‪.‬‬

‫فيذه األبعاد تؤثر و تتأثر ببعضيا‪ ،‬فيي متداخمة ومترابطة‪ ،‬فالبعد السياسي‬
‫انعكاساتو عسكرية‪ ،‬وىذا األخير تجمياتو اقتصادية ليؤثر بدوره ثقافيا واجتماعيا لتكوف‬
‫نتائجو بيئية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫نوري‪ ،‬الواقع في منطقة المتوسط ‪.54،‬‬

‫‪27‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الديمقراطية واالنتقال الديمقراطي‪ :‬دراسة في‬


‫المفهوم‬

‫شيدت الساحة الدولية العديد مف التطورات السياسية‪ ،‬والتي تعبر عف تغيير‬


‫سياسي واجتماعي‪ ،‬حيث تعد الديمقراطية واالنتقاؿ الديمقراطي مف أكثر المفاىيـ‬
‫والمصطمحات المتداولة عمى الساحة الفكرية‪ ،‬مما استدعى الكثير مف االىتماـ العممي‬
‫مما أدى إلى تعدد التعاريؼ والخالؼ عمى المفاىيـ‪ ،‬إبتداءا بمفيوـ الديمقراطية الذي‬
‫مازاؿ يسوده الغموض وموضوع االنتقاؿ الديمقراطي‪ ،‬أي انتقاؿ دولة إلى نظاـ حكـ‬
‫ديمقراطي‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬مفهوم الديمقراطية وأنواعها‬

‫إزداد اإلىتماـ بالديمقراطية أكثر مع نياية الحرب الباردة‪ ،‬حيث تمركزت في قمب‬
‫المفاىيـ عمى الساحة السياسية عمى غرار المجتمع المدني‪ ،‬حركة اإلعالـ ‪...‬كما‬
‫أصبحت مطمبا مف بيف المطالب اإلجتماعية األولى‪ ،‬بؿ مف اإلحتياجات الضرورية‬
‫التي يطالب المواطنوف بيا في مناطؽ مختمفة مف العالـ‪ ،‬وكانت البدايات األولى‬
‫لمممارسة الديمقراطية في المدف اإلغريقية مثؿ أثينا واسبرطة وتحدث عنيا وناقش فييا‬
‫الفالسفة اإلغريؽ مثؿ أفالطوف وأرسطو‪ ،‬حيث استخدـ األثينيوف مصطمح الديمقراطية‬
‫‪1‬‬
‫منذ القرف الخامس قبؿ الميالد ليشير والى مجتمعيـ السياسي‪.‬‬

‫غير أف قياـ حكـ القياصرة في روما قضى عمى كؿ تطبيؽ ديمقراطيف وأصبحت‬
‫الديمقراطية منتسية لفترة طويمة‪ ،‬وفي القرنييف السادس والسابع عشر ظيرت مجددا‬

‫إسماعيؿ عبد الفتاح عبد الكافي‪ ،‬أسس ومجاالت العموـ السياسية (اإلسكندرية ‪:‬مركز اإلسكندرية لمكتاب‬ ‫‪1‬‬

‫‪48،)2012،‬‬

‫‪28‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫في كتابات الفالسفة جاف جاؾ روسو وغيرىـ‪ ،‬حيث ركزوا عمى دور الشعب في‬
‫‪1‬‬
‫ممارسة السمطة‪ ،‬وىدفيـ محاربة استبداد الحكاـ والمموؾ أنذاؾ‪.‬‬

‫واتسمت الديمقراطية بالمشاركة السياسية بالفعؿ‪ ،‬وكاف يتـ إقصاء المرأة والعبيد‬
‫عف الحياة السياسية‪ ،‬وكاف الشعب ىو مف يقوـ بتنفيذ األحكاـ القضائية مباشرة‪ ،‬ولـ‬
‫يكف ىناؾ ىيئات بيروقراطية ثابتة‪ ،‬حيث يتـ تمثيؿ المسؤوليف بالقرعة وليس‬
‫‪2‬‬
‫باإلنتخاب‪ ،‬إذ كانت فترة الحكـ محددة بصرامة‪.‬‬

‫بمعنى أخر كاف اليونانيوف ال يعترفوف بالسيادة فيما بينيـ إال بالقانوف‪ ،‬وىذا‬
‫األخير مف صنع الشعب‪ ،‬الذي كاف يبحث جميع شؤونو بنفسو باشتراؾ مجموعة مف‬
‫األفراد؛ أي أف الشعب ىو الذي يصدر القوانيف ‪،‬فتطبيؽ الديمقراطية في المجتمعات‬
‫‪3‬‬
‫القديمة كاف يتخذ طابع حكـ األقمية وسيطرة فكرىا عمى األغمبية‪.‬‬

‫وعند قياـ الثورة الفرنسية‪ ،‬أكد رجاؿ الثورة عمى سيادة الشعب وحقو في ممارسة‬
‫السمطة بالشكؿ الذي يراه مناسبا‪ ،‬وثبتوا أسسيا ومرتكزاتيا في دساتير الثورة واعالف‬
‫‪4‬‬
‫حقوؽ اإلنساف والمواطف الصادر عاـ‪1789‬ـ‪.‬‬

‫وكممة ديمقراطية ىي في األصؿ لفظ التيني مركب ومأخوذ عف المغة اليونانية‬


‫وىي مكونة مف كممتيف أضيفت إحداىما إلى األخرى‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫صالح جواد الكاظـ وعمي غالب العاني ‪،‬األنظمة السياسية (بغداد ‪:‬مطبعة دار الحكمة ‪22،)1991،‬‬
‫‪2‬انابيؿ موني وبيتسي ايفانز‪،‬العولمة‪:‬المفاىيـ األساسية ‪،‬تر‪.‬اسيا سوقي(بيروت ‪:‬الشبكة العربية لألبحاث والنشر‬
‫‪104،)2009،‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد الكافي ‪،‬أسس ومجاالت العموـ السياسية ‪.49،‬‬
‫‪4‬‬
‫الكاظـ و غالب العاني‪ ،‬األنظمة السياسية ‪.22،‬‬

‫‪29‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫أوليما "ديموس" ‪ Demos‬وتعني عامة الناس‪ ،‬أما الثانية "ك ارتوس" ‪Kratros‬‬
‫وتعني حكـ أو سمطة‪ ،‬فصارت الكممة المركبة ‪ demoskratos‬وتعني حكـ عامة‬
‫‪1‬‬
‫الناس‪ ،‬ومصطمح الديمقراطية يستخدـ لوصؼ أشكاؿ الحكـ والمجتمع الحر بالتناوب‪.‬‬

‫فالديمقراطية أصبحت مطمبا تطمح الشعوب جميعيا إلى تحقيقو‪ ،‬وىي وسيمة‬
‫لحماية حقوؽ األفراد وحرياتيـ‪ ،‬إذ أف ممارسة المواطف ليا يعني ممارسة السمطة‬
‫وتمتعو بالحرية‪.‬‬

‫ويعد مصطمح الديمقراطية مف المصطمحات األكثر شيوعا في القواميس السياسية‬


‫واألكثر غموضا‪ ،‬حيث يقوؿ "فميب غريف"‪" :‬أف الديمقراطية في أواخر القرف العشريف ليست‬

‫موضع خالؼ فحسب‪ ،‬بؿ إنيا أيضا بالغة الغموض "‪.‬‬

‫وبذلؾ يستحيؿ إزالة الغموض والتناقض في االستعماالت المتعددة لمديمقراطية‪ ،‬ألنيا‬


‫‪2‬‬
‫راسخة في المفيوـ نفسو‪.‬‬

‫تعد الديمقراطية نتيجة لتطور تاريخي مستمر ساىمت فيو العديد مف األمـ حيث‬
‫لـ تعد محصورة في مفيوـ نظاـ الحكـ‪ ،‬بؿ أصبحت أسموبا لمممارسة السياسية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬وعميو ال يوجد ليا تعريؼ جامع وال شكؿ تطبيقي واحد‬
‫صالح لكؿ زماف ومكاف تأخذ بو جميع نظـ الحكـ الديمقراطي في العالـ‪ ،‬فيناؾ عدة‬
‫تعريفات لمديمقراطية متباينة‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫صبري سعيد‪ ،‬الديمقراطية (مصر ‪:‬نيضة مصر لمنشر والتوزيع ‪.7،)2007،‬‬
‫‪2‬عصاـ فاىـ العامري‪ ،‬المأزؽ العالمي لمديمقراطية‪ :‬بموغ نقطة التحوؿ (بيروت‪ :‬المركز العربي لألبحاث ودراسة‬
‫السياسات ‪. 43-41،)2016،‬‬

‫‪30‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫تعريؼ "أبراىاـ لنكولف" الشيير لمديمقراطية‪" :‬بأنيا حكـ الشعب مف قبؿ الشعب ومف اجؿ‬

‫الشعب"‪ 1،‬ىذا التعريؼ األكثر شيوعا لمفيوـ الديمقراطية كنظاـ لمحكـ‪ ،‬يعني يكوف‬
‫الحكـ ديمقراطيا عندما يكوف المحكوميف ىـ الحكاـ‪.‬‬

‫بمعنى يقترح "لنكولف" ثالث عناصر‪:‬‬

‫األوؿ‪ :‬ال تعني "حكومة الشعب" أنيا فوؽ الشعب بؿ تكتسب شرعيتيا بالتزاـ الشعب بيا"‬

‫الثاني‪" :‬مف الشعب "بمعنى أف يشارؾ الشعب فييا عمى نطاؽ واسع في العمميات الحكومية"‬

‫الثالث‪ :‬فتكوف الحكومة "مف أجؿ الشعب بمعنى أنيا تسعى إلى تحقيؽ الرفاىية العامة‬
‫‪2‬‬
‫وحماية الحقوؽ واإلفراد"‪.‬‬

‫كما يعرؼ "أالف توريف" الديمقراطية بأنيا‪" :‬إختيار حر لمحاكميف مف قبؿ المحكوميف يتـ‬

‫خالؿ فترات منتظمة ]‪ [...‬وال وجود لسمطة شعبية قابمة لتسميتيا ديمقراطية مالـ تكف ممنوحة‬
‫‪3‬‬
‫ومجددة عف طريؽ االختيار الحر"‪.‬‬

‫ويرفض المعيد الدولي لمديمقراطية ومساعدة االنتخابات ‪ IDEA‬في "ستكيولـ"‬


‫بشدة وضع تعريؼ لمديمقراطية إذ ينص إعالنو‪:‬‬

‫" التوجد دولة يمكف اعتبارىا بشكؿ حاسـ ونيائي أنيا ديمقراطية؛ فالديمقراطية قابمة لمتعفف والفساد‬
‫‪4‬‬
‫والتراجع ويجب أف يتـ السعي إلعادة تجديد الديمقراطية مع كؿ جيؿ جديد"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أالف كايية‪ ،‬السالـ والديمقراطية‪ :‬معالـ المسألة (لبناف ‪ :‬المركز الدولي لعموـ اإلنساف ‪18،)2004،‬‬
‫‪2‬‬
‫ستيفف دي تانسي‪ ،‬عمـ السياسة األسس‪ ،‬تر‪ .‬رشا جماؿ (بيروت‪ :‬الشبكة العربية لألبحاث والنشر‪.282،)2012،‬‬
‫‪ 3‬صالح ياسر وآخروف ‪،‬تأثير العمميات االنتخابية في عممية التحوؿ الديمقراطي ( األردف ‪:‬مؤسسة فريدريش ايبرت‬
‫‪.44،)2012،‬‬
‫‪4‬‬
‫فاىـ العامري‪ ،‬األزرؽ العالمي لمديمقراطية‪.45،‬‬

‫‪31‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫وىناؾ تعريؼ أورده " جوزيؼ شومبتر" في كتابو "الرأسمالية واالشتراكية والديمقراطية"‬
‫بأف‪:‬‬

‫" الديمقراطية تقوـ حيثما يستبدؿ الحكاـ‪ ،‬أو يمكف إستبداليـ وفقا إلجراءات تنافسية سممية‪ ،‬حيث‬
‫تكوف قواعد المعبة السياسية قريبة جدا مف قواعد سوؽ األمواؿ والخدمات‪ ،‬وحيث تكافح األحزاب‬
‫السياسية لمحصوؿ عمى أصوات الناخبيف بالعقمية ذاتيا التي تسود المؤسسات الساعية إلى‬
‫‪1‬‬
‫الحصوؿ عمى إجماع المستيمكيف"‪.‬‬

‫وعميو فالديمقراطية ليست مذىب فكري مطروح لمنقاش والمنافسة‪ ،‬نأخذ بو أو‬
‫نتركو‪ ،‬بؿ ىي إدارة يتفؽ عمييا المجتمع لتحقيؽ مصالحة وعالقاتو‪ ،‬اليحبذ إعطائيا‬
‫‪2‬‬
‫تعريؼ ثابت ودقيؽ‪.‬‬

‫وبصفة عامة الديمق ارطية ىي الحكومة التي تساىـ فييا أكبر عدد مف أفراد‬
‫الشعب‪ ،‬وتشمؿ الحرية بأوسع معانييا‪.‬‬

‫‪ ‬مبادئ الديمقراطية‪:‬‬

‫إذا كاف المعنى األساسي والمبسط لمديمقراطية يتمثؿ في حكـ الشعب لنفسو‬
‫بنفسو‪ ،‬فالبد أف ي قوـ ذلؾ عمى مجموعة مف المبادئ واألسس إذا لـ يتـ تطبيقيا تبقى‬
‫الديمقراطية مجرد شعار‪ ،‬حيث تمثؿ ىذه المبادئ إطا ار مرجعيا يمكف مف خالليا تقييـ‬
‫مدى توفر الديمقراطية في المجتمعات المختمفة‪.‬‬

‫حسب عبد اإللو بمقريز تتمثؿ ىذه المبادئ في ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫أالف كاييو‪ ،‬السالـ والديمقراطية ‪.27،‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد األحمري‪ ،‬الديمقراطية‪ :‬الجذور واشكالية التطبيؽ (بيروت‪ :‬الشبكة العربية لألبحاث والنشر ‪.53،)2012 ،‬‬

‫‪32‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫‪/1‬اإلحتكام إلى دستور ديمقراطي‪:‬‬

‫يمثؿ الدستور القانوف األعمى لمدولة فيو الذي يرسي دعائـ العالقة بيف الحاكميف‬
‫والمحكوميف‪ ،‬وىو اإلطار العاـ الذي يحدد نظاـ الدولة وحقوؽ المواطنيف والجماعات‬
‫‪1‬‬
‫ويجسد تطمعات الشعب‪.‬‬

‫يعبر الدستور الديمقراطي عف مبادئ ومؤسسات واليات وضمانات الرأي العاـ‬


‫الواعي الذي يمثمو منظمات المجتمع ابتداء مف األحزاب السياسية والنقابات‪ ،‬وأجيزة‬
‫اإلعالـ الحرة‪...‬وتتمثؿ ىذه المبادئ في ‪:‬‬

‫‪ -‬إعتبار الشعب مصدر السمطات وذلؾ عبر إنتخابات دورية حرة ونزيية‪ ،‬حيث ال‬
‫سيادة لفرد أو لقمة عمى الشعب؛‬

‫‪ -‬إقرار مبدأ المواطنة الكاممة المتساوية بإعتبارىا مصدر الحقوؽ ومناط الواجبات‬
‫حيث يشكؿ مبدأ المواطنة حجر الزاوية في بناء الديمقراطية‪ ،‬أي المواطنة لكؿ مف‬
‫يحمؿ جنسية الدولة دوف تمييز بما في ذلؾ تولي المناصب العميا‪ ،‬والمشاركة السياسية‬
‫الفعالة عمى قدـ المساواة؛‬

‫‪ -‬سيطرة أحكاـ القانوف والمساواة أمامو‪ ،‬واستقالؿ القضاء وأف يسود حكـ القانوف؛‬

‫‪ -‬عدـ الجمع بيف السمطات الثالث في يد شخص أو مؤسسة واحدة؛‬

‫‪ -‬ضماف الحقوؽ والحريات العامة دستوريا وقانونيا وقضائيا مف خالؿ ضماف فاعمية‬
‫األحزاب وممارسة الديمقراطية داخميا وفيما بينيا؛‬

‫‪1‬‬
‫احمد صابر حوحو"مبادئ ومقومات الديمقراطية" مجمة الفكر ‪(5‬دوف سنة نشر)‪.328:‬‬

‫‪33‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫‪ -‬تداوؿ السمطة التنفيذية والتشريعية سمميا وفؽ آلية انتخابات حرة ونزيية فالديمقراطية‬
‫‪1‬‬
‫ال تقوـ مالـ يوجد دستور ديمقراطي‪.‬‬

‫‪/2‬مبدأ إحترام الحريات والمساواة‪:‬‬

‫ونقصد بو المساواة القانونية‪ ،‬أي عدـ التفرقة أو التمييز بيف األفراد في تمتعيـ‬
‫بالحقوؽ والحريات التي يكفميا الدستور والقانوف‪ ،‬أي حؽ األفراد والجماعات في‬
‫‪2‬‬
‫التعبير عف أرائيـ بحرية في إطار ضمانات قانونية‪.‬‬

‫‪/3‬التعددية السياسية‪:‬‬

‫تقوـ الديمقراطية عمى التمثيؿ النيابي وىذا عف طريؽ االنتخاب الذي ىو قاعدة‬
‫النمط الديمقراطي كطريقة لتعييف الحكاـ حيث يقوؿ "صاموئيؿ ىنتغتوف" ‪Smuel‬‬
‫‪ : Hutington‬إف اإلنتخابات التنافسية ‪ Competitive Elections‬ىي جوىر‬
‫الديمقراطية‪.‬‬

‫بمعنى أف األحزاب السياسية تمثؿ عنص ار ميما في المبادئ الديمقراطية؛ فيي‬


‫المظير الجوىري لمديمقراطية‪ ،‬ذلؾ أف قياـ األفراد بممارسة حرياتيـ يفضي إلى ظيور‬
‫أراء مختمفة باختالؼ ظروؼ ىؤالء األفراد وحاجاتيـ‪ ،‬فمف البدييي أف الطريؽ‬
‫‪3‬‬
‫الديمقراطي لمشاركة الشعب يتطمب تعدد األحزاب السياسية التي تسعى إلى السمطة‪.‬‬

‫‪1‬عمي خميفة الكواري‪"،‬االنتقاؿ لمديمقراطية في الدوؿ العربية"‪،‬محاضرة لمقاء المنتدى الفكري العربي المؤتمر الشبابي‬
‫الخامس ‪:2012‬المستقبؿ العربي في ضوء الحراؾ الشبابي(‪.6-5:)2012‬‬
‫‪2‬‬
‫نبيؿ كريش‪"،‬دوافع ومعيقات التحوؿ الديمقراطي في العراؽ وأبعاده الداخمية والخارجية "(اطروحة دكتوراه‪،‬جامعة‬
‫الحاج لخضر باتنة‪.28، )2008،‬‬
‫‪3‬عنتره بف مرزوؽ ومالح السعيد‪"،‬إشكالية عالقة المجتمع المدني بالديمقراطية في المنطقة العربية "‪،‬مجمة الحقيقة‪3‬‬
‫(‪.150:)2018‬‬

‫‪34‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫‪/4‬مبدأ الفصل بين السمطات‪:‬‬

‫يعد المبدأ األساسي الذي تستند عميو الديمقراطيات الحديثة‪ ،‬ىذا المبدأ أوؿ مف‬
‫صاغو الفقيو الفرنسي "مونتسكيو" في كتابو "روح القوانيف" واليدؼ مف ذلؾ ىو إيجاد‬
‫وسيمة لمحد مف استبداد المموؾ أو إضعاؼ سمطاتيـ‪ ،‬ووفقا ليذا المبدأ تتنوع سمطة‬
‫الدولة أي إختصاصات الدولة بيف ىيئات منفصمة‪ ،‬سمطة تنفيذية وأخرى تشريعية‬
‫وثالثة قضائية‪ ،‬وتستقؿ كؿ واحدة منيا بممارسة وظيفتيا مع التعاوف فيما بينيما‪.‬‬

‫‪/5‬التداول السممي عمى السمطة‪:‬‬

‫يقتضي حكـ األغمبية وجود أحزاب سياسية متعددة لموصوؿ إلى السمطة والفوز‬
‫السمطة بيف األحزاب تشكؿ ضمانا‬ ‫بيا بالتناوب فيما بينيما ففكرة التداوؿ عؿ‬
‫‪1‬‬
‫لممجتمع‪ ،‬حيث يفتح المجاؿ أماـ الحؽ في إدارة السمطة‪.‬‬

‫وعميو ىذه المبادئ التي أكدتيا كتابات منظري الديمقراطية الكالسيكييف‪ ،‬بداية مف‬
‫أرسطو ومرو ار بمونيسكيو وانتياء بمارتف ليبست وروبرت داؿ‪ ،‬ورغـ التفاوت بيف نظـ‬
‫الحكـ الديمقراطية فإف جوىر ممارسة السمطة يظؿ مبدأ حكـ الشعب لتحقيؽ المصمحة‬
‫‪2‬‬
‫األمة وسيادة القانوف وتطبيقو عمى الجميع دوف تمييز‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حوحو‪" ،‬مبادئ ومقومات الديمقراطية ‪.337- 330،‬‬
‫‪2‬يوسؼ صابر‪ "،‬تزايد حدة أزمات الديمقراطية في العالـ الغربي"‪ ،‬مركز المستقبؿ لألبحاث والدراسات المتقدمة‬
‫‪.7:)2018(27‬‬

‫‪35‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫المطمب الثاني‪ :‬مفهوم االنتقال الديمقراطي‬


‫إف موضوع اإل نتقاؿ الديمقراطي مف بيف المواضيع التي الزاؿ محؿ جدؿ ونقاش‬
‫عمى نطاؽ واسع‪ ،‬حيث أصبح مجاال خصبا لمدراسة والتحميؿ‪ ،‬مما أدى إلى إىتماـ‬
‫الباحثيف والفاعميف السياسييف لدراسة ىذا الموضوع مف زوايا متعددة‪.‬‬

‫وفكرة اإلنتقاؿ نحو أنظمة تعترؼ بحقوؽ الفرد وحرياتو وبفائدة التعددية السياسية‬
‫قد فرضت نفسيا عمى أولئؾ الذيف يعارضونيا‪ ،‬ففي ظؿ ممارسة الديمقراطية يمكف‬
‫معالجة القضايا والوصوؿ إلى صيغ تحكـ العالقة بيف األفراد والسمطة‪.‬‬

‫لذلؾ فعممية االنتقاؿ الديمقراطي ليست سيمة‪ ،‬بؿ أنيا صيرورة مركبة ومتداخمة‬
‫األصعدة‪ ،‬فيي تفترض التحوؿ مف حاؿ غير ديمقراطي إلى حاؿ ديمقراطي‪ ،‬ضمف‬
‫‪1‬‬
‫مسار تتفاعؿ فيو كؿ المكونات األساسية لمجماعة الوطنية‪.‬‬

‫تحدث "ىنتنغتوف" ‪ Huntington‬عف الموجة الثالثة إلشاعة الديمقراطية؛ األكثر‬


‫انتشا ار في مناطؽ العالـ‪ ،‬والتي بدأت مع اإلطاحة بنظاـ "كايتانو" في البرتغاؿ عاـ‬
‫الفرنسية‬ ‫‪1974‬ـ‪ ،‬بعد موجة أولى طويمة‪1828‬ـ تمكف جذورىا في الثورتيف‬
‫واألمريكية المتيف سمحتا بظيور فعمي لممؤسسات الديمقراطية‪ ،‬وأىميا األحزاب‬
‫السياسية التي تبمورت بشكؿ بارز وشكمت أساسا لمواجية النخب الحاكمة المتسمطة‬
‫آنذاؾ وىو ما ساىـ في بروز الديمقراطية‪ ،‬وتنطمؽ موجة ثانية بانتصار الحمفاء في‬
‫الحرب العالمية الثانية إلى غاية ‪1962‬ـ‪.‬‬

‫ففي الثمانينات والتسعينات صارت الديمقراطية ظاىرة عالمية حسب‬


‫"دايموند"‪ L.Daimond‬وىي الفترة التي إنيار فييا االتحاد السوفياتي‪ ،‬وفقد نظاـ‬

‫‪1‬‬
‫احمد عبيدات وآخروف‪ ،‬الثورة واالنتقاؿ الديمقراطي في الوطف العربي ‪:‬نحو طريؽ (بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية ‪.136،)2012،‬‬

‫‪36‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫الحزب الواحد مصداقيتو عبر العالـ‪ ،‬حيث اتجيت الكثير مف الدوؿ إلى الديمقراطية‬
‫‪1‬‬
‫كأفضؿ أشكاؿ الحكـ‪.‬‬

‫إف محاولة تأصيؿ مفيوـ االنتقاؿ الديمقراطي تستدعي الرجوع إلى األصوؿ‬
‫المغوية لممصطمح فكممة‪:‬‬

‫االنتقال لغة‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫بالمعنى العاـ ىي انتقاؿ الشيء مف وضع إلى آخر‪ ،‬أي نقمو نقال فانتقؿ‪ ،‬مع‬
‫تحقيؽ تطور وتقدـ بالنسبة لموضع السابؽ‪ ،‬فيكوف الوضع الجديد مغاي ار لألوؿ‪.‬‬

‫أما الديمقراطية‪ :‬مدلوليا فيرجع إلى عيد الحضارة اليونانية القديمة حيث كانت تعني‬
‫عندىـ الخروج مف يد فرد متحكـ أو مف يد أقمية المتحكمة إلى حكـ األغمبية‪ ،‬أي ىو‬
‫الفترة الفاصمة بيف نظاـ سياسي وآخر‪ ،‬بمعنى المحظة التي يتـ فييا بناء نظاـ جديد‬
‫بغض النظر عف طبيعة ىذا النظاـ‪ ،‬ويتحدد المعنى مف جية بانطالؽ عممية انحالؿ‬
‫‪2‬‬
‫النظاـ السمطوي‪ ،‬ومف جية إلى أخرى إقامة نوع مف الديمقراطية‪.‬‬

‫أما اصطالحا ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫االنتقاؿ الديمقراطي ‪ Democratic Transition‬فيشير إلى التفاعالت المرتبطة‬


‫باالنتقاؿ مف صيغة نظاـ حكـ غير ديمقراطي إلى صيغة نظاـ حكـ ديمقراطي‪ ،‬وعادة‬

‫‪1‬زكريا بورني‪"،‬النخبة السياسية واشكالية االنتقاؿ الديمقراطي ‪:‬د ارسة حالة الجزائر "(رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة‬
‫قسنطينة ‪.41-40،)2010‬‬
‫‪2‬بشير مخموؽ‪"،‬موقع الديف في عممية االنتقاؿ الديمقراطي في الجزائر ‪:‬فترة ‪:1995-1989‬دارسة في التمثيالت‬
‫السياسية لوقع التعددية الحزبية عند بعض المنتسبيف لمجبية اإلسالمية لإلنقاذ"( أطروحة جامعة وىراف‬
‫‪.26،)2013،‬‬

‫‪37‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫ما تشمؿ عممية االنتقاؿ ىذه مختمؼ عناصر النظاـ السياسي مثؿ‪ :‬المؤسسات‬
‫‪1‬‬
‫السياسية وأنماط مشاركة المواطنيف في العممية السياسية والبنية الدستورية والقانونية‪...‬‬

‫ليس كؿ انتقاؿ في الحراؾ السياسي ىو بالضرورة ديمقراطي‪ ،‬ولكف يمكف أف‬


‫يكوف أفعاؿ و ردود أفعاؿ عف مطمب الديمقراطية‪ ،‬وىو التخمي الكمي عف معالـ النظاـ‬
‫التسمطي‪ ،‬واالنتقاؿ التدريجي سمميا نحو تجربة منظمة‪.‬‬

‫واالنتقاؿ الديمقراطي ‪ :‬يمثؿ االنسالخ التاـ مف النظاـ السمطوي وتكريس تعددية‬


‫وتداوؿ حقيقي عمى السمطة‪ ،‬حيث يشير إلى تغيير سياسي جذري يجسد حقيقة‬
‫‪2‬‬
‫مقومات الديمقراطية ويحقؽ غاياتيا‪.‬‬

‫إف االنتقاؿ الديمقراطي ‪ :‬ىو عمميو معقدة يشير إلى التحوؿ في األىداؼ‬
‫والعمميات التي تؤثر عمى توزيع وممارسة السمطة السياسية‪ ،‬وىي تتأثر في ذلؾ بعدة‬
‫مؤشرات أىميا‪ :‬مستوى التمنية االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪ ،‬وطبيعة الثقافة‬
‫‪3‬‬
‫السياسية‪ ،‬ووجود بيئة دولية مناسبة لمتحوؿ‪.‬‬

‫وعميو فاالنتقاؿ الديمقراطي ىو انتقاؿ مف نظاـ سياسي يسود فيو الحكـ الفردي‬
‫االستبدادي الى نظاـ سياسي ويتـ فيو اختيار صناع القرار بشكؿ جماعي عف طريؽ‬
‫انتخابات حرة تنافسية‪ ،‬وعادلة بحيث تكوف قادرة عمى الحكـ عف طريؽ مؤسسات‬
‫دستورية فاعمة‪ ،‬ويفرض التداوؿ عمى السمطة‪.‬‬

‫‪1‬انطوف مستره وربيع قيس ‪،‬صياغة الدساتير في التحوالت الديمقراطية ‪:‬الخبرات العربية والدولية مف منظور‬
‫مقارف(بيروت‪:‬المكتبة الشرقية‪.94،)2014،‬‬
‫‪2‬يوروني‪،‬النخبة السياسية واشكالية االنتقاؿ الديمقراطي ‪.37،‬‬
‫‪3‬زياد جياد حمد‪"،‬العوامؿ المؤثرة في التحوؿ الديمقراطي"(مجمة مداد اآلداب‪(14،‬بدوف سنة النشر)‪580،‬‬

‫‪38‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫االنتقال الديمقراطي والمفاهيم المرتبطة به‪:‬‬

‫لقد تعددت المفاىيـ المتداولة لمحديث عف عممية االنتقاؿ الديمقراطي وتداخمت‬


‫فيما بينيا وبالتالي يجب تحديد كؿ مفيوـ‪.‬‬

‫ىناؾ مف يعتبر مفيوـ االنتقاؿ الديمقراطي والتحوؿ الديمقراطي مترادفاف وآخروف‬


‫يعتبروف التحوؿ ىو مرحمة تسبؽ االنتقاؿ‪ ،‬وتميد لو وفي خضـ ىذا التبايف سنعرؼ‬
‫المفيوميف‪:‬‬

‫‪ ‬االنتقال الديمقراطي‪:‬‬

‫يعتبر مرحمة مف مراحؿ التحوؿ الديمقراطي‪ ،‬وفي إطارىا يتـ صياغة أساليب‬
‫وقواعد حؿ الصراعات بالطرؽ السممية‪ ،‬تنتيي بوضع دستور ديمقراطي وتنظيـ‬
‫‪1‬‬
‫انتخابات حرة وتوسيع نطاؽ المشاركة السياسية‪.‬‬

‫ويعني بذلؾ المرور مف مرحمة إلى أخرى عبر أسموب جديد في إدارة الشأف العاـ‪.‬‬

‫‪ ‬التحول الديمقراطي‪:‬‬

‫عرفو "صاموئيؿ ىنتنغتوف" أنو‪ :‬مجموعة مف حركات االنتقاؿ مف النظاـ غير‬


‫الديمقراطي إلى النظاـ الديمقراطي والتي تحدث في فترة زمنية محددة وتفوؽ في عدد‬
‫‪2‬‬
‫حركاتيا االنتقاؿ في االتجاىات المضادة خالؿ الفترة الزمنية المحددة‪.‬‬

‫‪1‬مصطفى بمعورة‪"،‬التحوؿ الديمقراطي في النظـ السياسية العربية ‪:‬دراسة حالة النظاـ السياسي الجزائري ‪-1988‬‬
‫‪("2008‬أطروحة دكتوراه‪،‬جامعة الجزائر‪29،)2010،‬‬
‫‪2‬عبد الرحمف يوسؼ سالمة "التجربة التونسية في التحوؿ الديمقراطي بعد الثورة كانوف أوؿ‪("2010/‬رسالة ماجستير‬
‫‪،‬جامعة نابميف‪32،)2016،‬‬

‫‪39‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫والتحوؿ الديمقراطي ىو عمميات واجراءات يتـ اتخاذىا لمتحوؿ مف نظاـ غير‬


‫‪1‬‬
‫ديمقراطي –شمولي أو تسمطي‪-‬إلى نظاـ ديمقراطي‪.‬‬

‫فالتحوؿ الديمقراطي ىو مرحمة متقدمة عمى االنتقاؿ الديمقراطي‪ ،‬ويتمثؿ في‬


‫التغيير البطئ والتدريجي لألوضاع االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬والسياسية في بمد ما‬
‫واالعتماد عمى التجارب السابقة قصد االستفادة منيا‪.‬‬

‫‪ ‬الدمقرطة‪:‬‬

‫ىي عممية تحوؿ مف النظاـ التسمطي إلى نظاـ أكثر ديمقراطية عف طريؽ وسائؿ‬
‫أكثر عنؼ مف االنتقاؿ الديمقراطي الذي يعني تحوال سمميا بسبب وجود ثالث عوامؿ‬
‫عمى األقؿ ىي‪:‬‬

‫‪ -‬وجود انقساـ داخؿ نخبة الحكـ بيف معتدليف ومتشدديف؛‬

‫‪ -‬وقوع النظاـ التسمطي في أزمة عميقة مثؿ‪ :‬موت الزعيـ أو الوقوع في أزمة‬
‫اقتصادية حادة؛‬

‫‪ -‬وجود اقتناع داخؿ السمطة وعند المعارضة ارتفاع تكمفة المجوء إلى العنؼ عمى‬
‫‪2‬‬
‫تكمفة التسوية والتفاوض‪.‬‬
‫‪ ‬الترسيخ الديمقراطي‪:‬‬
‫يشير إلى عممية تطوير وتعزيز النظاـ الديمقراطي حتى يتحوؿ إلى نظاـ مؤسسي‬
‫مستقر يكوف قاد ار عمى االستمرار‪ ،‬وتجسيد بشكؿ حقيقي وفعاؿ قيـ الديمقراطية‬
‫‪3‬‬
‫وآلياتيا‪.‬‬

‫‪1‬إيماف احمد ‪،‬نظرية الديمقراطية والتحوؿ الديمقراطي (مصر‪ :‬المعيد المصري لمدراسات السياسية واإلستراتيجية‬
‫‪6،)2016،‬‬
‫‪2‬‬
‫جياد حمد‪ ،‬العوامؿ المؤثرة في التحوؿ الديمقراطي ‪.586،‬‬
‫‪3‬‬
‫مسره و قيس‪ ،‬صياغة الدساتير في التحوالت الديمقراطية‪.95 ،‬‬

‫‪40‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫المبحث الثالث‪ :‬األمن والديمقراطية‪ :‬دراسة في حدود العالقة‬

‫يعد موضوع األمف والديمقراطية مف المواضيع الحساسة‪ ،‬حيث لقيت محور‬


‫االىتماـ العالمي‪ ،‬خاصة بعد إنتياء مرحمة الحرب الباردة التي كاف مف أثارىا الميمة‬
‫توجو األمـ والشعوب نحو الديمقراطية كمنيج سياسي‪ ،‬حيث شيدت ىذه المرحمة زيادة‬
‫في أمف الدولة وأصبحت ىناؾ ضرورة لمفيوـ جديد لألمف‪ ،‬مما أثار جدؿ ونقاش‬
‫واسع عمى مستوى الباحثيف والمفكريف نظ ار ألىميتو البالغة بالنسبة ألي مجتمع‪،‬‬
‫فانصب االىتماـ في قضية األمف عمى التحرر مف التيديدات التي تواجو الناس سواء‬
‫أكانت ىاتو التيديدات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية‪ ،‬وفي قضية الديمقراطية‬
‫التأكيد عؿ فكرة إحتراـ حقوؽ اإلنساف والحريات الديمقراطية‪ ،‬وىذه أمور ال غنى عنيا‬
‫لحماية وتعزيز أمف األفراد‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬العالقة بين األمن والديمقراطية‬

‫إف دراسة العالقة بيف األمف والديمقراطية مسألة ميمة‪ ،‬نظ ار ألف المفيوميف‬
‫يمثالف تطو ار ميما في حقؿ الدراسات السياسية بوجو عاـ واألمنية بصفة خاصة‪،‬‬
‫فالتحميؿ األمني يجب أف يستند عمى المتغير الديمقراطي‪ ،‬عمى أساس أف انتشار‬
‫الديمقراطية وترسخيا عمى مستوى الدوؿ مف شأنو أف يكرس أطر السالـ الدائـ‪.‬‬

‫طرحت الميبرالية البنيوية مسألة العالقة بيف الديمقراطية واألمف فيما اصطمح‬
‫عميو بالسالـ الديمقراطي ‪ Democratic pace‬حيث ظيرت نظرية السالـ الديمقراطي‬
‫في ثمانينات القرف العشريف‪ ،‬وكانت الحجة البارزة أف انتشار الديمقراطية مف شأنو أف‬
‫‪1‬‬
‫يؤدي إلى زيادة األمف الدولي‪ ،‬حيث تعتبر الديمقراطية مصد ار رئيسيا لمسالـ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بيميس و سميث‪ ،‬عولمة السياسية العالمية ‪.428،‬‬

‫‪41‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫فيناؾ تعارض المصالح بيف الدوؿ الديمقراطية لكي تسوي خالفاتيا دوف‬
‫تصعيدىا إلى حد التيديد استخداـ القوة‪ ،‬أي عف طريؽ الوساطة والمفاوضات أو عبر‬
‫الدبموماسية السممية‪ ،‬حيث يرى "دويؿ" ‪:Doyle‬‬

‫"أف إحدى الفوائد الديمقراطية ىي أف الخالفات تعالج قبؿ وقت طويؿ مف أف تصبح منازعات تخرج‬
‫‪1‬‬
‫إلى الساحة العامة"‬

‫وعميو إف فكرة السالـ الديمقراطي التي تقدر أف الدوؿ الديمقراطية أقؿ جنوحا‬
‫لمنزاع‪ ،‬وأف الديمقراطيات ال تشف الحرب ضد بعضيا البعض‪ ،‬أي أنيا أكثر ميال إلى‬
‫السالـ‪ ،‬وقد اقترنت نظرية السالـ الديمقراطي بكتابات كؿ مف "مايكؿ دويؿ" ‪Mucheal‬‬

‫‪ Doyle‬وبروس راسيت" ‪ Bruce Russet‬مف خالؿ تأكيدىما عمى أىمية المتغير‬


‫‪2‬‬
‫الديمقراطي في تحقيؽ األمف‪.‬‬

‫يمكف إبراز بعض مف النقاط حوؿ عالقة األمف بالديمقراطية ‪:‬‬

‫‪ -‬تحقيؽ الممارسة الديمقراطية الفعالة يستمزـ متطمبات أمنية‪ ،‬واألمف بدوره ال يتحقؽ إال‬
‫بتوفر بيئة ديمقراطية يمتزـ فييا الجميع بأحكاـ القانوف والدستور‪ ،‬فالديمقراطية مف‬
‫منظور األمف يحب أف تكوف منيجا ضروريا لمتعايش والممارسة الدستورية والقانونية‬
‫‪3‬‬
‫المتضمنة لسيادة القانوف وتداوؿ السمطة‪ ،‬وضماف الحقوؽ والحريات العامة؛‬

‫‪-‬إف تغيب الشعوب عف المشاركة في أداء الق اررات وخاصة تمؾ التي تؤثر عمى‬
‫مستقبؿ الشعوب‪ ،‬وعدـ الوفاء لمتطمبات الديمقراطية‪ ،‬كؿ ذلؾ يعبر عف عدـ القدرة‬

‫‪1‬بيميس و سميث‪ ،‬عولمة السياسية العالمية‪.430 ،‬‬


‫‪2‬سميـ قسوـ‪ ،‬االتجاىات الجديدة في الدراسات األمنية‪ :‬دراسة في تطوير مفيوـ األمف في العالقات الدولية (ابوظبي‬
‫‪:‬مركز اإلمارات لمدراسات والبحوث اإلستراتيجية ‪.94،)2008،‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد الشريؼ اقضي‪"،‬الديمقراطية واألمف اإلنساني في ظؿ العولمة‪:‬دراسة حالة العالـ العربي "(رسالة ماجيستير‬
‫‪،‬جامعة باتنة‪.80،)2017 ،1‬‬

‫‪42‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫عمى تطبيؽ األمف‪ ،‬حيث استيعاب التيارات والفئات الجديدة داخؿ أي نظاـ سياسي يعد‬
‫‪1‬‬
‫أىـ مقومات تحقيؽ األمف وغيابيا يعتبر مصدر تيديد لالستقرار السياسي واألمف؛‬

‫‪ -‬تعد الدولة آلية ضرورية في بناء عالقة متبادلة بيف األمف والديمقراطية‪ ،‬حيث تظير‬
‫رشادة األمف في تمكيف الناس مف ممارسة الديمقراطية فيقرروا معا ما يشكؿ حياتيـ‬
‫‪،‬حتى ال تعود مرة أخرى إلى بناء نظاـ سياسي يعمي مف شأف األمف عمى حساب‬
‫الديمقراطية‪ ،‬وبالتالي فإف تدعيـ األمف تعززه الديمقراطية‪ 2،‬فالديمقراطية عامؿ أمف‪،‬‬
‫حيث جاءت فكرة األمف الديمقراطي التي تمثؿ وسيمة مضمونة لتأميف سالمة الجميع‪،‬‬
‫أي ىناؾ رغبة في الخروج مف االستبداد مف خالؿ مياـ التنظيـ االجتماعي‬
‫‪3‬‬
‫لممواطنيف مجتمعييف ال ألقمية معينة؛‬
‫‪ -‬إف إعالء المبادئ الديمقراطية ىو خطوة باتجاه تحقيؽ األمف‪ ،‬ويعزز إحتراـ حقوؽ‬
‫اإلنساف‪ ،‬فالفرد يشكؿ المحور األساسي لمعالقة بيف األمف والديمقراطية‪ ،‬حيث أصبح‬
‫في قضية األمف الفرد ىو المرجعية األساسية في التحميؿ األمني‪ ،‬وفي قضية‬
‫الديمقراطية التأكيد عمى فكرة الحرية لإلنساف ومف ىنا تظير ىناؾ عالقة بيف األمف و‬
‫الديمقراطية مف خالؿ قياـ الحكـ الديمقراطي واستخداـ حقوؽ اإلنساف في السياسات‬
‫‪4‬‬
‫والممارسات‪ ،‬وبذلؾ يصبح األمف األداة الفاعمة في تعزيز الديمقراطية‪.‬‬

‫لقد لخص " ابراىاـ لنكولف" مفيوـ الحكـ الديمقراطي حيث أكد أنو‪:‬‬

‫‪ 1‬خميؿ إبراىيـ حجاج وآخروف‪"،‬اثر المتغيرات الدولية عمى مصادر وتيديد األمف القومي العربي بعد الحرب الباردة‬
‫‪،"2010-1990‬دراسات العموـ اإلنسانية واالجنماعية‪.388:)2013(2‬‬
‫‪2‬محمد عبد اليادي‪"،‬العالقة بيف األمف والتنمية والديمقراطية "‪،‬اطمع عميو بتاريخ ‪5‬مارس‪2019‬‬
‫‪www.ahram.org.eg/news prink/347086.aspx‬‬
‫‪3‬‬
‫كايية‪،‬السالـ والديمقراطية ‪.83،‬‬
‫‪4‬عبد الجبار احمد ومنى جالؿ عواد‪"،‬الديمقراطية واألمف اإلنساني"‪،‬مجمة العموـ الساسية‪.12:)2013(46‬‬

‫‪43‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫"ال يحؽ ألي شخص أف يحكـ اآلخريف دوف رضاىـ‪ ،‬حيث أف الدولة أو الحكومة الديمقراطية‬

‫ماىي إال حكومة مف الشعب ولمشعب"‪.‬‬

‫فاليدؼ مف الحكـ الديمقراطي ىو صيانة حقوؽ المواطف وكرامتو وتشجيع التنمية‬


‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬بما تحتويو مف توفير لخدمات واحتياجات أساسية كالتعميـ‬
‫‪1‬‬
‫والصحة مما يؤدي إلى استتباب األمف وتحقيؽ الرفاىية في أرجاء المجتمع‪.‬‬

‫وتتجسد العالقة األمف بيف والديمقراطية مف خالؿ األبعاد التالية‪:‬‬

‫‪ -‬البعد الدستوري والقانوني‪ :‬حيث يوضح األجيزة المكمفة لمقياـ بالوظيفة األمنية‬
‫والقواعد القانونية المنظمة لقياميا بوظائفيا وطبيعة عالقاتيا بالنظاـ السياسي‪.‬‬

‫‪ -‬البعد الوظيفي‪ :‬تحتاج مؤسسات النظاـ الديمقراطي إلى بيئة آمنة ومستقرة ألداء‬
‫مياميا عمى أكمؿ وجو‪ ،‬فالوظيفة األمنية ىي إحدى أىـ الوظائؼ لمنظاـ السياسي‬
‫الديمقراطي‪.‬‬

‫‪ -‬البعد المهني‪ :‬ضرورة تمتع األجيزة األمنية بمستوى رفيع لقياميا بمياميا وفقا‬
‫آلليات النظاـ السياسي الديمقراطي‪ ،‬فالبعد الميني يربط بيف األجيزة األمنية والنظـ‬
‫الديمقراطية المعاصرة‪.‬‬

‫‪ -‬البعد االجتماعي واإلنساني‪ :‬المجتمعات التي تتبنى رؤية مشتركة حوؿ الممارسة‬
‫الديمقراطية واألمنية ىي التي يتحقؽ فييا أعمى مستوى لألمف والديمقراطية‪ ،‬حيث‬
‫اتسعت مجاالت العمؿ المشترؾ بيف األجيزة األمنية والمؤسسات الديمقراطية الرسمية‬

‫‪.1‬الديمقراطية والحريات العامة‪"،‬اطمع عميو بتاريخ ‪ 8‬مارس ‪،2019‬‬


‫‪httpsM//law.depaul.edu/about/centersand.international-human-rights-latw-‬‬
‫‪intite/publication/doucument‬‬

‫‪44‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫وغير الرسمية‪-‬مؤسسات المجتمع المدني‪ 1،-‬أي ييدؼ كؿ مف األمف والديمقراطية إلى‬


‫الحفاظ عمى حقوؽ اإلنساف وحمايتيا وبالتالي نالحظ أف ىناؾ عالقة تبادؿ وتداخؿ‬
‫بيف كال المفيوميف األمف والديمقراطية‪ ،‬فاألمف يتحقؽ بتوفير بيئة ديمقراطية‪ ،‬وىذه‬
‫األخيرة تتحقؽ بتوفير بيئة أمنية مناسبة‪.‬‬

‫بمعنى آخر تحقيؽ الممارسة الديمقراطية الفعالة مرتبط بمتطمبات أمنية البد مف‬
‫توافرىا الضماف عمؿ آليات الممارسة الديمقراطية في المجتمع‪ ،‬ومف جية أخرى فإف‬
‫األمف ال يتحقؽ إال مف خالؿ توفر بيئة ديمقراطية سميمة‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬آليات تحقيق األمن والديمقراطية‬

‫كما الحظنا ىناؾ عالقة وطيدة وواضحة بيف األمف بمفيومو الواسع والديمقراطية‬
‫إلى درجة يرى فييا بعض المفكريف أنو ال ديمقراطية دوف أمف وال أمف دوف ديمقراطية‪،‬‬
‫أي الممارسة الديمقراطية السميمة ليا متطمبات أمنية معينة يجب توفرىا حتى يسيؿ‬
‫عمؿ آليات الديمقراطية في المجتمع‪ ،‬وكذلؾ األمف بدوره ال يتحقؽ إال مف خالؿ توفر‬
‫بيئة ديمقراطية يمتزـ فييا الجميع بأحكاـ القانوف والدستور‪ ،‬وعميو نحاوؿ إبراز آليات‬
‫الديمقراطية لتحقيؽ األمف واآلليات األمنية لممارسة الديمقراطية‪.‬‬

‫‪/1‬اآلليات الديمقراطية لتحقيق األمن‪:‬‬

‫تركز إىتماـ األمـ المتحدة بموضوع الديمقراطية وىو أىـ ما تسعى إليو منذ‬
‫قياميا عاـ ‪1945‬ـ‪ ،‬حيث أكدت الدوؿ الكبرى ومنيا الواليات المتحدة األمريكية‬

‫‪1‬محم ػ ػ ػ ػ ػد سػ ػ ػ ػ ػػعد أبػ ػ ػ ػ ػػو عػ ػ ػ ػ ػػامود‪"،‬األمف والديمقراطيػ ػ ػ ػ ػػة" اطمػ ػ ػ ػ ػػع عميػ ػ ػ ػ ػػو بت ػ ػ ػ ػ ػػاريخ ‪25‬نػ ػ ػ ػ ػػوفمبر ‪،2018،‬‬
‫‪https :www.plicemc.gou.bh/mcms-stors/pdf/‬‬

‫‪45‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫والدوؿ األوروبية في قمة مجمس األمف عاـ ‪1992‬ـ حوؿ األمف والديمقراطية‪ ،‬وحقوؽ‬
‫‪1‬‬
‫اإلنساف والحرية االقتصادية‪.‬‬
‫وعميو تستند الديمقراطية إلى إرادة الشعب المعبر عنيا بحرية‪ ،‬كما أنيا مرتبطة‬
‫بسيادة القانوف وممارسة حقوؽ اإلنساف وحرياتو األساسية‪ ،‬فترسيخ مبادئ الديمقراطية‬
‫يمثؿ خطوة باتجاه األمف‪ ،‬وممارسة ىاتو الحقوؽ ال نجدىا إال في مجتمع يتمتع بنظاـ‬
‫حكـ ديمقراطي يحقؽ األمف لألفراد‪ ،‬حيث يؤكد الميبراليوف أنو‪" :‬كمما كاف العالـ ديمقراطيا‬

‫كمما أكثر سممية"‪ 2،‬وبالتالي يتعمؽ األمر بالديمقراطية كقاعدة لألمف‪ ،‬فتعزيز السموؾ‬
‫الديمقراطي لدى األمف يتجسد في ‪:‬‬

‫التنمية السياسية‪:‬‬

‫يرى "صاموئيؿ ىنتغتوف"‪ Samuel Huntington‬أف التنمية السياسية تتحقؽ عند‬


‫توافر ثالثة عوامؿ ىي‪:‬‬

‫‪ -‬ترشيد السمطة‪ :‬ىي إف تتـ ممارستيا وتداوليا عمى أساس قانوف أو دستور محدد‬
‫الوظائؼ؛‬

‫‪ -‬التمايز والتخصص‪ :‬تنوع الوظائؼ السياسية ‪ ،‬وايجاد أبنية متخصصة ليا؛‬

‫‪ -‬المشاركة السياسية‪ :‬زيادة نسبة المشاركة السياسية مف قبؿ المواطنيف ومف خالؿ‬
‫‪3‬‬
‫قنوات وآليات المشاركة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫احمد و جالؿ عواد ‪ ،‬الديمقراطية واألمف اإلنساني مرجع سابؽ‪.13-12،‬‬
‫‪2‬سميرة شرايطية‪"،‬اثر العامؿ التنموي عمى البيئة األمنية لمدوؿ الفاشمة‪:‬دراسة عبر إقميمية"(أطروحة دكتوراه ‪،‬جامعة‬
‫باتنة‪.52،)1،2018‬‬
‫‪3‬ريـ بف عيسى وآخروف‪"،‬التنمية السياسية قراءة في اآلليات والمراحؿ والنظريات الحديثة "‪،‬اطمع عميو بتاريخ‬
‫‪11‬مارس‪WWW.alnoor.se/article.asp?id:173489 ، 2019 ،‬‬

‫‪46‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫فالتنمية السياسية ىي بناء الديمقراطية‪ ،‬حيث ال يمكف أف تتحقؽ إال عف طريؽ‬


‫بناء المؤسسات الديمقراطية كاألحزاب السياسية مثال‪ ،‬واضفاء طابع الشرعية عمى‬
‫ممارسة الحكـ مف خالؿ التداوؿ السممي عمى السمطة‪ ،‬ومف ثـ تغيير بناء التمثيؿ‬
‫‪1‬‬
‫السياسي كمما اقتضت الضرورة ذلؾ‪.‬‬

‫بمعنى آخر الفشؿ في تحقيؽ التنمية بالسبؿ الديمقراطية ينعكس سمبا عمى أمف‬
‫الدولة‪ ،‬أي التنمية السياسية القائمة عمى المشاركة السياسية التي تتطمب احتراـ حقوؽ‬
‫اإلنساف ونزاىة االنتخابات‪ ،‬وحرية وسائؿ اإلعالـ والتي تتماشى ومبادئ الديمقراطية‬
‫مف شانيا أف تعزز تحقيؽ األمف‪ ،‬وغيابيا يؤدي إلى غياب التنمية السياسية‪ ،‬وبالتالي‬
‫غياب األمف‪.‬‬

‫التنشئة السياسية‪:‬‬

‫تتمثؿ في ذلؾ النشاط السياسي الذي ييتـ بالمواطف الواعي سياسيا‪ ،‬حيث تتولى‬
‫ميمة ىذه العممية مجموعة مف المؤسسات ومف بينيا مثال األحزاب السياسية‪ ،‬وىذه‬
‫األخيرة في إطار سعييا لموصوؿ الى السمطة تعمؿ عمى نشر البرامج واالتجاىات‬
‫والمبادئ التي تؤمف بيا بيدؼ إحداث تغيير عمى مستوى الفرد‪ ،‬ومف ثـ عمى مستوى‬
‫‪2‬‬
‫الجماعة‪.‬‬

‫ويمكف القوؿ أف التنشئة السياسية ليا دور فاعؿ في توسيع أفاؽ المشاركة‬
‫السياسية التي تعتبر شرطا لبناء الديمقراطية‪ ،‬فيي تجعؿ المواطنيف مؤىميف لممساىمة‬
‫‪3‬‬
‫في الحياة السياسية بمسؤولية ووعي‪ ،‬أي ىذا الوعي يتأسس عمى التنشئة السياسية‪.‬‬

‫‪1‬عائشة عياش‪" ،‬إشكالية اتنتمية السياسية والديمقراطية في دوؿ المغرب العربي‪ :‬تونس أنموذجا"‪ ،‬المركز الديمقراطي‬
‫العربي لمنشر (‪15:)2017‬‬
‫‪2‬‬
‫نفس المرجع ‪.32،‬‬
‫‪3‬‬
‫طو حميد حسف العنكبي ‪ "،‬تدريس مادة التنشئة السياسية"‪،‬مجمة العموـ السياسية ‪(.39-38‬د س ش)‪.323،‬‬

‫‪47‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫وعميو فالتنشئة السياسية تمثؿ اآللية التي بمقتضاىا يتكوف اإلنساف السياسي‬
‫وتتبمور الثقافة السياسية لمجتمع ما‪.‬‬

‫الثقافة السياسية‪:‬‬

‫ىناؾ باحثوف يتخذوف مف الثقافة السياسية كمنيج بحث‪ ،‬حيث تتعمؽ بتغيير‬
‫الثقافة السائدة المرتبطة بالسمطة سواء عمى مستوى الفرد أو الجماعة‪ ،‬بعبارة أخرى‬
‫الثقافة السياسية ىي تمؾ القيـ واالتجاىات السياسية واألنماط و السموكات االجتماعية‬
‫ذات المغزى السياسي التي تتعمؽ بنظرة المواطف إلى السمطة وتبيف كيؼ يفسر الشعب‬
‫الدور الصحيح لمحكومة‪ ،‬وكيؼ يتـ تنظيميا‪.‬‬

‫فالثقافة السياسية تتضمف التفاصيؿ الخاصة بيوية الفرد والجماعة وانتشارىا‬


‫وتطويرىا يسيـ في تمكيف الشعب مف القياـ بدور أساسي في التأثير عمى الق ارر‬
‫السياسي وىو جوىر الديمقراطية‪ ،‬وبالتالي الثقافة السياسية ليا تأثير كبير عمى النظاـ‬
‫‪1‬‬
‫السياسي والحياة السياسية بصفة عامة‪.‬‬

‫‪/2‬اآلليات األمنية لتحقيق الديمقراطية‪:‬‬

‫يتعمؽ األمر باألمف كضرورة لمديمقراطية‪ ،‬أي االستقرار األمني حتمية لتحقيؽ‬
‫الديمقراطية‪ ،‬ويكوف ذلؾ عف طريؽ توفر أجيزة أمنية رفيعة المستوى مزودة بأحدث‬
‫التقنيات الالزمة ألداء مياميا‪ ،‬إضافة إلى توفر العنصر البشري المؤىؿ ألداء الميمة‬
‫المخولة إليو‪ ،‬وذلؾ لتوفير البيئة اآلمنة المستقرة لممارسة الديمقراطية‪ ،‬حيث أف أمف‬
‫أي نظاـ يعتمد عمى وجود قيادات سياسية ذات كفاءة عالية توجو خيارات األفراد‬
‫وسموكيـ وتضبط الخالفات اإلنسانية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد العفار شكر ‪"،‬الثقافة الساسية وعالقتيا بالديمقراطية"‪،‬اطمع عميو بتاريخ ‪ 11‬مارس‪،2019 ،‬‬
‫‪www.ahram.org.eg/newsq/607231.aspx‬‬

‫‪48‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫يعتبر االستقرار مف المرتكزات األساسية والضرورية لقياـ المجتمعات وازدىارىا‬


‫ونموىا‪ ،‬كما يشكؿ الشرط األساسي لألمف والطمأنينة لدى األفراد‪ ،‬وىو ىدؼ تسعى‬
‫إليو كافة المجتمعات اإلنسانية في العالـ‪ ،‬وعميو فيو مطمب جماعي‪ ،‬فميما كاف نمط‬
‫النظاـ السياسي القائـ في أي دولة مف دوؿ العالـ‪ ،‬فإف الدافع المشترؾ دائما ىو سعي‬
‫‪1‬‬
‫النظاـ الحاكـ في أف يكوف حكمو مستق ار لكي يستطيع االستمرار‪.‬‬

‫بمعنى أف غياب االستقرار السياسي داخؿ النظاـ يؤدي إلى حدوث النزاعات‬
‫واالنقالبات العسكرية‪ ،‬مما يسمح بممارسة العنؼ الذي يصحبو غياب المشاركة‬

‫ومبدأ التعددية السياسية وانتياؾ حقوؽ اإلنساف التي تعتبر كميا مف مبادئ‬
‫الديمقراطية‪ ،‬مما ييدد تحقيؽ األمف عمى اعتبار أف ىذا األخير مسؤولية مشتركة في‬
‫سائر المجتمعات الديمقراطية‪ ،‬وأنو ضروري في حياة اإلنساف وأداء األجيزة األمنية‬
‫لوظائفيا مف شانو يحقؽ الصالح العاـ المشترؾ‪ ،‬بمعنى وضع حد لالضطرابات‬
‫السياسية وكؿ مظاىر الفساد التي تعرفيا األنظمة الحاكمة‪ ،‬والعمؿ عمى إرساء أنظمة‬
‫‪2‬‬
‫ديمقراطية تحترـ حقوؽ اإلنساف وكذا التأسيس لحكـ رشيد في تسيير شؤوف الدولة‪.‬‬

‫كذلؾ يمثؿ اإلصالح السياسي أىـ أسس االستقرار األمني‪ ،‬فبدوف اإلصالح‬
‫السياسي لف تحؿ المشكالت غير السياسية‪ ،‬ىاتو المشكالت قد تكوف اقتصادية ولكف‬
‫حميا سياسي‪ ،‬وأنو بدوف االستقرار األمني لف يتمكف مف القياـ بأية ميمة أخرى تتعمؽ‬
‫بالسياسة أو االقتصاد وقد ينيار المجتمع‪.‬‬

‫واإلصالح السياسي يمثؿ خطوات فعالة وجدية تقوـ بيا الحكومات والمجتمع‬
‫المدني تيدؼ لالنتقاؿ مف نظـ حكـ تتسـ بالتسمطية إلى نظـ حكـ تقوـ عمى قاعدتي‬

‫‪1‬احمد شكر جود الصبيحي ‪"،‬ظاىرة عدـ االستقرار في العراؽ بعد عاـ ‪:2003‬دراسة في المفيوـ واألسباب"‪،‬مجمة‬
‫تكريت لمعموـ السياسية ‪( 13‬د‪.‬س‪.‬ف)‪.44-43:‬‬
‫‪2‬‬
‫عمي مدوني‪،‬األمف واألمف القومي‪.189،‬‬

‫‪49‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫المشاركة والتمثيؿ‪ 1،‬ويعد ركنا أساسيا مف األركاف المرسخة لمحكـ الديمقراطي وىو‬
‫تحديد لمحياة السياسية وتصحيح لمساراتيا ولصيغيا الدستورية والقانونية وتحديدا‬
‫لمعالقات فيما بينيا‪ ،‬وىو التعريؼ الذي تبناه برنامج األمـ المتحدة إلدارة الحكـ في‬
‫‪2‬‬
‫الدوؿ العربية‪.‬‬

‫وفي ىذا الصدد فإف لمقطاع األمني دور فعاؿ في اإلشراؼ عمى العممية األمنية‬
‫وتنفيذىا‪ ،‬ويتجمى ذلؾ في كؿ المؤسسات الحكومية وغيرىا مف الكيانات األخرى التي‬
‫تحسف مف مستوى خدمات األمف التي تيدؼ إلى رفع كفاءة النظاـ السياسي‪ ،‬أي جعمو‬
‫فعاال في أدائو لوظائفو وبالتالي‪ ،‬يكوف لو دور في ضماف توفير األمف لمدولة ولشعبيا‬
‫فكؿ ىذا مف شأنو أف يعزز الديمقراطية واألمف‪ ،‬وىذا األخير ىو منصة الديمقراطية‬
‫وىو المظمة الواقية لمنظاـ الديمقراطي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مسمـ بابا عربي‪"،‬محاولة في تأصيؿ مفيوـ اإلصالح السياسي "‪،‬دفاتر السياسية والقانوف‪238:)2013(9‬‬
‫سعاد عمير ‪"،‬محددات اإلصالح السياسي"‪،‬المجمة الجزائرية لمدراسات السياسية ‪68:)2014(2‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪50‬‬
‫الفصــــــــل األول‪ :‬اإلطـــــــــــــــــــــــــار المفاهيمي والنظري للدراســـــــــــــــــة‬

‫األمف مفيوـ تسعى إليو كؿ الدوؿ‪ ،‬كونو أحد مقومات الحياة اإلنسانية‪ ،‬إذ كاف‬
‫في السابؽ مرتبط بمدى محافظة الدولة عمى كيانيا العسكري‪ ،‬فبعد الحرب الباردة تغير‬
‫مضمونو مف الطابع العسكري التقميدي إلى الطابع الموسع والشامؿ‪ ،‬وغايتو الرئيسية‬
‫تتمثؿ في تحقيؽ وتوفير عوامؿ الصحة لممجتمع وأفراده في ظؿ البيئة الدولية المتغيرة‪.‬‬

‫كما أف الديمقراطية مف قضايا اإلنسانية المعقدة في ماضييا وحاضرىا وربما في‬


‫مستقبميا‪ ،‬فيي مفيوـ يتعمؽ بأحد أشكاؿ التغيير السياسي الذي يفصح عف عممية‬
‫االنتقاؿ الديمقراطي كآلية لتجسيد الديمقراطية‪ ،‬ىذه العممية تشمؿ تغيير نظـ حكـ‬
‫تسمطية إلى نظـ ديمقراطية‪.‬‬

‫ومف ىذا المنطمؽ ستكوف دراستنا في الفصؿ الثاني تركز عمى االنتقاؿ‬
‫الديمقراطي وصعوبة ىذه التجربة في العالـ العربي‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بنية النظام السياسي العربي وصعوبة‬

‫عملية االنتقال الديمقراطي‬


‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫تعيش المنطقة العربية مرحلة حاسمة في تاريخها المعاصر نتيجة موجة التحوالت‬
‫السياسية‪ ،‬حيث تعتبر عملية االنتقال الديمقراطي من أهم المالمح الرئيسية للتطور‬
‫السياسي الذي شهدته الدول العربية‪ ،‬وأصبحت هذه العملية من القضايا البارزة التي اهتم‬
‫بها الباحثون نتيجة لتزايد حاالت االنتقال من نظم تسلطية إلى نظم ديمقراطية‪ ،‬األمر‬
‫الذي أنتج مطالب واسعة من طرف نخب المعارضة وعامة الشعب لتتبنى االنتقال‬
‫الديمقراطي كآلية لتجاوز الممارسات التسلطية وتجسيد األطر الديمقراطية‪ ،‬بمعنى حصول‬
‫تغيير في طبيعة األنظمة في حد ذاتها‪ ،‬إن لكل تجربة خصوصياتها وأولوياتها وتحدياتها‪،‬‬
‫ومن هذا المنطلق ولتحليل ما تقدم يتم تقسيم هذا الفصل إلى ثالث مباحث‪:‬‬

‫تناولنا في المبحث األول طبيعة األنظمة السياسية العربية وخصائصها‪ ،‬في حين‬
‫حاول المبحث الثاني تفسير أن ثمة مجموعة من المتغيرات دفعت نحو االنتقال‬
‫الديمقراطي في الوطن العربي‪ ،‬وتطرقنا إلى الطرق التي تم بها االنتقال الديمقراطي حيث‬
‫برزت نتائج تعبر عن مخرجاته‪ ،‬اما المبحث الثالث تناولنا فيه التحديات التي فرضها‬
‫المشهد السياسي في العالم العربي‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫المبحث األول‪ :‬العالم العربي كوحدة تحليل في االنتقال الديمقراطي‬

‫تعكس األنظمة السياسية في مختلف أنحاء العالم ‪-‬والى حد ما‪ -‬طبيعة مجتمعاتها‬
‫واالختالف بينها إنما هو اختالف في طبيعة هذه المجتمعات وخصوصياتها‪ ،‬غير أن‬
‫االختالف في طبيعة المجتمع العربي يعود إلى الخصوصيات الفرعية لكل جزء من هذا‬
‫المجتمع‪ ،‬والظروف المحيطة به‪.‬‬

‫وتسعى األنظمة السياسية الديمقراطية لتحقيق أولويات الشعب أساسا ألن النظام‬
‫السياسي المصدر األساسي لقيام الدولة‪ ،‬حيث يستمد قيامها من ثقة الشعب الذي يعد‬
‫الفاعل األساسي في تحقيق الشرعية ‪.‬‬

‫ومع ظهور التغيرات التي عرفها العالم خاصة فيما يخص حقوق اإلنسان وحريات‬
‫الفرد‪ ،‬فقد اثر ذلك على األنظمة السياسية العربية التي تعاني من غياب الديمقراطية‬
‫والمشاركة السياسية‪ ،‬والتعددية الحزبية‪ ،‬مما أدى إلى االهتمام أكثر بالديمقراطية واالنفتاح‬
‫السياسي‪ ،‬ومجمل الحريات السياسية ‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التركيب البنيوي لألنظمة السياسية العربية‬

‫بعد إستقالل الدول العربية عن االستعمار ظهرت أشكال مختلفة للنظم العربية وكل‬
‫تحقيق مصلحة الفرد والمجتمع‪ ،‬وذلك جاء نتيجة تحوالت‬ ‫منها تدعي القدرة عل‬
‫المعاصرة التي مرت على الدول العربية‪ ،‬فقبل االستقالل كانت المجتمعات العربية تعيش‬
‫حالة غياب المؤسسات التي تعبر عن مفاهيم الحكم‪ ،‬أما بعد االستقالل فقد تبنت هذه‬
‫المجتمعات نظما تسعى من خاللها إلى تحقيق الصالح العام بحسب كل نظام سياسي ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫طبيعة األنظمة السياسية العربية‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫هناك مهمتين رئيسيتين سعت األنظمة السياسية في الدول العربية إلى تحقيقها‬
‫وتتمثل في تطوير نظام الدولة الوطنية‪ ،‬وبناء وتأسيس اقتصاد وطني مستقل‪ ،‬وذلك‬
‫بحصر األنظمة االستعمارية السابقة‪ ،‬غير أن أنظمة ما بعد االستعمار الجديدة ورثت‬
‫األنظمة االستعمارية القديمة‪ ،‬والى جانب التغيير اإلداري والمؤسسي‪ ،‬توجب هناك تجديد‬
‫ثقافي واجتماعي لتكوين شعب متجانس‪ ،‬كما حاولت إيجاد ثقافة أصيلة متجانسة‪ ،‬وكان‬
‫لهذا التغير في أنظمة ما بعد االستعمار دو ار في إعادة توجيه عالقات الدولة في المنطقة‬
‫‪1‬‬
‫العربية‪ ،‬حيث قلصت عالقتها مع القوى االستعمارية‪.‬‬

‫فاألنظمة السياسية عبر سياساتها تهدف إلى تحقيق مصالح وحقوق مواطنيها‪ ،‬اآلمر‬
‫الذي جعل كل نظلم يختلف عن نظيره من األنظمة األخرى‪ ،‬وهي في مجملها عبارة عم‬
‫مجموعة عقبات شكلت حاج از دون تحقيق االستقرار واألمن‪ ،‬والنظم العربية على وجه‬
‫الخصوص‪ ،‬فالتركيبة السياسية لمعظم األنظمة العربية في فترة ما بعد االستقالل هي‬
‫‪2‬‬
‫الدولة المتسلطة ذات الحزب‪ ،‬الواحد الذي يحتكر السلطة السياسية‪.‬‬

‫إن األنظمة السياسية العربية هي مجموع األنظمة التي ظهرت بعد مرحلة االستقالل‬
‫وحكمت الدولة بأساليب حكم مختلفة‪ ،‬حيث تتوزع هذه األنظمة من حيث الشكل إلى‬
‫أنظمة ملكية‪ ،‬وأنظمة جمهورية‪.‬‬

‫‪1‬إيجي ناغا ساوا‪" ،‬مستقبل أنظمة مابعد االستعمار في الوطن العربي"‪ ،‬تر‪ .‬محمود عبد الواحد القيسي جامعة بغداد‬
‫‪.137،)2015(32-31‬‬
‫‪2‬‬
‫رودجر اوين‪ ،‬الحكام العربي‪ :‬مراحل الصعود والهبوط‪ ،‬تر‪ .‬سعيد محمد الحسينة (لبنان‪ :‬شركة المطبوعات للتوزيع‬
‫والنشر ‪.33،)2014،‬‬

‫‪54‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫‪ ‬النظام الملكي‪:‬‬

‫وهو النظام الذي يقوم على أساس توارث السلطة في داخل األسرة الحاكمة أي هو‬
‫النظام الذي يتولى فيه الملك السلطة عن طريق الوراثة‪ ،‬لمدة غير محددة‪ ،‬وفي ظل‬
‫الحكم الملكي ليس للشعب أي دور في تحديد هوية الملك لدى تولي مهامه‪ ،‬وانما‬
‫الدستور فقط الذي يتولى تحديد ذلك‪ ،1‬بمعنى آخر أن السلطة تمارس بشكل انفرادي دون‬
‫أي مشاركة من الشعب‪ ،‬ويتولى الملك الحكم لفترة مستمرة مادام عل قيد الحياة واألنظمة‬
‫الملكية تعتبر من أقدم أنواع األنظمة‪ ،‬ولكن مع بداية ظهور الديمقراطية بدأت أشكال‬
‫‪2‬‬
‫النظام تتراجع‪.‬‬

‫وفي العالم العربي نجد هناك ثماني دول الزالت ذات نظام ملكي على غرار‬
‫السعودية الكويت‪ ،‬قطر‪ ،‬البحرين وعمان واإلمارات‪ ،‬واألردن والمغرب‪ ،‬وفي الفترة ما بين‬
‫‪1950‬م‪1970-‬م سقطت خمس نظم ملكية‪ ،‬وهي مصر وتونس‪ ،‬والعراق واليمن وليبيا‪.‬‬

‫‪ ‬النظام الجمهوري‪:‬‬

‫وهو النظام السياسي الذي تمارس فيه السلطة بشكل عام‪ ،‬بمعنى يعتمد على‬
‫االنتخاب كمعيار لتولي السلطة‪ ،‬حيث يتولى رئيس الدولة الحكم عن طريق االنتخاب‬
‫‪3‬‬
‫لمدة زمنية معينة‪ ،‬وفق شروط منصوص عليها في الدستور‪.‬‬

‫‪1‬محمد حسن دخيل‪ ،‬أنظمة الحكم في الوطن العربي‪ :‬دراسة مقارنة (بيروت ‪:‬دار مكتبة البصائر‪.32،)2014،‬‬
‫‪2‬‬
‫مها سامي فؤاد المصري‪" ،‬دور النظام السياسي العربي في إعاقة بناء مجتمع معرفة عربي" (رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة‬
‫نابلس‪.72 ،)2005 ،‬‬
‫‪3‬‬
‫حسن دخيل‪ ،‬أنظمة الحكم في الوطن العربي‪.25،‬‬

‫‪55‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫وتمتاز هذه األنظمة باعتمادها على شرعية ليس لها مصدرها ديني أو طائفي أو‬
‫قانوني‪...‬وانما إيديولوجية ثورية أو كاريزما ملهمة‪ ،‬ومثال ذلك النظام المصري الناصري‬
‫‪1952‬م‪1970-‬م‪.‬‬

‫وحكام األنظمة الجمهورية ال يتركون الحكم إال بالوفاة‪ ،‬أو االنقالب أو المرض أو‬
‫االغتيال‪ ،‬وقد انتظمت فيها بقية الدول العربية‪ 1،‬وقد تجمعها خاصية هامة تتمثل في‬
‫تبنيها أليديولوجيات اشتراكية بعد حصولها على االستقالل‪ ،‬كما شهدت نظام الحزب‬
‫الواحد بعد االستقالل مباشرة مثل الجزائر اليمن الجنوبي قبل الوحدة‪ ،‬بإستثناء لبنان الذي‬
‫أقام نظامه على التعددية السياسية وأكدت تلك النظم غالبا على مطلب الوحدة العربية‪.‬‬

‫كذلك نجد نظم الحكم في الدول العربية ضخمت من صالحيات رئيس الدولة على‬
‫حساب البرلمان‪ ،‬وكثي ار من البرلمانات العربية ال تعكس الصفة المثالية لإلرادة الشعبية‬
‫فبغض النظر عما شكل رئاسة الدولة‪ ،‬وعما مدون في الدستور تعد نظما رئاسة تتركز‬
‫‪2‬‬
‫فيها كل السلطات الفعلية في يد رئيس الدولة‪.‬‬

‫خلصت دراسات عديدة إلى أن الدولة في الوطن العربي رغم تطور أجهزتها األمنية‬
‫واإلدارية‪ ،‬ومختلف مؤسساتها؛ تشهد عدم تطور كيانها بشكل مستقل عن الشخص الحاكم‬
‫الذي يفترض أن يمارس سلطة الدول في إطار قانوني وبتفويض شعبي دون امتالك هذه‬
‫السلطة‪ ،‬فالواقع يثبت أن الدولة أصبحت أداة في يد نخبة حاكمة تستند إلى نظام‬
‫ديمقراطي شكلي‪ ،‬حيث يقول محمد جاب األنصاري‪:‬‬

‫‪1‬فؤاد المصري‪ ،‬دور النظام السياسي العربي في إعاقة بناء مجتمع ‪.72،‬‬
‫‪2‬هالل و مسعد‪ ،‬النظم السياسية العربية‪.136-129،‬‬

‫‪56‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫"ليس من السهل الفصل الواضح ما للسلطة وما للدولة‪ ،‬فالسلطة هي التي تبني الدولة‬
‫‪1‬‬
‫ومؤسساتها وأجهزتها]‪[...‬إن السلطة في الوضع العربي الراهن هي حاضنة للدولة"‬

‫فلو انهارت السلطة انهار معها الكيان على رؤوس مواطنيه ‪.‬‬

‫عملت األنظمة السياسية العربية بعد استقاللها على نقل صيغ وتقاليد المؤسسات‬
‫السياسية العربية‪ ،‬بما فيه األمن صيغ مؤسسات الدستورية من مبادئ ونصوص فمثال‬
‫اعتماد مبدأ المساواة بين الناس وعدم التمييز بين الحقوق‪ ،‬أكدت عليها في دساتير كل‬
‫من اإلمارات‪ ،‬تونس‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سوريا‪ ،‬العراق‪ ،‬الكويت ولبنان‪ ،‬مصر‪ ،‬كذلك حرية الرأي‬
‫والتظاهر‪ ،‬وحق تكوين التنظيمات السياسية‪ ،‬أكدت عليها دساتير كل من‪ :‬مصر‪ ،‬العراق‪،‬‬
‫ليبيا‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سوريا‪ ،‬البحرين‪ ،‬إضافة إلى مبدأ سيادة الشعب في السلطة وصيانة‬
‫للحقوق والحريات‪ 2،‬لكن الدساتير العربية رغم تبينها مثل هذه المبادئ إال أن الواقع يشير‬
‫إلى عكس ذلك‪ ،‬على سبيل المثال نرى‪:‬‬

‫‪ -‬معظم الدساتير العربية تبنت مبدأ الفصل بين السلطات غير أن الممارسة الفعلية تثبت‬
‫أن السلطة التنفيذية المتجسدة في رئيس الدولة تسيطر على السلطتين التشريعية‬
‫والقضائية؛‬

‫‪ -‬غياب مؤسسات الرقابة الدستورية في اغلب الدول العربية والتي وظيفتها التأكد من‬
‫دستورية القوانين صونا لحقوق المواطن؛‬

‫‪ -‬حالة األحكام العرفية وحالة الطوارئ استمرت لعقود منذ عام ‪1963‬م في سوريا‪،‬‬

‫‪1‬حسنين توفيق إبراهيم‪ ،‬النظم السياسية العربية‪ :‬االتجاهات الحديثة في دراساتها (بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‬
‫‪.96،)2008‬‬
‫‪2‬‬
‫وليد سالم محمد‪ ،‬النظم السياسية العربية‪ :‬إشكاليات السياسات والحكم (عمان‪ :‬الرمال للنشر والتوزيع‪.51،)2018،‬‬

‫‪57‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫وفي مصر منذ ‪1981‬م‪ ،‬وفي السودان منذ ‪1990‬م‪ ،‬وفي الجزائر تم رفعها سنة ‪2011‬م‬
‫والعراق منذ ‪1991‬م؛‬

‫‪ -‬النص على حرية تشكيل األحزاب والتنظيمات السياسية‪ ،‬والتداول السلمي على السلطة‬
‫غير أن األنظمة السياسية العربية اغلبها يحكمها شخص واحد او فئة معينة‪.‬‬

‫حيث يفسر"انجمار كارلسون" أن‪" :‬مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية والظروف السياسية التي‬

‫مر بها العالم العربي لم توفر المناخ المالئم لنشوء أنظمة ديمقراطية‪ ،‬وترسيخ الديمقراطية اذ خلف‬
‫‪1‬‬
‫االستعمار وراءه حكومات محلية لم تتلقى مبدأ من مبادئ الديمقراطية ‪"...‬‬

‫فالدولة في الوطن العربي مرتبطة بطبيعة النظام السياسي واستم ارره‪ ،‬وليست قائمة‬
‫على اسس دستورية وسياسية قادرة على الوصول إلى حالة من االستقرار الذي يساعد‬
‫على بناء دولة المؤسسات‪ ،‬كما أن األنظمة السياسية العربية لم تكتمل بنيتها التشريعية‬
‫‪2‬‬
‫والتنفيذية والقضائية وفق أسس قانونية وديمقراطية ‪.‬‬

‫وفي مجمل القول فإن األنظمة السياسية العربية الحاكمة لم تتمكن من تكوين أساس‬
‫متماسك لتطوير نظام حكم؛ يكون فيه المجتمع دور فاعل وأساسي‪ ،‬حيث جعلت بأجهزتها‬
‫الرسمية تسوية بين التنظيم المؤسسي وسلطة الحاكم‪ ،‬فأصبحت السلطة ملكا شخصيا‬
‫وليس اختصاصا وظيفيا‪ ،‬ما أدى إلى عدم وجود إرادة لتطوير حكم ديمقراطي ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬سمات ومميزات النظام السياسي العربي‪.‬‬

‫تتميز المجتمعات العربية التي نشأت عبر التاريخ بظاهرة االستبداد والتسلط كشكل‬
‫من أشكال العالقة بين الحاكم والمحكومين‪ ،‬ورغم تباين األنظمة السياسية العربية من‬
‫‪1‬‬
‫سالم محمد‪ ،‬النظم السياسية العربية‪.54-52 ،‬‬
‫‪2‬جمعة الزورق فرج بلعيد‪" ،‬دور القبيلة في األنظمة السياسية العربية ‪:‬اليمن نموذجا"(رسالة ماجستير جامعة الشرق‬
‫األوسط ‪.47،)2015،‬‬

‫‪58‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫حيث الشكل السياسي‪ ،‬فإنها تتقاسم عدة مواصفات من حيث المضمون والدور السياسي‬
‫الذي تضطلع به الدولة‪ ،‬ودراسة حركية النظم السياسية العربية في أبعادها المختلفة‬
‫تتطلب الوقوف عند مميزات وخصائص هذه للنظم‪ ،‬ولكن ال يمكن استعراض أنظمة‬
‫الحكم في الوطن العربي كل نظام على حدى‪ ،‬وعليه سوف نحاول إب ارز أهم السمات‬
‫المشتركة ما بين دول المنطقة العربية والتي تتخلص فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬الميزة االستعمارية‪ ،‬حيث تعتبر الدول العربية من الناحية التاريخية دوال جديدة نسبيا‬
‫بالنسبة لتخلصها من السيطرة االستعمارية التي عايشتها بمختلف أساليبها هذه الخبرة‬
‫كانت لها أثار جانبية سلبية‪ ،‬ولها أيضا أثار ايجابية‪ ،‬حيث نجد أن لغة المستعمر‬
‫مازالت معتمدة في العديد من الدول العربية‪ ،‬وهذا ما أدى إلى وجود اختالف بينها‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫حيث يوجد هنا فئات تتقن لغة المستعمر‪ ،‬بينما نجد أخرى العكس‪.‬‬
‫كذلك الدول االستعمارية قامت بتقسيمات إدارية إلى مناطق نفوذ‪ ،‬أصبحت الحقا‬
‫هي الحدود السياسية للدول المستقلة‪ ،‬وهكذا دخلت الدول العربية التاريخ المعاصر وهي‬

‫‪2‬‬
‫ممزقة ومتباينة في بنيتها االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬

‫ومن اآلثار االيجابية المهمة للخبرة االستعمارية‪ ،‬تعميق الوعي بالتناقض األساسي مع‬
‫المستعمر‪ ،‬والشعور بوحدة التحديات بين أبناء المجتمع الواحد األمر الذي ساعد على‬
‫تنمية الهوية المتمايزة ووضع لبنات الدولة الوطنية‪. 3‬‬

‫‪1‬‬
‫هالل و مسعد‪ ،‬النظم السياسية العربية‪.20،‬‬
‫‪2‬‬
‫بلعور‪ ،‬التحول الديمقراطي في النظم السياسية ‪.52،‬‬
‫‪3‬‬
‫هالل ومسعد‪ ،‬النظم السياسية العربية‪.21،‬‬

‫‪59‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫‪ -‬يوجد توجه في األنظمة السياسية العربية بعدم احترام حقوق اإلنسان حيث تعكس‬
‫تقارير للمنظمة العربية لحقوق اإلنسان واقعا مؤلما لهذا األخير‪ ،‬فهناك انتهاك متواصل‬
‫للحق في الحياة في إطار المنازعات السياسية وفي مجال الحقوق االقتصادية والثقافية‪...‬‬

‫‪ -‬عدم تطبيق النصوص الدستورية رغم أنها تنص على حري الرأي‪ ،‬والحق في تكوين‬
‫األحزاب‪ ،‬واقرار المساواة أمام القانون‪ ،‬ومبدأ التعددية الحزبية‪ ،‬لكن الواقع يعكس غير‬
‫ذلك‪ ،‬حيث يتم تمكين األفراد من االختيار بين أحزاب سياسية متنافسة‪ ،‬واإلدالء بأصواتهم‬
‫في انتخابات حرة‪ ،‬ولكن المالحظ أن تداول السلطة في معظم النظم العربية محتكر من‬
‫‪1‬‬
‫طرف فئة معينة ‪.‬‬

‫‪ -‬التبعية‪ :‬هذا المصطلح حديث‪ ،‬حيث ظهر بعد انقضاء العالقات االستعمارية واعتبره‬
‫بعين المحللين مفهوما يتكون من جانبين‪ :‬جانب العالقات وجانب المؤسسات فالدول‬
‫يعتبر التبعية " الموقف الذي تكون فيه اقتصادات مجموعة معينة من الدول مشروط بنمو وتوسع‬

‫اقتصاد آخر" والثاني "تكييف البناء الداخلي لمجتمع معين بحيث يعاد تكوينه وفقا لما كانت البنيوية‬

‫القتصادات قومية محددة أخرى"‪.‬‬

‫وكان العامل الثقافي مناسبا لتكريس التبعية‪ ،‬وذلك من خالل الترويج لنمط الحياة‬
‫الغربية‪ ،‬وشيوع القيم االستهالكية بحيث يستمر اإلعتماد على الغرب في تلبية الحاجات‬
‫‪2‬‬
‫األساسية‪.‬‬

‫فالتبعية في العالم العربي هي واقع له عدة أبعاد‪ :‬االقتصادية‪ ،‬الغذائية‪ ،‬المالية‬


‫والعسكرية‪ ،‬األمنية‪ ،‬السياسية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬التكنولوجية‪ ،‬رغم توفر اإلمكانات المادية والبشرية‬

‫‪1‬‬
‫عمر فرحاتي ‪"،‬النظم السياسية العربية بين سلبية الثبات وايجابية التغيير"‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية ‪.77:)2002(2‬‬
‫‪2‬‬
‫هالل و مسعد‪ ،‬النظم السياسية العربية ‪.24-22،‬‬

‫‪60‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫‪1‬‬
‫التي تساعد في تحقيق التكامل االقتصادي العربي‪.‬‬

‫وبالتالي تبقى الدول العربية تابعة لدول كبرى من اجل تحقيق مصالحها االقتصادية‪،‬‬
‫ومنه السماح للدول األجنبية بالتدخل في اقتصاد الدولة‪ ،‬فالدولة التابعة تبقى دائما تحت‬
‫سيطرة حكم أجنبي‪.‬‬

‫‪ -‬الدول العربية هي دول محدودة القدرة على توظيف مواردها رغم امتالكها لكم هائل من‬
‫الثروات‪ ،‬حيث تركز على استيراد المواد المصنوعة من الغرب فهي عبارة عن ‪:‬‬

‫مجموعة دول مصدرة للنفط‪ ،‬ويعتمد اقتصادها على مورد هو بطبيعته قابل للزوال أي‬
‫اتخاذ الطابع الريعي‪ ،‬أي الدخل الذي تتحصل عليه من عائدات البترول حيث تصدر‬
‫المواد الخام لكسب األموال‪ ،‬وتعتبر الدول النفطية العربية خير مثال على ذلك مثل‬
‫‪2‬‬
‫الجزائر‪.‬‬

‫ودول شبه ريعي ة التي تعتمد في جانب من إصدارتها علال مصادر أخرى غير‬
‫العائدات النفطية تحصل عليها نتيجة لموقعها االست ارتيجي‪ ،‬ودورها السياسي في المنطقة‪،‬‬
‫واي اردات السياحة والمعونات الخارجية التي تحصل عليها‪ ،‬فضال عن التحوالت المالية‬
‫لمواطنيها العاملين في الدول النفطية‪ ،‬وتقع دول عربية عديدة ضمن هذه الفئة مثل‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫مصر‪ ،‬سوريا‪ ،‬األردن وتونس واليمن ‪...‬‬

‫تواجه األنظمة السياسية العربية أزمات أثرت في مراحل التطور السياسي ما يعبر عنه‬
‫بالمرحلة االنتقالية حيث تعاني من‪:‬‬

‫‪1‬بلعور ‪"،‬التحول الديمقراطي في النظم السياسية العربية"‪.54،‬‬


‫‪2‬هالل و مسعد ‪ ،‬النظم السياسية العربية ‪.29-27،‬‬
‫‪3‬توفيق ابراهيم‪ ،‬االنتقال الديمقراطي‪.102،‬‬

‫‪61‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫‪ ‬أزمة هوية أو االنتماء وترتبط بتعريف المواطن لهويته‪ ،‬والعجز عن التكامل الوطني‬
‫في إطار واحد‪ ،‬أي وجود جماعات عرقية أو طائفية أو جهوية تسمو على اإلنتماء‬
‫للدولة القائمة‪.‬‬
‫‪ ‬أزمة مشاركة بمعني عدم انخراط المواطنين في اإلسهام في عملية صنع القرار‬
‫السياسي واالقتصادي‪ ،‬أي عدم وجود ميكانيزمات محددة في المجتمع للتداول السلطة‬
‫على كافة المستويات القيادية‪.‬‬
‫‪ ‬أزمة تغلغل‪ ،‬أي عدم قدرة الحكومة على النفاذ إلى كافة أنحاء أقاليمها‪.‬‬
‫‪ ‬أزمة توزيع‪ ،‬وتعني بذلك عدم وجود مساواة وعدالة في توزيع الموارد القومية في‬
‫‪1‬‬
‫الدولة‪ ،‬بمعنى عجز النظام السياسي عن توزيع عوائد وأعباء التنمية بشكل عادي ‪.‬‬
‫‪ ‬أزمة شرعية‪ ،‬وتتعلق بعدم قناعة األفراد المجتمع بالنظام السياسي القائم‪ ،‬كما يعتبرها‬
‫البعض محصلة لمختلف األزمات السابقة وتعبر عن رفض المحكومين لإلنصياع‬
‫الطوعي ألوامر السلطة السياسية‪ ،‬هذه األخيرة يفترض أن بصحبها قبول مجتمعي‪،‬‬
‫غير أن العديد من النظم السياسية تلجأ إلى الشرعية الثورية إلى‬
‫‪2‬‬
‫‪ ‬تبرير هيمنتها وبقائها في الحكم عوضا عن الشرعية القانونية أو الدستورية ‪.‬‬

‫تميز النظام السياسي العربي باالنقالبات التي مارستها األنظمة القومية بعد استقاللها‬
‫حيث كانت تتم من خالل تتدخل العسكر لإلطاحة بالنظام السابق‪ ،‬بما أدى إلى الركود‬
‫‪3‬‬
‫االقتصادي‪ ،‬والفساد والمحسوبية واالستبداد واحتكار السلطة السياسية‪.‬‬

‫‪1‬بلعور‪ ،‬التحول الديمقراطي في النظم السياسية العربية ‪.56،‬‬


‫‪2‬عمر حمدان الحضرمي‪" ،‬تداول السلطة والدساتير في األنظمة السياسية العربية"‪ ،‬دراسات العلوم اإلنسانية‬
‫واالجتماعية‪.477:)2006(3‬‬
‫‪3‬حسين عوض ‪"،‬السمات المشتركة للنظم السياسية العربية"‪ ،‬اطلع عليه بتاريخ ‪18‬افريل‪2019،‬‬
‫‪httip//www.ahewar.org/debat/show.art.asp ?aid =3269138r=0‬‬

‫‪62‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫وعليه يمكن القول أن الصفات األساسية التي تميزت بها األنظمة السياسية العربية‪،‬‬
‫تشارك كال النظامين الملكي والجمهوري في احتكار الدولة للثروات الوطنية حيث زاوجت‬
‫النخب الحاكمة بين احتكار السلطة والهيمنة االقتصادية األمر الذي ساعد القوى‬
‫البيروقراطية الحاكمة على تحولها إلى قوى تتسم بالنهب بدال من الوقوف بمصالح بالدها‬
‫الوطنية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬خصوصية االنتقال الديمقراطي في العالم العربي‬

‫إن عملية االنتقال الديمقراطي تحمل طابع الخصوصية في سيرورتها من منطقة إلى‬
‫أخرى‪ ،‬ولكل دولة ومجتمع ظروفهما وخصوصياتهما‪ ،‬وبينما عرفت الكثير من المناطق‬
‫في العالم إشكاليات في مسار انتقالها نحو الديمقراطية‪ ،‬وحققت نجاح في تجربة االنتقال‬
‫الديمقراطي‪ ،‬وتجاوزت الصعوبات والعراقيل اليزال العالم العربي حالته استثنائية نظ ار لتعقد‬
‫األوضاع السياسية والمجتمعية فيه‪ ،‬إذ ال يكاد يوجد قطر عربي واحد تمكن من النجاح‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أسباب االنتقال الديمقراطي‪.‬‬

‫تعاني األنظمة التي تعرف االنتقال عادة من اختالالت في التوازنات االقتصادية‬


‫واالجتماعية والسياسية والثقافية‪ ،‬ما يؤدي إلى المطالبة بتغيير وتحسن األوضاع‪ ،‬ومن‬
‫هذا المنطلق اتجهت الدول العربية إلى االنتقال الديمقراطي بفعل تأثير مجموعة من‬
‫الدوافع الداخلية وأخرى خارجية‪ ،‬تتداخل في تشكيل مساراتها ونتائجها‪.‬‬

‫‪ ‬الدوافع الداخلية‪:‬‬

‫وهي عديدة نجد منها أسباب اقتصادية و اجتماعية وسياسية وثقافية‪...‬‬

‫‪63‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫األسباب السياسية‪:‬‬

‫‪ -‬نجد معظم الدوا العربية ذات نظم تسلطية استبدادية‪ ،‬وعليه في ظل هذه األنظمة تنعدم‬
‫مظاهر التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة وحرية التعبير واإلعالم حيث‬
‫اتسمت هذه األنظمة العربية الحاكمة باحتكارها للسلطة لحفظ الحكم وقد زاد اإلخفاق‬
‫‪1‬‬
‫السياسي في فشل انجاز الحدود الدنيا للتنمية السياسية الديمقراطية‪.‬‬

‫فهي أنظمة ال تسمح بتغيير قمة النظام وال هيكله السياسي على نحو سلمي؛ أي‬
‫هناك غياب واضح لدور المجتمع‪ ،‬فغلبة السلطة التنفيذية وغياب الحرية من األسباب‬
‫التي أدت إلى بروز إشكالية الديمقراطية في الدول العربية‪ ،‬فاألنظمة العربية تخفي في‬
‫جوهرها الالديمقراطية بمظاهر ديمقراطية مزيفة‪ ،‬ففي هذا الوقت نجد معظم الدساتير‬
‫العربية تنص على حقوق اإلنسان والحريات العامة األساسية التي جاءت بها اإلعالنات‬
‫العالمية‪ ،‬واالتفاقيات الدولية‪ ،‬إال أنها تدعي الديمقراطية نظريا‪ ،‬وما الدساتير العربية إال‬
‫تعبي ار عن رؤية وارادة السلطات الحاكمة في البالد لضمان أمنها‪ ،‬وليست عن إرادة‬
‫‪2‬‬
‫شعوب البالد العربية وضمان حقوقهم وحرياتهم‪.‬‬

‫بمعنى أن االستبداد في الحكم وادارة شؤون البالد بمعزل عن إرادة الشعب‪ ،‬مما ولد‬
‫االضطهاد وعدم احترام حقوق اإلنسان‪ ،‬إضافة إلى إضعاف النسيج االجتماعي وتغييب‬
‫الوحدة الوطنية‪ ،‬وانتعاش سياسية التمييز بمختلف أشكاله وغياب الديمقراطية‪ ...‬وما زاد‬
‫من مساوئ األنظمة التسلطية‪ ،‬هو بقاء هذه الممارسات من قبل بعض األنظمة دون‬
‫جدوى‪ ،‬ما دفع بعض القوى إلى المطالبة بتحقيق مبدأ التداول السلمي للسلطة وأحيانا‬

‫‪1‬‬
‫علي خليفة الكواري وآخرون‪ ،‬المسألة الديمقراطية في الوطن العربي (بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫‪.5،)2002‬‬
‫‪2‬سرى هاشم محمد واخرون‪" ،‬الديمقراطية في الدول العربية بين النظرية والواقع"‪ ،‬اطلع عليه بتاريخ ‪25‬‬
‫مارس‪https://mail.google.com/mail/u/0 inbox ?projector=1 ،2019،‬‬

‫‪64‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫تتحول المطالب إلى صراعات‪ ،1‬أي هناك أسباب تتعلق بتأزم األوضاع وعجز النظام عن‬
‫مواجهتها مما يؤدي إلى‪:‬‬

‫‪ -‬تصاعد حدة المعارضة ضد النظام السلطوي؛‬

‫‪ -‬لجوء النخبة الحاكمة إلى تبني نوع من االنفتاح السياسي الستيعاب مطالب المعارضة؛‬

‫‪ -‬حدوث انتفاضة شعبية واسعة تطيح بالسلطة الحاكمة لالنتقال نحو الديمقراطية‪.‬‬

‫كذلك أسباب تتعلق بطبيعة الفاعلين السياسيين من حيث درجة تماسك النخبة الحاكمة‬
‫‪2‬‬
‫وحجم التأييد الشعبي لها‪ ،‬وموقف الجيش واألجهزة األمنية من النخب الحاكمة‪.‬‬

‫األسباب االقتصادية واالجتماعية ‪:‬‬

‫هناك عدة أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة جعلت من الحياة المعيشية لإلنسان‬
‫العربي أم ار لم يعد باستطاعته تحمله‪ ،‬فأجبرته هذه الظروف على المطالبة بالتغيير‪،‬‬
‫والتعبير عن غضبة ضد األنظمة المستبدة التي بنظره هي المسؤولة عن معاناته‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ومن بينها التالعب بثروات الوطن ومقدرات األمة وانتشار‬
‫الفساد المالي واإلداري‪ ،‬الذي يتولد احدهما عن األخر بشكل ألي ويتتابع حيث من الفساد‬
‫السياسي إلى اإلداري إلى المالي‪ ،3‬والمعاناة من التخلف االقتصادي حيث تعتمد في‬
‫الغالب على واردات النفط والسياحة والمعونات الخارجية‪ ،‬في حين تغييب التنمية‬

‫‪1‬امحمد اسباعي‪ "،‬االعالم التلفزي ودوره في التحول الديمقراطي في الوطن العربي‪ :‬قناة الجزيرة نموذجا "(اطروحة‬
‫دكتوراه‪ ،‬جامعة وهران‪.104،)1،2018‬‬
‫‪2‬مولود دحماني‪"،‬اثر المخرجات العالقة االرتباطية بين مسار االنتقال الديمقراطي ومحددات األمن القومي على قوة‬
‫الدولة في مرحل التحول السياسي‪ :‬دراسة مقارنة تونس ولبيبا ‪("2015-2011‬رسالة ماجستير ‪:‬جامعة تيزي‬
‫وزو‪.41،)2016،‬‬
‫‪3‬مراد بن سعيد ‪"،‬جدلية التغيير السياسي واالنتقال الديمقراطي في الوطن العربي‪ :‬دراسة في مؤشرات الديمقراطية في‬
‫الوطن العربي بعد عام ‪ ،"2001‬مجلة جيل الدراسات السياسية والعالقات الدولية‪.16:)2016(5‬‬

‫‪65‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫الحقيقية‪ ،‬حيث هناك تزايد السكان‪ ،‬ونقص الكوادر الوطنية‪ ،‬والتفاوت في مستوى التطور‬
‫‪1‬‬
‫االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬ففي ظل هذا الوضع المتردي فان دخل الفرد سيكون متدني‪.‬‬

‫ومن الواضح أن إشكالية الديمقراطية في الدول العربية ترجع أيضا إلى البنية‬
‫االجتماعية المعقدة‪ ،‬أي غياب طبقة متوسطة في المجتمع العربي بما أدى إلى نشوء فجوة‬
‫بين األغنياء والفقراء‪ ،‬فعلى األنظمة العربية ال تضمن للفقراء الحد األدنى من مستلزمات‬
‫الحياة مثل‪ :‬الحق في الحصول على عمل مناسب واجر وسكن مناسبين حتى يتمكن‬
‫المواطن العربي من المشاركة السياسية‪ ،‬فنمو ثقافة سياسية ديمقراطية توسع التعليم‬
‫وانتشاره وتطور وسائل االتصال واالحتكاك بالخارج‪ ،‬ورفع معدالت النمو الثقافي زاد من‬
‫‪2‬‬
‫إدراك الجماهير لحقوقهم الطبيعية‪.‬‬
‫وكذلك هناك عدم تحقيق التوافق بين كافة شرائح المجمتع من قبل الدولة ما ينتج‬
‫عنه أزمة االندماج الوطني‪ ،‬حيث يكرس مبدأ االنتماء للقبيلة بدل الدولة وتفكيك مختلف‬
‫أطياف المجتمع‪ ،‬ما جعل الشعوب تفضل مصلحة القبيلة على مصلحة الوطن‪ ،‬وهذا ما‬
‫نظر لفساد النظم وتحيزها لجماعة األثنية‬
‫يؤدي بالنظم إلى العجز عن إدارة األزمة‪ ،‬وذلك ا‬
‫على حساب أخرى مما يضعف قدرتها التوزيعية وعدم الوفاء بمطالب مختلف الجماعات‬
‫‪3‬‬
‫األثنية‪.‬‬

‫كما أن الثورة المعلوماتية الكبيرة في وسائل االتصاالت واالنترنت من خالل التوتير‬


‫والفيس بوك واليوتيوب‪...‬كان لها اثر بارز في تحريك االنفتاح السياسي في الوطن‬
‫العربي‪ ،‬فيما عرف بربيع الثورات العربية في كل من تونس ومصر وليبيا التي تحولت من‬

‫‪1‬ريم محمد موسى‪" ،‬الثورات العربية ومستقبل التغيير السياسي"(ورقة مقدمة مؤتمر السابع عشر حول ثقافة التغيير‪،‬‬
‫السودان‪ ،‬دون تاريخ وسنة نشر)‪.‬‬
‫‪2‬الكواري واخررون‪ ،‬المسألة الديمقراطية في الوطن العربي‪.6،‬‬
‫‪3‬‬
‫أسباعي‪" ،‬اإلعالم التلفزي‪.105،‬‬

‫‪66‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫نظم تسلطية إلى نظم يراد أن تكون لها ديمقراطية‪ ،‬وتسهم هذه الثورة ‪-‬المعلوماتية في نقل‬
‫القيم واألفكار والممارسات والمطالب الديمقراطية من دولة إلى أخرى‪ ،‬وهو ما يساعد على‬
‫‪1‬‬
‫نشر ما يعرف "عدوى الديمقراطية عبر الحدود‪".‬‬

‫‪ ‬الدوافع الخارجية‪:‬‬

‫لقد لعبت العدوى الدولية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة دو ار كبي ار في نشر‬
‫الديمقراطية وتحوالتها‪ ،‬وكذلك يمكن اعتبار الضغط الدولي ساهم في إحداث التغيير‪ ،‬كما‬
‫حدث في العراق بعد عام ‪ 2003‬على سبيل المثال حيث فتحت الدول الكبرى ملفات‬
‫الديمقراطية وحقوق اإلنسان تحت وطأة ضغط الرأي العام ومنظمات حقوق اإلنسان‪،‬‬
‫حيث يرى "صاموئيل هنتنغتون" أن النظام السياسي الديمقراطي السياسي في دولة ما قد‬
‫يتأثر بسلوك وسياسات الحكومات والمؤسسات األجنبية‪ ،‬إال أن درجة التأثير تختلف‬
‫باختالف الدول المؤثرة وبتوجهاتها السياسية الخارجية القابلة لتغيير حسب الظروف‬
‫‪2‬‬
‫الدولية السائدة‪.‬‬

‫وهناك من يرى أن الغرب يتعامل مع التغيير كأمر واقع ولكنه ال يؤيد الوضع وهناك‬
‫من يرى أن دور العامل الخارجي مؤثر‪ ،‬حيث يعتقد أصحاب الرأي األخير استنادا إلى‬
‫وثائق سرية كشفها موقع " ويكليكس" أن الواليات المتحدة األمريكية دفعت الماليين‬
‫الدوالرات إلى منظمات تدعم الديمقراطية في مصر‪ ،‬والبعض األخر يرى أن الوثائق‬

‫‪1‬صالح ياسر وآخرون‪" ،‬تأثير العمليات االنتخابية في عملية التحول الديمقراطي(عمان‪ :‬مؤسسة فريدريش‬
‫ايبرت‪.55،)2012،‬‬
‫‪2‬عمر مرزوقي‪" ،‬حركيات التحول الديمقراطي في الوطن العربي‪ :‬قراءة في المؤتمرات الدولية"‪ ،‬مجلة الفكر‪(10‬دون سنة‬
‫النشر )‪.169:‬‬

‫‪67‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫والموقع نفسه كان له دور بما حدث في العالم العربي‪ ،‬ألن هذه الوثائق كشفت أمور سرية‬
‫‪1‬‬
‫عديدة حول الحكام وحاشيتهم‪ ،‬وعن حجم الفساد الموجود في هذه الدول‪.‬‬

‫كذلك دور القوى الدولية في دعم عمليات االنتقال الديمقراطي‪ ،‬سواء من خالل تقديم‬
‫المساعدات االقتصادية التي تمر بمراحل انتقال أو ممارسة الضغوط السياسية‪ ،‬وفرض‬
‫العقوبات على النظم التسلطية‪ ،‬إضافة إلى انتشار الذي شكل دافعا أساسيا لعملية االنتقال‬
‫الديمقراطي على الصعيد اإلقليمي في بعض الحاالت‪ ،‬حيث أن نجاح دولة ما في تأسيس‬
‫نظلم ديمقراطي مستقر يمكن أن يلقي بتأثيراته على الدول المجاورة حيث يشجع النخب‬
‫‪2‬‬
‫والقوى السياسية فيها على السير في نفس االتجاه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أنماط االنتقال الديمقراطي‬

‫نظ ار لتعدد أسباب االنتقال الديمقراطي وتداخلها‪ ،‬هناك طريقة أو أسلوب لالنتقال‬
‫ويقصد بذلك اإلجراءات التي يتم إتباعها لإلحاطة بنظام غير ديمقراطي والوصول إلى‬
‫نظام ديمقراطي‪ ،‬أي االنتقال من نظام سلطوي إلى نظام ديمقراطي ولمعرفة كيف يتم‬
‫االنتقال هناك عدة طرق ‪،‬حيث ميز "صاموئيل هنتنغتون" بين أربع أنماط لعملية االنتقال‬
‫الديمقارطي وهي‪:‬‬

‫‪/1‬نمط االنتقال من األعلى‪:‬‬

‫ويعني بذلك االنتقال بقيادة اإلصالحيين من داخل النظام‪ ،‬حيث تتمركز السلطة‬
‫والقوة في يد نخبة محدودة‪ ،‬وتكون األولوية للمصالح الخاصة على حساب المصالح‬

‫‪1‬اسباعي‪ ،‬اإلعالم التلفزي‪.109،‬‬


‫‪2‬دحماني‪ ،‬أثر مخرجات العالقة االرتباطية بين مسار االنتقال الديمقراطي‪.42،‬‬

‫‪68‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫العامة‪ ،‬ويعني اإلصالح عند "لينز"‪":‬تأخذ النخب في الحكم مركز الصدارة ‪ ،‬وفي جلب‬
‫‪1‬‬
‫الديمقراطية‪".‬‬

‫أي قيام النخب الحاكمة بإدخال عدد من اإلصالحات الديمقراطية في النظام ‪،‬حيث‬
‫تتم عملية االنتقال الديمقراطي بمبادرة من داخل النظام ذاته دون تدخل من جهات أخرى‪،‬‬
‫سواء كانت المعارضة أو المجتمع ككل‪ ،‬ويتميز هذا النمط بنوع من الخداع ومن ثم عدم‬
‫‪2‬‬
‫التأثير الحقيقي على المسار الديمقراطي‪.‬‬
‫بعبارة أخرى يقود االنتقال إلى حكم إصالحي داخل النظام يؤمن بضرورة االنتقال‬
‫ويتفهمه‪ ،‬وبعدم القدرة على االستمرار في الحكم بالطرق القديمة‪ ،‬ويتبنى خطوات انفتاحيه‬

‫‪3‬‬
‫مع وجود معارضة ضعيفة ومشتتة بالنجاح اإلصالحي داخل النظام‪.‬‬

‫‪/2‬نمط االنتقال من األسفل‪:‬‬

‫ينتج هذا النمط عندما يعرض النظام لضغوط كبيرة من قبل المعارضة الشعبية أي‬
‫الوقت الذي تخضع فيه النخب لإلرادة الشعبية الغامضة‪ ،‬وقد يتسم هذا النمط بالعنف‪،‬‬
‫فيأتي االنتقال الديمقراطي في أعقاب مظاهرات شعبية عنيفة‪ ،‬ومطالبات من قبل الشعب‬
‫بإنجاز اإلصالحات المنشودة‪ ،‬وقيام بعض أعمال العنف من جانب القوى االجتماعية‬
‫الرافضة للوضع‪ 4،‬حيث تشرق مجموعات المعارضة على إقامة الديمقراطية مع سقوط‬
‫النظام السلطوي وفي تعبير "لينر"‪ :‬القطيعة مع النظام‪.‬‬

‫‪1‬بوروني‪،‬النخبة السياسية‪.65،‬‬
‫‪2‬ايمان حسن ‪"،‬المجتمع المدني والدولة والتحول الديمقراطي ‪:‬إطار نظري ومفاهيمي (البحرين‪ :‬معهد البحرين للتنمية‬
‫السياسية‪.49،)2017،‬‬
‫‪3‬فاتح الشيخ‪" ،‬تجارب االنتقال الديمقراطي‪ :‬المسبقات‪ ،‬التجارب‪ ،‬الدروس‪WWW.asharl.org.uk/markaz/m-،‬‬
‫‪abhath-09-08012.htm‬‬
‫‪4‬دحماني‪ ،‬اثر المخرجات العالقة االرتباطية بين مسار االنتقال الديمقراطي‪.42،‬‬

‫‪69‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫وقد ي أخذ الدافع األساسي للتغيير الديمقراطي في هذا السبيل القوة الناعمة المتمثلة‬
‫‪1‬‬
‫في ‪ :‬اإلضرابات‪ ،‬االحتياجات‪ ،‬المظاهرات‪ ،‬العصيان المدني‪...‬أي الهز من األسفل‪.‬‬

‫فتستلم القيادات السلطوية للضغوط وتبدأ اإلصالحات المطلوبة منعا لتفاقم الموقف أو‬
‫الوضع القائم‪ ،‬وسعيا الحتواء األزمة التي فجرتها المطالب الشعبية‪ ،‬أي بوجود أغلبية‬
‫المعارضة أو زيادة قوتها‪ ،‬وتناقض قوة الحكومة إلى أن يطاح بها‪ ،‬وبالتالي يتطلب من‬
‫المعارضة أن تنهك قوة الحكومة وتحول الميزان لصالحها‪.2‬‬

‫‪/3‬االنتقال عن طريق التفاوض أو التوافق‬

‫ويتمثل هذا النمط في التوازن بين الحكومة والمعارضة‪ ،‬بحيث توافق الحكومة على‬
‫التفاوض مع المعارضة‪ ،‬وهنا تتحدث عن النمط الذي يتكون فيه مبادرة مشتركة بين‬
‫النخب الحاكمة‪ ،‬والنخب المعارضة‪ ،‬حيث توجد مصلحة مشتركة بينهما‪ ،‬الهدف منها حل‬
‫الخالفات‪ ،‬وتدعم نفوذ النخبة لضمان االستقرار السياسي بعد المرحلة االنتقالية‪ ،‬أي‬
‫التوصل إلى أسس مشتركة للتخلي عن النظام غير الديمقراطي واقامة نظام ديمقراطي‬
‫‪3‬‬
‫بديل‪.‬‬

‫مؤشرت للتقدم في اتجاه الترسيخ الديمقراطي إال إذا‬


‫ا‬ ‫إن هذا النمط ال تحدث فيه‬
‫تضمنت المرحلة االنتقالية مفاوضات واتفاقيات بين النخب النظام التسلطي ونخب‬
‫المعارضة‪ ،‬وفي هذا النمط أيضا تكون الحالة وسطية‪ ،‬أي إقامة نظام ديمقراطي يكون‬
‫نتيجة عمل مشترك بين الحكومة ومجموعات المعارضة‪ ،‬ويتجسد ذلك عن طريق عقد‬
‫مؤتمرات وطنية للحوار‪ ،‬وللقناعة الطرفين استحالة انتصار احدهما على األخر‪ ،‬يعني‬

‫‪1‬‬
‫فاتح الشيخ ‪ ،‬تجارب االنتقال الديمقراطي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫حسن‪ ،‬المجتمع المدني والدول‪.50،‬‬
‫‪3‬‬
‫دحماني‪ ،‬اثر المخرجات العالقة االرتباطية بين مسار االنتقال الديمقراطي ‪.42،‬‬

‫‪70‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫الجناح اإلصالحي وقوى المعارضة اليملكان القدرة على تحقيق وقيادة االنتقال الديمقراطي‬
‫‪1‬‬
‫كل على حدى‪.‬‬

‫‪/4‬نمط التدخل األجنبي‪:‬‬

‫يحدث هذا النمط عندما يكون االنتقال الديمقراطي نتيجة لتدخالت وضغوطات من‬
‫قبل أطراف أجنبية‪ ،‬أي األمر يتعلق بتدخل قوى أجنبية في عملية االنتقال الديمقراطي وال‬
‫يقصد بذلك التدخل العسكري المباشر وحسب‪ ،‬بل أيضا مسألة اإلعانات‪ ،‬التي تمنعها‬
‫دول أجنبية‪ ،‬فيكون التأثير على عملية االنتقال الديمقراطي بشكل غير مباشر‪ ،‬فقد يكون‬
‫نفوذ الدول والمؤسسات الدولية المانحة لإلعانات االقتصادية قويا ومؤث ار في ق اررات‬
‫‪2‬‬
‫وتشير عملية االنتقال الديمقراطي‬ ‫التحول الديمقراطي في بعض النظم التسلطية الفقيرة ‪،‬‬
‫إلى مرحلة تعيش فيها الدولة والمجتمع مسارين منتاقضين‪:‬‬

‫*مسار تفكيك مؤسسات النظام السلطوي والقطع مع ممارساته‬

‫‪3‬‬
‫*مسار إعادة البناء وفق منظور ديمقراطي المؤسسات النظام الجديد‪.‬‬

‫كما قدم "طوماس كترويترز" ‪ thomas carothers‬سيرورة مراحل لالنتقال الديمقراطي‬


‫كاألتي‪:‬‬

‫‪/1‬مرحلة االنفتاح‪ : the oponing:‬تعبر هذه المرحلة عن نضج ممارسة الديمقراطية من‬
‫خالل توسيع هامش الحرية‪ ،‬وادخال تغييرات سياسية عميقة‪ ،‬أي فناء النظام السلطوي‪.‬‬

‫‪1‬ا بوروني ‪ ،‬النخبة السياسية‪65،‬‬


‫‪2‬حسن‪ ،‬المجتمع المدني والدول ‪.50،‬‬
‫‪3‬‬
‫دحماني‪ ،‬اثر المخرجات العالقة االرتباطية بين مسار االنتقال الديمقراطي ‪.31،‬‬

‫‪71‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫‪/2‬مرحلة االختراق‪ : the break through :‬يتم فيها إرساء دستور جديد من خالل بناء‬
‫مؤسساتي‪ ،‬بحيث تمارس السلطة حكومة منتخبة في إطار الحرية والشفافية‪.‬‬

‫‪/3‬مرحلة الترسيخ‪ : the consoliation:‬تتطلب هذه المرحلة وقتا اكبر لتعزيز الممارسة‬
‫الديمقراطية‪ ،‬عبر إصالح المؤسسات وارساء إلية االنتخاب بصفة دورية وتعزيز عمل‬
‫منظمات المجتمع المدني‪ 1،‬وتقتضي عملية االنتقال الديمقراطي توفر شرطين أساسين‬
‫هما‪:‬‬

‫‪/1‬اإلرادة السياسية القائمة على الثقة واالحترام المتبادل‪.‬‬

‫‪/2‬اإلطار التعاقدي لتفعيل تلك اإلرادة السياسية في مجالها المؤسساتي‪.‬‬

‫يمهد الشرطان لبناء شرعية تمثيل طبيعي التجاهات الكبرى في المجتمع في مختلف‬
‫‪2‬‬
‫مؤسسات الدولة"‪.‬‬

‫بالنظر إلى تجارب االنتقال الديمقراطي في معظم دول العالم العربي نجد هيمنة‬
‫نموذجين حيث حصل االنتقال بطريقتين ‪:‬‬

‫تنازليا‪ ،‬أي االنتقال من األعلى بقرار من النظام نفسه واتضح ذلك قبل أحداث الربيع‬
‫العربي "حيث جاءت ق اررات سياسية من األعلى اتخذت شكل انفتاح سياسي محدود‪،‬‬
‫بمعنى أخر ظهور ديمقراطية شكلية دون الوصول إلى جوهر الديمقراطية كما حدث في‬
‫الجزائر‪ ،‬مصر‪ ،‬المغرب‪ ...‬تصاعديا‪ ،‬أي االنتقال من األسفل‪ ،‬وذلك عن طريق ثورات‬
‫شعبية‪ ،‬واحداث الربيع العربي تأخذ شكل من أشكال االنتقال من األسفل كتونس‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫وليبيا‪ ،‬اليمن‪ ،‬سوريا‪ ،‬حيث خرجت الشعوب مطالبة بالتغيير نتيجة تردي األوضاع‬

‫‪1‬ا بوروني‪ ،‬النخبة السياسية ‪.31،‬‬


‫‪2‬‬
‫الوناس حمداني‪ "،‬االنتقال الديمقراطي وأزمة التحول السياسي في الجزائر (‪)1992-1989‬التجربة واآلليات"‪ ،‬المجلة‬
‫الجزائرية للدراسات السياسية‪.18:)2017(8‬‬

‫‪72‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية ‪،‬والجدير بالذكر هناك غياب واضح لالنتقال عبر‬
‫‪1‬‬
‫التقاعد ما بين النظام والمعارضة في الدول العربية‪.‬‬

‫تعتبر السلطة احد مداخل التغيير‪ ،‬حيث تحتل قضية انتقالها دو ار مهما في تطور‬
‫الحياة السياسية والدستورية في الدول العربي‪ ،‬يختلف نمط الخالفة السياسية في هذه‬
‫البلدان باختالف وتباين طبيعة النظم القائمة فيها‪ ،‬فأنماطها انتقال السلطة في خرق قواعد‬
‫الشرعية التي تؤسس لطريقة انتقال السلطة ‪،‬ومن ثم غياب ثقافة االنتقال السليم للسلطة‬
‫في الدول العربية‪ ،‬يؤدي دوما إلى عدم االستقرار السياسي ويعيق أي تحول فعلي نحو‬
‫الديمقراطية‪.2‬‬

‫نميز في األنظمة السياسية في العالم العربي في انتقال السلطة بين نمطين‪:‬‬

‫‪ ‬األنماط السلمية‪:‬‬

‫وتتميز بعدم مخالفتها للقواعد القانونية القائمة والمعمول بها‪ ،‬وانعدام استخدام القوة‪،‬‬
‫بمعنى يتم شغور كرسي الرئاسة عن طريق الوفاة الطبيعية أو التنازل الطوعي أو اإلعفاء‬
‫من المنصب بناءا على انتهاء المدة القانونية‪ ،‬ويتم الوصول إلى السلطة أما بالوراثة‪ ،‬أو‬
‫‪3‬‬
‫االنتحاب‪ ،‬أو التعيين‪.‬‬

‫‪1‬رابح زغوني‪" ،‬مقدمة نقدية األزمة االنتقال الديمقراطي في العالم العربي "(ورقة مقدمة للملتقى الوطني حول أزمة الحكم‬
‫في العالم‪ :‬تحديات الواقع ومقاربات التغيير ‪،‬قائمة‪،‬هيلوبويسسن‪ 23-22،‬نوفمبر ‪2015،‬‬
‫‪ 2‬أوات محمد‪" ،‬التداول السلمي للسلطة في نظام الحكم اإلسالمي"‪ ،‬مجلة جامعة كركوك للدراسات‬
‫االنسانية‪103:)2009(2‬‬
‫‪3‬احالم خليل عبد الرحمن نتيل‪" ،‬األنماط السياسية وانعكاساتها على التغيير السياسي والتحوالت الديمقراطية في الوطن‬
‫العربي" (رسالة ماجيستير ‪،‬جامعة األزهر ‪/‬غزة‪.53،)2014،‬‬

‫‪73‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫‪ ‬األنماط العنيفة‬

‫وتتمثل في انتقال السلطة إما باستخدام أدوات القهر الرسمي وهي المؤسسات التابعة‬
‫للدولة كالجيش‪ ،‬الشرطة‪....‬باستخدامها قمعا للجمهور‪،‬ا الغير رسمية كجماعات أو‬
‫تنظيمات سرية مسلحة‪ ،‬بمعنى أخر يتم خلو كرسي الرئاسة عن طريق االنقالب السياسي‬
‫حيث يؤدي إلى توزيع جديد للسلطة داخل النظام نفسه باستخدام القوة في أحداث التغيير‬
‫السياسي‪ ،‬أو عن طريق الثورة‪ ،‬أو االنقالب العسكري حيث يخضع الجمهور لحكم‬
‫‪1‬‬
‫عسكري‪ ،‬وتهدد الديمقراطية‪ ،‬وتفرض على المجتمع بنود مرفوضة‪.‬‬

‫وهذه األنماط تأخذ عدة نماذج أبرزها‪ :‬االغتيال‪ ،‬النفي‪ ،‬الحروب األهلية‪ ،‬الثورات‬
‫الشعبية‪ ،‬االنقالبات العسكرية‪ ...‬و غيرها‪ ،‬بعبارة أخرى هناك آليتين رئيسيتين النتقال‬
‫السلطة هما‪:‬‬

‫‪ -‬االنتخابات‪ :‬أي االنتقال السلمي وفقا إلرادة الناخبين‪.‬‬

‫‪ -‬العنف‪ :‬أي إجبار شاغلي المنصب السياسي على ترك منصبه رغما عنه باستخدام‬
‫‪2‬‬
‫شكل من أشكال اإلكراه أو اإلجبار‪.‬‬

‫تحيط بعملية االنتقال السلطة في الدول العربية من المؤشرات أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬غلبة حكم األسر والعائالت التي تتولى السلطة وينتقل الحكم فيها إلى األبناء ان اإلخوة‬
‫أو األقارب‪ ،‬مع العلم أن النظام الوراثي في الحكم هو متبع في العديد من المجتمعات‬
‫تقريبا؛‬

‫‪1‬نتيل‪" ،‬األنماط السياسية وانعكاساتها على التغيير السياسي ‪.73،‬‬


‫‪2‬فالح خلف كاظم الزهيري‪"،‬الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة‪...‬حتمية الترابط‪،‬اطلع عليه بتاريخ ‪ 29‬افريل ‪2019‬‬
‫‪https :www.iasaj.net/isaj ?fulltestold=72279‬‬

‫‪74‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫‪ -‬إن الكثير من األنظمة العربية التي اعتمدت النظام الجمهوري تشير خارطة السلطة‬
‫فيها إلى استمرار الوضع دون تغيير؛‬

‫‪ -‬تغيرت مظاهر االستيالء على السلطة في الوطن العربي من انقالبات عسكرية إلى‬
‫استقرار انتابه حالة بقاء مجالس قيادة الثورة في السلطة‪ ،‬فلم يعد يعرف موقع الشعوب في‬
‫الحكم‪ ،‬مع أن معظم البيانات التي أصدرتها الثورات المسلحة جاءت إلنقاذ الشعب‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وتحقيق حريته ‪،‬وتنفيذ مطالبه‪ ،‬إال أن الواقع اثبت عكس ذلك؛‬

‫‪ -‬تعديل اغلب الدول العربية لدساتيرها أو تغييرها‪ ،‬أو تعديل النصوص التي تشير إلى‬
‫مواد الحكم بما يخدم توجهات القوى المسيطرة على الحكم؛‬

‫‪ -‬اتجه العالم العربي إلى مزيد من تكريس الفردية بدال من ان تتطور الحياة السياسية‬
‫نحو مجاالت توسع فيها التعددية والتداول السلمي للسلطة؛‬

‫‪ -‬األحزاب التي تصل إلى السلطة فإنها غالبا ما تبحث عن االنتقال بالدولة إلى حكومة‬
‫الحزب الواحد‪ ،‬فتبدأ بالتضييق على األحزاب األخرى في محاولة إللغائها‪ ،‬أو تدمج معها‬
‫بعض األحزاب التي أتنافسها ‪،‬فقد حرصت الكثير من األحزاب العربية الحاكمة على‬
‫‪2‬‬
‫تكييف العمل السياسي العام في بلدانها على مقاييس تضمن لها االستمرار في الحكم‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مخرجات االنتقال الديمقراطي‬


‫لقد عرفت معظم الدول العربية موجات واسعة من االضطرابات ‪،‬مما أدى إلى تغيير‬
‫األنظمة السياسية‪،‬وكانت الغاية من هذه المساعي االنتقال بالدول العربية من حالة التسلط‬

‫‪1‬عمر حمدان الحضرمي‪"،‬تداول السلطة والدساتير في األنظمة السياسية العربية"‪،‬مجلة دراسات العلوم االنسانية‬
‫واالجتماعية‪.471:)2006(3‬‬
‫‪2‬‬
‫الحضرمي‪"،‬تداول السلطة والدساتير ‪.472،‬‬

‫‪75‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫والديكتاتورية إلى ساحة الدول الديمقراطية التي تحترم شعوبها وتسعى إلى إثبات مبدأ‬
‫التداول السلمي على السلطة‪.‬‬
‫أي أن سياسات ديمقراطية لنظام سياسي ما تصحبها سياسات سلطوية‪ ،‬يوصف ذلك‬
‫النظام بالهجين‪ ،‬والدول العربية ضمن هذا التصنيف ‪،‬حيث نرغم بالديمقراطية‪ ،‬ولكن‬
‫الواقع عكس ذلك‪.‬‬

‫األنظمة الهجينة‪:‬‬

‫هي تلك األنظمة التي تسمح بالعديد من مظاهر الديمقراطية‪ ،‬بما يحسن شكل النظام‬
‫السياسي من دون ان يفضي إلى الديمقراطية كملة ‪،‬أي غياب ديمقراطي وفقا ألسس‬
‫التعددية والتداول السلمي للسلطة المكفول بالقوانين‪ ،‬اذ ربما تسمح هذه األنظمة بحرية‬
‫الرأي وتشكيل الجماعات السياسية‪....‬لكن حين تزداد شعبية هذه الجماعات فان مسار‬
‫العمل السياسي ينحرف‪ ،‬ويتجه نحو مسارات أخرى تدعي الديمقراطية في خطابها لكنها‬
‫‪1‬‬
‫استبدادية المضمون والسلوك‪.‬‬

‫بمعنى أخر‪ ،‬النظام السياسي الهجين ‪ :Hybrid regimes‬هو شكل من أشكال‬


‫األنظمة السياسية التي الهي نظم ديمقراطية كاملة والهي نظم غير ديمقراطية خالصة‬
‫حيث تجمع بين عناصر النظم الديمقراطية وعناصر النظم غير الديمقراطية‪ ،‬أي أنها ال‬
‫تعتبر غير ديمقراطية بالمعنى الكالسيكي مغلقة وال تكون في الوقت نفسه ديمقراطية كاملة‬
‫‪2‬‬
‫وراسخة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بالل الشويكي ‪"،‬األنظمة الهجينة في المشرق العربي في تحويل الخالفات السياسية الى صراع هويات "‪،‬سياسات‬
‫عربية ‪.8:)2017(25‬‬
‫‪2‬حسين توفيق إبراهيم‪"،‬االنتقال الديمقراطي ‪:‬اطار نظري" ‪http :studies.aljazira.net/0files/arab world‬‬
‫‪democrey/2013/01/201312495334831438.html.‬‬

‫‪76‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫لقد شهدت اغلب الدول العربية بروز نوع من النظم السياسية الهجينة‪ ،‬فعملية‬
‫االنتقال الديمقراطي في العالم العربي‪ ،‬جعلت العديد من دوله تتألف من حكومات تجمع‬
‫بين ميزات الديمقراطية يمكن أن تكون عدة مسارات كنتيجة لهذه العملية‪:‬‬

‫‪ -‬التوجه إلى ترسيخ النظام الديمقراطي وهذا المسار غائب في التجربة الديمقراطية‬
‫العربية؛‬

‫‪ -‬العودة إلى شكل من أشكال النظم غير الديمقراطية‪ ،‬أو دخول البالد في مرحلة الصراع‬
‫الداخلي على غرار ما حدث في بعض ثورات الربيع العربي‪ ،‬أين أدى تمسك النظام‬
‫الحاكم بالسلطة إلى فوضى وانقسام عميق في المجتمع‪،‬وحروب أهلية مثلما حصل في‬
‫‪1‬‬
‫ليبيا‪ ،‬سوريا‪ ،‬اليمن‪...‬‬

‫من خالل تجارب االنتقال الديمقراطي في الوطن العربي نتج المزيد من االحتجاجات‬
‫أكثر من تحقيق تغييرات كاملة للنظم الحاكمة ‪،‬حيث برزت نتائج تعبر عم مخرجات‬
‫االنتقال الديمقراطي في الدول العربية ‪،‬فالنخب الحاكمة أفرغته بالقيود السياسية والقانونية‬
‫واإلدارية واألمنية من مضامينه الحقيقة‪ ،‬حيث استمرت النظم الحاكمة في العمل بقوانين‬
‫مقيدة للحقوق والحريات بالرغم من إقرار التعددية الحزبية في دول مثل‪ :‬تونس مصر‪،‬‬
‫اليمن‪ ،‬موريطانيا‪....‬إال أن نظمها استمرت بنمط الحزب المسيطر‪ ،‬مما أدى إلى هشاشة‬
‫الدور السياسي للمعارضة‪ ،‬إضافة إلى تهميش دور البرلمان في الحياة السياسية ‪ ،‬فاألطر‬
‫الدستورية والقانونية المعمول بها في كثير من الدول العربية في يد السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫حرص ا لنظام الحاكم على إدارة االنتخابات بما يضمن فوز حزب الحكومة بعدة‬
‫طرق كعمليات التزوير والتالعب بنتائج العملية من طرف األجهزة المشرقة ما أدى إلى‬
‫مقاطعة االنتخابات من قبل أحزاب القوى المعارضة إلدراكهم أن النتائج محسوسة سلفا‪.‬‬

‫‪1‬زغوني‪ ،‬مقدمة نقدية الزمة االنتقال الديمقراطي‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫من المعروف في الدول العربية أن اإلعالم له تأثير كبير في تشكيل توجهات‬


‫المواطنين‪ ،‬ورغم حرية الرأي المتاحة لهذا األخير فان السلطات الحاكمة تتدخل بمختلف‬
‫األشكال لمواجهة ما تعتبره تجاو از من طرف المعارضة –هناك قيود‪ -‬إضافة إلى ضعف‬
‫سيادة القانون في الدول العربية‪ ،‬حيث أن السلطات الحاكمة تخترق القانون وتتجاوزه‪،‬‬
‫وتعتبر نفسها خارج دائرة المحاسبة والمساءلة‪.‬‬

‫رغم المناداة بحقوق اإلنسان إال انه توجد انتهاكات في الدول العربية‪ ،‬بدرجات‬
‫مختلفة بين هذه الدول وهذا ما أكدته تقارير المنظمات الدولية العربية ‪.1‬‬

‫وعليه جهود االنتقال الديمقراطي قد فشلت في الدول العربية في تحقيق االستقرار حيث‬
‫ارتبطت بتزايد حدة العنف السياسي بين النخب الحاكمة نفسها أو بينهما وبين المعارضة؛‬

‫‪ -‬حدوث انقسامات حادة داخل نخب المعارضة؛‬


‫‪ -‬عدم احترام آليات االنتخابات ؛‬
‫‪ -‬تصاعد مظاهر االحتجاجات واالضطرابات الناجمة عن إتباع سياسيات اقتصادية‬
‫‪2‬‬
‫تقشفية‪.‬‬

‫يجب األخذ بعين االعتبار أجهزة األمن ذات الدور الفعال‪ ،‬سواء امن الحاكم او امن‬
‫الدولة‪ ،‬وطبقة رجال األعمال وأصحاب المصالح الذين تجمعون بين السلطة والثروة‪،‬‬
‫وكذلك تكريس إمكانيات الدولة لخدمة الحزب الحاكم أدت هذه التجارب إلى إضعاف دول‬
‫عديدة أسفرت في حاالت عدة منها عن دولة فاشلة مثل ‪:‬ليبيا ‪،‬اليمن ‪،‬سوريا‪...‬‬

‫نلمس التطورات غير المتوازنة للمجتمعات العربية لم يصاحبها تطور مقابل‬


‫المؤسسات االجتماعية ‪،‬واألنظمة السياسية حيث ال يوجد أي نموذج عربي متكامل نجح‬

‫‪1‬توفيق إبراهيم‪" ،‬االنتقال الديمقراطي ‪143-140،‬‬


‫‪2‬‬
‫دحماني‪ ،‬اثر محرجات العالقة االرتباطية بين مسار االنتقال الديمقراطي‪.68،‬‬

‫‪78‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫في بلورة رؤية سياسية متكاملة تكفل تحقيق المطالب الشعبية العريضة وأصبحت‬
‫المجتمعات العربية تعاني عدم االستقرار‪ ،‬حيث المسار الذي اتخذته الثورة في كل من‬
‫سوريا‪ ،‬وليبيا‪ ،‬اليمن والوضع في العراق يزيد من تعميق حالة عدم االستقرار‪ ،‬ويوفر بيئة‬
‫‪1‬‬
‫مناسبة لتقوية االتجاهات المناهضة لبناء دولة ديمقراطية‪.‬‬

‫وفي مجمل القول‪ ،‬وجد العالم العربي نفسه بين يدي المؤسسة السياسية المتجذرة‬
‫التي تفتقد إلى الضوابط والتوازنات ففي حقيقة األمر األنظمة العربية قامت بتحديث‬
‫االستبداد‪ ،‬وذلك من خالل إطالق بعض الحريات مع اإلبقاء على كثير من مظاهر‬
‫التسلط‪ ،‬ولم تكن مهتمة باتخاذ خطوات جدية نحو التغير الحقيقي‪،‬فالدول العربية ثمرة‬
‫هجينة‪ ،‬حيث هناك تناقض بين الشكل والمحتوى لهذه الدول‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬تحديات االنتقال الديمقراطي في العالم العربي‬

‫يفرض المشهد السياسي في العالم العربي كثي ار من التحديات‪ ،‬فهي عديدة ومتفاوتة‬
‫من بلد إلى أخر‪ ،‬حيث كان لها تأثير واضح إلى االستقرار الداخلي وعلى مؤسساته‬
‫المختلفة والتي ساهمت في زعزعة امن المجتمعات العربية وأثرت بشكل واضح وملموس‬
‫على استقرار المنطقة بشكل عام في كافة مجاالت الحياة االجتماعية واالقتصادية‬
‫واألمنية‪ ،‬كما اضعف من قوة الدول ذلك ان األنظمة الحاكمة لم تعر اهتماما للمارسات‬
‫الديمقراطية ما انعكس سلبا على الحياة السياسية‪ ،‬ومن الصعب علينا اإللمام بجميع‬
‫التحديات في البلدان كلها‪ ،‬لذلك حاولنا تقديم منها صفة عامة تحديات سياسية واقتصادية‬
‫واجتماعية وأمنية‪...‬‬

‫‪1‬عبد العالي حور‪ "،‬الدول العربية‪ :‬القصور في التطور السياسي يوجح التواترات"‪،‬اطلع عليه بتاؤيخ ‪ 10‬افريل‬
‫‪https://alarab-co-u/ ،2019،‬‬

‫‪79‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫المطلب األول‪ :‬التحديات السياسية‬

‫شهدت الساحة العربية تحديات سياسية وتحوالت متغيرة ‪،‬فما عايشه الوطن العربي‬
‫كان له تأثير بالغ وخلف أث ار عميقا على جميع الدول المجاورة والعالم اجمع‪ ،‬كما ساهم‬
‫في إحداث العديد من االنعكاسات على سياسات الدول وأهدافها‪ ،‬وخلق اضطرابات خطيرة‬

‫فالتحديات السياسية لعبت دو ار هاما في إضعاف الحياة السياسية الديمقراطية في‬


‫الدول‪ ،‬وأثرت على بينتها التحتية‪ ،‬كما ساهمت بشكل كبير في تمرد الشعوب على‬
‫حكوماته وأنظمتها السياسية‪ ،‬وتتمثل هذه األحداث السياسية في الحروب وثورات‬
‫وانقالبات‪ ،‬حيث أثرت بشكل سلبي على الدول‪ ،‬كما تعد قضايا اإلصالح السياسي‬
‫والديمقراطية‪ ،‬واإلرهاب والتطرق‪ ،‬ما يسمى بثورات الربيع العربي من ابرز التحديات‬
‫‪1‬‬
‫السياسية داخل كل دولة عربية‪.‬‬

‫كذلك يمكن الحديث عن ضعف اإلرادة السياسية لدى الفئة الحاكمة‪ ،‬فعملية االنتقال‬
‫الديمقراطي تحتاج عن ضعف اإلرادة السياسية لها دافع حقيقي والقدرة عل إحداث‬
‫تغييرات هامة‪ ،‬وغياب المؤسسات الدستوري وعدم استقالل القضاء؛‬

‫‪ -‬تدني نسبة المشاركة السياسية لدى الجماهير‪ ،‬وغياب الضغط الشعبي مع ضآلة الوعي‬
‫السياسي؛‬

‫‪ -‬تعثر االستقرار السياسي وبروز الفوضى واألزمات والحروب األهلية‪...‬؛‬

‫‪ -‬غياب دور منظمات المجتمع المدني التي تلعب دو ار مهما في دعم الديمقراطية عن‬
‫طريق قيامها بدور الوسيط بين السلطة والشعب؛‬

‫‪1‬أسامة احمد محمد الشركسي‪"،‬التحديات السياسية وتأثيرها على األمن المجتمعي العربي ‪("2016-2011:‬رسالة‬
‫ماجيستير ‪،‬جامعة الشرق األوسط ‪.16-15،)2017،‬‬

‫‪80‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫‪ -‬إضافة إلى أن الثقافة السياسية قد تعرقل عملية اإلصالح فالمجتمعات الطائفية والقبلية‬
‫‪1‬‬
‫ترفض التغيير والتحديث واإلصالح‪.‬‬

‫ويظل العامل الخارجي عائقا يحول دون تحقيق هدف الديمقراطية‪ ،‬خاصة في ظل عدم‬
‫‪2‬‬
‫توازن القوى بين األنظمة السياسية العربية والقوى الكبرى التي لها مصالح إستراتيجية‪.‬‬

‫وعليه تتمثل التحديات السياسية في انعدام اليقين‪ ،‬وما يصاحبه من قلق شعبي‬
‫وفوضى وأزمات ‪،‬في ظل تعادل القوة بين النظام التسلطي‪ ،‬والقوى المعارضة المطالبة‬
‫بالديمقراطية‪ ،‬وبناء حكومة تتمع بقدر كاف من الثقة والدعم الشعبي‪ ،‬والتوصل إلى‬
‫‪3‬‬
‫إجماع شعبي للعيش في ظل نظام ديمقراطي لتحقيق التقدم على المسار الديمقراطي‪.‬‬

‫قضايا اإلصالح السياسي وأوضاع حقوق اإلنسان ومواجهة التطرف والعنف الداخلي‪،‬‬
‫حيث توجد عالقة تأثير على مسارات التغيير والمحافظة على حقوق اإلنسان بما يضمن‬
‫اإلصالح السياسي التطور السلمي للمجتمع والدولة في أغلبية البلدان العربية حيث عانى‬
‫‪4‬‬
‫المجتمع السياسي من افتقار اآلليات العمل الحزبي المنظم والسلمي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التحديات االقتصادية واالجتماعية‬

‫إن تغيير عالقات السلطة التقليدية‪ ،‬وأنماط المؤسسات ضروري الحتواء مطالب‬
‫المجتمع ‪،‬ولعله سبيل للديمقراطي‪ ،‬فمن الصعب جدا تغيير األنماط االقتصادية‬

‫‪1‬صباح محمد صالح الجبوري‪" ،‬دور العامل الخارجي في ملية التحول الديمقراطي‪:‬دول الربيع العربي أنموذجا"‪،‬مجلة‬
‫تكريت للعلوم السياسية‪(11‬د‪.‬س‪.‬ن)‪.287:‬‬
‫‪2‬وسام ميهوب ‪" ،‬أثر المتغيرات اإلقليمية والعالمية لمرحلة مابعد الحرب الباردة على أمن األنظمة السياسية‬
‫‪2‬‬
‫العربية"(رسالة ماجيستير جامعة بسكرة ‪.153،)2014‬‬
‫‪3‬محمد محي الدين‪" ،‬مسارات التحول الديمقراطي"(تقرير موجز حول التجارب الدولية والدروس المنقاة برنامج االمم‬
‫المتحدة االنمائي‪ ،‬تر‪ .‬سامح رجب‪ ،‬القاهرة ‪.9،)2011،‬‬
‫‪4‬والء البحيري‪"،‬أفاق اإلستراتيجية العربية لمواجهة التحديات والتهديدات"اطلع عليه بتاريخ ‪08‬افريل‬
‫‪mesj.com/new/article details.aspx ?id=242 ،2019،‬‬

‫‪81‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫واالجتماعية المترسخة‪ ،‬وبذلك يتطلب المضي على درب التغيير نضاال مستم ار ‪،‬فالقدرة‬
‫على التماسك واالستمرار يقيم عالقة ايجابية بين التنمية االقتصادية واالجتماعية وارساء‬
‫الديمقراطية‪.‬‬

‫تتمثل التحديات في تحقيق االستقرار االقتصادي ودفع النمو االقتصادي‪ ،‬وضرورة‬


‫أن يلعب االقتصاد دور في دم عملية التحول السياسي‪ ،‬والحد من الالمساواة وتحقيق نمو‬
‫اقتصادي مصحوب بالعدالة االجتماعية ‪ ،‬فزيادة النمو االقتصادي يؤدي إلى ارتفاع‬
‫مستوى التعليم‪ ،‬وهذا مايؤدي إلى ظهور قوى اجتماعية جديدة وهذه األخيرة تريد أن تعبر‬
‫عن مصالحها من خالل قنوات ومؤسسات شرعية‪ ،‬وهذا ما يهدد االستقرار السياسي‬
‫واالجتماعي للنظام القائم ‪،‬وكذلك عند وجود اختالالت تلجأ الدولة إلى اقتراح مجموعة من‬
‫‪1‬‬
‫الصالحيات كمحاولة اإلصالح الوضع القائم‪.‬‬

‫هيمنة الشركات متعددة الجنسيات على عدة مناطق من الوطن العربي‪ ،‬حيث تجسد‬
‫هذه الشركات آليات العولمة التي أصبحت تشكل تهديدا مباش ار السلطة الدولة‪ ،‬فأثار‬
‫العولمة في العالم العربي تتجلى في ارتباطها بتغييب البد الوطني نتيجة اختراق الشركات‬
‫متعددة الجنسيات لوحدة الدول القومية مما يؤدي إلى تحطم الذات‪ ،‬واضعاف قدرات‬
‫الدول عل مواجهة تحديات الغزو الذي تفرضه العولمة‪ ،‬ما يؤدي إلى اختالالت داخلية‬
‫تتعلق بعدم قدرة االقتصاديات الوطنية على خلق فرص العمل الالزمة الستيعاب الزيادة‬
‫المطردة في قوة العمل‪ ،‬مما يخلق البطالة‪ ،‬سياسة السوق الحرة حيث تصبح األسواق‬
‫متحررة من الضوابط‪ ،‬وهذا ما أدى إلى تشجيع التفاوت في الدخل والثروة وقلل من فرص‬
‫‪2‬‬
‫العمل وظهور طبقة اشد فق ار وأكثر اتساعا‪ ،‬ومن هنا ال تلتقي الديمقراطية بالسوق الحرة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بوروني‪ ،‬النخبة السياسية ‪.76،‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد غربي‪" ،‬تحديات العولمة وأثارها على العالم العربي"‪ ،‬مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا ‪(6‬د‪.‬س‪.‬ن)‪.34-28:‬‬

‫‪82‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫كذلك من بين التحديات االقتصادية التي تواجه امن األنظمة السياسية العربية نجد‬
‫اعتماد هذه األخيرة على الربيع النفطي ‪،‬باإلضافة إلى مشكالت األمن الغذائي‬
‫والمائي‪...‬وكذا المديونية العربية (إلى الخارج حيث أخذت الديون في التزايد بصورة‬
‫سريعة‪ ،‬إذ لجأت حكومات األنظمة إلى االقتراض الستيراد السلع األساسية خاصة‬
‫الغذائية منها‪ ،‬دون إدراك الخطر ما تفرضه مشكلة المديونية من إتباع سياسيات‬
‫اقتصادية معينة مما أدى إلى عجز ميزان المدفوعات وبذلك أصبحت األموال العربية ال‬
‫تأخذ طريقها الطبيعي لالستثمار داخل االقتصاد العربي‪ ،‬وبالتالي حرمان الشعوب العربية‬
‫‪1‬‬
‫من الدور االستراتيجي الذي تستطيع هذه األموال أن تقوم به في تنمية المنطقة‪.‬‬

‫كما تؤكد دراسات االنتقال الديمقراطي على قضية التجانس والتكامل الوطني وغياب‬
‫النزاعات االثنية والجهوية‪ ،‬فالشعور بالتهميش واالستبعاد من طرف أي مجموعة عرقية‪،‬‬
‫لغوية‪ ،‬دينية أو طائفية الذي يمس قدرتها على تحقيق عقبة أمامها بتهديده لالستقرار‬
‫وتقوية النزاعات االنفصالية‪.‬‬

‫كذلك توجد تحديات اجتماعية أخرى كقضية البطالة نتيجة االختالف بين معدل نمو‬
‫القوى العاملة ونمو فرص التوظيف فهي تعبر عن مشكلة اجتماعية وسياسية يمكن أن‬
‫‪2‬‬
‫تهدد االستقرار وتماسك المجتمعات العربية وأمنها‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التحديات األمنية‬

‫إن المسألة األمنية أصبحت إحدى التحديات الرئيسية المؤثرة في االنتقال الديمقراطي‬
‫في المنطقة العربية‪ ،‬نظ ار لما أفرزته التطورات السياسية في هذه األخيرة من مشكالت‬
‫أمنية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وسام ميهوب‪ ،‬أثر المتغيرات اإلقليمية والعالمية لمرحلة مابعد الحرب الباردة ‪.181-163،‬‬
‫‪2‬بوروني‪ ،‬النخبة السياسية ‪.80-79،‬‬

‫‪83‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫فمن اخطر التحديات أمام الديمقراطية المؤسسات التي تتسم بالضعف ‪ ،‬واذا تواصل‬
‫هذا الضعف يؤدي إلى تفكك نظام الدولة‪ ،‬ومن أسباب هذا التعطيل سلطة تنفيذية‬
‫استبدادية‪ ،‬أو برلمان يفتقر إلى الكفاءة والمساءلة‪ ،‬أو محاوالت التالعب بالنظام‬
‫الدستوري‪ ،‬ونتائج االنتخابات‪ ،‬أو جيش يتبع المصالح السياسية بدال من أن يساعد على‬
‫تحقيق األمن‪ ،1‬حيث أكد العديد من الباحثين على جعل القوات العسكرية واألمنية تحت‬
‫السيطرة والرقابة المدنية‪ ،‬وهو ما عبر نه "روبرت دال"‪ R-dahl‬في قوله‪:‬‬

‫"مالم تكن القوى العسكرية والشرطية تحت السيطرة الكاملة للموظفين المنتخبين ديمقراطيا‪ ،‬فان‬
‫‪2‬‬
‫المؤسسات السياسية الديمقراطية ال ينتظر أن نشاء أو تبقى"‪.‬‬

‫تعتبر التحديات األمنية من اكبر التحديات التي تواجه الدول العربية‪ ،‬إذ ال تزال‬
‫تقف في وجه المسار الديمقراطي‪ ،‬وليه فان القدرة على االستمرار في النهج الديمقراطي‬
‫تشكل تحديا ال يمكن تجاهله‪ ،‬فيمكن وصف إصالح القطاع األمني بأنه تحول للنظام‬
‫األمني الذي يشمل جميع مؤسساته وادوارها ومسؤولياتها‪ ،‬واجراءاتها وأهدافها‪ ،‬حيث تتم‬
‫إدارته وتشغليه على نحو أكثر اتساقا مع معايير الديمقراطية ‪،‬ومبادئ الحكم الرشيد ‪،‬مما‬
‫يساهم في خلق جهاز امني جيد األداء ‪.3‬‬

‫من المفروض يكون الهدف الرئيسي للجهاز األمني هو تامين المواطن الفرد لتحقيق‬
‫األمن واالستقرار ‪ ،‬لكن هذه الفكرة تتناقض مع دور أجهزة األمن في العديد من الدول‬
‫العربية ‪ ،‬حيث كانت معظم االنتهاكات التي تم ارتكازها من قبل األجهزة األمنية‪ ،‬فمن‬

‫‪1‬‬
‫داوود خير الدين وآخرون‪ ،‬الفساد واعاقة التغيير والتطور في العالم العربي (بيروت‪:‬المركز العربي لألبحاث ودراسة‬
‫السياسات‪.238،)2015،‬‬
‫‪2‬‬
‫بوروني‪ ،‬النخبة السياسية‪.74،‬‬
‫‪3‬إبراهيم عبد القادر محمد‪" ،‬التحديات الداخلية والخارجية المؤثرة على األمن الوطني األردني في الفترة ‪-1999‬‬
‫‪2013‬دراسة حالة"(رسالة ماجيستير‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪.59،)2013،‬‬

‫‪84‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫أشعل فتيل الثورات العربية في ‪ 2010‬و‪ 2011‬هو القمع األمني للمواطنين‪ ،‬ففي تونس‬
‫أضرم "محمد البوعزيزي" النار في نفسه بعد صفعه من شرطية وفي مصر قتل الشاب‬
‫"خالد سيد" على يد اثنين من رجال الشرطة يرتديا زيا مدنيا وفي ليبيا تم اعتقال المحامي‬
‫"فتحي تربل" الذي كان يمثل عائالت ضحايا مجزرة بوسليم المروعة‪ ،‬أما في سوريا‬
‫فاندلعت ش اررة الثورة عقب قيام قوات األمن بنزع أظافر بعض من تالميذ المدارس؛ عقابا‬
‫‪1‬‬
‫لهم على كتاباتهم الشعار الشهير "الشعب يريد إسقاط النظام على احد الجدران"‬

‫وعليه لم تقترن الدول العربية من إصالح القطاع األمني مثل الدول العربية الغربية‬
‫حيث تتم رقابة إلى أجهزة األمن ذات المهينة العالية في الديمقراطيات الراسخة من قبل‬
‫العديد من الهيئات ويرجع ذلك لعدة أسباب نذكر منها‪:‬‬

‫‪ -‬غياب أنظمة إدارة ورقابة ومساءلة فعالة للجهاز األمني‪ ،‬والتدابير المرتبطة بالشفافية؛‬

‫‪ -‬اشداد االستقطاب السياسي الذي أدى في النهاية لتسييس عملية إصالح القطاع‬
‫األمني‪ ،‬وانهيار التوافق واإلجماع على أهدافها؛‬

‫‪ -‬ظهور تيارات قوية معادية لعملية إصالح داخل المنظومة األمنية؛‬

‫‪ -‬محدودية قدرات وموارد الحكومات المنتخبة حديثا ‪ ،‬وتكمن المشكلة هنا في ثورات‬
‫تونس‪ ،‬ومصر وليبيا فمحدودية الموارد لن تتح فرصة جيدة لالستثمار في عملية طويلة‬
‫المدى كعملية إصالح القطاع األمني؛‬
‫‪ -‬محدودية الدعم اإلقليمي من األنظمة المؤثرة لقوى التغيير‪ ،‬وفي المقابل قوة لدعم‬
‫اإلقليمي من األنظمة المؤثرة الستبداد للقوى المعادية لإلصالح ‪،‬ألنها ترى في‬

‫‪1‬‬
‫الشركسي‪ ،‬التحديات السياسية و تأثيرها عل األمن المجتمعي‪.57،‬‬

‫‪85‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫‪1‬‬
‫الرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة‪ ،‬والعدالة االنتقالية تهديدا مباش ار لها‪.‬‬

‫وبالتالي ضعف العمل العربي سواء على الصعيد األمني أو االقتصادي أو‬
‫االجتماعي أو السياسي من شأنه أن يحول دون تحقيق نجاح عملية االنتقال في الوطن‬
‫العربي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عمر عاشور‪"،‬قطاع االمن بدول الربيع‪...‬لماذا تذر االصالح؟‪،‬اطلع عليه بتاريخ‬
‫‪31http://www.aljazeera.net/knowlegegate/2014/12/1‬ماي‪/2019،‬‬

‫‪86‬‬
‫الفصل الثانــــــــــــــــــــي‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال‬
‫الديمقراطي‬

‫ظل العالم العربي هو المنطقة الوحيدة التي لم تمسها التوجهات الديمقراطية‬


‫العالمية‪ ،‬فكانت هناك أشكال مختلفة للنظم السياسية بعد استقالل الدول العربية تتمثل في‬
‫نظم ملكية وأخرى جمهورية ورغم اختالفها فان هذه النظم تتفق في الكثير من السياسات‬
‫والخصائص‪.‬‬

‫إن تطور األحداث في المنطقة العربية أدى إلى أن النظام السياسي الذي نشأ‬
‫واستقر في المنطقة ‪ ،‬هو نظاما يعبر عن مصالح فئات حاكمة متسلطة تعمل على‬
‫تحقيق مصالحها‪ ،‬حيث تتحكم هذه األنظمة في كل مكونات الحياة السياسية‪ ،‬وهو شكل‬
‫لم تتغير على مستوى العالم العربي‪.‬‬

‫وبوجه عام تعتبر األنظمة السياسية العربية جميعها محافظة‪ ،‬ألنه على الرغم من‬
‫النصوص الدستورية والقانونية ‪،‬فان هذه األنظمة ال تسمح بتغيير قمة النظام وال هيكله‬
‫األساسي‪ ،‬فأغلبية األنظمة العربية تقر بالديمقراطية لكن الواقع عكس ذلك‪.‬‬

‫تجربة االنتقال الديمقراطي تقف عند مفترق طرق تواجهها تحديات هائلة أي هي‬
‫عملية بدأت وال يعرف احد متى وكيف ستنتهي‪ ،‬فالمسألة األمنية قد أصبحت إحدى‬
‫المحددات الرئيسية المؤثرة في عملية االنتقال الديمقراطي في المنطقة العربية نتيجة‬
‫عاملين مكملين لبعضهما‪ .‬األول‪ :‬أن التطورات السياسية الداخلية التي شهدتها معظم‬
‫الدول المنطقة‪ ،‬وقد ارتبطت بمشكالت أمنية كبرى‪.‬‬

‫والثاني‪ :‬ان هياكل النظم في الدول العربية تترك منذ البداية مجاال واسعا لتأثير مؤسسات‬
‫األمن على إدارة العملية السياسية‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫عالقة االمن والديمقراطية في تجربة‬


‫االنتقال الديمقراطية في مصر (‪-3122‬‬
‫‪)3122‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫تعتبر عممية االنتقاؿ الديمقراطي واحدة مف أىـ المالمح الرئيسية لمتطور السياسي‬
‫الذي شيدتو دوؿ العالـ العربي عامة ومصر بصفة خاصة‪ ،‬حيث اندلعت حركات التغيير‬
‫السياسي التي أدت إلى تغيير األنظمة السياسية‪ ،‬التي كاف مؤمال أف تفتح فصال جديدا‬
‫مف تاريخ ىذه الدوؿ عنوانو الديمقراطية‪ ،‬وتحقيؽ مبدأ التداوؿ السممي عمى السمطة ‪ّ ...‬إال‬
‫سدت األنظمة القديمة طرؽ التغيير‬
‫تبيف أف ىناؾ أبعاد مختمفة تماما‪ ،‬وعميو عندما ّ‬
‫أنو ّ‬
‫كاف إسقاط النظاـ مف أسفؿ عبر الضغوط الشعبية والقوى المعارضة‪ ،‬لتدخؿ المنطقة في‬
‫مرحمة انتقالية‪ ،‬ومصر كغيرىا مف الدوؿ التي شيدت ثورات ديمقراطية مثؿ اسبانيا‪،‬‬
‫البرتغاؿ‪ ،‬اليوناف‪ ،‬ودوؿ شرؽ أوروبا في الثمانينات والعديد مف دوؿ أوروبا وافريقيا وأمريكا‬
‫مرت بمرحمة االنتقاؿ مف التسمطية إلى الديمقراطية‪.‬‬
‫الالتينية‪ ،‬التي ّ‬

‫وتناوؿ ىذا الفصؿ الحالة المصرية‪ ،‬حيث يعرض األوضاع التي أدت إلى انتقاؿ‬
‫مصر مف حالة الثورة الديمقراطية إلى الثورة المضادة‪ ،‬وذلؾ عبر التطرؽ لمرحمتيف‬
‫انتقالييف التي حققت فييا مصر نوع مف الديمقراطية وسرعاف ما انقمب األمر‪ ،‬وتحدث‬
‫إنتكاسة‪ ،‬ويعود النظاـ إلى ما كاف عميو‪ ،‬أي االنفراد بالسمطة وسيطرة الحكـ العسكري‬
‫بحة تحقيؽ األمف واالستقرار‪ ،‬والتضحية باإلرادة والحريات العامة وتحقيؽ مبادئ‬
‫الديمقراطية‪ ،‬حيث تطرؽ ىذا الفصؿ إلى ثالث مباحث‪ ،‬تناوؿ األوؿ طبيعة النظاـ‬
‫السياسي المصري‪ ،‬والثاني تجربة االنتقاؿ الديمقراطي في مصر‪ ،‬والثالث تناوؿ كيؼ بدت‬
‫التجربة المصرية في قدرتيا عمى الوصوؿ باالنتقاؿ الديمقراطي إلى نقطة الالعودة‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫المبحث األول‪ :‬التسمطية سمة لمنظام السياسي المصري‬

‫ستة وستوف عاما ىي عمر الجميورية المصرية‪ ،‬ويمثؿ التفرد واالستبداد بالسمطة‬
‫احد المالمح الرئيسية لمنظاـ السياسي‪ ،‬وذلؾ بسبب احتكار رئيس الجميورية لمحياة‬
‫السياسية في مصر‪ ،‬واستمر بنفس النظاـ السيطرة لمحزب الحاكـ ذاتو‪ ،‬فمنذ قياـ تنظيـ‬
‫ضباط األحرار باالنقالب عمى الحكـ الممكي واإلطاحة بالعيد الممكي واعالف الجميورية‪،‬‬
‫سيطر العسكرييف عمى زماـ الحكـ ‪،‬حيث تربع عمى السمطة عسكريوف افرتيـ المؤسسة‬
‫العسكرية نفسيا‪ ،‬وكانوا يحرصوف دائما عمى إظيار إيمانيـ بالديمقراطية كقيمة وكنظاـ‬
‫حكـ‪ ،‬فإقامة حياة ديمقراطية سممية كاف مف األىداؼ األساسية لحركة الضباط األحرار‬
‫لكنيـ مف جانب أخر كانوا يشككوف في توافر الظرؼ المالئـ‬
‫حتى قبؿ إعالف الجميورية‪ّ ،‬‬
‫إلقامة ىذا النظاـ‪ ،‬وتحولت المؤسسة العسكرية في مصر إلى عنصر حاسـ في ضماف‬
‫استمرار الحكـ وأصبحت ميمتو الرئيسية أمنية داخمية‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬االنتقال من الممكية إلى الجمهورية وتعزيز التسمطية‬

‫شيدت ىذه المرحمة حصوؿ مصر عمى استقالليا القانوني‪ ،‬وانتيت باستالـ الجيش‬
‫لمسمطة وأنشئ خالليا دستور ‪1923‬ـ‪ ،‬حيث حصمت فييا تطورات أدت إلى استنزاؼ‬
‫تدريجي لشرعية النظاـ‪ ،‬وعميو انتشرت المظاىرات وتصاعدت الدعوة لمتغيير‪ ،‬وكانت‬
‫النياية الفعمية بتحرؾ الجيش الذي بدأ معو فصؿ جديد مف حياة مصر السياسية‪ ،‬حيث‬
‫قامت حركة ضباط األحرار بانقالب عمى الممؾ فاروؽ األوؿ في ‪ 23‬يوليو‪1952‬ـ‪،‬‬
‫بقيادة لواء أركاف حرب "محمد نجيب "الذي كاف قد عينو الممؾ وزير لمحربية في عيده‪،‬‬
‫وانتخب مف مجمس الضباط األحرار رئيسا لمجميورية‪ ،‬وأصبح "محمد نجيب" أوؿ رئيس‬
‫‪1‬‬
‫لجميورية مصر في ‪ 18‬يونيو ‪1953‬ـ"‪.‬‬

‫‪1‬عمي الديف ىالؿ وآخروف‪ ،‬الصراع مف اجؿ نظاـ سياسي جديد‪ :‬مصر بعد الثورة(القاىرة‪ :‬الدار المصرية المبنانية‪.26،)2013،‬‬

‫‪89‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫وتعود بداية تحوؿ نظاـ الحكـ في مصر مف شكؿ النظاـ الممكي إلى شكؿ النظاـ‬
‫الجميوري إلى ثورة يوليو عاـ ‪1952‬ـ‪ ،‬وما ترتب عمييا مف نتائج إذ استولت حركة‬
‫الجيش عمى مقاليد الحكـ مف خالؿ السيطرة عمى المواقع الحيوية في البالد‪ ،‬وفرضت‬
‫عمى الممؾ فاروؽ الّتنحي عف الحكـ‪ ،‬ومغادرة البالد وسرعاف ما تحولت حركة الضباط‬
‫إلى ثورة ّأيدىا الشعب‪ ،‬وبعد نجاح ىذه الحركة وسيطرتيا عمى الحكـ‪ ،‬شرع مجمس قيادة‬
‫‪1‬‬
‫الثورة في رسـ مالمح الحياة الدستورية والسياسية في البالد‪.‬‬

‫وبعد ذلؾ تأتي مرحمة الجميورية التي امتدت بيف ثورتيف؛ ثورة يوليو ‪1952‬ـ وثورة‬
‫يناير ‪2011‬ـ‪ ،‬حيث كانت الجميورية األولى التي أعقبت ثورة يوليو ‪1952‬ـ‪ ،‬والتي‬
‫شيدت مرحمة انتقالية قصيرة مف ‪1953‬ـ‪1956-‬ـ‪ ،‬بدأت بصدور اإلعالف الدستوري‬
‫لعاـ ‪1953‬ـ وانتيت باستفتاء ‪1956‬ـ‪ ،‬الذي تـ فيو إقرار أوؿ دستور لمبالد في ظؿ‬
‫الجميورية واختيار "جماؿ عبد الناصر" رئيسا لمدولة‪ ،‬اتّسمت ىذه المرحمة بالصراع بيف‬
‫ضـ الضباط الذيف قادوا حركة التغيير‪،‬‬
‫القوى السياسية القديمة‪ ،‬ومجمس قيادة الثورة الذي ّ‬
‫وانتيى ىذا الصراع بانتصار المجمس وتغمغؿ العسكرييف في مواقع النخبة السياسية‪ ،‬واىـ‬
‫ميزة في ىذه المرحمة أنيا وضعت أسس النظاـ السياسي الذي استمر حتى عاـ ‪2011‬ـ‬
‫‪2‬‬
‫الذي برزت معالمو في دستور ‪1956‬ـ‪ ،‬واستمرت كافة الدساتير الموالية لو‪.‬‬

‫وبوفاة "جماؿ عبد الناصر" في سبتمبر ‪1970‬ـ‪ ،‬حكـ الرئاسة "محمد أنور السادات"‪،‬‬
‫شيدت ىذه المرحمة بداية التغيير في شكؿ النظاـ السياسي‪ ،‬فصدر دستور ‪1971‬ـ‪،‬‬
‫وبرزت خالليا تنظيمات الرفض والعنؼ االجتماعي‪ ،‬وتبادؿ االتيامات بيف الحكـ‬
‫والمعارضة بالخيانة‪ ،‬وقاد كؿ ذلؾ إلى حالة مف االستقطاب السياسي واالجتماعي الحاد‪،‬‬

‫‪1‬أماني صالح دياب العرعير‪"،‬االنتخابات والتحوؿ الديمقراطي‪ :‬دراسة مقارنة بيف النموذجيف التونسي والمصري ‪-2011‬‬
‫‪("2016‬رسالة ماجيستير جامعة األزىر‪/‬غزة‪.90،)2017،‬‬
‫‪2‬ىالؿ وآخروف‪ ،‬الصراع مف اجؿ نظاـ سياسي‪.27،‬‬

‫‪90‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫مما دفع بالرئيس "السادات" إلى إصدار باغتياؿ الرئيس السادات "في ‪06‬اكتوبر‬
‫‪1‬‬
‫‪1981‬ـ‪.‬‬

‫كاف اغتياؿ الرئيس السادات بمثابة امتحاف عسير لمنظاـ السياسي المصري‪ ،‬والستق ارره‬
‫عما إذا‬
‫جد صعبة‪ ،‬حيث اغتيالو لـ يكف معروفا ّ‬
‫ولقدرة مؤسساتو عمى العمؿ في ظروؼ ّ‬
‫كاف حادثا‪ ،‬أـ انو جزء مف خطة اكبر‪ ،‬وبعدىا تسمّـ "محمد حسني مبارؾ" الحكـ الذي‬
‫امتدت فترتو مف سنة ‪1981‬ـ حتى سنة ‪2011‬ـ‪ ،‬وحافظ فييا عمى التوجيات العامة‬
‫ّ‬
‫لسياسات عيد الرئيس "السادات" كما ادخؿ تعديالت دستورية عاـ ‪2005‬ـ‪ ،‬وأخرى عاـ‬
‫‪2007‬ـ‪ ،‬وعميو حدثت تغييرات اتسمت بالشكمية‪ ،‬وعدـ ماسيا بجوىر نظاـ الحكـ‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫ونتيجة لعدة أسباب فرض الرحيؿ عمى "مبارؾ"‪.‬‬

‫وجاءت بعد ذلؾ الجميورية الثانية عمى اثر قياـ ثورة يناير‪2001‬ـ‪ ،‬التي فتحت الباب‬
‫أماـ أفاؽ واسعة لمتغيير في مكونات الحياة السياسية وتفاعالتيا وأنماطيا‪ ،‬حيث كاف أوؿ‬
‫رئيس دولة مدني منتخب في مصر‪ ،‬كما شيدت ىذه المرحمة تطور النظاـ السياسي‬
‫‪3‬‬
‫المصري مف حيث قضية التغيير واالستمرار في مؤسسات النظاـ وتفاعالتو‪.‬‬

‫وبعد مظاىرات ‪ 30‬يوليو ‪2013‬ـ‪ ،‬وما تالىا مف انقالب عسكري‪ ،‬وقياـ ثورة مضادة‬
‫تـ تسمية المستشار "عدلي منصور" رئيسا مؤقتا لمبالد‪ ،‬ثـ تسميـ "عبد الفتاح السيسي"‬
‫ّ‬
‫رئاسة الجميورية‪ ،‬بعد انتخابات رئاسة أجريت في ‪2014‬ـ‪.‬‬

‫‪1‬ىالؿ وآخروف‪ ،‬الصراع مف أجؿ نظاـ سياسي‪.70 ،‬‬


‫‪2‬مركز الجزيرة لمدراسات‪ ،‬عودة الى صيوة الجواد‪ :‬النخبة العسكرية وحسابات السمطة في مصر‪04،‬نوفمبر ‪.2013،5‬‬
‫‪3‬‬
‫ىالؿ واخروف‪ ،‬الصراع مف اجؿ نظاـ سياسي‪.35،‬‬

‫‪91‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫المطمب الثاني‪ :‬دور المؤسسة العسكرية في النظام السياسي المصري‪.‬‬

‫العالقات العسكرية المدنية ىي التركيز عمى اخراج الفئة الحاكمة‪ -‬اي الجيش او‬
‫الحزب الشمولي األوحد‪ -‬مف السياسة وتسميـ السمطة الى حكومة مدنية منتخبة حدث مرة‬
‫في اليوناف سنة ‪1974‬ـ‪ ،‬لكنو استغرؽ عدة سنوات في البرتغاؿ واالرجنتيف‬
‫وغيرىا‪...‬وىناؾ نقاش اكاديمي حديث حوؿ العالقة العسكرية‪ ،‬ويرجع الى عاـ ‪1957‬ـ‪،‬‬
‫حيف نشر "صاموئيؿ ىنتغتوف" كتاب بعنواف "الجندي والدولة وسياسة العالقات المدنية‬
‫والعسكرية"‪.‬‬

‫تكمف طبيعة المؤسسة العسكرية نتيجة التحوالت السياسية في حدود العالقة بيف ما‬
‫أف مف‬
‫ىو مدني وعسكري‪ ،‬وكذا في نمط التغيير في النظاـ السياسي ليا‪ ،‬عمى أساس ّ‬
‫حرروا البالد وورثوا الحكـ‬
‫تقمّد المناصب السياسية العميا في الدولة ىـ العسكريوف‪ ،‬الذيف ّ‬
‫بعد االستقالؿ‪.‬‬

‫ترى العديد مف الدراسات أف أساس العالقة العسكرية المدنية ىو تحقيؽ مبدأ الرقابة‬
‫أدوا بقواتيـ المسمحة‬
‫المدنية‪ ،‬ػحيث أدت العالقة بيف القادة السياسييف الديكتاتورييف الذيف ّ‬
‫‪1‬‬
‫إلى الكوارث معارضيف في ذلؾ قادتيـ العسكرييف‪ ،‬الذيف تشبثوا بالسمطة السياسية‪،‬‬
‫وبمغت العالقات المدنية العسكرية مكانة بارزة في الحياة السياسية في المنطقة العربية منذ‬
‫االنقالب العسكري الذي حدث في العراؽ سنة ‪1936‬ـ‪ ،‬بقيادة الجنراؿ "بكر الصدقي" كما‬
‫تبع ىذا الحدث عدة انقالبات أخرى في العديد مف الدوؿ مثؿ سوريا في ‪1949‬ـ‪ ،‬مصر‬
‫في ‪1952‬ـ‪ ،‬وغيرىا مف الدوؿ العربية‪ ،‬وأغمبية ىذه االنقالبات تتميز بمحاولة تفوؽ‬
‫السيادة العسكرية عمى المؤسسات المدنية‪ ،‬وفيما يخص االختالؼ في العالقات المدنية‬
‫في مصر الحديثة تعود جذوره إلى االنقالب العسكري الذي شيدتو في عاـ ‪1952‬ـ‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الفتاح ماضي‪" ،‬العالقات المدنية العسكرية والجيوش والتحوؿ الديمقراطي"(ورقة مقدمة لمؤتمر حوؿ تحوالت‬
‫الديمقراطية في العالـ العربي‪،‬بيروت‪28،‬يونيو‪.)2012،‬‬

‫‪92‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫وكاف الجداؿ األساسي عمى الساحة السياسية المصرية حوؿ مف يجب أف يتولى الحكـ؛‬
‫الضب اط المسمحوف الذيف قادوا االنقالب آو المنتخبوف؟ وعميو ظير انقساـ بيف القوات‬
‫ّ‬
‫المسمحة والشعب المصري حوؿ ىذا الموضوع فيناؾ مف يؤيد استعادة الجميورية‬
‫البرلمانية الدستورية مثؿ أبطاؿ حرب ‪1948‬ـ‪ ،‬وىناؾ مف أراد جميورية مصرية تسيطر‬
‫‪1‬‬
‫الضباط الذيف كانوا يمثموف األغمبية في مجمس قيادة الثورة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عمييا القوات المسمحة مثؿ‬

‫قاـ بالفعؿ الحكـ العسكري في نياية ‪1954‬ـ‪ ،‬حيث فرض الضباط وجية نظرىـ أما‬
‫المعارضيف الذيف فضموا إف تكوف مصر أكثر ديمقراطية فمنيـ مف اعدـ وسجف‬
‫اآلخروف‪ ،‬وىناؾ مف تـ نفييـ وتيميشيـ‪ ،‬والجدير بالذكر أف التوترات بيف الرؤساء‬
‫‪2‬‬
‫المتتالييف في صراعات عمى السمطة مع قادتيـ العسكرييف لـ تختؼ‪.‬‬

‫فالمؤسسة العسكرية ىي احد المصادر الشرعية لمنظاـ السياسي المصري‪ ،‬حيث جميع‬
‫الرؤساء الذيف تعاقبوا عمى رئاسة الجميورية مف عاـ ‪1952‬ـ‪ ،‬حتى عاـ ‪2011‬ـ‪ ،‬ىـ‬
‫قادة مف الجيش‪ ،‬وعميو فميمة المؤسسة العسكرية المصرية ال تقتصر عمى حماية الحدود‬
‫وتأميف البالد‪ ،‬وانما تجاوزتيا لتدخؿ في الحياة السياسية واالقتصادية واإليديولوجية‪،‬‬
‫وظيرت مالمح ىذا التدخؿ مع ثورة ‪1952‬ـ‪ ،‬حيث حوؿ "جماؿ عبد الناصر" نظاـ‬
‫الدولة الذي يقوـ عمى ممكية الدولة لكؿ شيء‪ ،‬مما أدى بضباط الجيش بتنصيب أنفسيـ‬
‫مديريف لممتمكات الدولة‪ ،‬ثـ تراجعت مكانة العسكر قميال في فترة" السادات " مع تحرير‬
‫االقتصاد نسبيا‪ ،‬وقبوؿ العسكر لمشاركة السمطة مع طبقة صاعدة مف رجاؿ األعماؿ‬
‫المقربيف مف "السادات"‪3،‬وبالتالي قامت المؤسسة العسكرية بدور بارز في الفترة االنتقالية‪،‬‬
‫فتاريخيا ومف خالؿ الدساتير المصرية المتعاقبة منذ دستور ‪1882‬ـ‪ ،‬مرو ار بدساتير‬

‫‪،DCAF1‬حكـ القطاع األمني في مصر‪،‬العالقات المدنية العسكرية تحت المجير‪4-2،‬افريؿ ‪.9-2014،8‬‬


‫‪،DCAF2‬حكـ القطاع االمني في مصر‪.11،‬‬
‫‪3‬العرعير‪،‬االنتخابات والتحوؿ الديمقراطي‪.91-90،‬‬

‫‪93‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫‪1923‬ـ‪1956 ،‬ـ‪1958 ،‬ـ‪1971،‬ـ‪ّ ،‬تبيف ثبات وضعية الجيش‪ ،‬وعدـ تميز المؤسسة‬
‫العسكرية عف غيرىا مف مؤسسات الدولة‪ 1،‬فقد حا از لجيش مكانة بارزة مف قبؿ الشعب‬
‫المصري‪ ،‬وذلؾ لمدور الفعاؿ الذي قاـ بو في بناء الدولة واستقالليا الوطني‪ ،‬واصطمح‬
‫بحماية المجتمع مف األعداء الخارجييف‪ ،‬كما حصؿ في االعتداء الثالثي عاـ ‪1956‬ـ‪،‬‬
‫يعد الجيش المالذ والمنفذ إذا تفاقمت التيديدات الخارجية أو‬
‫والحروب مع إسرائيؿ‪ ،‬لذلؾ ّ‬
‫الداخمية عمى البالد‪ ،‬لذا ترى المؤسسة العسكرية نفسيا ال مجرد حاـ لمبالد فحسب‪ ،‬بؿ‬
‫حافظا لمؤسساتو ولممصالح الوطنية‪ ،‬حيث يرى "ىميميؿ فريش" أف القوات المسمحة في‬
‫‪2‬‬
‫مصر اضطمعت بدور الوصي‪.‬‬

‫وقد ذىب بعض الدارسيف إلى حد القوؿ بأف الجيش ال يمكف أف يساعد عمى تأسيس‬
‫الديمقراطية أو الدفاع عنيا‪ ،‬وبالتالي يبقى القبوؿ العسكري لمبدأ السمطة المدنية حمقة‬
‫‪3‬‬
‫مفقودة عند الدوؿ التي تعاني استبداد المؤسسة العسكرية‪.‬‬

‫دمج القوات المسمحة ضمف نظاـ الحكـ‪ ،‬حيث تغمغمت في الحياة‬


‫وفي ظؿ حكـ مبارؾ ّ‬
‫المدنية‪ ،‬وبالتالي استطاعت المؤسسة العسكرية المصرية فرض ىيمنتيا عمى اقتصاد‪،‬‬
‫وزيادة ىيمنتيا عمى الدولة‪ ،‬وعمى المؤسسة السياسية‪ ،‬وأصبحت كأنيا دولة داخؿ دولة‪،‬‬
‫وعميو التقتصر عمى ضماف األمف واالستقرار الداخمي فقط‪ ،‬وانما تتدخؿ في الشؤوف‬
‫السياسية لمبالد وذلؾ لتح ّكميا في ثمث اقتصاد مصر‪ ،‬وليا نفوذ وصالحيات في العديد‬

‫‪1‬‬
‫نور الديف حفيظي‪" ،‬العالقات المدنية العسكرية واثرىا عمى مسار التحوؿ الديمقراطي في مصر في ظؿ الحراؾ‬
‫الشعبي الراىف "رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة محمد بوضياؼ‪/‬مسيمة‪.153،)2016،‬‬
‫‪2‬ىاني سميماف‪ ،‬العالقات المدنية العسكرية والتحوؿ الديمقراطي في مصر بعد ثورة يناير(بيروت‪ :‬المركز العربي‬
‫لألبحاث ودراسة السياسات‪.35،)2015،‬‬
‫‪3‬حمدي عبد الرحمف‪ ،‬الجيوش والتحوؿ الديمقراطي في افريقيا‪ :‬معوقات بناء الدولة الوطنية(الدوحة‪ :‬منتدى العالقات‬
‫العربية والدولية‪.7،)2015،‬‬

‫‪94‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫مف المجاالت‪ ،‬والسبب في منح الرئيس "مبارؾ" ىذه االمتيازات لضماف والء الجيش لو‬
‫‪1‬‬
‫ولسياساتو الداخمية والخارجية‪.‬‬

‫إثر تنحي مبارؾ في عاـ ‪2011‬ـ‪ ،‬ارتقى المجمس االعمى لمقوات المسمحة بنفسو إلى‬
‫مكانة أعمى مف الرئاسة‪ ،‬حيث مع تنامي صعود رئيس ذي خميفيو مدنية عمى رأس الدولة‬
‫المصرية‪ ،‬المجمس العسكري تممكو القمؽ مف تداعيات تحوؿ نظاـ الحكـ في البالد إلى‬
‫فشرع عدـ النص صراحة عمى دور الجيش في الدستور وعالقاتو بالسمطة‬
‫حكـ مدني‪ّ ،‬‬
‫السياسية‪ ،‬كما عبرت القوى المدنية ورفضيا إلعطاء المؤسسة العسكرية موقع متميز في‬
‫الدستور مف خاللو استقاللية شؤوف الجيش عف رقابة السمطات المدنية‪ ،‬وىذا األمر منا‬
‫‪2‬‬
‫في لمقيـ الديمقراطية‪.‬‬

‫إف المجمس العسكري متمسؾ بالسمطات التي منحيا لنفسو في اإلعالف الدستوري الذي‬
‫أصدره قبؿ فو از لرئيس " محمد مرسي" بالرئاسة ‪،‬حيث في اوؿ مواجية طغياف سمطة‬
‫العسكر في المجاؿ السياسي اصدر "مرسي" قرار جميوريا في يوليو ‪2012‬ـ بإلغاء‬
‫اإلعالف الدستوري المكمؿ‪ ،‬فقد كانت ىذه المرة األولى في تاريخ مصر القديـ والحديث‬
‫القطاعيف العسكري‬ ‫التي يقدـ فييا رئيس مدني منتخب عمى محاولة السيطرة عمى‬
‫واألمني وتمؾ نقطة الفضؿ الحقيقة بيف السمطوية والديمقراطية‪3،‬وعميو بقي الصراع يدور‬
‫في مصر بيف المسؤوليف الجدد المنتخبيف ديمقراطيا‪ ،‬وبيف المجمس األعمى لمقوات‬
‫المسمحة حوؿ قيادة مستقبؿ البالد‪ ،‬فالمجمس األعمى لمقوات المسمحة حوؿ قيادة مستقبؿ‬
‫البالد‪ ،‬فالمجمس األعمى الذي حكـ البالد منذ أوائؿ سنة ‪2011‬ـ‪ ،‬يسعى إلى ترسيخ‬

‫‪1‬‬
‫العرعير‪ ،‬االنتخابات والتحوؿ الديمقراطي‪.92،‬‬
‫‪2‬‬
‫حفيظي‪ ،‬العالقات المدنية العسكرية واثرىا عمى مسار التحوؿ الديمقراطي‪.154،‬‬
‫‪3‬عمر عاشور‪" ،‬ىؿ سقط حكـ العسكر في مصر"اطمع عميو بتاريخ ‪20‬ماي‪،2019،‬‬
‫‪https :www.booking.edu/ar/opinions.‬‬

‫‪95‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫وصايتو عمى البالد في الدستور‪ ،‬والسمطات المدنية بدورىا تحاوؿ انتزاع السمطة مف‬
‫‪1‬‬
‫مؤسسة عسكرية شكمت دعامة الحكـ السمطوي‪ ،‬وتسعى البقاء فوؽ القانوف‪.‬‬

‫اتخذت المؤسسة العسكرية إجراءات بإنياء حكـ الرئيس "مرسي"‪ ،‬وتعميؿ العمؿ‬
‫وتبيف التدخؿ الدائـ‬
‫بالدستور‪ ،‬وىذه اإلجراءات جاءت منافسة لمبادئ الديمقراطية‪ّ ،‬‬
‫والمستمر لممؤسسة العسكرية في الحياة السياسية‪ ،‬كما منح دستور ‪2014‬ـ القوات‬
‫المسمحة صالحيات لـ يسبؽ ليا مثيؿ في تاريخ مصر‪.‬‬

‫أصبح حكـ مصر وضبط األوضاع فييا صعبا عمى نحو متزايد‪ ،‬ورغـ الجيود الرامية‬
‫إلى تحويؿ العالقات المدنية العسكرية في مصر إلى عالقات ديمقراطية‪ ،‬ولكف عمى ما‬
‫يبدوا أف الوضع يميؿ نحو السيطرة العسكرية‪ ،‬ويظير ذلؾ مف خالؿ السمطة التي‬
‫‪2‬‬
‫اكتسبيا القضاء العسكري‪ ،‬والحماية الدستورية والقانونية التي تتمتع بيا القوات المصرية‪.‬‬

‫المطمب الثالث‪ :‬الخصائص العامة لمنظام السياسي المصري‬

‫تمثؿ مصر منذ زمف طويؿ مركز الثقؿ في العالـ العربي واإلسالمي‪ ،‬نظ ار إلى وزنيا‬
‫الثقافي والسياسي والسكاني‪ ،‬والنظاـ السياسي فييا ىو نظاـ جميوري ورئيس الدولة ىو‬
‫رئيس الجميورية التنفيذية‪ ،‬كما يقوـ النظاـ السياسي المصري عمى أساس مبادئ‬
‫الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية‪....‬‬

‫يحدد نظاـ الحكـ المطبؽ في البالد عف طريؽ وضع آليات وأساليب إدارة شؤوف‬
‫البالد‪ ،‬وىذا ما يسمى بالدستور‪ ،‬حيث عرفت مصر الحديثة النظاـ الدستوري منذ مطمع‬
‫القرف التاسع عشر‪ ،‬وصدرت أوؿ الئحة تأسيسية في ‪07‬فيفيري ‪1882‬ـ‪ ،‬ومنذ قياـ ثورة‬

‫‪1‬يزيد صايغ‪"،‬فوؽ الدولة‪ :‬جميورية الضباط في مصر "اطمع عميو بتاريخ‪20‬ماي‪https://carnegie-،2019،‬‬


‫‪mec.org/2014/01/29ar-pub-54638.‬‬
‫‪ 2‬اشرؼ الشريؼ‪" ،‬مأزؽ مصر في مرحمة ما بعد مبارؾ"اطمع عميو بتاريخ ‪ 20‬ماي‪،2019 ،‬‬
‫‪https://carnegie-mec./2014/01/29/ar-pub-54638‬‬

‫‪96‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫مر النظاـ الدستوري المصري بمرحمة دستور ‪1953‬ـ‪ ،‬ثـ دستور ‪1956‬ـ‬
‫يوليو‪1852‬ـ ّ‬
‫فمرحمة الدستور المؤقت لمجميورية العربية المتحدة سنة ‪1964‬ـ‪ ،‬ثـ دستور ‪1971‬ـ‪،‬‬
‫حيث يعتبر ىذا األخير المرتكز األساسي لمنظاـ السياسي حتى قياـ ثورة ‪ 25‬يناير‬
‫‪1‬‬
‫‪2011‬ـ‪ ،‬وأجريت عميو تعديالت في سنوات‪ 1980:‬ـ‪2005‬ـ‪ ،‬و‪2007‬ـ‪.‬‬

‫اتسـ النظاـ السياسي المصري عمى مر التاريخ بأنو نظاـ منح فيو السمطة لرأس‬
‫الدولة‪ ،‬خرجت أي انو لمسمطاف أو الممؾ أو الرئيس دور أساسي في النظاـ والتفاعالت‬
‫السياسية‪ ،‬إالّ انو مع تطور األوضاع السياسية واالحتكاؾ بالتجارب والنظـ السياسي‬
‫الحديثة‪ ،‬خرجت بعض السمطات والصالحيات مف يد الرئيس لصالح المؤسسات السياسية‬
‫‪2‬‬
‫الحديثة كالبرلماف والحكومة‪.‬‬

‫تعرؼ مصر عمى غرار كثير مف األنظمة العربية مجاال سياسيا حديثا صوريا‪ ،‬حيث‬
‫توجد فيو مظاىر حديثة لمسياسية كالعمؿ بدستور‪ ،‬أو وجود برلماف منتخب‪ ،‬أو وجود‬
‫تعددية حزبية‪ ،‬أو توفر قدر مف الحريات العامة‪ ،‬غير انو ال يتناسب مع مالحظة طبيعة‬
‫عمؿ وسيطرة ىذه المؤسسات‪ ،‬إذا الغالب عمييا أنيا شكمية‪ ،‬واف ال وظيفة ليا إال المشيد‬
‫السياسي الشمولي بصورة ديمقراطية تحت غطاء القمع واإلقصاء السياسييف‪ ،‬وبصيغة‬
‫‪3‬‬
‫الشرعية عمى نظاـ سياسي يفتقر ألي شرعية‪.‬‬

‫رغـ أف النظاـ السياسي المصري يقوـ عمى أساس تعدد األحزاب‪ ،‬وذلؾ في إطار‬
‫أف‬
‫المقومات والمبادئ األساسية لممجتمع المصري المنصوص عمييا في الدستور‪ّ ،‬إال ّ‬
‫السمطة متركزة في يد الرئيس والمقربيف منو‪ ،‬وكذلؾ امتالؾ السمطة فعمى سبيؿ المثاؿ‬

‫‪1‬‬
‫احمد ابو الحسف زرد‪ "،‬النظاـ السياسي المصري وتحوالتو في خمس سنوات ‪،"2016-2011‬اطمع عميو بتاريخ‬
‫‪03‬ماي‪www.sis.gov.eg/section/999/7371 ?lang=ar. ،2019،‬‬
‫‪2‬عمر الشويكي واخروف‪ ،‬البرلماف في دستور مصر الجديد(د‪.‬ب‪.‬ف‪ :‬راوفد لمنشر والتوزيع‪ ،‬د‪.‬س‪.‬ف)‪.3،‬‬
‫‪3‬عبد اإللو بمقزيز واخروف‪ ،‬المعارضة والسمطة في الوطف العربي‪ :‬ازمة المعارضة السياسية العربية(بيروت‪ :‬مركز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪.23،)2011،‬‬

‫‪97‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫"جماؿ عبد الناصر" بقي في السمطة لمدة ستة عشرة سنة‪ ،‬ثـ "السادات" إلحدى عشرة‬
‫سنة‪ ،‬وقد تركا منصبييما فقط بعد وفاتيما‪ ،‬أما "حسني مبارؾ" فقد بقي لمدة ثالثيف سنة‪،‬‬
‫وكاف مستعدا لممضي فترة أخرى‪ ،‬وبالتالي فثقافة مصر السياسية السائدة وتقاليدىا ليست‬
‫‪1‬‬
‫جاىزة بعد لجعؿ الرئيس عمى اليامش‪.‬‬

‫يقوـ النظاـ السياسي في مصر بتوظيؼ الدولة ومؤسساتيا لخدمة الحزب الحاكـ‪ ،‬مما‬
‫جعؿ سياسة النظاـ تحد مف فاعمية األحزاب‪ ،‬حيث استمرت لجنة األحزاب في رفضيا‬
‫لعدد كبير مف طمبات إنشاء األحزاب‪ ،‬فرغـ تبني النظاـ السياسي في مصر التعددية‬
‫السياسية لكف ظمت ميمشة‪ ،‬بحيث تشارؾ األطراؼ ويسمح ليا بالوجود ويشترط أالّ‬
‫تتجاوز حدودا وخطوطا حمراء‪ ،‬تيدد انفراد النظاـ بالحكـ والسمطة‪ ،‬ألف النظاـ يعمؿ‬
‫شكميا فقط لكي يضيؼ شرعية داخمية وخارجية‪ ،‬دوف إيماف حقيقي لكوف التعددية وسيمة‬
‫‪2‬‬
‫مف وسائؿ إقامة نظاـ ديمقراطي‪.‬‬

‫وبالتالي مف الصعب تحديد خصائص النظاـ السياسي المصري‪ ،‬حيث يوجد تبايف‬
‫واضح بيف ظاىر النظاـ وباطنو‪ ،‬فالنصوص تقوؿ شيء والواقع مختمؼ يقوؿ شيء اخر‪،‬‬
‫فالنظاـ الحالي في مصر ىو امتداد لنظاـ ثورة يوليو ‪1952‬ـ‪ ،‬الذي يتمحور حوؿ‬
‫شخص واحد ىو الرئيس الذي بيده جميع الصالحيات واالختصاصات األساسية‪ ،‬ويتجمى‬
‫ذلؾ في المالمح التالية‪:‬‬

‫‪ -‬نظاـ حكـ يتسـ بوجود فجوة واسعة بيف ما يقولو وما يفعمو‪ ،‬ما ترتب عميو ضعؼ‬
‫مصداقية الخطاب السياسي؛‬

‫‪1‬‬
‫بيجت قرني‪ ،‬اإلصالح السياسي في مصر (عماف‪ :‬دار فضاءات لمنشر والتوزيع‪.20،)2012،‬‬
‫‪2‬‬
‫العرعير‪"،‬االنتخابات والتحوؿ الديمقراطي‪.80،‬‬

‫‪98‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫‪ -‬غياب مبدأ التداوؿ السممي لمسمطة أو تقاسيا‪ ،‬السيما وانو بمقتضى الدستور يستطيع‬
‫رئيس الجميورية االستمرار في الحكـ؛‬

‫‪ -‬استمرار العمؿ بقانوف الطوارئ منذ عاـ ‪1981‬ـ دوف انقطاع؛‬

‫‪ -‬ضعؼ المشاركة السياسية؛‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬غموض مستقبؿ نظاـ السياسي‪.‬‬
‫فمف الظواىر البارزة التي تميز الوضع العربي الراىف بسبب عدـ تحقيؽ الديمقراطية‪،‬‬
‫ىو التباعد الصارخ الذي وصؿ إلى حد القطيعة بيف القوؿ والفعؿ‪ ،‬بيف الخياؿ والواقع‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وبيف الفرد والمؤسسة‪ ،‬وبيف المواطف والدولة‪.‬‬
‫إذف لـ يعرؼ النظاـ السياسي في مصر االستقرار‪ ،‬حيث لـ يتـ التوصؿ إلى صيغة‬
‫ثابتة إلى ادارة العالقات بيف مؤسسات الدولة المختمفة والمجتمع بكؿ طوائفو وأحزابو‬
‫وتياراتو‪ ،‬وكذلؾ عالقة ىذه المؤسسات ببعضيا البعض‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حسيف توفيؽ ابراىيـ‪"،‬النظاـ السياسي المصري‪:‬التوازف بيف السمطات ومعضمة الشرعية"‪،‬اطمع عميو بتاريخ ‪10‬‬
‫ماي‪studies.aljazeera.net/ar files/2011/08/201187105658651422.html.،2019،‬‬
‫‪2‬‬
‫محسف دلوؿ‪،‬العرب الى ايف؟‪ :‬الحرية الضائعة ‪...‬المستقبؿ المجيوؿ (بيروت ‪:‬الدار العربية لمعموـ‬
‫ناشروف‪.344،)2011،‬‬

‫‪99‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تجربة االنتقال الديمقراطي في مصر‬


‫شيدت الجميورية المصرية بعد عقود مف الحكـ االستبدادي مسألة االنتقاؿ الديمقراطي‬
‫التي أصبحت مييمنة عمى الساحة السياسية‪ ،‬ولعبت المؤسسة العسكرية دو ار بار از فييا‪،‬‬
‫حيث تمكنت مف االحتفاظ بسمطات معتبرة خالؿ المدة االنتقالية واستطاعت االلتفاؼ‬
‫حوؿ خصوميا السياسييف لما تحممو مف مكانة سامية في أعيف الكثيريف ألجؿ تطمّع‬
‫مرت بيا مصر شيدت تغيي ار‬
‫الجميور الى األمف و اإلستقرار‪ ،‬فالمرحمة االنتقالية التي ّ‬
‫في رأس السمطة وليس في نظاـ الحكـ ومؤسساتو أو اآلليات التي تحرؾ تمؾ المؤسسات‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬ظروف بداية االنتقال الديمقراطي في مصر‬


‫أخذت مصر مرحمة تحوليا السياسي فترات زمنية طويمة وأكثر صعوبة انعكست‬
‫عمى جميع مجاالت الحياة فييا‪ ،‬وبما في ذلؾ عمى حياتيا السياسية والبرلمانية‪ ،‬حيث‬
‫شيدت مصر خالؿ الفترة ‪1923‬ـ‪1952-‬ـ تجربة في الممارسة السياسية والديمقراطية‪،‬‬
‫ولكنيا تجربة عانت فييا الكثير‪ ،‬مف بينيا استمرار االحتالؿ والتدخؿ األجنبي في شؤوف‬
‫مصر‪ ،‬وكذلؾ تدخؿ القصر الممكي في الحياة السياسية‪ ،‬وعميو يمكف التمييز بيف ثالث‬
‫مراحؿ في تطور النظاـ السياسي المختمفة‪ ،‬أوليا المرحمة البرلمانية الدستورية ‪1923‬ـ‪-‬‬
‫‪1952‬ـ‪ ،‬والثانية مرحمة التنظيـ السياسي الواحد ‪1952‬ـ‪1976-‬ـ‪ ،‬ومرحمة التعددية‬
‫‪1‬‬
‫السياسية المقيدة منذ ‪1977‬ـ‪ ،‬أي بداية لعودة الحياة الحزبية في مصر واف كانت مقيدة‪.‬‬
‫فعممية االنتقاؿ الديمقراطي في مصر ليست وليدة المحظة الراىنة‪ ،‬واّنما ىي وليدة‬
‫مرت بو الحياة السياسية المصرية منذ عاـ ‪1952‬ـ‪ ،‬أي منذ قياـ‬
‫التجريؼ السياسي الذي ّ‬
‫مرت مع بداية‬
‫ثورة يوليو‪ ،‬وال يعني أف مصر أصبحت عاـ ‪1952‬ـ بمدا ديمقراطيا‪ ،‬وانما ّ‬
‫تعالي أوؿ النداءات الوطنية الساعية إلى االستقالؿ بحمقات مف الحياة السياسية‪ ،‬حيث‬
‫كانت مصر في ‪1952‬ـ تمتمؾ حياة سياسية غير قوية‪ ،‬وسارت في سياسات عامة ال‬

‫‪1‬أبو زيد عادؿ القاضي‪" ،‬التعددية الحزبية في مصر ‪"2007-1976‬المعيد المصري لمدراسات (‪.2:)2018‬‬

‫‪100‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫تقبؿ المخالفة في الرأي‪ 1،‬ولما تحرؾ الجيش في ‪ 23‬يوليو ‪1952‬ـ بدأ معو فصؿ جديد‬
‫مف حياة مصر السياسية‪ ،‬حيث بدأت المرحمة االنتقالية ‪1953‬ـ‪1956-‬ـ أيف تـ فييا‬
‫إقرار أوؿ دستور لمبالد في ظؿ الجميورية‪ ،‬حيث بدأ بصدور االعالف الدستوري لعاـ‬
‫‪1953‬ـ‪ ،‬وانتيى بإستفتاء يناير ‪1956‬ـ‪ ،‬وأىـ شيء في ىذه المرحمة أنيا وضعت أسس‬
‫النظاـ السياسي الذي استمر حتى عاـ ‪2011‬ـ والذي برزت معالمو في دستور ‪1956‬ـ‪،‬‬
‫واستمرت في كافة الدساتير الالحقة حتى دستور ‪1971‬ـ‪ ،‬حيث شيد ىذا األخير بداية‬
‫غير السادات اإلسـ مف الجميورية العربية المتحدة‬
‫التغير في شكؿ النظاـ السياسي‪ ،‬أيف ّ‬
‫‪2‬‬
‫غير شكؿ عمميا ونشيدىا الوطني‪.‬‬
‫الى جميورية مصر العربية‪ ،‬كما ّ‬
‫لقد ّبينت ثورة يوليو ‪1952‬ـ رؤية ال تحبذ التعدد الحزبي‪ ،‬فأقدمت عمى حؿ األحزاب‬
‫وطبقت نظاـ التنظيـ السياسي الوحيد‪ ،‬األمر الذي ر ّسخ ىيمنة السمطة‬
‫السياسية القائمة‪ّ ،‬‬
‫التنفيذية عمى ما عداىا مف سمطات منذ تأسيس النظاـ الجميوري‪ ،‬ومف ثـ جاء االنتقاؿ‬
‫مف التنظيـ السياسي الوحيد إلى التعدد الحزبي بمثابة بداية لمرحمة جديدة تتجو نحو‬
‫‪3‬‬
‫الديمقراطية‪ ،‬واألىـ فييا العودة إلى التعددية الحزبية‪.‬‬
‫وفي ىذا المجاؿ تجدر اإلشارة إلى التحوؿ نحو التعددية في النظاـ السياسي المصري‪،‬‬
‫وما شيده مف تطور ومستجدات‪ ،‬فبعد ىزيمة ‪1967‬ـ عممت القيادة السياسية عمى‬
‫تغييرات داخمية في النظاـ‪ ،‬حيث قاـ الرئيس "جماؿ عبد الناصر" باتخاذ عدة خطوات في‬
‫ىذا االتجاه‪ ،‬ثـ ازداد السعي بعد وصوؿ الرئيس "أنور السادات" لمسمطة‪ ،‬واتخاذ خطوة‬
‫حاسمة في االتجاه نحو الديمقراطية في مصر وعميو‪ ،‬بدأت مع حكـ "السادات" عممية‬
‫تحوؿ كبرى لتوجيات النظاـ السياسي‪ ،‬وبإعالف الدستور الدائـ لمبالد عاـ‪1971‬ـ‪ ،‬وفي‬

‫‪1‬أمنية شفيؽ‪" ،‬عف نتائج الحياة السياسية المصرية"‪ ،‬اطمع عميو بتاريخ ‪13‬جةاف‬
‫‪www.ahram.org.eg/Newsq/459531.aspx.،2019‬‬
‫‪2‬ىالؿ وآخروف‪ ،‬الصراع مف اجؿ نظاـ سياسي جديد‪.29-27،‬‬
‫‪3‬محمد صفي الديف خربوش‪" ،‬التحوؿ الديمقراطي في مصر"(ندوة الديمقراطية واإلصالح السياسي في الوطف‬
‫العربي‪،‬القاىرة‪bohothe.bibogopot.com/2010/04/bibog.post.8438.html/ ?m=1. )2005،‬‬

‫‪101‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫مارس ‪1976‬ـ أعمف الرئيس "السادات" تشكيؿ منابر سياسية‪ ،‬جمعت فيما بينيا العديد‬
‫مف الجماعات والرؤى السياسية‪ ،‬ومثّمت أجنحة اليميف والوسط واليسار‪ ،‬وبعد أف خاضت‬
‫قرر الرئيس تحويميا إلى أحزاب سياسية‪ ،‬وىي الخطوة‬
‫المنابر الثالث انتخابات ‪1976‬ـ‪ّ ،‬‬
‫األولى نحو التعددية الحزبية في مصر‪ ،‬ولكف النقطة األساسية والجوىرية في ىذا ىو‬
‫‪1‬‬
‫سيطرة القيادة السياسية عمى عممية التحوؿ‪.‬‬
‫فكاف ليزيمة ‪ 1967‬ـ دو ار ميما في التحوالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي‬
‫شيدىا المجتمع المصري خالؿ السنوات الالحقة‪ ،‬وتمثؿ ذلؾ في تنامي حركة سياسية في‬
‫لسماح لمتيارات السياسية‬
‫البالد‪ ،‬دعت الى توسيع الحقوؽ الديمقراطية لممواطنيف وا ّ‬
‫‪2‬‬
‫المختمفة بإبراز ذاتيا بحرية واستقالؿ‪.‬‬
‫وبعد ذلؾ حدثت مظاىر االحتقاف السياسي واالجتماعي‪ ،‬أدت بالرئيس "السادات" إلى‬
‫إصدار ق ار ارت أدخمت النظاـ في مواجية مع كؿ القوى الفاعمة في البالد‪ ،‬وبعد اغتياؿ‬
‫الرئيس "السادات" حدث االنتقاؿ الدستوري السممي لمسمطة وفي اقؿ مف عشرة أياـ‪ ،‬كاف‬
‫لمصر رئيس جديد "محمد حسني مبارؾ" وبينما حافظ "مبارؾ" عمى التوجيات العامة‬
‫لسياسات الرئيس الراحؿ "أنور السادات" بدأ في إدخاؿ تعديالت وتغيي ارت بشكؿ تدريجي‬
‫شممت بعض جوانب النظاـ السياسي‪ ،‬فكانت تعديالت دستورية عاـ‪2005‬ـ‪ ،‬أصبح‬
‫بمقتضاىا تولي منصب الرئيس باالنتخاب وليس باالستفتاء‪ ،‬وتعديالت في‪2007‬ـ‬
‫‪3‬‬
‫أعطت لمييئة التشريعية بعض االختصاصات‪.‬‬
‫واتسمت ىذه التغييرات بالشكمية وعدـ مساسيا بجوىر نظاـ الحكـ‪ ،‬ونتيجة لذلؾ حدث‬
‫تدىور في شرعية النظاـ السياسي‪ ،‬وفي األوضاع عمى كافة المستويات‪ ،‬مما أدى إلى‬

‫‪1‬القاضي‪ ،‬التعددية الحزبية‪.4-3،‬‬


‫‪2‬نفس المرجع‪. 5 ،‬‬
‫‪3‬‬
‫ىالؿ واخروف‪ ،‬الصراع مف أجؿ نظاـ سياسي جديد‪.33-32،‬‬

‫‪102‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫اندالع ثورة يناير‪2011‬ـ ‪ ،‬ىذه الثورة فتحت الباب لعالقة جديدة بيف الدولة والمجتمع‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ولنشأة صراعات سياسية واجتماعية حوؿ شكؿ النظاـ الجديد‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬االنتقال من نظام الحزب الواحد الى التعددية المقيدة‬


‫تمعب األحزاب السياسية دو ار ميما في تدعيـ الممارسة الديمقراطية عمى أساس أنيا‬
‫ىمزة وصؿ بيف الحكاـ والمحكوميف‪ ،‬بما يسمح بتنشيط الحياة الحزبية‪ ،‬وتعميؽ المشاركة‬
‫مرت بعدة مراحؿ‪:‬‬
‫السياسية لممواطنيف‪ ،‬فنشأة األحزاب السياسية وتطورىا في مصر ّ‬
‫مرحمة التنظيم السياسي الواحد‪ :‬من ‪3591‬م‪3591-‬م‪:‬‬
‫ت ّـ في ىذه المرحمة حؿ األحزاب السياسية في سنة ‪1953‬ـ‪ ،‬والغاء دستور‬
‫‪1923‬ـ‪ ،‬والنقابات والتجمعات السياسية المستقمة‪ ،‬وجمعت داخؿ تنظيمات اتحادية‬
‫إئتالفية‪ ،‬وعوض التفاوض في الصراعات مف خالؿ صناديؽ االقتراع‪ ،‬وقاـ الجيش‬
‫الضباط األحرار حياة دستورية جديدة تخوؿ الييبة‬
‫ّ‬ ‫بوصفة سمطة تحكمية وصاغ بقيادة‬
‫لمقائد‪ 2،‬واثر إجراءات اتخذت في سبتمبر ‪1953‬ـ ثـ حظر تكويف أحزاب سياسية جديدة‬
‫تـ تأسيس تنظيـ‬
‫تميزت باالعتماد وبصورة رسمية عمى التنظيـ السياسي الواحد‪ ،‬حيث ّ‬
‫ّ‬
‫وتـ إلغاؤه وتأسيس بعد ذلؾ تنظيـ االتحاد القومي‬
‫"ىيئة التجرير" في جانفي ‪1953‬ـ‪ّ ،‬‬
‫سنة ‪1956‬ـ‪ ،‬ثـ االتحاد االشتراكي العربي سنة ‪1964‬ـ كتنظيـ سياسي شعبي جديد‬
‫يقوـ عمى تحالؼ قوى الشعب العاممة‪.‬‬
‫مرحمة التعددية الحزبية المقيدة منذ‪3599‬م‪:‬‬
‫بدأت ىذه المرحمة مع قرار "السادات" في مارس ‪1976‬ـ بشأف تحوؿ مصر نحو‬
‫التعددية الحزبية‪ ،‬ومنو كانت التعددية الحزبية المقيدة سنة ‪1977‬ـ‪3،‬وكاف سف قانوف‬

‫‪1‬ىالؿ واخروف‪ ،‬الصراع مف أجؿ نظاـ سياسي جديد ‪.34،‬‬


‫‪2‬عبد اهلل الحمودي والشيخ والمريد‪ ،‬النسؽ الثقافي لمسمطة في المجتمعات العربية الحديثة يميو مقالة في النقد والتأويؿ‪،‬‬
‫تر‪ .‬عبد االمجيد جحفة(المغرب‪:‬دار تويقاؿ لمنشر‪.2016،)2010،‬‬
‫‪3‬‬
‫صالح محمود محمد حوسو‪ "،‬الصراع السياسي في مصر ‪("2014-2011‬رسالة ماجستير‪،‬جامعة‬
‫االزىر‪/‬غزة‪.31،)2015،‬‬

‫‪103‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫األحزاب السياسية مؤش ار عمى انتقاؿ مصر مف حكـ الحزب االشتراكي الواحد إلى النظاـ‬
‫التعددي‪ ،‬وشيدت ىذه المرحمة عدة تحوالت سياسية ىامة أرادت إنشاء تعددية سياسية‪،‬‬
‫حيث أدت إلى وقوع أحداث يناير‪ 1977‬المعروفة بإنتفاضة الخبز التي وقعت خالليا‬
‫أحداث شغب إعتراضا عمى إنياء الدعـ الحكومي‪ ،‬كما أدت زيارة "السادات" لمقدس إلى‬
‫تصعيد المواجية مع المعارضة‪ ،‬وفي أعقاب التوترات التي سادت بعد اغتياؿ الرئيس‬
‫"أنور السادات" اتخذ "مبارؾ" بعض اإلجراءات التي مف شأنيا تخفؼ الثورات عمى‬
‫مستوى الحكومة‪ ،‬حيث خفؼ القيود المفروضة عمى األنشطة السياسية‪ ،‬وارتفع عدد‬
‫األحزاب السياسية الى اربع وعشروف حزبا‪ ،‬كما دخمت في تمؾ الفترة ايضا تعديالت عمى‬
‫قانوف األحزاب السياسية تمنع تشكيؿ أي أحزاب سياسية قائمة عمى خمفية دينية‪ ،‬ثـ‬
‫أجريت تعديالت عمى المادة ‪76‬مف الدستور تسمح لألحزاب القائمة بالمنافسة في‬
‫االنتخابات الرئاسية ؿ‪2005‬ـ‪ ،‬وبالتالي وفّرت ىذه التعديالت مساحة سياسية‪ّ ،‬إال أنيا لـ‬
‫تضع اطا ار لعقد انتخابات تتسـ بالتنافسية الحقيقية‪ ،‬ألف القوانيف ال تزاؿ تحت سيطرة‬
‫‪1‬‬
‫الحزب الحاكـ‪.‬‬
‫بعد تنحي "مبارؾ" مف الحكـ‪ ،‬إستمـ المجمس األعمى لمقوات المسمحة إدارة شؤوف‬
‫البالد في المرحمة االنتقالية‪ ،‬حيث بدأت مراجعة شاممة لإلطار الدستوري والقانوني المنظـ‬
‫لمحياة السياسية في مصر بيدؼ إيجاد توازف لإلختالالت التي ىيمنت عمى المرحمة‬
‫السابقة‪ ،‬بما يمي طموحات المصريف‪ ،‬وتحقيؽ أىداؼ الثورة وتكريس الحياة الديمقراطية‪،‬‬
‫وارساء دولة القانوف والمؤسسات‪ ،‬فشيدت ىذه المرحمة صدور حكـ بالموافقة عمى حزب‬
‫الوسط الجديد‪ ،‬وعميو أصبح الحزب يتمتع بحقو في ممارسة نشاطو السياسي‪ ،‬كما شيدت‬
‫‪2‬‬
‫ىذه الفترة تأسيس حزبي الحرية والعدالة‪ ،‬وحزب النور‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫تقرير بعثة متبعة االنتخابات مصر‪ ،‬انتخابات مجمس الشعب والشورى‪،‬نوفمبر‪-2011‬فيفري‪-15:)2012(2012‬‬
‫‪.16‬‬
‫‪2‬محمد حوسو‪،‬الصراع السياسي‪.36-35،‬‬

‫‪104‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫وفي ىذا الصدد أبدى المدير التنفيذي لمنتدى البدائؿ أسفو مما‪ ،‬آلت إليو الحياة السياسية‬
‫في مصر قائال‪:‬‬
‫"أصبح أقصى أما لنا أف تكوف ىناؾ تعددية مقيدة عمى غرار عيد مبارؾ‪ ،‬حتى يتـ فتح‬
‫مساحات لمحركة في المجاؿ العاـ مرة أخرى"‪.‬‬
‫وحيف تولى "عبد الفتاح السيسي" الرئاسة في‪2014‬ـ‪ ،‬عمد نظامو إلى العمؿ عمى‬
‫إعادة تشكيؿ الحياة السياسية عمى مقاس السمطة الحاكمة‪ ،‬حيث أف نظامو يعمؿ عمى أف‬
‫يخمؽ حياة حزبية مخططة مف أعمى لتعمؿ مف خالليا قوى وتيارات وأحزاب وأفراد مف‬
‫‪1‬‬
‫أجؿ أف تنفذ رؤية القائد‪.‬‬

‫المطمب الثالث‪ :‬أي دور لممؤسسة العسكرية في العممية االنتقالية؟‬


‫ال شؾ أف قضية االنتقاؿ الديمقراطي ستظؿ محؿ أي نقاش يتناوؿ المرحمة‬
‫االنتقالية‪ ،‬ومستقبؿ العممية السياسية في مصر‪ ،‬فدور المؤسسة العسكرية في العممية‬
‫االنتقالية المرغوب فييا مف المسائؿ الميمة في ىذه العممية‪.‬‬
‫لعبت المؤسسة العسكرية دور فعاؿ في حسـ الصراع المحتدـ بيف نظاـ "مبارؾ"‬
‫والقوى الثورية‪ ،‬حيث اختارت الموقؼ األكثر سالمة عندما انحازت لمقوى الثورية التي‬
‫اندلعت في ‪ 25‬يناير ‪2011‬ـ‪ ،‬مما أدى إلى اإلطاحة بالرئيس بعد ثماني عشرة يوما‬
‫فقط‪ ،‬لكف الجيش لـ يترؾ الساحة لممدنييف بؿ انخرط في العممية السياسية‪ 2،‬وبعبارة‬
‫أخرى وأماـ الضغط الشعبي المتصاعد واليادؼ إلنياء نظاـ "مبارؾ"‪ ،‬فقد تدخمت‬
‫رحب الثوار بيذه الحركة ضد‬
‫المؤسسة العسكرية إلجبار الرئيس عمى اإلستقالة‪ ،‬حيث ّ‬
‫الرئيس‪ ،‬وعزز فكرة أف القوات المسمحة إلى جانب الشعب‪ ،‬وأنو ال ينبغي ليا أف تصادر‬
‫ثقة الشعب في ضمانيا السير الحسف لممرحمة االنتقالية‪ ،‬وأبدت المؤسسة العسكرية أنيا‬

‫‪1‬احمد عابديف‪" ،‬األحزاب السياسية في مصر‪...‬النظاـ يصطنع مواالتو ومعارضتو"‪ ،‬اطمع عميو بتاريخ‬
‫‪19‬ماي‪2019،‬ـ‪https :www.alaraby.co.ufe/investigation/2018/5/23. ،‬‬
‫‪2‬‬
‫حفيظي‪ ،‬العالقات المدنية العسكرية واثرىا عمى مسار التحوؿ الديمقراطي‪.133،‬‬

‫‪105‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫مؤسسة الدولة الوحيدة المستعدة لتسيير شؤوف البالد وحمايتو‪1،‬حيث أعمنت عف العديد‬
‫أقرت تحقيؽ مطالب‬
‫مف اإلجراءات تحدد فييا معالـ المرحمة االنتقالية بعد تنحي "مبارؾ" و ّ‬
‫المتظاىريف وتسميـ السمطة لممدنييف عقب إجراء انتخابات حرة‪ ،‬وعمى الرغـ مف انتخاب‬
‫رئيس مدني لمجميورية‪ ،‬فإف المجمس بقي في الواجية السياسية واحتفظ ببعض‬
‫الصالحيات لنفسو‪ ،‬ووعد بانسحاب مزعوـ مف صنع القرار السياسي عقب االنتخابات‬
‫الرئاسية كتعيد مالئـ لالنتقاؿ‪2،‬حيث قاـ باإلشراؼ عمى كؿ الخطوات إلعادة بناء النظاـ‬
‫السياسي مف سمطة تشريعية وانتخاب أعضائيا وصوال إلى انتخاب رئيس الجميورية‬
‫المصرية‪ ،‬وبالتالي ظؿ طرفا فاعال في المشيد السياسي‪ ،‬والى أف عزؿ أوؿ رئيس مدني‬
‫‪3‬‬
‫منتخب "محمد مرسي" إثر إحتجاجات شعبية اندلعت‪،‬‬
‫وحيف أطيح ب"مرسي" إثر إنقالب بعد توليو الحكـ بسنة واحدة‪ ،‬عاود الجيش التحكـ‬
‫في العممية السياسية‪ ،‬وسيطر مجددا مف خالؿ حكومة مؤقتة يدعميا الجيش عمى أمور‬
‫السمطة‪ ،‬حيث لـ يتو ّؿ الحكـ بنفسو‪ ،‬بؿ أدار المرحمة االنتقالية الجديدة مف خمؼ واجية‬
‫مقربة منو إلى الحكـ تمتزـ باتباع المسار الذي‬
‫مدنية‪ ،‬حيث أقدـ عمى إبراز وجوه مدنية ّ‬
‫خطّط لو لمستقبؿ البالد في المرحمة االنتقالية مع الحفاظ عمى مصالحو ومكتسباتو‪.4‬‬
‫كما قضى الجيش عمى العقبات التي مف شأنيا تقؼ في طريؽ تك ارر التجربة‬
‫التاريخية المصرية منذ ثورة ‪ 23‬يوليو ‪1952‬ـ‪ ،‬والعودة إلى صعود عسكري عمى رأس‬
‫السمطة‪ ،‬وأسفر بتولّي "عبد الفتاح السيسي" رئاسة الجميورية‪ 5،‬وعميو إكتسبت المؤسسة‬
‫العسكرية المصرية نفوذ غير مسبوؽ‪ ،‬منذ أف أشرفت عمى اإلطاحة برئيسيف مصرييف‬
‫‪1‬‬
‫ميا عزاـ‪ "،‬المجمس العسكري بمصر واالنتقاؿ إلى الديمقراطية"(مذكرة إحاطة برنامج الشرؽ األوسط وشماؿ‬
‫إفريقيا‪.2،)2012،‬‬
‫‪2‬ىاني سميماف‪ ،‬العالقات المدنية العسكرية والتحوؿ الديمقراطي في مصر بعد ثورة ‪ 25‬يناير (بيروت‪ :‬المركز العربي‬
‫لألبحاث ودراسة السياسات‪.26،)2015،‬‬
‫‪3‬‬
‫عزاـ ‪،‬المجمس العسكري بمصر‪.3،‬‬
‫‪4‬سميماف‪،‬العالقات المدنية‪-‬العسكرية والتحوؿ الديمقراطي‪.74 ،‬‬
‫‪ 5‬نفس المرجع‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫متتالييف ىما "حسني مبارؾ" في سنة‪2011‬ـ و"محمد مرسي" في سنة‪2013‬ـ‪ ،‬فيذا‬


‫التدخؿ الصارـ لمجيش أدى إلى ىيمنتو عمى الحياة السياسية بشكؿ تاـ‪ ،‬كما تسبب في‬
‫صعود شخص عسكري حتى النخاع الى مقعد الرئاسة‪ ،‬كما زاد في نفوذ الجيش في‬
‫الحياة االقتصادية واالعالمية‪ ،‬وبالتالي نستطيع القوؿ أنو بينما فتحت ثورة ‪ 25‬يناير‬
‫‪2011‬ـ الباب لتطور ديمقراطي‪ ،‬فإنيا فتحت الباب أيضا لزيادة دور الجيش في الحياة‬
‫‪1‬‬
‫السياسية‪.‬‬
‫فالدرس األكبر الذي استوعبتو عدة حكومات عربية ىو السيطرة المطمقة لممؤسسات‬
‫العسكرية‪ ،‬ألف انقساـ ىذه المؤسسات أو تأييدىا لمطالب القوى السياسية أو المتظاىريف‬
‫مف شأنو أف يؤدي الى إنياء تسمط وسيطرة الحكومات المطمقة التي ليا دور مؤثر في‬
‫توجيو الحياة السياسية في النظاـ‪ ،‬وىو ما يضمف استمرار نفوذىا‪ ،‬فسيطرة المؤسسة‬
‫العسكرية عمى الحياة المدنية كاف ليا أثر سمبي عمى التجربة الديمقراطية‪ ،‬وذلؾ بسبب‬
‫‪2‬‬
‫اإلجراءات التي قامت بيا السمطات الجديدة المدعومة عسكريا‪.‬‬
‫ونمخص في األخير إلى أف أخطر ما ييدد االنتقاؿ الديمقراطي ىو تسميـ المرحمة‬
‫اإلنتقالية لإلشراؼ المباشر لممؤسسة العسكرية لتحسـ مصير السمطة في البالد ألف ىذه‬
‫المؤسسة تعمؿ وفؽ مصالحيا‪ ،‬وىي تميؿ إلى تصوير مصالحيا في مراحؿ االنتقاؿ‬
‫كأنيا وطنية عامة‪ ،‬مما أثار متصاعد حوؿ دور المؤسسة العسكرية وتأثيراتيا عمى مسار‬
‫االنتقاؿ الديمقراطي‪ ،‬وانعكاساتيا عمى الحياة السياسية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫نإبراىيـ اليضيبي وآخروف‪ ،‬تحديات التحوؿ الديمقراطي في مصر خالؿ المرحمة اإلنتقالية(د‪.‬ب‪.‬ف‪ :‬مركز القاىرة‬
‫لدراسات حقوؽ اإلنساف‪ ،‬د‪.‬س‪.‬ف)‪58،‬‬
‫‪ 2‬أمحمد مالكي وآخروف‪ ،‬لماذا انتقؿ اآلخروف إلى الديمقراطية وتأخر العرب؟‪ :‬دراسة مقارنة لدوؿ عربية مع دوؿ‬
‫أخرى(بيروت‪ :‬دراسات الوحدة العربية‪.203 ،)2014 ،‬‬

‫‪107‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫المبحث الثالث‪ :‬جدلية االنتقال الديمقراطي في مصر بين تحقيق الديمقراطية‬


‫واألمن‬
‫شيدت مصر ثورة انطمقت في ‪ 25‬يناير ‪2011‬ـ‪ ،‬ضد الحكـ المتسمط والمستبد وفي‬
‫تمنى الشعب المصري إقامة نظاـ ديمقراطي‪ ،‬مطالبا بالتغيير الجذري‬
‫ظؿ مرحمة انتقالية ّ‬
‫الذي يتعدى اإلصالحات الشكمية ليصؿ إلى النظاـ الحاكـ‪ ،‬راغبا أف يتحقؽ لو انتقاؿ‬
‫سممي لسمطة الحكـ‪ّ ،‬إال أف المؤامرات التي واجيتيا حكومة الرئيس "مرسي" في مصر‪،‬‬
‫مرت‬
‫كانت كافية لقتؿ أوؿ تجربة انتقاؿ ديمقراطية حقيقية‪ ،‬فبعد ثورة ‪ 25‬يناير ‪2011‬ـ ّ‬
‫مصر بمرحمتيف انتقاليتيف‪ ،‬األولى تحققت فييا الديمقراطية عمى أساس صعود رئيس‬
‫مدني إلى الحكـ‪ ،‬لكف المجمس العسكري لـ يترؾ الساحة السياسية لممدنييف‪ ،‬بحجة‬
‫الحفاظ عمى األمف واالستقرار وبالتالي انقمبت الموازيف وانتكس المسار الديمقراطي وعادت‬
‫مصر مرة أخرى إلى حكـ العسكرييف بشكؿ أكثر عنفا‪.‬‬
‫المطمب األول‪ :‬بيئة النظام المصري قبل ثورة ‪ 59‬يناير ‪5133‬م‬
‫لـ تكف ثورة الخامس والعشريف مف يناير أوؿ ثورة مصرية تثير قضية الديمقراطية‪ ،‬وقد‬
‫ال تكوف األخيرة‪ ،‬ومما الشؾ فيو أف ىذه الثورة لـ تكف وليدة المحظة الراىنة أو محض‬
‫الصدفة‪ ،‬بؿ ىناؾ دوافع وراء تمؾ الثورة ومثيالتيا في الوطف العربي‪ ،‬فالواقع الذي ساد‬
‫الدوؿ العربية وتحديدا مصر قبيؿ الثورات متشابو إلى حد كبيير‪.‬‬
‫تشير كافة المؤشرات خالؿ السنوات السابقة عمى ثورة ‪ 25‬يناير‪2011‬ـ إلى‬
‫وصوؿ األوضاع االقتصادية واالجتماعية في مصر إلى مستويات منذرة بالخطر‪،‬‬
‫ووصوؿ السياسيات المتبعة إلى مستوى الفشؿ السياسي‪ ،‬نتيجة التركيز المتزايد لمثروة في‬
‫‪1‬‬
‫أيدي نخبة فشمت في تحقيؽ التنمية التي لـ تصؿ عوائدىا إلى الطبقات الدنيا والوسطى‪،‬‬
‫فخالؿ والية "حسني مبارؾ" مف‪1981‬ـ‪ ،‬حتى قياـ ثورة ‪ 25‬يناير ‪2011‬ـ‪ ،‬إتجو النظاـ‬

‫‪1‬فؤاد السعيد‪،‬الربيع العربي‪ ،‬ثورات الخالص مف االستبداد دراسة حاالت(بيروت‪:‬دار شرؽ الكتاب لمنشر‪.81،)2013،‬‬

‫‪108‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫الحاكـ إلى تضييؽ اليامش الديمقراطي باتخاذ إجراءات سياسية وقانونية وأمنية ال تخرج‬
‫عف الحدود المرسومة ليا مف قبؿ السمطة‪ ،‬و ّأال يترتب عمييا أي تغيير في التوازنات‬
‫السياسية القائمة التي تعمؿ في صالح الحكـ في البمد‪ ،‬حيث أصبح اإلستبداد وغياب‬
‫‪1‬‬
‫الديمقراطية يرافقاف المشيد السياسي في مصر‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنو إذا كاف نظاـ الرئيس الراحؿ "عبد الناصر" قد أسس شرعيتو‬
‫عمى ثورة يوليو‪ ،‬وما ترتب عنيا لتصفية اإلستعمار ومواجية العدو اإلسرائيمي‪ ،‬لبناء‬
‫مجتمع إشتراكي تسود فيو العدالة االجتماعية‪ ،‬وأقاـ الرئيس الراحؿ "السادات" شرعيتو عمى‬
‫أساس تحرير األرض بالحرب وبالسالـ‪ ،‬والتحوؿ التدريجي لمديمقراطية‪ ،‬فإف نظاـ "مبارؾ"‬
‫لـ تكف لديو أي مف ىذه الوسائؿ لترسيخ شرعيتو السياسية‪ ،‬حيث اكتفى نظامو‬
‫بالديمقراطية الشكمية‪ 2،‬ورغـ طوؿ فترة حكمو إلى ثالثيف عاما‪ّ ،‬إال أف مصر لـ تحقؽ قفزة‬
‫نوعية مثؿ النمور اآلسيوية وغيرىا مف الدوؿ‪ ،‬بؿ وصؿ واقعيا إلى درجة مف السوء‬
‫والضعؼ‪ ،‬وتدىور األوضاع االقتصادية والمعيشية والسياسية‪ ،‬ومف ىذه األوضاع مايمي‪:‬‬
‫تردي األوضاع االجتماعية واالقتصادية لممواطنيف مف نيب لمثروات‪ ،‬وتفشي البطالة‬
‫‪ّ -‬‬
‫والفقر في المجتمع‪ ،‬إضافة إلى غياب العدالة في توزيع الدخؿ وفرص العمؿ األساسية؛‬
‫مس كؿ جوانب الحياة‪ ،‬إذ إنتشر الفساد اإلداري والسياسي‪،‬‬
‫‪ -‬تعدد أشكاؿ الفساد‪ ،‬الذي ّ‬
‫وكذلؾ إ نتشار الرشوة في معظـ الييئات الحكومية لقضاء مصالح المواطنيف األساسية‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫مما دفع بالمطالبة بضرورة مكافحة الفساد عمى قمة أولويات الحكومة في سنة ‪2005‬ـ؛‬
‫ّ‬
‫‪ -‬الواقع السياسي المتأزـ بفعؿ سيطرة الحزب الحاكـ‪ ،‬والتزوير في االنتخابات واقصاء‬
‫المعارضة ومالحقتيا‪ ،‬وعدـ السماح ليا بالمشاركة في الحياة السياسية؛‬

‫‪1‬توفيؽ ابراىيـ‪ ،‬النظـ السياسية العربية‪. 144،‬‬


‫‪2‬‬
‫محمود شريؼ بسيوني ومحمد ىالؿ‪،‬الجميورية الثانية في مصر(مصر‪:‬دار الشروؽ ‪.74،)2012،‬‬
‫‪3‬احمد عبد التواب الخطيب خميفة جودة‪،‬الحركات االجتماعية وثورات الربيع العربي (القاىرة‪:‬المكتب العربي‬
‫لممعارؼ‪.90-89،)2017،‬‬

‫‪109‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫‪ -‬إستمرار حالة الطوارئ لمدة ثالثيف عاما‪ ،‬حيث أصبح لمشرطة الحؽ في إحتجاز أي‬
‫شخص لفترة غير محددة‪ ،‬حتى دوف سبب واضح‪ ،‬مما أدى إلى توسيع الممارسات‬
‫الالإنسانية لجياز الشرطة؛‬
‫‪ -‬فوز "مبارؾ" في خمس انتخابات متتالية أدى إلى سخط شعبي وسيطرتو عمى مفاصؿ‬
‫الحياة السياسية واالقتصادية‪ ،‬مما جعؿ الدولة تمتد إلى اإلعالـ‪ ،‬حيث كاف ىذا األخير‬
‫مسيس مف قبؿ الحكومة؛‬
‫‪ -‬إستخداـ التجسس ضد المواطنيف مف قبؿ أجيزة امف الدولة‪ ،‬فقد عاش المصرييف حياة‬
‫مميئة بالمحاصرة والخضوع‪ ،‬وعدـ قدرة أي مواطف مف التعبير عف رأيو السياسي أو‬
‫‪1‬‬
‫الديني؛‬
‫‪ -‬ولّدت ظاىرة التوريث إحساسا بأف النظاـ أصبح عصيا عمى اإلصالح‪ ،‬وأنو ال سبيؿ‬
‫إلرساء دعائـ الحكـ الديمقراطي ال ّسميـ في البالد ّإال بإزاحة النظاـ برمتو‪ ،‬وأنو ال أمؿ في‬
‫إقامة دولة يسود فييا القانوف والمحاسبة والشفافية‪ّ ،‬إال بعد إسقاط مشروع التوريث ومعو‬
‫النظاـ‪ ،‬أل ف ىذا المشروع ساىـ في انييار شرعية النظاـ سياسيا‪ ،‬وفي تأجيج مشاعر‬
‫الغضب تجاىو‪ ،‬بظيور ابف "حسني مبارؾ" في المشيد السياسي‪ ،‬وتمييد وصولو إلى قمة‬
‫‪2‬‬
‫السمطة في البالد؛‬
‫‪ -‬كما قاـ "مبارؾ" بتقريب رجاؿ األعماؿ الموالييف لنظامو‪ ،‬لتكوف ىناؾ طبقة حكومية‬
‫إحتكارية‪.‬‬
‫وبالنظر إلى محتوى اإلصالحات التي قاـ بيا "مبارؾ" مف خالؿ االنفتاح السياسي‬
‫بيدؼ االنتقاؿ نحو الديمقراطية‪ ،‬نجد أنيا محاوالت مف النظاـ لبقاء شرعية دستورية‬
‫تيدؼ إلى تعزيز سيطرة النخبة الحاكمة‪ ،‬ىذه اإلصالحات أثّرت عمى الدولة وعمى‬

‫‪1‬احمد سميـ عبد اهلل‪"،‬دور السياسية االمريكية في التحوالت الديمقراطية في المنطقة العربية ‪(.2013-2001‬رسالة‬
‫ماجستير‪،‬جامعة الشرؽ األوسط‪.94-93،)2014،‬‬
‫‪2‬بسيوني وىالؿ ‪،‬الجميورية الثانية‪.35،‬‬

‫‪110‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫المواطنيف بصفة عامة‪ ،‬مما أدى إلى نشوء وعي سياسي ديمقراطي وازدياد قوة المجتمع‬
‫المدني‪ 1،‬حيث كانت محاولة مف مبارؾ لرسـ صورة لدولة المؤسسات التي تمارس فييا‬
‫مظاىر الديمقراطية مف دوف أف تمتد ىذه الممارسة إلى جوىر الديمقراطية ومضمونيا‬
‫الحقيقي‪ ،‬ىذا األسموب أثر في شيوع إحساس عاـ باإلحباط والعجز لدى جميع‬
‫‪2‬‬
‫المصرييف‪.‬‬
‫وفي مؤتمر لنوادي "ليونز" في مدينة "سياتؿ" األمريكية بتاريخ ‪ 12‬تموز ‪2011‬ـ‬
‫طالبت وزيرة الخارجية األمريكية السابقة "كوندا لي از رايس" الرئيس "مبارؾ" بنشر‬
‫الديمقراطية في بالده فكاف رد مبارؾ عمييا كمايمي‪:‬‬
‫"إف خطاباتكـ حوؿ الديمقراطية ال معنى ليا ألنكـ ال تعرفوف طبيعة العرب‪ ،‬فيـ بحاجة‬
‫دائمة لقبضة مف حديد‪ ،‬ومف جانبي فقد استطعت عمى األقؿ حماية شعبي مف‬
‫‪3‬‬
‫التطرؼ"‪.‬‬
‫ونستطيع القوؿ أف المجتمع المصري عانى مف االستبداد والفقر والتخمؼ‪ ،‬وقمع لحريات‬
‫الشعب‪ ،‬وكؿ مف يطالب بالحقوؽ السياسية مما جعؿ مف الثورة السبيؿ الوحيد لخمؽ واقع‬
‫جديد في البالد‪ ،‬حيث ثار الشعب بكؿ فئاتو وأسقط النظاـ ومعو الجميورية األولى‪ ،‬وقرر‬
‫يشيد الجميورية المصرية الثانية عمى أسس مف الحرية والكرامة‬
‫أف يخمؽ واقعا جديدا وأف ّ‬
‫والعدؿ والمساواة‪ ،‬أل ف الجميع كاف يؤمف بحتمية مضي المسار المصري في الطريؽ‬
‫الصحيح‪ ،‬وىذه الفترة كانت مقدمة قوية ودافع حقيقي لثورة ‪ 25‬يناير ‪2011‬ـ‪ 4،‬واندلعت‬
‫ىذه الثورة‪ ،‬وأختير ىذا اليوـ ليوافؽ عيد الشرطة‪ ،‬إحتجاجا عمى إستمرار تدني األوضاع‬
‫االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪ ،‬وبالتزامف مع المظاىرات واإلضرابات العمالية‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫العرعير‪ ،‬االنتخابات والتحوؿ الديمقراطي‪.92،‬‬
‫‪2‬‬
‫بسيوني وىالؿ‪ ،‬الجميورية الثانية‪.30،‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد اهلل‪ ،‬دور السياسة االمريكية‪. 98،‬‬
‫‪4‬‬
‫بسيوني وىالؿ‪ ،‬الجميورية الثانية‪.75،‬‬

‫‪111‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫واتّسمت بمشاركة شبابية كثيفة‪ ،‬كما تجدر اإلشارة إلى نجاح ثورة تونس التي اندلعت في‬
‫يوـ ‪ 18‬ديسمبر ‪2010‬ـ‪ ،‬التي كاف ليا أثر كبير عمى كسر حاجز الخوؼ لدى مف‬
‫المصرييف‪ ،‬وبالتالي ترافؽ التطور السياسي مع تدىور أمني‪ ،‬زامنو حالة مف الفوضى‪،‬‬
‫تجمعت المطالب واإلحتجاجات في شعار ومطمب أساسي "الشعب يريد إسقاط‬
‫حيث ّ‬
‫‪1‬‬
‫النظاـ"‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬نظام مرسي وفرصة تحقيق االنتقال الديمقراطي‬


‫كانت ثورة الخامس والعشريف مف يناير ‪2011‬ـ بمثابة بدء مرحمة جديدة مف مراحؿ‬
‫التطور السياسي في مصر‪ ،‬ضمف مراحؿ طويمة مف النضاؿ خاضيا المصريوف في‬
‫سبيؿ إحراز تقدـ عمى طريؽ الديمقراطية‪ ،‬حيث انطمقت ثورة الشارع المصري بعد عشرة‬
‫أياـ فقط مف رحيؿ الرئيس التونسي"زيف العابديف بف عمي"‪.‬‬
‫الثورة المصرية ىي واحدة مف الثورات الكبرى في تاريخ مصر‪ ،‬فتاريخ القاىرة لـ يشيد‬
‫وقوع ثورة شعبية بسمميتيا وحجميا ومطالبيا كثورة ‪ 25‬يناير ‪2011‬ـ‪ ،‬وجاءت كنتيجة‬
‫حرؾ الشعب‬
‫طبيعية لمظمـ السائد عمى المواطف المصري لفترة طويمة مف الزمف‪ ،‬وىو ما ّ‬
‫المصري لممطالبة بالتغيير السياسي واالجتماعي‪ ،‬وكاف الشباب ىـ وقود الثورة‪ ،‬حيث‬
‫يمثموف قوة المجتمع ومستقبمو‪ ،‬حتى وا ف كانت أنظمة الحكـ التاريخية تجاىمت ىذه القوة‬
‫الحيوية‪ ،‬وأبعدتيـ عف المشاركة السياسية لمحكـ حتى ال تتأثر مصالحيـ الخاصة‪،‬‬
‫وانتيت ىذه الثورة بحمؿ شعار يمخص مطالب الشعب المصري‪ 2،‬فبعد ىذه الموجو‬
‫الثورية والتي أطمؽ عمييا مميونية تصحيح المسار‪ ،‬عادت وبقوة األفكار الداعية لضرورة‬
‫إعادة كتابة الدستور المصري‪ ،‬وبما يتفؽ مع الواقع السياسي والتطورات في الحقوؽ‬
‫والواجبات‪ ،‬فما بدأ في ساحة التحرير يبقى عميؽ الطموح‪ ،‬والمصريوف الذيف لـ يكتفوا‬

‫‪1‬بادية فواز ياسيف الحاج حسيف‪" ،‬ثورة ‪ 25‬يناير المصرية‪ :‬السياسة االمريكية تجاه صعود وسقوط حكـ اإلخواف‬
‫المسمميف"(رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة بيرزيت‪/‬فمسطيف‪.21،)2015،‬‬
‫‪2‬ىشاـ محمود االقداحي‪ ،‬الحراؾ السياسي(االسكندرية‪ :‬مؤسسة شباب الجامعة‪.356،)2013،‬‬

‫‪112‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫بإسقاط الرئيس‪ ،‬كاف ىدفيـ المفاوضة عمى عقد جديد مع الدولة التي تضـ العسكر الذي‬
‫لطالما تجاىميـ‪ 1،‬وعميو إحتاج قادة مصر الجدد إلى حؿ نظاـ سياسي معقد كاف يجمع‬
‫المظير الخادع لمممارسات الديمقراطية‪ ،‬واالستراتيجيات القمعية ودولة تتسـ بالرفاىية‪ ،‬فقد‬
‫صار اليدؼ سياسيا وىو تغيير نظاـ الحكـ‪ ،‬حيث جذبت الثورة كافة فئات المجتمع‬
‫والسيما الشباب والنساء‪ ،‬والطبقة الوسطى والعاممة‪ ،‬واستفادت ىذه الثورة مف أدوات‬
‫التواصؿ واستخداـ وسائؿ إحتجاج سممية متقدمة‪ 2،‬وبالتالي أزاحت الثورة نظاما سمطويا‪،‬‬
‫وأتاحت ألوؿ مرة في ستيف عاـ فرصة حقيقية إلقامة نظاـ سياسي تعددي منفتح عمى‬
‫تطور ديمقراطي‪ ،‬فبعد تنحي "مبارؾ"‪ ،‬أسند الحكـ الى جية ال ذكر ليا في الدستور‪ ،‬وىي‬
‫المجمس األعمى لمقوات المسمحة الذي تولى إدارة شؤوف البالد بصفة مؤقتة‪ 3،‬وفي ىذا‬
‫الصدد ىناؾ وجيات نظر مختمفة مف القوى السياسية لما حدث في مصر‪ ،‬عمى اعتبار‬
‫أف الثورة شعبية ينبغي أف يمييا تغيير جذري في بنية السمطة والنظاـ االجتماعي‬
‫واالقتصادي في المجتمع‪ ،‬ووجية نظر أخرى تتمثؿ في أداء المجمس العسكري‪ ،‬حيث‬
‫انتقمت مف مرحمة ثورة الجماىير في الشارع والتي انتيت بإسقاط رأس النظاـ‪ ،‬وبعض مف‬
‫رموزه‪ ،‬لتدخؿ مصر بسرعة الى المرحمة االنتقالية حيث شيدت في ىذه المرحمة مسا ار‬
‫سياسيا مرتبكا‪ ،‬فاستعادت المؤسسة العسكرية السمطة مباشرة بعد أكثر مف نصؼ قرف مف‬
‫حكـ ثالثة رؤساء جاؤوا مف المؤسسة نفسيا‪ ،‬وليذا ظ ّؿ المجمس األعمى لمقوات المسمحة‬
‫الفاعؿ األوؿ واألساسي في المعادلة السياسية بحكـ موقعو في السمطة منذ ‪1952‬ـ‪،‬‬
‫وا قتصر الجيش في مرحمة االنتقاؿ عمى تمييد المشيد السياسي النتخابات حقيقية‪ ،‬وتسميـ‬
‫السمطة لممدنييف‪ ،‬وقد حدث ىذا وسط وعود متكررة بترؾ السمطة‪ ،‬واقامة دولة القانوف‬

‫‪1‬توفيؽ المديني وآخروف‪ ،‬الربيع العربي‪...‬الى ايف؟ افؽ لمتغيير الديمقراطي(بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪.95،)2012،‬‬
‫‪2‬لوريؿ أي ميمر وجيفري مارتيني‪"،‬التحوؿ الديمقراطي في العالـ العربي‪ :‬توقعات ودروس مستفادة مف حوؿ‬
‫العالـ ]‪10،RAND2013‬‬
‫‪3‬‬
‫اليضيبي واخروف‪ ،‬تحديات التحوؿ الديمقراطي‪.55،‬‬

‫‪113‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫والديمقراطية‪ّ ،‬إال أف تجارب اآلخريف أثبتت أف معظـ الحاالت التي يتحدث فييا‬
‫‪1‬‬
‫العسكريوف عف نيتيـ بترؾ السمطة تنتيي ببقائيـ فييا‪.‬‬
‫تبنى المجمس العسكري فكرة تعديؿ بعض المواد مف دستور ‪1971‬ـ‪ ،‬حيث ش ّكؿ‬
‫لجنة لتعديؿ الدستور‪ ،‬وجرى إستفتاء في ‪19‬مارس ‪2011‬ـ‪ ،‬الذي أعتبر الخطوة األولى‬
‫في المرحمة االنتقالية‪ ،‬وبعد الموافقة عمى اإلستفتاء مف قبؿ الشعب المصري‪ ،‬أصدر‬
‫وتـ تعطيؿ العمؿ‬
‫المجمس العسكري إعالف دستوري في ‪30‬مارس ‪2011‬ـ‪ّ ،‬‬
‫بدستور‪1971‬ـ بشكؿ كامؿ‪ 2،‬حيث شيدت مصر أوؿ انتخابات برعاية الجيش واشراؼ‬
‫القضاء وبحيادية المؤسسات الحكومية‪ ،‬إضافة إلى مشاركة جماىيرية وحزبية واسعة‪،‬‬
‫وبيذه اإلنتخابات تـ االنتقاؿ مف المرحمة االنتقالية إلى مرحمة المؤسسات الديمقراطية‪،‬‬
‫وعميو وصؿ مرشح جماعة اإلخواف المسمميف "محمد مرسي" إلى الرئاسة‪.‬‬
‫لقد ارتكبت األحزاب المدنية خطأ بتصعيد مطالبيا إلى الحد األقصى‪ ،‬مفتقرة إلى‬
‫رؤية متكاممة‪ ،‬ىذا التصعيد بالمطالبة بإسقاط الدستور مع أنيا شاركت في اإلستفتاء‬
‫عميو‪ ،‬كذلؾ خطأ اإلستقواء بالجيش‪ ،‬حيث لـ تدرؾ ىذه القوى أف تسييس الجيش‪ ،‬ينتج‬
‫عنو إجياض المسار الديمقراطي بأكممو‪ ،‬ومف األخطاء الكبيرة لجماعة اإلخواف والقوى‬
‫المدنية المعارضة ليا المجوء إلى الشارع‪ ،‬والقياـ بأعماؿ عنؼ شديدة‪ ،‬إضافة إلى حصار‬
‫اإلخواف لممحكمة الدستورية العميا‪ ،‬وبالتالي استغؿ خصوـ الثورة واستخدموا "البمطجية"‬
‫لنشر الفوضى‪ ،‬ودفعوا الجماىير إلى معاداة الثورة والتطمّع إلى رجؿ قوي يحقؽ مف وجية‬
‫‪3‬‬
‫نظرىـ األمف واالستقرار‪.‬‬
‫فتأسست حركة "تمرد" في ‪ 26‬أفريؿ ‪2013‬ـ‪ ،‬حيث جمعت العديد مف التوقيعات‬
‫بيدؼ سحب الثقة مف الرئيس المنتخب‪ ،‬والعودة إلى انتخابات رئاسية مبكرة ىذه الحركة‬

‫‪1‬عبد الفتاح ماضي‪" ،‬تحوالت الثورة المصرية فير خس سنوات"‪ ،‬سياسات عربية‪25:)2016(18‬‬
‫‪2‬العرعير‪،‬االنتخابات والتحوؿ الديمقراطي‪.159،‬‬
‫‪3‬ماضي ‪ ،‬تحوالت الثورة المصرية‪.28-27،‬‬

‫‪114‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫إنتيت بإنقالب ‪30‬يونيو ‪2013‬ـ‪ ،‬وىو ذكرى تنصيب "محمد مرسي"" رئيسا لمجميورية‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وموعد قياـ الثورة الشعبية الثانية‪.‬‬

‫المطمب الثالث‪ :‬نظام السيسي والعودة لمنمط التسمطي بذريعة األمن‬


‫مرت مصر قبؿ االنقالب العسكري األخير عمى الرئيس المنتخب "محمد مرسي"‬
‫ّ‬
‫بأنظمة تنتمي إلى نظاـ حكـ العسكر القائـ عمى االستيالء عمى السمطة بالقوة‪ ،‬بداية مف‬
‫"عبد الناصر " الذي انقمب عمى رئيسة "محمد نجيب" في ‪ 23‬يوليو ‪1952‬ـ‪ ،‬وانتياء‬
‫أضر حكـ العسكر‬
‫ّ‬ ‫بانقالب "السيسي" عمى "محمد مرسي" في ‪ 3‬يوليو ‪2013‬ـ‪ ،‬وقد‬
‫‪2‬‬
‫بكافة أشخاصو بمصر وشعبيا‪ ،‬ووقؼ عقبة أماـ تقدـ مصر وقوتيا وأمنيا القومي‪...‬‬
‫وفي حدث نادر لـ يسبؽ لو مثيؿ في التاريخ المصري الحديث‪ ،‬تـ تجميع توقيعات‬
‫حركة "تمرد" وىدفيا ىو إسقاط حكـ اإلخواف المسمميف‪ ،‬الذي أصبح في عداء مع‬
‫مؤسسات الدولة األساسية‪ ،‬وفي مقدمتيا القوات المسمحة‪ ،‬وعميو بدأت مرحمة انتقالية‬
‫عما سبقيا‪ ،‬حيث رّكز العديد مف المحمميف السياسييف عمى أف قياـ الدوؿ‬
‫جديدة مختمفة ّ‬
‫الوطنية عف طريؽ االنقالبات والثورات بقيادة العسكر قد قطع الطريؽ عمى إمكانيات‬
‫‪3‬‬
‫التطور الديمقراطي‪.‬‬
‫عادت مصر مرة أخرى إلى حكـ العسكرييف‪ ،‬وذلؾ لعدـ القدرة عمى الوصوؿ عبر‬
‫عممية االنتقاؿ الديمقراطي إلى نظاـ حكـ ديمقراطي كما كاف يأمؿ المصرييف‪ ،‬ففي تجربة‬
‫انتقالية توجد احتماالت لحدوث إنتكاسة ديمقراطية وىذا ما حدث بالفعؿ في مصر‪ ،‬حيث‬
‫يؤكد "فيميبي أغويرو" أف‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫العرعير‪ ،‬االنتخابات والتخوؿ الديمقراطي‪.178،‬‬
‫‪2‬‬
‫جماؿ نصار‪" ،‬حكـ العسكر ومآالتو عمى الحياة السياسية في مصر"‪ ،‬المعيد المصري لمدراسات السياسية‬
‫واالستراتيجية(‪.2:)2016‬‬
‫محمود محمد عمي ‪،‬حروب الجيؿ الثالث ونظرية تفتت الوطف العربي(اإلسكندرية‪:‬دار الوفاء لمطباعة‬ ‫‪3‬‬

‫والنشر‪.461،)2018،‬‬

‫‪115‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫"الظروؼ األولية بمعنى موقؼ الجيش في النظاـ االستبدادي المنتيية واليتو والطابع المعيف لممسار‬
‫‪1‬‬
‫االنتقالي يؤثر في إمكانية التحوؿ الديمقراطي"‪.‬‬

‫إنتكست التجربة الديمقراطية الناشئة في مصر إثر انقالب ‪3‬يوليو ‪2013‬ـ قاـ بو‬
‫وتـ عزؿ الرئيس المنتخب‬
‫الجيش المصري تحت قيادة الفريؽ أوؿ "عبد الفتاح السيسي"‪ّ ،‬‬
‫"محمد مرسي" وعطّؿ العمؿ بدستور ‪2012‬ـ‪ ،‬و ّأيد ىذا االنقالب المعارضيف ؿ"مرسي"‬
‫واعتبروا ذلؾ تأييدا لمطالب شعبية‪ ،‬وىناؾ تيار آخر معارض لعزؿ "مرسي" وبالتالي‪،‬‬
‫حدثت فجوة كبيرة بيف التياريف‪ 2،‬وشيدت البالد موجة مف السخط العاـ والمظاىرات‪،‬‬
‫ثـ انحرفت نحو العمميات اإلرىابية مف‬
‫واالعتصامات المطالبة بالسمطة السابقة لمحكـ‪ّ ،‬‬
‫اشتد الصراع السياسي في البالد الذي كاف لو األثر الكبير في‬
‫تفجيرات واغتياالت‪ ،‬و ّ‬
‫إفساد الحياة السياسية واالجتماعية لممجتمع المصري‪ ،‬وانتيت المرحمة السابقة بانييار‬
‫وتحوؿ الثورة إلى مرحمة جديدة‪ ،‬فقد تمكنت قوى الثورة المضادة مف‬
‫ّ‬ ‫المسار الديمقراطي‪،‬‬
‫السيطرة والشروع في ىجوـ مضاد عمى قيـ ثورة ‪ 25‬يناير ‪2011‬ـ واىدافيا‪ ،‬بحجة‬
‫الحفاظ عمى الدولة واألمف واالستقرار‪ ،‬وتحقؽ ذلؾ مف خالؿ تسمّـ المجمس العسكري‬
‫الحكـ مباشرة وقيامو بوضع خارطة طريؽ تستيدؼ ترسيخ حكـ مطمؽ يستند إلى احتكار‬
‫سمطتي التشريع والتنفيذ‪ ،‬وقمع كؿ مف ال يؤيد النظاـ واقصاءه‪ ،‬مع الحفاظ عمى بعض‬
‫‪3‬‬
‫مف الديمقراطية الشكمية كاالنتخابات واالستفتاءات الصورية‪ ،‬والوزراء المدنييف‪.‬‬
‫شرعيا "عدلي منصور" الرئيس المؤقت لمبالد‪ ،‬مف أخطر القوانيف‬
‫وتعد القوانيف التي ّ‬
‫التي صدرت‪ ،‬وساعدت في تدمير الحياة السياسية في البالد‪ ،‬ومف بعدىا التشريعية‪،‬‬
‫لينتيي الجدؿ السياسي الحاصؿ بيف القوى السياسية المختمفة مف أجؿ تطبيؽ مراحؿ‬
‫الديمقراطية في ظؿ المرحمة االنتقالية وظروفيا الحرجة في مصر‪ ،‬ثـ تسمّـ وزير الدفاع‬

‫سيرا‪ ،‬االنتقاؿ العسكري‪ :‬تأمالت حوؿ االصالح الديمقراطي لمقوات المسمحة‪ ،‬تر‪ .‬وفيقة ميدي(بيروت‪:‬‬
‫‪ 1‬نارسيس ّ‬
‫شركة المطبوعات لمتوزيع والنشر‪22،)2016،‬‬
‫‪2‬العرعير‪،‬اإلنتخابات والتحوؿ الديمقراطي‪.181،‬‬
‫‪3‬‬
‫ماضي‪ ،‬تحوالت الثورة المصرية‪.33-32،‬‬

‫‪116‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫السمطة مباشرة‪ ،‬بعد أف ر ّشح نفسو في انتخابات لـ يتوفر فييا المعايير المتعارؼ عمييا‬
‫تروج اف البالد في خطر‪ ،‬ويطمؽ‬
‫لالنتخابات الديمقراطية‪ ،‬كما استخدمت مغالطات عدة ّ‬
‫عمى ىذا النوع مف أنظمة الحكـ "حكومة عسكرية"‪ ،‬أي الحكومة التي يحكميا الجنراؿ‬
‫وتـ إيياـ الرأي العاـ بأف معالجة ىذه الموضوعات ىو طريؽ‬
‫الذي نفّذ االنقالب‪ّ ،‬‬
‫‪1‬‬
‫الخالص مف حالة االنسيابية والفوضى التي نتجت عف الثورة‪.‬‬
‫أصدر "عبد الفتاح السيسي" قوانيف ال تعمؿ عمى خدمة المواطف المصري وىو ما‬
‫يجعؿ مجمس النواب الحالي ليس فقط يشكؿ عقبة أماـ أي تحوؿ ديمقراطي مستقبمي في‬
‫مصر‪ ،‬بؿ أحد عوامؿ عدـ االستقرار السياسي واالجتماعي‪ ،‬ويعكس ىشاشة وضعؼ‬
‫النظاـ الحالي‪ ،‬أما الشعب فيو الحاضر الغائب في المعادلة السياسية‪ ،‬فيو رىينة‬
‫التخويؼ بذريعة حماية الدولة وسيادتيا والدفاع عف األمف القومي‪ ،‬حيث أعمنت القوات‬
‫تـ استدعاؤىا مف قبؿ الشعب‬
‫المسمحة المصرية أنيا بعيدة عف القوى السياسية‪ ،‬و ّ‬
‫صرح الرئيس "عبد الفتاح السيسي"‬
‫المصري لممساعدة‪ ،‬وليس لتولي زماـ السمطة‪ ،‬حيث ّ‬
‫أف القوات المسمحة لـ تحاوؿ أبدا التدخؿ في الشؤوف العامة وفي السياسية‪ ،‬لكنني أود أف‬
‫أقوؿ‪:‬‬
‫"إننا جميعا نتحمؿ مسؤولية أخالقية وقومية وتاريخية تجاه الوطف‪ ،‬ليذا لف نقبؿ أبدا أف‬
‫نتدخؿ مصر في تفؽ مظمـ مف النزاعات والصراعات الداخمية أو الحرب األىمية أو‬
‫‪2‬‬
‫انييار مؤسسات الدولة"‪.‬‬
‫مما أدى بأغمبية المواطنيف إلى تفضيؿ االبتعاد والعودة لالنعزاؿ عف المشيد السياسي‬

‫‪1‬‬
‫سيؼ الديف عبد الفتاح‪ ،‬الكتاب االسود‪ :‬جرائـ االنقالب العسكري في مصر ‪(2018-2013‬البرلماف المصري‬
‫بالخارج)‪.63-62،‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Transcript :egypt samy‬‬
‫‪statment.https :aljazieera.com/news/middleeast/2013/07/20137320374016797.html.[16/‬‬
‫]‪062019‬‬

‫‪117‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫برمتو‪ ،‬و"السيسي" ممتزـ بعدـ الخروج عمى أعمدة قوتو األساسية‪ ،1‬المتمثمة في القوات‬
‫المسمحة‪ ،‬وىذا ىو اإلطار الحاكـ لطبيعة السمطة السياسية‪ ،‬فانقالب ‪ 3‬يوليو ‪2013‬ـ‬
‫أعاد خطاب أف مصر غير مؤىمة لمديمقراطية مرة أخرى عمى الرغـ مف مضي ستيف‬
‫عاما عمى إطالقو خالؿ أزمة مجمس قيادة الثورة عاـ ‪1954‬ـ‪ ،‬وأكد الرئيس "عبد الفتاح‬
‫السيسي" قائد االنقالب العسكري لصحيفة فرنسية احترامو لمديمقراطية لكنو متبعا نفس‬
‫لما كاف في كمية الحرب األمريكية‬
‫المنطؽ التقميدي‪ ،‬حيث كتب أطروحة في ‪2006‬ـ‪ّ ،‬‬
‫يقوؿ فييا أف الدولة المثالية كانت ىي دولة الخالفة بدال مف الدولة الديمقراطية الحديثة‬
‫عمى النمط الغربي‪ 2،‬فالسمطة المصرية كانت تخطط واآلف مخططاتيا وصمت مرحمة‬
‫النضج‪ ،‬وفيما يخص تمديد فترة الرئاسة أدلى بشأنو الرئيس "السيسي"‪ ،‬بأنو يعتقد أف‬
‫الموت وحده يمكف أف ينيي فترة الرئاسة‪ ،‬بمعنى أف التعديؿ المرتقب يميد لترشح‬
‫"السيسي" لواليتيف رئاسيتيف أخرييف مدة كؿ منيما ست سنوات مف دوف اإلخالؿ بمدة‬
‫واليتو الحالية‪ ،‬ويعني أف الرئيس "السيسي" يمكف أف يبقى في السمطة حتى عاـ ‪2034‬ـ‪،‬‬
‫وبما أف الدستور فرصة ال تتكرر كثي ار فقد تقرر تحقيؽ مآرب أخرى إلى جانب التمديد‬
‫منيا إلغاء الييئتيف الوطنيتيف لمصحافة واإلعالـ‪ ،‬وحذؼ مواد العدالة االنتقالية وسمطة‬
‫البرلماف لمدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة‪ ،‬ومنيا ترسيخ دور القوات المسمحة في‬
‫حماية الدستور ومبادئ الديمقراطية الذي ربطو أصحاب التعديؿ بالحفاظ عمى مدنية‬
‫‪3‬‬
‫الدولة‪ ،‬وىما أمراف يصعب الجمع بينيما‪.‬‬
‫وبالتالي ىذه التعديالت ال مفر منيا الستقرار الدولة المصرية‪ ،‬بحسب السمطة‬
‫الحاكمة‪ ،‬فحماية الوطف وحماية الدولة يستمزـ اتخاذ كؿ التدابير الالزمة حتى واف اقتضى‬

‫‪1‬عبد الفتاح‪ ،‬الكتاب األسود‪.65-64،‬‬


‫‪ "2‬كيؼ تآمر السيسي ليصبح رئيس مصر‪...‬حتى عندما كاف مبارؾ في السمطة؟"‪،‬اطمع عميو بتاريخ ‪24‬‬
‫ماي‪WWW.noon post.com/content/2871. ،2019،‬‬
‫‪3‬مصطفى ازريد‪" ،‬الصيغة النيائية وتعديؿ الدستور لمسيسي الحكـ حتى ‪،"2013‬اطمع عميو بتاريخ ‪ 24‬ماي‬
‫‪https://www.aljazeera.net/news/politics/2019/4/14. ،2019‬‬

‫‪118‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫األمر تعديؿ الدستور‪ ،‬فضماف األمف ىو أعمى الضمانات التي تقتضي تعديؿ الدستور‪،‬‬
‫مع أنو ال يجوز لمسمطة التي ىي مف خمؽ الدستور أف تخترؽ الدستور وىذا يتنافى مع‬
‫مبادئ الديمقراطية‪ ،‬وىذه األخيرة في مصر شكمية عبارة عف نظاـ ىجيف‪ ،‬وعميو شيدت‬
‫مصر صراع إنتيى بإعادة تشكيؿ المجمس العسكري‪ ،‬أي الصراع حوؿ إعادة تحديد دور‬
‫المؤسسة العسكرية وضبطيا ضمف األصوؿ الديمقراطية المزيفة‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫الفـصل الثـــالث‪ :‬واقع عالقة األمن والديمقراطيـــــــــــــة في تجربـــــة االنتقــــــال‬

‫تمنى جميع الشعب المصري أف يتحقؽ خالليا انتقاؿ سممي‬


‫في ظؿ مرحمة انتقالية ّ‬
‫لسمطة الحكـ‪ ،‬والتشريع لسمطات مدنية منتخبة تمارس اختصاصاتيا في إطار تنظيمي‬
‫واضح ومف ثـ يرسـ صورة حديثة لنظاـ سياسي جديد يقوـ عمى مقومات تصمح إلقامة‬
‫دعائـ جميورية ثانية‪ ،‬لكف سارت المرحمة االنتقالية في مصر عكس إرادة الشعب الذي‬
‫اليزاؿ يعيش مشكمة وضع دستور ينظـ الحياة السياسية واالجتماعية‪ ،‬وعميو أصبح حكـ‬
‫مصر وضبط األوضاع فييا عمى نحو متزايد‪ ،‬ففي حقيقة األمر مف أسباب فشؿ قياـ‬
‫نظاـ ديمقراطي في مصر ىو تجريؼ الحياة السياسية‪ ،‬وتخريب البني االجتماعية عمى يد‬
‫النظاـ السمطوي العسكري المتحكـ في السمطة ألكثر مف نصؼ قرف‪ ،‬وكذلؾ العمؿ عمى‬
‫اصطناع أزمات انسحاب الشرطة واالنفالت األمني‪ ،‬وتدبير حوادث القتؿ الجماعي‬
‫واإلعالنات الدستورية التي كاف يصدرىا المجمس العسكري‪ ،‬إضافة إلى ما قاـ بو اإلعالـ‬
‫الموجو مف حمالت إعالمية مضمّمة ما جعؿ مصر رىينة نظاـ استبدادي ينبئ باقتراب‬
‫الديمقراطية وفي الوقت نفسو يبذؿ كؿ ما في وسعو أ ّال تأتي ىذه المحظة أبداً‪.‬‬

‫ويبرز ىنا أف حالة عدـ االستقرار األمني يرتبط باالنتقاؿ الديمقراطي كعممية ال‬
‫يمكف تجنبيا‪ ،‬النتيجة لـ تتغير فالعامؿ األمني أصبح حاكما عمى الساحة السياسية‪.‬‬
‫إف بمورة مطالب سياسية محددة والدفاع عنيا لفترة زمنية طويمة مف قبؿ قوى‬
‫معارضة حقيقية أمر ضعيؼ إلى حد كبير في مصر إف لـ نقؿ غائب‪ ،‬ونخمص إلى أف‬
‫قرر اإلمساؾ بزماـ األمور مف خالؿ المجمس األعمى لمقوات المسمحة بذريعة‬
‫النظاـ ّ‬
‫الحفاظ عمى األمف واالستقرار في البالد عمى حساب الديمقراطية‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫خـاتمـــــــــــة‬
‫خاتـــــــــــــــــــــــــــــمة‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫يمثل تحقيق األمن المبرر الوحيد لوجود الدولة‪ ،‬فالوظيفة األساسية ليا حماية‬
‫المواطنين في كافة المجاالت‪ ،‬كما يمثل االنتقال الديمقراطي االطار الحاكم إلاقامة لقااقة‬
‫متوازنة بين الدولة والمجتمع تؤسس لنظام ديمقراطي يكون فيو الشعب مصدر السمطة‪،‬‬
‫ونظ ار ألىمية المكون االمني في الحياة اإلنسانية فيو مرتبط بالسمطة السياسية الحاكمة‬
‫ويعتمد لمييا‪ ،‬فكل نشاط تمارسو ىذه السمطة في أي زمان ومكان سيكون اليوم وغدا‬
‫محكوما في النياية بطبيعة المفيوم األمني الذي تتبناه وتعمل من أجل توفير وتحقيق‬
‫متطمباتو‪ ،‬ولميو تناولت الدراسة من خقال فصوليا تحميل مشكمة األمن واالنتقال‬
‫الديمقراطي في الوااقع العربي‪ ،‬وذلك لبر اإلجابة لماّ إذا كان ىناك اقدرة لمدول العربية‬
‫لمى إرساء الديمقراطية وتحقيق األمن واالستقرار دون أن يكون أحدىما لمى حساب‬
‫اآلخر‪ ،‬فما حدث في المنطقة العربية من ثورات غير متواقعة‪ ،‬ومطالب شعبية باالنتقال‬
‫نحو الديمقراطية جاء كنتيجة الستشراء الفساد السياسي والعناء االاقتصادي والتيميش‬
‫االجتمالي‪ ،‬أي سوء األوضاع بشكل لام‪ ،‬حيث أصبحت السمطة في أغمب الدول‬
‫العربية أداة في يد نخبة حاكمة متسمطة‪ ،‬وتأخذ بنمط الديمقراطية الشكمية‪ ،‬فمبادئ‬
‫الديمقراطية وحقوق اإلنسان لن يشعر بيا المواطنون إذا لم يتم إشباع احتياجاتيم‬
‫المعيشية‪ ،‬و إذا لم توفر مؤسسات اقائمة لمى أسس ديمقراطية تسالد لمى تحقيقيا‪.‬‬

‫مرت بيا مصر خطوة باتجاه المسار الديمقراطي‬


‫لقد مثّمت المرحمة االنتقالية التي ّ‬
‫وتحقيق اإلرادة الشعبية وسيادة القانون‪ ،‬أسفرت بفوز رئيس مدني منتخب وتوليو مقاليد‬
‫الحكم ّإال أن المحاوالت الدائمة التي لمدت من خقاليا الدولة العميقة إلى نشر العنف‬
‫تجسد فعقا من خقال‬
‫وحالة القاأمن في مصر اقطعت الطريق أمام الديمقراطية‪ ،‬وىو ما ّ‬
‫االنققاب لمى الشرلية الشعبية والتي تم لمى إثرىا لزل الرئيس الذي بمغت فترة حكمو‬
‫لام فقط‪ ،‬وتولى المجمس العسكري السمطة في البقاد بحجة تحقيق األمن واالستقرار‪،‬‬

‫‪121‬‬
‫خاتـــــــــــــــــــــــــــــمة‬

‫وأثبت من خقاليا أن ال واقت لمديمقراطية‪ ،‬إضافة إلى لدم التزام أجيزة األمن بدورىا‬
‫الرئيسي واالستعمال المفرط لمقوة والقمع‪ ،‬وتدخميا في الحياة السياسية أدى إلى تغييب اقيم‬
‫الديمقراطية فمن أجل تحقيق األمن واالستقرار لممت السمطات المصرية بعد االنققاب‬
‫لمى استعمال كل وسائل القمع والعنف‪ ،‬وفي ذلك فإنيا ولم تستطيع الحفاظ لمى أمن‬
‫وسقامة واستقرار البقاد‪ ،‬كما أنيا فشمت في إرساء دلائم الديمقراطية ‪.‬‬

‫واذا كانت الثورة الشعبية المصرية اقد أنتجت ديمقراطية فإن االنققاب العسكري‬
‫انعكس سمبا لمييا بحجة تحقيق األمن واالستقرار‪ ،‬ولميو صار مطمب االستقرار أولى من‬
‫مطمب الحرية‪ ،‬أي تحقيق األمن لمى حساب الديمقراطية‪ ،‬من أجل الوصول إلى مخرج‬
‫تجسدت فكرة أن الديمقراطية ال تصمح لمشعوب العربية وأنيا شعار‬
‫حاسم وسريع حيث ّ‬
‫فقط‪ ،‬ويجب أن تنفرد السمطة في يد أاقمية ال أغمبية‪ ،‬من خقال لممية االنتقال الديمقراطي‬
‫كآلية لتجسيد الديمقراطية‪ ،‬ىذه العممية تشمل تغيير نظم حكم تسمطية الى نظم حكم‬
‫ديمقراطية ‪.‬‬

‫إن تطور األحداث في المنطقة العربية أدى إلى أن النظام السياسي الذي نشأ‬
‫يعبر لن مصالح فئات حاكمة متسمطة تعمل لمى تحقيق‬
‫واستقر في المنطقة ىو نظام ّ‬
‫مصالحيا‪ ،‬حيث تتحكم ىذه األ نظمة في كل مكونات الحياة السياسية وىو شكل لم يتغير‬
‫لمى المستوى العربي‪.‬‬

‫أفضت لممية االنتقال الى مجرد ىامش ديمقراطي يعمل طبقا إلرادة السمطة الحاكمة‬
‫وال يستند إلى دستور ديمقراطي وال إلى تعددية سياسية حقيقية تش ّكل ركيزة لتحويل مبدأ‬
‫التداول السممي لمسمط ة الى وااقع ممموس‪ ،‬ومنو يبقى االنتقال الديمقراطي تجربة صعبة ال‬
‫يمكن تحقيق من خقاليا الديمقراطية المنشودة في العالم العربي بصفة لامة ومصر بصفة‬
‫خاصة‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫خاتـــــــــــــــــــــــــــــمة‬

‫اقد يحدث أن يكون األمن في الدول التي في طور البناء الديمقراطي لنصر تيديد‬
‫لعممية البناء برمتيا ما يدفع أن يبحث المواطن لن احتياجاتو األساسية اقبل أن يفكر في‬
‫حقواقو السياسية والمدنية والمشاركة السياسية وتجسد ذلك فعقا من حيث اختيار المواطنين‬
‫في تمك المرحمة لمن يخاطب احتياجاتيم األمنية وليس من يحدثيم لن الديمقراطية‪ ،‬من‬
‫دون إدراك لحقيقة انو ال أمن بقا ديمقراطية‪ ،‬واقد أثبتت تجربة االنتقال الديمقراطي في‬
‫مصر بعد ‪3122‬م كيف أن الديمقراطية اقد تراجعت بدلوى أن األمن أىم‪ ،‬والمقاحظ من‬
‫خقال التجربة المصرية أن الشرلية التي صيغت كحل في النموذج الديمقراطي الفتي ما‬
‫لبثت أن تحولت إلى أزمة سياسية معقدة واستعصى حميا بسبب ضعف اإلرادة السياسية‬
‫والمؤسساتية وسيطرة النزلة العصبوية لدى نخب المجتمع السياسي‪ ،‬وىناك لقااقة وطيدة‬
‫بين األمن والديمقراطية لتحقيق االنتقال الديمقراطي‪ ،‬حيث تتطمب ىذه العممية وجود‬
‫مؤسسات أمنية ومينية مرالية الحتياجات الجميور‪.‬‬

‫إن االنتقال نحو نظام مؤسسي جديد يفصل بداقة بين السمطات المدنية والعسكرية‪،‬‬
‫لممية طويمة األجل‪ ،‬مع ذلك لكي تترسخ ىذه العممية فالمؤسسات المدنية القوية التي‬
‫تتمع بشرلية شعبية واسعة يجب أن تظير وتتأسس أوال‪ ،‬وفي نفس الواقت ىناك حاجة‬
‫إلى إصقاحات إلنشاء تسمسل واضح لمقيادة‪ ،‬واحداث تغيير جذري في ذىنية المؤسسة‬
‫العسكرية ‪.‬‬

‫تشير دراسة تجربة االنتقال الديمقراطي المصرية وبخاصة بعد ‪ 3122‬أن الديمقراطية‬
‫واألمن ال يجتمعان إذا ما وجدت ىناك اقيادة سياسية ال تؤمن بجوىر الديمقراطية بقدر ما‬
‫أن تكون مجبرة لمى مباشرة ترتيبات ديمقراطية شكمية‪ ،‬والمستخمص مما سبق ىو وجود‬
‫ارتباط بين مستوى األمن واالستقرار وتحقيق الديمقراطية‪ ،‬فنشر الديمقراطية كمدخل‬
‫حقيقي من النخبة الحاكمة باحترام‬ ‫لتحقيق األمن في المنطقة العربية ىي إلتزام‬

‫‪123‬‬
‫خاتـــــــــــــــــــــــــــــمة‬

‫الديمقراطية وتفكيك ثقافة التسمط وااللتزام بقوالد الممارسة الديمقراطية‪ ،‬فاالنتقال‬


‫الديمقراطي ال يتم لمجرد الرغبة السياسية بذلك‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫قائمة المراجع‬

‫الكتب‬
‫‪ -‬أبو شيخة‪ ،‬عيسى موسى‪ .‬إستراتيجية األمن القومي العربي في ظل المتغي ارت‬
‫الدولية‪ .‬عمان‪ :‬السواقي العلمية‪.2016 ،‬‬
‫‪ -‬أحمد‪ ،‬إيمان‪ .‬نظرية الديمقراطية والتحول الديمقراطي‪ .‬مصر‪ :‬المعهد المصري‬
‫للدراسات السياسية واالستراتيجية‪.2016 ،‬‬
‫‪ -‬األحمري‪ ،‬محمد‪ .‬الديمقراطية‪ :‬الجذور واشكالية التطبيق‪ .‬بيروت‪ :‬الشبكة العربية‬
‫لألبحاث والنشر‪.2012 ،‬‬
‫‪ -‬االقداحي‪ ،‬محمود هشام‪ .‬الحراك السياسي‪ .‬اإلسكندرية‪ :‬مؤسسة شباب الجامعة‪،‬‬
‫‪.2013‬‬
‫‪ -‬أنابيل‪ ،‬موني وبيتسي‪ ،‬ايفانز‪ .‬العولمة‪ :‬المفاهيم األساسية‪ .‬بيروت ‪ :‬الشبكة‬
‫العربية لألبحاث والنشر‪2009 ،‬‬
‫‪ -‬أوين‪ ،‬رودجر‪ .‬الحكام العربي‪ :‬مراحل الصعود والهبوط‪ .‬ترجمة سعيد محمد‬
‫الحسينة‪ .‬لبنان‪ :‬شركة المطبوعات للتوزيع والنشر‪.2014 ،‬‬
‫‪ -‬البداينة‪ ،‬ذياب‪ .‬األمن وحرب المعلومات‪ .‬بدون مكان النشر‪ :‬دار الشرق للنشر‪،‬‬
‫بدون سنة النشر‪.‬‬
‫‪ -‬بسيوني‪ ،‬محمود شريف و هالل‪ ،‬محمد‪ .‬الجمهورية الثانية في مصر‪ .‬مصر‪ :‬دار‬
‫الشروق ‪.2012،‬‬
‫‪ -‬بلقزيز‪ ،‬عبد اإلله وآخرون‪ .‬المعارضة والسلطة في الوطن العربي‪ :‬أزمة‬
‫المعارضة السياسية العربية‪ .‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.2011،‬‬
‫‪ -‬بيليس‪ ،‬جون وسميث‪ ،‬ستيف‪ .‬عولمة السياسة العالمية‪ .‬ترجمة مركز الخليج‬
‫لألبحاث دبي‪ :‬مركز الخليج لألبحاث‪.2004 ،‬‬

‫‪125‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ -‬توفيق إبراهيم‪ ،‬حسنين‪ .‬النظم السياسية العربية‪ :‬االتجاهات الحديثة في دراساتها‪.‬‬


‫بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.2008 ،‬‬
‫‪ -‬جواد الكاظم‪ ،‬صالح وغالب العاني‪ ،‬علي‪ .‬األنظمة السياسية‪ .‬بغداد‪ :‬مطبعة دار‬
‫الحكمة ‪.1991،‬‬
‫‪ -‬حسن‪ ،‬إيمان‪ .‬المجتمع المدني والدولة والتحول الديمقراطي‪ :‬إطار نظري‬
‫ومفاهيمي‪ .‬البحرين‪ :‬معهد البحرين للتنمية السياسية‪.2017 ،‬‬
‫‪ -‬حمدي‪ ،‬عبد الرحمن‪ .‬الجيوش والتحول الديمقراطي في إفريقيا‪ :‬معوقات بناء الدولة‬
‫الوطنية‪ .‬الدوحة‪ :‬منتدى العالقات العربية والدولية‪.2015 ،‬‬
‫‪ -‬الحمودي‪ ،‬عبد اهلل والشيخ‪ ،‬والمريد‪ .‬النسق الثقافي للسلطة في المجتمعات العربية‬
‫الحديثة يليه مقالة في النقد والتأويل‪ .‬ترجمة‪ .‬عبد المجيد جحفة‪ .‬المغرب‪ :‬دار توبقال‬
‫للنشر‪.2010،‬‬
‫‪ -‬الخطيب‪ ،‬احمد عبد التواب وخليفة جودة‪ ،‬محمود‪ .‬الحركات االجتماعية وثورات‬
‫الربيع العربي‪ .‬القاهرة‪ :‬المكتب العربي للمعارف‪.2017 ،‬‬
‫‪ -‬خليفة الكواري‪ ،‬علي وآخرون‪ .‬المسألة الديمقراطية في الوطن العربي‪ .‬بيروت‪:‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية‪.2002 ،‬‬
‫‪ -‬خير اهلل‪ ،‬داوود وآخرون الفساد واعاقة التغيير والتطور في العالم العربي‪.‬‬
‫بيروت‪ :‬المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪.2015 ،‬‬
‫‪ -‬دخيل‪ ،‬حسن محمد‪ .‬أنظمة الحكم في الوطن العربي‪ :‬دراسة مقارنة‪ .‬بيروت‪ :‬دار‬
‫مكتبة البصائر‪.2014 ،‬‬
‫‪ -‬دلول‪ ،‬محسن‪ .‬العرب إلى أين؟‪ :‬الحرية الضائعة ‪...‬المستقبل المجهول‪ .‬بيروت‪:‬‬
‫الدار العربية للعلوم ناشرون‪.2011 ،‬‬
‫‪ -‬دي تانسي‪ ،‬ستيفن‪ .‬علم السياسة األسس‪ .‬ترجمة رشا جمال‪ .‬بيروت‪ :‬الشبكة‬
‫العربية لألبحاث والنشر‪.2012 ،‬‬
‫‪126‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ -‬زكي الطويل‪ ،‬رواء‪ .‬األمن الدولي واستراتيجيات التغيير واإلصالح‪.‬عمان‪ :‬دار‬


‫أسامة للنشر والتوزيع‪.2012 ،‬‬
‫‪ -‬زواشي‪ ،‬صورية‪ .‬التهديدات األمنية واألمن اإلقليمي‪ :‬غرب المتوسط‪ .‬عمان‪ :‬دار‬
‫المناهج للنشر والتوزيع‪.2016 ،‬‬
‫‪ -‬سالم محمد‪ ،‬وليد‪ .‬النظم السياسية العربية‪ :‬إشكاليات السياسية والحكم‪ .‬عمان‪:‬‬
‫الرمال للنشر والتوزيع‪.2018 ،‬‬
‫‪ -‬سعيد‪ ،‬صبري‪ .‬الديمقراطية‪ .‬مصر‪ :‬نهضة مصر للنشر والتوزيع‪.2007 ،‬‬
‫السعيد‪ ،‬فؤاد‪ .‬الربيع العربي‪ :‬ثورات الخالص من االستبداد دراسة حاالت‪ .‬بيروت‪:‬‬
‫دار شرق الكتاب للنشر‪.2013 ،‬‬
‫‪ -‬سليمان‪ ،‬هاني‪ .‬العالقات المدنية العسكرية والتحول الديمقراطي في مصر بعد ثورة‬
‫‪ 25‬يناير‪ .‬بيروت‪ :‬المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪.2015 ،‬‬
‫سير‪ ،‬نارسيس‪ .‬االنتقال العسكري‪ :‬تأمالت حول اإلصالح الديمقراطي للقوات‬
‫‪ّ -‬ا‬
‫المسلحة‪ .‬ترجمة رفيقة مهدي‪ .‬بيروت‪ :‬شركة المطبوعات للتوزيع والنشر‪. 2016 ،‬‬
‫‪ -‬شاكر سعيد‪ ،‬محمود و الحرفش‪ ،‬خالد بن عبد العزيز‪ .‬مفاهيم أمنية‪ .‬الرياض‪:‬‬
‫جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪.2010 ،‬‬
‫‪ -‬الشوبكي‪ ،‬عمر وآخرون‪ .‬البرلمان في دستور مصر الجديد‪ .‬د‪ .‬ب‪ .‬ن‪ :‬روفد‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬د‪ .‬س‪ .‬ن‪.‬‬
‫‪ -‬عامر‪ ،‬حاج ميلود‪ .‬األمن القومي العربي وتحدياته المستقبلية‪ .‬الرياض‪ :‬دار‬
‫جامعة نايف للنشر‪.2006 ،‬‬
‫‪ -‬عبد الفتاح‪ ،‬سيف الدين‪ .‬الكتاب األسود‪ :‬جرائم االنقالب العسكري في مصر‬
‫‪ .2018-2013‬البرلمان المصري بالخارج‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الفتاح‪ ،‬عبد الكافي إسماعيل‪ .‬أسس ومجاالت العلوم السياسية‪ .‬اإلسكندرية‪:‬‬
‫مركز اإلسكندرية للكتاب‪.2016 ،‬‬
‫‪127‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ -‬عبيدات‪ ،‬أحمد وآخرون‪ .‬الثورة واالنتقال الديمقراطي في الوطن العربي‪ :‬نحو‬


‫طريق‪ .‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.2012 ،‬‬
‫‪ -‬عكروم‪ ،‬ليندة‪ .‬تأثير التهديدات األمنية الجديدة على العالقات بين شمال وجنوب‬
‫المتوسط‪ .‬األردن‪ :‬دار ابن بطوطة للنشر والتوزيع ‪.2011،‬‬
‫‪ -‬علي محمود‪ ،‬محمد‪ .‬حروب الجيل الثالث ونظرية تفتت الوطن العربي‪.‬‬
‫اإلسكندرية‪ :‬دار الوفاء للطباعة والنشر‪.2018 ،‬‬
‫‪ -‬غبر يال‪ ،‬أشرف سليمان‪ .‬علم االجتماع العسكري‪ :‬دور المؤسسة الرئاسية‬
‫العسكرية في تحقيق األمن القومي‪ .‬اإلسكندرية‪ :‬مؤسسة شباب الجامعة‪.2006 ،‬‬
‫‪ -‬غريفيتش‪ ،‬مارتن وأوكالهان‪ ،‬تيري‪ .‬المفاهيم األساسية في العالقات الدولية دبي‪:‬‬
‫مركز الخليج ألبحاث‪.2008 ،‬‬
‫‪ -‬فاهم العامري‪ ،‬عصام‪ .‬المأزق العالمي للديمقراطية‪ :‬بلوغ نقطة التحول‪ .‬بيروت‪:‬‬
‫المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪.2016 ،‬‬
‫‪ -‬فونتال‪ ،‬جاك‪ .‬العولمة االقتصادية واآلمن الدولي‪ :‬مدخل إلى الجيو اقتصاد‪.‬‬
‫ترجمة محمود براهم‪ .‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‪.2009 ،‬‬
‫‪ -‬قرني‪ ،‬بهجت‪ .‬اإلصالح السياسي في مصر‪ .‬عمان‪ :‬دار فضاءات للنشر‬
‫والتوزيع‪.2012 ،‬‬
‫‪ -‬قسوم‪ ،‬سليم‪ .‬االتجاهات الجديدة في الدراسات األمنية‪ :‬دراسة في تطوير مفهوم‬
‫األمن في العالقات الدولية‪ .‬ابوظبي‪ :‬مركز اإلما ارت للدراسات والبحوث‬
‫اإلستراتيجية‪.2018،‬‬
‫‪ -‬قوجيلي‪ ،‬أحمد‪ .‬الدراسات األمنية النقدية‪ :‬مقاربات جديدة إلعادة تعريف األمن‪.‬‬
‫عمان‪ :‬المركز العلمي للدراسات‪.2014 ،‬‬
‫‪ -‬كاييه‪ ،‬أالن‪ .‬السالم والديمقراطية‪ :‬معالم المسألة‪ .‬لبنان‪ :‬المركز الدولي لعلوم‬
‫اإلنسان‪.2004،‬‬
‫‪128‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ -‬المديني‪ ،‬توفيق وآخرون‪ .‬الربيع العربي‪...‬إلى أين؟ أفق للتغيير الديمقراطي‪.‬‬


‫بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.2012 ،‬‬
‫‪ -‬مراد علي عباس‪ .‬األمن واألمن القومي‪" :‬مقاربات نظرية‪ .‬بيروت ‪ :‬دار الروافد‬
‫الثقافية ‪.2017‬‬
‫‪ -‬مسره‪ ،‬انطوان و قيس‪ ،‬ربيع‪ .‬صياغة الدساتير في التحوالت الديمقراطية‪ :‬الخبرات‬
‫العربية والدولية من منظور مقارن‪ .‬بيروت‪ :‬المكتبة الشرقية‪.2014 ،‬‬
‫‪ -‬هالل‪ ،‬علي الدين وآخرون‪ .‬الصراع من أجل نظام سياسي جديد‪ :‬مصر بعد‬
‫الثورة‪ .‬القاهرة‪ :‬الدار المصرية اللبنانية‪.2013 ،‬‬

‫‪ -‬ياسر‪ ،‬صالح وآخرون‪" .‬تأثير العمليات االنتخابية في عملية التحول الديمقراطي‪.‬‬


‫عمان‪ :‬مؤسسة فريدريش ايبرت‪.2012 ،‬‬

‫المجالت‪:‬‬

‫‪ -‬أبو زيد‪ ،‬عادل القاضي‪" .‬التعددية الحزبية في مصر ‪ ."2007-1976‬المعهد‬


‫المصري للدراسات (‪.)2018‬‬
‫‪ -‬احمد‪ ،‬عبد الجبار و جالل‪ ،‬عواد منى‪" .‬الديمقراطية واألمن اإلنساني"‪ .‬مجلة‬
‫العلوم الساسية‪.)2013(46‬‬

‫‪ -‬أوات‪ ،‬محمد‪" .‬التداول السلمي للسلطة في نظام الحكم اإلسالمي"‪ .‬مجلة جامعة‬
‫كركوك للدراسات االنسانية‪.)2009(2‬‬
‫‪ -‬أي ميلر‪ ،‬لوريل ومارتيني‪ ،‬جيفري‪" .‬التحول الديمقراطي في العالم العربي‪ :‬توقعات‬
‫ودروس مستفادة من حول العالم"‪.)2013(10‬‬
‫‪ -‬بابا عربي‪ ،‬مسلم "محاولة مفهوم اإلصالح السياسي "‪ .‬دفاتر السياسة و‬
‫القانون‪.)2013(9‬‬

‫‪129‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ -‬بن سعيد‪ ،‬مراد‪" .‬جدلية التغيير السياسي واالنتقال الديمقراطي في الوطن العربي‪:‬‬
‫دراسة في مؤشرات الديمقراطية في الوطن العربي بعد عام ‪ ."2001‬مجلة جيل‬
‫الدراسات السياسية والعالقات الدولية‪.)2016(5‬‬
‫‪ -‬بن مرزوق‪ ،‬عنتره ومالح‪ ،‬السعيد‪" .‬إشكالية عالقة المجتمع المدني بالديمقراطية‬
‫في المنطقة العربية "‪ .‬مجلة الحقيقة (‪.)2018‬‬

‫‪ -‬البشري‪ ،‬محمد األمين‪" .‬دور مؤسسات المجتمع الديني في التوعية األمنية"‪ .‬مركز‬
‫الدراسات والبحوث قسم الندوات واللقاءات العلمية(‪.)2000‬‬
‫‪ -‬الحضرمي‪ ،‬حمدان عمر‪" .‬تداول السلطة والدساتير في األنظمة السياسية العربية"‪.‬‬
‫دراسات العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪.)2006(3‬‬
‫‪ -‬جهاد أحمد‪ ،‬زياد‪" .‬العوامل المؤثرة في التحول الديمقراطي"‪ .‬مجلة مداد اآلداب‬
‫‪(14‬بدون سنة النشر)‪.‬‬
‫‪ -‬حجاج‪ ،‬ابراهيم خليل وآخرون‪" .‬اثر المتغيرات الدولية على مصادر وتهديد األمن‬
‫القومي العربي بعد الحرب الباردة ‪ ."2010-1990‬دراسات العلوم اإلنسانية‬
‫واالجنماعية‪.)2013(2‬‬

‫‪ -‬حمداني‪ ،‬الوناسي‪" .‬االنتقال الديمقراطي وأزمة التحول السياسي في الجزائر‬


‫(‪ )1992-1989‬التجربة واآلليات"‪ .‬المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‪.)2017(8‬‬
‫‪ -‬خليفة الكواري‪ ،‬علي‪" .‬االنتقال للديمقراطية في الدول العربية"‪ .‬محاضرة للقاء‬
‫المنتدى الفكري العربي المؤتمر الشبابي الخامس ‪ :2012‬المستقبل العربي في ضوء‬
‫الحراك الشبابي(‪.)2012‬‬
‫‪ -‬الشوبكي‪ ،‬بالل‪" ،‬األنظمة الهجينة في المشرق العربي في تحويل الخالفات‬
‫السياسية الى صراع هويات"‪ .‬سياسات عربية ‪.)2017(25‬‬

‫‪130‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ -‬زقاع‪ ،‬عادل‪" .‬المعضلة األمنية المجتمعية‪ :‬خطاب األمننة وصناعة السياسة‬


‫العامة"‪ .‬دفاتر السياسة والقانون ‪.)2011(5‬‬
‫‪ -‬صابر‪ ،‬حوحو احمد‪" .‬مبادئ ومقومات الديمقراطية"‪ .‬مجلة الفكر ‪(5‬دون سنة‬
‫نشر)‪.‬‬

‫‪ -‬صابر‪ ،‬يوسف‪" .‬تزايد حدة أزمات الديمقراطية في العالم الغربي"‪ .‬مركز المستقبل‬
‫لألبحاث والدراسات المتقدمة ‪.)2018(27‬‬

‫‪ -‬صالح الجبوري‪ ،‬صباح محمد‪" .‬دور العامل الخارجي في ملية التحول‬


‫الديمقراطي‪ :‬دول الربيع العربي أنموذجا"‪ .‬مجلة تكريت للعلوم السياسية‪(11‬د‪.‬س‪.‬ن)‪.‬‬

‫‪ -‬الصبيحي‪ ،‬جواد احمد شكر‪" .‬ظاهرة عدم االستقرار في العراق بعد عام ‪:2003‬‬
‫دراسة في المفهوم واألسباب"‪ .‬مجلة تكريت للعلوم السياسية‪(13‬د‪.‬س‪.‬ن)‪.‬‬

‫‪ -‬عمير‪ ،‬سعاد‪" .‬محددات اإلصالح السياسي"‪ .‬المجلة الجزائرية للدراسات السياسية‬


‫‪.)2014(2‬‬

‫‪ -‬عياش‪ ،‬عائشة "إشكالية التمنية السياسية والديمقراطية في دول المغرب العربي‪:‬‬


‫تونس أنموذجا"‪ .‬المركز الديمقراطي العربي للنشر (‪.)2017‬‬

‫‪ -‬العنكبي‪ ،‬طه حميد حسن‪ ".‬تدريس مادة التنشئة الساسية"‪ .‬مجلة العلوم السياسية‬
‫‪(39-38‬د‪ .‬س‪ .‬ن)‪.‬‬

‫‪ -‬غربي‪ ،‬محمد‪" .‬تحديات العولمة وأثارها على العالم العربي"‪ .‬مجلة اقتصاديات‬
‫شمال إفريقيا ‪(6‬د‪.‬س‪.‬ن)‪.‬‬

‫‪ -‬فرحاتي‪ ،‬عمر‪" .‬النظم السياسية العربية بين سلبية الثبات وايجابية التغيير"‪ .‬مجلة‬
‫العلوم اإلنسانية ‪.)2002(2‬‬

‫‪131‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ -‬ماضي‪ ،‬عبد الفتاح‪" ،‬تحوالت الثورة المصرية فير خس سنوات"‪ .‬سياسات‬


‫عربية‪.)2016(18‬‬
‫‪ -‬ناغا ساوا‪ ،‬إيجي‪" .‬مستقبل أنظمة مابعد االستعمار في الوطن العربي "‪ .‬ترجمة‬
‫محمود عبد الواحد القيسي‪ .‬جامعة بغداد ‪.)2015(32-31‬‬
‫‪ -‬نصار‪ ،‬جمال‪" .‬حكم العسكر ومأالته على الحياة السياسية في مصر"‪ .‬المعهد‬
‫المصري للدراسات السياسية واالستراتيجية(‪.)2016‬‬

‫التقارير والملتقيات‬
‫‪ -‬بولنوار‪ ،‬أمين ومسعودي‪ ،‬يونس‪" .‬مفهوم األمن في نظرية العالقات الدولية"‪ .‬ورقة‬
‫مقدمة للملتقى الدولي حول المقاربة األمنية الجزائرية في الساحل اإلفريقي‪ ،‬قالمة‬
‫هيليوبوليس‪ 25-24،‬نوفمبر‪.2013 ،‬‬
‫‪ -‬تقرير بعثة متبعة االنتخابات مصر‪،‬انتخابات مجلس الشعب والشورى‪،‬‬
‫نوفمبر‪ 2012-2011‬فيفري (‪)2012‬‬
‫‪ -‬زغوني‪ ،‬رابح ‪" .‬مقدمة نقدية األزمة االنتقال الديمقراطي في العالم العربي" ورقة‬
‫مقدمة للملتقى الوطني حول أزمة الحكم في العالم‪ :‬تحديات الواقع ومقاربات التغيير‪،‬‬
‫قالمة‪ ،‬هليوبوليس‪ 23- 2،‬نوفمبر‪2015 ،‬‬
‫‪ -‬ماضي‪ ،‬عبد الفتاح‪" .‬العالقات المدنية العسكرية والجيوش والتحول الديمقراطي"‪.‬‬
‫ورقة مقدمة لمؤتمر حول تحوالت الديمقراطية في العالم العربي‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪28‬يونيو‪.2012،‬‬
‫‪ -‬محمد موسى‪ ،‬ريم‪ " .‬الثورات العربية ومستقبل التغيير السياسي"‪ .‬ورقة مقدمة‬
‫مؤتمر السابع عشر حول ثقافة التغيير‪ ،‬السودان‪ ،‬دون تاريخ وسنة النشر‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ -‬محي الدين‪ ،‬محمد‪" .‬مسارات التحول الديمقراطي"‪ .‬تقرير موجز حول التجارب‬
‫الدولية والدروس المنقاة برنامج االمم المتحدة االنمائي‪ .‬ترجمة سامح رجب‪ ،‬القاهرة‬
‫‪.2011،‬‬
‫‪ -‬مركز الجزيرة للدراسات‪" .‬عودة الى صهوة الجواد‪ :‬النخبة العسكرية وحسابات‬
‫السلطة في مصر"‪ 04 ،‬نوفمبر‪.2013 ،‬‬
‫‪ DCAF -‬حكم القطاع األمني في مصر‪ ،‬العالقات المدنية العسكرية تحت‬
‫المجهر‪.2014 .‬‬
‫المذكرات‪:‬‬
‫‪/1‬اطروحات دكتوره‪:‬‬
‫‪-‬أسباعي‪ ،‬أمحمد‪" ،‬اإلعالم التلفزي ودوره في التحول الديمقراطي في الوطن العربي‪:‬‬
‫قناة الجزيرة نموذجا"‪ .‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة وهران‪.2018 ،1‬‬
‫‪-‬بلعور‪ ،‬مصطفى‪" .‬التحول الديمقراطي في النظم السياسية العربية‪ :‬دراسة حالة‬
‫النظام السياسي الجزائري ‪ ."2008-1988‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة الجزائر‪،‬‬
‫‪.2010‬‬
‫‪-‬بن عبد الرزاق‪ ،‬حنان‪".‬تأثير المأزق األمني اإلثني على االستقرار الداخلي‬
‫للدولة‪:‬دراسة للنموذج االسباني منذ ‪."1936‬أطروحة دكتورة ‪ ،‬جامعة بسكرة‪. 2017،‬‬
‫‪ -‬شرايطية‪ ،‬سميرة‪" .‬أثر العامل التنموي على البيئة األمنية للدول الفاشلة‪ :‬دراسة‬
‫عبر إقليمية"‪ .‬أطروحة دكتوراه جامعة باتنة‪.2018، 1‬‬
‫‪-‬طويل‪ ،‬نسيمة‪" .‬اإلستراتيجية األمنية األمريكية في منطقة شمال أسيا‪ :‬دراسة‬
‫لمرحلة ما بعد الحرب الباردة"‪ .‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة باتنة‪.2016 ،‬‬
‫‪-‬مخلوف‪ ،‬بشير‪" .‬موقع الدين في عملية االنتقال الديمقراطي في الجزائر‪ :‬فترة‬
‫‪ :1995-1989‬دارسة في التمثيالت السياسية لواقع التعدية الحزبية عند بعض‬
‫المنتمين للجبهة اإلسالمية لإلنقاذ"‪ .‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة وهران‪2013 ،‬‬
‫‪-‬مدوني‪ ،‬علي‪" .‬قصور متطلبات بناء الدولة في إفريقيا وانعكاساتها على األمن‬
‫واالستقرار فيها"‪ .‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة بسكرة‪.2014 ،‬‬

‫‪133‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪-‬كريبش‪ ،‬نبيل‪" .‬دوافع ومعيقات التحول الديمقراطي في العراق وأبعاده الداخلية‬


‫والخارجية"‪ .‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪.2008 ،‬‬
‫‪ /2‬رسائل ماجيستير‪:‬‬
‫‪ -‬أبو مور‪ ،‬إنعام عبد الكريم‪" .‬مفهوم األمن اإلنساني في حقل العالقات الدولية‪:‬‬
‫مقاومة معرفية"‪ .‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة األزهر‪/‬غزة‪.2013 ،‬‬
‫‪-‬أقضي‪ ،‬محمد الشريف‪" .‬الديمقراطية واألمن اإلنساني في ظل العولمة‪ :‬دراسة حالة‬
‫العالم العربي"‪ .‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة باتنة‪. 2017 ،1‬‬
‫‪-‬بودن‪ ،‬زكرياء‪" .‬اثر التهديدات اإلرهابية في شمال مالي على األمن الوطني‬
‫الجزائري واستراتيجيات مواجهتها ‪ ."2014-2010‬رسالة ماجيستير‪ ،‬جامعة بسكرة‪،‬‬
‫‪.2015‬‬
‫‪-‬بوروني‪ ،‬زكرياء‪" .‬النخبة السياسية واشكالية االنتقال الديمقراطي‪ :‬دراسة حالة‬
‫الجزائر"‪ .‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة قسنطينة‪.2010 ،‬‬
‫‪-‬تباني‪ ،‬وهيبة‪" .‬األمن المتوسطي في إستراتيجية الحلف األطلسي‪ :‬دراسة حالة‬
‫ظاهرة اإلرهاب"‪ .‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة تيزي وزو‪.2014 ،‬‬
‫‪-‬حفيظي‪ ،‬نور الدين‪" .‬العالقات المدنية العسكرية وأثرها على مسار التحول‬
‫الديمقراطي في مصر في ظل الحراك الشعبي الراهن"‪ .‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة محمد‬
‫بوضياف‪ /‬المسيلة‪. 2016 ،‬‬
‫‪-‬دحماني‪ ،‬مولود‪" .‬اثر المخرجات العالقة االرتباطية بين مسار االنتقال الديمقراطي‬
‫ومحددات األمن القومي على قوة الدولة في مراحل التحول السياسي‪ :‬دراسة مقارنة‬
‫تونس ولبيبا ‪ ."2015-2011‬رسالة ماجستير‪ :‬جامعة تيزي وزو‪.2016 ،‬‬
‫‪-‬دياب العرعير‪ ،‬أماني صالح‪" .‬االنتخابات والتحول الديمقراطي‪ :‬دراسة مقارنة بين‬
‫النموذجين التونسي والمصري ‪ ."2016-2011‬رسالة ماجيستير‪ ،‬جامعة‬
‫األزهر‪/‬غزة‪. 2017،‬‬
‫‪-‬شيبي‪ ،‬لخميسي‪" .‬األمن الدولي والعالقة بين حلف شمال األطلسي والدول العربية‪:‬‬
‫فترة ما بعد الحرب الباردة ‪ ."2008-1991‬رسالة ماجيستير‪ ،‬جامعة الدول العربية‪،‬‬
‫‪.2009‬‬

‫‪134‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪-‬عبد الرحمن‪ ،‬نتيل أحالم خليل "األنماط السياسية وانعكاساتها على التغيير‬
‫السياسي والتحوالت الديمقراطية في الوطن العربي"‪ .‬رسالة ماجيستير‪ ،‬جامعة األزهر‬
‫‪/‬غزة‪.2014 ،‬‬
‫‪-‬عبد القادر‪ ،‬محمد إبراهيم‪" .‬التحديات الداخلية والخارجية المؤثرة على األمن‬
‫الوطني األردني في الفترة ‪2013-1999‬دراسة حالة"‪ .‬رسالة ماجيستير‪ ،‬جامعة‬
‫الشرق األوسط‪.2013 ،‬‬
‫‪-‬عبد اهلل‪ ،‬احمد سليم‪" .‬دور السياسية األمريكية في التحوالت الديمقراطية في‬
‫المنطقة العربية ‪ ."2013-2001‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪.2014 ،‬‬
‫‪-‬عزام مها‪" ،‬المجلس العسكري بمصر واالنتقال إلى الديمقراطية"‪ .‬مذكرة إحاطة‪،‬‬
‫برنامج الشرق األوسط وشمال إفريقيا‪. 2012 ،‬‬
‫‪-‬فرج بلعيد‪ ،‬جمعة الزورق‪" .‬دور القبيلة في األنظمة السياسية العربية ‪:‬اليمن‬
‫نموذجا"‪ .‬رسالة ماجستير جامعة الشرق األوسط ‪.2015 ،‬‬
‫‪-‬فؤاد المصري‪ ،‬مها سامي‪" .‬دور النظام السياسي العربي في إعاقة بناء مجتمع‬
‫معرفة عربي"‪ .‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة نابلس ‪.2005 ،‬‬
‫‪-‬قسوم‪ ،‬سليم‪" .‬االتجاهات الجديدة في الدراسات األمنية"‪:‬دراسة في تطور مفهوم‬
‫األمن عبر مناظرات العالقة الدولية"‪ .‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪. 2010 ،3‬‬
‫‪ -‬محمد الشركسي ‪،‬أسامة احمد‪" .‬التحديات السياسية وتأثيرها على األمن المجتمعي‬
‫العربي ‪ ."2016-2011:‬رسالة ماجيستير جامعة الشرق األوسط‪.2017 ،‬‬
‫‪-‬محمد حوسو‪ ،‬صالح محمود‪ " .‬الصراع السياسي في مصر ‪."2014-2011‬‬
‫رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة األزهر‪/‬غزة‪.2015 ،‬‬
‫‪-‬ميهوب‪ ،‬وسام‪" .‬أثر المتغيرات اإلقليمية والعالمية لمرحلة ما بعد الحرب الباردة‬
‫على أمن األنظمة السياسية العربية"‪ .‬رسالة ماجيستير جامعة بسكرة‪.2014 ،‬‬
‫‪-‬نوري‪ ،‬عزيز‪" .‬الواقع في منطقة المتوسط دراسة الرؤى المتضاربة بين ضفتي‬
‫المتوسط من منظور بنائي"‪ .‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة باتنة‪.2012 ،‬‬

‫‪135‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪-‬ياسين الحاج حسين‪ ،‬بادية فواز‪" .‬ثورة ‪ 25‬يناير المصرية‪ :‬السياسة األمريكية تجاه‬
‫صعود وسقوط حكم األتوات المسلمين"‪ .‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة بيرزيت‪/‬فلسطين‪،‬‬
‫‪.2015‬‬
‫‪-‬يوسف سالمة‪ ،‬عبد الرحمن‪" .‬التجربة التونسية في التحول الديمقراطي بعد الثورة‬
‫كانون أول‪ ."2010/‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة نابل‪.2016 ،‬‬

‫المواقع االلكترونية‬

‫‪" -‬الديمقراطية والحريات العامة"‪ .‬اطلع عليه بتاريخ ‪ 8‬مارس ‪،2019‬‬


‫‪httpsM//law.depaul.edu/about/centersand.international-human-‬‬
‫‪rights-latw-intite/publication/doucument‬‬
‫‪" -‬كيف تأمر السيسي ليصبح رئيس مصر‪...‬حتى عندما كان مبارك في السلطة؟"‪.‬‬
‫اطلع عليه بتاريخ ‪ 24‬ماي‪WWW.noon post.com/content/2871. ،2019،‬‬
‫‪ -‬أبو الحسن‪ ،‬زرد احمد‪" .‬النظام السياسي المصري وتحوالته في خمس سنوات‬
‫‪ ."2016-2011‬اطلع عليه بتاريخ‬
‫‪03‬ماي‪www.sis.gov.eg/section/999/7371 ?lang=ar. ،2019،‬‬
‫‪ -‬أبو عامود‪ ،‬محمد سعد‪" .‬األمن والديمقراطية"‪ .‬اطلع عليه بتاريخ‬
‫‪25‬نوفمبر‪https :www.plicemc.gou.bh/mcms-stors/paf/،2018،‬‬
‫‪ -‬أزريد‪ ،‬مصطفى‪" .‬الصيغة النهائية وتعديل الدستور للسيسي الحكم حتى ‪."2013‬‬
‫اطلع عليه بتاريخ ‪ 24‬ماي‬
‫‪https://www.aljazeera.net/news/politics/2019/4/14. ،2019‬‬
‫‪ -‬البحيري‪ ،‬والء‪" .‬أفاق اإلستراتيجية العربية لمواجهة التحديات والتهديدات"‪ .‬اطلع‬
‫‪mesj.com/new/article‬‬ ‫‪،2019،‬‬ ‫‪08‬افريل‬ ‫بتاريخ‬ ‫عليه‬
‫‪details.aspx ?id=242‬‬

‫‪136‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ -‬الشيخ‪ ،‬فاتح‪" .‬تجارب االنتقال الديمقراطي ‪:‬المسبقات‪ ،‬التجارب ‪،‬الدروس‬


‫‪WWW.asharl.org.uk/markaz/m-abhath-09-08012.htm ،‬‬
‫‪ -‬بن عيسى‪ ،‬ريم وآخرون‪" .‬التنمية السياسية قراءة في اآلليات والمراحل والنظريات‬
‫الحديثة"‪ .‬اطلع عليه بتاريخ‬
‫‪11‬مارس‪WWW.alnoor.se/article.asp?id:1734892019‬‬
‫‪ -‬توفيق إبراهيم‪ ،‬حسين ‪".‬النظام السياسي المصري‪ :‬التوازن بين السلطات ومعضلة‬
‫‪studies.aljazeera.net/ar‬الشرعية"‪.‬اطلع عليه بتاريخ ‪ 10‬ماي‪،2019،‬‬
‫‪files/2011/08/201187105658651422.html‬‬
‫‪ -‬توفيق إبراهيم‪ ،‬حسين‪" .‬االنتقال الديمقراطي ‪:‬إطار نظري"‬
‫"‪http :studies.aljazira.net/0files/arab world‬‬
‫‪democrey/2013/01/201312495334831438.html.‬‬
‫‪ -‬حور‪ ،‬عبد العالي‪ " .‬الدول العربية‪ :‬القصور في التطور السياسي يؤجح التواترات"‪.‬‬
‫اطلع عليه بتاريخ ‪ 10‬افريل ‪https://alarab-co-u/،2019‬‬

‫‪ -‬خربوش‪ ،‬صفي الدين محمد‪" .‬التحول الديمقراطي في مصر"‪ .‬ندوة الديمقراطية‬


‫واإلصالح السياسي في الوطن العربي‪،‬القاهرة‪،2005،‬‬
‫‪bohothe.bibogopot.com/2010/04/bibog.post.8438.html/ ?m=1.‬‬
‫‪ -‬خلف كاظم‪ ،‬الزهيري فالح‪" .‬الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة‪...‬حتمية الترابط"‪.‬‬
‫‪2019‬‬ ‫اطلععليهبتاريخ‪29‬افريل‬
‫‪https :www.iasaj.net/isaj ?fulltestold=72279‬‬

‫‪ -‬خليل‪ ،‬حسين‪" .‬مفهوم األمن في القانون الدولي العام"‪ .‬اطلع عليه بتاريخ ‪02‬‬
‫مارس‪Drkhalil hussein.blogs pot.com /2009/01/blog-post- 2019‬‬
‫‪16.html‬‬

‫‪137‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ -‬شفيق‪ ،‬أمنية‪" .‬عن نتائج الحياة السياسية المصرية"‪ .‬اطلع عليه بتاريخ ‪13‬جوان‬
‫‪www.ahram.org.eg/Newsq/459531.aspx.،2019‬‬
‫‪ -‬شكر‪ ،‬عبد الغفار‪" .‬الثقافة السياسية وعالقتها بالديمقراطية"‪ .‬اطلع عليه بتاريخ ‪11‬‬
‫مارس ‪www.ahram.org.eg/newsq/607231.aspx،2019‬‬
‫‪ -‬صايغ‪ ،‬يزيد‪" .‬فوق الدولة‪ :‬جمهورية الضباط في مصر"‪ .‬اطلع عليه‬
‫بتاريخ‪20‬ماي‪https://carnegie-mec.org/2014/01/29ar-pub-،2019،‬‬
‫‪54638.‬‬
‫‪ -‬عابدين‪ ،‬احمد‪" .‬األحزاب السياسية في مصر‪...‬النظام يصطنع مواالته‬
‫ومعارضته"‪.‬اطلع عليه بتاريخ ‪19‬ماي‪2019،‬م‬

‫‪ -‬عاشور‪ ،‬عمر‪" .‬قطاع األمن بدول الربيع‪...‬لماذا تذر اإلصالح"؟‪ .‬اطلع عليه‬
‫‪31‬ماي‪2019،‬‬ ‫بتاريخ‬
‫‪http://www.aljazeera.net/knowlegegate/2014/12/1/‬‬

‫‪ -‬عاشور‪ ،‬عمر‪" .‬هل سقط حكم العسكر في مصر"‪.‬اطلع عليه بتاريخ‬


‫‪20‬ماي‪https :www.booking.edu/ar/opinions. ،2019،‬‬
‫‪ -‬عبد الحمزة‪ ،‬دخيل عادل‪" .‬األمن القومي واألمن اإلنساني دراسة في المفاهيم"‪.‬‬
‫اطلع عليه بتاريخ ‪ 6‬فيفري ‪https://www.iasj.net,func :fulltext 2019‬‬
‫‪cald :120552‬‬

‫‪ -‬عبد الهادي‪ ،‬محمد‪" .‬العالقة بين األمن والتنمية والديمقراطية "‪ .‬اطلع عليه بتاريخ‬
‫‪5‬مارس‪www.ahram.org.eg/news prink/347086،2019‬‬

‫‪138‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫ اطلع عليه بتاريخ‬."‫ حسين "السمات المشتركة للنظم السياسية العربية‬،‫ عوض‬-
httip//www.ahewar.org/debat/show.art.asp ?aid 2019‫افريل‬18
=3269138r=0

."‫"الديمقراطية في الدول العربية بين النظرية والواقع‬.‫ سرى واخرون‬،‫ هاشم محمد‬-
https://mail.google.com/mail/u/0 ،2019،‫ مارس‬25 ‫اطلع عليه بتاريخ‬
inbox ?projector=1
/25Transcript :egypt samy
statment.https :aljazieera.com/news/middleeast/2013/07/201373
20374016797.html.[16/062019]
https :www.alaraby.co.ufe/investigation/2018/5/23

139
‫فهرس المحتويات‬

‫‪01‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪10‬‬ ‫‪........................................................... ...............‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‬
‫‪11‬‬ ‫‪................................................................................. ...............‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬اإلطار المعرفي لألمن‬
‫‪11‬‬ ‫‪................................................................................................... ...............‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مفهوم األمن‬
‫‪16‬‬ ‫‪............................................................................................ ...............‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مستويات األمن‬
‫‪23‬‬ ‫‪.............................................................................................. ...............‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬قطاعات األمن‬
‫‪28‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الديمقراطية واالنتقال الديمقراطي‪ :‬دراسة في المفهوم‬
‫‪28‬‬ ‫‪..................................................................... ...............‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الديمقراطية ومبادئها‬
‫‪36‬‬ ‫‪....................................................................... ...............‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم االنتقال الديمقراطي‬
‫‪41‬‬ ‫‪....................................................‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬األمن والديمقراطية‪ :‬دراسة في حدود العالقة‬
‫‪41‬‬ ‫‪.......................................................... ...............‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬العالقة ما بين األمن والديمقراطية‬
‫‪45‬‬ ‫‪........................................................... ...............‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬آليات تحقيق األمن والديمقراطية‬
‫‪52‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬بنية النظام السياسي العربي وصعوبة عملية االنتقال الديمقراطي‬
‫‪53‬‬ ‫‪........................................‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬العالم العربي كوحدة تحليل في االنتقال الديمقراطي‬
‫‪53‬‬ ‫‪........................................ ...............‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬التركيب البنيوي لألنظمة السياسية العربية‬
‫‪58‬‬ ‫‪.............................................. ...............‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬سمات ومميزات النظام السياسي العربي‬
‫‪63‬‬ ‫‪.............................................‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬خصوصية االنتقال الديمقراطي في العالم العرب‬
‫‪63‬‬ ‫‪........................................................................ ...............‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬أسباب االنتقال الديمقراطي‬
‫‪68‬‬ ‫‪......................................................................... ...............‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أنماط االنتقال الديمقراطي‬
‫‪75‬‬ ‫‪................................................................... ...............‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬مخرجات االنتقال الديمقراطي‬
‫‪79‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬تحديات االنتقال الديمقراطي في العالم‬
‫‪................................... ...............‬‬ ‫العربي‬
‫‪80‬‬ ‫‪....................................................................................... ...............‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬التحديات السياسية‬
‫‪81‬‬ ‫‪.......................................................... ...............‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬التحديات االقتصادية واالجتماعية‬
‫‪83‬‬ ‫‪............................ ............................ ............................ ..................‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬التحديات األمنية‬
‫الفصل الثالث‪ :‬عالقة األمن والديمقراطية في تجربة االنتقال الديمقراطي في مصر‬
‫‪88‬‬ ‫‪................................................................................................................. ...............‬‬ ‫(‪(2019-2011‬‬
‫‪89‬‬ ‫‪...........................................................‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬التسلطية سمة النظام السياسي المصري‬
‫‪89‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬االنتقال من الملكية إلى الجمهورية وتعزيز‬
‫‪....................................‬‬ ‫التسلطية‬
‫‪92‬‬ ‫‪..................................................‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬دور المؤسسة العسكرية في النظام السياسي‬
‫‪96‬‬ ‫‪..................................... ...............‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬الخصائص العامة للنظام السياسي المصري‬
‫‪100‬‬ ‫‪.............................................. ...............‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬تجربة االنتقال الديمقراطي في مصر‬
‫‪100‬‬ ‫‪........................................ ...............‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬ظروف بداية االنتقال الديمقراطي في مصر‬
‫‪103‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬االنتقال من نظام الحزب الواحد إلى التعددية المقيدة‬
‫‪105‬‬ ‫‪.......................................‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أي دور للمؤسسة العسكري في العملية االنتقالية؟‬
‫‪108‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬جدلية االنتقال الديمقراطي في مصر بين تحقيق الديمقراطية واألمن‬
‫‪108‬‬ ‫‪..........................................‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬بيئة النظام المصري قبل ثورة ‪25‬يناير ‪2011‬م‬
‫‪112‬‬ ‫‪..............................................‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬نظام مرسي وفرصة تحقيق االنتقال الديمقراطي‬
‫‪115‬‬ ‫‪....................................‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬نظام السيسي والعودة للنمط التسلطي بذريعة األمن‬
‫‪121‬‬ ‫خاتمة‬
‫‪125‬‬ ‫قائمة المصادر والمراجع‬

You might also like