Professional Documents
Culture Documents
7326 000 000 001
7326 000 000 001
واخلروج من التبعية
ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻲ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻋﺸﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻦ ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ :ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ
ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ:
ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ:
ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ
املقدمة
ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺑﺎﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ -ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ:
ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ)ﻣؤﻟﻒ( ﻣؤﻟﻒ:
احلمد هلل رب العاملني ،والصالة والسالم على رسول اهلل ،وعلى آله وصحبه أمجعني ،وبعد:
ﻧﻌﻢ ﻣﺤﻜﻤﺔ:
ِحلته ،وســائر أحواله وعوائده ،والســبب في ذلك أن النفسبالغالب في شــعاره وزيه ون ْ «املغلوب مولع أب ًدا باالقتداء
2017 ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ:
أبــ ًدا تعتقــد الكمال في من غلبها وانقادت إليه؛ إما لنظره بالكمال مبا وقر عندها من تعظيمه ،أو ملا تغالط به من أن
ﺍﻟﺮﻳﺎﺽ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻧﻌﻘﺎﺩ ﺍﻟﻤؤﺗﻤﺮ:
انقيادها ليس لغلب طبيعي إمنا هو لكمال الغالب» (ابن خلدون).
ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﺴؤﻭﻟﺔ:
الشــهير 5اإلطار السياســي واالجتماعي والنفسي حلالة التبعية التي ترزح حتتها األمة منذ
-7
ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ :خلدون في نصه
يقرر ابن
أمد بعيد ،ولكن تفاوتت درجة التبعية وصورها حتى أخذت صو ًرا تكاد تستغرق األمة فيها منذ ما يقرب من قرن حتى
804531 ﺭﻗﻢ :MD
صارت حالة التبعية حالة أصيلة وليست طارئة.
ﺑﺤﻮﺙ ﺍﻟﻤؤﺗﻤﺮﺍﺕ ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ:
املدلول احلديث ملفردة التبعية -ألنها حالة حديثة لم تعرفها احلضارة اإلسالمية من قبل؛
Arabic واملتتبع للقاموس العربي لن يجد
ﺍﻟﻠﻐﺔ:
HumanIndexالفرد خاضعني لهيمنة وســلطة اآلخر بشــكل تتماهى معه معالم ومقومات
رائدة -أن تكون األمة /اجلماعة/ أمة كانت ألنها
ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ:
هويته وحضارته ومكامن قوته حتى يكون التابع في حالة من االستسالم إلرادة املتبوع..
ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ،ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ:
ال حيث وقد حذر النبي #من هذه التبعية في صورة اإلخبار مبا سيحدث مستقب ً
http://search.mandumah.com/Record/804531قال« :لتتبعن سنن من كان قبلكم ﺭﺍﺑﻂ:
وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم .قلنا يا رســول الله :اليهود والنصارى؟ قال :فمن»؟! ً شــب ًرا بشــبر،
َ
كما جاءت التحذيرات القرآنية عن مواالة اليهود والنصارى {ا َّلذِ ي َن يُ َحارِ بُو َن اللَّ َه َو َر ُسولَ ُه َويَ ْس َع ْو َن فِ ي ْال ْر ِ
ض َف َسا ًدا}
[املائدة ،]33 :وعن اتباع قوى االستكبار الذين يفسدون في األرض وال يصلحون.
وحدي ًثا قام علماء االجتماع واالقتصاد املنتمون ملدرسة أمريكا الالتينية بوضع أساس تنظريي عن التبعية
وكان مرك ًزا على ال ُبعد االقتصادي حمددًا معاني التبعية فيما يلي:
يتوسع أحدهما على حساب اآلخر ،ويجعل تطوره تاب ًعا لتطور األول.
َّ -عالقة جتمع بني اقتصادين،
-شــبكة مــن العالقات غير متكافئة جتمع بــن دولتني أو مجموعة من الدول ،تخضــع مبقتضاها الدولة أو الدول
الضعيفة إلرادة الدول األقوى تسلبها حق ممارسة سيادتها في الشأن الداخلي واخلارجي.
-حالــة مــن الضعف والتخلف الشــاملني يكون عليها بلد أو مجموعة من البلــدان ترغب في اخلروج من أوضاعها
املتخلفة ،وتلحق مبســار البلدان املتقدمة دون أن تتمكن من حتقيق ذلك فتقع مباشــرة في دائرة الهيمنة واالســتالب
للدول املتقدمة.
© 2023ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ .ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ.
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ،ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ .ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ
-التبعية إحدى جتليات الرأسمالية واإلمبريالية ،تخدم مصالح واستراتيجيات الدول الغنية في التنمية االقتصادية
ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ
ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ.
والهيمنة السياسية.
األمة
واخلروج من التبعية
ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ:
ﺇﺳﻠﻮﺏ APA
ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ .(2017) .ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ.ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻲ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻋﺸﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻦ ﻣﺠﻠﺔ
املقدمة
ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ :ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ،ﺍﻟﺮﻳﺎﺽ :ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ- 5 ،
.7ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ 804531/Record/com.mandumah.search//:http
MLAرب العاملني ،والصالة والسالم على رسول اهلل ،وعلى آله وصحبه أمجعني ،وبعد: ﺇﺳﻠﻮﺏ
احلمد هلل
ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ" .ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ".ﻓﻲﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻲ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻋﺸﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻦ ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ:
النفس- 5 ذلك أن
):(2017 والســبب في
ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮﺓ، وعوائده،
ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲأحواله
ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺮﻛﺰوســائر
ِحلته،
ﺍﻟﺒﻴﺎﻥون ْ
شــعاره وزيه بالغالب في
ﺍﻟﺮﻳﺎﺽ :ﻣﺠﻠﺔ باالقتداء
ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ مولع أب ًدا
ﻭﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ «املغلوب
ﺍﻷﻣﺔ
.7ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ 804531/Record/com.mandumah.search//:http
أبــ ًدا تعتقــد الكمال في من غلبها وانقادت إليه؛ إما لنظره بالكمال مبا وقر عندها من تعظيمه ،أو ملا تغالط به من أن
انقيادها ليس لغلب طبيعي إمنا هو لكمال الغالب» (ابن خلدون).
يقرر ابن خلدون في نصه الشــهير اإلطار السياســي واالجتماعي والنفسي حلالة التبعية التي ترزح حتتها األمة منذ
أمد بعيد ،ولكن تفاوتت درجة التبعية وصورها حتى أخذت صو ًرا تكاد تستغرق األمة فيها منذ ما يقرب من قرن حتى
صارت حالة التبعية حالة أصيلة وليست طارئة.
واملتتبع للقاموس العربي لن يجد املدلول احلديث ملفردة التبعية -ألنها حالة حديثة لم تعرفها احلضارة اإلسالمية من قبل؛
ألنها كانت أمة رائدة -أن تكون األمة /اجلماعة /الفرد خاضعني لهيمنة وســلطة اآلخر بشــكل تتماهى معه معالم ومقومات
هويته وحضارته ومكامن قوته حتى يكون التابع في حالة من االستسالم إلرادة املتبوع..
ال حيث قال« :لتتبعن سنن من كان قبلكم وقد حذر النبي #من هذه التبعية في صورة اإلخبار مبا سيحدث مستقب ً
وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم .قلنا يا رســول الله :اليهود والنصارى؟ قال :فمن»؟! ً شــب ًرا بشــبر،
َ
كما جاءت التحذيرات القرآنية عن مواالة اليهود والنصارى {ا َّلذِ ي َن يُ َحارِ بُو َن اللَّ َه َو َر ُسولَ ُه َويَ ْس َع ْو َن فِ ي ْال ْر ِ
ض َف َسا ًدا}
[املائدة ،]33 :وعن اتباع قوى االستكبار الذين يفسدون في األرض وال يصلحون.
وحدي ًثا قام علماء االجتماع واالقتصاد املنتمون ملدرسة أمريكا الالتينية بوضع أساس تنظريي عن التبعية
وكان مرك ًزا على ال ُبعد االقتصادي حمددًا معاني التبعية فيما يلي:
يتوسع أحدهما على حساب اآلخر ،ويجعل تطوره تاب ًعا لتطور األول.
َّ -عالقة جتمع بني اقتصادين،
-شــبكة مــن العالقات غير متكافئة جتمع بــن دولتني أو مجموعة من الدول ،تخضــع مبقتضاها الدولة أو الدول
الضعيفة إلرادة الدول األقوى تسلبها حق ممارسة سيادتها في الشأن الداخلي واخلارجي.
-حالــة مــن الضعف والتخلف الشــاملني يكون عليها بلد أو مجموعة من البلــدان ترغب في اخلروج من أوضاعها
املتخلفة ،وتلحق مبســار البلدان املتقدمة دون أن تتمكن من حتقيق ذلك فتقع مباشــرة في دائرة الهيمنة واالســتالب
للدول املتقدمة.
© 2023ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ .ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ.
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ،ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ .ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ
-التبعية إحدى جتليات الرأسمالية واإلمبريالية ،تخدم مصالح واستراتيجيات الدول الغنية في التنمية االقتصادية
ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ
ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ.
والهيمنة السياسية.
األمة
واخلروج من التبعية
املقدمة
احلمد هلل رب العاملني ،والصالة والسالم على رسول اهلل ،وعلى آله وصحبه أمجعني ،وبعد:
ِحلته ،وســائر أحواله وعوائده ،والســبب في ذلك أن النفس«املغلوب مولع أب ًدا باالقتداء بالغالب في شــعاره وزيه ون ْ
أبــ ًدا تعتقــد الكمال في من غلبها وانقادت إليه؛ إما لنظره بالكمال مبا وقر عندها من تعظيمه ،أو ملا تغالط به من أن
انقيادها ليس لغلب طبيعي إمنا هو لكمال الغالب» (ابن خلدون).
يقرر ابن خلدون في نصه الشــهير اإلطار السياســي واالجتماعي والنفسي حلالة التبعية التي ترزح حتتها األمة منذ
أمد بعيد ،ولكن تفاوتت درجة التبعية وصورها حتى أخذت صو ًرا تكاد تستغرق األمة فيها منذ ما يقرب من قرن حتى
صارت حالة التبعية حالة أصيلة وليست طارئة.
واملتتبع للقاموس العربي لن يجد املدلول احلديث ملفردة التبعية -ألنها حالة حديثة لم تعرفها احلضارة اإلسالمية من قبل؛
ألنها كانت أمة رائدة -أن تكون األمة /اجلماعة /الفرد خاضعني لهيمنة وســلطة اآلخر بشــكل تتماهى معه معالم ومقومات
هويته وحضارته ومكامن قوته حتى يكون التابع في حالة من االستسالم إلرادة املتبوع..
ال حيث قال« :لتتبعن سنن من كان قبلكم وقد حذر النبي #من هذه التبعية في صورة اإلخبار مبا سيحدث مستقب ً
وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم .قلنا يا رســول الله :اليهود والنصارى؟ قال :فمن»؟! ً شــب ًرا بشــبر،
َ
كما جاءت التحذيرات القرآنية عن مواالة اليهود والنصارى {ا َّلذِ ي َن يُ َحارِ بُو َن اللَّ َه َو َر ُسولَ ُه َويَ ْس َع ْو َن فِ ي ْال ْر ِ
ض َف َسا ًدا}
[املائدة ،]33 :وعن اتباع قوى االستكبار الذين يفسدون في األرض وال يصلحون.
وحدي ًثا قام علماء االجتماع واالقتصاد املنتمون ملدرسة أمريكا الالتينية بوضع أساس تنظريي عن التبعية
وكان مرك ًزا على ال ُبعد االقتصادي حمددًا معاني التبعية فيما يلي:
يتوسع أحدهما على حساب اآلخر ،ويجعل تطوره تاب ًعا لتطور األول.
َّ -عالقة جتمع بني اقتصادين،
-شــبكة مــن العالقات غير متكافئة جتمع بــن دولتني أو مجموعة من الدول ،تخضــع مبقتضاها الدولة أو الدول
الضعيفة إلرادة الدول األقوى تسلبها حق ممارسة سيادتها في الشأن الداخلي واخلارجي.
-حالــة مــن الضعف والتخلف الشــاملني يكون عليها بلد أو مجموعة من البلــدان ترغب في اخلروج من أوضاعها
املتخلفة ،وتلحق مبســار البلدان املتقدمة دون أن تتمكن من حتقيق ذلك فتقع مباشــرة في دائرة الهيمنة واالســتالب
للدول املتقدمة.
-التبعية إحدى جتليات الرأسمالية واإلمبريالية ،تخدم مصالح واستراتيجيات الدول الغنية في التنمية االقتصادية
والهيمنة السياسية.
ولكن ال تنحصر التبعية في اإلطار االقتصادي فقط ،بل تتعدد وتأخذ صو ًرا وأصنا ًفا عديدة على املســتوى السياســي
واالجتماعــي ،والثقافي واإلعالمي ،والعســكري واألمني ،والتكنولوجــي ..دوائر يفضي بعضها إلى بعض؛ حتى تفقد األمة
التابعة املناعة لإلفالت من التبعية.
وال شك أنه كانت هناك محاوالت وما تزال لكسر التبعية واالنعتاق من حالة الهيمنة املسيطرة على األمة اإلسالمية باء
جناحا جزئ ًّيا ،ولكنها ما تزال تدور في فلك التبعية ،ثم جاءت مرحلة الثورات العربية
ً الكثير منها بالفشل ،وبعضها حققت
بإرهاصات أمل لبدايات مت ِّهد لكســر التبعية واخلروج منها ،ولكن مع تعثرها وانتكاســاتها خفت األمل مرة أخرى ،وعادت
حالة التبعية في صدارة املشهد العربي واإلسالمي في صورة أكثر مأساوية عن ذي قبل.
وانطال ًقــا مــن هدف التقرير االرتيادي الذي ســطرناه من أول عدد للتقرير نحاول أن نحلل ونستشــرف قضية التبعية
وســبل خروج األمة منها ،لذلك جاء التقرير االســتراتيجي هذا العام حتت عنوان «األمة واخلروج من التبعية» مقس ًما إلى
ستة أبواب على النحو التالي:
الباب األول :النظرية والفكر ،والذي يقدم الرؤى النظرية والفكرية املتعلقة مبوضوع التبعية ،وبدأ الباب بدراســة «الهوية
اإلســامية واخلروج من التبعية» ،انطلقت من أن االعتزاز بالهوية الضمانة األساســية والركيزة األصيلة في مشروع البدء
باخلروج من التبعية ،ثم تعرضت الدراسة إلى صناعة التبعية املعاصرة في عاملنا اإلسالمي ،ثم حصاد التبعية العلمانية.
ويليها دراســة «نظرية التبعية في االقتصاد والسياســة»؛ حيث يســتعرض الباحث نظرية التبعية مقابل نظرية التحديث
التي تكرس للتبعية ،مع ذكر اخللفيات التاريخية لكل منهما ،ونقاط الضعف والقوة فيهما.
ثم جاءت دراسة «العوملة ودورها في صناعة التبعية» منطلقة من مجال العالقات الدولية باعتباره أكثر املجاالت جتسي ًدا
ملفهوم العوملة ،وتنقد الدراسة اإلطار الغربي للعالقات الدولية ،وسيطرة العوملة من خالل عرض البديل اإلسالمي.
تلتها دراســة «احلداثة والتبعية» تنطلق من أن احلداثة منت فلســفي وفكري للتبعية ،تعرضت الدراســة ملفهوم احلداثة،
وتاريخ نشأته ،ثم عالقة احلداثة بالتبعية ،والتأثير احلداثي على العالم اإلسالمي ،ثم سبل مواجهة الفكر احلداثي.
ثم كانت الدراسة األخيرة في هذا الباب عن «التعليم وأثره في اخلروج من التبعية»؛ حيث تناولت مفهوم التعليم وأهميته
وكذلك مفهوم «التبعية» ،وملاذا احلرص على ترسيخ التبعية في التعليم؟ وكيف بدأت حالة التبعية في التعليم؟ ثم تستعرض
الدراسة مظاهر التبعية في التعليم ،ودور التعليم في اخلروج منها.
أما الباب الثاني ،ملف التقرير (حماوالت للخروج من التبعية) ،فجاء كدراســات تطبيقية لنماذج كســرت التبعية ،ولو بشكل
جزئي ..احتوى الباب على أربعة مناذج ،أوالً :ماليزيا ،ثم البرازيل ،ثم النموذج التركي ،ثم كانت الدراسة اخلامتة في الباب
عن النموذج الباكستاني.
أم��ا الب��اب الثال��ث :الع��امل اإلس�لامي ،فجاءت الدراســة األولى فيه عن «التبعية العســكرية وأثرها على العالم اإلســامي»،
تناولت املوضوع في أربعة محاور؛ مفهوم التبعية العسكرية ،ثم صور هذه التبعية ،ثم آثار التبعية العسكرية ،ثم اقتراحات
وتوصيات للخروج من هذه التبعية.
وتناولت الدراسة الثانية «دوائر التبعية اإلعالمية العربية ومحاوالت كسرها» ،رصدت أشكال التبعية اإلعالمية العربية،
وانعكاسات ذلك على تناول اإلعالم للقضايا العربية ،ثم أمناط كسر التبعية اإلعالمية الداخلية واخلارجية.
ثــم كانت الدراســة األخيرة في هذا البــاب عن «جذور التبعية الغربية في العالم اإلســامي» ،تناولت ماهية التبعية ،ثم
نظرة تاريخية لألمة من االســتقاللية إلى التبعية ،ثم متظهرات التبعية وجنايتها .وعرضت الدراســة بعد ذلك ملبحث مهم
عن الدولة احلديثة ،وأساس التبعية ،وختمت بطرق اخلروج من التبعية.
ثم جاء الباب الرابع املهتم بدراس��ة العالقات الدولية فكانت الدراســة األولى عن «الواليات املتحدة والتبعية الناعمة» سردت
وحللــت االســتراتيجيات األمريكية لتوجيه األمة نحو التبعية ،مســتعرضة أهم وســائل ذلك لتكريــس التبعية الناعمة ،ثم
طرحت أهم آليات وتوجهات التحرر من التبعية األمريكية.
ثم تناولت الدراسة الثانية في الباب «التدخل الروسي في سوريا» ،وناقشت ذلك التدخل الروسي في سوريا من منظور
التبعية ،وتكريسها عسكر ًّيا ،وأسباب التدخل ،ومالمح استمرار هذا التدخل ودوائره وأدواته.
ثم جاءت الدراســة األخيرة في هذه الباب عن «االندماج الثقافي للجاليات املســلمة في الغرب» تناولت وضع اجلاليات
املسلمة في الغرب ،وخاصة أملانيا كنموذج تطبيقي ،فتناولت التعددية الثقافية في املجتمعات الغربية ،ثم التعددية الثقافية
للمسلمني في الغرب ،والتبادل التاريخي لدور منظومة القيم في عالقة اآلخر باملسلمني في الغرب ،ثم سردت مناذج لتعدد
التجليات الثقافية للمسلمني في الغرب ،وختمت بنظرة استشرافية للتأثير الثقافي املتبادل بني املسلمني واآلخر في الغرب.
ثم جاء الباب اخلامس :العمل اإلس�لامي ،جاءت الدراســة األولى فيه عن «دور العلماء املصلحني في كســر التبعية» وتناولت
دورهم الرائد املأمول في ذلك والتحديات اجلسام التي تواجههم عند اضطالعهم بهذا الدور.
تلتهــا دراســة «املرأة وقضية التبعية»؛ موضحة أن املرأة ميكــن أن تضطلع بالدور األكبر في مناهضة التبعية احلضارية،
ألنها متتلك النصيب األوفر من اآلثار السلبية لهذه التبعية على صعيد األسرة واملجتمع واألمة جميعها .وتناولت الدراسة
بحث مظاهر التبعية لدى املرأة في خاصة نفســها ،وفي عالقتها باألعضاء اآلخرين الذين يك ّونون النســيج األُســري .ثم
النظــر إلى مظاهر التبعية في عالقة املرأة بالفعل السياســي واملجتمعي ،ومشــاركتها العمليــة داخل مجتمعها وفي عموم
األمة.
وجاءت الدراسة األخيرة في هذا الباب عن «احملاضن التربوية ودورها في اخلروج من التبعية» ،تناولت مفهوم احملاضن
بالتعريف والتحليل ،ثم رصد احملاضن التربوية بني الواقع واملثال ،ونقد وتفكيك مناهجها التربوية والتعليمية ،وطرح منهاج
للمحاضن واستراتيجية فعالة للخروج من التبعية.
فــي حني جاءت خامتة التقرير بالباب الس��ادس املعنون :قضايا اقتصادي��ة وهو باب له ثقل في موضوع التبعية ملركزية امللف
االقتصادي في قضية التبعية ،ضم الباب أربع دراســات مهمة افتتحت بدراســة «الشــركات املتعددة اجلنسيات في العالم
اإلســامي وأثرها على التبعية االقتصادية» ،تناولت مفهوم وخصائص الشــركات متعددة اجلنسيات ،وآثارها على التبعية
االقتصادية للعالم اإلسالمي ،وعالقة هذه الشركات بنظرية التبعية االقتصادية ،ثم اخلروج من نفق التبعية االقتصادية.
ثــم جاءت دراســة «صناعة التكنولوجيــا واخلروج من التبعية» ،رصدت واقع التكنولوجيا فــي العالم العربي ،ثم عرضت
إطا ًرا ينمي الوضع التكنولوجي في العالم العربي واإلسالمي ليخرج من ضيق التبعية إلى رحابة االستقالل.
وناقشت الدراسة الثالثة «سياسات البنك والصندوق الدوليني وأثرها في استمرارية تبعية األمة للغرب» ،رصدت مظاهر
تبعية االقتصاديات اإلسالمية للبنك والصندوق الدوليني ،ثم عرضت مالمح استراتيجية للتحرر منهما.
ثم جاءت الدراســة األخيرة في الباب والتقرير عن «األمن الغذائي في العالم العربي واإلســامي واخلروج من التبعية»،
تناولت واقع األمن الغذائي في العالم العربي واإلسالمي في مجال األمن الغذائي ،ثم آليات اخلروج من التبعية في مجال
الغذاء.
واهلل نسأل التوفيق والسداد