Professional Documents
Culture Documents
فلسفة الأخلاق في اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم - إشارات في الاستقامة والوسطية -
فلسفة الأخلاق في اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم - إشارات في الاستقامة والوسطية -
فلسفة الأخلاق في اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم - إشارات في الاستقامة والوسطية -
الملخص :
القرآف ىو الكتاب ِ
ا١تهيمن الذي ال تنتهي علومو وعجائبو ،فإذا تأملنا يف آياتو من حيث
ادت عليها من حيث الثبوت والوضوح ،فيفهمها العامة فلسفة األخالؽ وجدنا أهنا تضمنْتها وز ْ
أف االستعاذة تشَت إىل التخلية عن كل على قدر مستواه العلمي والثقايف ،فمثالً ٧تد َّ وا٠تاصةّّ ،
الرذائل ،والبسملة تشَت إىل التحلية بالفضائل ،واٟتمدلة تشَت إىل الًتقي يف الكماالت ،والعبودية هلل
تشَت إىل التحرر من األغيار ،وبذلك يكوف اإلنساف على الصراط ا١تستقيم الذي حيقق االعتداؿ
وم ْن ٖتقق باالستقامة ناؿ الكرامة ،وقد قيلَّ :
إف االستقامة على والوسطية فال إفراط وال تفريطَ ،
الصراط ا١تستقيم من أعظم الكرامات .فهذا البحث يقدّْـ إشار ٍ
ات فلسفية يف االستقامة والوسطية
من خالؿ قولو تعاىل :ﱡﭐ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚﱠ [الفاٖتة .]6 :ذلك َّ
أف الصراط ا١تستقيم
عند بعض العلماء يشَت إىل فضيلة العدالة اليت اعتٌت ّٔا الفالسفة وعدوىا الفضيلة اٞتامعة ألمهات
الفضائل الثالث :اٟتكمة وىي فضيلة القوة العقلية ،والشجاعة وىي فضيلة القوة الغضبية ،والعفة
وىي فضيلة القوة الشهوية ،والعدؿ من مقاصد القرآف العظمى.
الكلمات المفتاحية :االستقامة؛ الوسط؛ الفضيلة؛ فلسفة األخالؽ؛ القرآف .
_____________
* المؤلف المرسل
183
بكار الحاج جاسم.د
.Abstract :
The Holy Quran is a book whose knowledge and miracles are endless,
if we ruminate its verses (ayat) in philosophical and moral aspect, we will
find that the Holy Qur’an includes it and adds to it in terms of consistency
and clarity, it is a holy book that everyone understands regardless of his or
her educational, cultural and knowledge level, For example, the phrase “I
seek refuge in Allah from the cursed Satan”, refers to desire to give up sins.
We also discussed the meanings of “Basmallah” (In the name of Allah, The
All-Merciful, The Ever-Merciful), and how it calls for virtue and good
morals, and the meanings of “Praise be to Allah” which calls for elevation,
and “You alone we worship; and upon You, we call for help” in Surat Al-
Fatiha, and how It calls for the worship of God alone and freedom from
servitude to anyone other than God, Which leads to “the straight path”, or
“the right path “ mentioned in Surat Al-Fatiha. It was said that being on the
straight path is one of the greatest dignities, this research discusses
meanings, connotations, and Moral philosophy in the word of God: “Guide
us along the straight path” (Surat Al-Fatiha: 6), and how that leads to
straightness , rectitude and moderation, this research also discusses
meanings of “the straight path” , as interpreted by scholars and
philosophers, and how some scholars regard it as the overarching virtue of
the three main virtues, namely: Wisdom, which is the virtue of mental
strength. Courage, which is the virtue of power in controlling anger and
rage. Chastity, which is the virtue of power in controlling lust and desires.
Keywords: straightness; moderation; virtue; morality; Qur'an; philosophy .
184
ط ال ُْم ْستَ ِقيم"إشارات في االستقامة والوسطية" فلسفة األخالق في ْ اه ِدنَا ِّ
الص َرا َ
مقدمة:
اإلنساف مفطور على ٚتلة من الصفات النفسانية ،صاٟتة للخَت والشر ،واإلفراط والتفريط،
وخَت األمور أوسطها ،وذلك ما اتفق عليو األنبياء واٟتكماء ،وجاء القرآف ليتمم مكارـ األخالؽ
من خالؿ األسوة اٟتسنة ا١تتمثلة يف النيب ا٠تامت .واإلفراط والتفريط ليس ظاىرة إنسانية فردية
فحسب؛ بل ىي ظاىرة اجتماعية عالَمية أيضاً ،وذلك منذ بدء االجتماع البشري ،وقد ذكر القرآف
ْ
أوؿ تطرؼ بشري وقع من أحد ابٍت آدـ ،إ ْذ قتل أحدمها اآلخر حسداً! ونشهد يف عصرنا
أنواعاً ال تعد وال ٖتصى من التطرؼ البشري األخالقي والديٍت!
اىتم ّٔا كثَت من الفالسفة ،وجعلها القرآف من
اىتم األنبياء بالدعوة إىل الوسطية ،كما َّ
و٢تذا َّ
ا١تقاصد العظمى ،وقد أمر ا١تسلمُت أ ْف يدعوا بالثبات عليها ،فيكرروهنا يف اليوـ والليلة سبع عشرة
مرة يف الصلوات ا١تفروضة ،وذلك يف قولو تعاىل :ﱡﭐ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚﱠ [الفاٖتة.]6 :
وكلما مررت على ىذه اآلية تثَت يف الذىن عدة تساؤالت ،من أبرزىا :السؤاؿ األوؿ :ىذه اآلية
دعاء بطلب ا٢تداية على الصراط ا١تستقيم ،ويدعو ّٔا كل مسلم وال ٧تد ٢تا أثراً يف الواقع ،فما
ٍ
مستوؼ سبب ىذا الفارؽ بُت النظرية والتطبيق؟ ىل النظرية غَت صحيحة أـ َّ
أف الدعاء غَت
ٍ
مستوؼ ثبتت صحة النظرية بالتواتر وأهنا وحي ال يأتيو الباطل ألبتة ،فإذف الدعاء غَت
الشروط؟ و١تَّا ْ
الشروط .السؤاؿ الثاين :إذا كانت ىذه اآلية وأمثا٢تا من اآليات البينات يف وضوح الطريق وعدالتو
ووسطيتو فما سبب التطرؼ الذي يػُْن َسب إىل اإلسالـ؟ السؤاؿ الثالث :ما أكثر ا١تتَ ِفْيػ َه ُقوف
ُ
وا١تتَ َش ّْدقُوف بالنظريات الغربية والشرقية واعًتاضاهتم وانتقاداهتم للقرآف الكرًن ،فَتوف أنو خطاب
ُ
وعظي غَت صاحل لكل زماف ومكاف وغَت ذلك ٦تا يطرحونو! وكل سؤاؿ من ىذه األسئلة حيتاج
لبحث خاص يعاٞتها بعمق ،و٢تذا سأركز على السؤاؿ الثالث الىتمامي بالدراسة ا١تقارنة بُت
أف اإلجابة على اإلشكالُت السابقُت قد تناولتو دراسات متعددة من الفلسفة والقرآف من جهة ،و َّ
خالؿ البحث عن الوسطية يف اإلسالـ عموماً ،فأما ْتثها من اٞتانب الفلسفي األخالقي وإبراز
يتبُت للمبهورين بالفلسفة
العلمية والتوأمة بُت النقل العقل فقليل؛ ٢تذا أبرزهتا بالدراسة حىت َّ
والدراسات العقلية أ ْف القرآف ىو الكتاب ِ
ا١تهيمن يف ثبوتو وداللتو وإعجازه وعلومو ،فال يأتيو الباطل
185
د .بكار الحاج جاسم
من بُت يديو وال من خلفو! فهو النور ا١تبُت الذي أعشى أبصار ا١تكذبُت ،فلم يروا حقائقو؛ ألهنم
كفروا بو وك َذبوا بالنبوة ،فضيَّعوا بذلك علوماً كثَتة تتعلق ٔتصَتىم وحياهتم األبدية .وقد لفت
الدكتور ٤تمد عبد اهلل دراز يف كتابو دستور األخالؽ يف القرآف األنظار إىل ٘تيُّز القرآف عن غَته من
الكتابات يف األخالؽ أنو ٚتع بإجياز بليغ القانوف األخالقي يف تاريخ البشرية وحفظو إىل األبد،
وجاء مكمالً لو.1
فأما ا١تنهج ا١تتبع يف البحث فقد تعدد ما بُت ا١تنهج التحليلي وا١تقارف واالستنتاجي ،وأما
فتضمنت سبب اختيار
ْ خطة البحث فجاءت يف مقدمة و٘تهيد وثالثة مباحث ،فأما ا١تقدمة
ا١توضوع وأمهيتو وا١تنهج وخطة البحث .وأما التمهيد فيشتمل على التعريف بفلسفة األخالؽ .وأما
ا١تبحث األوؿ :االستقامة والوسطية ففيو ثالثة مطالب :ا١تطلب األوؿ :تعريف االستقامة يف اللغة.
ا١تطلب الثاين :معٌت االستقامة يف االصطالح .ا١تطلب الثالث :معٌت االستقامة يف القرآف .وأما
ا١تبحث الثاين :معٌت الوسطية :ففيو ثالثة مطالب :ا١تطلب األوؿ :تعريف الوسط يف اللغة .ا١تطلب
الثاين :تعريف الوسط يف االصطالح .ا١تطلب الثالث :معٌت الوسط يف القرآف .وأما ا١تبحث الثالث:
الوسط منهج اكتساب الفضائل :ففيو أربعة مطالب :ا١تطلب األوؿ :اٟتكمة فضيلة القوة العاقلة.
ا١تطلب الثاين :الشجاعة فضيلة القوة الغضبية .ا١تطلب الثالث :العفة فضيلة القوة الشهوية .ا١تطلب
الرابع :العدالة الفضيلة اٞتامعة .وأما ا٠تا٘تة فتضمنت أبرز نتائج البحث.
186
ط ال ُْم ْستَ ِقيم"إشارات في االستقامة والوسطية" فلسفة األخالق في ْ اه ِدنَا ِّ
الص َرا َ
تمهيد :التعريف بفلسفة األخالق :
ع َّػرؼ الكنػدي الفلسػفة بأهنػا "علػػم األشػياء ْتقائقهػا بقػدر طاقػػة اإلنسػاف" .ونُِقػل عنػو أيضػاً
2
أهنا" :التشبو باإللو بقدر الطاقة اإلنسانية" .3وىذا التعريف الثاين يشَت إىل الغاية مػن الفلسػفة ،وىػي
استكماؿ النفس اإلنسانية فضائلها.
اؿ للنفس داعية ٢تا إىل أفعا٢تا مػن غػَت فِكْػر وال "ح ٌ
ومعٌت ا٠تُلُق يف االصطالح الفلسفي ىوَ :
َرِويػَّػة" .4فػػا٠تُلُق َملَكػػة راسػػخة يف الػػنفس ،فمػػثالً َمػ ْػن يصػػدر منػػو بػػذؿ ا١تػػاؿ علػػى النػػدور ،ال يقػػاؿ :
ُخلُ ُقو السخاء ،وكذلك من تكلف السكوت عند الغضب ّتهد أو روية ،ال يقاؿُ :خلُ ُقو اٟتِْلم.
وبع ػػد التعري ػػف بالفلس ػػفة وب ػػاألخالؽ ديك ػػن أف نع ػ ّْػرؼ با١ترك ػػب اإلض ػػايف "فلس ػػفة األخ ػػالؽ"
ػت سػػلوكاًبأهنػا" :العلػم بصػفات الػنفس اإلنسػانية ،وسياسػتها؛ السػتكماؿ سػعادهتا" .فػاألخالؽ ليس ْ
عملياً فحسب؛ بل ىي علم وعمل.5
المبحث األول :االستقامة والوسطية :
المطلب األول :تعريف االستقامة في اللغة :
قاـ أَقمت الشيء وقَػ َّومتو فَقاـ ٔ :تعٌت استقاـ ،واالستِقامة :اعتداؿ الشيء و ِ
استَ َ
استواؤه ،و ْ
ْ ْ ْ َ ْ ْ ُ
6
الع ْدؿ .واالستقامة: ِ
صف ،وال َقو ُاـ َ :
وقاـ ميزا ُف النهار :إذا انْػتَ َ
مدحو وأَثٌت عليوَ ،
فالف بفالف أيَ :
لزوـ ا١تنهج القوًن ،7واالعتداؿ .8أي :الوسط بُت اإلفراط والتفريط ،والوسط ىو ا١تنهج الذي بو
تتحقق الفضائل يف النفس اإلنسانية.
ب إِ َىل اهلل؟ قَ َ
اؿ: َح ُّ ِ َّيب عندما ُسئِ َل( :أ ُّ
َي األ َْع َماؿ أ َ ِ
يشَت إىل لزوـ ا١تنهج القوًن قوؿ الن ّ
اؿ :ا ْكلَ ُفوا ِم َن األ َْع َم ِاؿ َما تُ ِطي ُقو َف) .9ا ْكلَ ُفوا :بفتح الالـ وضمها ،أي :اإلبالغ
أ َْد َوُم َها َوإِ ْف قَ َّل َوقَ َ
بالشيء إىل غايتو ،يقاؿ :كلفت بالشيء إذا أولعت بو .10قاؿ اإلماـ النووي" :وإمنا كاف القليل
الدائم خَتاً من الكثَت ا١تنقطع؛ ألف بدواـ القليل تدوـ الطاعة والذكر وا١تراقبة والنية واإلخالص
واإلقباؿ على ا٠تالق سبحانو وتعاىل ،ويثمر القليل الدائم ْتيث يزيد على الكثَت ا١تنقطع أضعافاً
ص َد تَػْبػلُغُوا) .12أَي " :إلزموا الطَّ ِريق
ْ ق
َ ال د
َ ص
ْ ق
َ (ال : النيب قوؿ االعتداؿ إىل ويشَت . 11
كثَتة"
الوسط ا١تعتدؿ تبلغوا ا١تنزؿ الَّ ِذي ىو مقصدكم".13
187
د .بكار الحاج جاسم
فسر اآللوسي االستقامة يف ىذه اآلية بالوسط فقاؿ" :ىذا أمر بالدواـ على [ىودَّ .]112 :
االستقامة وىي لزوـ ا١تنهج ا١تستقيم ،وىو ا١تتوسط بُت اإلفراط والتفريط ،وىي كلمة جامعة لكل ما
يتعلق بالعلم والعمل وسائر األخالؽ".21
189
د .بكار الحاج جاسم
ﱬﱮﱯﱰﱱ
ﱭ ﭐﱡﭐ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ رابعاً :قولو تعاىل :
ﱴ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹﱠ[يس .]60،61:طاعة الشيطاف تسلك باإلنساف السبل ﱵ ﱲﱳ
ا١تعوجة ا١تزعجة ،وطاعة الرٛتن تسلك باإلنساف الطريق ا١تستقيم الذي ال عوج فيو من األباطيل
ومساوئ األخالؽ ،والعبادة هلل تعاىل كما أمر ىي الضماف يف االستقامة على الصراط ا١تستقيم.
ﭐﱡﭐﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ خامساً :قولو تعاىل:
ﱡ ﱢ ﱣﱤ ﱠ[الفاٖتة .]6،7:ذكر الرازي عدة لطائف يف معٌت الصراط ا١تستقيم يف
ىذه اآلية ،منو :
اللطيفة األوىل :أف ا١تنهج اٟتق يف االعتقادات ويف األعماؿ ىو الصراط ا١تستقيم ،أما يف
االعتقادات فبيانو من وجوه :األوؿ :أف من توغل يف التنزيو وقع يف التعطيل ونفي الصفات ،ومن
توغل يف اإلثبات وقع يف التشبيو وإثبات اٞتسمية وا١تكاف ،فهما طرفاف معوجاف ،والصراط ا١تستقيم
اإلقرار ا٠تاِل ع ن التشبيو والتعطيل .والثاين :أف من قاؿ فعل العبد كلو منو فقد وقع يف القدر ،ومن
قاؿ ال فعل للعبد فقد وقع يف اٞترب ،ومها طرفاف معوجاف ،والصراط ا١تستقيم إثبات الفعل للعبد مع
اإلقرار بأف الكل بقضاء اهلل ،وأما يف األعماؿ فنقوؿ :من بالغ يف األعماؿ الشهوانية وقع يف
الفجور ،ومن بالغ يف تركها وقع يف اٞتمود ،والصراط ا١تستقيم ىو الوسط ،وىو العفة ،وأيضاً من
بالغ يف األعماؿ الغضبية وقع يف التهور ،ومن بالغ يف تركها وقع يف اٞتنب ،والصراط ا١تستقيم ىو
الوسط ،وىو الشجاعة .
اللطيفة الثانية :أف ذلك الصراط ا١تستقيم وصفو بصفتُت :أوالمها إجيابية ،واألخرى سلبية،
أما اإلجيابية فكوف ذلك الصراط صراط الذين أنعم اهلل عليهم من النبيُت والصديقُت والشهداء
والصاٟتُت ،وأما السلبية فهي أف تكوف ٓتالؼ صراط الذين فسدت قواىم العملية بارتكاب
الشهوات حىت استوجبوا غضب اهلل عليهم ،وٓتالؼ صراط الذين فسدت قواىم النظرية ،حىت ضلوا
عن العقائد اٟتقية وا١تعارؼ اليقينية.22
أف ىناؾ عالقة وثيقة بُت االستقامة والوسطية أو االعتداؿ؛ ٢تذا نبحث يفنستنتج ٦تا سبق َّ
معٌت الوسطية يف ا١تبحث الثاين :
190
ط ال ُْم ْستَ ِقيم"إشارات في االستقامة والوسطية" فلسفة األخالق في ْ اه ِدنَا ِّ
الص َرا َ
المبحث الثاني :معنى الوسطية :
المطلب األول :تعريف الوسط في اللغة :
ِ يك :اسم لِما بػُت طَر َيف الش ِ ط بالتَّح ِر ِ
الرْم ِح
ط ُّ ت َو َس َ ط اٟتَْب ِل وَك َس ْر ُ ت َو َس َضُ ك :قَػبَ ْ َّيء ،ك َق ْول َ ْ ٌ َ َْ َ َ الو َس َ ْ َ
س َخَرِزَىا ،وتَػ َو َّس َ ِ الدة :الد َّ َِّ ِ ِ ِ ت و َس َ ِ
َخ َذ
ط :أ َ ُّرةُ اليت يف َو َسطها وىي أَنْػ َف ُ وواسطَةُ الق َ ط ال ّدارَ ، وجلَ ْس ُ ََ
طالو َس َ ِ ِ الرِد ِ
يءَ ،ر ُج ٌل َو ِسي ٌ ُت اٞتَيّْ ِد و َّ
الوساطَةَ .و َ ط بػَْيػنَػ ُه ْمَ :عم َل َ يب ،وتَػ َو َّس َط أَي َحس ٌ ط وىو بػَ ْ َ ا َلو َس َ
كو َس ِط ا١ت ْر َعى ط الشَّي ِء أَفْضلُو ِ
وخيَ ُاره اٝتَاً ِم ْن ِج َه ِة أ َّ
َصلُو أَ ْف يَ ُكو َف ْ قَ ْد يَأِِْت ِص َفةً وإِ ْف كا َف أ
َ َف أ َْو َس َ ْ َ ْ
َ
ب.23 وب َخْيػر من طَرفِْيػ َها لِتَم ُّك ِن الراكِ ِ كو َس ِط الدَّابَّة ُّ
للرُك ِ ِ ِ
ّ َ َ ٌ َخْيػٌر م ْن طََرفَػْيو و َ
المطلب الثاني :تعريف الوسط في االصطالح :
قاؿ أرسطو " :إف الوسط بالنسبة لشيء ما ،ىو النقطة اليت توجد على بعد سواء ،من كال
الطرفُت ،واليت ىي واحدة وبعينها يف كل األحواؿ ،أما باإلضافة إىل اإلنساف ،باإلضافة إلينا،
فالوسط ىو ىذا الذي ال يعاب باإلفراط وال بالتفريط ،وىذا ا١تقدار ا١تتساوي بعيد أف يكوف واحداً
بالنسبة ٞتميع الناس ،وال ىو بعينو بالنسبة للجميع" .24يالحظ يف تعريف أرسطو للوسط أنَّو على
نوعُت :األوؿ :وسط معياري (حسايب) ،وذلك يف احملسوسات .والثاين :وسط معنوي(اعتباري)،
وذلك يف اإلنساف كما قاؿ ،فهذا خيتلف من إنساف إىل آخر ،وضابطو ال إفراط وال تفريط.
أف الوسط ىو مركز األشياء ،كا١تركز من وقد تكلم مسكويو عن الوسط يف األخالؽ فذكر َّ
الدائرة ،ىو على غاية البعد من احمليط ،فعلى ىذا الوجو ينبغي أف يفهم معٌت الوسط من الفضيلة،
و٢تذا إذا ا٨ترفت الفضيلة عن موضعها ا٠تاص ّٔا أدىن ا٨تراؼ قربت من رذيلة أخرى ،وَل تسلم من
العيب ْتسب قرّٔا من تلك الرذيلة اليت ٘تيل إليها؛ و٢تذا صعب جداً وجود ىذا الوسط ،مث
التمسك بو بعد وجوده أصعب؛ وذلك أف األطراؼ اليت تسمى رذائل من األفعاؿ واألحواؿ والزماف
وسائر اٞتهات كثَتة جداً؛ ولذلك كانت دواعي الشر أكثر من دواعي ا٠تَت ،وجيب أف تطلب
أوساط تلك األطراؼ ْتسب كل فرد فرد.25
اٟتق بُت الطرفُت ،فهو الصراط ا١تستقيم ،وىو
طُّ :و٠تَّص الغزاِل كالـ مسكويو فقاؿ " :الوس ُ
القرب منو".26 ِ ُّ
أرؽ من الشعرة و ُّ
أحد من السيف ،فإ ْف ُعجَز عنو فليُطْلَب ُ
191
د .بكار الحاج جاسم
وقد يػُ ْف َهم من كالـ مسكويو والغزاِل َّ
أف الوسط حسايب ،حيث ىو كا١تركز من الدائرة ،أو
ىو أدؽ من الشعرة ،ولكن ليس األمر كذلك ،فهما يتكلماف عن الوسط الذي ىو العدؿ ،أي:
إصابة اٟتق على ما ىو عليو ،وىذا أمر يصعب على النفس اإلنسانية؛ لذلك إتهوا إىل طلب
ﲬ ﱠﭐﭐﭐﭐﭐﭐﭐﭐﭐ
ﲭ ﭐﱡﭐ ﲩ ﲪ ﲫ يفسر قولو تعاىل: القرب منو ،وىذا كالـ دقيق جداً ،وكأنو ّْ
ِ
َف ّْدوا َوقَا ِربُوا َو ْاعلَ ُموا أَ ْف لَ ْن يُ ْدخ َل أ َ
َح َد ُك ْم َع َملُوُ اٞتَنَّةَ َوأ َّ (سد ُ
[ا١تائدة .]8ويشَت إليو قوؿ النيب َ :
ب األ َْع َم ِاؿ إِ َىل اهلل أ َْد َوُم َها َوإِ ْف قَ َّل).27
َح َّ
أَ
المطلب الثالث :معنى الوسط في القرآن :
تبُت أهنا جاءت على معنيُت :األوؿ :صفة للشيء بأنو
بعد استقراء كلمة الوسط يف القرآف َّ
خَت وأفضل ،يشَت إليو قولو تعاىل :ﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱠ[البقرة .]143أي:
ِ
األشياء أوسطُها ،و١تا كاف الوسط ٣تانباً للغلو والتقصَت أٛتد 28
خياراً ،أو عدوالً .وأصل ىذا أف َ
ﭐﱡﭐ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﱠ كاف ٤تموداً .الثاين :اسم ١تا بُت طريف الشيء ،ويشَت إليو قولو تعاىل:
[العاديات .]5:أي :فتوسطن بذلك الوقت أو بالعدو ،أو بالنقع ،أي ملتبسات بو .29ويستنبط
من ىذين ا١تعنُت تعريف الوسطية فيقاؿ" :ىي االعتداؿ يف األشياء كماً وكيفاً" .فالكم يشَت إىل
احملسوسات ،والكيف يشَت إىل ا١تعنويات .
وا٠تطاب يف قولو تعاىل :ﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱠ [البقرة ّٓ .]143موع األمة
وليس لكل فرد من أفرادىا ،فا١تعٌت أنو البد وأف يوجد فيما بينهم َم ْن يكوف ّٔذه الصفة ،30وىذه
األمة ليست مقصورة على جنس أو لوف أو لغة ،وىذه الوسطية تقتضي الشهود ا١تستمر على
ﭐﱡﭐ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ الناس؛ إلقامة اٟتجة عليهم ،لقولو تعاىل:
ﱥ ﱠ[البقرة .]143 :وشهود األمة كائن يف الدنيا واآلخرة ،وإىل ىذا أشار البيضاوي فقاؿ :
ﱦ
"لتكونوا شهداء على معاصريكم ،وعلى الذين َم ْن قبلكم أو بعدكم" .31ونالحظ أف اآلية قد
ربطت بُت شهادة األمة على الناس وشهادة الرسوؿ على ىذه األمة نفسها ،ووجو اٟتكمة يف
ذلك ػ واهلل أعلم ػ أف تبقى األمة حريصة على أداء شهادهتا كما يريد منها اهلل ورسولوِ ،م ْن أمر
با١تعروؼ وهني عن ا١تنكر ودعوة إىل اهلل تعاىل ،فهذه أعماؿ الشهادة على الناس ،فال ٘تيل
192
ط ال ُْم ْستَ ِقيم"إشارات في االستقامة والوسطية" فلسفة األخالق في ْ اه ِدنَا ِّ
الص َرا َ
بشهادهتا ألي عرض من أعراض اٟتياة الدنيا ،فإف فعلت ذلك فلتعلم أف الرسوؿ شهيد على
أعما٢تا .وشهادة الرسوؿ على شهادة األمة تتمثل يف سنتو الشريفة اليت تستقي منها األمة
صمت األمة من الضاللة ،فال ٕتتمع على خطأ، منهجاً قودياً يف شهادهتا وحياهتا ،وبناء على ىذا ع ِ
ُ
32
كما قاؿ النيب ( :إف اهلل ال جيمع أميت أو قاؿ أمة ٤تمد على ضاللة) .ؤّذا ا١تفهوـ
لوسطية األمة وشهودىا يتضح لدينا أهنا سنة إ٢تية مطردة إىل قياـ الساعة؛ بل ستكوف شاىد ًة على
وح يػَ ْوَـ الْ ِقيَ َام ِة فَػيَػ ُق ُ
وؿ األمم يوـ القيامة أيضاً كما ورد يف اٟتديث عن النيب أنو قاؿ ( :يُ ْد َعى نُ ٌ
اؿ أل َُّمتِ ِو َى ْل بػَلَّغَ ُك ْم فَػيَػ ُقولُو َف َما أَتَانَا ِم ْن
وؿ نػَ َع ْم فَػيُػ َق ُ
ت فَػيَػ ُق ُ وؿ َى ْل بػَلَّ ْغ َ ب فَػيَػ ُق ُ
ك يَا َر ّْك َو َس ْع َديْ َ لَبَّػْي َ
وؿ َعلَْي ُك ْم َش ِه ً
يدا وؿ ُ٤تَ َّم ٌد َوأ َُّمتُوُ فَػتَ ْش َه ُدو َف أَنَّوُ قَ ْد بػَلَّ َغ َويَ ُكو َف َّ
الر ُس ُ ك فَػيَػ ُق ُ
وؿ َم ْن يَ ْش َه ُد لَ َنَ ِذي ٍر فَػيَػ ُق ُ
ل ِذ ْك ُرهُ ﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ك قَػ ْولُوُ َج َّ ِ
فَ َذل َ
ط الْ َع ْد ُؿ).33 ﱥ ﱠ َوالْ َو َس ُ ﱦ ﱣﱤ
قوة اليقُت ،وىو ٙترة العقل ومنتهى اٟتكمة ،وآّاىدة با١تاؿ ىو السخاء الذي يرجع إىل ضبط قوة
الشهوة ،وآّاىدة بالنفس ىي الشجاعة اليت ترجع إىل استعماؿ قوة الغضب على شرط العقل وحد
االعتداؿ . 38ويف ىذا ا١تبحث نتكلم عن إشارات القرآف إىل ىذه الفضائل األربع من خالؿ منهج
الوسطية :
المطلب األول :الحكمة فضيلة القوة العاقلة :
القوة العاقلة :ىي القوة اليت ّٔا يكوف الفكر والتمييز والنظر يف حقائق األمور ،والفضيلة
الصادرة عنها ىي اٟتكمة .39واٟتكمة ىي" :علم يبحث فيو عن حقائق األشياء على ما ىي عليو
يف الوجود بقدر الطاقة البشرية...؛ واٟتكمة وسط بُت السفو والبلو ،ومعٌت السفو :استعماؿ القوة
الفكرية فيما ال ينبغي ،والبلو تعطيل ىذه القوة .40وقد أشار القرآف إىل اٟتكمة يف مواضع متعددة،
منها :
ﲾﳀ
ﲿ ﲶﲸﲹﲺﲻ ﲼﲽ
ﲷ ﭐﱡﭐ ﲳ ﲴ ﲵ أوالً :قولو تعاىل :
ﱠ [البقرة .]269 :ذكر ابن عاشور َّ
أف اٟتكمة يف نظر الدين على ﳁﳂﳃﳄﳅ
أربعة فصوؿ :األوؿ :معرفة اهلل حق معرفتو ،وىو علم االعتقاد اٟتق ،ويسمى عند اليوناف العلم
اإل٢تي ،أو ما وراء الطبيعة .الثاين :علم األخالؽ .الثالث :هتذيب العائلة ،وىو ا١تسمى عند اليوناف
علم تدبَت ا١تنزؿ .الرابع :تقوًن األمة وإصالح شؤوهنا ،وىو ا١تسمى علم السياسة ا١تدنية .41وٙترة
اٟتكمة كما قاؿ الغزاِل" :أف يتيسر لو الفرؽ بُت اٟتق والباطل يف االعتقادات ،وبُت الصدؽ
والكذب يف ا١تقاؿ ،وبُت اٞتميل والقبيح يف األفعاؿ ،وال يلتبس عليو شيء من ذلك ،مع أنو األمر
ا١تلتبس على أكثر ا٠تلق".42
ﱍﱏ
ﱎ ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱈ
ﱇﱉﱊﱋ ﱌ ثانياً :قولو تعاىل :
ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱠ [لقماف .]12 :وقد أشار لقماف إىل فكرة الوسطية يف وصاياه كما
194
ط ال ُْم ْستَ ِقيم"إشارات في االستقامة والوسطية" فلسفة األخالق في ْ اه ِدنَا ِّ
الص َرا َ
ﳝ ﳟﳠ ﳡﳢ ﳣﳤ ﱠ
ﳞ ﭐﱡﭐ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ حكى القرآف:
[لقماف .] 19 :فأشار با١تشي إىل األفعاؿ ،وأشار بالصوت إىل األقواؿ ،ؤّذا ٚتع بُت أحواؿ
اإلنساف كلّْها ،فينبغي أ ْف تكوف على ّْ
حد االعتداؿ ،سواء مع نفسو أو مع الناس .
المطلب الثاني :الشجاعة فضيلة القوة الغضبية :
القوة الغضبية :ىي القوة اليت ّٔا يكوف الغضب والنجدة واإلقداـ على األىواؿ ،والشوؽ إىل
التسلط والًتفع ،وضروب الكرامات ،والفضيلة الصادرة عنها ىي الشجاعة...؛ والشجاعة أ ْف تظهر
يف اإلنساف ْتسب انقيادىا ل لنفس الناطقة ،واستعماؿ ما يوجبو الرأي يف األمور ا٢تائلة ،أي :ال
خياؼ من األمور ا١تفزعة إذا كاف فعلها ٚتيالً ،والصرب عليها ٤تموداً ،ومىت كانت حركة النفس
الغضبية معتدلة تطيع النفس العاقلة ،فال هتيج يف غَت حينها ،وال ٖتمي أكثر ٦تا ينبغي ٢تا ،حدثت
منها فضيلة اٟتلم ،وتتبعها فضيلة الشجاعة...؛ وفضيلة الشجاعة ىي وسط بُت رذيلتُت :إحدامها
اٞتنب واألخرى التهور .43فالتهور لطرؼ الزيادة عن االعتداؿ ،وىي اٟتالة اليت ّٔا يقدـ اإلنساف
على األمور احملظورة ،اليت جيب يف العقل االحجاـ عنها ،وأما اٞتنب فلطرؼ النقصاف ،وىي حالة
صَرؼ عن اإلقداـ حيث جيب اإلقداـ ،فيصدر من ّٔا تنقص حركة الغضبية عن القدر الواجب ،فتُ ْ
خلق الشجاعة اإلقداـ حيث جيب وكما جيب ،وىو ا٠تلق اٟتسن احملمود ،وإياه أريد بقولو تعاىل:
ﱃ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱠ [الفتح .]29:فالشدة والرٛتة ْتسب ا١تقاـ، ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱄ
واحملمود منهما ما وافق العقل والشرع.44
قاؿ الراغب األصفهاين " :إف اعتربت [يعٍت الشجاعة] وىي يف النفس فصرامة القلب على
األىواؿ وربط اٞتأش يف ا١تخاوؼ ،وإف اعتربت بالفعل فاإلقداـ على موضع الفرصة ،وىي فضيلة
بُت التهور واٞتنب ،وىي تتولد من الفزع والغضب إذا كانا متوسطُت ،فإف الغضب قد يكوف مفرطًا
مقصرا كمن ال يغضب من االجًتاء على حرمو
ً كمن حيتد سر ًيعا من أشياء صغَتة ،وقد يكوف
وشتم أبيو وأمو ،وقد يكوف متوسطًا على ما جيب يف وقت ما جيب وبقدر ما جيب ،وكذلك الفزع
مقصرا فيتولد عنو الوقاحة والغمارة ،كمن ال يفزع من شتم
قد يكوف مفرطًا فيتولد منو اٞتنب ا٢تالع ،و ً
آبائو وتضييع حرمو وأصدقائو ،وقد يكوف متوسطًا كما جيب وبقدر ما جيب ولكوهنما".45
195
د .بكار الحاج جاسم
وقاؿ ابن قدامة " :والناس يف قوة الغضب على درجات ثالث :إفراط ،وتفريط ،واعتداؿ،
فال حيمد اإلفراط فيها ،ألنو خيرج العقل والدين عن سياستهما ،فال يبقى لإلنساف مع ذلك نظر وال
فكر وال اختيار .والتفريط يف ىذه القوة أيضاً مذموـ ،ألنو يبقى ال ٛتية لو وال غَتة ،ومن فقد
الغضب بالكلية ،عجز عن رياضة نفسو ،إذ الرياضة إمنا تتم بتسلط الغضب على الشهوة ،فيغضب
على نفسو عند ا١تيل إىل الشهوات ا٠تسيسة ،ففقد الغضب مذموـ ،فينبغي أف يطلب الوسط بُت
الطريقُت .واعلم :أنو مىت قويت نار الغضب والتهبت ،أعمت صاحبها ،وأصمتو عن كل موعظة،
ألف الغضب يرتفع إىل الدماغ ،فيغطى على معادف الفكر ،ورٔتا تعدى إىل معادف اٟتس ،فتظلم
عينو حىت ال يرى بعينو ،وتسود الدنيا يف وجهو ،ويكوف دماغو على مثاؿ كهف أضرمت فيو نار،
فاسود جوه ،وٛتى مستقره ،وامتأل بالدخاف ،وكاف فيو سراج ضعيف فانطفأ ،فال يثبت فيو قدـ،
وال تسمع فيو كلمة ،وال ترى فيو صورة ،وال يقدر على إطفاء النار ،فكذلك يفعل بالقلب والدماغ،
ورٔتا زاد الغضب فقتل صاحبو".46
ورأى الغزاِل َّ
أف األسباب ا١تهيجة للغضب ىي :الزىو والعجب وا١تزاح وا٢تزؿ وا٢تزء والتعيَت
وا١تماراة وا١تضادة والغدر وشدة اٟترص على فضوؿ ا١تاؿ واٞتاه .وكل صفة من ىذه الصفات يفتقر
يف عالجها إىل رياضة وٖتمل مشقة ،وحاصل رياضتها يرجع إىل معرفة غوائلها؛ لًتغب النفس عنها
وت نفر عن قبحها ،مث ا١تواظبة على مباشرة أضدادىا مدة مديدة حىت تصَت بالعادة مألوفة ىينة على
النفس ،فإذا امنحت عن النفس فقد زكت وتطهرت عن ىذه الرذائل ،وٗتلصت أيضاً عن الغضب
الذي يتولد منها.
ومن أشد البواعث على الغضب عند أكثر اٞتهاؿ تسميتهم الغضب شجاعة ورجولية وعزة
نفس وكرب مهة ،وتلقيبو باأللقاب احملمودة غباوة وجهالً ،حىت ٘تيل النفس إليو وتستحسنو ،وقد
يتأكد ذلك ْتكاية شدة الغضب عن األكابر يف معرض ا١تدح بالشجاعة ،والنفوس مائلة إىل التشبو
باألكابر ،فيهيج الغضب إىل القلب بسببو ،وتسمية ىذا عزة نفس وشجاعة جهل ،بل ىو مرض
س
قلب ونقصاف عقل؛ بل القوي من ديلك نفسو عند الغضب ،كما قاؿ رسوؿ اهلل( : لَْي َ
ِ َّد ِ ِ ِ ِ
ب).47ضِ الصَر َع ِة ،إَِّمنَا الش ُ
يد الَّذي ديَْل ُ
ك نَػ ْف َسوُ عْن َد الغَ َ يد بِ ُّ
الشَّد ُ
196
ط ال ُْم ْستَ ِقيم"إشارات في االستقامة والوسطية" فلسفة األخالق في ْ اه ِدنَا ِّ
الص َرا َ
واالمتناع عن أسباب الغضب ىو ا١تعٍت بقوؿ رسوؿ اهلل ( : ال تغضب) .48أي :اجتنب
أسباب ال غضب وال تتعرض ١تا جيلبو ،وأما نفس الغضب فال يتأتى النهي عنو؛ ألنو أمر طبيعي ال
يزوؿ من اٞتبلة ،فما كاف من قبيل الطبع اٟتيواين ال ديكن دفعو فال يدخل يف النهي؛ ألنو من
تكليف احملاؿ ،وما كاف من قبيل ما يكتسب بالرياضة فهو ا١تراد.49
ﭐﱡ ﱂ ويعُت على ترؾ الغضب استحضار ما جاء يف كظم الغيظ من الفضل ،كقولو تعاىل :
ﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐ
ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱠ [آؿ عمراف
.]134 ،133:وكذلك أف يستحضر َّ
أف الغضب من نزغ الشيطاف الذي يريد أ ْف يصرفو عن
ﭐﱡﭐ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ٤تاسن األخالؽ ،قاؿ تعاىل:
ﱳﱵﱶﱷﱸﱹ ﱺﱻﱼﱽﱾﱿﲀ
ﱴ ﱯﱰﱱﱲ
ﳀﳂﳃﳄﳅ
ﳁ ﭐﱡﭐ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ
ﳒﳔﳕﳖﳗﳘ
ﳓ ﳌﳎﳏﳐﳑ
ﳍ ﳇﳉﳊﳋ
ﳈ ﳆ
ﱡﭐ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﳙ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ﱠ[النساء .]6 :وقاؿ تعاىل:
ﳚ
ﱞ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪﱫ ﱬ ﱭ ﱮ
ﱟ ﱜﱝ
ﱾﲀﲁ
ﱿ ﱱﱳ ﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽ
ﱲ ﱯﱰ
[النور .]33 :وأشار القرآف إىل الوسطية يف ا١تأكل ﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈ ﲉﱠ
ﱌﱎﱏﱐ
ﱍ ﱡﭐ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ وا١تشرب ،فقاؿ تعاىل:
ﱑ ﱒ ﱠ [األعراؼ .]31 :أي :ال تسرفوا باإلفراط والتفريط ،فإف العدالة صراط اهلل تعاىل
ا١تستقيم .54ويف ىذا انسجاـ مع مبدأ الوسطية ،فال إسراؼ وال تقتَت ،وال امتناع عن ا١تادية ولذائذ
اٟتياة ا١تشروعة ،وال رغبة يف الرىبانية والزىد ا١تؤدي إىل الكبت وتعذيب النفس وإضعاؼ اٞتسد
وحرمانو ،كما ال إغراؽ يف الشهوات وانتهاب اللذات فوؽ القدر ا١تعتاد ا١تتوسط .55وكذلك أشار
ﱡﭐ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ القرآف إىل الوسطية يف اإلنفاؽ ،فقاؿ تعاىل:
ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﱠ[الفرقاف .]67:ومعٌت "قَػ َو ًاما" ،أي :العدؿ بُت الشيئُت؛ الستقامة الطرفُت
56
واعتدا٢تما .وقاؿ تعاىل :ﭐﱡﭐ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ
ﱚ ﱛ ﱠ [اإلسراء .]29 :قاؿ الرازي " :وحاصل الكالـ :أف اٟتكماء ذكروا يف كتب
طريف إفراط وتفريط ،ومها مذموماف ،فالبخل إفراط يف اإلمساؾ ،والتبذير
«األخالؽ» أف لكل خلق َّ
إفراط يف اإلنفاؽ ،ومها مذموماف ،وا٠تلق الفاضل ىو العدؿ والوسط".57
المطلب الرابع :العدالة الفضيلة الجامعة :
ث للنفس من اجتماع الفضائل الثالث السابقة ،وذلك عند العدالة ىي الفضيلة اليت َْٖت ُد ُ
مسا١تة ىذه القوى بعضها لبعض ،واستسالمها للقوة العاقلة ،وحيدث لإلنساف ّٔا ٝتة خيتار ّٔا أبداً
اإلنصاؼ من نفسو أوالً ،مث اإلنصاؼ واالنتصاؼ من غَته ولو .58والعدؿ روح الفضائل اإلنسانية
باتفاؽ األدياف واٟتكماء! ويعٍت :التخلق بالوسطية يف عالقة اإلنساف مع نفسو ومع غَته ،فال
إفراط وال تفريط يف اٟتقوؽ والواجبات .والعدؿ ظاىرة كونية ربانية ،فكل شيء قائم بالعدؿ،
198
ط ال ُْم ْستَ ِقيم"إشارات في االستقامة والوسطية" فلسفة األخالق في ْ اه ِدنَا ِّ
الص َرا َ
ﲢﲤ
ﲣ ﲞﲠﲡ
ﲟ تعاىل :ﭐﱡﭐ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ وإىل ىذه اٟتقيقة يشَت قولو
ﭐﱡﭐ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﲥ ﲦ ﲧ ﱠ[األنعاـ .]115 :وقولو تعاىل:
ﱟ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱠ [آؿ عمراف .]18 :قاؿ الرازي:
ﱠ ﱜﱝﱞ
"معٌت كونو قائماً بالقسط :قائماً بالعدؿ ،كما يقاؿ :فالف قائم بالتدبَت ،أي :جيريو على
االستقامة ،واعلم أف ىذا العدؿ منو ما ىو متصل بباب الدنيا ،ومنو ما ىو متصل بباب الدين ،أما
ا١تتصل بالدينا ،فانظر أوالً يف كيفية خلقة أعضاء اإلنساف ،حىت تعرؼ عدؿ اهلل تعاىل فيها ،مث انظر
إىل اختالؼ أحواؿ ا٠تلق يف اٟتسن والقبح ،والغٌت والفقر والصحة والسقم ،وطوؿ العمر وقصره
واللذة واآلالـ ،واقطع أف كل ذلك عدؿ من اهلل وحكمة وصواب ،مث انظر يف كيفية خلقو العناصر
وأجراـ األف الؾ ،وتقدير كل واحد منها بقدر معُت وخاصية معينة ،واقطع بأف كل ذلك حكمة
وصواب ،أما ما يتصل بأمر الدين ،فانظر إىل اختالؼ ا٠تلق يف العلم واٞتهل ،والفطانة والبالدة
وا٢تداية والغواية ،واقطع بأف كل ذلك عدؿ وقسط" .59وقاؿ ابن عاشور" :وقد أقاـ اهلل القسط يف
تكوين العواَل على نظمها ،ويف تقدير بقاء األنواع ،وإيداع أسباب ا١تدافعة يف نفوس ا١توجودات،
وفيما شرع للبشر من الشرائع يف االعتقاد والعمل؛ لدفع ظلم بعضهم بعضاً ،وظلمهم أنفسهم،
فهو القائم بالعدؿ سبحانو ،وعدؿ الناس مقتبس من ٤تاكاة عدلو".60
أف كماؿ العدالة ال يكوف إالوقد ٚتع القرآف بُت العدؿ والصراط ا١تستقيم ،ويف ذلك إشارة إىل َّ
ﭐﱡﭐ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ بالوقوؼ على الصراط ا١تستقيم ،قاؿ تعاىل:
ﲅﲆﲇﲈﲉ ﲊﲋﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔ ﲕﲖ
ﲧﲩﲪ
ﲨ ﲟﲡﲢﲣﲤﲥ ﲦ
ﲠ ﲚﲛﲜﲝ ﲞ
بغض قوـ على أف ٕتوروا عليهم وٕتاوزوا اٟتد فيهم ،بل اعدلوا فيهم وإف أساؤوا عليكم ،وأحسنوا
إليهم وإف بالغوا يف إحياشكم ،فهذا خطاب عاـ ،ومعناه أمر اهلل تعاىل ٚتيع ا٠تلق بأف ال يعاملوا
أحداً إال على سبيل العدؿ واإلنصاؼ ،وترؾ ا١تيل والظلم واالعتساؼ".62
والعدالة حُت تُطلب مع ا٠تصم ىي تقريع لذلك ا٠تصم؛ َّ
ألف عدالة ا١تسلم مع ا٠تصم رٔتا
يفكر يف حقيقة الدافع إلقامة العدؿ معو ،وقد يدفعو ىذا التفكَت إىل اإلدياف والتقوى ،وإىل ٕتعلو ّْ
أف ا٠تصم يكوف أقرب إىل التقوى ب لِلتَّػ ْق َوى" أي َّ : ىذه اٟتقيقة يشَت قولو تعاىلِ :
"اعدلُوا ُى َو أَقْػَر ُ
ْ
حُت يرى ا١تؤمن مقيماً للعدؿ ،فلعلو يرتدع ويعاود نفسو ويقوؿ :إف اإلدياف قد جعل ىذا ا١تسلم
يتغلب على البغض وحكم باٟتق على الرغم من أنو يعلم أنٍت عدو لو ،فا١تعٌت النفسي الذي يصيب
خصمك حُت يراؾ آثرت اٟتق على بغضك لو ،جيعلو يلتفت إىل اإلدياف الذي جعل اٟتق يعلو
ا٢توى ويغلبو ويقهره ،ويصَت أقرب للتقوى ،وأيضاً َم ْن يشهد بالقسط ىو أقرب للتقوى.63
200
ط ال ُْم ْستَ ِقيم"إشارات في االستقامة والوسطية" فلسفة األخالق في ْ اه ِدنَا ِّ
الص َرا َ
ﲦﲨﲩﲪﲫﲬﲭ
ﲧ ﲢﲤﲥ
ﲣ ﲛﲜﲝﲞﲟﲠ ﲡ
203
د .بكار الحاج جاسم
.الهوامش:
1انظر٤ :تمد عبد اهلل دراز (ت 1377ىػ) ،دستور األخالؽ يف القرآف ،مؤسسة الرسالة ،ط1418/10ىػ1998/ـ.8 .
2الكندي ،يعقوب بن إسحاؽ (ت252.ىػ) ،رسائل الكندي الفلسفية( ،رسالة يف الفلسفة األوىل)ٖ ،تقيق د٤ .تمد عبد ا٢تادي أبو ريدة ،دار
الفكر العريب ،ط1950.ـ.97 .
3الكندي ،رسائل الكندي الفلسفية (رسالة يف حدود األشياء ورسومها)ٖ ،تقيق د٤ .تمد عبد ا٢تادي أبو ريدة ،دار الفكر العريب ،ط.
1950ـ.121 .
4مسكويو ،أٛتد بن ٤تمد أبو علي (ت421.ىػ) ،هتذيب األخالؽ وتطهَت األعراؽ ،حققو قسطنطُت زريق ،نشر اٞتامعة األمريكية ببَتوت،
ط1966 .ـ .31 .
5انظر :د٤ .تمد يوسف موسى ،مباحث يف فلسفة األخالؽ ،مؤسسة ىنداوي.31 ،
6انظر :ابن منظور٤ ،تمد بن مكرـ ٚتاؿ الدين (ت711.ىػ) ،لساف العرب ،دار صادر ،بَتوت-لبناف ،ط1414 ،3ى .مادة قوـ.
7انظر :الفَتوزآبادي٤ ،تمد بن يعقوب (ت817.ىػ) ،بصائر ذوي التمييز يف لطائف الكتاب العزيزٖ ،تقيق ٤تمد علي النجار ،آّلس األعلى
للشئوف اإلسالمية وٞتنة إحياء الًتاث اإلسالمي ،القاىرة.311/4 ،
8انظر :ابن منظور :لساف العرب :مادة قوـ.
9أخرجو اإلماـ البخاري٤ ،تمد بن إٝتاعيل أبو عبد اهلل البخاري (ت256 .ىػ) ،صحيح البخاريٖ ،تقيق د .مصطفى ديب البغا ،دار ابن كثَت
ببَتوت ،ط1987.ـ .كتاب الرقاؽ ،باب القصد وا١تداومة على العمل.
10انظر :ابن حجر ،أٛتد بن علي (ت852.ى) ،فتح الباري بشرح صحيح البخاري ،دار الكتب العلمية ،بَتوت ،ط1410 ،1.ى /
1989ـ.299/11 .
11النووي ،أبو زكريا ٤تيي الدين حيِت بن شرؼ النووي (ت676.ىػ) ،ا١تنهاج شرح صحيح مسلم بن اٟتجاج ،دار إحياء الًتاث العريب ،بَتوت-
لبناف ،ط.71/6 ،2
ِ
َح ًدا منْ ُك ْم َع َملُوُ. 12
أخرجو اإلماـ البخاري يف صحيحو :كتاب الرقاؽ ،باب القصد وا١تداومة على العمل .وأوؿ اٟتديث قولو( :لَ ْن يػُنَ ّْج َي أ َ
ص َد اؿ :والَ أَنَا ،إَِّال أَ ْف يػتَػغَ َّم َدِين اللَّو بِر ْٛت ٍة ،سدّْدوا وقَا ِربوا ،وا ْغ ُدوا وروحوا ،و َشيء ِمن ُّ ِ قَالُوا :والَ أَنْت يا رس َ َِّ
ص َد ال َق ْ الد ْٞتَةَ ،وال َق ْ َُ ُ َ ْ ٌ َ ُ ََ َ ُ َ ُ َ َ وؿ اللو؟ قَ َ َ َ َ َ َُ
تَػْبػلُغُوا) .
13العيٍت٤ ،تمود بن أٛتد بدر الدين العيٍت (ت855.ىػ) ،عمدة القاري شرح صحيح البخاري ،دار إحياء الًتاث العريب ،بَتوت-لبناف ،د.ط،
د.ت.64/23 .
14اٞترجاين٤ ،تمد بن علي الشريف اٞترجاين (ت838.ىػ) ،التعريفات ،ضبطو وصححو ٚتاعة من العلماء ،دار الكتب العلمية بَتوت-لبناف،
ط1983 ،1.ـ.37 .
15القشَتي ،عبد الكرًن بن ىوازف القشَتي (ت 465.ىػ) ،الرسالة القشَتيةٖ ،تقيق اإلماـ الدكتور عبد اٟتليم ٤تمود ،والدكتور ٤تمود بن
الشريف ،دار ا١تعارؼ ،القاىرة.356/2 ،
16انظر :اآللوسي٤ ،تمود اآللوسي (ت1270.ى) ،روح ا١تعاين يف تفسَت القرآف العظيم والسبع ا١تثاين ،دار الكتب العلمية ،بَتوت-لبناف،
ط1415 ،1.ى1994 -ـ.20/4 .
17انظر :مدارج السالكُت بُت منازؿ إياؾ نعبد وإياؾ نستعُت.103/2 :
204
ط ال ُْم ْستَ ِقيم"إشارات في االستقامة والوسطية" فلسفة األخالق في ْ اه ِدنَا ِّ
الص َرا َ
18أخرجو اإلماـ مسلم بن اٟتجاج (ت 216ى ) ،صحيح مسلمٖ ،تقيق ٤تمد فؤاد عبد الباقي ،دار إحياء الًتاث العريب بَتوت ،د/ط ،د/ت
.كتاب اإلدياف ،باب جامع أوصاؼ اإلسالـ.
19انظر :الرازي٤ ،تمد بن عمر أبو عبد اهلل فخر الدين الرازي (ت606.ىػ) ،مفاتيح الغيب ،دار الفكر ،بَتوت-لبناف ،د.ط د.ت.
.560/27
20
و٤تمد كامل قره بللي
أخرجو ابن ماجو (٤تمد بن يزيد أبو عبد اهلل (ت 273ىػ) ،سنن ابن ماجوٖ ،تقيق شعيب األرنؤوط وعادؿ مرشد َّ
وؿ اللَّ ِو.
وعبد اللّطيف حرز اهلل ،دار الرسالة العا١تية ،ط2009.ـ .ا١تقدمة ،باب اتػّْب ِاع سن َِّة رس ِ
َ ُ َ ُ َُ َ
21روح ا١تعاين.345/6 :
22انظر :مفاتيح الغيب.164/1 :
23انظر :ابن منظور :لساف العرب :مادة وسط.
24أرسطو (ت 322.ؽ.ـ) ،علم األخالؽ إىل نيقوماخوس ،ترٚتة أٛتد لطفي السيد ،دار الكتب ا١تصرية ،القاىرة ،ط1924.ـ . 244/1 .
25انظر :هتذيب األخالؽ وتطهَت األعراؽ.34 :
26إحياء علوـ الدين.169/3 :
الع َم ِل. ِ اؽ ،باب ال َق ِ
27أخرجو البخاري يف صحيحو :كِتَاب ّْ ِ
صد َوا١تَُد َاوَمة َعلَى َ
الرقَ َ ُ ْ ُ
28انظر :البيضاوي (ناصر الدين عبد اهلل بن عمر البيضاوي (ت 691ىػ) ،أنوار التنزيل وأسرار التأويلٖ ،تقيق ٤تمد عبد الرٛتن ا١ترعشلي ،دار
إحياء الًتاث العريب ،بَتوت-لبناف ،د.ط ،د.ت.159/1 .
29انظر :الرازي :مفاتيح الغيب.106/4 :
30انظر :ا١تصدر السابق.106/4 :
31أنوار التنزيل وأسرار التأويل.159/1 :
32أخرجو اإلماـ الًتمذي ٤تمد بن عيسى أبو عيسى (ت279.ىػ) ،مصطفى البايب اٟتليب ،القاىرة-مصر ،ط1975 ،2.ـ .كتاب الفنت :
باب ما جاء يف لزوـ اٞتماعة .
33أخرجو اإلماـ البخاري :كتاب التفسَت :باب وكذلك جعلناكم أمة وسطاً .
34انظر :علم األخالؽ إىل نيقوماخوس.244/1 :
35انظر :أرسطو :ا١تصدر السابق ،242 /1 :والكندي :رسائل الكندي الفلسفية (رسالة يف حدود األشياء ورسومها) ،178 :و الفارايب (٤تمد
بن ٤تمد بن طَْر َخاف (ت339.ى) ،رسائل الفارايب (كتاب التنبيو على سبيل السعادة) ،مطبعة ٣تلس دائرة ا١تعارؼ العثمانية ،حيدر آباد.9 .
36انظر :مسكويو :هتذيب األخالؽ ،16 :والراغب األصفهاين (اٟتسُت بن ٤تمد بن ا١تفضل الراغب األصفهاين (ت502.ىػ) ،الذريعة إىل
مكارـ الشريعةٖ ،تقيق الدكتور أبو اليزيد العجمي ،دار الوفاء ،ا١تنصورة ،ط ،2.د.ت.128 .
37الغزاِل٤ ،تمد بن ٤تمد أبو حامد الغزاِل (ت505 .ىػ) ،ميزاف العمل ،حققو وقدـ لو ،د .سليماف دنيا ،دار ا١تعارؼ ،مصر ،ط ،1.د.ت.
.264
38انظر :الغزاِل :إحياء علوـ الدين.55/3 :
39انظر :مسكويو :هتذيب األخالؽ وتطهَت األعراؽ.23 :
40انظر :مسكويو :هتذيب األخالؽ وتطهَت األعراؽ.35 :
41انظر :ابن عاشور٤ ،تمد الطاىر ابن عاشور التونسي ،التحرير والتنوير ،الدار التونسية للنشر ،تونس ،د.ط ،د.ت.61/3 .
42ميزاف العمل.233 :
205
د .بكار الحاج جاسم
206
ط ال ُْم ْستَ ِقيم"إشارات في االستقامة والوسطية" فلسفة األخالق في ْ اه ِدنَا ِّ
الص َرا َ
قائمة المراجع:
-القرآف الكرًن.
-01ابن حجر ،أٛتد بن علي (ت852 .ى) ،فتح الباري بشرح صحيح البخاري ،دار الكتب العلمية ،بَتوت-لبناف ،ط،1.
1410ى 1989/ـ.
-02ابن خلدوف ،عبد الرٛتن (ت808.ىػ) ،مقدمة بن خلدوف ،دار ابن خلدوف اإلسكندرية ،د.ط( ،د.ت).
-03ابن قيم اٞتوزية٤ ،تمد بن أيب بكر (ت 751.ىػ) ،مدارج السالكُت بُت منازؿ إياؾ نعبد وإياؾ نستعُتٖ ،تقيق ٤تمد ا١تعتصم
باهلل البغدادي ،دار الكتاب العريب ،بَتوت-لبناف ،ط1996 ،3.ـ.
و٤تمد كامل قره
-04ابن ماجو٤ ،تمد بن يزيد أبو عبد اهلل (ت273 .ىػ) ،سنن ابن ماجوٖ ،تقيق :شعيب األرنؤوط وعادؿ مرشد َّ
وعبد اللّطيف حرز اهلل ،دار الرسالة العا١تية ،ط2009.ـ.
بللي َ
-05ابن منظور٤ ،تمد بن مكرـ ٚتاؿ الدين (ت711.ىػ) ،لساف العرب ،دار صادر ،بَتوت-لبناف ،ط31414.ى.
-06أبو حامد الغزاِل٤ ،تمد بن ٤تمد (ت505 .ىػ) ،إحياء علوـ الدين ،دار ا١تعرفة ،بَتوت ،د.ط( ،.د.ت).
-07أبو حامد الغزاِل٤ ،تمد بن ٤تمد (ت505 .ىػ) ،ميزاف العمل ،حققو وقدـ لو د.سليماف دنيا ،دار ا١تعارؼ ،مصر ،ط،1.
(د.ت).
-08أرسطو (ت 322.ؽ.ـ) ،علم األخالؽ إىل نيقوماخوس ،ترٚتة أٛتد لطفي السيد ،دار الكتب ا١تصرية ،القاىرة ،ط.
1924ـ .
-09اآللوسي٤ ،تمود (ت1270 .ى ) ،روح ا١تعاين يف تفسَت القرآف العظيم والسبع ا١تثاين ،دار الكتب العلمية ،بَتوت-لبناف،
ط1415/ ،1ى 1994 /ـ.
-10البخاري٤ ،تمد بن إٝتاعيل أبو عبد اهلل (ت256 .ىػ) ،صحيح البخاريٖ ،تقيق د .مصطفى ديب البغا ،دار ابن كثَت،
بَتوت-لبناف ،ط1987 .ـ.
-11بن قدامة٧ ،تم الدين أٛتد بن عبد الرٛتن ا١تقدسي (ت689 .ىػ) ،علق عليو شعيب األرنؤوط وعبد القادر األرنؤوط ،مكتبة
دار البياف ،دمشق-سوريا1398 ،ىػ1978 /ـ.
-12البيضاوي ،ناصر الدين عبد اهلل بن عمر (ت691.ىػ)ٖ ،تقيق٤ :تمد عبد الرٛتن ا١ترعشلي ،أنوار التنزيل وأسرار التأويل ،دار
إحياء الًتاث العريب ،بَتوت ،د.ط( .د .ت. ).
-13الًتمذي٤ ،تمد بن عيسى أبو عيسى (ت279 .ىػ) ،مصطفى البايب اٟتليب ،القاىرة ،ط1975 ،2ـ.
-14اٞترجاين٤ ،تمد بن علي ابن الشريف (ت 838 .ىػ) ،التعريفات ،ضبطو وصححو ٚتاعة من العلماء ،دار الكتب العلمية،
بَتوت-لبناف ،ط1983 ،1ـ.
-15الراغب األصفهاين ،اٟتسُت بن ٤تمد بن ا١تفضل (ت502 .ىػ) ،الذريعة إىل مكارـ الشريعةٖ ،تقيق :د .أبو اليزيد العجمي،
دار الوفاء ،ا١تنصورة ،ط( ،2د.ت).
-16الز٥تشري٤ ،تمود بن عمر أبو القاسم جار اهلل (ت528 .ىػ) الكشاؼ ،دار الكتاب العريب ،بَتوت-لبناف،ط( ،3.د .ت).
-17الطربي٤ ،تمد بن جريرف (ت310.ى ) ،جػامع البياف عن تأويػل آي القرآف ،دار الفكر ،بَتوت-لبناف1984 ،ـ.
207
د .بكار الحاج جاسم
-18العيٍت٤ ،تمود بن أٛتد بدر الدين (ت855 .ىػ) ،عمدة القاري شرح صحيح البخاري ،دار إحياء الًتاث العريب ،بَتوت،
د.ط( ،د .ت).
-19الفارايب٤ ،تمد بن ٤تمد بن طَْر َخاف (ت339 .ى) ،رسائل الفارابي (كتاب التنبيو على سبيل السعادة) ،مطبعة ٣تلس دائرة
ا١تعارؼ العثمانية ،حيدر آباد( ،د.ت).
-20فخر الدين الرازي٤ ،تمد بن عمر أبو عبد اهلل (ت606 .ىػ) ،دار الفكر ،بَتوت .د.ط ( ،د .ت.).
-21الفَتوزآبادي٤ ،تمد بن يعقوب (ت817.ىػ) ،بصائر ذوي التمييز يف لطائف الكتاب العزيزٖ ،تقيق٤ :تمد علي النجار،
آّلس األعلى للشئوف اإلسالمية وٞتنة إحياء الًتاث اإلسالمي ،القاىرة( ،د.ت).
-22القشَتي ،عبد الكرًن بن ىوازف (ت465.ىػ) ،الرسالة القشَتيةٖ ،تقيق اإلماـ د .عبد اٟتليم ٤تمود ،و د٤ .تمود بن
الشريف ،دار ا١تعارؼ ،القاىرة( ،د.ت).
-23الكندي ،يعقوب بن إسحاؽ (ت252 .ىػ) ،رسائل الكندي الفلسفية( ،رسالة يف الفلسفة األوىل) ،و(رسالة يف حدود
األشياء ورسومها)ٖ ،تقيق اد٤ .تمد عبد ا٢تادي أبو ريدة ،دار الفكر العريب ،ط1950.ـ.
٤ -24تمد الطاىر ابن عاشور التونسي ،التحرير والتنوير ،الدار التونسية للنشر ،تونس ،د.ط( ،د.ت).
٤ -25تمد عبد اهلل دراز (ت1377 .ىػ) ،دستور األخالؽ يف القرآف ،مؤسسة الرسالة ،ط1418 ،10.ىػ1998/ـ.
٤ -26تمد متوِل الشعراوي ،تفسَت الشعراوي ،مطابع أخبار اليوـ ،القاىرة ،د.ط( ،د.ت).
٤ -27تمد يوسف موسى ،مباحث يف فلسفة األخالؽ ،مؤسسة ىنداوي( ،د.ت).
-28مسكويو ،أٛتد بن ٤تمد أبو علي (ت421.ىػ) ،هتذيب األخالؽ ،حققو قسطنطُت زريق ،اٞتامعة األمريكية ،بَتوت-لبناف،
ط1966.ـ
-29مسلم ،بن اٟتجاج (ت216.ى ) ،صحيح مسلمٖ ،تقيق٤ :تمد فؤاد عبد الباقي ،دار إحياء الًتاث العريب ،بَتوت-لبناف،
د.ط ،د.ت .
-30وىبة مصطفى الزحيلي ،التفسَت ا١تنَت يف العقيدة والشريعة وا١تنهج ،دار الفكر ا١تعاصر ،دمشق ،ط1418 ،2.ىػ.
-31حيِت بن شرؼ النووي ،أبو زكريا ٤تيي الدين (ت676 .ىػ) ،ا١تنهاج شرح صحيح مسلم بن اٟتجاج ،دار إحياء الًتاث
العريب ،بَتوت-لبناف ،ط( ،2.د.ت).
208