Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 179

‫جامعة وهران ‪2‬‬

‫كلية العلوم االجتماعية‬


‫قسم علم االجتماع‬
‫رسالة‬
‫لنيل شهادة الماجستير‬
‫في علم اإلجتماع الثقافي‬

‫أثر التغيرات االجتماعية على ثقافة الزواج لدى الشباب‬

‫من اعداد الطالب‬


‫يخلف يوسف‬
‫‪ :‬تشكيلة لجنة المناقشة‬

‫مؤسسة االنتماء‬ ‫الرتبة‬ ‫الصفة‬ ‫اسم و لقب األستاذ‬


‫جامعة وهران ‪2‬‬ ‫أستاذ‬ ‫الرئيس‬ ‫مهدي العربى‬
‫جامعة وهران ‪2‬‬ ‫أستاذ‬ ‫المقررا ومشرفا‬ ‫مذكور مصطفى‬
‫جامعة وهران ‪2‬‬ ‫أستاذ محاضر أ‬ ‫المناقش‬ ‫زاوي مصطفى‬
‫جامعة وهران ‪2‬‬ ‫أستاذ محاضر أ‬ ‫المناقش‬ ‫روينة ميلود كريم‬
‫الموسم الــــجامعي‬
‫‪2015/2016‬‬

‫الشكر والتقدير‬
‫نشكر كل من ساعدني في إنجاح هذا العمل‪ .‬في البداية كل اإلحترام‬
‫والتقدير موجه لألستاد المشرف مصطفى مذكور وكل أساتدة قسم علم‬
‫‪ .‬اإلجتماع‬
‫‪ .‬وزمالئي الطلبة وكل عمال المكتبة‬
‫و أوجه الشكر الخالص إلى الوالدين الحبيبين إلى أسرتي و إلى كل‬
‫‪.‬األهل واألحباب الذين وقفوا إلى جانبي لتحقيق هذا البحث‬

‫إلى األستاذ جمال غريد ‪،‬رحمه هللا‬


‫المقدمة‬

‫أثر التغيرات اإلجتماعية على ثقافة الزواج لدى الشباب‪ ،‬هو بحث اجتماعي ميداني‬
‫من منظور ثقافي وهو دراسة علمية لظاهرة الزواج وما يحدث فيها من تغ يرات تعكس‬
‫عالقات الصراع القائمة بين األفراد في المجتم ع كك ل‪ ،‬وفي العائل ة بش كل وظيفي‬
‫محدد ‪،‬هذه المؤسسة العائلية التي أصبحت تشهد تغيرات مست الوظائف النمطية لألف راد‬
‫واألدوار‪ ،‬التي هي األخرى تساهم وتؤثر على السلوك والتصورات واألفعال والتصرفات‬
‫والمواقف‪ ،‬القائمة على قواعد وأعراف و قوانين حديثة النشأة أو حتى التقليدية الرس مية‬
‫اإلجتماعية والغير الرسمية‪ ،‬لها أسسها الثقافية‪ ،‬والتي هي تعبر عن مدى إرتباط ظاهرة‬
‫الزواج مع التغيرات االجتماعية المعاصرة حديثة الظه ور ‪ ،‬وم ا ينتج ه من ظ روف‬
‫وروابط في عملية تزاوج األفراد‪،‬الذين ينسجون عالقات عائلية إجتماعية تق وم على قيم‬
‫وسمات تقافية‪،‬تتحدد من خاللها أسس بناء األسرة الحديثة الجديدة التي أص بحت ت ؤدي‬
‫وظائف إجتماعية حديثة محددة ‪ ،‬إنطالقا من عادات وتقاليد العائلة المتوارثة من الق دم‪،‬‬
‫التي الزالت تشهد تحوالت كثيرة‪ ،‬لها عالقة وطيدة بدينامكي ة التغ ير ال ذي تش هده‬
‫مؤسسات المجتمع األخرى‪.‬‬
‫جاء تقسيم البحث إلى أربعة فصول ‪،‬دمجت فيها الجانب الميداني مع الجانب النظري‪،‬‬
‫وهذا لغرض التعمق من جهة أولى في تحليل كالم المبحوثين‪ ،‬ومحاولة التحقق من صحة‬
‫الفرضيات والمقاربات والنظريات التي إعتمدت عليه ا في دراس ة ال زواج وعالقت ه‬
‫بالتغيرات اإلجتماعي‪،‬ومن جهة ثانية الدمج يساعد على اإلختصار والكتابة العلمية البعيدة‬
‫عن الغموض والتعقيد الذي يجعل كثيرا من الدراسات‪ ،‬واسعة هالمية ال تفسر الظ واهر‬
‫اإلجتماعية بل تزيدها تعقيدا‪.‬‬
‫الفصل األول هو الفصل التمهيدي‪ ،‬أردت من خالله تعريف وتصنيف ثقافة الزواج ل دى‬
‫الشباب‪ ،‬وقد وزعت الفصل إلى مبحثين‪،‬األول هو البناء المنهجي الذي بينت فيه أهمية و‬
‫أهداف دوافع إختيار البحث ثم عرضت الدراسات السابقة وح ددت بع دها الموض وع‬
‫وطرحت اإلشكالية مع صياغة الفرضيات وتتبعتها بعرض المفاهيم‪ ،‬وفي المبحث الث اني‬
‫بينت فيه األسس النظرية والتقنية و وصفت العينة المدروسة وفي األخير بينت الصعوبات‬
‫التقنية والميدانية التي واجهتني لتحقيق هذا البحث‪.‬‬
‫وفي الفصل الثاني‪،‬الذي عنوانه عالقة التغيرات اإلجتماعية بالزواج والثقافة‪،‬ال ذي أردت‬
‫منها إختبار النظريات مع الواقع اإلجتماعي لظاهرة الزواج في المجتم ع‪ ،‬وق د قس مت‬
‫الفصل إلى مبحثين‪ ،‬المبحث األول طلبت فيه ثالث مطالب‪،‬ركزت في البداية حول مفهوم‬
‫التغير اإلجتماعي في نظر الشباب ثم إنتقلت للتحقق من مدى تطابق نظريات اإلجتماعي ة‬

‫أ‬
‫حول التغير مع واقع المجتمع ‪،‬ثم بعدا هذا تطرقت إلختبار نظريات إجتماعية ثقافية حول‬
‫اإلختيار الزواجي‪،‬والمبحث الثاني درست فيه ظاهرة العزوبة وتأخير س ن ال زواج‪ ،‬و‬
‫أهمية زواج الشباب و ووضحت تغير نظرة الشباب لل زواج ثم تحليالت ح ول العائل ة‬
‫ودورها في مجابهة العزوبة و حول آثار التغيرات اإلجتماعية على ثقافة الشباب‪.‬‬
‫أما الفصل الثالث ‪ ،‬وعنوانه تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب الذي قسمته إلى مبحثين‬
‫‪ ،‬في المبحث األول الموزع على أربع مطالب ‪،‬درست في البداية المبحث األول ال ذي‬
‫عنوانه مظاهر التغير في حفالت الزواج وركزت في مطلبه األول من زاوية ثقافية حول‬
‫مرحلة ما قبل الخطوبة من عالقات التواعد والتالقي والتع ارف بين الش باب من أج ل‬
‫الزواج ثم بعد هذا عرجت لمرحلة الخطوبة وبينت مفهومها في نظر الشباب وش روطها‬
‫في المجتمع‪ ،‬وبعد ذالك إنتقلت لموضوع المهر بين البلدية والمسجد كمؤسس ات رس مية‬
‫إدارية قانونية تمثل تنظيم الدولة ومسؤوليتها على تنظيم الزواج و األسرة العائلة والنس ل‬
‫في المجتمع‪،‬كما تط رقت في ه ذا المبحث إلى حفالت الخطوب ة ثم حفالت المتنوع ة‬
‫والمتعددة في يوم الزفاف وبينت التغيرات التي أحدثها الش باب‪ ،‬إلحي اء ه ذه الحفالت‬
‫بأسلوبهم الخاص وموقف اآلباء واألمهات في العائلة أو األس رة من تص رفات ه ؤالء‬
‫الشبان وموقفهم من العالقات التي ينسجونها في المجتمع‪ ،‬من خالل التحض ير لتك اليف‬
‫الزواج وإحياء حفالت الزفاف‪ ،‬أما في المبحث الثاني والذي عنوانه أهمية ثقافة ال زواج‬
‫الذي بينت في مطلبه األول أهمية زواج كثير من الشباب بعد مواصلتهم الدراسة ثم أهمية‬
‫الزواج في دفع الشباب لمجابهة البطالة و تفشيها في المجتمع في النهاي ة بينت أهمي ة‬
‫الثقافة في التخفيف من غالء المهور والتكاليف الباهظة للزواج‪.‬‬
‫الفصل الرابع عنوانه الزواج والعائلة في المجتمع‪ ،‬قسمته إلى مبحثين في كل مبحث أربع‬
‫مطالب‪ ،‬وقد ركزت في المبحث األول الذي عنوانه الزواج في المجتمع الجزائ ري‪ ،‬على‬
‫حالة أو وضعية المجتمع الجزائري الذي هو في رأيي اليزال يتأرجح الكثير من أف راده‬
‫بين الحداثة والتقاليد ‪،‬بين الماضي ومعايشة الحاضر وما يح دث في ه من تغ يرات‪ ،‬ثم‬
‫تطرقت بعد هدا لخصائص العائلة التقليدية والحديثة وبينت الفرق بينهما والتأثير المتبادل‬
‫بينهما من وجهة ثقافية‪ ،‬وبعد هذا بينت كيفية وطرق تزويج الشباب في العائلة التقليدي ة‪،‬‬
‫إلى أن إنتهيت بأساليب الزواج في العائلة الحديثة‪ ،‬أما المبحث الثاني من هذا الفصل‪ ،‬هو‬
‫حول ثقافة العائلة و زواج الشباب إنطلقت من بدايته بمطلب يؤكد أهمية تزويج الشباب في‬
‫العائلة إلى أن تحولت لتوضيح رأيي حول أثر الثقافة التقليدية في بناء األسرة الجزائرية‬
‫الحديثة ‪،‬وبعد ذالك ‪ ،‬وفي آخر المبحث من هذا الفصل بينت وجود ظاهرت ت أخر س ن‬
‫الزواج في العائلة الحديثة أو األسرة وبينت ردت فعل الشباب اإلجتماعية و وعيهم به ذه‬
‫الظاهرة في المجتمع‪.‬‬

‫ب‬
‫ت‬
‫الفصل األول‬

‫‪4‬‬
‫الفصل األول‪ :‬البناء المنهجي والنظري‪.‬‬

‫تمهيد‬

‫المبحث األول‪ :‬البناء المنهجي‬

‫أوال‪ :‬أهداف ودوافع اختيار الموضوع‬

‫ثانيا‪ :‬الدراسات السابقة‬

‫ثالثا‪ :‬تحديد الموضوع و إشكالية البحث‬

‫رابعا‪ :‬الفرضية و تحديد المفاهيم‬

‫المبحث الثاني‪ :‬األسس النظرية واالتقنية‬

‫أوال‪ :‬نظريات البحث‬

‫ثانيا‪ :‬تقنيات البحت‬

‫ثالثا‪:‬العينة ومواصفاتها‬

‫رابعا‪ :‬الصعوبات التي واجهت البحث‬

‫الخالصة‬

‫‪5‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫مقدمة الفصل ‪:‬‬


‫إستعملت في بحثنا هذا المنهج الوصفي لكونه يصف الظواهر كما هي في الواقع و يساعد‬

‫الباحث على إستخدم أدوات البحث الكمية والنوعية‪،‬ولقد إخترت تقني ة المقابل ة لجم ع‬

‫المعلومات بعد أن تأكد لي أنها األنسب ‪،‬كما سأبين في هذا الفصل مفهوم ثقاف ة ال زواج‬

‫لدى الشباب‪ ،‬واهم التغيرات التي ظهرت في مراسيم الزواج وأسباب الخالف بين أف راد‬

‫العائلة حول تسير مراسيم الزواج‪،‬خاصة بين اآلباء واألبناء المقبلين على الزواج و الذي‬

‫أصبح يعكس إشكالية واقع الصراع الثقافي بين الحداثة والتقاليد داخل المجتمع الجزائري‪،‬‬

‫وسأوضح انعكاسات هذا الصراع على تغير بنية العائلة والنمط المعيشي لألفراد المجتمع‬

‫الجزائري مما أدى إلى إحداث تغيرات مست أدوار األفراد في العائلة الجزائرية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث األول‪:‬األسس المنهجية ‪.‬‬


‫أوال‪ :‬دوافع اختيار موضوع البحث ‪:‬‬
‫هناك دوافع موضوعية وهي كاآلتي‪:‬‬
‫‪-‬التكاليف الباهظة للزواج و ظاهرة الغلو في المهور خاصة أمام الشباب الذي أصبح يجد‬
‫صعوبة في الزواج و صعوبة أمام الشباب المتزوج في إنجاح ال زواج وتأس يس أس رة‬
‫منسجمة و متكاملة و مستقرة اجتماعيا‪.‬‬
‫‪-‬بروز خالفات و المشاكل األسرية حول ال زواج بين اآلب اء و األبن اء و بين األزواج‬
‫تنتهي بالتفكك األسري و الطالق أو زواج ثاني رغم أن الزواج و التحضير له دام م دة‬
‫سنوات‪.‬‬
‫‪-‬معانات الشباب من طول فترة الخطوبة و عملية اختيار الشريك المناس ب بمواص فات‬
‫والشروط المناسبة التي ترضيهم و ترضي اآلباء ‪.‬‬
‫‪ -‬حفالت الزفاف الواحد يقام في عدة حفالت مختلفة و ظه ور طق وس جدي دة لم تكن‬
‫معروفة من قبل و هي من ابتكار أفكار متباينة تعكس ثقافة شباب عصري في المجتم ع‬
‫المتغير‪.‬‬
‫كما توجد دوافع ذاتية وهي‪:‬‬
‫‪ -‬الصعوبات التي وجدتها أنا كشاب جزائري أثناء عملية اختيار الش ريك و التحض ير‬
‫للزواج محاوال التوفيق بين التقاليد و الظروف االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬تأتري من معانات بعض الشباب الذين حرموا من اختيار شريك الحياة بأنفسهم و ه ذا‬
‫راجع لتدخل األولياء أو خالفات و مشاكل شبابية تتسبب في فشل االختيار أو الخطب ة أو‬
‫عملية التعارف و التالقي و هذا يؤثر على نسق الزواج‪.‬‬
‫‪-‬شعوري بتفاقم الخالفات و الصراع بين اآلباء و أبنائهم ح ول موض وع الزف اف أو‬
‫حفالت المختلفة للعرس ما تسببه من تأثر بين العريسين ‪ ،‬و تعب هذا قبل دخول الحي اة‬
‫الزوجية و هذه مظاهر كثيرا ما نشاهدها في المجتمع هي تؤثر على الحي اة الزوجي ة‬
‫بشاهدة كثير من األفراد ‪،‬نسمعها يوميا ‪،‬و نراها و نسمعها عبر وسائل اإلعالم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أهمية و أهداف الموضوع‪.‬‬


‫‪-1‬أهمية الموضوع‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد مفهوم ثقافة الزواج لدى الشباب كجزء من ثقافة مجتمع متغير بسرعة ‪.‬‬
‫‪ -‬التقرب الميداني من طقوس الزواج و تحوالتها من جراء التغيرات السريعة المتواصلة‬
‫في المجتمع‪.‬‬
‫‪-‬تجريد الواقع و التحليل السوسيولوجي لتصورات األفراد للزواج خاص ة منهم الش باب‬

‫‪7‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫الجامعي و الشباب المثقف و العامل‪.‬‬


‫‪-‬تحليل العالقات االجتماعية لألفراد قبل الزواج خاصة ف ترة التع ارف و التواع د ثم‬
‫االختيار للزواج ثم التحضير للزواج مثل الخطبة و عقد الزواج‪ ،‬تنظيم الحفالت و مراسيم‬
‫الزواج أو الزفاف ‪.‬‬
‫‪-‬دراسة ثقافة الشباب و بالتحديد ثقافة الزواج لدى الش باب معرف ة مفه وم ال زواج و‬
‫تصورات الشباب للزواج و الحياة الزوجية في المجتمع الجزائري الذي ع رف م ؤخرا‬
‫تحوالت سريعة‪.‬‬
‫‪-‬التعرف على أهم العوامل المؤثرة في نشأة ثقافة الزواج لدى الشباب العامل االقتصادي‬
‫و السياسي و العوامل و الظروف االجتماعية لألسرة التي تعمل على تغير الزواج و بناء‬
‫األسرة و عالقتها بالعائلة التقليدية التي ترفض التجديد الثقافي‪.‬‬
‫‪-‬المسألة العلمية حول مظاهر حديثة و جديدة ثقافية تخص االختيار و التحضير للزواج‪.‬‬
‫مع محاولة تحديد أسباب هذه الظواهر و كيف تؤثر في نسق الزواج و الثقاف ة التقليدي ة‬
‫السائدة فيه‪.‬‬
‫‪-2‬أهداف الموضوع‪.‬‬
‫‪ -‬معرفة كيف تؤثر عملية االختيار للزواج في التحضير له(حفالت الزواج) و ه ل له ا‬
‫عالقة بالتوافق و االنسجام داخل النسق الزوجي و التخفيف من الصراع في المجتمع تأثر‬
‫أنساقه‪.‬‬
‫– معرفة الخالفات بين األجيال حول الزواج جيل اآلباء و جيل األبناء و القيم االجتماعية‬
‫و المعايير و السمات الثقافية ‪ ،‬مثل الخالف بين المرأة و الرج ل ح ول ال زواج و بين‬
‫األسر و العائالت التي تريد التصاهر بينها خالفات الزوج و الزوجة ح ول ال زواج و‬
‫مستقبل األسرة الزوجية ‪،‬خالف بين الزوجة و أم الزوج و غيرها من الخالف ات تط ور‬
‫الصراع بين األفراد و األسر و األجيال في المجتمع‪.‬‬
‫‪-‬المقارنة بين الزواج التقليدي و الزواج الحديث التي تبرز ثقافة و تصورات الزواج لدى‬
‫الشباب و مدى تأثرهم بالتغيرات الحادثة في المجتمع خاصة انتشار التعليم العالي و العمل‬
‫و المهن‪.‬‬
‫‪ -‬الدراسة االجتماعية للقيم و المعايير و السمات الثقافية المنتشرة حاليا و ك ذلك س لوك‬
‫الشباب حول الزواج و أساليب التحضير له و تحليل موقف المجتمع األسر و العائالت و‬
‫اآلباء و رأيهم حول هذه القيم و السلوك الشبابي و السمات الثقافية التي أوجدوها ح ديثا‬
‫متأثرين بالحداثة و التغيرات العشرية األخيرة التي تميزت بالتقليد الغربي ‪.‬‬
‫‪ -‬معرفة قدرة الشباب العصري على بناء أسرة نووية مستقلة عن الع ائالت التقليدي ة و‬
‫ثقافتها السائدة في المجتمع كردة فعل ضد التغيرات االجتماعية الحديثة‪.‬‬
‫ثالثا–عرض الدراسات السابقة مع النقد‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫?باب‬
‫?زواج والش?‬
‫البحث األول هو دراسة ميدانية قدمتها مليك ة لب ديري بعن وان ‪:‬ال?‬
‫الجزائري إلى أين؟‪،‬نشر في الجزائر سنة ‪ 2005‬من طرف دار المعرف ة للنش ر‪،‬حيث‬
‫درست الباحثة ظاهرة لجوء الشباب إلعالنات ال زواج ع بر الص حافة في المجتم ع‬
‫الجزائري‪ ،‬مركزة على الشباب الحضري في الجزائر العاصمة‪.‬‬
‫تطرح الباحثة في اإلشكالية‪ ،‬األسباب الكامنة وراء الزواج عن طريق اإلعالنات‪ ،‬لم اذا‬
‫برزت هذه الظاهرة ؟ ولماذا انتقلت وظيفة الزواج إلى المؤسسة اإلعالمية ؟ وهل األسرة‬
‫هي التي دفعت األبناء إلى تبني هذه الطريقة في الزواج؟ وهل اضمحالل النظام الزواجي‬
‫التقليدي واختفاء الوساطة في الزواج هو سبب في ذالك ؟ أم هناك أسباب أخرى؟‬
‫ترى الباحثة أنه هنالك تغيرا في بناء األسرة مع تغير نظام الزواج‪ ،‬نظرا لتخلي األسرة‬
‫عن دورها في تسير عملية الزواج بما تحويه من مسؤولية معنوية ‪،‬كالبحث عن الزوج ة‬
‫المناسبة والمسؤولية المادية كالتكفل بمصاريف الزواج‪،‬وتفترض الباحثة أن لجوء الشباب‬
‫لهذا الزواج مرتبط بتقدم سن الزواج ال ذي ي دفعهم إلى البحث عن ط رق جدي دة في‬
‫الزواج ‪ ،‬كما تفترض أن ظهور هذا النمط من الزواج الجديد‪ ،‬مرتبط بالفشل الذي تس ببه‬
‫الطرق التقليدية في إيجاد الشريك المناسب للزواج ‪،‬هو أيضا مرتب ط بم دى التماس ك‬
‫األسري ومصداقية اإلعالنات ‪.‬‬
‫قامت الباحثة ببحث ميداني‪ ،‬يتمثل في استجواب ومقابلة ‪ 80‬مبحوث و ‪ 40‬امرأة و‪40‬‬
‫وكانت نتائج البحث أن تغير نضرة الشباب للزواج ليس راج ع إلى أس لوب اإلختي ار‬
‫وشروط الزواج ‪،‬بل هو راجع إلى الضغط االجتماعي و وضعية األسرة ‪،‬التي تعاني تفاقم‬
‫المشاكل اإلجتماعية إنها في نظر الباحثة وما توصلت إليه‪ ،‬أزمت زواج وسكن ‪،‬كنتيج ة‬
‫لتدهور العالقات اإلجتماعية وتقلصها و التي أث رت على س لوكيات األف راد ‪،‬خاص ة‬
‫الشباب‪،‬الذي يحاول التخلص من اإللتزمات والقيود المعنوية والمادية التي تعيق زواج ه‬
‫خاصة بعدما تخلت األسرة عن مد يد المساعدة لهم‪،‬أي أن تماسك العائلة في نظر الباحثة‬
‫هو الذي يتحكم في طبيعة السلوكات ‪،‬ويحدد مواقف األفراد‪ ،‬وظهور اإلعالنات لل زواج‬
‫يبين مدى التفكك الذي يصيب العائلة واألسرة الجزائرية المعاصرة ‪،‬رغم أنها لم تفقد كل‬
‫وظائفها بعد‪،‬ومكانتها‪،‬فهي ال تزال مهمشة وتفرض القيم األخالقية والروحية في ظاهرت‬
‫الزواج الجزائري ‪،‬لكن ما الحظته في ه ذا البحث ‪،‬ه و أن الباحث ة لم تح دد مفه وم‬
‫الشباب ‪،‬ولم تدرس خصائص ومميزات هذا الشباب الجزائري الذي تقول عنه‪،‬أن نظرته‬
‫للزواج لم تتغير‪،‬لكنها لم تفسر ولم تبين دالك في بحثها ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫أما البحث الثاني هو دراسات تطبيقية للباحثة سناء الخولي حول المجتمع المص ري‪،‬‬
‫نشرت في كتابين‪ ،‬األول سنة ‪1979‬بعنوان‪ :‬الزواج والعالقات األسرية من ط رف دار‬
‫المعرفة الجامعية و كذالك الكتاب الثاني سنة ‪ 1976‬بعنوان ‪ :‬األسرة و الحياة العائلية‪.‬‬
‫أخذت الباحثة من الزواج منطلق لتحليل العالقات األسرية التقليدية النمطية‪ ،‬التي ميزت‬
‫الحياة العائلية لفترة طويلة من الزمن ‪،‬لجأت الباحثة إلى عدة دراسات مدعم ة بالبيان ات‬
‫العلمية و الواقعية المستمدة من واقع جماعات أسرية في مجتمعات مختلفة‪ ،‬إليجاد صورة‬
‫أقرب ما تكون إليه الحياة األسرية الفعلية لألفراد في المجتمع المصري‪.‬‬
‫تعتقد الباحثة أن الزواج و ما يكتنفه من عوامل وظروف اجتماعية ي ؤدي إلى تنفي ذ‬
‫قرار الزواج داخل األسر و هذا هو المدخل األساسي الذي ال مفر من ه لفهم دينامكي ة‬
‫األسرة المصرية و مستقبل العالقات و تنظيم األسري ككل‪،‬ال ذي يجع ل من األس رة‬
‫صاحبة الدور الحيوي في تشكيل شخصية الفرد وبناء القيم و اتجاهات اإلنسان المعاص ر‬
‫أمام األزمات و التحوالت و التحديات التي يوجهه ا أم ام التغ يرات االقتص ادية و‬
‫االجتماعية و التكنولوجية ‪ ،‬التي تتعاظم عاما بعد عام والتي تزيد من أزم ة و معان اة‬
‫األسرة المصرية ‪.‬‬
‫ترى الباحثة أن على من يعملون في حقل السياسة و التخطيط و تشخيص مشاكل المجتمع‬
‫ال بد لهم من االنطالق من تفهم قضايا الزواج المعاصر‪ ،‬و قد قامت على ه ذا األس اس‬
‫الباحثة سناء خولي بدراسة تطبيقية على األسرة المصرية مع الترك يز على التغ يرات‬
‫االجتماعية وما أحدثته في تغير ظاهرة الزواج و أثرها على تط ور األس رة‪ ،‬وهي‬
‫تعارض فرضية و نظرية " بيتر يم سوركن" ‪.‬‬
‫تعتبر الباحثة أن سوركن يفترض أن التغير المستمر له تأثير مباشر على الوحدة األسرية‬
‫‪،‬كإتحاد مقدس يتكون من الزوج و الزوجة ومن اآلباء و األبناء‪ ،‬وأن هذا اإلتحاد األسري‬
‫سيستمر في االنحالل و ستستمر الوظائف االجتماعية و الثقافية في النقصان حتى تص بح‬
‫مجرد مكانا لممارسة العالقات الجنسية‪ ،‬بدليل التزايد في نسب الطالق‪،‬في المجتم ع و‬
‫التصدع الذي تتعرض له األسرة الغربية و المشاكل التي تتف اقم بين األجي ال و ت رى‬
‫الباحثة إن هذه النظرة تشاؤمية و هي تفترض فرضية تؤيد بها ما ج اء ب ه "ت الكوت‬
‫بارسونز" « ‪ » . talcottParsons‬افهي ترى أن التحلل أو التفكك األس ري ليس إال‬
‫نوعا من التكي ف لمتطلب ات االقتص اد الص ناعي حيث أن ه ذا التفك ك عب ارة عن معوق ات‬
‫وظيفية يتغلب عليها النسق األسري باستمرار و قد عبر بارس ونز عن ه ذا في كتاب ه البن اء‬
‫االجتماعي لألسرة ‪. 1959‬‬
‫ومن بين النتائج التي توصلت إليها الباحثة ما يلي ‪:‬‬
‫أن األسرة تقوم على أساس االختي ار الح ر في ال زواج المص ري و إن األس رة المص رية‬
‫صغيرة متماسكة يسودها التفاهم في العالقات و العاطفة و التعاون بين األزواج مع استعمال‬
‫‪10‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫األدوات التكنولوجية بكثرة مع تالشي فكرة سيادة الرجل على الم رأة و في الخاتم ة ت رى‬
‫إن األسرة لها مقاومة عنيفة ضد التغيرات االجتماعية التي تحمل مظاهر االنحالل و لها‬
‫قدرة على عدم التغير و تبقى تقوم بوظائفه ا و لس وف تج د الغالبي ة العظمى من الن اس‬
‫في التفاعل الزوجي و األسري األس اس الحي وي و اإلله ام و االس تقرار الع اطفي و تبقى‬
‫األسرة هي المصدر األول للتنشئة رغم تغير الشركاء من خالل الزواج و توقعات الرجال‬
‫و النساء و القواعد و الممارسات الجنسية األمر الذي يفض ي إلى تغ يرات واس عة النط اق‬
‫في األسرة و هذا التغير االجتماعي ال يجب أن نقرنه باالنحالل األخالقي‪.‬‬
‫ه ذا م ا ذهبت إلي ه الباحث ة‪،‬لك ني الحظت من خالل ق راءتي للبحث أن الباحث ة ‪،‬تق ارن‬
‫المجتمع المصري بالمجتمعات المتطورة ‪،‬فهي تعتمد على التنبؤ وم ا س تكون علي ه األس رة‬
‫المصرية مستقبال ‪،‬أي أن المقارنة تجعل من الواقع نتائج البحث تتصور به المستقبل ‪،‬وه ذه‬
‫الطريقة منافية لمبادئ علم اإلجتماع الذي يعتم د على الواق ع ‪،‬وم ا ه و ك ائن و موج ود في‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫في ما يخص البحث الثالث‪ ،‬هو دراسة لمحمد نبيل جامع نشر من طرف دار الجامعة‬
‫الجديدة سنة‪ ،2010‬تحت عنوان‪ :‬علم االجتماع األسري وتحليل التوافق الزوجي و العنف‬
‫األسري ‪.‬‬
‫يحاول الباحث في بحثه تحليل المكتشفات العلمية في علم االجتماع م ع ربطه ا ب القيم‬
‫المتعلقة بالزواج في مختلف المجتمعات اإلنسانية ذات االنتم اءات الديني ة المتباين ة و‬
‫يتساءل الباحث عن سبب انتشار الفشل الزوجي و عدم تحقيق التوافق و السعادة الزوجية‪،‬‬
‫وهو يرى أن هذا راجع إلى عوامل ثقافية تسببت في ظهور أمية الزواج خاصة لدى فئ ة‬
‫الشباب التي ترى الزواج العصري انه تبرج و عري و غطرسة و عنفا اسريا و مس اواة‬
‫بين الرجل و المرأة و حرية جنسية و غيرها من الظواهر كالتفاخر و‪ ،‬يعتقد الباحث أن‬
‫هذه الثقافة لدى الشباب مستوحاة من التلفزيون و االن ترنت و المحالت و الص حف و‬
‫األسطوانات المضغوطة و المدمجة أي وسائل اإلعالم التي ي رى أنه ا غ زوا ثقافي ا‬
‫مفروضا و مقصودا فهو يرى انه على الشباب العودة إلى الزواج الديني و سنة الرسل و‬
‫العبادة و هذا حتى تستقيم حياتهم الزوجية الن الزواج في نظر الباحث ال يقوم على أسس‬
‫مادية فقط بل له أسس ثقافية رمزية ‪.‬‬
‫ينطلق الباحث في دراسته من المنطلق األخالقي لقضية الزواج يناقش الباحث الفرضيات‬
‫التالية‪:‬فرضية ثبات األسرة كنظام اجتماعي أمام زمن العولمة‪.‬‬
‫إنه أداء األسرة لوظائفها و نشاطاتها االجتماعية و ادوار أفراده ا داخ ل البن اءات‬
‫األسرية التي تعرف تغييرات حديثة مقارنة باألسر التقليدية القديمة ‪،‬كما يدرس قض ية‬
‫االختيار للزوج و أثره على توافق الزوج ان تم يتن اول الك اتب قض ية التح ديث‬

‫‪11‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫االجتماعي و الحداثة و أثرها على تغير عادات و نمط الزواج في المجتمع ثم يتطرق‬
‫إلى الحياة الرومانسية في مقابل العنف األسري ثم يبحث الباحث حول عالقات األب وة و‬
‫األبناء و انحراف األطفال في األسرة بفعل الهيمنة الثقافية الغربية و أثرها على األس رة‬
‫المصرية و على قضية العنوسة و ما تحمله من مفاهيم حول الذكورة و األنوثة كس مة‬
‫ثقافية و تأثيرها على الدور المعاصر للمرأة و الرجل و العالقة بينهم ا بعي دا عن‬
‫المشاكل الزوجية و كيفية مواجهتها لتحقيق السعادة الزوجية أو الوسائل المؤدي ة إلى‬
‫السعادة األسرية عن طريق الزواج السعيد الن اتج عن التواف ق ال زوجي و المواءم ة‬
‫االجتماعية و األسرية ‪.‬‬
‫كما يقدم لنا الباحث مناقشة فرضية يرى فيها تأثر س ن ال زواج عل وا و انخفاض ا‬
‫بالسلوك و القيم الثقافية للناس بدرجة اكبر من مجرد تأثيره بمرور الزمن الذي يؤدي إلى‬
‫رفعه و توصل إلى وجود ارتفاع في سن الزواج بين الفئات المثقفة أما الفئات الش عبية‬
‫ال زال الزواج المبكر بأرقام مخيفة ‪ ،‬كما ان ه يت بين للب احث في نهاي ة البحث أن ‪:‬‬
‫التحوالت األوربية في بنية األسرة الغربية هو مصدر لتهديد األسرة المص رية أدى‬
‫هذا إلى حدوث تحوالت اجتماعية و ثقافية تمثلت في ظهور أنماط جديدة في الزواج و‬
‫تنظيم العائلة وظهور و انتشار الزواج العرفي وارتفاع تكاليف ال زواج خاص ة أم ام‬
‫الشباب‪ ،‬كذلك ارتفاع معدالت االنفصال و الطالق و انتشار ظاهرة االستهالك التف اخري‬
‫و ظاهرة كثرة تعدد الزوجات مع إهمال التنش ئة والتربي ة و اتس اع حجم الفج وة بين‬
‫األجيال‪.‬‬
‫كما يتحدث الباحث عن ارتفاع معدل الزوجات العامالت و ارتفاع مع دل االنح راف‬
‫الجنسي و العنف األسري الذي يقضي على التوافق و االنس جام و التكام ل بين األزواج‬
‫فتعيش كثيرا من األسر محرومة من السعادة في حياتها االجتماعية‪ ،‬وهذا ما توصل إلي ه‬
‫الباحث لكني وجدت أنه يقارن المجتم ع المص ري ب المجتمع األم ريكي وغ يره من‬
‫المجتمعات المتطورة هو يرى أن هذه األخيرة هي التي تسبب تغير نظام الزواج واألسرة‬
‫في مصر‪،‬غير أنه لم يقدم لنا أمثلة وبراهينا تؤكد هذا الطرح ‪ ،‬كم ا أني لمس ت مي ل‬
‫الباحث نحو األسرة التقليدية والزواج ال ديني ‪ ،‬وه ذا يتن افى م ع البح وث العلمي ة‬
‫اإلجتماعية‪،‬إضافة لكثرت الفصول والعناصر‪،‬مما جعل موض وع البحث هالمي‪،‬واس عا‬
‫شامال وغير محددا ‪،‬هذا ما جعل مفهوم الزواج في المجتمع مبهم و غ ير واض ح في‬
‫األهداف‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬إشكالية البحث‪:‬‬

‫‪12‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫لقد عرف الزواج في المجتمع الجزائري الحديث عدة تحوالت ثقافية ‪ ،‬تميزت بظهور‬
‫مظاهر جديدة لم تكن معروفة من قبل في عادات و تقاليد الزواج الجزائري‪ ،‬و هذا بفعل‬
‫التغيرات االجتماعية التي مست كل المجتمع‪ ،‬خاصة القطاع االجتماعي واالقتصادي الذي‬
‫اثر على نظام العائلة و األسرة الجزائرية‪ "،‬فقد تغيرت المميزات التقليدي ة ال تي ك انت‬
‫تتصف بها العائلة الجزائرية‪ ،‬كتركيبها ووظائفها و عالقات القرابة و نظ ام ال زواج و‬
‫استقراره"‪ ، 1‬فكيف أثرت هذه التغيرات االجتماعية على نظام الزواج في المجتمع؟الذي لم‬
‫يعد فيه التحضير للزواج في العشرية األخيرة كما كان في سابق عهده ‪ ،‬خاصة لدى فئة‬
‫الشباب‪ .‬فقد أصبح الشباب الذي يختار شريكة حياته بنفسه‪ ،‬و يتعرف عليها و يفك ر في‬
‫الزواج و يقرر من دون أن يعلم األسرة ‪ ،‬األهل ‪ ،‬اآلباء ‪ ،‬و األولياء ‪.‬‬
‫أصبح الشباب يتعارفون و يختارون بعضهم البعض و يخططون للزواج و المس تقبل و‬
‫هم في فترات الدراسة أو في أماكن العمل و بعدها يقومان على األكثر بإبالغ األهل بم ا‬
‫اتفقا عليه"‪،2‬و هذا األسلوب في االختيار و ال زواج ‪ ،‬يتج ه نح و تحري ر الف رد من‬
‫االلتزامات العائلية يؤكد على البعد الفردي أو الشخصي في عملية االختيار و الميل نحو‬
‫الوجود النظري‪،‬حرية لدى أفراد الجنسين نحو إختيار بعض هما البعض و ه ذا لم يكن‬
‫شائعا من قبل أين كان هدف الزواج تكوين أسرة بموجب األع راف و ق وانين تحق ق‬
‫المحافظة على االحترام االجتماعي و االمتثال لرغبات األسرة و األقارب و المجتم ع‬
‫المحلي "‪.3‬‬
‫فكثيرا من الشباب يفضل التعرف على الفتاة الشابة و يختارها لتكون زوجته‪ ،‬ويخط ط‬
‫لمستقبله معها‪ ،‬قبل أن ينهي فترة الدراس ة و ب ل كث ير منهم قب ل أن يحص ل على‬
‫عمل‪،‬وتدوم مدة التعارف أحيانا سنوات طويلة مكلفة ‪ ،‬و لما يحصل الشاب على العمل‪،‬‬
‫يفكر ويقرر ثم يبلغ األسرة و األهل بمشروع زواجه و كثير منهم ال تتوفر ل ديهم ح تى‬
‫تكاليف الزواج ‪.‬‬
‫هنا نطرح سؤال مهم لماذا أصبح اليوم الشاب يختار شريكة حياته أو زوج ة المس تقبل‬
‫بنفسه؟هل تخلت األسرة عن وظيفة تزويج أبنائها‪ .‬بفعل التغيرات االجتماعية كالدراسة و‬
‫العمل؟بعد أن يوفر الشاب تكاليف الزواج ويبلغ األسرة بمشروعه في ال زواج يق وم‬
‫األهل و األولياء بمساعدة الشاب للتحضير للزواج الذي أصبح في أيامنا هذه يدوم م دة‬
‫طويلة و مراحل عديدة و أماكن مختلفة و حفالت مرحلي ة عدي دة تتح رك في فض اء‬
‫المجتمع‪،‬فأول مرحلة هي مرحلة التعارف الذي أصبح يدوم عدة سنوات‪،‬يتفق فيها الشاب‬
‫والشابة حول الخطبة و الزواج دون علم اآلباء و األهل‪ ،‬يتم هذا التعارف مباشرة داخ ل‬
‫مؤسسات المجتمع أو بطريقة غير مباشرة عبر وسائل اإلعالم و أجهزة االتصال‪،‬ثم يأتي‬
‫‪ 1‬عقون محسن‪:‬تغير بناء العائلة الجزائرية‪.‬مجلة العلوم اإلنسانية ‪ ،‬جامعة منثوري قسنطينة‪ 17 ،‬جوان ‪ ،2002‬ص ‪.127‬‬
‫‪ - 2‬لبد يري مليكة‪:‬الزواج والشباب الجزائري إلى اين؟‪.‬الجزائر‪،‬دارالمعرفة‪،2005،‬ص‪.16‬‬
‫‪ - 3‬أحمد رشوان حسين عبد الحميد ‪:‬التغير االجتماعي و المجتمع‪.‬اإلسكندرية‪ ،‬مكتبة الجامعة الحديثة ‪ ،2008 ،‬ص ‪. 13‬‬
‫‪13‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫بعدها مرحلة الخطبة أين يتدخل اآلهل و األسر و من بعد هذا مرحلة البلدية حيث يتم عقد‬
‫الزواج مع اخذ تصريح قانوني للمسجد إلعالن عقد الزواج أمام اإلم ام‪ ،‬وهن ا نط رح‬
‫السؤال‪:‬لماذا أصبح الزواج يتم في عدة سنوات طويلة ينتقل فيها الشاب من مرحل ة إلى‬
‫أخرى كما أن حفالت الزواج أصبحت عديدة وهي مكلفة تكلف ثروة و هي مرتبة كتالي‪:‬‬
‫في البداية غالبا تكون حفلة خاصة بين الشاب و الشابة قبل الخطبة و قبل إبالغ الوالدين‬
‫و األقارب إنها حفلة اخذ قرار الزواج يلتقي فيها الشاب والفتاة هذا اللقاء يمثل ن وع من‬
‫االحتفال بمفهوم شباني أو نضرة شبابية و يكون هذا االحتفال شخص ي أي بين الش اب‬
‫والشابة في مكان عام محدد ‪ ،‬ثم تتم بعدها حفلة الخطبة التي تتم بإذن الوال دين و تتم في‬
‫بيت الخطيبة وبيت الخطيب بعدها حفلة عقد الق ران في البلدي ة و المس جد و في بيت‬
‫المتزوجين الشباب‪ ،‬بعد هذا تتم حفلة المالك و الحنة األولى في بيت العروسة و الثانية‬
‫في بيت العريس مع أهله إضافة إلى مجموعة حفالت في يوم الزفاف و ما قبله وهي‪:‬‬
‫حفلة العروسة نهار ثم في بيت العريس ما يسمى و بالطعم نهار وحفلة العريس الش اب‬
‫مع أصدقائه خارج البيت ‪،‬ثم ننتقل إلى حفلة الدخلة في بيت العريس أو في بيت قاع ة‬
‫الحفالت الخاص ة ب األفراح و األع راس‪ ،‬نزي د على ه ذا حفالت م وكب‬
‫السيارات(الكورتاج)‬
‫و"الكورتاجات" في الجزائر‪ ،‬احتفاالت عن طريق أسراب الس يارات ال تي تحتف ل في‬
‫الشوارع‪ ،‬حفلة تنقل العروسة من بيت والدها إلى بيت أهل الع ريس أو بيت ال زوج أو‬
‫قاعة الحفالت المهم إن هذه الحفلة تجوب شوارع المدينة و طرقها الرئيسية و معالمها ثم‬
‫إن هناك حفلة سيارات تنقل العريس من مكان حفلته مع أصدقائه نح و حفل ة اآلس رة‬
‫والعائلة و هذا طبعا بعد أن يجوب الشباب السيارات ليال كل أرج اء المدين ة‪،‬ومن هن ا‬
‫يمكننا طرح أسئلة‪،‬لماذا أصبح الزواج الجزائري في حفالت عديدة مكلفة لم تكن من قب ل‬
‫موجودة في عادات و تقاليد المجتمع الجزائري؟ لماذا أصبح الزواج و حفالته متحركة و‬
‫متنقل داخل فضاء المجتمع ؟ كل هذه المظاهر الجديدة في ثقافة الزواج و إحياء طقوس ه‬
‫عن طريق تعدد الحفالت قبل و أثناء فترة الزواج في أماكن مختلفة من المجتم ع ه ذه‬
‫الظواهر و الحفالت بحاجة إلى دراسة اجتماعية و مساءلة علمية دقيقة تحدد و تش خص‬
‫التغيرات في ثقافة المجتمع أسبابها ونشأتها مع تفهم تمثل الزواج لدى الش باب ال ذي‬
‫يعيش التحوالت االجتماعية الناجمة على الحداثة أثرها على ثقافة المجتمع‪.‬‬
‫لقد أصبح الزواج في المجتمع بين التقاليد و بين ما هو حديث بظهور س لوك ش باني و‬
‫تجديدات و سمات و تصورات من إبداع الشباب المتأثر بالحداثة و التغيرات ‪،‬التي مست‬
‫المجتمع‪ ،‬نتج عنها ظهور قيما و سمات ثقافية في مقابل اختفاء أخرى كانت موج ودة في‬
‫الزواج التقليدي وهذا ما جعل مفهوم الزواج و ثقافة الحياة الزوجية غير محددة خاص ة‬
‫لدى فئة الشباب في مجتمع يشهد عملية تجديد شاملة و متواصلة مع بقاء أفراده متمسكين‬

‫‪14‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫بالقيم التقليدية للمجتمع المحلي بعاداته و تقاليده و قيمه األصلية‪ ،‬خاصة جيل اآلباء ال ذي‬
‫يرفض كثيرا من مظاهر التغير الثقافي وهذا الجيل الزال يؤثر على الشباب الحديث ‪.‬‬
‫إن كثيرا من الشباب بعد أن يقرر الزواج يستعين باآلباء و األقارب لإلنج اح زواج ه‬
‫الذي اختاره هو و لكن ت دخل اآلب اء في تحض ير ال زواج يجعلهم يفرض ون قيمهم‬
‫وتصوراتهم للزواج و يرفضون أساليب الشباب في الزواج العصري‪ ،‬مثل التعارف الحر‬
‫قبل الخطبة وهي ممارسات تعتبر مثال حي" على تلك المحاول ة للتوفي ق من ط رف‬
‫أعضاء األسرة بين ما هو تقليدي وما هو حديث بمعنى انه بالرغم من الس لوك الش باب‬
‫الحديث الذي يفرضه الواقع المعاش ‪،‬إال أن هذه السلكات األخيرة لن تنال شرعيته ما لم‬
‫يصبغها نظام القيم و المعايير الثقافية و االجتماعية المتعارف عليها و النمط التقليدي الذي‬
‫ال يزال يطبع المنظومة األسرية الجزائرية "‪.1‬‬
‫رغم توجه الشباب نحو األسلوب الحرفي اختيار الزواج إال أن قيم التنش ئة التقليدي ة‬
‫لألسرة ال تزال األسرة تؤثر على الشباب فتجدهم يعتمدون على األسرة لتكملة مراح ل‬
‫الزواج‪ ،‬فالشباب الجزائري يعايش الحداثة مع بقاء القيم المحلية التقليدية التي تؤثر على‬
‫تصوراتهم و مخيالتهم‪،‬فهم يعيشون العصر و كل ما هو حديث مع تقليد القيم الغربية و‬
‫هذا االزدواج والتناقض في القيم يؤثر و ينعكس على ثقافتهم و رؤيتهم للزواج المختلفة‬
‫عن جيل اآلباء خاصة بداية التعارف ألجل الزواج و االختيار الخ ارج على النط اق‬
‫األسرة و من دون علمها‪.‬‬
‫يظهر االختالف حول موضوع زواج الشاب الذي يتحول مع الزمن إلى توتر و صراع‬
‫بين جيل األبناء و جيل اآلباء الذين يعملون على تزويج أبنائهم بطرقهم و أساليبهم و هذا‬
‫أثناء تدخلهم لمساعدة األبناء في تكاليف الزواج التي أصبحت تفوق قدرة الش باب ال ذي‬
‫يرجع دائما إلى األسرة إلتمام مراسيم الزواج‪،‬هذا الخالف بين األجيال حول الزواج ه و‬
‫صراع اجتماعي و انعكاس للبعد المادي و الرمزي في المجتمع ‪.‬‬
‫ألن االختيار للزواج و التحضير للزفاف يس تغرق وقت ط ويال و أماكن ا مختلف ة من‬
‫المجتمع و أصبح متحركا‪ ،‬ويكلف ثروة لكن المجتمع يمارس مراسيم الزفاف رغم ه ذا‬
‫بل و ينتج مظاهر للزواج جديدة و سلوك و سمات جديدة أصبحت تشكل ثقاف ة خاص ة‬
‫تميز الشباب خاصة منهم المتعلم و الشباب المستقل بعمل و اجر‪ ،‬لكن ارتف اع تك اليف‬
‫الزواج‪ ،‬و مصاريف إحياء الزفاف‪ ،‬غالء المهور و ممارسة التقالي د و الع ادات جعلت‬
‫اآلباء و األسرة يتدخلون لتزويج أبنائهم فيظهر التوتر في نسق االجتماعي لبن اء أس رة‬
‫جديدة‪.‬‬

‫‪ -1‬رشيد حمدوش‪ :‬مسالة الرباط االجتماعي في الجزائــر المعاصــرة‪ :‬امتداديــة أم قطيعــة‪ .‬الجزائــر‪ ،‬دار هومــة‪،2009 ،‬ص‬
‫‪..196‬‬
‫‪15‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫مما سبق ندرك إن عملية تزويج الشباب و بناء أسرة زوجي ة حديث ة أص بح بفع ل‬
‫التغيرات الطارئة في المجتمع يشكل خالف بين أفراد المجتمع ‪،‬يؤثر ه ذا الخالف على‬
‫أفكار و تصورات و ثقافة أفراد المجتمع حول الزواج‪ ،‬خاصة الشباب ال ذي يلج أ في‬
‫عملية اختيار الزوجة المناسبة إلى والديه‪،‬يفاوض الشاب و يحاول فرض أفك اره ح ول‬
‫صفات هذه الزوجة و عملية االختيار و التحضير لمراسيم الزفاف و تكاليفه و مكان ه و‬
‫بالمقابل يحاول اآلباء فرض ثقافة المجتمع من عادات و تقاليد المجتمع‪.‬‬
‫" ففيما يخص االختيار الزوجي‪،‬فان اختيار شريك أو شريكة الحياة يتم في إطار صراع‬
‫بين اآلباء و األبناء حيث يظن اآلباء انه باختي ار رش يد منهم للش ريك من عائل ة‬
‫المصاهرة أو القرابة سوف يحتفظون بمهمات كبيرة مع أبنائهم بينما يرى األبناء انه‬
‫باختيارهم الفردي و المبني على العاطفة المتبادلة سوف يضمنون التوازن في حياتهم‬
‫الزوجية المقبلة"‪.1‬‬
‫يستعمل الشباب كل وسائل االقتناع الممكنة إلرضاء و إقناع اآلباء بصالحية اختي ارهم‬
‫للزوج و أسلوبهم الجديد حول التعارف مع شريك الحياة خارج األسرة ويحاولون إيجاد‬
‫وسيلة رضا مشتركة بينهما حول اختيار هذا الشريك و سكن ال زوجين بع د ال زواج و‬
‫بالتالي تفادي أي نزاع أو صراع قد ينشا بينهما بهذه المناسبة ( مناسبة الزواج)‪ .‬إن عدم‬
‫التمكن من إقناع اآلباء يؤدي إلى مد قرار الزواج إلى عامين أو ثالثة أو حتى خمس ة‬
‫أعوام أو إلى الوصول إلى قرار زواج أحادي الجانب لصالح احد الطرفين ( اآلب اء أو‬
‫األبناء)‪.2‬‬
‫لقد أصبح الزواج في الجزائر بين ما هو تقليدي و ما هو حديث يش كل ص راعا بين‬
‫األدوار في األسر كنتيجة لتوترات داخل النسق االجتماعي بين األجيال‪،‬وقد"قدم كنجل زلي‬
‫دافيز" مقاله بعنوان سوسيولوجيا صراع اآلباء و األبناء األبعاد البنائية و الثقافي ة ال تي‬
‫ظهرت في المجتمع المغربي و التي أدت إلى تفاقم مشكالت صراع األجيال" ‪،3‬و يتبين‬
‫لنا من هذا التحليل أن التغيرات السريعة التي تؤدي إلى اتساع الش قاق و الخالف بين‬
‫الشباب و اآلباء و هذا ما يخلق فجوة بين الجيل و الجيل الذي يليه ‪ ،‬فكل جيل ت ربى‬
‫في بيئة مختلفة عن البيئة التي نشا فيها الجيل اآلخر من هنا يحدث التصادم و الرفض‬
‫و المعارضة و التمرد من جيل األبناء نحو آبائهم وتظهر عدة خالفات‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬خالف بين الشباب الذي يريد الزواج حول صعوبة إختيار شريك الحي اة و خالف‬
‫حول مواصلة الدراسة و العمل و السكن التي تؤخر سن الزواج و تزي د من ص عوبة‬

‫‪ - 1‬كمال مسعودة‪:‬الطالق في المجتمع الجزائري‪.‬الجزائر‪،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،1984،‬ص ‪.90‬‬


‫‪ -2‬كمال مسعودة‪ :‬نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫‪ - 3‬أحمد رشوان حسن عبد الحميد ‪:‬الثقافة ‪ :‬دراسة في علم االجتماع الثقافي‪ ،‬اإلسكندرية‪ .‬مؤسسة الشباب الجامعة ‪،‬‬
‫‪ ، 2006‬ص ‪. 95‬‬
‫‪16‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫تحضير مراسيم الزواج بفعل االختالف الثق افي ح ول األفك ار و التص ورات و‬
‫السلوكيات‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬خالف بين اآلباء و األبناء في عملية اختيار شريك الحياة من حيث المكان ة‬
‫واألسرة و الطبقة االجتماعية و المستوى المادي خالف في عملي ة تحض ير مراس يم‬
‫الزفاف بين الطريقة واألداء‪.‬فعصرية الشباب التي تظهر في شكل ثقافة ش بابية‪،‬ثقاف ة‬
‫زواج تنتمي لثقافة شباب تختلف نظرته و تصوراته لل زواج عم ا ه و الح ال ل دى‬
‫اآلباء‪،‬فالشباب يتعامل في قضية زواجه بحساسية مع الكبار في السن الذين ينتمون لقيم و‬
‫عادات و التقاليد الثقافة السالفة‪ ،‬ومن هنا يأخذ الشباب قضية الزواج بأس اليب و ط رق‬
‫تعبر عن ثقافته العصرية ويترتب على كل ذلك ظهور ما يسمى صراع األجيال في األسر‬
‫‪ "،‬ينتج عن ذلك وجود ثقافة خاصة بالشباب تميزهم عن غيرهم من الفئات العمري ة‬
‫األخرى بل و يترتب عليها كثير من مظاهر الصراع بينهم و بين غيرهم " ‪،1‬في قضايا‬
‫اجتماعية عديدة و أبرزها وأهمها على اإلطالق عند الشباب أال وهو الزواج لما يكتس ي‬
‫من أهمية لبناء األسرة في المجتمع‪.‬‬

‫فكيف يصبح إذا للشباب ثقافة زواج مختلفة عن ثقافة اآلباء التقليدية ؟‪.‬‬
‫إن هذه الخالفات بين اآلباء و األبناء حول الزواج ينجم عنه ا التناقض ات و ع دم‬
‫االنسجام و التماسك في العالقات و عدم التوافق و التكامل داخل الع ائالت ان ه خالف‬
‫بين األب و األم و األقارب و األبناء أي الزوجة و الزوج‪ ،‬انه صراع بين األدوار في‬
‫النسق االجتماعي مما يجعل العالقات داخل النسق الزوجي أو بناء األس رة الزوجي ة‬
‫متوترة ‪.‬‬

‫ينتج عن التوتر‪ ،‬الصراع والتفكك العالئقي للرواب ط بين األف راد فالص راع في‬
‫عالقات الزواج ينتشر من أول مرحلة في التحضير إلى الحياة الزوجية فتصبح األسرة‬
‫في عدم استقرار ‪ ،‬وسط مجتمع سريع التغير‪ ،‬من هنا نطرح سؤاال مهما ‪.‬‬
‫هل الزواج هو صورة من صور الصراع في المجتمع ؟‬
‫و هناك أسئلة أخرى و هي مرتبة كاألتي‪ :‬لماذا يعترض اآلباء على أس لوب و طريق ة‬
‫الشباب في الزواج‪ ،‬و ما هي مظاهرا لتغير التي أحدثها الشباب العص ري الح ديث في‬
‫عادات و تقاليد الزواج الجزائري ؟‪.‬‬
‫كيف أثرت الحداثة على ثقافة الزواج في المجتم ع الجزائ ري؟ رغم تمس ك األس ر‬
‫والعائالت بالعادات و التقاليد و القيم الخاصة بجيل اآلباء و ثقافة الماضي ‪ ،‬ما هي ه ذه‬
‫المظاهر الحديثة التي ظهرت في الزواج الجزائري؟ و ما هي العوامل المسببة له ا؟ و‬

‫‪ -1‬فرد ملسن ‪:‬الشباب في عالم متغير‪.‬ط‪،2‬اإلسكندرية‪،‬ترجمة مرسي عيد بدر‪ .‬دار الوفاء للطباعة والنشر ‪،2003،‬ص ‪.15‬‬
‫‪17‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫لماذا يختلف اآلباء و األبناء حول هذه المظاهر الحديثة ؟خاصة في اختيار شريك الحياة‬
‫و مراسيم الزفاف المنظم من طرف أفراد اآلسرة لمساعدة الشاب حتى يتزوج‪.‬‬
‫لماذا أصبح الزواج ماديا يكلف الكثير؟ هل هذا بفعل العادات و التقاليد ؟أم هل هذا راجع‬
‫إلى قيم الحداثة التي أثرت في الشباب بفعل ما تحمله من مظاهر تغير اقتصادي؟‪.‬‬
‫ومن خالل هذه المظاهر الحديثة في الزواج وهذه األسئلة‪ ،‬تكون فرضيات بحثنا هذا‬
‫كاألتي ‪:‬‬

‫خامسا‪:‬الفرضيات وتحديد المفاهيم‪.‬‬


‫‪-1‬الفرضيات‪.‬‬
‫إني افترض إن التغيرات الحاصلة في الزواج مرتبط ة بعالق ات الص راع بين‬
‫األفراد في المجتمع أي أن الصراع بين أفراد اآلسرة هو الذي يجعل مدة التحضير‬
‫للزواج تدوم سنوات طويلة و الصراع هو الذي يجعل الزواج متنقال متحركا في فضاء‬
‫المجتمع و هو الذي حول حفل الزفاف إلى حفالت عديدة متحركة مكلف ة ه ذه الحفالت‬
‫ناتجة عن التغيرات االجتماعية التي تعكس ما يفتعل من صراع داخل العائالت و األسر ‪.‬‬

‫الفرضية األولى‪ :‬كلما قلت عالقات الصراع بين أفراد العائلة في المجتم ع المحلي م ع‬
‫الحداثة كلما قلت فترة التي تستغرق سنوات طويلة ‪،‬بمعنى انه كلم ا زاد الص راع بين‬
‫األفراد زادت مدة تحضير للزواج وزادت عدد مراسيم و الحفالت العدي دة المكلف ة‬
‫ماديا طويلة في المكان و الزمان و تستغرق عدة سنوات و تكلف ثروة لكن المجتمع‬
‫يمارس طقوس و مراسيم الزواج بل ينتج مظاهر على ثقافة الزواج ‪ ،‬بل يتناقض القيم‬
‫و المبادئ داخل النمط الثقافي المحلي المتأثر بالتغيرات االجتماعية الحديثة ‪ ،‬جعل األبناء‬
‫و اآلباء يختلفون حول موضوع الزواج مما يدفع الشباب إلى التع رف على ش ريكة‬
‫حياته خارج إطار األسرة‪ ،‬و تدوم هذه المعرفة بين الشبان مدة طويلة كم ا أن ه ذا‬
‫الخالف يجعل الخطوبة تدوم فترة طويلة‪.‬الفرضية الثانية ‪ :‬كلما زادت عالقات الصراع‬
‫بين أفراد العائلة زادت حركة الزواج داخل المجتمع أي أن الصراع ه و ال ذي يجع ل‬
‫حفالت الزواج عديدة و هي سلوك و تصورات جديدة حول الزواج تميزهم خاص ة بهم‬
‫?ة ‪:‬كلم ا ق ل‬ ‫?ية الثالث?‬
‫تختلف عن عادات و تقاليد الزواج في إطارها العائلي ‪.‬الفرض?‬
‫الصراع بين أفراد العائلة و اتجهت عالقاتهم نحو التكامل و االنسجام والتج انس‪،‬كلم ا‬
‫ظهرت مظاهر وسمات جديدة في الزواج لم تكن معروف ة في ع ادات المجتم ع‪،‬أي أن‬
‫الشباب الذي ال يقبل كل ما جاءت به تغيرات الحداثة الشباب أو الفرد ال ذي يف اوض‬
‫التقاليد و العادات الثقافية و يحاور اآلباء حول موضوع الزواج الخ اص ب ه ينتج‬

‫‪18‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫عن هذا التفاوض سلوك اجتماعي وعالقات جديدة توحي بنشأة ثقافة حديثة و وسطية‬
‫وقت‪،‬‬ ‫رية في نفس ال‬ ‫ة و عص‬ ‫تثنائية تقليدي‬ ‫ة اس‬ ‫بيني‬
‫التكامل بين ثقافة و الحداثة و الثقافة التقليدية المحلية و التوفيق بينهم‪ ،‬يجعل الف رد‬
‫الشاب يخفف الصراع مع المجتمع بنمطه الثقافي المحلي و بتالي تقل فترات التحض ير‬
‫للزواج الطويلة أي التعارف و الخطوبة‪ ،‬وتقل كذلك عدد الحفالت و تق ل حركته ا و‬
‫إمكان إجراء مراسيمها إلنهاء و إنجاح عملية الزواج في المجتمع فتقل تكاليف الزواج‬
‫و هذا يخفف من ظواهر تأخر سن الزواج و العزوف عنه لدى فئة الشباب ‪ ،‬و هذا يكافئ‬
‫أن التكامل في المجتمع يوحد ثقافة الزواج المتشتتة عبر الزمن و في أم اكن و فض اء‬
‫المجتمع الجزائري‪،‬أي أن نهاية التشتت الثقافي للزواج يعني ظه ور ثقاف ة جدي دة و‬
‫تصورات جديدة حول األسرة و المجتمع ككل‪.‬‬
‫‪-2‬المفاهيم ‪.‬‬
‫أ‪-‬مفهوم الزواج‪:‬‬
‫كما أن كلمة نكاح من مصدر قراني توحي إلى محاسن النشاط الجنسي‪.‬‬
‫و قال الحبيب المصطفى " النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني "‪ ،1‬وتتبين القيمة‬
‫الشرعية للزواج عندها بان الزواج مقدما عن حجه في اإلسالم إذا لم يكن للمسلم ما يمكن‬
‫الجمع بينهما ‪ .‬و قال عمر رضي اهلل عنه ‪ :‬إنما يمنعك عن الزواج عجز أو فجور و قال‬
‫بن عباس‪ :‬ال يتم نسك الناسك حتى يتزوج‪.‬فالزواج في اإلسالم تكامل بين الرجل و المرأة‬
‫و قيل في األثر ما بني بناء في اإلسالم أحب من اهلل في التزويج"‪.‬‬
‫وقال سبحانه و تعالى " و من آياته خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليه ا و جع ل‬
‫بينكم مودة و رحمة إن في ذلك آليات لقوم يتفكرون"‪.2‬‬
‫والزواج من الناحية القانونية هو عقد حقيقي أي مؤسسة قانونية تقيم بين الرجل و المرأة‬
‫عالقات مؤسسة على مصالح اجتماعية ذات طبيعة روحية دينية‪.3‬‬
‫وتنصص المادة الرابعة من قانون األسرة على إن الزواج هو عقد يتم بين الرجل و المرأة‬
‫على الوجه الشرعي و من أهدافه تكوين أسرة أساسها الم ودة الرحم ة و التع اون و‬
‫إحصان الزوجية و المحافظة على األنساب‪.4‬‬
‫لقد عرف أجست كونت الزواج باالستعداد الطبيعي و االتحاد التلق ائي بين الجنس يين ‪،‬‬
‫ليتجه لتفاعل الغريزة مع الميل الطبيعي المزود به الكائن الحي ‪ ،‬كما انه األس اس األول‬
‫في البنيان االجتماعي‪.5‬‬
‫‪ - 1‬جامع محمد نبيل‪:‬علم االجتماع األسري و تحليل التوافق الزوجي و العنف األسري‪.‬اإلسكندرية ‪،‬دار الجامعة الجديدة ‪،‬‬
‫‪ ،2008‬ص ‪.17‬‬
‫‪ -2‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة الروم ‪،‬اآلية ‪.21‬‬
‫‪3‬‬
‫‪CHEHATA ,Hafia;LE Droit De la famille algérienne, Alger, o pu,1993,p47.‬‬
‫‪ -4‬بلحاج العربي ‪:‬الوجيز في شرح قانون األسرة اللبنانية‪.‬بيروت ‪،‬دار العلم للمالين ‪ ، 1960 ،‬ص‪.15‬‬
‫‪ - 5‬لبد يري مليكة‪ :‬الزواج والشباب الجزائري إلى أين‪.‬الجزائر‪ ،‬دار المعرفة‪،2005 ،‬ص‪.17‬‬
‫‪19‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫أما" سمنر " الزواج عنده قائم بين الرجل و الم رأة به دف التع اون على تحقي ق‬
‫الضرورات المعيشية و الغرض هو إنجاب األطفال في نطاق اجتم اعي ‪ ،‬طالم ا ك ان‬
‫ارتباطهم قائم و مستمر‪.1‬‬
‫و لقد عرفت "مادلين قرافيتز" "‪ "MADLIN GHRAVITZ‬الزواج على ان ه ه و‬
‫مؤسسة تتشكل بواسطتها عالقة طبيعية بين الرجل و المرأة تخضع لقوانين اجتماعي ة و‬
‫المرتبطة بثقافة مجتمع من المجتمعات‪.2‬‬
‫الزواج كما جاء في معجم علم االجتماع انه " نظام اجتم اعي يتص ف بق در من‬
‫االستمرار و االمتثال للمعايير االجتماعية و هو الوسيلة التي يعتمد عليها المجتمع لتنظيم‬
‫المسائل الجنسية و تحديد مسؤولية صور التزاوج الجنسي عند البالغين"‪.3‬‬

‫عرفه "ارموندكوفيلي‪:".ARMAND CUVILLIER‬انه مؤسسة خلقية للقي ام بمه ام‬


‫خاصة باألسرة كاإلنجاب و تربية األطفال و نقل الثقافة‪.4‬‬
‫"وهو ارتباط شرعي و روحي و جسدي مصدره الحب المتبادل بين طرفين هدفه الحي اة‬
‫األسرية اآلمنة المستقرة"‪.5‬‬
‫هو وسيلة إلعطاء االسم و منح المكانة االجتماعية لألطفال و توريثهم المن افع‪ ،‬و ه و‬
‫رابطة مشروعة بين جنسين و ال تتم هذه الرابطة إال في الحدود التي يرسمها المجتم ع‬
‫وفق المصطلحات و األوضاع التي يقرها"‪.6‬‬
‫الزواج هو" طريقة االرتباط و االشتراك و التمهيد لبناء الحياة األس رية بين الرج ل و‬
‫المرأة التي ارتض كل منها زميله شريكا له في حياة المشتركة تجمع بينهما‪ ،‬يستهدف من‬
‫ورائها إشباع حاجاته الغريزية و العاطفية و هو على استعداد الن يقدم للط رف اآلخ ر‬
‫مشاركته و معاونته في سبيل تحقيق األهداف المشتركة التي تقوم عليها الحياة الزوجية"‪.7‬‬
‫"هو اكبر مؤسسة اجتماعية في العالم‪ ،‬ألنه ببساطة تحكمه التقاليد و ينظمه الدين و يحميه‬
‫القانون"‪، 8‬و هو نظام اجتماعي جوهري تستقي أصوله و شرائعه من األديان السماوية‬
‫المختلفة و التقاليد العرفية الخاصة بكل شعب ‪ ،‬به دف تنظيم عالقات ه و تطويره ا و‬
‫تعاضدها نحو هدف سام و إنشاء عائلة عن طريق اإلنجاب‪.‬‬

‫‪ -1‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.20‬‬


‫‪2‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.- 20‬‬
‫‪ -3‬دينكل متشل‪ :‬معجم علم االجتماع ‪.‬ط‪ ،2‬ترجمة‪:‬إحسان محمد حسن ‪ ،‬بيروت ‪،‬دار الطليعة ‪ ، 1986 ،‬ص‪.13‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- CUVILLIER, Armand: Manuel de sociologie, paris, puf tomne2 ,5 edt, 1963, p 156.‬‬
‫‪ -5‬وافي عبد الرحمان ‪ :‬سيكولوجية الزواج‪.‬الجزائر ‪ ،‬دار هومة ‪ ، 1996،‬ص‪.62‬‬
‫‪ - 6‬الخشاب مصطفى‪:‬الشباب العربي و التغير االجتماعي‪ .‬بيروت‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،1981،‬ص ‪.73‬‬
‫‪ - 7‬السيد رمضان ‪:‬مدخل إلى رعاية األسرة و الطفولة‪.‬اإلسكندرية ‪،‬مطة الرمل‪ ،1976 ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ -8‬الخوري نسيم‪ :‬الزواج‪ :‬مقاربة نفسية و اجتماعية‪.‬بيروت‪ ،‬دار المنهل اللبنانية ‪ ، 2008 ،‬ص ‪. 23‬‬
‫‪20‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫"فالزواج تحول أساسي في حياة الناس تحول في المركز االجتماعي ‪ ،‬و تحول من حيث‬
‫شخصين أصبح زوجا واحد لهما طرفا ثالث أال وهو المجتمع الذي يع ترف بهم ا و‬
‫يشرع زواجهما و يقننه"‪.1‬‬

‫الزواج مؤسسة يمكن تعريفها "بأنها سلسلة من العادات و المع ايير و القيم ال تي تنظم‬
‫العالقة بين البالغين من ذكور و اإلناث داخل األسرة و من تم فإن ال زواج عب ارة عن‬
‫اتحاد مؤسس مقبول اجتماعيا ‪ ،‬ينظم حقوق و االلتزامات الجنسية و االقتص ادية بينهم و‬
‫غالبا ما يتم الزواج من خالل عقد محدد أو تفاهم مشترك يقبله األزواج على انه وض ع‬
‫مستديم"‪.2‬‬

‫ب‪-‬مفهوم الشباب‪:‬‬
‫"إن الفعل من الشباب هو شب و الجمع شباب و شبان و شبيبة و المؤنث شابة و شباب و‬
‫شوائب‪ ،‬من كان في سن الشباب"‪".3‬وهي سن يتم التحضير للدخول الحياة الراشدة كم ا‬
‫يرى ذلك "أوليفي قالون‪ .GALLAN".‬و هناك من يرى إن هذه المرحلة ليست االنتقال‬
‫من سن إلى أخرى بل االنتقال إلى االستقاللية و الفردية الشخص ية كم ا ي رى ذل ك‬
‫وسنجلي"‪ .4‬تقول "جاكوب هوسن‪ "HOSSAN.‬على أن هذه المرحلة هي" بناء و تك وين‬
‫الطموحات و منه التحديد المرحلي للهوية البالغ"‪.5‬‬
‫"و الشباب ظاهرة اجتماعية ‪ ،‬تشير أساسا إلى مرحلة من العمر تعقب مرحلة المراهق ة‬
‫و تبدو و خاللها عالقات النضج البيولوجي و االجتماعي و النفسي واضحة و تمث ل‬
‫معظم المجتمعات إلى تحديد بداية مرحلة الشباب و نهايتها وفق ا لع دد من المع ايير و‬
‫المحكمات"‪ ،6‬من الفترة التي يكتمل فيها النمو الجسمي و العقلي على نحو يجع ل الم رء‬
‫قادرا على أداء وظائف المختلفة‪ ،‬غير"أن هذا المفهوم يشمل إطار بيولوجي و هناك اتجاه‬
‫أخر بمعايير النضج و التكامل االجتماعي"‪.7‬‬
‫وفترات الشباب هي مرحلة التحول الكبرى في حياة اإلنسان من حال ة الطفول ة و‬
‫االعتماد على غيره إلى حالة يتم فيها االعتماد على النفس باكتمال النمو الجسمي و العقلي‬
‫و العاطفي‪ ،‬فمفهوم الشباب ال يعني الوصول إلى سن محددة ب ل بل وغ س ن تحم ل‬
‫‪ - 1‬جامع محمد نبيل ‪،‬علم االجتماع األسري و تحليل التوافق الزوجي و العنف األسري‪.‬اإلسكندرية‪،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬‬
‫‪،2008‬ص‪.22‬‬
‫‪ -2‬جامع محمد نبيل‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪ -3‬ملسون فرد‪:‬المرجع السابق‪،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ - 4‬رشيد حمدوش‪ :‬مسالة الرباط االجتماعي في الجزائر المعاصرة امتدادية ام قطيعة‪ .‬ط‪، 1‬الجزائر‪ ،‬دار هومة ‪، 2009 ،‬‬
‫ص ‪.176‬‬
‫‪ -5‬رشيد حمدوش‪ :‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪. 177‬‬
‫‪ - 6‬محمد علي محمد ‪:‬الشباب و التغير االجتماعي‪.‬بيروت‪،‬دار النهضة العربية للطباعة و النشر ‪ ، 2001 ،‬ص ‪. 20‬‬
‫‪ - 7‬الخولي سناء‪ :‬أزمة السكن و مشاكل الشباب‪.‬اإلسكندرية‪،‬دار المعرفة الجامعية ‪ ،2002،‬ص ‪.102 -101‬‬
‫‪21‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫المسؤولية و القدرة على تحملها‪"،‬و مفهوم الشباب يتح دد بعوام ل متش ابكة و يت أثر‬
‫بالظروف الثقافية و االجتماعية و االقتصادية المحيطة كما يختلف من مجتمع إلى آخ ر‬
‫ومن عصر إلى آخر"‪،1‬‬
‫و قد حددت منظمة اليونسكو مرحلة الشباب على أنها" فئة اجتماعية عمرية التي تتوق ع‬
‫بين ‪ 15‬و ‪ 24‬سنة"‪.2‬‬
‫" حدد مؤتمر وزراء الشباب األول بالقاهرة جامعة الدول العربي ة ع ام ‪ 1969‬تل ك‬
‫المرحلة لمن تتراوح أعمارهم ما بين ‪ 15‬و ‪ 25‬سنة"‪،3‬انسجاما م ع "المفه وم ال دولي‬
‫المتفق عليه ولكن ظروف الوطن و طبيعة الشخصية فيه للش باب تس توجب رعاي ة‬
‫مرحلة الطالئع"‪ ،4‬التي تسبق سن الخامسة عشر و هي فئة بحاجة إلى رعاية ماس ة ‪،‬‬
‫تمتد إلى ما فوق سن الخمسة و العشرون و هذا تماشيا مع الظروف المعيش ية في‬
‫البلدان النامية العربية‪ .‬فهذه المرحلة الشبابية تشمل الطالب في مرحلة اإلعدادي ة و‬
‫الثانوية و الجامعية الدنيا و العليا ومن مثلهم في قطاعات المجتمع العاملة ‪.‬‬
‫"بياربورديو‪"PIERRE BOURDIEU.‬يرى "أن مصطلح الشباب الذي يشير لي الطلبة‬
‫الثانويين المراهقين مجرد ثرثرة أو تعسف كالمي يعمل على إخف اء أك وان و ع والم‬
‫اجتماعية متنوعة و متباينة و غير منسجمة‪،"5‬و"يرى أن الشباب بهذا المفهوم ال بيولوجي‬
‫تالعب واضح‪ ،‬فهو يعتبر الشباب مجرد كلمة تحمل معاني إيديولوجي ة"‪ 6‬و في ه ذا‬
‫الصدد يقول "ميد ‪" :"MID.‬الشباب يشكل لنفسه عالما وواقعا بس لوكياته الخاص ة‬
‫بثقافة خطابية واعية"‪.7‬‬
‫ج‪-‬مفهوم الثقافة‪:‬‬
‫ترجع كلمة ثقافة إلى كلمة ‪ Culture‬الالتيني ة و هي م أخوذة من األص ل األلم اني‬
‫‪ Kultur‬وتعني فالحة األرض و إخصابها‪،8‬وفي العربية كما جاء في لسان العرب‪9:‬ثقف‬
‫الرجل ثقافة لي صار حاذقا حفيفا حاذق الفهم و المهارة ودو فطنة و دكاء و المراد ان ه‬
‫ثابت المعرفة لما يحتاج إليه و يقال تقف الشيء أي سرعة التعلم و يأتي دلك نتيجة الوعي‬
‫الحر و تخمينه إمكانية الذات‪ ،‬و قد قدم عبد الرحمان بن خل دون موض وع الثقاف ة في‬

‫‪ -1‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.141‬‬


‫‪ -2‬رشيد حمدوش ‪ :‬نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.192‬‬
‫‪ -3‬فرد ملسون ‪:‬نفس المرجع السابق ‪،‬ص‪.5‬‬
‫‪ -4‬فرد ملسن‪ :‬نفس المرجع السابق‪،‬ص‪.6‬‬
‫‪- 5‬رشيد حمدوش ‪ :‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.200‬‬
‫‪ -6‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.193‬‬
‫‪ -7‬نفس المرجع ص‪.194‬‬
‫‪ - 8‬أحمد رشوان حسين عبد الحميد‪ :‬الثقافة‪ :‬دراسة في علم اجتماعي الثقافي‪.‬اإلسكندرية‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪،2006،‬‬
‫ص‪5.‬‬
‫‪ -9‬نفس المرجع‪.05،‬‬
‫‪22‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫مقدمته الشهيرة و" سماها العمران"‪،1‬و الذي هو من صنع اإلنسان و ق ارن بين ه و بين‬
‫الحيوان العدواني الذي ال ثقافة له أما اإلنسان فهو مبدع الثقافة و صانع الثقافة و قد وهبه‬
‫اهلل الفكر و األيادي و نشاط ليسدي حاجته في وسط بيئته حتى يعيش عيشة عامرة زاخرة‬
‫باألدوات و الصنائع‪.‬‬
‫يرى ليفي" ستروس" انه "يمكن اعتبار كل ثقافة مجموعة من انساق رمزية تتصدرها اللغة‬
‫و قواعد التزاوج و العالقات االقتصادية و الفن و العلم و الدين و كل هده األنساق تهدف‬
‫إلى التعبير عن أوجه الحقيقة الطبيعية و الحقيقة االجتماعية"‪ ،2‬كما يرى تايلور"أنها ذل ك‬
‫الكل المركب المعقد الذي يشمل المعلومات و المعتقدات و الفن و األخالق و الع رف و‬
‫التقاليد و العادات و جميع القدرات األخرى التي يستطيع اإلنس ان أن يكتس بها بوص فه‬
‫عضوا في المجتمع"‪.3‬‬

‫د‪-‬الثقافة الفرعية للشباب‪:‬‬


‫هو مصطلح واسع االنتشار في أوروبا و الواليات المتحدة لدراسة خصائص الش باب‬
‫اقتناعاتهم و قيمهم و اتجاهاتهم و توقعاتهم و أنماط تصرفاتهم‪ "،‬كما يشير إلى أسلوب‬
‫حياة مستقبل عن الكبار سواء كان معهم أو بعيد عنهم ال يخضع لمعايير هم و قيمهم‬
‫و معتقداتهم و أساليب سلوكهم"‪.4‬‬
‫تمثل ثقافة الشباب مشاكل جيل بعينه و هو مصطلح يشير إلى العالقة الوثيقة بين الثقافة‬
‫الفرعية و عامل السن أو العمر ‪ "،‬فهي جماعة من الناس صغار السن تتغلب عليه ا‬
‫مرحلة المراهقة و مرحلة االنتقال من المدرسة إلى العمل ومن العمل إلى ال زواج م ا‬
‫يتخلل ذلك من عمليات التنشئة االجتماعية للفرد وذلك لم يكن متوفر من قبل"‪.5‬‬
‫"و يرجع ظهور فئات الشباب بعد ‪، 1950‬أين زادت أموال الشباب عما ك انت علي ه‬
‫في السنوات الماضية و استهدفت الصناعة و إنت اج الس لع و أس واق الش باب و‬
‫احتياجات هذه الفئة العمرية"‪.6‬‬
‫"نمو التعليم العالي الذي يشكل و يوحي اهتمامات الشباب و سماتهم و طم وحهم و‬
‫القيم و األذواق و طرق التنشئة الحديثة و التربية لألطفال و الشباب التي تؤك د على‬
‫التطور الحر للشخصية الفردية و هو ما يؤدي بالشباب إلى الشعور باالغتراب لجماعة‬

‫‪ -1‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.07‬‬


‫‪ -2‬دينش كوش ‪:‬مفهوم الثقافة في العلوم‪،‬ط‪.1‬ترجمة‪:‬رميزالسعداني‪ ،‬لبنان‪ ،‬مركز الدراسات الوحدة العربية‪ ،2007 ،،‬ص‬
‫‪. 78‬‬
‫‪ - 3‬السعاتي سامية حسن ‪:‬الثقافة و الشخصية ‪:‬بحث في علم االجتماع الثقافة ‪،‬بيروت ‪،‬النهضة العربية ‪ ،1983،‬ص‪. 35‬‬
‫‪ -4‬ملسن فرد ‪ :‬نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.15‬‬

‫‪ -5‬أحمد رشوان حسن عبد الحميد ‪ :‬نفس المرجع السابق ‪،‬ص ‪.94‬‬
‫‪ -6‬نفس المرجع‪،‬ص‪.96‬‬
‫‪23‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫المراهقين و سخطهم على قيم المجتمع"‪.1‬‬


‫"إنها انتقادات الشباب لمشاكل العالم و المجتمعات التكنولوجية و المجتمع الرأس مالي‬
‫و عيوب الديمقراطية البرلمانية في المجتمعات المتقدمة القائمة على المادية واألنانية"‪.2‬‬
‫"كما يعود ظهور ثقافة الفرعية للشباب إلى الصراع الذي يقع بين اآلباء و األبناء‪ ،‬فق د‬
‫قدم كنجليزيدايفز مقالة بعنوان سوسيولوجيا صراع اآلباء و األبناء " بين األبعاد البنائية و‬
‫الثقافية التي ظهرت في المجتمع المغربي و التي أدت إلى تفاقم مشكل األجيال"‪.3‬‬
‫قد ذكر راسل اكوف ‪ Ackoff‬في كتابه" إعادة تصميم المستقبل " سنة‪"1974‬أن الشباب‬
‫غير راضي عن القضايا و الموضوعات التي يتدبرها الكبار ‪ ،‬يريدون أن يفعلوا أش ياء‬
‫ألنفسهم‪ ،‬تعلموا ضرورة أن يعيد الفرد صنع العالم و أن يعمل على إصالحه ما لم يفعلوا‬
‫هم ذلك ‪،‬فلن يكون على اإلطالق"‪.4‬‬
‫"فثقافة الشباب يغلب عليها روح التمرد و العناد و الفطرية و الغطرسة تجاه الكبار ولذلك‬
‫تسميها بعض الكتب الثقافة المضادة والمعادية"‪.5‬من هذا المنطلق سنحاول تحديد المج ال‬
‫الثقافي لثقافة الزواج لدى الشباب وسنتأكد إن كان هذا المفهوم ينطبق حقيقة على الشباب‪.‬‬

‫ه‪ -‬المفهوم اإلجرائي لثقافة الزواج‪.‬‬


‫بعد أن تطرقنا لمفهوم الزواج و التغيرات اإلجتماعية ومفه وم الش باب والثقاف ة ثم‬
‫مفهوم ثقافة الشباب يمكن لنا من خالل هذه المفاهيم التي عرضناها في الفص ل المنهجي‬
‫ومن خالل قراءات معمقة للدراسات السابقة وبعض النظريات والمقارب ات أن نتص ور‬
‫مفهوم ثقافة الزواج كجزء ال يتجزأ من ثقافة الشباب الفرعية والتي هي فرع من الثقاف ة‬
‫الكلية للمجتمع وأن ثقافة الزواج تنشأ بداية من التقاليد العائلة لكن الشباب يدخلون عليه ا‬
‫عدة تغيرات بفضل ما يكتسبونه من استعدادات وخبرات اجتماعية نشأت ل ديهم بفع ل‬
‫التعليم الحديث والعمل المأجور‪ ،‬و منه يمكن القول أن محور الخالف بين الشباب واآلباء‬
‫في العائلة حول الزواج هو صراع ثقافي اجتماعي فاآلباء يتمسكون بعادات وتقاليد العائلية‬
‫واألبناء يحاولون التحرر منها لكونها مكلفة وال تجدي نفعا أمام موجة الحداثة و ما تبعها‬
‫من تغيرات اجتماعية مست كل مؤسسات المجتمع ‪.‬‬

‫‪ -1‬فرد ملسن ‪ :‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.17‬‬


‫‪ -2‬نفس المرجع ‪،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ -3‬أحمد رشوان حسن عبد الحميد ‪ :‬نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.95‬‬
‫‪ -4‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.95‬‬
‫‪ -5‬ملسن فرد ‪ :‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 15‬‬
‫‪24‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث الثاني‪ :‬األسس النظرية والتقنية‪.‬‬


‫أوال‪:‬النظريات والمقاربات‪:‬‬

‫اعتمدت على نظرية الصراع الثقافية لدراسة الزواج لدى فئة الشباب في المجتم ع‬
‫ألن الثقافة تختلف باختالف المجتمعات وتتميز بتعدد تعريفها و خصائصها‪،‬فباختالف‬
‫الثقافة تختلف القيم و العادات و األفكار و غيرها و التي تعتبر من ميكانيزمات التغير‬
‫االجتماعي ‪"،‬كما أ ن الثقافة تعتبر عامال للمنافسة االجتماعية بما ينتج عنها من صراع‬
‫فكري بين الفئات المختلفة في المجتمع مما يؤدي إلى حدوث تغير اجتماعي جديد"‪ ،1‬و‬
‫‪2‬‬
‫يحتوي العامل الثقافي على ثالث اتجاهات لتفسير عملية التغير و هي‪:‬‬

‫‪ -1‬الدق س محمد‪ :‬التغير االجتماعي بين النظرية و التطبيق‪ .‬عمان‪ ،‬دار المجدالوي للنشر و التوزيع ‪،1987،‬ص ‪.146‬‬
‫‪ -2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.147‬‬
‫‪25‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -1‬نظرية االنتشار الثقافي‪:‬‬


‫ونقصد هنا باالنتشار الثقافي إن التغير الثقافي يرجع إلى عامل االنتشار ‪ ،‬و تتميز ه ذه‬
‫النظرية بين انتقال التراث و انتشاره فيعني األول االنتقال الثقافي بين األجيال ( من جيل‬
‫إلى آخر ) داخل المجتمع أما الثاني انتقال سمات ثقافية من مجتمع إلى آخر و ترجع هذه‬
‫النظرية و التغيرات التي تحدث في المجتمع إنما تأتي نتيجة استعارة س مات ثقافي ة من‬
‫مجتمع ثان عن طريق الهجرة أو االستعمار أو الثورة و غيرها كما ح دث في المجتم ع‬
‫الجزائري من جراء الثورة حيث خلف االستعمار الفرنسي آثارا كبيرة مثل اللغة و الهجرة‬
‫‪....‬الخ‪.‬‬
‫‪ -2‬نظرية االرتباط الثقافي‪:‬‬
‫ترجع هذه النظرية التغير الثقافي إلى عوامل داخلية في المجتمع و هي ترى أن التغير‬
‫االجتماعي يأتي من العناصر الكائنة في المجتم ع وليس من خارج ه "‪،1‬أي أن التغ ير‬
‫االجتماعي يحدث نتيجة اختالف أو صراع في القيم بين أفراد المجتمع الواحد ال يأتي من‬
‫خارج المجتمع ‪،‬كالصراع التي يحدث بين جيل اآلباء و جي ل األبن اء في مختل ف نظم‬
‫الحياة كالزواج و تغير عاداته من جيل اآلباء إلى جيل األبناء ‪.‬‬
‫‪-3‬نظرية الصراع الثقافي ‪:‬‬
‫إن التناقض في نظرية الصراع الثقافي ينبع من داخل المجتمع و ي ؤدي إزال ة ه ذه‬
‫التناقضات إلى تغيرات اجتماعية فيه ‪،‬أي يتم حسم الصراع بأنه ا ج انب من العناص ر‬
‫الثقافية لحساب عنصر آخر ‪،‬و يكون ذلك إما باستبدال عناصر جدي دة ‪،‬و أم ا بتنمي ة‬
‫العنصر الغالب في الثقافة‪.‬‬

‫كما اعتمد في التحليل على نظرية لويزكوزر‪.‬‬


‫‪-4‬نظرية الصراع عند كوزر لويز‪:‬‬
‫اهتم كوزر بوظائف الصراع التي تؤدي إلى توافق أك ثر و اهتم بوظ ائف الص راع‬
‫االيجابية بدل من السلبية التي تؤدي إلى إحباط وظيفي‪ ،‬و ت ؤدي الوظ ائف االيجابي ة‬
‫للصراع إلى تزايد التكيف أو التوافق مجموعة من العالقات االجتماعية الخاصة ب دال من‬
‫التفكك و االنحالل ‪"،‬وهكذا فالصراع عند كوزر يعني النضال في س بيل قيم معين ة ‪،‬و‬
‫الصراع على مراكز وأماكن محددة في سبيل بلوغ السلطة"‪.2‬‬
‫يؤكد الغرض األساسي عند كوزر "إن الصراع يمكن إن يزيد من التوافق و التكي ف و‬

‫‪ -1‬نفس المرجع ‪،‬ص ‪.151-150‬‬


‫‪ -2‬كينلوش جراهام ‪ :‬التمهيد في النظرية االجتماعية ‪:‬تطورها و نماذجها الكبرى‪ .‬ترجمة‪:‬محمد سعيد فرح ‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫دار المعرفة الجامعية‪ ،2000 ، .‬ص‪.276‬‬
‫‪26‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫الحفاظ على الحدود بين الجماعات و ال يؤدي غالى التفك ك أو االنحالل االجتم اعي أي‬
‫يؤدي وظيفة ايجابية"‪ ، 1‬و على انغالق النسق الطبقي على ذاته تقل فرص التنظيم و مدى‬
‫تقبل الصراع و كلما زاد ترابط الجماعة تتزايد المشاركة بين الجماعات و كلما طال نظام‬
‫جماعة ازدادت شدة الصراع و اتخذ مظهر التخريب و التدمير ‪.‬‬
‫يرى كوزر"إن الصراع يعمل على إحياء المعايير السائدة و يؤدي إلى استقرار العالقات و‬
‫المساهمة في نشوء وظهور معايير جديدة ‪،‬ويجاد معايير جديدة إلعادة التوافق المس تمر‬
‫الضروري لتحقيق توازن القوة و نشوء اتحادات التي تساهم في المحافظ ة على ح دود‬
‫فاصلة بين الجماعات"‪.2‬‬
‫يؤدي الصراع إلى النسق االجتماعي المتكامل مرن أو أكثر استقرارا‪،‬و بإيجاز فالصراع‬
‫حول قضايا واقعية داخل البناء االجتماعي المفتوح يساعد على تكون و تحقي ق تكي ف‬
‫اجتماعي على أعلى مستوى‪،‬وأيضا يساهم في تحقيق تكامل مرن بدرجات كب يرة داخ ل‬
‫البناء االجتماعي يبنى الصراع الغير واقعي في المجتمع المغلق في البيئ ة الجام دة إلى‬
‫اشتداد العنف و تزايد مظاهر التفكك االجتماعي ‪ "،‬و مهما كانت الحال ة ف ان وظ ائف‬
‫الصراع داخل المجتمع كانت هي المحور األساسي للدراسة عند كوزر"‪.3‬‬
‫أما األسرة في منظور نظرية الثقافة ‪:‬‬
‫تنظر نظرية الثقافة لألسرة على أنها مؤسسة ضرورية شأنها في ذل ك ش أن نظري ة‬
‫الوظيفية‪،‬و لكنها ال تترك المجال واسعا أمام التباين الشديد في بناء ووظائف األسرة تبع ا‬
‫لقيم المجتمع و اختيارات أفراده ‪.‬‬

‫الحياة تعطي للمجتمعات و األفراد الحرية الكافية لالختيار و التنوع نجد في نفس المجتمع‬
‫اسر تقليدية محافظة و أخرى تتسم بمعالم الحداثة المختلفة و ما بينهما درجات مختلفة من‬
‫التنوع الثقافي األسرى ‪ ،‬ومن ثم فال ترى نظرية الثقافة حتمية االزدواجية أو الثنائي ة أي‬
‫النظر إلى األسرى على أنها أما تقليدية آو حديثة فقط و ترى نظرية الثقاف ة وس ائل‬
‫متعددة لتحقيق الغايات أو الوظائف األسرية التي تختلف بدورها من مجتمع ألخر ‪،‬فهناك‬
‫المجتمعات التقليدية التي ترتكز على وظائف اإلنجاب و الوظيفة االقتصادية لألس رة ‪،‬و‬
‫هناك المجتمعات الحديثة التي ترتكز على الوظيفة العاطفية و الرومانسية ما تتساوى فيها‬
‫الوظائف المختلفة السابقة الذكر في هذا الكتاب من حيث األهمية‪.‬‬
‫إن نظرية الثقافة ترى خمسة أنماط ثقافية حياتية معينة فهي ترى أن األسرة تتشكل تبع ا‬

‫‪ -1‬نفس المرجع ص‪.277‬‬


‫‪ -2‬نفس المرجع ص‪.273‬‬
‫‪ -3‬كينلوش جراهام‪ :‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪.277‬‬
‫‪27‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫لهذه األنماط‪،‬فالنمط القدري الذي يرى إن الفرد فيه ليس له مج ال إلدارة احتياجات ه و‬
‫موارده ومن ثم فالفرد ال يمتلك إستراتيجية حياتية معينة فان األسرة فيه تعتمد في بقائ ه‬
‫على التكيف و االعتماد على الحظ ‪،‬في حين انه في نمط ألمساواتي الذي يعتبر الم وارد‬
‫محدودة و بتالي البد من تقليل االحتياجات ‪ ،‬من جانب جميع أفراد المجتمع فانه ينظر إلى‬
‫األسرة نظرة شمولية يسود فيها العدالة بين الزوج و الزوجة و كذلك بين األسر المختلف ة‬
‫داخل نفس المجتمع ‪ ،‬و هذا أمر مخالف للنمط الثالث و النمط التدريجي الذي ي رى أن‬
‫الموارد توجه لمواجهة االحتياجات التي ال يمكن تقليلها لفئة ‪،‬و يمكن تقليلها لفئة أخ رى‬
‫لها احتياجات محدودة ‪،‬و من ثم ال يلزم بذل الجهد الشديد من اجل تعبئة الموارد‪.‬‬
‫األقوياء مؤثرون يتمكنون من تكوين اسر تتميز بالثراء و بحظ أوفر من الموارد مم ا‬
‫يؤدي إلى خلق نظام طبقي يقبله المجتمع و يتعايش معه ‪،‬و الزالت نظرية الثقاف ة ت رى‬
‫نمطين آخرين للحياة‪:‬المستقبل الذي يرى أن الحاجات و الموارد قابلة للتدبير ومن ثم فهو‬
‫يقرر بحرية مطلقة أي نمط اسري سوف يتخذه بناء على اختياره مما يحرره من الضغوط‬
‫المجتمعية و التحرر من التعرض للقهر من اآلخرين‪ ،‬أما النمط الحياتي األخير فهو النمط‬
‫الفردي الذي يسعى إلى التنافس و فتح مجال أمام الفرد لكي يدبر م وارده و احتياجات ه‬
‫بجرأة و مهارة مقتنعا بقانون البقاء لألصلح دون دخل للحظ‪،‬و من ثم تكون األس رة في ه‬
‫خاضعة للقرارات الفردية مما يؤدي إلى تباين كبير في بنيان و مهام األسرة في ظل ه ذا‬
‫النمط الحياتي ‪.‬‬
‫وهكذا نرى إن نظرية الثقافة تقول أن مؤيدي كل نمط حياة يكونون غاي اتهم بطريق ة‬
‫تجعل انحياز اتهم الثقافية تتالقى مع أنماطهم المفضلة للعالق ات االجتماعي ة‪،‬و تعم ل‬
‫استراتيجياتهم على تحقيق أهم األمور بالنسبة لهم ‪ ،‬إال وهو مؤازرة نم ط حي اتهم ‪ ،‬و‬
‫تكون األسرة في ظل هذه النظرية نموذجا للتباين الشديد سواء بالنسبة لبنائها أو مهامه ا‬
‫وديناميكياتها و مشاكلها‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬تقنيات البحث‪.‬‬
‫‪-)1‬تقنية المقابلة‪:‬‬
‫مجموعة من مقابالت تتناسب مع البحث الوصفي النوعي‪ ،‬كان ع ددها ‪ . 38‬منه ا‪6‬‬
‫مقابالت جماعية و‪ 2‬ممقابالت ثنائية أي مع شباب وخطيبته لبعض‪ 30،‬مقابالت فردي ة‬
‫مقابلة تمت في مرحلتين‪ ،‬بين شهر أفريل وشهر ماي ثم شهر أوت وسبتمبر وهذا من سنة‬
‫‪، 2014‬المقابالت جاءت بعضها مغلقة أي التقيد باألسئلة المحددة في دلي ل المقابل ة وثم‬
‫انتقلت إلى المفتوحة والشبه المفتوحة أي عدم التقيد بدليل المقابل ة‪ ،‬وهي أس ئلة ك انت‬
‫اضطرارية وضرورية لخدمة البحث‪،‬و للتعمق أكثر في استجواب الش باب‪،‬ال ذي ب دا‬

‫‪28‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫متحمس و يحاور بحرية وطالقة ويجادل بشدة إلى درجة الغضب والجدال‪،‬فتح ولت إلى‬
‫المقابالت المفتوحة ليجد المبحوث راحته في الحديث الصادق‪ ،‬وهذا الذي ساعدني كث يرا‬
‫في التحليل العلمي لظاهرة الزواج ‪،‬وما يحدث فيه ا من تغ يرات‪،‬وبالت الي أص بحت‬
‫المقابالت مرتبة كاآلتي‪:‬‬
‫ستة مقابالت جماعية مع مبحوثين شباب‪.‬‬
‫المقابلة األولى‪ 05 :‬وهم طلبة منهم من يعمل في التدريس و عقود ما قبل التشغيل ‪.‬‬
‫المقابلة الثانية ‪ 07:‬وهم أساتذة جامعين‪.‬‬
‫المقابلة الثالثة‪06 :‬وهممبحوثين بنات و طلبة و عمال ما قبل التشغيل وعقود مؤقتة‪.‬‬
‫المقابلة الرابعة ‪09:‬وهم شباب من وسط المدينة و ساحة البلدية ‪ :‬وهم شبان من مختلف‬
‫أحياء المدينة و ضواحيها ‪ ،‬عمال ‪ ،‬بطالين و تجار ‪.‬‬
‫المقابلة الخامسة‪05 :‬شابات (بنات) و شبان‪ ،‬طلبة و عمال‪.‬‬
‫المقابلة السادسة‪ 10:‬في قاعة حفالت وسط مركز المدينة‪ .‬شبان ذكور ‪ ،‬إناث ‪ ،‬أباء و‬
‫أمهات ‪.‬‬
‫مقابلتين ‪ :‬مع شباب و هي مقابالت ثنائية األولى مع شاب وشابة في مرحل ة الخطوب ة‪،‬‬
‫مخطوبين لبعض ‪ ،‬و الثانية شباب في مرحلة عقد القران في البلدية ‪.‬‬
‫مقابالت فردية مع ‪ 30‬مبحوث شبان و أباء من مختلف الشرائح ‪ ،‬و العائالت و األسر‬
‫من طبقات االجتماعية و مستوى المادي متب اين أي أغني اء و فق راء‪ ،‬و من مختل ف‬
‫المذاهب و األصول العرفية في المجتمع الجزائري ‪.‬‬
‫تمت اغلب المقابالت داخل المكتبة الجامعية أين تم اللقاء مع المبحوثين‪ ،‬لماذا المكتب ة‬
‫ألنها مكان المناسب إلجراء المقابالت‪ ،‬ثم أنها تمثل التنوع الثقافي ‪،‬إضافة لكونها مك ان‬
‫تقام فيه نشاطات اجتماعية و محاضرات و تفاعالت ثقافية و علمية كما أنها تحتوي على‬
‫مركز لبيع الكتب يستقبل رواد من مختلف المناطق ‪،‬و زائ رين اغلبهم ش باب أي أن‬
‫المكتبة تحمل نسبة كبيرة من الشباب من مختلف أرجاء الوطن ‪ ،‬و مق ابالت أخ رى‬
‫كانت في وسط المدينة أو قرب بلدية مستغانم ‪ ،‬ساحة البلدية ‪ ،‬قريبة من المكتبة ‪.‬‬

‫دليل المقابلة يحمل عدة أسئلة مقسمة إلى ثالث محاور ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬أسئلة عامة حول الزواج و الشباب و التغيرات الطارئة فيه‪.‬‬
‫ديث ‪ ،‬و‬ ‫ثانيا ‪:‬مسائل تخص عالقة اآلباء و األبناء حول قضية الزواج بين القديم و الح‬
‫التناقض بينهما‪.‬‬
‫ثالثا ‪:‬أسئلة حول ثقافة الزواج لدى الشباب ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫نثير االنتباه إلى بعض المقابالت كانت مغلقة و البعض اآلخر كانت شبة مفتوحة و ه ذا‬
‫بسبب خالف و تناقض وجهات النظر خاصة في المقابالت الثنائية و الجماعية مع الشباب‬
‫و اآلباء‪.‬‬
‫وبعض المقابالت اعتمد فيها على التسجيل الصوتي و أخرى اعتمد على الكتابة كما أنني‬
‫سجلت الحالة االجتماعية للمبحوثين و الحالة المدنية و نوع األسرة‪ ،‬مكان اإلقامة‪.‬‬
‫‪ )2‬المالحظة‪:‬‬
‫خاصة في المقابالت الجماعية ‪ ،‬مالحظة حرك ات و مالمح المبح وث ‪،‬إض افة إلى‬
‫مالحظة داخل البلدية لسلوك و تصرفات المبحوثين كذلك في المسجد‪ ،‬فالمالحظة كانت‬
‫مفيدة ألخذ فكرة عن المبحوثين و هذا قبل إلقاء و إجراء المقابلة داخل المكتبة أو ساحة‬
‫البلدية القريبة من المكتبة و هذا التنازل مني لتلبي ة رغب ة بعض المبح وثين ال ذين‬
‫يرفضون الدخول إلى للمكتبة خاصة اآلباء و األمهات ‪ ،‬أو المشاركين في الحفالت ‪،‬‬
‫بالسيارات لنقل المدعوين في الزفاف األفراح‪.‬‬
‫‪ )3‬تقنية المقارنة‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬بين اآلباء و الشبان حول تصوراتهم وأفكارهم في الزواج‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬بين اإلناث و الذكور و اختالفات األسلوب و طرق الزواج‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬بين المستوى المادي و الثقافي للمبحوثين عمال بطالين ‪ ،‬أساتذة ‪ ،‬طلبة ‪ ،‬عق ود‬
‫ما قبل التشغيل ‪ ،‬تجار ‪ ،‬و رجال أعمال ‪ ،‬أغنياء ‪ ،‬فقراء ‪ .‬شباب حضري‪ ،‬شباب ريفي‬
‫‪ .‬مقيمين في أسرة ‪ ،‬مقيمين في عائلة أو سكن فردي ‪.‬‬
‫هذه المقارنات كانت مفيدة للوصول إلى نتائج مهمة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬المقارنة اإلحصائية و االعتماد على إحصائيات الصادرة ‪ :‬من مص ادر رس مية‬
‫وزاري ة‪ ،‬وزارة الص حة و الس كان ‪ ،‬وزارة التج ارة ‪،‬و بعض المس وح الوطني ة‬
‫العامة ‪،‬الديوان الوطني لإلحصاء‪ ،‬المسح الجزائري حول صحة األسرة ‪.2002‬‬
‫ثالثا‪:‬العينة و مواصفاتها‪.‬‬
‫استعملت نوع العينة القصيدة ‪ ،‬وهذا عن طريق اختيار المبحوثين الذين صادفتهم قرب‬
‫البلدية أو المسجد قرب حفالت الزفاف واخترت من مكان المقابل ة وهي المكتب ة بعض‬
‫رواد المكتبة الجامعية المثقفين والمتعلمين‪ ،‬من الشباب سواء طلبة وأساتذة أو عم ال أو‬
‫زائرين للمكتبة‪ ،‬اخترت منهم الذين يعشون في األسرة أو العائلة و يحضرون للزواج أو‬
‫يفكرون في الزواج أو االختيار أو التعارف الذي يهدف للزواج أو التخطيط للزواج‪.‬‬
‫و في البلدية المتوجهين من شباب و أسرهم نحو مصلحة البلدية للتسجيل ضمن قائم ة‬
‫لعقدا لزواج أو المتوجهين للمسجد بمركز المدينة قريب من البلدية لعقد قران الفاتحة أمام‬
‫إمام المسجد‪ ،‬و المسجد قريب من المكتبة الجامعية ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫كانت عينة البحث متجانسة ‪ :‬شبان ‪ ،‬ذكور و إناث ‪ ،‬متزوجين حديثا أو مخطوبين آو‬
‫شباب في مرحلة التعارف ‪ ،‬إضافة ألمهات و أباء و هذا لجمع معلومات أكثر و مقارنته‬
‫مع فئة الشباب‪.‬تحتوي العينة على مبحوثين من مختلف المستويات من الناحية الثقافي ة‬
‫و العلمية ثم من الناحية االجتماعية و المستوى المادي و العمل و المكانة االجتماعية و‬
‫االنتماء الديني و العرقي و نوع البيئة و محيط األسرة أو العائلة‪.‬‬
‫كما إعتمدت في البحث على مجموعة من صور الزواج إلتقطتها بإستعمال محرك قوق ل‬
‫للصور"‪،".googl immage‬وهي مرقمة ومرتبة في صفحة المالحق من هذا البحث‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬صعوبات البحث ‪.‬‬
‫في بداية البحث قررت استعمال تقنية االستمارة لكنني فوجئت أثن اء عملي ة توزي ع‬
‫استمارات التجريبية ‪،‬أن كثير من المبحوثين يفضلون الكالم الطويل حول ش عورهم و‬
‫معرفتهم بالزواج و عالقاتهم العاطفية و عالقاتهم مع األس رة و األه ل ل ذا ق ررت‬
‫استعمال تقنية المقابالت‪ ،‬فهي تالءم موضوع الزواج و مراحله ‪ ،‬ف الزواج من بدايت ه‬
‫حتى نهايته هو حوار و مفاوضات و تعارف بين عدة ادوار ‪ ،‬اآلباء ‪ ،‬الش بان ‪ ،‬ممث ل‬
‫البلدية ‪ ،‬اإلمام في المسجد ‪.‬حتى قائمة المدعوين في الزواج تقام على أساس من التشاور‬
‫و التحاور بين المخطوبين و أهلهم‪ ،‬و طبيعة المقابلة و ما فيها من ح وار قريب ة من‬
‫طبيعة الزواج الذي ليس في مراحله كتابة كما هو الحال في تقنية االستمارة التي تحتاج‬
‫إلى وقت إلمالئها من طرف المبحوثين الذين هم في ضيق وقت و إره اق من ج راء‬
‫مراحل و عمليات تحضير الزواج أو الزفاف و غيرها من األمور‪.‬‬
‫كما أنني واجهت عراقيل في التسجيل الصوتي الذي يك ون في حض ور األم واألب أو‬
‫حضور شريكة حياته أو بعض المتزوجين اإلناث الذين يرفضون التس جيل في حض ور‬
‫العائلة باعتبارها أسرار عائلية تخص الزواج ‪ .‬فاض طررت إلى الكتاب ة و المالحظ ة‬
‫الدقيقة‪.‬‬
‫كما واجهة صعوبة في حسم كثير من الجدل الذي نشب بين المبحوثين أثن اء المق ابالت‬
‫الجماعية لكن هدا الخالف والتجادل كان جد مفيد وساعدني للوصول إلى اس تنتاجات و‬
‫نتائج حاسمة لفهم الصراع الثقافي بين األجيال في العائلة خاصة أنني حولت األفكار التي‬
‫تجادل حولها األفراد إلى نسب تقريبية أي تقديرية وهذا حتى أسهل عملية تحلي ل ه ذا‬
‫الجدل الذي كاد أن يخرج المقابالت الميدانية عن هدفها المنشود‪.‬‬

‫الخالصة‬
‫ة‬ ‫ثقافة الزواج هي جزء ال يتجزأ من ثقافة الشباب الفرعية والتي هي فرع من الثقاف‬
‫الكلية للمجتمع وأن ثقافة الزواج تنشأ بداية من التقاليد العائلة لكن الشباب يدخلون عليه ا‬
‫‪31‬‬
‫البناء المنهجي والنظري‬ ‫الفصل األول‬

‫عدة تغيرات بفضل ما يكتسبونه من استعدادات وخبرات اجتماعية التي نشأت لديهم بفعل‬
‫التعليم الحديث والعمل المأجور‪ ،‬و منه يمكن القول أن محور الخالف بين الشباب واآلباء‬
‫في العائلة حول الزواج هو صراع ثقافي اجتماعي فاآلباء يتمس كون بع ادات والتقالي د‬
‫ام قيم‬ ‫العائلية و في المقابل األبناء يحاولون التحرر منها لكونها مكلفة وال تجدي نفعا أم‬
‫الحداثة و ما تبعها من تغيرات اجتماعية مست كل مؤسسات المجتمع ‪.‬‬

‫‪32‬‬
33
‫الفصل الثاني‬

‫‪34‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‪.‬‬
‫تمهيد‬
‫المبحث األول‪ :‬التغير اإلجتماعي و زواج الشباب‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم التغير اإلجتماعي‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نظريات التغير اإلجتماعي و الزواج‬
‫المطلب الثالث‪ :‬النظريات اإلجتماعية الثقافية لإلختيار الزواج‬

‫المبحث الثاني‪ :‬شباب بين العزوبة وتأخير سن الزواج‬


‫المطلب األول‪ :‬أهمية زواج الشباب‬
‫أوال‪:‬األهمية الدينية واألخالقية‬
‫ثانيا‪ -‬أهمية الصحة البدنية والنفسية‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تغير نظرة الشباب للزواج‬

‫المطلب الثالث‪:‬العائلة التقليدية ومجابهة العزوبة‬

‫المطلب الرابع‪:‬إختالف قيم اآلباء واألبناء‬

‫‪35‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫مقدمة الفصل ‪:‬‬


‫لقد عرف المجتمع الجزائري عدة تغيرات شاملة‪ ،‬والتي كان لها اثر كبير على ثقافة المجتمع‬

‫خاصة فئة الشباب الذي يعيش نتائج التغير التي جعلت منه فاعل أساسي ويساهم في التح والت‬

‫ه‬ ‫التي مست السياسة والتصنيع والتعليم ‪،‬والتي غيرت مكانته في العائلة واألسرة وغيرت حيات‬

‫الزوجية التي تأثرت بالثقافة العصرية الحديثة‪ ،‬فتغ يرت عالق ة الش باب بالعائل ة و حيات ه‬

‫اء‬ ‫اإلجتماعية ومستقبله األسري بداية من عمليات التحضير لزواجه في المجتمع المتغير و بن‬

‫أسرته‪.‬‬

‫وحتى نتمكن من تحديد عوامل التغير في زواج الشباب وعالقته بالعائلة واألسرة‪ ،‬ال بد لنا أن‬

‫نحدد مفهوم التغير و أثره على ثقافة الشباب الحديثة‪،‬والعائلة وأهميتها ودورها في تجديد و تغيير‬

‫ات‬ ‫عادات الزواج التقليدية في العائلة الجزائرية المعاصرة‪،‬التي عرفت وال زالت تشهد تناقض‬

‫وخالفات أحدثت عدة تغيرات وظيفية وبنائية أثرت على دور أفراد العائلة في المجتمع‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫المبحث األول ‪:‬التغير اإلجتماعي وزواج الشباب‬


‫المطلب األول‪:‬مفهوم التغير االجتماعي عند الشباب ‪.‬‬
‫إن التغير االجتماعي لغة مشتق من فعل تغ ير و ه و تح ول من مرحل ة إلى‬
‫أخرى ‪ ،‬فكل مجتمع خاضع لعملية التغير كونه عملية دينامكية تؤثر في السلوكيات‬
‫و األنساق االجتماعية ‪ "،‬فالتغير ظاهرة جماعية يمس قطاعا أو مجموع ة هام ة و‬
‫يؤثر على نمط أو شروط الحياة حيث يسعى األفراد و الجماعات و المؤسس ات إلى‬
‫تحقيقه و في نفس الوقت إلى تفاديه" ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫يتضح لنا من خالل هذا التعريف أن التغير االجتماعي يمثل التغير الملح وظ في‬
‫أي ظاهرة اجتماعية خالل فترة من الزمن ‪ .‬جاء في قاموس محم د ع اطف عيث‬
‫يقول "يشير مصطلح التغير االجتماعي إلى أوض اع جدي دة تط رأ على البن اء‬
‫االجتماعي و النظم و أدوات المجتمع نتيجة لتشريع أو قاعدة جديدة لضبط السلوك‬
‫أو كنتاج لتغير إما في بناء فرعي أو جانب من جوانب الوجود االجتماعي أو البيئة‬
‫الطبيعية أو االجتماعية" ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫يمكن القول أن التغير االجتماعي هو حالة تغير تمس ظاهرة معينة أو مجموعة من‬
‫الظواهر تتسبب في ظهور أوضاع جديدة في المجتمع‪.‬كما هو الوضع لفترة التعارف‬
‫من أجل الزواج و التحضير له الذي أصبح يدوم مدة طويلة‪ .‬ظ اهرة ط ول م دة‬
‫التحضير للزواج تؤدي إلى تغير عادات الزواج ‪ ،‬ارتفاع سن الزواج مثال‪.‬‬
‫كما يمكن تعريف التغير االجتماعي بأنه كل تحول يحدث في النظم و األنساق و‬
‫األجهزة االجتماعية من الناحية المورفولوجي خالل فترة زمنية محددة ‪ .‬مثال تغ ير‬
‫مكان الزواج من داخل الخيام أو بيوت العائالت و األسر إلى الحرك ة في وس ائل‬
‫النقل داخل شوارع المدينة الحضرية أو فضآت مختلفة من المجتمع‪ ،‬كالحفالت داخل‬
‫القاعة الخاصة باألفراح و األعراس أو حب الش باب الظهـور خالل حفـالت‬
‫الشبــاب بأنـــاقة و مظهر الغنى و عادات الطبقات الغنية من حيث الملبس و‬
‫المأكل التي أصبحت تكلف ثروة مادية ‪،‬يكون شكل الزواج و بناؤه تابعا لها‪.‬‬
‫كما يتميز التغير االجتماعي بالترابط والتداخل و االتساق التب ادلي‪ ،‬ف أي تغ ير‬
‫يصيب ظاهرة اجتماعية ما يؤدي إلى سلسلة من التحوالت ال تي تص يب الحي اة‬

‫‪ -1‬الخولي سناء ‪ :‬التعبير االجتماعي و التحديث‪.‬اإلسكندرية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية ‪ ،1993 ،‬ص ‪.107‬‬
‫‪ - 2‬غيث محمد عاطف ‪ :‬قاموس علم االجتماع‪.‬اإلسكندرية‪،‬دار المعرفة الجامعية ‪ ،1989،‬ص ‪.415‬‬

‫‪35‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫االجتماعية و اإلقتصادية السياسية و الثقافية بدرجات متباينة ‪ .‬فأي تغ ير يمس مثال‬


‫نسق القرابة أو العائلة فهو يؤثر على نمط الزواج و مظاهره ‪ ،‬و أي أزمة سياس ية‬
‫أو اقتصادية فهي تؤثر في معدالت الزواج في المجتمع ك الحروب و الص راعات‬
‫العرقية و المذهبية ‪.‬‬
‫التغيرات ال تحدث صدفة بل هي نتاج لعدة عوامل أدت إلى بروزها و التي تعت بر‬
‫كمؤشر للتغير الناتج عن هذه العوامل كما هو الحال لتأخر سن ال زواج و تفش ي‬
‫العزوبة و الطالق‪ ،‬و تحديد حجم األسرة الذي يتأثر بعدة عوامل مختلفة من تط ور‬
‫تكنولوجي و الوضعية المادية و التطور الثقافي‪ ،‬لقد تحدث عدة علماء اإلجتماع عن‬
‫العوامل و الظروف التي تعمل على تفسير التغير اإلجتماعي ‪ ،‬يحاول غي روش في‬
‫كتابه عوامل و شروط التغير اإلجتماعي "تحديد ما يسميه بالعوامل المهيمنة للتغ ير‬
‫اإلجتماعي و التي قد يجدها في الوسط الط بيعي في التنمي ة والتكنولوجي ا ‪ ،‬في‬
‫العــرق و في البنيات االقتصادية ‪ ،‬في المعارف و في المعتق دات الديني ة و في‬
‫القيم االجتماعية و في المعايير " ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫الحظت من خالل المقابالت الميدانية مع المبحوثين أن األغلبية منهم تحدثوا عن‬


‫مفهوم التغير عن معرفة و كلهم تطرقوا إلى مختلف العوامل المسببة لتغير المجتمع‪،‬‬
‫سواء بكالم عفوي أو كالم قصدي‪ .‬و كلهم تقريبا يعتقد أن العام ل االقتص ادي و‬
‫التكنولوجي هو أساس التغير‪.‬‬
‫يقول أحد المبحوثين " مشي كما بكري كانت فرونسا فرضت علينا ثقافتها و كن ا‬
‫نخدموزوفريا و تزوجنا و درنا دراري ربيناهم و استقلينا" و يقول "فرانس ا بغ ات‬
‫تردنا قور و تمسخ تقاليدنا و عاداتنا ‪ ،‬بصح وال دينا ك انو متمس كين بالش رع و‬
‫زوجونا و درتا ديار‪ ،‬كنا نروحونخدمو من بالد لبالد حتى فرونسا رحــنا و جينا‬
‫ماسمحنــــاش في نســـانا و والدينا" و يقول آخر "تبدلت الحية ‪ ،‬بكري كان‬
‫الولد يخمم في والديه قبل ما يتزوج و دورك كل واحد يخمم و يفكر في مص لحتو‬
‫برك"‪ .‬و يضيف آخر "قريت فالجامعة سبع سنين و راني خدام في شاركة وطني ة ‪،‬‬
‫تزوجت و شريت مسكن بصح مازلت ساكن مع والديا ‪ ،‬الح اج م ا زال يحكم و‬
‫الحاجة مازالها واقفة"‪.‬‬
‫يقول مبحوث آخر " ولدي ربعين عام باه تزوج هجر و راح للصحرة باش ص اب‬
‫خدمة ‪ ....‬مين كنت قده كنت خاضي زوج نسا مالقري كنت قليل"‪.‬‬
‫وتقول إحدى المبحوثين "نبغي نسكن وحدي ‪ ...‬مبال ماغ عاقلة نسكن معاهامعليش‬
‫‪ .....‬ندي دعوة الخير"‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- ROCHER, Guy, Introduction a la sociologie générale, Le changement social, Paris, Edition Hm, , 1968,‬‬
‫‪P33.‬‬

‫‪36‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫تقول إحدى المبحوثتين ‪ " :‬أنا ولدي إيطار كبير في الدولة ‪ ،‬ربعين عام و اكثر و‬

‫هو صايم على الزواج و مين تزوج فطر على جرانة ‪ .......‬ج ابلي وح دة م ا‬

‫تعرفش تفتل الطعام ‪ ،‬بطاطا ما تقليهاش مليح ‪ ......‬مسكين وليدي"‪.‬‬

‫و يقول مبحوث آخر " أنا كنت نخدم قاع النهار نحرث و نحص د أو مك انش لي‬
‫موايان نصور ربعة دورو أو ولدي اليوم س تيلو و زوج بوطون ات ي دي ع رام‬
‫دراهم ‪ ....‬شواال هذا ‪ ......‬يوك ل في والده في فيال زوج إيت اج غي مام اي و‬
‫الدانون ‪ ....‬بصح عايش في الهم و الزقا و المرض و قلة الصحة ‪ ....‬مرتو ق اه‬
‫النهار برا هادي ميزيرية مشي معيشة تاه مرفهين"‪.‬‬
‫و يقول آخر " واراهي المرا تاع الدار اليوم ‪ ...‬مايعرفوا يديروا والو ‪ .....‬الماكال‬
‫بالط سخن و كول" ‪.‬وتقول أخرى "بكري كان الزواج يفرضوه ‪ .....‬دروك الشاب‬
‫يجيبها روحو لدار ‪ .....‬و ال زواج كيندرسوربرايز "‪.‬‬
‫من خالل هذه المحادثات يتضح لنا عدة مؤشرات حــــول التغــير الطارئ‬
‫في المجتمـــع و عوامله‪ .‬كما يتضح لنا مؤشر مقاومة و رفض التغ ير ‪ ،‬كم ا‬
‫نالحظ أنه يوجد عامل واحد مهيمن على تفكير المبحوثين فهم يتحدثون عن ت أثرهم‬
‫بعدة عوامل منها السياسي و الثقافي و اإليديولوجي قبل و بعد اإلستقالل ‪.‬‬
‫إضافة لعامل التعليم و الذين و العامل البيئي و الجغرافي‪ .‬إنها عوامل تعكس أبع اد‬
‫مختلفة مادية ورمزية ‪.‬‬
‫تبين لنا تدخالت المبحوثين مؤشرات التماسك و التضامن والتجانس داخل المجتم ع‬
‫في وجه الظروف و عوامل التغير ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫التماسك العائلي و عالقة األسرة الزواجية للشباب بالعائلة التي ال زالت لها أدوار‬
‫عديدة في المجتمع الجزائري سواء في المدن أو األرياف و الق رى ‪ .‬حيث تق وم‬
‫بالتدخل في اختبارات و قرارات الشباب و تؤثر عليه رغم ما هو علي ه الي وم من‬
‫حرية وإستقاللية ‪.‬‬
‫اتضح لي أن األغلبية من المبحوثين الشباب ال يرفضون التغ يرات العص رية‬
‫الطارئة على المجتمع خاصة في إنعكاساتها على نظام الزواج في المجتمع ك ونهم‬
‫يوائمون بين العادات و التقاليد و متطلبات العصر بالخصوص فئة الشباب الميسور‬
‫الحال‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫كما سجلت أن الكثيرمن الشباب يرون في التغير اإلجتماعي في مجتمعن ا تط ور‬


‫إيجابي يرون أن زواجهم أحسن تطور من زواج اآلباء و األج داد ‪ ،‬األغلبي ة من‬
‫الشباب يرون في التقاليد السالفة للزواج الماضي تخلف ‪.‬‬
‫و تقريبا كل من المبحوثين يرون في الزواج و من خالل تحليل أقوالهم يرون تراجع‬
‫أخالقي و ديني خاصة مرحلة تعارف الشباب لهدف الزواج خارج إطار األسرة أي‬
‫في أماكن العمل و الدراسة و األماكن العمومي ة في المجتم ع ‪ .‬تقريب ا ج ل من‬
‫المبحوثين يوافقون أن على الشاب أن يختار لنفسه شريكة حياته و يتعرف عليها قبل‬
‫الخطبة و أغلبية من الشباب يفضلون الزواج المؤسس على العالق ات العاطفي ة و‬
‫المودة و الثقافة العصرية ‪.‬‬

‫يحاول الشباب التمسك بالدين رغم أنهم يعترفون أن الجانب المادي و التكنول وجي‬
‫أثر كثيرا على أسلوبهم و تفكيرهم في الزواج و التحضير لمراسيمه بطريقة تخالف‬
‫أسلوب العائلة من تــراث و عـــادات و مواقف الوالدين حول الزواج ‪ ،‬والتي‬
‫تنافي مواقفهم و تصوراتهم الذاتية وهكذا يدخل الشباب في تناقضات و خالف ات و‬
‫توترات مع الوالدين و هذا مؤشر صراع في العالقات داخل نسق العائلة و مؤسسة‬
‫األسرة و هو صراع مادي يعكس جوانب إقتصادية كالعم ل ‪ ،‬الس كن ‪ ،‬األج ر ‪،‬‬
‫الــثــروة ‪ ،‬الملبس ‪ ،‬المأكــــل و غيرها من السلع و الخدمات‪.‬‬
‫أكثرية المبحوثين أكدوا على أن الصعوبات الثقافية ‪ ،‬الرم وز و الع ادات و‬
‫التقاليد و طرق التفكير تؤثر في تغير الزواج بالجزائر و أكثر من الجانب الم ادي‬
‫فهو يتحسن مع الوقت ‪ .‬فالزواج مكلف لكن رغم هذا معدالت الزواج في ارتفاع و‬
‫نسبة الطالق في ارتفاع كذلك و معدالت إعادة الزواج في إرتفاع رغم م ا تكلف ه‬
‫ماديا ‪.‬‬
‫إذن العامل الثقافي مهم في تغيرات الزواج‪.‬‬
‫لقد اهتم علماء اإلجمتاع بدراسة موضوع التغير اإلجتماعي كظ اهرة عياني ة‬
‫موجودة في كل مستويات الوجود في المادة الحية ‪ ،‬والمادة الغير الحية ‪ .‬ك ذلك في‬
‫المجتــمعات و "إن أي نسق إجتماعي يحتوي على نوعين من المعطي ات األولى‬
‫تعمل على الحفاظ عليه و ضمان استمراره كالتنشئة اإلجتماعية و الضبط اإلجتماعي‬
‫و نقل اإلرث الثقافي من السلف إلى الخلف ‪ ،‬والثانية تعمل على تبديل ه و تغي يره‬
‫إبتداءا بالتعديل و إنتهاءا بالثورة" ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ -1‬الزغبي محمد أحمد ‪ :‬التغير االجتماعي بين علم االجتماع البرجوازي و علم االجتماع االشتراكي‪، .‬ط‪،2‬بيروت‪ ،‬دار الطليع ة للطباع ة‬
‫والنشر‪ ،1982 ، ،‬ص ‪.34‬‬

‫‪38‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫و يعتبر ل ويس ه نري مورق ان ‪ Morgan‬من األوائ ل األنتروبولوج يين‬


‫األمريكيين الذين قاموا بصياغة نظرية في التطور اإلجتماعي‪ Social change‬عام‬
‫‪ 1922‬و كانت دراسته لظاهرة التغير طريقة علمية جديدة ترى أن الثقافة المادية أو‬
‫التكنولوجيا تسبب التغير االجتماعي مع اعترافه بالعوام ل األخ رى و تس اندها و‬
‫تفاعلها فيقول "إن التكنولوجيا تسبب التغير االجتماعي و لذلك تك ون االختراع ات‬
‫الميكانكية عوامل علية في التغير االجتماعي" و باإلضافة إلى وليام أجبرون ‪ ،‬يرى‬
‫‪1‬‬

‫مكيفر أن دراسة التغير االجتماعي " إنم ا تنص ب أساس ا على بحث العالق ات‬
‫اإلجتماعية التي تكون متوازنا متغيرا منفصال عن الثقافة ال تي تجس م نفس ها في‬
‫المنتجات الباقية لمجتمع تتغير عالقته االجتماعية باستمرار"‪.‬‬
‫الحظت من خالل المقابلة تركيز الشباب حول العام ل التكنول وجي و تط ور‬
‫وسائل االتصال التي تؤثر في نسق األسرة و تنظيم الزواج في حياتهم‪،‬مثل السيارات‬
‫وألجهز المنزلية اإللكترونية‪،‬االن ترنت‪،‬الهوات ف‪،‬الكم رات واألدوات الموس يقية‬
‫وغيرها من الوسائل التي تساهم في تغيير عادت األفراد‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نظريات التغير االجتماعي و الزواج‪.‬‬


‫لقد صاغ علماء اإلجماع عدة نظريات في تفسير التغير االجتماعي أهمها نظري ات‬
‫كونت و سبنسر و ماركس‪.‬‬
‫و سميت هذه النظرية بالتطورية في أنها تؤكد على التطور االرتقائي من األشكال‬
‫األدنى إلى األعلى أي أن الحضارات ترتقي من التخلف إلى حال ة التقـــدم و‬
‫التطـــور و النمو و تفسر نظرية كونت التغير االجتماعي ‪"،‬بأنه محصلة النم و‬
‫الفكــري لإلنسان و قد صاغها في قانون المراح ل الثالث بأنه ا اإلرتق اء من‬
‫أساليب الفكر الالهوتي الديني إلى األسلوب الميتافيزيقي إلى األسلوب الوضعي" ‪ ،‬و‬
‫‪2‬‬

‫يصاحب هذا التقدم تغير في النظم اإلجتماعية و اإلقتصادية و الثقافية و م ا يفس ر‬


‫تغير ظاهرة الزواج في المجتمعات من الزواج الديني إلى الزواج في إطاره القانوني‬
‫للمجتمع و ما نلمسه عند الشباب من تغير في الزواج و ما نلمسه عند الش باب من‬
‫تغير في تصوراتهم و تمثالتهم عن الزواج و أساليبهم في الزواج ‪ .‬كت أخير س ن‬
‫الزواج حتى سن محددة أو مرحلة إجتماعية معينة ‪ .‬مثال بع د إنه اء الدراس ة و‬
‫الحصول على العمل أو بعد الحصول على سكن إنفرادي أهو هجرة محددة الوجهة‪.‬‬

‫‪ -1‬غيث محمد عاطف‪ :‬التغير الإجتماعي و التخطيط‪.‬السكندرية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،1965 ،‬ص ‪.43‬‬

‫‪ - 2‬الجوهري محمد ‪ ،‬علياء شكري‪،‬علي ليلة‪ :‬التغير االجتماعي‪.‬اإلسكندرية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،1995 ، .‬ص ‪.350‬‬

‫‪39‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫أما نظرية سبنسر في التغير اإلجتماعي فكانت أكثر دقة و تحدي دا ‪،‬فهي مبني ة‬
‫على بيانات أمبيريقية غير أن تحليله النموذجي يعتم د في النهاي ة على نظري ة و‬
‫وجهة بنقد و رفض علمي منذ أمد بعيد ‪،‬فهو يعتقد أن في التطور الش امل و ي رى‬
‫هناك إنتقاال شامال من حالة تجانس مطلق و غير مستمر إلى حالة ال تجانس مح دد‬
‫و مستقر‪.‬‬

‫كما يرجع كارل ماركس أسباب التغير اإلجتماعي إلى العامل الم ادي للمجتم ع‬
‫بإعتباره المحرك األساسي لكل عملية تغير ‪ ،‬والتي ت ؤدي إلى ح دوث تغ يرات‬
‫متعاقبة في جوان ب المجتمع كما هو الحال بالنسبة لسن الزواج و طول مدة التحضير‬
‫و عدد حفالت الزفاف و تقديم المهور و إرتفاع تكاليف مراسيم و طقوس الزف اف‬
‫التي عرفت تغير بفعل ظروف إقتصادية مادية متغيرة‪.‬‬

‫هناك من يرجع أسباب التغير اإلجتماعي إلى العامل الديني فهو مح رك ال م ادي‬
‫رمزي للتغير اإلجتماعي فتنوع األديان و تباينها يؤثر في مفهوم الزواج لدى األفراد‬
‫و يغيره في ظل تسامح األديان رغم التطور التكنولوجي ال زالت األديان و الشرائع‬
‫تعمل على نشر صور مختلفة للزواج عبر الزمن ففي الشريعة اإلسالمية جاء قول ه‬
‫تعالى "فانكحوا ما طاب لكم من النساء" سورة النساء اآلية الثانية ‪ ،‬أما في المسيحية‬
‫جاء في كتاب بولس "لكل واحد امرأته و لكل واحدة رجلها" ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫أما في الشريعة اليهودية جاء في المادة ‪ 16‬من مجموعة بن شمعون "إن الزواج‬
‫‪.2‬‬
‫فرض على كل إسرائيلي"‬
‫يؤكد بعض علماء االجتماع على وج ود عوام ل مختلف ة ت ؤدي إلى التغ ير‬
‫اإلجتماعي مثل "أجبرون" و "سوروكين" يجمعون بين العوامل المادية و الالمادية في‬
‫إحداث التغير مع إختالف سرعة كل عام ل على اآلخ ر "فيعت بر أوج برون أن‬
‫التغيرات التي تحدث في الثقافة المادية و لذا يحدث تخلف ثقافي" و ه ذا ص حيح‬
‫‪2‬‬

‫فكثير من اآلباء و األجداد في العائلة التقليدية الجزائرية يرفضون سلوكات الش باب‬
‫في إستعمال التكنولوجيا في الزواج و حفالت الزفاف مثل الك امرات ‪ ،‬إس تعمال‬
‫الهاتف النقال‪ ،‬الكورتاجات الخاصة بالسيارات الشبانية و موسيقى الديسك جوكي (‬
‫‪ )DJ‬فهناك جيل يرى في الشباب و طرق زواجه ال أخالقية و منافي ة للع ادات و‬
‫التقاليد التى يراها الشباب عبارة عن تخلف و أفكار تجاوزه ا ال زمن و يج دون‬
‫صعوبة في االلتزام بتعاليم اإلسالم في ما يخص تنظيم الزفاف‪.‬‬

‫‪ - 1‬سرور محمد شكري ‪:‬نظام الزواج في الشريعة اليهودية و المسيحية‪.‬القاهرة‪ ،‬دار النشر الثقافية‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪ -2‬مختار الهوا ري عادل ‪:‬التغير االجتماعي والتنمية في الوطن العربي‪.‬اإلسكندرية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية ‪، ،‬ص‪.46‬‬

‫‪40‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫يعترض سوركين فكرة اجبرون و يعمد إلى عدم تقسيم الثقافة إلى قسمين بل البد‬
‫من تناسق أجزاء الثقافة و عدم فصلها‪.‬‬
‫باإلضافة إلى هذه النظريات نجد النظرية الوظيفية والتي ترتب ط أساس ا بأعم ال‬
‫دوركايم "و الفكرة األساسية فيها هي أن األجزاء المختلفة للبناء اإلجتم اعي تعتم د‬
‫على بعضها داخليا و من تمت فهي تتوازن ذاتيا إلى حد ما " ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫و ما تبين لي ميدانيا في واقع مجتمعنا داخل نسق العائلة و األسر التقليدية س واء‬
‫الحضرية أو الريفية التي تقاوم التغير و الحداثة و تقاطعه مقابل انفتاح الشباب على‬
‫العصرية داخل مختلف أنساق المجتمع في المصنــع أو الجامعــة أو النشــاط‬
‫السياسي و الثقافي و عندما يتزوج يرفض اآلباء مبادئ الشباب الحديث ة في بن اء‬
‫أسرته لكن بعد مدة من العالقات يتنازل اآلباء عن رفض هم و يتحلى الش باب عن‬
‫إصرارهم و يحدث إنسجام و توازن و يتم نجاح الزواج و تقبل التغير الحاصل بفعل‬
‫تضافر عدة عوامل مترابطة ‪.‬‬
‫إذا كان التغير االجتماعي من السمات التي عرفتها المجتمع ات اإلنس انية من ذ‬
‫نشأتها حتى عصرنا هذا حتى أصبح من القوانين المرتبطة بعضوية المجتمع الالزم‬
‫لبقاء النوع اإلنساني فإن الواقع أثبت أن عملية التغير مجرد إضافة بعض المعايير و‬
‫األنماط و العالقات ‪،‬إضافة كمية و إقصاء جانب منها فالزواج عرف عدة تغ يرات‬
‫تمثلت فعال في إختفاء بعض السمات الثقافية و القيم اإلجتماعية و ظهور أخرى مع‬
‫ممارسات أفكار من إبداع الشباب جعل مفهوم ظاهرة الزواج في المجتم ع يتح ول‬
‫إلى عدة تمظهرات جديدة معدلة و مكيفة حسب الواقع اليومي المعاش الذي يتفاع ل‬
‫فيه الشباب لتحقيق أهدافهم و احتياجاتهم‪ ،‬كأفراد في المجتمع فاعلين في عملي ات‬
‫التغير الذي يراعى فيه عملية الزيادة و التعديل الكيفي في جوانب ثقافي ة متنوع ة‬
‫ترتبط بجملة من التحوالت في سيرورة الحياة اإلنس انية في النم اذج و األنم اط‬
‫المعيشية ‪،‬و مادام التغير مرتبط باألبعاد اإلنسانية فإنه حتما يتأثر بها و يؤثر فيه ا‬
‫من خالل عدة عوامل متداخلة فيما بينها ‪.‬‬
‫و قد تساءل علماء اإلجتماع في الماضي عن أي العوامل الذي يحكم عملية التغ ير‬
‫في الظاهرة اإلجتماعية مركزين في ذلك على عوامل اقتصادية مثل حركة التصنيع‬
‫و التكنولوجيا العالمية المنتشرة إذا صح هذا هل يمكن إرج اع تغ ير ال زواج في‬
‫مجتمعنا لهذه العوامل فقط ؟‪.‬‬
‫"في علم االجتماع المعاصر تم تبني على العموم عدة وجهة نظر أكثر نس بية و‬
‫ذلك بنسبة مزدوجة في المقام األول حتى أولئك الذين يرك زون على عام ل معين‬

‫‪ -1‬مختار الهواري عادل‪ :‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.62‬‬

‫‪41‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫يعترفون أن التغير اإلجتماعي هو منتوج لعوامل متعددة تتفاعل فيما بينه ا في نفس‬
‫الوقت و تؤثر بعضها في بعض و برغم من هذا التعدد فإنه ال يكون لهذه العوام ل‬
‫نفس الثقل عندما تباشر بعض العوامل تأثير أقوى من تأثير عوام ل أخ رى إال أن‬
‫االتجاه اليوم أصبح مع التوازن النسبي للعوامل مع األخذ بعين اإلعتب ار تأثيره ا‬
‫المتبادل " ‪.‬و من خالل هذا التحليل نستنتج أن ظاهرة الزواج تؤثر فيها عدة عوامل‬ ‫‪1‬‬

‫بحيث ال يمكن تفسير ما أحدثه الشباب الجزائري من تعديالت في عادات ال زواج‬


‫راجع للعامل المادي فقط ‪.‬‬
‫يعتبر العامل االقتصادي من بين العوامل الهام ة في تفس ير ظ واهر التغ ير‬
‫اإلجتماعي حيث يرى ماركس ‪":‬أن عملية اإلنتاج اإلجتماعي تجعل األفراد يدخلون‬
‫في عالقات محددة تلك العالقات بغض النظ ر عن إرادتهم و هي تط ابق مرحل ة‬
‫معينة من تطور القوى المادية لإلنتاج " بمع نى أن العــامل اإلقتــصادي‬
‫‪2‬‬

‫يتحــكم في الحياة اإلجتماعية و السياسية و الفكرية لألفراد و المجتمع‪.‬‬


‫العامل اإلقتصادي يتكون أساسا من الوسائل التكنولوجية و يحدد التنظيم اإلجتماعي‬
‫لإلنتاج الذي يعني العالقات التي ينبغي على الناس الدخول فيها و تنم و العالق ات‬
‫مستقلة عن اإلرادة اإلنسانية يعني هذا التوجه أن تغيرات النسق في نسق القراب ة و‬
‫عالقته بالعائلة و بناء األسر النووية على أساس أنماط و ظواهر جديد في المجتم ع‬
‫ال دخل لألجيال في النسق الزوجي في نسج العالقات التي ينسجونها و الس لوكيات‬
‫التــي يمـــارسونها مثال الس يارة المـزودة بكــل التـقـنـيات و‬
‫المؤهالت اإللكترونية هي التـــي جعلت حفالت الش باب الس ريعة في أج واء‬
‫المدينة‪ .‬و أن اآلالت الموج ودة في محالت الطع ام الس ريع و محالت المالبس‬
‫الجاهزة ‪ ،‬هي التي غيرت شهية األكل و نوع موضة المالبس التي يرتديها األقارب‬
‫الذين يضمنون نجاح عرس زواج في المجتمع بنسج روابط و سلوكيات إجتماعي ة‬
‫معينة و محددة في الزمان و مكان الظاهرة‪.‬‬
‫و حسب كارل ماركس البناء التحتي أي البناء اإلقتصادي هو ال ذي يح دد و‬
‫يشكل البناء الفوقي ‪،‬أي يشكل مختلف التنظيمات الموجودة في المجتمع من سياسة و‬
‫أخالق و قانون أي بشكل البناء اإلجتماعي ككل‪ .‬بمعنى أن مؤسسة األسرة ال يمكنها‬
‫التحكم في القانون و السياس ة و األخالق و ال دين وعالق ات القراب ة ‪ ،‬فالبن اء‬
‫االقتصادي هو الذي يتم أوال ثم يؤدي إلى التغ ير في البن اء الكلي و نقــصد‬
‫بالعامل االقتصادي طبيعة العمل ‪ ،‬الدخل و السلع مثال ارتفاع أسعار الملبس والمأكل‬
‫و هذه العوامل تعتبر ضرورية في استقرارا لزواج و بناء األس ر و "أي تغ ير في‬
‫‪1‬‬
‫‪Rocher, Guy: Op cite, P82.‬‬
‫‪ -2‬مختار الهواري عادل‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.59‬‬

‫‪42‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫االقتصاد أو أي تغير في الدخل يمكن أن يؤثر في األسرة أو األنماط األسرية" هذه‬


‫‪1‬‬

‫األخيرة وبفعل التصنيع لم تعد وحدات إنتاجية فـي المجتـمع و فــقــدت‬


‫الكـثيــر من وظائفها و تقلص حجمها و قوتها المحركة في النسق الكلي للمجتمع‬
‫و الفرعي‪.‬‬
‫يقول ويليام جود في هذا الصدد "أنه كلما اتسع نطاق النس ق االقتص ادي من‬
‫خالل التصنيع تضعف روابط القرابة الممتدة و تتفكك أنماط وحدات البدنة و يظهر‬
‫هنالك ميل إلى قيام شكل من أشكال النسق ألزواجي"‪ 1.‬فاالنتعاش االقتص ادي في‬
‫مجتمع الوفرة يؤدي إلى تحسن أحوال الدخل الفردي وخاصة فئ ة الش اب ال ذي‬
‫يتقاضى أجور هذا يشجع على الزواج و بناء أسر زواجية ‪.‬‬
‫إذن رغم كل التغيرات التي تحدث داخل نطاق األسرة و خارجها يرجعها أصحاب‬
‫النظرة اإلقتصادية إلى العامل و المستوى المادي و إنعكاسه على العالقات النس قية‬
‫المتنوعة و أثرها على نسق القرابة و الزواج المتأثر بظروف المعيشة و نمط العمل‬
‫واألجر المالي‪ ،‬إال أن هذه العوامل ال تعتبرالوحيدة أو المهيمنة فهناك عوامل أخرى‬
‫المادية في نظر مجموعة من العلماء مثل العامل الثقافي‪.‬‬
‫إن الثقافة تتنوع باختالف المجتمعات و خصائصها فإختالف الثقاف ة ي ؤدي إلى‬
‫إختالف األفكار و التصورات القيم و العادات و التقاليد و غيرها من العوامل ال تي‬
‫يمكن أن تشكل ميكانزمات التغير في المجتمع و "الثقافة تعت بر عام ل للمنافس ة‬
‫اإلجتماعية بما ينتج عنها من صراع فكري بين الفئات المختلفة في المجتم ع مم ا‬
‫يؤدي إلى حدوث تغير إجتماعي جديد" ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫ترى نظرية الصراع الثقافي أن التناقض يتبع من داخل المجتمع و ت ؤدي ه ذه‬
‫التناقضات حيث ما أزيلت إلى تغيرات إجتماعية فيه "أي يتسم حسم الصراع بأنه ا‬
‫جانب من العالقات الثقافية لحساب عنصر آخر و يكون ذلك إما باستبدال عناص ر‬
‫جديدة ‪ ،‬أو بتنمية العنصر الغالب في الثقافة" ‪ ،‬فالشباب الجزائري اليوم يعيش حالة‬
‫‪3‬‬

‫تناقض في القيم مع جيل اآلباء داخل نسق القرابة و األسرة و العائلة ‪.‬‬
‫يظهر هذا جليا من خالل محاولة فرض الشباب أفك ارهم و ثق افتهم و مس تواهم‬
‫المادي خاصة فيما يتعلق بموضوع الزواج و بناء أسرة و تخصيص الس كن ‪ .‬مثال‬
‫إختيار الشاب الجامعي الذي يستقل بعمل بعد التخ رج و محاولت ه ت زويج نفس ه‬
‫بأسلوب إختياره الخاص كثيرا ما يواجه معارضة من ط رف األولي اء معارض ة‬
‫مبدئية خاصة إذا تنافى اختياره و أسلوبه مع عادات و تقاليد العائلة خاصة التقليدية ‪.‬‬

‫‪ -1‬الخولي سناء‪ :‬األسرة و الحياة العائلية‪ .‬اإلسكندرية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية ‪ ،1993،‬ص ‪. 130‬‬
‫‪ -2‬الدقس محمد‪:‬التغير االجتماعي بين النظرية والتطبيق‪،‬عمان‪.‬دار المجدالوي‪ ،1996،‬ص ‪.146‬‬
‫‪ -3‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.154-153‬‬

‫‪43‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫فتصادم القيم بين األب و إبنه حول الزواج يؤدي إلى صراع حول بن اء األس رة‬
‫الجديدة بين عصرية الشباب و محافظة اآلباء على النم ط التقلي دي ‪ ،‬فثـقـافة‬
‫الشـباب العصرية الناتجة عن التطور التكنولوجي و الصناعي و نمو التعليم مقابل‬
‫ثقافة اآلباء التي ال زالت تقاوم التغيرات الطارئة في المجتمع ‪ ،‬هذا التقابل يؤدي إلى‬
‫ظهور نوع جديد من العادات و السمات الثقافية بعد تواصل جيلي يدوم زمن مح دد‬
‫يتنازل فيها الطرفان عن بعض القيم حتى يتمكن من حسم الصراع و التخفي ف من‬
‫وترته فيـتم زواج الشباب بالتوفيق بين حداثة الشباب و تشبث الكبار بقيم زم انهم‬
‫الماضية و هذا ينتج نمو في الثقافة و تطور في ثقافة الزواج و تغيره و يختلف تقييم‬
‫التغير حسب المجتمع و نمطه ‪.‬‬
‫إذ أن تدخالت اآلباء في قرارات أبنائهم حول الزواج و بناء أس رة ‪ ،‬نج د ل ه‬
‫تفسير في السياق الثقافي التاريخي للمجتمع و محاول ة الش باب ف رض آرائهم و‬
‫مواقفهم حول ظاهرة ال زواج له ا مبرراتــها العصــرية المتمـثلة في‬
‫تغيـــرات المجــتمـــع الصناعية و التكنولوجية و السياسية ‪.‬‬
‫إنه صراع ال ينخفض داخل النسق إال مع تغير داخل النسق و هذا م ا يؤك ده‬
‫كارل ماركس في نظرية المادية التاريخية حيث يشدد أن تاريخ المجتمع ات مب ني‬
‫على تاريخ الصراع بين الطبقات و هو صراع مبني على التناقض ‪.‬‬
‫ويؤدي التنافس والصراع على التصادم الفكري و إلى خلق نظم جديدة في المجتمع‬
‫فقد أدى تحديث المجتمعات إلى اكتساب الشاب مكانة مرموقة في المجتمع و دور و‬
‫وظائف تحسن بها مستوى الشباب الذي أصبح له مفهوم مختلف عن الحياة بحيث ال‬
‫يقبل سلطة أب العائلة الذي تراجع دوره و هيمنته على الحياة اإلجتماعي ة ألف راد‬
‫األسرة فالعالقة بين األب و إبنه الشاب تنتج نظم و أنماط و ع ادات و قيم جدي دة‬
‫حول بناء األسر الحديثة ‪ .‬يرى فيها الشاب مصالحه الشخصية و استقالليته الفردية‬
‫في المجتمع الجزائري الذي أصبح يتــجه فـي العشـريات األخيرة نحو المبادئ‬
‫الرأسمالية و الليبرالية المنتشرة موجاتها في العالم‪.‬‬
‫يرى ماركس أن الصراع يؤدي إلى نشأة نظام جديد مثل صراع أس ياد األرض‬
‫مع عبيدهم في النظام اإلقطاعي ‪ ،‬أدى هذا الصراع إلى نش أة نظ ام جدي د ه و‬
‫الرأسمالي الذي فرض في العالم سيادة جديدة و هيمنة سياسية لطبق ات إجتماعي ة‬
‫محددة تفرض ثقافتها على المجتمع في كل المجاالت اإلجتماعية ‪.‬‬
‫إذن العامل الثقافي مهم في إحداث التغيرات اإلجتماعية إضافة إلى هذا العام ل‬
‫هنالك العوامل السياسية و الطبقية و اإلديولوجية التي تؤثر على كل أنساق الجزئية‬

‫‪44‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫ه‬ ‫للمجتمع بما فيها نسق الزواج و القرابة و عالقاته الداخلية والخارجية ‪ ،‬وتبادالت‬
‫التساندية و النسقية المختلفة منها النسق السياسي‪.‬‬
‫يلعب العامل السياسي دورا هاما في فرض السلطة على المجتمع من خالل طبق ة‬
‫إجتماعية معينة أو تيار معين أو حزب سياسي معين و ه ذا من خالل إديولوجي ة‬
‫مهيمنة تنظمها و تسيرها أجهزة الدولة بآليات ضبطية معينة مث ل وس ائل اإلعالم‬
‫الثقيلة الموجهة ‪ .‬إن األهمية البالغة التي توليها مختلف الدول لقضية اإلعالم بأشكاله‬
‫و صوره المختلفة المرئي و المسموع و المقروء و الصامت ‪ ،‬و تخصيص المب الغ‬
‫الطائلة للمؤسسات المتخصصة بهذه العملية و كذلك بعمليات التنشئة االجتماعية أي‬
‫وزارات اإلعالم ‪ ،‬الثقافة‪ ،‬التربية و التعليم ‪....‬إلخ ‪ ،‬إن هو إال عملية إعتراف بدور‬
‫الوعي في عملية التغير اإلجتماعي‪.‬‬

‫فقد لعب اإلعالم في الجزائر دورا كبيرا بتنمية وعي الشباب حول الزواج الح ديث‬
‫العصري و بناء أسرة الزواجية النووية و هذا ال يتحقق للشباب إال بع د الحص ول‬
‫على سكن و عمل و إتمام دراستهم العلمية لرفع مس تواهم الثق افي فالدراس ة و‬
‫الشهادة العلمية هي مفتاح الحياة اإلجتماعية األسرية للشباب‪ ،‬بحيث أص بح الي وم‬
‫التعليم نشاطا رسميا يؤثر بقوة في المجتــمـع الحديــث و ش رط تحض ره و‬
‫نموه بفضل فـتــح فروع التعلـيم و التخصص العلمي أمام الجنسين دون تم يز‬
‫مع إدماجهم في عملية التنمية االقتصادية للبالد أي أن المجتمع الص ناعي الح ديث‬
‫يتيح الحق لألفراد التعليم من المرحلة االبتدائي ة إلى الجامعي ة و الحص ول على‬
‫منصب عمل حسب شهادة التخرج ‪.‬‬
‫إن ما أثر على المكانة االجتماعية للشباب في المجتمع و جعل منه الفاع ل األول‬
‫في العالقات االجتماعية بعد أن كان ال يملك أي سلطة عائلية من قبل و خض وعه‬
‫للسيطرة األبوية يصبح بعد تلقي التعليم و التمهين أكثر تحررا في تصرفاته و منهم‬
‫من يراعي حدود العادات و التقاليد و فيهم من يدوس عليها بحكم تحضره بحضارة‬
‫غربية أوربية مع اكتسابه مكانة بفضل دخله المرتفع و األجر الذي يتلقاه مقابل عمله‬
‫الذي يحوله من فئة إلى فئة أخرى عالية ‪،‬حيث يتخ ذون ق رارات ح رة خاص ة‬
‫بزواجهم و ال يجد اآلباء سوى القبول بمواقفهم بعد فترات زمنية مرحلية يقتنع ون‬
‫بخيرات أبنائهم و كثيرا ما يكون إختيار الشاب الزواجي من خالل الوسط الجامعي ‪.‬‬
‫حتى الوسط الثانوي في حيات الشباب الدراس ي و من خالل التمهين وعملهم و‬
‫من خالل أحيائهم السكانية التي يعيشون فيها‪ .‬أي أن الشباب يتأثرون ببيئتهم الجديدة‬
‫االجتماعية و يقومون إنطالقا منها من تغير عادات و تقاليد أسرهم تخص ال زواج‬
‫مثل تأخير و تأجيل سن الزواج ‪ ،‬تمديد فترة التعارف و عملية االختبار و أخــذ‬
‫‪45‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫قـــرار الخطبة التـي أصبحت تدوم مدة طويلة ‪ ،‬تغ يرت حفالت ال زواج و‬
‫مصاريفه ‪ ،‬أي أن الشباب تغيرت نظرتهم للزواج بعد اكتسابهم ثقافة معينة ناجم ة‬
‫من تغيرات المجتمع خاصة في العشريتين األخيرتين ‪،‬التي أصبح فيها الشباب ينتقد‬
‫التقاليد و العادات و يغير الكثير منها و يقصيها و يعوضها بعادات و قيم أخرى من‬
‫إبداعه الثقافي و مستواه العلمي و المهـني الذي أصبـح يفـرض على الش باب‬
‫مغادرة العائالت و األسر أو السفر و الهجرة ألج ل الدراس ة والعـمــل في‬
‫مناطــق بعـيـدة تخـتـلف بيـئيا و جغرافيا عن محيط المنطقة التي نشأ فيها‪.‬‬
‫يقول أحد المبحوثين و هو إطار سامي "درت حفلة زواجي تفاهمت م ع م رتي‬
‫غاشينا نديرولهم حفلة نتي في الدشرة و أنا خيمة في المنطقة تاعن ا‪ ،‬م ا نق درش‬
‫نجيبهم للشراطون ‪ ،‬درت حبابي و صحابي و خوتي" ‪ .‬يظهر جليا في ه ذا الكالم‬
‫أهمية العامل الجغرافي على تغيرات ظاهرة الزواج و عالقة التغير بالعوامل البيئية‬
‫المختلفة‪ ،‬و التي " تشمل جمي ع الظ واهر الفيزيائي ة ال تي ليس ت من ص نع‬
‫اإلنسان" ‪،‬و أي تغير حاصل في البيئة هو بفعل ظواهر طبيعية مث ل ال زالزل و‬ ‫‪1‬‬

‫البراكين و ليس لإلنسان أي إرادة تتحكم فيها بل هي التي تتسبب في تغ ير أنم اط‬
‫حياته اإلجتماعية في المجتمع‪.‬أثبتت الدراسات األنثربولوجية‪ ،‬أهمية ه ذا العام ل‬
‫الجغرافي في تشكيل حياة اإلنسان والمجتمع "خاصة جانبه الثقافي و المورفولوجي ‪،‬‬
‫إعتبار أن تغير تلك الحياة اإلنسانية هو إستمرار و تفاعل اإلنسان مع بيئته مما أدى‬
‫إلى إحداث آليات تتجدد من خاللها طبيعة التفاعل و التمازج بين العالقات و القيم و‬
‫األفكار" ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫لقد أحدث التعديل في الظروف الجغرافية إلى فرض تغيرات مثال تفكك الحالة‬
‫العاملة في الزراعة إذا هاجرت إلى المدن الصناعية فإن حجمها يص بح أص غر و‬
‫بالتالي تتفكك الحياة الريفية التقلـيديــة و تظهـــر حيـاة المدينة العصرية و‬
‫يسبب هذا تغيرات أسرية و نظام الزواج و حفالت الزفاف ‪.‬‬
‫يقول أحد المبح وثين ‪" :‬ش وف ه اذو نع رفهم مليح والد ال دوار قاعديــن‬
‫مكشــوفـــين في طابلةياكلو في الكريم و بومبرغر (هوم برغر) و الكفت ة‬
‫(طبق لحم) و بنتهم سيفيليزي ‪ ،‬كان باباهم يطلع القيطون و حده و يفرش الزربية و‬
‫القطايف (الحصير) و مهم كانت الحاجة ربي يرحمها تتربع و تفتل طعام العرس و‬

‫‪ - 1‬دالسي أحمد ‪ :‬سلسلة الوصل‪:‬التغيرات األسرية و التغيرات االجتماعية‪ .‬ج‪ ،1‬العدد ‪ ، 2‬جامعة الجزائر‪ ،2006-2005 ،‬ص ‪.37‬‬
‫‪ - 2‬غيث محمد عاطف‪ :‬دراسات في علم االجتماع التطبيقي‪،‬اإلسكندرية‪ .‬دار المعرفة الجامعية ‪ ،1989 ،‬ص ‪.195‬‬

‫‪46‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫تزيد تصدق ‪ ....‬قاع ما تعرفششايالي صال دي فات ‪ ....‬يا خيجي ل ‪ .....‬الج ال‬
‫(مرهم الشعر) و الدد يجي كي (‪"." )DJ‬قاعدين زاهيين شعب الرقص و هز لكتاف‬
‫‪ ....‬س محو ق اع في الفال ح ة ‪ ....‬زعم ا ق اريين ج امعيين ‪ .....‬ق اريين‬
‫العــمى ‪ ....‬ال آداب ال تعليم كالتهم المدينة ‪ ....‬كالو الغلة و س بو المل ة ‪....‬‬
‫كثرو الدراهم ‪ .....‬الشبعة الجديدة"‪.‬‬
‫اهرة‬ ‫من خالل كالم المبحوث تظهر كل مؤشرات التغير في الجزائر من خالل ظ‬
‫الزواج التي عرفت تغيرات عديدة خاصة لدى فئة الش باب حيث أص بح تص ور‬
‫الزواج للشباب يمثل ثقافة جديدة في نظر جيل اآلباء ‪ .‬تشمل تغيرات أحدثتها عوامل‬
‫ذكرها المبحوث عفويا وعـــي العامل اإلقتصادي و السياس ي و اإلجتم اعي‬
‫(العائلي) و الثقافي و التعليمي ‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬النظريات اإلجتماعية الثقافية لإلختيار الزواج‪:‬‬


‫التناسب و التجانس اإلجتماعي و التوافق هو الذي تقوم عليه النظريات اإلجتماعي ة‬
‫على الثقافة كأساس في االختيار للزواج باإلضافة إلى الحياة المجتمعية التي تق رب‬
‫بين الناس بما يوجد بينهم من التكافؤ و التشابه أو التجانس كأمور أولى في اإلختيار‬
‫‪ .‬و الواقع أن الشروط اإلجتماعية و تفضيالت التناسب شائعة على ألسن الناس في‬
‫تقاليدهم و هو شائع في األمثلة الشعبية "حتى تزاوجو حتى تش ابهو" على حــد‬
‫تعـبير أحد المبحوثين‪.‬‬
‫و يقول آخر " هي توالمو و هو يوالمـها" و التشـــابه و الموائمة تــؤدي إلى‬
‫التـنــاغم و التكامل و تخفيف التوترات داخل النـســق الزواجـي "‪.‬‬
‫ربما يكون حدوث المنافسة و الصراع و التوتر " بس بب إختالف ات الحاج ات‬
‫‪1‬‬

‫المتغيرة التي يقوم عليها اإلختيار للزواج الذي يتغير هدفه حسب تطلعات و آمال و‬
‫إشباعات األفراد في النسق اإلجتماعي ‪.‬‬

‫‪ - 1‬الخوري نسيم‪ :‬الزوج‪ :‬مقاربة نفسية اجتماعية‪.‬بيروت‪ ،‬دار المنهل اللبناني ‪ ،2008 ،‬ص‪.92‬‬

‫‪47‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫هذا الجانب من صورة التكامل في إختيار الزواج لدى الشباب "و هو جانب يظه ر‬
‫التباينات الحاصلة بين المجتمعات و يكاد يبطل هذه النظرية ألن المجتمعات ليس ت‬
‫مؤهلة في تراثاتها الثقافية إلشباع حاجات أبنائها و خاصة التقليدية منها" ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫كما جاء في دراسة قام بها "(روبرت ونش) حول ال زواج و ارتباط ه بمتغ يرات‬
‫إجتماعية مثل السن‪ ،‬الجنس‪ ،‬الدين‪ ،‬األصل الع رقي‪ ،‬الق رب المك اني‪ ،‬الوض ع‬
‫داد‬ ‫اإلجتماعي اإلقتصادي ‪ ،‬التعليم والوضع الزواجي السابق و خرج بفكرة األض‬
‫تنجذب لبعضها بمعنى أن الشخص ينجذب أو يحد به الشخص الذي يختلف عنه في‬
‫الخصائص و هو ما عبر عنه روبرت ونش بالحاجة المكملة" ‪ .‬وهي بحاجة عنصر‬
‫‪2‬‬

‫اإلشباع و الرضا رغم أن الفرد تحكمه متغيرات إجتماعية توجه سلوكه اإلختي اري‬
‫للزواج و لكونها متناسقة متداخلة تؤثر فيه بقوة و تحدث تغ يرات إجتماعي ة له ا‬
‫قوانينها الضابطة "و لكن عندما نصل إلى المستوى النفسي أو العقلي و إلى البواعث‬
‫و الحوافز الفردية فإن اإلختيار للزواج يميل إلى أن يكون عوامله أسبابا متمم ة أو‬
‫مكملة أكثر منها عوامل التجانس والتماثل" أخبرني أحد المبحوثين أن صديقه "جاب‬
‫‪3‬‬

‫وحدة زرقة بغونات صحراوية و هو بلوندو ‪ ....‬قالتله أمه به دلتنا جبتلن ا وح دا‬
‫ول‬ ‫مصديا ‪ ،‬شايقولو بني عمك ‪ ....‬قعد يبكي في عرسوقالولو ماشي شابة"‪ .‬و يق‬
‫مبحوث آخر "تعرفت بها هي قبايلية ‪ ....‬والديا أما قالتلي ما تتقلقش ‪ ...‬بشويابشويا‬
‫والفوها" ‪" ،‬المهم مسلمة كيفنا قاع جزاير"‪.‬‬
‫إنها مؤشرات التشابه و التجانس في الجنس أي الموطن و العرق و هي من األمور‬
‫المهمة في اختيار شريك الحياة ‪ .‬فهمت من الشباب أثناء المقابالت الميدانية أن نسبة‬
‫جد كبيرة منهم ال يهتمون للجنس والعرق أثناء عملي ة التع ارف األولى للتمهي د‬
‫للخطبة ‪ ،‬لكن تدخل اآلباء بين أن األغلبية منهم يولون أهمية للجنس ية و الل ون و‬
‫العرق و األصل و الساللة ‪ .‬أخبرتني مبحوثة أن أباها قال لها ‪":‬الطفل ع ربي ‪....‬‬
‫الفرق‬ ‫أرفضه ألنه عربي" و تقول المبحوثة "تعرفت عليه خمس سنين ماحسيتش ب‬
‫‪ -1‬الخوري نسيم‪:‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪ - 2‬أحمد البيري الوحيشي‪ :‬األسرة و الزواج‪:‬مقدمة في علم االجتماع العائلي‪.‬طرابلس‪،‬الجامعة المفتوحة‪ ،1998 ،‬ص‪.350‬‬
‫‪ -3‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.351‬‬

‫‪48‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫بينا ‪ ....‬والديا ما بغاوش ‪.....‬ياخي قاع بنيادم مهم يفهمني و مقدرني " و في ه ذا‬
‫الصدد إن إختيار الشريك كان ال يتم سابقا من خالل الوئام العاطفي الذي ال يتن افى‬
‫مع الجنس و العرق المختلف ما دام الشباب يعيش حر في مجتمع يشرع له حقوق ه‬
‫في اختيار شريكة الحياة التي تناسبه دون إكراه ابوي "‪.‬‬
‫إنه من الجدير اإلشارة إلي أن التحول من الضبط األبوي إلى حري ة الف رد في‬
‫اإلختيار لم تقض تماما على سلطة الوالدين " عموما ف إن الن اس ي تزوجون ألن‬
‫ة بين‬ ‫الزواج هو النمط اإلجتماعي الذي يجد قبوال واسعا و مشروعية إلقامة عالق‬
‫الجنسين كنوع من العفة و النقاء و التــعــاون من أجـــل اإلبقـاء على‬
‫الحياة و الوالدية و الحياة المنزلية المستقرة و القيم المتشابهة" ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫من خالل كالم المبحوثين نجد أن التناسب والتـشابــه و التـجانس و التكامل‬


‫في الجنس و العرق و العقل و الدين و الطبقة و الس ن و المي ول و الرغب ات و‬
‫الصحة و المحيط كلها مؤشرات تدل متغيرات معق دة ت ؤثر على تغ ير أس لوب‬
‫اإلختيار في المجتمع الواحد‪.‬‬
‫الحظت أن الشباب ال يهمهم في لزواج المستوى التعليمي خاص ة البن ات ال ذين‬
‫يهتمون أكثر بالتدين و األخالق و الذكاء في أسلوب الحياة ‪ ،‬أما اآلباء بالعكس تماما‬
‫فهم يشددون على عامل التعليم و الثقافة في عملية إختيار أبنائهم للزواج‪.‬‬
‫يقول أحد المبحوثين "أنا عامل بسيط نيفو تارمينال و هي أستــاذة تعارفــنـا‬
‫قبلت بيا" و يقول آخر "أما جابتلي معلمة قارية فاهمة تعاونك ش وية ب اش تعيش ‪،‬‬
‫تخرج ‪ ،‬تحوس ما يصرالكش كيما حنا " ‪.‬‬
‫نستخلص من كالم المبحوثين أن زواج الشباب الي وم ال يهتم بتع ارض قيم ه أو‬
‫زواج‬ ‫مصالحه مع جيل اآلباء الذين يهتمون بالمعايير اإلجتماعية و حتى النفسية لل‬
‫في المجتمع حسب القيم السائدة فيه ‪.‬‬

‫‪ -1‬الخولي سناء ‪ :‬أزمة السكن و مشاكل الشباب‪ .‬اإلسكندرية‪،‬دار المعرفة الجامعية ‪ ،2002 ،‬ص‪.123‬‬

‫‪49‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫و هذا ما ذهبت إليه نظرية القيم في الزواج التي تف ترض أن ‪" :‬أن األش خاص‬
‫الذين يشتركون في نفس الخلفيات اإلجتماعية يتعلمون و يحافظون على نفس القيم" ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫فاألفراد ذوي القيم المتماثلة يتفاعلون في ش به من العالق ات التواص لية فيك ون‬
‫اإلختالف و التصادم حول المتغيرات المادية قليل ‪.‬‬
‫الحظت من خالل المبحوثين عكس هذا فإختالف القيم بين اآلباء و األبناء ح ول‬
‫الزواج فيه كثير من الخالف لكنه يتقهقر شيئا فشيئا مع تجاوز مراح ل التحض ير‬
‫للزفاف يقل التصادم رغم إختالف القيم في النسق القرابي بين األجي ال‪ ،‬و بالت الي‬
‫الرغبة تبدو جليا بين اآلباء و األبناء في التفاهم و توطيد العالقات مع األسرة ال تي‬
‫يريد أبناءهم التصاهر معها و هذا يكون عالقات صداقة ينجم عنها اإلختيار للزواج‬
‫رغم التناقضات اإلجتماعية و الثقافية الموجودة بينهم ربما تكون هذه العالقات مبنية‬
‫على المصلحة إال أن اإلشتراك في القيم الذي ال يأتي هكذا دفعة واحدة ب ل ي أتي‬
‫بالتدرج الذي يقرب أوال الشاب و الشابة الذين تعرفا على بعضهما ‪ ،‬ثم تقرب م ع‬
‫والديهما ثم التقرب يجمع كال األسرتين المختلفتين إجتماعيا ‪.‬‬
‫إذن اإلشتراك في القيم يوطد العالقات و يجعلها مستمرة على عالقات صداقة بعيدة‬
‫عن التصادم و هذا عكس ما ذهبت إليه نظرية التبادل في اإلختيار للزواج التي ترى‬
‫أن اإلختيار عبارة عن صفقة تجارية أو نوعا من المقايضة و المساومة التي يحتمل‬
‫فيها الربح و الخسارة‪.‬‬
‫ة‬ ‫لقد أكد لي تقريبا كل من المبحوثين عن البعض ‪ ،‬أنهم تزوجوا بمرأة عامل‬
‫ول‬ ‫بسب مساعدتهم في تكاليف الحياة فاألجر له دوره في الزواج ‪ ،‬و بناء أسرة يق‬
‫أحد المبحوثين "شهرية الزوجة تساعدني ‪ ....‬يا قانيي يا باردي"‪.‬وهذا كلها مؤشرات‬
‫ائالت‬ ‫تدل عن مدى تأثر الثقافي بالتغيرات اإلقتصادية‪ ،‬لكن األفراد خاصة في الع‬
‫يندفعون للدفاع عن قيمهم ومبادئهم في عالقاتهم اإلجتماعية ‪ ،‬فيتجادلون ويتحاورون‬

‫‪ - 1‬أحمد البيري الوحيشي‪:‬المرجع سابق‪.350،‬‬

‫‪50‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫ويتوافقون ويعدلون من قيمهم لتتكيف مع الواقع المتجدد‪،‬ويؤدون وظائفهم على أكمل‬


‫وجه‪.‬‬
‫إذا إختالف األفراد في العائلة حول الزواج ينتج عنه تغير في تحقيق عملية الزواج‬
‫داخل العائلة ‪،‬من دون أن تفقد العائلة قيمها ومبادئها وسماتها الثقافية‪،‬بل يتم التجديد‬
‫للتوافق مع التغيرات الطارئة في المجتمع‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬شباب بين العزوبة وتأخير سن الزواج‬


‫المطلب األول‪:‬أهمية زواج الشباب‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫أوال‪ -‬األهمية الدينية واألخالقية‪":‬اسم الزواج يعني على السواء زوج أو نك اح‪ ،‬و‬
‫كلمة نكاح من مصدر قرآني يوحي إلى محاسن النشاط الجنسي لكن في إطار اتصال‬
‫شرعي بين الرجل و المرأة"‪. 1‬‬
‫يقول أحد المبحوثيـن"الزواج مليح ‪ ....‬متعة للرج ل" و يق ول آخ ر "تخ رج‬
‫معاه ‪ ....‬تعارف حرام ؟ ‪ ...‬ما نصش عليه الدين الحنيف" و يقول آخر " ال زواج‬
‫نصف الدين" و يقول آخر "بعد الفاتحة نعقد عليها م ا ع ايش الزي ارات"‪" ،‬قب ل‬
‫الفاتحة ‪ ....‬ال ال ‪ ."....‬و يقول آخـــر "الخبيثـــون للخبيث ات و الطيب ون‬
‫للطيبات"‪.‬‬
‫و يقول آخر "التخوبيت مشي مليح ‪ ...‬ش وف الني ة الص الحة ‪ ...‬بنت فاملي ا‬
‫متدينة ‪....‬بنت عايلة شريفة ‪ ....‬أسرة عفيفة ‪....‬صلة الرحم ‪ ...‬عايلة ‪ ...‬مودة و‬
‫رحمة‪ ،‬طاعة الوالدين ‪ ...‬تفرحهم" ‪ ،‬تقول أخرى "أحنا مرابطين ن دوا من بعض نا‬
‫بعض" ‪.‬‬
‫و يقول آخر ‪" :‬الراجل الشرع حلله" و يقول آخر "المرا اطي ع أوام ر راجله ا و‬
‫تخدمو ‪ ...‬تصونه في حضوره و غيابه‪...‬دعوة الخير تـاع الشوابين" و يقول آخر‬
‫"بركة الجدود و الولية ‪ ...‬خالفة اهلل" ‪.‬‬
‫نالحظ من خالل هذه المؤشرات التصورات البعد الديني للزواج لدى الشباب لك ني‬
‫الحظت أن الشاب المقبل أو المتزوج حديثا ال يحسنون فقه الزواج ‘ إنه ا أفك ار‬
‫تشكلت حسب رأيي من خالل ترسبات أفكار دينية شعبية المتنافية مع أصول الفق ه‬
‫الرسمي و هذا ما أكده لي أحد األئمة في أحد المساجد إذ يقول "الشباب عن دو ني ة‬
‫الزواج ‪ ...‬مظاهر بعيدة على الدين و الفقه و آداب الزواج في اإلسالم"‪.‬‬
‫كما نالحظ من خالل كالم المبحوثين و جود مؤشر مهم في تمثل ال زواج و ه و‬
‫نسق العائلة و األسرة و حتى الطائفية المرجعية و هذا يدل على أن الزواج قض ية‬
‫عائلية جماعية ‪.‬‬
‫إضافة أني الحظت مؤشر التفرقة الذكرية و دونية الفتي ات فيم ا يخص ال زواج‬
‫العائلي هو تابع لقرارات الرجال أو رب األسرة الذي ال ي زال تابع ا في إنتمائ ه‬
‫للعائلة ‪ ،‬وجماعة األقارب‪ ،‬و الدينية مثل الطرق الصوفية أو الجماعات السلفية‪.‬‬
‫على العموم يظهر أن توجه الشباب يرى في الزواج رابطة مقدسة سامية قبل كل‬
‫شيء و الحظت أن األغلبية من الشباب يرى التعارف قبل الزواج بنية الزواج أحالم‬
‫حتى و لو كانت مدة تدوم سنوات و هذا تغير في عالقة نسق الزواج في المجتم ع‬
‫الجزائري‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- TALBI, Radia :Les attitudes et les représentations du mariage chez la jeune fille algérienne,‬‬
‫‪Alger ; .Enal,1984, P37 .‬‬

‫‪52‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫ثانيا‪ -‬أهميةالزواج في تجديد المجتمع ‪:‬تكمن أهمية الزواج في إتحاد بين األفراد‬
‫"على أنه اتحاد جنسي بين الرجل و المرأة ‪ ،‬إتحاد يعترف به المجتمع بواسطة إقامة‬
‫حفل خاص"‪ 1‬يتمتع به األفراد في المجتمع و يتفننون فيه و يتجملون كما أنه يشتمل‬
‫على الترفيه على النفس "على التأهب للبلـوغ في الشهـــوة التناسلية و من‬
‫تــم للتمتـــع بالحيــاة العائــلية و تكوين أسرة أساساها التعاون و إحصان‬
‫الزوجين و المحافظة على األنساب"‪.2‬‬
‫يقول أحد المبحوثين"الزواج تع ارف ‪ ...‬إتح اد‪ ،‬ه و يكمله ا و هي تكمل ه ‪...‬‬
‫ليتوالمو‪ "...‬ويقول آخر "تقبل سلبيات و إيجابيات الطرف اآلخ ر"‪ ،‬و ق ول آخ ر‬
‫"المرأة العاملة ما يتحكمش فيها الراجل ‪ ...‬الوالدين يحكمو" و تقول مبحوثة"الزواج‬
‫تقاسم مسؤولية ‪ ،‬مشاركة ‪ ،‬فداء" و تقول أخرى "الشاب يختار لروحو ‪ ...‬مس توى‬
‫ثقافي و المعيشي جانب اقتصادي مكلف‪."...‬‬
‫و هذه كلها مؤشرات عن العالقات االجتماعية التي ينسجها األفراد في المجتمع من‬
‫خالل نظام الزواج‪.‬‬
‫كما تبين لي جليا أن الشباب ال يتحدث عن بناء أسرة خاصة ‪ ،‬الذين هم في مرحلة‬
‫التعارف الطويلة و لم يستقروا عمليا و تكوين مهني‪ .‬بل يتحدثون كون الزواج حياة‬
‫مشتركة مؤشر التعاون و التماسك مع العائلة لتحقيق الزواج و طموحات مس تقبلية‪،‬‬
‫وأنه فقط األقلية منهم يتحدثون بمؤشر البيت ‪ ،‬السكن ‪ ،‬و أغلبهم يعبر كما يق ول‬
‫أحد المبحوثين"انديروا دار" و ال يتحدثون عن دور الزوجة و الزوج إال قليال بعد أن‬
‫أسألهم عن ذالك الدور أو ذاك‪.‬‬
‫"الزواج يعد عالقة اجتماعية جوهرية و هو من الناحية التاريخية يعد أول عقد في‬
‫شبكة العالقات التي تتيح لمجتمع معين أن يؤدي نشاطه المشترك"‪ 3‬داخ ل اإلط ار‬
‫األسري و هو ربط لعائلتين في النسب لتوسيع دائرة القرابة و هو أس اس الحي اة‬
‫االجتماعية و استمرارها ‪ .‬عن طريق البناء األسري و تحديده باستمرار ‪ ،‬ال زواج‬
‫الذي يكون قائما على أساس روابط شرعية معترف بها من طرف المجتمع ‪.‬‬
‫الحظت أن البنات أكثر دراية و معرفة حول أهمية الزواج بالنسبة للشباب‪ ،‬تق ول‬
‫مبحوثة"كل واحدة حلمها تتزوج و تدير دار"‬
‫و تقول أخرى "ادير دراري و تربيهم" وتقول أخرى ""‬
‫وتقول أخرى "الرضا ‪ ،‬إنجاب ‪ ....‬مساندة"‬
‫وتقول أخرى "إلتزام بالحقوق و الواجبات"‬
‫‪ -1‬رضا كحالة عمر‪:‬الزواج‪.‬ط‪، 3‬ج‪،1‬بيروت‪ ،‬مؤسسة الرسالة للطباعة و النشر ‪ ،1984 ،‬ص ‪.09‬‬
‫‪ - 2‬العربي بلحاج ‪ :‬الوجيز في شرح القانون الجزائري‪.‬الجزائر‪ ،‬ديوان‪ .‬المطبوعات الجامعية‪ ،1988 ،‬ص ‪.31-30‬‬
‫‪ - 3‬بن نبي مالك ‪:‬ميالد مجتمع‪ :‬شبكة العالقات االجتماعية ‪ .‬ترجمة‪ :‬عبد الصبور شاهين‪،‬ط‪،3‬ج‪ ،1‬الجزائر‪ ،‬مطبعة النخلة‪ ،1986 ،‬ص‬
‫‪.52‬‬

‫‪53‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫وتقول أخرى "حياة و أفكار مشتركة"‪.‬‬


‫وتقول أخرى "يتشاورو على والدهم ‪ ....‬مسؤولية األم"‪.‬وهذه مؤش رات مش اعر‬
‫األمومة‪،‬تدل أن الزواج اليعني عند الشباب فقط األحوال المالية‪.‬‬
‫أما الشباب فتبين أن أكثر من نصف يرون أن الزواج يقرره العائلة و الوالدين بعد‬
‫توفر تكاليف المالية و السكن و العمل وهم يفضلون اختيار فتاة و التعارف و االتفاق‬
‫على الزواج وتأسيس أسرة في حالة تحسن األوضاع االجتماعية‪.‬‬
‫إنه مؤشر المركز االجتماعي‪ ،‬كما أنها تعت بر الن واة األولى لك ل التنظيم ات‬
‫االجتماعية‪ 1"،‬و الشاب الذي يقرر الزواج معناه بناء أسرة‪.‬‬
‫فهدف الزواج هو تكوين أسرة و يعتبر الزواج ظاهرة اجتماعية "و هدف أساسي و‬
‫هام بالنسبة لمعظم أفراد المجتمع إذ يتزوج الغالبية العظمى من الناس في وقت ما ‪،‬‬
‫ونسبة المتزوجين تزيد عن ‪90‬بالمئة في أي مجتمع من المجتمعات ‪ ،‬والزواج ليس‬
‫عقد شركة مساهمة بين ذكر و أنثى من أجل استثمار طاقتهما الجنس ية أو بقص د‬
‫إشباع رغبتهما أو دوافعهما الغريزية ‪ ،‬ضمن إطار األشكال و القواعد التنظيمي ة ‪،‬‬
‫بل يجب تصوره على أنه عقد معاهدة ذات أبعاد دينية و دنيوية"‪.2‬‬
‫فاتجاه الناس نحو الزواج ليس هكذا فقط أو بدون غرض معين ب ل ل ديهم مس اع‬
‫يسعون لتحقيقها من وراء الزواج و سوف نحاول التطرق إلى البعض منها‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬أهمية الصحة البدنية و النفسية‪ :‬إن اإلنسان كائن اجتماعي بطبعه ‪ ،‬فه و‬
‫مدني بالطبع كما يقول ابن خلدون ‪ ،‬فبعد أن كان يعيش في وسط أسرته و المتكونة‬
‫من والديه و إخوته و بعد إعطائه الحنان و المحبة له في الوسط األسري‪ ،‬أصبح ال‬
‫يمكن له االستغناء عن الدفء و الحنان العائلي و بالتالي يفكر في ال زواج ال ذي‬
‫"يوفر للفرد جوا نفسيا يحقـق األلفــة و الدفء المنزلي و المساندة العاطفي ة من‬
‫شريك العمر ‪ ،‬فالفراغ العاطفي ال يمكن ملؤه إال بالزواج الذي يؤدي إلى فك العزلة‬
‫العاطفية بالتكامل النفسي بين المرأة أو و الرجل فينشأ استقرار نفسي و راحة وسكن‬
‫روحــي و مــودة ورحـمة بينهما بعي دا عن القـلـق و االض طرابات ‪،‬‬
‫وبالتالي كل هذه العوامل تساعد على مواجهة أزمات و صعوبات الحي اة بالتفاع ل‬
‫‪3‬‬
‫اإليجابي الناضج أمام المواقف المختلفة بتدخل العقل و الحكم ة أوال ثم العاطف ة"‬
‫تزيد الشاب قوة و تماسكا‪.‬‬

‫‪ - 1‬المقدم مها سهيل ‪ :‬المجتمع القروي بين التقليدية والتحديث‪ ،‬بيروت‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع‪ ،1995 ،،‬ص‬
‫‪.87‬‬
‫‪ - 2‬سعد عبد العزيز ‪ :‬الزواج والطالق في قانون األسرة الجزائري‪.‬ط‪ ،2‬الجزائر‪،‬دار البعث‪،1989، ،‬ص‪.81‬‬
‫‪ - 3‬عياش صباح ‪ :‬اختيار مقاييس تكافؤ القرينين و التغير اإلجتماعي الثقافي‪( ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة)‪ ،‬معهد العلوم‬
‫االجتماعية‪ ،1995، ،‬ص‪.31‬‬

‫‪54‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫فالهدف الرئيسي يوفر للفرد الراحة و الطمأنينة و هذا يتحقق باالحترام المتبادل بين‬
‫الزوجين مما يساعد على استمرار الحياة الزوجية و إمدادها بالقوة و التماس ك بين‬
‫الزوجين و هو مهمة في سن الشباب و سلوكه األبوي‪.‬‬

‫يتمثل الهدف األخالقي في إشباع الرغبات الجنسية في إطار شرعي هو ال زواج و‬


‫االبتعاد عن الشذوذ بالتمسك باألخالق الحميدة التي تجعل من اإلنسان فردا مرتفع ا‬
‫عما يدنس إنسانيته و مبادئه في الحياة‪ .‬فقد خلق اهلل اإلنسان بفطرة تدفعه إلى الميل‬
‫إلى الجنس اآلخر‪ ،‬وقد جعل الدين اإلسالمي هذا الميل مشبعا عن طري ق ال زواج‬
‫المشروع و االتصال المباح ‪ ،‬فالزواج يعمــل علـى ضبـط العالقة الجنسية بين‬
‫المرأة و الرجل في حدود شرعية ‪ ،‬و يحدده و يحصره بين الزوجين فقط ‪.‬‬
‫إننا نالحظ أن ظاهرة الجنس أصبحت متفشية في المجتمعات العربية و اإلسالمية‬
‫مثلها مثل المجتمعات الغربية فأصبح الفرد يتبع نزواته و شهواته الجنسية في إطار‬
‫غير شرعي ‪ ،‬وهذا ما قد يفسد المجتمع و يؤدي ب ه إلى االنحالل و ب الرغم من‬
‫التحرر أو التحلل الذي أصاب مجتمعات عدة بخصوص س هولة و يس ر إرض اء‬
‫العالقات الجنسية خارج نطاق الزواج ‪ ،‬إال أنه ما زالت هناك الكثير من التحفظات‬
‫االجتماعية لمثل هذه اإلرضاءات‪ ...‬و بعد الزواج فإن هناك ضغطا أكثر قوة في أن‬
‫تقتصر اإلرضاء الجنسية على العالقات الزواجية المشروعة ‪ ،‬فالمطالب و الغريزة‬
‫البيولوجية ال يمكن أن تتحقق إال بزواج شرعي الذي يضمن السكينة و االطمئن ان‬
‫في نفوس األزواج لحياة الفضيلة والكرامة‪.‬‬
‫إن هدف الزواج الصحي يكمن في المحافظة على سالمة الجسم من األم راض و‬
‫خاصة األمراض الجنسية كالسيدا‪ ،‬و هذه األمراض تأتي نتيجة العالق ات الجنس ية‬
‫الغير مشروعة أو ما يسمى بالزنا ‪ ،‬و قد نهى اهلل تعالى عباده االقتراب من الزنا في‬
‫قوله "و ال تقربوا الزنا ‪ ،‬إنه كان فاحشة و ساء سبيال "‪ 1‬سورة اإلسراء اآلية (‪)32‬‬
‫‪ ،‬و هــــذا لمــــدى خطـــورة هذا المرض عند إصابة اإلنسان به‪ ،‬و‬
‫الواضح أن مثل هذه األمـــراض تــزداد انتشارا يوما بعد يوم‪ ،‬فحسب منظمة‬
‫الصحة العالمية التابعة لهيئة األمم المتحدة جاء "إن األمراض التناسلية ق د ازدادت‬
‫انتشارا بصورة وبائية نتيجة لشيوع العالقات غير الشرعية بين الشباب و الفتي ات‬
‫العازبات في الكثير من الدول و ال سيما بين الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين‬
‫‪ 15‬و ‪ 19‬سنة ‪ ،‬و عزت المنظمة أسباب هذه الظاهرة إلى نقص النظام في الحي اة‬
‫العائلية و الجهل بطبيعة و وظيفة الجنس"‪ ، 2‬ف األمراض الخط يرة الناتج ة عن‬
‫‪1‬‬
‫‪.-‬القرآن الكريم‪،‬سورة اإلسراء‪،‬اآلية‪32‬‬
‫‪ -2‬يوسف آفاق‪،‬محمد حسن‪:‬أهداف األسرة في اإلس الم و التي ارات المض ادة ‪ .‬ط‪،2‬ت ونس‪ ،‬دار بوس المة للطباع ة و النش ر‪ ،1985 ،‬ص‬
‫‪.114-112‬‬

‫‪55‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫العالقات الجنسية فشل الطب في عالجها‪ ،‬لهذا نجد أن اإلسالم ح ذر الش باب من‬
‫الوقوع في مثل هذه األخطاء‪ ،‬و أن اإلسالم حث الفرد على الزواج من أجل حمايته‬
‫من كل هذه األمراض ‪" .‬و حماية المجتمع من هذه األمراض الفتاكة التي تسري بين‬
‫أفراده ‪ ،‬إن هم ابتعدوا عن العفة و أحجبوا عن ال زواج الش رعي و أقبل وا على‬
‫الزنا"‪.1‬‬
‫عبر القرآن الكريم عن الزواج بلفظ اإلحصان ‪ ،‬فالحصن هو القلعة ‪ ،‬واإلحص ان‬
‫يعني المتحصن داخل القلعة ‪ ،‬و المتزوج يقال له "محصن و المرأة المتزوجة تسمى‬
‫محصنة يعني أنها دخلت في حماية هذا الحصن ‪ ،‬الذي بني لحماية أخالقها و صون‬
‫نفسها في حالة زواجها"‪ ،2‬حيث يق ول تع الى في س ورة المائ دة اآلي ة (‪")05‬و‬
‫المحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أتوا الكتاب من قبلكم إذا أتيتموهن‬
‫أجورهن محصنين غير مسافحين و ال متخذي أخدان"‪ . 3‬فعلى الشاب أن يص ون‬
‫نفسه صحيا حتى يعيش حياة اجتماعية مستقرة‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬المحافظة على النوع اإلنساني‪ :‬إذا كان الزواج في الماضي نظاما دينيا بحتا‬
‫فقد أصبح اليوم في أكثر دول العالم نظاما قانونـــيا و أهمية الزواج االجتماعية‬
‫أنه هو أســاس البيــت و األسرة و أساس البنوة و النسب و العالقات الناتج ة‬
‫عن كل ذلك و ما ستتتبعه من حقوق و واجبات متبادلة ‪ ،‬ونستطيع أن نقس م ه ذا‬
‫الهدف إلى هدفين فرعيين‪:‬‬
‫عن طريق الزواج يتــم إنجاب األطفال و تربيتهم و رعايتهم ‪،‬إذ قال تعالى "و‬
‫?دة"‪ 4‬س ورة‬ ‫?ا و حف?‬
‫اهلل جعل لكم من أنفسكم أزواجا و جعل لكم من أزواجكم بنين?‬
‫النحل اآلية (‪ ، )72‬أي أن إنجاب األطفال يؤدي إلى استمرارية الحي اة "فاإلنس ان‬
‫يحب البقاء ‪ ،‬و يعتبر تكاثره امتدادا له ‪ ،‬فمن الثابت علميا أن اإلنسان مطبوع على‬
‫حب البقاء ‪ ،‬و من إيجابيته أيضا الحصول على أبناء و حفدة‪،‬وهذا يعني توس ع في‬
‫حجم األسرة والعائلة ‪ ،‬فاألب يرى شبابه في شباب ابنه متجددا‪ ،‬و األم ترى شبابها‬
‫في شباب ابنتها تجديدا لحياتها و كيانها ‪ ،‬وهذا الميل حاجة طبيعي ة "‪5‬يتم يز به ا‬
‫اإلنسان إذ يقول تعالى " و الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا و ذريتن??ا ق??رة‬
‫أعين"‪ 6‬سورة الفرقان اآلية (‪.)74‬‬

‫‪ - 1‬العربي بختي‪:‬التربية العائلية في اإلسالم‪ ،‬الجزائر ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،1991،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ - 2‬آيت سي علي شفيعة‪:‬اختيار الشريك و نظام الزواج في األسرة الجزائرية‪( .‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة)‪ ،‬معهد العلوم‬
‫االجتماعية ‪،‬جامعة الجزائر‪،1993-1992 ،‬ص‪.28‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬القرآن الكريم‪،‬سورة المائدة ناآلية‪- 5‬‬
‫‪4‬‬
‫‪،‬القرآن الكريم‪.‬سورة النحل اآلية ‪- 72‬‬
‫‪ - 5‬التومي محمد ‪ :‬نظام األسرة في اإلسالم‪ ،‬الجزائر‪ .‬شركة الشهاب للنشر والتوزيع‪ 1996 ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪6‬‬
‫القرآن الكريم‪:‬سورة الفرقان‪،‬اآلية ‪. 74‬‬

‫‪56‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫فعن طريق الزواج الشرعي يستطيع الفرد أن ينجب أطفاال شرعيين ‪ ،‬وبالت الي‬
‫المحافظة على عائلته و نسبها و استمرارها عبر األجيال ‪ ،‬فاإلنسان وحدة المجتم ع‬
‫فبزواله يزول المجتمع بأكمله‪.‬‬
‫إنشاء عالقات اجتماعية عن طريق الزواج سوف يتم إنشاء عالقات بين الزوجين‬
‫أو باألحرى بين العائلتين‪ .‬تلك العالقات سوف تؤدي حتما إلى توسيع نطاق القرابة‬
‫و النسب و بالتالي تتحول من دائرة ضيقة إلى دائرة موسعة فتتوسع العالق ات بين‬
‫األفراد في جو يسوده التعاون "‪.‬‬
‫الزواج وسيلة لتحقيق أهداف اجتماعية نافعة تضمن للمجتمع تضامنه و تماسكه و‬
‫ترابطه بروابط و عالقات قوية ومتينة"‪ .1‬تؤدي به إلى التلقين الصحيح لألبناء القيم‬
‫و المعايير االجتماعية داخل المجتمع ‪" ،‬فالزواج بص ورة عام ة أس اس الحي اة‬
‫‪2‬‬
‫االجتماعية و عمادها األول ‪ ،‬وغايته إنشاء رابطة للحي اة المش تركة و النس ل"‬
‫وتنشئة األجيال حتى يكون أفراد و شباب صالح لخدمة المجتمع و الوطن‪.‬‬
‫تبين لي من خالل المقابالت أن الفتيات أكثر دراية و معرفة بثقاف ة ال زواج من‬
‫الشباب‪،‬وكل المبحوثين ركزوا على األخالق والقيم خاصة البر بالوالدين و العائل ة‬
‫بمؤشر "الوالدين‪،‬الشوابين"‪"..،‬الشباب اليوم يبغوا يفرحوا الوالدين"‪"..‬الطاعة "‪"..‬تربية‬
‫الوالدين"‪"...‬دعوة الخير"‪"..‬الحياء"‪"..‬مأصلة"‪" ..‬األخالق دين تاعنا"‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تغير نظرة الشباب للزواج‬


‫لقد عرف الزواج نظرة جديدة عن تلك التي كانت سائدة من قبل فقد ك ان ال زواج‬
‫نظام اجتماعي واآلن صار عبارة عن عالقة تبادلية تقتضي التوافق واالنس جام بين‬
‫المعنيين بمشروع الزواج كمشروع اقتصادي مع مصالح تقنع الطرفين وهذا تغ ير‬
‫هام في نسق الزواج ‪،‬اهتم بالبحث في واقعه كثير من الباحثين مثل الدراسة التي قام‬
‫بها "بيرجيس بعنوان ( األسرة من نظام إلى صحبته) والتي عرض فيها التح والت‬
‫في النظرة للزواج في الواليات المتحدة األمريكية وأثبتت كي ف تغ يرت النظ رة‬
‫للزواج عن سابق عهدها بحيث صار األفراد ينظرون للزواج بمنظار آخر وأهداف‬
‫ودوافع أخرى تختلف كما كانت عليه من قب ل وفي ه ذا الس ياق نج د أن بعض‬
‫الباحثين قد فضلوا تفسير هذا التغير بفكرة االنتقال من نمط ال زواج التس لطي إلى‬
‫الشكل الديمقراطي وتبرير ذلك خالل التغير في القيم المصاحبة للزواج"‪.3‬‬
‫‪ -1‬كافيا طارق إسماعيل ‪:‬الزواج األسري‪،‬الجزائر‪ ،‬دار الشهاب للطباعة و النشر‪ ،1985 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ -2‬المقدم مها سهيل ‪ ،‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.88‬‬
‫‪ -3‬الخولي سناء ‪:‬األسرة والحياة العائلية‪ ،‬ص ‪.118‬‬

‫‪57‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫فالمجتمع لم يعد يمارس ضغوطا على األفراد خاصة الشباب للزواج المبك ر ب ل‬
‫صار مؤشر العزوف واالمتناع عن الزواج ال يشكل مشكل لدى كثير من الش باب‬
‫وال يلومهم أحد في ذلك‪.‬‬
‫تقول مبحوثة مؤكدة هذا الكالم "تقولك عاله نتزوج ن دير راج ل يحكم في ا راني‬
‫عايشه‪ ،‬ليبارتي‪...‬ناكل نلبس نخرج ويصرفو عليا‪....‬نعيش البال في‪. "...‬‬
‫وتقول أخرى عن التعارف " دوك لوالد قاعدين والشيرات هوما اللي يخربو فيهم"‪.‬‬
‫لقد أكد لي المبحوثين ‪،‬أن الشاب إما يتسبب بأفكاره المكتسبة وي دخل في ص راع‬
‫مبادئ وقيم مع أهله وآباءهم في األسرة أو أنه يتخلى عن أفكاره السابقة ويتبنى قيم‬
‫تقليدية أو يوازن بين قيمه الحديثة وقيم األسرة ويختار أحسنها‪ .‬وجدت أن األغلبية‬
‫تقريبا ‪،‬من الشباب الذين أجريت معهم المق ابالت الميداني ة يفض لون الموازن ة‬
‫والتشاور والتعلم من آبائهم خاصة األمهات ويفاوض ون وينف ذون م ا يرون ه ال‬
‫يستجيب وال ينفع حياتهم‪ ،‬ويقصون ويتخلون عن كل قيمة تهدد عالق اتهم م ع من‬
‫اختاروهم‪ .‬فالشباب ال يضحي بمرحلة تعارف واختيار دامت سنوات طويلة وخطبة‬
‫رسمية بني عليها أحالمه الرومانسية بمجرد تصادمه مع قيم تتنافى م ع طموح ه‬
‫ومبادئه‪،‬بل هو يتعلم ويس تفيد بك ل م ا ه و جدي د ون افع لحيات ه األس رية‬
‫المستقبلية‪،‬فتراهم يجادلون ويفاوضون اآلباء‪ ،‬ويطلعونهم ويفس رون لهم نظ رتهم‬
‫للحياة التي تغيرت ‪.‬وأن مرحلة شبابهم تختلف عن مرحلة شباب اليوم‪ .‬وأن حفالت‬
‫الزفاف تقام لسعادة الزوجين الشابين اللذان يرغبان في الحياة المشتركة‪ ،‬التي تحتاج‬
‫أن نتعلم منها في تغير مستمر‪ .‬وفي جو فرحه الزفاف المزمع تنظيمه يتقبل اآلب اء‬
‫أفكار الشباب ويقبلون القيم الجديدة الذين يعتقدون فيها أمال ألبنائهم " يق ول المث ل‬
‫األمريكي‪" :‬إذا أردت أن تتعلم شيئا فقم بتدريسه‪ "1‬وماذا نفعل ونحن نبث تلك القيم‬
‫في أطفالنا أن نتعلمها نحن في نفس الوقت أو تزداد رسوخا في أخالقنا وشخصياتنا‪.‬‬
‫وسلوكنا ويقول أخر " جات بارازار‪ ,‬صدفة في ‪,,,‬كنت انكونيكتي في االنترنت قلتلها‬
‫تتزوجي بيا‪....‬خطبنا وعقدنا‪ "...‬ويقول أخر "قبل الزواج يدير جنة فوق بحر‪...‬هو‬
‫ماعينوا وال و‪...‬حي ا تب دلت م اراهيش كي بك ري" وتق ول أخ رى " أنعيش‬
‫احياتي‪...‬مازلتاصغيرة‪...‬باغي يسكني مع ف‪ 3‬والعائلة؟؟‪...‬ع ازب ح تى يف رج‬
‫ربي‪...."...‬مازلتأصغيرة‪. "...‬‬
‫وتقول أخرى " ليسونسيال أن اوم ماغيي وال سيليباتار‪"...‬‬

‫‪ 1‬جامع محمد نبيل ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.228‬‬

‫‪58‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫يتبين لنا من خالل كالم المبحوثين تغير نظرة الشباب للزواج‪،‬بفعل مؤشر االختي ار‬
‫وتغير مقاييسه وهدف االرتباط ودوافعه التي تختلف عن مقاييس األسرة المتع ارف‬
‫عليها وهذا راجع لفترة التعليم الطويلة والحياة العملية المستقلة التي تجعل الش باب‬
‫يبتعدون عن نظرة الكبار للزواج‪ "،‬ففترة الدراسة طويلة تؤخر اشتراك الش باب في‬
‫أنشطة البالغين"‪ 1‬وهذا ما يساعد على سهولة ومرونة تغير القيم لدى األفراد من فئة‬
‫الشباب ‪،‬فقبل التخرج تكون له أفكار معينة وبعد التخرج يريد الشاب جع ل تعرف ه‬
‫واللقاءات مع الفتاة التي تمناها للزواج رسمية‪ ،‬فتتم الخطوبة وهنا يكتش ف الش اب‬
‫أفكار وقيم جديدة يصدم بها لم يختبرها في حياته الدراسية مما يؤدي إلى طول مدة‬
‫الخطوبة و التي يتم فيها تصفية أفكاره عن الزواج‪.‬‬
‫إن نظرة الزواج الجديدة تعكس التغير الذي مس ذهني ة الش باب ونس ق القيم‬
‫وتصوراتهم الذاتية والمعرفية خاصة التي تخص المجتمع وتقلباته وما هو مالح ظ‬
‫في الجزائر و"تثمين شبابية المجتمع"‪ 2‬فكل مزايا هذه الفئة ترمز إلى حيوية الش باب‬
‫من قوة وحيوية جمال وفكر رغم أن الواقع االجتم اعي على المس توى السياس ي‬
‫واالقتصادي يوحي بالقلق كنسبة البطالة والتسرب المدرسي وأزمة الس كن وت أخر‬
‫سن الزواج‪ ,‬الذي يعتبر مشكل مجتمعي وليس فردي فنظرة الشباب تبقى ذاتي ة لكن‬
‫نظرة المجتمع بكل قطاعه تبقى شاملة‪ ,‬الشباب الذي قرر العزوف أو الت أخير في‬
‫الزواج أو الذي رسم خطة طويلة أو قصيرة المدى لتحقيق الزواج إنم ا نابع ة من‬
‫الضغوط السياسية واالقتصادية الكلية فسوء التخطيط التنموي االقتصادي والثق افي‬
‫هو سبب تغير نظرة الشاب للزواج فغاب مفهوم الزواج كس كن وم ودة ورحم ة‬
‫وعشرة وتعارف‪ ,‬يجمعها عقد روحي شرعي لكن ألسباب اجتماعية وسياسية وثقافية‬
‫واقتصادية أصبح مفهوم الزواج مرتبط بالمهور وغالئها وأزمة الس كن وتك اليف‬
‫زواج‬
‫"ظهرت ثقافة التباهي والتفاخر والشكليات والبذخ لكن رغم ه ذا تبقى النظ رة‬
‫األخيرة والحقيقة للزواج هي تكوين أسرة وإنجاب أطفال ليتعاون الزوج والزوج ة‬
‫بمساعدة أسرتيهم على تربيتهم تربية حسنة ليكونوا ص الحين في المجتم ع لق ول‬
‫‪3‬‬
‫الرسول عليه الصالة والسالم " تناكحوا تناسلوا إني مباه بكم األمم يوم القيامة"‬

‫‪ 1‬الساعاتي سامية حسين‪ :‬االختيار ألزواجي والتغير االجتماعي‪، .‬ط‪،2‬بيروت‪ ،‬دار النهضة‪،1981،‬ص ‪.118‬‬
‫‪ -2‬حمدوش رشيد ‪ :‬المرجع سابق‪ ،‬ص ‪.196‬‬
‫‪3‬‬
‫جامع محمد نبيل‪ :‬المرجع السابق‪،‬ص‪. - 228‬‬

‫‪59‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫المطلب الثالث‪ :‬العائلة التقليدية ومجابهة العزوبة‪.‬‬


‫العزوبة هي بقاء الفرد بدون زواج و هي سائدة في كل المجتمعات بنسب متفاوتة‬
‫أين يصبح الزواج في أوساط الشباب مشروع صعب التحقيق ‪ "،‬وقد يصل ه ؤالء‬
‫إلى سن الزواج وال يتزاوجون ألسباب مختلفة قد تكون اجتماعية أو اقتص ادية أو‬
‫ثقافية كطول فتت الدراسة "‪ 1‬أو عدم االستعداد سواء كان ذلك نفسيا و ص حيا أو‬
‫ظروف مادية معينة‪.‬‬
‫لهذا عمت العزوبة في المجتمعات و هي ظاهرة غير مرغوب فيها داخل ه ذه‬
‫المجتمعات خاصة هذا العربية منها كما هو ملحوظ في مجتمعنا الجزائري "‪ ،‬نضرة‬
‫االحتقار مازالت سائدة ليومنا فالرجل األعزب ال يرحم ‪,‬فكثيرا ما يتحدثون عن سوء‬
‫سلوكه و يكون محط شكوك في محيطه االجتماعي"‪.2‬‬
‫"فيها حاجة""جياح""خبيث"وغيرها من أقوال المبحوثين تؤكد دونية العازب والعازب ة‬
‫الذي يعزف عن الزواج‪.‬‬
‫فالرجل في نظر األسرة و العائلة للحفاظ على مكانته و شرفها فال مكان ة ل ه إال‬
‫بالزواج حتى يتعرف المجتمع به كرجل صالح‪.‬‬
‫كما أن الحث على الزواج ليس هو المقصود منه على الشباب الذي لم ي تزوج من‬
‫قبل إنما هو موجه إلى العزاب و العوانس و الكهول واألرامل من الزوجات ما وسع‬
‫العمر ووجدت القدرة عليه"‪.‬‬
‫أما الفتاة في المجتمع الجزائري كلما طال بقائها بدون زواج زاد قلق أهلها‬
‫العائلي و األسري خوفا من الفضائح و الشكوك و اإلشاعات‪ ،‬التي تتعرض له ا‬
‫الفتات و التي ال مفر منها إال بالزواج ألنه ستار يحميها من ذنب لم تقترف ه‪ ،‬لكن‬
‫سمة العار و الشكوك لصيقة في محيطنا بشخصية الفتات الغير متزوجة‪ ،‬وهي أكثر‬
‫عرضة للوم و النقاش حول أسباب بوارها "‪،3‬ومنه نستخلص أن الف رد ال يكس ب‬
‫مكانة في األسرة و المجتمع‪ ،‬قوية إذا ما كان عازيا ‪،‬إلى درج ة أن االبن الرج ل‬
‫األعزب في المجتمع الجزائري على وجه الخصوص‪ ،‬ال يرث السلطة التي يتمت ع‬
‫بها رجال العائلة من بينهم أبيه ‪ ،‬و ال يكتمل دورة إال بع د ال زواج ألن الرج ل‬

‫‪ 1‬لبد يري مليكة‪:‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪.38‬‬


‫‪ 2‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪ - 3‬لبديري مليكة ‪ :‬المرجع السابق ص ‪.39‬‬

‫‪60‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫رات‬ ‫األعزب عندنا يبق ناقصا أو غير بالغ السن "‪ .4‬و في هذه الفكرة ‪ .‬عدة مؤش‬
‫يقول احد المبحوثين‪:‬‬
‫" كون يزوج‪...‬يكون ديجا شارب عقلوا " أي واعي كمؤشر ضروري ‪.‬‬
‫و تقول أخرى " قرايا‪ ...‬خرجة بخرجة‪...‬تقولك مهم قبل ما نكمل الشهادة الجامعية‬
‫ندي واحد‪ ....‬راجل "‬
‫إن في هذه األقوال مؤشر القلق و الخوف من البوار ‪.‬‬
‫وتقول أخرى " يقولك يفوتني تران " ‪.‬‬
‫وهذه مؤشرخطورة تأخر الزواج لتحقيق األهداف دون خطة محددة األجل‪.‬‬
‫وتقول مبحوثة " طبيبة انأ‪ ...‬متزوج تش‪...‬ما ني أم‪....‬م ا وال و ‪...‬م اكتبش‬
‫ربي ‪ "...‬و هذا مؤشر أن العامل االقتصادي ليس وحده سبب العزوبة‪.‬‬
‫و يقول أب " شبيبة الزم يزوجوها ما تقعدش‪...‬سكن ودراهم ودار ‪...‬صوالح هادو‬
‫يجيو منبعد‪...‬زوجهم‪. "...‬‬
‫تقبال ال‬ ‫كما الحظنا أن الشباب الذي هو في مرحلة التعارف و يخطط للزواج مس‬
‫يهمهم تأخر سن الزواج و العزوبة إنهم يؤخرون سن ال زواج عن وعي ومعرف ة‬
‫إجتماعية‪.‬يقول احدهم " إي يجي في وقته ماناش مقلقين‪ "."...‬كملوا لقرايا ‪ ..‬نخدموا‬
‫و من بعد تتزوجوا‪."...‬وهذا يعتبر مؤشرا لتأخير الزواج عند الش باب عن قص د‬
‫ومعرفة إجتماعية ووعي بالظروف وعامل الزمن وقواعد التغير في المجتمع‪،‬وه دا‬
‫في نضري يمثل قوة وصالبة ثقافة الزواج عند الشباب الجزائ ري لكن رغم ه ذا‬
‫كثير من الباحثين في ميدان العلوم اإلجتماعية ال يق درون كث يرا أفك ار الش باب‬
‫وتصوراتهم فهم يعتمدون إما على اإلحصاء ولغة األرقام الديمغرافية ‪ ،‬أو يق ارنون‬
‫ول‬ ‫الشباب الجزائري بالشباب الغربي‪،‬وإني أرى أن هذه الطرق ال تستطيع الوص‬
‫ع‪ ،‬أو‬ ‫والتعمق في حقيقة المجتمع وتحليل الزواج عند فئة الشباب كما هو في الواق‬
‫أنها تفهم وتحدد عالقات الشباب مع األسرة والعائلة‪.‬‬

‫‪ - 4‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.43‬‬

‫‪61‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫‪2002 1998 1987 1977 1970 1960‬‬ ‫‪1954 1948‬‬


‫‪6, 29 27,6 23,7 20,9 19,3 18,3‬‬ ‫‪19,6‬‬ ‫النساء ‪20‬‬
‫‪33 31,3 27,7 25,3 24,4 23,8‬‬ ‫الرجال ‪25,2 25,8‬‬
‫رى أن الس ن عن د ال زواج في الجزائ ر في الف ترة‬ ‫إن كثيرا من الباحثين ي‬
‫د‬ ‫األخيرة‪،‬شهد تأخرا ملحوظا و هذا لتأثره بعدة عوامل ‪،‬اقتصادية و اجتماعية ‪،‬فق‬
‫انتقل السن عند الزواج من ‪ 20,8‬س نة ‪ 1980‬إلى ‪ 25,9‬س نة ‪ 1992‬بالنس بة‬
‫للنساء حيث بلغ متوسط فارق السن في هذه الفترة ‪ 5‬سنوات ‪( ,‬و قد فاق متوس ط‬
‫سن الزواج في المدن ‪27‬سنة) ‪ ،‬أما عند الرجال ‪ ،‬فقد انتقل ه ذا الس ن في نفس‬
‫الفترة من ‪ 26,3‬سنة إلى ‪ 30,1‬سنة ‪ ،‬وهذا "التقرير الوطني لوزارة الص حة و‬
‫السكان‪."1‬‬

‫الجدول‪ :‬يبين توزيع متوسط السن للزواج األول‪ ،‬حسب الجنس‪:‬‬

‫المصدر ‪ :‬وزارة الصحة و السكان ‪,‬مديرية اإلسكان جويلية ‪.2002‬‬


‫نالحظ جليا من خالل هذا الجدول ‪ ،‬أن المجتمع الجزائري ‪ ،‬قد ش هد تغ يرا في‬
‫نموذج الزواج ‪،‬إذ بلغ متوسط سن الزواج في سنة ‪ 1948‬للنساء ‪ 20‬سنة و ‪25,8‬‬
‫للرجال‪ ،‬وانخفضت هذه النسبة سنة ‪ 1966‬إلى ‪ 18,3‬للنساء و ‪ 23,8‬سنة بالنس بة‬
‫ع‬ ‫للرجال وهذا نتيجة إعادة الزوجات الزواج بعد الحرب ‪ ،‬وذالك لظروف المجتم‬
‫الثقافية في ذلك الوقت كالتمدرس عند الفتيات وخروجهم للعمل "‪، 2‬وجاء ك ذالك أن‬
‫"المرحلة مابين ‪ 1970‬إلى غاية سنة ‪ . 1998‬فقد بدا جليا تراجع متوس ط س ن‬
‫الزواج ‪ ،‬خاصة في العشريتين األخيرتين ‪،‬فقد ارتفعت هذه السن من‪ 19,3‬سنة إلى‬
‫‪ 27,6‬سنة عند النساء ‪ ،‬ومن ‪ 24,4‬سنة إلى ‪ 31,3‬سنة عند الرج ال ‪ ،‬و ذل ك‬
‫بفارق ‪ 8,3‬بالنسبة للنساء و ‪ 6,9‬سنة للرجال ‪ ،‬وقد بلغ متوس ط س ن ال زواج‬
‫آلخر مسح قامت به الجزائر في ‪ 29,6 2002‬سنة للنساء و ‪ 33‬سنة للرجال‪ ،‬و‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬وزارة الصحة و السكان‪ :‬السكان و التنمية في الجزائر‪ ،‬التقرير الوطني ‪ ،2002‬ص ‪.10‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- ONS : Nuptialité en Algérie à travers l’état matrimonial (données issues de RGPH 1987), Alger N°50,‬‬
‫‪P28.‬‬

‫‪62‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫يرجع سبب هذا التأخر في سن الزواج إلى الدراسة خاصة بالنسبة إلن اث ‪،‬و إلى‬
‫مشكل السكن التي تعاني منها الجزائر في الوقت الراهن و تعاني فئة الذكور أكثر‬
‫من غيرها من هذه الظروف القاسية بوصفها المسؤول األول اجتماعيا في إيج اد‬
‫المسكن و تحضير نفقات الزواج"‪.1‬‬

‫وبعد هذا التأخر األول من نوعه في سن ال زواج ‪ ،‬أدى إلى ارتف اع الع زاب‬
‫ضمن مجموعة السكان و أيضا في سن اإلنجاب ‪ ،‬وعليه فان نسبة العزاب إلى عدد‬
‫السكان قد تجاوزه ‪62,8%‬سنة ‪1966‬إلى ‪%69‬سنة‪ 1998‬بالنسبة لل ذكور ‪ ،‬أم ا‬
‫بالنسبة لإلناث فهي تمثل ‪53,6%‬سنة‪ 1966‬مقابل ‪61,8%‬سنة ‪2 1998.‬كما ت بين‬
‫من خالل النتائج األولية للمسح الجزائري لصحة األسرة سنة ‪ ،2002‬ال تي أس فر‬
‫عليها الديوان الوطني لإلحصائيات أن نسبة العزاب البالغين ‪ 15‬سنة‪ ،‬أكثر ارتفاعا‬
‫لدى الذكور مما هي لدى اإلناث إذ تبلغ أكثر من ‪ % ,53‬وم ا يق وق‪ % ,44‬على‬
‫التوالي"‪.3‬‬

‫المطلب الرابع ‪:‬إختالف قيم اآلباء واألبناء‬

‫فهناك العديد من البحوث التي تتحدث عن ظاهرة تغير القيم التي ك انت س ائدة‬
‫وغيرت بأخرى من طرف الشباب‪" ،‬قالت الباحثة سارة برنارد‪ ،‬بعد دراسة ميداني ة‬
‫معمقة إني على يقين من أن سبب نقص الزواج في الحاض ر راج ع إلى ك ون‬
‫العادات واآلداب واألطوار قد تغيرت كما كانت عليه قديما"‪ 4‬وهذا راج ع لف رص‬
‫التعليم ودخول الشباب سوق العمل الذي خلصهم من السلطة األبوية ال تي تتحكم في‬
‫قرارات األسرة‪ ،‬حيث يتجلى التغير في س عي األبن اء في مختل ف المي ادين إلى‬
‫تخليص أو تخفيف من سيطرة اآلب اء ح ول م ا يتعل ق ب الزواج أو االختي ار‬
‫له ‪،‬وأصبحوا يطالبون اآلباء بعدم الت دخل في ن وع تعليمهم واختي ار األص دقاء‬

‫‪1‬‬
‫‪- ALI ,Kouaouci: Familles, femmes et contraception, Alger, ENAG 1992, P14.‬‬
‫‪ - 2‬وزارة الصحة و السكان‪،‬مديرية السكان ‪ :‬السياسة الوطنية للسكان ‪:‬آفاق ‪ ، 2010‬جويلية ‪ ، 2001‬ص ‪.50‬‬
‫‪ - 3‬الديوان الوطني لإلحصائيات ‪ :‬النتائج األولية للمسح الجزائري لصحة األسرة ‪ ،2002،‬جوان ‪ ، 2003‬ص ‪.08‬‬
‫‪ -4‬كحالة محمد رضا‪ ،‬سلسلة بحوث إجتماعية‪:‬الزواج ‪،‬ج‪،1‬بيروت‪،‬مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر ‪ ،‬ص ‪.75‬‬

‫‪63‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫والمعارف واللباس ‪،‬واختيار شريك الحياة والمستقبل المهني واألسري‪ ،‬فهذا مؤش ر‬
‫حدوث انفصال داخل األسرة وهوة ثقافية ساعدت على ظهور صراع بين جيل اآلباء‬
‫واألبناء‪.‬‬

‫يق ول مبح وث"عقلي ة ت اع بك ري ماع ارفين وال و‪...‬تخل ف "وآخ ر‬


‫"مغلقين‪..‬ثقليدي‪...‬مبلعين"‪ ..‬و آخر"شوابين مازالوا شادين في عام دقيوس(الماض ي‬
‫أو البالي القديم)‪...‬قش بختة(تقاليد بالية)"‪...‬ديري ديك‪..‬ديرديك‪..‬خالوطة‪...‬ين وض‬
‫الزقا(الخالف)مشاكل‪...‬جهل"وتقول أخرى عادات لبسة تاع بكري شيبانية ما فيهاش‬
‫فايدة"إنه صراع يشكل مؤشر" الهوة الثقافية التي تنشب نتيجة الصراع بين الماض ي‬
‫والحاضر بين العادات والقيم والتقاليد القديمة بين األفكار والتطلع ات واالتجاه ات‬
‫د‬ ‫الجديدة "‪ 1‬فيرفض اآلباء التخلي عن العادات‪،‬فيثور الشباب على العادات والتقالي‬
‫ويعتبرها بالية ال تساعد طموحه‪ ،‬فيدخل في قطيعة ثقافية مع قيم األس رة وينس ج‬
‫عالقات خارجها‪ ،‬ليحقق طموحه بداية من التعرف مع شريكة حياة مستقبلية بروابط‬
‫عاطفية تخفف عنه الضغوط االجتماعية التي يواجهها‪ .‬ويعطي لعالقته شرعية فهي‬
‫وعد بالزواج وحين يحين األجل يبلغ األسرة ويطلب مساعدتها وهذا التصرف ي دل‬
‫على أثر التنشئة العائلية التقليدية والتنشئة الحديثة إلى ثقافة جديدة‪.‬‬

‫تقول مبحوثة" مواصفات الزواج في راسوا" وآخرى تقول"نتشاوراو بانتلي حاج ة‬


‫وف لي‬ ‫ي‪...‬نش‬ ‫ولي راس‬ ‫ا يق‬ ‫ديرها‪...‬كيم‬ ‫ةن‬ ‫مليح‬
‫توالمني"‪...‬الوالدين ‪...‬يدابزوا(العنف)‪...‬يداقو في الدار(المشادات الكالمية وإختالف‬
‫الرأي)‪...‬أنا نخت ار أروحي‪.‬تق ول أخ رى"ج ابولي ش يبانية تخطب ني تقلب‪..‬‬
‫تخالط‪..‬شكيل‪..‬حنة‪..‬عقاقير‪..‬مانبغيش " تقول أخرى"نتحاور معاه أنا وياه أ ال‪..‬أن ا‬
‫بنزوج مشيهما‪...‬مادخلوشرواحهم"‪ "..‬الجامعة‪.‬كلش‪..‬ليكونديسيون(الشروط)وومنبعد‬
‫كملنامع الوالدين‪...‬سي بون(جيد) تزو جنا بنيا" إنه مؤشر ثقافة الشباب التي تش كل‬
‫مصدر تصورا تهم وسلوكهم‪.‬الشيء الذي دفع بهذه الفئة إلى توظيف ك ل ق دراتها‬
‫‪ -1‬حمدوش رشيد‪ :‬المرجع سابق ‪.274 ،‬‬

‫‪64‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫التخيلية بما فيها االرتجال الذهني عند نسج عالقات مع اآلخرين‪ ،‬فأص بح الش اب‬
‫ينسج عالقات تخص الزواج قبل الزواج وتحضير لشروطه وتكاليفه‪،‬مثل التع ارف‬
‫بين الشبان قصد إختيار الشريك أو الزوج المناسب‪.‬‬

‫من خالل التعارف وسط فضاء المجتمع الذي يعرف تغ يرات وتح والت عدي دة‬
‫متنوعة باإلضافة إلى استيراد نماذج استهالك الطموح إلى رغ د العيش وإن ه في‬
‫رأيي‪ ،‬نمط حضري فوضوي فشل أمام النمط التقليدي في تحقيق تنمية ش املة تمس‬
‫كل قطاع المجتمع‪ .‬هذا مؤثر بالسلب على ثقافة المجتمع بما فيها ‪،‬ثقافة ال زواج في‬
‫المجتمع‪ .‬هذا الوضع الجديد رفضه الشباب المتطلع للمستقبل‪ ،‬بفض ل ديمقراطي ة‬
‫التعليم وانتشار وسائل اإلعالم واالتصال تمكن من بث أنم اط عالق ات ونم اذج‬
‫سلوكية جديدة ‪،‬في عادات الزواج بمصادر ومنابع مبتكرة ألهمته التأقلم مع األوضاع‬
‫االقتصادية وتجاوزها لتحقيق حياة زوجية أسرية باالعتماد على الوعي الثقافي وعلى‬
‫إرادة التفاوض مع جيل اآلباء‪ ،‬وإيجاد اتفاق وانسجام لحل مش اكل ال زواج ال تي‬
‫استفحلت في المجتمع خاصة العزوبة وتأخر سن الزواج‪ .‬فالجيل الصاعد المتطلع ال‬
‫يحتفظ بكل ما هو ماضي وبكل ما يتعلق باألجيال السابقة إال ما يرى فيه أنه واجب‬
‫الحفاظ عليه وذلك بعد عملية جرد وانتقاء"‪.1‬‬

‫إن "القيم مفهوم أو تصور ظاهر أو كامن‪ ،‬يميز فرد أو جماعة ويعتبر من المفضل‬
‫أو المرغوب الذي يؤثر في عملية االختيار بين النم اذج المتاح ة أو الوس ائل أو‬
‫أهداف العقل"‪ 2‬ولفهم تأثير تغير نسق القيم على زواج الشباب بداي ة الب د أن نفهم‬
‫عالقة الفتاة والشاب المتبادلة لتحديد درجة التأثير االجتماعي وشدته خ ارج نس ق‬
‫األسري ‪"،‬ألن ما يميز الشباب هو تقمصهم لقيم أسرية جديدة‪. "3،‬‬

‫‪ -1‬حمدوش رشيد‪ :‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.275‬‬


‫‪ -2‬الخولي سناء ‪ :‬األسرة والحياة العائلية ‪ ،‬ص ‪.239‬‬
‫‪ -3‬حمدوش رشيد ‪ ،‬المرجع سابق‪ ،‬ص ‪.271‬‬

‫‪65‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫ا‬ ‫المجتمع يعيش مشكل العالقات بين الجنسين‪ .‬خاصة عالقات ما قبل الزواج‪ ،‬وم‬
‫ذي‬ ‫بعده غير مضبوطة خاصة مع تدني المستوى المعيشي والمشكل االقتصادي ال‬
‫يعيشه المجتمع منذ الثمانينات‪،‬هذه األوضاع المتردية تعي ق الش باب عن تحقي ق‬
‫مشروع زواجه‪،‬لكون التقاليد تقدم تكاليف زواج مرتفعة ابتداء من المه ر ومس كن‬
‫وأثاث منزلي مقارنة بمستوى األجور الذي ال يكفي لكماليات الزواج ووسائل الترفيه‬
‫التي تزداد مع التطور والتكنولوجي وانتشار الثقافة االستهالكية‪.‬‬

‫د‬ ‫أصبحت ثقافة الشباب ال ثقافة محدد بل تنوعات فكرية من التقليد الغربي والتقالي‬
‫المحلية مجموعة تصورات تخضع للمعايير العالمية التي تجذب الشباب إليها وتمكنت‬
‫من تغير عالقاتهم بالمجتمع وعالقاتهم مع بعضهم البعض‪ ،‬فأثر هذا على ثقافتهم في‬
‫الحياة‪.‬‬

‫ق القيم ‪،‬من‬ ‫إنها ثقافة تعبر عن النزعة التحررية الفردية للشباب في أفكار ونس‬
‫تغير لنظرة الزواج والنضرة للمرأة خالل التعارف أو المعاشرة قبل ال زواج ال تي‬
‫يقصد منها الشباب إشباع احتياجاته ورغباته‪ ،‬والتخلص من مشاكله االجتماعية وهذه‬
‫الظاهرة ال ترضي اآلباء واألهل الذين يلجون إلى مساعدة أبنائهم والح وار لح ل‬
‫قضية زواجهم المستقبلي وتقبل بالتالي‪ ،‬أفكار الشباب وما فيها من تغ ير لع اداتهم‬
‫وتقاليدهم التي نشئوا عليها سابقا‪ .‬وبالتالي تغيرت نظرة المجتمع لل زواج من خالل‬
‫تغيرات في نسق القيم المتأثر بالنسق االقتصادي للمجتمع‪.‬‬

‫فشباب اليوم في الجزائر يقاومون أي عائق أمام تحقيق طموحاتهم سواء كانوا من‬
‫طبقة األغنياء أو من الفقراء ورغم تأثرهم بالثقافة االستهالكية‪ .‬التي تجعل ال زواج‬
‫اليف‬ ‫واألسرة مشروع اقتصادي كون الثقافة المادية للزواج تجعل من المهور وتك‬
‫الزواج في غالء خيالي‪ ،‬لكن الحظت أن الشباب يقاوم ثقافة التفاخر والتباهي الناجم‬
‫من ثقافة الطبقات العليا فصار الشباب يعيش حياة عاطفي ة م ع من أحب ويعم ل‬
‫لسنوات طويلة ويدرس ويجتهد ويحصل على شغل ويوفر مستلزمات الزواج حسب‬

‫‪66‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫مستواه ‪،‬وبكل وعي والتهمه طول مدة التحضير للزواج‪ ،‬إنما الهدف هو الوص ول‬
‫إلى مبتغاه‪ ،‬عن دراية ومعرفة ثم يلجأ إلى األسرة ويتعايش مع قيمها التي ال تعي ق‬
‫ذاتيته ويشارك مع األهل لتحقيق فرح اجتماعي وتأسيس خلية جدي دة في المجتم ع‬
‫"كمصدر للمعالم المعيارية التي يبني من خاللها الفرد هويته الشخص ية والفردي ة‬
‫‪1‬‬
‫ومنه تطوراته ومواقفته‪.‬‬

‫تقاها‬ ‫وفي المقابل الحظت جيل من الشباب يعيش قيم وعادات المجتمع الغربي اس‬
‫من العالم المفتوح على الثقافات األخرى ‪،‬من خالل الفض ائيات واإلن ترنت ال تي‬
‫أصبحت وسيلة يكتسب منها معارف ومهارات وقيم ال تنتمي لقيم ومعايير أسرته وال‬
‫مؤسس ات التعليم والتربي ة وبالت الي أص بح الش اب يعيش في رأيي فردي ة‬
‫وأنانية ‪،‬يعادي فيها الحياة السائدة في المجتمع ونسق القسم واألمن والنظام السياسي‬
‫القائم واالجتماعي واالقتصادي‪ ،‬بحيث يشجع هذا النمط على االنفصال الش به كلي‬
‫للشباب عن مجموعاته المرجعية األولى‪،‬وذلك فيما يتعلق بمسائل الزواج مثال وبناء‬
‫الهوية أو ما تعلق باعتماد وتبني الوسائل الحديثة في التربية مثل الوسائل االتصالية‬
‫الحديثة مما يعطي صيغة أكبر فردا نية والئكيه أو علمانية للعالقات األسرية أو تلك‬
‫العالقات مع المحيط العام أي المجتمع ‪.‬‬

‫إن الشباب الذي يرفض الخروج عن نظام التقاليد ‪،‬والشباب الذي اكتسب قيم غربية‬
‫أربيه في نظرته للزواج والجنس والحرية الشخصية بين الجنسين الرجل والمرأة في‬
‫المجتمع وعبر عنها المبحوثين " تصيبه من وحدة لختها" ‪....‬يلعب ببنات الناس" أو "‬
‫تخوبيث" "ماعندوش النية"‪.‬‬

‫من خالل تحليلنا لقضية تغير نسق القيم تبين لنا جليا أن ثقافة الزواج لدى الش باب‬
‫تعكس مؤشرات متناقضة حول نمط الزواج‪.‬‬

‫‪ -1‬حمدوش رشيد ‪ :‬المرجع سابق‪ ،‬ص ‪.273‬‬

‫‪67‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫من الشباب من يرى القطيعة مع قيم األسرة وعاداتها وتقالي دها واألخ ر ي رى‬
‫التوفيق والتجانس بين ما هو تقليدي وحديث وإضافة إلهامات وإبداعات وتصورات‬
‫جديدة ‪،‬ومنهم من يفضل التمسك بالع ادات والتقالي د ونش رها مهم ا كل ف من‬
‫الثمن ‪،‬وعلى العموم تغير نسق القيم عند الشباب متعلق بمدى ت أثرهم ب الظروف‬
‫االقتصادية ومدى خبراتهم واستعداداتهم الثقافية وقوتها في مواجهة التغيرات الطارئة‬
‫في المجتمع تقول مبحوثة " وقتنا راه يدوموندي هاك" وتقول أخرى " ثقافة مهند"‪.‬‬

‫وهذا مؤشر واقع شباني مخالف تؤدي بفئة الشباب إلى عكس وضعيته وشعوره‬
‫الذاتي‪ ،‬في "مجتمع يعاني أزمة قيم ؟"‪ 1‬شباب مثالي ذو حركية كبيرة عن تغير يمس‬
‫تحوالت معيارية قيمية أحدثت قطيعة مع قيم أسرية تقليدية على مستوى المع امالت‬
‫والسلوكيات‪ ،‬فأجداد اليوم ليسوا أجداد األمس وآباء اليوم ليسوا آباء األمس وأمهات‬
‫اليوم لسن أمهات األمس وشباب اليوم ليسوا شباب األمس‪ ،‬تبقى األدوار في النس ق‬
‫لكن القيم تختلف وتتغير فثقافة الزواج متجددة تؤكد التميز والتنوع الثقافي للمجتم ع‬
‫الجزائري‪.‬‬

‫الخالصة‪:‬‬
‫تبين لنا من خالل هذا الفصل أن الشباب يختلفون مع األسرة أو العائل ة ح ول‬

‫قضية الزواج‪،‬فقد تغيرت نضرة الشباب للزواج الذي أصبح يتبنى قيم جديدة وطرق‬

‫وأساليب فردية من أجل إختيار شريك الحياة المناسب ‪،‬لكنه بعد أن يق رر ال زواج‬

‫يعود الشباب لطلب المساعدة من األسرة أو العائلة للتحضير إنجاح الزواج‪،‬وي دخل‬

‫‪ -1‬حمدوش رشيد ‪ :‬المرجع سابق‪ ،‬ص ‪.197‬‬

‫‪68‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫مع األهل خاصة األب واألم في سلسلة من المفاوضات والحوار والجدال والتناقض‬

‫و اإلختالف الناجم عن ثقافة الشباب العصرية الذي يصر على ال زواج‪ ،‬مح اوال‬

‫فرض رأيه وأفكاره ورأيته للزواج والحياة األسرية مقابل ما يتمس ك ب ه اآلب اء‬

‫واألمهات من عادات وتقاليد الموروثة من ثقافة العائل ة التقليدي ة ال تي ال تخ دم‬

‫طموحاته المستقبلية ‪،‬وهذا يعني أن األسرة أو العائلة‪،‬الزالت تقوم بوظيف ة ت زويج‬

‫الشباب رغم ما يتمتع به‪،‬من إستقاللية وحرية‪،‬إكتسبها من خالل حيات ه الدراس ية‬

‫والعمل المأجور‪.‬‬

‫تبين لي جليا أن الشباب في بداية التعارف ألجل الزواج ال يهتم من الناحية الديني ة‬

‫لفقه الزواج‪ ،‬إنما بعض األعراف التقليدي ة مص درها ثقاف ة الديني ة في العائل ة‬

‫التقليدية ‪،‬كما أني تحققت من أن الشباب أثناء عملية اإلختيار للزواج ال يبالي بالعرق‬

‫و الطائفة و المذهب كما أن الشباب ال يهتمون بالطبقة والمركز‪،‬لكن اآلباء يصرون‬

‫على المكانة والعرق والمستوى المادي‪.‬‬

‫بعد إطالعي على البحوث السابقة والدخول إلى ميدان البحث تبين لي أن كثيرا من‬

‫الباحثين لم يفرقوا بين التغيير والتغير والتغيرات في ظاهرة الزواج وبع د أن قمت‬

‫بقراءة نظرية معمقة ظهر لي أن التغيير يكون على مس توى تفاع ل األف راد في‬

‫الوحدات والجماعات الصغيرة بفعل التقلي د القص دي مثال في األلبس ة األوربي ة‬

‫الخاصة بليلة الخطوبة أو الزفاف‪.‬‬


‫‪69‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫أما التغيرات في الزواج فهي تحدث على مستوى العالق ات التس اندية والتبادلي ة‬

‫لألنساق الفرعية والثانوية مثال تأثر ثقافة الزواج في األسرة أو العائلة أو تأثر نسق‬

‫القرابة بالنسق االقتصادي إنتشار اإلنتاج في المصانع و تطورا ألسواق والمحالت‬

‫التجارية الكبرى‪ ،‬كسعر الذهب المنازل واألطعمة واأللبسة الج اهزة‪ ،‬و في نس ق‬

‫التنشئة والتربية والتعليم وكذالك النسق السياسي مثال إنتشار األفك ار الديمقراطي ة‬

‫وحرية التعبير والصحافة وحرية الحركة والتفكير و حري ة ممارس ة النش اطات‬

‫السياسية وظهور التعددية الحزبية والمجتمع المدني و جمعيات لل دفاع عن حق وق‬

‫اإلنسان و األسرة و المرأة‪ ،‬األمومة واألطفال وسياسات تنظيم التوظي ف والس كن‬

‫ار‬ ‫وفي النسق التكنولوجي مثل تطور وسائل اإلعالم واإلتصال والمعلومات وإنتش‬

‫األقمار الصناعية والقنوات الفضائية ووسائل النقل والسيارات واألدوات اإللكترونية‬

‫مثل الهاتف والحاسوب النقال واألجهزة المنزلية المتنوعة ‪ .‬كل هذه التغيرات ال تي‬

‫تحدث في األنساق المختلفة للمجتمع تؤثر على نسق ال زواج في العائل ة التقليدي ة‬

‫واألسرة الحديثة لها الدور الفعال في تغ ير ع ادات وتقالي د زواج األف راد في‬

‫المجتمع‪.‬‬

‫أما مجموع التغيرات النسقية المؤثرة في نسق األسرة والزواج ‪،‬ه ذا المجم وع‬
‫ول أن‬ ‫يشكل صورة تغير على مستوى النسق الكلي للمجتمع‪،‬ومن هنا ال يمكن الق‬
‫ير من‬ ‫تغيرات الزواج في مجتمع معين ناتجة تأثير مجتمع كلي خارجي آخر‪ ،‬فكث‬
‫الباحثين يرون أن تغيير عادات الزواج و التي هي جزء من ثقافة العائلة التقليدية أو‬
‫األسرة يأتي من الدول الغربية بل إنما التغير يأتي من قاعدة المجتم ع حيث يك ون‬

‫‪70‬‬
‫عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج والثقافة‬ ‫الفصل الثاني‬
‫عالقة‬

‫ع‬ ‫الصراع قوي من جراء تفاعل األفراد في العائلة واألسرة وكل مؤسسات المجتم‬
‫مثل ثقافة الشباب التي تختلف مع الثقافة التقليدية هذا‬

‫اإلختالف والتناقض يسبب عدة تغيرات ثقافية في عادات وتقالي د ال زواج وه ذا‬
‫الصراع يقل كلما انتقلنا من مستوى األفراد والجماعات داخ ل النس ق الع ائلي أو‬
‫عود‬ ‫القرابي نحو عالقات الخارجية في األنساق األخرى الثانوية والفرعية أي الص‬
‫من المستوى الفرعي إلى المستوى الكلي أي الوحدات الكبرى أين يقل فيه ا ح دة‬
‫ال‬ ‫الصراع في المجتمع وتظهر صورة التغير في ظاهرة الزواج موحدة مثال‪ :‬إنتق‬
‫عقد الزواج الرسمي من مسؤولية المسجد وهو اإلمام و العادات الش رعية الديني ة‬
‫والموروثة أبا عن جد ة التي تحدد الزواج واألسرة الناتجة عنه وتتحكم في حياته ا‬
‫وعالقاتها اإلجتماعية‪،‬لكن بعد أن إنتقلت مسؤولية تزويج األف راد إلى البلدي ة أي‬
‫الموظف المسؤول أو اإليطار اإلداري الذي تعينه الدولة والذي يت وجب علي ه أن‬
‫يحترم المواد القانونية واإلدارية ويطبقها على األفراد لتنظيم حياتهم الزوجية‪ ،‬بمعنى‬
‫أن هذا التغير الكلي جاء بفعل إحتياجات وتفاعل األفراد في نسق القراب ة العائل ة‬
‫التقليدية أو األسرة الممتدة والنووية مع المؤسسات اإلجتماعية األخرى‪،‬‬

‫و إذا هذه تغيرات في تقافة الزواج في المجتمع جاء على إثرها ق رارات رس مية‬
‫ضابطة تضبط كل التغيرات الجزئية الناتجة في األنساق عن خالف وصراع األفراد‬
‫اء‬ ‫في العائلة حول قضية الزواج‪،‬فجاءت هذا القرارت تهدف لتنظيم الزواج والقض‬
‫على المشاكل األسرية في المجتمع‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫‪70‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬

‫تمهيد‬

‫المبحث األول‪ :‬مظاهر التغير في حفالت الزواج‬

‫المطلب األول‪:‬مرحلة ما قبل الخطوبة‬

‫أوال‪ -‬التواعد والتالقي‬

‫ثانيا‪-‬واقع عالقات التعارف‬

‫المطلب الثاني‪:‬مرحلة الخطبة‬

‫أوال‪-‬مفهوم الخطبة‬

‫ثانيا‪ -‬شروط الخطبة‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬البلدية و المسجد‬

‫أوال‪-‬المهر بين البلدية والمسجد‬

‫ثانيا‪-‬األبعاد االجتماعية للبلدية و المسجد‬

‫ثالثا‪-‬حفلة التملك أو المالك‬

‫المطلب الرابع‪:‬يوم الزفاف‬

‫أوال‪ -‬مفهوم حفل الزفاف‬

‫ثانيا‪ -‬واقع حفالت الزفاف‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أهمية ثقافة الزواج‬

‫المطلب األول‪:‬الزواج ومواصلة الدراسة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الزواج و مجابهة البطالة‬

‫المطلب الثالث‪:‬تخفيف غالء المهور وتكاليف الزواج‬

‫الخالصة‬

‫‪71‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫مقدمة الفصل ‪:‬‬


‫سأبين في هدا الفصل اثر التغيرات اإلجتماعية على الثقافة العائلة وأثرها على وض يفتها في‬
‫تزويج الشباب رغم اإلستقاللية التي يعيشها الشباب في المجتمع الجزائري بفض ل التعليم و‬
‫العمل ‪،‬ولقد اعتمدت في هدا الفص ل على المق ابالت الفردي ة م ع المبح وثين ورك زت على‬
‫تحلي ل المؤش رات المس تخرجة من كالم المبح وثين ح ول ال زواج وقمت بإس قاطها على‬
‫النض ريات اإلجتماعي ة ال تي اهتمت ب التغير اإلجتم اعي‪ ،‬قاص دا الوص ول إلى توض يح‬
‫أكثرألثر التغيرات اإلجتماعية على ظاهرت الزواج خاصة لدى فئة الشباب ‪.‬‬
‫كما حاولت أن أبين اثر الصراع اإلجتماعي في المجتمع خاصة بين أفراد العائلة وعالق ة‬
‫م ع ال زمن والمك ان ال ذي يم ارس في ه أف راد المجتم ع وظ ائفهم و أدوارهم في مؤسس ات‬
‫إجتماعية تشهد عمليات التغير‪ ،‬إضافة أني حاولت تحديد كيفية عمل هدا الص راع ال داخلي‬
‫والخارجي للعائلة بفعل التساند المؤسساتي المتشابك ال ذي يزي د في تغ ير مراس يم ال زواج‬
‫التقليدي وبالتحديد الزواج في داخل العائلة ‪،‬كما رك زت على العام ل اإلقتص ادي ال ذي أث ر‬
‫على الشباب و الذي أصبح أكثر فاعلية واكتس ب ع دة أدوار في العائل ة التقليدي ة الجزائري ة‬
‫ال تي تمي ل أك ثر وأك ثر نح و الحداث ة م ع المحافظ ة على كث ير من القيم التقليدي ة للمجتم ع‬
‫الجزائ ري‪ ،‬وألوض ح األم ر أك ثر قمت بتحلي ل الس مات الثقافي ة لحفالت الزف اف وتس ليط‬
‫الضوء على أهم التغيرات ال تي أح دثها الش باب من تص رفات وس لوك ومواق ف اجتماعي ة‬
‫جديدة ونمط من العالقات القائمة على أس س ص راع ثق افي إجتم اعي الن اجم عن التن اقض‬
‫الفكري في مؤسسات المجتمع المتداخلة‪.‬‬
‫اعتم دت في ه ذا الفص ل على خ برات وتج ارب األف راد في معاش هم الي ومي و على‬
‫مالحظتهم وآرائهم وتصوراتهم البسيطة ونضرتهم المباشرة للزواج‪،‬فحفالت الزفاف نعيشها‬
‫كل أيام السنة‪،‬وهذا يساعد الباحث الذي هو جزء من المجتمع‪،‬وه و ك ذالك يع ايش ظ اهرت‬
‫الزواج ويشاهد حركتها وتغيراتها في فظاء المجتمع ال ذي يعيش في ه‪ ،‬فتك ون ب ذالك عملي ة‬
‫التحليل العلمي اإلجتماعي سهلة‪ ،‬حيث ينطلق البحث الميداني من الواقع من غير ص عوبات‬
‫أو االضطرار إلى مقارنة مجتمعنا بالمجتمع ات األوربي ة األخ رى‪،‬ب ل حرس ت ألن ينطل ق‬
‫البحث من الواقع المحلي‪ ،‬معتمدا على نظري ات أو مقارب ات علمي ة مح ددة‪ ،‬ورك زت على‬
‫النقاط التالية في ظاهرة الزواج‪:‬أوال عن ما هي أهم مظاهر التغير ال تي أح دتها الش باب؟‬
‫وثانيا‪ :‬ما هي تصرفات الشباب ال تي يرفض ها اآلب اء ال ذين يس يرون ويحض رون لمراس يم‬
‫زواج أبنائهم الش باب؟وثالث ا‪ :‬مالحظ ة العالق ات ال تي تنش أ بين الش باب قب ل وبع د حفالت‬
‫الزواج ورابعا‪ :‬أهم األماكن والفضاء وال زمن ال ذي تتح رك في ه حفالت ال زواج‪ ،‬خامس ا‪:‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫مالحظة حفالت الزفاف الخاصة التي يس يرها الش باب وم ا يتش كل عنه ا من عالق ات قب ل‬
‫مرحلة الخطوبة ومرحلة الزفاف قائمة على أساس تمثالت لثقافة شبانية ناشئة في المجتمع‪.‬‬
‫المبحث األول‪:‬مظاهر التغير في حفالت الزواج‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مرحلة ما قبل الخطبة‪.‬‬
‫من خالل الميدان تبين أنها عبارة عن مجموع ة من العالق ات ال تي تنش أ قب ل الخطب ة بين‬
‫الشباب الذي يفكر في الزواج والشابة التي يتمنى أن تكون زوجته المستقبلية ‪ ،‬وتكون ه ذه‬
‫العالقات المركبة ظاهرة التعارف وهذا عن طريق التواعد و التالقي ‪.‬‬
‫‪:‬أوال‪ -‬التواعد والتالقي‬
‫التواعد و التعارف قبل الخطبة عرف عدة تغيرات شبابية و التواع د أي اللق اء بين الف تى و‬
‫الفتاة في عالقات لمباشرة االختيار للزواج المستقبلي إال أنه عادة يحاط بس رية بحيث يس ود‬
‫‪1‬‬
‫بين الشباب أن "االختيار ألزواجي هو قرار خاص‪" .‬‬
‫وقد تأثرت فكرة السرية في مثل هذه العالق ات إلى ح د كب ير بس بب االعتم اد على "خ ارج‬
‫المنزل إلشباع االحتياجات الترفيهية‪ 2" ،‬و التعارف العميق‪.‬‬
‫يمكن للشاب أو الشابة اختيار شريك حياته بمفردهما‪،‬م ع موافق ة األه ل له ذا االختي ار‬
‫في ما بعد "و كثير من الش باب الدراس ة و خاص ة الطالب ال دين أص بحوا يخطب بعض هم‬
‫البعض و هما في مقاعد الدراسة‪ .‬كما نجد أيضا هذا في أماكن العمل و بع دها يقوم ان على‬
‫األكثر بتبليغ األهل بما اتفقا علي ه "‪ 3‬تق ول مبحوث ة " تعرفن ا ش هرين ‪ ،‬تزوجن ا ك ان يجي‬
‫للخدمة ‪...‬معرف تهش مليح ‪...‬ندمت على زواجي ‪...‬منفعل بزاف‪ ،"......‬سكوت وبكاء‪.‬‬
‫وتق ول أخ رى "أن ا أس تاذة ‪...‬تالقين ا في الخدم ة ‪...‬ق دملي بني ا ‪...‬تالقين ا ‪...‬ه درنا‬
‫بورتاب ل ‪...‬كن ا نتالق او ليب غ‪...‬ش روط ت اعي ت اعو‪..‬اختلفن ا ‪...‬تس امحنا من جيه تي و‬
‫جيهتو‪...‬كلمت الوالدة من بعد ‪..‬وكملنا الزواج معاهم‪."...‬‬
‫وتقول أخرى في حزن مع غضب وحركة ‪:‬كان يقرى معايا ‪...‬تمشيت معاه سبع سنين ‪،‬مين‬
‫وال يخدم جا يخطب ني‪...‬رفض وه وال يس مط ن اض الزق ا م ع الوال دين‪...‬كتل ه‪ -‬لألب البنت‪-‬‬
‫ندزوج بيه‪ -‬قوتله ن زوج بي ك وال يجي عن دي‪-‬الش اب‪... -‬وال يجي ك ل ي وم‪...‬قتل ه‪-‬لألب‪-‬‬
‫راني قابالتو ‪...‬تزوجنا ‪...‬ساصرا‪ ...‬مدابزات… م ع الف امي‪...‬عن دي مع اه دراري س اكنة‬
‫روحي‪. "...‬‬

‫‪ - 1‬الخولي سناء ‪ :‬األسرة و الحياة العائلية‪ .‬اإلسكندرية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،2009 ،‬ص ‪.138‬‬
‫‪ - 2‬كمال مسعودة ‪ :‬مشكلة الطالق في المجتمع الجزائري‪ .‬الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،1984 ،‬ص ‪.139‬‬
‫‪ - 3‬لبد يري مليكة ‪:‬الزواج والشباب الجزائري إلى أين ‪ .‬الجزائر‪،‬دار المعرفة‪ ،2005،‬ص ‪.32‬‬

‫‪73‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وتق ول مبحوث ة أخ رى "ق را معاي ا في الليس انس ‪ ...‬جامع ة ق الي‪ ...‬راني ج اي نش وف‬
‫والديك ‪ ...‬قتله مازال ‪ 4‬سنين حتى نكمل قرايتي ‪ ...‬ماكلتش لمماه ‪...‬مشاكل ‪" "...‬قراي ا "‬
‫كي كملت جا خطبني ‪."...‬‬
‫ويقول األب " عقد ال زواج يخص العايل ة ‪ ...‬خص وص األولي اء ‪ ...‬الحف ل و بع د الزف اف‬
‫مراقبة بطريقة حديثة ‪...‬الشاب ما هموش هذا الشي ‪ ...‬يخطار ‪...‬الزم يش اور الوال دين في‬
‫إطار ظروف عديدة "‪.‬‬
‫و من خالل ت دخل الش باب‪ ،‬يظه ر أن الش باب يتمس كون باختي اراتهم رغم رفض الوال دين‬
‫الزواج عن طريق التعارف خارج األسرة أو دون علمهم‪.‬‬
‫هناك مؤش ر آخ ر ح ول التغي ير في مفه وم ال زواج ‪.‬ف نرى أن فك رة ال زواج موج ودة في‬
‫تص ور الش باب فهم يعيش ون عالق ات ال زواج قب ل الخطب ة و قب ل ال زواج ‪،‬عكس ش باب‬
‫الماضي الذي كان يعزف عن الزواج إلى أن تتحسن الظروف المادية لكن شباب اليوم يربط‬
‫عالقات تقوم على أساس زواج مستقبلي ينسج الشاب و الشابة ‪،‬إستراتجية و خطط و قواعد‬
‫لعالقات اجتماعية في مرحلة تعارف شخصية يحضرون فيها لزواجهم و يكتس بون خ برات‬
‫حول الزواج ‪،‬وهذا يدل على ثقافة زواج جديدة في المجتم ع بأفك ار و تص ورات في فلس فة‬
‫الحياة الزوجية‪ ،‬واختيار شريك الحي اة و محاول ة ف رض ه ذه ْاألفك ار و الع ادات المكتس بة‬
‫على آلباء ‪.‬‬
‫إذا اختيار الشريك سواء الشابة أو الشاب كثيرا ما يواجه بالرفض من طرف اآلب اء واأله ل‬
‫ال ذين يعتق دون أن ه من حقهم اختي ار أزواج ألبن ائهم ‪،‬وب األخص األمه ات‪" ،‬حيث يض ن‬
‫األولياء أن اختيار رشيد منهم من عائل ة القراب ة أو المص اهر و س وف يحتفظ ون بمهم ات‬
‫كبيرة مع أبنائهم‪ .‬بينما ي رى األبن اء أن باختي ارهم الف ردي للش ريك و المب ني عن العاطف ة‬
‫المتبادلة سوف يضمنون التوازن في حياتهم الزوجية "‪.1‬‬
‫في هذا الصدد يقول أحد المبحوثين "الوالدين غالطين ‪...‬مشي حق عليهم "‪.‬‬
‫وتقول مبحوثة أخرى " قتله ما تقدليش ضروك ‪...‬حتى تخدم ‪..‬ما تعطي همش فرصة ب اش‬
‫يرفضوك ‪."...‬‬
‫ويقول آخر"قالي كي نترسم في الخدمة نجي نخطب أما نخطبك"‬
‫وهذه مؤشرات تدل على مدى تمسك الشباب بحريتهم في اختيار الشريك فيقررون ال زواج‬
‫بمن يحبون بعيد عن األسرة و بعيدا عن أعين الوالدان‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬شكري علياء ‪:‬اتجاهات المعاصرة في دراسة األسرة‪ .‬اإلسكندرية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية ‪ ،1998 ،‬ص ‪.137‬‬

‫‪74‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫نستنتج أن الشباب يعيش مدة تعارف تدوم أحيانا سنوات عديدة ‪،‬قب ل الخطب ة وقب ل إبالغ‬
‫الوالدين ‪،‬و هذه ردة فعل اجتماعية "تدل أن السيطرة المتزاي دة للط ابع الف ردي على الثقاف ة‬
‫اإلنس انية الحديث ة ق د أدت إلى ظه ور مش كلة من الن وع الخ اص‪ ،‬لم تعرفه ا المجتمع ات‬
‫التقليدية القديمة‪ ،‬و أعني مشكلة نوع من التقابل‪ ،‬أو التميز بين الزواج و األسرة "‪.1‬‬
‫تقول "سناء الخولى" يتم التواعد على الطريقة األوربية و الجدير بالذكر هن ا أن المجتمع ات‬
‫األوربية و األمريكية ال ينك ر على الم رأة نفس الحق وق ال تي لل ذكر في الحب و العالق ات‬
‫الجنس ية ال تي تس بق ال زواج بعكس الح ال في المجتمع ات الش رقية ال تي تغض الط رف‬
‫الطرق عن العالقات الجنسية للرجل قبل الزواج بينما ترفض بشكل قاطع أي نوع من تل ك‬
‫العالقة بالنسبة للمرأة"‪. 2‬ففي مجتمعنا يعتمد تزويج الفتاة غلى الوساطة في ال تزويج الفت اة‬
‫سواء بطريقة مباشرة أم غير مباشرة وجدت أن هذه الطريق ة س ارية المفع ول م ع الش باب‬
‫ال ذين يعيش ون في الع ائالت التقليدي ة و الحديث ة حيث تلعب الوس اطة " دورا كب يرا في‬
‫التقريب و التعريف بين الراغبين في الزواج وتحقيق التجانس فيما بينهم" ‪.3‬‬
‫كما الحظت حاليا أن الشباب و الفتيات الذين يقيمون في العائالت الكبيرة يقيمون عالقات‬
‫تعارف مع الشباب ‪،‬بنية الزواج دون إعالم أهاليهم خوفا من المشاكل ‪،‬خاصة مع اآلباء لم ا‬
‫لهم من سلطة على أبنائهم و هذه العالقات المفروضة عليهم تدفعهم لنسج عالقات اجتماعي ة‬
‫خارج األسرة‪ ،‬تخص مستقبلهم كأفراد لهم حرية في المجتمع الحديث ‪.‬‬
‫إذا مرحلة التع ارف بين الش باب هي نت اج للتغ ير ال ذي ح دث في المجتم ع‪ ،‬مس العائل ة و‬
‫المدرس ة و الجامع ة و الص ناعة والمؤسس ات اإلعالمي ة أي هي نت اج ظ روف اقتص ادية‬
‫وثقافية وقد عرفت فترة العشرية األخيرة عدة تغ يرات خاص ة ط وال اله دف من الترفي ه و‬
‫التجاذب هدف من بناء أسرة ونس ج اس تراتيجيات لل زواج مس تقبلي و التش ارك و التع اون‬
‫المادي لتحقيق الهدف المرجو وتحقيق مكانة اجتماعية ورغبة قوية في استمرار العالقات‬
‫على أساس مشاعر أو عاطفة عميقة و متبادلة عن طريق التالقي والتواع د المتك رر‪ ،‬ومن ه‬
‫يتحول التعارف إلى عاطفة ثم إلى عادة التالقي و التواعد‪.‬‬
‫ق د يص بح التالقي في ظ روف متع ددة ‪،‬وس يلة مناس بة لت درج المكان ة أو ارتف اع المرك ز‬
‫االجتماعي "‪ 4‬و يوفر فرصة لتبادل مشاعر المودة و الحب و الوعود المس تقبلية و التواع د‬
‫لمناقشتها و تجسيدها‪.‬‬
‫"يرى ك ل من س كييبر" و "ن اس (‪ )Naas ,Skipper‬إن األف راد ال ذين يتواع دون تك ون‬
‫لديهم رغبة في استمرار عالقتهما إذا ضل شعورهما العاطفي متبادال و عميقا ‪،‬أما إدا كانت‬
‫‪ - 1‬كمال مسعودة ‪ :‬نفس المرجع السابق ‪ ،4 ،‬ص ‪.89‬‬
‫‪ - 2‬الخولي سناء ‪ :‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.173‬‬
‫‪ - 3‬لبد يري مليكة ‪ :‬مرجع سابق ص ‪.32‬‬
‫‪ - 4‬الخولي سناء‪ :‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.171‬‬

‫‪75‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫العاطفة مرتفعة في ج انب و منخفض ة في آخ ر ف إن ه ذا ي ؤدي إلى فش ل العالق ة و نش وء‬


‫الص راع "‪. 1‬ومن هن ا أرى أن التع ارف وط ول مدت ه ناش ئ من الص راع في النس ق‬
‫االجتماعي ‪.‬فالشاب يعاني خالفات ثقافية مع جيل اآلباء و األجداد الذين كانت نش أتهم على‬
‫ثقافة مغايرة لمتطلبات هذه العش رية األخ يرة‪ ،‬من جه ة يلقى الش باب معارض ة من األب و‬
‫األم بعد اختياره للزواج من شخص تعرف إليه مدة طويل ة قب ل ال زواج و من جه ة أخ رى‬
‫يعيش الشاب قلق وتوتر و صراع نفسي من جراء ظاهرة التعارف‪ ،‬فأوله يك ون تع ارف ثم‬
‫تأتي مرحلة اللقاء أين يتبادل فيه الشباب اإلعجاب المتبادل ويكون ظاهري جسمي و فك ري‬
‫ثقافي ثم خالل التواعد تنشا عاطفة الحب‪ .‬يكون فيها كم ا الحظت على المبح وثين ‪،‬القل ق و‬
‫التوتر حول قرارهم المتخذ الذي سيحدد حياتهم‪ ،‬ثم بعد هذه المرحلة الحاس مة يبل غ الش ابان‬
‫األهل و اآلباء فيدخلون في مرحلة صراع جديد يعيد صيغ وأشكال عالقات الزواج وعملي ة‬
‫التحضير له كما ذكرنا آنفا ‪.‬‬
‫إنها المرحلة ال تي من خالله ا ‪.‬يتع ارف فيه ا الش باب‪ ،‬هي ظ اهرة من ثقاف ة ال زواج ل دى‬
‫الشباب والتي هي تعكس الواقع االجتماعي‪ .‬أصبح مفهوم الزواج‪ ،‬يمثل نموذج أعلى يس عى‬
‫الشباب تجسيده بل إنه في بعض األحيان تحول إيديولوجي‪ .‬أو قض ية مب دأ كم ا يق ال بحيث‬
‫أن التمسك بيه ‪،‬يمثل تعب ير عن موق ف ع ام في الحي اة فيك ون النج اح في موض ع التنفي ذ‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫انتصار لهذا الموقف والعكس بالعكس"‬
‫لقد ترتبت على ذلك المفهوم الجدي د لل زواج أن االجتم اعي ي ؤثر في تغ ير ع ادات ال زواج‬
‫خاصة فئة الشباب الذي يسعى لبناء مستقبل تغيرت كثير من االتجاهات والمواقف المتص لة‬
‫ب الحب والجنس وال زواج‪ ،‬وك ان ه ذا التغ ير حاس ما‪ ،‬بس بب عوام ل واف دة في مج االت‬
‫اجتماعية أخرى ك أن يق ترن ه ذا التغ ير بث ورة تعليمي ة واس عة النط اق أو حرك ة ازده ار‬
‫اقتصادي قوي أو رخاء شديد بسبب اكتشاف موارد جديدة وثروات م ؤثرة أو تغ ير ج ذري‬
‫في نظام سياسي نستخلص من هذا التحليل ‪،‬أن التغ ير أس ري الح ديث يختل ف عن النم اذج‬
‫التقليدي ة ال تي عاش وها اآلب اء واألج داد في نظ ام الع ائالت ال تي تح ولت في رأيي وس ط‬
‫الحضري والريفي إلى عائالت حديثة بثقافة أبوي ة ال ذكورة ‪ ،‬فاآلب اء ينظ رون بس لبية إلى‬
‫فترة تعارف الشباب الطويلة وتقريرهم الزواج من قبل نهاية الدراسة والحصول على عمل‪.‬‬
‫تجد اآلباء حذرين من هذه العالقات العاطفية ويعيشون في قل ق اجتم اعي ويراقب ون س لوك‬
‫الشباب بحذر خاصة الفتيات‪.‬‬
‫كثير من اآلباء‪ -‬كما الحظت ‪ -‬يحاولون التأقلم وتغير بعض القيم م ع ال وقت‪ .‬تماش يا م ع‬
‫الظ روف االجتماعي ة الحديث ة االس تقاللية النس بية ألس رهم وتماش يا م ع ظ روف الش باب‬
‫الدراسية مث ل االختالط بين الجنس ين في التعليم والتربي ة‪ ،‬وتط ور وس ائل اإلعالم‪ ،‬ال تي‬
‫‪ - 1‬الخولي سناء‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.176‬‬
‫‪ - 2‬شكري علياء‪:‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.142‬‬

‫‪76‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫تنادي بالحرية الفردية‪،‬لكن اآلباء ال يتخلون عن قيمهم التقليدية تجاه هذه المرحل ة الحاس مة‬
‫ومنه يتضح أن مرحلة التعارف وما عرفته من تغيرات في العالق ات االجتماعي ة وم دتها و‬
‫شدتها و ه دفها ونمطه ا راجع ة ألس باب داخلي ة في العائل ة وتغ ير بنائه ا الهيكلي وأس باب‬
‫خارجية متمثلة في الجانب الثقافي الرمزي والمادي االقتصادي‪ ،‬فعلم االجتم اع الح ديث في‬
‫أش كاله العلمي ة يمي ل إلى رفض الفك رة القائل ة بوج ود س بب مهيمن للتغ ير بتعددي ة أنم اط‬
‫التغير‪ ،‬فبعض العمليات تكون نابعة من ال داخل ‪،‬أي تح ددها أس باب داخلي ة وأخ رى يك ون‬
‫مصدرها الخارج وعمليات تكون مختلطة" ‪.1‬‬
‫الزالت العائل ة التقليدي ة تحاف ظ على رواس ب الثقافي ة لجي ل األج داد التقليدي ة مقاب ل ثقاف ة‬
‫العصر الحديث وتجمع بينهما فتحولت إلى "أسرة موس عة تق اوم التغ ير الثق افي وت نزع إلى‬
‫الثب ات"‪ 2‬وه ذا الثب ات النس بي لألس ر كفي ل بخل ق عقب ات في وجهه ا خاص ة فئ ة الش باب‬
‫وقضيته في الزواج وبناء أسرة حديثة تماشيا م ع طموحات ه ومتطلب ات العص ر ال تي تلقنه ا‬
‫عن طريق التربية والتعليم و التكوين الذي أكسبه خبرة واستعدادات ثقافية جديدة ‪،‬تدخل ه في‬
‫صدام مع ثقافة تقليدي ة م ازالت قائم ة في عالق ات متج ددة وتح اول ف رض قواع دها علي ه‬
‫وتحدد نمط حياته األسرية والثقافية ‪،‬وفق ثقاف ة ال زمن الس ابق لجي ل األج داد واآلب اء ال تي‬
‫تقاوم التغير الثقافي‪ .‬يربط إميل دوركايم محددات التغير االجتماعي بعامل الزمن ‪،‬إذ يعتبره‬
‫دوركايم عامال ريادي ا حاس ما ل ه ق درة تغ ير المؤسس ات والقيم والعالق ات األك ثر مقاوم ة‬
‫للتحوالت االجتماعية"‪ 3‬فالتغير ال يأتي في شكل مفاجئ‪ ,‬كما هو الحال في ظاهرة التع ارف‬
‫بين الشاب والشابة ‪،‬ال تي تط ول مدت ه س نوات عدي دة ويعيش ون عالق ات اجتماعي ة تخص‬
‫ال زواج قب ل ال دخول في مرحل ة ال زواج كانعكاس ات لتغ ير البني ة الرمزي ة والمادي ة في‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫يقول أح د اآلب اء " أن ا من الجي ل الق ديم أت أقلم م ع الوض ع الجدي د ‪...‬من ع مس تمر‪ ..‬ح رام‬
‫حرام‪ ...‬ال يمكن أن نسيطر عليهم‪ ...‬نظرة الشباب استمتاعية فقط‪ ...‬ليس التعارف من أج ل‬
‫التعارف كاألوساط الغربية‪ ،‬ليس التعارف من أج ل التع ارف‪ ...‬بطلبه ا من وال ديها" يق ول‬
‫آخر "عمر أبا ماقالي شكون هادي ‪ ...‬نقعدوا في الدار يجيب لنا قهوة"‪.‬‬
‫ومن واقع هذا الكالم يتبين لنا أن الشباب يطيل فترة التع ارف قب ل الخطب ة ‪،‬وهي راجع ة‬
‫لعدة عوامل منها مواصلة الدراسة والتعليم والبحث عن العمل‪ ،‬ومنه ا م ا ه و ثق افي يرج ع‬
‫إلى عادات وقيم العائلة أو األس رة ال تي تري د ت زويج الش اب أوال إذا ت وفرت لدي ه تك اليف‬
‫الزواج ومتطلباته الباهظة‪ .‬ثانيا إذا ما قرر الشباب الزواج تريد العائلة عن طريق األهل أال‬
‫يخرج عن قيم ومعايير والسمات الثقافية لل زواج المتع ارف عليه ا في النس ق القراب ة ال ذي‬

‫‪ - 1‬بودون‪.‬ز ‪ ،‬بوركبو‪.‬ف‪ :‬معجم النقد لعلم االجتماع‪ .‬ترجمة سليم حداد ‪،‬ط‪ ،2‬مجد‪ ،‬بيروت ‪ ،2007 ،‬ص ‪.168‬‬
‫‪ - 2‬شكري علياء ‪:‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.143‬‬
‫‪ - 3‬الخواجة أحمد ‪ :‬تصورات العائلة التقليدية و العائلة الحديثة من خالل القصص المصور لألطفال ‪.‬تونس‪ ،‬معهد سراس ‪ ،1994 ،‬ص ‪.34‬‬

‫‪77‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫تتفاعل معه األس رة ال تي ت نزع لف رض وض بط زواج الش اب‪ ،‬ح تى ول و ك انت ل ه حري ة‬
‫االختيار في الزواج بمن يشاء لكن ما إذ يقرر الش اب أو الش ابة ال زواج إال وتت دخل األم أو‬
‫األب ليأخذ زمام األمور في التسيير والتحضير للزفاف وحياة الشاب وهذا التدخل يكون قائم‬
‫على أساس قيم متوارثة من القدم مصدره العائالت التقليدية لجيل األجداد هذه التقاليد القديمة‬
‫ال ترضي الشاب وتخدم طموحه وآماله في الزواج وبناء أس رة‪ .‬ل ذا يلج أ الش اب للتف اوض‬
‫والحوار مع األهل لفرض رأيه وأفكاره ‪،‬من هنا يقع خالف جيلي بين اآلب اء واألبن اء ح ول‬
‫الزواج‪ ،‬وخاصة فيما يخص اختيار الشريك‪ ،‬التي أصبحت تشكل أمام الشباب مشكل وعقبة‬
‫البد من تجاوزها‪،‬بكل إرادة اجتماعية‪.‬‬
‫ومنه نستنتج أن مرحلة تعارف الشباب من أجل ال زواج دون علم األه ل‪ ،‬فط ول ف ترة ه ذه‬
‫المعرفة أصبحت تشكل مشكل في نظر العائالت واألسر بحاجة إلى حل‪"،‬كونه يجعل الشاب‬
‫يخرج عن طوعها‪،‬لذا تذهب العائل ة إليج اد وس يلة لرض ا مش تركة ح ول اختي ار الش ريك‬
‫والس كن لل زوجين بع د ال زواج وتب الي تف ادي أي ن زاع أو ص راع ق د ينش أ بينهم ا به ذه‬
‫‪1‬‬
‫المناسبة"‬
‫يحاول الشباب إقن اع اآلب اء بص الحية ه ذا االختي ار وفي حال ة الفش ل يق رر ك ل من االبن‬
‫والبنت وبصفة نهائية التمسك برأيهم في االختيار وعدم التراجع عنه فال يبق أم ام اآلب اء إال‬
‫اإلقرار باألمر ويحمالن الشبان مسؤولية اختيارهما بمفردهما وتحمل شروط الزواج المادية‬
‫‪،‬وفي حالة عدم تمكنهما من تسيير شؤون الزواج ‪،‬يعود األهل للتدخل وفرض نم ط ال زواج‬
‫وحفل الزفاف وشكل األسرة‪" .‬وهذا نوع من ال زواج الم رتب الح ر في نفس ال وقت وال ذي‬
‫يقع بين ظرفين متناقضين"‪ 2‬حيث يتزوج الشاب ويشرك رأي والديه‪.‬‬
‫تقول إحدى المبح وثين " م ا الزمش اآلب اء ي دخلوا ‪ ...‬ه و يخت ار مش ي دوروا عليهم ‪"...‬‬
‫يعرفها خير ملي مايعرفهاش" يتناوشوا على والدهم ‪ ..‬يداقو‪ ...‬عداوة‪."...‬‬
‫شاب عندو حق باش يختار ‪ ...‬مواص فات في راس و ‪ "..‬و ه ذا مؤش ر أن ال زواج انعك اس‬
‫للصراع في المجتمع وتكون بداية هدا الصراع بارزة من أول ظاهرة التعارف‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬واقع عالقات التعارف ‪:‬‬

‫‪ - 1‬كمال مسعودة ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.89‬‬


‫‪ - 2‬نفس المرجع ص‪.90‬‬

‫‪78‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫عالقات التعارف لدى الشباب‪ ،‬وأقصد هنا التعارف بين الشاب والشابة ال تي اختاره ا و أن‬
‫تك ون ق د وافقت علي ه هي األخ رى ‪،‬أي يري دان ال زواج أو يفك ران في ذال ك‪.‬ومن خالل‬
‫الميدان تبين لي جليا معنى التعارف وهي مرحلة تمث ل ظ اهرة حديث ة وغريب ة عن ع ادات‬
‫المجتمع الجزائري إنها عملي ة لعالق ات التع ارف بين الش باب ال ذين يري دون ال زواج وهي‬
‫عبارة عن مقابالت تتم غالبا خارج البيت في أماكن مختلفة مثال‪ :‬الجامعة ومؤسسات التربية‬
‫التعليم و التمهين وفي أم اكن العم ل المط اعم وأم اكن الراح ة واالس تجمام داخ ل المدين ة‬
‫نالحظها بكثرة ومن خالل هذه المقابالت‪ ،‬يتم اللقاءات بين شابين يتبادالن المعلوم ات ح ول‬
‫أنفسهم تساعدهم على تصور واكتساب معرفة حول موضوع الزواج‪ .‬وثقافة اختي ار ال زوج‬
‫المناسب‪ ،‬لكن أكد لي الشباب أن هذه الظ اهرة غ ير مقبول ة من ط رف اآلب اء خاص ة منهم‬
‫المحافظين‪.‬‬
‫لقد الحظت أن اآلباء يرون أن الشباب يفتقدون طريقة وأسلوب وثقافة التح اور والتقاب ل‪،‬‬
‫كالجلوس وآداب الحديث وأوقات اللق اء‪ ،‬فمرحل ة التع ارف ه ذه مهم ة قب ل الخطب ة لكنه ا‪-‬‬
‫حسبما أكده لي المبحوثين اآلباء‪ -‬أنها في مجتمعنا غير مراقبة وغير مض بوطة‪ .‬يق ول أح د‬
‫المبحوثين " تعرفت عليها في الجامعة ب اش ن تيس تيه ا" ويق ول أخ ر "كن ا ن رو ح وا للبي د‬
‫زيريا باش نكش فها لتك ذب وال متك ذبش"‪.‬وأيض ا أخ ر " عرفته ا ‪ 5‬س نوات مبع د والفته ا‬
‫أخطبتها صبتها عاقلة تستأهل عقد عليها" وتقول فت اة "الزم التع ارف في الجامع ة‪ .‬العش رة‬
‫فنتاشة أنا منزو جش زواج جاهلي"‪.‬‬
‫يظهر جليا من خالل هذه الكلمات البعد الثقافي‪ ،‬فمؤشر التعارف يفي الش باب بالمعرف ة‬
‫حول الطرف اآلخر‪ ،‬حيث تصبح األن ثى تفك ر ك المرأة‪،‬وال ذكر كرج ل‪ .‬لكن ه ذه المعرف ة‬
‫بحاجة ملحة إلى مراقبة اجتماعية وهذا فعال ما أكده لي المبحوثين‪ ،‬كذلك نالحظ بروز قيمة‬
‫الحرية في االختيار‪ ،‬لكن اآلب اء يعتق دون في س لوك الش باب –كم ا س معت و الحظت ‪-‬أن ه‬
‫نقص في الوعي مما يسهل في نضرهم‪ -‬االنحراف وانتش ار الرذيل ة في المجتم ع م ع غفل ة‬
‫العائالت ومؤسس ات اإلعالم والتعليم عن تثقي ف الش باب ح ول ه ذه الظ اهرة الجدي دة‪ ،‬أم ا‬
‫التعارف الذي يتم داخل بيت العائلة بعلم اآلباء خاصة أثن اء الحفالت ومناس بات الف رح‪ ،‬في‬
‫نضر اآلباء إنه مضبوط "ومراقب من قريب ومن بعيد ومستمر"حسب قول أح د المبح وثين‬
‫اآلب اء‪ .‬وبالت الي ه و يبع د الخ وف والقل ق قب ل وبع د اختي ار ش ريك الحي اة‪ .‬إن عب ارات‬
‫المبحوثين فيها مؤشرات الخوف من الزواج يقول أحد الشبان " رب ع أش هر وان أ نعس فيه ا‬
‫من البعيد كيما الجوسسة جيمس بوند ‪ ...‬نتسمر نخزن كي تخرج من الخدمة"؟ وهذا‪ ،‬يعت بر‬
‫مؤشر صراع نفسي إضافة إلى أنه صراع بين الجنسين الشاب والشابة حول ثقاف ة ال زواج‪.‬‬
‫تقول أم شاب وأنا أسأله " عروستي سجية فرضت روحها على ولدي‪. " ..‬‬

‫‪79‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫"أنا عشرتها قبل الخطبة سبع س نين" ق ال الش اب تق ول األم " أن ا ب رك جبته ا ل و م دخلش‬
‫روحي" تقول طالبة "يجي عندي للجامعة ‪ ...‬نتفاهمو‪. "...‬‬
‫وتقول أخرى "تالقينا في الخدمة‪...‬كونديسيون تاعو وتاعي‪ .‬متقابلين ‪ ..‬قدملي" ‪.‬‬
‫من هنا إذن يتبين لنا أن مرحلة التعارف تنتج معرفة اجتماعية حول ظاهرة الزواج‪ ،‬التف اهم‬
‫والتحاور وآداب والتفاوض‪ .‬بين األدوار وهذا يخفف التوتر والتشنج في العالقات لكني أرى‬
‫أن هذه المرحلة بحاجة إلى توجيه رسمي حتى تنظم هذه المعارف حول ثقاف ة ال زواج ل دى‬
‫الشباب‪ .‬وكيف تنتظم بداية من الخطبة حتى نهاية ه ذا المش روع في ش كل زف اف وتأس يس‬
‫أسرة‪ .‬فالشباب ينزعون إلى التعارف قصد تنمية هذه العالقات عاطفي ا واجتماعي ا للوص ول‬
‫إلى عالقات رسمية بعد إبالغ األسرة لتساعدهم في الخطبة ومراسيمها االجتماعية‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬مرحلة الخطبة‪.‬‬


‫أوال‪ -‬مفهوم الخطبة‪:‬‬
‫لقد تحدث اإلسالم عن الخطبة " فشرعها قبل الزواج وشرع االختيار قب ل الخطب ة"‪ 1‬يق ول‬
‫الرسول عليه الص الة والس الم" تخ يروا لنطفكم ف انكحوا األكف اء و انكح وا إليهم" وق د ثبت‬
‫مشروعية الخطبة‪ .‬في‬
‫وفي اللغة معناها " الوعظ والقراءة ‪ ،‬فيقال خطب القوم وخطب الفت اة دعاه ا إلى ال زواج‪.‬‬
‫فهو خاطب وهي خطيبة وأصلها أن الرجل يكلم الفتاة للزواج بشكل مباش ر من دون وس يط‬
‫"‪ 2‬وهذا يشبه لحد كبير مشاهدته في تعارف الشباب ألجل الزواج ‪.‬‬
‫وقد وجه اإلس الم ك ل من الخاطب ان أن يتع رف على م ا ه و علي ه اآلخ ر من ص فات قب ل‬
‫الزواج" فالخطيبان يحبان التعرف على بعضهما قبل الزواج ‪،‬يخرج ان مع ا يخت اران خ اتم‬
‫الخطوبة"‪ 3‬تقول مبحوثة " فالو بلي مشمليح وال حرام ‪ ...‬بصح حنا شبيبة نعمدوا" ‪.‬‬
‫" ويعت بر خ اتم الخطوب ة إعالن ا رس ميا ورم ز لالرتب اط بين شخص ين"‪ 4‬تق ول مبحوث ة "‬
‫تتعرف على شحال من واحد‪ ...‬تختار واحد يخطبها ‪ ..‬تديه" وفي هذا المؤشر تعدد الروابط‬
‫مع أكثر من شخص ترى سناء الخولي أن ه" األم ر ال ذي تص بح مع ه هي الوس يلة الوحي دة‬
‫المقبولة من األسرة والمجتمع للتعارف بين الف تى والفت اة‪ ،‬وهي مرحل ة تح ول من العزوب ة‬

‫‪ - 1‬مذكور محمد ‪ :‬اإلسالم و األسرة و المجتمع‪ ،‬القاهرة ‪ .‬دار النهضة العربية ‪ ،‬ط‪ ،1968 ، 1‬ص ‪.56‬‬
‫‪ - 2‬الخوري نسيم ‪ :‬العالقات الزوجية ‪،‬مقاربة نفسية اجتماعية ‪ .‬بيروت‪ ،‬دار المنهل اللبنانية ‪ ،2008 ،‬ص ‪.106‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-MOSTAFA, Boutafnouchet : Système social et changement social en Algérie.opu ,ed1985 ,p90.‬‬
‫‪ - 4‬الخولي سناء ‪ :‬األسرة و الحياة العائلية‪.‬اإلسكندرية‪،‬ط‪ ،3‬دار المعرفة الجامعية ‪،2010،‬ص ‪.191‬‬

‫‪80‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫إلى الزواج‪،‬تحول نهائي‪ ،‬كذالك التحول من التواع د م ع أك ثر من ش خص إلى التواع د م ع‬


‫شخص واحد الخطيب والخطيبة وغير دالك مما يعمل على أن ترسخ في أدهان‬
‫الخطيبين وأسرتيهما والناس أهمية هذه العالقة"‪ 1‬ويمكن أن تكون الخطيبة ناجحة ويمكن أن‬
‫تكون فاشلة فهي غير ملزم ة ألي من الخطي بين ‪.‬فالرج ل أن يع دل عن خطبت ه وللم رأة أن‬
‫تعدل عن قبوله وهي ال تتجاوز أنه ا وع د ب الزواج"‪ 2‬وهن اك تع ارض واختالف في ال رأي‬
‫بدرجة عالية بين معظم الخاطبين‪.‬الحظت أن األغلبية يتفقون في جميع الحاالت في المسائل‬
‫المتعلقة بإظه ار العواط ف وترتيب ات ال زواج واألم ور الديني ة وع ادات المائ دة ونوعي ات‬
‫الترفيه وفلسفة الحياة إال أنه على الرغم من ارتفاع نسبة الخالف بين الخاطبين‪ ،‬فإن الزواج‬
‫يتم وفقا لشروط الخطبة‪.‬‬
‫ثانيا‪-‬شروط الخطبة‪:‬‬
‫لقد وضع اإلسالم شروط يجب أن توفرها عند كل رجل وامرأة إلتمام هذه المرحلة ومنها‪.‬‬
‫‪ -1‬يجب أن ال تكون المرأة قد خطبها أحد من قبل لقول الرسول عليه الصالة والس الم " ال‬
‫يخطب أحدكم على خطبة أخيه"‪.‬‬
‫‪ -2‬المرأة التي توفى عنها زوجها‪ ،‬والمطلقة ال تقبل خطيب إلى أن تنتهي عدتها‪.‬‬
‫‪ -3‬حق فسخ الخطبة‪ ،‬والعدول عنها في حالة عدم التفاهم‪.‬‬
‫‪ -4‬حق الرجل رؤية خطيبته في حدود الشرعية‪.‬‬
‫كما أنه في هذه المرحلة يبدأ ظهور عدة أبعاد منها البعد الديني والثقافي لكن أهمها هو البع د‬
‫االقتصادي الذي يعكسه قيم العمل فالشباب العامل يتحم ل مس ؤولية اختي اره‪ .‬وبالت الي فه و‬
‫يتحرر من أي سلطة خارجية سواء كانت لألب أو األم أو احد أفراد العائل ة‪ .‬كم ا أن العم ل‬
‫يوفر للشباب حرية تنظيم وتحديد وقت وكيفية الخطبة مع مشاورات خطيبته العاملة‪.‬‬
‫تقول إحدى المبحوثين "تفاهمنا على كلش في الجامعة‪...‬ماعالباليش بالناس‪...‬يك أنا غ ادي‬
‫ندزوج"‪.‬ويقول أخر " سي بون تفاهمت معاها على كلش في الخدمة" نستنتج من هنا مؤش ر‬
‫يعكس بين الخطيبين قيم العدالة‪.‬المسؤولية والمساواة بين الجنسين‪.‬‬
‫أما الخطيبة التي ال تعمل أو الشاب الذي يعمل عن والدي ه ‪،‬هن ا الحظن ا ظه ور س لطة األم‬
‫واألب وحتى الجد تقول إحدى األمهات لما سألت ابنها " أنا ليختارتلو مانخليش ول دي يطيح‬
‫على راسو؟ " تقول أخرى " بعت حدايدي وجبتله بنت أختي مربيا على يدي" وتقول أخرى‬
‫" جبت لترف دني وترف ده" وتق ول المبحوث ة وهي معلم ة " أب ا ه و لي خت ارهولي‪...‬يخ دم‬
‫‪ - 1‬نفس المرجع ‪،‬ص‪.191‬‬
‫‪ - 2‬الخولي نسيم ‪:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.108‬‬

‫‪81‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫معاه‪..‬مخالنيش نخدم‪..‬أنا كنت ماجور دوبرومو" تقول بأسف "ب اغي يبطل ني قراي ا" ويق ول‬
‫شاب أخر " أما تختار غير فاميليات مرفهين تخاف ملبنات يطمعوا في دراهمي‪...‬أنا خطبت‬
‫وحدة معلمة قليلة قاريا‪...‬مال غري أنا مش قاري بص ح هي لي تفهم ني" ‪.‬نس تنبط من ه ذا‬
‫كله أن الخطوب ة في المجتم ع الجزائ ري لم تع د تف اوض ح ول ش روط ال زواج من ط رف‬
‫اآلباء‪ ،‬بل أصبح الخطيب هو الذي يفاوض ويقرر م ع ش ريكة حيات ه دون االهتم ام لس لطة‬
‫األب الجزائري‪ .‬هنا استقاللية الش باب في العم ل ي بين الص راع بين األجي ال واختالفهم في‬
‫ثقافة الزواج يقول أحد المبحوثين حول ابن ه " يتخ دو هوم ا ق اري نق ارين ‪...‬خدام ة‪...‬دب ر‬
‫راسو‪ ...‬يتخد مايهمنيش أنا ن روح للج امع نجيب ن دير لي علي ا ق دام ربي والن اس" وتق ول‬
‫أخرى " ولدي كبير وفاهم أنا نوقف مع اه في خطب ة ونفتح وا كيم ا بغ اهوا" ويق ول آخ ر "‬
‫بعت نص الحانوت والماتيلاير ‪،‬قديم باش نسقم له ال دار ونزوج ه وريح" من هن ا نتأك د من‬
‫ظهور البعد الثقافي واثر المادة على ثقافة ال زواج بين الع ائالت من حيث المس توى الم ادي‬
‫أي الغنى والفقر‪.‬‬
‫كما الحظت أن كث ير من المبح وثين‪ ،‬ك انت ف ترة الخطوب ة طويل ة قب ل ق راءة الفاتح ة في‬
‫المسجد وبعض من شباب تجار قروض تشغيل الشباب يقبلون بزوجة عامل ة ‪،‬وك ذلك بعض‬
‫شباب عقود ما قبل التشغيل يفكرون جديا بغير علم أهاليهم بخطبة بنات معينين ومح ددين و‬
‫كثيرا من البنات جامعيات تمت خطبتهن شفهيا ‪،‬أي ما يسمى خطبة بالكلمة‪ ،‬وك ذلك ع دد ال‬
‫يحصى موعودات فعال بالزواج من غ ير علم أهلهم‪ .‬فه ذه المرحل ة تمث ل مؤش ر حاس م في‬
‫مرحلة ال زواج‪ ،‬ي بين لن ا أن الحداث ة بقيمه ا الجدي دة ق د رس خت فك رة ال زواج في أوس اط‬
‫الشباب الجزائري ‪،‬وساهمت في نشر مفاهيم وسعت المعرفة حول ثقاف ة ال زواج في أذه ان‬
‫أفراد المجتمع ‪،‬وهذا عكس ما يح دث في أرج اء وبل دان أخ رى من الع الم فوس ائل اإلعالم‬
‫تبين أن ثقافة الزواج والتفكير فيه نسبته منخفضة في المجتمع الذي يعيشون فيه والسبب في‬
‫رأيي أن في بلدنا السبب راجع التنوع الثقافي والتفاعل مع ك ل م ا ه و ح ديت من المظ اهر‬
‫المنتشرة في مجتمعنا‪ ،‬وهذا ما سأوضحه أكثر من خالل مرحلة الزواج اآلتية التي سأتطرق‬
‫إليها وهي تتمثل في دفع المهر وعقد القران في البلدية ثم المسجد‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المطلب الثالث‪ :‬البلدية والمسجد‪.‬‬


‫أوال‪ -‬المهر بين البلدية والمسجد ‪:‬‬
‫إن المهر في اللغة‪ ،‬معناه يأتي بصيغة مهرت المرأة‪ ":‬إذ أعطيتها المه ر إذ زوجته ا من‬
‫رجل على مهر‪، "1‬يتم تسجيله في عقد الزواج بعد إجراءات إدارية وقانوني ة داخ ل مؤسس ة‬
‫البلدية‪.‬‬
‫و حين يتم االنته اء من إج راءات مرحل ة البلدي ة‪ ،‬ي أتي دور المس جد أين يتم‪ ،‬ق راءة‬
‫الفاتحة‪ ،‬وهي السورة األولى من القران الكريم ويتم دفع المهر والصداق‪،‬و هو شائع في كل‬
‫المجتمعات اإلسالمية و المهر عبارة عن قيمة مالية غير محددة من الناحي ة الش رعية ولكن‬
‫الحظت و من خالل مقارنة ثمن المهور‪ -‬دفعه ا المبح وثين في بحثن ا ه ذا‪ -‬المه ور مح ددة‬
‫عرفيا وتقليديا‪ .‬و هي غير محددة في القانون ‪ .‬وبهذا يتبين مدى األهمية الثقافية في عالقات‬
‫مؤسسة الزواج‪ .‬تبين لي أن المهر يدفع حسب الطبقة االجتماعية وما س يرثه الخاطب ان من‬
‫ميراث العائلي واألسري أو حسب جمال المرأة وأحيانا اسم الشهرة أو شرف العائلي لبعض‬
‫العائالت والقبائ ل ال تي تنتس ب إلي ه‪ ،‬المهم أن ه ذا الص داق يدفع ه أه ل الع ريس إلى أه ل‬
‫العروس‪ .‬وقد ح اولت بعض النظري ات الحديث ة للمه ور في الق رن العش رين اإليح اء بأنه ا‬
‫تعتبر المرأة سلعة تشترى‪،‬وتدني من قيمتها البشرية وأنها ظلم للم رأة وت دني لقيم ة ال زواج‬
‫وقد اعتبرت اإلرساليات المسيحية التبشيرية األولى توحي بشراء المرأة وأنها تحط من شأن‬
‫المرأة والزواج وقيمته السامية في المثاليات المس يحية و لق د نظ رت اإلدارات االس تعمارية‬
‫إلى المهور على أنها حط من الوضع القانوني في المجتمعات التقليدية‪،‬إال أن المهور الزالت‬
‫قائمة‪ ،‬بل وزاد انتشارها ومقدارها بسبب انتشار المادي ة واالس تهالكية كمم يزات لكث ير من‬
‫الظواهر في هذا العصر‪.‬‬
‫و في بعض المن اطق الجزائري ة ق د يص ل المه ر إلى مق دار ‪ 20‬ملي ون وأك ثر عن د‬
‫الطبقات الغنية‪ ،‬وهي تدفع مع قطع الشروط التي تحدد قبل مرحلة الخطوب ة وال تي ت بين لي‬
‫أنها تحدد بين الشباب خالل التواعد والتفاهم ثم يبلغ الوالدين فيغ يرون أو يفرض ون ش روط‬
‫أخرى تقريبا كل المبحوثين أكدوا لي هذا‪ .‬كما يدفع م ع المه ر عط ور وألبس ة وأش ياء ذات‬
‫قيمة لما يتف اوض أه ل الع ريس م ع الع روس على قيم ة المه ر ال تي س وف يحظره ا ولي‬
‫الخطيبة يوم الخطبة‪،‬بعد قراءة الفاتحة في المسجد والتي تتم بعد عقد البلدية الذي يقدم إلم ام‬
‫المسجد الذي يعقد قران الزوجين بعقد شفهي مع حض ور األولي اء وش هود عي ان وحض ور‬
‫األقارب ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬بدران أبو العينين بدران‪ :‬أحكام الزواج و الطالق في اإلسالم‪ .‬ط‪،3‬اإلسكندرية‪ ،‬دار المعارف‪ ،1966 ،‬ص ‪.168‬‬

‫‪83‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫أما العقد في البلدية ‪ :‬فيتم قبل مرحلة المسجد وفيه يتم عقد الزواج الرسمي ال ذي يس جل في‬
‫قوائم البلدية يحدد الحال ة المدني ة للف رد " بحيث نص الق انون بص راحة على أن إب رام عق د‬
‫ال زواج ه ؤالء األش خاص أم ام ض ابط حال ة مدني ة أو أم ام موث ق يخض ع لرخص ة أو‬
‫موافقة"‪. 1‬وهذا العقد هو الذي يعطي لنظام الزواج الهيبة والقداسة ويؤكد عن استمرار الحياة‬
‫االجتماعية نحو التناس ق والتع اون وتجنب التن افس والص راع والت دمير ال ذاتي ليق وم على‬
‫أساس المصالح المادية لعالقات األفراد في النس ق ‪.‬فالعق د الرس مي لل زواج يمث ل مس ؤولية‬
‫‪2‬‬
‫الدولة في إعداد المواطن السوي لحياة المجتمع بكل ما فيه من قيم وعادات وتقاليد"‬
‫كم ا يمكن للخ اطبين االحتف ال ك ذلك وف ق مع ايير وقيم المجتم ع وثقافت ه واالحتف ال به ذه‬
‫المرحل ة‪ " .‬ه ذا االحتف ال يرتك ز على ثالث لحظ ات أساس ية األول ه و طلب لل زواج أو‬
‫الخطبة الثاني هو الموافقة الرسمية لل زواج واالحتف ال بالخطوب ة أو العطي ة الث الث ال زواج‬
‫نفسه"‪ 3‬وهذا ما سأحاول توضيحه من خالل ترصد واقع العالق ات في ك ل مرحل ة من ه ذه‬
‫المراحل الخطبة ثم حفل البلدية والمسجد ‪،‬إلى حفلة الخطوبة فليلة الزفاف ومختل ف حفالت ه‬
‫وسأبين الظواهر الجديدة والتغيرات التي أنتجها الشباب والتي أصبحت تمثل جزء من ثقافة‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫ثانيا‪-‬األبعاد االجتماعية للبلدية والمسجد‪:‬‬
‫إن مؤشر ه ذه المرحل ة يعكس البع د ال ديني والق انوني ال ذي ينط وي تحته ا قيم أخالقي ة‬
‫وإسالمية تحمي نظام تزاوج األفراد في المجتمع أي العائل ة وال زوج والزوج ة حيث تتم في‬
‫هذه المرحلة الحاسمة حماية حقوق الزوجة والزوج‪ .‬بحيث تح دد الزوج ة ش روطها رس ميا‬
‫أمام زوجها في مؤسسة رسمية للدولة وهي البلدية وهذا مؤشر يعكس قيم العدال ة والمس اواة‬
‫وقيم الدفاع والمسؤولية التي تتحملها الدولة في عملي ة التنظيم ‪،‬أي مراقب ة ظ اهرة ال تزاوج‬
‫في المجتمع وتوفير شروط ناجحة وهذه المهمة تتحملها كل بلدية و عقد الزواج يتم بحضور‬
‫الزوجين وأهلهم في قاعة مختلطة أمام موظف الدولة ال ذي يق وم بتس جيل عق د ال زواج م ع‬
‫رضا كل األطراف‪ ،‬مع مراعاة قيم الدين وعادات المجتمع‪ .‬ثم ي أتي بع دها مرحل ة المس جد‬
‫كمؤسسة رسمية تمثل الدين الرس مي للدول ة‪ .‬ال يوج د اختالط في المس جد وال يتم حض ور‬
‫الزوج ة ب ل ين وب عنه ا وليه ا وال ذي يحم ل مع ه تص ريح من البلدي ة حيث يجتم ع أف راد‬
‫الع ائلتين من أج ل إعالن عن زواج الش ابين البنت والول د أي ال زوجين ويك ون اإلعالن‬
‫بالزواج والمصاهرة علنا في حضور معازيم الدين يأتون للمسجد للصالة‪.‬‬
‫و في نهاية الصالة يتقدم اإلمام مع األولياء والشاهدان و يتم ق راءة الش روط وتحدي د هوي ة‬
‫الزوجين وتحديد مهر الزوجة والصداق ‪ ،‬وأي شرط تطلبه الزوجة كش رط‪ ،‬ثم يختم اإلم ام‬
‫‪ - 1‬سعد عبد العزيز ‪ :‬الزواج و الطالق في قانون األسرة ‪ .‬الجزائر‪ ،‬دار هومة ‪ ،1996 ،‬ص‪.32‬‬
‫‪ - 2‬سناء الخولي ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.197‬‬
‫‪3‬‬
‫‪MOSTAFA, BoutAfnouchet, Op , cite ; P90.‬‬

‫‪84‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫بدرس ديني حول أهمية الزواج ثم يتم قراءة وترتيل سور وآيات قرآنية أهمها فاتحة الكت اب‬
‫ويتم تقديم مأكوالت وشراب من السلع الموجودة في السوق المعلبة كالتمر والحليب‪.‬‬
‫ما أثار انتباهي داخل صحن المسجد‪ ،‬الفرحة العارمة وفي قاع ة البلدي ة الراح ة البادي ة‬
‫وعالم ات الس رور للش باب ورض ا اآلب اء و يق ول أح د الش باب " الحم د هلل المهم ه و هللا‬
‫وإرضاء الوالدين على سنة محمد عليه الصالة والسالم"‪.‬يق ول آخ ر " ه ذا وين راني نحس‬
‫روحي مليح‪ .‬إنسان" وهذا هو مؤشر الراحة أي أن البلدية والمسجد يخففان من قلق وتخوف‬
‫اآلباء واألبناء من هذا الزواج الذي لم تنته مشاويره الطويلة بعد مرور عدة س نوات مض ت‬
‫إنه زواج حديث في الماضي القريب كان ممثل البلدية والقض اء ي ذهب للمن ازل لعق د ق ران‬
‫الزواج المعنيين باألمر‪ ،‬أما اآلن الزوجين واألولياء ي ذهبون للبلدي ة ثم يص رح لهم لل ذهاب‬
‫للمسجد‪.‬‬
‫وهذا التحول يفسر أن الدولة الحديثة تفرض على المجتمع ثقافتهم الدستورية الديمقراطية‬
‫العصرية‪ ،‬تفرض حتى على المسجد و النظام الديني ‪،‬أي أن قيم الحداثة ب دأت تس يطر على‬
‫قيم الس الفة إض افة أن الش باب العص ري ب دأ يخت ار زوجت ه بحري ة بعي دة عن أي رأي‬
‫خارجي ‪،‬‬
‫كالطائفة أو العرق ‪،‬نجد زواج الصوفيين مع السلفيين عرب‪ ،‬قبائ ل الش اوية ‪،‬الص حراء و‬
‫الساحل ‪،‬زواج البدو ومع الحظر و هدا ما تحققت منه وأك ده لي كث ير من األئم ة و حفظ ة‬
‫القران الكريم كم ا الحظت أن الطلب ة و العم ال الش باب ال يهتم ون أثن اء عملي ة التع ارف‬
‫الختيار شريك الحياة بالعرف أو الدين أو الطائفة إنما األساس لديهم ه و إيج اد الزوج ة أو‬
‫الزوجة المناسبة بعيد عن أي تأثير خارجي‪ ،‬لكني الحظت عودة القلق و الخوف من جديد‬
‫في سلوك من يريد التحضير للزواج ‪،‬و هذا ما سوف احدده في مرحلة قادمة في ال زواج و‬
‫هذه المرحلة تتم في البيت أين يظهر عدة سمات و قيم سيتم شرحها ‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬حفلة الخطبة أو المالك ‪:‬‬
‫تعكس مؤشرات ه ذه المرحل ة البع د الثق افي بس مات حديث ة و البع د االقتص ادي بقيم‬
‫االستهالكية إضافة إلى البعد الفني ‪،‬فبعد الع ودة أو االنته اء من مرحل ة البلدي ة و المس جد‬
‫يكون هناك حفلة في بيت الزوجة يغلب على هذه الحفالت الطابع التقلي دي ‪،‬غالب ا من حيث‬
‫الملبس و المأكل ‪ ،‬فهي عادات داخل البيت أو العائلة و هي موروث ثقافي ورثه اآلباء عن‬
‫األجداد‪ ،‬لكن في العشرية األخيرة ظهر الجديد حيث ينتقل حفل الزواج بعد إجراءات الفاتحة‬
‫في المسجد يذهب جميع في معاد معين إلى البيت أهل الزوجة أو أي العروس‪.‬‬
‫في بيت الزوجة يقوم الزوج أي العريس بتلبيس خواتم الخاص ة بالخطوب ة على طريق ة‬
‫األوُر بية ‪،‬التي هي حديثة في مجتمعنا و يتم تقديم إضافة إلى الم أُك والت التقليدي ة م أكوالت‬
‫‪85‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫عصرية حديثة أخرى‪،‬جاءت على لسان المبحوثين‪ ،‬مثال قطعة حل وى وهي "الباتيس ري "و‬
‫"الطورطة" و "بياس مونتي"‪"،‬نوادكوكو"‪"،‬كريم ة" و غيره ا من التس ميات و المش روبات‬
‫معلبة وأطباق جاهزة كالدجاج و السمك و اللحم إضافة إلى أطباق المجمدة""لكونجلي "‪.‬‬
‫ما الحظته هو أن هذه الحفلة غالب ا ينظمه ا الش باب الف تي و األوالد إناث ا وذك ورا يحظ ر‬
‫األق ارب و األص دقاء إلى بيت الع روس أي أهله ا و أه ل ال زوج الحظت أن الكب ار ال‬
‫يتدخلون في هذه الحفلة إال قليل أي أن مراس م ه ذه الحفل ة رغم أنه ا تتم في ال بيت إال أن‬
‫أآلباء ال يتدخلون فقط أفك ار الش باب الح ديث ال تزين اللب اس‪ ،‬الموس يقى والس يارات مك ان‬
‫الجلوس وقت حضور العريس لباس العروسين الحلي أو الخواتم كله ا أروبي ة حديث ة أو من‬
‫آسيا‪ .‬هذا مؤشر يدل على أن الثقافة المزدوجة في هذه المرحل ة ب دأت تفق د الت وازن بغي اب‬
‫سمات قديمة و ظهور أخرى جديدة مسيطرة يكون بيت اآلباء و األجداد مهدا لها‪.‬‬
‫يق ول أح د اآلب اء "خليهم يزه و ش وية ه ذا وقتهم ‪،‬خليهم اي ديفيلو س عال من‬
‫عام‪...‬يجخلطو‪..‬شويا بشويا وجابوها"‪.‬‬
‫وتقول أم " حنا يوم قاع رانا فاميليا وحدة ‪،‬وهادو والدنا و فرحانين‪...‬مس اكين تلت س نين و‬
‫هو ما يوجدو الهاد النهار "‬
‫‪.‬وهذه مؤشرات تبين أن مراسيم الزواج متعبة و مجهدة جدا ال بد من وقت الراحة‬
‫الحضت من خالل تدخل المبحوثين عالمات الراحة كلما انتقلنا من مرحلة إلى أخرى "ان ه‬
‫تعب تاع سنين"‪،‬وهذا مؤشر أهمية دور اآلباء‪،‬كما الحظت في هذه المرحلة تعارف اآلباء و‬
‫األمهات المتزوجين يكون كبيرا و أكثر من هذا تعارف أفراد الع ائلتين المتص اهرين م ع‬
‫بعض هم البعض و يتح دث اآلب اء ح ول مرحل ة الزف اف النه ائي الع رس و حي اة ل زوجين‬
‫الشابين بعد هذه الليلة ليلة الزفاف خاصة موضوع "السكنة "إن هذه المؤش رات ت دل على‬
‫أن الزواج في هذه المرحل ة يح ول المعرف ة والمعلوم ات ح ول موض وع ال زواج المزم ع‬
‫إنهائه ‪،‬تحول هذه المعارف بعد عدة سنوات إلى أفكار منضمة ومرتبة و موجهة خاصة بعد‬
‫تدخل آباء في مقررات الزوجين الش ابين ال ذين يخطط ون لتجس يد ه ذه األفك ار إلى زف اف‬
‫حقيقي وفق واقعهم المعاش و كذالك وفق ما يرضيهم ويرضي آبائهم‪ ،‬إن ه ؤالء ال زوجين‬
‫بعد أن قطعوا أشواط طويلة لتحقيق زواجهم وفق واقعهم المادي أصبح لديهم صورة حقيقي ة‬
‫حول مفهوم ومعنى الزواج وحياتهم الزوجية و أهدافهم المستقبلية ‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ما أثار انتباهي في هذه المرحلة ثالثة أمور أولها هو قيم التعاون و إتحاد األفراد‪،‬الض يافة‬
‫و الكرم وثانيا هو اجتهاد الشباب بأساليب جديدة إلنجاح هذه الحفلة ‪،‬م ع انفت اح على ثقاف ة‬
‫الغير وثالثها ‪،‬هو انتشار القيم االستهالكية في ال زواج الح ديث وه ذه القيم ال تي أص بحت‬
‫تحل محل س مات كث يرة من التقالي د و ال تراث الجزائ ري ‪،‬مثال خياط ة مالبس الع رس في‬
‫العائلة و كذالك الطبخ التقليدي مثال الكسكسى أو ذبح الكبش"الشاه" للع ريس ال ذي يطهي و‬
‫يستوي خارج البيت وحلت مكانها أطعمة و أطباق جديدة مثل الدجاج و لحم الس مك ج اهز‬
‫أو لحم "الك ون جلي "‪ ،‬كم ا الحظت في ه ذه المرحل ة المتقدم ة من ال زواج محاول ة أه ل‬
‫الزوجة فرض ثقافتهم و أفكارهم على أهل العريس ال ذين يب دؤون التفك ير للتحض ير لي وم‬
‫الزفاف ‪.‬‬
‫أكد لي تقريبا كل المبحوثين‪ ،‬وخصوصا الذكور‪ ،‬أنهم واجهوا صعوبات وعراقي ل كث يرة‪،‬‬
‫في تسير حفلة الخطبة وإنهم دخلوا في خالفات شديدة مع األهل الذين يراقبونهم ويعترضون‬
‫على الكث ير من تص رفات أبن ائهم‪ ،‬مثال ح ول أن واع األك ل والم دعوين‪ ،‬أن واع الموس يقى‬
‫واألغاني واالختالط وال رقص الك اميرات ‪ ،‬وحض ور الع ريس وتل بيس الخ واتم وحض ور‬
‫الخطيب و أصدقائه الش باب مع ه وأهلهن في س رب من الس يارات لالحتف ال ح تى س اعات‬
‫متأخرة من الليل تقول إحدى المبحوثين مبتهج ة "أب ا م ا يبغي موس يقى‪...‬أخ تي دارته ا في‬
‫البورتابل"وتقول أخرى عن والديها "حنا مانسمعوش غنا تاع أراي"وتقول أخرى عن األهل‬
‫"تكتروا لهدرا فوضى‪...‬خالوطة‪...‬ديري ديك ألبسي ديك‪...‬ش يبانية ‪...‬ال بيض‪...‬الحن ة ‪..‬م ا‬
‫نيغيش " تقول أخرى"مع الشبيبة موسيقى و حاجى خفيفة‪...‬ماتكلفش‪...‬تقاليد تكل ف"وأخ رى‬
‫تقول"الجال البونتاكوغت مدلي راسه قدام الباف حتى الص باح‪ ..‬دايخ راس ه ض اره"ويق ول‬
‫آخر"يبغو يشربو يسكرو "‪.‬‬
‫هذه مؤشرات اختالف ثقافة االحتفال بالزواج بين اآلباء واألبناء‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬يوم الزفاف‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬مفهوم حفل الزفاف‪:‬‬
‫حفل الزفاف هو آخر مرحلة في عملية الزواج فبعد اإلعالن عن اليوم المحدد للزفاف من‬
‫قبل عائلة الع ريس لنق ل العروس ة إلى بيت الع ريس ‪..."،‬و األع راس أو العرس ان مفرده ا‬
‫عرس (بضم العين ) و تعني الزفاف أو ما يع رف بالدخل ة أو الف رح يح دد ل ه ي وم معين "‬
‫تج ري في ه طق وس متع ارف عليه ا ب اختالف الع ادات و التقالي د و الش عوب و الطبق ات‬
‫االجتماعية و األعراف و الدين في كل عصر و مكان من هذه المعمورة ‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫تختلفت صور و أشكال الزفاف من مجتمع آلخر‪ ،‬فهو يتم يز أن ه " حف ل اجتم اعي ي ؤدي‬
‫دور اإلعالن االجتم اعي و يعكس تنمي ة أو تح ديث "‪ 1‬أي أن ال زواج يع رف تح والت في‬
‫طقوسه و مراسيمه حسب ظروف المجتمع ‪.‬المتغيرة التي تعمل على تغ ير ع ادات و تقالي د‬
‫الزواج ‪ ،‬لتحل محلها تصورات أفكار و سمات ثقافية جديدة في نسق الزواج ‪.‬‬
‫وما الحظته في كالم المبحوثين الفرح و السرور حين يتكلمون عن يوم الزفاف كما تأكد‬
‫أن أغلبية الشباب حددوا بالتقريب موع د و مك ان الزف اف و هم في مرحل ة التع ارف و لهم‬
‫نضرة مثالية ليوم الزفاف ‪.‬‬
‫يقول مبحوث"تفاهمنا شانديرو شامنديروش فلعرس‪..‬كي نتالقو فخدما"ويق ول آخ ر"قب ل م ا‬
‫نخطبه ا فهمته ا دي رو وال و فلع رس"وأخ رى تق ول"قتل ه نبغي ع رس ‪.....‬في ال ص ال‬
‫كلش‪...‬كنا نتفاهمو على كلش نخط وا ‪..‬نتمن او‪."..‬إنه ا مؤش رات التواف ق بين الش بان ح ول‬
‫الزفاف‪.‬‬
‫فحفل الزفاف هو االنتقال من دور العزوبة إلى ادوار الزواج يتضمن ن وع من االحتف ال‬
‫الذي يكون جزء من النسق االجتماعي"‪ 2‬لهذا نرى حفال ت الزفاف متعددة ومتنوعة في يوم‬
‫أو أيام تعكس الطابع والواقع الثقافي لألفراد خاص ة فئ ة الش باب المت أثرة ب أحوال المجتم ع‬
‫المتغيرة‪.‬‬
‫كما أن االحتفال يختلف من جماعة لجماعة حسب المستوى الم ادي إذ من الممكن أن تك ون‬
‫حفلة تدوم ساعات أو دقائق بسيطة أو تكون حفلة كبيرة تصرف فيها أمواال طائلة والحفالت‬
‫في المجتمع الجزائري والتي تخص حفل الزفاف وليلة الدخلة هي كالتالي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬حفلة في بيت العروس صباحا و مساًء‬
‫ثانيا‪ :‬حفلة في بيت العريس صباحا و مساًء‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬حفلة نقل العروسة بالسيارات إلى بيت العريس‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬حفلة نقل العرس أهل العريس والعروس إلى قاعة الحفالت بالمسيرات‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬حفلة‪ ،‬خاصة للعريس مع أصدقائه الشباب بعيدا عن أعين الكبار‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬حفلة بالسيارات تنقل العريس إلى قاعة الحفالت أو إلى مكان إقامة الدخلة‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬واقع حفالت الزفاف‪.‬‬


‫‪ - 1‬الخولي سناء‪:‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ - 2‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.195‬‬

‫‪88‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫هذا اليوم يعكس كل األبعاد الثقافي ة للمجتم ع الجزائ ري الح ديث وم ا يحمل ه من ازدواجي ة‬
‫يعيشها الفرد بوعي تام يعبر عنها في فرح عائلي يتخلله صراع وخف ق وقل ق اجتم اعي من‬
‫المستقبل من حياة زوجية في مجتمع أصبح يتعرض لتغيرات سريعة نح و الحداث ة وانتش ار‬
‫القيم االستهالكية التي ترجح كفة االزدواجية نحوقيم العصرنة‪.‬‬
‫بعد ما ينتهي الشاب والشابة المتزوج من المراسيم في البلدية والمسجد والحفل ة في بيت‬
‫أهل الزوجة‪ .‬سيبدأ الشابين الفتيين التفكير في تكاليف الزف اف وكي ف يص رفونها وينظم ون‬
‫الليلة األخيرة من هذا المشروع وتجس يدها على أرض الواق ع بجدي ة‪،‬إض افة لمؤش ر ال بيت‬
‫والمأوى إنهم يفكرون في المسكن الزوجي بعد الزفاف ‪.‬‬
‫يقول أحد الشباب " كي ديت اللي فري من البلدي ة وان ا خ ارج‪ .‬ت ذكرت الس كنى الزم ن دفع‬
‫دوسي باش منطولش مع والديا في دارنا"‪"...‬ندفعو في الدائرة"‪.‬‬

‫وتقول أخرى " لما كملنا الحفلة ذكرتني يما بالسكنى‪...‬كي غادي نديرو من بعد؟" ‪.‬‬

‫في يومنا هذا تقام األع راس في القاع ات خاص ة حديث ة لكن قب ل ال دخول إلى القاع ة‬
‫إلعالن بداية حفلة الزف اف توج د واح د تنظم في بيت الع ريس وأخ رى في بيت الع روس‪،‬‬
‫حيث ي أتي أه ل الع روس بع د إتم ام الص باح كل ه فرح ة وبهج ة إلى بيت الع روس‬
‫ويأخذونها ‪،‬حيث ينطلقون في سرب من السيارات يحمل في ه ك ل أه ل الع ريس والعروس ة‬
‫الموجودة في أول السيارات "الكورتاج"‪.‬‬
‫أي أن الزفاف يتحول من البيت إلى عرس متحرك في شوارع المدينة‪.‬وكأن ثقافة الزواج‬
‫تتحدى الجديد ومبان المدينة الحديثة‪ ،‬والزفاف يدور وس ط المدين ة الحض اري وأهم معالم ه‬
‫من دائ رة إلى بلدي ة إلى طري ق المستش فى نح و الح دائق إلى أض رحة األولي اء الص الحين‬
‫ومساجد الزوايا ثم يتوجهون إلى بيت العريس وتدخل العروس وك ل الحض ور إلى ص الون‬
‫البيت وتبرز العروس وتتزين وترتدي عدة مالبس في فترات متنوعة أو ما يس مى "ت براز"‬
‫العروس وهي ترتدي مالبس منها ما هو تقليدي ومنها ما ه و أربي ح ديث تف رض في ه ذه‬
‫المرحلة ثقافة وعادات أهل العريس‪ ،‬من مأكل ومشرب وضيافة واستقبال المع ازيم وت أثيث‬
‫"وتف ريش الفرشة" وتوفير وسائل الترفيه من فلكلور موسيقي وفرح ورقص‪.‬‬

‫الحظت في ه ذه الحفالت س يطرة األب واألم في التنظيم وف رض أفك ارهم على الش باب‬
‫التع اون في تنظيم الحف ل لكن الع ريس يف ر من ال بيت م ع ش لة من أص دقاءه يبقى في ه م ع‬

‫‪89‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫أصدقائه المقربين وأقاربه من الش باب حيث يعيش ون حري ة تام ة يفعل ون م ا يش اءون تج د‬
‫الرقص وكل أنواع الموسيقى الحديثة ‪،‬رقص الفكاهين‪ ،‬غداء جاهز‪ ،‬يبتزا ومشروبات معلبة‬
‫وكحوليات ‪،‬حشيش وتدخين ومحرمات ‪،‬هناك من يحضر صديقته معه‪ ،‬تج د في ه ذا ال بيت‬
‫طقوس دينية ‪،‬راق خاص بالعريس يحضر معه ح تى الزف اف‪ ،‬بع د ه ذا تنتق ل ه ذه الحفل ة‬
‫الصغيرة الخاصة بالسيارات‪ .‬يذهب العريس بلباس جديد " كوستيم وكرافتات وصباط طالي ا‬
‫ني" ‪ ،‬ويركب في سيارة "مهبولة لوطو مريضة " على حد تعب ير أح د الش باب المقب ل على‬
‫الزواج ؟ " ‪.‬‬
‫يدور سرب السيارات في المدينة يصارع الظالم بكل عشوائية ال يهتم الشباب بمكان معين‬
‫وال تقاليد معينة يذهبون غالبا إلى شاطئ البحر يتوقفون في ميناء مثال أو حديقة البلدية أم ام‬
‫إقامة الوالية أمام تمثال في وسط المدينة أو أمام عمود إش ارة الم رور يفعل ون م ا يش اءون‬
‫يعبرون عن فرحتهم ثم يتوجهون نحو قاعة الزفاف أين تجد العريس وعروسته وقد قام أهله‬
‫بنقلها إلى قاعة الحفلة قبل دخول العريس للقاعة يغني الشباب أغني ة ش عبية " ص ل ي ا رب‬
‫على نبينا" وهنا تب دأ الحفل ة ليل ة العم ر لل زوج والزوج ة وفي ه ذه القاع ة ال يف رض أه ل‬
‫العريس ثقافتهم بل إدارة القاعة هي ال تي تف رض نظامه ا المحلي ت راقب طق وس ومراس يم‬
‫الزف اف وه ذه القاع ة مجه زة ومس يرة بأس اليب أربي ه المأك ل المش رب موس يقى أجه زة‬
‫إلكترونية حديثة هذه القاعة لها موظفين يوزعون الطع ام في مطبخ القاع ة يجه ز ثم ي وزع‬
‫في قاعة األكل بعد األكل تقام حفلة في الغالب يكون فيها اختالط‪ ،‬تقريبا كل الحفالت‪،‬ك انت‬
‫حفالت بحضور العريس والع روس وك ل مع ازيمهم نس اء ورج اال أق ارب وأص دقاء‪ ،‬ففي‬
‫هك ذا فرح ة الحظت أن ه يتم تقب ل أفك ار حديث ة جدي دة وبك ل س هولة دون مقاوم ة تقليدي ة‬
‫فاالزدواجي ة في ثقاف ة ال زواج أص بح يغلب عليه ا الط ابع الح ديث وينتهي الزف اف ويتج ه‬
‫العروسين إلى عش الزوجية يحلمون باألبوة واألمومة واالستقرار األسري‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أهمية ثقافة الزواج‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المطلب األول‪ :‬الزواج ومواصلة الدراسة‪.‬‬


‫إن تط رق للمواض يع الخاص ة بالش باب يجعلن ا نفهم س لوكا تهم ونتب نى إط ارات تالءم‬
‫أوضاعهم االجتماعية واالقتصادية والثقافية‪ ،‬مع " اعتبار اتجاهات الشباب ومواقفهم وأنماط‬
‫س لوكهم نتاج ا للس ياق االجتم اعي واالقتص ادي والت اريخي في المجتم ع كك ل‪ ،‬بحيث ال‬
‫نستطيع أن نعزلهم عن هذا السياق"‪ 1‬ولدراسة الظواهر المتعلقة بالشباب ينبغي علين ا تحدي د‬
‫هذه المراحل العمرية م تى تب دأ وم تى تنتهي ‪،‬ب الرغم من أن ه ذا التحدي د نس بي‪ ،‬ألن ك ل‬
‫مجتمع يحددها وفقا لعدد من المع ايير ومن بين ه ذه المح ددات م ا ه و مرتب ط ب التطورات‬
‫الحاصلة في نظام متغير‪.‬‬
‫صار الشاب يقضي س نوات عدي دة على مقاع د الدراس ة يتمكن من خالله ا من اكتس اب‬
‫المهارات و الخبرات التي تؤدي بدورها إلى تغ ير اهتمامات ه وتزي د من طموحات ه‪ ،‬ونظ را‬
‫للتغيرات الثقافية واالجتماعية التي حلت على المجتمعات ‪،‬مثل'' ارتفاع سن الزواج وخاصة‬
‫في المناطق الحضارية‪ ،‬ألن أعدادا كبيرة من الش باب يلتحق ون ب التعليم في مراح ل مختلف ة‬
‫وتس تغرق بعض أن واع التعليم س نوات عدي دة''‪ 2‬باإلض افة إلى التح اق الش باب بالجامع ات‬
‫المتخصصة التي تقدم له ا ت دريبا متخصص ا وتكس بهم خ برة مهني ة معمق ة للحص ول على‬
‫فرص عمل تتطلب تأهيال عاليا فرضه سوق العمل‪.‬‬
‫بعد التخرج يبحث الشاب عن عمل ليحقق االستقرار المادي ويستعد للزواج وباعتب ار أن ه‬
‫هو المعني باألمر عن األسرة المستقبلية‪ ،‬فإنه يحتاج إلى سنوات ليصبح ق ادرا على تأس يس‬
‫أسرة‪،‬وقد خلص ت إلى أن ظ اهرة ت أخر س ن ال زواج تمي ل إلى االزدي اد‪ ،‬والس ببان الل ذان‬
‫ساهما في تفاقم ه ذه األزم ة هم ا‪ :‬تك اليف الحي اة االجتماعي ة وك ذالك االنخ راط في التعليم‬
‫لسنوات طويلة‪.‬‬
‫ونجد أيضا إحصاءات التي قامت بها وزارة الداخلية األلمانية‪ 3‬للربط بين الفئة المهنية وس ن‬
‫ال زواج أثبتت ذل ك‪ ،‬وخلص ت إلى أن المتعلمين ي تزوجون في س ن مت أخر مقارن ة بغ ير‬
‫المتعلمين‪ ,‬فالشاب فيما مضى كان ينهي حياته التعليمية في ( التربي ة والتعليم) بع د س نوات‬
‫قليلة ليلتحق بالحياة العملية حسب مؤهالته وبإمكانه الزواج في هذا السن‪.‬‬
‫لقد أصبحت البنات يصرون إص رارا على أن يكملن تعليمهن لدرج ة أنهم أص بحن ي زدن‬
‫عن الطلب الذكوري في بعض الجامعات وه ذا لم ا أدى إلى ع دم قب ول الفت اة ال زواج قب ل‬
‫إكمالها التعليم الجامعي مما أخر سن الزواج‪ 4‬بالنسبة لمواصلة سن التعليم وكيف تؤثر على‬
‫الزواج لدى الش باب من الناحي ة الميداني ة الحظت أن الك ل تقريب ا من المبح وثين يفض لون‬
‫‪ - 1‬محمد علي محمد‪ :‬الشباب العربي و التغير االجتماعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬دار المعرفة الجامعية‪ ،1987 .‬ص ‪.19‬‬
‫‪ - 2‬الخولي سناء‪ :‬األسرة و الحياة العائلية‪ .‬بيروت‪ ،‬دار النهضة العربية‪ .1984 . ،‬ص ‪.167‬‬
‫‪ - 3‬كحالة رضا عمر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.341‬‬
‫‪ - 4‬جامع محمد نبيل ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.95‬‬

‫‪91‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫إنهاء الدراسة أي التدرج األول أو ما قب ل الت درج ثم يت درجون ويواص لون دراس تهم وه ذا‬
‫تغير ملحوظ بحيث وجدت بعض من المبحوثين الفتيات أنهوا فترة الليسانس وهن ق د خطبن‬
‫وعقدوا قرانهم وهم في" الم اس ت ر"أو" المج يس تر" أو ت ربص مه ني م ا ‪،‬وكلهن ش رطت‬
‫الدراسة قبل عقد البلدية أما الشباب فهم يفضلون إنهاء مرحل ة الدراس ة لل ذين حص لوا على‬
‫عمل أم الذين لم يحصلوا سوف يتقدمون للخطب ة ومواص لة العالق ة فيم ا بع د ح تى نهايته ا‬
‫تقول إحدى المبحوثين " كي نسوتني نتزوج مازال الحال‪ "...‬ميقلقنيش‪."..‬‬
‫وتق ول أخ رى " راه و مهبل ني‪...." "....‬درك ليكيدي ه ‪...‬ص امت‪ "...‬باغي ة نكم ل‬
‫ليزيقزام ان‪...‬ه و ح ابس‪...‬معن دوش نيف و‪...‬س نة تاس عة‪ "...‬وتق ول أخ رى" تعرفن ا في‬
‫السييام‪...‬وهو م ربحش‪...‬وأن ا رحت اللييس ي والجامع ة كي كملت ت زوجت‪...‬ودروك راني‬
‫ماستر‪...‬عن دي رب ع ذراري مع اه‪...‬ه و طاكس يور‪ "..‬وتق ول أخ رى " أن ا ركبت للعس كر‬
‫ومباعد خطبتها‪...‬ضرك هي في الماستر‪...‬في الصيف نزوجها"‪.‬‬
‫ظهرلي في الميدان مؤشر الف ارق في التعليم والمس توى الثق افي فالش باب ال يمل ك الكث ير‬
‫منهم مس توى التعليم المهم أن يك ون الش ريك (ف اهم) (واعي) (متخل ق) (خ دام) (مت دين)‬
‫(مسؤول) وهذا في رأي راجع أن وسائل اإلعالم مثل التلفاز االنترنت والصحف تس اهم في‬
‫رفع المستوى الثقافي فال يجد الش باب ص عوبة في التف اهم عكس العش ريتين الس ابقتين‪ ،‬في‬
‫السبعينات والثمانينات أين كان فارق التعليم يؤثر في التفاهم واالنسجام االجتماعي والتواف ق‬
‫الثقافي يقول أحد المبحوثين 'أنا اجون ‪...‬وهي معمله رانا متف اهمين ‪...‬الص يف إن ش اء هللا‬
‫نزو جوا" إذا في هذه الحالة المؤشر الثقافي يؤثر أكثر من الم ادي ال ذي ينق ل الم تزوج من‬
‫مكانة إلى أخرى‪.‬‬
‫كم ا أك د لي األغلبي ة من المبح وثين أن مؤسس ات الدراس ة مث ل الث انويين والجامع ات‬
‫والمعاهد وغيرها هي المالذ الوحيد للتعارف والتالقي والتواعد بعيدا عن العائل ة كم ا يمكن‬
‫أن يكون التالقي في مقاه أو محالت قريبة من مؤسس ات التربي ة ومط اعم أو وس ائل النق ل‬
‫الخاصة بالطلبة أين يكثر االختالط واالتصال الجنسي والتعارف فمؤشر االتساع الجغ رافي‬
‫للمؤسسات التعليمية هو عامل مهم في نشوء ثقافة الزواج لدى الشباب ال يعرفها ولم يعرفها‬
‫جيل العائالت التقليدية سابقا حيث كان منهم من يزاولون دراسات عليا‪.‬‬
‫يت بين لن ا من خالل مؤش ر التواع د والتالقي‪ ،‬أن الش باب ال يس تطيع ال زواج إال في س ن‬
‫مت أخرة بع د مرحل ة الدراس ة ثم العم ل أو التمهين وتعلم حرف ة‪ ،‬وه ذا بس بب الظ روف‬
‫االقتصادية‪،‬فالتفكير و التخطيط و التحضير و إنجاح الزواج أصبح يأخ ذ م دة طويل ة مكلف ة‬
‫مما دفع الشباب الستغالل طول هذه المدة الختص ار ال وقت وكس ب خ برات ح ول ال زواج‬
‫والحياة األسرية سواء تعارف أو خطبة تدوم سنوات وبالت الي أص بح الش اب يب ني مس تقبله‬
‫‪92‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وطموحه ويتشجع لكس ب مكان ة ليحق ق بن اء أس رة مس تقبلية‪،‬والج دول الت الي ي بين تط ور‬
‫التم درس عن د فئ ة الش باب‪ ،‬لل ذكور واإلن اث‪،‬في ش كل نس ب مئوي ة أخ دتها عن ‪:‬ال ديوان‬
‫الوطني لإلحصاء‪.‬‬

‫وهي عبارة عن إحصاءات حول التمدرس بكل أطواره في المجتمع الجزائ ري‪،‬أخ دت منه ا‬
‫م ا يخ دم ويس اعدني في ه دا البحث المي داني ح ول ال زواج ‪،‬م دعما تحليالتي‬
‫اإلجتماعية ‪،‬بإحصاءات أخرى حول الزواج‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬

‫الديوان الوطني لإلحصائيات ‪، 2005‬تطور معدالت المئؤية للتمدرس‪.‬‬


‫المجموع‬ ‫اإلناث‬ ‫الذكور‬

‫‪47.20‬‬ ‫‪30.60‬‬ ‫‪56.80‬‬ ‫‪1966‬‬

‫‪70.40‬‬ ‫‪59.60‬‬ ‫‪80.80‬‬ ‫‪1977‬‬


‫‪79.86‬‬ ‫‪71.56‬‬ ‫‪87.75‬‬ ‫‪1987‬‬
‫‪83.05‬‬ ‫‪80.73‬‬ ‫‪85.25‬‬ ‫‪1998‬‬
‫المصدر‪ :‬الديوان الوطني لإلحصاء ‪.2005‬‬
‫بين الجدول إرتفاع التمدرس المستمر عند فئة الشباب من اإلستقالل إلى فترت التس عينات‬
‫التي تمثل العشرية السياسية واإلقتصادية السوداء رغم ه ذا التم درس مرتف ع وك ذالك نس بة‬
‫الزواج مرتفعة كما يبين هذا الجدول الصادر عن ‪:‬‬

‫الديوان الوطني لإلحصائيات ‪،2005‬تطور نسب الزيجات المسجلة والمعدل الخام اإلجمالي‬
‫لنسبة الزيجات ‪.‬‬

‫‪2005‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫‪2002‬‬ ‫‪2001‬‬

‫‪297.54‬‬ ‫‪267.63‬‬ ‫‪240.4‬‬ ‫‪218.62‬‬ ‫‪194.27‬‬ ‫مع دل الزيج ات‬


‫‪6‬‬ ‫باأللف‬

‫‪93‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪8.50‬‬ ‫‪8.27‬‬ ‫‪7.55‬‬ ‫‪6.97‬‬ ‫‪6.2‬‬ ‫المع دل الخ ام‬


‫للزيجات بالمئة‬
‫المصدر الديوان الوطني لإلحصاء ‪2005‬‬
‫يبين الجدول إرتفاع المتزاي د لمع دل ال زواج والزيج ات‪،‬وه ذا ليس راج ع لتحس ن ظ روف‬
‫المجتمع اإلقتصادية‪،‬و الجدول الموالي يبين إحصائيات مأخوذة عن‪:‬‬
‫الديوان الوطني لإلحصائيات‪،2005‬لتطور معدالت المئوية للبطالة‪،‬وهو كاآلتي‪:‬‬
‫معدل البطالة‬ ‫السنة التعدد‬

‫‪35.3‬‬ ‫‪1966‬‬

‫‪15.62‬‬ ‫‪1998‬‬
‫‪13.79‬‬ ‫‪2008‬‬
‫من خالل الجدول نالحظ إنخفاض معدل البطالة طفيف بين ‪1998 – 2008‬ورغم ه ذا‬
‫معدالت الزواج في إرتفاع مستمر والتمدرس مرتفع وهذا يبين أهمية الثقافة والتعليم وأثرها‬
‫ودورها الفعال على تقافة الزواج لدى الشباب الجزائري‪،‬أي اليمكنن ا إرج اع تطورض اهرة‬
‫الزواج للعوامل اإلقتصادية ونهمل العوامل الثقافية‪.‬‬
‫يقول الباحث الجزائري المصمودي ندير‪ :‬أن "الشباب اليوم ال يستطيع أن يتزوج ويدرس‬
‫في آن واحد‪ .‬فال مناص إلى تأخير الزواج إلى ما بعد التخرج‪ 1‬ولك ني أرى أن ه ذا الت أخير‬
‫للزواج نابع عن وعي بالواقع في الوقت الذي نجد أن المنظوم ة التعليمي ة خلت من التوعي ة‬
‫الزوجية أما الباحث المصري محمد جامع يرى "أننا أصابنا داء أمية الزوجية مما أث ر على‬
‫صعوبة الحياة الزوجية وتأقلم عليها ومواجهة مشاكلها فال تتعلم الفتاة كيف تكون زوجة أم ا‬
‫وربة منزل كما ال يتعلم الفتى تحمل المسؤولية وربوبية األسرة ومفهوم الرجول ة وض رورة‬
‫‪2‬‬
‫السعي للرزق الحالل وقوامه األسري"‪.‬‬
‫وفي رأيي أن الشباب يملك ثقافة زواج لكنهم يواجهون ص عوبات إجتماعي ة مختلف ة و ه ذا‬
‫هو سبب لجوء الشباب لنسج عالقات مبكرة تمهيدي ة مس تقبلية به دف تأس يس أس رة نووي ة‬
‫زوجية عن طريق تعارف وخطبة تدوم سنوات وهو مؤشر يعكس البعد الثقافي واالجتماعي‬
‫من أول تصورات الشباب للزواج الذي أص بح ج زء من ثقاف ة ش بابية وثاني ا تح ول العائل ة‬
‫التقليدية إلى حديثة أو أسرة نووية مع بقاء القيم التقليدية الريفية داخل الفضاء الحضري هذه‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المصمودي نذير ‪:‬عزوف الشباب الجزائري عن الزواج‪:‬لماذا ؟‪.‬الجزائر‪،‬دار البعث للطباعة‪،1985،‬ص‪.30‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬جامع محمد نبيل‪:‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬

‫‪94‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫العوام ل تجع ل المجتم ع ض عيف البن اء أم ام تغ يرات الوظيف ة في النس ق‪.‬خاص ة النس ق‬
‫االقتصادي وما أفرزته التقلبات الصناعية من انعكاسات والتطور التكنول وجي في المص انع‬
‫من مش اكل عمالي ة وتف اقمت ظ اهرة البطال ة وتط ورت وارتفعت نس بتها وأص بحت ته دد‬
‫المجتمعات المتقدمة و النامية على حد السواء‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الزواج و مجابهة البطالة‬


‫البطال ة من أك بر المش اكل االجتماعي ة واالقتص ادية ال تي تع اني منه ا ال دول والمجتمع ات‬
‫وتعرف بأنها" عدم اشتغال أي عمل بأجر والبطال ة ه و ذال ك الف رد ال ذي يك ون ف وق س ن‬
‫معينة بال عمل وهو قادر على العمل وراغب فيه ويبحث عنه عند مستوى أجر سائد لكنه ال‬
‫يجده"‪ 1‬ويدخل تحت هذه الفئة االجتماعية األفراد العاطلين عن العمل والذين يعمل ون بص فة‬
‫مؤقتة أو دوام ناقص يدخل بدخل منخفض مثل عقود م ا قب ل التش غيل والعم ال في القط اع‬
‫الخاص الغير مسجلين والغ ير مؤم نين وك ذلك األف راد الق ادرين على العم ل وهم في حال ة‬
‫بطالة إدارية وبطالة الطلبة ‪.‬‬
‫والبطالة ظاهرة اقتصادية ظهرت واستفحلت مع ظهور الصناعة ولم تكن تشكل مش كل‬
‫في المجتمعات الزراعية التقليدية‪ .‬وطبقا لمنظمة العم ل الدولي ة ف إن العاط ل ه و ك ل ق ادر‬
‫على العمل والراغب فيه ويبحث عنه ويقبله على المستوى األجر السائد‪ ،‬ولكن دون جدوى‪.‬‬
‫ومن خالل التعريف السابق يتضح أن تفش ي ظ اهرة البطال ة في أوس اط الش باب تح ول دو‬
‫حصوله على فرصة عمل أو دخل ثابت يمكنه من تحم ل أعب اء ال زواج ال ذي يعت بر ح دثا‬
‫هام ا في دورت ه العمري ة ‪.‬والبطال ة في تزاي د مس تمر‪" ،‬بلغت س نة ‪29.5 1997‬‬
‫بالمائ ة ‪،‬وبلغت نس بة الش باب ال ذين يبحث ون عن عم ل ‪ 72.2‬بالمائ ة عن د ال ذكور و‬
‫‪26.9‬بالمئ ة عن د البن ات"‪.2‬ت بين لي من خالل البحث أن الش باب على وعي ت ام بالبطال ة‬
‫وعالقتها بنضرته المستقبلية لمشروع زواجه‪.‬‬

‫ومن خالل هذا الجدول الذي يبين إحصائيات صدرت عن‪:‬‬


‫الديوان الوطني لإلحصائيات ‪1995،‬حول النسبة المئوية للبطالة‪.‬‬

‫ير المجموع‬ ‫دون غ‬ ‫ب‬ ‫إبتداءي متوسط ثانوي تك وين تعليم‬


‫‪1‬‬
‫‪ -‬رمزي زكي‪ :‬االقتصاد السياسي للبطالة‪ ،‬الكويت‪،‬مجلة عالم المعرفة ‪ ،‬العدد ‪ ،226‬أكتوبر ‪ ،1997‬ص ‪.39‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المجلس الوطني االقتصادي و االجتماعي ‪ :‬الدورة السابعة عشرة‪ ،‬ماي ‪ ،2001‬ص ‪.26‬‬

‫‪95‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫مس توى محدد‬ ‫عالي‬ ‫مهني‬


‫تعليمي‬
‫‪100‬‬ ‫‪5.2‬‬ ‫‪35.5‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪6.9‬‬ ‫‪52.2‬‬ ‫‪- 198‬‬
‫‪7‬‬
‫‪100‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪7.3‬‬ ‫‪4.4‬‬ ‫‪11.3 20.7‬‬ ‫‪29.9‬‬ ‫‪25.8‬‬ ‫‪1995‬‬

‫المصدر الديوان الوطني لإلحصاء ‪.1996-1987‬‬


‫نستنتج من الجدول أن نسبة البطالة ترتفع ل دى الش باب الغ ير متعلمين لكنه ا تنخفض ل دى‬
‫المتعلمين في التعليم العالي والتكوين المهني ‪،‬مع العلم أن معدل الزواج في إرتفاع مستمر ‪،‬‬
‫وهذا يبين أهمية الثقافة التي تساعد الشباب للحصول على العم ل والت أقلم ال واعي م ع واق ع‬
‫المجتمع المتغير‪،‬والجدول الموالي يؤكد ذالك ‪،‬وهو يمثل معدالت صدرت عن ‪:‬‬
‫الديوان الوطني لإلحصاء‪ ،‬تط ور النس بة) المئوي ة (لمتوس ط األس ر النووي ة أي الزوجي ة‬
‫مقابل األسر المركبة أي العائالت‬
‫‪2008‬‬ ‫‪1998‬‬ ‫‪1987‬‬ ‫‪1977‬‬ ‫السنوات‬
‫‪71.40‬‬ ‫‪68.64‬‬ ‫‪66.67‬‬ ‫‪51.40‬‬ ‫أسر نووية‬
‫‪27.65‬‬ ‫‪25.33‬‬ ‫‪33.33‬‬ ‫‪49.60‬‬ ‫أسر مركبة‬
‫المصدر الديوان الوطني لإلحصاء ‪.2008‬‬
‫يت بين من الج دول أن األس ر الزواجي ة في إرتف اع دائم واألس ر المركب ة في تن اقص‬
‫مستمر ‪،‬رغم وجود البطالة في المجتم ع وه ذا إنم ا ي دل على أهمي ة ثقاف ة ال زواج وتكي ف‬
‫الشباب مع واقع التغيرات التي مس ت بن اء األس رة الممت دة أي العائل ة الجزائري ة‪،‬يع نى أن‬
‫تحديث المجتمع وما ترسب عنه من أزمات لم يؤثر على إنتشار ثقافة ال زواج في المجتم ع‬
‫رغم المشاكل االقتصادية وظهور البطالة وقلة الوظ ائف والش غل والعم ل أم ام الش باب في‬
‫المؤسسات الحكومية‪.‬‬
‫ارتف اع البطال ة وتغ ير العائل ة وفق دانها للعدي د من وظائفه ا خاص ة اإلنتاجي ة على س لوك‬
‫الشباب‪ ،‬فيشعرون بالعلة الشديدة والتهميش والحرمان والعوز والقهر واالضطهاد ‪،‬وخاص ة‬
‫لمن هم في مرحلة الشباب األولى لما تتسم به من متطلب ات معيي ة أساس ية وكمالي ة‪ ،‬وأك ثر‬
‫بدرجة أعلى بالنسبة لحاملي الشهادات ‪،‬حيث تتولد ل ديهم مش اعر التح دي وع دم االنض باط‬
‫واإلحساس بان هذه األنظمة غير عادلة‪ ،‬ألنها غير قادرة على توفير مناصب شغل للعاطلين‬
‫وإن وجدت فإنها توزع بطرق غير عادلة قانونيا‪ ،‬والتباري يؤدي إلى عدم الشعور باالنتماء‬
‫‪96‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫للمواطنة والهوية المشتركة فيعيش الشاب حالة إقصاء ‪،‬وكثير منهم يتجه نحو اإلدم ان على‬
‫الكحول والمخدرات بشتى أنواعها وكثير من الشباب يتجهون إلى السرقة والجريمة المنظمة‬
‫وه ؤالء الش باب كم ا الحظت‪ ،‬هم الفئ ة ال تي تع زف عن ال زواج وال تفك ر ه ذه الفئ ة في‬
‫الزواج إال إذا توفر المال والعمل والسكن وحتى يباشرون في تحضير ال زواج ب أي طريق ة‬
‫تقليدية كانت أو حديثة وكثير من هؤالء يبحثون عن شريك له أجرة محترمة‪.‬‬
‫يق ول أح د المبح وثين " ثتخب او م ورا دي ك اله درا‪...‬م نزو جش لص ه و ك ان ص اب‬
‫خدمة‪...‬ي تزوج‪...‬غ ير يلعبوه ا" ويق ول أخ ر عن الع زوف" خلين ا ه ادوك كلوش ار يفك رو‬
‫هكا‪."...‬‬
‫ويق ول أخ ر " يقول ك ن ديها قاري ة حرق ة "ج امي خ رجت مع اه يبغ وا‬
‫السهرات‪...‬صوالح‪...‬ابارتومو‪ "...‬وتقول أخرى " قالي متشرفنيش خدمتك "أومبل وا ديج ان‬
‫"أنا خدمتي كونترا‪...‬ميشرفنيش ويكون عندنا افونير‪...‬وتقول أخ رى" حن ا م نزعقوش على‬
‫بنات الناس" وتقول أخرى " مسؤول‪ ...‬ويكون خدمتو سطابل" ‪.‬‬
‫ويقول أخر" زوجة‪...‬شهرية مليحة‪...‬تساعد" وتقول أخرى"ماصايبينش كيفاه يطلعو نهارهم‬
‫يكسر لي الراجل راسي‪...‬نحطله الشهرية في يده‪. "...‬‬
‫أكد لي ك ل المبح وثين أن عام ل العم ل أو البطال ة ه و األس اس في تحدي د م دة تحض ير‬
‫الزواج لدى الشباب‪.‬‬
‫تقول إحدى المبحوثين" كاين خدمة يتزوج‪...‬مكانش خدمة مك انش زواج" وتق ول أخ رى "‬
‫أنا تخص ص ت اعي ص حافة ‪ ....‬مغاج ديش نص يب خدم ة‪...‬كي ن تزوج عارف ة ميخلي نيش‬
‫نخدم‪...‬قالي خدمة من خدمة"‪.‬‬
‫ويقول آخر " الحمد هلل ‪ ...‬راني تيتيالر‪...‬ربحت في مسابقة عمل‪...‬كنت مغبون‪...‬إنا عقود‬
‫قبل التشغيل وهي ثاني"‪.‬‬
‫وتق ول مبحوث ة أخ رى " يخ دم جون دارم يخلص مليح‪...‬كي نكم ل قراي تي ش رط ب اش‬
‫نخدم‪...‬ماقالتلي في البلدية شرطي قرايتك‪ ،‬انأ حشمت" ‪.‬‬
‫كم ا أك د لي الكث ير من الش باب أنهم يفض لون الم رأة العامل ة وال تي له ا أج ر معين وال‬
‫يفضلونها عاطلة حتى لو كانت غير متحصله على شهادة وه ذا مؤش ر إس تراتيجية الش باب‬
‫يعكس التوافق في األجر والمكانة والمستوى المادي‪.‬‬
‫تقول أم " قريت بناتي زوجت زوج وجدت وحدة تخ دم بس يكو عق ود ماقب ل تش غيل‪...‬نبغي‬
‫بناتي مينغبنوش كيما انغبنت أنا"‬

‫‪97‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪.‬وتقول أخرى " تقول ماعندي ماندير براجل عندي لوطو وسكنى والليبارتي‪...‬نخ رج كيم ا‬
‫نبغي‪...‬دراهمها في جيبها"‪.‬‬
‫وتقول " إنع دام الثق ة مي وع وانح راف أخالقي‪...‬يلقى روح و ‪ 50‬س نة بال زواج ‪...‬هادي ك‬
‫البنت ماتساعدش‪...‬أال معندهاش خدمة تصيب عائق باش تجهز روحها‪. "...‬‬
‫يقول أب" يختار الشاب واحد البنت من وسط العمل ‪."...‬‬
‫ويقول آخر " رأسهم خاوي‪...‬واحد يدير لكواغط ويروح‪. "...‬‬
‫يظهر من هذه المداخالت مؤشر االختيار ومدى تأثره بالعمل ودخل الفرد أو األجر وكيف‬
‫أن كثير من الش باب ال ذين يع انون التهميش يفك رون في ال زواج الس هل ‪،‬زواج المص لحة‪.‬‬
‫بينما فئة أخرى من الشباب كما الحظت تفضل بناء نفسها بنفس ها واالعتم اد على النفس في‬
‫الدراس ة والعم ل ‪،‬ومن خالل ه ذه المس يرة وخوف ا من البطال ة يخت ار التع رف على فت اة‬
‫والعكس تختار فتاة شاب ويتعاونون ويخططون حتى يكونوا أزواجا خالل مدة زمنية محددة‬
‫بعد التعارف الذي يمكنه تخفيف التوتر والضغط الذي يعانيه الشباب من التقلبات واألزم ات‬
‫االقتصادية‪ ,‬فثقافية ال زواج من خالل التع ارف بني ة ال زواج تخف ف الص راع في العالق ات‬
‫الشبابية من خالل العالقة العاطفية لما قبل فترة الخطوبة وال زواج ال تي يت دخل فيه ا األه ل‬
‫واألقارب خاصة أثناء فترة دفع المهور وتكاليف الزواج‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تخفيف غالء المهور وتكاليف الزواج‬


‫قد جعل اإلسالم المهر من نصيب المرأة وحق ال ينتزع منه ا ‪''،‬والمه ر ه و م ا يدفع ه‬
‫الرجل إلى أهل الفتاة ويسمى الصداق أو الص دقة في البالد العربي ة وهي من المص طلحات‬
‫الجاهلية‪ ،‬وال واحدا معينا له‪ ،‬ويعاد إلى الرجل إذا حدث خالف يؤدي إلى الفراق''‪.1‬‬
‫‪ - 1‬جامع محمد نبيل ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.108‬‬

‫‪98‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ويظهر المهر‪ ،‬صدق الرج ل ورغبت ه في ال زواج من الم رأة ال تي يري دها ش ريكة حيات ه‬
‫وزوجة يعاشرها‪ ،‬ويعتبر المهر من أركان اكتمال شروط الزواج وعقده‪ ،‬وق د ك ان ص حابة‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪،‬يتزوجون بمهور رمزية ح تى يكون وا ق دوة للش باب يحت دا‬
‫بهم‪،‬ولكن بع د اتس اع رقع ة البالد اإلس المية ارتفعت المه ور بس بب الفتوح ات اإلس المية‬
‫وتحسن أحوال الناس ومعيشتهم في البالد اإلسالمية وق وة الدول ة والخالف ة اإلس المية ال تي‬
‫بلغت أوج قوتها وتطورها في تلك العصور‪ ،‬حتى أصبح مهر العروس رمز للثورة والنسب‬
‫والسلطة والمكانة االجتماعية والطبقة االجتماعية‪.‬‬
‫وقد عرف المهر جدلية مثل الحق والثمن‪ ،‬فيقال في العامية كم حق ه ذه الفت اة‪ ،‬بمع نى كم‬
‫ثمنها‪''.‬وال حاجة لتبرير غالء المهر بالنسبة للمقتدرين‪ ،‬ف المعروف أن ه رم ز ل رفعت البنت‬
‫ومقاما لمنزلتها وضمانا لسعادتها وقيدا للزوج‪ ،‬يحضه على حسن معاملتها وهذا ليس بحقيقة‬
‫واقعية''‪ . 1‬بالنسبة لألفراد الواعين بزيف المباهاة والبذخ ‪ ،‬الذي هو رم ز ثقاف ة من رم وز‬
‫األغنياء‪،‬فهم يفرضونه في عادات وتقاليد الزواج فترسخ هذه العادات في األذهان من خالل‬
‫مؤسسات التنشئة و وسائل اإلعالم وغيرها من أجهزة ومؤسس ات في المجتم ع‪ ،‬فكث يرا م ا‬
‫يجد الشاب في الطبقات الفقيرة أنفسهم عاجزين عن دفع المه ور و ال زواج و تق ديم تك اليف‬
‫الزواج و منه ظهر العزوف و العزوبة وتأخير سن الزواج‪ ،‬و ظه ور أفك ار ش بابية جدي دة‬
‫تحاول تغير الحال و القضاء على عدة تقاليد يرونها ال تفهم في ه ذا العص ر‪ ،‬لكنهم يالق ون‬
‫رفض و مواجهة من طرف اآلباء و األجداد الذين يتشبثون بهذه العادات الخاص ة باألغني اء‬
‫رغم كونهم من طبقات ال دنيا و يقيم ون أبن ائهم على دف ع المه ور ال تي تف وق ك ل طاق اتهم‬
‫المادية‪.‬‬
‫إن ف رض دف ع مه ور وتك اليف باهظ ة لل زواج على ش باب فق يرا وش باب لم يحق ق ذات ه‬
‫يعد‪،‬بحجة عادة األجيال السالفة‪ ،‬هذا في رأيي نقص وعي االجتماعي أمام شباب متعلم ن ال‬
‫أرقى الشهادات و تعلم أحسن المهن العصرية ‪،‬أو الشباب ال ذي يس اير األح داث المتناقض ة‬
‫ال تي ت دفع العالق ات بين الف اعلين و األدوار إلى الص راع و الت وتر في عملت بن اء أس رة‬
‫جديدة‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد يرى "مشال بووزون "انه "لو كان الحل بيد األفراد يكون اختيار ال زوج أو‬
‫الزوجة اختيار حر لكن بسبب ثقل الظ روف الخارجي ة‪ ،‬ف ان إمكاني ة االختي ار مح دودة من‬
‫الخارج بعراقيل منها سلطة المعايير االجتماعية"‪" . 2‬المعايير المعلن عنه ا و المع ترف بي ه‬
‫هناك معيار للزواج المتجانس و يرسخه كل جيل ألخر "‪ 3‬أي إلى األبناء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬جامع محمد نبيل‪ :‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.109‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-MICHEL, Bouzon: Français Hearne, La formation du couple, textes pour la sociologie de la famille, la‬‬
‫‪découverte collection grands repères classiques, Paris, 2006 P 10.11.16.17.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- I Bide, P 16-17.‬‬

‫‪99‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫أرى انه في هذا التن اقض بين اإلب اء و البن اء ح ول تك اليف ال زواج ال تي أص بحت تكل ف‬
‫ث روة‪،‬يري د األبن اء إض افتها للس كن خ اص بالحي اة الزوجي ة ح رة ‪،‬و أم ام األزم ات‬
‫االقتصادية‪،‬جعل اإلباء يريدون فرض ش روطهم م ع أنهم يتخل ون عن وض يفتهم في تحم ل‬
‫مسؤولية تزويج الشباب ‪،‬خاصة مع تحول العائلة التقليدي ة ال تي فق دت قوته ا و مكانته ا في‬
‫المجتمع ‪،‬كوحدة إنتاجية تستقطب إفرادها و تنتج روابط التناسخ ‪،‬فقدت هذه العائلة وظيفته ا‬
‫لسيطرتها على تزويج الشباب ‪،‬هذا األخير الذي أصبح يكتسب ثقافة عص رية حديث ة يواج ه‬
‫بها تقاليد اآلباء م ع اس تقالله مادي ا عن العائل ة‪ ،‬بحيث في ض ل ض عف العائل ة اقتص اديا‪،‬‬
‫أصبحت ثقافة العائلة و إن كانت تجدد نفسها ضعيفة أم ام الش باب ال ذي أص بح ينتق دها عن‬
‫طري ق اس تراتيجيات وعالق ات مخطط ة‪ ،‬تعلمه ا من خالل مس يرته الدراس ية المهني ة‪.‬‬
‫أصبح الشباب يتع رف على ش ريك حيات ه و يتف ق مع ه ثم يبل غ والدي ه ليس اندوه في إنج اح‬
‫زواجه ومنحه البركة الرمزية و الرضا الروحي‪.‬‬
‫إذا أصبح إنجاح الزواج ثقافة شبابية ناشئة مقاب ل ثقاف ة تقليدي ة اس تراتيجيه لش بان عالئقي‬
‫مقابل ضوابط و قواعد عائلي ة و ه ذا م ا جع ل عملي ات الص راع تنش ئ في نس ق مؤسس ة‬
‫الزواج ‪،‬لمحاربة عوائق ونقص الوعي و الثقافات المفروضة و التقاليد العالق ات المتط ورة‬
‫في النسق االجتماعي ووظائفه ومتطلباته يقول بيار بورد "يجب على إستراتجية ال زواج أن‬
‫تضمن الحفاظ على التراث‪...‬أي إعادة قوة عملها ‪...‬إن هذه المس تويات االقتص ادية المادي ة‬
‫في إستراتيجية الزواج‪ ،‬تبدو جليا مع المهر الذي يتحكم فيه هو األخر مستوى الملكية وقيمة‬
‫هذا المهر هو بدوره يحدد طموحات طالب الزواج وعن طري ق المه ر االقتص اد ه و ال ذي‬
‫يحكم مبادالت الزواج وهذا م ا يجع ل ال زواج يمي ل ليص بح بين ع ائالت من نفس المرتب ة‬
‫االقتصادية"‪ .1‬أنها جملة استراتيجيات إعادة اإلنتاج البيولوجي والثقافي‪،‬واالجتم اعي وال تي‬
‫تلجأ إليها كل مجموعة من أجل أن تنقل للجيل القادم على ماهية عليه أو بعد ما يضاف إليها‬
‫أشياء أخرى االمتيازات التي ورثها هو ذاته‪.‬‬
‫من هنا أرى أن تعارف الشباب قبل الزواج من أجل أن يحققوا مكانة اجتماعي ة وط ول‬
‫فترة الخطوبة بعد أن يحصلوا على عمل‪ ،‬ومحاولة فرض أفك ارهم ن اتج عن وعي الش باب‬
‫بأن األزم ات االقتص ادية ت ؤدي إلى غالء تك اليف الزف اف والمه ر‪ ،‬ل ديهم إرادة‪،‬يح اولون‬
‫التخلي عن كثير من عادات و تقاليد الزواج المكلفة التي تكلف ث روة طائل ة ‪،‬ع ادات تخص‬
‫ثقافة طبقات الغنية ‪،‬بل وحتى الشباب الغني المتمكن‪،‬ت بين لي أن ه ي رى في تك اليف التقالي د‬
‫واألموال الطائلة التي تصرف لتحقيق زواج بمه ور المباه اة واالفتخ ار‪،‬ي رى ه ذا الش باب‬
‫وج وب اس تثمارها ح تى تك ون رأس مال منتج‪ ،‬لكن الش باب بع د نهاي ة مرحل ة الدراس ة‬
‫والحصول على مهنة ويقرون الزواج‪ ،‬يأتي اآلباء لفرض ثقافة المجتمع الموروثة عن ثقاف ة‬
‫‪1‬‬
‫‪- PIERRE, Bourdieu: Le bal des célibataires, crise de la société paysanne en Béarn, Ed du soleil, 2002.P‬‬
‫‪177.178.‬‬

‫‪100‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫العائلة التقليدية فينشا الصراع بين اآلباء واإلب اء ح ول ال زواج‪ ،‬فيب ادر الش باب بالمفاوض ة‬
‫والحوار للتخفيف من حدة التوتر وصدام األفكار والتصورات‪ ،‬خصوصا أن ال زواج عب ارة‬
‫عن حفالت وفرح وتكامل بين أسر وع ائالت وأف راد واألهم من ذل ك تكام ل ال ذكر الش اب‬
‫واألن ثى الش ابة بفع ل أج واء الف رح وم ع المفاوض ات المس تمرة ح ول زواج الش باب يق ل‬
‫الصراع شيئا فشيئا‪ ،‬إلى يوم الزفاف وحفالته وبعده إلنشاء أسرة جديدة في المجتمع‪.‬‬
‫من خالل المقابالت مع المبحوثين والمالحظة ح ول تنظيم حفالت ال زواج المختلف ة في‬
‫المجتمع‪ ،‬اكتشفت أن الصراع يشتد في بداية كل مرحلة من مراح ل ال زواج ال تي أص بحت‬
‫تدوم مدة طويلة‪ .‬بداية من التعارف حيث يظهر ص راع وقل ق بين الش ابين وص راع نفس ي‬
‫وثنائي بينهم في ما يخص قرار الزواج واختيارهم المتبادل لبعضهم‪ ،‬ثم ينتهي هذا الص راع‬
‫أو تخف الوثيرة‪ ،‬بعد لقاء بينهم في شكل حفلة خاصة‪ ،‬يقررون فيها زواج مستقبلي يحددون‬
‫الشروط و المهر‪.‬‬
‫تقول إحدى المبحوثين حول الموعد الذي قررا فيه أن تتم معرفتهم ببغض هم به دف ال زواج‬
‫" تاريخ مق دس بنس بة لين ا" وتق ول أخ رى " نحتف ل بي ه ك ل ع ام" ‪.‬لكن بع د ه ذا التواف ق‬
‫واالنس جام يع ود الص راع والخالف من جدي د وه ذا ي وم يق رر المتعرف ان إبالغ األس ر‬
‫بقرارهما حول الزواج‪ .‬ويشتد الخالف بين اآلباء حول أسلوب االختي ار‪ ،‬وب األخص اآلب اء‬
‫المنغلقين على العادات التقليدية‪.‬‬
‫يظهر لنا من تحليل مراحل زواج المبح وثين التن اوب بين التكام ل والص راع ه ذا التن اوب‬
‫يتخلله حفلة من حفالت الزواج العديدة تعكس الواقع الثقافي للش باب المعاص ر وواق ع ثقاف ة‬
‫اآلباء التقليدية‪ ،‬ومنه يتجلى لنا مؤشر أهمية ودور هذه الثقافة سواء القديمة أو ثقافة الش باب‬
‫حول الزواج ودورها في تخفيف الصراع داخل مؤسسة الزواج ونسق العائلة والقرابة‪.‬‬

‫يتبين لنا وجود وعي الشباب بغالء المهور والصداق وتكاليف الزواج كونها ترسبات ثقافية‬
‫تاريخية مصدرها العائلة التقليدية التي كانت تعيش ظروف غير ظروف العصر ومتطلبات ه‪.‬‬
‫وهي ثقافة الطبقات الغني ة‪،‬ال تي فرض ت على المجتم ع ورس خت في ش كل ع ادات وتقالي د‬
‫أصبحت توجه الفرد وتس يطر علي ه وتعج زه كم ا ه و الح ال للش باب الع ازف عن ال زواج‬
‫بسبب األزمة االقتصادية وغالء المهور وتكاليف الزواج التي تدخل إطار ثقافة المجتمع ‪.‬‬

‫وعي الش باب جعل ه يح د من ه ذه الظ اهرة بنس ج إس تراتيجيات غ يرت مفه وم ال زواج‬
‫وتقاليده في المجتمع والعامل االقتصادي هو محرك هذه الثقافة الشبابية الجديدة‪.‬تبين لن ا من د‬

‫‪101‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫بداية المقابالت وجود صراع بين األبناء أنفسهم و مع اآلباء حول قرارات االختيار الفردي‪،‬‬
‫وصراع بين اآلباء أنفسهم حول موقفهم من أسلوب األبناء في التعارف والقرارات الفرضية‬
‫للزواج‪ ،‬وفي داخل هذه العالقات المتأزمة تظهر أهمية ثقاف ة ال زواج حين يت دخل الش باب‬
‫ويفرض رأيه وقراره ‪،‬يتفاوض عن وعي ومعرفة وخبرة اكتسبها خ ارج األس رة من خالل‬
‫الدراس ة والعم ل‪ ،‬اس تعدادات تجعل ه يبحث عن أفك ار جدي دة تعكس ذك اء اجتم اعي و‬
‫ع اطفي ‪،‬يخ اطب في ه الش اب حن ان األموم ة واألب وة ويوظف ه لص الحه وينس ج ش بكة‬
‫عالقات ‪،‬نم ط من الش عور الجمعي أو الض مير الجمعي يجعل ه يتع ايش م ع روح العص ر‬
‫ويبطن الروح التقليدية ال تي يس تغلها الش باب ليعي د إحي اء روح قيم العائلي ة التقليدي ة ال تي‬
‫توجه تصرفاته لربط عالقات مع األسرة على أسس يوائم فيه ا بين القيم الحديث ة والتقليدي ة‬
‫للتحضير وتحقيق زواجه المأمول في األسرة ‪،‬فيقتنع اآلباء بقرار األبناء وموقفهم ونضرتهم‬
‫للزواج‪،‬فيخف التوتر والقلق االجتماعي ويظهر التوافق واالنسجام‪.‬بعد هذا االنس جام يتن ازل‬
‫الشباب عن بعض التصورات بالمقابل يتن ازل اآلب اء عن بعض الع ادات والتقالي د األس رية‬
‫الموروث ة‪ ،‬وه ذا بع د ح دوث الخطب ة وتع ارف األس رتين على بعض هم البعض وينخفض‬
‫الصراع والقلق والتناقض بفعل حفلة الخطوبة على طريقة الشباب وأسلوب اآلباء كما رأين ا‬
‫سابقا‪ .‬ثم بعد مرحلة الخطوبة يعود الصراع من جدي د بين الخ اطبين وأس رتيهما ح ول دف ع‬
‫المهر وتكاليف الزفاف التي تبين لي أنها مرتفعة بفع ل ثقاف ة تقليدي ة قديم ة مت أثرة بالملكي ة‬
‫والطبقات الغنية العليا السابقة‪،‬ذالك أن ترسباتها وأفكارها العتيقة الزالت ت ؤثر في الع ائالت‬
‫الحديثة واألسر خاصة األجداد واآلباء الذين يمارسونها في حياتهم اليومي ة‪ ,‬يت دخل الش باب‬
‫بفضل خبرته الطويلة التي اكتس بها من مرحل ة التع ارف الطويل ة ويتمكن من ف رض رأي ه‬
‫بوعي اجتماعي ويتنازل الوالدين عن بعض التقاليد وبعض القيم الثقافي ة الس الفة خاص ة في‬
‫جو حفلة الخطوبة أو المالك التي تظهر مشاعر العاطف ة والفرح ة بأبن ائهم ال ذين س يكونون‬
‫قريبا أسرة ومكانة اجتماعية‪ .‬وبع د ه ذه المرحل ة يع ود الخالف من جدي د ح ول الع رس و‬
‫تحضيره و تنظيمه وتكاليفه لكن هذا الص راع يخ ف من أج ل ص الح وفائ دة أبن ائهم ويق ام‬
‫عرس أو ليلة الزفاف وما يسبقها من حفالت يسودها الوئام والتع اون واالنس جام بين األه ل‬
‫والشباب والزوج وزوجته‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫ومن هنا يتبين أن عالقة المهر بالزواج هي عالقة تكامل وت داخل ف المهر على أساس ه‬
‫يقام الزواج الذي يعكس رموز اجتماعية ومن أجل إقامة طقوسها ومراسيمها تستهلك أم وال‬
‫وثروة‪ ،‬إذن الرمز يستهلك المادة وفي نفس الوقت الم ادة تح يي الرم ز وتنتج ه‪،‬ف المهر ه و‬
‫الذي ينتج زواج‪ .‬فبتغير الم ادة يتغ ير الرم ز وبتط ور الرم ز تس تهلك الم ادة في المجتم ع‪.‬‬
‫وعالقة التكامل والتداخل والتبادل في نسق الزواج هي التي تخفف الصراع في نسق الزواج‬
‫بين األدوار‪ ،‬أي بين األب واالبن واألم والزوجة وآبائها وباقي األهل والقرابة‪،‬وحيثما انتشر‬
‫الصراع داخل نسق الزواج والعائلة والقرابة انتشر الصراع في ب اقي األنس اق تحت عالق ة‬
‫التساند والتأثر المتبادل بين أنساق النس ق الكلي في المجتم ع و''يح دث الص راع في األس رة‬
‫بين األدوار "‪ 1‬عندما يتعدى أحد أعضاء األسرة حدود الدور المحدد له ثقافيا‪ ،‬ذلك أن أف راد‬
‫األس رة يختلف ون في مص الحهم ودوافعهم‪ ،‬وينش أ الص راع عن دما يبحث ك ل واح د عن‬
‫مصلحته على حساب اآلخرين ومن ثم يقب ل أعض اء األس رة المس اومات للتع ايش وإلنه اء‬
‫الصراع القائم بحيث تستخدم المفاوضات والحث واإلقناع كوسيلة إلنهاء ال نزاع ال ذي ينش أ‬
‫بين اآلب اء واألوالد ال ذين ي رون تناقض ا بين تع اليم الوال دين وس لوكهم المجتم ع‪ ،‬فتك ون‬
‫استجاباتهم بين التوافق والقبول إلى عدم التواف ق وع دم القب ول‪.‬و ه ذه باختص ار أفك اري و‬
‫نضرتي للصراع حول المجتمع و األسرة والتغيرات المؤثرة على ثقافة الزواج‪.‬‬

‫كما ظهر لنا أن ارتباط المهر بالزواج هي عالقة تكامل و تداخل ينتج عنها عالقة أفراد‬
‫متناقضة فعلى هذا األساس المهر يقوم بإقامة الزواج و يستهلك األفراد أمواال و ثروة طائل ة‬
‫إلقامة رموزا لزواج و شعائره حسب األسرة و العائلة و نموذج الشباب ‪.‬‬

‫فمن الشباب من يكلف مهر مرتفع و تك اليف زواج فيه ا إس راف و تب اهي و تف اخر تف وق‬
‫مستواه المادي و دخله الفردي و يك ون ه ذا مف روض علي ه من ج راء جي ل آلب اء ‪ ،‬ال ذين‬

‫‪- 1‬جامع محمد نبيل ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.171‬‬

‫‪103‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫يتبعون التقاليد المتوارثة تاريخيا من العادات طبقية ألجيال سالفة ‪ ،‬فيكون الشاب في زواجه‬
‫وبناء أسرته تابع ينفذ ما يمليه عليه العائلة و األقارب‪.‬‬

‫ومن الشباب من يدفع مهر يتناسب م ع دخل ه و مس تواه الم ادي و الطبقي و ال يس رف في‬
‫تكاليف الزواج و يفضل أن يبني أسرة التوازن بين العادات و التقاليد من جهة ومن جه ة‬
‫أخرى يستجيب لثقافة العصر الذي يعيشها في مؤسسات مجتمعه‪.‬‬

‫ومن الشباب الذي ال يهم عنده توفير مهر و يتأثر بالتغيرات و التقلب ات االقتص ادية و‬
‫ما تحدثه من أزمات مالية وفكرية و يفض ل العيش أع زب و ال يهتم بالض وابط و القواع د‬
‫ال ذي تنظم الجنس في المجتم ع ومن هن ا يغيب ال وعي الثق افي المعاص ر عن تل ك الفك رة‬
‫الجميلة التي كانت سائدة و هي البداي ة البس يطة و النم و و الت درج في ال زواج‪ .‬ومن هن ا‬
‫يصبح مهر الزواج وما يتبعه من تكاليف الزواج مؤشر م ادي و رم زي في نفس ال وقت و‬
‫يك ون ال زواج يعكس عالق ة الج زء بالك ل و عالق ة الم ادة ب الرمز في المجتم ع أي عالق ة‬
‫مؤسسة الزواج بالعائلة و من ثم النسق الكلي للمجتمع وعالقة االقتصاد و الثقافة ‪.‬‬

‫ظهر لنا لما أن الشباب الواعي يتحدد مصير زواج ه بق در المه ر ال ذي يدفع ه و تك اليف‬
‫الزواج إما أن يكون تابع لتقاليد المجتمع فيكون أسرة تسعى للتدرج و االرتقاء االجتماعي و‬
‫يكون تابع لسلطة العائلة و يكون هو و زوجته مسخر لألجيال السابقة في العائلة أو األسرة‬

‫وإما أن يكون المهر الذي يدفع ه حس ب إرادت ه ووعي ه و م ا اكتس به من اس تعدادات ثقافي ة‬
‫فيعي ذات ه و يف رض فك ره الجدي د‪ ،‬ي تزوج في اس تقاللية ويتع ايش م ع ثقاف ة العص ر و‬
‫التقاليد‪.‬‬

‫كذالك تبين أن الشاب يع زف عن ال زواج و يعيش أع زب منع زال عن المجتم ع‪ ،‬يعيش في‬
‫حرية جنسية ال يتع ارف عليهم ا المجتم ع و ال يحص ل على مه ر زواج يح دد نم ط حيات ه‬
‫الزوجية و الجنسية‪.‬‬

‫فالمهر تابع للعامل الم ادي و م ا يعكس ه من ص راع اجتم اعي‪ ،‬له ذا ت رى كث ير من‬
‫الصحابة و الصالحين و األنبياء في التاريخ كان مهر زواجهم رمزي ‪،‬وكث ير منهم تزوج وا‬

‫‪104‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وكان مهرهم آيات من القران وح رروا زواجهم من تبع ات الم ادة ‪،‬وبه ذا لم يح دد اإلس الم‬
‫ثمن المهر في المجتمع‪.‬‬

‫و لذلك يقال أن "اقلهن مهرا أكثرهن بركة و أكثرهن مهرا اقلهن برك ة" ي برز هن ا عام ل‬
‫الثثقيف التربوي ال ديني يق وي العالق ات في النس ق ال زواجي واألس ري لألف راد ويحثهم أو‬
‫تشجيعهم على الزواج الذي ال يكلف ثروة وال تضعف الروابط اإلجتماعية والدينية بل تربط‬
‫الحياة الزوجية بالمستقبل واإلستراتجيات اإلجتماعية لألسرة وفي نفس الوقت ترب ط األف راد‬
‫باهلل وهذا يفسير أن الثقافة الدينية للزواج تقرب وتدمج العالقات التقليدية والحاض رة بمع نى‬
‫تربط األفراد المتفاعلين بالواقع والتغير في المجتمع وهذا يتوافق مع النظرية الثقافية فحسب‬
‫نظرية األسرة من المنظور الثقافي التي ترى االزدواجي ة أو الثنائي ة أي النظ ر إلى األس رة‬
‫على أنها إما تقليدية أو حديثة فقط‪ ،1‬بل ترى أن غاي ات األف راد تجع ل انحي از اتهم الثقافي ة‬
‫تتماشى مع أنماطهم المفضلة للعالق ات االجتماعي ة و تعم ل اس تراتيجياتهم ع ل تحقي ق أهم‬
‫األمور بالنسبة لهم‪ ،‬أوال ه و مزاول ة نم ط حي اتهم و تك ون األس رة في ض ل ه ذه النظري ة‬
‫نموذجا للتباين الش ديد س واء بالنس بة لبنائه ا أو مهامه ا أو ديناميكياته ا و مش اكلها‪ ،‬و ه ذا‬
‫ينطب ق على الش باب ال ذي يري د أن يف رض أفك اره و تص وراته ح ول ال زواج في ض ل‬
‫التغيرات االجتماعية الطارئة التي غاب فيها عن الوعي الجماعي دو الطابع الغربي‪ ،‬واقع‬
‫المجتمع‪ ،‬و غاب عن هذا الوعي الثقافي أيضا "فكرة الحكم ة من ال زواج نفس ها على ان ه‬
‫سكن ومودة ورحمة للرجال و شقائقهم من النس اء و ليس التف اخر و الزين ة و الكلي ات و‬
‫الرفاهي ة المادي ة كم ا غاب ة فك رة نحن ن رزقهم و إي اكم ‪،‬م ع التحلي بالص بر و اليقين و‬
‫اإليمان باهلل تعالى و التحلي بالقيم اإلسالمية"‪.2‬التي تتنافى مع التفاخر والبذخ ‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد نبيل جامع‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.178‬‬


‫‪ - 2‬جامع محد نبيل‪ :‬نفس المرجع السابق ‪.179‬‬

‫‪105‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫الخالصة‪:‬‬

‫لقد أثرت التحوالت االجتماعية والسياسية واالقتصادية على ثقافة الزواج بحيث أصبح‬

‫يظهر في ه طق وس ومراس يم حديث ة لم تكن معروف ة في ع ادات وتقالي د المجتم ع من قب ل‪،‬‬

‫فالزواج يتم في مراحل عديدة‪ ،‬تعكس ازدواجية الثقاف ة والص راع بين الق ديم والح ديث ه ذا‬

‫‪106‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫األخير أصبح يطغى ويبرز مقابل اختفاء واضمحالل ع دة س مات تقليدي ة في ثقاف ة ال زواج‬

‫الجزائري كتخافت قيم السلطة األبوية في العائلة الممتدة‪.‬‬

‫أصبح الزواج يجسد في عدة مراحل أولها التعارف وهو الجديد ففي فترة ما قبل الخطوبة‬

‫تظهر سمات غريب ة عن ثقافتن ا‪ ،‬ي دوم ه ذا التع ارف س نوات وه و غ ير مض بوط ثم ت أتي‬

‫مرحل ة الخطوب ة وعق د ال زواج في البلدي ة والمس جد‪ ،‬يمثالن البع د الق انوني وال ديني بقيم‬

‫المساواة العدالة والمسؤولية ثم في النهاية الزفاف وهو نقطة النهاية والترابط‪.‬‬

‫تظهر مراس يم وطق وس ال زواج دائم ا ص راع بين األجي ال اآلب اء واألبن اء ال ذين يري دون‬

‫الزواج بأسلوبهم الخاص‪.‬‬

‫يكون الصراع في البداي ة بيول وجي نفس ي الختي ار الش ريك المناس ب ثم يتح ول إلى‬

‫صراع اجتماعي وثقافي الختيار العائلة والمستوى المادي المناسب‪.‬‬

‫إن التحوالت االجتماعية الحديثة ترسخ ثقافة الزواج في المجتمع الجزائ ري‪ ،‬وال زواج‬

‫التقليدي يحافظ على التراث لكنه مكلف يستهلك أم وال طائل ة فه و ال يس مح بتح ول رؤوس‬

‫األموال إلى مشاريع وأرباح وآالت صناعية مثال الشباب الذين حصلوا على ق روض بنكي ة‬

‫يس تهلكون ج زء كب ير من أم والهم ال ذي يتح ول إلى ت راث مثال الحلي وال ذهب التقلي دي‬

‫المكلف من مالبس وحلي الزينة ‪ ،‬غناء ش عبي ال زواج الح ديث أبط ل ع دة طق وس تقليدي ة‬

‫وعدة مهن مثال‪ :‬طباخات ال بيوت‪ ،‬ف رق فلكلوري ة‪،‬ذبح وش واء الش اة في األع راس‪ ،‬ف رق‬

‫إطالق البارود‪ ،‬عقاقير ومهارات الطب الشعبي النفيسة‪،‬لكن تمت ظه ور ع دة مهن حديث ة‪،‬‬

‫قاع ات الحفالت‪،‬وس طاء متخصص ين في تس ير الزف اف وإع داد حفالت ه‪،‬أص حاب محالت‬

‫‪107‬‬
‫تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬ ‫الفصل الثالث‬

‫السيارات للتأجير‪،‬سائقين متخصصين لتنظيم عرس داخل شارع المدينة‪،‬كوميديين ينش طون‬

‫السهرة وترفيه المدعوين‪ ،‬مختصين في التجميل والماكياج ‪ ،‬مختصين في ال ديكور وال تزين‬

‫حفالت الزف اف‪ ،‬مختص ين في أجه زة إلكتروني ة للموس يقى والتص وير‪،‬قن وات إعالمي ة و‬

‫إعالميين‪،‬صحف وصحفيين مختصين في الزواج‪ ،‬مواق ع إلكتروني ة ون وادي تس هل عملي ة‬

‫إختي ار ال زوج والتع رف ب ه‪،‬أمن و ح راس أش داء يمنع ون دخ ول األج انب لقاع ات‬

‫للزفاف‪...‬وغيرها من المهن الحديثة تظهر في ثقافة الزواج والزفاف‬

‫لقد أصبحت مراسيم الزواج مضنية‪ ،‬تتم في عدة سنوات وفي أم اكن مختلف ة من المجتم ع‬

‫أي عدة مراحل وك ل مرحل ة من المراح ل ت برز مؤش رات وأبع اد وس مات وقيم اجتماعي ة‬

‫وثقافية ودينية وهذا األخير يعتبر رابط االزدواجية الثقافي ة في الجزائ ر بين م ا ه و تقلي دي‬

‫وما هو ح ديث وه و يخف ف من ح دة الص راع ال ذي يظه ر في مراس يم ال زواج ‪،‬ص راع‬

‫بيولوجي ونفسي وعائلي اجتماعي بين األفراد والجماعات و هو صراع مع الوقت والبيئة ‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫الفصل الرابع‬

‫‪109‬‬
‫الفصل الرابع‪:‬الزواج والعائلة في المجتمع‪.‬‬

‫تمهيد‬

‫المبحث األول‪ :‬الزواج في المجتمع الجزائري‬

‫المطلب األول‪ :‬المجتمع الجزائري بين الحداثة و التقاليد‬


‫المطلب الثاني‪:‬خصائص العائلة التقليدية والعائلة الحديثة‬
‫أوال‪:‬خصائص العائلة الجزائرية التقليدية‬
‫ثانيا‪:‬خصائص الجزائرية العائلة‬
‫المطلب الثالث‪:‬تزويج الشباب في العائلة التقليد‬
‫المطلب الرابع‪ :‬زواج الشباب في العائلة الحديثة‬

‫المبحث الثاني‪:‬ثقافة العائلة وزواج الشباب‬


‫المطلب األول‪ :‬أهمية تزويج الشباب في العائلة‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬أثر الثقافة التقليدية في بناء األسرة الحديثة‬
‫المطلب الرابع‪ :‬تأخر سن الزواج في األسرة والعائلة‬
‫الخالصة‬

‫‪110‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫مقدمة الفصل‪:‬‬

‫سأركز في هذا الفصل على تزويج الشباب في العائلة الجزائرية ‪ ،‬وسأبين كيف أن‬

‫هذه األخيرة ال زالت تؤدي دورها في المجتمع الجزائري الحديث وعلى أكم ل وج ه ‪،‬‬

‫وبالخصوص قضية الشباب والزواج‪،‬كما أني سأفسر كيف أن ثقافة الع ائالت التقليدي ة‬

‫القديمة ال زالت قائمة وهي تؤثر كثيرا على العائلة الحديثة بقيم تخص ع ادات وتقالي د‬

‫وأساليب الزواج ‪.‬‬

‫كما سأبين بدقة ما هو موقف الشباب من ثقافة العائلة وعادات وتقاليد الزواج وسأوضح‬

‫نضرة الشباب الحديث للزواج‪،‬والعزوبة وظاهرة تأخير سن الزواج التي ب دأت تظه ر‬

‫مؤخرا في مجتمعنا‪ ،‬حيث أصبح كثير من الشباب خاصة المتعلم منهم ‪ ،‬يؤخرون زواجهم‬

‫عن قصد ووعي فلقد حاولت أن أكتشف في ه ذا الج زء من البحث عن أس باب ه ذه‬

‫الظاهرة‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫المبحث األول‪ :‬الزواج في المجتمع الجزائري‪.‬‬


‫المطلب األول‪ :‬المجتمع الجزائري بين الحداثة و التقاليد ‪.‬‬
‫"التقاليد تعني المضي في طريق التقاليد من طرف نخبة تتواجد في حالة ال دفاع عن‬
‫النفس " و‪ 1‬هذا يدل بأن كل مجتمع يجد نفسه أمام صعوبات نتيجة عدم قدرته على التكيف‬
‫مع النموذج الغربي المسيطر و التقليدية نظام "ثقافي اجتماعي"‪.2‬‬
‫إذا أردنا التدقيق في واقع المجتمع الجزائري و حاولنا تحديد مفهوم التقالي د و الحداث ة‬
‫فإننا نلمح مجموعة من المعارف و الممارسات القديمة كنموذج ثقافي تاريخي سالف ينظر‬
‫إليه في سياق المعرفة الكونية التكنولوجية ‪ ،‬ويحكم عليه في سيــاقه ب التخلف بقيم و‬
‫معايير و سمات ثقافية سالفة تقف عقبة و حاجزا معيقة أمام تحوالت المجتمع الجزائ ري‬
‫ليتطور و يخلق توازنات داخلية وخارجية تتناسق فيها األنــساق االجتماعية و الثقافة و‬
‫تتساند لمسايرة التغير و التصنيع و التطور العلمي و المعرفي السائد في الع الم بفض ل‬
‫عوامل الحداثة التي يراها المجتمع المحلي التقليدي بنظرة تدخل في س ياق إيديولوجي ة‬
‫معادية مستحدثة وافدة ‪.‬‬
‫إديولوجية كعملية فرض و هيمنة خارجية وافدة تحاول تكي ف المجتم ع م ع النم وذج‬
‫الغربــي الذي أحـــدث قطـيعـــة مع أدب عص ر م ا قبــل النهض ة و‬
‫الثورات الكبرى ‪ .‬هذه القطيعة جاءت لنشر أفكار التطبع التي تتفكك على البناء الفك ري‬
‫التقليدي الذي أصبح يتكيف مع التغيرات لتحقيق التقدم و النمو‪.‬‬

‫يرى "هابر ماس" أن الحداثة "ال تلغي الجذور و هي في كل وقت االنتقال من الق ديم‬
‫إلى الحديث "‪ ، 3‬يتبين لنا من هذا أن واقعنا الجزائري تفرض عليه الحداثة كعملية تعايش‪.‬‬
‫لم يكن نتيجة لذلك التغير الهيكلي أو التغير ال ذي ح دث في المجتم ع على المس توى‬
‫المعرفي‪.‬‬
‫"فواقعنا محكوم عليه بعملية ذهاب و إياب بين الماضي و الحاضر من جهة و ما يترتب‬
‫عنها من جهد و عمل إيديولوجي من جهة أخرى "‪ 4‬كلف المجتمع فترة زمني ة مكلف ة و‬
‫مشاريع تنموية مختلفة تنطلق من أسس ثقافية وطني ة و فلس فات التص نيع األوربي ة‬
‫االشتراكية والرأسمالية إلخراج أفراد المجتمع ما بع د االس تقالل من الواق ع الي ومي‬
‫المتدهور و واقع عايشه المجتمع لفترات طويلة من االس تعمار ‪ ،‬اس تعمار الحداث ة و‬
‫الصراع ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪LARUI, A: La crise des intellectuelles arabes, Paris, 1974, P50.‬‬
‫‪ - 2‬حمدوش محمد ‪ :‬مسألة الرباط االجتماعي في الجزائر المعاصرة‪ .‬امتدادية ‪ ،‬أم قطيعة‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪ - 3‬بورغن هابر ماس‪ :‬الحداثة مشروع ناقص‪ ،‬الفكر العربي المعاصر‪ .‬العدد ‪ ،1984 ،29‬بيروت‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ - 4‬حمدوش محمد‪ :‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.42‬‬

‫‪110‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫الحداثة في المجتمع الجزائري كأسلوب للتفكير ليست نموذج يف رض نتيج ة التط ور‬
‫التاريخي للنموذج الغربي المهيمن ‪ ،‬لكن في اإلطار الغربي الذي يمثله نموذج اإللهام ات‬
‫و االفتراضات و االبتكارات السياسية و االقتصادية و الثقافية التي تشير إلى إرادة وحرية‬
‫الشعب ‪ ،‬بتوجيه مخطط له جماعيا و مقصود و متــوقـــع م ع الخـيارات و‬
‫الرغبات الفردية الواعية بالحقيقة كوجود ممارس و تحوالت موجودة عبر التاريخ البشري‬
‫ال تتناقض مع تقاليد المجتمع إال في إطار عملي ة التح ديث المف روض عن الحرك ات‬
‫االستعمارية ‪ ،‬ألنه قبل الحداثــــة األوربية كانت هناك عمــلـيات تحديــث و‬
‫تغيرات اجتماعية كبرى مست العالم البشري ‪.‬‬
‫فالحداثة وليدة التغيرات العميقة للمجتمع بنظامه االقتصادي و السياسي و االجتم اعي ‪،‬‬
‫بعبارة أخرى "ال يمكن للتقاليد أن تتعارض مع الحداثة تاريخيا و منطقي ا "‪ 1‬و "الحداث ة‬
‫األوربية قبل النهضة كانت تقاليد اجتماعية متجددة ‪ ،‬يجب االعتراف كذلك بأن المجتم ع‬
‫التقليدي و تحت تأثير التغيرات المتعددة هو الذي أنجب الحداثة ‪ ،‬إن هذا الكالم ي وحي و‬
‫يشير كذلك إلى أن التقاليد ال تعترض و ال تنفي التغير "‪ ،2‬و هي متجددة مع كل ح ديث‬
‫فكري في المجتمع الناجم عنه سلوك األفراد الذي يقوم على أسس و قيم ذاتية في عالقتها‬
‫مع الجماعة فهي تصورات في إطارها الثقافي االجتماعي "تشكل قيمة عالية عظمى نم ط‬
‫ثقافي (حضاري) ‪ ،‬أسطورة و أخالق (فضيلة) ال تظهر للعيان تلك البناءات و التناقضات‬
‫التاريخية التي ساعدت ترسيبها و والدتها "‪.3‬‬

‫لو نأخذ المجتمع الجزائري الذي تعرض لعملية اجتثاث ثقافي تاريخي طبقها المستعمر‬
‫الفرنسي على تحويل المجتمع من نظام القبيلة إلى نظام تديره الدولة الحديثة‪ ،‬ثم حرك ة‬
‫التصنيع التي ظهرت في فترة االستقالل إلى يومنا هذا ‪ ،‬و كيف حولت العائلة الجزائرية‬
‫التقليدية إلى وحدة صغيرة حديثة أسرة موسعة أو عائلة حديث ة ثم تواص ل التص نيع و‬
‫توطن اآللة و التكنولوجيا كهدف الرئيسي للثورة الصناعية واالقتصاد االشتراكي ‪.‬‬
‫تحولت األسرة الممتدة الواسعة إلى أسرة زواجي ه نووي ة له ا خص ائص الحداث ة‬
‫االجتماعية الموجهة و لها مميزات و سمات ثقافية تربطها بالعائلة التقليدية التي تعتمد في‬
‫نشاطها على تعاون وتشارك كل أفرادها و التي ال زالت تتحكم و توجه زواج األفراد في‬
‫المجتمع و تساير العصر في نفس الوقت لتسمح بإنتاج أسر نووية و هذه الظ اهرة تعكس‬
‫وجه ثنائية التقاليد و الحداثة في الزواج الجزائري‪.‬‬

‫‪ - 1‬حمدوش محمد‪ :‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬


‫‪ - 2‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- JÜRGEN, Habermas,: Le discours philosophique de la modernité, Paris, Gallimard, 1998, P89 .‬‬

‫‪111‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫إن ظاهرة الزواج تسير في تطور حداثتي مس تمر في عص رنا ه ذا ‪ .‬تعكس عملي ة‬
‫الخالف و توتر النسق الذي تنخفض وشدته شيئا فشيئا بفعل تجدد الثقافة كثقافة الزواج و‬
‫ما تحدثه من صراع إلى تكامل داخل النسق بين األجي ال و األدوار في النس ق و هي "‬
‫وضعية ال تنظيم أو خلل في التنظيم لتلك العالقة التي تقيمها المدينة مع إشكالية الحداثة و‬
‫‪1‬‬
‫التقاليد"‪.‬‬
‫إن حضور العائلة التقليدية في الوسط الحضري يعتبر دعم ثقافي يؤدي إلى تواص ل‬
‫العملية الثقافية كعملية و كمسار و تعتبر البديل الوحيد لتمرير نموذج يتماش ى و أه واء‬
‫األفراد ‪ ،‬فزواج الشاب مثال يعرف تغير يصبغه الشباب بأفكارهم و تجاربهم اكتسبوها من‬
‫العائلة و من خبرتهم م ع الحداث ة من خالل العم ل و الدراس ة و وس ائل اإلعالم و‬
‫التكنولوجيا المتطورة ‪" ،‬فاألفراد ال يختارون أدوارهم و مكانتهم االجتماعية بل يخضعون‬
‫إلى العادات و التقاليد المسيطرة على سلوكهم و مواقفهم و هذا راجع للتنشئة االجتماعي ة‬
‫التي تلقوها منذ الصغر و التي رسخت فيهم عن طريق التربية و الخ برة ال تي تعم ل‬
‫بدورها على تحديد جزء كبير من سلوكا تهم و مواقفهم االجتماعية "‪. 2‬‬
‫و يضيف " مصطفى بوتفنوشت "‪ 3‬أن العائلة الجزائرية تبدأ في االتحاد نتيجة المستجدات‬
‫االقتصادية و الثقافية و االجتماعية و إذا ما فرضت ‪.‬‬
‫و من الصور في المجتمع و الظواهر التي تؤكد عدم تنافي الحداث ة م ع التقالي د في‬
‫مجتمع متغير هو مثل الظواهر الجديدة التي غيرت عادات ال زواج حيث أن األس رة ال‬
‫زالت تعتبر من بين األنظمة البارزة في سلم التنظيم االجتماعي الخاص به ‪" ،‬ل ذا ف إن‬
‫األسرة تولي أهمية كبيرة لنظام الزواج حيث يتم غالبا وفق النمط التقليدي العص ري "‪. 4‬‬
‫فالمظاهر المتعلقة بنظام الزواج تتجلى في المظاهر الدينية و المالبس التقليدية وسير حفل‬
‫الزفاف ‪ ،‬أما المظاهر العصرية فتظهر في االتفاق أن يعيش االبن بعيدا عن أسرته و أن‬
‫يتمتع بكل الوسائل المادية المريحة (كشهر العسل‪ ،‬سيارة ‪ ،‬بيت مستقل) وحقوقه اإلنسانية‬
‫و السياسية‪.‬‬
‫تبين لي من خالل الميدان أن كل المبحوثين واعين و مدركين لمعنى التقاليد و الحداثة‬
‫و أثرها في الزواج لدى الشباب العص ري ‪ ،‬بحيث أن ‪ ℅90‬من المبح وثين يفض لون‬
‫الزواج التقليدي وسط أقارب األسرة و العائلة سواء البيت أو قاعة حفالت عص رية ‪ ،‬و‬
‫أنه النصف منهم مستعدين للتخلي عن العادات و التقاليد التي ال تنفع و يرونها تجاوزه ا‬
‫الزمن‪.‬‬

‫‪ - 1‬حمدوش محمد‪:‬المرجع سابق‪ ،‬ص ‪.98‬‬


‫‪2‬‬
‫‪CAMILL, Lacoste du jardin : Des mères contre les femmes, Matriarcat au Maghreb, Paris, Ed la découverte,‬‬
‫‪1985, P38.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪MOSTAFA, Boutefnouchet : Système social en Algérie, OPU, Ed 1985, P38.‬‬
‫‪ -4‬كمال مسعودة ‪ :‬مشكلة الطالق في المجتمع الجزائري ‪ .‬الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،1984،‬ص ‪.92‬‬

‫‪112‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫الشباب ال يقبل بعض العادات التقليدية‪ ،‬مثل بعض الممارسات في األضرحة أو زي ارة‬
‫القبور أو بعض الطقوس كالسحر و الشعوذة قبل أيام الزفاف كما اتضح لي أن األغلبي ة‬
‫تقريبا‪،‬من الشباب اتفقوا مع البداية عدم السماح لآلباء بتسيير حفل الزفاف ألنهم يطبق ون‬
‫طرق تقليدية و هم يحبذون العصرية لكنهم بعد الخطوبة يتراجعون و يميلون إلى التقالي د‬
‫و العادات إلرضاء األهل و األولياء و في المقابل بمطالب تخص الزف اف و األس رة و‬
‫حرية الحركة في تحضير الزواج و ليلة الزفاف و استعمال الوسائل التكنولوجي ة مث ل‬
‫الكاميرات و الديجي أو حفلة شبان تخصهم ‪.‬‬
‫يقول أحد الشبان " كل واحد لونفي نتافو ‪ ،‬أنا درت عرس مودارن و تقليدي فيط وع‬
‫الكبار ‪ ،‬عادات ناس زمان يبغو يتاليمو قاع حجاج تاع فامليا ‪ ،‬مليح ‪ ...‬أوكازيو إصغار‬
‫يتعارفوا" ‪ ،‬ويقول آخر"أنا ما بغيتش عادات تاع بكري ‪ ...‬عقلية تاع بك ري‪ ...‬مين جي‬
‫في الوالدين بسيف تساعفهم"‪،‬وهذا مؤشر أثر ثقافة الوالدين‪.‬‬
‫و تقول مبحوثة "التقاليد راهي تكلف بزاف و شبيبة ماطيقش"‪.‬‬
‫و يقول مبحوث أب "بعض التقاليد أكل عليها الدهر و شرب‪ ...‬ما بقاتش ت ا يق ارعو‬
‫قدام باب اعريس وينتا يخرج بعد الدخلة ‪ ...‬هادي والت حاجة شخصية‪".....‬‬
‫و يقول مبحوث أب آخر "خمس ميات ألف نتاع زغاريت قالتلي ما الزم‪ ....‬هذا التبذير" ‪،‬‬
‫و تقول أخرى "كاين قش ‪ ...‬صوالح عروسة يتلبسو خطرة و دسيهم ‪ ....‬غاليين و م ا‬
‫نديرو بيهم ما نستغل وهم" ‪ ،‬و تقول مبحوثة أخرى "كون نصيب ما نديرش وال و ‪.....‬‬
‫فواياج ‪ ، " ....‬تقول أخرى "نقول ما نديرش تقاليد و في الصح ندير"‪.‬‬
‫و يقول آخر"راك عارف تواعنا شا يبغو طبل ‪...‬مالينا تقليديين ‪ ...‬ورانا معاهم بخير‬
‫‪."....‬‬
‫و تقول أخرى " زواج تقليدي‪ ...‬ماهدرت معاه ‪ ....‬ما هدرمعايا"‪.‬‬
‫و تقول أخرى " ما نتفا هموش على التقاليد‪ ...‬غيرمي تولي في الكبار‪ ...‬صلة الرحم‪...‬‬
‫كل واحد وحرمتو "‪.‬‬
‫و تقول أخرى "األبناء متحررين‪ ...‬اآلباء عندهم فكرة أنا نحكم"‪.‬‬
‫و تقول أخرى "المرأة في العايلة حرية ‪...‬ديمقراطية ‪ ...‬تحت حماية األب‪ ...‬وان جاي ا‬
‫نعيش حياتي " ‪" ،‬الوادين ما يكوش لغة الحوار ‪ ...‬مايخلوش"‪.‬‬
‫"عايلة كبيرة تدخل في مشاكل مع اهم ‪ ...‬األب يبغي يف رض علي ك جيب من ه ذي‬
‫العايلة ‪ ....‬جدال وتصادم أفكار"‪.‬‬
‫و يقول آخر "العرس لما فيهش الداري ‪ ...‬لكبار و الباركة ‪ ....‬ماشي عرس"‬
‫"جو بري فار تقليدي مع الكبار"‪.‬‬
‫" الوالدين يعطوه مباركة ما يبخل وش‪ ...‬ما يدخل وش‪."....‬‬
‫"ما كنش لي يقبل جيبلو آمو ‪ ...‬مواصفات في رأسه"‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫إنهامؤشرات تبرهن ثقافة عند الشباب حول الزواج‪.‬‬


‫"مسلسالت‪ ....‬ثقافة الفايسبوك" على حد تعبير أحد المبحوثين‪.‬‬
‫نستخلص من هذه التدخالت‪،‬أن ثقافة الش باب‪ ،‬تعكس مؤش ر القيم الممزوج ة بين‬
‫الحداثة و التقاليد على إثرها ينسج الشباب عالقات إستراتجية مع العائلة و األقارب‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص العائلة الجزائرية التقليدية و الحديثة‪.‬‬


‫أوال‪ -‬خصائص العائلة التقليدية الجزائرية ‪:‬‬
‫هي عائلة أبوية مبنية على مبادئ احترام رئيس العائلة الذي يمثله األب ‪ ،‬و تتك ون‬
‫هذه العائلة من رب العائلة الذي يمثله األب و زوجته أو زوجاته و أوالده غير المتزوجين‬
‫و بناته غير المتزوجات و أوالده المتزوجين مع زوجاتهم و أطفالهم و كلهم يس كنون في‬
‫للعائلة‪.‬‬ ‫منزل واحد أو في شقق ملحقة بالبيت األصلي‬
‫وهي نموذج اجتماعي و اقتصادي و هي عائلة موسعة حيث يعيش في أحضانها عدة‬
‫عائالت زواجيه تحت سقف واحد "الدار الكبيرة عند الحضر و الخيمة الكبيرة عند البدو ‪،‬‬
‫إذ نجد من ‪ 20‬إلى ‪ 60‬شخص و أكثر هم يعيشون جماعيا"‪ 1‬كل فرد فيها يجب أن يحترم‬
‫و يمتثل لرئيس العائلة و المتمثل في الجد و األب أو االبن األكبر عند وفاة ه ؤالء " أي‬
‫عائلة ذكورية ‪ ،‬الذكر ينظم فيها أمور التسيير الجماعي ألجيال مختلفة يكون فيها الف رد‬
‫عضوا في عائلته أكثر منه فرد مستقل" ‪.2‬‬
‫تبين لي ميدانيا أن كل الشباب له تصور واضح حول العائلة وما يحدث فيها من تجديد‪.‬‬
‫تعد العائلة الجزائرية "بمثابة وحدة متعددة الوظائف إنتاجية إديولوجية تربوي ة ‪ ،‬تس د‬
‫حاجاتها و متطلباتها بنفسها و هي المسؤولية عن تلبية الحاج ات الديني ة و الروحاني ة‬
‫ألفرادها و اإلشراف على تربيتهم و ثقافتهم "‪. 3‬‬

‫أما عن العالقات السائدة في هذه العائلة الجزائرية التقليدية نالحظ أن صفة التماسك هي‬
‫السائدة و أن العالقات قائمة أساسا على التعاون و المودة والتضحيات و االل تزام غ ير‬
‫المحدود في مختلف المجاالت ‪ ،‬وهذا يمنح لهؤالء األفراد الشعور باالطمئنان و االستقرار‬
‫العاطفي و عدم القلق تجاه األزمات و النكبات المحتملة الوقوع‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- MOSTAFA ,Boutefnouchet, : La famille Algérienne évolution et caractéristiques récents, Alger, 1980,P38.‬‬
‫‪ - 2‬بركات حليم ‪ :‬المجتمع العربي المعاصر‪ :‬بحث اجتماعي استطالعي‪ .‬بيروت‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،1986 ،‬ص‪.176‬‬
‫‪ - 3‬إحسان محمد الحسن‪ :‬العائلة القرابة و الزواج ‪ :‬دراسة تحليلية في تغير نظم القرابة و الزواج في المجتمع العربي‪ .‬بيروت‪ ،‬دار الطباعة و‬
‫النشر‪ ،1971 ،‬ص ‪.48‬‬

‫‪114‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫فالقيم ممارسة تشجع على إعادة إنتاج العائلة و ضمان استمراريتا فالزواج في ه ذه‬
‫العائلة سواء للذكور أو اإلناث ‪ ،‬وسيلة لتدعيم مكانة العائلة كما ال يسمح في هذا النموذج‬
‫للنساء بالتدخل في القرارات و القضايا المشتركة التي تهم العائلة كتنظيم الزواج الذي يقيم‬
‫فيه الذكور أكثر من اإلناث خاصة في مشاريع الزواج و الزفاف‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬خصائص العائلة الجزائرية الحديثة‪:‬‬


‫"تتميز هذه العائلة بالشكل الزواجي الصغير أو كما يطلق عليها الشكل النووي و تتكون‬
‫من الزوج و الزوجة و األبناء الغير متزوجين إضافة إلى هذا هي أس رة بس يطة ت دير‬
‫شؤونها بنفسها و تبحث عن االستقاللية و االنفراد "‪ ، 1‬مع تمتع أفراد األسرة بالحري ات‬
‫الفردية و العامة فلكل فرد كيانه و شخصيته‪.‬‬
‫تختلف وظائف و مهام أفراد هذه العائلة عن وظائف العائلة الجزائرية التقليدية ‪ ،‬فهذه‬
‫األخيرة كانت وحدة إنتاجية لها القدرة في إعادة إنتاج نفسها و مقاومة التغيرات الطارئ ة‬
‫في المجتمع ‪ ،‬فكان لها الشأن في اتخاذ القرارات في مختلف القضايا المتعلقة ب الفرد أو‬
‫الجماعة القرابية ‪ ،‬فيما يخص العيش المشترك و التربية و التعليم للصغار و تنش ئتهم و‬
‫الصحة وتزويج الشباب و إلى غيرها من الوظائف التي كانت تقوم بها دون االستعانة بأي‬
‫مساعدة خارجية‪.‬‬
‫لكن بعد التغيرات االقتصادية و االجتماعية التي عرفها المجتمع بعد االستقالل ق د‬
‫تعرضت العائلة التقليدية بفعل عوامل التصنيع و التحضر إلى عدة تحوالت بنائية خاصة‬
‫مع نمو مدن صناعية في الجزائر و ظهور ظاهرة الهجرة الداخلي ة من األري اف نح و‬
‫المدن بحثا عن مناصب العمل و التعليم الذي ساهم في تغير أفكار و س لوكيات الش باب‬
‫داخل هذه العائالت الكبيرة التي فقدت الكثير من صفاتها التقليدية اإلنمائية و الوظائفية مع‬
‫تقلص حجم األدوار و شبكتها العالئقية مع نسق القرابة في مجتمعها المحلي ‪ ،‬ظهرت هذه‬
‫العائلة في حجم صغير مع صفات و مزايا جديدة ساعدت على ب روز ش كل جدي د من‬
‫العائلة يتماشى مع العصر و الواقع المعاش‪.‬‬

‫لقد فتح مجال التوظيف و الحصول على راتب خاصة لدى الشباب ‪ ،‬هذه األج ور قللت‬
‫من اعتماد األفراد على بعضهن البعض مما أدى إلى اختفاء التعاون في نطاق هذه العائلة‬
‫الحديثة ليصبح كل فرد من أفرادها وحدة اقتصادية إنتاجية قائمة بذاتها تؤمن احتياجاته ا‬
‫بنفسها‪.‬إضافة إلى االستقالل االقتصادي للفرد نالحظ إن ارتفاع المس توى الثق افي بع د‬
‫‪ - 1‬الخشاب مصطفى ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.83‬‬

‫‪115‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫انتشار عامل التعليم و كذلك االختالط بين الجنسين و خروج المرأة للعمل جع ل الف رد‬
‫يعتقد بأن مسألة زواجه التي كانت من المهام الرئيسية الموكلة للعائلة قضية تتعلق به أكثر‬
‫مم تتعلق بأسرته ‪. 1‬‬
‫لقد أصبح للشباب المستقل بعمله خارج حدود العائلة ن وع من الحري ة و الح ق في‬
‫تحضير نفسه للزواج و تسيير مراسيم و إجراءات الزواج من بداية المش وار و اختي ار‬
‫شريكة حياته‪ .‬كما أن الفتاة أصبح لها الرأي األول في شأن حياتها االجتماعية و الس يما‬
‫موضوع حساس يقوم عليه مستقبلها كالزواج الذي أصبح يمثل لها ك إمرة له ا حقوقه ا‬
‫الشخصية بالموافقة أو الرفض ‪ ،‬التعرف على شريك الحياة مباشرة دون وساطة ‪ .‬و بهذه‬
‫التغيرات االجتماعية التي مست مجتمعنا تغير مقاس االختيار للزواج أو وظيف ة ت زويج‬
‫الشباب في العائلة الحديثة التي ضعف نظامها الداخلي خاصة مع تراجع س يطرة اآلب اء‬
‫على أبنائهم‪ .‬بناء على ما ذكر يمكن القول ألن هذه العائلة بدأت تتعرض إلى فق دان القيم‬
‫والعادات و التقاليد التي كانت تعد أساسا في تماسكها بعدما أصبح األبناء يعتقدون بأفك ار‬
‫و آراء و قيم تختلف عن تلك التي يعتقد بها األهل‪.2‬‬
‫إن العالقات التي تربط نموذج العائلي الحديث أصبحت تتميز بالضعف ألنها تعتمد‬
‫على الجانب المصلحي ‪ .‬الزيارات مثال أصبحت محصورة فقط في المناسبات و الس بب‬
‫يرجع إلى كون هذه العائلة تميل نحو االستقاللية و الفردية في كل تصرفاتها و مع هذا ال‬
‫تنفي أن مسألة العودة الثقافية إلى العائلة مهمة ضرورية ما دامت هي الركيزة األساس ية‬
‫في القرارات بالخصوص في قضايا هامة التي تؤثر على وجودها و تعتمد عليها في إعادة‬
‫إنتاج نفسها كوحدة بنائية في المجتمع كالزواج الذي يعين العائلة على نسج عالقاتها داخل‬
‫النسق‪ ،‬وينسقها مع األنساق الفرعية األخرى في المجتمع حتى تتماشى معه ا في عملي ة‬
‫التغير عن طريق عمليات التبادل ‪ ،‬فتحافظ العائلة على وجودها في نفس ال وقت تأخ ذ‬
‫صبغة ونمط الحداثة ال يجعلها تخرج عن شبكة القرابة و القيم و العادات الموروث ة من‬
‫العائلة الكبيرة الريفية ‪ ،‬أي أن عائلة حضرية لها أصولها الريفية التي تزودها بقيم تراثية‬
‫ريفية وسط الفضاء الحضري للمدينة‪.‬هذا في رأيي ما يجعل الزواج يجم ع بين النم ط‬
‫العصري و التقليدي في تزويج الشباب‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تزويج الشباب في العائلة التقليدية‪:‬‬


‫يعتبر الزواج في الحياة العائلية أهم حدث‪ ،‬فهو األساس الذي تقوم عليه في المجتمع و‬
‫الذي يحدد مكانتها داخل نسق القرابة و الجماعات في المجتمع المحلي‪ .‬إضافة إن الزواج‬
‫هو المؤسسة التي تعمل من خاللها العائلة التقليدية للمحافظة على شخصيتها المعنوي ة و‬
‫هويتها ككيان له نمطه النموذجي في المجتمع يحدد كيفية تحكمها و تسييرها و تزويجه ا‬
‫‪ - 1‬لبد يري مليكة‪ :‬الزواج و الشباب الجزائري إلى أين؟‪ .‬الجزائر‪ ،‬دار المعرفة‪ ،2005 ،‬ص‪.55‬‬
‫‪ - 2‬نفس المرجع‪.‬ص‪.55‬‬

‫‪116‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫لألجيال المتعاقبة و مراقبة العالقة الفردية داخل الجماعة السيما العالقات الجنس ية و من‬
‫هنا يتبين وظيفة تزويج الشباب في العائلة التقليدية الكبيرة ‪.‬‬
‫البد من منح االستقرار العاطفي في وسط الجماعة العائلية و منه ال يعني الزواج مجرد‬
‫عالقة جنسية بين شابين متزوجين و إنما هو استمرارية األفراد في المحافظة على بن اء‬
‫العائلة و المحافظة على بقاء األدوار لتؤدي و وظائفها و فق مبادئ و أس س و قيم ه ذه‬
‫العائلة الموروثة جيل عن جيل ‪ ،‬فالزواج ال ينظر إليه كعالقة بين شخصين فحسب بل هو‬
‫كوسيلة إلعادة إنتاج العائلة و ضمان استمراريتا عن طريق اإلنجاب هذا من ناحية‪ ،‬و من‬
‫ناحية ثقافية أخرى هو الحفاظ على مكانة األسرة التي لها عالق ة بالمس توى الم ادي و‬
‫انعكاساته الثقافية الناجمة عن توريث الثروة و التراث و التقاليد و الع ادات و المواق ف‬
‫الفكرية تجاه تغيرات المجتمع الحديثة التي يطبقها المجتمع في شكل مش اريع اجتماعي ة‬
‫إنتاجية ‪.‬‬
‫يمكن القول أن المجتمعات العربية كلها تقريبا لها نفس االنتماء الثقافي الموج ود ل دى‬
‫العائلة التقليدية الجزائرية العربية اإلسالمية رغم وجود األمازغية المستعربة يقول أح د‬
‫علماء االجتماع و سوسيولوجي في بلد سوريا أن "حرص والد كل من الشاب و الفتاة على‬
‫المصاهرة من نفس الطبقة االجتماعية و كرم النسب "‪ 1‬و هذا للحفاظ على ق وة العائل ة‬
‫االقتصادية و الثقافية في مواجهة االختالط الديموغرافي للهجرات التي أح دثتها حرك ة‬
‫التجارة و التصنيع عبر التاريخ في المجتمع التي أدت إلى خروج عديد من األف راد عن‬
‫عائالتهم و طبقاتهم االجتماعية مما أدى إلى تغير شكل و وظائف العائلة الكبيرة خاص ة‬
‫فيما يخص الزواج و الشباب بالتحديد المتأثرين بالنمو الحديث وتجدد الثقافة عبر التاريخ‬
‫فتزويج الشباب يحمي العائلة و يحافظ على بنائها و وظائفها التقليدي ة‪.‬و ه ذه النظ رة‬
‫األخيرة للزواج هي التي جعلت مسؤولية طلب الزواج و التحضير له و تسييره من المهام‬
‫الرئيسية الممتدة للعائلة على أحكام شرعية و عرفية متوارثة متعارف عليها وسط القرابة‬
‫بتدبير من اآلباء و األجداد الذين يقررون عملية االختيار للزواج و المصاهرة و بناء بيت‬
‫جديد داخل فضاء العائلة التقليدية ‪ ،‬أي األمالك المتوارثة على هذه المعايير‪.‬‬
‫يختار األهل الشروع في مرحلة تزويج الشباب و بذل مص اريف مش تركة إلنج اح‬
‫الزفاف الذي يتدخل و يشارك و يساعد فيه أفراد األقارب بوجه يعكس مكان ة العائل ة و‬
‫الطبقة التي تنتمي إليها و التي تفرض على كل فرد أن يؤدي دوره في مشروع ال زواج‬
‫االجتماعي‪ .‬فهو من هذه الناحية ليس مجرد متعة جنسية غريزية بين فردين فقط "بقدر ما‬
‫هو أداء لدور طبيعي في بناء مجتمع"‪" ، 2‬فاآلباء في هذه العائلة الكبيرة يعتقدون باختيارهم‬
‫المحكم لزوجة ابنهم أو زوج ابنتهم في عملية المصاهرة أو القراب ة س وف يحتفظ ون‬

‫‪ - 1‬األخرس محمد صفوح ‪ :‬تركيب العائلة العربية و وظائفها‪ :‬دراسة ميدانية لواقع العائلة في سوريا‪ .‬دمشق‪،‬منشورات وزارة الثقافة و الرشاد‬
‫القومي‪ ،‬دمشق‪ ،1976،‬ص‪.175‬‬
‫‪ - 2‬الخشاب مصطفى ‪ :‬علم االجتماع العائلي‪ .‬الدار القومية للطباعة و النشر‪ ،‬بيروت‪ ،1966 ،‬ص ‪.66‬‬

‫‪117‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫بمهمات كبيرة مع أبنائهم كوجودهم بق ربهم و الحف اظ على مراك زهم االجتماعي ة و‬
‫االقتصادية"‪.1‬‬
‫لقد هيمن زواج األقارب إلى جانب سيطرة أسلوب الوالدين في عملية االختيار للزواج‬
‫في العائلة الجزائرية احتل مكانة كبيرة وكثيرا ما كان يتم في سن مبكرة باتفاق اآلباء معا‬
‫دون علم الصغار بذلك‪ ،‬كما ترى العائلة التقليدية أن في الزواج المبك ر للش باب فوائ د‬
‫صحية و اجتماعية شرعية ككثرة النسل و رفع اسم العائلة و التوسع في المناطق المختلفة‬
‫الخضرية و الريفية ‪ ،‬حيث ترتبط األسر وتترابط فيما بينها و يكون انتمائهم لجد واح د ‪،‬‬
‫و هذه العائلة أو األسرة الممتدة لها عدة تعار يف و أعطى لها اليوم علم االجتماع معاني‬
‫مختلفة‪ ،‬ففي المعنى الواسع تعرف بأنها "مجموعة األفراد الذين ينح درون من س اللة‬
‫واحدة أو من جيل واحد ‪ ،‬بينما في المعنى الضيق تعني وجود عالقة أبوي ة بين أف راد‬
‫يقتسمون المسكن معا ‪ ،‬و هؤالء هم األب ‪ ،‬األم و األبناء"‪ 2‬و باعتبار أن األسرة الممت دة‬
‫كانت تظم عدة أفراد فكان الجد هو الذي يتخذ القرارات الخاصة باألسرة و البقي ة تنف ذ‬
‫األوامر و ال يستطيع أن يبرموا أمرا كالتفكير في الزواج أو اختيار الزوجة إال بعد أخ ذ‬
‫رأيه و موافقته "‪.3‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬تزويج الشباب في العائلة الحديثة ‪.‬‬


‫تبين لي أن نظرة الزواج في العائلة الحديثة الجزائرية تختلف عن تلك التي كانت رائجة‬
‫من قبل‪ ،‬و هذا راجع لحركة التطور في دينامكية التغير و النمو ال تي أث رت على ك ل‬
‫أنساق المجتمع بما فيها نسق العائلة و داخل شبكة عالقاتها المتفاعلة التي أصبح فيها الفرد‬
‫يتمتع بنوع من الحرية الفردية المبكرة لم يعتدها من قبل خاصة في وسط العائلة التقليدية‬
‫المحافظة‪،‬فقد أصبح الشاب الجزائري الذي يعيش في عائلة حضرية مع والديه إخوت ه و‬
‫الجد و الجدة يفرض حريته و يتحمل مسؤولية قراراته خاصة فيما يتعلق بالزواج و عملية‬
‫االختيار شريطة أن ال يخرج عن العادات و التقاليد الموروثة و المتعارف عليه ا داخ ل‬
‫العائلة الحديثة في المدينة ‪.‬‬
‫لقد أصبح الشاب يختار فتاة مالئمة تتناسب مع مستواه ‪ ،‬وبعد أن يختار تسانده العائل ة‬
‫إلنجاح هذا الزواج داخل اإلطار العائلي و بهذه اإلجراءات أصبح الزواج مؤسسة تجم ع‬
‫بين فردين متكاملين في الحقوق و الواجبات لها مصالح و مشاعر مشتركة "‪ 4‬إن تكي ف‬
‫العائلة التقليدية جعلها تنحصر في الفض اء الحض ري و تتفتح على الحداث ة و في نفس‬
‫الوقت تحافظ على مصالحها و تراثها في مجتمع متغير بهذا تضمن عملية إع ادة إنت اج‬
‫نفسها داخليا‪ ،‬فمن خالل الزواج و ما يحمله من أهمية أساسية في بناء األسر الزوجي ة و‬
‫‪ - 1‬لبد يري مليكة ‪:‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪ - 2‬رابية نادية ‪ :‬المسكن والعائلة بعد زواج األبناء‪.‬الجزائر‪،‬جامعة الجزائر‪ :‬معهد العلوم االجتماعية ‪،1992،‬ص ‪. 90‬‬
‫‪ - 3‬بدوي محمد ‪ :‬مبادئ علم االجتماع‪ .‬اإلسكندرية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬ط ‪ ،1998 ،2‬ص ‪.373‬‬
‫‪ - 4‬الفاروق زكي يونس‪ :‬علم األسس النظرية وأساليب التطبيق‪ .‬القاهرة‪ ،‬عالم الكتب‪ ،1972 ،‬ص ‪.227‬‬

‫‪118‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫النووية تقوم العائلة بمساندة زواج الشاب ليكون أسرة حديثة و يبقى في نفس الوقت على‬
‫عالقة و وثيقة بالعائلة ألن الشاب يختار و يقرر الزواج و العائلة تساعده ماديا و تفرض‬
‫عليه ثقافتها إلنجاح هذا الزواج و استمراره في مواجهة المشاكل االجتماعية ال تي ته دد‬
‫نسق الزواج و األسرة في المجتمع‪.‬‬
‫فالشاب المقبل على الزواج لم يعد يطلب من أهله اختيار له زوجة حيث أصبح مؤهال‬
‫لذلك إذ يمكنه السير في إجراءات الزواج و اختيار شريكة حياته وفقا للمع ايير الحديث ة‬
‫المتمثلة في الحب ‪ ،‬البحث عن األمن االقتصادي ‪ ،‬و الس كن المنف رد و الوص ول إلى‬
‫وضع اجتماعي أحسن سواء الشاب أو الفتاة التي لها ح ق القب ول أو ال رفض و رأي‬
‫الوالدين يكون شكليا إال أننا نالحظ المقبل على الزواج في هذا النموذج العائلي الح ديث‬
‫يعمل دائما على عدم فرض قراره المتعلق باختيار الشريك في الحياة المستقبلية المس تقلة‬
‫"و إنما يسعى دائما إلى إيجاد وسيلة للتفاهم قصد الحص ول على الموافق ة و الرض ا و‬
‫بالتالي االتفاق معهم على كيفية حفل الزفاف "‪.1‬‬
‫من الشباب من يلغي اختياره أو موعد الزفاف إذا لم يرضى اآلب اء و األه ل و من ه‬
‫نستنتج أن الزواج في الجزائر يقوم على أسس مادية حديثة تثير الخالف في النسق العائلي‬
‫و في نفس الوقت تلعب األسس الثقافية و الرمزية دورها في تخفيف الخالف الن اجم عن‬
‫قبول التغير و العصرنة من طرف الشباب و مقاومة التغير من طرف الجي ل األول في‬
‫العائلة ‪ .‬إنه خالف األفراد حول القيم الحديثة و التقاليد‪.‬‬
‫الفرد الجزائري بفضل ما اكتسبه من ثقافة و تعليم عالي و مهني و ما ترسخ في ذهن ه‬
‫من تنشئة عائلية يمكنه الموائمة بين أفكاره الحديثة و يفاوض أفكار اآلب اء و قيم العائل ة‬
‫الموروثة ‪ ،‬لينتج في األخير أفكارا و تصورات جديدة كنوع من ثقاف ة ش بابية تقليدي ة‬
‫عصرية من نوع جديد ‪ .‬و بهذا انتقل الزواج ‪ ،‬و لقد بينت الدراسات االجتماعية أن ه ذا‬
‫النمط من الزواج نجده هو السائد في كافة المجتمعات العربية‪.2‬‬

‫‪- 1‬بوتفنوشت مصطفى ‪ :‬العائلة الجزائرية‪ .‬ترجمة ‪:‬أحمد دمبري‪،‬الجزائر‪،‬دار المعرفة‪، 1984،‬ص ‪.307‬‬
‫‪ - 2‬الخولي سناء ‪ :‬الزواج و العالقات األسرية‪.‬اإلسكندرية ‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،1979،‬ص‪.138‬‬

‫‪119‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫المبحث الثاني‪ :‬ثقافة العائلة وزواج الشباب‪.‬‬


‫المطلب األول ‪ :‬أهمية تزويج الشباب في العائلة‬
‫إن العائلة على عالقة وثيقة بزواج الشباب و بناء أسرة نووية جزائرية موصولة الرب اط‬
‫ماديا و ثقافيا مع نسق العائلة و األسرة الممتدة‪ .‬بهذه الطريقة و التدخل في زواج الشباب‬
‫ل‬ ‫من بدايته و توجيهه حتى نهايته ‪ ،‬أرى أنه نموذج إعادة بناء األسرة الممتدة التي تعم‬
‫على تغذية و تنمية الشعور و الضمير الجمعي بالروح العائلية والذي يتجسد بدوره على‬
‫أساس المساعدات العائلية للشباب في الزواج سواء من اآلباء أو األقارب‪ ،‬فيندفع الش باب‬
‫إلى التفاوض مع األهل حول مساعداتهم في تنظيم الزواج فيفرض أفك اره و تص وراته‬
‫كشاب له حرية االختيار و تقرير مصيره االجتماعي ‪ ،‬وبالمثل يفرض الوالدين ‪،‬األقارب‬
‫ثقافة األسرة و عادات و تقاليد األجيال و بالتالي يصبح بناء أسرة الشاب من بداية تحضير‬
‫الزواج أسري محلي تقليدي‪-‬عصري في نفس الوقت ‪.‬‬
‫أكد لي عدد كبير من الشباب أنهم لن يتخلوا عن تقالي د ال زواج في حي اتهم ‪ ،‬منهم‬
‫األغلبية يفضلون المزاوجة و االزدواجية في الزواج و حفالت الزفاف المزج بين العادات‬
‫و التقاليد ومتطلبات العصر‪.‬‬
‫إذن العائلة مجال للمحافظة على الروابط االجتماعية و هي فضاء لحماية القيم و التقاليد‬
‫و ثقافة المجتمع لتوحي د الممارس ات و التص ورات في زواج الش باب وفي اكتس ابه‬
‫استعدادات عائلية‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫الحظت من خالل كالم الشباب و لمحت مؤشر حضور صورة العائلة ‪ ،‬يدل هذا على‬
‫أثر ثقافة العائلة التي ال زالت منتشرة في نسق القرابة و هي تساهم في نس ج عالق ات‬
‫اجتماعية مع الشباب الذي يعيد من خالل حياته العصرية إعادة إنتاج ه بص يغة جدي دة‬
‫من خالل مراسيم الزفاف بل أكثر من هذا روح‬ ‫عصرية لكن تعكس روح ذاكرة العائلة‬
‫القبيلة و العصبية من خالل تجمع األسر الممتدة من كل صوب و حدب من قطاع المدينة‬
‫و المجتمع في نقطة واحدة و فضاء واحد أي يتحرك ون في حفالت زف اف مثال قاع ة‬
‫حفالت ‪ ،‬حفالت كور تاج بالسيارات التي ال يقبل فيها دخول األجانب أو مؤشر البرانية و‬
‫الحرمة ‪.‬‬
‫إذن الشباب يختار للزواج بكل حرية لكنه ال يستمر في تسيير زواجه بنفس ه فه و‬
‫بحاجة إلى األقارب و األهل إلتمام الزفاف و بالتالي يفرضون ثقافة العائل ة إلى ج انب‬
‫عصرية الشباب في بناء حياته الزوجية‪.‬وت بين لي ك ذالك من خالل تعليق ات الش باب‬
‫المتناقضة خالل المقابالت الميداني ة ت بين أن ه تقريب ا ‪ ℅80‬منهم يربط ون زواجهم‬
‫والتحضير له باآلباء ‪،‬الرضا و العائلة و األجداد و األقارب بل وحتى المذهب ‪ ،‬الطائفة و‬
‫العشيرة وهذه األقوال تؤكد هذه المؤشرات‪.‬‬
‫يقول المبحوث‪" :‬الزواج‪ ...‬شواال ؟ وسع العايلة ‪ ...‬كبر العايلة قد ما تنجم" ‪ ،‬ويق ول‬
‫آخر "جدي خال وصاية ‪ ،‬دعوة شر دعاها على يجيب من خارج العايلة‪ ،‬حن ا ه اك" ‪،‬‬
‫وتقول مبحوثة آخري " حنا فاميليا ‪ ،‬غاشينا مرابطين نجيبوا من بعضنا ‪ ...‬هو م رابطي‬
‫كما احنا ‪ ...‬بصح قتله ما تقدمليش دروك حتى نكمل قرايتي و نقول لبابا ‪ ...‬و تص يب‬
‫خدمة‪ ....‬يلم روحه ‪ ....‬قدامهم‪ ...‬منطقة صغيرة قاع فامليا نعرف وهم "‪.‬وه ذا وؤش ر‬
‫العائلة والطائفة الدينية حضور األجداد واألولياء الصالحين المؤثرة في ثقافة العائلة ال تي‬
‫نشأ عليها الشباب‪.‬‬
‫ويقول آخر "الوالدين والكبار يشرطو ‪ ....‬درنا العرس في الحوش تاع جدي ‪ ....‬ديته ا‬
‫من الحي ‪ ....‬فيالج ‪ ...‬ترضي والديك ‪ ....‬حفلة كبيرة حوش ج دي كب ير‪ ،‬من بع د‬
‫سكنت برطمة فوق برطمة الشباني" ‪.‬ويقول آخر "تزوج ‪ ....‬غير فاميليا ما شاء اهلل ‪....‬‬
‫رانا عايشين في عظمة ‪. ".....‬إنه مؤشر الرضا‬
‫‪121‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫و تقول أخرى "هدرنا ‪ ...‬نقولو نتشاورو بيناتنا زوج ما نديرو والو ‪ ...‬بص ح كي جي‬
‫في الوالدين بسيف عليك دير التقاليد ‪ ...‬تقولك شايقولو الن اس تواعن ا ‪ ....‬فوض ا ‪...‬‬
‫ر‬ ‫هاراج ‪ ...‬ما تبغيش يقولولها نقي الحوت ‪ ...‬ال ساجيا ماتبغيش" ‪ ،‬ويقول مبحوث آخ‬
‫"أنا تفاهمت معاها في الجامعة ‪ ...‬قدمت ‪ ...‬من بعد خبرت والديا ‪ ...‬الكبار هوم ا دارو‬
‫كلش‪ "...‬إنها مؤشرات بين تبعية تقاليد الزواج لثقافة العائلة المثوارثة التي حترمها الشباب‬
‫العصري‪.‬‬
‫ويقول آخر " يال يخرج معاها و يجمع معاها بتخوبيت ‪ ...‬يح وس معاه ا ‪ ...‬ق اع‬
‫الزمها ما تصدق وش ‪ ،‬مايصورش عايلة مليحة"‪ ،‬ويقول آخر "قاع الفاميليا جاو من ك ل‬
‫بالصه‪ ،‬متريكول‪ ،‬لواطا‪ ،‬ما كانش غي حنا في حنا‪ ....‬مايبغوش واحد برني في كورتاج‬
‫حاطش كاين نسا نتاع الفاميليا "‪.‬‬

‫و‬ ‫ويقول آخر " الصغار يبغو يفرحو ‪ ...‬يديفولو الصالة ‪ ...‬الكبار في القيطون‪ ...‬يحك‬
‫على الثورة و عام دقيوس ‪ ...‬الدنيا و السياسة ‪" ، "....‬بتبهدلنا ‪ ....‬شأ يقولو بني عمك "‪.‬‬
‫الحظت أثناء إجراء المقابالت الميدانية مع الشباب الذي يعيش في العائالت التقليدي ة‬
‫والشبه التقليدية بل وحتى الحديثة التي تنتشر في المدن و القرى و األرياف‪ ،‬أنها ال زالت‬
‫‪1‬‬
‫التي‬ ‫متماسكة و متراصة خاصة أثناء المناسبات‪،‬حيث يتجمع عدد من "األسر الموسعة"‬
‫تربطها عالقات قرابة من جد واحد ‪ ،‬تتجمع العائالت فيما يش به احتف االت الوع دة و‬
‫المناسبات الدينية و االجتماعية ليس فقط في فضاء العائلة األصلي أي البيت القديم و م ا‬
‫حوله بل في كل فضاء المنطقة‪ ،‬كالدوار مثال أو ضريح الولي الصالح ‪.‬‬
‫ترى مجموعة من العائالت الموسعة بعدتها و عتادها في حفلة عرس حول جد رم زي‬
‫قبة الولي الصالح مثال‪ ،‬أو تراهم في خيم تخصص لحفالت العرس و المناسبات ‪ ،‬وكثيرا‬
‫من األحيان يوجد جد أو أب في العائلة تخوله مجموعة القرابة المسؤولية لتمثيل كل األسر‬
‫الموسعة المنحدرة من ساللة جد واحد ‪ ،‬كما الحظت أنهم يجتمعون إلحياء حفلة العرس و‬

‫‪ - 1‬بوم خلوف محمد ‪ :‬نمط األسرة الجزائرية و محدداته‪ :‬دراسة إحصائية و تحليل نظري‪ .‬بحث مقدم للملتقى الوطني الثالث لقسم علم االجتماع‬
‫حول التغيرات االجتماعية و التغيرات األسرية‪.2004 ،‬‬

‫‪122‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫يتحدثون حول واقع المنطقة و التحوالت الزراعية والصناعية و حتى السياس ية ‪ ،‬فله ذه‬
‫األسر المتجمعة الدور الكبير في الثقافة السياسية‪ ،‬مثل العمل االنتخابي مثال‪.‬‬
‫نستخلص من اجتماع مجموعة كبيرة من األسر الموسعة و الممتدة و النووي ة الحديث ة‬
‫حول حفل العرس و إحياء مراسيمه إلنتاج أسرة جديدة قد تكون نووية زوجية وسط نسق‬
‫ئة‬ ‫القرابة يعاني توترات من جراء التحوالت الكبرى في المجتمع لكن هذه األسرة المنش‬
‫حديثا بمساعدة العائلة تربطها عالقات اجتماعية قائمة على أساس ثقافة وت راث ع ائلي‬
‫غائر في تاريخ المجتمع الجزائري‪.‬‬
‫فاألسرة الحديثة والزواج العصري هو نتاج تغيرات العائلة و ت وتر نس ق الق رابي‬
‫الداخلي و الخارجي وإنتاج أسرة و بناؤها ال يزال تابع ا للعائل ة أو األس ر الموس عة‬
‫اجتماعيا‪ ،‬ثقافيا و اقتصاديا و حتى فكريا ‪ ،‬عقائديا و إي ديولوجيا ‪ ،‬يق ول "بوردي و"أن‬
‫"األسرة اختراع و إبداع جديد"‪ 1‬نتاج الطبيعة و الثقافة ‪ ،‬فالفرد المريد الزواج ه و نت اج‬
‫أبوين بيولوجيين بالفعل‪ ،‬و لكن هو نتاج تاريخ أسري وبهذا تعتبر األسرة بناء و تص ور‬
‫اجتماعي و هي مفهوم "ترتيبي و تصنيفي يخضع للواقع االجتم اعي ال ذي يختل ف من‬
‫مجال اجتماعي و اقتصادي إلى آخر و هو بالتالي مفهوم يمتاز بدينامكية كب يرة يتغ ير‬
‫حسب السياق التاريخي و االجتماعي"‪.‬‬
‫كما يؤكد "يبار بوديو" حول الحفاظ على اإلرث المادي "كل شيء يقود على العكس من‬
‫ذلك على اعتبار الزواج ليس منتوج طاعة أو خضوع لقاع دة مثالي ة لكن ه و نتيج ة‬
‫إلستراتجية التي يمكنها أن تعيد اإلنتاج‪ ،‬انطالقا من المب ادئ المس توعبة جي دا لتقلي د‬
‫خاص ‪ ،‬واحدة من تلك الحلول النمطية التي يشير إليها هذا ‪ ،‬إن زواج ك ل واح د من‬
‫األبناء أكبر أو أصغر ‪ ،‬ذكر أو أنثى يطرح أمام العائلة مشكال خاصا ال يمكن لها حله إال‬
‫إذا لجأت لكل اإلمكانيات التي توفرها تقاليد الميراث أو تقاليد ال زواج ح تى يتض من‬
‫استمرارية التراث العائلي"‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Pierre ,Bourdieu :A propos de la famille comme catégorie réalisé, recherche en sciences social, N°100,‬‬
‫‪Décembre 1993, P,P ,32,37 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Pierre, Bourdieu: le bal des célibataires au crise de la société paysanne, Ed du soleil, 2002, P173 .‬‬

‫‪123‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫إن الزواج في العائلة ليس مجرد حفلة للممارسات الجنسية و تنظيمها في المجتم ع ب ل‬
‫إنتاج أسرة حسب متطلبات التغير و ربط هذه الوحدة الجديدة مع التراث العائلي الرم زي‬
‫للمحافظة على تراثها المادي وبنائه ‪" ،‬وإذا كانت عن كلمة نظام فهي عبارة عن تصنيف‬
‫(فئة) مبدأ كلي لبناء واقعي"‪.1‬‬
‫و منه الحظت تجمع األسر الممتدة داخل المدينة إلحياء عرس زفاف الشباب رغم أنه حر‬
‫في اختياره الفردي لزوجته إال أن العرس ال يتم إال بموافقة األه ل و األق ارب ال ذين‬
‫ق‬ ‫يفرضون ثقافة العائلة على الشباب الذي يميل نحو ثقافة العصرية و بالتالي تجمع نس‬
‫القرابة هو المهيمن و األقوى ‪.‬‬
‫إن نسق العائلة من خالل رأسماله الرمزي يساهم في إنتاج مؤسسة الزواج في وس ط‬
‫المجتمع الحضري الصناعي الذي تمكن من تقلي حجم العائلة التقليدية لكن ه لم يتمكن من‬
‫خلق قطيعة األسرة النووية مع العالقات العائلية التقليدية ‪ ،‬فالشباب ال يزالون يرض خون‬
‫للروابط التقليدية في إحياء و بناء األسرة في المجتمع الحديث رغم أن نسق العائلة مفكك‬
‫في الفضاء االجتماعي جغرافيا بفعل الصناعة و التحضر ‪ ،‬إال أن الميراث الثقافي للعائلة‬
‫ال يزال يجمع ويوحد عالقات هذه األسر الممتدة المشتتة حول تظاهرة اجتماعية كالزواج‬
‫و بناء أسرة جديدة التي تعد خاصية هامة من خصائص المجتمعات الصناعية الحديثة ‪.‬‬
‫يعود شيوع هذه األسرة إلى عدد من العوامل أهمها س يطرة النزع ة الفردي ة ال تي‬
‫ة‬ ‫انعكست على كثير من المظاهر الملكية و القانون و األفكار االجتماعية العامة‪ ،‬المتعلق‬
‫بسعادة الفرد و رضائه الذاتي كما يعود إلى شدة كل من الحراك الجغرافي و االجتم اعي‬
‫''‪.2‬‬
‫الحظت أن الشباب يميل إلى العصرنة في الزواج المستقل ‪ ،‬سكن ‪ ،‬عم ل هج رة و‬
‫يحضر لهذا المستقبل بنفسه لكن حضور العائلة أو تجمع األسر الممتدة الموس عة يجعل ه‬
‫يوافق و يؤلف يبن الحداثة و تقاليد العائلة و بالتالي يبدع أفكارا جديدة في خطط زواج ه‬
‫على أسس إستراتجية من تصوراته و أفكاره مع األخذ بعين االعتبار قيم العائلة و األسرة‬

‫‪1‬‬
‫‪- P, Bourdieu :A propos de la famille comme catégorie réalisé, recherche en sciences social, N°100, Décembre‬‬
‫‪1993, P,P ,30,35.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬بوتومور توم ‪:‬تمهيد في علم االجتماع ‪ .‬تر‪ :‬محمد الجوهري و آخرون‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دار الكتب الجامعية‪ ،1973 ،‬ص ‪.263-295‬‬

‫‪124‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫األبوية التي تلقاها خالل مرحلة التنشئة داخل أسرته إضافة إلى التراث العائلي الذي يجب‬
‫احترامه أمام نسق القرابة و األقارب الذي سوف يكون البيئة الحاضرة للعرس و الش اهد‬
‫عليه بمعايير ضبطية تمثل لزواج الشاب ظروف خارجية ثقيلة ألن األس رة و القراب ة‬
‫تتحدى العوائق الجغرافية و تحضر للزفاف في وحدة ثقافية رمزية مادية وسط المؤسسات‬
‫العصرية التي يتم فيها تحضير و إتمام مراسيم و طقوس الزفاف‪.‬‬
‫أصبح الزواج يتم في قاعة الحفالت العصرية وأصبح متنقل ويتحرك شوارع المدينة و‬
‫أماكنها العمومية و مساحاتها الخضراء ‪ ،‬التي يضطر فيها زواج الشاب بين مظهر التقاليد‬
‫و العصرنة في مؤشرات جديدة أنتجها المجتمع الحديث تترك بصماتها على نظام الزواج‬
‫في الجزائر الذي أصبح يكتسب أهمية في المرحلة الحالية نظرا للتغيرات ال تي ط رأت‬
‫على تغيره منذ ثالثة عقود ‪.‬‬
‫ام‬ ‫ونظرا للصعوبات التي يجدها الشاب تتعرض حياته في سبيله لبناء أسرة خاصة أم‬
‫األهل و األقارب الذين تجمعهم ثقافة العائلة الممتدة في تاريخ أجيال متعاقبة‪ .‬يقول "جون‬
‫كوفمان" "أن الزواج أصبح مرحلة حساسة اليوم أكثر ما كانت عليه عشرين أو ثالثين سنة‬
‫خلت و ذلك ألن بنياته تغيرت فجأة و بصفة عميقة و أنه من الصعب بن اؤه من ط رف‬
‫الشباب الذين يرمون أنفسهم في مغامرة الحياة الزوجية"‪.1‬‬
‫و في نهاية الكالم حول ثقافة الشباب الناشئة داخل العالقات العائلية نشير أن األوضاع‬
‫االقتصادية والثقافية التي يحيياها مجتمعنا ‪ ،‬كارتفاع األسعار و انخفاض الدخل و األجور‬
‫ام‬ ‫و كذلك أزمة السكن و البطالة والتوسع الجغرافي للتعليم إنها عوامل تضع عراقيل أم‬
‫الشباب في تحقيق طموحه االجتماعي في الزواج خاصة مع انتشار نزعة الحياة الفردية و‬
‫تخلي العائلة عن تزويج شبابها الذي أصبح في ظل هذه الظروف المت دهورة يع اني من‬
‫قضايا الزواج و بالتالي "اندفع نحو التشبث بالمفاهيم الغربية للحياة و االبتعاد عن تقاليد و‬
‫قيم و نمط العالقات االجتماعية السائدة في المجتمع قصد إيجاد حل ألزمته الزوجية "‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪JEAN-CLAUD,Kaufman : sociologie du couple, puf , collection que sais- je ? N° 2787 3em Ed, Pari, 1999, P3.‬‬
‫‪ - 2‬صباح عياش ‪ ،‬اختيار مقياس تكافؤ القرينين و التغير االجتماعي‪:‬دراسة سوسيولوجية حول اختيار القرين لدى الشباب في منطقة الجلفة‪،‬‬
‫رسالة لنيل شهادة الماجستير‪ ،1994-1993 ،‬ص‪.107‬‬

‫‪125‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ه‬ ‫تختل و تتخلخل المعايير لدى الشباب المقبل على بناء أسرة زواجيه و تتفكك روابط‬
‫مع العائلة الحديثة ‪ ،‬فال يحدث تواصل فتتقهقر العائلة نحو القديم و التقاليد و يزي د تق دم‬
‫الشاب نحو الجديد العصري و بالتالي يحدث اختالف و قطيعة في القيم يس بب ت وترات‬
‫نسقية في العالقات التي تؤثر على بناء مؤسسة الزواج في بناء أسرة نووي ة مس تقرة ال‬
‫تربطها عالقة مع مؤسسة العائلة فينتشر خالف داخلي و خارجي في النسق‪ ،‬تدفع الشباب‬
‫لتقمص قيم أسرية جديدة تختلف عن الجيل السابق الذي قد يدخل مع الشاب في خالف ات‬
‫بفضل تجمع النسق القرابة من جديد من خالل عملية إنجاح الزواج‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أثر الثقافة التقليدية في بناء األسرة الحديثة‪.‬‬


‫تعتمد األسرة النووية على روابط الزواج‪ ،‬في حين أن الممتدة تعتمد على روابط الدم و‬
‫القرابة بين ثالثة أجيال أو أكثر‪ .‬تتكون األسرة النووية من جيلين فقط الزوج و الزوجة و‬
‫أبنائهما ‪ ،‬يكونون وحدة مستقلة ‪ ،‬يعني أن احتياجاتها من الرعاية االقتصادية و العالق ات‬
‫االجتماعية مع المجتمع المحلي و رعاية األطفال و تربيتهم تتم كلها داخل األسرة النووية‬
‫و ليس من خالل الدائرة األكبر من األقارب "كما ال ينخرط اآلباء في اختيار أزواج بناتهم‬
‫ا‬ ‫أو زوجات أبنائهم كما ال يقومون بتشريع أو تقنين زيجات أبنائهم ‪ ،‬وال يتحكمون أيض‬
‫‪1‬‬
‫في استمرار زواج أبنائهم أو إقدامهم على الطالق "‬
‫يرى محمد حمدوش أن" ما يعلمنا و يلقننا إياه التاريخ من دروس هو أن األسرة مؤسسة‬
‫تمتاز بالتغير و الدينامكية و هي عبارة عن مجموعة من العمليات"‪. 2‬‬
‫تظهر في كل فترة زمنية و في كل مجتمع حيث يتحدد شكل التجمعات األسرية السائدة‬
‫في واقع المجتمع و المتأثرة بتغيراته و التي تؤثر بدورها من حيث إنتاجها بحيث تكس ب‬
‫قوة تحمل كبيرة وتكيف يساعدها على تجاوز كل التحوالت التي تنتج عوام ل أساس ية‬
‫تساهم في انتقال نمطية مجتمع من االقتصادي الزراعي إلى مجتمع شبه ص ناعي بنم ط‬
‫ة‬ ‫تعاقدي مجتمع تكون فيه العالقات األسرية الصلبة التي ال تزال تميز األسرة الجزائري‬
‫"هذه العالقات التي وصفها أوسفالد سبلنجر أو مثلها و شبهها بالصخرية نسبة للص خر‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬محمد نبيل جامع‪ ،‬علم االجتماع األسري‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،2010 ،‬ص‪.28‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬حمدوش رشيد‪ ،‬مسألة الرباط االجتماعي في الجزائر المعاصرة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع‪،2009 ،‬ص‪. 265‬‬

‫‪126‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫القوي"‪ ، 1‬درع واقي من كل الهزات االقتصادية و الديمغرافية هي مقاومة التغير الطارئ‬


‫بإعادة تحريك و تنشيط النموذج المحلي التقليدي بصورة و أشكال أخرى تعاقدية و حديثة‬
‫أي التوفيق بين المحلي و التعاقدي‪.‬‬
‫و تنتشر األسرة النووية في المجتمعات المتحضرة التي بلغت رقي ا كب يرا و تط ورا‬
‫اجتماعيا سريعا بفعل التصنيع الذي يدفع األزواج إلى أماكن بعي دة عن م وطنهم حيث‬
‫يجدون فرص العمل األفضل‪ .‬وهذا عكس ما عليه الحال في األسر الممتدة الزراعية التي‬
‫تسود فيها األسرة الممتدة حيث يعيش اآلباء و األجداد و العمات والخاالت و األخ وال و‬
‫األشقاء في وحدة معيشية واحدة تعيش على المزرعة العائلية وهذا النمط من األسرة شبه‬
‫معدوم في أيامنا هذه ‪ ،‬يكاد ال يوجد له أث ر إال ن ادرا‪ ،‬لكن ال زالت تش كل عق دة من‬
‫العالقات االجتماعية فرغم تقلص حجم األسرة الممت دة بفع ل التح ديث الص ناعي و‬
‫الحضري إال أنها ال زالت تعمل على تسيير العالقات ما بين األجيال ‪.‬‬
‫ال زالت األسر النووية تحافظ و تنتج كثيرا من وظائف و عالقات األس رة الممت دة‬
‫داخل الوسط الحضري ‪ ،‬خاصة شبكة عالقات األبناء الشباب باآلب اء و األج داد و م ا‬
‫تعكسه من قيم و معايير و أعراف تعمل على التغير و تجديد المجتمع خاصة من الناحي ة‬
‫الثقافية و مساهمة األسرة في المنتوج الثقافي بفعل تغير األدوار بين الجنسين و األجي ال‬
‫داخل خلية األسرة التي عرفت تطورات تاريخية كبيرة بحاجة لدراسة دقيقة ‪ ،‬فهي تشكل‬
‫"ذلك المبدأ الجماعي لبناء الواقع الجماعي و هي ابتكار جديد أو إبداع ح ديث "‪ 2‬أي من‬
‫إنتاج الحداثة‪.‬‬
‫لقد توصل الباحث الجزائري "محمد بومخلوف" إلى وجود نموذج جديد من األس ر في‬
‫المجتمع الجزائري و يتمثل في األسرة الشبه نووية أو المتسعة تتميز بقدرتها على التكيف‬
‫مع مستجدات التنمية في الجزائر و تحاول نقل التراث العائلي و الرأس م ال الثق افي و‬
‫التربوي لألفراد خاصة الشباب مع السعي لمساعدته في تحقي ق طموحات ه المس تقبلية‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪.-‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪265‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-P, Bourdieu ,A propos de la famille comme catégorie réalisé, recherche en sciences social, N°100, Décembre‬‬
‫‪1993, P,P ,32,33.‬‬

‫‪127‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫يرى الباحث محمد حمدوش أن الباحث اله وا ري ع دي توص ل إلى أن األس رة‬
‫الجزائرية المعاصرة تتشكل من مجموعات نووية ال زالت على عالق ة وج ود األس ر‬
‫الموسعة في فضاء جغرافي حضري الذي ال يزال يحتفظ بآثار الدينامكية المحلية التقليدية‬
‫ون تقيم‬ ‫"رغم إن الديوان الوطني لإلحصاء بين أن ‪ "5,1‬مليون عائلة من بينها ‪ 3,1‬ملي‬
‫بالوسط الحضري نجد ‪ % 90,3‬من هذه العائالت هي من النمط الن ووي أو الع ائالت‬
‫النووية المصغرة ‪. 1‬‬
‫و رغم أن السكن في الجزائر ال يساعد على استمرار العائل ة تبقى العائل ة أو األس رة‬
‫الممتدة في رأي الباحث ‪ ،‬تبقى هذه األسرة بنمطها التقليدي و إن فقدت شكال و مض مونا‬
‫و هو يؤثر على األسرة النووية ألنها تبقى في التصورات الجماعية لألفراد و في المواقف‬
‫الذاتية لهم و في أفعالهم و سلوكهم و هم داخل أسرهم النووية ‪ ،‬هذا ما يجعل هذه األخيرة‬
‫تطغى عدديا وفكريا بحيث يظهر مزيج و تنوع من التصورات و السلوكيات ‪ ،‬ممارسات‬
‫تقليدية ممزوجة بسلوك حديث بحيث نجد أشكال التضامن التقليدية القديمة ال ت زال تلعب‬
‫دور كبير في المبنى و الهياكل الحديثة للمجتمع الجزائري ‪ ،‬وه ذا م ا ي تيح في رأيي‬
‫للشباب فرض نفسه داخل نسق القرابة و األسري خاصة في مس ألة ال زواج و اختي ار‬
‫شريكة حياته و يبني أسرته و يبقى في شبه استقاللية‪ ،‬يبقى تابع ألسرة األولياء في ش كل‬
‫من العالقات الجيلين التواصلية ‪ ،‬عالقات حديثة لكنها قائمة على أسس و أهداف تقليدي ة‬
‫ثقافية تعمل دائما على إحياء روح العائلة و الذاكرة التاريخية لها ‪.‬‬
‫يعمل الشاب الحديث الزواج يربط عالقات مع نسق القرابة بحيث ينقل القيم و المعارف‬
‫ما بين األجيال السابقة و الالحقة أفقيا ‪ ،‬وينتج من خالل مساهمته في تغير عادات الزواج‬
‫في المجتمع الجزائري ‪ ،‬ينتج عالقات جديدة نابعة عن تصورات و تمثالت تابعة لتط ور‬
‫الواقع و هي بسمات جديدة تمثل روابط عمودية تربط الثقافة الفرعية المحلي ة التقليدي ة‬
‫بالنظام االجتماعي و الثقافي الكلي ‪ ،‬المتأثر باألنساق االجتماعية األخرى التي تش هد هي‬
‫األخرى تغير وتحديث متواصل ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حمدوش محمد‪:‬المرجع السابق ص‪. 266‬‬

‫‪128‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫يتبين لنا إذن أن بناء الشباب العصري ألسر نووية يساهم في التماس ك االجتم اعي و‬
‫تحديد الثقافة في المجتمع رغم تقلص و تالشي األسر الموسعة الممتدة ‪ ،‬ف الزواج يج دد‬
‫الحس التضامني و االنسجام العائلي و يبعثه من جديد رغم ما تعانيه العائلة الجزائرية من‬
‫صراع األدوار و الخالفات الجيلين حول القيم بفعل التغيرات الثقافية التي يشهدها المجتمع‬
‫من جراء التحديث و التصنيع لمرحلة ما بين االستقالل مثال ظاهرة االحتف ال ب الزواج‬
‫بالمسيرات في شوارع المدينة ‪.‬‬
‫إن التجمعات العائلية من خالل الزواج والحفالت تقلل من تبع ثر و تش تت أعض اء‬
‫ارب‬ ‫األسرة من جراء الهجرات و الحركات االجتماعية و الحراك الحديث ‪ ،‬فتجمع األق‬
‫في العرس يحيي روح العائلة و ينشط الع ادات و يبعث التقالي د من جدي د في أيامن ا‬
‫العصرية ‪.‬‬
‫ير"‪ ، 1‬و‬ ‫يقول كل من "برجر و لوكمان" على "إننا نتقاسم واقع الحياة اليومية مع الغ‬
‫بخصوص عنصر الزمن يقول "عالقتي مع الغير محددة و ال تتوقف فقط على األصدقاء و‬
‫من يعاصرونني من الناس إنني أدخل في عالقات مع من سبقوني و مع من سيلونني من‬
‫الناس ‪ ،‬بمعنى أوالئك الذين سبقوني و من سيلحقونني في إطار التاريخ االجتماعي ال ذي‬
‫اد و‬ ‫يحوم بنا"‪ ، 2‬فالذين سبقونا هم اآلباء و األجداد و الذين سيلحقون هم األبناء و األحف‬
‫األجيال المستقبلية ‪.‬‬
‫إن زواج الشباب الذي يعكس ثقافة المجتمع و يساهم في تجديدها بنشر ثقافة حديثة تجمع‬
‫كل األدوار في المجتمع و األجيال في توافق و انس جام ال ذي ي ؤثر على س لوكنا و‬
‫دفاع‬ ‫تصوراتنا التي تسمح بإعادة العائلة في إطار نسق موحد من القيم ‪ ،‬إنه ميكانيزم ال‬
‫عن النفس نوع من الضمير االجتماعي نشأ بع د الفرح ة و االس تقالل عن المرحل ة‬
‫االستعمارية في الجزائر ‪ ،‬إنه نوع من المحافظة و تغليب صناعي للمش اعر و الش عور‬
‫الجمعي يحوي القيم االجتماعية و األخالقية تجديد قيم ليتقمصها الش باب إلنش اء أس رة‬
‫زواجيه ‪ ،‬توجيه إيديولوجي ظهر بعد االستقالل انعكاس للتغيرات االقتصادية و السياسية‬

‫‪ - 1‬حمدوش محمد ‪:‬المرجع سابق‪ ،‬ص ‪.269‬‬


‫‪2‬‬
‫‪.-‬نفس المرجع‪،‬ص‪269‬‬

‫‪129‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫نجحت في بعث ديمقراطية العائلة مثل الفردية و المس اواة بين الجنس ين ‪ ،‬في إطاره ا‬
‫الثقافي و خصوصية المجتمع المحلي ‪.‬‬
‫كيل‬ ‫إنها تغيرات هيكلية نسجت روابط عائلية جديدة بين اآلباء و األبناء تساعد على تش‬
‫هوية األسرة الجزائرية الحديثة ‪ ،‬لجيل طموح متطلع للمستقبل ‪ ،‬ال يحقق ذاته و ال يؤدي‬
‫وظيفة اجتماعية وال يحقق مكانة إال من خالل الدراسة والعمل من اجل بناء أسرة مستقلة‬
‫بعيدا عن التوترات الناجمة من نسق القرابة من جراء الثقافة الحضرية ال تي أص بحت‬
‫المرجعية األولى للشباب بفضل ديمقراطية التعليم و اإلعالم و التنقل التي تشجع االنفصال‬
‫عن العائلة و األسرة وكل ما هو تقليدي بعد عملية جرد و انتقاء ثقافي و مقاطعة كل ما ال‬
‫ينفع من عادات و تقاليد‪.‬‬
‫يرى الشباب في كثير من العادات ويعتقد أنها تجاوزها الزمن فال زال الشاب في الجزائر‬
‫يتأرجح بين التقاليد والحداثة بين الماضي و المعاش اليومي‪.‬‬
‫هذه الوضعية للشباب في المجتمع جعلته ينتج أفكارا جديدة يبني عليها استراتجيات يوائم‬
‫الثقافة الحديثة و الثقافة التقليدية‪ ،‬و تغيرات الزواج لدى الشباب في الع ادات و التقالي د‬
‫لخير دليل على وجود ثقافة شباب في حالة نشوء ‪ ،‬ثقافة تنهي التشتت و القطيع ة ال تي‬
‫يعيشها أفراد المجتمع في مقاومة تغير المجتمع الجزائري نحو الحداثة الكونية من وجه ة‬
‫النظر الثقافية في سياق االجتماعي التوافقي لتعايش األنماط القديمة و الحديثة في المجتمع‬
‫الجزائري بعيدا عن عالقات الصراع‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪:‬تأخر سن الزواج في األسر و العائلة الحديثة‪.‬‬


‫إن قضية تأخر سن الزواج في العائلة واألسرة الحديثة‪ ،‬متعلقة بالمتغيرات االجتماعي ة‬
‫التي تمس المجتمع من حيث نمط العالقة بين الجنسين ونضرة الرجل و المرأة و وض ع‬
‫المرأة االجتماعي و تأكد ممارسة حقوقها‪."...‬فدخول المرأة لسوق العمل و قبل ه ف ترة‬
‫الدراسة الطويلة‪،‬كله يزيد في إطالة سن الزواج وتأخره ‪"،‬وهي في سن الزواج المح دد‬
‫ثقافيا و اجتماعيا من قبل مجتمعنا الذي أوجب فكرة الزواج عندنا مع بداية ظهور العم ل‬

‫‪130‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫إلى أجل بعيد‪ ،‬إضافة إلى حركات تحرر المرأة ومطالبتها من الخروج من دورها التقليدي‬
‫‪ ،‬المحصور بالزواج و األمومة المبكرة و عدم مطاوعتها له و ال تريث في ممارس ته‪.‬‬
‫إضافة أن شباب اليوم يعتبرون تأخير سن الزواج عمال ايجابيا يس مح لهم بالتع ارف و‬
‫ألن الشباب" ال يستطيع التزوج و يدرس في آن واحد‪ ،‬فال من اص من‬ ‫االختيار الجيد‪.‬‬
‫التأخير في سن الزواج إلى ما بعد التخرج ثم تأخيره إلى ما بعد الحصول على عم ل ثم‬
‫إلى ما بعد القدرة عل العمل ثم إلى توفير مبلغ صالح للزواج و اإلنفاق "‪. 1‬‬

‫وبعدها يختار شريك الحياة المناسبة‪،‬وهناك من يشرع في االختيار قب ل حص وله على‬


‫شهادة وعمل ويؤخرا لزواج عن وعي ويحول هذه الفترة إلى فترة بحث وتحضير بعي دا‬
‫عن العادات والتقاليد والقوانين األسرية والعائلية المتعارف عليها‪،‬فكثير من الشباب يري د‬
‫ل‬ ‫أن يضمن شريكة الحياة‪،‬يتعرف عليها قبل أن يبلغ األسرة وبخطبها رسميا‪،‬حي يحص‬
‫على فرصة عمل‪،‬وهذا حتى ال يضيع منه الوقت وال يترك ألسرته أن يفرض وا علي ه‬
‫زواج مرتب يحد من استقالليته التي أصبحت من المتطلبات العصرية ‪.‬‬

‫وظاهرة تأخر سن الزواج لها عدة مساوئ و أثار سلبية في المجتم ع ‪،‬منه ا انتش ار‬
‫ة واالنحالل الخلقي و‬ ‫األمراض و العالقات الغير شرعية الجنسية منها ‪ ,‬وانتشار الرذيل‬
‫األزمات النفسية " وقد يرجع تأخر سن الزواج إلى أس باب نفس ية ‪،‬دبت في شخص ية‬
‫الشباب تتمثل في الروح االنهزامية و اليأس و الخ وف من المس تقبل و اله روب من‬
‫مجابهة العقبات وعدم تحمل المسؤولية "‪ 2‬و يقول احد الش باب " ال ثقاف ة ال زواج ‪...‬‬
‫وش ‪ ,‬الموني تاع ال زواج راه ب اين ‪ ...‬خلي ك خلي ك غ ادي كين ا ‪...‬ش يبة م ا‬
‫يحشموش ‪...‬مشكل هنا و مشكل غاجدي‪ ...‬و الملقي في باري ‪ "...‬و تقول أخرى " ما‬
‫كاش ‪...‬ماقراش‪...‬ما يخدمش‪..‬ما يتزوجش سي نورمال ‪."...‬‬

‫لقد أجمع كل المبحوثين إن مؤشر العمل و الدراسة يؤخر س ن ال زواج و مؤش ر‬


‫الوعي بالواقع المتغير وفي هذا الصدد " أدى تحرير المرأة و تعليمها ثم استغاللها إلى‬

‫‪ - 1‬جامع محمد نبيل ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.96‬‬


‫‪ - 2‬الخولي سناء ‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.115‬‬

‫‪131‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪1‬‬
‫أنها أصبحت أكثر تدقيقا في تفضيل شخص عن شخص أخر ‪،‬أو تفضيل شخص بعينه "‬
‫اع‬ ‫ازيون ت‬ ‫زاف أوك‬ ‫اوني ب‬ ‫ةج‬ ‫وتين"في الجامع‬ ‫دى المبح‬ ‫ول إح‬ ‫و تق‬
‫الزواج‪...‬نيقوسياسيون(التحاور)‪...‬الوم نعرفه أمليح‪...‬نزوج بعد القراية"إنه مؤشر الراحة‬
‫في التفضيل واإلختيار‪.‬أما الشباب ‪،‬الحظت أنه مع وجود مدة تعارف طويلة وغير مبررة‬
‫رغم وجود ظروف مادية جيدة وحالة إجتماعية مناسبة‪،‬وجدت أن هذا النوع من الت أخير‬
‫المبالغ فيه يسبب قلق وتوتر لدى الشباب واآلباء ‪ .‬يقول مبحوث آخر خ ريج ج امعي و‬
‫أستاذ"كرهت التعارف وكرهت لبنات‪...‬طحتلي في الجرح‪..‬تصيبها تعرف وتخ رج م ع‬
‫شحال من واحد تتفاهم أمعاه عالزواج‪..‬شاه"‪.‬‬

‫يقول آخر"أما كرهتني في الزواج تقولي تمشيت معاها عشر سنين باغي جيبهالي"‬

‫ومن هذه المؤشرات نستنتج أن تمسك الشباب بالعادات واألفك ار ورأي الوال دين ي بين‬
‫موقف الشباب وحذرهم وقلقهم اإلجتماعي من الحرية المطلقة للمرأة وهذا يؤكد لنا ت أثير‬
‫ة‬ ‫التقاليد على الثقافة الحديثة في المجتمع وما تسببه من خالفات وصراعات ثقافية عائلي‬
‫وحتى في األسر التي تتميز بنمط ثقافي حداثتي ‪.‬‬
‫ا‬ ‫جاء في حوار مع شاب يقول في أحد مواقع األنترنات المباشرة لجريدة وطنية‪ " 2‬كلم‬
‫فاتحت والدي موضوع الزواج أتعصب و أخرج من البيت‪..‬أصبحت كلما أفكر في الزواج‬
‫ا‬ ‫أصاب برعب" وهذه كلها مؤشرات فقدان الثقة بالنفس لدى الشباب وقلق إجتماعي كلم‬
‫تتجاوز فترت التعارف و حرية اإلختيار وتأخير الزواج الحد المعقول‪.‬‬

‫‪ - 1‬المصمودي نذير ‪ ،‬عزوف الشباب عن الزواج لماذا؟‪ .‬الجزائر دار البعث للطباعة ‪ ، 1985 ،‬ط ‪ ،1‬ص ‪.30‬‬
‫‪22-‬‬
‫‪WWW.ECHOUROUK ONLIN.COM/ARA ARTICLE/156778.HTML. 10-02-2015;10H:30M‬‬

‫‪132‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫الخالصة ‪:‬‬
‫عرف الزواج عدة تغيرات مست خاصة العادات التقليدية وهذا بفعل توجه الشباب نحو‬
‫القيم الحديثة التي تتالءم مع طموحاته اإل جتماعية ورأيته لألسرة ودور المرأة الحديثة في‬
‫المجتمع وهدا ما يسبب خالف داخل األسرة و العائالت حول موض وع ال زواج ال ذي‬
‫أصبح يعكس صراع ثقافي بين القيم التقليدية التي يتشبث فيها اآلباء في األسرة‪ ،‬وبين القيم‬
‫الحداثة التي يأمل فيها الشباب ومن هذا يتبين لنا أن عالقات صراع داخل األسرة تتسبب‬
‫في تغير مراسيم الزواج‪.‬‬
‫ومن خالل البحث الميداني استنتجت أن العامل المادي و الثقافي يساهمان في تأخير سن‬
‫الزواج لدى الشباب داخل األسرة أو العائلة ‪،‬هذا الشباب الذي ال يهتم كثيرا لهذا التأخر‪،‬‬
‫و هذه الظاهرة دفعتني ألفرق بين كون مدة التحضير ال تي تك ون عن وعي اجتم اعي‬
‫بسبب فترت التعارف المدرسي باإلستراتجيات الشبابية ثم قرار الخطوبة و ط ول مدت ه‬
‫ومدة تحضير الزفاف المشترك بين الخطيب و الخطوبة وهذه المظاهر ال يمكن إرجاعها‬
‫إلى تأخر سن الزواج أو العزوبة التي هي مفروضة من قبل ظروف المجتمع المادي ة و‬
‫‪133‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫الثقافية ‪،‬و كذلك العزوف عن الزواج ألن الشباب العازف ال يفكر أصال في ال زواج‬
‫ظاهريا على األقل أما طول مدة تحضير للزواج عند الشباب فهي قصديه ‪ ،‬مخطط له ا‬
‫فهي نابعة من وعي ينسج عالقة بين فردين راشدين لهما هدف محدد وفق تصوراتهم و‬
‫مواقفهم و نظرتهم للزواج التي اكتسبوها من فترة التعليم و العمل‪ ،‬أي أن الفترة الطويلة‬
‫للتحضير للزواج هي انعكاس ثقافي في المجتمع الجزائر‬
‫و في األخير نشير أن ثقافة الشباب الناشئة داخل العالق ات العائلي ة وس ط األوض اع‬
‫االقتصادية التي يواجهها مجتمعنا ‪ ،‬كارتفاع األسعار و انخفاض الدخل و األج ور أم ام‬
‫الشباب في تحقيق طموحه االجتماعي في الزواج و بناء أسرة نووية ‪ ،‬خاصة مع انتشار‬
‫النزعة الفردية و مع تخلي العائلة عن تزويج شبابها الذي أصبح في ظل هذه الظ روف‬
‫المتدهورة يعاني من قضايا الزواج و بالتالي "اندفع نحو التشبث بالمفاهيم الغربية للحياة و‬
‫االبتعاد عن تقاليد و قيم و نمط العالقات االجتماعية السائدة في المجتمع قصد إيجاد ح ل‬
‫ألزمته الزوجية "‪ ،‬وفي هذه تختل و تتخلخل المعايير لدى الشباب المقبل على ال زواج و‬
‫تتفكك روابطه مع العائلة الحديثة ‪.‬‬
‫فالشاب مقبل على بناء أسرة فهو يتعرف على شريكة حياته و يقرر الزواج و ال يتواصل‬
‫مع العائلة و جيل الشباب ‪ ،‬أي ال يحصل تواصل جيلي فيما يخص بن اء أس رة جدي دة‬
‫فتتقهقر العائلة نحو القديم و يزيد تقدم و إصرار الشاب نحو الجديد العص ري و بالت الي‬
‫يحدث اختالف و قطيعة في القيم وهذا االختالف و القطيع ة في القيم بين االبن و األب‬
‫والجد الذي تركه يحضر لزواجه بنفسه حتما سيقود إلى التوتر و عدم رضا اآلباء بسلوك‬
‫الشباب الحر الذي يتنافى مع عادات و قيم العائلة الحديثة التي ما زالت مكوناتها و نش أة‬
‫عناصرها تضمر روح العائلة التقليدية ‪.‬‬
‫يحاول أهل العائلة دائما فرض ثقافة العائلة في تسيير شؤون الزفاف ‪ ،‬فال يجد الش اب‬
‫سوى الدفاع عن أفكاره و التفاوض حول الزفاف و طريقة بناء أسرته النووية مع شريكة‬
‫حياته ‪ .‬و إن بناء األسرة في جو من العالقات المتوترة داخل نسق العائلة هذا حتما سيولد‬
‫مشاكل و أزمات زواج تهدد استقرار و بقاء األسرة النووي ة في المجتم ع و مع دالت‬
‫الطالق المرتفعة خير دليل على ذلك ‪.‬‬

‫وفي نضري هذا هو السبب الجوهري الذي يحول الخالفات األسرية بين األبناء واآلباء‬
‫إلى صراع ثقافي عائلي وأسري يؤثر على نسق الزواج في المجتمع ويؤثر على حيات ه‬
‫اإلجتماعية داخل مؤسسات مجتمعنا الجزائري الذي يشهد تحوالت س ريعة خاص ة في‬
‫العشرية األخيرة التي سيطرة على معالمها العولمة اإلقتصادية وأصبحت الثقافة منحنيات‬
‫هندسية متزايدة في مؤسسات األسواق العالمية لمشاريع وخطط تباع وتش ترى حس ب‬
‫قوانين وقيمة العرض والطلب في المجتمعات الدولية مما جع ل الثقاف ات التقليدي ة في‬
‫‪134‬‬
‫الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‬ ‫الفصل الرابع‬

‫المجتمع تدافع عن نفسها من خالل عالقات الصراع بين األفراد الدين احتوتهم وش كلت‬
‫فيهم نوع من الضمير الجمعي يدخل األفراد في مجال واسع من القلق اإلجتماعي يتم رد‬
‫فيه الفرد على ثقافة المؤسسات اإلجتماعية المسيطرة على المجتمع‪،‬إنه تمرد ثقافي ك ردة‬
‫فعل جماعية منسسقة لمقاومة القيم الحديثة كثقافة الزواج لدى الشباب ال تي تظه ر وهي‬
‫التي تشكل في نضري ثقافة الفرعية للشباب ألن الشاب إنسان فتي بحاج ة إلى عالق ات‬
‫جنسية زواجية سوية يكبح غرائزه الفوضوية وينمي عالقاته العاطفية لينجب فيها أطف ال‬
‫وِي ؤدي دوره في المجتمع ويتحول ويتغير دوره لممارسة عالقات األبوة ويستقر أسريا ‪،‬‬
‫لكن حينما ال يحقق الشباب هده الدوررة اإلجتماعية بسبب الصغط القيم الوافدة للمجتم ع‬
‫التي تتناقض مع واقع الشباب تتحول عالقاته إلى انقالب إجتماعي عائلي وه و إنفالت‬
‫في العالقات اإلجتماعية ينتج عنها القلق والتمرد في المجتمع يرتد فيها الش باب إلى القيم‬
‫البسيطة للثقافة التقليدية ويحاورها ويحاكيها بما إكتسبه من إستعدادات خبرها من واقع ه‬
‫المعاش والدي يحفزه على التغير والتغير فتنموا بذالك الثقافة التقليدية وتتفرع وتشتبك مع‬
‫الثقافات الحديثة الوافدة إليه مثل ما يحدث مع مع ظاهرة الزواج التقليدي العصري الذي‬
‫يفضله الشباب في يومنا هذا‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫نتائج البحث‬

‫‪135‬‬
‫نتائج البحث‪:‬‬
‫لقد أثرت التناقضات الناجمة عن التح والت االجتماعي ة والسياس ية واالقتص ادية على‬
‫ظ اهرت ال زواج بظه ور قيم وس يمات ومراس يم وطق وس لم تكن معروف ة من قب ل في‬
‫مجتمعن ا‪،‬م ع تغ يرات في الع ادات و التقالي د ال تي أص بحت تعكس ازدواجي ة الثقاف ة‬
‫والصراع بين القديم و الجديد‪ ،‬بين الثقافة التقليدية والحديثة‪ ،‬هذه األخيرة ال تي أص بحت‬
‫تطغى وتبرز مقابل اختفاء عدة سمات تقليدي ة في ثقاف ة ال زواج الجزائ ري خاص ة بع د‬
‫تخافت قيم السلطة األبوية داخل األسرة والعائالت الممتدة أمام الشباب الذي بات يكتسب‬
‫استعدادات مادي ة وثقافي ة بفع ل التوس ع الجغ رافي لمؤسس ات التربي ة والتعليم وانتش ار‬
‫الصناعة والعم ل الم أجور وتط ور وس ائل اإلعالم ‪،‬ه ذه العوام ل جعلت الش باب يغ ير‬
‫نظرته للزواج بتصورات حديثة تختلف عن أسلوب اآلباء واألمهات الذين يش ددون على‬
‫العادات والتقاليد العائلية والقيم والسمات والمعاير الثقافية التقليدية في التحض ير لل زواج‬
‫وفي المقابل أضحى شباب اليوم ال يهتم إال قليال ببعض القيم التقليدية ويحاول تكيفها م ع‬
‫متطلبات المجتمع العصري ورغباته واحتياجاته الفردي ة‪ ،‬كش باب ل ه اس تعدادات ثقافي ة‬
‫جديدة تميزه عن الثقافة العائلية التقليدية في الزواج‪.‬‬
‫تبين لي‪ ،‬أن ثقافة ال زواج ل دى الش باب هي الج زء الج وهري ال ذي تق وم علي ه الثقاف ة‬
‫الفرعية للشباب وهي تعكس م دى وعي الش باب ب التغيرات االجتماعي ة و الثقافي ة‪ ،‬كم ا‬
‫تبين لنا أن ثقافة الزواج ال نعني بها فقط العالقات الجنسية كما تروج لها وس ائل اإلعالم‬
‫المختلفة أوانها مجرد عالقات عاطفية كم ا تراه ا كث ير من البح وث النفس ية ‪،‬ب ل زواج‬
‫تتحكم فيه قواعد ومعاير المجتمع ‪،‬وهي نتاج ثقاف ة تعكس نم و وعي األف راد بتناقض ات‬
‫المجتمع وتغيراته الحديثة‪.‬‬
‫أصبح التحضير للزواج يدوم عدة مراحل مختلف ة أوله ا التع ارف وه و ظ اهرة جدي دة‬
‫تظهر فيه سمات تعكس قيما حديثة‪ ،‬يرى الكثير من اآلب اء أن ه لم يكن له ا وج ود وأنه ا‬
‫غريب ة عن ثقاف ة ال زواج في األس ر الجزائري ة مث ل التواع د والتالقي بين الكث ير من‬
‫الشباب بعيدا عن األسرة ودون علمه ا للتفك ير أو أخ د ق رار لمرحل ة الخطوب ة ثم عق د‬
‫الزواج في البلدية ثم المسجد وهما يمثالن البعد القانوني و الديني‪ ،‬بقيم الع دل والمس اواة‬
‫والمس ؤولية‪ ،‬ثم بع د ه ذه المرحل ة ت أتي مرحل ة الزف اف ال تي تعكس القيم الثقافي ة‬
‫واالقتصادية للعائلة الجزائرية الكبيرة‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫أصبحت حفالت الزفاف تنظم في قاعات للحفالت المنتشرة في المدن والق رى ‪،‬وتعت بر‬
‫حفلة الزفاف نقطة الترابط و تأسيس أسرة جدي دة‪ ،‬يتجم ع أفراده ا ح ول قيم التماس ك و‬
‫التعاون و الحياة اإلجتماعية المشتركة ‪.‬‬
‫تظهر مراسيم الزفاف صراعا مستمرا بين األجيال‪ ،‬اآلباء واألبناء الذين يريدون تس ير‬
‫الزواج بأسلوبهم الخاص‪،‬يك ون الص راع في البداي ة بيولوجي ا ونفس يا إلختي ار الش ريك‬
‫المناس ب ثم يتح ول إلى ص راع اجتم اعي وثق افي إلختي ار العائل ة والمس توى الم ادي‬
‫المناسب ويزداد الصراع حدة قب ل التحض ير لحفالت الزف اف المختلف ة وبع د نهايته ا و‬
‫الدخول الشاب إلى بداية الحياة األسرية‪.‬‬
‫إن التحوالت االجتماعية الحديثة ترسخ ثقافة الزواج في المجتمع الجزائ ري‪،‬ت بين لي أن‬
‫الزواج التقليدي يحاف ظ على ال تراث ويج دده لكن من التقالي د م ا ه و مكل ف و يس تهلك‬
‫أم واال طائل ة وهي فال تتح ول رؤوس األم وال في المجتم ع إلى أرباح ا وآالت‬
‫ص ناعية ‪،‬وج دنا أن الش باب التج ار وال ذين تحص لوا على الق روض البنكي ة‪ ،‬ق روض‬
‫إلنشاء المؤسسات الصغيرة لتشغيل الشباب‪ ،‬يستهلكون جزءا كبيرا من أم والهم يتح ول‬
‫إلى أشياء تراثية ‪،‬مثال الحلي وأصناف الزينة من ال ذهب واألحج ار والمع ادن النفيس ة‬
‫واأللبسة التقليدية والفرق الفولكلورية والشعبية المحلية وغير محلية ‪.‬‬
‫إن كثير من العائالت الغني ة يحي ون الحفالت النهائي ة للزف اف بتقالي د محلي ة وإقليمي ة‬
‫عربية إسالمية مثال تجد عروس عربية من شباب الغرب الجزائري تلبس لباسا عاصميا‬
‫أو قبائلي ا أو ش اويا أو ص حراويا أو مراكش يا ‪ ،‬تونس يا‪ ،‬س وريا أو تركي ا وحلي وزين ة‬
‫وأثاث من تقاليد وتراث عربي وإسالمي مطورا‪ ،‬فيه تجديدات شبابية‪ ،‬وفي رأينا أن هذه‬
‫التجديدات تعكس مؤشرا عن قدرة الثقافة التقليدية في العائالت الغنية و مدى تكيفه ا م ع‬
‫التغيرات الطارئة في المجتمع إضافة إلي مؤش ر تق ارب وتوح د ه ذه الثقاف ات الطبقي ة‬
‫العلي ا المختلف ة داخ ل مجتمعن ا الجزائ ري‪ ،‬إنه ا ثقاف ة زواج الطبق ة الغني ة المس يطرة‬
‫والمنتش رة في المجتم ع وال تي أث رت على كث ير من الع ائالت في الطبق ات الفق يرة‬
‫والمحرومة التي أصبحت ترى في الزواج مشروع مادي كبير ينجم عنه كثير من العناء‬
‫والمشاكل والخالفات و التوترات والصراعات العائلية خاصة مع الشباب الواعي بفض ل‬
‫الدراسة والعمل والذي أصبحت لديه اإلرادة في تغيير الكثير من العادات وتقاليد ال زواج‬
‫المترسبة عن الطبقات التقليدية الغنية في المجتمع‪،‬فقد أصبح لهؤالء الشباب رؤية جدي دة‬
‫حول الزواج‪.‬‬
‫بدا لنا جليا أن مراسيم الزواج أصبحت مضنية تتم في عدة س نوات وفي أم اكن مختلف ة‬
‫من المجتم ع أي ع دة مراح ل وك ل مرحل ة تظه ر أبع ادا ومؤش رات وس يمات وقيم ا‬
‫اجتماعية وثقافية ودينية هذه األخيرة تعتبر رابط اإلزدواجية الثقافي ة بين م ا ه و تقلي دي‬
‫‪137‬‬
‫وما هو حديث وهو يخفف من ح دة الص راع في إحي اء مراس يم ال زواج و ه و ص راع‬
‫بيولوجي ونفسي وعائلي بين األفراد والجماع ات و ال وقت والبيئ ة ‪ .‬كم ا ت بين لن ا من‬
‫خالل البحث الميداني أن عالقات الصراع بين األفراد في األسرة ح ول ال زواج‪ ،‬تظه ر‬
‫بالتناوب في ك ل مرحل ة من مراح ل ال زواج في ب دايتها ثم تنتهي ك ل مرحل ة بعالق ات‬
‫التكام ل و التواف ق واالنس جام لكن يع ود الص راع مج ددا بس بب تك اليف ال زواج ال تي‬
‫تفرضها ثقافة العائل ة في المرحل ة الموالي ة و هك ذا دوالي ك ح تى مرحل ة الزف اف وإلى‬
‫تأسيس األسرة‪،‬بمعنى أن كل مرحلة من مراحل الزواج تسبقها عالقات الص راع و تب دأ‬
‫بحفلة تتجسد فيها عالقات التكامل ليع ود الص راع من جدي د للتحض ير لمرحل ة ال زواج‬
‫المقبلة‪،‬لكن شدة الصراع تزداد من مرحل ة ألخ رى ومن نوب ة ألخ رى بس بب التك اليف‬
‫المالية وكثرة وتنوع التقاليد والعادات وهذا كلما انتقلنا من نوبة أو من مرحلة ألخرى ‪.‬‬
‫إستنتجت أنه كلما اشتد الخالف حول زواج الشاب في العائل ة و بل غ الت وتر أوج ه ت أتي‬
‫حفلة تخفض التوتر نحو عالقات اإلنسجام و التكامل هذا األخير يكون قوي لدى الش باب‬
‫مع بداية فترة التعارف ألجل الزواج ثم ينخفض التكامل وسط هذه المرحل ة بفع ل القل ق‬
‫اإلجتماعي والنفسي الذي يصيب الشباب بفعل جماعة الرفاق وتدخالت األس رة والعائل ة‬
‫لكن يعود التكامل للتحض ير لحفل ة الخطوب ة‪ ،‬وفي بداي ة مرحل ة الخطب ة يح اول اآلب اء‬
‫خاصة األمه ات ف رض تع اليمهم لتع ود عالق ات الص راع وس ط ه ذه المرحل ة بس بب‬
‫شروط وتكاليف الزواج النابعة من ثقافة المجتمع والعادات والقيم التقليدية التي يفرض ها‬
‫اآلب اء واأله ل ثم يع ود التكام ل من جدي د قب ل نهاي ة ه ذه المرحل ة بع د مجموع ة من‬
‫المفاوضات التي يخوضها الشباب مع أسرهم وأهاليهم يفرض فيه ا األبن اء المقبلين على‬
‫ال زواج آراءهم على اآلب اء بفع ل ح وارات عائلي ة تعكس ثقاف ة ووعي الش باب ح ول‬
‫الزواج والتغيرات في المجتمع ‪.‬‬
‫إن حفلة البلدية والمسجد هي المرحلة التي تجعل الع ادات والتقالي د والقيم الثقافي ة مقاب ل‬
‫قوانين الدولة االجتماعية الضابطة في توافق وانسجام لتحقيق عقد ال زواج الرس مي من‬
‫الناحية القانونية والديني ة ثم تع ود عالق ات الص راع من جدي د وس ط ه ذه المرحل ة بين‬
‫الشباب المقبلين على الزواج وآبائهم من جهة ومن جه ة أخ رى بين الش باب أنفس هم أي‬
‫الزوج الشاب وزوجته‪،‬وسبب هذا الخالفات هو التحضير لحفل الزفاف وتكاليفه الباهظة‬
‫من ناحية ومن ناحية أخرى توترات وقلق لما بعد الزفاف ح ول تنظيم عالق ات الش باب‬
‫الزوجية والمنزلية واألسرية والعائلية التقليدية ‪،‬خاصة حول السكن واإلنجاب والخ روج‬
‫من المنزل والعمل وإمكانية مواصلة الدراسة والتكوين المهني و التعليم بمختلف أنواعه‪،‬‬
‫إنه ا اختالف ات ومش اكل تعكس حقيق ة ص راع ثق افي يعق د العالق ات بين األف راد وس ط‬
‫العائلة واألسرة و يجع ل مش روع زواج الش اب عائق ا كب يرا يص عب تج اوزه في ف ترة‬
‫قصيرة‪.‬‬
‫‪138‬‬
‫الحظنا من خالل الميدان كي ف أن الص راع يح رك ال زواج ويجع ل الزف اف يتح رك بفع ل‬
‫الشباب من مك ان إلى أخ ر بس رعة وس ط المدين ة باس تخدام آالت وس يارات وتك ون نهاي ة‬
‫حفالت الزواج الحديثة في قاعة تحوي زفاف نهائي من أجل الهدوء والس كينة وال دخول في‬
‫عالقات إجتماعية و تكوين أسرة ‪.‬‬

‫من خالل هذه النتائج تتحقق نظرية بحثنا التي تعتبر أن ثقافة الزواج هي ص راع اجتم اعي‪.‬‬
‫إذن الصراع ه و ال ذي يح رك المجتم ع نح و التكام ل والتراب ط وال زواج في المجتم ع ه و‬
‫ص ورة من ص ور الص راع االجتم اعي يعكس ص ورا وثقاف ات محلي ة وإقليمي ة وعالمي ة‬
‫ممزوجة بقيم من المجتمع الجزائري‪ ،‬الذي يسير نحو التكامل والتوازن‪.‬ت رى ه ل يتواص ل‬
‫هذا الصراع في التأثير على الحي اة الزوجي ة أم ان ه يختفي نهائي ا‪.‬؟ لق د ت بين لن ا من خالل‬
‫البحث الميداني أن ثقافة الزواج هي جزء جوهري يحدد الثقافة الفرعية للشباب ال تي تدفع ه‬
‫للدخل في خالف مع األسرة والعائلة حول قضية زواجه‪،‬خاصة مع اآلباء و األمه ات ال ذين‬
‫يميلون لعادات وتقاليد العائلة في التحضير للزواج‪،‬وهذا الموقف يؤكد لنا أن التغ يرات ال تي‬
‫تحدث في الزواج‪،‬ناتجة عن إختالف األفراد وظهور عالقات الص راع في األس رة والعائل ة‬
‫ومنه تنتشر في المجتمع الكلي بفعل عالقات التساند في األنساق ‪.‬‬

‫إكتشفت أن حفالت الزواج المتنوعة والمتتابعة تخفض الصراع وهذا في نهاي ة ك ل مرحل ة‬
‫كلما إنتقلنا من مرحلة زواج إلى أخرى ينخفض التوتر ويزيد التكامل األسري في بداية ك ل‬
‫مرحل ة أي هنال ك تن اوب بين الص راع والتكام ل في بداي ة التع ارف والخطب ة ثم البلدي ة‬
‫والمس جد ثم حفالت ي وم الزف اف‪،‬في ك ل مرحل ة يك ون الص راع وفي النهاي ة تك ون حفل ة‬
‫تظهر التكامل ليظهر الصراع بعدها في بداية المرحلة الموالية‪.‬‬

‫هذا الصراع المتنامي في كل مرحلة‪ ،‬حتم ا س يؤثر على حي اة الش باب األس رية تأك دت من‬
‫خالل البحث أن الشباب ال ذين ك انت ف ترت التحض ير لل زواج م دة طويل ة دامت أك ثر من‬
‫خمسة سنوات من التعارف مع شريك الحي اة إلى ي وم الزف اف ‪،‬ه ؤالء الش باب ق د واجه وا‬
‫مشاكل وصعوبات وخالفات مع اآلباء حول أسلوب أو طريقة الزواج والتحضير للخطب ة و‬
‫الزف اف وتك اليف ال زواج‪،‬كم ا تحققت أن ه ؤالء يعت برون تك اليف ال زواج الباهظ ة ال تي‬

‫‪139‬‬
‫يطالبهم بها المجتمع ال يقدر على تلبيتها إال طبقت األغنياء ال ذين يمكنهم التحض ير لل زواج‬
‫في مدة وجيزة‪،‬وبالمقابل الشباب الذين لم يج دوا ص عوبات وخالف ات م ع اآلب اء واألمه ات‬
‫استغرقوا مدة قصيرة في إنج اح والتحض ير ل زواجهم‪ ،‬وه ذه الحال ة تحق ق فرض ية البحث‬
‫األولى التي ترى أنه كلما قلت الصراعات بين أفراد العائلة في المجتمع المحلي م ع الحداث ة‬
‫كلما قلت فترت الزواج التي أصبحت تستغرق فترة طويلة ‪،‬ذالك أنه كلم ا زاد الص راع بين‬
‫األفراد زادت مدة التحضير للزواج وتكاليفه الباهظة‪.‬‬

‫إضافة لما سبق توضح لي أن الشباب الذين وجدوا خالفات م ع األس رة ك انت ع دد حفالت‬
‫الخطبة عديدة و عدد حفالت الزف اف عدي دة و متنوع ة و متحرك ة من مك ان آلخ ر داخ ل‬
‫فضاء المجتمع‪،‬في بيت أهل الشاب وفي بيت أهل شريكة حياته التي يريد الزواج به ا ‪،‬وفي‬
‫قاعات الحفالت والشوارع واألماكن والس احات العام ة للمدين ة وغيره ا من األم اكن‪،‬وه ذا‬
‫يؤكد ما جاءت به فرض ية البحث الثاني ة ال تي تق ول أن ه كلم ا زادت عالق ات الص راع بين‬
‫أفراد العائلة زادت حركة الزواج داخل المجتمع‪.‬‬

‫تبين لي أن الش باب يتن ازل عن بعض األفك ار والمواق ف و القيم الحديث ة و بالمث ل يتن ازل‬
‫اآلباء عن بعض العادات و التقالي د ال تي ال تخ دم طم وح الش باب في تأس يس أس رة وحي اة‬
‫زوجية حديثة ‪،‬أي أنه يحدث تحاور وتوافق وتكامل بين ثقافة الشباب الحديثة وثقاف ة العائل ة‬
‫التقليدي ة ‪ ،‬ت بين لي أن ه ذا اإلنس جام يح دث كث يرا أتن اء التحض ير لحفالت الخطوب ة أو‬
‫الزف اف‪،‬وه ذه المواق ف اإلجتماعي ة تؤك د نض ريه البحث الثالث ة ال تي ت رى أن ه كلم ا قلت‬
‫عالقات الصراع بين أفراد العائلة إتجهت عالقاتهم نحو التكامل و اإلنسجام وتظهر مظ اهر‬
‫وسيمات جديدة في ال زواج أوج دها الش باب وهي س مات ثقافي ة جدي دة لم تكن موج ودة في‬
‫األس ر من قب ل‪ .‬إن الشاب الذي تلقن وتنشأ في مؤسسات التنشئة الحديثة التي تتب اين‬
‫وتختلف طرقها وأساليبها مع العائالت الحديثة و التقليدية والتي الزالت تؤثر على األسرة‬
‫في تربية الشباب الناشئ‪.‬إن هذا الشباب حين يستقر في عمل‪ ،‬يبدأ يفكر في ال زواج‪،‬ب ل‬
‫وكثيرا من الشباب يتزوجون‪ ،‬قبل أن يحصلوا على وضيفة عمل ويحققوا استقرار مهني ا‬
‫يضمن لهم بناء أسرة فهم يأملون في الزواج ‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫أصبح الشاب في المجتمع‪ ،‬يتعرف على فتاة حتى تكون شريكة حياته المس تقبلية و‬
‫يقرر الزواج منها بعد فترة معينة من التواعد والتالقي يرسمون فيها خط ة إس تراتجية‬
‫يحددونها بأنفسهم وهما واعين أنهم يملكون إرادة إجتماعية و استعدادات ثقافية ويعش ون‬
‫تغيرات إجتماعية تدفعهم و تساعدهم وتحفزهم ليؤسسوا مكانتهم اإلجتماعية بأنفسهم‪ ،‬بعيدا‬
‫عن أي إرادة خارجية تبعدهم عن تصوراتهم للحياة المجتمعية ‪،‬فالشباب يريد أن يم ارس‬
‫دورا في الحيات ككل األفراد في المجتمع‪،‬إنه يفكر في ال زواج إنطالق ا من تص وراته‬
‫الذاتية و ال يتواصل مع عائلته الكبيرة أو أسرته التي يعيش فيها إال قليال‪ ،‬لكن الظ روف‬
‫اإلجتماعية التي الزالت تتحكم فيها العادات والتقاليد والثقافة األصيلة في تاريخ المجتم ع‬
‫تجعل الشباب الحديث يعود للقيم السالفة‪ ،‬أي ال يحصل تواصل جيلي إال عن دما يق رر‬
‫الشاب الزواج وبناء أسرة‪.‬‬

‫ير‬ ‫وفي تصوري أن الشباب المعاصر بفعل التنشئة الحديثة ومؤسساتها التي تهدف لتغي‬
‫ثقافة الفرد إلى ثقافة نوعية حديثة‪ ،‬مخطط لها وفق مناهج إستراتجية التعليم والتكوين التي‬
‫ذف إلى‬ ‫تبنتها الدولة سابقا‪ ،‬كمرحلة من مراحل نموها واتجاهها نحو العالمية و التي ته‬
‫تثقيف الشاب الناشـئ ثقافة المؤسـسة ‪ ،‬لتجعل منه إنسان إجتماعي بثقافة عالمية حديثة‬
‫تتوافق مع النمودج الغربي الذي يتميز بخاصية الهيمنة وميكانزمت إخض اع أي ثقاف ة‬
‫محلية التي حكم عليها أنها متخلفة وعاجزة عن النمو والتطور والتواصل العالمي ألنه ا‬
‫تتناقض مع كثير من قيمه التي تخدم المصالح الدولية‪.‬‬
‫إنه التناقد الذي تحمله الحداثة تجاه الثقافات التقليدية والفرعية ال تي تط ورت بفع ل‬
‫عمليات التحديث التي لم تراعي الحياة الثقافية للعائلة الجزاءرية واألسرة النووي ة ال تي‬
‫إنشقت عن هذا التناقض الثقافي الشامل قي عملية التحديث وإرت دت وإنع زلت إلى القيم‬
‫السالفة كردت فعل وخلقت الخالف وقطيعة مع شباب العائلة الناش ئ ال ذي تلقن وتعلم‬
‫التفكير في مؤسسات التنشئة الحديثة التي تبتعد وتختلف عن أساليب التنشئة في العائلة‪.‬‬
‫ق‬ ‫هذا الشباب المتعلم في أرقى المدارس والمعاهد الذي تلق تنشئة و تكوين حداثي‪ ،‬خل‬
‫صراع فكري جدلي مع ثقافة العائلة الحديثة أو األسر ال تي الزالت تم ارس عالقاته ا‬

‫‪141‬‬
‫اإلجتماعية الحديثة على أسس من قيم العائلة التقليدية و هو السبب الجوهري الذي يح ول‬
‫الخالفات األسرية بين األبناء واآلباء إلى صراع ثقافي عائلي وأسري ي ؤثر على نس ق‬
‫الزواج في المجتمع ويؤثر على حياة الشباب اإلجتماعية داخل مؤسسات مجتمعنا‪.‬‬
‫إن الفرد الجزائري الذي يشهد تحوالت سريعة خاصة في العشرية األخيرة التي س يطرة‬
‫على معالمها العولمة اإلقتصادية وأصبحت الثقافة منحنيات هندسية متزايدة في مؤسس ات‬
‫األسواق العالمية لمشاريع وخطط تباع وتشترى حسب قوانين وقيمة العرض والطلب في‬
‫المجتمعات الدولية الذي جعل الثقافات التقليدية في المجتمع ت دافع عن نفس ها من خالل‬
‫ه‬ ‫عالقات الصراع بين األفراد الدين احتوتهم وشكلت فيهم نوع من الضمير الجمعي إن‬
‫يدخل األفراد في مجال واسع من القلق اإلجتماعي‪،‬وتوترا حادا يتمرد فيه الفرد على ثقافة‬
‫المؤسسات اإلجتماعية المسيطرة على المجتمع‪،‬إنه تمرد ثقافي كردة فعل جماعية منس قة‬
‫لمقاومة القيم الحديثة كثقافة الزواج لدى الشباب التي تحدد مستقبله األس ري وهي ال تي‬
‫تشكل في نضري الثقافة الفرعية للشباب ألن الشاب إنسان فتي بحاجة إلى عالقات جنسية‬
‫زواجية سوية يكبح غرائزه الفوضوية وينمي عالقاته العاطفية لينجب فيها أطفال وِي ؤدي‬
‫دوره في المجتمع ويتحول ويتغير دوره إجتماعيا لممارسة عالقات األبوة ويستقر أسريا‪.‬‬
‫لقد تبين لي جليا أن الشباب الذي ال يشعر أنه ال يقدر على الزواج والدخول في ال دورة‬
‫األسرية اإلجتماعية بسبب الضغط القيم الوافدة للمجتمع التي تتناقض مع واقع الشباب‪ ،‬هذا‬
‫األخير تتحول عالقاته إلى انقالب إجتماعي عائلي وهو إنفالت في العالقات اإلجتماعية‬
‫ة‬ ‫ينتج عنها القلق والتمرد في المجتمع يرتد فيها الشباب إلى القيم البسيطة للثقافة التقليدي‬
‫ويحاورها ويحاكيها بما إكتسبه من إستعدادات خبرها من واقعه المعاش الذي يحفزه على‬
‫التغير والتغير فتنموا بذالك الثقافة التقليدية بفضل الشباب وتتفرع وتشتبك م ع الثقاف ات‬
‫الحديثة الوافدة إليه مثل ما يحدث مع مع ظاهرة الزواج التقليدي العصري الذي يفض له‬
‫الشباب في يومنا هذا‪.‬‬

‫إنه عندما يفكر الشاب في الزواج ويقرر بناء أسرة نووية جديدة‪،‬يطلب الشاب المساعدة‬
‫من األسرة واآلباء الذين يتقهقرون نحو األسلوب القديم ويتس ببون في تعطي ل مش اريع‬
‫‪142‬‬
‫المستقبلية الشاب الفتي فيزيد تقدم و إصرار الشاب نحو األسلوب الجديد العصري ليحقق‬
‫زواجا ناجحا بأسلوبه الخاص الذي يتوافق مع طموحه اإلجتماعي‪ ،‬أي هنالك ارت دادا في‬
‫العالقات و بالتالي يحدث اختالف و قطيعة في القيم وهذا االختالف و القطيع ة في القيم‬
‫تكون جيلية متتابعة في األسرة أي بين الجد واألب الذي يترك إبنه يحضر لزواجه بنفسه‬
‫وهذا حتما سيقود إلى التوتر و عدم رضا اآلباء بسلوك الشباب الحر ال ذي يتن افى م ع‬
‫العادات و قيم العائلة الحديثة التي ما زالت مكوناتها و نشأة عناصرها تضمر روح العائلة‬
‫وروث‬ ‫التقليدية الكبيرة‪ ،‬فما يحاول أهل العائلة دائما فرض ثقافة العائلة بما تملكه من م‬
‫ثقافي ومادي في تسيير شؤون الزفاف ‪ ،‬ال يجد الش اب س وى ال دفاع عن أفك اره و‬
‫التفاوض حول الزفاف و طريقة بناء أسرته النووي ة م ع ش ريكة حيات ه بعي دا عن‬
‫الضغوطات‪ .‬و إن بناء األسرة في جو من العالقات المتوترة داخل نسق العائل ة حتم ا‬
‫سيولد مشاكل و أزمات زواج تهدد استقرار و بقاء األسرة النووية في المجتمع و معدالت‬
‫الطالق المرتفعة خير دليل على ذلك ‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫الخاتمة‬

‫‪144‬‬
‫الخاتمـــــة‬
‫و في األخير نشير أن ثقافة الشباب الناشئة داخل العالقات العائلي ة وس ط األوض اع‬
‫االقتصادية التي يواجهها مجتمعنا ‪ ،‬كارتفاع األسعار و انخفاض الدخل و األج ور أم ام‬
‫الشباب في تحقيق طموحه االجتماعي في الزواج و بناء أسرة نووية ‪ ،‬خاصة مع انتشار‬
‫روف‬ ‫النزعة الفردية و مع تخلي العائلة عن تزويج شبابها الذي أصبح في ظل هذه الظ‬
‫المتدهورة يعاني من قضايا الزواج و بالتالي "اندفع نحو التشبث بالمفاهيم الغربية للحياة و‬
‫االبتعاد عن تقاليد و قيم و نمط العالقات االجتماعية السائدة في المجتمع قصد إيجاد ح ل‬
‫ألزمته الزوجية "‪ ،‬وفي هذه تختل و تتخلخل المعايير لدى الشباب المقب ل على ال زواج‬
‫و تتفكك روابطه مع العائلة الحديثة ‪.‬‬
‫إكتشفت أن حفالت الزواج المتنوعة والمتتابعة تخفض الصراع وهذا في نهاية كل مرحل ة‬
‫كلما إنتقلنا من مرحلة زواج إلى أخرى ينخفض التوتر ويزيد التكامل األسري في بداية ك ل‬
‫مرحل ة أي هنال ك تناوب ا بين الص راع والتكام ل في بداي ة التع ارف والخطب ة ثم البلدي ة‬
‫والمسجد ثم حفالت يوم الزفاف‪،‬في كل مرحل ة يك ون الص راع وفي النهاي ة حفل ة وتك امال‬
‫ليظهر الصراع بعد هذا في بداي ة المرحل ة الموالي ة‪،‬وه ذا حتم ا س يؤثر على حي اة الش باب‬
‫األسرية ‪.‬‬

‫وألن الشاب مقبل على بناء أسرة فهو يتعرف على ش ريكة حيات ه و يق رر ال زواج‬
‫و ال يتواصل مع العائلة و جيل الشباب يحاول أهل العائلة فرض ثقافة العائلة في تس يير‬
‫شؤون الزفاف ‪ ،‬فال يجد الشاب سوى الدفاع عن أفكاره و التف اوض ح ول الزف اف و‬
‫طريقة بناء أسرته النووية مع شريكة حياته و إن بناء األس رة في ج و من العالق ات‬

‫‪145‬‬
‫المتوترة داخل نسق العائلة حتما سيولد مشاكل و أزمات زواج ته دد اس تقرار و بق اء‬
‫األسرة النووية في المجتمع و معدالت الطالق المرتفعة خير دليل على ذلك تبين‪.‬‬
‫إن نتائج المتوصل إليها في بحثنا تبين أن موض وع ال زواج بحاج ة إلى بحث ثق افي‬
‫اجتماعي متواصل ‪.‬فالزواج شرط لتأسيس األسرة الجزائرية المعاصرة‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫المالحق‬

‫‪146‬‬
‫الموضوع‪:‬‬

‫دليل مقابلةالبحث‪:‬‬

‫أثر التغيرات الإلجتماعية على ثقافة الشباب‬

‫أسئلة دليل المقابلة‪:‬‬

‫أ‪-‬الزواج والشباب و تغيرات المجتمع‪.‬‬

‫أفدني لو سمحت‪.‬‬

‫‪ ) 1‬لقد عرف المجتمع الجزائري في العشرية األخيرة عدت تغيرات مست مختلف مجاالت الحياة اإلجتماعية‪.‬ماذا يعني لك‬
‫التغير في المجتمع؟‬

‫(‪2‬أخبرني بصدق كيف ترى شباب اليوم؟‬

‫‪ )3‬حدثني من فضلك‪ .‬كيف تؤثر هذه التغيرات على الزواج ؟‬

‫‪ )4‬بإعتبارك شاب جزائري‪،‬ما هو مفهومك للزواج؟‬

‫ب‪ -‬خالف اآلباء و األبناء حول موضوع الزواج‪.‬‬

‫(‪5‬كيف تفسر أن اآلباء و األمهات ال يريدون من إبنتهم أن تختار أو توافق بنفسها على من يتقدم لخطبتها و أحيانا ال يسمح‬
‫األباء واألمهات حتى إلبنهم أن يختار زوجته بنفسه ؟‬

‫‪) 6‬هناك خالفات كثيرا ما نسمع عنها ونشاهدها في المجتمع بين اآلباء واألبناء حول التحضير للحفالت الزواج مثل لخطوبة‬
‫وحفالت يوم الزفاف‪.‬‬

‫أخبرني عن هذه الخالفات؟ في رأيك ما هي أسبابها؟‬

‫‪ ) 7‬قل بصراحة ‪.‬هل ترى أن هنالك صراع في األسر والعائالت بين جيل الشباب العصري وبين جيل اآلباء واألجداد خاصة‬
‫في األمور التي تتعلق بمستقبل زواج األبناء ؟كيف ذالك؟‬

‫ج‪ -‬ثقافة الزواج‪.‬‬

‫‪ )8‬هل تضن أن الشباب يستطيع التحضير(التخطيط) لزواجه دون مساعدة اآلباء واألمهات واألهل؟ كيف ذالك؟‬

‫‪ )9‬هل تعتقد أن شباب اليوم لديه ثقافة الزواج تهيؤه لتأسيس أسرة متماسكة في المستقبل؟‬

‫(‪ 10‬يبدوا أن الحوار معك ممتع جدا وشيق‪.‬حدثني إن شئت عن تجربتك وذكرياتك الجميلة عن الزواج‪،‬من البداية والتعارف‬
‫والخطوبة إلى يوم الزفاف وأفراحه السعيدة ؟‬

‫‪147‬‬
‫حلي الخطبة والزواج‪1.‬‬

‫حفالت الزفاف وحفالت الكورتاج في الشوارع ‪2.‬‬

‫‪148‬‬
149
‫‪3.‬‬ ‫أطعمة يوم الزفاف‬

‫‪150‬‬
‫‪4.‬‬ ‫عقد القران في البلدية والمسجد‬

‫‪151‬‬
‫‪5.‬‬ ‫ألبسة الزواج‬

‫‪135‬‬
136
‫المراجع‬

‫قائمة المصادر و المراجع‪:‬‬

‫‪153‬‬
‫أ‪ -‬المراجع باللغة العربية‬

‫أحم د الب يري الوحيش ي‪ :‬األس رة و ال زواج‪ ،‬مقدم ة في علم االجتم اع‬ ‫‪.1‬‬
‫العائلي‪.‬طرابلس‪،‬الجامعية المفتوحة‪ ،‬طرابلس‪.1998 ،‬‬
‫أحمد الخواجة ‪ :‬تصورات للعائلة التقليدية و العائلة الحديثة من خالل القص ص‬ ‫‪.2‬‬
‫المصور لألطفال ‪.‬تونس‪ ،‬معهد سراس ‪.1994 ،‬‬
‫أحمد رشوان حسين عبد الحميد ‪ :‬التغير االجتماعي و المجتمع‪.‬ط ‪ ،1‬االسكندرية‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫مكتبة الجامعة الحديثة ‪.2008 ،‬‬
‫أحمد رشوان حس ين عب د الحمي د ‪ ،‬الثقاف ة ‪ :‬دراس ة في علم االجتم اع‬ ‫‪.4‬‬
‫الثقافي ‪.‬اإلسكندرية‪ ،‬مؤسسة الشباب الجامعة ‪. 2006 ،‬‬
‫ادة ‪ .‬ط‬ ‫آفاق يوسف‪ ،‬حسن محمد‪:‬أهداف األسرة في اإلسالم و التيارات المض‬ ‫‪.5‬‬
‫‪،2‬تونس‪ ،‬دار بوسالمة للطباعة و النشر‪.1985،‬‬
‫بدران أبو العينين بدران‪ :‬أحكام الزواج و الطالق في اإلسالم‪.‬ط‪، 3‬اإلسكندرية‪،‬‬ ‫‪.6‬‬
‫دار المعارف ‪.1966 ،‬‬
‫بوتومورت وم ‪ :‬تمهي د في علم االجتم اع‪.‬ترجم ة‪ :‬محم د الج وهري و‬ ‫‪.7‬‬
‫آخرون ‪،‬اإلسكندرية‪ ،‬دار الكتب الجامعية‪.1973 ،‬‬
‫حس ن س امية الس اعاتي‪:‬الثقاف ة و الشخص ية بحث في علم االجتم اع‬ ‫‪.8‬‬
‫الثقافية‪، ،‬بيروت‪.‬النهضة العربية ‪. 1983،‬‬
‫حسين سامية الساعاتي‪ :‬االختيار ألزواجي والتغير االجتماعي‪.‬ط‪ ،2‬بيروت‪ ،‬دار‬ ‫‪.9‬‬
‫النهضة‪.1981 ،‬‬
‫حليم بركات ‪ :‬المجتمع العربي المعاصر‪ ،‬بحث اجتماعي استطالعي‪ .‬ب يروت‪،‬‬ ‫‪.10‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية‪.1986 ،‬‬
‫رشيد حمدوش‪ :‬مسألة الرباط االجتماعي في الجزائر المعاصرة‪ .‬الجزائر‪ ،‬دار‬ ‫‪.11‬‬
‫هومة للطباعة و النشر و التوزيع‪.2009 ،‬‬
‫سعد عبد العزيز‪:‬الزواج و الطالق في قانون األسرة‪.‬الجزائر‪،‬دارهومة ‪.1996،‬‬ ‫‪.12‬‬
‫سناء الخولي‪ :‬األسرة و الحياة العائلية ‪.‬اإلسكندرية‪،‬دار المعرف ة الجامعي ة ‪،‬‬ ‫‪.13‬‬
‫‪.2010‬‬
‫سناء الخولي‪ :‬األسرة و الحياة العائلي ة‪ .‬طبع ة‪،3‬اإلس كندرية‪ ،‬دار المعرف ة‬ ‫‪.14‬‬
‫الجامعية ‪. 2009 ،‬‬
‫سناء الخولي‪ :‬األسرة و الحياة العائلي ة‪.‬طبع ة‪،2‬اإلس كندرية‪ ،‬دار المعرف ة‬ ‫‪.15‬‬
‫الجامعية‪.1976 ،‬‬

‫‪154‬‬
‫سناء الخولي‪ :‬الزواج و العالقات األسرية‪،‬اإلسكندرية‪ .‬دار المعرفة الجامعي ة‪،‬‬ ‫‪.16‬‬
‫‪.1979‬‬
‫سناء الخولي‪ :‬أزمة السكن و مشاكل الشباب‪ .‬اإلسكندرية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪،‬‬ ‫‪.17‬‬
‫‪.2002‬‬
‫سناء الخولي‪:‬التعبير االجتماعي و التحديث‪ .‬اإلسكندرية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪،‬‬ ‫‪.18‬‬
‫‪.1993‬‬
‫السيد رمضان السيد ‪:‬مدخل الى رعاية االسرة و الطفولة‪ .‬االسكندرية ‪ ،‬مط ة‬ ‫‪.19‬‬
‫الرمل ‪2000 ،‬‬
‫طارق إسماعيل كافيا‪ :‬الزواج األسري‪ ،‬الجزائر‪ .‬دار الشهاب للطباعة و النشر‪،‬‬ ‫‪.20‬‬
‫‪.1985‬‬
‫عادل مختار الهواري ‪:‬التغير االجتماعي والتنمية في الوطن العربي‪.‬اإلسكندرية‬ ‫‪.21‬‬
‫‪،‬دار المعرفة الجامعية ‪.2002،‬‬
‫عبــد الرحمــان وافي‪ :‬سـيـكـولوجيــة ال زواج‪ ،‬الجزائ ر‪ ،‬دار‬ ‫‪.22‬‬
‫هومــــــة‪.1996 ،‬‬
‫عبد العزيز سعد‪ :‬ال زواج والطالق في ق انون األس رة الجزائ ري‪.‬الطبع ة‬ ‫‪.23‬‬
‫‪، 2‬الجزائر‪ ،‬دار البعث‪.1989،‬‬
‫العربي بختي‪ :‬التربية العائلية في اإلس الم‪ .‬الجزائ ر‪ ،‬دي وان المطبوع ات‬ ‫‪.24‬‬
‫الجامعية‪.1991،‬‬
‫العربي بلحاج ال القانون الجزائري‪ .‬الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوع ات الجامعي ة‪،‬‬ ‫‪.25‬‬
‫‪.1988‬‬
‫العربي بلحاج‪:‬الوجيز في شرح قانون األس رة اللبناني ة‪ .‬ب يروت ‪،‬دار العلم‬ ‫‪.26‬‬
‫للمالين ‪. 1960 ،‬‬
‫علياء شكري‪ :‬اتجاهات المعاصرة في دراسة األسرة‪.‬اإلسكندرية‪ ،‬دار المعرف ة‬ ‫‪.27‬‬
‫الجامعية‪.1998 ،‬‬
‫عمر رضا كحالة‪ :‬الشباب‪.‬اإلسكندرية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪.2002 ،‬‬ ‫‪.28‬‬
‫عمر رضا كحالة‪:‬الزواج‪، .‬ج‪،1‬ط‪، 3‬بيروت‪ ،‬مؤسس ة الرس الة للطباع ة و‬ ‫‪.29‬‬
‫النشر ‪.1984 ،‬‬
‫الفاروق زكي يونس‪ :‬علم األسس النظرية وأساليب التط بيق‪ .‬الق اهرة‪ ،‬ع الم‬ ‫‪.30‬‬
‫الكتب‪.1972 ،‬‬
‫كينلوش جراه ام ‪:‬التمهي د في النظري ة االجتماعي ة‪.‬تطوره ا و نماذجه ا‬ ‫‪.31‬‬
‫الكبرى‪،‬ترجمة محمد سعيد فرح ‪،‬اإلسكندرية ‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪،‬‬

‫‪155‬‬
‫مالك بن نبي ‪:‬ميالد مجتمع‪ ،‬شبكة العالقات االجتماعية ‪ .‬ترجمة‪ ،‬عبد الصبور‬ ‫‪.32‬‬
‫شاهين‪ ،‬الجزائر‪،‬ج‪،1‬ط‪ ،3‬مطبعة النخلة‪.1986 ،‬‬
‫محمد أحمد الزغبي ‪ :‬التغير االجتماعي بين علم االجتماع ال برجوازي و علم‬ ‫‪.33‬‬
‫االجتماع االشتراكي‪.‬ط‪، 2‬بيروت‪ ،‬دار الطليعة للطباعة والنشر‪.1982 ،‬‬
‫محمد التو مي ‪ :‬نظام األسرة في اإلسالم‪ ،‬الجزائر‪ .‬ش ركة الش هاب للنش ر‬ ‫‪.34‬‬
‫والتوزيع‪.1996 ،‬‬
‫محمد الجوهري‪:‬علياء شكري‪ ،‬علي ليلة‪ :‬التغ ير االجتم اعي‪ ،‬دار المعرف ة‬ ‫‪.35‬‬
‫الجامعية‪.‬اإلسكندرية‪،‬دار المعرفة الجامعية‪.1995 ،‬‬
‫محمد الحسن إحسان‪ :‬العائلة القرابة و الزواج ‪ ،‬دراسة تحليلية في تغيرنظم‬ ‫‪.36‬‬
‫القرابة و الزواج في المجتمع العربي‪ .‬بيروت‪ ،‬دار الطباعة و النشر ‪.1971 ،‬‬
‫محمد الدق س ‪ :‬التغير االجتماعي بين النظرية و التطبيق‪.‬عمان‪ ،‬دار المجدالوي‬ ‫‪.37‬‬
‫للنشر و التوزيع‪.1987 ،‬‬
‫محمد الدقس‪:‬التغيراالجتماعي بين النظرية والتطبيق‪.‬عمان‪،‬المجدالوي ‪.1996،‬‬ ‫‪.38‬‬
‫محمد بدوي‪ :‬مبادئ علم االجتماع‪ .‬اإلسكندرية‪،‬ط‪ ،2‬دار المعرف ة الجامعي ة‪،‬‬ ‫‪.39‬‬
‫‪.1998‬‬
‫محم د ش كري س رور‪:‬نظ ام ال زواج في الش ريعة اليهودي ة و‬ ‫‪.40‬‬
‫المسيحي‪.‬القاهرة‪،‬مطبعة دار النشر الثقافية‪.‬‬
‫محمد صفوح األخرس ‪ :‬تركيب العائلة العربية و وظائفها‪ ،‬دراسة ميدانية لواقع‬ ‫‪.41‬‬
‫العائلة في سوريا‪.‬دمشق‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة و الرشاد القومي ‪.1976،‬‬
‫محمد عاطف غيث‪ :‬التغير الإجتماعي و التخطيط‪ .‬اإلس كندرية‪ ،‬دار المعرف ة‬ ‫‪.42‬‬
‫الجامعية‪.1965 ،‬‬
‫محمد عاطف غيث‪ :‬دراسات في علم االجتم اع التط بيقي‪.‬اإلس كندرية‪ ،‬دار‬ ‫‪.43‬‬
‫المعرفة الجامعية‪.1989،‬‬
‫محمد علي محمد‪ :‬الشباب الع ربي و التغ ير االجتم اعي‪ .‬اإلس كندرية‪ ،‬دار‬ ‫‪.44‬‬
‫المعرفة الجامعية‪.1987 .‬‬
‫محمد علي محمد‪:‬الشباب و التغير االجتماعي‪.‬بيروت‪ ،‬دار النهض ة العربي ة‬ ‫‪.45‬‬
‫للطباعة و النشر ‪.1968،‬‬
‫محمد مذكور‪ :‬اإلسالم و األس رة و المجتم ع‪،‬ط‪ .1‬الق اهرة ‪ ،‬دار النهض ة‬ ‫‪.46‬‬
‫العربية ‪.1968 ،‬‬
‫محمد نبيل جامع‪ :‬علم االجتماع األسري و تحليل التوافق ال زوجي و العن ف‬ ‫‪.47‬‬
‫األسري‪.‬اإلسكندرية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة ‪.2008 ،‬‬

‫‪156‬‬
‫محمد نبيل جامع‪ ،‬علم االجتماع األسري وتحليل التواف ق ال زواجي والعن ف‬ ‫‪.48‬‬
‫األسري‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪.2010 ،‬‬
‫مسعودة كمال‪:‬الطالق في المجتمع الجزائري‪ .‬الجزائ ر‪،‬دي وان المطبوع ات‬ ‫‪.49‬‬
‫الجامعية ‪.1984،‬‬
‫مصطفى الخشاب‪ :‬علم االجتماع العائلي‪.‬بيروت ‪،‬ال دار القومي ة للطباع ة و‬ ‫‪.50‬‬
‫النشر‪.1966 ،‬‬
‫مصطفى بوتفنوشت‪ :‬العائلة الجزائرية‪.‬ترجمة أحمد دمبري‪،‬الجزائر‪،‬دار المعرفة‬ ‫‪.51‬‬
‫‪.1984،‬‬
‫ملسون فرد‪ :‬الشباب في عالم متغير‪.‬ط‪،2‬اإلسكندرية‪،،‬ترجمة مرسى عيد بدر‪.‬‬ ‫‪.52‬‬
‫دار الوفاء الطباعة و النشر ‪. 2003 ،‬‬
‫مليكه لبد يري ‪ :‬الزواج و الشباب الجزائري إلى أين؟ ‪.‬الجزائر‪،‬دار المعرفة ‪،‬‬ ‫‪.53‬‬
‫‪.2005‬‬
‫مها سهيل المقدم ‪ :‬المجتمع القروي بين التقليدية والتحديث‪ .‬بيروت‪ ،‬المؤسس ة‬ ‫‪.54‬‬
‫الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع‪.1995 ، ،‬‬
‫ندير المصمودي ‪ :‬عزوف الشباب عن الزواج لم اذا؟‪ .‬الجزائ ر‪ ،‬دار البعث‬ ‫‪.55‬‬
‫للطباعة ‪.1985 ،‬‬
‫نسيم الخوري ‪ :‬العالقات الزوجية مقاربة نفسية اجتماعية ‪ .‬بيروت ‪،‬دار المنهل‬ ‫‪.56‬‬
‫اللبناني‪.2008 ،‬‬
‫نسيم الخوري‪:‬الزوج مقاربة نفسية اجتماعية‪ .‬ب يروت‪ ،‬دار المنه ل اللبن اني‪،‬‬ ‫‪.57‬‬
‫‪.2008‬‬
‫يورغن هابر ماس ‪ :‬الحداثة مشروع ناقص‪ :‬الفكر العربي المعاصر‪.‬ب يروت‪،‬‬ ‫‪.58‬‬
‫العدد ‪.1984 ،29‬‬

‫المجالت و المنشورات‬

‫بوم خلوف محمد ‪ :‬نمط األسرة الجزائرية و محدداته‪ :‬دراسة إحصائية و تحليل‬ ‫‪.1‬‬
‫نظري بحث مقدم للملتقى الوطني الثالث لقسم علم االجتماع ح ول التغ يرات‬
‫االجتماعية و التغيرات األسرية‪،‬الجزائر‪ 21-20 ،‬جانفي ‪.2004‬‬
‫نادية رابية‪ :‬المسكن والعائلة بعد زواج األبناء ‪،.‬الدراسات الجامعية‪،‬معهد العلوم‬ ‫‪.2‬‬
‫االجتماعية جامعة الجزائر‪.1992،‬‬

‫‪157‬‬
‫‪ .3‬محسن عقون ‪:‬تغير بناء العائلة الجزائرية ‪ ،‬مجلة العلوم االنس انية ‪ ،‬جامع ة‬
‫منثوري قسنطينة‪ ،‬عدد‪ 17‬جوان ‪.2002،‬‬
‫ة‪ .‬ط‬ ‫وم االجتماعي‬ ‫ةفي العل‬ ‫وم الثقاف‬ ‫وش‪:‬مفه‬ ‫‪ .4‬دينكش ك‬
‫‪،1‬لبنان‪،‬ترجمة‪،‬منيزالسعداني‪ ،‬مركز الدراسات الوحدة العربية‪ ،‬مراجعة طاهر‬
‫لبيب ‪.2007 ،‬‬
‫‪ .5‬رمزي زكي‪ :‬االقتصاد السياسي للبطالة‪ ،‬مجلة عالم المعرفة ‪ ،‬الكويت‪ ،‬الع دد‬
‫‪ ،226‬أكتوبر ‪.1997‬‬
‫‪ .6‬أحمد دالسي ‪ :‬سلسلة الوصل‪ ،‬التغيرات األسرية و التغيرات االجتماعية ‪.‬جامعة‬
‫الجزائر‪ ،‬الجزء األول ‪ ،‬العدد ‪.2006-2005 ، 2‬‬
‫‪ .7‬المجلس الوطني االقتصادي و االجتماعي ‪ :‬الدورة السابعة عشرة‪ ،‬ماي ‪.2001‬‬
‫‪ .8‬منتدى التعليم التقني و الجامعي‪ :‬التغير االجتماعي و الحراك االجتماعي‪-21 ،‬‬
‫‪.2007-09‬‬
‫‪ .9‬الديوان الوطني لإلحصائيات ‪ :‬النتائج األولية للمسح الجزائري لصحة األس رة‪.‬‬
‫‪ ،2002‬جوان ‪.2003‬‬
‫‪ .10‬وزارة الصحة و السكان‪ :‬السكان و التنمي ة في الجزائ ر‪ ،‬التقري ر الوط ني‬
‫‪.1998‬‬
‫الكتب الدينية‬
‫القرآن الكريم‪:‬بروايت ورش‪،‬دمشق‪،‬دار المعارف الشامية –مركز األفق‪2006.،-‬‬

‫القواميس والمعاجم‬

‫ز‪ .‬بودون ‪ ،‬ف ‪ .‬بوركيو‪ :‬معجم النقد لعلم االجتماع‪،‬ط‪،2‬بيروت‪ ،‬ترجمة س ليم‬ ‫‪.1‬‬
‫حداد ‪،‬دار مجد ‪.2007 ،‬‬
‫محمد عاطف غيث‪ :‬قاموس علم االجتماع‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪.1989‬‬

‫المذكرات ‪:‬‬
‫‪ .1‬شفيعة آيت سي علي‪ :‬اختيار الشريك و نظام الزواج في األس رة الجزائري ة‪.‬‬
‫(رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة)‪ ،‬معه د العل وم االجتماعي ة ‪،‬جامع ة‬
‫الجزائر‪.1993-1992 ،‬‬

‫‪158‬‬
.‫ اختيار مقاييس تكافؤ القرينين و التغ ير اإلجتم اعي الثق افي‬:‫صباح عياش‬ .2
‫ جامع ة‬،‫ معه د العل وم االجتماعي ة‬،)‫(رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة‬
.1995،‫الجزائر‬
‫ دراس ة‬.‫ اختيار مقياس تكافؤ القرينين و التغ ير االجتم اعي‬:‫عياش صباح‬ .3
‫ رس الة لني ل‬،‫سوسيولوجية حول اختيار القرين لدى الشباب في منطقة الجلفة‬
.1994-1993 ،‫شهادة الماجستير‬

‫المراجع والمصادر باللغة الفرنسية‬-‫ب‬

1. Armand, Cuvillier : Manuel de sociologie, paris, puf, tome


2 ,5em éd ,1963
2. BOURDIEU, Pierre: Le bal des célibataires, crise de la société
paysanne en Béarn, paris, Ed du soleil, 2002.
3. BOURDIEE, Pierre : A propos de la famille comme catégorie
réalisé, , paris, N°100, décembre 1993.
4. BOUTEFNOUCHET, Mostafa: Système social en Algérie,
Alger, OPU, 1985.
5. BOUZON, Michel: Français Hearne, La formation du couple,
textes pour la sociologie de la famille, Paris, la découverte
collection grands repères classiques, 2006.
6. Guy, Rocher: Introduction a la sociologie générale, Paris, Le
changement social, Edition Hm, 1968.
7. HABERMAS, Jürgen: Le discours philosophique de la
modernité, Paris, Gallimard, 1998.
8. KAUFMAN, Jean-Claude: sociologie du couple, Paris, puf
collection que sais- je ? N° 2787, 3em Ed , 1999.
9.Kouaouci, Ali: Familles, femmes et contraception, Alger,
FNUAP ,1992.
10. Laarui, A: La crise des intellectuelles arabes, Paris, Maspero,
1974.

159
11. LACOSTE, DU Jardin: Des mères contre les femmes,
matriarcat au maghreb, Paris, Ed la découverte, 1985.
12. TALBI, Radia: Les attitudes et les représentations du
mariage chez la jeune fille algérienne, Alger, Enal, 1984.

13. ONS : Nuptialité en Algérie à travers l’état matrimonial


(données issues de RGPH 1987), Alger, N°50.

‫ مواقع إلكترونية‬-‫ج‬
www. ECHOUROUK.onlin.com/ara article/156778/html.

160
‫الفهرس‬

‫‪153‬‬
‫الفهرس‬

‫اإلهداء‬
‫الشكر والتقدير‬
‫ا‪-‬ب‬ ‫المقدمة‬

‫الفصل األول‪ :‬البناء المنهجي والنظري‪.‬‬


‫مقدمة‬
‫الفصل‪06.........................................................................‬‬
‫المبحث األول‪:‬األسس المنهجية‪.....................................................‬‬
‫‪07‬‬
‫أوال‪ :‬دوافع إختيار موضوع البحث‪...............................................‬‬
‫‪07‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهمية و أهذاف الموضوع‪..................................................‬‬
‫‪07‬‬
‫ثالثا‪ :‬عرض الدراسات السابقة مع النقد ‪........................................‬‬
‫‪08‬‬
‫رابعا‪ :‬إشكالية البحث‪..............................................................‬‬
‫‪12‬‬

‫خامسا ‪ :‬الفرضيات و تحديد المفاهيم‪17.............................................‬‬


‫المبحث الثاني‪ :‬األسس النظرية والتقنية‪...........................................‬‬
‫‪25‬‬
‫أوال‪ :‬النظريات و المقاربات‪........................................................‬‬
‫‪25‬‬

‫‪154‬‬
‫ثانيا‪ :‬تقنيات‬
‫البحت‪28................................................................‬‬
‫ثالثا‪:‬العينة ومواصفاتها‪............................................................‬‬
‫‪29‬‬
‫رابعا‪ :‬الصعوبات التي واجة البحث‪..............................................‬‬
‫‪30‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬عالقة التغيرات االجتماعية بالزواج‬


‫والثقافة‪.‬‬
‫مقدمة‬
‫الفصل‪34..........................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التغير اإلجتماعي و زواج الشباب‪..................................‬‬
‫‪35‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم التغير اإلجتماعي عند الشباب‪35............................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نظريات التغير اإلجتماعي و الزواج‪39.............................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬النظريات اإلجتماعية الثقافية لإلختيار الزواج‪46....................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬شباب بين العزوبة وتأخير سن الزواج‪51..........................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أهمية زواج الشباب ‪................................................‬‬
‫‪51‬‬
‫أوال‪ :‬األهمية الدينية واألخالقية‪...................................................‬‬
‫‪51‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهمية الزواج في تجديد المجتمع‪...........................................‬‬
‫‪52‬‬
‫ثالثا‪ :‬أهمية الصحة البدنية والنفسية‪.............................................‬‬
‫‪53‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تغير نظرة الشباب للزواج‪..........................................‬‬
‫‪56‬‬

‫‪155‬‬
‫المطلب الثالث‪:‬العائلة التقليدية ومجابهة العزوبة‪...................................‬‬
‫‪58‬‬
‫المطلب الرابع‪:‬إختالف قيم الآلباء واألبناء‪..........................................‬‬
‫‪62‬‬
‫الخالصة‪.............................................................................‬‬
‫‪67...‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬تغيرات ثقافة الزواج لدى الشباب‬


‫مقدمة‬
‫الفصل‪72............................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مظاهر التغير في حفالت الزواج‪......................................‬‬
‫‪73‬‬
‫المطلب األول‪:‬مرحلة ما قبل الخطوبة ‪................................................‬‬
‫‪73‬‬
‫أوال‪ -‬التواعد‬
‫والتالقي‪73...............................................................‬‬
‫ثانيا‪-‬واقع عالقات‬
‫التعارف ‪79..........................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬مرحلة‬
‫الخطبة ‪80..........................................................‬‬
‫أوال‪-‬مفهوم‬
‫الخطبة ‪80...................................................................‬‬
‫ثانيا‪ -‬شروط‬
‫الخطبة ‪81..................................................................‬‬

‫‪156‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬البلدية و‬
‫المسجد ‪83......................................................‬‬
‫أوال‪-‬المهر بين البلدية‬
‫والمسجد‪83.....................................................‬‬
‫ثانيا‪-‬األبعاد االجتماعية للبلدية و‬
‫المسج د‪84...........................................‬‬
‫ثالثا‪-‬حفلة الخطبة أو‬
‫المالك ‪85..........................................................‬‬
‫المطلب الرابع‪:‬يوم‬
‫الزفاف ‪87..............................................................‬‬
‫أوال‪ -‬مفهوم حفل‬
‫الزفاف ‪87.............................................................‬‬
‫ثانيا‪ -‬واقع حفالت‬
‫الزفاف ‪89............................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أهمية ثقافة‬


‫الزواج‪91....................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الزواج ومواصلة‬
‫الدراسة ‪91..............................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الزواج و مجابهة‬
‫البطالة ‪95..............................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تخفيف غالء المهور وتكاليف الزواج‪................................‬‬
‫‪99‬‬
‫الخالصة‪.............................................................................‬‬
‫‪106....‬‬

‫‪157‬‬
‫الفصل الرابع‪:‬الزواج والعائلة في المجتمع الجزائري‪.‬‬
‫مقدمة‬
‫الفصل‪...........................................................................‬‬
‫‪111‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الزواج في المجتمع الجزائري‪........................................‬‬
‫‪112‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المجتمع الجزائري بين الحداثة و التقاليد‪.........................‬‬
‫‪112‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬خصائص العائلة الجزائرية التقليدية و الحديثة‪...................‬‬
‫‪116‬‬
‫أوال‪:‬خصائص العائلة التقليدية الجزائرية ‪.......................................‬‬
‫‪116‬‬
‫ثانيا‪ :‬خصائص العائلة الجزائرية الحديثة‪....................................‬‬
‫‪117‬‬
‫المطلب الثالث‪:‬تزويج الشباب في العائلة التقليدية ‪.................................‬‬
‫‪119‬‬
‫المطلب الرابع‪:‬تزويج الشباب في العائلة الحديثة ‪..................................‬‬
‫‪120‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬ثقافة العائلة وزواج الشباب ‪..........................................‬‬


‫‪122‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أهمية تزويج الشباب في العائلة ‪...................................‬‬
‫‪122‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أثر الثقافة التقليدية في بناء األسرة الحديثة‪.....................‬‬
‫‪127‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تأخر سن الزواج في األسرة والعائلة‪.............................‬‬
‫‪130‬‬

‫‪158‬‬
‫الخالصة‪.............................................................................‬‬
‫‪133..‬‬
‫نتائج‬
‫البحث‪............................................................................‬‬
‫‪136‬‬
‫الخاتمة ‪..............................................................................‬‬
‫‪145...‬‬
‫المالحق ‪..............................................................................‬‬
‫‪147..‬‬
‫المراجع‪154......................................................................‬‬
‫الفهرس‪......................................................................‬‬
‫‪162‬‬

‫‪159‬‬
Impact des changements sociaux sur la culture
du mariage chez les jeunes

Mots clefs :

Mariage, jeunesse, culture, traditions, modernité, changements sociaux

Résumé

Le mariage est un révélateur de conflits sociaux globaux. Malgré la modernisation des institutions
sociales et politiques algérienne, le mariage demeure une source de conflits entre les parents et
les jeunes souhaitant établir une nouvelle cellule familiale, entre une projection traditionnaliste
de la conduite du mariage et de ses cérémonies et une posture se voulant moderniste et
tranchant radicalement avec des contraintes perçues comme détachées de la réalité
économiques et sociales contemporaines.

L'implication des parents dans les dépenses liées au mariage concourt à une surenchère
financière au lieu de l'économie pour laquelle elle a été sollicitée au départ ; par quels
mécanismes cette participation transforme le mariage en un processus complexe, long et
problématique quand elle ne met pas tout simplement en échec la volonté du jeune souhaitant
s'unir à la personne qu'il aurait choisi.

L'étude explore les moyens "inventés" par les jeunes voulant se marier pour gérer cette intrusion
des projections traditionnalistes dans un projet personnellement très significatif et les conditions
dans lesquels se concilient, in fine, ces deux visions antagoniques. L'étude met en évidence la
construction chez les jeunes générations d’une vision assumée du mariage malgré la remise en
question radicale qu’elle oppose à des préceptes et des injonctions nées d’une sagesse séculaire
se voulant garante d’une certaine stabilité sociale.

153

You might also like