فلسفة الأخلاق في اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم - إشارات في الاستقامة والوسطية -

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 26

‫المجلد ‪ /34‬العدد ‪( 23‬سبتمبر ‪ ،)3232‬ص ‪321 -214‬‬ ‫الصراط‬

‫فلسفة األخالق في ﱡﭐ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱠ "إشارات في االستقامة والوسطية"‬


‫‪Philosophical and moral aspect in the word of God:‬‬
‫”‪“Guide us along the straight path‬‬
‫‪“Meanings and connotations of straightness, rectitude and‬‬
‫”‪moderation‬‬
‫*‬
‫د‪ .‬بكار الحاج جاسم‬
‫جامعة يالوا‪ ،‬كلية العلوم اإلسالمية في تركيا‪Bakkar71@hotmail.com ،‬‬

‫تاريخ النشر‪2021/09/30 :‬‬ ‫تاريخ القبول‪2021/06/17 :‬‬ ‫تاريخ االستالم‪2020/11/25 :‬‬

‫الملخص ‪:‬‬
‫القرآف ىو الكتاب ِ‬
‫ا‪١‬تهيمن الذي ال تنتهي علومو وعجائبو‪ ،‬فإذا تأملنا يف آياتو من حيث‬
‫ادت عليها من حيث الثبوت والوضوح‪ ،‬فيفهمها العامة‬ ‫فلسفة األخالؽ وجدنا أهنا تضمنْتها وز ْ‬
‫أف االستعاذة تشَت إىل التخلية عن‬ ‫كل على قدر مستواه العلمي والثقايف‪ ،‬فمثالً ‪٧‬تد َّ‬ ‫وا‪٠‬تاصة‪ّّ ،‬‬
‫الرذائل‪ ،‬والبسملة تشَت إىل التحلية بالفضائل‪ ،‬وا‪ٟ‬تمدلة تشَت إىل الًتقي يف الكماالت‪ ،‬والعبودية هلل‬
‫تشَت إىل التحرر من األغيار‪ ،‬وبذلك يكوف اإلنساف على الصراط ا‪١‬تستقيم الذي حيقق االعتداؿ‬
‫وم ْن ٖتقق باالستقامة ناؿ الكرامة‪ ،‬وقد قيل‪َّ :‬‬
‫إف االستقامة على‬ ‫والوسطية فال إفراط وال تفريط‪َ ،‬‬
‫الصراط ا‪١‬تستقيم من أعظم الكرامات‪ .‬فهذا البحث يقدّْـ إشار ٍ‬
‫ات فلسفية يف االستقامة والوسطية‬
‫من خالؿ قولو تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚﱠ [الفاٖتة‪ .]6 :‬ذلك َّ‬
‫أف الصراط ا‪١‬تستقيم‬
‫عند بعض العلماء يشَت إىل فضيلة العدالة اليت اعتٌت ّٔا الفالسفة وعدوىا الفضيلة ا‪ٞ‬تامعة ألمهات‬
‫الفضائل الثالث‪ :‬ا‪ٟ‬تكمة وىي فضيلة القوة العقلية‪ ،‬والشجاعة وىي فضيلة القوة الغضبية‪ ،‬والعفة‬
‫وىي فضيلة القوة الشهوية‪ ،‬والعدؿ من مقاصد القرآف العظمى‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬االستقامة؛ الوسط؛ الفضيلة؛ فلسفة األخالؽ؛ القرآف ‪.‬‬
‫_____________‬
‫* المؤلف المرسل‬

‫‪183‬‬
‫ بكار الحاج جاسم‬.‫د‬
.Abstract :
The Holy Quran is a book whose knowledge and miracles are endless,
if we ruminate its verses (ayat) in philosophical and moral aspect, we will
find that the Holy Qur’an includes it and adds to it in terms of consistency
and clarity, it is a holy book that everyone understands regardless of his or
her educational, cultural and knowledge level, For example, the phrase “I
seek refuge in Allah from the cursed Satan”, refers to desire to give up sins.
We also discussed the meanings of “Basmallah” (In the name of Allah, The
All-Merciful, The Ever-Merciful), and how it calls for virtue and good
morals, and the meanings of “Praise be to Allah” which calls for elevation,
and “You alone we worship; and upon You, we call for help” in Surat Al-
Fatiha, and how It calls for the worship of God alone and freedom from
servitude to anyone other than God, Which leads to “the straight path”, or
“the right path “ mentioned in Surat Al-Fatiha. It was said that being on the
straight path is one of the greatest dignities, this research discusses
meanings, connotations, and Moral philosophy in the word of God: “Guide
us along the straight path” (Surat Al-Fatiha: 6), and how that leads to
straightness , rectitude and moderation, this research also discusses
meanings of “the straight path” , as interpreted by scholars and
philosophers, and how some scholars regard it as the overarching virtue of
the three main virtues, namely: Wisdom, which is the virtue of mental
strength. Courage, which is the virtue of power in controlling anger and
rage. Chastity, which is the virtue of power in controlling lust and desires.
Keywords: straightness; moderation; virtue; morality; Qur'an; philosophy .

184
‫ط ال ُْم ْستَ ِقيم‪"‬إشارات في االستقامة والوسطية"‬ ‫فلسفة األخالق في ‪ْ ‬اه ِدنَا ِّ‬
‫الص َرا َ‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫اإلنساف مفطور على ‪ٚ‬تلة من الصفات النفسانية‪ ،‬صا‪ٟ‬تة للخَت والشر‪ ،‬واإلفراط والتفريط‪،‬‬
‫وخَت األمور أوسطها‪ ،‬وذلك ما اتفق عليو األنبياء وا‪ٟ‬تكماء‪ ،‬وجاء القرآف ليتمم مكارـ األخالؽ‬
‫من خالؿ األسوة ا‪ٟ‬تسنة ا‪١‬تتمثلة يف النيب ا‪٠‬تامت‪ .‬واإلفراط والتفريط ليس ظاىرة إنسانية فردية‬
‫فحسب؛ بل ىي ظاىرة اجتماعية عالَمية أيضاً‪ ،‬وذلك منذ بدء االجتماع البشري‪ ،‬وقد ذكر القرآف‬
‫ْ‬
‫أوؿ تطرؼ بشري وقع من أحد ابٍت آدـ‪ ،‬إ ْذ قتل أحدمها اآلخر حسداً! ونشهد يف عصرنا‬
‫أنواعاً ال تعد وال ٖتصى من التطرؼ البشري األخالقي والديٍت!‬
‫اىتم ّٔا كثَت من الفالسفة‪ ،‬وجعلها القرآف من‬
‫اىتم األنبياء بالدعوة إىل الوسطية‪ ،‬كما َّ‬
‫و‪٢‬تذا َّ‬
‫ا‪١‬تقاصد العظمى‪ ،‬وقد أمر ا‪١‬تسلمُت أ ْف يدعوا بالثبات عليها‪ ،‬فيكرروهنا يف اليوـ والليلة سبع عشرة‬
‫مرة يف الصلوات ا‪١‬تفروضة‪ ،‬وذلك يف قولو تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚﱠ [الفاٖتة‪.]6 :‬‬
‫وكلما مررت على ىذه اآلية تثَت يف الذىن عدة تساؤالت‪ ،‬من أبرزىا‪ :‬السؤاؿ األوؿ‪ :‬ىذه اآلية‬
‫دعاء بطلب ا‪٢‬تداية على الصراط ا‪١‬تستقيم‪ ،‬ويدعو ّٔا كل مسلم وال ‪٧‬تد ‪٢‬تا أثراً يف الواقع‪ ،‬فما‬
‫ٍ‬
‫مستوؼ‬ ‫سبب ىذا الفارؽ بُت النظرية والتطبيق؟ ىل النظرية غَت صحيحة أـ َّ‬
‫أف الدعاء غَت‬
‫ٍ‬
‫مستوؼ‬ ‫ثبتت صحة النظرية بالتواتر وأهنا وحي ال يأتيو الباطل ألبتة‪ ،‬فإذف الدعاء غَت‬
‫الشروط؟ و‪١‬تَّا ْ‬
‫الشروط‪ .‬السؤاؿ الثاين ‪ :‬إذا كانت ىذه اآلية وأمثا‪٢‬تا من اآليات البينات يف وضوح الطريق وعدالتو‬
‫ووسطيتو فما سبب التطرؼ الذي يػُْن َسب إىل اإلسالـ؟ السؤاؿ الثالث‪ :‬ما أكثر ا‪١‬تتَ ِفْيػ َه ُقوف‬
‫ُ‬
‫وا‪١‬تتَ َش ّْدقُوف بالنظريات الغربية والشرقية واعًتاضاهتم وانتقاداهتم للقرآف الكرًن‪ ،‬فَتوف أنو خطاب‬
‫ُ‬
‫وعظي غَت صاحل لكل زماف ومكاف وغَت ذلك ‪٦‬تا يطرحونو! وكل سؤاؿ من ىذه األسئلة حيتاج‬
‫لبحث خاص يعا‪ٞ‬تها بعمق‪ ،‬و‪٢‬تذا سأركز على السؤاؿ الثالث الىتمامي بالدراسة ا‪١‬تقارنة بُت‬
‫أف اإلجابة على اإلشكالُت السابقُت قد تناولتو دراسات متعددة من‬ ‫الفلسفة والقرآف من جهة‪ ،‬و َّ‬
‫خالؿ البحث عن الوسطية يف اإلسالـ عموماً‪ ،‬فأما ْتثها من ا‪ٞ‬تانب الفلسفي األخالقي وإبراز‬
‫يتبُت للمبهورين بالفلسفة‬
‫العلمية والتوأمة بُت النقل العقل فقليل؛ ‪٢‬تذا أبرزهتا بالدراسة حىت َّ‬
‫والدراسات العقلية أ ْف القرآف ىو الكتاب ِ‬
‫ا‪١‬تهيمن يف ثبوتو وداللتو وإعجازه وعلومو‪ ،‬فال يأتيو الباطل‬

‫‪185‬‬
‫د‪ .‬بكار الحاج جاسم‬
‫من بُت يديو وال من خلفو! فهو النور ا‪١‬تبُت الذي أعشى أبصار ا‪١‬تكذبُت‪ ،‬فلم يروا حقائقو؛ ألهنم‬
‫كفروا بو وك َذبوا بالنبوة‪ ،‬فضيَّعوا بذلك علوماً كثَتة تتعلق ٔتصَتىم وحياهتم األبدية‪ .‬وقد لفت‬
‫الدكتور ‪٤‬تمد عبد اهلل دراز يف كتابو دستور األخالؽ يف القرآف األنظار إىل ٘تيُّز القرآف عن غَته من‬
‫الكتابات يف األخالؽ أنو ‪ٚ‬تع بإجياز بليغ القانوف األخالقي يف تاريخ البشرية وحفظو إىل األبد‪،‬‬
‫وجاء مكمالً لو‪.1‬‬
‫فأما ا‪١‬تنهج ا‪١‬تتبع يف البحث فقد تعدد ما بُت ا‪١‬تنهج التحليلي وا‪١‬تقارف واالستنتاجي‪ ،‬وأما‬
‫فتضمنت سبب اختيار‬
‫ْ‬ ‫خطة البحث فجاءت يف مقدمة و٘تهيد وثالثة مباحث‪ ،‬فأما ا‪١‬تقدمة‬
‫ا‪١‬توضوع وأمهيتو وا‪١‬تنهج وخطة البحث‪ .‬وأما التمهيد فيشتمل على التعريف بفلسفة األخالؽ‪ .‬وأما‬
‫ا‪١‬تبحث األوؿ‪ :‬االستقامة والوسطية ففيو ثالثة مطالب‪ :‬ا‪١‬تطلب األوؿ‪ :‬تعريف االستقامة يف اللغة‪.‬‬
‫ا‪١‬تطلب الثاين‪ :‬معٌت االستقامة يف االصطالح‪ .‬ا‪١‬تطلب الثالث‪ :‬معٌت االستقامة يف القرآف‪ .‬وأما‬
‫ا‪١‬تبحث الثاين‪ :‬معٌت الوسطية‪ :‬ففيو ثالثة مطالب‪ :‬ا‪١‬تطلب األوؿ‪ :‬تعريف الوسط يف اللغة‪ .‬ا‪١‬تطلب‬
‫الثاين‪ :‬تعريف الوسط يف االصطالح‪ .‬ا‪١‬تطلب الثالث‪ :‬معٌت الوسط يف القرآف‪ .‬وأما ا‪١‬تبحث الثالث‪:‬‬
‫الوسط منهج اكتساب الفضائل‪ :‬ففيو أربعة مطالب‪ :‬ا‪١‬تطلب األوؿ‪ :‬ا‪ٟ‬تكمة فضيلة القوة العاقلة‪.‬‬
‫ا‪١‬تطلب الثاين‪ :‬الشجاعة فضيلة القوة الغضبية‪ .‬ا‪١‬تطلب الثالث‪ :‬العفة فضيلة القوة الشهوية‪ .‬ا‪١‬تطلب‬
‫الرابع‪ :‬العدالة الفضيلة ا‪ٞ‬تامعة‪ .‬وأما ا‪٠‬تا٘تة فتضمنت أبرز نتائج البحث‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫ط ال ُْم ْستَ ِقيم‪"‬إشارات في االستقامة والوسطية"‬ ‫فلسفة األخالق في ‪ْ ‬اه ِدنَا ِّ‬
‫الص َرا َ‬
‫تمهيد ‪ :‬التعريف بفلسفة األخالق ‪:‬‬
‫ع َّػرؼ الكنػدي الفلسػفة بأهنػا "علػػم األشػياء ْتقائقهػا بقػدر طاقػػة اإلنسػاف" ‪ .‬ونُِقػل عنػو أيضػاً‬
‫‪2‬‬

‫أهنا‪" :‬التشبو باإللو بقدر الطاقة اإلنسانية"‪ .3‬وىذا التعريف الثاين يشَت إىل الغاية مػن الفلسػفة‪ ،‬وىػي‬
‫استكماؿ النفس اإلنسانية فضائلها‪.‬‬
‫اؿ للنفس داعية ‪٢‬تا إىل أفعا‪٢‬تا مػن غػَت فِكْػر وال‬ ‫"ح ٌ‬
‫ومعٌت ا‪٠‬تُلُق يف االصطالح الفلسفي ىو‪َ :‬‬
‫َرِويػَّػة"‪ .4‬فػػا‪٠‬تُلُق َملَكػػة راسػػخة يف الػػنفس‪ ،‬فمػػثالً َمػ ْػن يصػػدر منػػو بػػذؿ ا‪١‬تػػاؿ علػػى النػػدور‪ ،‬ال يقػػاؿ ‪:‬‬
‫ُخلُ ُقو السخاء‪ ،‬وكذلك من تكلف السكوت عند الغضب ّتهد أو روية‪ ،‬ال يقاؿ‪ُ :‬خلُ ُقو ا‪ٟ‬تِْلم‪.‬‬
‫وبع ػػد التعري ػػف بالفلس ػػفة وب ػػاألخالؽ ديك ػػن أف نع ػ ّْػرؼ با‪١‬ترك ػػب اإلض ػػايف "فلس ػػفة األخ ػػالؽ"‬
‫ػت سػػلوكاً‬‫بأهنػا‪" :‬العلػم بصػفات الػنفس اإلنسػانية‪ ،‬وسياسػتها؛ السػتكماؿ سػعادهتا"‪ .‬فػاألخالؽ ليس ْ‬
‫عملياً فحسب؛ بل ىي علم وعمل‪.5‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬االستقامة والوسطية ‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬تعريف االستقامة في اللغة ‪:‬‬
‫قاـ‬ ‫أَقمت الشيء وقَػ َّومتو فَقاـ ‪ٔ :‬تعٌت استقاـ‪ ،‬واالستِقامة‪ :‬اعتداؿ الشيء و ِ‬
‫استَ َ‬
‫استواؤه‪ ،‬و ْ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ‬
‫‪6‬‬
‫الع ْدؿ ‪ .‬واالستقامة‪:‬‬ ‫ِ‬
‫صف‪ ،‬وال َقو ُاـ ‪َ :‬‬
‫وقاـ ميزا ُف النهار ‪ :‬إذا انْػتَ َ‬
‫مدحو وأَثٌت عليو‪َ ،‬‬
‫فالف بفالف أي‪َ :‬‬
‫لزوـ ا‪١‬تنهج القوًن‪ ،7‬واالعتداؿ‪ .8‬أي‪ :‬الوسط بُت اإلفراط والتفريط‪ ،‬والوسط ىو ا‪١‬تنهج الذي بو‬
‫تتحقق الفضائل يف النفس اإلنسانية‪.‬‬
‫ب إِ َىل اهلل؟ قَ َ‬
‫اؿ‪:‬‬ ‫َح ُّ‬ ‫ِ‬ ‫َّيب ‪ ‬عندما ُسئِ َل‪( :‬أ ُّ‬
‫َي األ َْع َماؿ أ َ‬ ‫ِ‬
‫يشَت إىل لزوـ ا‪١‬تنهج القوًن قوؿ الن ّ‬
‫اؿ‪ :‬ا ْكلَ ُفوا ِم َن األ َْع َم ِاؿ َما تُ ِطي ُقو َف)‪ .9‬ا ْكلَ ُفوا‪ :‬بفتح الالـ وضمها‪ ،‬أي‪ :‬اإلبالغ‬
‫أ َْد َوُم َها َوإِ ْف قَ َّل َوقَ َ‬
‫بالشيء إىل غايتو‪ ،‬يقاؿ‪ :‬كلفت بالشيء إذا أولعت بو‪ .10‬قاؿ اإلماـ النووي‪" :‬وإمنا كاف القليل‬
‫الدائم خَتاً من الكثَت ا‪١‬تنقطع؛ ألف بدواـ القليل تدوـ الطاعة والذكر وا‪١‬تراقبة والنية واإلخالص‬
‫واإلقباؿ على ا‪٠‬تالق سبحانو وتعاىل‪ ،‬ويثمر القليل الدائم ْتيث يزيد على الكثَت ا‪١‬تنقطع أضعافاً‬
‫ص َد تَػْبػلُغُوا)‪ .12‬أَي ‪" :‬إلزموا الطَّ ِريق‬
‫ْ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ص‬
‫ْ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫(ال‬ ‫‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫النيب‬ ‫قوؿ‬ ‫االعتداؿ‬ ‫إىل‬ ‫ويشَت‬ ‫‪.‬‬ ‫‪11‬‬
‫كثَتة"‬
‫الوسط ا‪١‬تعتدؿ تبلغوا ا‪١‬تنزؿ الَّ ِذي ىو مقصدكم"‪.13‬‬
‫‪187‬‬
‫د‪ .‬بكار الحاج جاسم‬

‫المطلب الثاني‪ :‬معنى االستقامة في االصطالح ‪:‬‬


‫ذكر ا‪ٞ‬ترجاين عدة تعريفات لالستقامة‪ ،‬فقاؿ ‪" :‬ىي كوف ا‪٠‬تط ْتيث تنطبق أجزاؤه‬
‫ا‪١‬تفروضة بعضها على بعض على ‪ٚ‬تيع األوضاع‪ ،‬ويف اصطالح أىل ا‪ٟ‬تقيقة‪ :‬ىي الوفاء بالعهود‬
‫كلها‪ ،‬ومالزمة الصراط ا‪١‬تستقيم برعاية حد التوسط يف كل األمور‪ ،‬من الطعاـ والشراب واللباس‪،‬‬
‫ويف كل أمر ديٍت ودنيوي‪...‬؛ وقيل‪ :‬االستقامة ضد االعوجاج‪ ،‬وىي مرور العبد يف طريق العبودية‬
‫بإرشاد الشرع والعقل وا‪١‬تداومة‪...‬؛ وقيل‪ :‬االستقامة أال ٗتتار على اهلل شيئاً‪...‬؛ وقاؿ أبو علي‬
‫الدقَّاؽ‪٢ :‬تا مدارج ثالثة‪ :‬أو‪٢‬تا‪ :‬التقوًن وىو تأديب النفس‪ ،‬وثانيها ‪ :‬اإلقامة وىي هتذيب القلوب‪،‬‬
‫وثالثها‪ :‬االستقامة وىي تقريب األسرار"‪.14‬‬
‫قاؿ القشَتي‪" :‬االستقامة درجة َِّٔا كماؿ األمور و٘تامها‪ ،‬وبوجودىا حصوؿ ا‪٠‬تَتات‬
‫َلْ يكن مستقيماً ِيف حالتو ضاع سعيو وخاب جهده‪ ،‬قاؿ اهلل تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲓ ﲔ‬ ‫ونظامها‪ ،‬ومن َ‬
‫ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﱠ [النحل‪ .]92 :‬ومن ََلْ يكن مستقيماً ِيف صفتو ََلْ‬
‫يرتق من مقامو إىل غَته‪...‬؛ وقيل‪ :‬إِف االستقامة ال يطيقها إال األكابر؛ ألهنا ا‪٠‬تروج َع ِن ا‪١‬تعهودات‬
‫ُت يدي اهلل تعاىل على حقيقة الصدؽ‪...‬؛ وقاؿ الواسطي‪:‬‬ ‫ومفارقة الرسوـ والعادات‪ ،‬والقياـ بػَ ْ َ‬
‫ا‪٠‬تصلة اليت ّٔا كملت احملاسن وبفقدىا قبحت احملاسن‪ :‬االستقامة‪...‬؛ مث قاؿ‪" :‬واعلم أَف‬
‫ﭐﱡﭐ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚﱠﭐ‬ ‫االستقامة توجب إدامة الكرامة قاؿ اهلل تعاىل‪:‬‬
‫[ا‪ٞ‬تن‪ََ .]16 :‬لْ يقل‪ :‬سقيناىم‪ ،‬بل قاؿ‪ :‬أسقيناىم! يقاؿ‪ :‬أسقيتو إِذا جعلت لو سقياً‪ ،‬فهو يشَت‬
‫أف االستقامة التامة ىي اليت يػُتَ َم َّكن ّٔا إىل الًتقي إىل مرتبة‬‫إِىل الدواـ"‪ .15‬وذكر اآللوسي َّ‬
‫‪16‬‬
‫ا‪١‬تشاىدة‪ ،‬ومعارج أف تعبد اهلل تعاىل كأنك تراه‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬معنى االستقامة في القرآن ‪:‬‬
‫ذكر القرآ ُف االستقامةَ بصيغ متعددة سبعاً وأربعُت مرة‪ ،‬فجاءت فعالً وصفة‪ ،‬أما الفعل فمنو ا‪١‬تاضي‬
‫(استقاموا)‪ ،‬وا‪١‬تضارع (يستقيم)‪ ،‬واألمر (فاستقم‪ ،‬فاستقيما‪ ،‬فاستقيموا)‪ ،‬وأما الصفة فجاءت نكرة‬
‫ومعرفة‪ ،‬ووصفاً للصراط سوى أربعة مواضع‪ ،‬حيث جاءت مرة صفة للهدى‪ ،‬ومرة صفة للطريق‪،‬‬
‫ﱡﭐ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱠ‬ ‫ومرتُت صفة للقسطاس‪ .‬ذكر ابن القيّْم َّ‬
‫أف من منازؿ ‪:‬‬
‫‪188‬‬
‫ط ال ُْم ْستَ ِقيم‪"‬إشارات في االستقامة والوسطية"‬ ‫فلسفة األخالق في ‪ْ ‬اه ِدنَا ِّ‬
‫الص َرا َ‬
‫[الفاٖتة‪ .]5:‬منزلة االستقامة‪ ،‬وىي ضد الطغياف الذي يعٍت‪٣ :‬تاوزة ا‪ٟ‬تدود يف كل شيء‪،‬‬
‫فاالستقامة كلمة جامعة‪ ،‬آخذة ٔتجامع الدين‪ ،‬وىي القياـ بُت يدي اهلل على حقيقة الصدؽ‪،‬‬
‫والوفاء بالعهد‪ ،‬واالستقامة تتعلق باألقواؿ‪ ،‬واألفعاؿ‪ ،‬واألحواؿ‪ ،‬والنيات‪ ،‬فاالستقامة فيها‪ :‬وقوعها‬
‫هلل‪ ،‬وباهلل‪ ،‬وعلى أمر اهلل‪.17‬‬
‫ومن اآليات الكردية يف ذكر االستقامة ‪:‬‬
‫ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ‬ ‫أوالً ‪ :‬قولو تعاىل ‪:‬‬
‫ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱠ [فصلت‪َ .]30 :‬ع ْن ُس ْفيَا َف بْ ِن َعْب ِد اهلل‬
‫ت‬‫اؿ‪( :‬قُ ْل َآمْن ُ‬ ‫َح ًدا بػَ ْع َد َؾ‪ .‬قَ َ‬
‫َسأ َُؿ َعْنوُ أ َ‬
‫ِ‬
‫وؿ اهلل قُ ْل ِِل ِيف ا ِإل ْسالـ قَػ ْوالً ال أ ْ‬
‫ت يَا َر ُس َ‬ ‫الثػَّ َق ِف ّْي قَ َ‬
‫اؿ‪ :‬قُػ ْل ُ‬
‫استَ ِق ْم)‪ .18‬ذكر الرازي أف الكماالت النفسانية ‪٤‬تصورة يف نوعُت‪ :‬العلم اليقيٍت‪ ،‬والعمل‬ ‫بِاهلل فَ ْ‬
‫الصاحل‪ ،‬وكماؿ اإلنساف يف أف يعرؼ ا‪ٟ‬تق لذاتو‪ ،‬وا‪٠‬تَت ألجل العمل بو‪ ،‬ورأس ا‪١‬تعارؼ اليقينية‬
‫ين قَالُوا َربػُّنَا اللَّوُ"‪ ،‬ورأس األعماؿ الصا‪ٟ‬تة ورئيسها‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ورئيسها معرفة اهلل‪ ،‬وإليو اإلشارة بقولو ‪" :‬إ َّف الذ َ‬
‫أف يكوف اإلنساف مستقيماً يف الوسط غَت مائل إىل طريف اإلفراط والتفريط‪ ،‬وإليو اإلشارة بقولو ‪:‬‬
‫استَػ َق ُاموا"‪.19‬‬
‫"مثَّ ْ‬
‫ُ‬
‫ﱷ‬ ‫ﱶ‬ ‫ﱮﱰﱱﱲ ﱳﱴﱵ‬
‫ﱯ‬ ‫ﭐﱡﭐ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ‬ ‫ثانياً ‪ :‬قولو تعاىل ‪:‬‬
‫اؿ ‪ُ ( :‬كنَّا ِعْن َد‬ ‫ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱠ[األنعاـ‪َ .]135 :‬ع ْن َجابِ ِر بْ ِن َعْب ِد اهلل قَ َ‬
‫ط ْاأل َْو َس ِط‬ ‫ض َع يَ َدهُ ِيف ْ‬
‫ا‪٠‬تَ ّْ‬ ‫ُت َع ْن َديِينِ ِو َو َخ َّ‬
‫ط َخطَّْ ِ‬
‫ُت َع ْن يَ َسا ِرِه ُمثَّ َو َ‬ ‫ط َخطَّْ ِ‬
‫ط َخطِّا َو َخ َّ‬ ‫َّيب ‪ ‬فَ َخ َّ‬ ‫النِ ّْ‬
‫يما فَاتَّبِعُوهُ َوَال تَػتَّبِعُوا ُّ‬
‫السبُ َل فَػتَػ َفَّر َؽ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يل اهلل ُمثَّ تََال َى ِذهِ ْاآليَةَ‪َ :‬وأ َّ‬ ‫ِ‬
‫َف َى َذا صَراطي ُم ْستَق ً‬ ‫اؿ‪َ :‬ى َذا َسب ُ‬ ‫فَػ َق َ‬
‫بِ ُك ْم َع ْن َسبِيلِ ِو)‪.20‬‬
‫ﲀ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆﱠ‬ ‫ﲁ‬ ‫ثالثاً ‪ :‬قولو تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ‬

‫فسر اآللوسي االستقامة يف ىذه اآلية بالوسط فقاؿ‪" :‬ىذا أمر بالدواـ على‬ ‫[ىود‪َّ .]112 :‬‬
‫االستقامة وىي لزوـ ا‪١‬تنهج ا‪١‬تستقيم‪ ،‬وىو ا‪١‬تتوسط بُت اإلفراط والتفريط‪ ،‬وىي كلمة جامعة لكل ما‬
‫يتعلق بالعلم والعمل وسائر األخالؽ"‪.21‬‬

‫‪189‬‬
‫د‪ .‬بكار الحاج جاسم‬

‫ﱬﱮﱯﱰﱱ‬
‫ﱭ‬ ‫ﭐﱡﭐ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ‬ ‫رابعاً ‪ :‬قولو تعاىل ‪:‬‬
‫ﱴ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹﱠ[يس‪ .]60،61:‬طاعة الشيطاف تسلك باإلنساف السبل‬ ‫ﱵ‬ ‫ﱲﱳ‬
‫ا‪١‬تعوجة ا‪١‬تزعجة‪ ،‬وطاعة الر‪ٛ‬تن تسلك باإلنساف الطريق ا‪١‬تستقيم الذي ال عوج فيو من األباطيل‬
‫ومساوئ األخالؽ‪ ،‬والعبادة هلل تعاىل كما أمر ىي الضماف يف االستقامة على الصراط ا‪١‬تستقيم‪.‬‬
‫ﭐﱡﭐﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ‬ ‫خامساً‪ :‬قولو تعاىل‪:‬‬
‫ﱡ ﱢ ﱣﱤ ﱠ[الفاٖتة‪ .]6،7:‬ذكر الرازي عدة لطائف يف معٌت الصراط ا‪١‬تستقيم يف‬
‫ىذه اآلية‪ ،‬منو ‪:‬‬
‫اللطيفة األوىل ‪ :‬أف ا‪١‬تنهج ا‪ٟ‬تق يف االعتقادات ويف األعماؿ ىو الصراط ا‪١‬تستقيم‪ ،‬أما يف‬
‫االعتقادات فبيانو من وجوه ‪ :‬األوؿ ‪ :‬أف من توغل يف التنزيو وقع يف التعطيل ونفي الصفات‪ ،‬ومن‬
‫توغل يف اإلثبات وقع يف التشبيو وإثبات ا‪ٞ‬تسمية وا‪١‬تكاف‪ ،‬فهما طرفاف معوجاف‪ ،‬والصراط ا‪١‬تستقيم‬
‫اإلقرار ا‪٠‬تاِل ع ن التشبيو والتعطيل‪ .‬والثاين‪ :‬أف من قاؿ فعل العبد كلو منو فقد وقع يف القدر‪ ،‬ومن‬
‫قاؿ ال فعل للعبد فقد وقع يف ا‪ٞ‬ترب‪ ،‬ومها طرفاف معوجاف‪ ،‬والصراط ا‪١‬تستقيم إثبات الفعل للعبد مع‬
‫اإلقرار بأف الكل بقضاء اهلل‪ ،‬وأما يف األعماؿ فنقوؿ‪ :‬من بالغ يف األعماؿ الشهوانية وقع يف‬
‫الفجور‪ ،‬ومن بالغ يف تركها وقع يف ا‪ٞ‬تمود‪ ،‬والصراط ا‪١‬تستقيم ىو الوسط‪ ،‬وىو العفة‪ ،‬وأيضاً من‬
‫بالغ يف األعماؿ الغضبية وقع يف التهور‪ ،‬ومن بالغ يف تركها وقع يف ا‪ٞ‬تنب‪ ،‬والصراط ا‪١‬تستقيم ىو‬
‫الوسط‪ ،‬وىو الشجاعة ‪.‬‬
‫اللطيفة الثانية ‪ :‬أف ذلك الصراط ا‪١‬تستقيم وصفو بصفتُت‪ :‬أوالمها إجيابية‪ ،‬واألخرى سلبية‪،‬‬
‫أما اإلجيابية فكوف ذلك الصراط صراط الذين أنعم اهلل عليهم من النبيُت والصديقُت والشهداء‬
‫والصا‪ٟ‬تُت‪ ،‬وأما السلبية فهي أف تكوف ٓتالؼ صراط الذين فسدت قواىم العملية بارتكاب‬
‫الشهوات حىت استوجبوا غضب اهلل عليهم‪ ،‬وٓتالؼ صراط الذين فسدت قواىم النظرية‪ ،‬حىت ضلوا‬
‫عن العقائد ا‪ٟ‬تقية وا‪١‬تعارؼ اليقينية‪.22‬‬
‫أف ىناؾ عالقة وثيقة بُت االستقامة والوسطية أو االعتداؿ؛ ‪٢‬تذا نبحث يف‬‫نستنتج ‪٦‬تا سبق َّ‬
‫معٌت الوسطية يف ا‪١‬تبحث الثاين ‪:‬‬

‫‪190‬‬
‫ط ال ُْم ْستَ ِقيم‪"‬إشارات في االستقامة والوسطية"‬ ‫فلسفة األخالق في ‪ْ ‬اه ِدنَا ِّ‬
‫الص َرا َ‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬معنى الوسطية ‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬تعريف الوسط في اللغة ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫يك ‪ :‬اسم لِما بػُت طَر َيف الش ِ‬ ‫ط بالتَّح ِر ِ‬
‫الرْم ِح‬
‫ط ُّ‬ ‫ت َو َس َ‬ ‫ط ا‪ٟ‬تَْب ِل وَك َس ْر ُ‬ ‫ت َو َس َ‬‫ضُ‬ ‫ك‪ :‬قَػبَ ْ‬ ‫َّيء‪ ،‬ك َق ْول َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ َ َْ َ َ‬ ‫الو َس َ ْ‬ ‫َ‬
‫س َخَرِزَىا‪ ،‬وتَػ َو َّس َ‬ ‫ِ‬ ‫الدة ‪ :‬الد َّ َِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت و َس َ ِ‬
‫َخ َذ‬
‫ط‪ :‬أ َ‬ ‫ُّرةُ اليت يف َو َسطها وىي أَنْػ َف ُ‬ ‫وواسطَةُ الق َ‬ ‫ط ال ّدار‪َ ،‬‬ ‫وجلَ ْس ُ َ‬‫َ‬
‫ط‬‫الو َس َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرِد ِ‬
‫يء‪َ ،‬ر ُج ٌل َو ِسي ٌ‬ ‫ُت ا‪ٞ‬تَيّْ ِد و َّ‬
‫الوساطَةَ‪ .‬و َ‬ ‫ط بػَْيػنَػ ُه ْم‪َ :‬عم َل َ‬ ‫يب‪ ،‬وتَػ َو َّس َ‬‫ط أَي َحس ٌ‬ ‫ط وىو بػَ ْ َ‬ ‫ا َلو َس َ‬
‫كو َس ِط ا‪١‬ت ْر َعى‬ ‫ط الشَّي ِء أَفْضلُو ِ‬
‫وخيَ ُاره‬ ‫ا‪ٝ‬تَاً ِم ْن ِج َه ِة أ َّ‬
‫َصلُو أَ ْف يَ ُكو َف ْ‬ ‫قَ ْد يَأِِْت ِص َفةً وإِ ْف كا َف أ‬
‫َ‬ ‫َف أ َْو َس َ ْ َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫ب‪.23‬‬ ‫وب َخْيػر من طَرفِْيػ َها لِتَم ُّك ِن الراكِ ِ‬ ‫كو َس ِط الدَّابَّة ُّ‬
‫للرُك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َخْيػٌر م ْن طََرفَػْيو و َ‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تعريف الوسط في االصطالح ‪:‬‬
‫قاؿ أرسطو ‪" :‬إف الوسط بالنسبة لشيء ما‪ ،‬ىو النقطة اليت توجد على بعد سواء‪ ،‬من كال‬
‫الطرفُت‪ ،‬واليت ىي واحدة وبعينها يف كل األحواؿ‪ ،‬أما باإلضافة إىل اإلنساف‪ ،‬باإلضافة إلينا‪،‬‬
‫فالوسط ىو ىذا الذي ال يعاب باإلفراط وال بالتفريط‪ ،‬وىذا ا‪١‬تقدار ا‪١‬تتساوي بعيد أف يكوف واحداً‬
‫بالنسبة ‪ٞ‬تميع الناس‪ ،‬وال ىو بعينو بالنسبة للجميع"‪ .24‬يالحظ يف تعريف أرسطو للوسط أنَّو على‬
‫نوعُت‪ :‬األوؿ‪ :‬وسط معياري (حسايب)‪ ،‬وذلك يف احملسوسات‪ .‬والثاين‪ :‬وسط معنوي(اعتباري)‪،‬‬
‫وذلك يف اإلنساف كما قاؿ‪ ،‬فهذا خيتلف من إنساف إىل آخر‪ ،‬وضابطو ال إفراط وال تفريط‪.‬‬
‫أف الوسط ىو مركز األشياء‪ ،‬كا‪١‬تركز من‬ ‫وقد تكلم مسكويو عن الوسط يف األخالؽ فذكر َّ‬
‫الدائرة‪ ،‬ىو على غاية البعد من احمليط‪ ،‬فعلى ىذا الوجو ينبغي أف يفهم معٌت الوسط من الفضيلة‪،‬‬
‫و‪٢‬تذا إذا ا‪٨‬ترفت الفضيلة عن موضعها ا‪٠‬تاص ّٔا أدىن ا‪٨‬تراؼ قربت من رذيلة أخرى‪ ،‬وَل تسلم من‬
‫العيب ْتسب قرّٔا من تلك الرذيلة اليت ٘تيل إليها؛ و‪٢‬تذا صعب جداً وجود ىذا الوسط‪ ،‬مث‬
‫التمسك بو بعد وجوده أصعب؛ وذلك أف األطراؼ اليت تسمى رذائل من األفعاؿ واألحواؿ والزماف‬
‫وسائر ا‪ٞ‬تهات كثَتة جداً؛ ولذلك كانت دواعي الشر أكثر من دواعي ا‪٠‬تَت‪ ،‬وجيب أف تطلب‬
‫أوساط تلك األطراؼ ْتسب كل فرد فرد‪.25‬‬
‫ا‪ٟ‬تق بُت الطرفُت‪ ،‬فهو الصراط ا‪١‬تستقيم‪ ،‬وىو‬
‫ط‪ُّ :‬‬‫و‪٠‬تَّص الغزاِل كالـ مسكويو فقاؿ ‪" :‬الوس ُ‬
‫القرب منو"‪.26‬‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫أرؽ من الشعرة و ُّ‬
‫أحد من السيف‪ ،‬فإ ْف ُعجَز عنو فليُطْلَب ُ‬
‫‪191‬‬
‫د‪ .‬بكار الحاج جاسم‬
‫وقد يػُ ْف َهم من كالـ مسكويو والغزاِل َّ‬
‫أف الوسط حسايب‪ ،‬حيث ىو كا‪١‬تركز من الدائرة‪ ،‬أو‬
‫ىو أدؽ من الشعرة‪ ،‬ولكن ليس األمر كذلك‪ ،‬فهما يتكلماف عن الوسط الذي ىو العدؿ‪ ،‬أي‪:‬‬
‫إصابة ا‪ٟ‬تق على ما ىو عليو‪ ،‬وىذا أمر يصعب على النفس اإلنسانية؛ لذلك إتهوا إىل طلب‬
‫ﲬ ﱠﭐﭐﭐﭐﭐﭐﭐﭐﭐ‬
‫ﲭ‬ ‫ﭐﱡﭐ ﲩ ﲪ ﲫ‬ ‫يفسر قولو تعاىل‪:‬‬ ‫القرب منو‪ ،‬وىذا كالـ دقيق جداً‪ ،‬وكأنو ّْ‬
‫ِ‬
‫َف‬ ‫ّْدوا َوقَا ِربُوا َو ْاعلَ ُموا أَ ْف لَ ْن يُ ْدخ َل أ َ‬
‫َح َد ُك ْم َع َملُوُ ا‪ٞ‬تَنَّةَ َوأ َّ‬ ‫(سد ُ‬
‫[ا‪١‬تائدة ‪ .]8‬ويشَت إليو قوؿ النيب ‪َ :‬‬
‫ب األ َْع َم ِاؿ إِ َىل اهلل أ َْد َوُم َها َوإِ ْف قَ َّل)‪.27‬‬
‫َح َّ‬
‫أَ‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬معنى الوسط في القرآن ‪:‬‬
‫تبُت أهنا جاءت على معنيُت‪ :‬األوؿ‪ :‬صفة للشيء بأنو‬
‫بعد استقراء كلمة الوسط يف القرآف َّ‬
‫خَت وأفضل‪ ،‬يشَت إليو قولو تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱠ[البقرة ‪ .]143‬أي‪:‬‬
‫ِ‬
‫األشياء أوسطُها‪ ،‬و‪١‬تا كاف الوسط ‪٣‬تانباً للغلو والتقصَت‬ ‫أ‪ٛ‬تد‬ ‫‪28‬‬
‫خياراً‪ ،‬أو عدوالً ‪ .‬وأصل ىذا أف َ‬
‫ﭐﱡﭐ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﱠ‬ ‫كاف ‪٤‬تموداً‪ .‬الثاين ‪ :‬اسم ‪١‬تا بُت طريف الشيء‪ ،‬ويشَت إليو قولو تعاىل‪:‬‬
‫[العاديات‪ .]5:‬أي‪ :‬فتوسطن بذلك الوقت أو بالعدو‪ ،‬أو بالنقع‪ ،‬أي ملتبسات بو‪ .29‬ويستنبط‬
‫من ىذين ا‪١‬تعنُت تعريف الوسطية فيقاؿ‪" :‬ىي االعتداؿ يف األشياء كماً وكيفاً"‪ .‬فالكم يشَت إىل‬
‫احملسوسات‪ ،‬والكيف يشَت إىل ا‪١‬تعنويات ‪.‬‬
‫وا‪٠‬تطاب يف قولو تعاىل ‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱠ [البقرة ‪ّٓ .]143‬موع األمة‬
‫وليس لكل فرد من أفرادىا‪ ،‬فا‪١‬تعٌت أنو البد وأف يوجد فيما بينهم َم ْن يكوف ّٔذه الصفة‪ ،30‬وىذه‬
‫األمة ليست مقصورة على جنس أو لوف أو لغة‪ ،‬وىذه الوسطية تقتضي الشهود ا‪١‬تستمر على‬
‫ﭐﱡﭐ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ‬ ‫الناس؛ إلقامة ا‪ٟ‬تجة عليهم‪ ،‬لقولو تعاىل‪:‬‬
‫ﱥ ﱠ[البقرة‪ .]143 :‬وشهود األمة كائن يف الدنيا واآلخرة‪ ،‬وإىل ىذا أشار البيضاوي فقاؿ ‪:‬‬
‫ﱦ‬

‫"لتكونوا شهداء على معاصريكم‪ ،‬وعلى الذين َم ْن قبلكم أو بعدكم"‪ .31‬ونالحظ أف اآلية قد‬
‫ربطت بُت شهادة األمة على الناس وشهادة الرسوؿ ‪ ‬على ىذه األمة نفسها‪ ،‬ووجو ا‪ٟ‬تكمة يف‬
‫ذلك ػ واهلل أعلم ػ أف تبقى األمة حريصة على أداء شهادهتا كما يريد منها اهلل ورسولو‪ِ ،‬م ْن أمر‬
‫با‪١‬تعروؼ وهني عن ا‪١‬تنكر ودعوة إىل اهلل تعاىل‪ ،‬فهذه أعماؿ الشهادة على الناس‪ ،‬فال ٘تيل‬
‫‪192‬‬
‫ط ال ُْم ْستَ ِقيم‪"‬إشارات في االستقامة والوسطية"‬ ‫فلسفة األخالق في ‪ْ ‬اه ِدنَا ِّ‬
‫الص َرا َ‬
‫بشهادهتا ألي عرض من أعراض ا‪ٟ‬تياة الدنيا‪ ،‬فإف فعلت ذلك فلتعلم أف الرسوؿ ‪ ‬شهيد على‬
‫أعما‪٢‬تا‪ .‬وشهادة الرسوؿ ‪ ‬على شهادة األمة تتمثل يف سنتو الشريفة اليت تستقي منها األمة‬
‫صمت األمة من الضاللة‪ ،‬فال ٕتتمع على خطأ‪،‬‬ ‫منهجاً قودياً يف شهادهتا وحياهتا‪ ،‬وبناء على ىذا ع ِ‬
‫ُ‬
‫‪32‬‬
‫كما قاؿ النيب ‪( :‬إف اهلل ال جيمع أميت أو قاؿ أمة ‪٤‬تمد ‪ ‬على ضاللة) ‪ .‬ؤّذا ا‪١‬تفهوـ‬
‫لوسطية األمة وشهودىا يتضح لدينا أهنا سنة إ‪٢‬تية مطردة إىل قياـ الساعة؛ بل ستكوف شاىد ًة على‬
‫وح يػَ ْوَـ الْ ِقيَ َام ِة فَػيَػ ُق ُ‬
‫وؿ‬ ‫األمم يوـ القيامة أيضاً كما ورد يف ا‪ٟ‬تديث عن النيب ‪ ‬أنو قاؿ ‪( :‬يُ ْد َعى نُ ٌ‬
‫اؿ أل َُّمتِ ِو َى ْل بػَلَّغَ ُك ْم فَػيَػ ُقولُو َف َما أَتَانَا ِم ْن‬
‫وؿ نػَ َع ْم فَػيُػ َق ُ‬
‫ت فَػيَػ ُق ُ‬ ‫وؿ َى ْل بػَلَّ ْغ َ‬ ‫ب فَػيَػ ُق ُ‬
‫ك يَا َر ّْ‬‫ك َو َس ْع َديْ َ‬ ‫لَبَّػْي َ‬
‫وؿ َعلَْي ُك ْم َش ِه ً‬
‫يدا‬ ‫وؿ ُ‪٤‬تَ َّم ٌد َوأ َُّمتُوُ فَػتَ ْش َه ُدو َف أَنَّوُ قَ ْد بػَلَّ َغ َويَ ُكو َف َّ‬
‫الر ُس ُ‬ ‫ك فَػيَػ ُق ُ‬
‫وؿ َم ْن يَ ْش َه ُد لَ َ‬‫نَ ِذي ٍر فَػيَػ ُق ُ‬
‫ل ِذ ْك ُرهُ ﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ‬ ‫ك قَػ ْولُوُ َج َّ‬ ‫ِ‬
‫فَ َذل َ‬
‫ط الْ َع ْد ُؿ)‪.33‬‬ ‫ﱥ ﱠ َوالْ َو َس ُ‬ ‫ﱦ‬ ‫ﱣﱤ‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬الوسط منهج اكتساب الفضائل ‪:‬‬


‫تعد الفضائل ا‪٠‬تُْلقية ىي الطرؼ ا‪ٟ‬تسن لألخالؽ‪ ،‬والطرؼ ا‪١‬تقابل ‪٢‬تا ىي الرذائل‪ ،‬فالفضيلة‬
‫عرؼ أرسطو الفضيلة بأهنا الكيفية‬ ‫ىي ا‪٠‬تُْلق ا‪ٟ‬تسن‪ ،‬كما أف الرذيلة ىي ا‪٠‬تُْلق القبيح‪ ،‬وقد َّ‬
‫خَتاً‪ .34‬ويػُ َع َّرب عن ىذه الكيفية بالوسطية يف األفعاؿ‪،‬‬
‫تصَت اإلنساف إنساناً صا‪ٟ‬تاً ّ‬
‫األخالقية اليت ّْ‬
‫فالفضيلة وسط بُت رذيلتُت‪ ،‬فما زاد أو نقص عن ذلك الوسط فيعد رذيلة‪ ،‬فمثالً العفة وسط بُت‬
‫الشره و‪ٜ‬تود الشهوة‪ ،‬والسخاء وسط بُت البخل والتبذير‪ ،‬والشجاعة وسط بُت ا‪ٞ‬تنب والتهور‪.35‬‬
‫و‪١‬تا كانت الفضائل ا‪٠‬تُلقية كثَتة حاوؿ ‪ٚ‬تهور الفالسفة حصرىا يف أربع فضائل رئيسة‪ ،‬وىي‪:‬‬
‫ا‪ٟ‬تكمة والعفة والشجاعة والعدؿ‪ ،36‬فاعتربوا ىذه األخالؽ أصوؿ الفضائل كلها‪ ،‬وتقسيمهم لتلك‬
‫الفضائل كاف ْتسب قوى النفس‪ ،‬فتختص كل قوة من قوى النفس بفضيلة جامعة لعدة فضائل‪.‬‬
‫قاؿ الغزاِل ‪" :‬الفضائل وإف كانت كثَتة‪ ،‬فيجمعها أربع تشمل شعبها وأنواعها‪ ،‬وىي ا‪ٟ‬تكمة‬
‫والشجاعة والعفة والعدالة‪ ،‬فا‪ٟ‬تكمة فضيلة القوة العقلية‪ ،‬والشجاعة فضيلة القوة الغضبية‪ ،‬والعفة‬
‫فضيلة القوة الشهوية‪ ،‬والعدالة عبارة عن وقوع ىذه القوى على الًتتيب الواجب فيها‪ ،‬فبها تتم‬
‫‪ٚ‬تيع األمور"‪ .37‬وذكر أنو َل يبلغ كماؿ االعتداؿ يف ىذه األربع إال رسوؿ اهلل ‪ ،‬والناس بعده‬
‫‪193‬‬
‫د‪ .‬بكار الحاج جاسم‬
‫متفاوتوف يف القرب والبعد منو‪ ،‬وقد أشار القرآف إىل ىذه األخالؽ يف أوصاؼ ا‪١‬تؤمنُت‪ ،‬فقاؿ‬
‫ﭐﱡﭐ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ‬ ‫تعاىل‪:‬‬
‫ﲮ ﲯ ﱠ[ا‪ٟ‬تجرات‪ .]15 :‬فاإلدياف باهلل وبرسولو من غَت ارتياب ىو‬ ‫ﲪﲬﲭ‬
‫ﲩ ﲫ‬

‫قوة اليقُت‪ ،‬وىو ‪ٙ‬ترة العقل ومنتهى ا‪ٟ‬تكمة‪ ،‬وآّاىدة با‪١‬تاؿ ىو السخاء الذي يرجع إىل ضبط قوة‬
‫الشهوة‪ ،‬وآّاىدة بالنفس ىي الشجاعة اليت ترجع إىل استعماؿ قوة الغضب على شرط العقل وحد‬
‫االعتداؿ‪ . 38‬ويف ىذا ا‪١‬تبحث نتكلم عن إشارات القرآف إىل ىذه الفضائل األربع من خالؿ منهج‬
‫الوسطية ‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬الحكمة فضيلة القوة العاقلة ‪:‬‬
‫القوة العاقلة ‪ :‬ىي القوة اليت ّٔا يكوف الفكر والتمييز والنظر يف حقائق األمور‪ ،‬والفضيلة‬
‫الصادرة عنها ىي ا‪ٟ‬تكمة‪ .39‬وا‪ٟ‬تكمة ىي‪" :‬علم يبحث فيو عن حقائق األشياء على ما ىي عليو‬
‫يف الوجود بقدر الطاقة البشرية‪...‬؛ وا‪ٟ‬تكمة وسط بُت السفو والبلو‪ ،‬ومعٌت السفو‪ :‬استعماؿ القوة‬
‫الفكرية فيما ال ينبغي‪ ،‬والبلو تعطيل ىذه القوة‪ .40‬وقد أشار القرآف إىل ا‪ٟ‬تكمة يف مواضع متعددة‪،‬‬
‫منها ‪:‬‬
‫ﲾﳀ‬
‫ﲿ‬ ‫ﲶﲸﲹﲺﲻ ﲼﲽ‬
‫ﲷ‬ ‫ﭐﱡﭐ ﲳ ﲴ ﲵ‬ ‫أوالً ‪ :‬قولو تعاىل ‪:‬‬
‫ﱠ [البقرة‪ .]269 :‬ذكر ابن عاشور َّ‬
‫أف ا‪ٟ‬تكمة يف نظر الدين على‬ ‫ﳁﳂﳃﳄﳅ‬

‫أربعة فصوؿ‪ :‬األوؿ‪ :‬معرفة اهلل حق معرفتو‪ ،‬وىو علم االعتقاد ا‪ٟ‬تق‪ ،‬ويسمى عند اليوناف العلم‬
‫اإل‪٢‬تي‪ ،‬أو ما وراء الطبيعة‪ .‬الثاين‪ :‬علم األخالؽ‪ .‬الثالث ‪ :‬هتذيب العائلة‪ ،‬وىو ا‪١‬تسمى عند اليوناف‬
‫علم تدبَت ا‪١‬تنزؿ‪ .‬الرابع‪ :‬تقوًن األمة وإصالح شؤوهنا‪ ،‬وىو ا‪١‬تسمى علم السياسة ا‪١‬تدنية‪ .41‬و‪ٙ‬ترة‬
‫ا‪ٟ‬تكمة كما قاؿ الغزاِل‪" :‬أف يتيسر لو الفرؽ بُت ا‪ٟ‬تق والباطل يف االعتقادات‪ ،‬وبُت الصدؽ‬
‫والكذب يف ا‪١‬تقاؿ‪ ،‬وبُت ا‪ٞ‬تميل والقبيح يف األفعاؿ‪ ،‬وال يلتبس عليو شيء من ذلك‪ ،‬مع أنو األمر‬
‫ا‪١‬تلتبس على أكثر ا‪٠‬تلق"‪.42‬‬
‫ﱍﱏ‬
‫ﱎ‬ ‫ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱈ‬
‫ﱇﱉﱊﱋ ﱌ‬ ‫ثانياً‪ :‬قولو تعاىل ‪:‬‬
‫ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱠ [لقماف‪ .]12 :‬وقد أشار لقماف إىل فكرة الوسطية يف وصاياه كما‬
‫‪194‬‬
‫ط ال ُْم ْستَ ِقيم‪"‬إشارات في االستقامة والوسطية"‬ ‫فلسفة األخالق في ‪ْ ‬اه ِدنَا ِّ‬
‫الص َرا َ‬
‫ﳝ ﳟﳠ ﳡﳢ ﳣﳤ ﱠ‬
‫ﳞ‬ ‫ﭐﱡﭐ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ‬ ‫حكى القرآف‪:‬‬
‫[لقماف‪ .] 19 :‬فأشار با‪١‬تشي إىل األفعاؿ‪ ،‬وأشار بالصوت إىل األقواؿ‪ ،‬ؤّذا ‪ٚ‬تع بُت أحواؿ‬
‫اإلنساف كلّْها‪ ،‬فينبغي أ ْف تكوف على ّْ‬
‫حد االعتداؿ‪ ،‬سواء مع نفسو أو مع الناس ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الشجاعة فضيلة القوة الغضبية ‪:‬‬
‫القوة الغضبية‪ :‬ىي القوة اليت ّٔا يكوف الغضب والنجدة واإلقداـ على األىواؿ‪ ،‬والشوؽ إىل‬
‫التسلط والًتفع‪ ،‬وضروب الكرامات‪ ،‬والفضيلة الصادرة عنها ىي الشجاعة‪...‬؛ والشجاعة أ ْف تظهر‬
‫يف اإلنساف ْتسب انقيادىا ل لنفس الناطقة‪ ،‬واستعماؿ ما يوجبو الرأي يف األمور ا‪٢‬تائلة‪ ،‬أي‪ :‬ال‬
‫خياؼ من األمور ا‪١‬تفزعة إذا كاف فعلها ‪ٚ‬تيالً‪ ،‬والصرب عليها ‪٤‬تموداً‪ ،‬ومىت كانت حركة النفس‬
‫الغضبية معتدلة تطيع النفس العاقلة‪ ،‬فال هتيج يف غَت حينها‪ ،‬وال ٖتمي أكثر ‪٦‬تا ينبغي ‪٢‬تا‪ ،‬حدثت‬
‫منها فضيلة ا‪ٟ‬تلم‪ ،‬وتتبعها فضيلة الشجاعة‪...‬؛ وفضيلة الشجاعة ىي وسط بُت رذيلتُت‪ :‬إحدامها‬
‫ا‪ٞ‬تنب واألخرى التهور‪ .43‬فالتهور لطرؼ الزيادة عن االعتداؿ‪ ،‬وىي ا‪ٟ‬تالة اليت ّٔا يقدـ اإلنساف‬
‫على األمور احملظورة‪ ،‬اليت جيب يف العقل االحجاـ عنها‪ ،‬وأما ا‪ٞ‬تنب فلطرؼ النقصاف‪ ،‬وىي حالة‬
‫صَرؼ عن اإلقداـ حيث جيب اإلقداـ‪ ،‬فيصدر من‬ ‫ّٔا تنقص حركة الغضبية عن القدر الواجب‪ ،‬فتُ ْ‬
‫خلق الشجاعة اإلقداـ حيث جيب وكما جيب‪ ،‬وىو ا‪٠‬تلق ا‪ٟ‬تسن احملمود‪ ،‬وإياه أريد بقولو تعاىل‪:‬‬
‫ﱃ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱠ [الفتح‪ .]29:‬فالشدة والر‪ٛ‬تة ْتسب ا‪١‬تقاـ‪،‬‬ ‫ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱄ‬
‫واحملمود منهما ما وافق العقل والشرع‪.44‬‬
‫قاؿ الراغب األصفهاين ‪" :‬إف اعتربت [يعٍت الشجاعة] وىي يف النفس فصرامة القلب على‬
‫األىواؿ وربط ا‪ٞ‬تأش يف ا‪١‬تخاوؼ‪ ،‬وإف اعتربت بالفعل فاإلقداـ على موضع الفرصة‪ ،‬وىي فضيلة‬
‫بُت التهور وا‪ٞ‬تنب‪ ،‬وىي تتولد من الفزع والغضب إذا كانا متوسطُت‪ ،‬فإف الغضب قد يكوف مفرطًا‬
‫مقصرا كمن ال يغضب من االجًتاء على حرمو‬
‫ً‬ ‫كمن حيتد سر ًيعا من أشياء صغَتة‪ ،‬وقد يكوف‬
‫وشتم أبيو وأمو‪ ،‬وقد يكوف متوسطًا على ما جيب يف وقت ما جيب وبقدر ما جيب‪ ،‬وكذلك الفزع‬
‫مقصرا فيتولد عنو الوقاحة والغمارة‪ ،‬كمن ال يفزع من شتم‬
‫قد يكوف مفرطًا فيتولد منو ا‪ٞ‬تنب ا‪٢‬تالع‪ ،‬و ً‬
‫آبائو وتضييع حرمو وأصدقائو‪ ،‬وقد يكوف متوسطًا كما جيب وبقدر ما جيب ولكوهنما"‪.45‬‬
‫‪195‬‬
‫د‪ .‬بكار الحاج جاسم‬
‫وقاؿ ابن قدامة ‪" :‬والناس يف قوة الغضب على درجات ثالث‪ :‬إفراط‪ ،‬وتفريط‪ ،‬واعتداؿ‪،‬‬
‫فال حيمد اإلفراط فيها‪ ،‬ألنو خيرج العقل والدين عن سياستهما‪ ،‬فال يبقى لإلنساف مع ذلك نظر وال‬
‫فكر وال اختيار‪ .‬والتفريط يف ىذه القوة أيضاً مذموـ‪ ،‬ألنو يبقى ال ‪ٛ‬تية لو وال غَتة‪ ،‬ومن فقد‬
‫الغضب بالكلية‪ ،‬عجز عن رياضة نفسو‪ ،‬إذ الرياضة إمنا تتم بتسلط الغضب على الشهوة‪ ،‬فيغضب‬
‫على نفسو عند ا‪١‬تيل إىل الشهوات ا‪٠‬تسيسة‪ ،‬ففقد الغضب مذموـ‪ ،‬فينبغي أف يطلب الوسط بُت‬
‫الطريقُت‪ .‬واعلم‪ :‬أنو مىت قويت نار الغضب والتهبت‪ ،‬أعمت صاحبها‪ ،‬وأصمتو عن كل موعظة‪،‬‬
‫ألف الغضب يرتفع إىل الدماغ‪ ،‬فيغطى على معادف الفكر‪ ،‬ورٔتا تعدى إىل معادف ا‪ٟ‬تس‪ ،‬فتظلم‬
‫عينو حىت ال يرى بعينو‪ ،‬وتسود الدنيا يف وجهو‪ ،‬ويكوف دماغو على مثاؿ كهف أضرمت فيو نار‪،‬‬
‫فاسود جوه‪ ،‬و‪ٛ‬تى مستقره‪ ،‬وامتأل بالدخاف‪ ،‬وكاف فيو سراج ضعيف فانطفأ‪ ،‬فال يثبت فيو قدـ‪،‬‬
‫وال تسمع فيو كلمة‪ ،‬وال ترى فيو صورة‪ ،‬وال يقدر على إطفاء النار‪ ،‬فكذلك يفعل بالقلب والدماغ‪،‬‬
‫ورٔتا زاد الغضب فقتل صاحبو"‪.46‬‬
‫ورأى الغزاِل َّ‬
‫أف األسباب ا‪١‬تهيجة للغضب ىي‪ :‬الزىو والعجب وا‪١‬تزاح وا‪٢‬تزؿ وا‪٢‬تزء والتعيَت‬
‫وا‪١‬تماراة وا‪١‬تضادة والغدر وشدة ا‪ٟ‬ترص على فضوؿ ا‪١‬تاؿ وا‪ٞ‬تاه‪ .‬وكل صفة من ىذه الصفات يفتقر‬
‫يف عالجها إىل رياضة وٖتمل مشقة‪ ،‬وحاصل رياضتها يرجع إىل معرفة غوائلها؛ لًتغب النفس عنها‬
‫وت نفر عن قبحها‪ ،‬مث ا‪١‬تواظبة على مباشرة أضدادىا مدة مديدة حىت تصَت بالعادة مألوفة ىينة على‬
‫النفس‪ ،‬فإذا امنحت عن النفس فقد زكت وتطهرت عن ىذه الرذائل‪ ،‬وٗتلصت أيضاً عن الغضب‬
‫الذي يتولد منها‪.‬‬
‫ومن أشد البواعث على الغضب عند أكثر ا‪ٞ‬تهاؿ تسميتهم الغضب شجاعة ورجولية وعزة‬
‫نفس وكرب مهة‪ ،‬وتلقيبو باأللقاب احملمودة غباوة وجهالً‪ ،‬حىت ٘تيل النفس إليو وتستحسنو‪ ،‬وقد‬
‫يتأكد ذلك ْتكاية شدة الغضب عن األكابر يف معرض ا‪١‬تدح بالشجاعة‪ ،‬والنفوس مائلة إىل التشبو‬
‫باألكابر‪ ،‬فيهيج الغضب إىل القلب بسببو‪ ،‬وتسمية ىذا عزة نفس وشجاعة جهل‪ ،‬بل ىو مرض‬
‫س‬
‫قلب ونقصاف عقل؛ بل القوي من ديلك نفسو عند الغضب‪ ،‬كما قاؿ رسوؿ اهلل‪( : ‬لَْي َ‬
‫ِ‬ ‫َّد ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب)‪.47‬‬‫ضِ‬ ‫الصَر َع ِة‪ ،‬إَِّمنَا الش ُ‬
‫يد الَّذي ديَْل ُ‬
‫ك نَػ ْف َسوُ عْن َد الغَ َ‬ ‫يد بِ ُّ‬
‫الشَّد ُ‬

‫‪196‬‬
‫ط ال ُْم ْستَ ِقيم‪"‬إشارات في االستقامة والوسطية"‬ ‫فلسفة األخالق في ‪ْ ‬اه ِدنَا ِّ‬
‫الص َرا َ‬
‫واالمتناع عن أسباب الغضب ىو ا‪١‬تعٍت بقوؿ رسوؿ اهلل ‪( : ‬ال تغضب)‪ .48‬أي‪ :‬اجتنب‬
‫أسباب ال غضب وال تتعرض ‪١‬تا جيلبو‪ ،‬وأما نفس الغضب فال يتأتى النهي عنو؛ ألنو أمر طبيعي ال‬
‫يزوؿ من ا‪ٞ‬تبلة‪ ،‬فما كاف من قبيل الطبع ا‪ٟ‬تيواين ال ديكن دفعو فال يدخل يف النهي؛ ألنو من‬
‫تكليف احملاؿ‪ ،‬وما كاف من قبيل ما يكتسب بالرياضة فهو ا‪١‬تراد‪.49‬‬
‫ﭐﱡ ﱂ‬ ‫ويعُت على ترؾ الغضب استحضار ما جاء يف كظم الغيظ من الفضل‪ ،‬كقولو تعاىل ‪:‬‬
‫ﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐ‬

‫ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱠ [آؿ عمراف‬
‫‪ .]134 ،133:‬وكذلك أف يستحضر َّ‬
‫أف الغضب من نزغ الشيطاف الذي يريد أ ْف يصرفو عن‬
‫ﭐﱡﭐ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ‬ ‫‪٤‬تاسن األخالؽ‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫ﱳﱵﱶﱷﱸﱹ ﱺﱻﱼﱽﱾﱿﲀ‬
‫ﱴ‬ ‫ﱯﱰﱱﱲ‬

‫ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﱠ[األعراؼ‪199 ،‬ػ ‪.]201‬‬ ‫ﲁ‬

‫المطلب الثلث ‪ :‬العفة فضيلة القوة الشهوية ‪:‬‬


‫القوة الشهوية‪ :‬ىي القوة اليت ّٔا تكوف الشهوة وطلب الغذاء‪ ،‬والشوؽ إىل ا‪١‬تالذ اليت يف‬
‫ا‪١‬تآكل وا‪١‬تشارب وا‪١‬تناكح‪ ،‬وضروب اللذات ا‪٠‬تسيسة‪ ،‬والفضيلة الصادرة عنها العفة‪...‬؛ والعفة أ ْف‬
‫يصرؼ شهواتو ْتسب الرأي‪ ،‬أي‪ :‬أ ْف يوافق التمييز الصحيح حىت ال ينقاد ‪٢‬تا‪ ،‬ويصَت بذلك حراً‬
‫غَت متعبد لشيء من شهواتو‪ ،‬ومىت كانت حركة النفس البهيمية معتدلة منقادة للنفس العاقلة‪ ،‬غَت‬
‫متأبية عليها‪ ،‬وال منهمكة يف اتباع ىواىا‪ ،‬حدثت عنها فضيلة العفة‪ ،‬وتتبعها فضيلة السخاء‪.50‬‬
‫وعماد العفة أف ال يطلقها صاحبها يف شيء ‪٦‬تا خيتص بكل و ِ‬
‫احد منهما إال فيما يسوغو العقل‬
‫والشرع‪ ،‬دوف الشهوة وا‪٢‬توى‪ .51‬ويصدر عن فضيلة العفة‪ :‬السخاء وا‪ٟ‬تياء والصرب وا‪١‬تسا‪٤‬تة والقناعة‬
‫والورع واللطافة وا‪١‬تساعدة والظرؼ وقلة الطمع‪ ،‬وأما ميلها إىل اإلفراط أو التفريط فيحصل منو‪:‬‬
‫ا‪ٟ‬ترص والشره والوقاحة وا‪٠‬تبث والتبذير والتقتَت والرياء وا‪٢‬تتكة وآّانة والعبث وا‪١‬تلق وا‪ٟ‬تسد‬
‫‪52‬‬
‫صرح القرآف بذكر التعفف يف سياؽ‬ ‫والشماتة والتذلل لألغنياء واستحقار الفقراء وغَت ذلك ‪ .‬وقد َّ‬
‫ا‪١‬تاؿ والنكاح‪ ،‬أو كما يقاؿ يف علم األخالؽ‪ :‬شهوة البطن والفرج‪ .53‬قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫‪197‬‬
‫د‪ .‬بكار الحاج جاسم‬

‫ﳀﳂﳃﳄﳅ‬
‫ﳁ‬ ‫ﭐﱡﭐ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ‬
‫ﳒﳔﳕﳖﳗﳘ‬
‫ﳓ‬ ‫ﳌﳎﳏﳐﳑ‬
‫ﳍ‬ ‫ﳇﳉﳊﳋ‬
‫ﳈ‬ ‫ﳆ‬
‫ﱡﭐ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ‬ ‫ﳙ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ﱠ[النساء‪ .]6 :‬وقاؿ تعاىل‪:‬‬
‫ﳚ‬

‫ﱞ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪﱫ ﱬ ﱭ ﱮ‬
‫ﱟ‬ ‫ﱜﱝ‬
‫ﱾﲀﲁ‬
‫ﱿ‬ ‫ﱱﱳ ﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽ‬
‫ﱲ‬ ‫ﱯﱰ‬
‫[النور‪ .]33 :‬وأشار القرآف إىل الوسطية يف ا‪١‬تأكل‬ ‫ﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈ ﲉﱠ‬

‫ﱌﱎﱏﱐ‬
‫ﱍ‬ ‫ﱡﭐ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ‬ ‫وا‪١‬تشرب‪ ،‬فقاؿ تعاىل‪:‬‬
‫ﱑ ﱒ ﱠ [األعراؼ‪ .]31 :‬أي‪ :‬ال تسرفوا باإلفراط والتفريط‪ ،‬فإف العدالة صراط اهلل تعاىل‬
‫ا‪١‬تستقيم‪ .54‬ويف ىذا انسجاـ مع مبدأ الوسطية‪ ،‬فال إسراؼ وال تقتَت‪ ،‬وال امتناع عن ا‪١‬تادية ولذائذ‬
‫ا‪ٟ‬تياة ا‪١‬تشروعة‪ ،‬وال رغبة يف الرىبانية والزىد ا‪١‬تؤدي إىل الكبت وتعذيب النفس وإضعاؼ ا‪ٞ‬تسد‬
‫وحرمانو‪ ،‬كما ال إغراؽ يف الشهوات وانتهاب اللذات فوؽ القدر ا‪١‬تعتاد ا‪١‬تتوسط‪ .55‬وكذلك أشار‬
‫ﱡﭐ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ‬ ‫القرآف إىل الوسطية يف اإلنفاؽ‪ ،‬فقاؿ تعاىل‪:‬‬
‫ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﱠ[الفرقاف‪ .]67:‬ومعٌت "قَػ َو ًاما"‪ ،‬أي‪ :‬العدؿ بُت الشيئُت؛ الستقامة الطرفُت‬
‫‪56‬‬
‫واعتدا‪٢‬تما ‪ .‬وقاؿ تعاىل ‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ‬

‫ﱚ ﱛ ﱠ [اإلسراء ‪ .]29 :‬قاؿ الرازي ‪" :‬وحاصل الكالـ ‪ :‬أف ا‪ٟ‬تكماء ذكروا يف كتب‬
‫طريف إفراط وتفريط‪ ،‬ومها مذموماف‪ ،‬فالبخل إفراط يف اإلمساؾ‪ ،‬والتبذير‬
‫«األخالؽ» أف لكل خلق َّ‬
‫إفراط يف اإلنفاؽ‪ ،‬ومها مذموماف‪ ،‬وا‪٠‬تلق الفاضل ىو العدؿ والوسط"‪.57‬‬
‫المطلب الرابع ‪ :‬العدالة الفضيلة الجامعة ‪:‬‬
‫ث للنفس من اجتماع الفضائل الثالث السابقة‪ ،‬وذلك عند‬ ‫العدالة ىي الفضيلة اليت َْٖت ُد ُ‬
‫مسا‪١‬تة ىذه القوى بعضها لبعض‪ ،‬واستسالمها للقوة العاقلة‪ ،‬وحيدث لإلنساف ّٔا ‪ٝ‬تة خيتار ّٔا أبداً‬
‫اإلنصاؼ من نفسو أوالً‪ ،‬مث اإلنصاؼ واالنتصاؼ من غَته ولو‪ .58‬والعدؿ روح الفضائل اإلنسانية‬
‫باتفاؽ األدياف وا‪ٟ‬تكماء! ويعٍت‪ :‬التخلق بالوسطية يف عالقة اإلنساف مع نفسو ومع غَته‪ ،‬فال‬
‫إفراط وال تفريط يف ا‪ٟ‬تقوؽ والواجبات‪ .‬والعدؿ ظاىرة كونية ربانية‪ ،‬فكل شيء قائم بالعدؿ‪،‬‬
‫‪198‬‬
‫ط ال ُْم ْستَ ِقيم‪"‬إشارات في االستقامة والوسطية"‬ ‫فلسفة األخالق في ‪ْ ‬اه ِدنَا ِّ‬
‫الص َرا َ‬
‫ﲢﲤ‬
‫ﲣ‬ ‫ﲞﲠﲡ‬
‫ﲟ‬ ‫تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ‬ ‫وإىل ىذه ا‪ٟ‬تقيقة يشَت قولو‬
‫ﭐﱡﭐ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ‬ ‫ﲥ ﲦ ﲧ ﱠ[األنعاـ‪ .]115 :‬وقولو تعاىل‪:‬‬
‫ﱟ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱠ [آؿ عمراف‪ .]18 :‬قاؿ الرازي‪:‬‬
‫ﱠ‬ ‫ﱜﱝﱞ‬

‫"معٌت كونو قائماً بالقسط‪ :‬قائماً بالعدؿ‪ ،‬كما يقاؿ‪ :‬فالف قائم بالتدبَت‪ ،‬أي‪ :‬جيريو على‬
‫االستقامة‪ ،‬واعلم أف ىذا العدؿ منو ما ىو متصل بباب الدنيا‪ ،‬ومنو ما ىو متصل بباب الدين‪ ،‬أما‬
‫ا‪١‬تتصل بالدينا‪ ،‬فانظر أوالً يف كيفية خلقة أعضاء اإلنساف‪ ،‬حىت تعرؼ عدؿ اهلل تعاىل فيها‪ ،‬مث انظر‬
‫إىل اختالؼ أحواؿ ا‪٠‬تلق يف ا‪ٟ‬تسن والقبح‪ ،‬والغٌت والفقر والصحة والسقم‪ ،‬وطوؿ العمر وقصره‬
‫واللذة واآلالـ‪ ،‬واقطع أف كل ذلك عدؿ من اهلل وحكمة وصواب‪ ،‬مث انظر يف كيفية خلقو العناصر‬
‫وأجراـ األف الؾ‪ ،‬وتقدير كل واحد منها بقدر معُت وخاصية معينة‪ ،‬واقطع بأف كل ذلك حكمة‬
‫وصواب‪ ،‬أما ما يتصل بأمر الدين‪ ،‬فانظر إىل اختالؼ ا‪٠‬تلق يف العلم وا‪ٞ‬تهل‪ ،‬والفطانة والبالدة‬
‫وا‪٢‬تداية والغواية‪ ،‬واقطع بأف كل ذلك عدؿ وقسط"‪ .59‬وقاؿ ابن عاشور‪" :‬وقد أقاـ اهلل القسط يف‬
‫تكوين العواَل على نظمها‪ ،‬ويف تقدير بقاء األنواع‪ ،‬وإيداع أسباب ا‪١‬تدافعة يف نفوس ا‪١‬توجودات‪،‬‬
‫وفيما شرع للبشر من الشرائع يف االعتقاد والعمل؛ لدفع ظلم بعضهم بعضاً‪ ،‬وظلمهم أنفسهم‪،‬‬
‫فهو القائم بالعدؿ سبحانو‪ ،‬وعدؿ الناس مقتبس من ‪٤‬تاكاة عدلو"‪.60‬‬
‫أف كماؿ العدالة ال يكوف إال‬‫وقد ‪ٚ‬تع القرآف بُت العدؿ والصراط ا‪١‬تستقيم‪ ،‬ويف ذلك إشارة إىل َّ‬
‫ﭐﱡﭐ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ‬ ‫بالوقوؼ على الصراط ا‪١‬تستقيم‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫ﲅﲆﲇﲈﲉ ﲊﲋﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔ ﲕﲖ‬

‫ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﱠ [النحل‪ .]76 :‬وقد تقدـ الكالـ عن معٌت الصراط ا‪١‬تستقيم‪ُّ .‬‬


‫ويعد‬
‫ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ‬ ‫العدؿ من ا‪١‬تقاصد العليا للشرائع الربانية‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫ﱋﱍﱎﱏ ﱐﱑﱒﱓﱔ‬
‫ﱌ‬ ‫ﱇ ﱈﱉﱊ‬

‫ﱙ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ[ا‪ٟ‬تديد‪ .]25 :‬فا‪١‬تقصد من إرساؿ الرسل‬


‫ﱚ‬ ‫ﱕﱖﱗﱘ‬
‫وإنزاؿ الكتب إقامة القسط بُت الناس‪ ،‬ويدؿ ىذا على حاجة البشر إىل منهج رباين حيقق ‪٢‬تم‬
‫كماؿ العدالة‪ ،‬ويكوف ‪٢‬تم دستور وقانوف عاـ‪ ،‬ال جيدوف فيو نزعةً إنسانيةً متحيّْزة لفئة دوف أخرى‪.‬‬
‫‪199‬‬
‫د‪ .‬بكار الحاج جاسم‬
‫وإذا غاب العدؿ ظهر الظلم‪ ،‬والظلم ُم ْؤِذ ٌف ٓتراب العمراف‪ .61‬تلك سنة إ‪٢‬تية يف قياـ األمم‬
‫الرب والفاجر‪ ،‬والصديق والعدو‪ ،‬ومن‬‫وسقوطها؛ ‪٢‬تذا كاف العدؿ يف اإلسالـ فريضة ‪٤‬تكمة‪ ،‬مع َّ‬
‫ﱡﭐ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ‬ ‫َّت على ذلك‪ :‬قولو تعاىل‪:‬‬
‫اآليات الكردية اليت حث ْ‬
‫ﲼ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃﱠ‬
‫ﲶﲸﲹﲺﲻ ﲽ‬
‫ﲷ‬ ‫ﲰﲱﲲ ﲳﲴﲵ‬

‫ﱡﭐ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ‬ ‫[النساء‪ .]58 :‬وقولو تعاىل‪:‬‬


‫ﱞﱠ ﱡﱢ‬
‫ﱟ‬ ‫ﱏ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ‬
‫ﱐ‬ ‫ﱎ‬

‫ﭐﱡﭐ ﲘ ﲙ‬ ‫[النساء‪ .]135 :‬وقولو تعاىل‪:‬‬ ‫ﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱠ‬

‫ﲧﲩﲪ‬
‫ﲨ‬ ‫ﲟﲡﲢﲣﲤﲥ ﲦ‬
‫ﲠ‬ ‫ﲚﲛﲜﲝ ﲞ‬

‫ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﱠ[ا‪١‬تائدة‪ .]8 :‬أي‪" :‬ال حيملنكم‬ ‫ﲯﲱ‬


‫ﲬﲮ ﲰ‬
‫ﲭ‬ ‫ﲫ‬

‫بغض قوـ على أف ٕتوروا عليهم وٕتاوزوا ا‪ٟ‬تد فيهم‪ ،‬بل اعدلوا فيهم وإف أساؤوا عليكم‪ ،‬وأحسنوا‬
‫إليهم وإف بالغوا يف إحياشكم‪ ،‬فهذا خطاب عاـ‪ ،‬ومعناه أمر اهلل تعاىل ‪ٚ‬تيع ا‪٠‬تلق بأف ال يعاملوا‬
‫أحداً إال على سبيل العدؿ واإلنصاؼ‪ ،‬وترؾ ا‪١‬تيل والظلم واالعتساؼ"‪.62‬‬
‫والعدالة حُت تُطلب مع ا‪٠‬تصم ىي تقريع لذلك ا‪٠‬تصم؛ َّ‬
‫ألف عدالة ا‪١‬تسلم مع ا‪٠‬تصم رٔتا‬
‫يفكر يف حقيقة الدافع إلقامة العدؿ معو‪ ،‬وقد يدفعو ىذا التفكَت إىل اإلدياف والتقوى‪ ،‬وإىل‬ ‫ٕتعلو ّْ‬
‫أف ا‪٠‬تصم يكوف أقرب إىل التقوى‬ ‫ب لِلتَّػ ْق َوى" أي ‪َّ :‬‬ ‫ىذه ا‪ٟ‬تقيقة يشَت قولو تعاىل‪ِ :‬‬
‫"اعدلُوا ُى َو أَقْػَر ُ‬
‫ْ‬
‫حُت يرى ا‪١‬تؤمن مقيماً للعدؿ‪ ،‬فلعلو يرتدع ويعاود نفسو ويقوؿ ‪ :‬إف اإلدياف قد جعل ىذا ا‪١‬تسلم‬
‫يتغلب على البغض وحكم با‪ٟ‬تق على الرغم من أنو يعلم أنٍت عدو لو‪ ،‬فا‪١‬تعٌت النفسي الذي يصيب‬
‫خصمك حُت يراؾ آثرت ا‪ٟ‬تق على بغضك لو‪ ،‬جيعلو يلتفت إىل اإلدياف الذي جعل ا‪ٟ‬تق يعلو‬
‫ا‪٢‬توى ويغلبو ويقهره‪ ،‬ويصَت أقرب للتقوى‪ ،‬وأيضاً َم ْن يشهد بالقسط ىو أقرب للتقوى‪.63‬‬

‫‪200‬‬
‫ط ال ُْم ْستَ ِقيم‪"‬إشارات في االستقامة والوسطية"‬ ‫فلسفة األخالق في ‪ْ ‬اه ِدنَا ِّ‬
‫الص َرا َ‬

‫ﱡﭐ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ‬ ‫ويقوي ىذا ا‪١‬تعٌت قولو تعاىل‪:‬‬


‫ﲋ‬ ‫ﲊ‬ ‫ﲅﲇﲈﲉ‬
‫ﲆ‬ ‫ﱹ ﱺﱻﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃ ﲄ‬

‫ﲌﲍﲎﲏ ﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖﲗ ﲘﲙﲚ‬

‫ﲦﲨﲩﲪﲫﲬﲭ‬
‫ﲧ‬ ‫ﲢﲤﲥ‬
‫ﲣ‬ ‫ﲛﲜﲝﲞﲟﲠ ﲡ‬

‫ﲿ‬ ‫ﲾ‬ ‫ﲶﲸﲹﲺﲻﲼﲽ‬


‫ﲷ‬ ‫ﲮﲯﲰﲱﲲﲳﲴﲵ‬

‫ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﱠ [آؿ عمراف‪118 :‬ػ ‪ .]120‬ىذا شأف األعداء‪ ،‬وانظر إىل‬


‫صِربُوا َوتَػتَّػ ُقوا َال يَ ُ‬
‫ضُّرُك ْم‬ ‫"وإِ ْف تَ ْ‬
‫ا‪١‬توقف العادؿ الذي جيب أ ْف يتخذه ا‪١‬تؤمنوف معهم‪ ،‬قاؿ تعاىل‪َ :‬‬
‫فصل يف موضع آخر كيف تكوف عالقة ا‪١‬تؤمنُت مع‬ ‫ط"‪ .‬وقد َّ‬ ‫َكْي ُد ُى ْم َشْيئًا إِ َّف اللَّ َو ِٔتَا يَػ ْع َملُو َف ُِ‪٤‬تي ٌ‬
‫ﭐﱡﭐ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ‬ ‫عدوىم‪ ،‬فقاؿ تعاىل ‪:‬‬
‫ﱹﱻﱼﱽﱾ ﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈ ﲉﲊ‬
‫ﱺ‬ ‫ﱸ‬
‫ﲏ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﱠ[ا‪١‬تمتحنة‪ .]8،9 :‬ونالحظ أ ّف‬ ‫ﲐ‬ ‫ﲋﲌﲍﲎ‬

‫فأما ا‪١‬تواالة فتعٍت‪ :‬الوداد‬


‫ىاتُت اآليتُت فرقتا بُت أمرين‪ :‬األوؿ‪ :‬الفرؽ بُت ا‪١‬تواالة والرب والقسط‪َّ :‬‬
‫الرب فهو اسم للخَت ولكل فعل ٍ‬
‫مرض‪ ،‬و َّأما القسط‬ ‫منهي عنو‪ ،‬و َّأما ّْ‬
‫والنصرة واٗتاذ البطانة‪ ،‬فهذا ّّ‬
‫فمعناه العدؿ‪ ،‬وىاتاف ا‪٠‬تصلتاف (الرب والقسط) تبذالف ‪ٞ‬تميع الناس‪ .‬والثاين‪ :‬الفرؽ بُت الكافرين‬
‫فأما الكافروف احملاربوف‬
‫احملاربُت وغَت احملاربُت ‪ :‬فال هني يف الرب والقسط إىل الكافرين غَت احملاربُت‪َّ ،‬‬
‫فال مواالة ‪٢‬تم نصاً‪ ،‬وإمنا ٕتري عليهم أحكاـ ا‪ٟ‬ترب اليت ال ٗتلو من الرب والقسط‪ ،‬وخاصة مع‬
‫ا‪١‬تفصلة يف كتب الفقو‪.‬‬
‫األسرى والنساء واألطفاؿ‪ ...‬وغَت ذلك من األحكاـ َّ‬
‫والعدؿ على ضربُت ‪ :‬األوؿ ‪ :‬عدؿ مطلق ‪ :‬يقتضي العقل حسنو‪ ،‬وال يكوف منسوخاً يف‬
‫شيء من األزمنة‪ ،‬وال يوصف با‪ٞ‬تور يف حاؿ‪ ،‬وذلك مثل جذب اإلحساف إىل َم ْن أحسن إليك‪،‬‬
‫عم ْن كف أذاه عنك‪ .‬والثاين‪ :‬عدؿ مقيد‪ :‬يعرؼ كونو عدالً بالشرع‪ ،‬وديكن أف يكوف‬
‫وكف األذية َ‬
‫منسوخاً يف بعض األحواؿ واألزمنة‪ ،‬وذلك مقابلة السوء ٔتثلو‪ ،‬كأحواؿ القصاص‪ ،‬وىذا النحو يصح‬
‫ﲟﱠ‬
‫ﲠ‬ ‫ﱡﭐ ﲜ ﲝ ﲞ‬ ‫أف يوصف على آّاز يف بعض األحواؿ با‪ٞ‬تور‪ ،‬ولذلك قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫معتربا بالسيئة ا‪١‬تتقدمة كانت‬
‫[الشورى‪ .]40 :‬فسمى جزاء السيئة سيئة من حيث إنو لو َل يكن ً‬
‫‪201‬‬
‫د‪ .‬بكار الحاج جاسم‬
‫ىي سيئة‪...‬؛ وبالنظر إىل النوع األوؿ واالعتبار بو‪ ،‬قاؿ بعض ا‪١‬تتكلمُت‪ :‬يعرؼ العدؿ وا‪ٞ‬تور قبل‬
‫الشرع‪ ،‬وبالنظر إىل النوع الثاين واالعتبار بو‪ ،‬قاؿ بعضهم‪ :‬ال يعرفاف إال بالشرع‪.64‬‬
‫وال تتبُت حقيقة فضيلة العدالة إال إذا اختلط اإلنساف بآّتمع وعاشر الناس وتعامل معهم‬
‫بالدرىم والدينار‪ ،‬وقد أشار القرآف إىل ىذه ا‪١‬تسألة بعد الكالـ عن الصراط ا‪١‬تستقيم يف قولو تعاىل‪:‬‬
‫ُت) [سورة الفاٖتة‪ .]7 :‬ويف ىذه‬ ‫ض ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫وب َعلَْي ِه ْم َوَال الضَّالّْ َ‬ ‫ت َعلَْي ِه ْم َغ َِْت الْ َم ْغ ُ‬ ‫(صَرا َط الذ َ‬
‫ين أَنْػ َع ْم َ‬
‫اآلية إشارات فلسفية يف االجتماع اإلنساين‪ ،‬وأوجو االتفاؽ واالفًتاؽ بُت اإلنساف وآّتمع‪،‬‬
‫سنخصها يف ْتث مستقل إف شاء اهلل تعاىل ‪.‬‬
‫ُّ‬
‫الخاتمة ‪:‬‬
‫قدَّـ البحث بعض اإلشارات يف فلسفة األخالؽ من خالؿ اآلية القرآنية اليت يكررىا‬
‫ا‪١‬تسلموف يف صلواهتم ا‪١‬تفروضة سبع عشرة مرة‪ ،‬وىي قولو تعاىل يف سورة الفاٖتة‪ :‬اىدنا الصراط‬
‫ا‪١‬تستقيم‪ ،‬وبعد تلك اإلشارات أذكر أبرز النتائج يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬الصراط ا‪١‬تستقيم ىو الطريق الوسط واالعتداؿ يف ‪ٚ‬تيع ا‪١‬تستويات ا‪١‬تعنوية وا‪١‬تادية‪.‬‬
‫واالستقامة على ا‪١‬تنهج الوسطي من مقاصد القرآف الكربى‪ ،‬ومن أبرز الفالسفة الذين اىتموا بفكرة‬
‫برزت فكرتو عن الوسطية‬‫الوسطية أرسطوطاليس‪ ،‬و‪ٚ‬تلة ما ذكره ال خيتلف عما ذكره القرآف؛ و‪٢‬تذا ْ‬
‫يف كتابات علماء ا‪١‬تسلمُت مثل مسكويو والراغب األصفهاين والغزاِل‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬ا‪١‬تسلموف يدعوف بالثبات على االستقامة يف اليوـ والليلة سبع عشرة مرة‪ ،‬وذلك يف‬
‫رجت للناس‪،‬‬
‫ُخ ْ‬‫الصلوات ا‪١‬تفروضة غَت الصلوات النافلة؛ ولذلك كانوا أمة وسطاً‪ ،‬وكانوا خَت أمة أ ْ‬
‫وعلى الرغم من الضعف والتقهقر الذي أصاب األمة‪ ،‬وظهور التطرؼ بُت ا‪ٟ‬تُت واآلخر يف‬
‫بعضهم‪ ،‬فما زاؿ ا‪٠‬تَت يف ‪ٚ‬تلتها‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬االستقامة مقاـ من مقامات أىل التصوؼ‪ ،‬وقد ذكر البحث بعض النصوص يف معٌت‬
‫االستقامة عندىم‪ ،‬وعدوىا من أعظم الكرامات‪ ،‬فاالستقامة عُت الكرامة‪ ،‬والتصوؼ ُخلُق َس ِ ّّ‬
‫ٍت‪،‬‬
‫أف التصوؼ ُخلُق َم ْن زاد عليك با‪٠‬تُلُق فقد زاد عليك يف التصوؼ‪ ،‬وقد‬ ‫وقد ا ْشتُ ِهر عن أىلو َّ‬
‫ت األخالؽ عملياُ من خاللو‪.‬‬ ‫طُبِ َق ْ‬
‫‪202‬‬
‫ط ال ُْم ْستَ ِقيم‪"‬إشارات في االستقامة والوسطية"‬ ‫فلسفة األخالق في ‪ْ ‬اه ِدنَا ِّ‬
‫الص َرا َ‬
‫رابعاً‪ :‬الوسط ىو ا‪١‬تنهج الصحيح يف اكتساب الفضائل‪ ،‬فا‪ٟ‬تكمة ىي الوسط يف القوة‬
‫العاقلة‪ ،‬والشجاعة ىي الوسط يف القوة الغضبية‪ ،‬والعفة ىي الوسط يف القوة الشهوية‪ ،‬وىذا ما‬
‫تكلم عنو القرآف وكذلك فالسفة األخالؽ‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬العدالة ىي الفضيلة ا‪ٞ‬تامعة ألمهات الفضائل‪ ،‬وتتحقق العدالة عند االستقامة‬
‫حث القرآف على العدالة يف‬
‫على الوسط يف قوى النفس الثالث‪ :‬العاقلة والغضبية والشهوية‪ .‬وقد َّ‬
‫كل شأف‪ ،‬حىت طلب من اإلنساف أ ْف يشهد با‪ٟ‬تق ولو على نفسو أو الوالدين‪ ،‬فالعدالة من‬
‫ا‪١‬تقاصد العظمى يف القرآف‪.‬‬
‫اتفقت الفلسفة والشريعة على مبدأ الوسطية‪ ،‬فكما تكلم ا‪ٟ‬تكماء عن‬ ‫ْ‬ ‫سادساً‪ :‬لقد‬
‫تبُت أهنا‬
‫الوسطية يف قوى النفس فكذلك القرآف تكلم عنها‪ ،‬وبعد استقراء كلمة الوسط يف القرآف َّ‬
‫جاءت على معنيُت‪ :‬األوؿ‪ :‬صفة للشيء بأنو خَت وأفضل‪ ،‬والثاين‪ :‬اسم ‪١‬تا بُت طريف الشيء‪،‬‬
‫ويستنبط من ىذين ا‪١‬تعنُت تعريف الوسطية فيقاؿ‪" :‬ىي االعتداؿ يف األشياء كماً وكيفاً"‪ .‬فالكم‬
‫يشَت إىل احملسوسات‪ ،‬والكيف يشَت إىل ا‪١‬تعنويات‪ .‬وقد قدَّـ البحث بعض النماذج يف الوسط‬
‫واالعتداؿ‪ ،‬وىناؾ دراسات خاصة يف مبدأ الوسطية يف القرآف‪.‬‬
‫ويف ا‪٠‬تتاـ أصي الباحثُت باالىتماـ بالدراسة ا‪١‬تقارنة بُت النصوص القرآنية والعلوـ اإلنسانية‪،‬‬
‫أف علوـ القرآف ال تتناىى‪ ،‬و َّ‬
‫أف عطاءه‬ ‫فإف ذلك يقدّْـ منهجاً جديداً من مناىج التفسَت‪ ،‬ويشَت إىل َّ‬
‫َّ‬
‫مر الزماف ‪.‬‬
‫يتجدد على ّْ‬

‫‪203‬‬
‫د‪ .‬بكار الحاج جاسم‬
‫‪.‬الهوامش‪:‬‬

‫‪ 1‬انظر‪٤ :‬تمد عبد اهلل دراز (ت ‪1377‬ىػ)‪ ،‬دستور األخالؽ يف القرآف‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1418/10‬ىػ‪1998/‬ـ‪.8 .‬‬

‫‪ 2‬الكندي‪ ،‬يعقوب بن إسحاؽ (ت‪252.‬ىػ)‪ ،‬رسائل الكندي الفلسفية‪( ،‬رسالة يف الفلسفة األوىل)‪ٖ ،‬تقيق د‪٤ .‬تمد عبد ا‪٢‬تادي أبو ريدة‪ ،‬دار‬
‫الفكر العريب‪ ،‬ط‪1950.‬ـ‪.97 .‬‬
‫‪ 3‬الكندي‪ ،‬رسائل الكندي الفلسفية (رسالة يف حدود األشياء ورسومها)‪ٖ ،‬تقيق د‪٤ .‬تمد عبد ا‪٢‬تادي أبو ريدة‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬ط‪.‬‬
‫‪1950‬ـ‪.121 .‬‬
‫‪ 4‬مسكويو‪ ،‬أ‪ٛ‬تد بن ‪٤‬تمد أبو علي (ت‪421.‬ىػ)‪ ،‬هتذيب األخالؽ وتطهَت األعراؽ‪ ،‬حققو قسطنطُت زريق‪ ،‬نشر ا‪ٞ‬تامعة األمريكية ببَتوت‪،‬‬
‫ط‪1966 .‬ـ ‪.31 .‬‬
‫‪ 5‬انظر‪ :‬د‪٤ .‬تمد يوسف موسى‪ ،‬مباحث يف فلسفة األخالؽ‪ ،‬مؤسسة ىنداوي‪.31 ،‬‬
‫‪ 6‬انظر‪ :‬ابن منظور‪٤ ،‬تمد بن مكرـ ‪ٚ‬تاؿ الدين (ت‪711.‬ىػ)‪ ،‬لساف العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بَتوت‪-‬لبناف‪ ،‬ط‪1414 ،3‬ى‪ .‬مادة قوـ‪.‬‬
‫‪ 7‬انظر‪ :‬الفَتوزآبادي‪٤ ،‬تمد بن يعقوب (ت‪817.‬ىػ)‪ ،‬بصائر ذوي التمييز يف لطائف الكتاب العزيز‪ٖ ،‬تقيق ‪٤‬تمد علي النجار‪ ،‬آّلس األعلى‬
‫للشئوف اإلسالمية و‪ٞ‬تنة إحياء الًتاث اإلسالمي‪ ،‬القاىرة‪.311/4 ،‬‬
‫‪ 8‬انظر‪ :‬ابن منظور‪ :‬لساف العرب‪ :‬مادة قوـ‪.‬‬
‫‪ 9‬أخرجو اإلماـ البخاري‪٤ ،‬تمد بن إ‪ٝ‬تاعيل أبو عبد اهلل البخاري (ت‪256 .‬ىػ)‪ ،‬صحيح البخاري‪ٖ ،‬تقيق د‪ .‬مصطفى ديب البغا‪ ،‬دار ابن كثَت‬
‫ببَتوت‪ ،‬ط‪1987.‬ـ‪ .‬كتاب الرقاؽ‪ ،‬باب القصد وا‪١‬تداومة على العمل‪.‬‬
‫‪ 10‬انظر‪ :‬ابن حجر‪ ،‬أ‪ٛ‬تد بن علي (ت‪852.‬ى)‪ ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬ط‪1410 ،1.‬ى ‪/‬‬
‫‪1989‬ـ‪.299/11 .‬‬
‫‪ 11‬النووي‪ ،‬أبو زكريا ‪٤‬تيي الدين حيِت بن شرؼ النووي (ت‪676.‬ىػ)‪ ،‬ا‪١‬تنهاج شرح صحيح مسلم بن ا‪ٟ‬تجاج‪ ،‬دار إحياء الًتاث العريب‪ ،‬بَتوت‪-‬‬
‫لبناف‪ ،‬ط‪.71/6 ،2‬‬
‫ِ‬
‫َح ًدا منْ ُك ْم َع َملُوُ‪.‬‬ ‫‪12‬‬
‫أخرجو اإلماـ البخاري يف صحيحو‪ :‬كتاب الرقاؽ‪ ،‬باب القصد وا‪١‬تداومة على العمل‪ .‬وأوؿ ا‪ٟ‬تديث قولو‪( :‬لَ ْن يػُنَ ّْج َي أ َ‬
‫ص َد‬ ‫اؿ‪ :‬والَ أَنَا‪ ،‬إَِّال أَ ْف يػتَػغَ َّم َدِين اللَّو بِر ْ‪ٛ‬ت ٍة‪ ،‬سدّْدوا وقَا ِربوا‪ ،‬وا ْغ ُدوا وروحوا‪ ،‬و َشيء ِمن ُّ ِ‬ ‫قَالُوا‪ :‬والَ أَنْت يا رس َ َِّ‬
‫ص َد ال َق ْ‬ ‫الد ْ‪ٞ‬تَة‪َ ،‬وال َق ْ‬ ‫َُ ُ َ ْ ٌ َ‬ ‫ُ ََ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫وؿ اللو؟ قَ َ َ‬ ‫َ َ َ َُ‬
‫تَػْبػلُغُوا) ‪.‬‬
‫‪ 13‬العيٍت‪٤ ،‬تمود بن أ‪ٛ‬تد بدر الدين العيٍت (ت‪855.‬ىػ)‪ ،‬عمدة القاري شرح صحيح البخاري‪ ،‬دار إحياء الًتاث العريب‪ ،‬بَتوت‪-‬لبناف‪ ،‬د‪.‬ط‪،‬‬
‫د‪.‬ت‪.64/23 .‬‬
‫‪ 14‬ا‪ٞ‬ترجاين‪٤ ،‬تمد بن علي الشريف ا‪ٞ‬ترجاين (ت‪838.‬ىػ)‪ ،‬التعريفات‪ ،‬ضبطو وصححو ‪ٚ‬تاعة من العلماء‪ ،‬دار الكتب العلمية بَتوت‪-‬لبناف‪،‬‬
‫ط‪1983 ،1.‬ـ‪.37 .‬‬
‫‪ 15‬القشَتي‪ ،‬عبد الكرًن بن ىوازف القشَتي (ت‪ 465.‬ىػ)‪ ،‬الرسالة القشَتية‪ٖ ،‬تقيق اإلماـ الدكتور عبد ا‪ٟ‬تليم ‪٤‬تمود‪ ،‬والدكتور ‪٤‬تمود بن‬
‫الشريف‪ ،‬دار ا‪١‬تعارؼ‪ ،‬القاىرة‪.356/2 ،‬‬
‫‪ 16‬انظر‪ :‬اآللوسي‪٤ ،‬تمود اآللوسي (ت‪1270.‬ى)‪ ،‬روح ا‪١‬تعاين يف تفسَت القرآف العظيم والسبع ا‪١‬تثاين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪-‬لبناف‪،‬‬
‫ط‪1415 ،1.‬ى‪1994 -‬ـ‪.20/4 .‬‬
‫‪ 17‬انظر‪ :‬مدارج السالكُت بُت منازؿ إياؾ نعبد وإياؾ نستعُت‪.103/2 :‬‬

‫‪204‬‬
‫ط ال ُْم ْستَ ِقيم‪"‬إشارات في االستقامة والوسطية"‬ ‫فلسفة األخالق في ‪ْ ‬اه ِدنَا ِّ‬
‫الص َرا َ‬

‫‪ 18‬أخرجو اإلماـ مسلم بن ا‪ٟ‬تجاج (ت ‪216‬ى )‪ ،‬صحيح مسلم‪ٖ ،‬تقيق ‪٤‬تمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار إحياء الًتاث العريب بَتوت‪ ،‬د‪/‬ط ‪ ،‬د‪/‬ت‬
‫‪ .‬كتاب اإلدياف‪ ،‬باب جامع أوصاؼ اإلسالـ‪.‬‬
‫‪ 19‬انظر‪ :‬الرازي‪٤ ،‬تمد بن عمر أبو عبد اهلل فخر الدين الرازي (ت‪606.‬ىػ)‪ ،‬مفاتيح الغيب‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بَتوت‪-‬لبناف‪ ،‬د‪.‬ط د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪.560/27‬‬
‫‪20‬‬
‫و‪٤‬تمد كامل قره بللي‬
‫أخرجو ابن ماجو (‪٤‬تمد بن يزيد أبو عبد اهلل (ت ‪273‬ىػ)‪ ،‬سنن ابن ماجو‪ٖ ،‬تقيق شعيب األرنؤوط وعادؿ مرشد َّ‬
‫وؿ اللَّ ِو‪.‬‬
‫وعبد اللّطيف حرز اهلل‪ ،‬دار الرسالة العا‪١‬تية‪ ،‬ط‪2009.‬ـ‪ .‬ا‪١‬تقدمة‪ ،‬باب اتػّْب ِاع سن َِّة رس ِ‬
‫َ ُ َ ُ َُ‬ ‫َ‬
‫‪ 21‬روح ا‪١‬تعاين‪.345/6 :‬‬
‫‪ 22‬انظر‪ :‬مفاتيح الغيب‪.164/1 :‬‬
‫‪ 23‬انظر‪ :‬ابن منظور‪ :‬لساف العرب‪ :‬مادة وسط‪.‬‬
‫‪ 24‬أرسطو (ت‪ 322.‬ؽ‪.‬ـ)‪ ،‬علم األخالؽ إىل نيقوماخوس‪ ،‬تر‪ٚ‬تة أ‪ٛ‬تد لطفي السيد‪ ،‬دار الكتب ا‪١‬تصرية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪1924.‬ـ ‪. 244/1 .‬‬
‫‪ 25‬انظر‪ :‬هتذيب األخالؽ وتطهَت األعراؽ‪.34 :‬‬
‫‪ 26‬إحياء علوـ الدين‪.169/3 :‬‬
‫الع َم ِل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اؽ‪ ،‬باب ال َق ِ‬
‫‪ 27‬أخرجو البخاري يف صحيحو‪ :‬كِتَاب ّْ ِ‬
‫صد َوا‪١‬تَُد َاوَمة َعلَى َ‬
‫الرقَ َ ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫‪ 28‬انظر‪ :‬البيضاوي (ناصر الدين عبد اهلل بن عمر البيضاوي (ت ‪691‬ىػ)‪ ،‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل‪ٖ ،‬تقيق ‪٤‬تمد عبد الر‪ٛ‬تن ا‪١‬ترعشلي‪ ،‬دار‬
‫إحياء الًتاث العريب‪ ،‬بَتوت‪-‬لبناف‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪.159/1 .‬‬
‫‪ 29‬انظر‪ :‬الرازي‪ :‬مفاتيح الغيب‪.106/4 :‬‬
‫‪ 30‬انظر‪ :‬ا‪١‬تصدر السابق‪.106/4 :‬‬
‫‪ 31‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل‪.159/1 :‬‬
‫‪ 32‬أخرجو اإلماـ الًتمذي ‪٤‬تمد بن عيسى أبو عيسى (ت‪279.‬ىػ)‪ ،‬مصطفى البايب ا‪ٟ‬تليب‪ ،‬القاىرة‪-‬مصر‪ ،‬ط‪1975 ،2.‬ـ‪ .‬كتاب الفنت ‪:‬‬
‫باب ما جاء يف لزوـ ا‪ٞ‬تماعة ‪.‬‬
‫‪ 33‬أخرجو اإلماـ البخاري‪ :‬كتاب التفسَت‪ :‬باب وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ‪.‬‬
‫‪ 34‬انظر‪ :‬علم األخالؽ إىل نيقوماخوس‪.244/1 :‬‬
‫‪ 35‬انظر‪ :‬أرسطو‪ :‬ا‪١‬تصدر السابق‪ ،242 /1 :‬والكندي‪ :‬رسائل الكندي الفلسفية (رسالة يف حدود األشياء ورسومها)‪ ،178 :‬و الفارايب (‪٤‬تمد‬
‫بن ‪٤‬تمد بن طَْر َخاف (ت‪339.‬ى)‪ ،‬رسائل الفارايب (كتاب التنبيو على سبيل السعادة)‪ ،‬مطبعة ‪٣‬تلس دائرة ا‪١‬تعارؼ العثمانية‪ ،‬حيدر آباد‪.9 .‬‬
‫‪ 36‬انظر‪ :‬مسكويو‪ :‬هتذيب األخالؽ‪ ،16 :‬والراغب األصفهاين (ا‪ٟ‬تسُت بن ‪٤‬تمد بن ا‪١‬تفضل الراغب األصفهاين (ت‪502.‬ىػ)‪ ،‬الذريعة إىل‬
‫مكارـ الشريعة‪ٖ ،‬تقيق الدكتور أبو اليزيد العجمي‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬ا‪١‬تنصورة‪ ،‬ط‪ ،2.‬د‪.‬ت‪.128 .‬‬
‫‪ 37‬الغزاِل‪٤ ،‬تمد بن ‪٤‬تمد أبو حامد الغزاِل (ت‪505 .‬ىػ)‪ ،‬ميزاف العمل‪ ،‬حققو وقدـ لو‪ ،‬د‪ .‬سليماف دنيا‪ ،‬دار ا‪١‬تعارؼ‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،1.‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪.264‬‬
‫‪ 38‬انظر‪ :‬الغزاِل‪ :‬إحياء علوـ الدين‪.55/3 :‬‬
‫‪ 39‬انظر‪ :‬مسكويو‪ :‬هتذيب األخالؽ وتطهَت األعراؽ‪.23 :‬‬
‫‪ 40‬انظر‪ :‬مسكويو‪ :‬هتذيب األخالؽ وتطهَت األعراؽ‪.35 :‬‬
‫‪ 41‬انظر‪ :‬ابن عاشور‪٤ ،‬تمد الطاىر ابن عاشور التونسي‪ ،‬التحرير والتنوير‪ ،‬الدار التونسية للنشر‪ ،‬تونس‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪.61/3 .‬‬
‫‪ 42‬ميزاف العمل‪.233 :‬‬

‫‪205‬‬
‫د‪ .‬بكار الحاج جاسم‬

‫‪ 43‬انظر‪ :‬مسكويو‪ :‬هتذيب األخالؽ وتطهَت األعراؽ‪ 26 :‬وما بعدىا‪.‬‬


‫‪ 44‬انظر‪ :‬ميزاف العمل‪ :‬الغزاِل‪ ،266 :‬وإحياء علوـ الدين‪.55/3 :‬‬
‫‪ 45‬الذريعة اىل مكارـ الشريعة‪.232 :‬‬
‫‪ 46‬انظر‪٥ :‬تتصر منهاج القاصدين‪.179 :‬‬
‫‪ 47‬انظر‪ :‬إحياء علوـ الدين‪ .172/3 :‬وا‪ٟ‬تديث أخرجو اإلماـ البخاري يف صحيحو‪ :‬كتاب األدب‪ ،‬باب ا‪ٟ‬تذر من الغضب‪.‬‬
‫َّد ِمَر ًارا‪ ،‬قَ َ‬ ‫َّيب‪ :‬أ َْو ِص ٍِت‪ ،‬قَ َ‬ ‫َف رج ًال قَ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫(ع ْن أَِيب ُىَريْػَرَة َرض َي اللَّوُ َعنْوُ‪ ،‬أ َّ َ ُ‬
‫‪48‬‬
‫ب)‪ .‬أخرجو اإلماـ البخاري يف‬ ‫ضْ‬ ‫اؿ‪ :‬الَ تَػ ْغ َ‬ ‫ب‪ ،‬فَػَرد َ‬
‫ضْ‬‫اؿ‪ :‬الَ تَػ ْغ َ‬ ‫اؿ للنِ ّْ‬ ‫َ‬
‫صحيحو‪ :‬كتاب األدب‪ ،‬باب ا‪ٟ‬تذر من الغضب‪.‬‬
‫‪ 49‬انظر‪ :‬ابن حجر‪ :‬فتح الباري‪.520/10:‬‬
‫‪ 50‬انظر‪ :‬مسكويو‪ :‬هتذيب األخالؽ وتطهَت األعراؽ‪ 23 :‬وما بعدىا‪.‬‬
‫‪ 51‬انظر‪ :‬الراغب األصفهاين‪ :‬الذريعة اىل مكارـ الشريعة‪ ،224 :‬والغزاِل‪ :‬ميزاف العمل‪.327 :‬‬
‫‪ 52‬انظر‪ :‬الغزاِل‪ :‬إحياء علوـ الدين‪.55/3 :‬‬
‫‪ 53‬قاؿ الراغب األصفهاين‪" :‬العفة ال تتعلق إال بالقوة الشهوية‪ ،‬وال تتعلق من القوة الشهوية إال با‪١‬تالذ ا‪ٟ‬تيوانية‪ ،‬وىى ا‪١‬تتعلقة بالغارين ومها‪:‬‬
‫البطن والفرج دوف األلواف ا‪ٟ‬تسنة واأل‪ٟ‬تاف الطيبة واألشكاؿ ا‪١‬تنتظمة"‪ .‬الذريعة اىل مكارـ الشريعة‪.224 :‬‬
‫‪ 54‬انظر‪ :‬اآللوسي‪ :‬روح ا‪١‬تعاين‪.369/4 :‬‬
‫‪ 55‬انظر‪ :‬د‪ .‬وىبة مصطفى الزحيلي‪ ،‬التفسَت ا‪١‬تنَت يف العقيدة والشريعة وا‪١‬تنهج‪ ،‬دار الفكر ا‪١‬تعاصر‪ ،‬دمشق‪-‬سوريا‪ ،‬ط‪1418 ،2.‬ىػ‪.15/7 .‬‬
‫‪ 56‬انظر‪ :‬الز‪٥‬تشري‪ :‬الكشاؼ‪.293/3 :‬‬
‫‪ 57‬مفاتيح الغيب‪.329/20:‬‬
‫‪ 58‬انظر‪ :‬مسكويو‪ :‬هتذيب األخالؽ وتطهَت األعراؽ‪.23 :‬‬
‫‪ 59‬الرازي‪ :‬مفاتيح الغيب‪.170/7 :‬‬
‫‪ 60‬التحرير والتنوير‪.187/3 :‬‬
‫‪ 61‬راجع عبد الر‪ٛ‬تن بن خلدوف (ت‪808 .‬ىػ)‪ ،‬ا‪١‬تقدمة‪ ،‬دار ابن خلدوف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪.319 .‬‬
‫‪ 62‬الرازي‪ :‬مفاتيح الغيب‪.320/11 :‬‬
‫‪ 63‬انظر‪٤ :‬تمد متوِل الشعراوي‪ ،‬ـ تفسَت الشعراوي‪ ،‬طابع أخبار اليوـ بالقاىرة‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪.2976/5 .‬‬
‫‪ 64‬انظر‪ :‬الراغب األصفهاين‪ :‬الذريعة اىل مكارـ الشريعة‪.249 :‬‬

‫‪206‬‬
‫ط ال ُْم ْستَ ِقيم‪"‬إشارات في االستقامة والوسطية"‬ ‫فلسفة األخالق في ‪ْ ‬اه ِدنَا ِّ‬
‫الص َرا َ‬

‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫‪ -‬القرآف الكرًن‪.‬‬
‫‪ -01‬ابن حجر‪ ،‬أ‪ٛ‬تد بن علي (ت‪852 .‬ى)‪ ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪-‬لبناف‪ ،‬ط‪،1.‬‬
‫‪1410‬ى ‪1989/‬ـ‪.‬‬
‫‪ -02‬ابن خلدوف‪ ،‬عبد الر‪ٛ‬تن (ت‪808.‬ىػ)‪ ،‬مقدمة بن خلدوف‪ ،‬دار ابن خلدوف اإلسكندرية‪ ،‬د‪.‬ط‪( ،‬د‪.‬ت‪).‬‬
‫‪ -03‬ابن قيم ا‪ٞ‬توزية‪٤ ،‬تمد بن أيب بكر (ت‪ 751.‬ىػ)‪ ،‬مدارج السالكُت بُت منازؿ إياؾ نعبد وإياؾ نستعُت‪ٖ ،‬تقيق ‪٤‬تمد ا‪١‬تعتصم‬
‫باهلل البغدادي‪ ،‬دار الكتاب العريب‪ ،‬بَتوت‪-‬لبناف‪ ،‬ط‪1996 ،3.‬ـ‪.‬‬
‫و‪٤‬تمد كامل قره‬
‫‪ -04‬ابن ماجو‪٤ ،‬تمد بن يزيد أبو عبد اهلل (ت‪273 .‬ىػ)‪ ،‬سنن ابن ماجو‪ٖ ،‬تقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط وعادؿ مرشد َّ‬
‫وعبد اللّطيف حرز اهلل‪ ،‬دار الرسالة العا‪١‬تية‪ ،‬ط‪2009.‬ـ‪.‬‬
‫بللي َ‬
‫‪ -05‬ابن منظور‪٤ ،‬تمد بن مكرـ ‪ٚ‬تاؿ الدين (ت‪711.‬ىػ)‪ ،‬لساف العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بَتوت‪-‬لبناف‪ ،‬ط‪31414.‬ى‪.‬‬
‫‪ -06‬أبو حامد الغزاِل‪٤ ،‬تمد بن ‪٤‬تمد (ت‪505 .‬ىػ)‪ ،‬إحياء علوـ الدين‪ ،‬دار ا‪١‬تعرفة‪ ،‬بَتوت‪ ،‬د‪.‬ط‪( ،.‬د‪.‬ت‪).‬‬
‫‪ -07‬أبو حامد الغزاِل‪٤ ،‬تمد بن ‪٤‬تمد (ت‪505 .‬ىػ)‪ ،‬ميزاف العمل‪ ،‬حققو وقدـ لو د‪.‬سليماف دنيا‪ ،‬دار ا‪١‬تعارؼ‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪،1.‬‬
‫(د‪.‬ت‪).‬‬
‫‪ -08‬أرسطو (ت‪ 322.‬ؽ‪.‬ـ)‪ ،‬علم األخالؽ إىل نيقوماخوس‪ ،‬تر‪ٚ‬تة أ‪ٛ‬تد لطفي السيد‪ ،‬دار الكتب ا‪١‬تصرية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪.‬‬
‫‪1924‬ـ ‪.‬‬
‫‪ -09‬اآللوسي‪٤ ،‬تمود (ت‪1270 .‬ى )‪ ،‬روح ا‪١‬تعاين يف تفسَت القرآف العظيم والسبع ا‪١‬تثاين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪-‬لبناف‪،‬‬
‫ط‪1415/ ،1‬ى ‪1994 /‬ـ‪.‬‬
‫‪ -10‬البخاري‪٤ ،‬تمد بن إ‪ٝ‬تاعيل أبو عبد اهلل (ت‪256 .‬ىػ)‪ ،‬صحيح البخاري‪ٖ ،‬تقيق د‪ .‬مصطفى ديب البغا‪ ،‬دار ابن كثَت‪،‬‬
‫بَتوت‪-‬لبناف‪ ،‬ط‪1987 .‬ـ‪.‬‬
‫‪ -11‬بن قدامة‪٧ ،‬تم الدين أ‪ٛ‬تد بن عبد الر‪ٛ‬تن ا‪١‬تقدسي (ت‪689 .‬ىػ)‪ ،‬علق عليو شعيب األرنؤوط وعبد القادر األرنؤوط‪ ،‬مكتبة‬
‫دار البياف‪ ،‬دمشق‪-‬سوريا‪1398 ،‬ىػ‪1978 /‬ـ‪.‬‬
‫‪ -12‬البيضاوي‪ ،‬ناصر الدين عبد اهلل بن عمر (ت‪691.‬ىػ)‪ٖ ،‬تقيق‪٤ :‬تمد عبد الر‪ٛ‬تن ا‪١‬ترعشلي‪ ،‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل‪ ،‬دار‬
‫إحياء الًتاث العريب‪ ،‬بَتوت‪ ،‬د‪.‬ط‪( .‬د‪ .‬ت‪. ).‬‬
‫‪ -13‬الًتمذي‪٤ ،‬تمد بن عيسى أبو عيسى (ت‪279 .‬ىػ)‪ ،‬مصطفى البايب ا‪ٟ‬تليب‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪1975 ،2‬ـ‪.‬‬
‫‪ -14‬ا‪ٞ‬ترجاين‪٤ ،‬تمد بن علي ابن الشريف (ت‪ 838 .‬ىػ)‪ ،‬التعريفات‪ ،‬ضبطو وصححو ‪ٚ‬تاعة من العلماء‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بَتوت‪-‬لبناف‪ ،‬ط‪1983 ،1‬ـ‪.‬‬
‫‪ -15‬الراغب األصفهاين‪ ،‬ا‪ٟ‬تسُت بن ‪٤‬تمد بن ا‪١‬تفضل (ت‪502 .‬ىػ)‪ ،‬الذريعة إىل مكارـ الشريعة‪ٖ ،‬تقيق‪ :‬د‪ .‬أبو اليزيد العجمي‪،‬‬
‫دار الوفاء‪ ،‬ا‪١‬تنصورة‪ ،‬ط‪( ،2‬د‪.‬ت‪).‬‬
‫‪ -16‬الز‪٥‬تشري‪٤ ،‬تمود بن عمر أبو القاسم جار اهلل (ت‪528 .‬ىػ) الكشاؼ‪ ،‬دار الكتاب العريب‪ ،‬بَتوت‪-‬لبناف‪،‬ط‪( ،3.‬د‪ .‬ت‪).‬‬
‫‪ -17‬الطربي‪٤ ،‬تمد بن جريرف (ت‪310.‬ى )‪ ،‬جػامع البياف عن تأويػل آي القرآف‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بَتوت‪-‬لبناف‪1984 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪207‬‬
‫د‪ .‬بكار الحاج جاسم‬

‫‪ -18‬العيٍت‪٤ ،‬تمود بن أ‪ٛ‬تد بدر الدين (ت‪855 .‬ىػ)‪ ،‬عمدة القاري شرح صحيح البخاري‪ ،‬دار إحياء الًتاث العريب‪ ،‬بَتوت‪،‬‬
‫د‪.‬ط‪( ،‬د‪ .‬ت‪).‬‬
‫‪ -19‬الفارايب‪٤ ،‬تمد بن ‪٤‬تمد بن طَْر َخاف (ت‪339 .‬ى)‪ ،‬رسائل الفارابي (كتاب التنبيو على سبيل السعادة)‪ ،‬مطبعة ‪٣‬تلس دائرة‬
‫ا‪١‬تعارؼ العثمانية‪ ،‬حيدر آباد‪( ،‬د‪.‬ت‪).‬‬
‫‪ -20‬فخر الدين الرازي‪٤ ،‬تمد بن عمر أبو عبد اهلل (ت‪606 .‬ىػ)‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بَتوت‪ .‬د‪.‬ط‪ ( ،‬د‪ .‬ت‪.).‬‬
‫‪ -21‬الفَتوزآبادي‪٤ ،‬تمد بن يعقوب (ت‪817.‬ىػ)‪ ،‬بصائر ذوي التمييز يف لطائف الكتاب العزيز‪ٖ ،‬تقيق‪٤ :‬تمد علي النجار‪،‬‬
‫آّلس األعلى للشئوف اإلسالمية و‪ٞ‬تنة إحياء الًتاث اإلسالمي‪ ،‬القاىرة‪( ،‬د‪.‬ت‪).‬‬
‫‪ -22‬القشَتي‪ ،‬عبد الكرًن بن ىوازف (ت‪465.‬ىػ)‪ ،‬الرسالة القشَتية‪ٖ ،‬تقيق اإلماـ د‪ .‬عبد ا‪ٟ‬تليم ‪٤‬تمود‪ ،‬و د‪٤ .‬تمود بن‬
‫الشريف‪ ،‬دار ا‪١‬تعارؼ‪ ،‬القاىرة‪( ،‬د‪.‬ت‪).‬‬
‫‪ -23‬الكندي‪ ،‬يعقوب بن إسحاؽ (ت‪252 .‬ىػ)‪ ،‬رسائل الكندي الفلسفية‪( ،‬رسالة يف الفلسفة األوىل)‪ ،‬و(رسالة يف حدود‬
‫األشياء ورسومها)‪ٖ ،‬تقيق اد‪٤ .‬تمد عبد ا‪٢‬تادي أبو ريدة‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬ط‪1950.‬ـ‪.‬‬
‫‪٤ -24‬تمد الطاىر ابن عاشور التونسي‪ ،‬التحرير والتنوير‪ ،‬الدار التونسية للنشر‪ ،‬تونس‪ ،‬د‪.‬ط‪( ،‬د‪.‬ت‪).‬‬
‫‪٤ -25‬تمد عبد اهلل دراز (ت‪1377 .‬ىػ)‪ ،‬دستور األخالؽ يف القرآف‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1418 ،10.‬ىػ‪1998/‬ـ‪.‬‬
‫‪٤ -26‬تمد متوِل الشعراوي‪ ،‬تفسَت الشعراوي‪ ،‬مطابع أخبار اليوـ‪ ،‬القاىرة‪ ،‬د‪.‬ط‪( ،‬د‪.‬ت‪).‬‬
‫‪٤ -27‬تمد يوسف موسى‪ ،‬مباحث يف فلسفة األخالؽ‪ ،‬مؤسسة ىنداوي‪( ،‬د‪.‬ت‪).‬‬
‫‪ -28‬مسكويو‪ ،‬أ‪ٛ‬تد بن ‪٤‬تمد أبو علي (ت‪421.‬ىػ)‪ ،‬هتذيب األخالؽ‪ ،‬حققو قسطنطُت زريق‪ ،‬ا‪ٞ‬تامعة األمريكية‪ ،‬بَتوت‪-‬لبناف‪،‬‬
‫ط‪1966.‬ـ‬
‫‪ -29‬مسلم‪ ،‬بن ا‪ٟ‬تجاج (ت‪216.‬ى )‪ ،‬صحيح مسلم‪ٖ ،‬تقيق‪٤ :‬تمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار إحياء الًتاث العريب‪ ،‬بَتوت‪-‬لبناف‪،‬‬
‫د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت ‪.‬‬
‫‪ -30‬وىبة مصطفى الزحيلي‪ ،‬التفسَت ا‪١‬تنَت يف العقيدة والشريعة وا‪١‬تنهج‪ ،‬دار الفكر ا‪١‬تعاصر‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪1418 ،2.‬ىػ‪.‬‬
‫‪ -31‬حيِت بن شرؼ النووي‪ ،‬أبو زكريا ‪٤‬تيي الدين (ت‪676 .‬ىػ)‪ ،‬ا‪١‬تنهاج شرح صحيح مسلم بن ا‪ٟ‬تجاج‪ ،‬دار إحياء الًتاث‬
‫العريب‪ ،‬بَتوت‪-‬لبناف‪ ،‬ط‪( ،2.‬د‪.‬ت‪).‬‬

‫‪208‬‬

You might also like