Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 13

‫ف الف‬

‫‪-------‬محاضرات الدكتور عبد الرحمن همى فى لسفة العامة ‪1------‬‬

‫محاضرات الوافدين‬
‫الفرفة الثانبة‬
‫ه‬‫ح ف‬
‫خلاصة محاضرات ا‪.‬د‪ /‬عبد الر من مى رياض‬
‫لف‬
‫فى ا لسفة العامة‬
‫ف الف‬
‫‪-------‬محاضرات الدكتور عبد الرحمن همى فى لسفة العامة ‪2------‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫املحاضرة األولى‬
‫مقدمات لدراسة الفلسفة‬
‫(‪) 1‬‬
‫(موقف الناس من الفلسفة والفيلسوف)‬
‫أ‪-‬الفلسفة والفيلسوف يبحثون في الجانب العقلي والروحي من األشياء‪ ,‬كما أن املجال األهم في الفلسفة هو (ما فوق‬
‫الطبيعة)الجانب اإللهي وكل هذا غير منظور‪ ,‬ال يخضع للمادة‪ ,‬وال لقواعد املادة‪ ,‬وكل كالم الفيلسوف كالم عقلي وأدلة‬
‫عقلية‪ ,‬وال يوجد منها ش يء مادي‪ ,‬يمكن التأكد منه بوسيلة من وسائل املعرفة الحسية‪.‬‬
‫ب‪ -‬لذا‪:‬‬
‫أصبحت الفلسفة والفيلسوف موضع نقد عند اإلنسان املادي والعادي ويتوهمون أنه ال فائدة منها‪ ,‬وأن الفيلسوف يفكر‬
‫ً‬
‫بعيدا عن مشكالت الو اقع مع أن ما يفكر فيه الفيلسوف هو مصدراستقرارالو اقع‪ ,‬ومصدرالثبات النفس ي لكل إنسان‪.‬‬
‫ً‬
‫فمعرفة هللا تعالى والوجود واملصير والحياة واملوت وتنظيم التفكير‪ ,‬وضبط قواعد العلوم‪ ,‬كل ذلك مهم جدا الستقرار‬
‫اإلنسان‪ ,‬وكل ذلك عمل الفلسفة والفيلسوف‪.‬‬

‫(‪)2‬‬
‫هل الفلسفة خاصة بالفالسفة فقط أم هى عامة لجميع الناس؟‬
‫أ‪ -‬الفلسفة ليست من نصيب الفيلسوف وحده‪ ,‬كما أن الطب ليس من نصيب الطبيب وحده‪ ,‬فكل إنسان لديه حظ ولو‬
‫قليل من كل ش ئ‪ ,‬وكلنا لدينا معلومات عن الطب مع أننا لسنا أطباء‪ ,‬كذلك لدينا ش ئ من التفلسف‪.‬‬
‫ب‪-‬مثال ذلك‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عندما يتأمل اإلنسان ما يحدث له في حياته من شدائد وبعدها يسر وراحة‪ ,‬يصل عقله إلى أن لهذه األمور مدبرا عظيما‬
‫ً‬
‫يبتلينا ويعيننا ‪ ,‬أيضا عندما نتأمل دقة كل ش ئ في الكون وما فيه من إبداع جميل‪ ,‬سنصل إلى أن له مبدع عظيم‪ ,‬وهكذا‬
‫ً‬
‫الفلسفة هي بحث ونتيجة ‪......‬إذا كلنا فالسفة ‪,‬‬
‫وال يوجد مبرر ملوقف بعض الناس ورفضهم للفلسفة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ج‪-‬كما أن الذي يرفض الفلسفة يستعمل أسلوبا فلسفيا لرفضها‪ ,‬ألنه يبحث عن األسباب وكيفية صياغتها ليصل لنتيجة‬
‫رفض الفلسفة ‪....‬وهذا هو التفلسف‪.‬‬
‫ً‬
‫د‪-‬إذا كلنا فالسفة بقدر ما وكلنا يستعمل الفلسفة في حياته و أفكاره ‪ ,‬إال أن تفكير الفيلسوف أوضح من اإلنسان العادي‬
‫وله خصائصه ومميز اته‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫مر اتب الفكر‬
‫الفكرالعادي‪:‬‬
‫الذي يتوصل به اإلنسان إلدارة حياته‪.‬‬
‫الفلسفة الخاصة (املعتقد الخاص)‪:‬‬
‫مجموعة من املبادئ والقواعد التي يعتقدها األنسان ومن خاللها يتعامل مع اآلخرين ويحكم عليهم‪.‬‬
‫ف الف‬
‫‪-------‬محاضرات الدكتور عبد الرحمن همى فى لسفة العامة ‪3------‬‬

‫التأصيل للفلسفة الخاصة‪:‬‬


‫هي البرهنة النظرية على ما توصل إليه اإلنسان من الفلسفة الخاصة لتتحول إلى فلسفة لها أسس تدعمها‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫الفرق بين الفكر العادي وفكر الفيلسوف‬
‫الفكرالعادي‪:‬‬
‫يفكرفي األشياء التي بين يديه وال يعرف التفكيرالكلي أو الشامل لجميع أجزاء املوضوع‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫يحكم على األشياء وبما يظهرمنها وال يفكربعمق في أسبابها الحقيقية‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫يتأثر باألخرين ويتشتت بينهم‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫يحذرمن أي فكرجديد‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ً‬
‫يهتم تماما بمطالب الحيا ة املادية‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫فكرالفيلسوف‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫يفكر تفكيرا كليا شامال لكل أجزاء املوضوع‪ ,‬وال يقبل جزء دون جزء‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫يحكم على حقيقة الش ئ وال يكتفي بالظاهر منها‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫يسمع لجميع اآلراء وال يتأثر بش ئ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫يقبل أي فكر مخالف ويفحصه‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫يهتم بمطالب املادة والعقل والروح‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وتفكيرالفيلسوف أنفع لتتقدم األمة تقدما حقيقيا‪.‬‬ ‫•‬

‫(‪)5‬‬
‫كيف يحقق الفيلسوف هذا املستوى من الفكر؟‬

‫يحقق الفيلسوف هذا املستوى من الفكر بشيئين‪:‬‬


‫ً‬
‫أوال‪ :‬العزلة‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫بعد أن يلم الفيلسوف باملشكلة يجب أن يعتزل قليال ليتوصل إلى تصور عام شامل للمشكلة ثم ُيك ِّون حال حقيقيا لها‪.‬‬
‫وسبب العزلة‪ :‬حتى ال يتأثر باآلراء املتضاربة‪ ,‬وال يرض ى بحل جزئي مؤقت للمشكلة‪ ,‬أو حل تقليدي قديم‪.‬‬
‫مثال‪ :‬أفالطون كان يعتزل بعض الوقت ليخرج بحل هو الحق‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬العودة‪:‬‬
‫بعد التصور الشامل والحل الحقيقي‪ ,‬يعود الفيلسوف إلى الو اقع بحل للمشكلة يتم تطبيقه‪.‬‬

‫(‪)6‬‬
‫ماهى دو افع التفلسف ؟‬
‫ً‬
‫التفلسف موجود في العقل‪ ,‬والبحث عن حل للمشكالت سواء التي في حيزاإلنسان أو أعلى منه‪ ,‬هذا أيضا موجود في العقل‪,‬‬
‫لكن هناك دو افع تدفعه للتفلسف هي‪:‬‬
‫ف الف‬
‫‪-------‬محاضرات الدكتور عبد الرحمن همى فى لسفة العامة ‪4------‬‬

‫‪-1‬الدهشة‪:‬‬
‫تحدث ظاهرة أو مشكلة أو ش ئ ما يثيرفيك االندهاش والتعجب والتساؤل‪,‬‬
‫كيف حدث؟‬
‫ماذا يعني؟‬
‫كل هذه الدهشة تدفعك إلى البحث والوصول إلى املعرفة‪.‬‬
‫وكل واحد حسب قدر اته‪ ,‬فدهشة الفنان أوالعالم أو رجل الدين أو‪......‬تختلف عن دهشة الفيلسوف‪ ,‬ألن كل هؤالء يندهش‬
‫بجزء من القضية‪ ,‬أما الفيلسوف فكل القضية تحرك فيه التعجب والبحث‪.‬‬
‫‪ 2-‬الدافع الثانى الشك‪:‬‬
‫[أ]تعريف الشك‪ :‬هو التردد بين النقيضين بال ترجيح ألحدهما على اآلخر عند الشاك‪ ،‬وضده االعتقاد‪ .‬و قد كان الشك‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أنصارا فى كل زمان ومكان ‪,‬‬ ‫معروفا من كتب شيشرون وسكستوسن أمبيريقوس‪ .‬وقد وجد له‬
‫[ب]أنواع الشك أنواع‪:‬‬
‫مذهبى ومنهجى‬
‫ً‬
‫املذهبى هو من جعل الشك مذهبا له وال ينتقل منه إلى يقين‪ ،‬فهو متمسك بشكه ‪ ،‬غيرباحث عن يقين‪.‬‬
‫أما الشك املنهجى فهو شك بمنهج محدد يصل بالباحث الى اليقين‪ ،‬ويتفقان [املذهبى واملنهجى] فى إنكارالحقيقة‪ ،‬ويختلفان‬
‫ً‬
‫فى أن املذهبى يتخذ اإلنكار مذهبا دون التحرك منه ودون تبرير اإلنكار الدائم‪ ،‬أما املنهجى فاإلنكار عنده مرحلة يقف عندها‬
‫ً‬
‫قليال ريثما يصل للبرهان الذى يغيربه موقفه‪.‬‬
‫الشك وفو ائده عند املسلمين وغيرهم‪:‬‬
‫[ب]الشك املنهجى مثل الذى عرض ألبى حامد الغزالى صاحب املنقذ من الضالل واإلحياء‪ ،‬فقد بحث فى كل املذاهب وعرف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كل الفرق ونال حظا و افرا من العلم بمختلف العلوم‪ ،‬وهو على يقين ‪ ،‬ومطمئن النفس‪ ،‬لكنه قرر الشك فى كل ش ئ‪،‬‬
‫املحسوس واملعقول‪ ،‬وقرر البدء من جديد لترسيخ اليقين‪ ،‬والثبات حتى املمات‪ ،‬وقد سعى فى طلب العلم اليقينى‪ ،‬بحيث ال‬
‫يشككه فيما يصل اليه مشكك‪ ،‬مهما كان وقد حكى تجربة شكه الى اليقين‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫[ج]والذى تعرض له ديكارت‪ :‬كان شكا منهجيا‪ ،‬أى ‪ ":‬ليس الشك مقصودا هنا لنفسه‪ ،‬بل المتحان معارفنا وقو انا‬
‫أحيانا‪ ،‬ولعلها تخدعني ً‬‫ً‬
‫دائما‪ ،‬وليس من الحكمة االطمئنان‬ ‫العارفة‪ ، " .‬وبدأ بالشك فى املحسوسات فقال‪ " :‬ألنها خدعتني‬
‫الى من خدعنا ولو مرة واحدة‪ .‬و أنا أشك في استدالل العقل؛ ألن الناس يخطئون في استدالالتهم‪ ،‬ومنهم من يخطئ في أبسط‬
‫أيضا أن نفس األفكارتخطر لي في النوم واليقظة‬‫دائما في االستدالل‪ ،‬ومن دواعي الشك ً‬ ‫موضوعات الهندسة‪ .‬فلعلي أخطئ ً‬
‫على السواء‪ ،‬ولست أجد عالمة مح ققة للتمييزبين الحالتين‪ ،‬فلعل حياتي حلم متصل‪ ،‬أي‪ :‬لعل اليقظة حلم منسق‪ .‬ومما‬
‫ً‬
‫يزيد في ميلي الى الشك أني أجد في نفس ي فكرة إله قدير يقال‪ :‬إنه كلي الجود‪ ,‬وهو مع ذلك يسمح أن أخطئ أحيانا‪ ،‬فإذا كان‬
‫دائما‪ ،‬ولكن ما لي وهلل‪ ،‬فقد يكون هناك روح خبيث قدير‬‫سماحه هذا ال يتعارض مع جودته‪ ،‬فقد ال يتعارض معها أن أخطئ ً‬
‫يبذل قدرته ومهارته في خداعي‪ ،‬فأخطئ في كل ش يء‪ ،‬حتى في أبسط األمور و أبينها‪ ،‬مثل أن أضالع املربع أربعة‪ ،‬وأن اثنين‬
‫وثالثة تساوي خمسة‪".‬‬
‫و انطلق من الشك الى اليقين‪ ،‬وكانت بداية اليقين عجيبة حيث جعل شكه مصدر يقينه فقال‪ ":‬ولكني في هذه الحالة من‬
‫ً‬ ‫الشك املطلق أجد ً‬
‫تفكيرا‬ ‫شيئا يقاوم الشك‪ ،‬ذلك أني أشك‪ ،‬فأنا أستطيع الشك في كل ش يء ما خال شكي‪ ،‬وملا كان الشك‬
‫وجودا فأنا موجود‪" :‬أنا أفكر وإذن فأنا موجود"‪ .‬تلك حقيقة مؤكدة واضحة متميزة خرجت لي‬ ‫فأنا أفكر‪ ،‬وملا كان التفكير ً‬
‫من ذات الفكر" من هنا يأتى الشك ويدفع الى البحث وطلب الحكمة وتحصيل املعرفة ‪ ،‬وكل ذلك تفلسف‪.‬‬
‫‪-3‬الشعور بالضعف‪:‬‬
‫ف الف‬
‫‪-------‬محاضرات الدكتور عبد الرحمن همى فى لسفة العامة ‪5------‬‬

‫دافع قوي من دو افع التفلسف‪ ,‬تقابلنا مشكالت يمكن حلها وتصادفنا مشكالت يستحيل حلها‪ ,‬حينئذ يشعر اإلنسان‬
‫بالضعف الذي يدفعه للبحث ‪ ,‬مثال‪ :‬املوت ‪ ,‬املرض ‪ ,‬الظلم ‪ ,‬الوجود ‪ ,‬النهاية‪ ......‬مشكالت كبرى لها عالقة قوية باإلنسان‬
‫‪ ,‬وهو فيها مقهور هنا يبحث ويحاول ترتيب املشكلة بصورة يقبلها ويتعايش معها ‪...‬وهذا هو التفلسف‪.‬‬
‫‪-4‬التواصل مع اإلنسان‪:‬‬
‫ال بد أن تتعامل مع اإلنسان ‪ :‬وعند التعامل كما يقول األملاني كارل ياسبرز‪ :‬تصدم بصدمات مريرة‪ ,‬وعدم تو افق وخداع‬
‫وظلم وال مباالة ‪ ,‬وهنا إما أن تعتزل أو تبحث عن منهج للتعايش والفهم وحل هذه املشكالت ‪,‬‬
‫وهذا هو التفلسف‪.‬‬
‫(‪)7‬‬
‫مهمة الفلسفة‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬النقد‪:‬‬
‫‪-1‬املعرفة لها وسائل ومناهج ونتائج‪.‬‬
‫‪-2‬الوسائل قد تكون حسية وعقلية‪.‬‬
‫‪-3‬املناهج‪ :‬املنهج الحس ي ‪ ,‬والعقلي ‪ ,‬والتجريبي ‪ ,‬والروحي‪.‬‬
‫‪-4‬النتائج قد تكون لها عالقة باملعطيات أو ال‪.‬‬
‫والفلسفة تنقد كل ذلك حتى يتم تصحيحه ليعطي معرفة صحيحة ‪ ,‬ولذلك يخطئ في النتيجة من يخطئ في الوسيلة واملنهج‪.‬‬

‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬التساؤل‪:‬‬
‫‪-1‬الفلسفة تثيرالتساؤالت حول كل ش ئ‪.‬‬
‫‪-2‬الحقيقة‪ :‬هل معرفتنا أو أخالقنا أو ديننا صحيح‪.‬‬
‫‪-3‬املاهية‪ :‬وهي حقيقة الوجود املادي أو الروحي أو املعرفي‪.‬‬
‫‪ -4‬املعنى‪ :‬ما معنى كل ش ئ؟ وأي ش ئ؟ معنى الوجود ‪ ,‬العالم ‪ ,‬الحياة؟ هل لها معاني؟ أم أنها مجهوالت لنعيشها فقط؟‬
‫إذن الفلسفة تتساءل لتصل إلى الحقيقة‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬اإلجابة‪:‬‬
‫‪-1‬تجيب الفلسفة عن التساؤالت العقلية املعقدة‪ ,‬وليس هذا فقط‪ ,‬بل تنظم مناهج لدراسة العلوم‪ ,‬أو تستخلص القو انين‬
‫العامة من العلوم الجزئية‪ ,‬أو دراسة وتحليل األلفاظ املستعملة في العلوم‪.‬‬
‫فالفلسفة تجيب عن أشياء كثيرة وليست محدودة كما يزعم أصحاب الوضعية املنطقية‪.‬‬ ‫•‬
‫ً‬
‫ثانيا‪-‬موضوعات الفلسفةويشمل‪ :‬مفهوم الفلسفة ‪ -‬تصنيف العلوم الفلسفية – موضوع الفلسفة‪.‬‬
‫(‪) 8‬‬
‫مفهوم الفلسفة‬
‫هناك صعوبة في تعريف الفلسفة ‪ ,‬ألن التعريف نفسه موضوع من موضوعات الفلسفة ‪ ,‬ويتأثر باتجاه الفيلسوف وطريقة‬
‫دراسته للموضوعات‪.‬‬
‫لكن هناك طرق لتعريف الفلسفة‪:‬‬

‫التعريف العشو ائي‪ :‬اختيارتعريف من التعريفات دون النظرإلى مبررات االختيار‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫ف الف‬
‫‪-------‬محاضرات الدكتور عبد الرحمن همى فى لسفة العامة ‪6------‬‬
‫ً‬
‫وهذا ال يصح فلسفيا‪.‬‬
‫ب‪-‬التعريف التاريخي‪ :‬اختيارأقدم تعريف وله أثرحتى اآلن‪.‬‬
‫ال يمكن عمل تام حتى نتوصل ‪ ,‬كما أن األقدم ال يعني أنه األصح واألشهركذلك‪.‬‬
‫ً‬
‫ج‪ -‬التعريف االستنباطي‪ :‬اختيارتعريف مكون من جميع التعريفات يشمل كل مميزاتها بعد دراستها جميعا‪.‬‬
‫التعريف املستنبط هو األصح لشموله وهو‪ :‬عمل عقلي حر‬
‫يقصد منه‪ :‬املعرفة الكاملة ملبادئ كل الحقيقة الو اقعة ‪.‬‬
‫وينتهي إلى‪ :‬الحصول على هذه املعرفة وتحقيقها‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والحقيقة الو اقعة‪ :‬كل ما يظهر ظهورا مباشرا أو غيرمباشر‪.‬‬

‫تعريف الفلسفة‪ :‬عند الشرق ‪ ,‬اليونان ‪ ,‬اإلسالم ‪ ,‬املسيحين ‪,‬العصرالحديث‪.‬‬

‫ً‬
‫أوال‪ :‬تعريف الفلسفة عند الشرق‪:‬‬
‫الشرق‪ :‬مصر‪ ,‬سوريا ‪ ,‬بابل ‪ ,‬فلسطين ‪ ,‬بالد فارس ‪ ,‬الهند ‪ ,‬الصين‪.‬‬
‫كل هذه البالد عرفت ا لفكر الفلسفي والبحث العقلي ‪ ,‬لكن اختلط عندها باألساطيروالخر افات ‪ ,‬لذا استفادت بفكرها في‬
‫إدارة حياتها ولم تصل لتعريف للفلسفة‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬تعريف الفلسفة عند اليونان‪:‬‬
‫هي حب الحكمة (فيلو‪-‬حب)‪(,‬سوفيا‪-‬الحكمة)‪.‬‬
‫والفيلسوف‪ :‬هو الشخص املحب للحكمة‪.‬‬
‫وتعريفها عند اليونان‪:‬‬
‫‪-1‬الطبيعين‪ :‬هي البحث عن طبيعة املوجودات وحقائقها‪.‬‬
‫‪-2‬سقراط‪ :‬هي حب الحكمة‪.‬‬
‫‪-3‬أفالطون‪ :‬هي تحصيل املعرفة‪.‬‬
‫‪-4‬أرسطو‪ :‬هي علم املبادئ األول أي امليتافيزيقا‪-‬العالم اإللهي ‪ ,‬والغرض من الفلسفة ‪ :‬املعرفة والعمل‪.‬‬
‫‪-5‬الرو اقيون واإلبيقوريون‪ :‬هي معرفة الغاية عن حياة اإلنسان و أفعاله ‪ ,‬والوصول إلى السعادة حسب رغبة كل شخص‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬تعريف الفلسفة عند املسلمين‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫البحث العقلي قبل اإلسالم كان ضعيفا في بالد العرب ‪ ,‬ألنه كان قاصرا على بعض الحكم املنثورة في الشعروالنثر‪ ,‬أما البحث‬
‫العلمي الدقيق‪,‬‬
‫َ‬
‫فقد ُع ِّرف بعد اإلسالم ‪ ,‬ألن اإلسالم فتح أبواب البحث‪,‬‬
‫وقد عرف املسلمون الفلسفة بتعريفات عدة ‪:‬‬
‫‪ -1‬الكندي‪ :‬علم األشياء بحقائقها بقدرطاقة اإلنسان وتعد الفلسفة األولى أعلى مر اتب الفلسفة لشرف موضوعها‪.‬‬
‫‪-2‬الفار ابي‪ :‬معرفة الوجود الحق ‪ ,‬وهو الخالق سبحانه‪.‬‬
‫‪-3‬ابن سينا(الشيخ الرئيس ي)‪ :‬استكمال النفس البشرية بمعرفة حقائق املوجودات على ماهي عليه عن طريق العقل وعلى‬
‫قدرالوسع والطاقة‪.‬‬

‫ً‬
‫ر ابعا‪ :‬تعريف الفلسفة عند املسيحين‪:‬‬
‫ف الف‬
‫‪-------‬محاضرات الدكتور عبد الرحمن همى فى لسفة العامة ‪7------‬‬

‫كانت السيادة في هذه الفترة للكنيسة فاستفادوا من الفلسفة في البرهنة على عقائدهم ‪ ,‬والتوفيق بينها وبين العقل والعلم‪,‬‬
‫و أكثرفالسفة هذا العصر كانوا على مذهب أرسطو‪.‬‬

‫ً‬
‫خامسا‪ :‬تعريف الفلسفة في العصرالحديث‪:‬‬
‫‪-1‬تعريف ديكارت‪ :‬الفلسفة تشبه شجرة أصلها امليتافيزيقا وجذعها الفيزيقا وفروعها بقية العلوم‪.‬‬
‫‪-2‬جون لوك‪ :‬نقد العقل البشري‪.‬‬
‫‪-3‬كانت‪ :‬نقد العقل وال قدرة له على تحقيق ميتافيزيقا‪.‬‬
‫‪-4‬جون ديوي‪ :‬توضيح األفكاروعالج النزعات‪.‬‬

‫(‪)9‬هل الفلسفة علم أم ال؟‬


‫ً‬
‫االتجاه األول ‪ :‬الفلسفة ليست علما‪:‬‬
‫‪-1‬الوضعيون‪ :‬مذهب تجريبي ال يؤمنون إال باملحسوس ويرفضون املفاهيم امليتافيزيقية العامة فكل لفظ ال يمكن التحقق‬
‫منه بالتجربة فهو لفظ ال معنى له وال قيمة له وعلى ذلك فكل لفظ ميتافيزيقي(الدين‪-‬الغيب) ال معنى لها في عالم الحس ‪,‬‬
‫وأصحاب هذا املذهب ‪ :‬رودلف كارناب – ينوراث _ من فالسفة القرن العشرين ‪ ,‬وتأثر بهم د‪/‬زكي نجيب محمود وألف‬
‫كتاب(املنطق الوضعي) ‪ ,‬ويرون الفلسفة مجموعة من األفكارالغيرناضجة ‪ ,‬بعد أن انفصلت عنها العلوم ‪ ,‬لذا فهي خالية‬
‫من أي علم مفيد‪.‬‬
‫‪-2‬الوجوديون‪ :‬يقولون بأهمية اإلنسان ‪ ,‬و أنه مالك مصيره وقدره ‪ ,‬فال يوجد ش ئ سابق عليه ‪ ,‬وال يحتاج إلى موجه أو مدبر‬
‫ألمره ‪ ,‬ومن أصحاب هذا املذهب‪ :‬دينيون – ال دينيون ‪ ,‬ويون الفلسفة بعيدة عن العلم والو اقع ‪ ,‬ألن مجال بحثها ما فوق‬
‫ً‬
‫العقل ‪ ,‬لذا هي شعر أو أدب وليس علما‪.‬‬

‫ً‬
‫تعقيب ‪ :‬هذا الرأي يعتمد على انفصال العلوم عن الفلسفة وفاته أن هذه العلوم تحتاج دوما إلي الفلسفة في وضع‬
‫مناهج بحث وقواعد ضبط املصطلحات العلمية‪.‬‬
‫ويعتمد هذا الرأي على ‪ :‬أن املعرفة ما وقع تحت الحس ي ‪ ,‬وهذا أخطأ ألن املعرفة منها ما يقع تحت الحس ي ومنها ما‬
‫يستنبط بالعقل ‪ ,‬وكل ذلك معرفة‪.‬‬
‫االتجاه الثاني ‪ :‬الفلسفة علم ‪:‬‬
‫‪-1‬ألنها تبحث في املعرفة وأماكنها وشروطها ‪.‬‬
‫‪-2‬تبحث في القيم فيما ينبغي أن يكون ‪.‬‬
‫‪-3‬تبحث في اإلنسان والبدء والنهاية ‪.‬‬
‫‪-4‬تبحث في اللغة وضبط داللتها ‪.‬‬
‫‪-5‬تبحث في كل ما سبق ‪.‬‬
‫ً‬
‫الخالصة ‪ :‬الفلسفة ليست علما ‪:‬‬
‫ً‬
‫الوضعيون ‪ :‬انفصلت العلوم عن الفلسفة فأصبحت أفكارا غيرناضجة ‪.‬‬
‫ً‬
‫الوجوديون ‪ :‬الفلسفة شعرأو أدب وليست علما ‪.‬‬
‫الفلسفة علم ‪:‬‬
‫تبحث في مجال محدد ‪( :‬املعرفة – والقيم – اإلنسان – اللغة )‬
‫ف الف‬
‫‪-------‬محاضرات الدكتور عبد الرحمن همى فى لسفة العامة ‪8------‬‬
‫ً‬
‫وتبحث أيضا في كل املجاالت ‪.‬‬
‫ً‬
‫‪-1‬بحثت الفلسفة في كل ش ئ ‪ ,‬في كل ما اثار قلق اإلنسان وحيرته وتسائلت عن كل مجهول ‪ ,‬فالفيلسوف ال يحتقر شيئا كما‬
‫ً‬
‫قال بارمنييدس ‪-2.‬و أيضا تبحث عن هذه املوضوعات ‪:‬‬
‫(امليتافيزيقا – االنطولوجيا – االخالق‪ -‬املنطق‪ -‬املعرفة‪ -‬التاريخ – املجتمع‪ -‬الدين – القانون – االقتصاد)‬
‫وتدرس هذه املوضوعات باملشاركة مع العلم الخاص بها ‪ ,‬وتكون الفلسفة ضابطة ومدققه ومحققه في القواعد واملعطيات‬
‫والنتائج والتوقعات ‪.‬‬

‫(‪)10‬كيف صنف الفالسفة العلوم الفلسفية ؟‬


‫تحدث عن تصنيف العلوم الفلسفية‬
‫(أ)العلوم الفلسفية تنقسم الى نظرى وعملى‪ ،‬والنظرى هو ما تتم دراسته دون تطبيقه‪ ،‬وهذا شامل لكل أنواع الدراسة‪ ،‬من‬
‫األدب الى الطب‪ ،‬والعملى هو خروج هذا املدروس الى حيزالتطبيق‪.‬‬
‫ً‬
‫(ب)وقديما صنف أفالطون العلوم الفلسفية الى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫= علم الجدل‪ :‬ويدرس العلم اإلنسانى‪ ،‬و ما بعد الطبيعة‪.‬‬
‫= علم الطبيعة‪ :‬ويدرس الطبيعة‪ ،‬وفلسفة الطبيعة‪ ،‬وعلم النفس‪.‬‬
‫= علم األخالق‪ :‬ويدرس السلوك اإلنسانى‪.‬‬
‫(ج)أما أرسطو جعل العلم نظرى وعملى‪:‬‬
‫النظرى ما تكون غايته املعرفة‪ ،‬والعملى ما يدخل فى تدبير وتنظيم أى ش ئ فى الو اقع‪ ،‬والنظرى يشمل الطبيعة وما بعد‬
‫الطبيعة والرياضة‪ ،‬والعملى يشمل السياسة والفن واألخالق‪.‬‬
‫(د)تصنيف الفار ابى‪ :‬قسم الفلسفة الى‪:‬الفلسفة النظرية‪:‬و تشمل علم التعليم و علم الطبيعة وعلم ما بعد الطبيعة‪،‬أما‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الفلسفة العملية تشمل‪ :‬علم األخالق وعلم السياسة"و علم الفقه و علم الكالم‪.‬واعتبراملنطق علما فلسفيا‪ ،‬ثم جعله أداة‬
‫للفيلسوف‪.‬‬
‫(ه)و ابن سينا ‪:‬قسم الحكمة الى‪ :‬الحكمة النظرية‪ :‬وتشمل العلم الطبيعى والعلم اإللهى ‪ ،‬أما الحكمة العملية فتنقسم الى‬
‫مدنية ومنزلية وأخالقية‪،‬‬
‫(وـ)فى الفلسفة الحديثة‪:‬‬
‫فرنسيس بيكون‪ :‬صنف الفلسفة الى ثالثة موضوعات‪:‬‬
‫علم الطبيعة ‪ :‬وتنقسم إلى ما بعد الطبيعة أو علم العلل الصورية والغائية؛ وإلى الطبيعة أو علم العلل الفاعلية واملادية‪،‬‬
‫وهي تنقسم إلى امليكانيكا والسحر‬
‫و علم اإلنسان‪ :‬وينقسم إلى ما يتناول الجسم‪ ،‬وما يتناول النفس؛ علم العقل أو املنطق وعلم اإلرادة أو األخالق؛ وما يتناول‬
‫العالقات االجتماعية والسياسية‬
‫و عند ديكارت‪:‬الفلسفة كلها بمثابة شجرة‪ ,‬جذورها امليتافيزيقا‪ ،‬وجذعها العلم الطبيعي‪ ،‬وأغصانها باقي العلوم‪،‬‬
‫ف الف‬
‫‪-------‬محاضرات الدكتور عبد الرحمن همى فى لسفة العامة ‪9------‬‬

‫(‪ )11‬العالقة بين الفلسفة والدين‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫‪-1:‬قديما كانت هناك مجموعة من األساطيرالتي صارت مع الوقت دينا عند من يعتقدها ‪ ,‬واستعمل من اعتقدها الفلسفة‬
‫ً‬
‫للبرهنة على عقيدته ‪ ,‬وكان ذلك ممكنا ‪ ,‬ألن الفلسفة تبحث في األمور الكلية الغيبية وكذلك‪.‬‬
‫ومن هنا نفهم (الفلسفة بنت الدين وأم العلم) ألن الفلسفة نشأت من الدين أما العلم فقد نشأ منها‪.‬‬
‫‪-2‬وعلى ذلك ‪ :‬تتفق الفلسفة والدين في ‪:‬‬
‫املوضوع ‪ :‬الذي هو ‪:‬أ‪ -‬معرفة أصل الوجود وغايته (وهذا هو املوضوع النظري) ‪.‬‬
‫ب‪ -‬معرفة سبيل السعادة اإلنسانية (وهذا هو املوضوع العملي)‪.‬‬
‫الهدف ‪ :‬توضيح وبيان الطريق الذي يحقق السالمة والتعايش للبشرية‪.‬‬
‫‪-3‬انفصال الفلسفة عن الدين ‪:‬‬
‫أ‪-‬بعد أن دامت الفلسفة مع الدين في وفاق حدث االنفصال بسبب ثورة الفلسفة على الكنيسة ‪ ,‬وبدأت الفلسفة تتخذ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫منطلقا لها بعيدا عن الدين ‪ ,‬فجعلت العقل هو مصدرها وهو الذي يحدد االعتقاد وبه يكون اإليمان ‪,‬ولكن‪ :‬ال يمكن القول‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بأن االنفصال كان تاما ‪ ,‬ألن العنصرالديني في أي مفكرال بد وأن يأثرفي عقالنيته نوعا ما من التأثير‪.‬‬
‫العالقة بين الفلسفة والدين ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫بعد الصراع واالنفصال بدأ العلماء في البحث عن التوفيق بين الفلسفة والدين ووجدوا هذا التوفيق في ‪:‬‬
‫أ‪-‬وحدة املنطلق ‪.‬‬
‫ب‪ -‬الدين الصحيح يأمر بالتفلسف ‪ ,‬والفلسفة الصحيحة ال تعادي الدين ‪.‬‬
‫ً‬
‫ج‪-‬علم الكالم نموذجا للتو افق بين الفلسفة والدين ‪.‬‬
‫التفصيل ‪:‬‬
‫أ‪-‬وحدة املنطلق ‪ :‬تنطلق الفلسفة من العقل مع االعتقاد الجازم أن هناك بداية ثابتة وحقيقة واحدة هي الحق ويسعى‬
‫للوصول إليها ‪ ,‬ومعرفتها ممكنة ‪ ,‬هذا هومنطلق الفلسفة وهذا هو منطلق الدين ‪ ,‬ألن األديان تعتقد أن هناك حقيقة مطلقة‬
‫‪ ,‬وهي وجود هللا تعالى ‪.‬‬
‫وإن كان الفيلسوف من العقل واملتدين ينطلق من الوحي ‪ ,‬لكن كالهما يؤمن بحقيقة ثابتة وهي الحق املطلق ‪.‬‬
‫وما شاع من إنكار الفلسفة لإلله فهذا ناتج عن الصراع مع الفكر الكنس ي في العصور الوسطى فصوروا اإلله‬
‫بصورة رفضها الفيلسوف ‪ ,‬لكن سعى الفيلسوف من منطلق عقلي وصل به إلى إثبات الكمال ملبدع الكون ‪ ,‬وهذا هو هدف‬
‫الدين الحقيقي ‪.‬‬
‫فليس هناك خالف على وجوده بل الخالف على تصوره وصفاته ‪.‬‬

‫ب‪ -‬الدين الحق يأمربالتفلسف ‪ ,‬والفلسفة الصحيحة ال تعادي الدين ‪:‬‬


‫الدين الحق يأمر بالتفلسف ‪ ,‬ألن التفلسف هو البحث العقلي والتفكر وترك التقليد ‪ ,‬وهذا ما أمرنا هللا تعالى به‬
‫َّ‬
‫(قل انظروا‪( , )....‬أفال تتفكرون) والعقل هبة هللا لإلنسان وبه يصل إلى الحق وبه يعرف أدلة صدق الرسل وبه ُيت َبع ‪.‬‬
‫ً‬
‫والفلسفة الصحيحة تعرف أن لها حدودا وال تتعداها ‪ ,‬وال يمكن لها إال إقامة األدلة العقلية والبرهنة على‬
‫املعتق دات ‪ ,‬فالعقل يصل إلى وجود هللا تعالى والبرهنة على وجوده ‪ ,‬والوحي يأتي بالصفات اإللهية واألوامروالنواهي ‪ ,‬ويؤكد‬
‫ما وصلت الفلسفة‬
‫ف الف‬
‫‪-------‬محاضرات الدكتور عبد الرحمن همى فى لسفة العامة ‪10------‬‬

‫أما امللحدون فليسوا فالسفة ‪ ,‬إنما هي نزعة نفسية وثورة ضد توجه محدد في وقت معين ‪ ,‬وليس لهم أي فلسفة‬
‫عقلية صحيحة كل كالمهم (شوبنهور – سارتر‪ ).... -‬كالم أدبي قصص ي ‪ ,‬أقاويل لكن ليست لهم نظم فلسفية عقلية محددة‬
‫‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا ‪ :‬الفلسفة والدين طريق واحد ‪.‬‬
‫والسؤال ‪ :‬كيف تفسر الصدام الحاصل بين الفلسفة والدين ؟‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫هذا ليس صداما حقيقيا و إنما هو رد فعل من الفالسفة ضد نوع معين من رجال الدين ولكنه ليس صراع بين الفلسفة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والدين ‪ ,‬ولذلك إذا وجدت رجل دين تسلط وتحكم في املفكر ‪ ,‬ووجدت مفكرا جريئا فاعلم أن الصدام لتسلط رجل الدين‬
‫ولجرءة املفكروليس للفلسفة والدين ‪.‬‬
‫وعلى ذلك ‪ :‬وجدنا من حاول التوفيق بين الدين والفلسفة بجعل الفلسفة تختبر صحة اإليمان بإقامة البرهان ‪,‬‬
‫فإذا ثبت وجوب التسليم بما يأتي به النبي ألن األصول الثابتة يثبت ما قام عليها ‪.‬‬
‫الخالصة ‪ :‬الفلسفة والدين يسيران في سبيل واحد وإذا طرأ فساد من رجل الدين أو تعنت من الفيلسوف هنا فقط‬
‫يحدث الصدام‪.‬‬

‫ً‬
‫ج‪-‬علم الكالم نموذجا للتوفيق بين الفلسفة والدين ‪:‬‬
‫علم الكالم ‪ ( :‬اإلسالمي – املسيحي ) هو علم العقائد وفيه الدفاع عن املعتقدات باألدلة العقلية ورد شبهات‬
‫ً‬
‫املخالفين ‪ ,‬وقد بدأ علم الكالم اإلسالم أو علم الالهوت املسيحي بسيطا في إقامة األدلة على العقيدة ‪ ,‬ثم استفادوا من‬
‫ً‬
‫الفلسفة في صياغة البراهين العقلية املنطقية ‪ ,‬وهذا يعد تو افقا واستفادة حقيقية من التوفيق بين الدين والفلسفة ‪.‬‬
‫وهناك تكامل بين علم الكالم وفلسفة الدين ‪:‬‬
‫أ‪-‬علم الكالم ‪:‬‬
‫‪-1‬يقيم األدلة العقلية على العقيدة ‪.‬‬
‫‪-2‬يدفع الشبهات ‪.‬‬
‫ب‪-‬فلسفة الدين ‪:‬‬
‫‪-1‬تبحث في مصدرالدين – ومعناه – وفائدته – وفائدة املعرفة التي يأتي بها ‪.‬‬
‫‪-2‬تبحث في مصطلحات علماء الكالم واألديان مثل (الوحي – العصمة – املعجزة – العبادة ) ‪.‬‬

‫(‪ )12‬موقف اإلسالم والفلسفة‬


‫قبل اإلسالم لم تكن لدي العرب فلسفة متكاملة ‪ ,‬و إنما كانت هناك بعض الحكم واملجربات الطبية مخلوطة بكثير‬ ‫‪-1‬‬
‫من الخر افة وتوهم فعل الجن في جسم اإلنسان ‪ ,‬واهتم باإلنسان والعقل ‪.‬‬
‫‪-‬جاء اإلسالم واهتم باإلنسان والعقل ‪.‬‬ ‫•‬
‫أ‪-‬اهتمام اإلسالم باإلنسان ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ ً‬
‫خلق هللا اإلنسان خليفة في األرض – مكرما – وهيئ له األرض و أنزل له دستورا سماويا ينظم له حياته وفي هذا الدستور أمر‬
‫بالتكليف وأصل التكليف العقل الذي به التفكروالتأمل للوصول إلى وجوده تعالى قال ‪ (:‬وسخرلكم ما في السماوات وما في‬
‫ً‬
‫األرض جميعا منه إن في ذلك آليات لقوم يتفكرون)‬
‫ب‪-‬اهتمام اإلسالم بالعقل ‪:‬‬
‫ف الف‬
‫‪-------‬محاضرات الدكتور عبد الرحمن همى فى لسفة العامة ‪11------‬‬

‫‪ -1‬عظم اإلسالم العقل ومن مظاهرتعظيمه أن وصفه بصفات متعددة (القلب – الفؤاد) وعدد أفعاله (يعقلون – يفقهون‬
‫ً‬
‫–يتفكرون –ينظرون – يبصرون )تنبيها على أهمية وضرورة االستفادة منه ‪ ,‬وذلك ألن العقل يعصم الغير‪ ,‬ويدرك الحقائق‬
‫– ويميزبين األمور حتى قال الغزالي (العقل أنموذج من نور هللا تعالى )‪.‬‬
‫‪-2‬واستنكر اإلسالم اهمال العقل وذم املقلدين فقال (لهم قلوب ال يفقهون بها ولهم أعين ال يبصرون بها ولهم آذان ال‬
‫يسمعون بها أولئك كاألنعام بل هم أضل )‬

‫ج‪-‬كيف مهد اإلسالم الطريق أمام العقل ؟‬

‫‪-1‬رفض التبعية والتقليد ‪.‬‬


‫‪-2‬القضاء على الجدل والخر افات‪.‬‬
‫‪-3‬التركيزعلى مسئولية الفرد ‪.‬‬
‫‪-4‬التحرر من الخوف ‪.‬‬
‫دور اإلسالم في تطور الفكر الفلسفي‬
‫‪-1‬اإلسس‬
‫ً‬
‫وضع اإلسالك أسسا لتطور الفكر ‪ ,‬هذه األسس هي ‪:‬‬
‫أ‪(-‬فأما الزبد فيذهب جفاء ‪ ,‬وأما ما ينفع الناس فيمكث في األرض) ‪ ,‬وهذه حقيقة جعلت املسلمين يبحثون عن املعرفة‬
‫الحقة ويقبلونها أما املزيفة الكاذبة فال يقبلونها بأي حال من األحوال ‪.‬‬
‫ب‪(-‬الحكمة ضالة املؤمن) ‪ ,‬وهذه حقيقة جعلتهم يقبلون أي مغرفة من أي مصدر ثم يبحثونها في ظل الحكمة السابقة‬
‫ويستفيدون بالصحيح ويزيدونه‬
‫ج‪(-‬طلب العلم فريضة) ‪ ,‬وهذا دعاهم لتحصيل املعرفة واالستفادة منها بصورة إيجابية فعالة ‪.‬‬
‫وهذه األسس التي وضعها اإلسالم لم تكن نظرية بل عملية ‪ ,‬طبقوها و أتاحوا الفرصة للعقل يفكرويبدع كما شاء‬
‫‪.‬‬
‫‪-2‬شواهد القرآن في تطوير الفكر ‪:‬‬
‫أعطي القرآن أساليب التفكيروصوره في نماذج تعلن الحرية والصدق مثال ذلك في ‪ :‬أ‪-‬الحوارمع منكر البعث ‪:‬‬
‫=املنكرللبعث له حوارخاص وهو بيان أن مصادرمعرفته ظنية ال يقينه وال تصح مصادرللمعرفة ‪.‬‬
‫=فعندما قالوا (ما هي إال حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إال الدهر) كشف لهم القرآن أن معلوماتهم ظنية (وما لهم‬
‫بذلك من علم إن هم إال يظنون)‪.‬‬
‫ُ‬
‫=وضع الرد املنطقي فقال ‪( :‬قل يحييها الذي أنشأها أول مرة) وال يستطع املنكرأنها أنشأت ألنها بين يديه ‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا يعيدها للحياة الذي أنشأها وهو هللا تعالى ‪.‬‬
‫حوارإبراهيم (عليه السالم)مع قومه ‪( :‬حواراأللوهية)‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫=تسلسل مع قومه الذين يعبدون النجوم ‪ ,‬وجاراهم فقال هذا ربي ‪ ,‬فلما غاب هذا النجم استنكر إبراهيم أن يكون اإلله‬
‫ً‬
‫غائبا وينقص ويزيد في حجمه ‪.‬‬
‫=ثم انتهى إلى أن هللا تعالى هو خالق هذه املوجودات وكلها في ملكوته وكلها تصل بنا إلى اليقين بوجوده (وكذلك نري إبراهيم‬
‫ملكوت السماوات واألرض وليكون من املوقنين)‪.‬‬
‫‪-3‬و اقع املسلمين في القرن التاسع والعاشر امليالدي يشهد بحرية الفكر ‪.‬‬
‫ف الف‬
‫‪-------‬محاضرات الدكتور عبد الرحمن همى فى لسفة العامة ‪12------‬‬

‫أ‪-‬عظماء العلماء والفالسفة خرجوا في ظل اإلسالم (الكندي – الفار ابي ابن سينا – ابن رشد – الغزالي – ابن طفيل )حتى‬
‫من غيراملسلمين‪.‬‬
‫ً‬
‫فقد نقلوا الفكراليوناني ‪ ,‬ونقدوه وأخرجوا منه الزيف الفاسد و أبدعوا عليه جديدا وتركوا لألجيال التي جاءت بعدهم بناء‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فلسفيا بذلوا فيه جهدا وال زال يحتاج إلى إتمام ‪.‬‬
‫ألن البناء الفكري ال يقف عند جيل بعينه ‪.‬‬
‫ب‪-‬وقد استفاد الغرب من هذا البناء الفكري في كل مجاالت الحياة‬
‫=استفاد ديكارت من الغزالي ‪.‬‬
‫=استفادوا في الجبرمن الخوارزمي (اللوغاريتمات )‪.‬‬

‫‪-4‬نماذج لألفكارالهامة التي أعطاها اإلسالم للعقل ‪:‬‬


‫االجتهاد (االستقالل العقلي) ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫=االجتهاد ‪ :‬هو االعتماد على العقل في استنباط األحكام الشرعية التي لم يرد فيها نص صريح ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫=وهذا املبدأ كان ‪ :‬ضروريا لدوام تجرد اإلسالم ‪ ,‬ألن الوحي انقطع وال وصاية ألحد على العقل ‪ ,‬لذا كان ضروريا وجود هذا‬
‫املبدأ لفهم ما يستجد من أحداث ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وكان أيضا مؤكدا الحترام الدين للعقل وإعطاءه حقه ‪.‬‬
‫وكان له أثره في إثراء الدراسات الفقهية الذي نتج عنه املذاهب الفقهية الكبرى – وأصول الفقه ‪.‬‬
‫=كما أن الدين أعطى العقل حق االجتهاد وأمنه من املخاوف في الوقوع في الخطأ ‪ ,‬فهذا أمروارد لذا كانت القاعدة الشرعية‬
‫(من اجتهد فأخطأ فله أجر‪ ,‬ومن اجتهد فأصاب فله أجران )‪.‬‬
‫=وسند االجتهاد ‪-1:‬لعلم الذين يستنبطونه منهم ‪.‬‬
‫ً‬
‫‪-2‬ملا أرسل النبي صلى هللا عليه وسلم معاذ بن جبل واليا على اليمن ‪ ,‬قال له كيف تقض ي إذا عرض لك القضاء قال له معاذ‬
‫‪ :‬أقض ي بكتاب هللا ‪,‬قال ‪ :‬فإن لم تجد ‪,‬قال ‪ :‬فبسنة رسول هللا عليه الصالة والسالم ‪ ,‬قال ‪ :‬فإن لم يكن في سنة رسول؟ قال‬
‫‪ :‬أجتهد ر أيي ‪ .‬ورض ي النبي صلى هللا عليه وسلم كل ذلك ومدحه عليه ودعا له ‪.‬‬
‫ب‪-‬مبدأ الوسطية ‪(:‬التوفيق) ‪:‬‬
‫=اإلسالم دين الوسطية ‪ :‬ألن تركيب اإلنسان من روح وجسد لذا حفظ اإلنسان حق الروح وحق الجسد ولم يهتم بأحدهما‬
‫على حسب اآلخر ‪ ,‬قال هللا تعالى ‪( :‬و ابتغ فيما ءاتاك هللا الداراآلخرة وال تنس نصيبك من الدنيا )‬
‫وملا جاء ثالثة نفرلبيت النبي صلى هللا عليه وسلم يسألون عن عبادته وقرروا أن يصوم أحدهم وال بفطر ‪ ,‬والثاني يصلي وال‬
‫يرقد ‪ ,‬والثالث ال يتزوج النساء ‪ ,‬فعلم النبي عليه الصالة والسالم بذلك فرفض مذهبهم فأما أنا أصوم و أفطروأصلي وأرقد‬
‫و أتزوج النساء ‪ ,‬فمن رغب عن سنتي فليس مني ‪.‬‬
‫=هذه الوسطية في مسألة الدين والعقل ‪ :‬فقد نزل النص الديني يفتح اآلفاق أمام العقل ويدعوه للبحث ويعطيه الحرية‬
‫وال يعاقبه على الخطأ ‪ ,‬وبذلك ال يوجد في اإلسالم صراع بين الدين والعقل ‪ ,‬وال يوجد مبرر للخروج عن الدين ورفضه فإذا‬
‫كانت أوروبا وصلت لترك الدين وقيام العلمانية فلها مبرراتها (ضغط الكنيسة على العقل وحجبه عن العمل )‪.‬‬
‫أما في اإلسالم فالعقل حروال تضييق عليه ‪.‬‬
‫=أقوال الفالسفة في التوفيق بين الدين والعقل ‪:‬‬
‫‪-1‬قال ابن مسكوية ‪ :‬كالهما يهدف إلى سعادة اإلنسان ‪.‬‬
‫‪-2‬قال ابن حزم ‪ :‬كالهما يهدف إلى إصالح اإلنسان ‪.‬‬
‫ف الف‬
‫‪-------‬محاضرات الدكتور عبد الرحمن همى فى لسفة العامة ‪13------‬‬

‫‪-3‬قال الكندي ‪ :‬غايتهما واحدة ‪.‬‬


‫‪-4‬قال الفار ابي ‪ :‬كالهما يعطي علم املبدأ أو الغاية (معرفة هللا تعالى ‪ ,‬وسعادة اإلنسان ) ‪.‬‬
‫قال ابن سينا ‪ :‬كل أقسام الفلسفة تتفق مع الدين ‪ ,‬ومن ضل من الفلسفة فلقصور فكره ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫قال ابن الطفيل ‪ :‬له قصة مشهورة (حرية يقظان )يصل فيها بالعقل إلى الدين ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫قال ابن رشد ‪ :‬في كتابه (فصل املقال )‪ :‬يقرر أن الحق واحد في الدين والفلسفة ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫قال الغزالي ‪ :‬العقل أساس والدين بناء (فالداعي إلى عزل العقل جاهل واملكتفي بالعقل مغرور) ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫المعرفة‬
‫الوجود‬
‫القيم‬

You might also like