Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 5

‫إعداد الطالب‪ :‬جنيب علوي بن أمحد اجلفري‬

‫السؤال األول‪ :‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐﲔﲕﲖﲗﲘﱠ هل اجلنة اليت أمر هللا سيدان آدم عليه السالم أن يسكنها هي‬
‫جنة اخللد أو جنة من جنان األرض؟‬

‫اجلواب‪ :‬ذكر املفسرون أن فيها أربعة أقوال‪:‬‬


‫• القول األول‪ :‬هذه اجلنة هي دار الثواب‪ .‬ذكره الرازي‪ 1‬واخلازن‪ 2‬والبيضاوي‪ 3‬وابن عطية‪ 4‬وابن اجلوزي‪ 5‬وابن‬
‫عاشور‪ 6‬وأبو السعود‪ 7‬واآللوسي‪ 8‬والقرطب‪ 9‬ورجحوه إال ابن اجلوزي مل يرجح أي قول‪.‬‬
‫والدليل عليه أن األلف والالم يف لفظ اجلنة ال يفيدان العموم ألن سكىن مجيع اجلنان حمال‪ ،‬فال بد من صرفها‬
‫إىل املعهود السابق واجلنة اليت هي املعهودة املعلومة بني املسلمني هي دار الثواب‪ ،‬فوجب صرف اللفظ إليها‪.‬‬
‫• القول الثان‪ :‬هذه اجلنة كانت يف األرض‪ ،‬ومحل اإلهباط على االنتقال من بقعة إىل بقعة كما يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫‪16‬‬
‫{اهبطوا مصرا}‪ .‬ذكره الرازي‪ 10‬واخلازن‪ 11‬والبيضاوي‪ 12‬وابن عطية‪ 13‬وابن اجلوزي‪ 14‬وابن عاشور‪ 15‬وأبو السعود‬
‫واآللوسي‪ 17‬والقرطب‪ 18‬وقال إنه قول املعتزلة والقدرية ووصفه ابلبدعة‪.‬‬
‫وأدلة هذا القول‪:‬‬
‫‪19‬‬

‫أحدها‪ :‬أن هذه اجلنة لو كانت هي دار الثواب لكانت جنة اخللد ولو كان آدم يف جنة اخللد ملا حلقه‬
‫الغرور من إبليس بقوله‪{ :‬هل أدلك على شجرة اخللد وملك ال يبلى} وملا صح قوله‪{ :‬ما هناكما ربكما‬
‫عن هذه الشجرة إال أن تكوان ملكني أو تكوان من اخلالدين}‬

‫‪ 1‬انظر مفاتيح الغيب‪ ،‬الرازي (‪)452/3‬‬


‫‪ 2‬انظر لباب التأويل يف معاين التنزيل‪ ،‬اخلازن (‪)38/1‬‬
‫‪ 3‬انظر أنوار التنزيل وأسرار التأويل‪ ،‬البيضاوي (‪)72/1‬‬
‫‪ 4‬انظر احملرر الوجيز‪ ،‬ابن عطية (‪)126/1‬‬
‫‪ 5‬انظر زاد املسري‪ ،‬ابن اجلوزي (‪)55/1‬‬
‫‪ 6‬انظر التحرير والتنوير‪ ،‬ابن عاشور (‪)430/1‬‬
‫‪ 7‬انظر إرشاد العقل السليم إىل مزااي الكتاب الكرمي‪ ،‬أبو السعود (‪)90/1‬‬
‫‪ 8‬انظر روح املعاين‪ ،‬اآللوسي (‪)234/1‬‬
‫‪ 9‬انظر اجلامع ألحكام القرآن‪ ،‬القرطب (‪)302/1‬‬
‫‪ 10‬انظر مفاتيح الغيب‪ ،‬الرازي (‪)452/3‬‬
‫‪ 11‬انظر لباب التأويل يف معاين التنزيل‪ ،‬اخلازن (‪)38/1‬‬
‫‪ 12‬انظر أنوار التنزيل وأسرار التأويل‪ ،‬البيضاوي (‪)72/1‬‬
‫‪ 13‬انظر احملرر الوجيز‪ ،‬ابن عطية (‪)126/1‬‬
‫‪ 14‬انظر زاد املسري‪ ،‬ابن اجلوزي (‪)55/1‬‬
‫‪ 15‬انظر التحرير والتنوير‪ ،‬ابن عاشور (‪)430/1‬‬
‫‪ 16‬انظر إرشاد العقل السليم إىل مزااي الكتاب الكرمي‪ ،‬أبو السعود (‪)90/1‬‬
‫‪ 17‬انظر روح املعاين‪ ،‬اآللوسي (‪)234/1‬‬
‫‪ 18‬انظر اجلامع ألحكام القرآن‪ ،‬القرطب (‪)302/1‬‬
‫‪ 19‬مفاتيح الغيب‪ ،‬الرازي (‪)452/3‬‬
‫واثنيها‪ :‬أن من دخل هذه اجلنة ال خيرج منها لقوله تعاىل‪ :‬وما هم منها مبخرجني‪ .‬أجاب عليه ابن عطية؛‬
‫قال‪ [ :‬وهذا ال ميتنع‪ ،‬إال أن السمع ورد أن من دخلها مثااب ال خيرج منها‪ ،‬وأما من دخلها ابتداء كآدم‬
‫فغري مستحيل وال ورد مسع أبنه ال خيرج منها]‪.1‬‬
‫واثلثها‪ :‬أن إبليس ملا امتنع عن السجود لعن فما كان يقدر مع غضب هللا على أن يصل إىل جنة اخللد‪.‬‬
‫ورابعها‪ :‬أن اجلنة اليت هي دار الثواب ال يفىن نعيمها لقوله تعاىل‪ :‬أكلها دائم وظلها [الرعد‪ ]35 :‬ولقوله‬
‫تعاىل‪ :‬وأما الذين سعدوا ففي اجلنة خالدين فيها إىل أن قال‪{ :‬عطاء غري جمذوذ} أي غري مقطوع‪ ،‬فهذه‬
‫اجلنة لو كانت هي اليت دخلها آدم عليه السالم ملا فنيت‪ ،‬لكنها تفىن لقوله تعاىل‪{ :‬كل شيء هالك إال‬
‫وجهه} وملا خرج منها آدم عليه السالم لكنه خرج منها وانقطعت تلك الراحات‪.‬‬
‫وخامسها‪ :‬أنه ال جيوز يف حكمته تعاىل أن يبتدئ اخللق يف جنة خيلدهم فيها وال تكليف ألنه تعاىل ال‬
‫يعطي جزاء العاملني من ليس بعامل وألنه ال يهمل عباده بل ال بد من ترغيب وترهيب ووعد ووعيد‪.‬‬
‫وسادسها‪ :‬ال نزاع يف أن هللا تعاىل خلق آدم عليه السالم يف األرض ومل يذكر يف هذه القصة أنه نقله إىل‬
‫السماء‪ ،‬ولو كان تعاىل قد نقله إىل السماء لكان ذلك أوىل ابلذكر ألن نقله من األرض إىل السماء من‬
‫أعظم النعم‪ ،‬فدل ذلك على أنه مل حيصل‪ ،‬وذلك يوجب أن املراد من اجلنة اليت قال هللا تعاىل له‪{ :‬اسكن‬
‫أنت وزوجك اجلنة} جنة أخرى غري جنة اخللد‪.‬‬
‫• القول الثالث‪ :‬هذه اجلنة كانت يف السماء السابعة‪ .‬ذكره الرازي‪ 2‬وأبو السعود‪ 3‬واآللوسي‬
‫‪4‬‬

‫والدليل عليه قوله تعاىل‪ :‬اهبطوا منها [البقرة‪ ،]38 :‬مث إن اإلهباط األول كان من السماء السابعة إىل السماء‬
‫األوىل‪ ،‬واإلهباط الثاين كان من السماء إىل األرض‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫• والقول الرابع‪ :‬أن كل األقوال ممكن وال وجه للقطع أبحد هذه األقوال‪ .‬ذكره الرازي‪ 5‬واخلازن‪ 6‬وأبو السعود‬
‫واآللوسي‪.8‬‬

‫تعاىلﭐﭐﱡﭐﲺﲻﲼﲽﲾﲿﳀ ﳁﳂ ﳃ‬ ‫السؤال الثان‪ :‬قال تعاىلﭐﱡﭐﳘﳙﳚﳛﳜﳝﳞﱠ وقال‬


‫ﳄﱠ ما التوفيق بني اآليتني؟‬
‫اجلواب‪ :‬قال اإلمام الرازي وأما قوله ﱡﭐﳘﳙﳚﳛﳜﳝﳞﱠ ففيه وجوه‪:‬‬

‫‪ 1‬احملرر الوجيز‪ ،‬ابن عطية (‪)126/1‬‬


‫‪ 2‬انظر مفاتيح الغيب‪ ،‬الرازي (‪)452/3‬‬
‫‪ 3‬انظر إرشاد العقل السليم إىل مزااي الكتاب الكرمي‪ ،‬أبو السعود (‪)90/1‬‬
‫‪ 4‬انظر روح املعاين‪ ،‬اآللوسي (‪)235/1‬‬
‫‪ 5‬انظر مفاتيح الغيب‪ ،‬الرازي (‪)452/3‬‬
‫‪ 6‬انظر لباب التأويل يف معاين التنزيل‪ ،‬اخلازن (‪)38/1‬‬
‫‪ 7‬انظر إرشاد العقل السليم إىل مزااي الكتاب الكرمي‪ ،‬أبو السعود (‪)90/1‬‬
‫‪ 8‬انظر روح املعاين‪ ،‬اآللوسي (‪)235/1‬‬
‫األول‪ :‬يعين ال تطلب مين أتخري العذاب عنهم فإين قد حكمت عليهم هبذا احلكم‪ ،‬فلما علم نوح عليه السالم‬
‫ﭐﱡﭐﲺﲻﲼﲽﲾﲿﳀﳁﳂ ﳃ ﱠ‬ ‫ذلك دعا عليهم بعد ذلك وقال‪:‬‬
‫الثاين‪ :‬وال ختاطبين يف تعجيل ذلك العقاب على الذين ظلموا‪ ،‬فإين ملا قضيت إنزال ذلك العذاب يف وقت معني‬
‫كان تعجيله ممتنعا‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫الثالث‪ :‬املراد ابلذين ظلموا امرأته وابنه كنعان‪.‬‬

‫السؤال الثالث‪ :‬قال الدكتور فضل حسن عباس يف بيان قصة سيدان لوط يف سورة احلجر‪[ :‬والذي جاء يف سورة هود أن‬
‫الرسل جاؤوا لوطاً أما هنا فذكر أن جميئهم آلل لوط‪ ،‬ويف هذا من ا ِإليناس وا ِإلكرام له ‪ -‬عليه السالم – ما ال خيفى‪ ،‬مث‬
‫أن ما يف‬‫تذكر اآلايت الكرمية بعد ذلك يف سورة احلجر أن أهل املدينة جاؤوا مستبشرين فرحني‪ ،‬ويرى بعض املفسرين َّ‬
‫اآلايت من ابب التقدمي والتأخري؛ فمجيء أهل املدينة كان قبل بشارة املالئكة لوطاً أبهنم جاءوه بعذاب أولئك‪ ،‬والواو ال‬
‫تفيد ترتيباً‪ .‬ونقل صاحب روح املعاين عن ابن عطية أن ما قاله لوط ألهل املدينة مما قصته السورة الكرمية من أن أولئك‬
‫ضيفه فال ينبغي أن يفضحوه ابالعتداء عليهم‪ ،‬وأمره هلم بتقوى هللا وهنيه هلم عن خزيه وإذالله؛ إمنا كان على سبيل التبكيت‬
‫هلم‪ ،‬وإخفاء العذاب الذي سيصيبهم عنهم‪ ،‬ولقد ضعف أبو الفضل الشهاب األلوسي ‪-‬رمحه هللا – ما ذكره ابن عطية‬
‫وصار مع اجلمهور فيما قالوه من أن ابقي القصة من ابب التقدمي والتأخري‪ .‬ولكن الذي يبدو يل بعد إجالة وإمعان ‪ -‬وهللا‬
‫عالمة الرافدين ملا قاله عالمة األندلس رمحهما هللا‪ ،‬فيه نظر وال نستطيع أن نسلاِمه له‪ ،‬بل قول‬
‫أعلم مبا ينزل ‪ -‬أن تضعيف ا‬
‫عالمة األندلس جدير ابلتأمل والنظر‪ ،‬والذي يظهر يل أنه أوىل ابلقبول‪ ،‬وأن ليس يف اآلية تقدمي وأتخري‪ 2].‬هل صح نقله‬
‫أوًل هل بشارة املالئكة هبالك قوم لوط أو جميء قومه له؟‬ ‫عن ابن عطية واآللوسي‪ ،‬وما الذي حدث ا‬
‫اجلواب‪ :‬قال ابن عطية يف تفسريه ما نصه‪[ :‬وقوله‪َ { :‬وجاءَ أ َْه ُل الْ َم ِدينَ ِة} حيتمل أن رجع الوصف أمر جرى قبل إعالم‬
‫لوط هبالك أمته‪ ،‬ويدل على هذا أن حماجة لوط لقومه تقتضي ضعف من مل يعلم إهالكهم‪ ،‬وأن األضياف مالئكة‪ ،‬وحيتمل‬
‫{وجاءَ أ َْه ُل الْ َم ِدينَ ِة} أن يكون بعد علمه هبالكهم‪ ،‬وكان قوله ما أييت من احملاورة على جهة التهكم عنهم واإلمالء هلم‬
‫قوله َ‬
‫والرتبص هبم‪ .‬قال القاضي أبو حممد‪ :‬واًلحتمال األول عندي أرجح‪ ،‬وهو الظاهر من آايت غري هذه السورة‪].‬‬
‫‪3‬‬

‫وقال اآللوسي يف تفسريه ما نصه‪َ {[ :‬وجاءَ أ َْه ُل الْ َم ِدينَ ِة} شروع يف حكاية ما صدر من القوم عند وقوفهم على‬
‫مكان األضياف من الفعل وما ترتب عليه مما أشري إليه أوال على سبيل اإلمجال‪ ،‬وهذا مقدم وقوعا على العلم هبالكهم كما‬
‫مسعت والواو ال تدل على الرتتيب‪ ،‬وقال ابن عطية‪ :‬حيتمل أن يكون هذا بعد العلم بذلك وما صدر منه عليه السالم من‬
‫احملاورة معهم كان على جهة التكتم عنهم واإلمالء هلم والرتبص هبم‪ ،‬وال خيفى أن كون املساءة وضيق الذرع من ابب التكتم‬
‫‪4‬‬
‫واإلمالء أيضا مما أيىب عنه الطبع السليم‪].‬‬

‫‪ 1‬مفاتيح الغيب‪ ،‬الرازي (‪)345/17‬‬


‫‪ 2‬القصص القرآين إحياؤه ونفحاته‪ ،‬د‪ .‬فضل حسن عباس (‪)198‬‬
‫‪ 3‬احملرر الوجيز‪ ،‬ابن عطية (‪)369-368/3‬‬
‫‪ 4‬روح املعاين‪ ،‬اآللوسي (‪)314/7‬‬
‫{وجاءَ أ َْه ُل الْ َم ِدينَ ِة} احتمالني‪:‬‬
‫اخلالصة‪ :‬أن ابن عطية ذكر يف قوله تعاىل َ‬
‫‪ -1‬األول‪ :‬أنه حصل قبل إخبار املالئكة هبالك قوم لوط عليه السالم بدليل ما قاله سيدان لوط لقومه {إِ َّن‬
‫ون}‪ .‬وهذا ما رجحه ابن عطية‬ ‫ضح ِ‬ ‫هؤَال ِء ِ‬
‫ضْيفي فَ َال تَ ْف َ ُ‬
‫َُ َ‬
‫‪ -2‬الثاين‪ :‬أنه حضل بعد إخبار املالئكة هبالكهم‪ .‬وقوله لوط عليه السالم لقومه إمنا على جهة التهكم عنهم‪.‬‬
‫مث ما ذكره اآللوسي من تفسري هذه اآلية أبن وقوع جميء قوم لوط له قبل إخبار املالئكة هبالكهم موافق ملا هو‬
‫راجح عند ابن عطية‪ .‬وما نقله عن ابن عطية وضعفه هو االحتمال الثاين الذي هو مرجوح عند ابن عطية‪.‬‬
‫فاآللوسي موافق البن عطية يف هذه املسألة‪.‬‬

‫وهللا أعلم‬

You might also like