Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 2

‫الدرس الحادي عشر‬ ‫‪LIMAM‬‬

‫‪Signataire numérique :LIMAM‬‬


‫‪DN :G=LIMAM, C=DZ Algeria,‬‬
‫‪E=hlimam@hotmail.com,‬‬
‫‪OU=univ Alger 3, L=DZ‬‬
‫‪Algeria, CN=LIMAM‬‬
‫د‪ .‬محمد حليم ليمام‪ -‬الدولة واملجتمع املدني في الجزائر‪ -‬السداس ي ‪-3‬مج ‪1‬‬
‫‪Date:2023.12.15‬‬
‫‪23:38:04 +01:00‬‬

‫تغير العالقة السلطوية بالمجتمع المدني‬


‫‪ .3‬آفاق ّ‬
‫يتطور مجتمع مدني في ظل دولة سلطوية‪ ،‬كما أنه حتى وإن زخرت الساحة‬ ‫يتأسس وال ّ‬
‫ال ّ‬
‫ظمات المدنية‪ ،‬فإن استقاللية هذه األخيرة عن السلطة تنعدم‪ ،‬وال تتحّقق‬
‫بالعديد من الجمعيات والمن ّ‬
‫إال في ظل حكم ديمقراطي يتعاون معها ويشركها في إدارة الشؤون العامة‪.‬‬

‫التطورات التي عرفها النظام السياسي في العقدين الماضيين أي منذ عشرين‬


‫ّ‬ ‫إذا عدنا إلى‬
‫سنة‪ ،‬وبعد خروج البلد من حرب طاحنة‪ ،‬هو أن الدولة السلطوية تم تجديدها من طرف السلطة‬
‫التي راهنت في البداية على اختيار بوتفليقة كرئيس للجمهورية من أجل استعادة االستقرار السياسي‪.‬‬
‫لكن الطموح االستبدادي للرئيس السابق‪ ،‬خالف توقعات القادة‪ ،‬إذ طالبهم فور اعتالئه كرسي‬
‫الرئاسة بمنحه الصالحيات فهو ال يريد أن يكون "ثالثة أرباع رئيس"‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬بدأت تتضح مالمح الحكم الفري الذي أراده بوتفليقة‪ ،‬الذي لم يعط ّ‬
‫أي قيمة لحكومة‬
‫احمد بن بيتور‪ ،‬وال للبرلمان‪ ،‬بل مزج بين القمع الممارس ضد الحركات االحتجاجية والصحافة‬
‫المكتوبة‪ ،‬وعمل على تفتيت الطبقة السياسية‪ ،‬مع تسخير حزب جبهة التحرير الوطني وكافة‬
‫المنظمات الجماهيرية التابعة له‪ ،‬لدعم حكمه‪ ،‬إلى جانب االعتماد على الزوايا والطرق الصوفية‬
‫لتحديث نظام حكمه السلطوي‪ .‬حيث تم استخدام إمكانيات التعبئة الصوفية لتوسيع قواعد السلطة‪،‬‬
‫ولتعزيز الشرعية االنتخابية والدينية واحتواء االحتجاجات االجتماعية والسياسية‪.‬‬

‫لقد أعادت السلطوية زمن حكم بوتفليقة االعتبار للزوايا‪ ،‬فقد قدم لها دعماً مادياً ومعنوياً‬
‫ثم إنها نالت أيضاً الرعاية‬
‫كبي اًر‪ ،‬وبدورها‪ ،‬ساندته و ّأيدت مشروع المصالحة الوطنية الذي طرحه‪ّ .‬‬
‫تمكنت من توسيع هامش المناورة لديها‪،‬‬
‫من طرف العسكريين والسياسيين ورجال األعمال؛ وتالياً‪ّ ،‬‬
‫إذ سيعلو صوتها‪ ،‬وستنظر إلى وجودها السياسي أكثر من ضرورة‪ ،‬ومن الخطأ إبعادها من اللعبة‬
‫السياسية‪.‬‬

‫لقد نجح النظام في استغالل الزوايا والطرقية في عدائه للمجتمع المدني‪ .‬فقد حاول م ار اًر‬
‫السعي إلى تذرير الطبقة السياسية(تحجيم دورها)‪ ،‬وبث الفرقة بين مختلف الفواعل االجتماعيين‪،‬‬
‫ّ‬
‫استمر النظام‬
‫ّ‬ ‫للحؤول دون قيام قوى اجتماعية قوية متماسكة ومستقلة‪ .‬وأمام وضع انقسامي كهذا‪،‬‬
‫عمروا طويال في حكم‬
‫رغم موجة الربيع العربي في ‪ 2011‬التي أسقطت العديد من القادة الذين ّ‬
‫بلدانهم‪ ،‬والفضل كله يعود إلى شبكة الزوايا والطرقية القبلية التي صارت بحق بديالً عن أحزاب‬
‫طل‪.‬‬
‫سياسية فاشلة‪ ،‬أو بقايا أحزاب ومجتمع مدني مع ّ‬

‫‪29‬‬
‫الدرس الحادي عشر‬ ‫د‪ .‬محمد حليم ليمام‪ -‬الدولة واملجتمع املدني في الجزائر‪ -‬السداس ي ‪-3‬مج ‪1‬‬

‫يرى كثير من الباحثين أن التغيير واالنتفال من السلطوية إلى الديمقراطية‪ ،‬أو ما أصبح‬
‫مطروح اليوم في الساحة الوطنية والعربية ضمن الحراك الشعبي من أجل التغيير السياسي‪،‬‬
‫والنضال من أجل الديمقراطية‪ .‬فحتى عندما تهيمن النخب على عملية االنتقال‪ ،‬نجد مقدا اًر أو‬
‫حجماً كبي اًر من النشاط الشعبي حاضر وال يستهان به‪ .‬إذ يقوم الرجال والنساء العاديون والعمال‬
‫ظفون بتنظيم احتجاجات ونشر أفكارهم ضد رأس السلطة بشكل مباشر‪ .‬وفي حالة‬
‫والطلبة والمو ّ‬
‫استمر الحراك الشعبي الذي طالب بالتغيير الجذري للنظام الحاكم‪ ،‬بعد أن نجح‬
‫ّ‬ ‫الجزائر الراهنة‪،‬‬
‫في اإلطاحة بالرئيس بوتفليقة‪ .‬ولهذا‪ ،‬فإذا كانت عملية التغيير تبدأ في ظل الحكم السلطوي‪،‬‬
‫فإن الحراك الذي يقف وراء االنتقال إلى‬
‫وتستمر بعد اإلطاحة به بعد إجراء أول انتخابات‪ّ ،‬‬
‫يتكون من عنصرين مختلفين‪ :‬الحركات االجتماعية الجديدة التي ظهرت كأنماط‬
‫الديمقراطية ّ‬
‫مختلفة من منظمات المساعدة الذاتية(جمعيات خيرية ومنظمات طوعية مختلفة تهتم بشؤون الناس‬
‫وتلبية احتياجاتهم) في أثناء الحكم السلطوي‪ ،‬والمجتمع المدني الذي يجري إعادة إحياؤه خالل‬
‫فترة االنتقال‪.‬‬

‫تصور أوسع لظهور مجتمع مدني أقوى في سياق النضال من أجل الديمقراطية‪،‬‬
‫ولهذا‪ ،‬هناك ّ‬
‫يعد شرطاً أولياً مهماًّ‬
‫التعددي الذي ّ‬
‫ّ‬ ‫تشكل تلك الجمعيات والمنظمات المتنوعة المجتمع‬
‫إذ ّ‬
‫لديمقراطية مزدهرة‪ ،‬ذلك أنها تنشئ مراكز نفوذ بعيداً من الدولة‪ ،‬زد إلى ذلك‪ ،‬فإّنها ستصبح النواة‬
‫لمؤسسات مجتمعية تتيح فرص تثقيف المواطنين في كيفية اتخاذ الق اررات الديمقراطية‪.‬‬

‫أخي اًر‪ ،‬إن االنتقال إلى الديمقراطية يسمح بخلق البيئية المالئمة التي يكون فيها للمجتمع‬
‫يحسن أوضاع الديمقراطية‪،‬‬
‫المدني إمكانات أفضل للعمل‪ ،‬ومن تم تعزيز المجتمع المدني‪ ،‬وهو ما ّ‬
‫وفي الوقت ذاته يجعل العودة إلى الحكم السلطوي أم اًر مستبعداً أو أكثر صعوبة‪.‬‬

‫‪LIMAM‬‬ ‫‪Signataire numérique :LIMAM‬‬


‫‪DN :G=LIMAM, C=DZ Algeria,‬‬
‫‪E=hlimam@hotmail.com,‬‬
‫‪OU=univ Alger 3, L=DZ‬‬
‫‪Algeria, CN=LIMAM‬‬
‫‪Date:2023.12.15‬‬
‫‪23:39:02 +01:00‬‬

‫‪30‬‬

You might also like