Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 5

‫األمة‬

‫واخلروج من التبعية‬
‫ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻲ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻋﺸﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻦ ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ‪ :‬ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ‬
‫املقدمة‬
‫ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺑﺎﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ‪ -‬ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ)ﻣؤﻟﻒ(‬ ‫ﻣؤﻟﻒ‪:‬‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل‪ ،‬وعلى آله وصحبه أمجعني‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫ِحلته‪ ،‬وســائر أحواله وعوائده‪ ،‬والســبب في ذلك أن النفس‬‫بالغالب في شــعاره وزيه ون ْ‬ ‫«املغلوب مولع أب ًدا باالقتداء‬
‫‪2017‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫أبــ ًدا تعتقــد الكمال في من غلبها وانقادت إليه؛ إما لنظره بالكمال مبا وقر عندها من تعظيمه‪ ،‬أو ملا تغالط به من أن‬
‫ﺍﻟﺮﻳﺎﺽ‬ ‫ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻧﻌﻘﺎﺩ ﺍﻟﻤؤﺗﻤﺮ‪:‬‬
‫انقيادها ليس لغلب طبيعي إمنا هو لكمال الغالب» (ابن خلدون)‪.‬‬
‫ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‬ ‫ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﺴؤﻭﻟﺔ‪:‬‬
‫الشــهير‪ 5‬اإلطار السياســي واالجتماعي والنفسي حلالة التبعية التي ترزح حتتها األمة منذ‬
‫‪-7‬‬
‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪ :‬خلدون في نصه‬
‫يقرر ابن‬
‫أمد بعيد‪ ،‬ولكن تفاوتت درجة التبعية وصورها حتى أخذت صو ًرا تكاد تستغرق األمة فيها منذ ما يقرب من قرن حتى‬
‫‪804531‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫صارت حالة التبعية حالة أصيلة وليست طارئة‪.‬‬
‫ﺑﺤﻮﺙ ﺍﻟﻤؤﺗﻤﺮﺍﺕ‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫املدلول احلديث ملفردة التبعية ‪-‬ألنها حالة حديثة لم تعرفها احلضارة اإلسالمية من قبل؛‬
‫‪Arabic‬‬ ‫واملتتبع للقاموس العربي لن يجد‬
‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬‬
‫‪ HumanIndex‬الفرد خاضعني لهيمنة وســلطة اآلخر بشــكل تتماهى معه معالم ومقومات‬
‫رائدة‪ -‬أن تكون األمة‪ /‬اجلماعة‪/‬‬ ‫أمة‬ ‫كانت‬ ‫ألنها‬
‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫هويته وحضارته ومكامن قوته حتى يكون التابع في حالة من االستسالم إلرادة املتبوع‪..‬‬
‫ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ‪ ،‬ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫ال حيث‬ ‫وقد حذر النبي ‪ #‬من هذه التبعية في صورة اإلخبار مبا سيحدث مستقب ً‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/804531‬قال‪« :‬لتتبعن سنن من كان قبلكم‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬
‫وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم‪ .‬قلنا يا رســول الله‪ :‬اليهود والنصارى؟ قال‪ :‬فمن»؟!‬ ‫ً‬ ‫شــب ًرا بشــبر‪،‬‬
‫َ‬
‫كما جاءت التحذيرات القرآنية عن مواالة اليهود والنصارى {ا َّلذِ ي َن يُ َحارِ بُو َن اللَّ َه َو َر ُسولَ ُه َويَ ْس َع ْو َن فِ ي ْال ْر ِ‬
‫ض َف َسا ًدا}‬
‫[املائدة‪ ،]33 :‬وعن اتباع قوى االستكبار الذين يفسدون في األرض وال يصلحون‪.‬‬

‫وحدي ًثا قام علماء االجتماع واالقتصاد املنتمون ملدرسة أمريكا الالتينية بوضع أساس تنظريي عن التبعية‬
‫وكان مرك ًزا على ال ُبعد االقتصادي حمددًا معاني التبعية فيما يلي‪:‬‬
‫يتوسع أحدهما على حساب اآلخر‪ ،‬ويجعل تطوره تاب ًعا لتطور األول‪.‬‬
‫َّ‬ ‫‪ -‬عالقة جتمع بني اقتصادين‪،‬‬
‫‪ -‬شــبكة مــن العالقات غير متكافئة جتمع بــن دولتني أو مجموعة من الدول‪ ،‬تخضــع مبقتضاها الدولة أو الدول‬
‫الضعيفة إلرادة الدول األقوى تسلبها حق ممارسة سيادتها في الشأن الداخلي واخلارجي‪.‬‬
‫‪ -‬حالــة مــن الضعف والتخلف الشــاملني يكون عليها بلد أو مجموعة من البلــدان ترغب في اخلروج من أوضاعها‬
‫املتخلفة‪ ،‬وتلحق مبســار البلدان املتقدمة دون أن تتمكن من حتقيق ذلك فتقع مباشــرة في دائرة الهيمنة واالســتالب‬
‫للدول املتقدمة‪.‬‬
‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‬
‫‪ -‬التبعية إحدى جتليات الرأسمالية واإلمبريالية‪ ،‬تخدم مصالح واستراتيجيات الدول الغنية في التنمية االقتصادية‬
‫ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ‬
‫ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫والهيمنة السياسية‪.‬‬
‫األمة‬
‫واخلروج من التبعية‬
‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬

‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬
‫ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‪ .(2017) .‬ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ‪.‬ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻲ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻋﺸﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻦ ﻣﺠﻠﺔ‬
‫املقدمة‬
‫ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ‪ :‬ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺮﻳﺎﺽ‪ :‬ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪- 5 ،‬‬
‫‪ .7‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ ‪804531/Record/com.mandumah.search//:http‬‬
‫‪ MLA‬رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل‪ ،‬وعلى آله وصحبه أمجعني‪ ،‬وبعد‪:‬‬ ‫ﺇﺳﻠﻮﺏ‬
‫احلمد هلل‬
‫ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‪" .‬ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ‪ ".‬ﻓﻲﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻲ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻋﺸﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻦ ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ‪:‬‬
‫النفس‪- 5‬‬ ‫ذلك أن‬
‫)‪:(2017‬‬ ‫والســبب في‬
‫ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‪،‬‬ ‫وعوائده‪،‬‬
‫ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻲأحواله‬
‫ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ‬ ‫ﻭﺍﻟﻤﺮﻛﺰوســائر‬
‫ِحلته‪،‬‬
‫ﺍﻟﺒﻴﺎﻥون ْ‬
‫شــعاره وزيه‬ ‫بالغالب في‬
‫ﺍﻟﺮﻳﺎﺽ‪ :‬ﻣﺠﻠﺔ‬ ‫باالقتداء‬
‫ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ‬ ‫مولع أب ًدا‬
‫ﻭﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ‬ ‫«املغلوب‬
‫ﺍﻷﻣﺔ‬
‫‪ .7‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ ‪804531/Record/com.mandumah.search//:http‬‬
‫أبــ ًدا تعتقــد الكمال في من غلبها وانقادت إليه؛ إما لنظره بالكمال مبا وقر عندها من تعظيمه‪ ،‬أو ملا تغالط به من أن‬
‫انقيادها ليس لغلب طبيعي إمنا هو لكمال الغالب» (ابن خلدون)‪.‬‬
‫يقرر ابن خلدون في نصه الشــهير اإلطار السياســي واالجتماعي والنفسي حلالة التبعية التي ترزح حتتها األمة منذ‬
‫أمد بعيد‪ ،‬ولكن تفاوتت درجة التبعية وصورها حتى أخذت صو ًرا تكاد تستغرق األمة فيها منذ ما يقرب من قرن حتى‬
‫صارت حالة التبعية حالة أصيلة وليست طارئة‪.‬‬
‫واملتتبع للقاموس العربي لن يجد املدلول احلديث ملفردة التبعية ‪-‬ألنها حالة حديثة لم تعرفها احلضارة اإلسالمية من قبل؛‬
‫ألنها كانت أمة رائدة‪ -‬أن تكون األمة‪ /‬اجلماعة‪ /‬الفرد خاضعني لهيمنة وســلطة اآلخر بشــكل تتماهى معه معالم ومقومات‬
‫هويته وحضارته ومكامن قوته حتى يكون التابع في حالة من االستسالم إلرادة املتبوع‪..‬‬

‫ال حيث قال‪« :‬لتتبعن سنن من كان قبلكم‬ ‫وقد حذر النبي ‪ #‬من هذه التبعية في صورة اإلخبار مبا سيحدث مستقب ً‬
‫وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم‪ .‬قلنا يا رســول الله‪ :‬اليهود والنصارى؟ قال‪ :‬فمن»؟!‬ ‫ً‬ ‫شــب ًرا بشــبر‪،‬‬
‫َ‬
‫كما جاءت التحذيرات القرآنية عن مواالة اليهود والنصارى {ا َّلذِ ي َن يُ َحارِ بُو َن اللَّ َه َو َر ُسولَ ُه َويَ ْس َع ْو َن فِ ي ْال ْر ِ‬
‫ض َف َسا ًدا}‬
‫[املائدة‪ ،]33 :‬وعن اتباع قوى االستكبار الذين يفسدون في األرض وال يصلحون‪.‬‬

‫وحدي ًثا قام علماء االجتماع واالقتصاد املنتمون ملدرسة أمريكا الالتينية بوضع أساس تنظريي عن التبعية‬
‫وكان مرك ًزا على ال ُبعد االقتصادي حمددًا معاني التبعية فيما يلي‪:‬‬
‫يتوسع أحدهما على حساب اآلخر‪ ،‬ويجعل تطوره تاب ًعا لتطور األول‪.‬‬
‫َّ‬ ‫‪ -‬عالقة جتمع بني اقتصادين‪،‬‬
‫‪ -‬شــبكة مــن العالقات غير متكافئة جتمع بــن دولتني أو مجموعة من الدول‪ ،‬تخضــع مبقتضاها الدولة أو الدول‬
‫الضعيفة إلرادة الدول األقوى تسلبها حق ممارسة سيادتها في الشأن الداخلي واخلارجي‪.‬‬
‫‪ -‬حالــة مــن الضعف والتخلف الشــاملني يكون عليها بلد أو مجموعة من البلــدان ترغب في اخلروج من أوضاعها‬
‫املتخلفة‪ ،‬وتلحق مبســار البلدان املتقدمة دون أن تتمكن من حتقيق ذلك فتقع مباشــرة في دائرة الهيمنة واالســتالب‬
‫للدول املتقدمة‪.‬‬
‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‬
‫‪ -‬التبعية إحدى جتليات الرأسمالية واإلمبريالية‪ ،‬تخدم مصالح واستراتيجيات الدول الغنية في التنمية االقتصادية‬
‫ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ‬
‫ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫والهيمنة السياسية‪.‬‬
‫األمة‬
‫واخلروج من التبعية‬
‫املقدمة‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل‪ ،‬وعلى آله وصحبه أمجعني‪ ،‬وبعد‪:‬‬

‫ِحلته‪ ،‬وســائر أحواله وعوائده‪ ،‬والســبب في ذلك أن النفس‬‫«املغلوب مولع أب ًدا باالقتداء بالغالب في شــعاره وزيه ون ْ‬
‫أبــ ًدا تعتقــد الكمال في من غلبها وانقادت إليه؛ إما لنظره بالكمال مبا وقر عندها من تعظيمه‪ ،‬أو ملا تغالط به من أن‬
‫انقيادها ليس لغلب طبيعي إمنا هو لكمال الغالب» (ابن خلدون)‪.‬‬
‫يقرر ابن خلدون في نصه الشــهير اإلطار السياســي واالجتماعي والنفسي حلالة التبعية التي ترزح حتتها األمة منذ‬
‫أمد بعيد‪ ،‬ولكن تفاوتت درجة التبعية وصورها حتى أخذت صو ًرا تكاد تستغرق األمة فيها منذ ما يقرب من قرن حتى‬
‫صارت حالة التبعية حالة أصيلة وليست طارئة‪.‬‬
‫واملتتبع للقاموس العربي لن يجد املدلول احلديث ملفردة التبعية ‪-‬ألنها حالة حديثة لم تعرفها احلضارة اإلسالمية من قبل؛‬
‫ألنها كانت أمة رائدة‪ -‬أن تكون األمة‪ /‬اجلماعة‪ /‬الفرد خاضعني لهيمنة وســلطة اآلخر بشــكل تتماهى معه معالم ومقومات‬
‫هويته وحضارته ومكامن قوته حتى يكون التابع في حالة من االستسالم إلرادة املتبوع‪..‬‬

‫ال حيث قال‪« :‬لتتبعن سنن من كان قبلكم‬ ‫وقد حذر النبي ‪ #‬من هذه التبعية في صورة اإلخبار مبا سيحدث مستقب ً‬
‫وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم‪ .‬قلنا يا رســول الله‪ :‬اليهود والنصارى؟ قال‪ :‬فمن»؟!‬ ‫ً‬ ‫شــب ًرا بشــبر‪،‬‬
‫َ‬
‫كما جاءت التحذيرات القرآنية عن مواالة اليهود والنصارى {ا َّلذِ ي َن يُ َحارِ بُو َن اللَّ َه َو َر ُسولَ ُه َويَ ْس َع ْو َن فِ ي ْال ْر ِ‬
‫ض َف َسا ًدا}‬
‫[املائدة‪ ،]33 :‬وعن اتباع قوى االستكبار الذين يفسدون في األرض وال يصلحون‪.‬‬

‫وحدي ًثا قام علماء االجتماع واالقتصاد املنتمون ملدرسة أمريكا الالتينية بوضع أساس تنظريي عن التبعية‬
‫وكان مرك ًزا على ال ُبعد االقتصادي حمددًا معاني التبعية فيما يلي‪:‬‬
‫يتوسع أحدهما على حساب اآلخر‪ ،‬ويجعل تطوره تاب ًعا لتطور األول‪.‬‬
‫َّ‬ ‫‪ -‬عالقة جتمع بني اقتصادين‪،‬‬
‫‪ -‬شــبكة مــن العالقات غير متكافئة جتمع بــن دولتني أو مجموعة من الدول‪ ،‬تخضــع مبقتضاها الدولة أو الدول‬
‫الضعيفة إلرادة الدول األقوى تسلبها حق ممارسة سيادتها في الشأن الداخلي واخلارجي‪.‬‬
‫‪ -‬حالــة مــن الضعف والتخلف الشــاملني يكون عليها بلد أو مجموعة من البلــدان ترغب في اخلروج من أوضاعها‬
‫املتخلفة‪ ،‬وتلحق مبســار البلدان املتقدمة دون أن تتمكن من حتقيق ذلك فتقع مباشــرة في دائرة الهيمنة واالســتالب‬
‫للدول املتقدمة‪.‬‬
‫‪ -‬التبعية إحدى جتليات الرأسمالية واإلمبريالية‪ ،‬تخدم مصالح واستراتيجيات الدول الغنية في التنمية االقتصادية‬
‫والهيمنة السياسية‪.‬‬
‫ولكن ال تنحصر التبعية في اإلطار االقتصادي فقط‪ ،‬بل تتعدد وتأخذ صو ًرا وأصنا ًفا عديدة على املســتوى السياســي‬
‫واالجتماعــي‪ ،‬والثقافي واإلعالمي‪ ،‬والعســكري واألمني‪ ،‬والتكنولوجــي‪ ..‬دوائر يفضي بعضها إلى بعض؛ حتى تفقد األمة‬
‫التابعة املناعة لإلفالت من التبعية‪.‬‬
‫وال شك أنه كانت هناك محاوالت وما تزال لكسر التبعية واالنعتاق من حالة الهيمنة املسيطرة على األمة اإلسالمية باء‬
‫جناحا جزئ ًّيا‪ ،‬ولكنها ما تزال تدور في فلك التبعية‪ ،‬ثم جاءت مرحلة الثورات العربية‬
‫ً‬ ‫الكثير منها بالفشل‪ ،‬وبعضها حققت‬
‫بإرهاصات أمل لبدايات مت ِّهد لكســر التبعية واخلروج منها‪ ،‬ولكن مع تعثرها وانتكاســاتها خفت األمل مرة أخرى‪ ،‬وعادت‬
‫حالة التبعية في صدارة املشهد العربي واإلسالمي في صورة أكثر مأساوية عن ذي قبل‪.‬‬
‫وانطال ًقــا مــن هدف التقرير االرتيادي الذي ســطرناه من أول عدد للتقرير نحاول أن نحلل ونستشــرف قضية التبعية‬
‫وســبل خروج األمة منها‪ ،‬لذلك جاء التقرير االســتراتيجي هذا العام حتت عنوان «األمة واخلروج من التبعية» مقس ًما إلى‬
‫ستة أبواب على النحو التالي‪:‬‬
‫الباب األول‪ :‬النظرية والفكر‪ ،‬والذي يقدم الرؤى النظرية والفكرية املتعلقة مبوضوع التبعية‪ ،‬وبدأ الباب بدراســة «الهوية‬
‫اإلســامية واخلروج من التبعية»‪ ،‬انطلقت من أن االعتزاز بالهوية الضمانة األساســية والركيزة األصيلة في مشروع البدء‬
‫باخلروج من التبعية‪ ،‬ثم تعرضت الدراسة إلى صناعة التبعية املعاصرة في عاملنا اإلسالمي‪ ،‬ثم حصاد التبعية العلمانية‪.‬‬
‫ويليها دراســة «نظرية التبعية في االقتصاد والسياســة»؛ حيث يســتعرض الباحث نظرية التبعية مقابل نظرية التحديث‬
‫التي تكرس للتبعية‪ ،‬مع ذكر اخللفيات التاريخية لكل منهما‪ ،‬ونقاط الضعف والقوة فيهما‪.‬‬
‫ثم جاءت دراسة «العوملة ودورها في صناعة التبعية» منطلقة من مجال العالقات الدولية باعتباره أكثر املجاالت جتسي ًدا‬
‫ملفهوم العوملة‪ ،‬وتنقد الدراسة اإلطار الغربي للعالقات الدولية‪ ،‬وسيطرة العوملة من خالل عرض البديل اإلسالمي‪.‬‬
‫تلتها دراســة «احلداثة والتبعية» تنطلق من أن احلداثة منت فلســفي وفكري للتبعية‪ ،‬تعرضت الدراســة ملفهوم احلداثة‪،‬‬
‫وتاريخ نشأته‪ ،‬ثم عالقة احلداثة بالتبعية‪ ،‬والتأثير احلداثي على العالم اإلسالمي‪ ،‬ثم سبل مواجهة الفكر احلداثي‪.‬‬
‫ثم كانت الدراسة األخيرة في هذا الباب عن «التعليم وأثره في اخلروج من التبعية»؛ حيث تناولت مفهوم التعليم وأهميته‬
‫وكذلك مفهوم «التبعية»‪ ،‬وملاذا احلرص على ترسيخ التبعية في التعليم؟ وكيف بدأت حالة التبعية في التعليم؟ ثم تستعرض‬
‫الدراسة مظاهر التبعية في التعليم‪ ،‬ودور التعليم في اخلروج منها‪.‬‬
‫أما الباب الثاني‪ ،‬ملف التقرير (حماوالت للخروج من التبعية)‪ ،‬فجاء كدراســات تطبيقية لنماذج كســرت التبعية‪ ،‬ولو بشكل‬
‫جزئي‪ ..‬احتوى الباب على أربعة مناذج‪ ،‬أوالً‪ :‬ماليزيا‪ ،‬ثم البرازيل‪ ،‬ثم النموذج التركي‪ ،‬ثم كانت الدراسة اخلامتة في الباب‬
‫عن النموذج الباكستاني‪.‬‬
‫أم��ا الب��اب الثال��ث‪ :‬الع��امل اإلس�لامي‪ ،‬فجاءت الدراســة األولى فيه عن «التبعية العســكرية وأثرها على العالم اإلســامي»‪،‬‬
‫تناولت املوضوع في أربعة محاور؛ مفهوم التبعية العسكرية‪ ،‬ثم صور هذه التبعية‪ ،‬ثم آثار التبعية العسكرية‪ ،‬ثم اقتراحات‬
‫وتوصيات للخروج من هذه التبعية‪.‬‬
‫وتناولت الدراسة الثانية «دوائر التبعية اإلعالمية العربية ومحاوالت كسرها»‪ ،‬رصدت أشكال التبعية اإلعالمية العربية‪،‬‬
‫وانعكاسات ذلك على تناول اإلعالم للقضايا العربية‪ ،‬ثم أمناط كسر التبعية اإلعالمية الداخلية واخلارجية‪.‬‬
‫ثــم كانت الدراســة األخيرة في هذا البــاب عن «جذور التبعية الغربية في العالم اإلســامي»‪ ،‬تناولت ماهية التبعية‪ ،‬ثم‬
‫نظرة تاريخية لألمة من االســتقاللية إلى التبعية‪ ،‬ثم متظهرات التبعية وجنايتها‪ .‬وعرضت الدراســة بعد ذلك ملبحث مهم‬
‫عن الدولة احلديثة‪ ،‬وأساس التبعية‪ ،‬وختمت بطرق اخلروج من التبعية‪.‬‬
‫ثم جاء الباب الرابع املهتم بدراس��ة العالقات الدولية فكانت الدراســة األولى عن «الواليات املتحدة والتبعية الناعمة» سردت‬
‫وحللــت االســتراتيجيات األمريكية لتوجيه األمة نحو التبعية‪ ،‬مســتعرضة أهم وســائل ذلك لتكريــس التبعية الناعمة‪ ،‬ثم‬
‫طرحت أهم آليات وتوجهات التحرر من التبعية األمريكية‪.‬‬
‫ثم تناولت الدراسة الثانية في الباب «التدخل الروسي في سوريا»‪ ،‬وناقشت ذلك التدخل الروسي في سوريا من منظور‬
‫التبعية‪ ،‬وتكريسها عسكر ًّيا‪ ،‬وأسباب التدخل‪ ،‬ومالمح استمرار هذا التدخل ودوائره وأدواته‪.‬‬
‫ثم جاءت الدراســة األخيرة في هذه الباب عن «االندماج الثقافي للجاليات املســلمة في الغرب» تناولت وضع اجلاليات‬
‫املسلمة في الغرب‪ ،‬وخاصة أملانيا كنموذج تطبيقي‪ ،‬فتناولت التعددية الثقافية في املجتمعات الغربية‪ ،‬ثم التعددية الثقافية‬
‫للمسلمني في الغرب‪ ،‬والتبادل التاريخي لدور منظومة القيم في عالقة اآلخر باملسلمني في الغرب‪ ،‬ثم سردت مناذج لتعدد‬
‫التجليات الثقافية للمسلمني في الغرب‪ ،‬وختمت بنظرة استشرافية للتأثير الثقافي املتبادل بني املسلمني واآلخر في الغرب‪.‬‬
‫ثم جاء الباب اخلامس‪ :‬العمل اإلس�لامي‪ ،‬جاءت الدراســة األولى فيه عن «دور العلماء املصلحني في كســر التبعية» وتناولت‬
‫دورهم الرائد املأمول في ذلك والتحديات اجلسام التي تواجههم عند اضطالعهم بهذا الدور‪.‬‬
‫تلتهــا دراســة «املرأة وقضية التبعية»؛ موضحة أن املرأة ميكــن أن تضطلع بالدور األكبر في مناهضة التبعية احلضارية‪،‬‬
‫ألنها متتلك النصيب األوفر من اآلثار السلبية لهذه التبعية على صعيد األسرة واملجتمع واألمة جميعها‪ .‬وتناولت الدراسة‬
‫بحث مظاهر التبعية لدى املرأة في خاصة نفســها‪ ،‬وفي عالقتها باألعضاء اآلخرين الذين يك ّونون النســيج األُســري‪ .‬ثم‬
‫النظــر إلى مظاهر التبعية في عالقة املرأة بالفعل السياســي واملجتمعي‪ ،‬ومشــاركتها العمليــة داخل مجتمعها وفي عموم‬
‫األمة‪.‬‬
‫وجاءت الدراسة األخيرة في هذا الباب عن «احملاضن التربوية ودورها في اخلروج من التبعية»‪ ،‬تناولت مفهوم احملاضن‬
‫بالتعريف والتحليل‪ ،‬ثم رصد احملاضن التربوية بني الواقع واملثال‪ ،‬ونقد وتفكيك مناهجها التربوية والتعليمية‪ ،‬وطرح منهاج‬
‫للمحاضن واستراتيجية فعالة للخروج من التبعية‪.‬‬
‫فــي حني جاءت خامتة التقرير بالباب الس��ادس املعنون‪ :‬قضايا اقتصادي��ة وهو باب له ثقل في موضوع التبعية ملركزية امللف‬
‫االقتصادي في قضية التبعية‪ ،‬ضم الباب أربع دراســات مهمة افتتحت بدراســة «الشــركات املتعددة اجلنسيات في العالم‬
‫اإلســامي وأثرها على التبعية االقتصادية»‪ ،‬تناولت مفهوم وخصائص الشــركات متعددة اجلنسيات‪ ،‬وآثارها على التبعية‬
‫االقتصادية للعالم اإلسالمي‪ ،‬وعالقة هذه الشركات بنظرية التبعية االقتصادية‪ ،‬ثم اخلروج من نفق التبعية االقتصادية‪.‬‬
‫ثــم جاءت دراســة «صناعة التكنولوجيــا واخلروج من التبعية»‪ ،‬رصدت واقع التكنولوجيا فــي العالم العربي‪ ،‬ثم عرضت‬
‫إطا ًرا ينمي الوضع التكنولوجي في العالم العربي واإلسالمي ليخرج من ضيق التبعية إلى رحابة االستقالل‪.‬‬
‫وناقشت الدراسة الثالثة «سياسات البنك والصندوق الدوليني وأثرها في استمرارية تبعية األمة للغرب»‪ ،‬رصدت مظاهر‬
‫تبعية االقتصاديات اإلسالمية للبنك والصندوق الدوليني‪ ،‬ثم عرضت مالمح استراتيجية للتحرر منهما‪.‬‬
‫ثم جاءت الدراســة األخيرة في الباب والتقرير عن «األمن الغذائي في العالم العربي واإلســامي واخلروج من التبعية»‪،‬‬
‫تناولت واقع األمن الغذائي في العالم العربي واإلسالمي في مجال األمن الغذائي‪ ،‬ثم آليات اخلروج من التبعية في مجال‬
‫الغذاء‪.‬‬
‫واهلل نسأل التوفيق والسداد‬

‫وآخر دعوانا أن احلمد هلل رب العاملني‪.‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like