Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 26

‫الفاظ العالقة الزوجية في القرآن‬

‫الكريم ــ دراسة داللية ــ‬

‫م‪.‬د‪ .‬سعيد سلمان جبر‬ ‫أ‪ .‬م‪ .‬د‪ .‬أسيل متعب الجنابي‬
‫كلية اآلداب‪ /‬جامعة واسط‬ ‫كلية اآلداب‪ /‬جامعة واسط‬

‫بسم هللا الّر حمن الّر حيم‬


‫المقدمة‪:‬‬

‫الحمد هلل حمدًا يليق بجالل وجهه وعظيم سلطانه‪ ،‬والصالة والسالم على َم ْن ُع ِر ف‬
‫ببيانه‪ ،‬محمد صّلى هللا عليه وآله‪ ،‬وبعد‪.‬‬
‫فقد أخذت العالقة الّز وجية جانبًا كبيرًا في الشريعة اإلسالمية لما لها من أهمية‬
‫كبيرة في بناء المجتمع اإلسالمي‪ ،‬فالمرأة والّر جل هما األساس في تكوين األسرة التي‬
‫تعّد النواة األولى للمجتمع‪ ،‬والرباط الّز وجي بينهما يمثل جزءًا من القانون الكوني العام‬
‫(‬
‫الذي يربط كل الكائنات بنظام وقانون الّز وجية العام‬
‫‪ُ { )i‬سْبَح اَن اَّلِذ ي َخ َلَق اَأْلْز َو اَج ُك َّلَها ِمَّم ا ُتنِبُت اَأْلْر ُض َو ِم ْن َأنُفِس ِهْم َو ِمَّم ا اَل َيْع َلُم وَن }يس‪ .36‬وحتى‬
‫ينشأ المجتمع اإلسالمي نشأة صحيحة البّد أْن تكون العالقة بين الّز وجين مبنية على أساس المودة‬
‫والرحمة؛ لذا قال تعالى‪َ{ :‬و ِم ْن آَياِتِه َأْن َخ َلَق َلُك م ِّم ْن َأنُفِس ُك ْم َأْز َو اجًا ِّلَتْس ُكُنوا ِإَلْيَها َو َجَعَل َبْيَنُك م َّم َو َّد ًة‬
‫َو َر ْح َم ًة ِإَّن ِفي َذ ِلَك آَل َياٍت ِّلَقْو ٍم َيَتَفَّك ُروَن }الروم‪ 21‬؛ وكي يتحقق هذا الهدف البد أْن تكون العالقة‬
‫الجنسية بين الّز وجين ترقى إلى المستوى الذي يتناسب مع مخلوق هو أكرم من في األرض ويترفع‬
‫عن اللذة الحيوانية؛ لذا كان القرآن الكريم حريصًا على التعبير عن العالقة الجنسية بألفاظ هي غاية‬
‫في السمو والرفعة والحياء‪ ،‬وكأّنه يريد بذلك أْن يعّلم الّز وجين كيف يتعامالن مع بعضهما بعض كي‬
‫يكّو نا كيانًا قويًا صلبًا قادرًا على تنشئة األوالد‪ .‬وهذا ما دعانا الى دراسة هذه األلفاظ؛ كي نكشف‬
‫عن جانب مهم من جوانب إعجاز القرآن وبيانه‪ ،‬وقوفًا على تغاير ألفاظ العالقة الّز وجية في‬
‫المواضع المختلفة بحسب ما يقتضيه السياق وسبب النزول‪ .‬وقد أرتأينا أْن نقسم ألفاظ العالقة‬
‫الّز وجية وفقًا للداللة التي تتضمنها هذه اللفظة أو تلك‪ ،‬وذلك كاألتي‪ :‬الداللة على قوة االتصال‬
‫وشدته‪ ،‬الداللة على التجانس النوعي األسري‪ ،‬الداللة على العقد‪ ،‬الداللة على الترغيب‪ ،‬الداللة على‬
‫المبالغة في طلب الشيء‪ ،‬الداللة على طلب النسل‪ ،‬الداللة على االستمتاع المحض‪ ،‬الداللة على‬
‫السيادة والقوة‪ ،‬الداللة على بلوغ الحاجة‪ ،‬الداللة على تأكيد االعتزال‪.‬‬
‫وفي الختام نرجو أْن نكون قد وفقنا في هذا البحث بما يقّربنا إلى هللا عّز وجّل في خدمة كتابه‬
‫الكريم‪ ،‬فهو ولي التوفيق‪.‬‬
‫‪1‬ـ الداللة على قوة االتصال وشّدته‪:‬‬
‫تعددت األلفاظ الدالة على قوة االتصال‪ ،‬وشّد ته بين الّر جل والمرأة‪ ،‬غير أّن الالفت أَّن ثالثًا منها‬
‫جاءت متسقة في تركيب قرآني واحد‪،‬وهو قوله تعالى‪ُ{:‬أِح َّل َلُك ْم َلْيَلَة الِّص َياِم الَّر َفُث ِإَلى ِنَس آِئُك ْم ُهَّن‬
‫ِلَباٌس َّلُك ْم َو َأنُتْم ِلَباٌس َّلُهَّن َع ِلَم ُهّللا َأَّنُك ْم ُك نُتْم َتْخ تاُنوَن َأنُفَس ُك ْم َفَتاَب َع َلْيُك ْم َو َع َفا َعنُك ْم َفاآلَن َباِش ُروُهَّن‬
‫َو اْبَتُغ وْا َم ا َكَتَب ُهّللا َلُك ْم َو ُك ُلوْا َو اْش َر ُبوْا َح َّتى َيَتَبَّيَن َلُك ُم اْلَخْيُط اَألْبَيُض ِم َن اْلَخْيِط اَألْس َو ِد ِم َن اْلَفْج ِر ُثَّم‬
‫َأِتُّم وْا الِّص َياَم ِإَلى اَّللْيِل َو َال ُتَباِش ُروُهَّن َو َأنُتْم َعاِكُفوَن ِفي اْلَم َس اِج ِد ِتْلَك ُح ُد وُد ِهّللا َفَال َتْقَر ُبوَها َك َذ ِلَك‬
‫ُيَبِّيُن ُهّللا آَياِتِه ِللَّناِس َلَع َّلُهْم َيَّتُقوَن }البقرة‪187‬‬
‫فاللفظة األولى هي‪ (:‬الَّر َفُث )(‪،)ii‬وهي تعني في اللغة‪ :‬الجماع وغيره مما يكون بين الّرجل‬
‫والمرأة‪ .‬وأصله‪ :‬قول الفحش‪،‬وما يجب أْن ُيكّنى عنه من ذكر الّنكاح‪ ،‬وكالم الّنساء في الجماع‪.‬‬
‫قال الخليل‪" :‬الّر فث‪ :‬الجماع‪ ،‬رفَث إليها وَتْر فَث ‪ ،‬وهذه كناية وفالن َيرفُث ‪ ،‬أي‪ :‬يقول الُفحش‪،‬‬
‫وقال ابن عباس‪ :‬الرفث ما قيل عند الّنساء‪ ،‬وقوله عّز وجّل‪َ( :‬فَال َر َفَث َو َال ُفُسوَق) إّنما نهى عن‬
‫قول الفحش"(‪.)iii‬‬
‫وكذلك جاء في أساس البالغة‪َ( :‬ر فَث في كالمه‪ ،‬وأرفَث ‪ ،‬وترّفَث ‪ :‬أْفحَش وأْفصَح بما يجب أْن‬
‫ُيكّنى عنه من ذكر الّنكاح‪ ...‬قال العّجاج‪:‬‬
‫(‪)iv‬‬
‫َعن الّلغا َو َر َفِث الَّتَك ُّلِم "‬ ‫وُرَّب أسراِب َح ِج يٍج ُك ِّظِم‬
‫فقد ذكر الخليل الموضع الثاني الذي وردت فيه هذه اللفظة وهو قوله تعالى‪{ :‬اْلَح ُّج َأْش ُهٌر‬
‫َّم ْع ُلوَم اٌت َفَم ن َفَر َض ِفيِهَّن اْلَح َّج َفَال َر َفَث َو َال ُفُسوَق َو َال ِج َداَل ِفي اْلَح ِّج َو َم ا َتْفَع ُلوْا ِم ْن َخْيٍر َيْع َلْم ُه‬
‫ُهّللا َو َتَز َّو ُد وْا َفِإَّن َخْيَر الَّز اِد الَّتْقَو ى َو اَّتُقوِن َيا ُأْو ِلي اَألْلَباِب }البقرة‪ .197‬والرفث عنده في هذه اآلية‬
‫هو نهي عن قول الفحش‪ ،‬وعند الراغب هو نهي عن تعاطي الجماع أو الحديث في ذلك‪ ،‬إْذ هو من‬
‫دواعيه‪ ،‬واألول عنده أصحّ(‪.)v‬‬
‫والمعنى البياني للرفث في اآلية األولى عند المفسرين لم يخرج عن المعنى اللغوي‪ ،‬بل أجمع‬
‫المفسرون على أَّن المراد بـ (الَّر َفُث ) هو كناية عن الجماع‪ ،‬وأصله فاحش القول(‪ ،)vi‬وقد عّلل‬
‫بعضهم إيثار هذه اللقطة الدالة على معنى القبح في هذا الموضع‪ ،‬وهو استهجان ما وجد منهم قبل‬
‫اإلباحة كما سماه اختيانا ألنفسهم(‪ .)vii‬إْذ كان الّرجل إذا أمسى حَّل له األكل‪ ،‬والشرب‪ ،‬والجماع إلى‬
‫أْن يصلي العشاء اآلخرة‪ ،‬أو يرقد‪ ،‬فإذا صّالها‪،‬أو رقد ولم يفطر‪ ،‬حّرم عليه الّطعام‪،‬‬
‫والّش راب ‪،‬والّنساء إلى القابلة‪ .‬وقد واقع عدد من الرجال نساءهم بعد العشاء‪ ،‬فاعترفوا للرسول‬
‫(صّلى هللا عليه وآله وسّلم) فنزلت اآلية(‪.)viii‬‬
‫وفي تقديم الظرف (َلْيَلَة الِّص َياِم ) على(الَّر َفُث ) تشويق؛ ألّن ما حّقه التقديم إذا تأّخ ر تبقى النفس‬
‫إليه مترقبة فيتمكن وقت وروده فضل تمكن(‪.)ix‬‬
‫أّم ا اللفظة الثانية فهي (ِلَباٌس )(‪ ،)x‬وهي في اللغة تعني‪" :‬ما وارْيَت به جَس َدَك"(‪ .)xi‬وهي مصدر‬
‫قولك لبسُت الثوَب ألبُس ‪ ،‬واللباس ما ُيلبس‪ ،‬وكذلك الملبس‪ ،‬والِلبس بالكسر مثله‪ ،‬ولباس الّرجل‪:‬‬
‫امرأته‪ ،‬وزوجها‪ :‬لباسها‪ .‬قال النابغة الجعدي‪:‬‬
‫(‪)xii‬‬‫َتَثّنت عليه َفكاَنْت ِلباسًا‬ ‫إذا ما الّض ِج يُع َثَنى ِج يَدها‬
‫وقد الحظ ابن فارس داللة المخالطة‪ ،‬والمداخلة في مادة (لبس) إْذ قال‪" :‬الالم والباء والسين‬
‫أصل صحيح واحد‪ ،‬يدّل على مخالطة ومداخلة‪ ،‬من ذلك لبسُت الثوَب ألبسُه‪ ،‬وهو األصل‪ ،‬ومنه‬
‫تتفرع الفروع‪ ....‬ومن الباب‪ :‬اللباس‪ ،‬وهي امرأة الّرجل‪ ،‬والّز وج لباسها"(‪ .)xiii‬وهذه الداللة هي‬
‫التي فسر بها العلماء قوله تعالى‪" :‬هن لباس لكم وأنتم لباس لهن"‪ ،‬إْذ المعنى‪ :‬تالبسونهن‬
‫وتخالطونهن بالمساكنة‪ ،‬وقيل أيضا‪ :‬إّنما جعل كل واحد منهما لباسًا لآلخر العتناقهما‪ ،‬واشتمال كل‬
‫واحد منهما على صاحبه في عناقه‪ ،‬شبه باللباس المشتمل عليه؛ أو ألّن كل واحد منهما يستر على‬
‫صاحبه‪ ،‬ويمنعه من الفجور(‪.)xiv‬‬
‫وهذه الجملة مستأنفة مبينة لسبب اإلحالل‪ ،‬وهو صعوبة الصبر على الّنساء في هذا الوقت‪ ،‬فلو‬
‫ُفرض الصوم على الناس في الليل وهو وقت االضطجاع لكان من الصعوبة اإلمساك عن التقرب‬
‫من الّنساء‪ ،‬وفيه من العنت والمشقة الشديدة ما ال يكون في وقت النهار‪ ،‬إلمكان االستعانة عليه‬
‫بالبعد عن المرأة(‪ .)xv‬ومّم ا يدّل على قلة صبر الّرجل على المرأة تقديم قوله‪ُ( :‬هَّن ِلَباٌس َّلُك ْم ) على‬
‫قوله‪َ( :‬و َأنُتْم ِلَباٌس َّلُهَّن ) ففيه ظهور الحتياج الّرجل إلى المرأة فضًال عن أّن الّر جل هو البادئ‬

‫‪3‬‬
‫لطلب ذلك الفعل‪ ،‬وال تكاد المرأة تطلب ذلك الفعل لغلبة الحياء عليها(‪ .)xvi‬وثمة سبب آخر لذلك‬
‫التقديم ينبغي االلتفات إليه‪ ،‬وهو أّن الخطاب في أول اآلية موّجه للرجل فناسب ذلك تقديم (ُهَّن ِلَباٌس‬
‫َّلُك ْم )‪.‬‬
‫أّم ا اللفظة الثالثة فهي ( َباِش ُروُهَّن )(‪ ،)xvii‬والبَش رة‪ :‬هي أعلى جلد الوجه والجسد من اإلنسان‪،‬‬
‫وهو الَبَش ر اذا جمعته‪ ،‬وجمع الجمع أبشار‪ ،‬ومنه اشتقت مباشرة الّر جل المرأة لتضاّم أبشارهما؛ أو‬
‫باشر الّر جل المرأة‪ ،‬أي‪ :‬إفضاؤه ببشرته إلى بشرتها(‪.)xviii‬‬
‫ولم تخرج داللة هذه اللفظة عند المفسرين عن هذا المعنى إْذ ذكروا أّن المراد هو الجماع‪،‬‬
‫وعّبر عنه القرآن بالمباشرة؛ ألّن المباشرة إلصاق البشرة بالبشرة‪ ،‬وهي ظاهر أحد الجلدين باآلخر‪.‬‬
‫وثمة رأي آخر يرى أّن المباشرة هي الجماع فما دونه(‪ .)xix‬واألمر هنا لإلباحة‪ ،‬وليس المراد ب‬
‫(اآلن) اإلشارة إلى تشريع المباشرة حينئٍذ بل معناه (اآلن) اّتضح الحكم فباشروهن وال تختانوا‬
‫أنفسكم(‪ .)xx‬فهو بمثابة رخصة قد نزلت ولم تكن قبل ذلك لهم(‪.)xxi‬‬
‫بناًء على ما تقّد م يتبّين لنا أَّن داللة هذه األلفاظ بإجماع المفسرين هي الجماع‪ ،‬وإذا كانت الداللة‬
‫واحدة فيها فلماذا هذا التغيير في األلفاظ؟ والشّك أّن هذا ال يتفق واإلعجاز القرآني الذي جعل هذه‬
‫األلفاظ متسقة وفق نظام دقيق متدرج ‪،‬يبدأ بالرفث وهي "كلمة جامعة لكل ما يريد الّرجل من‬
‫المرأة"(‪ )xxii‬أي‪ :‬إّنها غير مقصورة على النكاح‪ ،‬فقد تعني اإلثارة الحسية‪ ،‬أو المعنوية التي تجعل‬
‫من الّز وجين يقتربان من بعضهما ثم تعقبها (اللباس) وهي كلمة أيضًا تجمع معاني عدة‪ :‬من عناق‪،‬‬
‫وتقبيل واختالط‪ ،‬واتصال‪ ،‬واشتمال كل منهما لصاحبه‪ ،‬وستر يمنعه من الفجور‪ ،‬فصار االقتراب‪،‬‬
‫والتضام أكثر فأكثر حتى ينتهي بالمباشرة ‪.‬أي‪ :‬الجماع‪ ،‬بدليل قوله‪َ( :‬فاآلَن َباِش ُروُهَّن ) أي‪ :‬اآلن‬
‫شرع لكم رخصة الجماع وكأّن القرآن أراد أْن يعّلم الناس كيف يتعاملون مع بعضهم فتقوى تلك‬
‫العالقة المقدسة وتشتد حتى ليصعب كل واحد منهما أْن يفارق األخر‪ ،‬فلو كانت عالقة الّرجل‬
‫بالمرأة حيوانية غايتها إشباع الشهوة فحسب تخلو من المشاعر والعواطف اإلنسانية لما لجأ القرآن‬
‫إلى استعمال هذه األلفاظ الرقيقة التي تستجلب مشاعر الّر جل‪ ،‬وتعلمه كيف يتعامل مع زوجته‪ .‬جاء‬
‫في البالغة العربية "ُأحّل لكم ليلة الصيام بالحديث مع نسائكم مقدمة مناسبة يكون بعدها اإلفضاء‬
‫اليهن وجماعهن وهللا بهذا يعّلم األزواج أدب المعاشرة باستخدام المقدمات قبل اإلفضاء والمعاشرة‬
‫الّز وجية(‪.)xxiii‬‬
‫ومن األلفاظ الدالة على قوة االتصال بين الّز وجين (تغّش اها)(‪ )xxiv‬في قوله تعالى‪ُ{:‬هَو اَّلِذ ي‬
‫َخ َلَقُك م ِّم ن َّنْفٍس َو اِح َد ٍة َو َجَعَل ِم ْنَها َز ْو َجَها ِلَيْس ُك َن ِإَلْيَها َفَلَّم ا َتَغ َّش اَها َح َم َلْت َحْم ًال َخ ِفيفًا َفَم َّر ْت ِبِه َفَلَّم ا‬
‫َأْثَقَلت َّد َع َو ا َهّللا َر َّبُهَم ا َلِئْن آَتْيَتَنا َص اِلحًا َّلَنُك وَنَّن ِم َن الَّش اِكِر يَن }األعراف‪189‬‬
‫‪ .‬والِغ شاء في اللغة‪ :‬الغطاء‪ ،‬يقال‪ :‬غّش يت الشيء إذا غطيته والِغ شيان‪ :‬إتيان الّر جل المرأة‪ ،‬يقال‪:‬‬
‫تغشى المرأة إذا عالها وتجللها(‪.)xxv‬‬

‫‪4‬‬
‫وهذا المعنى كان حاضرًا في أذهان المفسرين حينما فّسروا قوله تعالى‪َ(:‬فَلَّم ا َتَغ َّش اَها)‪ ،‬إْذ ذكر‬
‫الطبري أّنه تدثرها لقضاء حاجته منها‪،‬فقضى تلك الحاجة(‪،)xxvi‬وذهب الرازي إلى أّن تغشاها إذا‬
‫عالها؛ وذلك ألّنه إذا عالها فقد صار كالغاشية لها وهو يشبه التغطي‪ ،‬واللبس‪ .‬قال تعالى‪ُ" :‬هّن‬
‫لباٌس لُك م وأنُتم لباٌس لُهَّن "(‪.)xxvii‬‬
‫والحق أّن ابن عاشور كان دقيقًا في وقوفه على السر البياني لهذا التركيب‪ ،‬إْذ بّين قوة العالقة‬
‫التي تربط بين الّز وجين من خالل ذكره للداللة البيانية لأللفاظ التي احتواها التركيب فقوله‪ِ( :‬لَيْس ُك َن‬
‫ِإَلْيَها) مجاز في االطمئنان والتأنس‪ ،‬إْذ جعل هللا سبحانه من نوع الّرجل زوجه؛ ليألفها‪ ،‬وال يجفو‬
‫قربها‪ ،‬ففي ذلك ما يجعله يأنس بها ويكثر ممارستها لينساق إلى غشيانها ولوال ذلك لما كانت نفس‬
‫الّر جل حريصة على االستكثار من النسل ولو كان التناسل حاصًال بألم لكانت نفس الّر جل مقلة منه‬
‫بحيث ال تنصرف اليه إّال لالضطرار بعد التأمل والتردد وفرع عنه بقاء التعقيب ما يحدث عن‬
‫بعض سكون الّز وج إلى زوجه وهو الغشيان‪ ،‬وصيغت هذه الكناية بالفعل الدال على التكلف إلفادة‬
‫قوة التمكن من ذلك؛ ألّن التكلف يقتضي الرغبة(‪ .)xxviii‬وقد ذّك ر الضمير في (ليسكن) بعدما أنّـث في‬
‫(واحدة) و (منها زوجها) ذهابًا الى معنى النفس ليبين أن المراد بها آدم‪ ،‬وألن الذكر هو الذي يسكن‬
‫الى األنثى ويتغشاها‪ ،‬فكان التذكير أحسن طباقًا للمعنى(‪.)xxix‬‬
‫ومن األلفاظ الدالة على قوة االتصال بين الّز وجين أيضا هي (َأْفَض ى)(‪ )xxx‬في قوله تعالى‪:‬‬
‫{َو َك ْيَف َتْأُخ ُذ وَنُه َو َقْد َأْفَض ى َبْعُض ُك ْم ِإَلى َبْع ٍض َو َأَخ ْذ َن ِم نُك م ِّم يَثاقًا َغ ِليظًا }الّنساء‪.21‬‬
‫والمتتبع لمادة (َأْفَض ى) ومشتقاتها عند اللغويين يجد أّنها منحصرة في ثالثة معان‪ .‬األول‪:‬‬
‫الفضاء المكان الواسع من األرض‪ ،‬والثاني لوصول يقال‪ :‬أفضى فالن الى فالن أي‪ :‬وصل إليه‪،‬‬
‫وأصله‪ :‬اّنه صار في فرجته وفضائه‪ ،‬والثالث‪ :‬الفضا مقصور الشيء المختلط كالتمر‪ ،‬والزبيب في‬
‫جراب واحد(‪.)xxxi‬‬
‫وقد رأى ابن منظور أّن (أْف ضى) في اآلية بمعنى ‪:‬انتهى ‪،‬وأوى‪ .‬فاإلفضاء في الحقيقة‬
‫االنتهاء(‪.)xxxii‬‬
‫والمالحظ أَّن المعنى الثاني والثالث هما المناسبان لسياق اآلية؛ لذا استعان بهما المفسرون في‬
‫ترجيح رأي على آخر‪ ،‬فقد ذهب عدد من المفسرين إلى أّن المراد بـ (أْفضى) هو كناية عن‬
‫الجماع(‪ .)xxxiii‬ويرى آخرون أّن المراد باإلفضاء هو الخلوة وإْن لم يجامع(‪ ،)xxxiv‬والرأي األول هو‬
‫األقوى عند أغلب المفسرين؛ وذلك ألّن الكالم في معرض التعجيب‪ ،‬والتعجب إّنما يتم إذا كان‬
‫اإلفضاء سببًا قويًا في حصول األلفة‪ ،‬والمحبة وذلك ال يحصل إّال بالجماع‪ ،‬وأيضا في تعدية‬
‫اإلفضاء بـ (إلى) ما يدّل على معنى الوصول‪،‬واالتصال وذلك أنسب بالجماع(‪.)xxxv‬‬

‫‪5‬‬
‫فمعنى الوصول‪ ،‬واالتصال هو المعنى الذي يتناسب مع الجماع عند أغلب المفّسرين‪ ،‬أّم ا أبو‬
‫حيان فقد فّسر اإلفضاء باالختالط واالمتزاج‪ .‬إْذ قال‪" :‬المعنى‪ :‬اّنه صار بينهما من االختالط‬
‫واالمتزاج ما ال يناسب أْن يأخذ شيئا مّم ا أتاها سواء كان مهرًا أو غيره"(‪.)xxxvi‬‬
‫والراجح أَّن كال المعنيين مراد في معنى‪( :‬اإلفضاء)؛ ألّنه ال امتزاج واختالط يحدث ما لم يتم‬
‫الوصول‪ ،‬كذلك إذا حصل الوصول واالتصال البد أْن يكون امتزاج بين الّز وجين‪ ،‬وهذا ما يستدعي‬
‫التعجب؛ ألّن أخذ المهر من الّز وجة مع ما يحصل بينهما من االتصال واالختالط حرّي أن يتعجب‬
‫منه فلما "كان هذا األخذ إّنما هو بالبغي‪ ،‬والظلم‪ ،‬ومورده مورد االتصال ‪،‬واالتحاد أوجب ذلك‬
‫صحة التعجب‪ .‬حيث إَّن الّز وجين يصيران بسبب ما أوجب الزواج من اإلفضاء واالقتراب كشخص‬
‫واحد"(‪.)xxxvii‬‬

‫‪2‬ـ الداللة على التجانس النوعي األسري‪:‬‬


‫آيات هللا سبحانه كثيرة منها أَّنه خلق الّنساء من الرجال‪ ،‬وهذا أدعى لأللفة والمحبة بينهما‪ ،‬وقد‬
‫استعمل القرآن في هذا لفظ (األزواج)(‪.)xxxviii‬‬
‫فالّز وج هو خالف الفرد يقال‪ :‬زوج أو فرد‪ ،‬واألصل في الّز وج الصنف والنوع من كل شيء‪،‬‬
‫وكل شيئين مقترنين شكلين كانا أو نقيضين فهما زوجان‪ ،‬وكل واحد منهما زوج(‪ .)xxxix‬وجمع‬
‫الّز وج أزواج‪ ،‬وقوله‪{ :‬اْح ُش ُروا اَّلِذ يَن َظَلُم وا َو َأْز َو اَج ُهْم َو َم ا َك اُنوا َيْعُبُد وَن }الصافات‪ ،22‬أي‪:‬‬
‫أقرانهم المقتدين بهم في أفعالهم‪ ،‬وقوله {َو اَل َتُم َّدَّن َع ْيَنْيَك ِإَلى َم ا َم َّتْعَنا ِبِه َأْز َو اجًا ِّم ْنُهْم }طه‬
‫‪،131‬أي‪ :‬أشباهًا وأقرانًا‪ ،‬وقوله‪ُ{:‬سْبَح اَن اَّلِذ ي َخ َلَق اَأْلْز َو اَج ُك َّلَها ِمَّم ا ُتنِبُت اَأْلْر ُض َو ِم ْن َأنُفِس ِهْم‬
‫َو ِمَّم ا اَل َيْع َلُم وَن }يس‪، 36‬فتنبيه أّن األشياء كلها مركبة من جوهر وعرض ومادة وصورة‪ ،‬وأّن ال‬
‫شيء يتعّرى من تركيب يقتضي كونه مصنوعاً‪ ،‬وأّنه ال ُبّد له من صانع تنبيهًا إلى اّنه تعالى هو‬
‫الفرد(‪ .)xl‬فمعنى الّز وج ال يختلف عند اللغويين والمفسرين‪ ،‬فقد ذكر ابن عاشور في معرض حديثه‬
‫عن قوله تعالى‪َ{:‬ح َّتى ِإَذ ا َج اء َأْم ُرَنا َو َفاَر الَّتُّنوُر ُقْلَنا اْح ِم ْل ِفيَها ِم ن ُك ٍّل َز ْو َج ْيِن اْثَنْيِن َو َأْهَلَك ِإَّال َم ن‬
‫َسَبَق َع َلْيِه اْلَقْو ُل َو َم ْن آَم َن َو َم ا آَم َن َم َع ُه ِإَّال َقِليٌل }هود‪، 40‬أّن الّز وج شيء يكون ثانيًا آلخر في‬

‫‪6‬‬
‫حالته‪ ،‬وأصله اسم لما ينضم إلى فرد فيصير زوجًا له‪ ،‬وكل منهما زوج لآلخر‪ ،‬والمراد بـ (َز ْو َج ْيِن‬
‫) هنا الذكر واألنثى من النوع"(‪.)xli‬‬
‫وال يختلف مفهوم الّز وج عند أبي السعود عن غيره من العلماء غير أّنه ال يرى فيه معنى‬
‫التوالد‪ ،‬ففي قوله تعالى‪َ{:‬و ُأُتوْا ِبِه ُم َتَش اِبهًا َو َلُهْم ِفيَها َأْز َو اٌج ُّم َطَّهَر ٌة َو ُهْم ِفيَها َخ اِلُد وَن } (البقرة‪:‬‬
‫‪ )25‬إْذ قال‪" :‬الّز وج يطلق على الذكر واألنثى‪ ،‬وهو في األصل اسم لما له قرين من جنسه‪ ،‬وليس‬
‫في مفهومه اعتبار التوالد الذي هو مدار بقاء النوع حتى ال يصح إطالقه على أزواج أهل الجنة؛‬
‫لخلودهم فيها؛ واستغنائهم عن األوالد"(‪.)xlii‬‬
‫وهذا الكالم إذا صّح على أزواج أهل الجنة فال يصح على أزواج أهل األرض لذا ينبغي أْن ال‬
‫يكون الكالم مطلقًا‪ ،‬والراجح ما ذهبت إليه الدكتورة عائشة إْذ جعلت حكمة الّز وجية في اإلنسان‪،‬‬
‫وسائر الكائنات الحية من حيوان‪ ،‬ونبات هي اتصال الحياة بالتوالد‪ ،‬وفي هذا السياق يكون المقام‬
‫لكلمة زوج‪ ،‬وزوجين‪ ،‬وأزواج من ذكر وأنثى كآيات‪ :‬الّنساء ‪ ،1‬هود ‪ ،40‬الشورى ‪ ،11‬يس ‪،36‬‬
‫الذاريات ‪ ،49‬النجم ‪،45‬وغيرها من اآليات‪ ،‬فضال عن ذلك أّن كلمة (زوج) تأتي حيث تكون‬
‫الّز وجية هي مناط الموقف‪ :‬حكمة وآية‪ ،‬أو تشريعا وحكمًا في آية الّز وجية(‪ )xliii‬قال تعالى‪َ{ :‬و اَّلِذ يَن‬
‫َيُقوُلوَن َر َّبَنا َهْب َلَنا ِم ْن َأْز َو اِج َنا َو ُذ ِّر َّياِتَنا ُقَّرَة َأْع ُيٍن َو اْج َع ْلَنا ِلْلُم َّتِقيَن ِإَم امًا }الفرقان‪، 74‬‬
‫وقوله تعالى‪َ{ :‬و ِم ْن آَياِتِه َأْن َخ َلَق َلُك م ِّم ْن َأنُفِس ُك ْم َأْز َو اجًا ِّلَتْس ُكُنوا ِإَلْيَها َو َجَعَل َبْيَنُك م َّم َو َّد ًة َو َر ْح َم ًة ِإَّن‬
‫ِفي َذ ِلَك آَل َياٍت ِّلَقْو ٍم َيَتَفَّك ُروَن }الروم‪.21‬‬
‫فقوله‪ِّ( :‬م ْن َأنُفِس ُك ْم ) فيها قوالن‪ ،‬أحدهما‪ :‬إّن حواء ُخ لقت من آدم‪ ،‬واآلخر‪ :‬إّن المعنى‪ :‬خلق لكم‬
‫من جنسكم أزواجًا؛ ألّن اإلنسان بجنسه آنس وإليه أسكن(‪ .)xliv‬وهذا هو الراجح‪ .‬وقوله‪َ" :‬جَع ََل َبْيَنُك م‬
‫َم ودًة ورْح َم ًة" قيل‪ :‬المودة الجماع ‪،‬والرحمة الولد‪،‬أو المودة والرحمة عطف بعضهم على‬
‫بعض(‪ .)xlv‬وروي عن ابن عباس أّن المودة حّب الّر جل امرأته‪ ،‬والرحمة رحمته إّياها أْن يصيبها‬
‫سوء(‪ .)xlvi‬أّم ا لفظة (امرأة) في القرآن مثل‪ :‬امرأة العزيز‪ ،‬وامرأة نوح‪ ،‬وامرأة لوط‪ ،‬وامرأة فرعون‬
‫وغيرها فإنها وردت حينما تعطلت آيتها من السكن والمودة والرحمة‪ ،‬بخيانة أو تباين في العقيدة‪،‬‬
‫قال تعالى‪َ{ :‬و َقاَل ِنْس َو ٌة ِفي اْلَم ِد يَنِة اْمَر َأُة اْلَع ِز يِز ُتَر اِو ُد َفَتاَها َعن َّنْفِسِه َقْد َشَغ َفَها ُحّبًا ِإَّنا َلَنَر اَها ِفي‬
‫َض َالٍل ُّم ِبيٍن }يوسف‪ ،30‬وقوله‪َ{ :‬ض َرَب ُهَّللا َم َثًال ِّلَّلِذ يَن َكَفُروا ِاْمَر َأَة ُنوٍح َو ِاْمَر َأَة ُلوٍط َك اَنَتا َتْح َت‬
‫َع ْبَد ْيِن ِم ْن ِعَباِد َنا َص اِلَح ْيِن َفَخاَنَتاُهَم ا َفَلْم ُيْغ ِنَيا َع ْنُهَم ا ِم َن ِهَّللا َش ْيئًا َو ِقيَل اْد ُخ اَل الَّناَر َم َع‬
‫الَّد اِخِليَن }التحريم‪ ،10‬ومعها في امرأة لوط آيات‪ :‬العنكبوت ‪ ،33‬النمل ‪ ،57‬الحجر ‪ ،60‬الذاريات‬
‫‪ ،81‬األعراف ‪ ،83‬و (امرأة فرعون) تعطلت أية الّز وجية بينهما بإيمانها وكفره (التحريم ‪.)11‬‬
‫وكذلك إذا تعطلت حكمة الّز وجية في البشر بعقم أو ترمل تستعمل لفظة (امرأة) كاآليات في‬
‫امرأة إبراهيم‪ ،‬وامرأة عمران (هود ‪ ،71‬الذاريات ‪ ،29‬آل عمران ‪ )35‬ويضرع زكريا إلى هللا‬
‫سبحانه{َو ِإِّني ِخ ْفُت اْلَم َو اِلَي ِم ن َو َر اِئي َو َكاَنِت اْمَر َأِتي َعاِقرًا َفَهْب َّلُد نَك َو ِلّيًا }مريم‪، 5‬ثم لما‬

‫‪7‬‬
‫استجاب له ربه وحققت الّز وجية حكمتها كانت اآلية(‪َ{)xlvii‬فاْسَتَج ْبَنا َلُه َوَو َهْبَنا َلُه َيْح َيى َو َأْص َلْح َنا َلُه‬
‫َز ْو َج ُه }األنبياء‪. 90‬‬

‫‪3‬ـ الداللة على العقد‪:‬‬


‫قد تكون اللفظة التي تنبئ عن العالقة الّز وجية محل خالف بين العلماء‪ ،‬واللفظة هي (النكاح)‬
‫(‪ .)xlviii‬والخالف متأٍت من الداللة األصلية لهذه اللفظة‪ ،‬أهي الوطء أم العقد؟‬

‫‪i‬‬

‫‪ )1(ii‬وردت هذه اللفظة في القرآن في موضعين األول في اآلية السابقة‪ ،‬والثاني في البقرة آية (‪.)197‬‬
‫‪ )2(iii‬العين‪ :‬مادة (رفث)‪..161 /2‬‬

‫أساس البالغة ‪،238‬وينظر‪:‬لسان العرب‪،‬مادة(رفث) ‪،193 /‬والبيت في ديوانه‪1/456‬وفيه‪:‬حجيج َن ظِم‬


‫‪)?(iv‬‬

‫‪ )?(v‬ينظر‪ :‬المفردات في غريب القرآن ‪.205‬‬

‫‪ )?(vi‬ينظر‪ :‬معاني القرآن‪ ،‬الفراء ‪ ،114 /1‬ومعاني القرآن للزّج اج ‪ ،221 /1‬والتبيان في تفسير القرآن ‪ ،132 /2‬وإرشاد العقل‬
‫السليم ‪.317 /1‬‬

‫‪ )?(vii‬ينظر‪ :‬التفسير الكبير ‪ ،90 /5‬الكشاف ‪.257 /1‬‬


‫‪ )?(viii‬ينظر‪ :‬الكشاف ‪.256 /1‬‬
‫‪ )?(ix‬ينظر‪ :‬إرشاد العقل السليم ‪.317 /1‬‬
‫‪ )?(x‬لم ترد هذه اللفظة بهذا المعنى إاّل في اآلية السابقة‪.‬‬
‫‪ )?(xi‬العين‪ :‬مادة (لبس) ‪.262 /7‬‬
‫‪ )?(xii‬ينظر‪ :‬الصحاح‪ :‬مادة (لبس) ‪ ،131 /2‬والبيت في ديوانه‪، 81‬وفيه‪:‬تداعْت فكاَنْت عليه ِلباسًا‬

‫‪ )?(xiii‬مقاييس اللغة‪ ،‬مادة (لبس) ‪.230 /5‬‬


‫‪ )?(xiv‬ينظر‪ :‬مجمع البيان ‪ ،14 /2‬والكشاف ‪ ،257 /1‬وإرشاد العقل السليم ‪.317 /1‬‬
‫‪ )?(xv‬ينظر‪ :‬الكشاف ‪ ،257 /1‬والتحرير والتنوير ‪.154 /2‬‬
‫‪ )?(xvi‬ينظر‪ :‬البحر المحيط ‪.56 /2‬‬
‫‪ )?(xvii‬لم ترد هذه اللفظة إّال في اآلية السابقة‪.‬‬
‫‪ )?(xviii‬ينظر‪ :‬العين‪ ،‬مادة (بشر) ‪ ،259 /6‬ومقاييس اللغة‪ ،‬مادة (بشر) ‪.251 /1‬‬
‫‪ )?(xix‬ينظر‪ :‬التبيان في تفسير القرآن ‪ ،133 /2‬وتفسير البيضاوي ‪ ،172 /1‬والتفسير الكبير ‪.92 /2‬‬
‫‪ )?(xx‬ينظر‪ :‬التحرير والتنوير ‪.155 /2‬‬
‫‪ )?(xxi‬ينظر‪ :‬معاني القرآن‪ ،‬الفراء ‪.114 /1‬‬
‫‪ )?(xxii‬معاني القرآن وإعرابه‪ ،‬الزّج اج ‪.221 /1‬‬

‫‪8‬‬
‫فصاحب العين يرى أّن الفعل نكح ينكح هو البضع‪ ،‬ويجري مجرى التزويج أيضا وامرأة ناكح‪،‬‬
‫أي‪ :‬ذات زوج(‪.)xlix‬‬
‫والجوهري أيضا ذهب إلى أّن (النكاح الوطء‪ ،‬وقد يكون العقد‪ ،‬تقول‪ :‬نكحُتها ونكحت هي‪ ،‬أي‪:‬‬
‫تزوجت‪ ،‬وهي ناكح في بني فالن‪ ،‬أي‪ :‬هي ذات زوج منهم ) (‪.)l‬‬
‫أّم ا المفسرون فقد ذهب أغلبهم إلى أّن النكاح اسم يقع على العقد بين الّر جل والمرأة لتكون زوجًا‬
‫بواسطة وليها‪ ،‬وأصل اللفظة استعمالها للعقد؛ ألّن النكاح حقيقته هو الضم واإللصاق‪ ،‬فشبه عقد‬
‫الزواج بااللتصاق والضم بما فيه من اعتبار انضمام الّر جل والمرأة فصارا كشيئين متصلين‪ .‬إما‬
‫‪ )?(xxiii‬البالغة العربية أسسها وعلومها وفنونها ‪.52 /2‬‬
‫‪ )?(xxiv‬لم ترد بهذا المعنى ااّل في سورة األعراف آية ‪.189‬‬
‫‪ )?(xxv‬ينظر‪ :‬العين مادة (غشي) ‪ .429 /4‬ومقاييس اللغة‪ ،‬مادة (غشى ) ‪ ،425 /4‬ولسان العرب ‪.631 /6‬‬
‫‪ )?(xxvi‬ينظر‪ :‬جامع البيان ‪.142 /6‬‬
‫‪ )?(xxvii‬ينظر‪ :‬التفسير الكبير ‪.194 /15‬‬
‫‪ )?(xxviii‬ينظر‪ :‬التحرير والتنوير ‪.39 /6‬‬
‫‪ )?(xxix‬ينظر‪ :‬الكشاف ‪.175 /2‬‬
‫‪ )?(xxx‬لم ترد هذه اللفظة إّال في هذه اآلية ‪.‬‬
‫‪ )?(xxxi‬ينظر‪ :‬العين مادة (فضو) ‪ ،63 /7‬ومقاييس اللغة ‪508 /4‬ـ ‪ ،509‬ولسان العرب ‪.122 /7‬‬
‫‪ )?(xxxii‬ينظر‪ :‬لسان العرب ‪.157 /15‬‬
‫‪ )?(xxxiii‬ينظر‪ :‬معاني القرآن للنّح اس ‪،199 /1‬والتبيان في تفسير القرآن ‪،.153 /3‬وروح المعاني ‪ .627 /4‬البغوي ‪.187 /2‬‬
‫‪ )?(xxxiv‬ينظر‪ :‬معاني القرآن الفراء ‪ ،259 /1‬والتبيان في تفسير القرآن ‪ ،153 /3‬وروح المعاني‪.627 /4‬‬
‫‪ )?(xxxv‬ينظر‪ :‬روح المعاني ‪ ،627 /4‬واللباب في علوم الكتاب ‪.286 /6‬‬
‫‪ )?(xxxvi‬ينظر‪ :‬البحر المحيط ‪.215 /3‬‬
‫‪ )?(xxxvii‬ينظر‪ :‬اللباب في علوم الكتاب ‪268 /6‬‬
‫‪ )?(xxxviii‬وردت هذه اللفظة بهذا المعنى إحدى وستين مرة‪.‬‬
‫‪ )?(xxxix‬ينظر‪ :‬لسان العرب ‪.429 /4‬‬
‫‪ )?(xl‬ينظر‪ :‬المفردات في غريب القرآن ‪.221‬‬
‫‪ )?(xli‬التحرير والتنوير ‪.140 /7‬‬
‫‪ )?(xlii‬إرشاد العقل السليم ‪. 122 /1‬‬
‫‪ )?(xliii‬ينظر‪ :‬اإلعجاز البياني للقرآن ‪.230‬‬
‫‪ )?(xliv‬ينظر‪ :‬معاني القرآن للنّح اس ‪، 924 /2‬وينظر‪ :‬الكشاف ‪.479 /3‬‬
‫‪ )?(xlv‬المصدر نفسه‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫استعماله في الوطء فكناية‪ ،‬والدليل على ذلك أّن هذه الكلمة لم ترد في القرآن إّال في معنى العقد‬
‫(‪)li‬‬

‫على حين ذهب أبو حّيان إلى أّن النكاح الوطء‪ ،‬وهو المجامعة مستندًا على أقوال بعض العلماء‪،‬‬
‫فأصل الّنكاح عند العرب‪ :‬لزوم الشيء الشيء وإكبابه عليه‪ ،‬ومنه قولهم‪ :‬نكح المطر األرض‪،‬‬
‫وُحكى عن العرب نكح المرأة بضم النون‪ ،‬بضعة هي بين القبل والدبر فاذا قالوا نكحها‪ ،‬أي ذلك‬
‫الموضع منها‪ ،‬وقلما يقال ناكحها كما يقال‪ :‬باضعها ثم بّين رأيًا ألبي علي ذكر فيه أّن العرب فرقت‬
‫بين العقد‪ ،‬والوطء بفرق لطيف فاذا قالوا‪ :‬نكح فالن فالنة أرادوا به العقد ال غير‪ ،‬وإذا نكح امرأته‪،‬‬
‫أو زوجته فال يريدون غير المجامعة(‪.)lii‬‬
‫والرأي الراجح أْن يكون أصل النكاح للعقد ثم استعير للجماع‪ ،‬وللراغب تعليل يوضح هذا‬
‫األمر‪،‬إْذ يرى أّنه من المحال أْن يكون في األصل للجماع‪،‬ثم استعير للعقد؛ ألّن أسماء الجماع كلها‬
‫كنايات الستقباحهم ذكره كاستقباح تعاطيه‪،‬ومحال أْن يستعير َم ْن ال يقصد ُفحشًا اسم ما يستفظعونه‬
‫لما يستحسنونه(‪ ،)liii‬قال تعالى {َو َأنِكُحوا اَأْلَياَم ى ِم نُك ْم َو الَّصاِلِح يَن ِم ْن ِعَباِد ُك ْم َو ِإَم اِئُك ْم }النور‪.32‬‬
‫وقوله‪َ{ :‬يا َأُّيَها اَّلِذ يَن آَم ُنوا ِإَذ ا َنَك ْح ُتُم اْلُم ْؤ ِم َناِت ُثَّم َطَّلْقُتُم وُهَّن ِم ن َقْبِل َأن َتَم ُّسوُهَّن َفَم ا َلُك ْم َع َلْيِهَّن ِم ْن‬
‫ِع َّد ٍة َتْع َتُّدوَنَها َفَم ِّتُعوُهَّن َو َس ِّر ُحوُهَّن َسَر احًا َجِم يًال}األحزاب‪.49‬‬
‫ومّم ا يؤكد ذلك أَّن جميع اآليات التي وردت فيها لفظة النكاح لم تكن في إطار تعليمي‪ ،‬أو تأديبي بل كانت‬
‫آيات تشريعية ال تخلو من أمر أو نهي(‪ )liv‬أو رغبة في تزويج االبنة كقول النبي شعيب لموسى (عليه السالم)‬
‫{َقاَل ِإِّني ُأِر يُد َأْن ُأنِكَح َك ِإْح َدى اْبَنَتَّي َهاَتْيِن }القصص‪27‬‬

‫ومثال على حكم شرعي قوله تعالى‪{ :‬الَّز اِني اَل َينِكُح إاَّل َزاِنَيًة َأْو ُم ْش ِر َك ًة َو الَّز اِنَيُة اَل َينِكُح َها ِإاَّل َزاٍن‬
‫َأْو ُم ْش ِر ٌك َو ُحِّر َم َذ ِلَك َع َلى اْلُم ْؤ ِمِنيَن }النور‪3‬‬

‫ذكر الفراء أَّن المراد بالنكاح هنا هو الزواج‪ ،‬فالزاني ال يزني إّال بزانية من بغايا المدينة‪ ،‬إْذ هّم‬
‫أصحاب الِّض فة أْن يتزوجوهن فيأووا إليهن وُيصيبوا من طعامهن‪ ،‬فذكروا ذلك للنبي عليه السالم‬
‫فأنزل هللا عّز وجّل هذا‪ ،‬فأمسكوا عن تزويجهن لما نزل(‪ .)lv‬وهذا ما ذهب اليه الزّجاج‪ ،‬فتأويل اآلية‬
‫‪ )?(xlvi‬ينظر‪ :‬إعراب القران للنّح اس ‪.269 /3‬‬
‫‪ )?(xlvii‬ينظر‪ :‬اإلعجاز البياني للقرآن ‪ 230‬ـ ‪.231‬‬
‫‪ )?(xlviii‬وردت هذه اللفظة في القرآن ثالثًا وعشرين مرة‪.‬‬
‫‪ )?(xlix‬ينظر‪ :‬العين‪ ،‬مادة (نكح) ‪.63 /3‬‬
‫‪ )?(l‬الصحاح ‪،‬مادة (نكح) ‪.413 /1‬‬
‫‪ )?(li‬ينظر‪ :‬التحرير والتنوير ‪ .286 /11‬والكشاف ‪.216 /3‬‬
‫‪ )?(lii‬ينظر‪ :‬البحر المحيط ‪.346 /2‬‬
‫‪ )?(liii‬ينظر‪ :‬المفردات في غريب القرآن‪.506‬‬
‫‪ )?(liv‬ينظر‪ :‬المعجم المفهرس أللفاظ القرآن ‪.718‬‬

‫‪10‬‬
‫عنده الزاني ال يتزوج إّال زانية‪ ،‬وكذلك الزانية ال يتزوجها إّال زاٍن ‪ ،‬ثم ذكر رأيًا لقوم وهو أَّن‬
‫معنى‪ :‬النكاح هنا الوطء‪ ،‬والمعنى عندهم الزاني ال يطأ إّال زانية‪ ،‬والزانية ال يطؤها إّال زاٍن ‪ ،‬وهذا‬
‫القول عنده يبعد؛ألّنه ال ُيعرف شيئا من ذكر النكاح في كتاب هللا إّال على معنى التزويج‪ .‬قال تعالى‪:‬‬
‫{َو َأنِكُحوا اَأْلَياَم ى ِم نُك ْم َو الَّصاِلِح يَن ِم ْن ِعَباِد ُك ْم َو ِإَم اِئُك ْم }النور‪ .32‬فهذا تزويج ال شّك فيه‪ ،‬وقال‬
‫هللا عّز وجّل‪َ{ :‬يا َأُّيَها اَّلِذ يَن آَم ُنوا ِإَذ ا َنَك ْح ُتُم اْلُم ْؤ ِم َناِت ُثَّم َطَّلْقُتُم وُهَّن ِم ن َقْبِل َأن َتَم ُّسوُهَّن }األحزاب‬
‫‪ .49‬فاعلم هللا عّز وجّل أّن عقد التزويج يسّم ى‪ :‬الّنكاح(‪.)lvi‬‬
‫وهذا ما ذهب إليه الزمخشري أيضًا‪ ،‬إْذ رّد قول من قال‪ :‬بأّن المراد بالنكاح في اآلية السابقة‬
‫الوطء لسببين‪ ،‬األول‪ :‬إّن هذه الكلمة لم ترد في القرآن إّال في معنى العقد‪ ،‬والثاني‪ :‬فساد المعنى‬
‫وأداؤه إلى قولك‪ :‬الزاني ال يزني إّال بزانية‪،‬والزانية ال يزني بها إّال زاٍن (‪.)lvii‬‬

‫‪4‬ـ الداللة على الترغيب‪:‬‬


‫تحّد ث القرآن عن نعيم اآلخرة‪ ،‬وما يجد فيها المؤمنون المّتقون‪ ،‬ومن هذه النعم الّز وجات‬
‫اللواتي ينتظرن أزواجهن في اآلخرة‪ ،‬ومن صفات هؤالء الّز وجات أنهّن لم يطمثهن أحد‪،‬فاستعمل‬
‫القرآن لفظة (الطمث)(‪ )lviii‬وسيلة لترغيب المؤمنين‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪ِ{:‬فيِهَّن َقاِصَر اُت الَّطْر ِف‬
‫َلْم َيْطِم ْثُهَّن ِإنٌس َقْبَلُهْم َو اَل َج اٌّن }الرحمن‪ ،56‬ففي الجنتين نساء قصرن أبصارهن على أزواجهن‪ ،‬ال‬
‫ينظرن إلى غيرهم‪ ،‬وكذلك لم يطمثهن أحد(‪.)lix‬‬
‫والطمث عند علماء اللغة االفتضاض‪،‬يقال‪ :‬طمثُت الجاريَة‪،‬أي‪:‬افترعُتها‪،‬والطامث لغة في‬
‫الحائض‪،‬وقول هللا عّز وجّل‪ِ{:‬فيِهَّن َقاِص َر اُت الَّطْر ِف َلْم َيْطِم ْثُهَّن ِإنٌس َقْبَلُهْم َو اَل َج اٌّن }الرحمن‪:56‬‬
‫أي‪ :‬لم يمسسهن‪ .‬قال أبو عمرو‪ :‬الَطَم ُث ‪:‬المُّس ‪،‬وذلك في كل شيء ُيمّس ‪ ،‬ويقال للمرتع‪ ،‬ما طمَث‬
‫المرتَع قبلنا أحٌد ‪ ،‬وما طمَث هذه الناقَة حبٌل قُط‪ ،‬أي‪ :‬ما مَّسها ِع قاٌل (‪.)lx‬‬

‫‪ )?(lv‬ينظر‪ :‬معاني القرآن‪ ،‬الفراء ‪.245 /2‬‬


‫‪ )?(lvi‬ينظر‪ :‬معاني القرآن وإعرابه للزّج اج ‪ 23 /4‬ـ ‪.24‬‬
‫‪ )?(lvii‬ينظر‪ :‬الكشاف ‪.216 /3‬‬
‫‪ )?(lviii‬ينظر‪ :‬لم ترد هذه اللفظة إّال في هذا الموضع‪،‬سورة الرحمن ‪.56‬‬
‫‪ )?(lix‬ينظر‪ :‬الكشاف ‪.451 /4‬‬
‫‪ )?(lx‬ينظر‪ :‬العين‪ ،‬مادة (طمث) ‪ ،412 /7‬والصحاح‪ ،‬مادة(طمث) ‪.286 /1‬‬

‫‪11‬‬
‫وهذا ما ذكره المفّسرون أيضًا غير أّنهم اختلفوا في المراد من اآلية هل هو االفتضاض المفضي‬
‫إلى خروج الدم‪ ،‬أم هو الجماع بغض النظر عن خروج الدم؟‬
‫ذهب الفراء إلى أّن المراد بقوله‪َ {:‬لْم َيْطِم ْثُهَّن }لم يفتضضهن يقال‪ :‬طمثها‪ ،‬أي‪ :‬نكحها‪ ،‬وذلك‬
‫لحال الدم(‪.)lxi‬‬
‫وقد بّين ابن عاشور أَّن قوله‪َ {:‬لْم َيْطِم ْثُهَّن } إّنما هو تعبير عن البكارة وذلك إطنابًا في‬
‫التحسين(‪.)lxii‬‬
‫أّم ا أصحاب الرأي اآلخر فقد ذكرهم القرطبي‪ ،‬إْذ يرون أّن المراد لم يصبهن بالجماع قبل‬
‫أزواجهن هؤالء أحد؛ألّن طمثها بمعنى‪ :‬وطئها‪ .‬وقد رّجح القرطبي رأي الفراء؛ ألّنه يرى أّن قول‬
‫الفراء أعرف وأشهر(‪ ،)lxiii‬وهذا هو الراجح عندنا أيضا؛ ألّن فيه من الترغيب واستمالة النفس أكثر‬
‫وأشد‪ ،‬فاهلل سبحانه يعلم ما تميل إليه نفوس الرجال من افتضاض البكارة للمرأة‪ ،‬حتى يكون اإلقبال‬
‫على فعل الخير عند الرجال أشد لتشوقه إلى الحور العين اللواتي لم يفتض بكارتهن أحد‪.‬‬
‫أّم ا ابن عادل فقد نظر إلى (الطمث) نظرة داللية فيها خصوص وعموم‪ ،‬فيرى أّن أصل‬
‫(الطمث) هو الجماع المؤدي الى خروج دم البكر‪ ،‬ثم أطلق على كل جماع طمث وإْن لم يكن معه‬
‫دم(‪ .)lxiv‬أي‪ :‬إّن اللفظة كانت خاصة بخروج الدم ثم أصبحت عامة في كل جماع‪.‬‬
‫وعلى هذا تكون هذه اللفظة صريحة في التعبير عن النكاح وليست كناية كغيرها من األلفاظ‪،‬‬
‫وهذا ما تفردت به هذه اللفظة في هذا الموضع‪ ،‬وقد عّلل ذلك الرازي بأّن ذكر الجماع في الدنيا‬
‫بالكناية لما أّنه في الدنيا قضاء للشهوة وأّنه يضعف البدن ويمنع من العبادة‪ ،‬وهو في بعض األوقات‬
‫قبيح‪ ،‬فاهلل تعالى ذكره في الدنيا بلفظ مجازي مستور في غاية الخفاء بالكناية إشارة إلى قبحه‪ ،‬وفي‬
‫اآلخرة ذكره بأقرب األلفاظ إلى التصريح أو بلفظ صريح؛ ألّن الطمث أدّل من الجماع والوقاع؛‬
‫ألّنهما من الجمع والوقوع إشارة إلى خلوه عن وجوه القبح(‪.)lxv‬‬

‫‪ 5‬ـ الداللة على المبالغة في طلب الشيء‪:‬‬


‫قد يعّبر القرآن عن العالقة الّز وجية بأدنى ما يمكن أْن يحصل بين الّر جل والمرأة وهو (الّلمس)‬
‫(‪ ،)lxvi‬وذلك في قوله تعالى‪َ{ :‬يا َأُّيَها اَّلِذ يَن آَم ُنوْا َال َتْقَر ُبوْا الَّصَالَة َو َأنُتْم ُس َك اَر ى َح َّتَى َتْع َلُم وْا َم ا‬

‫‪ )?(lxi‬ينظر‪ :‬معاني القرآن‪ ،‬الفراء ‪.119 /3‬‬


‫‪ )?(lxii‬ينظر‪ :‬التحرير والتنوير ‪.312 /14‬‬
‫‪ )?(lxiii‬ينظر‪ :‬الجامع ألحكام القرآن ‪.408 /9‬‬
‫‪ )?(lxiv‬ينظر‪ :‬اللباب في علوم الكتاب ‪.351 /18‬‬
‫‪ )?(lxv‬ينظر‪ :‬التفسير الكبير ‪.114 /29‬‬

‫‪12‬‬
‫َتُقوُلوَن َو َال ُج ُنبًا ِإَّال َعاِبِر ي َس ِبيٍل َح َّتَى َتْغ َتِس ُلوْا َو ِإن ُك نُتم َّم ْر َض ى َأْو َع َلى َس َفٍر َأْو َج اء َأَح ٌد ِّم نُك م ِّم ن‬
‫اْلَغآِئِط َأْو َالَم ْس ُتُم الّنساء َفَلْم َتِج ُد وْا َم اء َفَتَيَّمُم وْا َص ِع يدًا َطِّيبًا }الّنساء‪43‬‬
‫والّلمس في اللغة "أصله باليد لُيعرف مّس الشيء‪ ،‬ثم كثر ذلك في كالمهم حتى صار كل طالب‬
‫ملتمسًا‪ ،‬والمالمسة في بعض األقاويل‪ :‬كناية عن النكاح‪ ،‬وفي بعضها‪ :‬المالمسة باليد‪،‬ويقولون‪:‬‬
‫فالنة ال تمنُع يَد المٍس‪،‬كأّنهم أرادوا ليَن جانب المرأة وانقيادها"(‪.)lxvii‬‬
‫ويقال لمسته لمسًا والمسته ُم المسة‪ ،‬والّلمس قد يكون مّس الشيء بالشيء ويكون معرفة الشيء‬
‫وإْن لم يكن ثَّم مس لجوهر على جوهر‪ ،‬والمالمسة أكثر ما جاءت من اثنين‪ ،‬وااللتماس‪ :‬الطلب‪،‬‬
‫والتلمس‪ :‬التطلب مرة بعد أخرى(‪.)lxviii‬‬
‫وذكر الراغب أَّن اللمس إدراك بظاهر البشرة ويعبر به عن الطلب(‪ ،)lxix‬وعّبر عنه أبو البقاء‬
‫بأّنه لصوق بإحساس(‪ .)lxx‬أّم ا المفسرون فقد اختلفوا في المراد باللمس في اآلية السابقة على قولين‪:‬‬
‫األول‪ :‬إّن المراد به الجماع‪ ،‬وهو قول ابن عباس ‪،‬والحسن ‪،‬ومجاهد وقتادة‪ .‬وُكّنى بالّلمس عن‬
‫الجماع؛ ألّن الجماع ال يحصل إّال باللمس‪ .‬الثاني‪ :‬إّن المراد به المالمسة ما دون الجماع ‪،‬وهو قول‬
‫ابن مسعود‪ ،‬والنخعي‪ ،‬والشعبي(‪.)lxxi‬‬
‫ومنهم من اعتمد في راية على ما ورد فيها من قراءات‪ ،‬فقد قرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو‬
‫عمرو وابن عامر (َأْو َالَم ْس ُتُم ) باأللف هنا‪ ،‬وقرأ حمزة والكسائي (َأْو لَم ْس ُتُم ) بغير ألف(‪.)lxxii‬‬
‫فالقراءة األولى تعني‪ :‬الجماع‪ ،‬والقراءة الثانية تعني‪ :‬اللمس باليد‪ ،‬وغيرها بما دون الجماع‪.‬‬
‫والصحيح عند الطوسي هو المعنى األول(‪ ،)lxxiii‬وهو الراجح عندنا أيضًا؛ ألَّن اللفظة جاءت في‬
‫معرض الحديث عن التيمم عند عدم الماء‪ ،‬والّلمس باليد ال يستدعي تيممًا؛ لذا نرى أَّن القرآن الكريم‬
‫عّبر عن الجماع بالّلمس مبالغة في طلب الطهارة‪ ،‬فعّبر عنه بأدنى ما يحصل بين الّر جل والمرأة‬
‫وهو (الّلمس)‪.‬‬

‫‪ )?(lxvi‬ينظر‪ :‬لم ترد بهذا المعنى إّال في موضعين‪ :‬األول‪ :‬الّن ساء ‪ ،43‬والثاني‪ :‬المائدة ‪.6‬‬
‫‪ )?(lxvii‬ينظر‪ :‬جمهرة اللغة ‪.210 /1‬‬
‫‪ )?(lxviii‬ينظر‪ :‬لسان العرب ‪،‬مادة (لمس) ‪125 /8‬ـ ‪.126‬‬
‫‪ )?(lxix‬ينظر‪ :‬المفردات في غريب القرآن ‪.458‬‬
‫‪ )?(lxx‬ينظر‪ :‬الكليات ‪.1280 /1‬‬
‫‪ )?(lxxi‬ينظر‪ :‬روح المعاني ‪ .60 /5‬والبغوي ‪ .222 /2‬والحّجة للقّر اء السبعة ‪.165 /3‬‬
‫‪ )?(lxxii‬ينظر‪ :‬السبعة في القراءات ‪.234‬‬
‫‪ )?(lxxiii‬ينظر‪ :‬التبيان في تفسير القرآن ‪.205 /3‬‬

‫‪13‬‬
‫وثمة لفظة أخرى قيل عنها بأّنها مرادفة للفظة (الّلمس) وهي‪(:‬مّس ) والمّس في اللغة‪ :‬هو مسُك‬
‫الشيِء بيدَك ‪ ،‬يقال‪َ :‬م سُت الشيء أمّسُه مّس ًا لمسَته بيدك ثم استعير لألخذ والضرب؛ ألنهما باليد‬
‫واستعير للجماع؛ ألّنه لمس‪ ،‬وفي الحديث موسى على نبينا وعليه الصالة والسالم ولم نجد مّس ًا من‬
‫النصب هو أول ما ُيحس به من التعب(‪ .)lxxiv‬وقوله تعالى‪ُ{ :‬ذ وُقوا َم َّس َس َقَر } القمر‪، 48‬أي‪ :‬أول ما‬
‫ينالكم منها‪ ،‬وكقولك‪ :‬وجد فالن مّس الُح ّم ى أي أول ما ناله منها(‪،)lxxv‬وقد فّرق الراغب بين الّلمس‪،‬‬
‫والمّس بأّن المّس يقال في كل ما ينال اإلنسان من أذى(‪ )lxxvi‬نحو قوله‪َ{ :‬و َقاُلوْا َلن َتَم َّسَنا الَّناُر ِإَّال‬
‫َأَّيامًا َّم ْعُد وَد ًة}البقرة‪، 80‬و‪َّ{:‬م َّس ْتُهُم اْلَبْأَس اء َو الَّضَّراء }البقرة‪،214‬و{َيْو َم ُيْس َح ُبوَن ِفي الَّناِر َع َلى‬
‫ُو ُجوِهِهْم ُذ وُقوا َم َّس َس َقَر }القمر‪،48‬و{َو َأُّيوَب ِإْذ َناَدى َر َّبُه َأِّني َم َّس ِنَي الُّض ُّر َو َأنَت َأْر َح ُم‬
‫الَّراِحِم يَن }األنبياء‪ 83‬و{َو اْذ ُك ْر َعْبَدَنا َأُّيوَب ِإْذ َناَدى َر َّبُه َأِّني َم َّس ِنَي الَّش ْيَطاُن ِبُنْص ٍب َو َع َذ اٍب}ص‬
‫‪ :41‬و{َو َم ا ِبُك م ِّم ن ِّنْع َم ٍة َفِم َن ِهّللا ُثَّم ِإَذ ا َم َّس ُك ُم الُّض ُّر َفِإَلْيِه َتْج َأُروَن }النحل‪.53‬‬
‫وعلى هذا يكون المّس أشّد ارتباطًا بالمدلوالت المعنوية من عذاب‪ ،‬وضر‪ ،‬وجنون‬
‫وغيرها(‪.)lxxvii‬‬
‫وقد فّر ق أبو البقاء بينهما أيضًا‪ ،‬إْذ يرى أَّن اللمس هو لصوق باحساس والمّس أقل تمكنًا من‬
‫اإلصابة وهو أقل درجاتها‪ ،‬واللمّس قد يقال لطلب الشيء وإْن لم يوجد والمّس يقال فيما معه إدراك‬
‫بحاسة السمع ويكنى به عن الّنكاح والجنون‪ ،‬ويقال في كل ما ينال من أذى مس‪ ،‬وال اختصاص له‬
‫باليد؛ألّنه لصوق فقط(‪.)lxxviii‬‬
‫وألّنه يدّل على اللصوق دون االنغماس عّبر القرآن بالمس عن الجماع في مواضع(‪ )lxxix‬لم‬
‫يحصل فيها نحو قوله تعالى‪َ{ :‬و ِإن َطَّلْقُتُم وُهَّن ِم ن َقْبِل َأن َتَم ُّسوُهَّن َو َقْد َفَر ْض ُتْم َلُهَّن َفِر يَض ًة َفِنْص ُف‬
‫َم ا َفَر ْض ُتْم }البقرة ‪، 237‬فالمراد بقوله‪ِ {:‬م ن َقْبِل َأن َتَم ُّسوُهَّن } من قبل الجماع(‪ .)lxxx‬وكذلك قوله‬
‫تعالى‪َ{ :‬قاَلْت َأَّنى َيُك وُن ِلي ُغ اَل ٌم َو َلْم َيْمَس ْس ِني َبَش ٌر َو َلْم َأُك َبِغ ّيًا}مريم‪ 20‬عبر بالمّس هنا عن الّنكاح‬
‫الحالل(‪ .)lxxxi‬وكذلك كل المواضع التي وردت فيها لفظة (المّس ) ومشتقاتها‪ ،‬نحو قوله‪َّ{ :‬ال ُجَناَح‬
‫َع َلْيُك ْم ِإن َطَّلْقُتُم الّنساء َم ا َلْم َتَم ُّسوُهُّن }البقرة‪ ،236‬وقوله‪َ{ :‬يا َأُّيَها اَّلِذ يَن آَم ُنوا ِإَذ ا َنَك ْح ُتُم اْلُم ْؤ ِم َناِت ُثَّم‬
‫َطَّلْقُتُم وُهَّن ِم ن َقْبِل َأن َتَم ُّسوُهَّن }األحزاب‪، 49‬وقوله‪َ{ :‬قاَلْت َر ِّب َأَّنى َيُك وُن ِلي َو َلٌد َو َلْم َيْمَس ْس ِني‬
‫َبَش ٌر }آل عمران‪، 47‬وقد تأتي أيضًا في موضع ينبغي فيه تطبيق حكم شرعي قبل حدوث المّس ‪،‬‬
‫نحو قوله تعالى‪َ{ :‬فَتْح ِر يُر َر َقَبٍة ِّم ن َقْبِل َأن َيَتَم اَّسا }المجادلة‪ 3‬وقوله‪َ{:‬فَم ن َّلْم َيِج ْد َفِص َياُم َشْهَر ْيِن‬
‫ُم َتَتاِبَع ْيِن ِم ن َقْبِل َأن َيَتَم اَّسا}المجادلة‪ ،4‬وهذا يعني أَّن لفظة (مّس ) ال تأتي في القرآن إّال في‬
‫‪ )?(lxxiv‬ينظر‪ :‬لسان العرب‪ ،‬مادة (مّس ) ‪.282 /8‬‬
‫‪ )?(lxxv‬ينظر‪ :‬تاج العروس‪ ،‬مادة (مسس) ‪.263 /16‬‬
‫‪ )?(lxxvi‬ينظر‪ :‬المفردات في غريب القرآن ‪.470‬‬
‫‪ )?(lxxvii‬ينظر‪ :‬المفارقة القرآنية ‪ 61‬ـ ‪.62‬‬
‫‪ )?(lxxviii‬ينظر‪ :‬الكليات ‪.1280 /1‬‬

‫‪14‬‬
‫المواضع التي لم يحصل فيها الجماع أصًال أو ال يحصل إّال بتطبيق حكم شرعي‪ ،‬وذلك للداللة على‬
‫المبالغة في تطبيق األحكام الشرعية غير أّنها اختلفت عن (اللمس) في كون الجماع في (اللمس) قد‬
‫حصل وفي (المّس ) لم يحصل والسبب في ذلك يعود إلى أّن (المّس ) يكون في سياق تدخل فيه‬
‫األمور المعنوية كما مر في اآليات السابقة‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ الداللة على طلب النسل‪:‬‬


‫قد ينّبه القرآن الناس إلى أّن أساس العالقة الّز وجية هي طلب الولد فهي وسيلة لتحقيق هدف‬
‫عميق في طبيعة الحياة‪ ،‬هدف النسل وامتداد الحياة ووصلها كلها بعد ذلك باهلل(‪.)lxxxii‬وقد عّبر عن‬
‫ذلك بلفظة (الحرث)(‪ )lxxxiii‬وذلك في قوله تعالى‪ِ{ :‬نَس آُؤ ُك ْم َح ْر ٌث َّلُك ْم َفْأُتوْا َح ْر َثُك ْم َأَّنى ِش ْئُتْم َو َقِّد ُم وْا‬
‫َألنُفِس ُك ْم َو اَّتُقوْا َهّللا َو اْع َلُم وْا َأَّنُك م ُّم َالُقوُه َو َبِّش ِر اْلُم ْؤ ِمِنيَن }البقرة‪ ، 223‬والحرث هو قذف الحب في‬
‫األرض وتهيؤها للزرع‪ ،‬واالحتراث من الزرع‪ ،‬وكسب المال(‪.)lxxxiv‬‬
‫وفي قوله تعالى‪ِ{ :‬نَس آُؤ ُك ْم َح ْر ٌث َّلُك ْم "}هذا على سبيل التشبيه‪ ،‬ففرج المرأة كاألرض‪ ،‬والنطفة‬
‫كالبذر والولد كالنبات الخارج"(‪ )lxxxv‬وهو بمثابة توضيح وبيان لما قبله وهو قوله {َفْأُتوُهَّن ِم ْن‬
‫َح ْيُث َأَم َر ُك ُم ُهّللا ِإَّن َهّللا ُيِح ُّب الَّتَّو اِبيَن َو ُيِح ُّب اْلُم َتَطِّهِر يَن }البقرة‪ ، 222‬فالمأتي الذي أمركم به هو‬
‫مكان الحرث‪ ،‬داللة على أّن الغرض األصيل في اإلتيان هو طلب النسل ال قضاء الشهوة فال‬
‫تأتوهن إّال من حيث يتعلق به هذا الغرض(‪.)lxxxvi‬‬
‫وإّنما صح اإلخبار عن الجثة بالمصدر لجواز تأويله على أقوال منها إنها على سبيل المبالغة‬
‫جعلوا نفس‪،‬وقيل‪ :‬أراد بالمصدر اسم المفعول‪،‬وقيل‪:‬على حذف مضاف أي وطء نسائكم حرث أي‪:‬‬
‫بحرث‪ ،‬وقيل حذف مضاف من الحرث أي‪ :‬نساؤكم ذوات حرث(‪.)lxxxvii‬‬

‫‪ 7‬ـ الداللة على االستمتاع المحض‪:‬‬

‫‪ )?(lxxix‬وردت هذه اللفظة بهذا المعنى سبع مرات‪.‬‬


‫‪ )?(lxxx‬ينظر‪ :‬معاني القرآن الفراء ‪.155 /1‬‬
‫‪ )?(lxxxi‬ينظر‪ :‬معاني القرآن واعرابه للزّج اج ‪ ،264 /3‬ومعاني القرآن‪ ،‬النّحاس ‪ ،724 /2‬والكشاف ‪.11 /3‬‬
‫‪ )?(lxxxii‬ينظر‪ :‬في ظالل القرآن ‪ 234 /2‬ـ ‪.235‬‬
‫‪ )?(lxxxiii‬لم ترد بهذا المعنى إّال في البقرة آية ‪.223‬‬
‫‪ )?(lxxxiv‬ينظر‪ :‬العين‪ ،‬مادة (حرث) ‪ ،205 /3‬والمفردات في غريب القرآن ‪.119‬‬
‫‪ )?(lxxxv‬التفسير الكبير ‪.61 /6‬‬
‫‪ )?(lxxxvi‬ينظر‪ :‬الكشاف ‪.294 /1‬‬
‫‪ )?(lxxxvii‬ينظر‪ :‬اللباب في علوم الكتاب ‪.78 /7‬‬

‫‪15‬‬
‫قد ينحصر مفهوم اللفظة على االستمتاع وااللتذاذ دون األمور المعنوية القتضاء السياق ذلك‪،‬‬
‫وذلك في لفظة (االستمتاع)(‪ )lxxxviii‬نحو قوله‪َ{:‬و اْلُم ْح َص َناُت ِم َن الّنساء ِإَّال َم ا َم َلَك ْت َأْيَم اُنُك ْم ِكَتاَب ِهّللا‬
‫َع َلْيُك ْم َو ُأِح َّل َلُك م َّم ا َو َر اء َذ ِلُك ْم َأن َتْبَتُغ وْا ِبَأْم َو اِلُك م ُّم ْح ِص ِنيَن َغْيَر ُمَس اِفِح يَن َفَم ا اْسَتْم َتْع ُتم ِبِه ِم ْنُهَّن‬
‫َفآُتوُهَّن ُأُجوَر ُهَّن َفِر يَض ًة}الّنساء‪.24‬‬
‫فـ "الميم والتاء والعين أصل صحيح يدّل على منفعة وامتداد مدة في خير‪ .‬منه استمتعت‬
‫بالشيء‪ ،‬والمتعة والمتاع‪ :‬المنفعة"(‪ .)lxxxix‬ويقال‪ :‬تمتعت بكذا واستمتعت به بمعنى‪ ،‬واالسم المتعة‬
‫ومنه متعة النكاح والطالق ومتعة الحج؛ ألّنه انتفاع(‪ )xc‬واآلية صريحة في أَّن الـُم ستمتع بهن الّنساء‪،‬‬
‫وعند االستمتاع ينبغي للرجال إعطاء المهور‪ ،‬وبناء على هذا نشأ الخالف بين العلماء‪ ،‬إْذ ذهب عدد‬
‫منهم إلى أَّن المراد باالستمتاع هنا درك البغية وقضاء الوطر من اللذة‪ ،‬وهذا قول الحسن ومجاهد‬
‫وابن زيد والسدي‪ .‬وعلى هذا يكون المعنى فما استمتعتم أو تلذذتم من الّنساء بالنكاح فاتوهن‬
‫مهورهن(‪ ،)xci‬وهذا ما أّيده الزّجاج(‪.)xcii‬‬
‫وذهب عدد منهم إلى أّن المراد في االستمتاع هو نكاح المتعة‪ ،‬وهو النكاح المنعقد بمهر معين‬
‫الى أجل معلوم‪ ،‬ودليلهم على ذلك أن لفظ االستمتاع‪ ،‬والتمتع وإْن كان في األصل واقعًا على‬
‫االنتفاع وااللتذاذ فقد صار بعرف الشرع مخصوصًا بهذا العقد المعين السيما إذا أضيف إلى الّنساء‬
‫فعلى هذا يكون معناه فمتى عقدتم عليهن هذا العقد المسمى متعة فأتوهّن أُجورهّن ‪ ،‬والدليل على ذلك‬
‫أَّن هللا عّلق وجوب إعطاء المهر باالستمتاع‪ ،‬وذلك يقتضي أْن يكون معناه هذا العقد المخصوص‬
‫دون الجماع واالستلذاذ ألّن المهر ال يجب إّال به(‪ ،)xciii‬فضًال عن ذلك ورود قراءة تؤّيد هذا‬
‫الكالم(‪ )xciv‬وهي (َفَم ا اْسَتْم َتْع ُتم ِبِه ِم ْنُهَّن إلى َأَج ٍل ُمَسّم ى) وقد نّص عليها الزمخشري بقوله‪" :‬وعن‬
‫ابن عباس‪ ..‬كان يقرأ‪َ :‬فَم ا اْسَتْم َتْع ُتم ِبِه ِم ْنُهَّن إلى َأَج ٍل ُمَسّم ى "(‪.)xcv‬‬
‫يتحصل من ذلك أَّن اآلية نزلت في نكاح المتعة وان محاولة صرفها إلى النكاح الدائم تصادم‬
‫مدلولها‪ ،‬وتخالف النصوص الصريحة في نزولها في المتعة(‪.)xcvi‬‬

‫‪ )?(lxxxviii‬لم ترد بهذا المعنى إّال في الّن ساء آية ‪.24‬‬


‫‪ )?(lxxxix‬مقاييس اللغة ‪.293 /5‬‬
‫‪ )?(xc‬ينظر‪ :‬الصحاح ‪.158 /2‬‬
‫‪ )?(xci‬ينظر‪ :‬مجمع البيان ‪ ،51 /3‬والتبيان في تفسير القرآن ‪ ،165 /3‬والبحر المحيط ‪.225 /3‬‬
‫‪ )?(xcii‬ينظر‪ :‬معاني القرآن واعرابه للزّج اج ‪.31 /2‬‬
‫‪ )?(xciii‬ينظر‪ :‬مجمع البيان في تفسير القرآن ‪.51 /3‬‬
‫‪ )?(xciv‬ينظر‪ :‬من فقه الجنس ‪.138‬‬
‫‪ )?(xcv‬الكشاف‪.530 /1 :‬‬
‫‪ )?(xcvi‬ينظر‪ :‬من فقه الجنس ‪.139‬‬

‫‪16‬‬
‫ومهما يكن من أمر فان لفظة (االستمتاع) في اآلية ال تخلو من الداللة على التمتع بالمرأة‪،‬‬
‫وااللتذاذ بها سواء كان المراد باآلية النكاح الدائم أم المؤقت‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ الداللة على السيادة والقوة‪:‬‬


‫إَّن المواقف التي يمر بها الّز وجان في حياتهما الّز وجية كثيرة‪،‬منها ما يستدعي إظهار سيادة‬
‫الّرجل على المرأة‪،‬وبيان لقوامته عليها في سياق يعّضد ذلك‪،‬وخير ما يعّبر عن تلك السيادة هي‬
‫لفظة (بعل)‪،‬فقد وردت مفردة في ثالثة مواضع في القرآن في سورة الصافات آية (‪ )125‬وفي‬
‫سورة الّنساء آية (‪،)128‬وفي سورة هود(‪.)72‬وجاءت جمعًا في أربعة مواضع‪،‬مرة واحدة في‬
‫سورة البقرة آية (‪،)228‬وثالث مرات في سورة النور آية (‪.)xcvii()31‬‬
‫والبعل في اللغة‪ :‬الّز وج‪ ،‬يقال‪َ :‬بَعَل َيبعُل بعًال فهو مستبعل وامرأة مستبعل إذا كانت تحظى عند‬
‫زوجها‪ ،‬وامرأة حسنة البِـعال والمباعلة والتبعل‪ ،‬إذا كانت حسنة الطاعة لزوجها وفي الحديث "إنها‬
‫أياُم ُنعٍم وُظعم وبعال"(‪.)xcviii‬‬
‫وبعل الشيء‪ :‬رّبه ومالكه‪ ،‬وقال بعض أهل التفسير في قوله عّز وجّل‪َ{ :‬أَتْدُع وَن َبْع ًال َو َتَذ ُروَن‬
‫َأْح َس َن اْلَخاِلِقيَن }الصافات‪، 125‬أي‪ :‬ربًا‪ .‬قال ابن عباس‪ :‬لم أدِر ما البعل في القرآن حتى رأيت‬
‫أعرابيًا‪ ،‬فقلت‪ :‬لمن هذه الناقة‪ ،‬فقال‪ :‬أنا بعُلها‪ ،‬أي‪ :‬رُّبها(‪.)xcix‬‬
‫والبعل‪ :‬أرض مرتفعة ال يصيبها مطر إّال مرة في السنة‪ .‬ويقال‪ :‬الَبْعُل من األرض التي ال‬
‫يبلغها الماء إْن سيق إليها الرتفاعها‪ ،‬ورجل َبعل‪ ،‬وقد َبعل َيبعُل بعًال اذا كان يصير عند الحرب‬
‫كالمبهوت من الفرق والدهش‪ ،‬وامرأة بعلة ال تحسن لبس الثياب‪ ،‬والبعل من النخل‪ ،‬ما شرب‬
‫بعروقه من غير سقي سماء‪ ،‬وال غيرها(‪.)c‬‬
‫أَّم ا الراغب االصفهاني فاّنه يرى أَّن أصل لفظة بعل هو‪ :‬الذكر من الّز وجين‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪:‬‬
‫{ َو َهـَذ ا َبْع ِلي َش ْيخًا }(هود ‪.)72‬وجمعه (بعولة) قال تعالى‪َ {:‬و ُبُعوَلُتُهَّن َأَح ُّق ِبَر ِّد ِهَّن }البقرة‬
‫‪. 228‬ولما ُتصور من الّرجل االستعالء على المرأة فُجعل سائسها والقائم عليها ُسمي باسمه كل‬
‫مستعٍل على غيره‪ .‬أي‪ :‬أّنه حمل المعاني األخرى على هذا المعنى‪ ،‬وهو استعالء الّرجل على المرأة‬
‫فسمى العرب معبودهم الذي يتقربون به الى هللا بعًال العتقادهم ذلك فيه‪ ،‬ويقال‪ :‬أتانا بعل هذه الدابة‪،‬‬
‫أي‪ :‬المستعلي عليها‪ .‬وقيل‪ :‬لألرض المستعلية على غيرها‪ :‬بعل‪ ،‬ولفحل النخل بعل؛ تشبيهًا بالبعل‬

‫‪ )?(xcvii‬ينظر‪ :‬المعجم المفهرس أللفاظ القران الكريم ‪.131‬‬


‫‪ )?(xcviii‬ينظر‪ :‬العين‪ ،‬مادة (بعل) ‪ .149 /2‬وجمهرة اللغة‪ ،‬مادة (بعل) ‪.392 /1‬‬
‫‪ )?(xcix‬ينظر‪ :‬جمهرة اللغة‪ ،‬مادة (بعل) ‪.392 /1‬‬
‫‪ )?(c‬ينظر‪ :‬العين ‪،‬مادة (بعل) ‪.149 /2‬‬

‫‪17‬‬
‫من الرجال‪ ،‬ولما كانت وطأة العالي على المستولي عليه مستثقلة في النفس‪ ،‬قيل‪ :‬أصبح فالن بعًال‬
‫على أهله‪ ،‬أي‪ :‬ثقيال لعلوه عليهم‪ ،‬وُبني من لفظ البعل المباعلة‪ ،‬والبِـعال كناية عن الجماع(‪.)ci‬‬
‫وهذا ما ذكره المفسرون أيضًا‪ ،‬إْذ حملوا معاني لفظة (بعل) على األصل وهو الذكر من‬
‫الّز وجين‪ ،‬فقد استشعر منه معنى االستعالء‪ ،‬والقوة‪ ،‬والثبات في الشدائد‪ .‬فالّرجل كذلك بالنسبة إلى‬
‫المرأة‪ ،‬ثم جعل أصًال يشتق منه األلفاظ بهذا المعنى‪ ،‬فقيل لراكب الدابة‪ :‬بعلها‪ ،‬ولألرض المستعلية‬
‫بعل‪ ،‬وكذلك الصنم‪ ،‬والنخل إذا عظم ونحو ذلك(‪ )cii‬غير أّن ابن عاشور انماز عن غيره إْذ ذكر‬
‫تاريخ هذه اللفظة وتأثرها باألنظمة االجتماعية‪ ،‬فهي كلمة سامية قديمة‪ ،‬فقد سّم ى الكنعانيون‬
‫معبودهم بعًال‪ ،‬قال تعالى‪َ{ :‬أَتْدُع وَن َبْع ًال َو َتَذ ُروَن َأْح َس َن اْلَخاِلِقيَن }الصافات‪، 125‬وسّم ي به‬
‫الّز وج؛ ألّنه مالك أمر عصمة الّز وجة؛ وألّن الّز وج كان ُيعد مالكًا للمرأة وسيدًا لها‪ ،‬فكان حقيقًا بهذا‬
‫االسم ثم لما ارتقى نظام العائلة من عهد إبراهيم (عليه السالم) فما بعده من الشرائع‪ ،‬أخذ معنى‬
‫الملك في الّز وجية يضعف‪ ،‬فأطلق العرب لفظ الّز وج على كل من الّرجل والمرأة‪،‬وقد عّبر القرآن‬
‫بهذا االسم في أغلب المواضع غير التي حكى فيها أحوال األمم الماضية كقوله‪َ { :‬و َهـَذ ا َبْع ِلي‬
‫َش ْيخًا} (هود ‪.)72‬‬
‫وغير المواضع التي أشار فيها إلى التذكير بما للّز وج من سيادة نحو قوله تعالى‪َ {:‬و ِإِن اْمَر َأٌة‬
‫َخ اَفْت ِم ن َبْع ِلَها ُنُش وزًا َأْو ِإْع َر اضًا َفَال ُج َنْاَح َع َلْيِهَم ا َأن ُيْص ِلَح ا َبْيَنُهَم ا }الّنساء‪ 128‬وكذلك قوله‬
‫تعالى‪َ{ :‬و اْلُم َطَّلَقاُت َيَتَر َّبْص َن ِبَأنُفِس ِهَّن َثَالَثَة ُقُر َو ٍء َو َال َيِح ُّل َلُهَّن َأن َيْك ُتْم َن َم ا َخ َلَق ُهّللا ِفي َأْر َح اِم ِهَّن‬
‫ِإن ُك َّن ُيْؤ ِم َّن ِباِهّلل َو اْلَيْو ِم اآلِخ ِر َو ُبُعوَلُتُهَّن َأَح ُّق ِبَر ِّد ِهَّن ِفي َذ ِلَك ِإْن َأَر اُد وْا ِإْص َالحًا}(البقرة ‪.)228‬‬
‫وهاته اآلية كذلك؛ ألّنه لما جعل حق الرجعة جبرًا على المرأة ذّك ر المرأة بأّنه بعلها قديمًا(‪.)ciii‬‬
‫وفي اختيار البعولة هنا إشارة إلى أّن أصل الرجعة بالمجامعة(‪)civ‬؛ "ألّن الّرجل ال يكون بعال‬
‫للمرأة حتى يدخل بها"(‪ ،)cv‬فضال عن أّن هذه اللفظة يستشعر منها االستعالء والقوة والثبات في‬
‫الشدائد(‪ )cvi‬فكان اختيارها دقيقا في هذا الموضع‪.‬‬
‫والبعولة جمع بعل‪ ،‬زيدت التاء لتأنيث الجمع‪ ،‬ويجوز أْن يراد بالبعولة المصدر من قولك‪ :‬بعل‬
‫حسن البعولة‪ ،‬يعني أهل بعولتهن(‪.)cvii‬‬

‫‪ )?(ci‬ينظر‪ :‬المفردات في غريب القرآن ‪ 64‬ـ ‪.65‬‬


‫‪ )?(cii‬ينظر‪ :‬الميزان في تفسير القرآن ‪ ،235 /2‬والتحرير والتنوير ‪ ،321 /2‬واللباب في علوم الكتاب ‪.122 /4‬‬
‫‪ )?(ciii‬ينظر‪ :‬التحرير والتنوير ‪.321 /2‬‬
‫‪ )?(civ‬ينظر‪ :‬روح المعاني ‪.729 /2‬‬
‫‪ )?(cv‬الفروق اللغوية ‪.283‬‬
‫‪ )?(cvi‬ينظر‪ :‬الميزان في تفسير القرآن ‪.235 /2‬‬
‫‪ )?(cvii‬ينظر‪ :‬الكشاف ‪.300 /1‬‬

‫‪18‬‬
‫وقد يستعمل القرآن الظرف للداللة على تدني منزلة المرأة بالنسبة للرجل وذلك في قوله تعالى‪:‬‬
‫{َض َرَب ُهَّللا َم َثًال ِّلَّلِذ يَن َكَفُروا ِاْمَر َأَة ُنوٍح َو ِاْمَر َأَة ُلوٍط َك اَنَتا َتْح َت َع ْبَد ْيِن ِم ْن ِعَباِد َنا َص اِلَح ْيِن‬
‫َفَخاَنَتاُهَم ا َفَلْم ُيْغ ِنَيا َع ْنُهَم ا ِم َن ِهَّللا َش ْيئًا َو ِقيَل اْد ُخ اَل الَّناَر َم َع الَّد اِخِليَن َو َضَر َب ُهَّللا َم َثًال ِّلَّلِذ يَن آَم ُنوا‬
‫ِاْمَر َأَة ِفْر َعْو َن ِإْذ َقاَلْت َر ِّب اْبِن ِلي ِع نَدَك َبْيتًا ِفي اْلَج َّنِة َو َنِّج ِني ِم ن ِفْر َعْو َن َو َع َم ِلِه }التحريم‪11_10‬‬
‫فالظرف (تحت)(‪ )cviii‬هو أحد الجهات الست المحكية بالجرم تكون مرة ظرفًا‪ ،‬ومرة اسمًا‪ ،‬وهي‬
‫نقيض فوق‪ .‬والُتحوت هم الذين كانوا تحت أقدام الناس ال ُيشعر بهم‪ ،‬وال يؤبه لهم؛ لحقارتهم وهم‬
‫السفلة‪ ،‬واألراذل وفي الحديث‪ :‬ال تقوم الساعة حتى يظهر التحوت ويهلك الوعول وهم‬
‫األشراف(‪.)cix‬‬
‫وقد ذكر المفسرون في قوله تعالى " َتْح َت َع ْبَد ْيِن " أَّن المراد به كانت في عصمتهما(‪ ،)cx‬ولم‬
‫يأت بضميرهما للداللة على تعظيم شأن النبيين نوح ولوط وتشريفهما بهذه اإلضافة الشريفة‪،‬‬
‫وليصفهما بأحسن الصفات وهو الصالح(‪ .)cxi‬أّم ا الشريف الرضي فقد كان دقيقًا في بيان داللة تحت‬
‫إْذ يرى أنها استعارة؛ ألن وصف المرأة بأّنها تحت الّر جل ليس يراد به حقيقة التحت‪ ،‬وإّنما المراد‬
‫أّن منزلة المرأة منخفضة عن منزلة الّر جل‪ ،‬بقيامه عليها‪ ،‬وغلبته على أمرها كما يقول القائل‪ :‬فالن‬
‫الجندي تحت يدي فالن األمير إذا كان من شحنه عمله‪ ،‬أو متصرفًا على أمره(‪.)cxii‬‬
‫وهذا رأي راجح غير أّنه ليس مطلقًا‪ ،‬بل مقيدًا في هذا الموضع؛ ألّن هاتين المرأتين منزلتهما‬
‫متدنية بسبب الخيانة‪ ،‬والدليل على ذلك أَّن القرآن لم يجعل زوجة فرعون تحته‪ ،‬بل قال امرأْت‬
‫فرعون؛ وذلك ألّنها مؤمنة‪ ،‬وزوجها كافر‪.‬‬

‫‪ 9‬ـ الداللة على بلوغ الحاجة‪:‬‬


‫قد يصل الّر جل في عالقته مع المرأة الى بلوغ منتهى حاجته منها‪ ،‬فال يستطيع حينئٍذ االستمرار‬
‫معها في الحياة الّز وجية‪ ،‬وهذا ما عّبر عنه القرآن الكريم في لفظة (وطر)(‪ )cxiii‬التي جاءت في‬
‫تركيب اقتضى هذه الداللة‪ ،‬وذلك في قوله تعالى‪َ { :‬فَلَّم ا َقَض ى َزْيٌد ِّم ْنَها َو َطرًا َز َّو ْج َناَك َها ِلَك ْي اَل‬
‫َيُك وَن َع َلى اْلُم ْؤ ِمِنيَن َحَر ٌج ِفي َأْز َو اِج َأْد ِعَياِئِهْم ِإَذ ا َقَض ْو ا ِم ْنُهَّن َو َطرًا َو َك اَن َأْم ُر ِهَّللا‬
‫َم ْفُعوًال }األحزاب‪37‬‬

‫‪ )?(cviii‬لم يرد بهذا المعنى إّال في اآلية السابقة‪.‬‬

‫‪ )?(cix‬ينظر‪ :‬العين ‪ ،166 /1‬والكتاب ‪ ،238 /1‬ولسان العرب ‪.595 /1‬‬


‫‪ )?(cx‬ينظر‪ :‬التحرير والتنوير ‪ ،26 /13‬وروح المعاني ‪.477 /28‬‬
‫‪ )?(cxi‬ينظر‪ :‬روح المعاني ‪ ،477 /28‬واللباب في علوم الكتاب ‪.215 /19‬‬
‫‪ )?(cxii‬ينظر‪ :‬تلخيص البيان في مجازات القرآن ‪.338‬‬
‫‪ )?(cxiii‬لم ترد في القرآن إاّل مرة واحدة في األحزاب ‪.37‬‬

‫‪19‬‬
‫والوطر‪ :‬كل حاجة كان لصاحبها فيها همه فهي وطُره‪ ،‬أو هي الَّنهمُة‪ ،‬والحاجة المهمة‪ ،‬يقال‪:‬‬
‫قضيت وطري‪ ،‬أي؛ حاجتي‪ ،‬وجمع الوطر‪ :‬أوطار(‪.)cxiv‬‬
‫وقد نقل أغلب العلماء ما ذكره الخليل عن معنى الوطر‪ ،‬إْذ ذكر الزجاج أّن قوله تعالى‪َ {:‬فَلَّم ا‬
‫َقَض ى َزْيٌد ِّم ْنَها َو َطرًا } أي‪ :‬فلّم ا طلقها زيد‪ ،‬ثم بّين أّن الوطر واألرب بمعنى واحد‪ ،‬مستعينًا برأي‬
‫الخليل إْذ ذكر أّن الوطر كل حاجة يكون لك فيها همة‪ ،‬فإذا بلغها البالغ قيل قد قضى وطره وأربه‪،‬‬
‫أي‪ :‬بلغ مراده منها(‪ ،)cxv‬وهذا ما ذكره النحاس والزمخشري(‪ ،)cxvi‬إْذ بّين األخير المعنى العام‬
‫للتركيب‪ ،‬وهو أَّن زيدًا لم يبق لزوجته في نفسه حاجة فيها‪ ،‬فتقاصرت عنها همته‪ ،‬وطابت نفسه‪،‬‬
‫فطلقها‪ ،‬وانقضت عدتها(‪ ،)cxvii‬وذهب بعض العلماء أَّن قضاء الوطر كناية عن الطالق‪ ،‬كأّنه يقول‬
‫لها‪ :‬ال حاجة لي فيك(‪.)cxviii‬‬
‫وفي قوله تعالى { ِلَك ْي اَل َيُك وَن َع َلى اْلُم ْؤ ِمِنيَن َحَر ٌج ِفي َأْز َو اِج َأْد ِعَياِئِهْم ِإَذ ا َقَض ْو ا ِم ْنُهَّن َو َطرًا‬
‫َو َك اَن َأْم ُر ِهَّللا َم ْفُعوًال }األحزاب‪ ،37‬يرى النحاس أَّن هذا إخبار بالعلة التي من أجلها كان من أمر‬
‫زيد ما كان‪ ،‬إْذ زّو ج هللا سبحانه زينب‪ ،‬وهي زوجة زيد لرسول هللا (صلى هللا عليه وآله وسلم)؛‬
‫(‪cxix‬‬
‫لئال يتوهم أّن تحريم التبني كتحريم الوالدة كما كانت الجاهلية تقول‬

‫‪ 10‬ـ الداللة على تأكيد االعتزال‪:‬‬


‫حّر م القرآن مجامعة المرأة في أيام حيضها فأمر باعتزالها‪ ،‬أي‪ :‬تجنب عمالتها بالبدن(‪،)cxx‬‬
‫وحتى يؤكد هذا األمر جاء بلفظة تناسب ذلك االعتزال وهي (القرب)(‪ )cxxi‬وذلك في قوله تعالى‪:‬‬
‫{َو َيْس َأُلوَنَك َع ِن اْلَم ِح يِض ُقْل ُهَو َأًذ ى َفاْعَتِز ُلوْا الّنساء ِفي اْلَم ِح يِض َو َال َتْقَر ُبوُهَّن َح َّتَى َيْطُهْر َن َفِإَذ ا‬
‫َتَطَّهْر َن َفْأُتوُهَّن ِم ْن َح ْيُث َأَم َر ُك ُم ُهّللا ِإَّن َهّللا ُيِح ُّب الَّتَّو اِبيَن َو ُيِح ُّب اْلُم َتَطِّهِر يَن }البقرة‪. 222‬والقرُب‬
‫ضد البعد‪ ،‬واالقتراب‪ :‬الدنو‪ ،‬والتقُّر ُب ‪ :‬التدني والتواصل بحق أو قرابة‪ ،‬وَقَرَب فالن أهله‪ ،‬أي‪:‬‬
‫غشيها قربانا"(‪ .)cxxii‬والتقرب يكون في المكان والزمان والنسبة والخطوة والرعاية والقدرة‪ ،‬والشك‬
‫أَّن المراد في اآلية هو التقرب في المكان(‪ .)cxxiii‬والمكان المقصود هو مكان نزول الحيض‪ ،‬فقد‬
‫روى أَّن اليهود كانوا اذا حاضت المرأة أخرجوها من البيت‪ ،‬فلم يؤاكلوها‪ ،‬ولم يشاربوها‪ ،‬ولم‬
‫يجامعوها في بيت فسئل النبي (صلى هللا عليه وآله وسلم) عن ذلك فانزل هللا هذه اآلية فقال رسول‬
‫هللا (صلى هللا عليه وآله وسلم) جامعوهن في البيوت‪ ،‬واصنعوا كل شيء إّال النكاح‪ ،‬فتبين بهذا‬

‫‪ )?(cxiv‬ينظر‪ :‬العين مادة (وطر) ‪ .446 /7‬والمفردات في غريب القرآن ‪.541‬‬


‫‪ )?(cxv‬ينظر‪ :‬معاني القرآن وإعرابه للزجاج ‪ 173 /4‬ـ ‪.174‬‬
‫‪ )?(cxvi‬ينظر‪ :‬معاني القرآن‪ ،‬النّحاس ‪ .963 /2‬والكشاف ‪.552 /3‬‬
‫‪ )?(cxvii‬ينظر‪ :‬الكشاف ‪.552 /3‬‬
‫‪ )?(cxviii‬ينظر‪ :‬إرشاد العقل السليم ‪ ،420 /4‬وزاد المسير‪5/137‬‬
‫‪ )?(cxix‬ينظر‪ :‬معاني القرآن‪ ،‬النّح اس ‪.963 /2‬‬

‫‪20‬‬
‫الحديث أَّن المعنى‪ :‬فاعتزلوهن في الجماع فقط(‪ .)cxxiv‬فأمر أوًال باالعتزال وهو تجنب "المخالطة‬
‫والمعاشرة‪ ،‬يقال‪ :‬عزلت نصيبه اذا ميزته ووضعته في جانب بالتفريق بينه وبين سائر‬
‫األنصباء"(‪ .)cxxv‬ثم أعقبه بالنهي عن قربان الّنساء أي مجامعتهن‪ ،‬فجيء بهذه اللفظة تأكيدًا‬
‫لالعتزال؛ ألّن النهي عن القرب مقارب لمعنى االعتزال وهو التجنب والبعد‪.‬‬
‫قال ابن عاشور "جاء النهي عن قربانهن تأكيدًا لألمر باعتزالهن وتنبيهًا للمراد من االعتزال‪،‬‬
‫وإّنه ليس التباعد عن األزواج باألبدان كما كان عند اليهود بل هو عدم القربان‪ ،‬فكان مقتضى‬
‫الظاهر أْن تكون جملة "وال تقربوهن" مفصولة بدون عطف‪ ،‬ألّنها مؤكدة لمضمون جملة‬
‫"فاعتزلوا الّنساء في المحيض" ومبينة لالعتزال وكال األمرين يقتضي الفصل‪ ،‬ولكن خولف‬

‫‪ )?(cxxvi‬ينظر‪ :‬التحرير والتنوير ‪.299 /2‬‬

‫المصادر والمراجع‪:‬‬

‫‪ ‬إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم‪ :‬محمد بن محمد العمادي أبو السعود (ت‪982‬‬
‫هـ )‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد القادر أحمد عطا‪ ،‬الناشر مكتبة الرياض الحديثة‪،‬الرياض‪،‬مطبعة السعادة‪،‬‬
‫القاهرة ‪.‬‬
‫‪ ‬أساس البالغة‪ :‬جار اهلل أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري(ت‪538‬هـ)‪ ،‬قراءة وضبط‬
‫وشرح د‪ .‬محمد نبيل طريفي‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪1430 ،‬هـ ـ ‪2009‬م‪.‬‬
‫‪ ‬اإلعجاز البياني للقرآن‪ :‬د‪ .‬عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ)‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫‪ ‬إعراب القرآن‪ :‬أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النّحاس (ت ‪338‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪.‬‬
‫زهير غازي زاهد‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬مكتبة النهضة العربية‪ ،‬بيروت ط‪.1985 ،2‬‬
‫‪ ‬البحر المحيط‪ :‬أبو حيان األندلسي (ت ‪745‬هـ) تحقيق‪ :‬الشيخ عادل أحمد والشيخ علي‬
‫محمد معوض‪ ،‬والدكتور عبد المجيد النوني‪ ،‬والدكتور أحمد النجولي الجمل‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2007 ،2‬م‪.‬‬
‫‪ ‬البالغة العربية أساسها وعلومها وفنونها‪ :‬عبد الرحمن حسن حبنكه الميداني‪ ،‬دار القلم‪،‬‬
‫دمشق ـ الدار الشامية بيروت‪ ،‬ط‪1416 ،1‬هـ ـ ‪1996‬م‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ما يريده الّرجل من المرأة‪ ،‬وكأّنها مقدمة لما بعدها‪ ،‬ثم اللباس وهي لفظة تجمع معاني عدة‬
‫من عناق‪ ،‬واختالط‪ ،‬واتصال واشتمال ‪،‬وستر حتى ينتهي األمر بالمباشرة‪ ،‬وهي النكاح‪.‬‬
‫‪ .3‬اختلف المفسرون في المراد بـ (النكاح) هل هو العقد أم الوطء‪ ،‬والراجح هو العقد‪ ،‬والدليل‬
‫على ذلك أّن جميع اآليات التي وردت فيها لفظة (النكاح) لم تكن في إطار تعليمي‪ ،‬أو تأديبي‬
‫بل كانت آيات تشريعية ال تخلو من أمر أو نهي أو رغبة في تزويج البنت‪ ،‬كقول شعيب‬
‫لموسى (عليهما السالم)‪َ{ :‬قاَل ِإِّني ُأِر يُد َأْن ُأنِكَح َك ِإْح َدى اْبَنَتَّي َهاَتْيِن َع َلى َأن َتْأُج َرِني َثَم اِنَي‬
‫ِح َج ٍج َفِإْن َأْتَم ْم َت َع ْش رًا َفِم ْن ِع نِد َك َو َم ا ُأِر يُد َأْن َأُش َّق َع َلْيَك َس َتِج ُد ِني ِإن َش اء ُهَّللا ِم َن‬
‫الَّصاِلِح يَن }القصص‪.27‬‬

‫‪ ‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ :‬محمد مرتضى الزبيدي (ت ‪1205‬هـ)‪ ،‬اعتنى به ووضع‬
‫حواشيه‪ :‬د‪ .‬عبد المنعم خليل إبراهيم واألستاذ كريم سيد محمد محمود‪ .‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪1428 ،1‬هـ ـ ‪2007‬م‪.‬‬
‫‪ ‬التبيان في تفسير القرآن‪ :‬أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي(ت‪ 460‬هـ ) ‪ ،‬تحقيق ‪:‬أحمد‬
‫حبيب قصير العاملي ‪،‬مطبعة مكتب اإلعالم اإلسالمي ‪،‬ط‪ 1،1409‬هـ ‪.‬‬
‫‪ ‬التحرير والتنوير‪ :‬ابن عاشور محمد الطاهر‪1972 ،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬تفسير البيضاوي‪ :‬ناصر الدين أبي سعيد عبد اهلل بن عمر بن محمد الشيرازي البيضاوي‪،‬‬
‫منشورات مؤسسة األعلمي للمطبوعات‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪1410 ،‬هـ ـ ‪1990‬م‪.‬‬
‫‪ ‬التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب ‪ :‬فخر الدين الرازي(ت‪606‬هـ)‪،‬دار الكتب العلمية ‪،‬بيروت ‪،‬‬
‫‪ 1421‬هـ ـ ‪200‬م ‪.‬‬
‫‪ ‬تلخيص البيان في مجازات القرآن‪ ،‬الشريف الرضي (ت ‪ 406‬هـ)‪ ،‬تحقيق محمد عبد الغني‬
‫حسن‪ ،‬دار األضواء‪ ،‬ط‪ ،2‬بيروت‪1406 ،‬هـ‪1986 /‬م‪.‬‬
‫‪ ‬جامع البيان عن تأويل أي القرآن‪ :‬أبو جعفر محمد الطبري (ت ‪310‬هـ)‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪2005 ،9‬م‪.‬‬
‫‪ ‬الجامع ألحكام القرآن‪ :‬أبو عبد اهلل محمد بن أحمد بن بكر األنصاري القرطبي (ت ‪671‬هـ)‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬الشيخ محمد البيومي واألستاذ عبد اهلل المنشاوي‪ ،‬مكتبة جزيرة الورد‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫ومكتبة اإليمان المنصورة‪ ،‬ط‪2002 ،6‬م‪.‬‬
‫‪ ‬جمهرة اللغة‪ :‬ابن دريد األزدي (ت ‪321‬هـ)‪ ،‬عّلق عليه ووضع حواشيه إبراهيم شمس الدين‪،‬‬
‫منشورات محمد علي بيضون‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2005 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ ‬الحّجة للقّراء السبعة‪ :‬أبو علي الحسن بن عبد الغّفار الفارسي (ت ‪377‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬بدر‬
‫الدين قهوجي‪ ،‬وبشير جويجاني‪ ،‬دار المأمون للتراث‪ ،‬دمشق‪ ،‬بيروت‪1404 ،‬هـ‪1984 /‬م‪.‬‬
‫‪ ‬ديوان العجاج (عبد اهلل بن رؤبة)‪ :‬رواية عبد الملك بن قريب وشرحه ‪،‬تحقيق‪ :‬عبد الحفيظ‬
‫السليطي ‪،‬مكتبة األندلس ‪،‬دمشق ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ .4‬ذكر الشريف الرضي أّن قوله تعالى‪ {:‬كاَنَتا َتْح َت َع ْبَد ْيِن } استعارة؛ ألّن وصف المرأة بأّنها‬
‫تحت الّر جل ليس يراد به حقيقة التحت‪،‬بل المراد أَّن منزلة المرأة منخفضة عن منزلة الّرجل‬
‫لقيامه عليها‪ ،‬وغلبته على أمرها‪ ،‬ونرى أّن هذا الكالم ليس مطلقًا‪ ،‬بل مقيدا في هذا‬
‫الموضع؛ ألّن هاتين المرأتين منزلتهما متدنية بسبب الخيانة‪،‬والدليل على ذلك أَّن القرآن لم‬
‫يجعل زوجة فرعون تحته‪ ،‬بل قال‪ :‬امرأة فرعون‪،‬وذلك؛ألّنها مؤمنة وزوجها كافر‪،‬قال‬
‫تعالى‪َ{:‬ض َرَب ُهَّللا َم َثًال ِّلَّلِذ يَن َكَفُروا ِاْمَر َأَة ُنوٍح َو ِاْمَر َأَة ُلوٍط َك اَنَتا َتْح َت َع ْبَد ْيِن ِم ْن ِعَباِد َنا‬
‫َص اِلَح ْيِن َفَخ اَنَتاُهَم ا َفَلْم ُيْغ ِنَيا َع ْنُهَم ا ِم َن ِهَّللا َش ْيئًا َو ِقيَل اْد ُخ اَل الَّناَر َم َع الَّد اِخِليَن َو َض َرَب ُهَّللا‬

‫‪ ‬روح المعاني‪ :‬ألبي الفضل شهاب الدين السيد محمود اآللوسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬السيد محمد السيد‪،‬‬
‫وسيد إبراهيم عمران‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪1426 ،‬هـ ـ ‪2005‬م‪.‬‬
‫‪ ‬زاد المسير‪ :‬عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (ت ‪597‬هـ)‪ ،‬المكتبة اإلسالمية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪1404 ،3‬هـ‪.‬‬
‫‪ ‬السبعة في القراءات‪ :‬ابن مجاهد (ت ‪324‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬شوقي ضيف‪ ،‬دار المعارف‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬ط‪.3‬‬
‫‪ ‬شعر النابغة الجعدي(قيس بن عبد اهلل ) تحقيق‪ :‬عبد العزيز رباح ‪،‬المكتب اإلسالمي‪،‬ط‪،1‬‬
‫‪1964‬م ‪.‬‬
‫‪ ‬الصحاح‪ :‬وتاج اللغة وصحاح العربية‪ :‬إسماعيل بن حماد الجوهري‪،‬تحقيق‪:‬أحمد عبد الغفور‬
‫عطار‪،‬دار العلم للماليين‪،‬بيروت‪،‬ط‪1990، 4‬م ‪.‬‬
‫د‪.‬‬ ‫‪ ‬العين‪ :‬الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت‪175‬هـ )‪،‬تحقيق ‪ :‬د‪.‬مهدي المخزومي ‪،‬‬
‫إبراهيم السامرائي ‪ ،‬دار ومكتبة الهالل‪،‬سلسلة المعاجم والفهارس ‪.‬‬
‫‪ ‬الفروق اللغوية‪ :‬أبو هالل العسكري ‪،‬تحقيق‪ :‬محمد إبراهيم سليم ‪،‬دار العلم والثقافة‬
‫‪،‬القاهرة ‪.‬‬
‫‪ ‬في ظالل القرآن‪ :‬سّيد قطب‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1425 ،34‬هـ ـ ‪2004‬م‪.‬‬
‫‪ ‬الكتاب‪ :‬سيبويه (ت ‪180‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬دار القلم‪ ،‬بيروت‪1966 ،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل في وجوه التأويل‪ ،‬أبو القاسم محمود بن عمر‬
‫الزمخشري (ت ‪538‬هـ)‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ ‬الكليات‪ :‬أبو البقاء الكفوي‪ ،‬ط‪.2‬‬
‫‪ ‬اللباب في علوم الكتاب‪ :‬عمر بن عادل الدمشقي (ت بعد‪ 880‬هـ )‪ ،‬تحقيق‪ :‬عادل أحمد عبد‬
‫الموجود والشيخ علي محمد معوض‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2006 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ ‬لسان العرب‪ :‬ابن منظور( ت‪711‬هـ)‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪1422 ،‬هـ‪2002 /‬م‪.‬‬
‫‪ ‬مجمع البيان في تفسير القرآن‪ :‬أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي‪ ،‬مؤسسة التاريخ‬
‫العربي‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ط‪1429 ،1‬هـ ـ ‪2008‬م‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫َم َثًال ِّلَّلِذ يَن آَم ُنوا ِاْمَر َأَة ِفْر َعْو َن ِإْذ َقاَلْت َر ِّب اْبِن ِلي ِع نَدَك َبْيتًا ِفي اْلَج َّنِة َو َنِّج ِني ِم ن ِفْر َعْو َن‬
‫َو َع َم ِلِه }التحريم‪10‬ـ‪11‬‬
‫ْأ‬
‫‪ .5‬اختلف المفسرون في المراد باإلفضاء في قوله تعالى‪َ{ :‬و َك ْيَف َت ُخ ُذ وَنُه َو َقْد َأْفَض ى َبْعُض ُك ْم‬
‫ِإَلى َبْع ٍض َو َأَخ ْذ َن ِم نُك م ِّم يَثاقًا َغ ِليظًا }الّنساء‪ ،21‬وكانوا على رأيين‪ ،‬األول‪ :‬هو كناية عن‬
‫الجماع‪ ،‬الثاني‪ :‬هو الخلوة وإْن لم يجامع‪ ،‬والراجح أَّن كال المعنيين مراد؛ ألّنه ال امتزاج‬
‫واختالط يحدث ما لم يتم الوصول‪ ،‬كذلك إذا حصل الوصول‪ ،‬واالتصال البد أْن يكون‬
‫امتزاج بين الّز وجين‪.‬‬
‫‪ .6‬يرى أبو السعود أَّن مفهوم (الّز وج) ليس فيه اعتبار التوالد الذي هو مدار بقاء النوع حتى ال‬
‫يصح إطالقه على أزواج أهل الجنة؛ لخلودهم فيها واستغنائهم عن األوالد‪ .‬وهذا الكالم ليس‬
‫مطلقًا؛ ألَّنه إْن صح على أزواج أهل الجنة فال يصح على أزواج أهل األرض‪ ،‬والراجح ما‬
‫ذهبت اليه الدكتورة عائشة‪ ،‬إْذ جعلت حكمة الّز وجية في اإلنسان‪ ،‬وسائر الكائنات الحية هي‬
‫اتصال الحياة بالتوالد‪.‬‬
‫‪ ‬معاني القرآن‪ :‬أبو بكر يحيى بن زياد الفّراء (ت ‪208‬هـ)‪ ،‬حقق الجزء األول والثاني‪ :‬أحمد‬
‫يوسف نجاتي ومحمد علي النّجار‪ ،‬دار الكتب المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1403 ،3‬هـ ـ ‪1983‬م‪،‬‬
‫وحّقق الجزء الثالث‪ :‬د‪ .‬عبد الفتاح شلبي وراجعه علي النجدي ناصف‪ ،‬الهيئة المصرية‬
‫العامة للكتاب‪.1972 ،‬‬
‫‪ ‬معاني القرآن‪ :‬أبو جعفر النّحاس (‪338‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬يحيى مراد‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪1425‬هـ‪2004 /‬م‪.‬‬
‫‪ ‬معاني القرآن وإعرابه‪ :‬أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزّجاج (ت ‪311‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد‬
‫الجليل عبده شلبي‪،‬دار الحديث ‪،‬القاهرة ‪1424،‬هـ ‪ 2004،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬المعجم المفهرس أللفاظ القرآن‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪1407 ،‬هـ‪/‬‬
‫‪1987‬م‪.‬‬
‫‪ ‬المفارقة القرآنية دراسة في بنية الداللة‪ :‬د‪ .‬محمد العبد‪ ،‬مكتبة اآلداب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪1426‬هـ‪2006 /‬م‪.‬‬
‫‪ ‬المفردات في غريب القرآن‪ :‬الراغب األصفهاني (ت ‪502‬هـ)‪ ،‬راجعه وقّدم له‪ :‬وائل أحمد‬
‫عبد الرحمن‪ ،‬المكتبة التوفيقية‪ ،‬القاهرة‪( ،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫‪ ‬مقاييس اللغة‪ :‬أبو الحسين أحمد بن فارس (ت ‪395‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السالم محمد هارون‪،‬‬
‫دار الفكر للطباعة والنشر‪1359 ،‬هــ ـ ‪1979‬م‪.‬‬
‫‪ ‬من فقه الجنس‪ ،‬الدكتور الشيخ أحمد الوائلي‪ ،‬دار الصفوة‪ ،‬ط‪ ،4‬بيروت‪1428 ،‬هـ‪/‬‬
‫‪2007‬م‪.‬‬
‫‪ ‬الميزان في تفسير القرآن‪ :‬العالمة السّيد محمد حسين الطباطبائي‪ ،‬مؤسسة األعلمي‬
‫للمطبوعات‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1417 ،1‬هـ ـ ‪1997‬م‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ .7‬اختلف العلماء في المراد من (الطمث) في قوله تعالى‪ِ{ :‬فيِهَّن َقاِص َر اُت الَّطْر ِف َلْم َيْطِم ْثُهَّن‬
‫ِإنٌس َقْبَلُهْم َو اَل َج اٌّن }الرحمن‪،56‬على رأيين‪ :‬األول‪ :‬االفتضاض المفضي الى خروج الدم‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الجماع بغض النظر عن خروج الدم والرأي األول هو الراجح عندنا؛ ألّن فيه معنى‬
‫الترغيب واستمالة النفس‪ ،‬فاهلل سبحانه يعلم ما تميل اليه نفوس الرجال من افتضاض البكارة‬
‫للمرأة‪ ،‬حتى يكون اإلقبال على فعل الخير عند الرجال أشّد لتشوقه إلى الحور العين اللواتي‬
‫لم يفتض بكارتهن أحد‪.‬‬

‫ملخص بحث‬
‫الحمد هلل حمدًا يليق بجالل وجهه وعظيم سلطانه‪ ،‬والصالة والسالم على َم ْن ُع ِر ف ببيانه‪ ،‬محمد‬
‫صّلى هللا عليه وآله‪ ،‬وبعد‪.‬‬
‫فقد أخذت العالقة الّز وجية جانبًا كبيرًا في الشريعة اإلسالمية لما لها من أهمية كبيرة في بناء‬
‫المجتمع اإلسالمي‪ ،‬فالمرأة والّر جل هما األساس في تكوين األسرة التي تعّد النواة األولى للمجتمع‪،‬‬
‫والرباط الّز وجي بينهما يمثل جزءًا من القانون الكوني العام الذي يربط كل الكائنات بنظام وقانون‬
‫الّز وجية العام‪ ،‬وحتى ينشأ المجتمع اإلسالمي نشأة صحيحة البّد أْن تكون العالقة بين الّز وجين مبنية‬
‫على أساس المودة والرحمة؛ وكي يتحقق هذا الهدف البد أْن تكون العالقة الجنسية ب‪1‬ين الّز وجين‬
‫ترقى إلى المستوى الذي يتناسب مع مخلوق هو أكرم من في األرض ويترفع عن اللذة الحيوانية؛ لذا‬
‫كان القرآن الكريم حريصًا على التعبير عن العالقة الجنسية بألفاظ هي غاية في السمو والرفعة‬
‫والحياء‪ ،‬وكأّنه يريد بذلك أْن يعّلم الّز وجين كيف يتعامالن مع بعضهما بعض كي يكّو نا كيانًا قويًا‬
‫صلبًا قادرًا على تنشئة األوالد‪ .‬وهذا ما دعانا الى دراسة هذه األلفاظ؛ كي نكشف عن جانب مهم من‬
‫جوانب إعجاز القرآن وبيانه‪ ،‬وقوفًا على تغاير ألفاظ العالقة الّز وجية في المواضع المختلفة بحسب‬
‫ما يقتضيه السياق وسبب النزول‪ .‬وقد أرتأينا أْن نقسم ألفاظ العالقة الّز وجية وفقًا للداللة التي‬
‫تتضمنها هذه اللفظة أو تلك‪ ،‬وذلك كاألتي‪ :‬الداللة على قوة االتصال وشدته‪ ،‬الداللة على التجانس‬
‫النوعي األسري‪ ،‬الداللة على العقد‪ ،‬الداللة على الترغيب‪ ،‬الداللة على المبالغة في طلب الشيء‪،‬‬
‫الداللة على طلب النسل‪ ،‬الداللة على االستمتاع المحض‪ ،‬الداللة على السيادة والقوة‪ ،‬الداللة على‬
‫بلوغ الحاجة‪ ،‬الداللة على تأكيد االعتزال‪ ،‬وبهذا سيعمل هذا الجهد العلمي جاهدا من اجل االيفاء‬
‫بفرضيات هذا المنطلق البحثي ‪ ،‬ومن هللا التوفيق‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫‪25‬‬
Summary Search
The words of the marital relationship in the Qur'an
Study Tag
A. M. D. Aseel al-Janabi m tired. D. Saeed Salman Jabr
Faculty of Arts / Wasit University Faculty of Arts / University of Wasit

Thank God, thank the dignity befitting his face and a great dominion, and peace and family, and after.

It has taken the marital relationship a large part in Islamic law because of their great importance in the
construction of Islamic society, women and men are the foundation blessings on those who knew his
statement, Muhammad may Allah bless him and his of family formation, which is the nucleus of the
community, and the matrimonial bond between them is part of the law of cosmic year, which connects all
living system and the law of marital year, Even established Muslim community origination true must be the
relationship between spouses based on love and compassion; In order to achieve this goal must be the sexual
relationship between the couple live up to a level commensurate with the creature is Akram of land and
disdains pleasure animal; therefore the Koran Karim keen to express their sexual relationship in terms that are
very Highness and greatness and modesty, and so if he wanted to teach the couple how to treat each other with
each other in order to be some solid strong entity capable of bringing up children. This is why we have to
study these words; Ki disclose important aspect of the miracles of the Quran and his statement, standing on
the contrasting words of the marital relationship in various positions as required, according to the context and
reason to get off. Have we decided to divide the words of the marital relationship, and according to the
indication contained in this word or that, and it would be: significance of the contact force and intensity,
significant homogeneity qualitative family, the significance of the contract, the significance to the enticement,
the significance to exaggerate the request thing, significance the request of offspring , to enjoy the sheer
significance, the significance of sovereignty and power, significance of the need to achieve, to confirm the
significance of retirement, and this will work this hard scientific effort in order to fulfill the assumptions of
this research point of view, God is reconciling

26

You might also like